Datasets:

dru-ac
/

ArTopicDS-Books

Dataset card Data Studio Files Files and versions Community

Split (1)

train · 21.2k rows

text stringlengths 1 2.38k	en_topic stringclasses 10 values
يَرْجُو «عَسَى» وله في «أخْتِها» أمَلٌ	Art-and-Literature
والدهرُ ذو عقبٍ شتَّى وذو غِيَرِ	Art-and-Literature
إضافة إلى استشراف الأندلسيين استرجاع زمنهم السياسي الضائع بما يكتنفه من متع الجمال الطبيعي والجمال الإبداعي الفني، هناك أيضًا:	Art-and-Literature
- استشراف النصر على العدو، فتحًا لنافذة الأمل، في جدار الهزيمة المحدقة، وهذا ما عزف عليه ابن الخطيب بعد هزيمة معركة طريف:	Art-and-Literature
لا يَغْرُرِ الرُّومَ ما نالوا وما فَعَلوا	Art-and-Literature
فإنّ ذلكَ إمْلاءٌ إلى أمَدِ	Art-and-Literature
والعَزْمُ بادٍ وصنْعُ الله مُرْتَقَبٌ	Art-and-Literature
والفتْحُ مُنْتَظَرٌ إنْ لمْ يَحِنْ فَقَدِ	Art-and-Literature
وعادةُ النصْر لا تَسْتَبْطِ مَقْدمَها	Art-and-Literature
إنْ لمْ تَوَافِكَ في سَبْتٍ ففِي أحَدِ	Art-and-Literature
أحيانًا يستشرفون استرداد المدن المحتلة، مثل توق أبي المطرف بن عميرة المخزومي إلى استرجاع بلنسية:	Art-and-Literature
ألاَ مُتْعَةٌ يوْمًا بعَاريةِ المُنَى	Art-and-Literature
فإنَّا نَرَاها كُلَّ يوْمٍ إلى الرَّدِّ؟	Art-and-Literature
ألا ليْتَ شِعْري هلْ لهَا منْ مَطالِعٍ	Art-and-Literature
مَعادٌ إلى ما كانَ فيها من السَّعْدِ؟!	Art-and-Literature
هناك أيضًا إلحاح كبير لديهم على:	Art-and-Literature
- استشراف المصير الأخروي، هاجس المؤمن الحق، ذي الضمير الحي، وقد تجلى ذلك بشكل أوضح في شعر الزهد، وفي مدونة شواهد القبور، الحاضرة بوفرة لافتة في شعرالأندلسيين	Art-and-Literature
أإبْراهيمُ إنَّ المَــوْتَ آتٍ	Art-and-Literature
وأنتَ من الغِوايَةِ في سُبَاتِ	Art-and-Literature
رَجَاؤُكَ مثْل ظِلِّ الرُّمْح طُولًا	Art-and-Literature
وعُمْرُكَ مِثْل إبْهامِ القَطاةِ	Art-and-Literature
على هذا المنحى الاستشرافي يمضي الزاهد أبو عمران موسى الميرتلي، في تقريعه لنفسه:	Art-and-Literature
إلى كَمْ أقولُ ولا أفْعَلُ؟	Art-and-Literature
وكمْ ذَا أحُومُ ولا أنْزِلُ؟!	Art-and-Literature
وكمْ ذا تُعَلِّلُ لِي وَيْحَها	Art-and-Literature
بِعَلَّ وسَوْفَ وكمْ تَمْطلُ!	Art-and-Literature
وكمْ ذا أؤَمِّلُ طولَ البَقاءِ	Art-and-Literature
وأغْفلُ والمَوْتُ لا يَغْفلُ!	Art-and-Literature
فيا ليْتَ شِعْرِي بعْدَ السُّؤالِ	Art-and-Literature
وطولِ المُقامِ لمَا أنْقَلُ؟	Art-and-Literature
وكما نسمع هنا صوت «النفس اللوامة»، فإن هناك أيضًا صوت «النفس المطمئنة»، الذي يمثله أبو بكر عبد الرحمن بن محمد بن مُغَاوِر الشاطبي:	Art-and-Literature
أوْدَعُوني بَطْنَ الضَّريحِ وخَافُوا	Art-and-Literature
منْ ذُنوبٍ كُلومُها بِأدِيمِي	Art-and-Literature
قلتُ: لا تَجْزَعُوا عَليّ فإنِّي	Art-and-Literature
حَسَنُ الظَّنِّ بالرَّؤوفِ الرَّحِيمِ	Art-and-Literature
