text
stringlengths 231
556k
| id
stringlengths 47
47
| dump
stringclasses 96
values | url
stringlengths 13
7.34k
| date
stringlengths 20
20
| file_path
stringlengths 125
155
| language
stringclasses 1
value | language_score
float64 0.71
1
| language_script
stringclasses 1
value | minhash_cluster_size
int64 1
97.6k
| top_langs
stringlengths 30
355
|
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
بغداد /نينا/ أطلق رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم مبادرة لخفض سن الترشيح للبرلمان الى /25/ عاماً.
ونقل المكتب الاعلامي للمجلس عن الحكيم قوله في حفل نظمه المجلس الاعلى في بغداد اليوم بمناسبة يوم الشهيد العراقي: "ان هذه المبادرة كي يتسنى للشباب ان يوسعوا من دائرة مشاركتهم في صنع القرار في مراحل مبكرة، وان المرحلة المقبلة هي مرحلة الشباب وان المستقبل هو من انتاجهم".
ودعا الحكيم الى "التمسك بهذه المبادرة وألانطلاق بها الى كل الشباب في البلاد، ومن مختلف التيارات والاتجاهات والقوميات والطوائف ، ومن الرجال والنساء، وتكون مبادرة وطنية لا تحسب الى جهة معينة او تيار بعينه انها مبادرة العراق لشباب العراق، لأن دولتنا الحديثة شابة وتحتاج الى دماء شابة كي تنطلق وتبدع وتتألق" بحسب قوله.
وشدد على "ان الوحدة خيار العراقيين المصيري وهي الأساس لنجاح كل المشاريع ومن دونها سيكون العراق قبائل متناحرة وستضيع كل المنجزات" محذرا من المجهول في ظل غياب الوحدة بين ابناء الشعب العراقي.
واوضح: "ان تيار شهيد المحراب يرتفع عن المزايدات ومشاريع التسقيط السياسي ويؤمن بالقانون والدستور وديمقراطية العراق الجديد، وهو مؤمن بأن الكثيرين في هذا الوطن يؤيدون ويدعمون مشروع بناء الدولة العصرية الناجحة مع الاختلاف معهم في التفاصيل عن ماهية هذه الدولة وكيف تكون، وكيف تمارس دورها في خدمة الوطن".
وقال الحكيم: "ان الشعب في حالة ترقب وهو ينتظر من قياداته التي انتخبها بإرادته وبحقوقه المكفولة دستوريا ان تركز انتباهها على مشاكله واحتياجاته وتساعده في توفير البيئة الحياتية الملائمة أكثر بكثير من انشغالها في تقاطعاتها السياسية وحروبها الإعلامية والمشاريع المختلفة والمتصارعة على ارض الوطن".
واعرب عن ثقته بتجاوز القيادات الحريصة على هذا الوطن خلافاتها، مبينا ان الخلافات مهما كبرت فإنها تبقى تحت السيطرة بالنوايا الصادقة من الجميع وبالتنازلات التي تشمل الجميع لصالح الوطن، بحسب قوله. / انتهى ع | <urn:uuid:24de85bf-cdb3-4e6f-acc6-576152eacbaf> | CC-MAIN-2013-20 | http://www.ninanews.com/arabic/News_Details.asp?ar95_VQ=FLJFEI | 2013-05-22T11:33:03Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368701638778/warc/CC-MAIN-20130516105358-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.96671 | Arab | 5 | {"arb_Arab_score": 0.9667102694511414, "ars_Arab_score": 0.012083175592124462, "ary_Arab_score": 0.010421440936625004} |
رأس وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محي الدين خوجه اجتماع أعضاء الجمعية العمومية لمؤسسة مكة للطباعة والإعلام وذلك بحضور الشيخ صالح كامل ونخبة من رجال الأعمال من مالكي المؤسسة الجدد والقدامى.
وأقرت الجمعية تغيير اسم صحيفة «الندوة» إلى صحيفة «مكة المكرمة» ورفع رأس المال من ٣٠ مليون إلى ١٥٠ مليون ريال واعتماد أسماء (٥٩) رجل أعمال كملاك للمؤسسة وانتخاب صالح كامل رئيساً لمجلس الإدارة وانتخاب ١١ عضواً لمجلس الإدارة. | <urn:uuid:a5c806e2-f851-46e6-a4b6-350b88c15cb3> | CC-MAIN-2013-20 | http://www.al-madina.com/node/394772 | 2013-05-22T18:43:23Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368702298845/warc/CC-MAIN-20130516110458-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.969256 | Arab | 1 | {"arb_Arab_score": 0.9692564606666565, "ary_Arab_score": 0.024890946224331856} |
تجربة أسلوب حياة حصرية لفندقنا التي تم وضعها لتحقيق احتياجات المسافر بغرض الأعمال والمسافر بغرض المتعة صعب الإرضاء.
تقدم فنادقنا مجموعة واسعة من غرف المناسبات - بداية من غرف اجتماعات مجلس الإدارة الأنيقة إلى قاعات إقامة المآدب.
وسواء كنت تمضي رحلة طويلة، أو منطلقًا لعطلة نهاية الأسبوع، فإننا نجعل من إقامة كل طفل إقامة سحرية.
هذه الممتلكات الساحرة هي واحة الإجازات المثالية لك ولأحبائك.
يمكنك شراء بطاقة هدية أو رؤية مجموعتنا المذهلة من ملاءات الأسرّة ذات الجودة والوسائد والأرواب أو تذوق أنواع الشاي الممتازة التي نقدمها.
ثم يمكنك الدخول إلى الرفاهية المطلقة بعد ليلة منعشة على المنحدرات.
تتضمن وجهات الغولف الفخمة لدينا الجبال الخلابة، والصحاري المذهلة، والشواطئ الاستوائية الدافئة.
يمكنك تجربة مجموعتنا المتزايدة من المنتجعات الصحية الجميلة والخلابة في أنحاء العالم.
استعرض إصدار الخريف من 2012مجلة فيرمونت.
احتفل أنت وعروسك ببداية حياتكما معًا في أحد منتجعات زفافنا المميزة.
View our current offers
تحتاج إلى {0} إقامة أكثر أو {1} ليلة أكثر للوصول إلى مستوى {2}
أدخل كلمة مرور فيرمونت وسجّل الدخول لاستعادة جميع الحجوزات التي قمت بها عبر الإنترنت.
ينتصب هذا المنتجع الرائع أمام ستارة خلفية خلابة من جبال ماكداول في آريزونا، ويشكل تجسيداً لإرث الاستعمار الإسباني لآريزونا.
جائزة AAA الماسات الخمسةفيرمونت سكوتسدال 7575 East Princess DriveScottsdale, Arizonaالولايات المتحدة الأمريكية 85255هاتف: (480) 585-4848 فاكس: (480) 585-0091بريد إلكتروني: [email protected]خريطة المنتجع
وسائل الراحة المشتركة تقدم جميع الأجنحة والغرف المتخصصة في فيرمونت سكوتسديل وسائل الراحة التالية:
رسوم خدمات المنتجع
يتم فرض رسوم خدمات المنتجع اليومية بقيمة 29 دولار على كل غرفة في الليلة الواحدة (بالإضافة إلى الضرائب المفروضة). وتشمل رسوم خدمات المنتجع الدخول إلى مركز المغامرات العائلية Trailblazers Family Adventure Center ومواقف السيارات الذاتية والإنترنت الأساسي وغير ذلك.
حانة بلازابينما تجمع بين تطور مانهاتن والأسلوب الاستثنائي، توفر حانة بلازا تصميماً حديثاً وكوكتيلات مميزة وإطلالة على المياه وحفر نيران ومقاعد مريحة، وكل ذلك في أجواء داخلية/ خارجية فريدة. استمتعوا بقائمة طعام البار، ومفاجآت ساعة تقديم المشروبات المخفضة والفعاليات الموسميةتتوفر خدمة طاولات الشخصيات المهمة والزجاجات.
تتغير ساعات العمل حسب الموسمبروتوكول ارتداء الملابس: كوكتيل
المطبخ الأمريكي آيرونووديقدم المطبخ الأمريكي آيرونوود قائمة طعام شهية تضم الأطباق المطهية على الفحم في أجواء مغرية تدعو للاسترخاء.
تتغير ساعات العمل حسب الموسم بروتوكول ارتداء الملابس: ملابس غير رسمية ملائمة للمنتجع
ذا غريليقدم ذا غريل، من موقعه في مقر النادي في تي بي سي سكوتسديل، قائمة طعام جديدة تضم طعاماً بحرياً عالي الجودة ومستمر. مع أجواء مغرية، فإن ذا غريل هو ملاذ يدعو للاسترخاء لمحبي النبيذ والسيجار، أو أولئك الذين يرغبون ببساطة بالاستمتاع بمشروباتهم الكحولية المفضلة بإطلالة على 18 غرين الشهير. يفتح ذا غريل للإفطار والغداء والعشاء، ونوصي بالحجز مسبقاً. يفتح يومياً للإفطار والغداء والعشاء.
تتغير ساعات العمل حسب الموسمالملابس الملائمة: ملابس المنتجع
بوربون ستيكمطعم بوربون ستيك للطاهي البارع مايكل مينا يقدم طعاماً أمريكياً معاصراً مع تركيز على شرائح اللحم الطبيعية والعضوية والخالية من الهرومونات المنقوعة والمشوية على الحطب الخشبي. تركز الحانة في بوربون ستيك على الكوكتيلات المختارة الكلاسيكية، والتي يتم تجهيزها بقائمة من المكونات الطازجة وأفضل المشروبات الروحية بكميات صغيرة.
La Hacienda دلل نفسك في المأكولات المكسيكية العصرية الشهية من ريتشارد ساندوفال. تمتزج النكهات والمقادير الحية للمأكولات المكسيكية الكلاسيكية مع أساليب الطهي الأوروبية الخالدة بما يجسد للضيوف مفهوم "طرق قديمة بأيدي جديدة". وتضفي حانة التكيلا مذاقات حرفية ليلية وتوفر 110تشكيلة من التاكيلا من 36 عدة علامات تقدمها خبيرة التكيلا.
تتغير ساعات العمل حسب الموسمالملابس الملائمة:ملابس غير رسمية ملائمة للمنتجع.
السلامة والرفاهية في منتجع Willow Stream الصحي
ساعات العمل:
مركز اللياقة البدنية في فيرمونت هل تود الحفاظ على لياقتك أثناء سفرك؟ انضم إلى درس لياقة أو تمرين رائع في مركز لياقة فيرمونت سكوتسديل. مجاني للضيوف المقيمين
ساعات العمل:
من موقعه الإستراتيجي في ردهة مركز المؤتمرات، يتوفر مركز الأعمال كامل التجهيزات لجميع احتياجات الأعمال، على مدار سبعة أيام أسبوعياً. تشمل خدمات المركز إرسال الفاكسات والنسخ والإنترنت وخدمات الطباعة. تتوفر مجموعة كاملة من الخدمات السمعية البصرية أيضاً.
وصول فائق السرعة للإنترنت سيستمتع ضيوف فنادق ومنتجعات فيرمونت بإنترنت عالي السرعة في غرف ضيوف مختارة، بالإضافة إلى شبكة إيثرنيت متصلة بغرف الاجتماعات وإنترنت لاسلكي في المناطق العامة.
المعلومات والخدمات العامة
من مطار سكاي هاربر الدولي إلى فيرمنت سكوتسديل:
اخرج من ضاحية سكاي هاربر، شرقاً.
استمر على الطريق السريع 202. اتجه عبر الطريق السريع 202 شرقاً إلى الطريق السريع 101.
اتجه عبر الطريق السريع 101 شمالاً واخرج من طريق سكوتسديل.
استدر يساراً (جنوباً) على طريق سكوتسديل واستمر على طريق برينسيس.
استدر يساراً (شرقاً) على طريق برينسيس، واتبع اللافتات إلى فيرمونت سكوتسديل.
تأجير السيارات تقع خدمة تأجير السيارات في البهو الرئيسي. يمكن إجراء الحجوزات مقدما أو بالاتصال بخدمة الحاجب.سيارة ليموزين يمكن القيام بترتيبات خدمة ليموزين من خلال الحاجب.سيارات الأجرة يمكن الترتيب لسيارات الأجرة من خلال الحاجب أو مكتب خدمة الضيوف.
تتوفر ثلاثة مواقف سيارات في الفندق، واحد في كل قسم من الفندق. موظفي ركن السيارات: من $20 دولار أمريكي لليلة الواحدة، وتشمل امتيازات الدخول والخروج. *سيتمتع سائقو السيارات المهجنة بخصم 50% على مواقف السيارات مع خدمة الركن
مواقف السيارات الذاتية: $10 لكل ليلة.
مواقف سيارات الزوار: لا تنطبق مواقف سيارات الزوار على الضيوف الذين يزورون مرافق الصحة والرفاهية في ويلو ستريم أو يتناولون الطعام في بوربون ستيك أو المطبخ الأمريكي آيرونوود أو لاهاسييندا.
$8 - انتظار السيارة مع خدمة التوصيل من وإلى المرآب
$5 - مكان انتظار ذاتي
شارك قصصك على EveryonesAnOriginal.com
دخول غير محدود إلى عالم فيرمونت أينما ذهبت.
