id
int32
0
61k
text
stringlengths
4
31.7k
text_type
stringclasses
7 values
context
stringlengths
4
31.7k
context_type
stringclasses
6 values
source_language_name
stringclasses
1 value
source_language_code
stringclasses
1 value
source_title
stringlengths
0
80
source_url
stringlengths
0
620
54,600
في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,601
في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,602
فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,603
أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,604
يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,605
ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,606
وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,607
تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير”
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,608
وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,609
وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,610
ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,611
ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,612
في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية:
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,613
إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,614
لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,615
فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,616
في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,617
المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,618
صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,619
الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,620
أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,621
يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية.
paragraph
Menu You are at:Home»منتدى ثقة تيفي»تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب # تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب الحاج علال عمراني لكل مهنة قوانين وأعراف وأخلاقيات وسلوكيات تضبط العلاقة بين المنتسبين إليها من جهة والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه من ناحية ثالثة. وكما هو معلوم فإن الصحافة والإعلام من أهم وأخطر الركائز الأساسية لتطور المجتمعات ومقياساً لمستوى تقدمها ورقيها. ويفترض في مهن هذا المجال ومؤسساته أن تحترم وتحافظ على ثقافة المجتمع وقيمه والمبادئ التي تجمعه. ولقد قد شكلت الأخلاقيات في الممارسة الصحفية وماتزال مشكلا مجتمعيا وتحديا لممارسي المهنة، ذلك أنه إذا كان الحق في الإعلام يعني حق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والوقائع، فإنه يعني أيضا حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة، ونشرها بدون قيود. وفي المقابل، تشترط الحرية البحث عن الحقيقة والتحلي بالمسؤولية إزاء المجتمع واحترام كرامة الأشخاص وحياتهم الخاصة، ذلك أن العديد ممن ينتسبون لهذه المهنة يقعون في تجاوزات تمس بالأخلاقيات الممارسة السليمة خلال مزاولتهم لأسباب متعددة ومعقدة. فما هي هذه الأخلاقيات وكيف كان تطورها التاريخي؟ وماهي المبادئ أسس ومبادئ أخلاقيات العمل الصحافي والإعلامي بالمغرب، وما هي أهم تحديات ممارسة صحفية بأخلاقياتها في ظل التحولات التي عرفها مجال الحقوق والحريات وكذا الثورة الرقمية والميلاد غير الطبيعي للإعلام والصحافة الإلكترونيين؟ تعريف أخلاقيات المهنة  Professional Ethics هي مجموعة من المبادئ والقواعد التي تعد مرجعا للسلوك المطلوب لأفراد المهنة الواحدة وواجبات مكملة لتشريع وتطبيقاته، والتي يعتمد عليها المجتمع في تقييم أدائهم إيجابا أو سلبا؛ ولئن كانت بعض التعريفات تجعل من أخلاقيات المهنة سلوكا مهنيا يحمد فاعله ولا يعاقب تاركه كما جاء في تعريف مجمع اللغة العربية بالقاهرة بأن أخلاقيات المهنة الإعلامية “مجموعة من القواعد المهنية أو الأخلاقية المتضمنة في مواثيق شرف مهنية يفترض أن يلتزم بها الإعلاميون في ممارستهم دون توقيع عقوبات عليهم في حالة الخروج عنها”؛ فإن العديد من المواثيق تجعلها ملزمة وترتب على تركها الخضوع إلى القضاء الخاص أي قضاء الزملاء، وهكذا عرف ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب “… تجسيد للممارسات الفضلى التي يقوم عليها شرف المهنة، ولذلك يخضع الصحافيون والمؤسسات الصحافية للأحكام والمبادئ الواردة فيه، بعدما ارتقى به المشرع إلى وثيقة قانونية ملزمة لتكريس قواعد السلوك المهني، في إطار الاحتكام إلى قضاء الزملاء، ووفق ما هو منصوص عليه في قانون المجلس الوطني للصحافة وفي النظام الداخلي للمجلس” نشأة وتطور أخلاقيات مهنة الصحافة كانت أول محاولة لوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة الصحافة سنة 1918 بفرنسا وذلك مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى بعد ما كان لوسائل الإعلام في تلك الفترة دور كبير، وندد هذا الميثاق بالوسائل غير الاخلاقية للحصول على المعلومة، وتم تعديله ومراجعته عام 1938. في سنة 1923 وضعت الجمعية الأمريكية لرؤساء التحرير ميثاق أخلاقيات المهنة الصحفية وقد نص هذا الميثاق على ما يلي: المسؤولية، حرية الصحافة، الاستقلالية، الصدق والموضوعية. في بريطانيا عمل الاتحاد الوطني للصحفيين بإصدار ميثاق الشرف للمهنة سنة 1930؛ في سنة 1936 تطرق المؤتمر العالمي للصحافة في مدينة براغ التشيكوسلوفاكية لأخلاقيات الصحافة وانصب اهتمامه على تحقيق السلم والأمن الدوليين خصوصا أنه جاء في فترة ما بين الحربين العالميتين التي تميزت بتوتر العلاقات الدولية، وأقر بأن الصحفي القدير بهذا الاسم ينبغي عليه أن يراجع كل خبر تنشره الجريدة بكل امانة وصدق وأن يتجنب كل إساءة إلى دول أخرى ويبتعد عن تزيين العنف والتحريض على استعماله في سنة 1939، وضع المؤتمر السابع للاتحاد العالمي للصحفيين ما سمى ب”عهد الشرف الصحفي” الذي جاء فيه “إن واجب الصحفي أن يتحمل مسؤولية جميع المعلومات ونشرها في الصحيفة، ولا يجوز له أن يكون عميلا للحكومة أو غيرها من الهيئات الخاصة لكي يتحصل على منافع شخصية. وفي تلك الفترة تنبه المجتمع الدولي بمختلف مؤسساته إلى تأثير وسائل الإعلام على الحكامة العالمية، وحاول ضبط أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث قامت الأمم المتحدة، في عام 1950، بصياغة «ميثاق