id
int32 0
61k
| text
stringlengths 4
31.7k
| text_type
stringclasses 7
values | context
stringlengths 4
31.7k
| context_type
stringclasses 6
values | source_language_name
stringclasses 1
value | source_language_code
stringclasses 1
value | source_title
stringlengths 0
80
| source_url
stringlengths 0
620
|
---|---|---|---|---|---|---|---|---|
3,300 | وتجمع موسيقى ورقصة كناوة -بحسب نص التصنيف في قائمة التراث الإنساني العالمي- بين نداء الحرية الذي حفز الأفارقة على الرقص والغناء والجهر بالكرامة، وبين العمق الصوفي والروحاني الذي يضمن للأعمال الفنية الموسيقية إحساسها الأصيل وسموها المحلق. | paragraph | أظهر القائمة الرئيسية
Navigation menu
اضغط هنا للبحثsearch
# ناهضت الاستبداد واحتفت بالنصر.. ما لا تقوله الكلمات وتعبر عنه الرقصات التراثية المغربية
رقصات الشعبية رقصة أحواش
تحمل الرقصات التراثية بالمغرب رسائل عن النصر واستعراض القوة (الجزيرة)
13/7/2020
يزخر الفن التقليدي الشعبي في المغرب بمخزون من الألوان الغنائية والتعبيرية لتعدد روافده الثقافية وتنوعها. وتعتبر الرقصات التراثية لونا من الألوان الفنية التي حافظت على خصوصيتها وتدافعت من أجل البقاء.
تاسكوين، كناوة، ركادة، أحيدوس، أحواش، الكدرة وغيرها من الرقصات الشعبية المتوارثة التي اعتمدت على إيقاعات ذات دلالة، عبّرت بها التجمعات المحلية عن واقعها، وعكست من خلالها اهتماماتها وحاجاتها.
وتعتبر الرقصات التراثية في المغرب خزانا تلقائيا لثقافة السكان المحليين، وذخيرة للرقص التعبيري الذي يجعل من حركات الجسد طاقة تعبيرية يغني مدلولها البصري عن الكلمات، وهي اليوم تشكل مشتَلا لخصائص هذه التجمعات وتعكس عراقتها وأصالتها.
## تنوع و امتداد
تحمل الرقصات التراثية في المغرب رسائل وإيحاءات متنوعة، منها الذي يعبر عن النصر واستعراض القوة في الرقصات ذات الأصل العسكري، ومنها التي طالبت بالتحرر وناهضت الاستبداد، ورقصات احتفت بالوفرة والخصب، بينما كرست بعض الرقصات ثقافة البوح وكسرت المسكوت عنه في المجتمعات المحافظة بشكل مرمز.
يقول الفنان والباحث في التراث الشعبي نسيم حداد إن الرقص التراثي بالمغرب واحد من أقدم اللغات التعبيرية، وإن الرقصات التراثية يصعب جردها، إذ يفوق عددها 50 رقصة ترتبط كل واحدة منها بنمط غنائي تراثي معين.
ويوضح نسيم حداد -في حديث مع الجزيرة نت- أن الرقصات التراثية تتميز بخصائص تجعلها منفردة، وتتوزع بحسب جغرافية قبلية، وجل الرقصات التراثية المغربية أمازيغية في الأصل.
رقصات مغربية تراثيةحافظت الرقصات التراثية على خصوصياتها المجالية والثقافية عبر الأجيال(الجزيرة)
## أشكال تعبيرية أصيلة
حافظت الرقصات التراثية على خصوصياتها المجالية والثقافية عبر توريث نمط أدائها من جيل لآخر، وعبر حرصها على اللون الأصيل لها وتأديتها بملابس محلية تعكس البعد الهوياتي والثقافي لكل رقصة ولكل منطقة.
ويعتبر الباحث في التراث الأمازيغي خالد العيوض أن الرقصات التراثية المغربية عبارة عن أشكال تعبيرية يصعب اختزالها في تعبير رقص معزول.
وعن السياق الإنثروبولوجي للرقصات التراثية التعبيرية، يقول العيوض إنها "ولدت في رحم البادية، وترتبط بطقوس وبحياة اجتماعية، ويجب النظر إليها من خلال المحيط العام الذي أنتجها".
ويرى العيوض أن بعض هذه الأشكال التعبيرية التراثية ترتبط بالموسم الفلاحي، وتنظم احتفاءً بنهايته، وتأخذ شكلا احتفاليا جماعيا تحضره جميع مكونات المجتمع المحلي.
ويضيف المتحدث ذاته للجزيرة نت أن "الرقصات التراثية مرتبطة بأشكال التضامن في وسط يقدس العمل الجماعي وينغمس فيه".
من جانبه، يعتقد نسيم حداد أن الرقص التراثي المغربي يرتبط بالأساس بالأعراف والتقاليد، ولا يخرج عن سياق الفكر المحافظ، ويشير في السياق ذاته إلى أن جلّ الرقصات التراثية الأصيلة لا تخرج عن اللغة التعبيرية.
ويخلص نسيم إلى كون الرقص التراثي خزانا وقاعدة أساسية لأساليب كوريغرافية (فن حركة الجسد)، يمكن أن تُطور إلى أسلوب تعبيري حديث خاص قاعدته الرقصات التراثية الشعبية.
فرق شابة تحافظ على الموروث الفني المغربيفرق شابة تحافظ على الموروث الفني المغربي (الجزيرة)
## تراث إنساني
وتمثل الرقصات الشعبية قيمة ثقافية بالنظر إلى عراقتها وتنوع تعبيراتها، وتشكل جزءا من الهوية ومن التراث المغربي غير المادي، ومنها رقصات أدرجت في قائمة التراث الثقافي الإنساني لدى الأمم المتحدة.
ومن الرقصات التراثية المغربية التي صنفت تراثا ثقافيا إنسانيا رقصة "تاسكيوين" ومفردها "تاسكاوت" وتعني القرن الصغير، وتعرفها الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بأنها رقصة عسكريّة مشهورة في جبال الأطلس الكبير، اكتسبت اسمها من القرون الصغيرة التي يربطها الراقصون على أكتافهم، وتتميز بهز الأكتاف على إيقاع الدفوف والمزامير.
وينبه موقع التراث الثقافي غير المادي للأمم المتحدة إلى أن "هذه الرقصة مهدّدة من قبل عدّة عوامل، مثل العولمة وزيادة نفور الشباب من الممارسات التراثية التقليديّة".
وبالإضافة إلى التاسكيوين، انضمت رقصة "كناوة" إلى قائمة التراث الإنساني العالمي، وهي من الرقصات والتعبيرات التي دخلت المغرب نهاية القرن 16 الميلادي من أفريقيا جنوب الصحراء.
وتجمع موسيقى ورقصة كناوة -بحسب نص التصنيف في قائمة التراث الإنساني العالمي- بين نداء الحرية الذي حفز الأفارقة على الرقص والغناء والجهر بالكرامة، وبين العمق الصوفي والروحاني الذي يضمن للأعمال الفنية الموسيقية إحساسها الأصيل وسموها المحلق.
## لكل منطقة رقصاتها الخاصة
وتختلف الاحتفالات بين المناطق الجبلية والسهلية، وبين الشمال والجنوب والوسط والشرق والغرب، لكل منطقة رقصة تراثية تعبيرية ترتبط بنمط موسيقي وتحتفظ بمميزات خاصة من لباس وآلات مستعملة وإيقاع.
في منطقة الأطلس الكبير، حدثنا خالد العيوض عن أنماط سائدة منها تاسكيوين التي تعتمد على القوة البدنية وتمتاز بالقرن الأحمر الذي كان يحمل بالبارود قديما، ورقصة أجماك التي تحترم لباسا موحدا يتكون من البلغة والرزة والجلابة، وفي التزيين يحمل المشارك خنجرا يكون فضيا في الغالب ومربوطا بخيوط الحرير، و تقام بأعداد كثيرة، وتعتمد على حركات بسيطة واللعب باليدين وفق إيقاع معين، ويدير الرقصة قائد، وتمتاز بحضور شاعرين يبدعان في شعر اللحظة (الارتجال).
رقصة كناوة من الموروثات الفنية المغربيةرقصة كناوة من الموروثات الفنية المغربية (الجزيرة)
أما أغيات" أو "العواد" -بحسب العيوض- فهي رقصة حربية، لباسها مختلف، وتمتاز بوجود الناي والناقوس الذي يصدر صوتا حادا يضبط الإيقاع، ويديرها قائد أيضا يسمى "الحراب".
أغلبية الرقصات يؤديها الرجال، ويوجد في الأطلس الصغير نمط آخر من أحواش تؤديه النساء اللواتي ينتظمن في صف يغطى بغطاء جماعي لا يظهر وجوههن.
وفي الأطلس المتوسط، تقدم رقصة "أحيدوس" في شكل صفوف تتقارب وتتباعد تقابلا أو توازيا، يديرها قائد يسمى المعلم أو الرايس.
ومن الرقصات التراثية المغربية التي تغوص في عمق الرقص التعبيري، نجد رقصة ذات أصول صحراوية معروفة جنوب المغرب تسمى "الكدرة"، تؤديها النساء، وتعتمد على حركات الأيدي والأنامل.
وكذلك رقصة "الركادة" التي تعتبر من أبرز معالم التراث الفني في المغرب الشمال الشرقي، وتحديدا بوجدة، وهي رقصة فنية خاصة بالرجال، تعتمد على الرشاقة في الحركة وسرعة التنسيق، في حين تنتشر الرقصات الجبلية في شمال غرب المغرب وتكون مرفقة بموسيقى الطقطوقة الجبلية، أما مناطق الوسط فتمتاز بـ"الهيت" ورقصات "عبيدات الرمى".
ويجزم نسيم الحداد أن الحفاظ على موروث الرقصات التراثية المغربية ضرورة ملحة لا تكتمل إلا بالدراسة الأكاديمية، وبالتفات المعنيين إليه كإحدى ركائز الثقافة المغربية.
المصدر : الجزيرة
aj-logo
aj-logo
aj-logo
إعلان
تابع الجزيرة نت على:
شعار شبكة الجزيرة الإعلامية
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية | article | Arabic | ar | ناهضت الاستبداد واحتفت بالنصر.. ما لا تقوله الكلمات وتعبر عنه ... | https://www.aljazeera.net/arts/2020/7/13/%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%81%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D8%B1%D9%82%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB%D9%8A%D8%A9 |
3,301 | وتختلف الاحتفالات بين المناطق الجبلية والسهلية، وبين الشمال والجنوب والوسط والشرق والغرب، لكل منطقة رقصة تراثية تعبيرية ترتبط بنمط موسيقي وتحتفظ بمميزات خاصة من لباس وآلات مستعملة وإيقاع. | paragraph | أظهر القائمة الرئيسية
Navigation menu
اضغط هنا للبحثsearch
# ناهضت الاستبداد واحتفت بالنصر.. ما لا تقوله الكلمات وتعبر عنه الرقصات التراثية المغربية
رقصات الشعبية رقصة أحواش
تحمل الرقصات التراثية بالمغرب رسائل عن النصر واستعراض القوة (الجزيرة)
13/7/2020
يزخر الفن التقليدي الشعبي في المغرب بمخزون من الألوان الغنائية والتعبيرية لتعدد روافده الثقافية وتنوعها. وتعتبر الرقصات التراثية لونا من الألوان الفنية التي حافظت على خصوصيتها وتدافعت من أجل البقاء.
تاسكوين، كناوة، ركادة، أحيدوس، أحواش، الكدرة وغيرها من الرقصات الشعبية المتوارثة التي اعتمدت على إيقاعات ذات دلالة، عبّرت بها التجمعات المحلية عن واقعها، وعكست من خلالها اهتماماتها وحاجاتها.
