dru-ac/ArTopicDS-Books · Datasets at Hugging Face

text stringlengths 1 2.38k	en_topic stringclasses 10 values
تَوَلَّى الصِّبَا إلا ادِّكارَ مَعاهِدٍ	Art-and-Literature
لهُ لَذْعَةٌ بينَ الحَشَا والحَيَازمِ	Art-and-Literature
أطلْتُ له رَجْعَ الحَنينِ ورُبَّما	Art-and-Literature
بكيتُ علَى عهْدٍ مَضَى مُتَقَادِمِ	Art-and-Literature
كما كان لابن البراء التجيبي (500/1107م)، في وقفة على طلل المكان والزمان معًا:	Art-and-Literature
ديار بها فارَقْتُ عَصْرَ شَبِيبَتِي	Art-and-Literature
فيا حَبَّذَا عَصْرُ الشَّبابِ المُفَارِقُ!	Art-and-Literature
شَباب شَفَى نَفْسِي وَوَدَّعَ مُسْرِعًا	Art-and-Literature
كما زارَ طيْفٌ أوْ تَبَوَّجَ بارقُ	Art-and-Literature
قضيتُ به حَقَّ الهَوَى وأطعْتُه	Art-and-Literature
فأيَّامُه - في عيْنِ فِكْرِي - حَدَائِقُ	Art-and-Literature
هذا الشعور بسرعة انصرام الشباب يؤكده ابن الخطيب :	Art-and-Literature
تَذَكَّرْتُ من عهْدِ الشَّبابِ الذي وَلَّى	Art-and-Literature
فطابَ لهُ تَسْكابُ دمْعِي وانْهَلاّ	Art-and-Literature
إذ العَيْشُ غَضٌّ والشبيبةُ روْضةٌ	Art-and-Literature
أزاهرُها تُجْنَى وأنْوارُها تُجْلَى	Art-and-Literature
عهودٌ متَى ألْوَى بِجِدَّتِها المَدَى	Art-and-Literature
وقلَّصَ منْ إيناسِها ذلكَ الظِّلاّ	Art-and-Literature
وما كانَ إلاَّ كالخيالِ لِنائِمٍ	Art-and-Literature
ألمَّ ويا سرْعانَ ما قَوَّضَ الرَّحْلاَ!	Art-and-Literature
- زمان الوصل: وهو شبه رديف لزمن الشباب، من حيث استحواذه على أذهان الشعراء، وهوسهم باسترجاعه، وهنا نلقى ابن حزم يستعيد أحد أيامه البائدة:	Art-and-Literature
لا مِثْلَ يَوْمِكَ ضَحْوَةَ التَّنْعيمِ	Art-and-Literature
في منْظرٍ حَسَنٍ وفي تَنْعيمِ	Art-and-Literature
قد كان ذاك اليومُ ندْرَةَ عاقرٍ	Art-and-Literature
وصوابَ خاطئةٍ وولْدَ عقيمِ	Art-and-Literature
أيامَ برْقُ الوصْل ليس بِخُلَّبٍ	Art-and-Literature
عِنْدِي ولا روْضُ الهَوَى بهَشيمِ	Art-and-Literature
لعل أهمّ من تعَرَّض في الأندلس لجدلية الوصْل والفصْل، مسترجعًا الأول، ونادبًا الأخير، هو ابن زيدون في نُونِيَّتِه المعروفة، كما أنه في أختها القافية، يسترجع عهد الوصل، لكن انطلاقًا من جمال الحاضر، ولو كان فصلًا:	Art-and-Literature
إنّي ذَكَرْتُكِ بالزَّهْراء مُشْتاقًا	Art-and-Literature
والأفْقُ طلْقٌ ووجْهُ الأرْض قد رَاقا	Art-and-Literature
بِتْنَا لهَا حينَ نامَ الدهرُ سُرَّاقا	Art-and-Literature