شرف دولي لمهنيي الإعلام والصحافة. لكن، وبعد العديد من المناقشات والمشاورات، تم التخلي عن هذا المشروع، بسبب أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة آنذاك والمتأرجحة بين أطروحتين متعارضتين. في سنة 1954 صادقت الفدرالية الدولية للصحفيين على (FII) ميثاق الصحفيين، ثم جاء “إعلان ميونخ الذي صيغ عام 1971 والذي تبنته، في أعقاب سقوط جدار برلين عام 1989، الفدرالية الدولية للصحفيين والمنظمة الدولية للصحافيين التي كانت تضم نقابات الصحفيين من بلدان أوروبا الشرقية وبعض النقابات من بلدان الجنوب. في سنة 1980 اجتمع ممثلون عن منظمات عالمية وإقليمية وجهوية من مختلف أرجاء العالم تحت إشراف منظمة اليونسكو تم خلاله تأييد الإعلان الصادر عن اليونسكو الذي يدور حول المبادئ والقيم الأساسية لمساهمة وسائل الإعلام في ترسيخ السلم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان. فيما يخص المحاولات العربية فقد كانت الأولى في مصر سنة 1960 وذلك خلال المؤتمر العام للاتحاد القومي للجمهورية العربية المتحدة أطلق عليه اسم “ميثاق الشرف للمنشغلين في وسائل الإعلام”. أما الثانية فكانت بتاريخ 14 سبتمبر 1978 حيث أقر مجلس الجامعة العربية ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وجاء هذا الميثاق تنفيذا لميثاق التضامن العربي الصادر عن مؤتمر القمة العربية بالدار البيضاء عام 1965 وقد رتب هذا الميثاق التزامات على الحكومات العربية حيال العمل الصحفي. يتبين من خلال استقراء مراحل وضع مواثيق اخلاقيات الممارسة الصحافية أن فشل المحاولات الرسمية التي قامت بها سواء الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو حكومات بعض الدول، لفرض أخلاقيات العمل الاعلامي يؤكد على أن تقنين أخلاقيات الإعلام يجب أن يعهد حصريا لمهنيي الإعلام كي يكون الضبط ذاتيا وإراديا من طرف المعنيين بالأمر بغية الدفاع عن مهنتهم كما هو منصوص عليه في العديد من المواثيق عبر العالم. الصحافة المغربية واخلاقيات الممارسة: ولدت الصحافة المغربية من رحم المعاناة وظلت منذ ظهورها تقاوم من أجل البقاء في حربها مع المستعمر وفي تدافعها مع صحافته وبقيت منشغلة منذ ذلك الحين بالدفاع عن حرية التعبير والرأي وتناضل من أجل رفع الرقابة عن النشر ومن اجل تطهير قوانين الصحافة من العقوبات السالبة للحرية، سواء في ظل سلطات الاحتلال التي فرضت قانون تنظيم المطبوعات لسنة 1914 الذي شدد من شروط تأسيس المنشورات ومنح حق المحاكمة للقضاء العسكري وحق منع المنشورات أو سحبها للسلطات العسكرية الفرنسية،  أو بعد ذلك مع السلطات المغربية بعد الاستقلال التي أقرت قانون الحريات العامة سنة 1958 الذي ضم قانون الصحافة، فعلى الرغم من تنصيص هذا الأخير صراحة عن حرية النشر واعتماد الرقابة البعدية لكنه أبقى على سجن الصحافيين ومصادرة المطبوعات. وسيستمر نضال الصحافة المغربية على ذلك النحو حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي لتضيف إلى قائمة واجهات نضالها مواجهة موجة ما كان يسمى “بالصحافة الصفراء” التي وظفت حينها لتصفية الحسابات السياسية باستهداف الحياة الخاصة للأفراد والجماعات، وتلك كانت بدايات الاهتمام بأخلاقيات الممارسة الصحفية وبغيرها من القضايا الأخرى التي فرضتها السياقات الدولية والوطنية كالحق في الوصول إلى المعلومة. أ: الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير تأسست الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير في يوليوز 2002، بناء على توصية من المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وشكل المبادرة نقلة نوعية ومتميزة بالنظر الى تركيبتها المتنوعة وقد شكلت حينذاك ألية لترشيد الممارسة المهنية وللمساهمة في حل مشاكلها لو كتبت لها الاستمررية، وقد “تحددت وظيفة الهيئة الأساسية، في رصد الاختلالات المهنية بضوابط وقواعد ميثاق الأخلاقيات، وتقويم الأداء المهني، فضلا عن أنها آلية للتصدي التلقائي للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة والتعبير” وتضمنت ديباجة الميثاق الذي ضم 30 بندا “يتعهد الصحافيون المغاربة بناء على ذلك بمزاولة مهنتهم بكامل الدقة والموضوعية، والالتزام بحق الجمهور في الاطلاع على مختلف الأحداث والحقائق والآراء، مع ضمان حق الصحافة والصحافيين في الولوج إلى كل مصادر الأخبار والمعلومات وحرية معالجتها، وتداولها وبثها بدون إكراه وعراقيل”. وفي الوقت الذي كان العالم يشهد تحولات معتبرة في مجال حرية الصحافة والاعلام واعتماد العديد من الدول مواثيق السلوك المهني ورغم الانفتاح السياسي والحقوقي الذي عرفه المغرب مع العهد الجديد وكانت الظروف مشجعة لربح تحدي الاخلاقيات الفضاء الإعلامي والصحفي لم تتمكن الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير الحفاظ على روح الحياة وتعثرت خطواتها في هذا المسار، لعدة اسباب، منها ما وصف ب “تقاعس بعض مكونات هذا التنظيم عن الالتزام بالحضور والمتابعة، بالإضافة إلى عدم توفر الهيئة على أي دعم مادي أو لوجيستي من طرف السلطات العمومية”، وذلك حسب ما ورد في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ماي 2012. ومن جهتها قدمت جمعية عدالة، في نونبر 2013 بالرباط، مشروع ميثاق حول أخلاقيات مهنة الصحافة، يهدف إلى ملء الفراغ الذي سبّبه غياب نص مماثل بالمغرب بعد تعثر الهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير، لكن المبادرة لم يكتب لها النجاح. ومنذ ذلك التاريخ خفت صوت الأخلاقيات إلى أن أثير من جديد مع مشروع المجلس الوطني للصحافة سنة 2007 الذي طرح في المراحل الأخيرة من ولاية حكومة الوزير الأول ادريس جطو، وهو المشروع الذي جمد طيلة عهد حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، ليتجدد مع دستور 2011 حيث تقدمت الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران بمشروع المجلس الوطني للصحافة، ولم ير النور إلا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني. ب: المجلس الوطني للصحافة ومسؤولية التنظيم الذاتي في سنة 2018 تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، طبقا للقانون رقم 90.13 الصادر في 10 مارس 2016، وبغض النطر عن الملاحظات المثارة حول تشكيلة المجلس وطريقة انتخابه وشروط الترشح للعضوية فيه فإنه لا يختلف اثنان حول ملحاحيته بالنظر إلى النقلة الدستورية النوعية التي شهدها مجال الحقوق والحريات في ظل دستور 2011  وحول أهميته بالنظر إلى صلاحياته والمسؤوليات المنوطة به المتعلقة بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، ومن