وتعتبر الرقصات التراثية في المغرب خزانا تلقائيا لثقافة السكان المحليين، وذخيرة للرقص التعبيري الذي يجعل من حركات الجسد طاقة تعبيرية يغني مدلولها البصري عن الكلمات، وهي اليوم تشكل مشتَلا لخصائص هذه التجمعات وتعكس عراقتها وأصالتها.
## تنوع و امتداد
تحمل الرقصات التراثية في المغرب رسائل وإيحاءات متنوعة، منها الذي يعبر عن النصر واستعراض القوة في الرقصات ذات الأصل العسكري، ومنها التي طالبت بالتحرر وناهضت الاستبداد، ورقصات احتفت بالوفرة والخصب، بينما كرست بعض الرقصات ثقافة البوح وكسرت المسكوت عنه في المجتمعات المحافظة بشكل مرمز.
يقول الفنان والباحث في التراث الشعبي نسيم حداد إن الرقص التراثي بالمغرب واحد من أقدم اللغات التعبيرية، وإن الرقصات التراثية يصعب جردها، إذ يفوق عددها 50 رقصة ترتبط كل واحدة منها بنمط غنائي تراثي معين.
ويوضح نسيم حداد -في حديث مع الجزيرة نت- أن الرقصات التراثية تتميز بخصائص تجعلها منفردة، وتتوزع بحسب جغرافية قبلية، وجل الرقصات التراثية المغربية أمازيغية في الأصل.
رقصات مغربية تراثيةحافظت الرقصات التراثية على خصوصياتها المجالية والثقافية عبر الأجيال(الجزيرة)
## أشكال تعبيرية أصيلة
حافظت الرقصات التراثية على خصوصياتها المجالية والثقافية عبر توريث نمط أدائها من جيل لآخر، وعبر حرصها على اللون الأصيل لها وتأديتها بملابس محلية تعكس البعد الهوياتي والثقافي لكل رقصة ولكل منطقة.
ويعتبر الباحث في التراث الأمازيغي خالد العيوض أن الرقصات التراثية المغربية عبارة عن أشكال تعبيرية يصعب اختزالها في تعبير رقص معزول.
وعن السياق الإنثروبولوجي للرقصات التراثية التعبيرية، يقول العيوض إنها "ولدت في رحم البادية، وترتبط بطقوس وبحياة اجتماعية، ويجب النظر إليها من خلال المحيط العام الذي أنتجها".
ويرى العيوض أن بعض هذه الأشكال التعبيرية التراثية ترتبط بالموسم الفلاحي، وتنظم احتفاءً بنهايته، وتأخذ شكلا احتفاليا جماعيا تحضره جميع مكونات المجتمع المحلي.
ويضيف المتحدث ذاته للجزيرة نت أن "الرقصات التراثية مرتبطة بأشكال التضامن في وسط يقدس العمل الجماعي وينغمس فيه".
من جانبه، يعتقد نسيم حداد أن الرقص التراثي المغربي يرتبط بالأساس بالأعراف والتقاليد، ولا يخرج عن سياق الفكر المحافظ، ويشير في السياق ذاته إلى أن جلّ الرقصات التراثية الأصيلة لا تخرج عن اللغة التعبيرية.
ويخلص نسيم إلى كون الرقص التراثي خزانا وقاعدة أساسية لأساليب كوريغرافية (فن حركة الجسد)، يمكن أن تُطور إلى أسلوب تعبيري حديث خاص قاعدته الرقصات التراثية الشعبية.
فرق شابة تحافظ على الموروث الفني المغربيفرق شابة تحافظ على الموروث الفني المغربي (الجزيرة)
## تراث إنساني
وتمثل الرقصات الشعبية قيمة ثقافية بالنظر إلى عراقتها وتنوع تعبيراتها، وتشكل جزءا من الهوية ومن التراث المغربي غير المادي، ومنها رقصات أدرجت في قائمة التراث الثقافي الإنساني لدى الأمم المتحدة.
ومن الرقصات التراثية المغربية التي صنفت تراثا ثقافيا إنسانيا رقصة "تاسكيوين" ومفردها "تاسكاوت" وتعني القرن الصغير، وتعرفها الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بأنها رقصة عسكريّة مشهورة في جبال الأطلس الكبير، اكتسبت اسمها من القرون الصغيرة التي يربطها الراقصون على أكتافهم، وتتميز بهز الأكتاف على إيقاع الدفوف والمزامير.
وينبه موقع التراث الثقافي غير المادي للأمم المتحدة إلى أن "هذه الرقصة مهدّدة من قبل عدّة عوامل، مثل العولمة وزيادة نفور الشباب من الممارسات التراثية التقليديّة".
وبالإضافة إلى التاسكيوين، انضمت رقصة "كناوة" إلى قائمة التراث الإنساني العالمي، وهي من الرقصات والتعبيرات التي دخلت المغرب نهاية القرن 16 الميلادي من أفريقيا جنوب الصحراء.
وتجمع موسيقى ورقصة كناوة -بحسب نص التصنيف في قائمة التراث الإنساني العالمي- بين نداء الحرية الذي حفز الأفارقة على الرقص والغناء والجهر بالكرامة، وبين العمق الصوفي والروحاني الذي يضمن للأعمال الفنية الموسيقية إحساسها الأصيل وسموها المحلق.
## لكل منطقة رقصاتها الخاصة
وتختلف الاحتفالات بين المناطق الجبلية والسهلية، وبين الشمال والجنوب والوسط والشرق والغرب، لكل منطقة رقصة تراثية تعبيرية ترتبط بنمط موسيقي وتحتفظ بمميزات خاصة من لباس وآلات مستعملة وإيقاع.
في منطقة الأطلس الكبير، حدثنا خالد العيوض عن أنماط سائدة منها تاسكيوين التي تعتمد على القوة البدنية وتمتاز بالقرن الأحمر الذي كان يحمل بالبارود قديما، ورقصة أجماك التي تحترم لباسا موحدا يتكون من البلغة والرزة والجلابة، وفي التزيين يحمل المشارك خنجرا يكون فضيا في الغالب ومربوطا بخيوط الحرير، و تقام بأعداد كثيرة، وتعتمد على حركات بسيطة واللعب باليدين وفق إيقاع معين، ويدير الرقصة قائد، وتمتاز بحضور شاعرين يبدعان في شعر اللحظة (الارتجال).
رقصة كناوة من الموروثات الفنية المغربيةرقصة كناوة من الموروثات الفنية المغربية (الجزيرة)
أما أغيات" أو "العواد" -بحسب العيوض- فهي رقصة حربية، لباسها مختلف، وتمتاز بوجود الناي والناقوس الذي يصدر صوتا حادا يضبط الإيقاع، ويديرها قائد أيضا يسمى "الحراب".
أغلبية الرقصات يؤديها الرجال، ويوجد في الأطلس الصغير نمط آخر من أحواش تؤديه النساء اللواتي ينتظمن في صف يغطى بغطاء جماعي لا يظهر وجوههن.
وفي الأطلس المتوسط، تقدم رقصة "أحيدوس" في شكل صفوف تتقارب وتتباعد تقابلا أو توازيا، يديرها قائد يسمى المعلم أو الرايس.
ومن الرقصات التراثية المغربية التي تغوص في عمق الرقص التعبيري، نجد رقصة ذات أصول صحراوية معروفة جنوب المغرب تسمى "الكدرة"، تؤديها النساء، وتعتمد على حركات الأيدي والأنامل.
وكذلك رقصة "الركادة" التي تعتبر من أبرز معالم التراث الفني في المغرب الشمال الشرقي، وتحديدا بوجدة، وهي رقصة فنية خاصة بالرجال، تعتمد على الرشاقة في الحركة وسرعة التنسيق، في حين تنتشر الرقصات الجبلية في شمال غرب المغرب وتكون مرفقة بموسيقى الطقطوقة الجبلية، أما مناطق الوسط فتمتاز بـ"الهيت" ورقصات "عبيدات الرمى".
ويجزم نسيم الحداد أن الحفاظ على موروث الرقصات التراثية المغربية ضرورة ملحة لا تكتمل إلا بالدراسة الأكاديمية، وبالتفات المعنيين إليه كإحدى ركائز الثقافة المغربية.
المصدر : الجزيرة
aj-logo
aj-logo
aj-logo
إعلان
تابع الجزيرة نت على:
شعار شبكة الجزيرة الإعلامية
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية | article | Arabic | ar | ناهضت الاستبداد واحتفت بالنصر.. ما لا تقوله الكلمات وتعبر عنه ... | https://www.aljazeera.net/arts/2020/7/13/%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%81%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D8%B1%D9%82%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB%D9%8A%D8%A9 |
3,302 | في منطقة الأطلس الكبير، حدثنا خالد العيوض عن أنماط سائدة منها تاسكيوين التي تعتمد على القوة البدنية وتمتاز بالقرن الأحمر الذي كان يحمل بالبارود قديما، ورقصة أجماك التي تحترم لباسا موحدا يتكون من البلغة والرزة والجلابة، وفي التزيين يحمل المشارك خنجرا يكون فضيا في الغالب ومربوطا بخيوط الحرير، و تقام بأعداد كثيرة، وتعتمد على حركات بسيطة واللعب باليدين وفق إيقاع معين، ويدير الرقصة قائد، وتمتاز بحضور شاعرين يبدعان في شعر اللحظة (الارتجال). | paragraph | أظهر القائمة الرئيسية
Navigation menu
اضغط هنا للبحثsearch
# ناهضت الاستبداد واحتفت بالنصر.. ما لا تقوله الكلمات وتعبر عنه الرقصات التراثية المغربية
رقصات الشعبية رقصة أحواش
تحمل الرقصات التراثية بالمغرب رسائل عن النصر واستعراض القوة (الجزيرة)
13/7/2020
يزخر الفن التقليدي الشعبي في المغرب بمخزون من الألوان الغنائية والتعبيرية لتعدد روافده الثقافية وتنوعها. وتعتبر الرقصات التراثية لونا من الألوان الفنية التي حافظت على خصوصيتها وتدافعت من أجل البقاء.
تاسكوين، كناوة، ركادة، أحيدوس، أحواش، الكدرة وغيرها من الرقصات الشعبية المتوارثة التي اعتمدت على إيقاعات ذات دلالة، عبّرت بها التجمعات المحلية عن واقعها، وعكست من خلالها اهتماماتها وحاجاتها.
وتعتبر الرقصات التراثية في المغرب خزانا تلقائيا لثقافة السكان المحليين، وذخيرة للرقص التعبيري الذي يجعل من حركات الجسد طاقة تعبيرية يغني مدلولها البصري عن الكلمات، وهي اليوم تشكل مشتَلا لخصائص هذه التجمعات وتعكس عراقتها وأصالتها.
## تنوع و امتداد
تحمل الرقصات التراثية في المغرب رسائل وإيحاءات متنوعة، منها الذي يعبر عن النصر واستعراض القوة في الرقصات ذات الأصل العسكري، ومنها التي طالبت بالتحرر وناهضت الاستبداد، ورقصات احتفت بالوفرة والخصب، بينما كرست بعض الرقصات ثقافة البوح وكسرت المسكوت عنه في المجتمعات المحافظة بشكل مرمز.
يقول الفنان والباحث في التراث الشعبي نسيم حداد إن الرقص التراثي بالمغرب واحد من أقدم اللغات التعبيرية، وإن الرقصات التراثية يصعب جردها، إذ يفوق عددها 50 رقصة ترتبط كل واحدة منها بنمط غنائي تراثي معين.
ويوضح نسيم حداد -في حديث مع الجزيرة نت- أن الرقصات التراثية تتميز بخصائص تجعلها منفردة، وتتوزع بحسب جغرافية قبلية، وجل الرقصات التراثية المغربية أمازيغية في الأصل.
رقصات مغربية تراثيةحافظت الرقصات التراثية على خصوصياتها المجالية والثقافية عبر الأجيال(الجزيرة)
## أشكال تعبيرية أصيلة
حافظت الرقصات التراثية على خصوصياتها المجالية والثقافية عبر توريث نمط أدائها من جيل لآخر، وعبر حرصها على اللون الأصيل لها وتأديتها بملابس محلية تعكس البعد الهوياتي والثقافي لكل رقصة ولكل منطقة.