إذا كان ابن زيدون رائد جدلية الوصل والفصل، فإن ابن الخطيب أشهر من استرجع « زمان الوصل بالأندلس» خلال موشحته المعروفة	Art-and-Literature
- الزمن المعرفي: مثلما فاضل هؤلاء الشعراء بين زمنيْ الشباب والشيب، وزمنيْ الوصل والفصل، فاضلوا أيضًا بين زمني العلم والجهل:	Art-and-Literature
ذَهَبَ الزمانُ بِصَفْوَةِ العُلَمَاءِ	Art-and-Literature
وبقيتُ في ظلمٍ وفي عَمْيَاء	Art-and-Literature
إذا كان الزمن الأدبي من مشمولات هذا الزمن المعرفي، فمن المعروف أن شعراء الأندلس، بكوا - أكثر ما بكوا – عهد الطوائف، باعتباره العصر الذهبي للتلقي الشعري تذوقًا ومكافأة، فكان اللاحقون يذكرون تلك العهود الأدبية الزاهرة بتحَسُّر، مقارنة بالواقع البائس، إذ يقول أبو إسحاق إبراهيم البونسي: «وكان للأدب في أيامهم نَفَاقٌ، ولأهله رواء وإشراق»	Art-and-Literature
بينما صورة حاضر المبدعين، تبدو لعنة سمّيت قديمًا: «حرفة الأدب»، فـابن حربون الشلبي يخاطب أبي عبد الله الرصافي شاكيًا صولة الزمن على مكانته الأدبية:	Art-and-Literature
ما للزمانِ؟ ألا حُرٌّ يُنَهْنِهُهُ؟	Art-and-Literature
يَفْرِي أدِيمِي بأنْيابٍ وأظْفارِ	Art-and-Literature
نَشَدْتُهُ حَقَّ آدَابِي فأشْعَرَنِي	Art-and-Literature
بأنَّ ذنْبيَّ آدابِي وأشْعَاري	Art-and-Literature
في ضوء هذا، يصب أبو بكر الأعمى المخزومي جام غضبه على بعض معاصريه:	Art-and-Literature
فأينَ الألى كانـوا إذا جاءَ ناظم	Art-and-Literature
تَلقَّتْهُ منهمْ بالنَّدَى كَفُّ نَاثِرِ؟	Art-and-Literature
سَلامٌ عليهمْ كُلَّمَا ارْتَحْتُ نحوهمْ	Art-and-Literature
فلا أثَرٌ من بعْــــــدهمْ للمَآثِرِ	Art-and-Literature
- الزمن السياسي: وهنا أيضًا نقف أمام لون من ألوان الزمن المسترجع، حيث عُرف التاريخ الأندلسي عمومًا بالاضطراب السياسي، فتناسَخَت الأحْكام، وتداولت الأيام، وهو ما جعل بعض الملوك المخلوعين يسترجعون شعريًا جمال زمنهم السياسي الآفل، وسيد هؤلاء الأمراء الشعراء هو المعتمد بن عباد، إذ يقول، بعد أسْره:	Art-and-Literature
فيمَا مَضَى كنْتَ بالأعْيادِ مَسْرُورًا	Art-and-Literature
فجَاءَكَ العيدُ في أغْمَاتَ مَأسُورا	Art-and-Literature
قد كان دهْرُكَ إنْ تأمُرْهُ مُمْتَثِلًا	Art-and-Literature
فَرَدَّكَ الدَّهْرُ مَنْهِيًّا ومَأمُورا	Art-and-Literature
وكذلك قوله:	Art-and-Literature
مضَى زمَنٌ والمُلْكُ مُسْتَأْنِسٌ به	Art-and-Literature
وأصْبَحَ عنْهُ اليومَ وهْوَ نَفُورُ	Art-and-Literature
بِرأْيٍ منَ الدهْرِ المُضَلِّلِ فَاسِدٍ	Art-and-Literature
مَتَى صَلحَتْ للصالِحينَ دُهُور؟	Art-and-Literature