أهمها ما يتعلق بأخلاقيات الممارسة المهنية حيث منحه القانون صلاحية: - وضع ميثاق أخلاقيات المهنة؛ - وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛ - منح بطاقة الصحافة المهنية؛ - ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛ - ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛ - تتبع احترام حرية الصحافة؛ - النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛ - اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛ إلا أن المجلس خلال هذه ولايته الأولى التي تم تمديدها لستة أشهر قبل أن تقرر الحكومة اقباره، فشل في ترجمة فلسفة التنظيم الذاتي التي من أجله وجد، ولم ينجح بعد في ترجمة المقتضيات والقواعد والالتزامات الى استراتيجية واضحة وبرنامج عمل دقيق وبدا وكأنه جعل مفوضا بممارسة سلطة منح بطائق الصحافة فحسب. تحديات اخلاقيات العمل الصحافي: 1. حق منقوص في الوصول إلى المعلومة: لعل أهم الأسباب التي تضع العديد من الصحافيين المهنيين في وضعيات تسلل في التناول الإعلامي وسقوط بعضهم في المحظور هو ما يرتبط بإشكالية الحق في الحصول على المعلومة، فالصحافي الذي يستيقظ صباحا ويلتحق باجتماع التحرير دون أن يحمل معه أخبارا مثيرة تشبع نهم مديره او رئيس تحريره سيكون لا محالة في وضع لا يحسد عليه داخل المؤسسة. فعلى الرغم من أن المادة السادسة من قانون الصحافة والنشر تنص بشكل واضح على أنه “يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية، وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور” كما أقرت المادة المعنية أنه “تلتزم الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام بتمكين الصحافي من الحصول على المعلومات وفق الآجال المقررة قانونا تحت طائلة تطبيق الجزاءات عليها في التشريع الجاري به العمل”، فإن الحصول على المعلومة مايزال من أكبر العقبات والتحديات التي تعترض المهنيين في أداء مهامهم في احترام تام لأخلاقيات وقوانين الممارسة الصحفية. 2. باب بلا بواب في بيئة الفوضى تنتعش اللا أخلاق وفي المياه الملوثة تكثر الطفيليات، هكذا الأمر في كل المجتمعات والتجمعات والمهن، ففي ظل قطاع هش اقتصاديا وقانونيا، أو تكثر فيه المنافذ للمتسللين لا يمكن أن نتحدث عن فضاء تحكم اللاعبين فيه المبادئ ولا يمكن في مجال تختلط فيه المهنية بالهواية والانتحال أن ترسو فيه قواعد أخلاقيات مهنية سليمة. 3. سلطة بيد السلطة المال هذه السلطة التي كانت وما تزال المؤسسات التنفيذية تمسك من خلالها برقاب المؤسسات الصحفية والإعلامية أصبحت أيضا بيد مالكي الإشهارات يغدقون بها على من مدح أو برر، ويمنعونها عمن تجرّأ وفضح، أو تمنع. صحيح لا أحد يشك في دور وأهمية الإشهار في تحقيق التوازن المالي للمقاولات الصحفية، خصوصا في ظل هشاشة  نموذجها الاقتصادي، لكن من غير المقبول ان يتحول هذا الإشهار إلى توظيف لا أخلاقي في مواجهة مهنة رسالتها خدمة المجتمع ولا يمكن اداوها بدون استقلالية. 4. اخلاقيات تحت سلطة الإغراءات الصحافي المهني من أهم عنصر في الممارسة الصحافية وبدونه لا يمكن الحديث عن صحيفة أو مؤسسة إعلامية، والمنبر الإعلامي الناجح هو الذي يستطيع ضم صحافيين مهنيين ويكون التكوين المستمر من اساسات سياسته في تدبير الموارد البشرية، ويضع ميثاقا للشرف يحكم سلوك العاملين فيه، لكن كل ذلك لن يؤتي أكله ما لم يعمل على تسوية وضعية الصحافيين القانونية والمالية، فمن الصعب يقاوم بعض الصحافيين أو المنتسبين إلى المهنة الاغراءات وهو الذي بالكاد يدبر مبلغ مقابل الانتقال الى إقامة سياسي أو مسؤول حكومي أو رجل اعمال قصد انجاز عمل اعلامي. أمام هذا الوضع، وفي ظل ضعف واضطراب السياسة العمومية للقطاع والفوضى التي يعرفها قطاع الإشهار والإعلانات، ومع الثورة الرقمية والانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي التي أضافت منظومة جديدة من التحديات، وفي غياب حكامة جيدة داخل العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتحمل على عاتقها مسؤولية توفير الوسائل والموارد اللازمة لمهني القطاع ليقوموا بعملهم الصحافي والإعلامي في أحسن الظروف مع الاحترام التام لأخلاقيات المهنة؛ يصعب الحديث عن التزام واسع لبنود الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، ليس من قبل الصحافي فحسب وإنما نتحدث أيضا عن المقاولة الصحفية. ————————————– المصادر والمراجع: - أخلاقيات المهنة الإعلامية – تأليف مصطفى يوسف كافي وآخرون ، دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع عمان 2014؛ - أخلاقيات الإعلام – عبد العزيز خالد الشريف- دار يافا العلمية للنشر 2013؛ - بدر الدين بلمولاي (2021) الأخلاق الإعلامية وكيفية تعزيزها، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 13، الجزائر؛ - الاعلام والمجتمع في المغرب-التشخيص وخارطة الطريق (تقرير الحوار الوطني الاعلام والمجتمع؛ - دليل العمل النقابي في الصحافة والإعلام – النقابة الوطنية للصحافة المغربية؛ - التقرير السنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب 2012؛ - المجلس الوطني للصحافة: فلسفة التنظيم الذاتي موقع المجلس cnp.press.ma - نص ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة. ##### الحاج علال عمراني ## أضف تعليقك ### Leave A ReplyCancel Reply Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ Search ##### أحدث المقالات ##### المقالات الاكثر شعبية #### كأس العالم للسيدات 2023: المغرب و ثورة كرة القدم النسائية 17 غشت، 2023 #### خلي داك الجمل راگْد! 12 غشت، 2023 #### 700 كاميرا مراقبةلتعزيز مركز الأمن للمراقبة و التنسيق بالدار البيضاء 13 غشت، 2023 10 ##### استطلاع الرأي من ترشح للفوز بكأس افريقيا الوداد البيضاويى المغربي صن داونز الجنوب أفريقي لا أعرف ##### التواصل الاجتماعي ### اشترك ليصلك كل جديد. By signing up, you agree to the our terms and our Privacy Policy agreement. ### رسالة إلى أصدقائي في المغرب 13 شتنبر، 2023 لا توجد تعليقات ### متى تُفكك “مَحْمِية” ضرب الزوجة؟ 20 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ### الفعل الاحتجاجي الافتراضي بالمغرب.. أسس نظرية وديناميات مجتمعية 19 غشت، 2023 لا توجد تعليقات ##### ثقة ثيفي ##### أقسام الموقع © 2024 جميع الحقوق محفوظة لشركة MedFive شارع محمد الخامس حي النهضة رقم 332 القرية سلا / / الموقع مستضاف على خوادم شركة Resellerclub Submit Type above and press Enter to search. Press Esc to cancel.