استمتع بـ 2 ليلة مجانية والعديد من المزايا الفريدة من نوعها! | <urn:uuid:f16310b9-a2fe-4322-8932-4dcf3635214e> | CC-MAIN-2013-20 | http://www.fairmont.ae/scottsdale/activities-services/destination-guide/ | 2013-05-22T18:44:06Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368702298845/warc/CC-MAIN-20130516110458-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.838505 | Arab | 49 | {"arb_Arab_score": 0.8385045528411865, "ary_Arab_score": 0.06508941203355789, "ars_Arab_score": 0.059333786368370056, "arz_Arab_score": 0.016943711787462234} |
أ مريحة وتبقى أيضا ب & بفي حي آشلاند هادئة. سارة من المشي إلى مسارح "المهرجان شكسبيري في ولاية أوريغون". المجالات المشتركة مريحة داخل وخارج. ممتاز بريكفاستس، وتأمين وقوف السيارات قبالة الشارع. نحن يتمتع إقامتنا في غرفة روز. سوف نبقى في "البيت تودور" مرة أخرى. وفي الواقع أننا سوف. ونحن قد الفعل محفوظة غرفة زيارتنا القادمة الإيداع. | <urn:uuid:442abaff-1a0c-4062-8373-5ae7ac07fa0f> | CC-MAIN-2013-20 | http://www.tripadvisor.com.eg/Hotel_Review-g29998-d80944-Reviews-Ashland_s_Tudor_House-Ashland_Oregon.html | 2013-06-19T16:26:49Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368708882773/warc/CC-MAIN-20130516125442-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.897025 | Arab | 1 | {"arb_Arab_score": 0.8970252275466919, "ars_Arab_score": 0.07538703829050064, "ary_Arab_score": 0.012955296784639359, "aeb_Arab_score": 0.012706070207059383} |
سفياتوسلاف الأول
|سفياتوسلاف الأول|
أمير كييف
|في المنصب
945 – 972
|أتى قبله||إيغور بن روريك (دي فكتو أولغا)|
|أتى بعده||ياروبولك الأول|
معلومات شخصية
|ولد في||942
|مات||972
|الديانة||وثنية|
محتويات
المذكرات الأولى [عدل]
يذكر اسم سفياتوسلاف لاول مرة في الاسفار التاريخية عام 945 حين شارك في اول معركة له مع قبيلة الدريفلان وهو الطفل البالغ من العمر 3 سنوات .
حكمه [عدل]
تربى سفياتوسلاف منذ نعومة اظافره كمقاتل، وعلمه العسكري الاسكندنافي أسمود على ركوب الخيل وقيادة المركب والاختفاء في الغابة والسهب من الاعداء. واما القائد الاسكندنافي الآخر سفينيلد فعلم سفياتوسلاف على فن الحرب. بدأ سفياتوسلاف بممارسة الحكم في كييف منذ منتصف ستينات القرن التاسع، وتسلم زمام السلطة من امه اولغا، لكنه لم يشبه امه التي كانت قد اعتنقت الدين المسيحي. وبقي وثنيا في الحياة الاجتماعية والحياة المنزلية، حيث تعددت لديه الزوجات كما جرت العادة لدى السلافيين الوثنيين وانجبت كل منهن اطفالا له. وكان يعبد الاصنام التي ترأسها آنذاك الالة بيرون.
كما اختلف سفياتوسلاف عن امه في موقفه من ادارة الدولة. فقد كانت امه تحرص على الحفاظ بامارتها، فيما كان الامير سفياتوسلاف يحلم بفتوحات بعيدة وحملات عسكرية خارج امارة كييف.
وتصفه الاسفار بانه مقاتل حقيقي كان يبيت في العراء واضعا سرجا تحت رأسه وليس في خيمة. لم يأكل سفياتوسلاف لحما مطبوخا في مطبخ، بل شوى لحم الحيوانات المفترسة على النار. ولم يسمح لنفسه ولعساكره بان يأخذوا معهم اثقالا. لذلك كانت خيالته الخفيفة سريعة في التنقل ومفاجئة للعدو بهجماتها المباغتة. لم يخف سفياتوسلاف من اعداءه. وقبل ان يبدأ في حملة عسكرية كان يبعث برسالة الى خصمه مفادها:" اريد مهاجمتكم".
الحملات العسكرية [عدل]
وقام سفياتوسلاف بحملتين عسكريتين كبيرتين ، اولهما ضد دولة الخزر.
والخزر من الأقوام التركية التي أسست إمبراطورية في أوروبا الشرقية دامت اكثر من 500 عام و قد اتخذوا ايتيل ( أستراخان الحالية ) عاصمة لهم. وكان حكام الخزر يعتنقون اليهودية. اما الشعب فكان من المسلمين والمسيحيين.
قرر سفياتوسلاف توجيه ضربات الى شعب بلغار نهر الفولغا والخزر. واستمرت حملته العسكرية ضدهما 4 سنوات. وانتصر الامير سفياتوسلاف خلالها في كل المعارك وقهر البلغار والخزر وقبائل الياسوغ والكاسوغ في شمال القوقاز، واستولى على حصون نهر الدون وأسر اهاليها، وخرب عاصمة الخزر مدينة ايتيل وأسس قاعدة روسية على شاطئ مضيق كرتش المطل على البحر الاسود تحولت فيما بعد الى امارة تموتاراتان الروسية.
في عام 968 الميلادي نظم سفياتوسلاف حملة عسكرية اخرى ضد دولة بلغاريا الواقعة على نهر الدانوب، حيث دحر جيشه المتألف من 10 آلاف جندي 30 ألف من جحافل البلغار واستولى على مدينة فيليكي بريسلاف التي اطلق عليها تسمية سلافية شرقية وهي بيرياسلافيتس التي اراد ان يتخذها عاصمة له.
وهرب القيصر البلغاري الى بلاد الروم، حيث اتفق مع الامبراطور نقفور الثاني على تحريض الرحل البيشينيغ ضد امارة كييف . فهاجمت خيالة البيشينيغ كييف واحكمت الحصار عليها، مما اضطر سفيتوسسلاف الى العودة الى وطنه وطرد البيشسينيغ من اراضي كييف . فقال سفياتوسلاف لامه انه لا يريد الحكم في كييف، بل يريد ان يعيش في بيريياسلافيتس التي هي حلقة الوصل بين الغرب والشرق والموطن العريق لشعبه الذي كان في الازمة الغابرة يقطن ضفاف نهر الدانوب. فقسم سفياتوسلاف امارة كييف بين ابنائه الثلاثة.
وأبقى ابنه الاكبر ياروبولك ليحكم في كييف وارسل فلاديمير الى مدينة نوفغورود الكبرى ليحكم فيها وارسل ابنه الثالث اوليغ الى ارض دريفليان. ثم تعجل ليحضر الى مملكته الواقعة على نهر الدانوب حيث دحر عام 970 القيصر البلغاري بوريس وضم بلاده كلها الممتدة من نهر الدانوب الى جبال البلقان. ثم وقعت معركة حاسمة بين جيشه والقوات البيزنطية، فانتصر فيها ايضا. لكنه فقد عددا كبيرا من جنوده، لذلك تخلى عن حصار القسطنطينية واكتفى بتقبل الهدايا، فعاد الى عاصمته الجديدة. في عام 971 استمرت الحرب بين سفياتوسلاف والامبراطورية البيزنطية التي اسفرت عن توقيع اتفاقية الهدنة بين الجانبين.
وفاته [عدل]
بعد توقيع اتفاقية السلام مع الروم قررسفياتوسلاف زيارة اهله في كييف حيث توفت امه، فابقى جيشه في العاصمة البلغارية وتوجه الى كييف على رأس فريق صغير من عساكره.
وأبلغ البيزنطيون البيشينيغ عن رحلة سفياتوسلاف، فنصبوا كمينا وقع فيه هو و فريقه.وتروى الاسفار ان امير البيشينيغ قتل سفياتوسلاف فصنع كأسا من جمجمته وملأه بالنبيذ ليشرب منه هو وعساكره. وحدث ذلك في عام 972 الميلادي. | <urn:uuid:918c20cb-11e3-419e-b7d5-87d1a5cef39c> | CC-MAIN-2013-20 | http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%81%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%88%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%81_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84 | 2013-05-18T13:42:14Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368696382398/warc/CC-MAIN-20130516092622-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.820357 | Arab | 68 | {"arb_Arab_score": 0.8203571438789368, "arz_Arab_score": 0.08755860477685928, "ary_Arab_score": 0.05802307277917862, "ars_Arab_score": 0.020610149949789047} |
فقدت الليرة السورية نحو 51% من قيمتها منذ بداية الحركة الاحتجاجية منتصف آذار/مارس وبلغت قيمتها التداولية الأربعاء في السوق الموازية مقابل الدولار الأمريكي 71 ليرة سورية ما يفاقم الصعوبات الاقتصادية في البلاد.
وبقي سعر صرف الليرة السورية مستقراً مقابل الدولار بسعر 46 ليرة منذ 2006 لغاية آذار/مارس 2011، ثم تراوح صرفها في تموز/يوليو بين 58 و60 ليرة، قبل الهبوط خلال الأسبوعين الماضيين، ليصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق.
ويؤكد ماهر، وهو صاحب مكتب خاص للصرافة في دمشق "لقد جرى تداول الليرة الأحد في السوق الموازية بسعر 65 ليرة للدولار قبل أن يتراجع سعر صرفها الاثنين الى 67 ثم 71 ليرة سورية مقابل الدولار في هذا الصباح".
ويشير رئيس تحرير نشرة سيريا ريبورت الاقتصادية جهاد يازجي إلى أن الهبوط المتسارع لليرة مرتبط مباشرة بالأزمة السياسية التي ترمي آثارها بقوة على الاقتصاد بالإضافة الى العقوبات الاقتصادية على استيراد النفط السوري".
ويضيف يازجي "لقد دخلت هذه العقوبات حيز التنفيذ في شهر تشرين الثاني/نوفمبر ونلاحظ منذ ذلك الحين هبوط قيمتها" مشيرا الى أن "العائدات الحكومية من العملة الأجنبية تنخفض نظرا لكون النفط يمثل ربع قيمة الصادرات السورية".
ولتدارك هروب العملة الصعبة عمد المصرف المركزي الى السماح للمرة الأولى بفتح حسابات توفير بالدولار واليورو شرط تجميد الرصيد لمدة ستة أشهر".
كما رفع المصرف مستوى الفائدة للحسابات المودعة بالليرة السورية الى 11 بالمئة بينما كانت من 5 و 7 بالمئة حسب فترة الايداع.
وانعكس هبوط سعر صرف الليرة على القيمة الشرائية بالنسبة للسوريين رغم نجاح السلطات بالتحكم في التضخم، الا ان الحكومة لم تنشر بعد الارقام الاقتصادية لعام 2011 بما يتعلق بالناتج المحلي الخام.
ويؤكد مدير أحد المصارف الخاصة سامر حبيب "ان هبوط سعر صرف الليرة من شأنه بالمقابل أن يؤمن فرصا للصناعة المحلية لزيادة صادراتها التي أضحت منخفضة الثمن".
واعلنت عقوبات اقتصادية عربية ضد سوريا في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الا انه لم يجر تطبيقها من قبل جميع البلدان.
وبحسب المكتب المركزي للاحصاء فان التبادلات مع الدول العربية في عام 2009 تنحصر بنسبة 52,5 بالمئة من الصادرات مقابل 16,4 بالمئة من الواردات.
وتصدر سوريا منتجاتها بالدرجة الاولى الى العراق (31,4 بالمئة) ولبنان (12,7 بالمئة) اللذين اعلنا انهما لن يطبقا قرار الجامعة العربية بشان فرض العقوبات على سوريا.
وتشمل العقوبات الاقتصادية العربية التي فرضتها الجامعة في 27 تشرين الثاني/نوفمبر تجميد التبادلات التجارية مع الحكومة السورية وتجميد ارصدتها المصرفية في البلدان العربية.
واضاف حبيب "ويعود سبب هبوط الليرة الى عدم نضج السوق السوري والى التلاعب".
وشجع سعر الصرف الرسمي الذي يبلغ 57,5 ليرة مقابل الدولار على التلاعب بالاضافة الى تقلب سوق الصرف.
ويكشف ماهر "خلال الاسابيع الاولى للازمة كان الزبائن يشترون الدولار او اليورو بالسعر الرسمي لبيعه في السوق السوداء".
ولجات السلطات لمواجهة هذا الوضع الى منع بيع الدولار بالسعر الرسمي في المؤسسات المالية مع بعض الاستثناءات كما في حال السوريين الراغبين بالسفر الى الخارج للعلاج او للدراسة.
وصرح وزير الاقتصاد محمد الشعار مؤخرا ان الحكومة تعطي الافضلية الان لحفظ الاحتياطي من العملة الصعبة.
ويعتبر يازجي ذلك "طريقة للقول ان الحكومة ليست مستعدة للدفاع باي ثمن عن الليرة".
واشار حبيب "ان ذلك لا يعني ان هبوط الليرة لا عودة عنه" مذكرا "بهبوط الليرة في عام 2006 اثناء التحقيق بمقتل رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري".
وخلص هذا المصرفي الى القول "ان مستقبل الليرة السورية متعلق بمدى استمرار الازمة في البلاد". | <urn:uuid:062d0982-3055-49cb-a246-461f6aae5086> | CC-MAIN-2013-20 | http://www.alarabiya.net/articles/2012/01/19/189188.html | 2013-05-21T14:16:57Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368700107557/warc/CC-MAIN-20130516102827-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.97829 | Arab | 2 | {"arb_Arab_score": 0.9782900810241699, "ary_Arab_score": 0.010961922816932201} |
يبدو أن المشاكل لم تتوقف عن ملاحقة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، حتى بعد رحيله عن البلاد وتوجهه للولايات المتحدة طلباً للعلاج، حيث تلقى طلب استدعاء للإدلاء بشهادته أمام المحكمة في قضية تخص أحد المعتقلين في غوانتانامو على خليفة حادث تفجير المدمرة الأمريكية "كول".
وقالت صحيفة "ميامي هيرالد" الأمريكية في عددها الصادر أمس إن محكمة أمريكية أقرت الثلاثاء الماضي طلباً يقضي باستدعاء الرئيس اليمني المنتهية ولايته علي عبدالله صالح من مقر إقامته في أحد المستشفيات بنيويورك، حيث يتلقى العلاج جراء إصابته في محاولة اغتيال فاشلة تعرض إليها منتصف العام الماضي.
ووفقاً لما نقلته صحيفة "الخليج" الإماراتية عن "ميامي هيرالد" فقد تم استلام وختم الطلب الذي تقدم بها محامو الدفاع أول من أمس الثلاثاء لإعطاء وكالات الاستخبارات الأمريكية الوقت الكافي للتحقيق في الأمر، ومن المنتظر أن تعلق النيابة العامة في البنتاغون على الطلب ولم يكن هناك أي تعليق من جانب المتحدث باسم السفارة اليمنية في واشنطن.