عزف ابن عباد على هذا الوتر في أكثر من موقع، وتابعه في ذلك أبو عبد الملك مروان بن عبد الله بن عبد العزيز العامري، الذي سقط حكمه لبلنسية (539هـ/1144م) «وكان دائمَ الحَسْرَةِ على كوْنِه لمْ يَطُلْ مُلْكُهُ، وكانَ انْجِعَافُه مَرَّةً»	Art-and-Literature
علمتُ بأنَّ الدَّائِراتَ تَدُورُ	Art-and-Literature
وقد ْكُسفَتْ منَّا هُناكَ بُدُورُ	Art-and-Literature
ونُثِّرَ سِلْكٌ طالَ في المُلْكِ نَظْمُه	Art-and-Literature
كذا كُلُّ نَظْمٍ بالزمانِ نَثِيرُ	Art-and-Literature
فلا يَنْسَ تسْليمَ السّمَاطَيْنِ مَسْمَعِي	Art-and-Literature
بحيثُ القَنَا والمُرْهَفَاتُ سُطُورُ	Art-and-Literature
وتعْسًا لدَهْرٍ جاءَ وهْوَ عَثُورُ	Art-and-Literature
على مستوى النثر، نرى الفتح بن خاقان - في تهنئة أحد الأمراء - يسترجع من خلال حكمه الحاضر الماضي السياسي الزاهر: «فهنيئا للأندلس، لقد اسْتَرَدَّتْ عهْدَ خُلفائِها، واسْتَجَدَّتْ رسوم تلك الإمَامة بعْد عفائها، فكأنْ لمْ تَمُرَّ أعاصِرُها، ولمْ يَمُتْ حَكَمُهَا ولا نَاصِرُها»	Art-and-Literature
بما أن لمقام المديح والتهنئة هنا خصوصيته، المميزة عن استرجاعات المعتمد والمظفر لزمانهما المفقود، فإن ابن خاقان لم يكتف بالاسترجاع التفضيلي، بل دعا الله أن يكون الحاضر أفضل، «حتى يكون عصْرُكَ أجْمَلَ من عصْرهم، ونصْرُكَ أعزَّ من نصرهم»	Art-and-Literature
- الاستشراف: وهو الوجه الآخر لعملة استحضار الزمن المرغوب، فرارًا من الواقع نقطة المركز التي ينطلق منها الشاعر في الاتجاهين، مع ضرورة ملاحظة أن الطرفين يكادان يَتَمَاهَيَانِ، في بعض الأحيان، ولا سيما حين يكون المستشرَف في المستقبل هو الزمن الماضي المسترجَع، إذ يقول ابن حزم:	Art-and-Literature
فلا تيْأسِي يا نَفْسُ عَلَّ زَمانَنَا	Art-and-Literature
يعودُ بوجْهٍ مُقْبِلٍ غيْر مُدْبِرِ	Art-and-Literature
كما صَرَفَ الرحْمنُ مُلْكَ أمَيَّةٍ	Art-and-Literature
إليهمْ فَلُوذِي بالتَّجَمُّلِ واصْبِرِي	Art-and-Literature
ما دام ابن حزم استجاب هنا لنزعته الأندلسية عمومًا، والأموية خصوصًا، حين ضَرَبَ المَثَلَ على إمْكانية اسْتشرافِ رَجْعَةِ الزمان الضائع، بعَوْدَةِ مُلْكِ بني أمية إليهم في الأندلس، بعد أفوله في المشرق، فإننا سنتخذ هذه الإشارة كتوطئة إلى استشراف:	Art-and-Literature
- الزمن السياسي الجميل المفقود، المرغوب في رجوعه إلى حيز الوجود، وسيد هذا المنزع - بجدارة - هو المعتمد بن عباد، بعدما أُخرج من القصر إلى الأسر بين عامي 484 و488/1091 و1095م، فكان - خلال أسره - يستشرف عودة ملكه، قائلًا:	Art-and-Literature