article
Arabic
ar
تحديات أخلاقيات الممارسة الصحفية في المغرب - ثقة تيفي
https://tiqatv.com/2023/08/14/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7-2/
54,622
أهمية أخلاقيات النشر على منصات التواصل الاجتماعي وإرشادات لتطبيقها
title
ما هي أهم أخلاقيات العمل الصحفي؟
query
Arabic
ar
أهمية أخلاقيات النشر على منصات التواصل الاجتماعي وإرشادات لتطبيقها
https://ijnet.org/ar/story/%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%88%D8%A5%D8%B1%D8%B4%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82%D9%87%D8%A7
54,623
وعن مدى التزام الصحفيين الفلسطينيين عند نشرهم على مواقع التواصل الاجتماعي بالمعايير الأخلاقية والمهنية، تقول الصحفية مرح الوادية : "في الوضع الحالي، لا يمكننا القول إن الصحفيين الفلسطينيين محكومون بالمعايير المهنية والأخلاقية التي تحدد ما ينشرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل الأصح أن نقول مدى ملائمة سياسية فايسبوك تحديداً لمعاييرهم هذه.
sentence
وعن مدى التزام الصحفيين الفلسطينيين عند نشرهم على مواقع التواصل الاجتماعي بالمعايير الأخلاقية والمهنية، تقول الصحفية مرح الوادية : "في الوضع الحالي، لا يمكننا القول إن الصحفيين الفلسطينيين محكومون بالمعايير المهنية والأخلاقية التي تحدد ما ينشرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل الأصح أن نقول مدى ملائمة سياسية فايسبوك تحديداً لمعاييرهم هذه. عشرات الصحفيين والصحفيات يتعرضون لانتهاكات يومية على خلفية المنشورات يومياً، إما بحظر حساباتهم الشخصية أو حذفها بشكل نهائي بذريعة انتهاك معايير النشر غير المحددة والواضحة بالنسبة لنا حتى اليوم، بل ربّما يعود السبب إلى الصراع السياسي".
paragraph
Arabic
ar
أهمية أخلاقيات النشر على منصات التواصل الاجتماعي وإرشادات لتطبيقها
https://ijnet.org/ar/story/%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%88%D8%A5%D8%B1%D8%B4%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82%D9%87%D8%A7
54,624
عشرات الصحفيين والصحفيات يتعرضون لانتهاكات يومية على خلفية المنشورات يومياً، إما بحظر حساباتهم الشخصية أو حذفها بشكل نهائي بذريعة انتهاك معايير النشر غير المحددة والواضحة بالنسبة لنا حتى اليوم، بل ربّما يعود السبب إلى الصراع السياسي".
sentence
وعن مدى التزام الصحفيين الفلسطينيين عند نشرهم على مواقع التواصل الاجتماعي بالمعايير الأخلاقية والمهنية، تقول الصحفية مرح الوادية : "في الوضع الحالي، لا يمكننا القول إن الصحفيين الفلسطينيين محكومون بالمعايير المهنية والأخلاقية التي تحدد ما ينشرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل الأصح أن نقول مدى ملائمة سياسية فايسبوك تحديداً لمعاييرهم هذه. عشرات الصحفيين والصحفيات يتعرضون لانتهاكات يومية على خلفية المنشورات يومياً، إما بحظر حساباتهم الشخصية أو حذفها بشكل نهائي بذريعة انتهاك معايير النشر غير المحددة والواضحة بالنسبة لنا حتى اليوم، بل ربّما يعود السبب إلى الصراع السياسي".
paragraph
Arabic
ar
أهمية أخلاقيات النشر على منصات التواصل الاجتماعي وإرشادات لتطبيقها
https://ijnet.org/ar/story/%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%88%D8%A5%D8%B1%D8%B4%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82%D9%87%D8%A7
54,625
ويتابع: "لكن للأسف وكما يقال اختلط الحابل بالنابل، وأصبح هناك العديد من المواطنين الذين يقومون بإنتاج محتوى، وهو ما نسميه المحتوى الذي ينتجه المستخدمون، وبالطبع هذا المحتوى في كثير من الأحيان لا يتناسب وأخلاقيات العمل الصحفي، كون الأشخاص الذين يقومون بإنتاجه ليسوا مدرَّبين كالصحفيين".
sentence
ويتابع: "لكن للأسف وكما يقال اختلط الحابل بالنابل، وأصبح هناك العديد من المواطنين الذين يقومون بإنتاج محتوى، وهو ما نسميه المحتوى الذي ينتجه المستخدمون، وبالطبع هذا المحتوى في كثير من الأحيان لا يتناسب وأخلاقيات العمل الصحفي، كون الأشخاص الذين يقومون بإنتاجه ليسوا مدرَّبين كالصحفيين". ويُجمل بطراوي أهم النصائح للصحفيين والمؤسسات الإعلامية حول الأخلاقيات العامة للإعلام، بالتالي:
paragraph
Arabic
ar
أهمية أخلاقيات النشر على منصات التواصل الاجتماعي وإرشادات لتطبيقها
https://ijnet.org/ar/story/%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%88%D8%A5%D8%B1%D8%B4%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82%D9%87%D8%A7
54,626
ويُجمل بطراوي أهم النصائح للصحفيين والمؤسسات الإعلامية حول الأخلاقيات العامة للإعلام، بالتالي:
sentence
ويتابع: "لكن للأسف وكما يقال اختلط الحابل بالنابل، وأصبح هناك العديد من المواطنين الذين يقومون بإنتاج محتوى، وهو ما نسميه المحتوى الذي ينتجه المستخدمون، وبالطبع هذا المحتوى في كثير من الأحيان لا يتناسب وأخلاقيات العمل الصحفي، كون الأشخاص الذين يقومون بإنتاجه ليسوا مدرَّبين كالصحفيين". ويُجمل بطراوي أهم النصائح للصحفيين والمؤسسات الإعلامية حول الأخلاقيات العامة للإعلام، بالتالي:
paragraph
Arabic
ar
أهمية أخلاقيات النشر على منصات التواصل الاجتماعي وإرشادات لتطبيقها
https://ijnet.org/ar/story/%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%88%D8%A5%D8%B1%D8%B4%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82%D9%87%D8%A7
54,627
ثالثاً: أهمية وجود مرجعيات تلزم الصحفيين الفلسطينيين بمعايير تحريرية معينة، فعند الحديث عن أخلاقيات النشر الإعلامي، الموضوع أكبر من مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لا يوجد مرجعيات لدى المؤسسات الإعلامية.