وأوضحت الصحيفة أن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" قامت بتسليم مذكرة طلب تقضي باستدعاء الرئيس صالح للإدلاء بشهادته مقدماً لدى المحكمة، مشيرة إلى أن فريق الدفاع عن أحد سجناء غوانتانامو، الذي يزعم انتماءه لتنظيم القاعدة والمتهم بتفجير المدمرة "كول الحربية" في ميناء عدن في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام 2000 قام بتقديم طلب إلى القاضي العسكري، لإصدار أمر يقضي باستدعاء صالح للإدلاء بشهادته في هذه القضية من داخل المستشفى الذي ينزل فيه في نيويورك.
وبحسب الصحيفة فإن "الضابط البحري ستيفن رايس رفض الإفصاح عن ماهية الأسئلة التي ينوي توجيهها للرئيس صالح القوي، المنتهية ولايته نيابة عن عبدالرحيم الناشري الذي يواجه حكماً بالإعدام في غوانتانامو العام المقبل"، مشيرة إلى أن رايس "يتوقع أن يصدر قاضي هيئة القضاء العسكري مذكرة استدعاء ستجبر الرئيس اليمني على الشهادة على الرغم من إعلان وزارة الخارجية الأمريكية أن الرئيس البالغ من العمر 69 عاماً سيحظى بحصانة دبلوماسية كرئيس دولة".
وتتهم النيابة العامة في البنتاغون الناشري بأنه المخطط الرئيسي للهجوم الذي نفذته القاعدة على السفينة الحربية الأمريكية "يو إس إس كول" في المياه اليمنية عندما كان يمسك صالح بقوة زمام الحكم في بلاده. | <urn:uuid:e824b0bf-4075-4233-b9bf-61dacc9969b0> | CC-MAIN-2013-20 | http://www.alarabiya.net/articles/2012/02/02/192123.html | 2013-05-21T14:51:09Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368700107557/warc/CC-MAIN-20130516102827-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.983388 | Arab | 1 | {"arb_Arab_score": 0.98338782787323} |
الأسد اشترط وقف «الإرهاب».. والمعارضة تعتبر دعوة الموفد الأممي الجديدة إعلان فشل
بيروت: ليال أبو رحال ونذير رضا بروكسل: عبد الله مصطفى
بالتزامن مع وقوع انفجاريين أمس في حي بابا توما في دمشق وآخر في حي السريان في حلب، وكلاهما من الأحياء ذات الغالبية المسيحية، دعا المبعوث العربي الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أطراف النزاع إلى وقف القتال «بقرار منفرد خلال عيد الأضحى.. يبدأ متى يريد (كل طرف) اليوم أو غدا»، وذلك عقب انتهاء مباحثاته مع الرئيس السوري بشار الأسد أمس.
من جانبه، أبلغ الأسد الإبراهيمي بأن «أي مبادرة أو عملية سياسية يجب أن تقوم في جوهرها على مبدأ وقف الإرهاب، وما يتطلبه ذلك من التزام الدول المتورطة في دعم وتسليح وإيواء الإرهابيين في سوريا بوقف القيام بمثل هذه الأعمال»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
ورغم أن الإبراهيمي لم يفصح عما تم خلال لقائه بالأسد، فإن المعارضة السورية ومراقبين اعتبروا دعوة الإبراهيمي الجديدة بمثابة «إعلان فشل في الحصول على أي ضمانات بوقف القتل من النظام السوري»، وأوضح عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني أحمد رمضان، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإبراهيمي، وإن سمع تصريحات عامة مرحبة، لكن الموقف الفعلي هو ضد الاستجابة لأي مبادرة». | <urn:uuid:403a6136-0ff2-4489-9136-f90652cdf7d7> | CC-MAIN-2013-20 | http://www.aawsat.com/details.asp?section=1&issueno=12382&article=700772&feature= | 2013-05-26T07:11:16Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368706635944/warc/CC-MAIN-20130516121715-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.962721 | Arab | 2 | {"arb_Arab_score": 0.9627207517623901, "ary_Arab_score": 0.031781893223524094} |
وماهو حال العرب بعد العراق وصدام حسين ؟ انهم فى أسوأ حال وقد قلتها حينما كانت فيه الطائرات الامريكيه والبريطانيه تسقط حممها على بغداد عاصمة الرشيد والغزاه يعبرون حدوده لتطأ أقدامهم النجسه ثرى العراق الطاهر وذالك بمشاركة وتواطىء من بعض الأنظمه العربيه اللتى وقفت موقف المتفرج بل وربما المتآمر والمشارك تجاه هذا العدوان البربرى السافر وهاهى تلك الأنظمه تعض أصابع الندم اليوم وهى تشاهد الايرانيين يسرحون ويمرحون ويحيكون المؤامرات تلو المؤامرات ضد بلدانهم وشعوبهم الخليجيه دون أن يستطيعو أن يوقفوه أو يحركو له ساكنآ وما العدوان الحوثى على حدود المملكه الا أكبر شاهد على ما أقول وهو ناتج الغزو الأمريكى للعراق وتقديم العراق لقمة سائغة وهدية لا تقدر بثمن فى فم الوحش الايرانى وأذنابه فى العراق .عجبى اليوم هو كيف لهؤلاء الزعماء العرب من وجه يسوقونه أمام شعوبهم من خلال مؤتمراتهم عديمة الجدوى واللتى لا تعدو كونها مضيعة للوقت وضحك على الذقون وزعيم خالد كالزعيم العربى صدام حسين يعلق فوق ألواح المشانق وهم يتفرجون عليه ثم يأتون الينا ليحدثونا عن مؤتمرات واجتماعات لهم يبشرنا بها البوق الناطق لهم عراب الجامعه العربيه مصطفى عمر واللذى عليه الذهاب لجهنم هو وجامعته اللتى لم تستطع انقاذ العراق وشعبه وهى اللتى بالطبع لن تستطيع انقاذ زعيم عربى آخر لو قدر له أن يعلق فوق أعمدة المشانق مرة أخرى . | <urn:uuid:2bb5edaa-3bf9-4423-a768-6f069d77c9b6> | CC-MAIN-2013-20 | http://www.sharq.cc/news.php?action=show&id=6241 | 2013-05-20T06:45:31Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368698493317/warc/CC-MAIN-20130516100133-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.756616 | Arab | 1 | {"arb_Arab_score": 0.7566162347793579, "ars_Arab_score": 0.10995049774646759, "arz_Arab_score": 0.08326806873083115, "ary_Arab_score": 0.0260531734675169, "ajp_Arab_score": 0.011622138321399689} |
آرثر ستانلي إدنغتون
السير آرثر ستانلي ادنجتون ولد في 28 ديسمبر 1882 وتوفي في 22 نوفمبر 1944 هو عالم وفيزيائي وفلكي بريطاني شهير كان عضوا بالجمعية الملكية البريطانية وكان مولعًا منذ وقت مبكرٍ بنظام الكون وبحركة النجوم وتكوينها الداخلي. وفي عام 1916 م، انتهى إلى أن الضغط الإشعاعي عامل رئيسي من عوامل الحفاظ على توازن النجم، إلى جانب الجاذبية وضغط الغاز. بعد ذلك وضَّح العلاقة بين الكتلة وضوء النجم. وهذه العلاقة أساسية في البحث الفلكي، خصوصًا في دراسة حركة النجوم. وقاده هذا وعمله الآخر في طبيعة النجوم إلى البحث عن العلاقة بين كل المرتكزات الأساسية للطبيعة. كان أول من لاحظ انحراف الضوء بوساطة مجال الجاذبية الشمسية. وكان أينشتاين قد تنبَّأ بهذا في نظريته النسبية العامة. كتب أدنجتون عدة كتب، وضَّحت طبيعة الكون في مصطلحات مألوفة لدى الجمهور. تشتمل كتبه على : الحركات الكوكبية؛ بناء الكون عام (1914 م)؛ البناء الداخلي للكواكب (1926 م)؛ فيزياء العالم الطبيعي (1928 م).
دراسة النظرية النسبية [عدل]
تعلم الفلكي الإنجليزي الشهير ادنغتون في إحدى مدارس طائفة «الكويكرز» ثم واصل دراسته في «مانشستر» و«كيمبرديج» حيث عمل فيما بعد استاذاً للفلك، وتركها إلى «غرينتش» ليعود إلى مرصد «كيمبريدج» شاغلاً مركز مدير المرصد، وقد اختير ادنغتون زميلاً في الجمعية الملكية. اشتهرت دراسات ادنغتون على الأنهار النجمية «مجرات هائلة» وعلى البنى الداخلية للنجوم، وقد حسب عمر الشمس فتوصل إلى أن مجموع حياتها منذ نشوئها حتى نهاية مستقبلها عندما تبرد يبلغ خمسة عشر ألف مليون سنة، وقد وضع ادنغتون تفسيراً للنظرية النسبية، وله عدة مؤلفات منها: الحركة النجمية وبنية الكون المكان والزمان والجاذبية النجوم والذرات وقد درس «نظرية ويل» فكتب حولها: تعميم نظرية ويل للمجالات الكهرطيسية والتجاذبية.
آرثر إدنجتون كان أول من عمل علي دراسة النظرية النسبية واثبت صحتها وذلك بالبعثة التي قام بها عام1919 لجنوب أفريقيا بملاحظة وقياس انحراف أشعة أحد النجوم بسبب المجال الجذبى للشمس مما يتفق مع حسابات النسبية العامة وكان له أول دور في شهرة العالم الشهير البرت اينستين صاحب النظرية النسبيه حيث كان يعيش اينستين في ألمانيا في ذلك الوقت ولم يعرف في العالم!
وقد كتب ايدنجتون العديد من المقالات في ذلك الوقت التي شرحت نظرية اينشتين "النسبية العامة" للجمهور الإنجليزي رغم الاعتراض الذي لاقاه حينها لظروف الحرب العالمية الأولى بين ألمانيا وإنجلترا حيث قطعت الاتصال العلمي بين البلدين ورغم ذلك قام أدنجتون بدراسة لكسوف شمسي في عام 1919 واثبت صحة النظرية النسبية وكان له الفضل بان يعرف العالم اينستين!!! و أصبح أدنجتون معروفا باستكشافاته واسهاماته لهذه النظرية.
من اقوال السير آرثر أدنجتون [عدل]
- من الاستنتاجات التي أخذناها عن النظرية النسبية أنه يجب أن توجد قوه تعرف باسم التنافر الكوني، تعمل علي نشوء مثل هذا النوع من التشتت الذي معه يتباعد كل جرم عن أي جرم آخر.
- أن درجة حرارة مركز الشمس تبلغ عدة ملايين من الدرجات المئوية. عند هذه الدرجة تتحد نويات الذرات، في عمليات الاندماج الحراري النووي.
- ان الكون كما صورته معادلات اينشتاين هو كون غير ثابت.
- الكون بدا بحاله ساكنه, ثم اخذ في التمدد نظرا لطغيان قوي الدفع للخارج علي قوي الجاذبيه.
- ان الحتميه لا تكون ممكنه الا إذا كان في الإمكان تحديد الحركات والأوضاع في أن واحد ولكن بما أنه يستحيل تحديد الاثنين معا وفقا لقوانين الطبيعة فان الحتميه المطلقة اذن أمر لا سبيل إلى تقريره
|المزيد من الصور والملفات في كومنز عن: آرثر ستانلي إدنغتون| | <urn:uuid:c4780f81-2fff-4674-9b2c-054646962f9b> | CC-MAIN-2013-20 | http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A2%D8%B1%D8%AB%D8%B1_%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%84%D9%8A_%D8%A5%D8%AF%D9%86%D8%BA%D8%AA%D9%88%D9%86 | 2013-05-24T06:02:13Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368704234586/warc/CC-MAIN-20130516113714-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.7682 | Arab | 7 | {"arb_Arab_score": 0.7682000398635864, "ary_Arab_score": 0.15963147580623627, "arz_Arab_score": 0.039724744856357574, "ars_Arab_score": 0.01855340786278248, "aeb_Arab_score": 0.011035819537937641} |
اتحاد طلاب جامعة الخرطوم… ضوء في آخر النفق، “تصور للخروج من الأزمة..بقلم:مصطفى حاتم عبد الباقي “
مصطفى حاتم عبد الباقي..
ما يحدث في جامعة الخرطوم فرصة لالتقاط الانفاس واعادة ترتيب الصفوف، وقد دار حديث في الأيام الماضية حول دور اتحاد طلاب جامعة الخرطوم في تسيير الحراك الطلابي داخل الجامعة. هذا المقال كتب في نوفمبر الماضي بعد فشل انتخابات الاتحاد “لعدم اكتمال النصاب” . وهو يعرض وجهة نظر شخصية لإعادة صياغة وضعية الاتحاد من حيث آلية الانتخاب وطريقة العمل:
اتحاد طلاب جامعة الخرطوم… ضوء في آخر النفق، “تصور للخروج من الأزمة”
إن الأزمة التي يمر بها النشاط الطلابي في جامعة الخرطوم متعددة الأوجه. فلا يخفى على أحد التدهور البيـّـن لمستوى الأنشطة الثقافية والسياسية والاجتماعية والرياضية -بل وحتى الأكاديمية- داخل الحرم الجامعي. وتتخذ الأزمة أوضح صورها عندما يتطرق الحديث إلى اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، هذه “المنارة” التي راكمت إرثاً طلابياً غنيا،ً منذ تشكل نواته الأولى في العام 1938م تحت مسمى “جمعية الثقافة والاصلاح”، ليمر بعدها بمراحل تطورية واكبت التطور الذي طرأ على هيكلة الجامعة ذاتها، وتغيرت خلالها مسمياته لتعبر محطات: “لجنة اتحاد كلية غردون والمدارس العليا” 1941م، ثم “إتحاد الكلية الجامعية” 1946م، مروراً بمحطة” إتحاد عام الطلاب السودانيين” 1948م، حتى استقرت المسيرة أخيراً عند محطة “اتحاد طلاب جامعة الخرطوم” في العام 1957م، أي في العام التالي لاستقلال السودان وإتخاذ الجامعة لاسمها الحالي.