فيا ليْتَ شِعْرِي هلْ أبِيتَنَّ ليْلَةً	Art-and-Literature
أمَامِي وخَلْفِي روْضَةٌ وغَدِيرُ؟	Art-and-Literature
ألاَكُلُّ ما شاءَ الإلهُ يسيرُ	Art-and-Literature
التقط هذا الاستشراف الشاعر ابن حمديس الصقلي، ليوسِّعَ للمعتمد نافذةَ الأمَلِ، المُؤطَّرَة بالثقة في القدرة الإلهية، المُتَصَرِّفَةِ في دَوَرَانْ الأفلاك، قائلًا:	Art-and-Literature
تَجيءُ خلافًا للأمُورِ أمُورُ	Art-and-Literature
ويَعْدلُ، دهرٌ في الوَرَى ويَجُورُ	Art-and-Literature
أتَيْأسُ منْ يوْمٍ يُناقِضُ أمْسَه	Art-and-Literature
وزُهْرُ الدَّرَارِي في البُرُوج تَدُور؟	Art-and-Literature
وقدْ تَنْتَخِي الساداتُ بَعْدَ خُمُولها	Art-and-Literature
وتخرجُ من بعْد الكُسوفِ بُدُورُ	Art-and-Literature
على الوتر ذاته يعزف أبو بكر الداني، ممنّيًا نفسَه وأميرَه بعودتهما معًا لما ألِفَاه من فَيْض الشاعر بالثناء، وإنْعام المَلِك بالسخاء، متجاوزًا ساعة العسرة التي يمرّان بها:	Art-and-Literature
رُوَّيْدَكَ سوفَ تُوسِعُـــنِي سُرورًا	Art-and-Literature
إذا عادَ ارْتِقاؤُكَ للسريرِ	Art-and-Literature
وسوفَ تُحِلُّنِي رُتَبَ المَعَــــالي	Art-and-Literature
غَدَاةَ تَحلُّ في تلكَ القُصُورِ	Art-and-Literature
إذا كان أبو بكر الداني سموأل الأندلس في وفائه لبني عباد - حتى بعد النكبة - قد اهتزت ثقته شيئًا ما بهذه العودة المنتظرة، فتساءل عنها في استشراف ضمني، فإن المعتمد نفسه كان حريصًا على بقاء نافذة الأمل مفتوحة، حتى كان يتفاءل بنعيب الغربان المشؤومة، المتطير بها في المتخيل العربي، مضفيًا على ذلك مسحة إيمانية، لا يقف أمامها مستحيل:	Art-and-Literature
غرْبانَ أغْمَاتَ لا تَعْدمْنَ طيِّبةً	Art-and-Literature
من الليالي وأفنانًا من الشَّجَرِ	Art-and-Literature
كمَا نَعَبْتُنَّ لِي بالفالِ يُعْجِبُنِي	Art-and-Literature
مُخَبِّراتٍ به عنْ أطيَبِ الخَبَرِ	Art-and-Literature
عَلَيَّ إنْ صَدَقَ الرحْمنُ ما زَعَمَتْ	Art-and-Literature
أنْ لا يُرَوّعْنَ من قَوْسي ولا وَتَرِي	Art-and-Literature
أسْرٌ وعُسْرٌ، ولا يُسْرٌ أؤَمِّلُه	Art-and-Literature
ـ أستغفر الله كمْ لله مِنْ نَظَرِ!	Art-and-Literature
لعل من الملحوظ – في هذا السياق – هيمنة أدوات الاستشراف على أسلوب الخطاب من تسويف وتمنٍّ ورجاءٍ، وخير مثال يَسْتَحْضِرُ هذا المنحى ختامُ رائية أبي محمد عبد المجيد بن عبدون في رثاء دولة بني الأفطس:	Art-and-Literature
عَلَى الفَضائلِ – إلا الصبْرَ – بَعْدَهمُ	Art-and-Literature
سلامُ مُرْتَقِبٍ للأجْر مُنْتَظِرِ	Art-and-Literature