ويعتبر الباحث في التراث الأمازيغي خالد العيوض أن الرقصات التراثية المغربية عبارة عن أشكال تعبيرية يصعب اختزالها في تعبير رقص معزول.
وعن السياق الإنثروبولوجي للرقصات التراثية التعبيرية، يقول العيوض إنها "ولدت في رحم البادية، وترتبط بطقوس وبحياة اجتماعية، ويجب النظر إليها من خلال المحيط العام الذي أنتجها".
ويرى العيوض أن بعض هذه الأشكال التعبيرية التراثية ترتبط بالموسم الفلاحي، وتنظم احتفاءً بنهايته، وتأخذ شكلا احتفاليا جماعيا تحضره جميع مكونات المجتمع المحلي.
ويضيف المتحدث ذاته للجزيرة نت أن "الرقصات التراثية مرتبطة بأشكال التضامن في وسط يقدس العمل الجماعي وينغمس فيه".
من جانبه، يعتقد نسيم حداد أن الرقص التراثي المغربي يرتبط بالأساس بالأعراف والتقاليد، ولا يخرج عن سياق الفكر المحافظ، ويشير في السياق ذاته إلى أن جلّ الرقصات التراثية الأصيلة لا تخرج عن اللغة التعبيرية.
ويخلص نسيم إلى كون الرقص التراثي خزانا وقاعدة أساسية لأساليب كوريغرافية (فن حركة الجسد)، يمكن أن تُطور إلى أسلوب تعبيري حديث خاص قاعدته الرقصات التراثية الشعبية.
فرق شابة تحافظ على الموروث الفني المغربيفرق شابة تحافظ على الموروث الفني المغربي (الجزيرة)
## تراث إنساني
وتمثل الرقصات الشعبية قيمة ثقافية بالنظر إلى عراقتها وتنوع تعبيراتها، وتشكل جزءا من الهوية ومن التراث المغربي غير المادي، ومنها رقصات أدرجت في قائمة التراث الثقافي الإنساني لدى الأمم المتحدة.
ومن الرقصات التراثية المغربية التي صنفت تراثا ثقافيا إنسانيا رقصة "تاسكيوين" ومفردها "تاسكاوت" وتعني القرن الصغير، وتعرفها الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بأنها رقصة عسكريّة مشهورة في جبال الأطلس الكبير، اكتسبت اسمها من القرون الصغيرة التي يربطها الراقصون على أكتافهم، وتتميز بهز الأكتاف على إيقاع الدفوف والمزامير.
وينبه موقع التراث الثقافي غير المادي للأمم المتحدة إلى أن "هذه الرقصة مهدّدة من قبل عدّة عوامل، مثل العولمة وزيادة نفور الشباب من الممارسات التراثية التقليديّة".
وبالإضافة إلى التاسكيوين، انضمت رقصة "كناوة" إلى قائمة التراث الإنساني العالمي، وهي من الرقصات والتعبيرات التي دخلت المغرب نهاية القرن 16 الميلادي من أفريقيا جنوب الصحراء.
وتجمع موسيقى ورقصة كناوة -بحسب نص التصنيف في قائمة التراث الإنساني العالمي- بين نداء الحرية الذي حفز الأفارقة على الرقص والغناء والجهر بالكرامة، وبين العمق الصوفي والروحاني الذي يضمن للأعمال الفنية الموسيقية إحساسها الأصيل وسموها المحلق.
## لكل منطقة رقصاتها الخاصة
وتختلف الاحتفالات بين المناطق الجبلية والسهلية، وبين الشمال والجنوب والوسط والشرق والغرب، لكل منطقة رقصة تراثية تعبيرية ترتبط بنمط موسيقي وتحتفظ بمميزات خاصة من لباس وآلات مستعملة وإيقاع.
في منطقة الأطلس الكبير، حدثنا خالد العيوض عن أنماط سائدة منها تاسكيوين التي تعتمد على القوة البدنية وتمتاز بالقرن الأحمر الذي كان يحمل بالبارود قديما، ورقصة أجماك التي تحترم لباسا موحدا يتكون من البلغة والرزة والجلابة، وفي التزيين يحمل المشارك خنجرا يكون فضيا في الغالب ومربوطا بخيوط الحرير، و تقام بأعداد كثيرة، وتعتمد على حركات بسيطة واللعب باليدين وفق إيقاع معين، ويدير الرقصة قائد، وتمتاز بحضور شاعرين يبدعان في شعر اللحظة (الارتجال).
رقصة كناوة من الموروثات الفنية المغربيةرقصة كناوة من الموروثات الفنية المغربية (الجزيرة)
أما أغيات" أو "العواد" -بحسب العيوض- فهي رقصة حربية، لباسها مختلف، وتمتاز بوجود الناي والناقوس الذي يصدر صوتا حادا يضبط الإيقاع، ويديرها قائد أيضا يسمى "الحراب".
أغلبية الرقصات يؤديها الرجال، ويوجد في الأطلس الصغير نمط آخر من أحواش تؤديه النساء اللواتي ينتظمن في صف يغطى بغطاء جماعي لا يظهر وجوههن.
وفي الأطلس المتوسط، تقدم رقصة "أحيدوس" في شكل صفوف تتقارب وتتباعد تقابلا أو توازيا، يديرها قائد يسمى المعلم أو الرايس.
ومن الرقصات التراثية المغربية التي تغوص في عمق الرقص التعبيري، نجد رقصة ذات أصول صحراوية معروفة جنوب المغرب تسمى "الكدرة"، تؤديها النساء، وتعتمد على حركات الأيدي والأنامل.
وكذلك رقصة "الركادة" التي تعتبر من أبرز معالم التراث الفني في المغرب الشمال الشرقي، وتحديدا بوجدة، وهي رقصة فنية خاصة بالرجال، تعتمد على الرشاقة في الحركة وسرعة التنسيق، في حين تنتشر الرقصات الجبلية في شمال غرب المغرب وتكون مرفقة بموسيقى الطقطوقة الجبلية، أما مناطق الوسط فتمتاز بـ"الهيت" ورقصات "عبيدات الرمى".
ويجزم نسيم الحداد أن الحفاظ على موروث الرقصات التراثية المغربية ضرورة ملحة لا تكتمل إلا بالدراسة الأكاديمية، وبالتفات المعنيين إليه كإحدى ركائز الثقافة المغربية.
المصدر : الجزيرة
aj-logo
aj-logo
aj-logo
إعلان
تابع الجزيرة نت على:
شعار شبكة الجزيرة الإعلامية
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية | article | Arabic | ar | ناهضت الاستبداد واحتفت بالنصر.. ما لا تقوله الكلمات وتعبر عنه ... | https://www.aljazeera.net/arts/2020/7/13/%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%81%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D8%B1%D9%82%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB%D9%8A%D8%A9 |
3,303 | أما أغيات" أو "العواد" -بحسب العيوض- فهي رقصة حربية، لباسها مختلف، وتمتاز بوجود الناي والناقوس الذي يصدر صوتا حادا يضبط الإيقاع، ويديرها قائد أيضا يسمى "الحراب". | paragraph | أظهر القائمة الرئيسية
Navigation menu
اضغط هنا للبحثsearch
# ناهضت الاستبداد واحتفت بالنصر.. ما لا تقوله الكلمات وتعبر عنه الرقصات التراثية المغربية
رقصات الشعبية رقصة أحواش
تحمل الرقصات التراثية بالمغرب رسائل عن النصر واستعراض القوة (الجزيرة)
13/7/2020
يزخر الفن التقليدي الشعبي في المغرب بمخزون من الألوان الغنائية والتعبيرية لتعدد روافده الثقافية وتنوعها. وتعتبر الرقصات التراثية لونا من الألوان الفنية التي حافظت على خصوصيتها وتدافعت من أجل البقاء.
تاسكوين، كناوة، ركادة، أحيدوس، أحواش، الكدرة وغيرها من الرقصات الشعبية المتوارثة التي اعتمدت على إيقاعات ذات دلالة، عبّرت بها التجمعات المحلية عن واقعها، وعكست من خلالها اهتماماتها وحاجاتها.
وتعتبر الرقصات التراثية في المغرب خزانا تلقائيا لثقافة السكان المحليين، وذخيرة للرقص التعبيري الذي يجعل من حركات الجسد طاقة تعبيرية يغني مدلولها البصري عن الكلمات، وهي اليوم تشكل مشتَلا لخصائص هذه التجمعات وتعكس عراقتها وأصالتها.
## تنوع و امتداد
تحمل الرقصات التراثية في المغرب رسائل وإيحاءات متنوعة، منها الذي يعبر عن النصر واستعراض القوة في الرقصات ذات الأصل العسكري، ومنها التي طالبت بالتحرر وناهضت الاستبداد، ورقصات احتفت بالوفرة والخصب، بينما كرست بعض الرقصات ثقافة البوح وكسرت المسكوت عنه في المجتمعات المحافظة بشكل مرمز.
يقول الفنان والباحث في التراث الشعبي نسيم حداد إن الرقص التراثي بالمغرب واحد من أقدم اللغات التعبيرية، وإن الرقصات التراثية يصعب جردها، إذ يفوق عددها 50 رقصة ترتبط كل واحدة منها بنمط غنائي تراثي معين.
ويوضح نسيم حداد -في حديث مع الجزيرة نت- أن الرقصات التراثية تتميز بخصائص تجعلها منفردة، وتتوزع بحسب جغرافية قبلية، وجل الرقصات التراثية المغربية أمازيغية في الأصل.
رقصات مغربية تراثيةحافظت الرقصات التراثية على خصوصياتها المجالية والثقافية عبر الأجيال(الجزيرة)
## أشكال تعبيرية أصيلة
حافظت الرقصات التراثية على خصوصياتها المجالية والثقافية عبر توريث نمط أدائها من جيل لآخر، وعبر حرصها على اللون الأصيل لها وتأديتها بملابس محلية تعكس البعد الهوياتي والثقافي لكل رقصة ولكل منطقة.
ويعتبر الباحث في التراث الأمازيغي خالد العيوض أن الرقصات التراثية المغربية عبارة عن أشكال تعبيرية يصعب اختزالها في تعبير رقص معزول.
وعن السياق الإنثروبولوجي للرقصات التراثية التعبيرية، يقول العيوض إنها "ولدت في رحم البادية، وترتبط بطقوس وبحياة اجتماعية، ويجب النظر إليها من خلال المحيط العام الذي أنتجها".
ويرى العيوض أن بعض هذه الأشكال التعبيرية التراثية ترتبط بالموسم الفلاحي، وتنظم احتفاءً بنهايته، وتأخذ شكلا احتفاليا جماعيا تحضره جميع مكونات المجتمع المحلي.
ويضيف المتحدث ذاته للجزيرة نت أن "الرقصات التراثية مرتبطة بأشكال التضامن في وسط يقدس العمل الجماعي وينغمس فيه".
من جانبه، يعتقد نسيم حداد أن الرقص التراثي المغربي يرتبط بالأساس بالأعراف والتقاليد، ولا يخرج عن سياق الفكر المحافظ، ويشير في السياق ذاته إلى أن جلّ الرقصات التراثية الأصيلة لا تخرج عن اللغة التعبيرية.
ويخلص نسيم إلى كون الرقص التراثي خزانا وقاعدة أساسية لأساليب كوريغرافية (فن حركة الجسد)، يمكن أن تُطور إلى أسلوب تعبيري حديث خاص قاعدته الرقصات التراثية الشعبية.
فرق شابة تحافظ على الموروث الفني المغربيفرق شابة تحافظ على الموروث الفني المغربي (الجزيرة)
## تراث إنساني
وتمثل الرقصات الشعبية قيمة ثقافية بالنظر إلى عراقتها وتنوع تعبيراتها، وتشكل جزءا من الهوية ومن التراث المغربي غير المادي، ومنها رقصات أدرجت في قائمة التراث الثقافي الإنساني لدى الأمم المتحدة.