عوارض هذه الأزمة المتعلقة بالاتحاد تبدو جلية في عزوف الطلاب عن المشاركة في مختلف الأنشطة المتعلقة به، ابتداءً بالعملية الانتخابية المناط بها تكوين الاتحاد من ترشيح وتصويت وما يصاحب ذلك، وانتهاء بالأنشطة المختلفة التي ينظمها الاتحاد في دوراته. لقد شهدت الفترة من العام 2003م وحتى 2011م ثمان دورات انتخابية، تمخضت خمس منها عن ولادة اتحادات (أعوام 2003، 2004، 2005، 2006، 2009م) فيما فشلت ثلاث في ذلك نتيجة لعدم اكتمال النصاب المطلوب في سابقة لم تشهد جامعة الخرطوم مثيلاً لها خلال تاريخها الطويل. وإن دققنا أكثر، لوجدنا أن معظم الأعوام التي تشكلت فيها اتحادات في الفترة المذكورة لم تتجاوز فيها نسبة التصويت حاجز ال50% بكثير.
إن النشاط النقابي جزءٌ أصيل من مجموع الحراك الطلابي داخل الجامعة. وفي كل جامعات الدنيا تنشط الاتجاهات الفكرية المختلفة في طرح رؤاها وأفكارها على الطلاب ومحاولة كسب المؤيدين لتلك الرؤى، والمعلوم أن أفراد الطبقات السياسية والشخصيات العامة في شتى بقاع العالم ينطلق نشاطهم في الغالب من مرحلة الدراسة الجامعية ومنابرها الطلابية النقابية. جامعة الخرطوم ليست استثناءً، لذا فإن أي حديث عن “تقزيم” هكذا نوع من النشاط يعد مغالطاً للواقع، بل لا أبالغ إن قلت أنه يضر بالوطن على المدى المنظور من حيث تخريج جيل من القادة الغير مؤهلين فكرياً وإدارياً. إن الحديث هنا ينبغي أن يكون عن تطوير وتحديث النشاط النقابي و السياسي داخل الجامعة والوقوف على أسباب الفشل لمعالجتها ومن ثم الإنطلاق، فعجلة التقدم ينبغي أن تسير إلى الأمام.
وعند الحديث عند أزمة “كوسو”، تطفو على السطح عدة إشكاليات، وسأتناول هنا اشكاليتين، الأولى تتعلق بالنظام الانتخابي المتبع حالياً والثانية تتعلق بماهية دور الاتحاد.
*** الإشكالية الأولى:
قبل الحديث عن النظام الانتخابي الحالي، يجدر بنا أن نقدم قراءة سريعة للتاريخ، فتاريخ جامعة الخرطوم يخبرنا أن الطريقة المتبعة في الانتخاب كانت عبر نظام “التمثيل النسبي” منذ العام 1957 وحتى العام1970م، وفي هذا النظام تمثل كل قائمة بعدد من مقاعد المجلس الأربعيني يعادل نسبة الأصوات التي حصلت عليها. ثم عدل النظام الانتخابي في العام 1972م ليصبح وفقاً لطريقة الانتخاب “الحر المباشر” أو ما يعرف بـ”نظام الأغلبية” وفيه تفوز القائمة صاحبة الأصوات الأعلى بكل مقاعد مجلس الاتحاد. وهو النظام الذي بني عليه النظام الانتخابي لدستور الاتحاد للعام 1993م.
إن نظام الأغلبية المعمول به حالياً كان أحد الأسباب الرئيسية في تردي الحال ووصوله إلى مآلاته التي نعايشها الآن. فهو نظام انتخابي يقود إلى خلق حالة من الاستقطاب الحاد بين المعسكرات المختلفة، ويفضي إلى شكل من أشكال “انعدام الاستقرار” في الممارسة النقابية بسبب جنوح البعض إلى سياسات إفشال العملية الانتخابية بالمقاطعة في بعض الأحيان أو باتباع أسايب أخرى، كما أنه يؤدي لخلق حالة من الجمود في المشهد الانتخابي، ويقود إلى تبني خطاب يتدنى فيه مستوى الطرح والحوار وتغيب فيه الخطط والبرامج الواضحة المدروسة؛ ناهيك عن الجنوح إلى استعمال العنف اللفظي والبدني. أضف إلى ذلك أنه يقصي العديد من الشرائح التي لها وزن لا يستهان به داخل الجامعة، الشيء الذي يفقد الاتحاد –إن وجد- جزءاً ليس بالهين من جمعيته العمومية كان الأحرى الاستفادة منها وتسخير طاقاتها فيما فيه مصلحة الطلاب والجامعة.
إن التجربة العالمية تسير نحو قبول الديمقراطية التعددية كأسلوب للحكم، فهي الصيغة التي تضمن تمثيل أكبر قدر ممكن من الاتجاهات والشرائح داخل كيان الدولة. وإذا أسقطنا هذا على الجامعة، يصبح لزاماً علينا كطلاب أن نسعى لإيجاد صيغة تعددية فيما يمكن أن نطلق عليه مجازاً حكومة الطلاب، أي اتحاد طلاب جامعة الخرطوم.
عليه فإنني هنا، سأحاول أن أقترح ما أرى أنه يمكن أن يمثل صيغة انتخابية جديدة يمكن تطبيقها. والصيغة التي اقترحها هنا هي أن يتم توزيع مقاعد الاتحاد (40 مقعد) على كليات الجامعة المختلفة (19 كلية) بحيث يكون لكل كلية عدد من مقاعد الاتحاد يعادل نسبة طلاب الكلية من مجموع طلاب الجامعة. على أن يتم التصويت لمرشحي كل كلية داخل الكلية المعنية فقط، ويحسب النصاب من عدد طلاب الكلية. ويفوز المرشحون الذين يحصلون على أعلى عدد من الأصوات داخل الكلية.
فعلى سبيل المثال: لو افترضنا أن الجامعة بها 3 كليات بمجموع 100 طالب، موزعين كالآتي:
الكلية (أ):50 طالب، الكلية (ب): 30 طالب، الكلية (ج): 20 طالب
عليه تحصل الكلية (أ) على: 50/100= 50% من المقاعد=20 مقعداً.
وتحصل الكلية (ب) على: 30/100 = 30% من المقاعد الأربعين … إلخ
إن هذه الصيغة –إن وظفت بشكل جيد- يمكن أن تعمل على تحريك أكبر قدر ممكن من الطلاب ليشاركوا في النشاط النقابي لأن التصويت هنا يكون على نطاق أضيق، ما يوفر فرصة أكبر للطلاب ليحتكوا مع مرشحيهم ويوفر لهم الفرصة ليصوتوا على أساس الكفاءة. فالطالب عندما يصوت لطالب من كليته سيكون أقدر على التعرف على امكاناته ومؤهلاته الذاتية. كما أن هذه الصيغة –التي يمكن اعتبارها شكلاً من أشكال التمثيل النسبي- تضمن تمثيل أكبر قدر ممكن من الاتجاهات داخل الجامعة، بل وتقدم الحافز لمختلف الاتجاهات كي تطرح أفكارها على نطاق أوسع وبصورة “أكثر تحضراً ووعياً” حيث أن الامتحان هنا يكون حقيقياً، والحكم هو عقل الطالب، وهذا –بطبيعة الحال- سيؤدي إلى تطوير وتجديد الحركة الفكرية والسياسية وتبني مستوى أكثر رقياً من الحوار الهادف البناء. أضف إلى ذلك أن هكذا صيغة ستؤدي لكسر حالة الاستقطاب الحاد –ولو جزئياً- وتستفيد من الطاقات الطلابية المهدرة التي تقف على رصيف المتفرج.
إن نجاح جيل الطلاب في خلق صيغة بهذا الشكل (يكون جوهرها قبول التعددية وخلق روح العمل الجماعي بين مختلف الاتجاهات) سينعكس بالإيجاب على واقع الوطن الأكبر.
*** الإشكالية الثانية:
إن الحديث عن تحديد أدوار الاتحاد عادة ما يصاحبه كثير من اللغط، فهذا السؤال يبرز الكثير من المغالطات والتعميمات، مما يجعل الوصول إلى إجابة قطعية نوعاً من الجدل غير المثمر. عليه، فإنني أرى أنه من الأنسب الحديث عن الاتحاد كنقابة طلابية تتولى دورين أساسيين (إضافة لأدواره الثقافية والرياضية والأكاديمية والإجتماعية وغيرها):
الأول دور الاتحاد كجهة “تمثيلية” تمثل طلاب الجامعة أمام ادارة الجامعة والجهات الأخرى ذات الصلة بالعملية التعليمية، وكذلك تعكس آراء وتوجهات الطلاب في القضايا العامة.
والثاني يتعلق بالخدمات، وهنا أرى أن محاولة إيكال مهمة تقديم الخدمات للاتحاد لا يخلو من العسَف وفقدان المنطق. فالأجدى أن يكون مقدم الخدمة من هو في المستوى الأقرب للمستفيد من تلك الخدمة (أي الطالب)؛ من حيث معرفته بالاحتياجات الحقيقة للطلاب في كلياتهم والقدرة على تحديد الأولويات وإدارة الخدمات المقدمة بالصورة الأنجع، وهنا يبرز دور روابط الطلاب بالكليات المختلفة. وأرى أن يقتصر دور الاتحاد هنا على توفير السند اللازم للروابط ضد أي “مضايقات” تأتي من مستويات أعلى في هرم الجامعة الإداري والعمل على حماية الموارد المالية للروابط، سواءً تلك التي لها مواردها الخاصة الثابتة، أو تلك التي لا تمتلك مصادر ثابتة للتمويل؛ حيث ينبغي أن يوفر لها الإتحاد جرعات تمويلية عاجلة ومن ثم العمل على توفير موارد ثابتة بما يضمن استقرارها. ولضمان التناغم بين الاتحاد وروابط الكليات، أقترح أن يـُـشكـل “مجلس لروابط الكليات” تنتدب فيه كل رابطة اثنين من أعضائها ويتولى مسئولية التنسيق بين الروابط والاتحاد، ويعقد اجتماعاته كل ثلاثة أشهر.
إن المجهودات ينبغي أن تتجه إلى خلق نظام يراعى فيه توفير أكبر قدر من اللامركزية واستقلالية القرار ويتجنب تداخل الصلاحيات، نظام تلعب فيه الروابط دوراً أكبر فيما يختص بقضايا الطالب المحصورة داخل كليته (خاصة ونحن في جامعة يزيد عدد طلابها عن 24.000 طالب موزعين على 4 مجمعات و19 كلية). إن نظاماً يوفر قدراً أكبر من المرونة يقدم دائماً قدراً أكبر من الفائدة للمستفيد (وهو هنا الطالب). ويحافظ على مكانة الاتحاد من حيث عدم إقحامه في مجالات ضيقة تـضيع المجهود والمال في مشروعات ذات فائدة محدودة وتدخله في احتكاكات تذهب معها هيبته واحترامه أدراج الرياح.
*** لكن في النهاية، يبقى العامل الأهم من كل ذلك، والذي يحدد طبيعة سير النشاط الطلابي بمختلف أوجهه داخل جامعة الخرطوم، هو مستوى الوعي والرغبة في المشاركة وصناعة الحدث داخل طالب جامعة الخرطوم ومدى إدراكه وإيمانه بقواعد العملية النقابية وقواعد اللعبة الديمقراطية. فمن المعلوم أن الشرط الأساسي للحرية هي المسئولية، عليه، لا بد أن يستشعر كل طالب مسئوليته ويلعب دوره بالشكل الجيد المطلوب، ويوقن أن ذلك الدور لا يجب أن ينحصر بحال من الأحوال في إدلائه بصوته –إن فعل- بل يتعداه إلى ممارسة دوره في إبداء الرأي وتقييم الإيجابيات والسلبيات وممارسة دوره الرقابي على الأجسام الطلابية المختلفة وتقديم النقد الهادف البناء ومحاسبة المخطيء، وهذا هو الضمان الوحيد ليرتقي مستوى الممارسة.
إنني أكتب هذا المقال لأعبر عن وجهة نظر شخصية تحاول أن تتلمس مواضع الخلل، وتضع حلولاً –ولو جزئية- لعوائق أرى أنها عرقلت مسيرة العمل الطلابي داخل الجامعة. مع إدراكي التام أن أي اجتهاد بشري لا يضاهي حد الكمال –الذي قطعاً لا يمكن الوصول إليه- لكنـّي فقط أحاول أن أستخلص ما أعتقد أنه الأصلح وفقاً لمقتضيات المرحلة. وألتمس منكم أن تقرأوا هذه الإفادة بعين ناقدة واضعين الآراء المسبقة جانباً، وأن تبدوا الرأي الموضوعي بما فيه فائدة الطالب والجامعة والوطن.
مصطفى حاتم عبد الباقي
جامعة الخرطوم – كلية الطب
المستوى السادس | <urn:uuid:3fa7b05d-7974-45a2-9881-003e9c27ef8d> | CC-MAIN-2013-20 | http://www.hurriyatsudan.com/?p=55824 | 2013-05-24T05:56:31Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368704234586/warc/CC-MAIN-20130516113714-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.9039 | Arab | 2 | {"arb_Arab_score": 0.903899610042572, "ary_Arab_score": 0.07663857191801071, "ars_Arab_score": 0.01005149632692337} |
إعداد
د.محمود جمال أبو العزائم
مستشار الطب النفسى
عندما يسرق طفل أو بالغ فان ذلك يصيب الوالدين بالقلق. وينصب قلقهم على السبب الذي جعل ابنهم يسرق ويتساءلون هل ابنهم أو ابنتهم "إنسان غير سوي".