تَوَلَّى الصِّبَا إلا ادِّكارَ مَعاهِدٍ

Art-and-Literature

لهُ لَذْعَةٌ بينَ الحَشَا والحَيَازمِ

Art-and-Literature

أطلْتُ له رَجْعَ الحَنينِ ورُبَّما

Art-and-Literature

بكيتُ علَى عهْدٍ مَضَى مُتَقَادِمِ

Art-and-Literature

كما كان لابن البراء التجيبي (500/1107م)، في وقفة على طلل المكان والزمان معًا:

Art-and-Literature

ديار بها فارَقْتُ عَصْرَ شَبِيبَتِي

Art-and-Literature

فيا حَبَّذَا عَصْرُ الشَّبابِ المُفَارِقُ!

Art-and-Literature

شَباب شَفَى نَفْسِي وَوَدَّعَ مُسْرِعًا

Art-and-Literature

كما زارَ طيْفٌ أوْ تَبَوَّجَ بارقُ

Art-and-Literature

قضيتُ به حَقَّ الهَوَى وأطعْتُه

Art-and-Literature

فأيَّامُه - في عيْنِ فِكْرِي - حَدَائِقُ

Art-and-Literature

هذا الشعور بسرعة انصرام الشباب يؤكده ابن الخطيب :

Art-and-Literature

تَذَكَّرْتُ من عهْدِ الشَّبابِ الذي وَلَّى

Art-and-Literature

فطابَ لهُ تَسْكابُ دمْعِي وانْهَلاّ

Art-and-Literature

إذ العَيْشُ غَضٌّ والشبيبةُ روْضةٌ

Art-and-Literature

أزاهرُها تُجْنَى وأنْوارُها تُجْلَى

Art-and-Literature

عهودٌ متَى ألْوَى بِجِدَّتِها المَدَى

Art-and-Literature

وقلَّصَ منْ إيناسِها ذلكَ الظِّلاّ

Art-and-Literature

وما كانَ إلاَّ كالخيالِ لِنائِمٍ

Art-and-Literature

ألمَّ ويا سرْعانَ ما قَوَّضَ الرَّحْلاَ!

Art-and-Literature

- زمان الوصل: وهو شبه رديف لزمن الشباب، من حيث استحواذه على أذهان الشعراء، وهوسهم باسترجاعه، وهنا نلقى ابن حزم يستعيد أحد أيامه البائدة:

Art-and-Literature

لا مِثْلَ يَوْمِكَ ضَحْوَةَ التَّنْعيمِ

Art-and-Literature

في منْظرٍ حَسَنٍ وفي تَنْعيمِ

Art-and-Literature

قد كان ذاك اليومُ ندْرَةَ عاقرٍ

Art-and-Literature

وصوابَ خاطئةٍ وولْدَ عقيمِ

Art-and-Literature

أيامَ برْقُ الوصْل ليس بِخُلَّبٍ

Art-and-Literature

عِنْدِي ولا روْضُ الهَوَى بهَشيمِ

Art-and-Literature

لعل أهمّ من تعَرَّض في الأندلس لجدلية الوصْل والفصْل، مسترجعًا الأول، ونادبًا الأخير، هو ابن زيدون في نُونِيَّتِه المعروفة، كما أنه في أختها القافية، يسترجع عهد الوصل، لكن انطلاقًا من جمال الحاضر، ولو كان فصلًا:

Art-and-Literature

إنّي ذَكَرْتُكِ بالزَّهْراء مُشْتاقًا

Art-and-Literature

والأفْقُ طلْقٌ ووجْهُ الأرْض قد رَاقا

Art-and-Literature

بِتْنَا لهَا حينَ نامَ الدهرُ سُرَّاقا

Art-and-Literature

إذا كان ابن زيدون رائد جدلية الوصل والفصل، فإن ابن الخطيب أشهر من استرجع « زمان الوصل بالأندلس» خلال موشحته المعروفة