ومن الرقصات التراثية المغربية التي صنفت تراثا ثقافيا إنسانيا رقصة "تاسكيوين" ومفردها "تاسكاوت" وتعني القرن الصغير، وتعرفها الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بأنها رقصة عسكريّة مشهورة في جبال الأطلس الكبير، اكتسبت اسمها من القرون الصغيرة التي يربطها الراقصون على أكتافهم، وتتميز بهز الأكتاف على إيقاع الدفوف والمزامير.
وينبه موقع التراث الثقافي غير المادي للأمم المتحدة إلى أن "هذه الرقصة مهدّدة من قبل عدّة عوامل، مثل العولمة وزيادة نفور الشباب من الممارسات التراثية التقليديّة".
وبالإضافة إلى التاسكيوين، انضمت رقصة "كناوة" إلى قائمة التراث الإنساني العالمي، وهي من الرقصات والتعبيرات التي دخلت المغرب نهاية القرن 16 الميلادي من أفريقيا جنوب الصحراء.
وتجمع موسيقى ورقصة كناوة -بحسب نص التصنيف في قائمة التراث الإنساني العالمي- بين نداء الحرية الذي حفز الأفارقة على الرقص والغناء والجهر بالكرامة، وبين العمق الصوفي والروحاني الذي يضمن للأعمال الفنية الموسيقية إحساسها الأصيل وسموها المحلق.
## لكل منطقة رقصاتها الخاصة
وتختلف الاحتفالات بين المناطق الجبلية والسهلية، وبين الشمال والجنوب والوسط والشرق والغرب، لكل منطقة رقصة تراثية تعبيرية ترتبط بنمط موسيقي وتحتفظ بمميزات خاصة من لباس وآلات مستعملة وإيقاع.
في منطقة الأطلس الكبير، حدثنا خالد العيوض عن أنماط سائدة منها تاسكيوين التي تعتمد على القوة البدنية وتمتاز بالقرن الأحمر الذي كان يحمل بالبارود قديما، ورقصة أجماك التي تحترم لباسا موحدا يتكون من البلغة والرزة والجلابة، وفي التزيين يحمل المشارك خنجرا يكون فضيا في الغالب ومربوطا بخيوط الحرير، و تقام بأعداد كثيرة، وتعتمد على حركات بسيطة واللعب باليدين وفق إيقاع معين، ويدير الرقصة قائد، وتمتاز بحضور شاعرين يبدعان في شعر اللحظة (الارتجال).
رقصة كناوة من الموروثات الفنية المغربيةرقصة كناوة من الموروثات الفنية المغربية (الجزيرة)
أما أغيات" أو "العواد" -بحسب العيوض- فهي رقصة حربية، لباسها مختلف، وتمتاز بوجود الناي والناقوس الذي يصدر صوتا حادا يضبط الإيقاع، ويديرها قائد أيضا يسمى "الحراب".
أغلبية الرقصات يؤديها الرجال، ويوجد في الأطلس الصغير نمط آخر من أحواش تؤديه النساء اللواتي ينتظمن في صف يغطى بغطاء جماعي لا يظهر وجوههن.
وفي الأطلس المتوسط، تقدم رقصة "أحيدوس" في شكل صفوف تتقارب وتتباعد تقابلا أو توازيا، يديرها قائد يسمى المعلم أو الرايس.
ومن الرقصات التراثية المغربية التي تغوص في عمق الرقص التعبيري، نجد رقصة ذات أصول صحراوية معروفة جنوب المغرب تسمى "الكدرة"، تؤديها النساء، وتعتمد على حركات الأيدي والأنامل.
وكذلك رقصة "الركادة" التي تعتبر من أبرز معالم التراث الفني في المغرب الشمال الشرقي، وتحديدا بوجدة، وهي رقصة فنية خاصة بالرجال، تعتمد على الرشاقة في الحركة وسرعة التنسيق، في حين تنتشر الرقصات الجبلية في شمال غرب المغرب وتكون مرفقة بموسيقى الطقطوقة الجبلية، أما مناطق الوسط فتمتاز بـ"الهيت" ورقصات "عبيدات الرمى".
ويجزم نسيم الحداد أن الحفاظ على موروث الرقصات التراثية المغربية ضرورة ملحة لا تكتمل إلا بالدراسة الأكاديمية، وبالتفات المعنيين إليه كإحدى ركائز الثقافة المغربية.
المصدر : الجزيرة
aj-logo
aj-logo
aj-logo
إعلان
تابع الجزيرة نت على:
شعار شبكة الجزيرة الإعلامية
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية | article | Arabic | ar | ناهضت الاستبداد واحتفت بالنصر.. ما لا تقوله الكلمات وتعبر عنه ... | https://www.aljazeera.net/arts/2020/7/13/%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%81%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D8%B1%D9%82%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB%D9%8A%D8%A9 |
3,304 | ومن الرقصات التراثية المغربية التي تغوص في عمق الرقص التعبيري، نجد رقصة ذات أصول صحراوية معروفة جنوب المغرب تسمى "الكدرة"، تؤديها النساء، وتعتمد على حركات الأيدي والأنامل. | paragraph | أظهر القائمة الرئيسية
Navigation menu
اضغط هنا للبحثsearch
# ناهضت الاستبداد واحتفت بالنصر.. ما لا تقوله الكلمات وتعبر عنه الرقصات التراثية المغربية
رقصات الشعبية رقصة أحواش
تحمل الرقصات التراثية بالمغرب رسائل عن النصر واستعراض القوة (الجزيرة)
13/7/2020
يزخر الفن التقليدي الشعبي في المغرب بمخزون من الألوان الغنائية والتعبيرية لتعدد روافده الثقافية وتنوعها. وتعتبر الرقصات التراثية لونا من الألوان الفنية التي حافظت على خصوصيتها وتدافعت من أجل البقاء.
تاسكوين، كناوة، ركادة، أحيدوس، أحواش، الكدرة وغيرها من الرقصات الشعبية المتوارثة التي اعتمدت على إيقاعات ذات دلالة، عبّرت بها التجمعات المحلية عن واقعها، وعكست من خلالها اهتماماتها وحاجاتها.
وتعتبر الرقصات التراثية في المغرب خزانا تلقائيا لثقافة السكان المحليين، وذخيرة للرقص التعبيري الذي يجعل من حركات الجسد طاقة تعبيرية يغني مدلولها البصري عن الكلمات، وهي اليوم تشكل مشتَلا لخصائص هذه التجمعات وتعكس عراقتها وأصالتها.
## تنوع و امتداد
تحمل الرقصات التراثية في المغرب رسائل وإيحاءات متنوعة، منها الذي يعبر عن النصر واستعراض القوة في الرقصات ذات الأصل العسكري، ومنها التي طالبت بالتحرر وناهضت الاستبداد، ورقصات احتفت بالوفرة والخصب، بينما كرست بعض الرقصات ثقافة البوح وكسرت المسكوت عنه في المجتمعات المحافظة بشكل مرمز.
يقول الفنان والباحث في التراث الشعبي نسيم حداد إن الرقص التراثي بالمغرب واحد من أقدم اللغات التعبيرية، وإن الرقصات التراثية يصعب جردها، إذ يفوق عددها 50 رقصة ترتبط كل واحدة منها بنمط غنائي تراثي معين.
ويوضح نسيم حداد -في حديث مع الجزيرة نت- أن الرقصات التراثية تتميز بخصائص تجعلها منفردة، وتتوزع بحسب جغرافية قبلية، وجل الرقصات التراثية المغربية أمازيغية في الأصل.
رقصات مغربية تراثيةحافظت الرقصات التراثية على خصوصياتها المجالية والثقافية عبر الأجيال(الجزيرة)
## أشكال تعبيرية أصيلة
حافظت الرقصات التراثية على خصوصياتها المجالية والثقافية عبر توريث نمط أدائها من جيل لآخر، وعبر حرصها على اللون الأصيل لها وتأديتها بملابس محلية تعكس البعد الهوياتي والثقافي لكل رقصة ولكل منطقة.
ويعتبر الباحث في التراث الأمازيغي خالد العيوض أن الرقصات التراثية المغربية عبارة عن أشكال تعبيرية يصعب اختزالها في تعبير رقص معزول.
وعن السياق الإنثروبولوجي للرقصات التراثية التعبيرية، يقول العيوض إنها "ولدت في رحم البادية، وترتبط بطقوس وبحياة اجتماعية، ويجب النظر إليها من خلال المحيط العام الذي أنتجها".
ويرى العيوض أن بعض هذه الأشكال التعبيرية التراثية ترتبط بالموسم الفلاحي، وتنظم احتفاءً بنهايته، وتأخذ شكلا احتفاليا جماعيا تحضره جميع مكونات المجتمع المحلي.
ويضيف المتحدث ذاته للجزيرة نت أن "الرقصات التراثية مرتبطة بأشكال التضامن في وسط يقدس العمل الجماعي وينغمس فيه".
من جانبه، يعتقد نسيم حداد أن الرقص التراثي المغربي يرتبط بالأساس بالأعراف والتقاليد، ولا يخرج عن سياق الفكر المحافظ، ويشير في السياق ذاته إلى أن جلّ الرقصات التراثية الأصيلة لا تخرج عن اللغة التعبيرية.
ويخلص نسيم إلى كون الرقص التراثي خزانا وقاعدة أساسية لأساليب كوريغرافية (فن حركة الجسد)، يمكن أن تُطور إلى أسلوب تعبيري حديث خاص قاعدته الرقصات التراثية الشعبية.
فرق شابة تحافظ على الموروث الفني المغربيفرق شابة تحافظ على الموروث الفني المغربي (الجزيرة)
## تراث إنساني
وتمثل الرقصات الشعبية قيمة ثقافية بالنظر إلى عراقتها وتنوع تعبيراتها، وتشكل جزءا من الهوية ومن التراث المغربي غير المادي، ومنها رقصات أدرجت في قائمة التراث الثقافي الإنساني لدى الأمم المتحدة.
ومن الرقصات التراثية المغربية التي صنفت تراثا ثقافيا إنسانيا رقصة "تاسكيوين" ومفردها "تاسكاوت" وتعني القرن الصغير، وتعرفها الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بأنها رقصة عسكريّة مشهورة في جبال الأطلس الكبير، اكتسبت اسمها من القرون الصغيرة التي يربطها الراقصون على أكتافهم، وتتميز بهز الأكتاف على إيقاع الدفوف والمزامير.
وينبه موقع التراث الثقافي غير المادي للأمم المتحدة إلى أن "هذه الرقصة مهدّدة من قبل عدّة عوامل، مثل العولمة وزيادة نفور الشباب من الممارسات التراثية التقليديّة".
وبالإضافة إلى التاسكيوين، انضمت رقصة "كناوة" إلى قائمة التراث الإنساني العالمي، وهي من الرقصات والتعبيرات التي دخلت المغرب نهاية القرن 16 الميلادي من أفريقيا جنوب الصحراء.
وتجمع موسيقى ورقصة كناوة -بحسب نص التصنيف في قائمة التراث الإنساني العالمي- بين نداء الحرية الذي حفز الأفارقة على الرقص والغناء والجهر بالكرامة، وبين العمق الصوفي والروحاني الذي يضمن للأعمال الفنية الموسيقية إحساسها الأصيل وسموها المحلق.
## لكل منطقة رقصاتها الخاصة
وتختلف الاحتفالات بين المناطق الجبلية والسهلية، وبين الشمال والجنوب والوسط والشرق والغرب، لكل منطقة رقصة تراثية تعبيرية ترتبط بنمط موسيقي وتحتفظ بمميزات خاصة من لباس وآلات مستعملة وإيقاع.