ومن الطبيعي لأي طفل صغير أن يأخذ الشيء الذي يشد انتباهه... وينبغي ألا يؤخذ هذا السلوك على أنه سرقة حتى يكبر الطفل الصغير، ويصل ما بين الثالثة حتى الخامسة من عمره حتى يفهموا أن أخذ شيء ما مملوك للغير أمر خطأ. وينبغي على الوالدين أن يعلموا أطفالهم حقوق الملكية لأنفسهم وللآخرين . والأباء في هذه الحالة يجب أن يكونوا قدوة أمام ابنائهم... فإذا أتيت إلى البيت بأدوات مكتبية أو أقلام المكتب أو أى شىء يخص العمل أو استفدت من خطأ الآلة الحاسبة في السوق، فدروسك في الأمانة لأطفالك ستكون من الصعب عليهم أن يدركوها.
ولذلك فإن السرقة عند الأطفال لها دوافع كثيرة ومختلفة ويجب لذلك أن نفهم الدوافع فى كل حالة وان نفهم الغاية التى تحققها السرقة فى حياة كل طفل حتى نستطيع أن نجد الحل لتلك المشكلة.
ويلجأ بعض الأطفال الكبار أو المراهقين إلى السرقة لعدة أسباب على الرغم من علمهم بأن السرقة خطأ:
فقد يسرق الصغير بسبب الإحساس بالحرمان كأن يسرق الطعام لأنه يشتهى نوعا من الأكل لأنه جائع
وقد يسرق لعب غيره لأنه محروم منها أو قد يسرق النقود لشراء هذه الأشياء
وقد يسرق الطفل تقليدا لبعض الزملاء فى المدرسة بدون أن يفهم عاقبة ما يفعل... أو لأنه نشأ فى بيئة إجرامية عودته على السرقة والاعتداء على ملكية الغير وتشعره السرقة بنوع من القوة والانتصار وتقدير الذات... وهذا السلوك ينطوى على سلوك إجرامى فى الكبر لان البيئة أصلا بيئة غير سوية
كذلك فقد يسرق الصغير لكي يتساوى مع أخيه أو أخته الأكبر منه سنا إذا أحس أن نصيبه من الحياة أقل منهما.
وفي بعض الأحيان، يسرق الطفل ليظهر شجاعته للأصدقاء، أو ليقدم هدية إلى أسرته أو لأصدقائه، أو لكي يكون أكثر قبولا لدى أصدقائه.
وقد يبدأ الأطفال في السرقة بدافع الخوف من عدم القدرة على الاستقلال، فهم لا يريدون الاعتماد على أي شخص، لذا يلجئون إلى أخذ ما يريدونه عن طريق السرقة.
كذلك قد يسرق الطفل بسبب وجود مرض نفسى أو عقلى أو بسبب كونه يعانى من الضعف العقلى وانخفاض الذكاء مما يجعله سهل الوقوع تحت سيطرة أولاد اكبر منه قد يوجهونه نحو السرقة
******
وينبغي على الآباء أن يدركوا سبب سرقة الطفل... هل الطفل سرق بدافع الحاجة لمزيد من الاهتمام والرعاية ؟. وفي هذه الحالة، قد يعبر الطفل على غضبه أو يحاول أن يتساوى مع والديه... وقد يصبح المسروق بديلا للحب والعاطفة. وهنا ينبغي على الوالدين أن يبذلوا جهدهم لإعطاء مزيد من الاهتمام للطفل على اعتبار أنه عضو مهم في الأسرة.
فإذا أخذ الوالدان الإجراءات التربوية السليمة، فان السرقة سوف تتوقف في أغلب الحالات عندما يكبر الطفل. وينصح أطباء الأطفال بأن يقوم الوالدان بما يلي عند اكتشافهم لجوء ابنهم إلى السرقة:
إخبار الطفل بأن السرقة سلوك خاطئ.
مساعدة الصغير على دفع أو رد المسروقات.
التأكد من أن الطفل لا يستفيد من السرقة بأي طريقة من الطرق.
تجنب إعطائه دروسا تظهر له المستقبل الأسود الذي سينتظره إذا استمر على حاله، أو قولهم له أنك الآن شخص سيئ أو لص.
توضيح أن هذا السلوك غير مقبول بالمرة داخل أعراف وتقاليد الأسرة والمجتمع والدين.
*****
وعند قيام الطفل بدفع أو إرجاع المسروقات، فلا ينبغ على الوالدين إثارة الموضوع مرة أخرى، وذلك من أجل مساعدة الطفل على بدء صفحة جديدة. فإذا كانت السرقة متواصلة وصاحبها مشاكل في السلوك أو أعراض انحراف فان السرقة في هذه الحالة علامة على وجود مشاكل أكبر خطورة في النمو العاطفى للطفل أو دليل على وجود مشاكل أسرية0
كما أن الأطفال الذين يعتادون السرقة يكون لديهم صعوبة فى الثقة بالآخرين وعمل علاقات وثيقة معهم. وبدلا من إظهار الندم على هذا السلوك المنحرف فانهم يلقون باللوم فى سلوكهم هذا على الآخرين ويجادلون بالقول "لأنهم لم يعطونى ما أريد واحتاج...فاننى سوف آخذه بنفسى " .لذلك يجب عرض هؤلاء الأطفال على الأخصائيين والأطباء النفسيين المتخصصين فى مشاكل الطفولة .
وعند عرض هؤلاء الأطفال على الطبيب النفسى يجب عمل تقييم لفهم الأسباب التى تؤدى لهذا السلوك المنحرف من أجل عمل خطة علاجية متكاملة . ومن العوامل الهامة فى العلاج هو تعليم هذا الطفل كيف ينشأ علاقة صداقة مع الآخرين . كذلك يجب مساعدة الأسرة فى تدعيم الطفل فى التغيير للوصول إلى السلوك السوى فى مراحل نموه المختلفة .
ولعلاج السرقة عند الأطفال ينبغى عمل الآتى:
يجب أولا أن نوفر الضروريات اللازمة للطفل من مأكل وملبس مناسب لسنه
كذلك مساعدة الطفل على الشعور بالاندماج فى جماعات سوية بعيدة عن الانحراف في المدرسة والنادي وفي المنزل والمجتمع بوجه عام
أن يعيش الأبناء فى وسط عائلى يتمتع بالدفء العاطفي بين الآباء والأبناء
يجب أن نحترم ملكية الطفل و نعوده على احترام ملكية الآخرين وأن ندربه على ذلك منذ الصغر مع مداومة التوجيه والإشراف.
كذلك يجب عدم الإلحاح على الطفل للاعتراف بأنه سرق لأن ذلك يدفعه إلى الكذب فيتمادى فى سلوك السرقة والكذب.
ضرورة توافر القدوة الحسنة فى سلوك الكبار واتجاهاتهم الموجهة نحو الأمانة .
توضيح مساوئ السرقة ، وأضرارها على الفرد والمجتمع ، فهى جرم دينى وذنب اجتماعى ، وتبصير الطفل بقواعد الأخلاق والتقاليد الاجتماعية .
تعويد الطفل على عدم الغش فى الامتحانات والعمل ... الخ . | <urn:uuid:1890054f-33a7-4a27-99d3-1337e469a6eb> | CC-MAIN-2013-20 | http://elazayem.com/THEFT.htm | 2013-05-20T17:58:23Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368699138006/warc/CC-MAIN-20130516101218-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.980915 | Arab | 153 | {"arb_Arab_score": 0.9809147715568542} |
علمت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بأن أحد الأشخاص يقوم بتسجيل طلبة أردنيين في جامعة دار السلام في الجمهورية اليمنية، لذا نرجو العلم بأن هذه الجامعة غير معترف بها لدى الوزارة كما لوحظ في الآونـة الأخيـرة عـدد من الإعلانــات تدعـو الطلبة للدراسة في الخــارج في جامعــات غيـر معترف بهــا، لــذا تهيب الوزارة بالطلبة الراغبين بالدراسة خــارج الأردن الاطلاع على قوائم الجامعــات غيــر الأردنية المعترف بهــا، علما بـأن الوزارة غير مسئولة عن أي جامعـة لا تنــدرج ضمن هـذه القوائــم.
قوائم الجامعات غير الأردنية المعترف بها لدى الوزارة | <urn:uuid:4399ad22-a04b-486b-88dc-0852b12b9a70> | CC-MAIN-2013-20 | http://mohe.gov.jo/Mohe/tabid/36/language/ar-JO/Default.aspx | 2013-05-25T17:18:19Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368705976722/warc/CC-MAIN-20130516120616-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.992173 | Arab | 97 | {"arb_Arab_score": 0.9921726584434509} |
دورة تدريبية في
أساليب البحث العلمي
المقدمة:
يعتبر البحث العلمي إشارة النجاح لأي نشاط في عالم الأعمال .. وعلى قدر ما تعرف على قدر ما تنجح .. من هنا كانت أهمية البحوث العلمية كأداة تنير معالم الطريق أمام المنشآت لتحديد مسارها المستقبلي .. ويشبه الإداريون تلك البحوث بأنها البوصلة التي توجه الحركة الإستراتيجية لنشاط المنشأة .. ورغم أهمية هذه الوظيفة البالغة فإنها لا تجد من رجال الأعمال العرب الدعم الكافي .. وإتقان عملية البحث العلمي هو السلاح الوحيد للتميز حيث يمكن إيجاد الفرص ودراسة كيفية الاستفادة منها .. ويمكن التعرف على أبعاد المخاطر بأنواعها .. وإيجاد الوسائل للتخلص منها أو تجنبها .. والتعامل مع البحوث العلمية مثل مشرط الجراح تماما إذا لم يتقن استخدامه كانت النتائج عكسية تماما . ورغم أن البحوث العلمية مشروع تقني يعتمد على الحيدة والدقة البالغة ويرتكز على تقنيات علمية بالغة التعقيد .. فإن اكتساب مهاراته بشكل عملي يؤمن قمة النجاح لمنشأتك.
وقد جاءت هذه الدورة لتدريب منتسبيها على كيفية إعداد البحوث العلمية و تصميمها بالشكل الذي يحقق الغرض منها.
أهداف الدورة :
تهدف هذه الدورة إلى :
1- التعريف بأنواع البحوث و أهميتها.
2- التدريب على كيفية إعداد البحوث العلمية
3- التعريف بكيفية اختيار العينة
4- التعريف بكيفية إعداد التقارير
المستفيدون من الدورة :
1- الطلبة والباحثين وأعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات والمعاهد العلمية في مختلف التخصصات ( العلمية ، الاجتماعية ، الإنسانية.....الخ)
2- الموظفين و رؤساء الأقسام في الوزارات الدوائر الحكومية المختلفة.
3- الموظفين في القطاع الخاص.
4- مراكز الدراسات والأبحاث المختلفة.
مواضيع الدورة:
1. مكونات و عناصر البحث العلمي
2. أدوات البحث العلمي و طرق استخدامها في العلوم المختلفة
3. كيفية تصميم أدوات البحث العلمي و إعدادها
4. الدراسات السابقة و مصادر المعلومات و دورها في إعداد البحوث و الدراسات المختلفة
5. أسس التوثيق في البحث العلمي
6. كيفية كتابة البحوث العلمية
7. تعريف علم الإحصاء، و مصادر البيانات الإحصائية، و أنواع العينات والبيانات الإحصائية، و نبذة عن الاستبيانات و طرق تصميمها، وطرق الإحصاء الوصفي
مدة الدورة :
24 ساعة تدريبية. | <urn:uuid:1985da6f-62dd-4039-8555-4dcbd7d3ffcf> | CC-MAIN-2013-20 | http://www.becjordan.com/ShowContents.aspx?ContentId=112 | 2013-05-25T16:58:14Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368705976722/warc/CC-MAIN-20130516120616-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.949527 | Arab | 59 | {"arb_Arab_score": 0.949526846408844, "ary_Arab_score": 0.04363461211323738} |
العناد ظاهرة معروفة في سلوك بعض الأطفال، حيث يرفض الطفل ما يؤمر به أو يصر على تصرف ما، ويتميز العناد بالإصرار وعدم التراجع حتى في حالة الإكراه، وهو من اضطرابات السلوك الشائعة، وقد يحدث لمدة وجيزة أو مرحلة عابرة أو يكون نمطاً متواصلاً وصفة ثابتة وسلوكاً وشخصية للطفل.
* متى يبدأ العناد ؟
العناد ظاهرة سلوكية تبدأ في مرحلة مبكرة من العمر, فالطفل قبل سنتين من العمر لا تظهر مؤشرات العناد في سلوكه؛ لأنه يعتمد اعتماداً كلياً على الأم أو غيرها ممن يوفرون له حاجاته؛ فيكون موقفه متسماً بالحياد والاتكالية والمرونة والانقياد النسبي.
وللعناد مرحلة أولى: حينما يتمكن الطفل من المشي والكلام قبل سن الثلاث سنوات من العمر أو بعد السنتين الأوليين؛ وذلك نتيجة لشعوره بالاستقلالية, ونتيجة لنمو تصوراته الذهنية، فيرتبط العناد بما يجول في رأسه من خيال ورغبات.
أما المرحلة الثانية: فهي العناد في مرحلة المراهقة؛ حيث يأتي العناد تعبيراً للانفصال عن الوالدين، ولكن عموماً وبمرور الوقت يكتشف الطفل أو المراهق أن العناد والتحدي ليسا هما الطريق السوي لتحقيق مطالبه؛ فيتعلم العادات الاجتماعية السوية في الأخذ والعطاء، ويكتشف أن التعاون والتفاهم يفتحان آفاقاً جديدةً في الخبرات والمهارات الجديدة، خصوصاً إذا كان الأبوان يعاملان الطفل بشيء من المرونة والتفاهم وفتح باب الحوار معه، مع وجود الحنان الحازم.
* وللعناد أشكال كثيرة :
* عناد التصميم والإرادة:
وهذا العناد يجب أن يُشجَّع ويُدعَّم؛ لأنه نوع من التصميم، فقد نرى الطفل يُصر على تكرار محاولته، كأن يصر على محاولة إصلاح لعبة، وإذا فشل يصيح مصراً على تكرار محاولته.