الخلاصة أن روح المفاضلة تَنْدَسُّ - بعمق - في رؤية الأندلس للزمن، عبر هذه الجدلية، فلا يلتفتون إلى الوراء إلا رغبة في استعادة اللحظات الأجمل، ولايستشرفون المستقبل إلا طمعًا في استرجاع زمن محبوب، أو إشفاقًا من مصير مجهول مرهوب، ولكنهم يغلّبو نكفّة الرجاء والأمل على كفّة القنوط واليأس، ثقة وإيمانًا بالله	Art-and-Literature
ضمن ذلك الفضاء الزمكاني، الموسوم بـ «الأندلس»، بحسب ما حددناه سابقًا، تعايشت تركيبة سكانية متنوعة الأعراق، إذ كانت الأندلس أشبه ما تكون بـ «بنك للدماء» والجينات المتفاعلة، عبر تاريخها القديم، في طوريْ ما قبل الإسلام وما بعده، فقد مثّلت إسبانيا مفاعلًا تاريخيًا، امتزجت فيه «دماءالأيبيريين بدماء السلتيين، ثم بدماء الفينيقيين، والقرطاجيين، والرومان، والوندلس، والقوط»	Art-and-Literature
في العهد الإسلامي، أُضيفت إلى هذا المركَّب العِرْقِيِّ المكَثَّف دماء الوافدين: عربًا وبربرًا وموالي، ودماء الصقالبة المستجلَبين رقيقًا من العناصر الأوروبية السُّلافية، فأفْرَزَت هذه التفاعلات الإثنية مركَّبات متمايزة، شكلَت نسيج المجتمع الأندلسي؛ فهناك الإسبان الأصليون الذين انقسموا إلى:	Art-and-Literature
أسالمة: دخلوا في الإسلام، أو مستعربين: آمنوا بالثقافة والحضارة، وحافظوا على معتقدهم، وهناك الوافدون من العرب المقسمون بين البَلَدِيِّينَ القدماء عرب الطوالع، والشاميين أجناد الكور اللاحقين	Art-and-Literature
هكذا انبثقت - من خلال تزاوج هؤلاء العرب والبربر مع الإسبان الأصليين – طبقة هجينة تُسَمَّى المُوَلَّدِين، إضافة إلى طبقة الصقالبة الآنفة الذكر	Art-and-Literature
على الرغم من هذا التعدد، كان في ذلك المجتمع من عوامل الوحدة ما فيه من عوامل التفرقة؛ «فقد كانت هناك دائمًا البيئة المشتركة، والثقافة المشتركة، وقد كانت هناك – غالبًا – الحكومة الموحدة، والسياسة الموحدة»، ولا سيما في عهد الخلافة	Art-and-Literature
في أي حال، كان لتفاعل هذا الخليط البشري في ما بينه - وتفاعله مع البيئة - آثار أفرزت مجتمعًا كونيًا، رسم لنفسه صورة مركَّبة من فضائل المجتمعات كلها، مثلما ركَّبَ لموْقعه المكاني صورة توحدت فيها جميع محاسن الأمكنة في جميع بلاد الله الواسعة، «فأهل الأندلس» أخذوا من العرب، والهنديين والبغداديين، واليونانيين، أروع خصائصهم ومواهبهم وخبراتهم في الميادين المختلفة	Art-and-Literature
لعل من الملحوظ بوضوح أن تلك الصورة المركَّبة للإنسان الأندلسي تُرَكِّزُ على نحْت ملامحه الثقافية، الكونية، الداخلية، أكثر من التركيز على مورثاته العرقية، وتجلياتها الشكلية	Art-and-Literature
هكذا يؤكد ابن حزم والشقندي وابن سعيد	Art-and-Literature
أيًّا ما كانت سلبيات هذا المجتمع الأندلسي، فإنه حافظ في تركيبته الإثنية الغنية على مستوى من الإيجابيات، وحتى في الأحوال السيئة؛ فحينما غلبت نزعات الاختلاف على وحدة المكان والقيادة، أصبحت الأندلس «أندلسات» عدة، وتوزعت العناصر العرقية على زعامات هذه الدويلات، حيث كان بعض أمرائها عربيًا، وبعضهم بربريًا، وبعضهم من الموالي، وآخرون من المولدين والصقالبة	Art-and-Literature