في منطقة الأطلس الكبير، حدثنا خالد العيوض عن أنماط سائدة منها تاسكيوين التي تعتمد على القوة البدنية وتمتاز بالقرن الأحمر الذي كان يحمل بالبارود قديما، ورقصة أجماك التي تحترم لباسا موحدا يتكون من البلغة والرزة والجلابة، وفي التزيين يحمل المشارك خنجرا يكون فضيا في الغالب ومربوطا بخيوط الحرير، و تقام بأعداد كثيرة، وتعتمد على حركات بسيطة واللعب باليدين وفق إيقاع معين، ويدير الرقصة قائد، وتمتاز بحضور شاعرين يبدعان في شعر اللحظة (الارتجال).
رقصة كناوة من الموروثات الفنية المغربيةرقصة كناوة من الموروثات الفنية المغربية (الجزيرة)
أما أغيات" أو "العواد" -بحسب العيوض- فهي رقصة حربية، لباسها مختلف، وتمتاز بوجود الناي والناقوس الذي يصدر صوتا حادا يضبط الإيقاع، ويديرها قائد أيضا يسمى "الحراب".
أغلبية الرقصات يؤديها الرجال، ويوجد في الأطلس الصغير نمط آخر من أحواش تؤديه النساء اللواتي ينتظمن في صف يغطى بغطاء جماعي لا يظهر وجوههن.
وفي الأطلس المتوسط، تقدم رقصة "أحيدوس" في شكل صفوف تتقارب وتتباعد تقابلا أو توازيا، يديرها قائد يسمى المعلم أو الرايس.
ومن الرقصات التراثية المغربية التي تغوص في عمق الرقص التعبيري، نجد رقصة ذات أصول صحراوية معروفة جنوب المغرب تسمى "الكدرة"، تؤديها النساء، وتعتمد على حركات الأيدي والأنامل.
وكذلك رقصة "الركادة" التي تعتبر من أبرز معالم التراث الفني في المغرب الشمال الشرقي، وتحديدا بوجدة، وهي رقصة فنية خاصة بالرجال، تعتمد على الرشاقة في الحركة وسرعة التنسيق، في حين تنتشر الرقصات الجبلية في شمال غرب المغرب وتكون مرفقة بموسيقى الطقطوقة الجبلية، أما مناطق الوسط فتمتاز بـ"الهيت" ورقصات "عبيدات الرمى".
ويجزم نسيم الحداد أن الحفاظ على موروث الرقصات التراثية المغربية ضرورة ملحة لا تكتمل إلا بالدراسة الأكاديمية، وبالتفات المعنيين إليه كإحدى ركائز الثقافة المغربية.
المصدر : الجزيرة
aj-logo
aj-logo
aj-logo
إعلان
تابع الجزيرة نت على:
شعار شبكة الجزيرة الإعلامية
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية | article | Arabic | ar | ناهضت الاستبداد واحتفت بالنصر.. ما لا تقوله الكلمات وتعبر عنه ... | https://www.aljazeera.net/arts/2020/7/13/%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%81%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D8%B1%D9%82%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB%D9%8A%D8%A9 |
3,305 | وكذلك رقصة "الركادة" التي تعتبر من أبرز معالم التراث الفني في المغرب الشمال الشرقي، وتحديدا بوجدة، وهي رقصة فنية خاصة بالرجال، تعتمد على الرشاقة في الحركة وسرعة التنسيق، في حين تنتشر الرقصات الجبلية في شمال غرب المغرب وتكون مرفقة بموسيقى الطقطوقة الجبلية، أما مناطق الوسط فتمتاز بـ"الهيت" ورقصات "عبيدات الرمى". | paragraph | أظهر القائمة الرئيسية
Navigation menu
اضغط هنا للبحثsearch
# ناهضت الاستبداد واحتفت بالنصر.. ما لا تقوله الكلمات وتعبر عنه الرقصات التراثية المغربية
رقصات الشعبية رقصة أحواش
تحمل الرقصات التراثية بالمغرب رسائل عن النصر واستعراض القوة (الجزيرة)
13/7/2020
يزخر الفن التقليدي الشعبي في المغرب بمخزون من الألوان الغنائية والتعبيرية لتعدد روافده الثقافية وتنوعها. وتعتبر الرقصات التراثية لونا من الألوان الفنية التي حافظت على خصوصيتها وتدافعت من أجل البقاء.
تاسكوين، كناوة، ركادة، أحيدوس، أحواش، الكدرة وغيرها من الرقصات الشعبية المتوارثة التي اعتمدت على إيقاعات ذات دلالة، عبّرت بها التجمعات المحلية عن واقعها، وعكست من خلالها اهتماماتها وحاجاتها.
وتعتبر الرقصات التراثية في المغرب خزانا تلقائيا لثقافة السكان المحليين، وذخيرة للرقص التعبيري الذي يجعل من حركات الجسد طاقة تعبيرية يغني مدلولها البصري عن الكلمات، وهي اليوم تشكل مشتَلا لخصائص هذه التجمعات وتعكس عراقتها وأصالتها.
## تنوع و امتداد
تحمل الرقصات التراثية في المغرب رسائل وإيحاءات متنوعة، منها الذي يعبر عن النصر واستعراض القوة في الرقصات ذات الأصل العسكري، ومنها التي طالبت بالتحرر وناهضت الاستبداد، ورقصات احتفت بالوفرة والخصب، بينما كرست بعض الرقصات ثقافة البوح وكسرت المسكوت عنه في المجتمعات المحافظة بشكل مرمز.
يقول الفنان والباحث في التراث الشعبي نسيم حداد إن الرقص التراثي بالمغرب واحد من أقدم اللغات التعبيرية، وإن الرقصات التراثية يصعب جردها، إذ يفوق عددها 50 رقصة ترتبط كل واحدة منها بنمط غنائي تراثي معين.
ويوضح نسيم حداد -في حديث مع الجزيرة نت- أن الرقصات التراثية تتميز بخصائص تجعلها منفردة، وتتوزع بحسب جغرافية قبلية، وجل الرقصات التراثية المغربية أمازيغية في الأصل.
رقصات مغربية تراثيةحافظت الرقصات التراثية على خصوصياتها المجالية والثقافية عبر الأجيال(الجزيرة)
## أشكال تعبيرية أصيلة
حافظت الرقصات التراثية على خصوصياتها المجالية والثقافية عبر توريث نمط أدائها من جيل لآخر، وعبر حرصها على اللون الأصيل لها وتأديتها بملابس محلية تعكس البعد الهوياتي والثقافي لكل رقصة ولكل منطقة.
ويعتبر الباحث في التراث الأمازيغي خالد العيوض أن الرقصات التراثية المغربية عبارة عن أشكال تعبيرية يصعب اختزالها في تعبير رقص معزول.
وعن السياق الإنثروبولوجي للرقصات التراثية التعبيرية، يقول العيوض إنها "ولدت في رحم البادية، وترتبط بطقوس وبحياة اجتماعية، ويجب النظر إليها من خلال المحيط العام الذي أنتجها".
ويرى العيوض أن بعض هذه الأشكال التعبيرية التراثية ترتبط بالموسم الفلاحي، وتنظم احتفاءً بنهايته، وتأخذ شكلا احتفاليا جماعيا تحضره جميع مكونات المجتمع المحلي.
ويضيف المتحدث ذاته للجزيرة نت أن "الرقصات التراثية مرتبطة بأشكال التضامن في وسط يقدس العمل الجماعي وينغمس فيه".
من جانبه، يعتقد نسيم حداد أن الرقص التراثي المغربي يرتبط بالأساس بالأعراف والتقاليد، ولا يخرج عن سياق الفكر المحافظ، ويشير في السياق ذاته إلى أن جلّ الرقصات التراثية الأصيلة لا تخرج عن اللغة التعبيرية.
ويخلص نسيم إلى كون الرقص التراثي خزانا وقاعدة أساسية لأساليب كوريغرافية (فن حركة الجسد)، يمكن أن تُطور إلى أسلوب تعبيري حديث خاص قاعدته الرقصات التراثية الشعبية.
فرق شابة تحافظ على الموروث الفني المغربيفرق شابة تحافظ على الموروث الفني المغربي (الجزيرة)
## تراث إنساني
وتمثل الرقصات الشعبية قيمة ثقافية بالنظر إلى عراقتها وتنوع تعبيراتها، وتشكل جزءا من الهوية ومن التراث المغربي غير المادي، ومنها رقصات أدرجت في قائمة التراث الثقافي الإنساني لدى الأمم المتحدة.
ومن الرقصات التراثية المغربية التي صنفت تراثا ثقافيا إنسانيا رقصة "تاسكيوين" ومفردها "تاسكاوت" وتعني القرن الصغير، وتعرفها الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بأنها رقصة عسكريّة مشهورة في جبال الأطلس الكبير، اكتسبت اسمها من القرون الصغيرة التي يربطها الراقصون على أكتافهم، وتتميز بهز الأكتاف على إيقاع الدفوف والمزامير.
وينبه موقع التراث الثقافي غير المادي للأمم المتحدة إلى أن "هذه الرقصة مهدّدة من قبل عدّة عوامل، مثل العولمة وزيادة نفور الشباب من الممارسات التراثية التقليديّة".
وبالإضافة إلى التاسكيوين، انضمت رقصة "كناوة" إلى قائمة التراث الإنساني العالمي، وهي من الرقصات والتعبيرات التي دخلت المغرب نهاية القرن 16 الميلادي من أفريقيا جنوب الصحراء.
وتجمع موسيقى ورقصة كناوة -بحسب نص التصنيف في قائمة التراث الإنساني العالمي- بين نداء الحرية الذي حفز الأفارقة على الرقص والغناء والجهر بالكرامة، وبين العمق الصوفي والروحاني الذي يضمن للأعمال الفنية الموسيقية إحساسها الأصيل وسموها المحلق.
## لكل منطقة رقصاتها الخاصة
وتختلف الاحتفالات بين المناطق الجبلية والسهلية، وبين الشمال والجنوب والوسط والشرق والغرب، لكل منطقة رقصة تراثية تعبيرية ترتبط بنمط موسيقي وتحتفظ بمميزات خاصة من لباس وآلات مستعملة وإيقاع.
في منطقة الأطلس الكبير، حدثنا خالد العيوض عن أنماط سائدة منها تاسكيوين التي تعتمد على القوة البدنية وتمتاز بالقرن الأحمر الذي كان يحمل بالبارود قديما، ورقصة أجماك التي تحترم لباسا موحدا يتكون من البلغة والرزة والجلابة، وفي التزيين يحمل المشارك خنجرا يكون فضيا في الغالب ومربوطا بخيوط الحرير، و تقام بأعداد كثيرة، وتعتمد على حركات بسيطة واللعب باليدين وفق إيقاع معين، ويدير الرقصة قائد، وتمتاز بحضور شاعرين يبدعان في شعر اللحظة (الارتجال).
رقصة كناوة من الموروثات الفنية المغربيةرقصة كناوة من الموروثات الفنية المغربية (الجزيرة)
أما أغيات" أو "العواد" -بحسب العيوض- فهي رقصة حربية، لباسها مختلف، وتمتاز بوجود الناي والناقوس الذي يصدر صوتا حادا يضبط الإيقاع، ويديرها قائد أيضا يسمى "الحراب".
أغلبية الرقصات يؤديها الرجال، ويوجد في الأطلس الصغير نمط آخر من أحواش تؤديه النساء اللواتي ينتظمن في صف يغطى بغطاء جماعي لا يظهر وجوههن.
وفي الأطلس المتوسط، تقدم رقصة "أحيدوس" في شكل صفوف تتقارب وتتباعد تقابلا أو توازيا، يديرها قائد يسمى المعلم أو الرايس.
ومن الرقصات التراثية المغربية التي تغوص في عمق الرقص التعبيري، نجد رقصة ذات أصول صحراوية معروفة جنوب المغرب تسمى "الكدرة"، تؤديها النساء، وتعتمد على حركات الأيدي والأنامل.