* العناد المفتقد للوعي:
يكون بتصميم الطفل على رغبته دون النظر إلى العواقب المترتبة على هذا العناد، فهو عناد أرعن, كأن يصر الطفل على استكمال مشاهدة فلم تلفازي بالرغم من محاولة إقناع أمه له بالنوم؛ حتى يتمكن من الاستيقاظ صباحاً للذهاب إلى المدرسة.
* العناد مع النفس :نرى الطفل يحاول أن يعاند نفسه ويعذبها، ويصبح في صراع داخلي مع نفسه، فقد يغتاظ الطفل من أمه؛ فيرفض الطعام وهو جائع، برغم محاولات أمه وطلبها إليه تناول الطعام، وهو يظن بفعله هذا أنه يعذب نفسه بالتَّضوُّر جوعاً.
* العناد اضطراب سلوكي:
الطفل يرغب في المعاكسة والمشاكسة ومعارضة الآخرين, فهو يعتاد العناد وسيلةً متواصلة ونمطاً راسخاً وصفة ثابتة في الشخصية, وهنا يحتاج إلى استشارة من متخصص.
* عناد فسيولوجي: بعض الإصابات العضوية للدماغ مثل أنواع التخلف العقلي يمكن أن يظهر الطفل معها في مظهر المعاند السلبي.
* أسباب العناد
العناد صفة مستحبة في مواقفها الطبيعية - حينما لا يكون مبالَغاً فيه - ومن شأنها تأكيد الثقة بالنفس لدى الأطفال، ومن أسبابها :
* أوامر الكبار:
التي قد تكون في بعض الأحيان غير مناسبة للواقع، وقد تؤدي إلى عواقب سلبية؛ مما يدفع الطفل إلى العناد ردَّ فعل للقمع الأبوي الذي أرغمه على شيء, كأن تصر الأم على أن يرتدي الطفل معطفاً ثقيلاً يعرقل حركته في أثناء اللعب، وربما يسبب عدم فوزه في السباق مع أصدقائه، أو أن يكون لونه مخالفاً للون الزيِّ المدرسي، وهذا قد يسبب له التأنيب في المدرسة؛ ولذلك يرفض لبسه، والأهل لم يدركوا هذه الأبعاد.
* التشبه بالكبار:
قد يلجأ الطفل إلى التصميم والإصرار على رأيه متشبهاً بأبيه أو أمه، عندما يصممان على أن يفعل الطفل شيئاً أو ينفذ أمراً ما، دون إقناعه بسبب أو جدوى هذا الأمر المطلوب منه تنفيذه.
* رغبة الطفل في تأكيد ذاته:
إن الطفل يمر بمراحل للنمو النفسي، وحينما تبدو عليه علامات العناد غير المبالَغ فيه فإن ذلك يشير إلى مرحلة النمو, وهذه تساعد الطفل على الاستقرار واكتشاف نفسه وقدرته على التأثير, ومع الوقت سوف يتعلم أن العناد والتحدي ليسا بالطرق السوية لتحقيق المطالب.
* التدخل بصفة مستمرة من جانب الآباء وعدم المرونة في المعاملة:
فالطفل يرفض اللهجة الجافة، ويتقبل الرجاء، ويلجأ إلى العناد مع محاولات تقييد حركته، ومنعه من مزاولة ما يرغب دون محاولة إقناع له.
* الاتكالية:
قد يظهر العناد ردَّ فعل من الطفل ضد الاعتماد الزائد على الأم، أو الاعتماد الزائد على المربية أو الخادمة.
* الشعور بالعجز:
إن معاناة الطفل وشعوره بوطأة خبرات الطفولة, أو مواجهته لصدمات, أو إعاقات مزمنة تجعل العناد وسيلة لمواجهة الشعور بالعجز والقصور والمعاناة.
* الدعم والاستجابة لسلوك العناد:
إن تلبية مطالب الطفل ورغباته نتيجة ممارسته للعناد, تُعلِّمه سلوك العناد وتدعمه، ويصبح أحد الأساليب التي تمكِّنه من تحقيق أغراضه ورغباته.
* كيف تتعاملين مع الطفل العنيد ؟
يقول علماء التربية: كثيراً ما يكون الآباء والأمهات هم السبب في تأصيل العناد لدى الأطفال؛ فالطفل يولد ولا يعرف شيئاً عن العناد، فالأم تعامل أطفالها بحب وتتصور أن من التربية عدم تحقيق كل طلبات الطفل، في حين أن الطفل يصر عليها، وهي أيضاً تصر على العكس فيتربى الطفل على العناد وفي هذه الحالة يُفضَّل:
* البعد عن إرغام الطفل على الطاعة, واللجوء إلى دفء المعاملة اللينة والمرونة في الموقف, فالعناد اليسير يمكن أن نغض الطرف عنه، ونستجيب لما يريد هذا الطفل، ما دام تحقيق رغبته لن يأتي بضرر، وما دامت هذه الرغبة في حدود المقبول.
* شغل الطفل بشيء آخر والتمويه عليه إذا كان صغيراً, ومناقشته والتفاهم معه إذا كان كبيراً.
* الحوار الدافئ المقنع غير المؤجل من أنجح الأساليب عند ظهور موقف العناد ؛ حيث إن إرجاء الحوار إلى وقت لاحق يُشعر الطفل أنه قد ربح المعركة دون وجه حق.
* العقاب عند وقوع العناد مباشرة، بشرط معرفة نوع العقاب الذي يجدي مع هذا الطفل بالذات؛ لأن نوع العقاب يختلف في تأثيره من طفل إلى آخر, فالعقاب بالحرمان أوعدم الخروج أوعدم ممارسة أشياء محببة قد تعطي ثماراً عند طفل ولا تجدي مع طفل آخر، ولكن لا تستخدمي أسلوب الضرب والشتائم؛ فإنها لن تجدي، ولكنها قد تشعره بالمهانة والانكسار.
* عدم صياغة طلباتنا من الطفل بطريقة تشعره بأننا نتوقع منه الرفض؛ لأن ذلك يفتح أمامه الطريق لعدم الاستجابة والعناد.
* عدم وصفه بالعناد على مسمع منه, أو مقارنته بأطفال آخرين بقولنا: (إنهم ليسوا عنيدين مثلك).
* امدحي طفلك عندما يكون جيداً، وعندما يُظهر بادرة حسنة في أي تصرف, وكوني واقعية عند تحديد طلباتك.
وأخيراً لابد من إدراك أن معاملة الطفل العنيد ليست بالأمر السهل؛ فهي تتطلب الحكمة والصبر، وعدم اليأس أو الاستسلام للأمر الواقع.
منقول للفائدة | <urn:uuid:c8f720ed-3673-4c7f-b70f-41128fce1f33> | CC-MAIN-2013-20 | http://arb3.maktoob.com/vb/showthread.php?t=121845 | 2013-05-22T04:54:27Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368701314683/warc/CC-MAIN-20130516104834-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.986156 | Arab | 586 | {"arb_Arab_score": 0.9861564040184021} |
أنصار الشعب اليهودي
أنصار الشعب اليهودي
مفاعل نجازي وكمال بيتشاكو
كان المواطن اليهودي رفائيل فراجي من سكان بيتولا ، وقد تمكن في شهر مارس آذار 1943 أي عشية بدء عمليات ترحيل يهود مقدونيا على نطاق واسع من الفرار ليجد ملجأ مؤقتاً عند صديق مسيحي. ولم تمض إلا فترة قصيرة وقد اضطُر إلى التوجه إلى ألبانيا لكن تم القبض عليه عند الحدود وزجه في السجن. وبعد مضي شهر تم إرساله إلى معسكر انتقالي في بلدة كافاجي في ألبانيا حيث كان على اليهود المقيمين فيه إثبات وجودهم لدى الشرطة المحلية يومياً دون أن تُفرض عليهم قيود أخرى. وفي شهر سبتمبر أيلول 1943 وبعد دخول الألمان الأراضي الألبانية فر فراجي إلى العاصمة تيرانا حيث حصل على أوراق مزوَّرة من التنظيم السري الألباني. وعند بدء عمليات تجميع اليهود القاطنين هناك في شهر مارس آذار 1944 هرب فراجي مرة أخرى باتجاه الحدود اليوغسلافية بمعية صديقه جاكوب أروئستي. وقد دخل الاثنان في طريقهما ساحة منزل في بلدة إلبسان حيث قدم لهما صاحب المنزل الماء ثم عرض عليهما – بعد تأكده من هويتهما اليهودية – التوجه إلى المواطن مفاعل بيتشاكو من سكان قرية كاريشت – ليبراتسد الذي صار معروفاً بصفة مَن يمنح الدعم للاجئين اليهود. وتوجه فراجي وأروئستي عندها إلى ستروغا حيث اتصلا بشخص آخر كانا قد تسلّما اسمه في إلبسان. ورافقهما هذا الشخص إلى السيد بيتشاكو الذي كان قد وفر المأوى ل-17 لاجئاً يهودياً آخر. وقد رعى بيتشاكو وابنه كمال البالغ 19 عاماً جميع احتياجات هؤلاء اليهود المشردين حيث كانا يُحضران الإمدادات المطلوبة لهم من ستروغا بعد الحصول عليها بأموال هؤلاء اليهود. وقد تم إخفاء مجموعة اللاجئين اليهود في عرائش خارج القرية تم إنشاؤها خصيصاً لهذه الغاية. وكان أبناء بيتشاكو يتولون حماية هذه العرائش وهم مسلحون لغرض حراستها. وقد لجأ العديد من القرويين الألبان أيضاً إلى الغابات المجاورة لهذه العرائش خلال عمليات القصف [لطيران قوات الحلفاء]. وحدث ذات يوم أن اليهود شاهدوا مجموعة من الألبان يوقدون النار ثم سمعوا دوي عيارات نارية ولاحظوا عدداً من الرجال يقتربون منهم. وأيقن اليهود أنه سيتم إلقاء القبض عليهم إلا أنهم استشفوا بعد لحظات أن الرجال المذكورين كانوا من المسلمين المحليين الذين كانوا يأتون لهم بلحم خروف محمَّر كانوا قد طبخوه بمناسبة احتفالهم بأحد أعيادهم الدينية. وكان هؤلاء الألبان يعلمون أن السيد بيتشاكو يخفي اليهود وأرادوا إبداء تعاطفهم مع اللاجئين. وعدا عن فراجي أقدم أبناء عائلة بيتشاكو أيضاً على إنقاذ كل من سيمون أروئستي وأسرته المكونة من ثلاثة أفراد ، وأسرة ماجا أروئستي المكوَّنة أيضاً من ثلاثة أفراد ، والزوجين بينوتا ويوسيف روبينوفيتش وأولادهما جاك وسامي وبونا (التي صارت شهرتها لاحقاً باروخوفيتش). وفي شهر سبتمبر أيلول 1944 عندما وردت أنباء حول تحرير جزء من الأراضي المقدونية عاد اليهود المذكورون إلى ديارهم. وانخرط فراجي في تلك الفترة في قوات الأنصار اليوغسلافيين بقيادة تيتو وحارب في صفوفهم حتى مايو أيار 1945. ومن المؤكد أن السيد بيتشاكو وابنه كمال أظهرا الشجاعة الكبيرة خلال الحرب حيث كان هناك عدد من السكان في قريتهم الذين كان من المحتمل قيامهم بالوشاية عليهم لكنهما لم يدَعا الخوف يردعهما عن تصرفاتهما التي كانت تنمّ عن الصداقة والإحسان. وقد استمرت العلاقة بين فراجي وبيتشاكو مدة سنوات بعد الحرب.
وقد أقرت مؤسسة ياد فاشيم يوم الخامس من مايو أيار 1996 بأحقية تقليد الزوجين مفاعل نجازي بيتشاكو وابنه كمال بيتشاكو شهادة تكريم "أنصار الشعب اليهودي". | <urn:uuid:ca19be48-b2e2-4814-9fca-ebf6da428e91> | CC-MAIN-2013-20 | http://www.yadvashem.org/yv/ar/righteous/bicaku.asp | 2013-05-22T04:46:58Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368701314683/warc/CC-MAIN-20130516104834-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.99303 | Arab | 5 | {"arb_Arab_score": 0.9930303692817688} |
يستعرض التقرير إلحاق الأذى بالمدنيين في حملة "عامود السحاب" كما يشمل التقرير معطيات تتعلق بعدد الفلسطينيين والإسرائيليين الذين قُتلوا أثناء الحملة، التي جرت بين 14- 21 تشرين الثاني 2012. ويشكك التقرير بالفكرة التي سادت لدى الجمهور والإعلام ومفادها بأن الحملة كانت حملة "جراحية" أي أنها أديرت دون أن تلحق تقريبًا أيّة خسائر في أرواح الفلسطينيين الذين لم يشاركوا في القتال، كما يكشف التقرير أيضًا عن الفارق الكبير القائم بين بداية الحملة وبين نهايتها من حيث الأذى الذي ألحقته: 80% من القتلى الذين لم يشاركوا في القتال قُتلوا في الأيام الأربعة الأخيرة للحملة. | <urn:uuid:584eb157-e395-4c7a-bed2-a83feae3c745> | CC-MAIN-2013-20 | http://www.btselem.org/arabic/publications/full_text/2004_sheikh_saed/node/publications/publications/summaries/publications/summaries/press_releases/20090208 | 2013-05-24T12:47:21Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368704658856/warc/CC-MAIN-20130516114418-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.99849 | Arab | 31 | {"arb_Arab_score": 0.9984897971153259} |
المجلس يصف عبر «الشرق الأوسط» إجابات أمين المحافظة على تساؤلاته بـ«الوافية».. والدفاع المدني يبدأ البحث عن الضحايا تحت الطمي
جدة: أمل باقازي وعلي شراية
كشف لـ «الشرق الأوسط» الدكتور طارق فدعق عضو المجلس البلدي في جدة ورئيسه السابق، عن مطالبته بفرض عقوبات على جميع الجهات التي استغلت كارثة جدة لمصالح مادية، على خلفية الملاحظات والشكاوى التي استقبلها المجلس منذ وقوع الحدث.