sentence
ثالثاً: أهمية وجود مرجعيات تلزم الصحفيين الفلسطينيين بمعايير تحريرية معينة، فعند الحديث عن أخلاقيات النشر الإعلامي، الموضوع أكبر من مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لا يوجد مرجعيات لدى المؤسسات الإعلامية. ربما توجد توجيهات عامة لكنها توجيهات شفهية غير مكتوبة، وبالتالي يجتهد الصحفيون بالكثير من القضايا وفي أغلب الأحيان لا تتسم المادة الإعلامية الفلسطينية سواء كانت فيما يخص الطرف الآخر من الصراع، مع تفهمي بأن لا تكون متزنا ولكن أيضاً بالقضايا الداخلية في كثير من الأحيان يبتعد الصحفيون عن أخلاقيات العمل الصحفي مثل تضمين جميع وجهات النظر على سبيل المثال.
paragraph
Arabic
ar
أهمية أخلاقيات النشر على منصات التواصل الاجتماعي وإرشادات لتطبيقها
https://ijnet.org/ar/story/%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%88%D8%A5%D8%B1%D8%B4%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82%D9%87%D8%A7
54,628
ربما توجد توجيهات عامة لكنها توجيهات شفهية غير مكتوبة، وبالتالي يجتهد الصحفيون بالكثير من القضايا وفي أغلب الأحيان لا تتسم المادة الإعلامية الفلسطينية سواء كانت فيما يخص الطرف الآخر من الصراع، مع تفهمي بأن لا تكون متزنا ولكن أيضاً بالقضايا الداخلية في كثير من الأحيان يبتعد الصحفيون عن أخلاقيات العمل الصحفي مثل تضمين جميع وجهات النظر على سبيل المثال.
sentence
ثالثاً: أهمية وجود مرجعيات تلزم الصحفيين الفلسطينيين بمعايير تحريرية معينة، فعند الحديث عن أخلاقيات النشر الإعلامي، الموضوع أكبر من مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لا يوجد مرجعيات لدى المؤسسات الإعلامية. ربما توجد توجيهات عامة لكنها توجيهات شفهية غير مكتوبة، وبالتالي يجتهد الصحفيون بالكثير من القضايا وفي أغلب الأحيان لا تتسم المادة الإعلامية الفلسطينية سواء كانت فيما يخص الطرف الآخر من الصراع، مع تفهمي بأن لا تكون متزنا ولكن أيضاً بالقضايا الداخلية في كثير من الأحيان يبتعد الصحفيون عن أخلاقيات العمل الصحفي مثل تضمين جميع وجهات النظر على سبيل المثال.
paragraph
Arabic
ar
أهمية أخلاقيات النشر على منصات التواصل الاجتماعي وإرشادات لتطبيقها
https://ijnet.org/ar/story/%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%88%D8%A5%D8%B1%D8%B4%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82%D9%87%D8%A7
54,629
خامساً: يمكن أن تفرض نقابة الصحفيين الفلسطينيين ومن خلال لجنة المحددات المهنية، بعض القضايا على وسائل الإعلام ولكن مقابل ماذا؟
sentence
خامساً: يمكن أن تفرض نقابة الصحفيين الفلسطينيين ومن خلال لجنة المحددات المهنية، بعض القضايا على وسائل الإعلام ولكن مقابل ماذا؟ ما الذي تقدمه نقابة الصحفيين حتى على سبيل المثال تحرم هذا الامتياز لإحدى وسائل الإعلام إذا ما خالفت المعايير التحريرية؟
paragraph
Arabic
ar
أهمية أخلاقيات النشر على منصات التواصل الاجتماعي وإرشادات لتطبيقها
https://ijnet.org/ar/story/%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%88%D8%A5%D8%B1%D8%B4%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82%D9%87%D8%A7
54,630
ما الذي تقدمه نقابة الصحفيين حتى على سبيل المثال تحرم هذا الامتياز لإحدى وسائل الإعلام إذا ما خالفت المعايير التحريرية؟
sentence
خامساً: يمكن أن تفرض نقابة الصحفيين الفلسطينيين ومن خلال لجنة المحددات المهنية، بعض القضايا على وسائل الإعلام ولكن مقابل ماذا؟ ما الذي تقدمه نقابة الصحفيين حتى على سبيل المثال تحرم هذا الامتياز لإحدى وسائل الإعلام إذا ما خالفت المعايير التحريرية؟
paragraph
Arabic
ar
أهمية أخلاقيات النشر على منصات التواصل الاجتماعي وإرشادات لتطبيقها
https://ijnet.org/ar/story/%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%88%D8%A5%D8%B1%D8%B4%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82%D9%87%D8%A7
54,631
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
title
ما هي أهم أخلاقيات العمل الصحفي؟
query
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,632
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
title
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,633
انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,634
يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,635
يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية.
sentence
يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,636
وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها.
sentence
يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,637
وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,638
هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,639
في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,640
في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها.
sentence
في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,641
ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية.
sentence
في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,642
لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,643
لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين.
sentence
لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,644
وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية.
sentence
لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,645
فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة.
sentence
لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,646
والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,647
كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,648
كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع.
sentence
كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,649
لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة.
sentence
كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,650
كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,651
كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية.
sentence
كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,652
إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين.
sentence
كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,653
ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,654
كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,655
كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر".
sentence
كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,656
وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية.
sentence
كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,657
تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,658
تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة.
sentence
تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,659
ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات.
sentence
تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,660
ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,661
ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء".
sentence
ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,662
ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة.
sentence
ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,663
في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,664
تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,665
تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين.
sentence
تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,666
كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية.
sentence
تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,667
ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,668
ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة.
sentence
ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,669
ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي.
sentence
ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,670
وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق.
sentence
ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,671
الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,672
الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين.
sentence
الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,673
وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه.
sentence
الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,674
ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,675
يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,676
فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,677
فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين.
sentence
فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,678
ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة.
sentence
فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,679
تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,680
شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,681
شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة.
sentence
شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,682
إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام.
sentence
شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,683
لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,684
لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية.
sentence
لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,685
ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية.
sentence
لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,686
كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,687
كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت.
sentence
كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,688
ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس.
sentence
كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,689
وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,690
وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,691
وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,692
وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية.
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,693
وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة.
sentence
وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,694
ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية.
sentence
وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية.