هنا يلتقط بعض الأدباء سر هذه المعجزة، المتضمَّن في أن المكونات الثقافية انتصرت على المكونات العرقية العنصرية، فسخرت هذه الأخيرة لمصلحة الأولى، وأصبح معيار الأفضلية الأساس هو الإبداع، تطبيقًا لقاعدة «قيمة كل أمرئ ما يحسن»، بغضّ النظر عن منتماه الإثني، أو موقعه الطبقي، حيث يعترف ابن الربيب القيرواني أن ملوك الأندلس محبِّون «للعلم، يُعظِّمُونَ من عَظَّمَهُ عِلْمُه، ويرفعون من رفعه أدبه، وكذلك سيرتهم في رجال الحرب، يُقدِّمُون من قدَّمَتْهُ شجاعَتُه، وعَظُمَتْ في الحروب نِكايتُه	Art-and-Literature
بهذا المنظار يقرأ الشقندي تركيبة المجتمع الأندلسي الثقافية الطاغية على تعدديته الإثنية، مفسرًا – عبرها - تحوَّلَ التمزق السياسي لدولة الأندلس، إلى نهضة ثقافية كبرى في جميع أرجاء الجزيرة، لم يطغ فيها صليل السيوف على صرير الأقلام، إذ إنه «لما ثار بعد هذا النظام - ‘العامري’ - ملوك الطوائف، وتفرقوا في البلاد، كان في تفرقهم اجتماع على النعم لفضلاء العباد، إذ نَفَّقُوا سوق العلوم	Art-and-Literature
هكذا سنرصد - ضمن هذا الفصل - تجليات هذه الروح الأندلسية النزَّاعة إلى المفاضلات الإيجابية التي تندسُّ تحت سطح الخلافات العرقية، موحِّدة هوية القوم في شبه إجماع على أن أكرمهم - عند الإنسان الأندلسي - هو أروعهم إبداعًا، وحتى لو لم يكن أتقاهم، ولا أرفعهم نسبًا، فالمهم - بحسب شاعرهم أبو عبد الله محمد بن الصفار الأعمى القرطبي - هو جوهر الإنسان، عند مفاضلة الناس بعضهم ببعض	Art-and-Literature
يمكن أن نختزل - ولو بشيء من التجوز - التعدد العرقي الكبير في الأندلس إلى ثنائية العرب والعجم التي تعود في أصولها الدلالية عند العرب إلى الوضوح والغموض، باعتبار الإعراب هو الإبانة، والعجمة هي الإبهام، على الرغم من نسبية هذا الأمر التي يمكن أن تجعله معكوسًا تمامًا، عند من يسمَّون عجمًا، بحيث يرون الإفصاح في لسانهم والعجمة في ما سواه	Art-and-Literature
إلا أن هذا الاحتمال الافتراضي يبدو غير متحقق هنا في الأندلس على الأقل؛ إذ إن سكانها الأصليين والوافدين، على تعدد أعراقهم واختلاف ألسنتهم وألوانهم، سرعان ما اندمجوا في التعريب الكاسح الذي كان متقدمًا في وتيرة تسارعه على منحنى انتشار الإسلام، وكان أيضًا مفتاحًا من مفاتيحه السحرية، بحيث نجد أن بعض الشعوب الإسبانية حافظت على عقيدتها داخل الأندلس، لكنها تعربت حتى طفح تعريبها إلى الممالك المسيحية المجاورة للأندلس، ولهذا سُمِّي العجم من مواطني الأندلس «مستعربين»، وكانوا من خلال هذا التعريب يكتسبون الإسلام أكثر، و}يدخلون في دين الله أفواجًا{	Art-and-Literature
هكذا تحولت ثنائية العرب والعجم من بُعْدِها العِرْقي البحْت إلى ثنائية ثقافية حضارية، تتأطر بامتياز ضمن أطروحة: المفاضلات في الأدب الأندلسي، وهو ما يجعل هذا المبحث ضروريًّا هنا، باعتباره نواة تأسيسية لهذا الفصل، منها تنبثق بقية مباحثه	Art-and-Literature
في أفق هذه الجدلية نجد صاعدَ الأندلسي قد وَسِعَ صدرُ كتابه طبقات الأمم، غير مميز بينها، ولا مفاضل، إلا بحسب مقياس العلم والجهل أساسًا، مع اعتبار مميزات أخرى تمثّل فوارق ثانوية عنده بين هذه الأمم، محددًا إياها «بثلاثة أشياء: الأخلاق والصور واللغات»	Art-and-Literature
يتضح هذا المنزع الشمولي عند صاعد الأندلسي، بصفة ألصق بعنوان هذا الفصل، من خلال كتابه جوامع أخبار الأمم، من العرب والعجم	Art-and-Literature