وكذلك رقصة "الركادة" التي تعتبر من أبرز معالم التراث الفني في المغرب الشمال الشرقي، وتحديدا بوجدة، وهي رقصة فنية خاصة بالرجال، تعتمد على الرشاقة في الحركة وسرعة التنسيق، في حين تنتشر الرقصات الجبلية في شمال غرب المغرب وتكون مرفقة بموسيقى الطقطوقة الجبلية، أما مناطق الوسط فتمتاز بـ"الهيت" ورقصات "عبيدات الرمى".
ويجزم نسيم الحداد أن الحفاظ على موروث الرقصات التراثية المغربية ضرورة ملحة لا تكتمل إلا بالدراسة الأكاديمية، وبالتفات المعنيين إليه كإحدى ركائز الثقافة المغربية.
المصدر : الجزيرة
aj-logo
aj-logo
aj-logo
إعلان
تابع الجزيرة نت على:
شعار شبكة الجزيرة الإعلامية
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية | article | Arabic | ar | ناهضت الاستبداد واحتفت بالنصر.. ما لا تقوله الكلمات وتعبر عنه ... | https://www.aljazeera.net/arts/2020/7/13/%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%81%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D8%B1%D9%82%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB%D9%8A%D8%A9 |
3,306 | ويجزم نسيم الحداد أن الحفاظ على موروث الرقصات التراثية المغربية ضرورة ملحة لا تكتمل إلا بالدراسة الأكاديمية، وبالتفات المعنيين إليه كإحدى ركائز الثقافة المغربية. | paragraph | أظهر القائمة الرئيسية
Navigation menu
اضغط هنا للبحثsearch
# ناهضت الاستبداد واحتفت بالنصر.. ما لا تقوله الكلمات وتعبر عنه الرقصات التراثية المغربية
رقصات الشعبية رقصة أحواش
تحمل الرقصات التراثية بالمغرب رسائل عن النصر واستعراض القوة (الجزيرة)
13/7/2020
يزخر الفن التقليدي الشعبي في المغرب بمخزون من الألوان الغنائية والتعبيرية لتعدد روافده الثقافية وتنوعها. وتعتبر الرقصات التراثية لونا من الألوان الفنية التي حافظت على خصوصيتها وتدافعت من أجل البقاء.
تاسكوين، كناوة، ركادة، أحيدوس، أحواش، الكدرة وغيرها من الرقصات الشعبية المتوارثة التي اعتمدت على إيقاعات ذات دلالة، عبّرت بها التجمعات المحلية عن واقعها، وعكست من خلالها اهتماماتها وحاجاتها.
وتعتبر الرقصات التراثية في المغرب خزانا تلقائيا لثقافة السكان المحليين، وذخيرة للرقص التعبيري الذي يجعل من حركات الجسد طاقة تعبيرية يغني مدلولها البصري عن الكلمات، وهي اليوم تشكل مشتَلا لخصائص هذه التجمعات وتعكس عراقتها وأصالتها.
## تنوع و امتداد
تحمل الرقصات التراثية في المغرب رسائل وإيحاءات متنوعة، منها الذي يعبر عن النصر واستعراض القوة في الرقصات ذات الأصل العسكري، ومنها التي طالبت بالتحرر وناهضت الاستبداد، ورقصات احتفت بالوفرة والخصب، بينما كرست بعض الرقصات ثقافة البوح وكسرت المسكوت عنه في المجتمعات المحافظة بشكل مرمز.
يقول الفنان والباحث في التراث الشعبي نسيم حداد إن الرقص التراثي بالمغرب واحد من أقدم اللغات التعبيرية، وإن الرقصات التراثية يصعب جردها، إذ يفوق عددها 50 رقصة ترتبط كل واحدة منها بنمط غنائي تراثي معين.
ويوضح نسيم حداد -في حديث مع الجزيرة نت- أن الرقصات التراثية تتميز بخصائص تجعلها منفردة، وتتوزع بحسب جغرافية قبلية، وجل الرقصات التراثية المغربية أمازيغية في الأصل.
رقصات مغربية تراثيةحافظت الرقصات التراثية على خصوصياتها المجالية والثقافية عبر الأجيال(الجزيرة)
## أشكال تعبيرية أصيلة
حافظت الرقصات التراثية على خصوصياتها المجالية والثقافية عبر توريث نمط أدائها من جيل لآخر، وعبر حرصها على اللون الأصيل لها وتأديتها بملابس محلية تعكس البعد الهوياتي والثقافي لكل رقصة ولكل منطقة.
ويعتبر الباحث في التراث الأمازيغي خالد العيوض أن الرقصات التراثية المغربية عبارة عن أشكال تعبيرية يصعب اختزالها في تعبير رقص معزول.
وعن السياق الإنثروبولوجي للرقصات التراثية التعبيرية، يقول العيوض إنها "ولدت في رحم البادية، وترتبط بطقوس وبحياة اجتماعية، ويجب النظر إليها من خلال المحيط العام الذي أنتجها".
ويرى العيوض أن بعض هذه الأشكال التعبيرية التراثية ترتبط بالموسم الفلاحي، وتنظم احتفاءً بنهايته، وتأخذ شكلا احتفاليا جماعيا تحضره جميع مكونات المجتمع المحلي.
ويضيف المتحدث ذاته للجزيرة نت أن "الرقصات التراثية مرتبطة بأشكال التضامن في وسط يقدس العمل الجماعي وينغمس فيه".
من جانبه، يعتقد نسيم حداد أن الرقص التراثي المغربي يرتبط بالأساس بالأعراف والتقاليد، ولا يخرج عن سياق الفكر المحافظ، ويشير في السياق ذاته إلى أن جلّ الرقصات التراثية الأصيلة لا تخرج عن اللغة التعبيرية.
ويخلص نسيم إلى كون الرقص التراثي خزانا وقاعدة أساسية لأساليب كوريغرافية (فن حركة الجسد)، يمكن أن تُطور إلى أسلوب تعبيري حديث خاص قاعدته الرقصات التراثية الشعبية.
فرق شابة تحافظ على الموروث الفني المغربيفرق شابة تحافظ على الموروث الفني المغربي (الجزيرة)
## تراث إنساني
وتمثل الرقصات الشعبية قيمة ثقافية بالنظر إلى عراقتها وتنوع تعبيراتها، وتشكل جزءا من الهوية ومن التراث المغربي غير المادي، ومنها رقصات أدرجت في قائمة التراث الثقافي الإنساني لدى الأمم المتحدة.
ومن الرقصات التراثية المغربية التي صنفت تراثا ثقافيا إنسانيا رقصة "تاسكيوين" ومفردها "تاسكاوت" وتعني القرن الصغير، وتعرفها الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بأنها رقصة عسكريّة مشهورة في جبال الأطلس الكبير، اكتسبت اسمها من القرون الصغيرة التي يربطها الراقصون على أكتافهم، وتتميز بهز الأكتاف على إيقاع الدفوف والمزامير.
وينبه موقع التراث الثقافي غير المادي للأمم المتحدة إلى أن "هذه الرقصة مهدّدة من قبل عدّة عوامل، مثل العولمة وزيادة نفور الشباب من الممارسات التراثية التقليديّة".
وبالإضافة إلى التاسكيوين، انضمت رقصة "كناوة" إلى قائمة التراث الإنساني العالمي، وهي من الرقصات والتعبيرات التي دخلت المغرب نهاية القرن 16 الميلادي من أفريقيا جنوب الصحراء.
وتجمع موسيقى ورقصة كناوة -بحسب نص التصنيف في قائمة التراث الإنساني العالمي- بين نداء الحرية الذي حفز الأفارقة على الرقص والغناء والجهر بالكرامة، وبين العمق الصوفي والروحاني الذي يضمن للأعمال الفنية الموسيقية إحساسها الأصيل وسموها المحلق.
## لكل منطقة رقصاتها الخاصة
وتختلف الاحتفالات بين المناطق الجبلية والسهلية، وبين الشمال والجنوب والوسط والشرق والغرب، لكل منطقة رقصة تراثية تعبيرية ترتبط بنمط موسيقي وتحتفظ بمميزات خاصة من لباس وآلات مستعملة وإيقاع.
في منطقة الأطلس الكبير، حدثنا خالد العيوض عن أنماط سائدة منها تاسكيوين التي تعتمد على القوة البدنية وتمتاز بالقرن الأحمر الذي كان يحمل بالبارود قديما، ورقصة أجماك التي تحترم لباسا موحدا يتكون من البلغة والرزة والجلابة، وفي التزيين يحمل المشارك خنجرا يكون فضيا في الغالب ومربوطا بخيوط الحرير، و تقام بأعداد كثيرة، وتعتمد على حركات بسيطة واللعب باليدين وفق إيقاع معين، ويدير الرقصة قائد، وتمتاز بحضور شاعرين يبدعان في شعر اللحظة (الارتجال).
رقصة كناوة من الموروثات الفنية المغربيةرقصة كناوة من الموروثات الفنية المغربية (الجزيرة)
أما أغيات" أو "العواد" -بحسب العيوض- فهي رقصة حربية، لباسها مختلف، وتمتاز بوجود الناي والناقوس الذي يصدر صوتا حادا يضبط الإيقاع، ويديرها قائد أيضا يسمى "الحراب".
أغلبية الرقصات يؤديها الرجال، ويوجد في الأطلس الصغير نمط آخر من أحواش تؤديه النساء اللواتي ينتظمن في صف يغطى بغطاء جماعي لا يظهر وجوههن.
وفي الأطلس المتوسط، تقدم رقصة "أحيدوس" في شكل صفوف تتقارب وتتباعد تقابلا أو توازيا، يديرها قائد يسمى المعلم أو الرايس.
ومن الرقصات التراثية المغربية التي تغوص في عمق الرقص التعبيري، نجد رقصة ذات أصول صحراوية معروفة جنوب المغرب تسمى "الكدرة"، تؤديها النساء، وتعتمد على حركات الأيدي والأنامل.
وكذلك رقصة "الركادة" التي تعتبر من أبرز معالم التراث الفني في المغرب الشمال الشرقي، وتحديدا بوجدة، وهي رقصة فنية خاصة بالرجال، تعتمد على الرشاقة في الحركة وسرعة التنسيق، في حين تنتشر الرقصات الجبلية في شمال غرب المغرب وتكون مرفقة بموسيقى الطقطوقة الجبلية، أما مناطق الوسط فتمتاز بـ"الهيت" ورقصات "عبيدات الرمى".
ويجزم نسيم الحداد أن الحفاظ على موروث الرقصات التراثية المغربية ضرورة ملحة لا تكتمل إلا بالدراسة الأكاديمية، وبالتفات المعنيين إليه كإحدى ركائز الثقافة المغربية.