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,695
في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك).
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,696
في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا.
sentence
في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك).
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,697
وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك).
sentence
في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك).
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,698
وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا".
paragraph
## Main navigation بحث 2019-07-05 05-يوليو-2019 تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين (الشاذلي بن ابراهيم/Getty) انعقد في تونس في شهر جوان/يونيو الماضي المؤتمر الثلاثين للاتحاد الدولي للصحفيين، أهم منظمة مهنية للصحافة على المستوى الدولي تجمع أكثر من 600 ألف صحفي من 140 دولة، وقد انتهى هذا المؤتمر، ضمن أهم مخرجاته الأساسية، إلى تحيين الميثاق الأخلاقي للمنظمة. الصحافة تقوم على مبادئ مجردة ودائمة يعتبر هذا التحيين حدثًا بارزًا لأن المواثيق الأخلاقية التي تنظم المهنة الصحفية لا تتغير كل سنة، بما أنها تتضمن مبادئ كونية عامة ومجردة لا تؤثر فيها الأحداث اليومية. وتقوم المواثيق الصحفية تقريبًا على المبادئ ذاتها لأن الصحافة واحدة مهما كان السياق الذي تمارس فيها، إذ لا توجد أخلاقيات صحفية إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية لأن المبادئ الصحفية كونية يشترك فيما كل الصحفيين مهما كانت انتماءاتهم والأوطان التي يعيشون فيها أو الديانات التي ينتمون إليها. وقد بينت البحوث الأكاديمية أن الصحفيين في الدول الديمقراطية يتقاسمون عددًا من القيم المشتركة يعتبرونها أسسًا لهويتهم المهنية على غرار اعتبار الصحافة خدمة عامة تقدم للجمهور والموضوعية والاستقلالية والحس الأخلاقي. هكذا يمثل تحيين المواثيق الأخلاقية استثناءً، فميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الموضوع منذ عام 1983 لم يقع تغييره سوى مرة واحدة عام 2018، كما خضع الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين (SNJ)  منذ إرسائه عام 1918 إلى تحيين في مناسبتين إثنين فقط (1938 و2011)، فيما عرف ميثاق جمعية الصحفيين الأمريكيين ( SPJ) تغييرًا أساسيًا وحيدًا عام 2014 وذلك منذ إصداره عام 1926. في المقابل، وإن كانت الصحافة ممارسة لا تتغير في جوهرها (أي البحث عن المعلومات والتحري فيها وتحويلها إلى أخبار)، فهي تشتغل في سياقات متغيرة، وليس أدل على ذلك من  تأثيرات الميديا الرقمية عليها. ولعل ّإدراج مبادئ تتعلق بمسؤولية الصحافة في الميديا الاجتماعية في عدد كبير من المواثيق الأخلاقية دليلًا على هذا التفاعل بين الصحافة وسياقاتها العملية. في علاقة الأخلاق بالأخلاقيات لا بد للقارئ أن يدرك هنا التمييز بين الأخلاق والأخلاقيات: فالأخلاق بشكل عام هي المبادئ العامة التي تسود في المجتمع للتمييز بين الخير والشر، ويمكن أن تكون متصلة بالدين (الأخلاق الإسلامية والمسيحية) ومرتبطة بالثواب والعقاب، وهي ذات مصدر متعال باعتبارها تعاليم يوصي بها الدين. وعلى هذا النحو، إن الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون ليست الأخلاق التي يلتزم بها الإنسان المتدين، وليس مطلوبًا من الصحفي أن يكون ملتزمًا بالأخلاق كما يعرفها المجتمع لأن ذلك يندرج في إطار الحرية الشخصية. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساءلة صحفي ما لأنه غير ملتزم بالمحظورات التي وضعها المجتمع  لنفسه (شرب الكحول في المجتمع الإسلامي مثلًا) لأن لا علاقة لذلك بممارسة الصحافة. والأخلاقيات الصحفية هي، على نحو ما، امتداد لمبدأ الواجب الأخلاقي كما صاغه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في تعريفه للأخلاقيات، لأنها تصدر عن الصحفيين أنفسهم دون غيرهم دون إكراه خارجي، باعتبارها شأنًا خاصًا بهم، وباعتبارهم ينتمون إلى مهنة مستقلة تعبر عن التزام ذاتي. كما أن الأخلاقيات الصحفية ذات صبغة كونية عامة لا تقبل الاستثناء، فالصحفي لا يطبق معايير مزدوجة على الوقائع. لا يمكن، على سبيل المثال، أن نطبق معايير أخلاقية مهنية على الحكومة وأخرى مختلفة على المعارضة. كما أن الصحفي يحترم الأخلاقيات لذاتها وليس ابتغاء لمصلحة ما أو ليغنم منفعة بحثًا عن ثواب، فلا يمكن للصحفي أن يطالب مثلًا بأجر إضافي لأنه يحترم الأخلاقيات المهنية. إذ يصبح احترام الأخلاقيات لغايات منفعيّة عملًا غير أخلاقي لأنها (أي الأخلاقيات) تتحول في هذه الحالة إلى وسيلة في حين أنها جزء من احترام الصحفي لنفسه وللآخرين. ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الأخلاقيات المهنية هي ابتكار المهنة برمتها وليس ابتكارًا لبعض الأشخاص، فلا يمكن لمجموعة صغيرة من الصحفيين أن تضع لنفسها مبادئ أخلاقية خاصة بها وأن تتمايز بها عن الجماعة الصحفية. كما أن احترام  الصحفي للأخلاقيات لا يعني أن الصحفي لا يخضع إلى القانون بتعلّة أنه "صحفي حر". وفي هذا الإطار، تؤكد عدة مواثيق أخلاقية على غرار الميثاق الأخلاقي لنقابة الصحفيين الفرنسيين على أن الصحفي يقبل بالمثول أمام القضاء بالنسبة للجرائم التي ينصّ عليها القانون، ثم يخضع بعد ذلك إلى المساءلة على أساس الأخلاقيات الصحفية. لماذا المواثيق الأخلاقية أساسية للممارسة الصحافة؟ تكتسي المواثيق الأخلاقية أهمية كبرى في الصحافة لأنها تمثل أو تتضمن المبادئ الأساسية إلي يجب أن يلتزم بها الصحفيون على غرار الكثير من المهن الأخرى كالطب و المحاماة والصيدلة. ولكن على خلاف هذه المهن، ليس للصحفيين عمادة تقوم بتنظيم النفاذ إلى المهنة واتخاذ القرارات التأديبية كالرفت مثلًا ضد من لا يحترم هذه الأخلاقيات. ومن أسباب غياب هذه العمادة في كل دول العالم الديمقراطية، باستثناء إيطاليا، أن الصحافة ليست مهنة حرة والصحفيون المستقلون لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من عدد الصحفيين، إضافة إلى أنهم عادة ما يعملون كأجراء في مؤسسات بما أنهم لا يقدمون خدمة مستقلة بذاتها في علاقة مباشرة مع "الحرفاء". ويمكن أن نفسّر أيضًا غياب آلية العمادة بطبيعة المعرفة التي يحتاجها الصحفي لممارسة المهنة التي ليست بالتخصص الكبير على غرار الطب والمحاماة أو الصيدلة. في المقابل، ابتكر الصحفيون في الدول الديمقراطية أشكالًا متعددة مما يسمّى التنظيم (أو التعديل) الذاتي داخل مهنتهم حتى يخضع الصحفي إلى المساءلة من طرف زملائه أو من طرف الجمهور تطبيقًا لمبدأ المسؤولية. أنواع المواثيق الأخلاقية تتعدد أنواع المواثيق الأخلاقية، فنجد أولًا المواثيق الأخلاقيات الصادرة عن النقابات والهيئات المهنية على غرار ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين وميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. كما نجد مواثيق تصدرها مجالس الصحافة وهي هيئات أنشأتها المهنة الصحفية في الدول الديمقراطية باعتبارها محكمة شرف تمكّن الجمهور من تقديم شكاوى ضد الصحفيين في كل ما يتعلق باحترامهم للأخلاقيات الصحفية. ثم نجد أخيرًا المواثيق التحريرية التي تصدرها المؤسسات الصحفية والتي تجمع في الوقت ذاته المبادئ الأخلاقية والمبادئ التحريرية الخاصة بكل مؤسسة. ويمثل الميثاق التحريري لمؤسسة " البي بي سي" أشهر المواثيق التحريرية على المستوى العالمي. وتونسيًا، إذاعة "موزاييك أف أم" هي أول مؤسسة ميديا في تونسر وضعت مثل هكذا ميثاق. الأخلاقيات آلية أساسية لمساءلة الصحفيين الأخلاقيات الصحفية هي الآلية الأساسية التي تنظم العمل الصحفي ومساءلة الصحفيين. وعلى هذا النحو، لا يمكن مساءلة الصحفيين من خارج المرجعية الصحفية نفسها أي بمعنى آخر لا يمكن مثلًا محاسبة الصحفي على عدم احترامه الدين أو الهوية لأن هذه المبادئ غير موجودة في ميثاقه. ويمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا للإشارة مثلًا إلى أن مصطلح "الوطنية" غير موجود أصلًا في المواثيق الأخلاقية لأن "الوطنية" مصطلح يمكن أن نعاقب به صحفيًا لأنه لم يكتفي مثلًا بالرواية الرسمية في الأحداث الإرهابية أو في أحداث أخرى حقق في فرضيات التقصير الأمني. يحيل ما يسمى مبدأ التنظيم (التعديل) الذاتي الذي تقوم عليه الصحافة الديمقراطية على مبدأ أساسي وهو أن الصحفيين لا يلتزمون إلا بالمبادئ التي وضعوها لأنفسهم بأنفسهم بشكل مستقل عن كل السلطات الأخرى، وترتبط كل هذه المبادئ بشكل وثيق بغاية البحث عن الحقيقة. فنظريًا أو من المنظور المثالي أي "الصحافة كما يجب أن تكون"، يخضع الصحفي فقط إلى واجب السعي إلى الحقيقة لأنها تمثل جوهر الصحافة بما أنها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية التي تحتاج مواطنين عاقلين وراشدين. ولذلك فالصحفي لا يخضع إلى أي نوع من أنواع السلطات سواء أكانت دينية أو سياسية أو طائفية لأن الصحفي لا يبتغي إلا مصلحة الجمهور في معرفة الحقيقة. المبادئ الأخلاقية للصحفيين التونسيين تقوم أخلاقيات الصحفيين التونسيين على مصدرين: المصدر الأول هو الميثاق الأخلاقي للإتحاد الدولي للصحفيين، أما المصدر الثاني هو ميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. شهد ميثاق الإتحاد الدولي للصحفيين تحيينًا في بعض مبادئه كما أشرنا في بداية التقرير، والأمر الأساسي الذي يجب أن نشير إليه يتعلّق باستبدال مفهوم الحقيقة بمفهوم الوقائع، وقد يكون ذلك بسبب النقاش حول ما يسمى حقبة ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة. إذ تحولت الحقيقة، بسبب الاستقطاب الإيديولوجي، إلى موضوع يتخاصم حوله السياسيون والصحفيون، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثلًا، يصف أخبار الصحافة الأمريكية حوله بأنها "أخبار زائفة"، فيما تسخّر هذه الصحافة جهدها لكشف ألاعيب التضليل التي يقوم بها ترامب إزاء الرأي العام. لم يتخلص الميثاق الجديد للإتحاد الدولي للصحفيين من المبادئ التي تجعل من الصحفي باحثًا على الحقيقة وشغوفًا بها، بل إنها أضافت تفاصيل كثيرة لتعينه على هذه المهمة النبيلة الأولى بإضافة معطيات جديدة أساسية عن المنهجية الصحفية. ورد في الميثاق أنه يجب على الصحفية احترام الوقائع وحق الجمهور في معرفتها، ولا يروي الصحفي إلا الوقائع التي يعلم علم اليقين مصدرها، ولا يحذف المعلومات أو المعطيات الأساسية، ولا يزورالوثائق، ويتعامل بحذر مع المعلومات والمعطيات المنشورة في الميديا الاجتماعية. كما يعطي الصحفي الكلمة إلى من توجه إليه اتهامات (هذا الخطأ دارج في الصحافة التونسية)، ويؤكد الميثاق على أن مقتضيات الفورية والسرعة أو العجلة لا تشفع للصحفي الأخطاء أو لا تبرر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها، مما يجعل من التحري واجبًا أساسيًا لدى الصحفي، فلا يمكن للصحفي أن يقدم مبررات لعدم احترامه للأخلاقيات بدعوى ضيق الوقت. ومن القيم الجديدة أيضًا التي أكد عليها الميثاق أن الصحفي ليس شرطيًا يلاحق المواطنين أو قاضيًا يطلق أحكامًا على الناس. وقد صدر ميثاق شرف الصحفيين التونسيين عام 1983 كما أشرنا ولم يشهد سوى تغييرًا واحدًا عام 2018، وهو يتضمن أربعة عشر مبدأ من أهمها "السعي إلى الحقيقة"، والفصل بين المضامين الإخبارية والإشهارية (بمعنى أن الصحفي لا يكتب مضامين ترويجية ويقدمها كمضامين إخبارية)، والتضامن بين الصحفيين (بما في ذلك الامتناع عن ثلبهم في الميديا الاجتماعية)، واحترام السر المهني، وعدم تطويع العمل الصحفي إلى الأغراض الشخصية، والامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة والدفاع عن الحريات العامة. ما هي مؤشرات قياس التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ كيف يمكن أن نقيم التزام الصحفيين التونسيين بالأخلاقيات الصحفية؟ وهل توجد مؤشرات موضوعية يمكن اعتمادها بعيدًا عن التقييمات الانطباعية؟ المؤشر الأول: محدودية آليات مساءلة الصحفيين الصحفي ليس فوق المساءلة أي يمكن محاسبته على احترام الأخلاقيات التي وضعتها المهنة، من طرف زملائه أولًا ومن طرف الجمهور ثانيًا. وبشكل عام وفي غياب مجلس الصحافة، أي محكمة الشرف التي يمكن للجمهور أن يقدم لها شكاوى ضد الصحفيين في مجال أخلاقيات المهنة، يمكن القول إن الآلية الوحيدة المتوفرة اليوم تتمثل في لجنة أخلاقيات المهنة المحدثة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا تنشر تقارير دورية وتكتفي عادة بنشر بعض البيانات كالبيان الأخير الخاص بقضية الخبر الزائف المتعلق بوفاة رئيس الدولة. وإجمالًا، لا نجد إلا نادرًا جدًا آليات داخل مؤسسات الميديا لمساءلة الصحفيين على احترام أخلاقيات المهنة، وحتى بعض المؤسّسات التي وضعت لنفسها مواثيق تحريرية (على غرار "موزاييك أف أم" أو "شمس أف أم" أو وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو "الديوان أف أم")، لم فهي لم تضع في أغلبها آليات لرصد احترام الصحفيين لها. المؤشر الثاني: قبول محدود بمبدأ الرصد وضعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في المقابل، مرصدًا لأخلاقيات المهنة أصدر عددًا من التقارير العامة. ويمثل الرصد آلية هامة من آليات متابعة التزام الصحفيين بالأخلاقيات الصحفية. في عام 2014، أصدرت النقابة تقرير أخلاقيات العمل الصحفي في الصحافة المكتوبة الذي أثار موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة، إذ خلّف مجرد نشره ردود فعل عنيفة جدًا. وقد رأى رافضو التقرير أن منهجيته لا تستقيم ، وأنه أثّر سلبًا على صورة المهنة  ومصداقيتها لدى الرأي العام، وقد وُصف التقرير بأنه "هجوم عنيف" على الصحافة يخدم مصالح الأحزاب الحاكمة (الترويكا آنذاك). أثار تقرير أخلاقيات العمل الصحفي موجة كبيرة من الانتقادات وجدلًا متقطع النظير في المهنة وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا". وقد رصد التقرير، حينها، عددًا كبيرًا من الإخلالات كالخلط بين الخبر والتعليق، واختلاق الأخبار، والسطو الصحفي، والعناوين الكاذبة والمخادعة، والإشهار المقنع، وتوجيه اتهامات دون سبب، وتحقير المرأة، وعدم الإنصاف في قضايا خلافية بعرض وجهة نظر واحدة، والنقل عن مصادر صحفية دون ذكر المصدر (انظر الصفحات 15 و16 من التقرير). وجاءت أغلب ردود الفعل من المؤسّسات الصحفية ومن إدارات التحرير ما يؤكد على محدودية ثقافة المساءلة في المؤسسات الصحفية. كما قد ترجع ردود الفعل ضد التقرير لاعتماده آلية التشهير التي تسمّى "Name and Shame" مما قد يفسّر تخلي النقابة الوطنية للصحفيين على طريقة التشهير في تقارير أخرى على غرار التقرير عن تغطية الأحداث الإرهابية  الذي لم يثر ردود فعل عنيفة أو جدلًا رغم رصده لإخلالات. المؤشر الثالث: النقاش المهني في الأخلاقيات الصحفية تمثل الأخلاقيات المهنية موضوعًا من المواضيع التي يناقشها الصحفيون في المجال العمومي في حضرة الجمهور أحيانًا. فلا غرابة أن نرى مثلًا أن موضوع تغطية الصحافة للأحداث الإرهابية يناقش في الميديا نفسها حتى ولو كان هذا النقاش محدودًا، وهو ما يُحسب للمهنة. وفي هذا الإطار، من المشروع القول إن مهنة الصحافة هي من أكثر المهن في تونس التي انفتحت على الجمهور في مجال رصد الإخلالات الخاصة بأخلاقيات المهنة. ويمكن أن نتساءل، هنا، ما إذا كانت مهنة الطب مثلًا قد فتحت نقاشًا عامًا حول الأخطاء التي يقوم بها الأطباء أو حول مدى احترامهم لأخلاقيات المهنة في عدة قضايا شغلت الرأي العام. تحتل مسألة الأخلاقيات الصحفية مكانة متزايدة في خطاب الصحفيين التونسيين عن أنفسهم وعن الصحافة، بل أصبحت محددًا جديدًا من محددات هويتهم المهنية. لكن لم يصاحب هذه المكانة الجيدة للأخلاقيات آليات عملية ومؤسسية لتحقيق التزام الصحفيين بهذه الأخلاقيات ومساءلتهم عندما لا يحترمونها. في المقابل وحتى نفهم التزام الصحفيين بالأخلاقيات المهنية، يتوجب علينا التفكير في السياقات التي يعملون فيها من ظروف اجتماعية هشّة ومهينة أحيانًا، ومؤسّسات بعضها لا توفر دائمًا شروط احترام الأخلاقيات المهنية لأنها خاضعة إلى إكراهات المستشهرين ومرتبطة بشبكات مصالح مع السياسيين، وتغير سياساتها التحريرية كلما تغيرت مصالحها. اقرأ/ي أيضًا: دلالات: الأكثر قراءةً المزيد من میدیا اشترك الآن في النشرة البريدية اشترك الآن 2024 © ultra جميع الحقوق محفوظة ل صوت
article
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA
54,699
وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة.
sentence
وفي هذا الجانب، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل بالتقرير الذي رصد أداء جريدة "الشعب"، وشبّه الفريق الذي أعده بوزارة الإعلام التي تمارس الرقابة. ووصف اتحاد الشغل التقرير بأنه "تعميمي وتضليل وانتقائي"، وأنه يمّس من سمعة الصحف ويؤدي إلى زعزعة وضعها التجاري بل اعتبره "عملًا عبثيًا".
paragraph
Arabic
ar
ما هي أخلاقيات الصحفيين التونسيين؟
https://ultratunisia.ultrasawt.com/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8A/%D9%85%DB%8C%D8%AF%DB%8C%D8%A7/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84%D8%A7%D8%AA