تكررت ثنائية العرب والعجم هذه، على ألسنة الشعراء، في سياق المفاضلة، خصوصًا بين مسلمي الأندلس ومسيحيي إسبانيا، ولا سيما في لحظة الانتصار يوم الزلاقة (479هـ/1086م)، متوسلين إلى ذلك بأن هذا النصر المبين كان يوم العروبة: «الجمعة»، وعلى الوتر ذاته عزف عبد الجليل بن وهبون وفي غزوة السبطاط (569 هـ/1174م) يقول أبو علي عمر بن الأشيري:	Art-and-Literature
جيشٌ من العُرْبِ الذينَ إذا غَزَوْا	Art-and-Literature
كَوَوْا الأعاجمَ في الطُّلا بعلاطِ	Art-and-Literature
قومٌ إذا شَمَخَ العِنادُ بأنْفِهِ	Art-and-Literature
وَضَعُوا السيوفَ مَواضعَ الأسْوَاطِ	Art-and-Literature
استمرارًا لهذه المعزوفة - حتى عهد المرابطين - نجد صداها على لسان ابن خفاجة، في مدحه إبراهيم بن يوسف بن تاشفين، أمير الشرق الأندلسي حتى عام 515هـ/1121م :	Art-and-Literature
في ضَمَانِ المشْرَفِيِّ به	Art-and-Literature
وقْعَةٌ للعرْب في العَجَمِ	Art-and-Literature
فتْكَةٌ في الرُّوم قاصِمَةٌ	Art-and-Literature
ظهْرَ عِزِّ الرُّوم والصَّنَمِ	Art-and-Literature
إذا كان «العجم» في هذه الازدواجات الدارجة في الأدبيات الأندلسية تعني هنا الإسبان المسيحيين الخارجين عن دائرة دولة الإسلام، والمعادين لها، فإنها تأتي أحيانًا للدلالة على عجم الأندلس الداخليين الذين يشكلون عنصرًا من الشعب الأندلسي، المشاركين في الدفاع عن حوزة الوطن أحيانًا مع العرب، حين يروي أبو مروان بن حيان القرطبي عن أبي الفتح البرزالي، وصْفَ معركة بين إسماعيل ابن القاضي بن عباد، ومحمد بن عبدالله البرزالي الزناتي، أمير قومونة، قتيل المعتضد بن عباد (434هـ/1042م) من جهة، وغريمهما يحيى بن حمود، المقتول على أبواب قرمونة عاصمته يومئذ، في هذه المواجهة (427/1035م)، فيقول: «وظهر كمين ابن عباد، وجاد صبره، وحرض غلمانه العجم، فشد الجماعة على يحيى شدة منكرة»	Art-and-Literature
حتى بعد سقوط المعتمد بن عباد في أسر يوسف بن تاشفين، نجده يتذكر أيام عِزّه، حين كان:	Art-and-Literature
والمـُلْكُ تَحْرسُـه في ظِـلِّ واهِبـِه غُلْبٌ من العُجْمِ أوْ شُمٌّ من العَرَبِ	Art-and-Literature
الملاحظ أن هاتين الإشارتين توحيان بتبعية العجم للعرب، بطريقة أو بأخرى، إذ ظهروا في الأولى غلمانًا لابن عباد، يستميتون في القتال معه، بينما جعلهم المعتمد شركاء للعرب في الدفاع عن ملكه، إلا أنه خصهم بالقوة الجسدية: «غلب»، بينما منح العرب وصفًا أخلاقيًا، متشبعًا بالعزة والنبل: «الشم»	Art-and-Literature
هكذا تكون المفاضلة قد حسمتْها النصوص الأندلسية هنا، لمصلحة العرب على العجم، أكان هؤلاء العجم عدوًّا خارجيًّا مقاتلًا للعرب أم شريكًا وطنيًا مقاتلًا مع العرب	Art-and-Literature
انطلاقًا من هذا المنظور، تصبح ثلاثية «اللغة والصورة والأخلاق» التي اعتمدها صاعد الأندلسي عوامل تمايز بين الأمم، ملغاة ضمن مكونات الشعب الأندلسي، حيث تقمص الجميع العروبة: لغة وثقافة وعادات وتقاليد وشرائع وعقائد وأسماء وألقابًا، حتى ضج بعض قساوستهم - ألفرو القرطبي - من عزوف شبان النصارى عن لغتهم اللاتينية، وجهلهم المطلق بها، وازدرائهم لها، «في الوقت الذي كانوا فيه لا يعرفون إلا لغة العرب وآدابها	Art-and-Literature