المصدر : الجزيرة
aj-logo
aj-logo
aj-logo
إعلان
تابع الجزيرة نت على:
شعار شبكة الجزيرة الإعلامية
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية | article | Arabic | ar | ناهضت الاستبداد واحتفت بالنصر.. ما لا تقوله الكلمات وتعبر عنه ... | https://www.aljazeera.net/arts/2020/7/13/%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%81%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D8%B1%D9%82%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB%D9%8A%D8%A9 |
3,307 | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | title | ما هي أشهر الرقصات الفلكلورية في المغرب؟ | query | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,308 | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | title | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,309 | يقسم من ناحية جنس المشاركين فيه إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,310 | يقسم من ناحية جنس المشاركين فيه إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. | sentence | يقسم من ناحية جنس المشاركين فيه إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,311 | ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد. | sentence | يقسم من ناحية جنس المشاركين فيه إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,312 | عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,313 | عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. | sentence | عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,314 | يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. | sentence | عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,315 | ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره... | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,316 | ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. | sentence | ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,317 | ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره... | sentence | ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,318 | يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة... | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,319 | يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. | sentence | يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,320 | وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. | sentence | يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,321 | وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة... | sentence | يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,322 | إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا... | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,323 | إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. | sentence | إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,324 | ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا... | sentence | إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,325 | أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,326 | أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. | sentence | أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,327 | وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. | sentence | أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,328 | وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات. | sentence | أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,329 | وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي... | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,330 | جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1). | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,331 | جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. | sentence | جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1). | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,332 | وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1). | sentence | جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1). | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,333 | عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية... | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,334 | ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية... | sentence | عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,335 | يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,336 | يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. | sentence | يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,337 | إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,338 | إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. | sentence | إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,339 | ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. | sentence | إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,340 | وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم. | sentence | إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,341 | جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري... | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,342 | جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. | sentence | جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,343 | إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري... | sentence | جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,344 | كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,345 | كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. | sentence | كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,346 | ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره. | sentence | كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,347 | ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,348 | ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. | sentence | ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,349 | ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا. | sentence | ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,350 | كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,351 | وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله: | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,352 | وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. | sentence | وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله: | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,353 | هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله: | sentence | وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله: | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,354 | كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي: | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,355 | ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة... | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,356 | ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). | sentence | ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,357 | وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة... | sentence | ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,358 | تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,359 | تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. | sentence | تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,360 | من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. | sentence | تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,361 | تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,362 | تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. | sentence | تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,363 | يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض. | sentence | تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,364 | يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,365 | يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. | sentence | يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,366 | يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. | sentence | يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,367 | تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس. | sentence | يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,368 | توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,369 | تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. | sentence | توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,370 | تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. | sentence | توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,371 | وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق. | sentence | توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,372 | يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,373 | يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. | sentence | يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,374 | وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... | sentence | يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,375 | بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة. | sentence | يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,376 | إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,377 | إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. | sentence | إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,378 | يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما. | sentence | إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,379 | يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا... | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,380 | يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. | sentence | يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,381 | أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. | sentence | يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,382 | ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. | sentence | يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,383 | في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. | sentence | يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,384 | تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. | sentence | يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,385 | حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... | sentence | يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,386 | فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا... | sentence | يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا... | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,387 | تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,388 | تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. | sentence | تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,389 | عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. | sentence | تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,390 | وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. | sentence | تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,391 | وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي. | sentence | تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,392 | تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف.. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,393 | تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. | sentence | تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف.. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,394 | ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. | sentence | تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف.. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,395 | وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. | sentence | تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف.. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,396 | أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. | sentence | تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف.. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,397 | وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف.. | sentence | تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف.. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,398 | 1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43. | paragraph | فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
24
Folk Culture and IOV
# فـي الرقص الشعبي المغربي
###### العدد 24 - موسيقى وأداء حركي
فـي الرقص الشعبي المغربي
كاتب من المغرب
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
يقسم _من ناحية جنس المشاركين فيه_ إلى رقص ذكوري، لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي، لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط، يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون.
ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، فكان تعبيرًا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرًا للآلهة، وتعبدًا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره...
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي، ورقصة أَحَيْدُوس، ورقصة أَحْوَاش، ورقصة الكَدْرَة. وتمارس بطرق متنوعة، منها أحواش التي تستعرض بطريقتين اثنتين. وتتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني المستعصية، والمضامين المستغلقة على كل من هب ودب، والرموز، والاستيهامات، والخصوبة...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
أما في ما يتعلق بالمنهجية التي سلكتها في هاته المقالة، فقد تناولت في العنصر الأول الرقص - عامة - تعريفا، ونشأة، وأقساما، ووظيفة، ورمزية. وعالجت في العنصر الثاني الرقص الشعبي المغربي - خاصة - أنواعا، وبعض طرق ممارسة، متخذا رقصة (أحْوَاش) أنموذجا. وذيلت الدراسة بملحقين اثنين، تضمن أولهما بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي، وحوى ثانيهما صورًا لمختلف الرقصات.
وقد استعنت ببعض المناهج العلمية، منها المنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأنَاسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الاجتماعي (السوسيولوجي)، والمنهج التاريخي...
أولا: الرقص
أ - تعريفه
جاء في معجم (لسان العرب) لصاحبه (محمد بن منظور):“رقص:الرقص والرَّقَصَان: الخبب، وفي التهذيب:ضرب من الخبب، وهو مصدر رقص يرقص رقصا؛ عن سيبويه، وأرقصه. ورجل مِرْقَص:كثير الخبب (...). قال أبو بكر:والرقص في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أرقص القوم في سيرهم إذا كانوا يرتفعون وينخفضون”(1).
إن الرقص لغة بلا كلام، ولغة دون الكلام، ولغة ما بعد الكلام، وتفجير لغريزة الحياة التواقة إلى التخلص من الازدواجية...
ب-نشأته
عرفته الحضارات الغابرة على مر العصور، وهو ذاكرة تاريخية مهمة جدا، ومجال ثري لعدة أبحاث ودراسات. يعد من بين أقدم الأشكال التي لجأ إليها الإنسان للتفريج عن انفعالاته، ويعتبر اللبنة الأولى في بناء صرح الفنون. ولقد أرجعه اليونانيون إلى بداية نشأة الكون، إذ اعتمدت رقصات الإنسان الأولى تناغم الكواكب، والنجوم، ومورست طقوس على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، فتحرك الراقصون بشكل حلزوني بغية محاكاة حركات الكون، والأفلاك السماوية...
ج-أقسامه
يقسم -من ناحية جنس المشاركين فيه- إلى رقص ذكوري لا تشارك فيه الأنثى، ورقص أنثوي لا يشترك فيه الذكر، ورقص مختلط يجمع الجنسين معا. ومن ناحية عددهم، إلى فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، وغير محدود العدد.
د-وظيفته، ورمزيته
إنه أكثر متعة لمن يمارسه ويؤديه منه لمن يكتفي بمشاهدته فقط. ولقد أكد العلماء والباحثون النظرية التي مُفادها أن بعض حركات الحيوانات والطيور هي مصدر الرقص، وبوادره، لأن الإنسان البدائي كان يراقبها، ويقلد حركاتها. وهو شكل فني يتم فيه خلق الصور الفنية عن طريق الحركات والإيماءات أو الإشارات من لدن الراقصين بواسطة أوضاع أجسادهم.
جاء نتيجة مختلف الحركات والإيماءات المرتبطة بأعمال الإنسان، وبانفعالاته وانطباعاته عن العالم المحيط به. إنه أحد أعرق تجليات الإبداع الشعبي، فقد كان في بداية الأمر متصلا بالأغنية والكلمة، ثم امتلك شخصيته المستقلة بذاتها، وتتم عن طريقه ممارسة التأثير العاطفي والفكري...
كان تعبيرا طبَعيا عن الشعور بالفرح، وشكرا للآلهة، وتعبدا لها. ثم تطور بتطور الحياة الاجتماعية، وتنوع بتنوع مناسباتها، ليصير إيقاعيا مع إيقاعات الصنوج، والتصفيقات، ومحاكاتيا يحاكي مظاهر الحياة العملية، ودينيا، وغيره.
ويحمل دلالاتٍ ورموزًا معينة، فالرقص الجماعي “عند بعض الدارسين يمثل العاصفة بما يصاحبها من ريح ورعد ومطر، إذ إن تحريك الجسم بما عليه من حلي وثياب يحكي صوت الريح، في حين يحكي الضرب بالأقدام على الأرض صوت الرعد. أما التصفيق فيقلد صوت المطر في حال نزوله. ثم يأتي الصياح إعلاما ببشرى نزول الغيث وإعلانا للفرح بذلك”(2)، ويعد لغة يتضرع بواسطتها الإنسان إلى الإله، ويهدئه، ويجعل حضوره محسوسا.
كانت قفْزات الراقص إلى أعلى تعين على نمو الكائنات الحية والنباتات، وتنضج المحاصيل الزراعية، وكانت صرخاته وجذباته تطرد القوى الخفية، وتبعد الأرواح الشريرة الخبيثة التي تهدد كيانه.
وكانت العذارى العربيات في الجاهلية ترقصن رقصة حول أصنام آلهة العرب، لينالوا رضاها، ويستعطفوها في أن تهبهم الخير والغيث، وتوفر محاصيلهم، وترفع شدائدهم، وتخلصهم من القحط والجفاف، وتبعد الأذى والأمراض عنهم، وتحقق مختلف رغباتهم. هاته الرقصة تسمى الدّوار بفتح الدال وضمها، ولقد أشار الشاعر (امرؤ القيس بن حجر الكندي) إليها في قوله:
فَعَنَّ لنَا سِرْبُُ كَأنَّ نِعَاجَهُ
عَذَارَى دَُوَاٍر فِي المُلاءِ المُذَيَّلِ(3)(4)
كما أنه يكون مناسبة يتعرف أثناءها الشباب العزب الفتيات العذارى، ويرقصون معا، ويتزاجون، ومناسبة يتجاوز فيها الإنسان بعض المحظورات مثل كشف الوجه بالنسبة للمرأة، يقول المثل الشعبي المغربي:
اَللِّي كَيشْطحْ مَا كَيْدَرَّكْـ وَجْهُو
ويرى الهنود أن الرقص يجبر أرواحَ المرض على أن تنضمَّ إلى الراقصين، وتشاركَهم رقصهم، فينهكها ذلك، وتطلب العفو، وتنسحب(5). وهناك رقصات مثل رقصة الأسد في إفريقيا، ورقصة الدب في اليابان، ورقصة المهر بأندونيسيا، تهدف إلى تهدئة الأرواح الشريرة...
ثانيا:-الرقص الشعبي المغربي
أ-أنواعه
يعرف المغرب عدة رقْصات، يمكن إجمالها في أربعة أنواع، هي:
أ - 1 - رقصة العْلاَِوي والمَنْكوشِي
تسود شمال المغرب وشمال شرقه، وتحديدا مدن الحُسَيْمَة، وتازَة، ووَجْدَة، والمناطق المجاورة لها. من خصائصها أنها تشبه التدريب العسكري، ويتجلى ذلك في اعتمادها الصيحات دون الغناء، وكذا البندقية التي قد تعوض بالعصا أحيانا، إضافة إلى الضرب بالأرجل على الأرض، وتحريك الأكتاف بقوة. وهي حكر على الرجل دون المرأة.
أ - 2 - رقصة أَحَيْدُوس
تنتشر وسط المغرب من المحيط الأطلسي غربا إلى مدينة الرَّاِشِديَّة شرقا، ومن سهل الغرب شمالا حتى سهول الرحَامنَة وهضاب الشيَاضْمَة وعَبْدَة جنوبا. تعتمد لونا واحدا من الآلات الموسيقية هو البندير. يمارسها الرجال والنساء معا مصطفين، مسندين أكتافهم بعضا إلى بعض.
أ - 3 - رقصة أَحْوَاش(6)
يقع مجالها الجغرافي في الجنوب الشمالي للمغرب، المحصور بين مدينتي الصَِّويرَة ومُرَّاكُش شمالا والصحراء جنوبا، والمحيط الأطلسي غربا وإقليم وَرْزَازَات شرقا. يمارس هذا النوع الجنسان على حد سواء، وتستخدم فيه آلة البَنْدِير على وجه الخصوص. تنقسم هذه الرقصة إلى أقسام ستة، هي:أحواش الرجال، وأحواش السيدات، وأحواش الأوانس، وأحواش الرجال والسيدات، وأحواش الرجال والأوانس، وأحواش العزاب والأوانس.