وذكر فدعق وهو أيضا مجلس الشورى في دورته الحالية، أن تلك المطالبة جاءت ضمن التوصيات التي خرج بها المجلس البلدي بعد ورشتي عمل عقدها لمناقشة أسباب ومعالجات سيول جدة، لافتا إلى أن المجلس بصدد رفع التوصيات للجهات المعنية خلال الفترة المقبلة.
وقال عضو مجلسي الشورى والبلدي في جدة خلال حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أوصى المجلس بفرض عقوبات على كل من أحدث ضررا أسهم في وقوع الكارثة، إلى جانب استغلالها في مصالح مادية، من ضمنها ارتفاع أسعار السكن والمواد الغذائية وغيرها»، مشددا على أن هذا الأمر غير مقبول إنسانيا.
وحول طبيعة تلك العقوبات، أفاد أنه لم يتم تقنينها حتى الآن، لا سيما وأنها بحاجة إلى آراء ومرئيات المشاركين في ورش العمل، مؤكدا أن هذه المطالبة جاءت وفق ملاحظات سجلها المجلس البلدي، بالإضافة إلى شكاوى المواطنين في هذا الشأن.
من جانب آخر، وفي ما يتعلق بالعمل الميداني ما بعد كارثة السيول، نفى مدير المركز الإعلامي لمواجهة حالات الطوارئ في الدفاع المدني بجدة استخدام الكلاب البوليسية خلال عمليات البحث تحت الطمي، على غرار ما حدث في الأيام الأولى من الكارثة، راجعا سبب عدم الاستعانة بتلك الكلاب إلى استعمال آليات ومعدات الحفر في هذه المرحلة.
إلى ذلك بدأت إدارة الدفاع المدني منذ أول من أمس في عمليات البحث عن ضحايا كارثة جدة تحت الطمي بالبحيرات التي تم تحديدها سابقا، إلا أنه «لم يتم العثور على أي جثة حتى الآن»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» العميد محمد القرني مدير المركز الإعلامي لمواجهة حالات الطوارئ بجدة.
وقال العميد القرني لـ«الشرق الأوسط»: «لم يتم حتى الآن تجفيف البحيرات بالكامل، وإنما ما زالت عمليات تفريغ مياهها من موقع إلى آخر مستمرة، إلا أنه من المتوقع أن يكتمل ذلك خلال الأسبوع المقبل».
وبالعودة إلى عضو مجلس الشورى والمجلس البلدي في جدة الذي أوضح أن توصيات ورشتي العمل ما زالت في طور البلورة وسترفع إلى لجنة تقصي الحقائق إذا ما تقدمت الأخيرة بطلب رسمي، مشيرا إلى أن «اللجنة لم تطلب حتى الآن أي معلومة من المجلس البلدي».
وأضاف: «تم التركيز في التوصيات على أهمية التفرقة بين شبكات تصريف الأمطار والسيول نتيجة وجود اختلافات بينها، إذ تأتي الأخيرة في المقام الأول لما يترتب على السيول من أضرار كبيرة».
ولفت إلى أن من ضمن التعديات التي تمت ملاحظتها في مجاري السيول وجود طبقات إسمنتية أو خرسانية غير نافذة من شأنها أن تتسبب أضرارا كبيرة، إلا أن الطبقات الترابية الطبيعية تقلل حدة السيل باعتبارها تبقي السيول في باطن الأرض وتحولها إلى مصدر للمياه مستقبلا.
ورجع سبب تراجع الجهات المعنية عن حفظ السيول ورصدها إلى عدم الاهتمام بآليات القياس الموجودة، ومن ضمنها «الهدّارات»، مؤكدا على أنه أشير سابقا إلى ضرورة تفعيل تلك الآليات ضمن توصيات ورشتي العمل.
واستطرد: «شُكّل فريق عمل للزيارات الميدانية السريعة، بهدف رصد المخالفات الواضحة والمتعلقة بالنواحي الهندسية في إقامة مجاري السيول والعبّارات، بالإضافة إلى مراعاة إقامة سدود مدروسة في أعالي الأودية بجدة». وفي ما يخص الأودية الموجودة في جدة ذكر الدكتور فدعق أن التوصيات شملت ضرورة تصحيح أسماء الوديان في الخريطة الرسمية للمدينة، مع الاهتمام بتاريخ كل واد وذاكرته وتدفق المياه فيه، إلى جانب مدى تأثيره في السطح الجغرافي لجدة، والمطالبة بقنوات تصريف لكل واحد منها. وأشار إلى ضرورة إعادة النظر في استخدام الأراضي والبناء ببطون الأودية والمتعلقة بالمخطط العمراني لمدينة جدة، إضافة إلى عدم السماح بإنشاء أي مخطط جديد قبل تحديد ومعرفة مخاطر السيول عليه.
وبهدف التأكد من تطبيق تلك التوصيات، كشف الدكتور فدعق عن تشكيل فرق لمتابعة التوصيات، والتي من بينها ما هو سريع وقصير وطويل الأمد، مشددا على ضرورة تطبيقها وفق المنظومة التي تتناسب مع كل منها.
وأبان في الوقت نفسه أن رفع هذه التوصيات إلى كل من أمانة محافظة جدة ووزارة الشؤون البلدية والقروية ومجلس الشورى متوقف على رد المشاركين في ورشتي العمل، لافتا إلى أنه سيتم إعطاء مهلة ثلاثة أيام بعد تسليمهم التوصيات، إلا أن عدم ردهم خلال تلك المهلة سيؤخذ بمأخذ الرفض لها.
من جهته كشف لـ«الشرق الأوسط» المهندس إبراهيم كتبخانة وكيل الأمين للمشاريع والتعمير، عن اكتمال جاهزية مجرى السيل الممتد بحي السامر مع نهاية الشهر الحالي، إلى جانب استمرار العمل على فتح مجاري السيول الأخرى والمواقع كافة التي تعترضها.
وقال كتبخانة لـ«الشرق الأوسط» إن «ملكية الأرض التي تقع عليها بحيرة الصرف الصحي تعود إلى أمانة محافظة جدة منذ إنشاء البحيرة، والأمر نفسه ينطبق حتى على بحيرات المعالجة القريبة منها».
وفي الوقت الذي تسلم فيه المجلس البلدي في جدة أجوبة الاستفسارات التي رفعها للمهندس عادل فقيه أمين جدة حول الكارثة، أكد حسن الزهراني نائب رئيس المجلس البلدي أن الإجابات المقدمة كانت «وافية» على حد قوله. وقال الزهراني لـ«الشرق الأوسط»: «وفرت إجابات الأمين على الاستفسارات التسعة معلومات وافية للمجلس، بالإضافة إلى كونها أتاحت فرصة الحصول على معلومات أخرى إذا ما تطلب الأمر»، مشيرا إلى أن الأجوبة غطت تساؤلات المجلس كافة.
وأضاف أن «الهدف من رفع الاستفسارات إلى المهندس عادل فقيه يتمثل في توضيح ما حدث في كارثة جدة، لا سيما أن المجلس البلدي يعد مجلسا رقابيا وتقريريا على أعمال أمانة محافظة جدة، ويحمل على عاتقه مسؤولية مراجعة المعلومات كافة وإبداء آرائه حولها». | <urn:uuid:5f1e7ea2-808a-4db6-b205-b6e4add5e486> | CC-MAIN-2013-20 | http://aawsat.com/details.asp?section=43&article=551413&issueno=11361 | 2013-06-19T02:38:38Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368707440258/warc/CC-MAIN-20130516123040-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.940699 | Arab | 37 | {"arb_Arab_score": 0.9406989812850952, "ary_Arab_score": 0.04656413942575455} |
الرياض/ نفى مصدر سعودي مسؤول ما نشرته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية أمس الأول، منسوباً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، من أنه قال إن دولتين في المنطقة لا تستحقان الوجود إسرائيل وإيران.
وأكد المصدر المسؤول في تصريح لوكالة الأنباء السعودية، أن هذا الكلام عارٍ عن الصحة جملة وتفصيلاً، معبراً عن استغرابه من قيام الصحيفة بنشر مثل هذه المعلومات المغلوطة دون التأكد منها من مصادرها.
وأشار المصدر إلى أنّ مواقف المملكة العربية السعودية واضحة ومعلنة دون مواربة، وعبر المصدر المسؤول عن أمله في أن تقوم الصحيفة المعروفة بثقلها بنفي الخبر بنفسها لتأكيد مصداقيتها.
إلى هذا، وصل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز فجر اليوم إلى مدينة الدار البيضاء بالمملكة المغربية قادماً من مطار قاعدة أندروز الجوية بواشنطن في زيارة استمرت 4 أيام أجرى خلالها محادثات مع الرئيس باراك أوباما خلال اجتماعهما في البيت الأبيض.
وكان في استقباله في مطار محمد الخامس الدولي، رئيس مجلس النواب المغربي عبد الواحد الراضي والأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، والأمير فهد بن مقرن بن عبد العزيز. | <urn:uuid:de07cb02-d298-4e3d-b634-185699546d97> | CC-MAIN-2013-20 | http://www.m3loma.com/new/news/home.php?cat=do&subcat=101 | 2013-06-19T02:39:25Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368707440258/warc/CC-MAIN-20130516123040-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.838947 | Arab | 1 | {"arb_Arab_score": 0.8389472961425781, "ary_Arab_score": 0.07260105758905411, "ars_Arab_score": 0.06085187941789627, "arz_Arab_score": 0.020278146490454674} |
من هو عمر سليمان ؟
أبدى وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق، بنيامين بن اليعازر، حزنه البالغ على وفاة رئيس المخابرات المصرية السابق عمر سليمان الذي وصفه بـ "أفضل من خدم إسرائيل"، وقال في إطار تعقيبه على وفاة نائب الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، "عمر سليمان كان وطنيًا مصريًا ومن أبرز الشخصيات التي قوّضت حركة حماس خلال فترة النظام السابق، ومصر وشعبها خسرت كثيراً بفقدان رجلها المخلص سليمان"، على حد وصفه.
وتطرّق بن إليعيزر للحديث عن العلاقة التي جمعته بسليمان، قائلاً "أنا أقدر نزاهته وقدرته على معرفة ما يفكر به الناس، كما كان لديه علاقات ممتازة مع كبار وزارة الجيش الإسرائيلية وعلاقتي به كانت وثيقة، فقد عملت على إدخاله في كل موضوع وخاصة في قضية الغاز فكنت أتحدث معه يومياً"، حسب تصريحاته.
وحول قضية ترشّح نائب مبارك لرئاسة الجمهورية، قال الوزير الإسرائيلي في تصريحات نشرتها صحيفة معاريف العبرية، في آخر أعدادها الصادرة، "كنت في غاية السعادة عند سماعي خبر ترشحه للرئاسة لأنه الشخص الوحيد الذي يعرف أين مصلحة مصر، فضلاً عن تأييده لعملية السلام ومواقفه كانت معتدلة وكان مؤيداً للسياسات التي تعارض إيران"، وفق تقديره.
وأضاف أن سليمان ساهم في نقل مائة وخمسين ألف سعفة من النخيل إلى تل أبيب التي كانت بأمس الحاجة إليها من أجل الاحتفال بـ "عيد المظلة" الإسرائيلي. | <urn:uuid:c1fc82c2-9d72-406b-87db-6a1beb6c90a9> | CC-MAIN-2013-20 | http://www.mubasheer.com/albums.php?action=show&id=194 | 2013-05-23T15:52:36Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-20/segments/1368703532372/warc/CC-MAIN-20130516112532-00095-ip-10-60-113-184.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.94161 | Arab | 1 | {"arb_Arab_score": 0.9416095018386841, "ary_Arab_score": 0.039707861840724945, "arz_Arab_score": 0.01238632295280695} |
ـ
تكفيني ابتسامةٌ منكِ ..
حين أقولُ صباح الخير ..
ليكون صباحي صباح النور .
* نذير الزعبي
♥ :)
آشتآقكَ يآ مَشهدَّ السَعآدّة الذيّ يتكرّرَ كلَّ عُمرٍّ مَرّة وآحدَة
نداء
وفيني من شوق شوفتك مايملي سما .
احببتها ، واحببت حديثها وقربها ، فاذا غابت سكتت اﻻشياء من حولي، وفقدت لذة يومي.
وقلبك الذي أسعدني يوما ..
لن أنسآه حتى لو لم أكن أرآه ♥ | <urn:uuid:40f0bd5e-1018-4c62-b958-e12725deeead> | CC-MAIN-2013-48 | http://www-marmora.tumblr.com/ | 2013-12-10T15:58:55Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386164021936/warc/CC-MAIN-20131204133341-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.867776 | Arab | 1 | {"arb_Arab_score": 0.8677763938903809, "arz_Arab_score": 0.10290047526359558, "ars_Arab_score": 0.013495152816176414, "ary_Arab_score": 0.011294418945908546} |
مع تزايد الأدلة يومياً على وقوع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، تتصاعد الدعوات لإجراء تحقيق في سلوك جميع أطراف النـزاع.
وما فتئت منظمة العفو الدولية تحث جميع الأطراف في نزاع غزة، فضلاً عن المجتمع الدولي، على ضمان إجراء تحقيق شامل ومستقل وحيادي دون تأخير في انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وضمان المساءلة الكاملة.
وهي تشمل الهجمات الإسرائيلية الموجهة ضد المدنيين أو المباني المدنية في قطاع غزة أو غير المتناسبة والهجمات الصاروخية التي تشنها الجماعات المسلحة الفلسطينية بلا تمييز على المراكز السكنية المدنية في جنوب إسرائيل.
وحيث يقتضي الأمر، ينبغي على الدول أن تكون مستعدة للمباشرة بإجراء تحقيقات جنائية وعمليات مقاضاة أمام محاكمها إذا استدعت الأدلة ذلك.
وغالباً ما تكون هجمات الجيش الإسرائيلي غير متناسبة وقد أودت بحياة المئات من المدنيين العزل. كذلك وُجهت الهجمات ضد المدنيين والمباني المدنية.