يذكر في هذا السياق أن القائد الجليقي المعروف بـ «الكنبيطور»، والمسمَّى: «رذريق» «كان – زعموا – تدرس بين يديه الكتب، وتقرأ عليه سير العرب، فإذا انتهى إلى أخبار المهلب، استخفه الطرب، وطفق يعجب منها ويتعجب»	Art-and-Literature
ظلت العربية متغلغلة في الممالك الإسبانية حتى في العهد الموحدي، فكانت هذه الممالك تسلح بها جواسيسها، ومثال ذلك أن أبا الحسن علي بن عبد الله المالقي، خطيب الخلافة الموحدية، لما غضب عليه الخليفة أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن، المتوفى في العام ذاته، فر إلى ملك الروم: «ابن الريق»، «فكان العلج الموكل به الذي يقوم عليه، ويأتيه بكل ما يحتاج إليه، يعرف لسان العرب	Art-and-Literature
لم يكن اليهود أقل اندفاعًا إلى التعرب والتعريب من نظرائهم المسيحيين، كما سنرى لاحقًا، بل إنهم استثمروا خبرتهم في العربية لخدمة لغتهم العبرية، فأنتجوا بالعربية نهضة علمية وأدبيه جبارة، أفرد لها صاعد الأندلسي حيّزًا من طبقاته، نكتفي بمثال واحد منه، هو أبو الفضل بن حسداي، الذي «عني بالعلوم على مراتبها، وتناول المعارف من طرقها، فأحكم علم اللسان العربي، ونال حظًّا جزيلًا من صناعة الشعر والبلاغة، وبرع في علم العدد وعلم الهندسة وعلم النجوم وفهم صناعة الموسيقى، وحاول عملها، وتحقق بعلم المنطق»	Art-and-Literature
جدير بالذكر أن انهماك عناصر العجم في التَّعَرُّب بهذه الدرجة، كان بدافع المنافسة على سوق العمل، داخل الدواوين والدوائر الإدارية للدولة الأندلسية التي كانت مفتوحة أمام أصحاب الكفاءات من جميع المواطنين، بغضّ النظر عن الألوان والعقائد	Art-and-Literature
لكن ما دام الموضوع العام لهذا الفصل هو تفاعل السكان في الأندلس، منظورًا إليه عبر ذهنية المفاضلات في الهوية العرقية والثقافية، بين العرب والعجم المتعايشين في هذا الصقع، فإن هذا الوضع يقتضي تبادل التأثر والتأثير، وهو ما يتطلب رصد تأثير العجم في العرب، وتأثر هؤلاء بأولئك، حتى لا نكتفي برؤية وجه واحد لهذه العملة، اعتصامًا بحبل الموضوعية من نزغات التعصب الأعمى ونزعاته، المنافية لروح البحث العلمي	Art-and-Literature
هنا سنرى أن ذلك التعدد العرقي والديني يوازيه تعدد لغوي، «فكما كان الإسلام لا يعيش وحده، في قلب شبه الجزيرة الأندلسية، كانت اللغة العربية كذلك لا تحيا وحدها على لسان تلك البلاد، فقد ثبتَ أن الفصحى - وإن كانت اللغة العلمية والأدبية والرسمية - قد عاشت إلى جانبها اللغة العامية كوسيلة للحديث العادي	Art-and-Literature
يعزز عدم التزام الخواص بالفصحى في أحاديثهم، أن من فعل ذلك منهم يعتبر استثناء، لافتًا يستحق التنويه، حيث يُحَلِّي ابنُ الزبير حفيدَ القاضي عياض: أبا عبد الله محمد بن عياض بأنه « كان	Art-and-Literature
أمّا اللغة اللاتينية، فتأثر بها عامة الأندلس وتداولوها، حتى شاع تعاطيها في قبائل العرب الأقحاح، لدرجة لا يكاد يستثنى منها إلا قبيلة بلي	Art-and-Literature
أمّا الخواص، فكانوا - بمختلف طبقاتهم - على دراية بهذه اللغة الأجنبية، قضاة، ووزراءوأمراء وشعراء وعلماء، ويكفي مثالًا للفئة الأخيرة أن أبا بكر محمد بن أحمد الرقوطي المرسي (ت 758/1357م) كان « آية في المعرفة بالألسن، يقرئ الأمم بألسنتهم فنونهم التي يرغبون في تعلمها»	Art-and-Literature