Art-and-Literature

- الزمن المعرفي: مثلما فاضل هؤلاء الشعراء بين زمنيْ الشباب والشيب، وزمنيْ الوصل والفصل، فاضلوا أيضًا بين زمني العلم والجهل:

Art-and-Literature

ذَهَبَ الزمانُ بِصَفْوَةِ العُلَمَاءِ

Art-and-Literature

وبقيتُ في ظلمٍ وفي عَمْيَاء

Art-and-Literature

إذا كان الزمن الأدبي من مشمولات هذا الزمن المعرفي، فمن المعروف أن شعراء الأندلس، بكوا - أكثر ما بكوا – عهد الطوائف، باعتباره العصر الذهبي للتلقي الشعري تذوقًا ومكافأة، فكان اللاحقون يذكرون تلك العهود الأدبية الزاهرة بتحَسُّر، مقارنة بالواقع البائس، إذ يقول أبو إسحاق إبراهيم البونسي: «وكان للأدب في أيامهم نَفَاقٌ، ولأهله رواء وإشراق»

Art-and-Literature

بينما صورة حاضر المبدعين، تبدو لعنة سمّيت قديمًا: «حرفة الأدب»، فـابن حربون الشلبي يخاطب أبي عبد الله الرصافي شاكيًا صولة الزمن على مكانته الأدبية:

Art-and-Literature

ما للزمانِ؟ ألا حُرٌّ يُنَهْنِهُهُ؟

Art-and-Literature

يَفْرِي أدِيمِي بأنْيابٍ وأظْفارِ

Art-and-Literature

نَشَدْتُهُ حَقَّ آدَابِي فأشْعَرَنِي

Art-and-Literature

بأنَّ ذنْبيَّ آدابِي وأشْعَاري

Art-and-Literature

في ضوء هذا، يصب أبو بكر الأعمى المخزومي جام غضبه على بعض معاصريه:

Art-and-Literature

فأينَ الألى كانـوا إذا جاءَ ناظم

Art-and-Literature

تَلقَّتْهُ منهمْ بالنَّدَى كَفُّ نَاثِرِ؟

Art-and-Literature

سَلامٌ عليهمْ كُلَّمَا ارْتَحْتُ نحوهمْ

Art-and-Literature

فلا أثَرٌ من بعْــــــدهمْ للمَآثِرِ

Art-and-Literature

- الزمن السياسي: وهنا أيضًا نقف أمام لون من ألوان الزمن المسترجع، حيث عُرف التاريخ الأندلسي عمومًا بالاضطراب السياسي، فتناسَخَت الأحْكام، وتداولت الأيام، وهو ما جعل بعض الملوك المخلوعين يسترجعون شعريًا جمال زمنهم السياسي الآفل، وسيد هؤلاء الأمراء الشعراء هو المعتمد بن عباد، إذ يقول، بعد أسْره:

Art-and-Literature

فيمَا مَضَى كنْتَ بالأعْيادِ مَسْرُورًا

Art-and-Literature

فجَاءَكَ العيدُ في أغْمَاتَ مَأسُورا

Art-and-Literature

قد كان دهْرُكَ إنْ تأمُرْهُ مُمْتَثِلًا

Art-and-Literature

فَرَدَّكَ الدَّهْرُ مَنْهِيًّا ومَأمُورا

Art-and-Literature

وكذلك قوله:

Art-and-Literature

مضَى زمَنٌ والمُلْكُ مُسْتَأْنِسٌ به

Art-and-Literature

وأصْبَحَ عنْهُ اليومَ وهْوَ نَفُورُ

Art-and-Literature

بِرأْيٍ منَ الدهْرِ المُضَلِّلِ فَاسِدٍ

Art-and-Literature

مَتَى صَلحَتْ للصالِحينَ دُهُور؟

Art-and-Literature

عزف ابن عباد على هذا الوتر في أكثر من موقع، وتابعه في ذلك أبو عبد الملك مروان بن عبد الله بن عبد العزيز العامري، الذي سقط حكمه لبلنسية (539هـ/1144م) «وكان دائمَ الحَسْرَةِ على كوْنِه لمْ يَطُلْ مُلْكُهُ، وكانَ انْجِعَافُه مَرَّةً»