أ - 4 - رقصة الكَدْرَة(7)
توجد في منطقة الصحراء بالجنوب المغربي. تعتمد أساسًا آلة طبل (الكدرة) أي القِدْر، والتصفيق الجماعي بالأيدي. تعرف برقصة الرجال الزرق لكون الراقصين يرتدون ألبسة زرقاء. وتشارك فيها المرأة أيضا، ففي مدينة طَاطَا على سبيل المثال، يضرب رجل بآلة تشبه العصا من حجم صغير على طبل الكدرة، وتشرع جماعة من النساء في التصفيق، وتتوسط الحفل امرأة تلبس ثوبا أزرق اللون إلى درجة أنه لا يظهر شيء من جسدها، ولا عضو من أعضائها، ثم تشرع في الرقص مقلدة بحركات جسدها كل نغمة من نغمات الطبل والتصفيق.
تتميز رقصتا أحواش والكدرة بكونهما رقصتين ساحرتين جميلتين، وبكونهما تمثلان كتابًا مفتوحًا مثقلا بالمعاني والرموز والاستيهامات والخصوبة والجنسية...
إن الأقسام الثلاثة الأخيرة (أحيدوس، وأحواش، والكدرة) تختلف عن القسم الأول (لعلاوي والمنكوشي) بكونها تجمع بين الاستمتاع بالغناء من جهة، والرقص من جهة ثانية. ويشارك فيها الرجل والمرأة، زيادة على أنها ذات غرض أو طابع مدني، باستثناء رقصة الخنجر بإقليم حاحا مثلا...
ب-بعض طرق ممارسته:-رقصةأحواش أنموذجًا(8)
يُمَارَس الرقصُ المغربي بطرق شتى، وتختلف إيقاعاته وأداءاته من منطقة إلى أخرى. فرقصة أحواش مثلا تتم بطريقتين اثنتين، هما:
ب - 1 - الطريقة الأولى
يُبْدَأ وغروبَ الشمس بكنس ساحة كبيرة بأحد الدواوير، وتنظف جيدا، ثم ترش بالماء لئلا تثير الغبار أثناء عملية الرقص. وحين يرخي الليل سدوله تنار الساحة بمصابيح كهربائية، ويحضر بعض شباب القبيلة أدوات إقامة مشروب الشاي، فتوضع قنينة غاز أو أكثر في قلب القاعة، وإلى جانبها صحون كبيرة بها عدد كثير من الكؤوس، يتوسطها إبريق كبير (البراد) في حجم المغلاة (الغَلاَّي)، هذا إضافة إلى علب الشاي، وقوالب السكر، وكمية كبيرة من نبات النعناع... بعد ذلك، تقبل جماعة من الذكور رجالا وإناثا، يتصدرهم رئيسهم، يرتدون عباءات بيضاء وعمامات صفراء، وينتعلون أحذية ونعالا متباينة الألوان، يغلب عليها اللون الأسود، وبين أياديهم بنادير مختلفة الأحجام، ثم يتوسطون الساحة.
إثر ذلك، يتدفق الجمهور على المكان وافدا إليه من الدواوير المجاورة، ومن مركز المدينة أيضا، وما هي إلا لحظات قليلة حتى تغص جنبات الساحة بالراغبين في تمتيع العين، والأذن، وبقية الجوارح، بإيقاع رقصة أحواش. يشمل هذا الجنسين معا: النساء والفتيات كبيرات وصغيرات ومتوسطات الأعمار، يتمركزن في جانب واحد، والرجال والشباب والأطفال، يستقرون في جانب آخر، دون أن يحدث اختلاط بينهما.
يُؤْذَن بالانطلاقة، فيغني أحدهم بصوت حاد مرتفع، ويصدح الرئيس آلة البندير، ويكرر الآخرون الكلام نفسه، ويشكلون دائرة تتحرك في اتجاه اليسار، ويشرعون في الرقص بدفع أرجلهم اليمنى إلى الأمام، ثم يقربون منها اليسرى. أما أجسادهم فيتمايلون بها إلى الأمام تارة، وإلى الوراء تارة أخرى. ويستمر الرقص والغناء إلى أن يبلغا ذروتهما، فلا تسمع إلا أصوات المغنين والبنادير الحادة القوية. في هذه اللحظات يعد الشاي، وتتوقف المجموعة عن الرقص والغناء، ويوزع على الحاضرين كلهم بشكل منتظم. تستريح الفرقة بعد أن يحتسي أفرادها الشاي، ثم تستأنف نشاطها من جديد، وهكذا دواليك إلى أن يوشك الصبح أن يتنفس. حينئذ تستسلم للراحة، بعد أن يكون التعب قد أخذ منها مأخذا، وفعل فيها فعلته... فيتفرق الجمهور وقد رَانَ به النعاس، راجيا تجدد المناسبة في وقت قريب جدا...
ب - 2 - الطريقة الثانية
تكنس الساحة بعناية، وترش بالماء، وتوضع في جنباتها أكوام من العشب اليابس والحطب لتغذية النار. عند حلول الظلام تحضر جماعة من الرجال حاملين بنادير كبيرة، رصعت جوانب بعضها بصفائح نحاسية مستديرة، ثم تتبعهم جماعات من النساء ترتدين لباس الحفلات والأعياد، وتضعن فوق قفاطينهن الملونة كساء شفافا أبيض اللون، نقط بنقط مطرزة، وقد لفت جدائل شعورهن في خمر ذات ألوان صارخة، تكشف عن آذانهن، وتتدلى خلفهن، وعصبت جباههن بشريط ثوبي داكن مخطط بالأحمر والأخضر والبنفسجي، وهو طويل ملقى على ظهورهن، يصل حدود الخصر منتهيا بخمائل طويلة. وزينت أعناقهن بقلادات كبيرة ذات صفوف متعددة الطول، وقد رصعت فيها كرات من اللبان مختلفة الأحجام، تفصلها عقيقات زجاجية، وقطع نحاسية صغيرة، وأخرى نقدية فضية. وأخذن زينتهن كاملة:فالحواجب مرصوفة، وعليها خطوط أفقية من مسحوق الكحل، وعلى كل خد ثلاث نقط من الحناء مستديرة، وعلى الذقن وشم تقليدي، ويرتدين أحذية حضرية مطرزة، ونعالا حمراء مدورة من صنع محلي.
تعطى إشارة البدء، فيغني رجل بصوت مرتفع، وينقر رئيس الجوقة البندير، ويردد الرجال الجملة نفسها. ثم تنشطر النساء إلى مجموعتين، تردد الأولى الجملة الغنائية، وتردد الثانية اللازمة الختامية. وبعد ذلك، تشرع المجموعة كلها جمعاء في التحرك حول النار في اتجاه اليمين، وتكون الحركة مضبوطة، إذ تلقي كل راقصة رجلها اليمنى حوالي عشرين سنتمترا، ثم تقرب رجلها اليسرى من اليمنى في المرحلة الموالية. أما الرجال فيكونون واقفين أول الأمر، ثم يقعدون حين تأخذ النساء في الرقص، ولا يرقصون، بل يكتفون بالضرب على البنادير رافعين أيديهم اليمنى إلى مستوى الرأس، موقعينها بكل قوة. وعندما يحمى وطيس الإيقاع يقلدون النساء، فيلقون بأجسادهم إلى الأمام، ثم إلى الخلف..
الملاحق
بعض المصطلحات ذات الصلة بالرقص الشعبي
*-الرَّكَّاصَة
راقصة تصطحبها المجموعة الموسيقية معها. ترقص وسط الجمع مرتدية ألبسة مثيرة، من أجل كسب أكبر قدر ممكن ن تبرعات المتفرجين.
*-الزَّعْبُولة
محفظة صغيرة تصنع من الجلد، يشدها الراقص بخيط إلى أحد كتفيه، ويتزين بها أثناء عملية الرقص، وغالبا ما تكون صفراء اللون.
*-الدَّرْبُوكة
آلة إيقاع تصنع من الطين أوالخشب أوالمعدن، وتغطى بجلد حيوان. يستعملها الموسيقي جالسا متأبطا إياها، ويقرعها إما بأصابع يده وإما بكفه.
*-الكَصْبَة
تصنع أساسا من القصب بنحت تجاويفها. وهي أنواع: -الثلاثية -الخماسية -الكبْلِي -السّْبُولَة -المَخَّزْنِي.
*-البَنْدِير
دف دائري الشكل مصنوع من الخشب، وهو يشبه الغربال. يلصق عليه جلد ماعز أو غنم سميك، ويتوسطه خيطان مطاطيان قويان، يساعدان على تفخيم الصوت.
*-الكَلاَّل
تعريجة صغيرة مصنوعة من الطين على شكل لولب. يغلف أحد مخرجيها جلد، ينقر عليه بأصابع اليد. وإذا كانت هاته الآلة من الحجم الصغير فإنها تسمى (أكوَّال).
*-الغَايْطَة
مزمار خشبي له فتحة ضيقة في الأمام وفتحة واسعة في الخلف. تجعل في الفتحة الأمامية زمارة صغيرة، ينفخ فيها العازف ألحانا تنسجم وإيقاع البندير.
*-الخْمَاسِي
ناي ذو ست ثقب، مع ثقب في الجهة المقابلة لها.
*-الرَّزَّة
عمامة يضعها الشيخ فوق رأسه بشكل دائري دقيق جدا، يغلب عليها اللون الأصفر، وقد تكون بيضاء.
*-ألُّون -تَالُّونْت (باللغة الأمازيغية)
يصنع في الغالب من جلد الماعز، وهو موتر، على شكل دائرة خشبية عرضها حوالي خمسة سنتيمترات. تختلف مساحة دائرته من مكان إلى آخر.
*-تَاغْريت (باللغة الأمازيغية)
هي الزغردة، وتصدر من النساء اعترافا منهن بأنهن أعجبن بما يشاهدنه من رقص، وما يسمعنه من غناء، أو إيقاع.
الهوامش
1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43.
2 - عباس الجراري:في الإبداع الشعبي. الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط-المغرب رجب 1408هـ-مارس 1988م، ص:115.
3 - ديوان امرئ القيس. تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم. ذخائر العرب:24، نشر:دار المعارف، الطبعة الخامسة، طبع:مطابع دار المعارف، القاهرة-مصر، بدون تاريخ، ص:22. أثبتت كلمة (دوار) بفتح حرف الدال.
4 - ديوان امرئ القيس. حققه، وبوبه، وشرحه، وضبط بالشكل أبياته:حنا الفاخوري، بمؤازرة:وفاء الباني. سلسلة الموارد والمصادر، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1409هـ- 1989م، ص:49. أثبتت لفظة (دوار) بضم حرف الدال، وجاءت كلمتا (ملاء) و(مذيل) نكرتين.
5 - ألفرد ميترو وآخرون:السحر من منظور إثنولوجي. ترجمة:محمد أسليم. الطبعة الأولى، مؤسسة سندي للطباعة والنشر، مكناس-المغرب 1999م، ص:53.
6 - لقد حضرتُ هاته الرقصةَ بدوار )الجديد(بمدينة)طاطا( ما بين:1999م- 2001م، وحضرتها أيضا بدوار ( تِغْرَمْتْ) بالمدينة نفسها فجرَ يوم الجمعة 03 فبراير 2012م.
7 - لقد شاهدت هذه الرقصة كذلك بمدينة طاطا ما بين:1999م- 2001م.
8 - اِعتمادًا ما شاهدته بمدينة طاطا.
Folk Culture and IOV
بالتعاون مع
المنظمة الدولية للفن الشعبي
#### إشترك في النشرة البريدية
arenfrspruch
اشترك
جميع الحقوق محفوظة © 2024 - الثقافة الشعبية - البحرين
### أعداد المجلة | article | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
3,399 | الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43. | sentence | 1 - محمد بن منظور:لسان العرب. الطبعة الأولى:1410هـ - 1990م، الطبعة الثانية:1412هـ - 1992 م، الطبعة الثالثة:1414هـ- 1994م، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت-لبنان، المجلد السابع، مادة:رقص، صص:42-43. | paragraph | Arabic | ar | فـي الرقص الشعبي المغربي - الثقافة الشعبية | https://folkculturebh.org/ar/?issue=24&page=article&id=455 |
Subsets and Splits
No community queries yet
The top public SQL queries from the community will appear here once available.