هذه الازدواجية – في الحديث - بين العامي والرومانثي عند الأندلسيين، هي ما لاحظه المقدسي في كتابه أحسن التقاسيم، حيث قال: إنه التقى في موسم الحج ببعض الأندلسيين، «فوجدهم يتكلمون لغة عربية صعبة الفهم، ولغة أخرى أعجمية»	Art-and-Literature
في ضوء ثنائية العرب والعجم هذه، يُستشَف من النصوص الإبداعية الأندلسية أن العنصر العربي هناك كان يستشعر الغربة، وهو في منتبذه القصي، داخل ذلك المحيط الأعجمي، على الرغم من تحقيقه معجزة تعريبه الشامل، على النحو الذي أوضحنا آنفًا	Art-and-Literature
يا أيها العَرَبُ النَّائِي مَحَلَّتُهمْ	Art-and-Literature
أنتمْ نيامٌ ومن يَشْنَاكمُ سهرُ	Art-and-Literature
وغير بعيد عن سياق هذه الغربة - إلا أنها هنا غربة مبدع مطّرح - صيحة ابن شهيد:	Art-and-Literature
وأوْجَعُ مَظْلومٍ لقَلْبٍ وذِي حِجَا	Art-and-Literature
فَتًى عَرَبِيٌّ تَزْدَريهِ الأعَاجمُ	Art-and-Literature
وهي صرخة يتردد صداها عند ابن عمار، طارحًا سؤاله المأزوم:	Art-and-Literature
وما حالُ منْ خَلَّى بلادَ أعَارِبٍ	Art-and-Literature
وألقتْ به الأقدارُ أرْضَ الأعاجمِ؟	Art-and-Literature
هنا ليس أمام القصيدة العربية في هذا المناخ العجمي المزعوم إلا أن تكون، كما قال أبو العباس بن شكيل (ت 605هـ/1208م):	Art-and-Literature
عَرَبِيَّةٌ فِي بُقْعَةٍ عَجَمِيَّةٍ	Art-and-Literature
فرَّتْ إلى صَدْري منَ التَّعْجيمِ	Art-and-Literature
أو كما قال أبو بكر يحيى بن بقي الطليطلي:	Art-and-Literature
سَتَبْكِي قَوَافِي الشِّعْرِ مِلْءَ جُفُونِها	Art-and-Literature
عَلَى عَرَبِيٍّ ضَاعَ بينَ أعَاجِمِ	Art-and-Literature
وهذا أبو الحسن علي بن اليسع، أحد وزراء المعتمد بن عباد وشعرائه وقواده، يخاطب ابن اللبانة:	Art-and-Literature
كَتَبْتُ عَلَى حَاليْنِ بُعْدٍ وعُجْمَةٍ	Art-and-Literature
فيا ليْتَ شِعْري كيف تَدْنُو فتُعْرِبُ	Art-and-Literature
يلحُّونَ على شكوى الغربة في مُصَاقَبَة العجمة، حين يخاطبون أهل المشرق، متخذين ذلك عذرًا لقصورهم في البيان، مقارنة بأبناء العرب المتبوئين حرم الفصاحة هناك	Art-and-Literature
هناك أيضًا شذرة من رسالة لوزير أمراء الطوائف: أبي الأصبغ عبد العزيز بن محمد بن أرقم النميري الوادي آشي، وقد كتبها عن إقبال الدولة علي بن مجاهد العامري، أمير دانية إلى حضرة مصر، حيث يقول: «إلا أن أهل مغربنا مُرْتَضِعُون العُجْمَة، مُدَّرِعُون الحشمة، بمصاقبة الثغور الخشنة، ومجاذبة الألسن الثقيلة، وممازجة الأمزجة الكليلة»	Art-and-Literature
على الشاكلة نفسها يرد أبو المطرف عبد الرحمن بن مثنى على رقعة لأبي الفضل البغدادي، أحد المرتادين للأندلس، متنصلًا من مجاراته في مضمار البيان، قائلًا: «وهل نحن - أهل هذه الجزيرة النائية عن خيار الأمم، المجاورة لجماهير العجم - إلا أجدر البرية باللكن، وأولاها بعدم الفطن، وأخلقها بالخرس، وأحقها بغلظ الحس؟	Art-and-Literature

Subsets and Splits

No community queries yet

The top public SQL queries from the community will appear here once available.