Art-and-Literature

علمتُ بأنَّ الدَّائِراتَ تَدُورُ

Art-and-Literature

وقد ْكُسفَتْ منَّا هُناكَ بُدُورُ

Art-and-Literature

ونُثِّرَ سِلْكٌ طالَ في المُلْكِ نَظْمُه

Art-and-Literature

كذا كُلُّ نَظْمٍ بالزمانِ نَثِيرُ

Art-and-Literature

فلا يَنْسَ تسْليمَ السّمَاطَيْنِ مَسْمَعِي

Art-and-Literature

بحيثُ القَنَا والمُرْهَفَاتُ سُطُورُ

Art-and-Literature

وتعْسًا لدَهْرٍ جاءَ وهْوَ عَثُورُ

Art-and-Literature

على مستوى النثر، نرى الفتح بن خاقان - في تهنئة أحد الأمراء - يسترجع من خلال حكمه الحاضر الماضي السياسي الزاهر: «فهنيئا للأندلس، لقد اسْتَرَدَّتْ عهْدَ خُلفائِها، واسْتَجَدَّتْ رسوم تلك الإمَامة بعْد عفائها، فكأنْ لمْ تَمُرَّ أعاصِرُها، ولمْ يَمُتْ حَكَمُهَا ولا نَاصِرُها»

Art-and-Literature

بما أن لمقام المديح والتهنئة هنا خصوصيته، المميزة عن استرجاعات المعتمد والمظفر لزمانهما المفقود، فإن ابن خاقان لم يكتف بالاسترجاع التفضيلي، بل دعا الله أن يكون الحاضر أفضل، «حتى يكون عصْرُكَ أجْمَلَ من عصْرهم، ونصْرُكَ أعزَّ من نصرهم»

Art-and-Literature

- الاستشراف: وهو الوجه الآخر لعملة استحضار الزمن المرغوب، فرارًا من الواقع نقطة المركز التي ينطلق منها الشاعر في الاتجاهين، مع ضرورة ملاحظة أن الطرفين يكادان يَتَمَاهَيَانِ، في بعض الأحيان، ولا سيما حين يكون المستشرَف في المستقبل هو الزمن الماضي المسترجَع، إذ يقول ابن حزم:

Art-and-Literature

فلا تيْأسِي يا نَفْسُ عَلَّ زَمانَنَا

Art-and-Literature

يعودُ بوجْهٍ مُقْبِلٍ غيْر مُدْبِرِ

Art-and-Literature

كما صَرَفَ الرحْمنُ مُلْكَ أمَيَّةٍ

Art-and-Literature

إليهمْ فَلُوذِي بالتَّجَمُّلِ واصْبِرِي

Art-and-Literature

ما دام ابن حزم استجاب هنا لنزعته الأندلسية عمومًا، والأموية خصوصًا، حين ضَرَبَ المَثَلَ على إمْكانية اسْتشرافِ رَجْعَةِ الزمان الضائع، بعَوْدَةِ مُلْكِ بني أمية إليهم في الأندلس، بعد أفوله في المشرق، فإننا سنتخذ هذه الإشارة كتوطئة إلى استشراف:

Art-and-Literature

- الزمن السياسي الجميل المفقود، المرغوب في رجوعه إلى حيز الوجود، وسيد هذا المنزع - بجدارة - هو المعتمد بن عباد، بعدما أُخرج من القصر إلى الأسر بين عامي 484 و488/1091 و1095م، فكان - خلال أسره - يستشرف عودة ملكه، قائلًا:

Art-and-Literature

فيا ليْتَ شِعْرِي هلْ أبِيتَنَّ ليْلَةً

Art-and-Literature

أمَامِي وخَلْفِي روْضَةٌ وغَدِيرُ؟

Art-and-Literature

ألاَكُلُّ ما شاءَ الإلهُ يسيرُ

Art-and-Literature

التقط هذا الاستشراف الشاعر ابن حمديس الصقلي، ليوسِّعَ للمعتمد نافذةَ الأمَلِ، المُؤطَّرَة بالثقة في القدرة الإلهية، المُتَصَرِّفَةِ في دَوَرَانْ الأفلاك، قائلًا:

Art-and-Literature

تَجيءُ خلافًا للأمُورِ أمُورُ

Art-and-Literature

ويَعْدلُ، دهرٌ في الوَرَى ويَجُورُ

Art-and-Literature

أتَيْأسُ منْ يوْمٍ يُناقِضُ أمْسَه

Art-and-Literature

وزُهْرُ الدَّرَارِي في البُرُوج تَدُور؟

Art-and-Literature

وقدْ تَنْتَخِي الساداتُ بَعْدَ خُمُولها

Art-and-Literature

وتخرجُ من بعْد الكُسوفِ بُدُورُ

Art-and-Literature

على الوتر ذاته يعزف أبو بكر الداني، ممنّيًا نفسَه وأميرَه بعودتهما معًا لما ألِفَاه من فَيْض الشاعر بالثناء، وإنْعام المَلِك بالسخاء، متجاوزًا ساعة العسرة التي يمرّان بها:

Art-and-Literature

رُوَّيْدَكَ سوفَ تُوسِعُـــنِي سُرورًا

Art-and-Literature

إذا عادَ ارْتِقاؤُكَ للسريرِ

Art-and-Literature

وسوفَ تُحِلُّنِي رُتَبَ المَعَــــالي

Art-and-Literature

غَدَاةَ تَحلُّ في تلكَ القُصُورِ

Art-and-Literature

إذا كان أبو بكر الداني سموأل الأندلس في وفائه لبني عباد - حتى بعد النكبة - قد اهتزت ثقته شيئًا ما بهذه العودة المنتظرة، فتساءل عنها في استشراف ضمني، فإن المعتمد نفسه كان حريصًا على بقاء نافذة الأمل مفتوحة، حتى كان يتفاءل بنعيب الغربان المشؤومة، المتطير بها في المتخيل العربي، مضفيًا على ذلك مسحة إيمانية، لا يقف أمامها مستحيل:

Art-and-Literature

غرْبانَ أغْمَاتَ لا تَعْدمْنَ طيِّبةً

Art-and-Literature

من الليالي وأفنانًا من الشَّجَرِ

Art-and-Literature

كمَا نَعَبْتُنَّ لِي بالفالِ يُعْجِبُنِي

Art-and-Literature

مُخَبِّراتٍ به عنْ أطيَبِ الخَبَرِ

Art-and-Literature

عَلَيَّ إنْ صَدَقَ الرحْمنُ ما زَعَمَتْ

Art-and-Literature

أنْ لا يُرَوّعْنَ من قَوْسي ولا وَتَرِي

Art-and-Literature

أسْرٌ وعُسْرٌ، ولا يُسْرٌ أؤَمِّلُه

Art-and-Literature

ـ أستغفر الله كمْ لله مِنْ نَظَرِ!

Art-and-Literature

لعل من الملحوظ – في هذا السياق – هيمنة أدوات الاستشراف على أسلوب الخطاب من تسويف وتمنٍّ ورجاءٍ، وخير مثال يَسْتَحْضِرُ هذا المنحى ختامُ رائية أبي محمد عبد المجيد بن عبدون في رثاء دولة بني الأفطس:

Art-and-Literature

عَلَى الفَضائلِ – إلا الصبْرَ – بَعْدَهمُ

Art-and-Literature

سلامُ مُرْتَقِبٍ للأجْر مُنْتَظِرِ

Art-and-Literature