ولا يستطيع معظم السكان المدنيين في غزة الحصول على المساعدات الإنسانية التي يعتمدون عليها. وليس هناك أي مكان يذهبون إليه طلباً للسلامة، بينما تعمل المستشفيات فوق طاقتها وتفتقر إلى الضروريات الأساسية.
وفي هذه الأثناء، تمعن حماس وغيرها من الجماعات المسلحة الفلسطينية في إطلاق الصواريخ على إسرائيل بلا تمييز.
وقد دعت منظمة العفو الدولية إسرائيل وحماس وغيرها من الجماعات المسلحة الفلسطينية إلى الوقف الفوري لجميع الهجمات على المدنيين والهجمات غير المتناسبة التي تلحق الأذى بالمدنيين.
وبحسب منظمة العفو الدولية :
ينبغي على جميع الأطراف التقيد بهدنة إنسانية – إذ إن فترة الهدوء الحالية في القتال والبالغة ثلاث ساعات يومياً غير كافية أبداً وعلى أية حالة لم تُحترم عملياً بشكل كامل – بما يسمع بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة وتوزيعها على السكان المدنيين.
كذلك ينبغي عل إسرائيل وحماس وغيرها من الجماعات المسلحة الفلسطينية احترام دور المسعفين وسيارات الإسعاف في تقديم يد العون إلى الجرحى. ويجب على السلطات الإسرائيلية السماح بحرية تنقل سيارات الإسعاف لنقل الجرحى والموتى في كافة الأوقات. كما يتعين على إسرائيل السماح بالدخول الفوري للعاملين في مجالي الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان وللصحفيين دون أية قيود. | <urn:uuid:4cac3945-3157-488c-bbf1-f54750e19e57> | CC-MAIN-2013-48 | http://amnesty.org/en/node/8974 | 2013-12-05T00:55:49Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386163037903/warc/CC-MAIN-20131204131717-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.998179 | Arab | 41 | {"arb_Arab_score": 0.9981788396835327} |
بوليفيموس
بوليفيموس هو أحد شخصيات الميثولوجيا اليونانية، وهو أشهر كائنات السكلوب ذات العين الواحدة، وهو ابن بوسيدون والحورية ثيبسا، وكان يعيش في كهف جنوب غرب صقلية ويملك قطيعا كبيرا من الحيوانات، ضخم الجثة وله عين واحدة وسط جبهته، ويلتهم لحم البشر ولا يقيم وزنا لقانون إلهي أو بشري.
ذكر في الأوديسة عندما حط أوديسيوس على شاطئ صقلية. وعندما طلب المساعدة من بوليفيموس قبض عليه هو ورجاله الإثني عشر وأغلق عليهم باب الكهف بصخرة ضخمة، ووصف هوميروس بشكل مفصل كيف أن أوديسيوس استطاع أن يجعل العملاق مخموراً وسمل عينه الوحيدة بأن أدخل عمودا مشتعلا فيها عندما كان نائما، ومع ستة من رفاقه الآخرون الذين إلتهمهم بوليفيموس. استطاع أوديسيوس الهرب بأن تعلق ببطون الخراف التي أخرجها بوليفيموس للمرعى، وكان أوديسوس قد أخبره في البداية أن اسمه لا أحد. فعندما هرب إلى البحر صرخ بوليفيموس للآلهة أن لا أحد آذاه. | <urn:uuid:29090a6f-6b16-43f1-9b21-c3f9935f7273> | CC-MAIN-2013-48 | http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%81%D9%8A%D9%85%D9%88%D8%B3 | 2013-12-11T13:24:46Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386164036653/warc/CC-MAIN-20131204133356-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.942301 | Arab | 78 | {"arb_Arab_score": 0.942301332950592, "ary_Arab_score": 0.03395690768957138} |
أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- أصيب العشرات بجراح، منهم اثنان بحالة حرجة، الأربعاء، لدى اصطدام عبارة بقوة برصيف المرفأ في مانهاتن بمدينة بنيويورك.
وذكرت السلطات الأمنية أن العبارة كانت تنقل ركاباً من "نيوجيرسي" إلى نيويورك أثناء الحادث، الذي وقع إبان الذروة الصباحية وأصيب فيه ما لا يقل عن 57 راكباً.
وقالت الناطقة باسم الشرطة، صوفيا تاسي، إن اثنين من المصابين بحالة حرجة."
ووصف إحدى الراكبات، وتدعى أشلي، لـCNN قوة الاصطدام بأنها قذفت ببعض الركاب من كانوا في المقدمة استعدادا للهبوط، في الهواء قبل أن يرتطموا بأرضية العبارة.
وقالت أخرى تدعى أليزابيث بانتا: "الارتطام كان هائلا، تماماً كحادث اصطدام سيارة، تطاير بفعل شدتها العديد من الركاب."
وذكر المجلس الوطني لسلامة النقل أنه سيبعث بفريق لتحقيق في الحادث الذي لم تتضح مسبباته حتى اللحظة.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط. | <urn:uuid:d062632f-21bc-4f54-9787-2362cf3e5a42> | CC-MAIN-2013-48 | http://arabic.cnn.com/2013/world/1/9/_more-than-a-dozen-hurt-in-newy-york-ferry-acciden/index.html | 2013-12-12T22:51:55Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386164740723/warc/CC-MAIN-20131204134540-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.918252 | Arab | 37 | {"arb_Arab_score": 0.9182519316673279, "ary_Arab_score": 0.04351141303777695, "ars_Arab_score": 0.014726274646818638, "arz_Arab_score": 0.014614899642765522} |
الثقافه والتنمية
" يخلق التنوع الثقافي عالما غنيا ومتنوعا مما يزيد من مجموعة من الخيارات ويغذي القيم والقدرات البشرية ، وبالتالي فانه المحرك الرئيسي للتنمية المستدامة للمجتمعات والشعوب والأمم" (اتفاقية اليونسكو 2005). الحوار بين الحضارات والثقافات والشعوب على أساس التفاهم والاحترام المتبادل هو شرط أساسي للتماسك الاجتماعي والسلام بين الأمم ويضمن الظروف اللازمة للتطور والنمو الشخصي والمجتمعي .
التنوع الثقافي هو القوة الدافعة للتطور ، ليس فقط فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي، ولكن أيضا كوسيلة لتحقيق حياة أكثر ثراء وغنى من الناحية الفكرية والعاطفية ، والأخلاقية والروحية.
أكدت اتفاقية اليونسكو عام 2005 بشأن حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي على دور الثقافة من أجل التنمية وهي اتفاقية دولية تضمن أن الفنانين والعاملين في مجال الثقافة والممارسين والمواطنين في جميع أنحاء العالم يمكن أن يخلقوا وينتجوا وينشروا ويستمتعوا بمجموعة واسعة من الخدمات الثقافية والسلع والأنشطة، بما في ذلك ما ينتجوه بانفسهم .
صادقت الأردن على الاتفاقية في عام 2007، والتي تبين التزامها بدعم المشهد الثقافي الحديث النابض . ان مساعدة الأردن في تنفيذ اتفاقية عام 2005 وتعزيز مساهمته في التنمية الثقافية المستدامة هي واحدة من أهداف مكتب اليونسكو الرئيسي في عمان. وتشمل أنشطته :
- تنظيم امسيات ثقافية متنوعة حيث يمكن للمجموعات العرقية المختلفة في الأردن (بما في ذلك المجموعات الشركسية والشيشان والأرمن والتركية، والداغستانية ، والبخارية والبنغالية والجماعات الكردية والدرزية ) ان تتوفر لها الفرصة لعرض تقاليدها من خلال الغناء والرقص والموسيقى.
- تحديد المؤسسات الثقافية لفهم مجال الممارسات الثقافية المعاصرة في الأردن واحتياجات الفنانين. استهدف المسح في المقام الأول الأشكال المعاصرة للممارسات الثقافية بدلا من الأشكال التقليدية أو الحرفية ويشكل عنصرا هاما لصياغة سياسة التنمية الثقافية الجديدة.
- توفير التدريب لمتابعة الكوميديا للشباب من مختلف الخلفيات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، والتي بلغت ذروتها في الاحتفال النهائي.
- تحديد وتقييم المنتجين والمصممين في مجال الحرف اليدوية في الأردن للحصول على فهم لصناعة الحرف اليدوية، تليها مسابقة للمصممين الأردنيين للصناعات الحرفية اليدوية . | <urn:uuid:f89ce151-040f-491e-b32e-b01c47bf2f38> | CC-MAIN-2013-48 | http://www.unesco.org/new/ar/amman/culture/culture-development/ | 2013-12-20T00:08:55Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1387345768632/warc/CC-MAIN-20131218054928-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.989071 | Arab | 6 | {"arb_Arab_score": 0.9890711307525635} |
متلازمة الحميراء الخلقية
متلازمة الحميراء الخلقية (بالإنجليزية Congenital rubella syndrome) تحدث نتيجة اصابة الحوامل بفيروس الحصبة الألمانية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل وتؤدى إلى عيوب خلقية بالجنين كالعمى والصمم وعيوب بعضلة القلب أو تؤدى إلى وفاة الجنين.
الأسباب[عدل]
تحدث نتيجة اصابة الام والجنين في الثلاث اشهر الأولى من الحمل بفيروس الحصبة الألمانية وما يرافقها من مضعفات وتشوهات خلقية قد تؤدي إلى ولادت جنين مصاب بعيوب عديدة مثل العمى فقدان السمع ضعف بالقلب أو إلى وفاة الجنين وهو في رحم الام أو عند ولادته أو بعد فترة من ولادته حسب تعرضه لاصابة في أماكن دقيقة مثل القلب والكبد. قد تصل نسبة التشوهات لدى الجنين في الاشهر الثلاثه الأولى من الحمل حوالى اكثر من 80 %,ونسبتها في الثلاث اشهر الوسطى حوالى من 10 - 20 %, ولا توجد اي تشوهات في اخر ثلاث اشهر من الحمل. اذا حدثت العدوى للام قبل بداية الحمل ب 28 يوم فنسبة اصابة الجنين بالفايروس تكون حوالى 43 %. اما إذا كانت العدوى شديده فسوف يحدث اجهاض للام أو عيوب خلقيه للجنين ووفاته وهو داخل الرحم.
الاعراض[عدل]
1-تخلف في نمو الجنين مما يؤدي إلى نقص في وزنه يكون اقل من الوزن الطبيعى.
العلاج[عدل]
بالنسبة للحامل:ان للتوعية دور كبير في تجنب مثل هذه الاصابات فمثلا توعية النساء عن ]]امراض الحمل ]]ومضعفاتها له دور كبير في التقليل من الاصابة بالمرض.يمكن إعطاء الفتيات في مرحلة الإنجاب اللقاح المضاد لهذا المرض. فحص دوري للحوامل وخاصة في الاشهر الثلاثة الأولى للتاكد من وجود الأجسام المذادة للمرض.فعند القيام بالاختبار لمعرفة نوع الأجسام فاذا كان الاختبار يصل إلى نتيجة اى جى جى (IgG) هذا يعني ان الحامل محصنة، اما إذا كان نوعها اى جى ام(IgM) فهذا يعنى انها مصابة بالحصبه الألمانية فتنصح الحامل بالاجهاض.أو تعطى جرعات مكثفة وعالية من الايميونوجلوبين.اما إذا كان الاختبار سلبى معناه لا يوجد اجسام مضاده ولكنها قد تكون معرضه للاصابه بالفايروس.واذا كان الاختبار اجابي تكون الحامل مصابة بالعدوى عند إعطاء المرأة الحامل الايميونوجلوبين ,يعاد الاختبار عليها بعد اسبوعين أو ثلاثه اسابيع. إذا كانت النتيجه سلبيه فهذا يعني انها شفيت من الفايروس اما إذا كانت ايجابيه فهذا يثبت انها مصابة بالعدوى وتنصح الأم بالقيام بعملية الإجهاض. 2-بالنسبة للطفل:لايوجد علاج حتى الآن للطفل المولود والمصاب بالعدوى ومعدل نسبة الحياة تكون لديه بين سنة إلى سنتين. | <urn:uuid:5aa30a2a-2010-4f2c-b2ed-5a813775fd6d> | CC-MAIN-2013-48 | http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AA%D9%84%D8%A7%D8%B2%D9%85%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%A1_%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%82%D9%8A%D8%A9 | 2013-12-06T01:02:57Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386163048803/warc/CC-MAIN-20131204131728-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.743147 | Arab | 66 | {"arb_Arab_score": 0.7431468367576599, "ars_Arab_score": 0.08400055766105652, "ary_Arab_score": 0.057814694941043854, "arz_Arab_score": 0.04954133555293083, "ajp_Arab_score": 0.033385951071977615, "aeb_Arab_score": 0.023921659216284752} |
تدل الإحصائيات البريطانية والعالمية على أن شهادة MBA هي الشهادة العلمية الأكثر طلباً في أسواق الأعمال في عموم بريطانيا وغالبية دول العالم ، وخاصة في مجال إدارة الشركات الكبرى ومشاريع الأعمال بمختلف أشكالها الإنتاجية والخدمية. بالإضافة إلى انخراط عدد كبير من خريجي برامج ماجستير إدارة أعمال MBA من بريطانيا في أسواق المال والأعمال العالمية والتي أصبحت من أهم الحقول العملية التي تمتص القوى العاملة المؤهلة وفق أرقى المعايير الدولية للعمل بها ، حيث تعتبر شهادة MBA أحد أكثر الشهادات العلمية التي شغل حاملوها أفضل المواقع في أسواق المال والأعمال في بريطانيا وباقي دول العالم .
الوحدات الدراسية الاختيارية في برنامج ماجستير إدارة أعمال MBA :
وهي وحدات دراسية معدة بإشراف نخبة من خبراء التعليم في المملكة المتحدة ومصاغة بأسلوب علمي راقي ومحبب ومسهل الفهم وغني بالمعلومات الحديثة والثمينة ، و خالية من الحشو غير الموظف وغنية بالأمثلة العملية والشروح التطبيقية والأنشطة الدراسية المكملة لأجل ضمان حصول الطلاب على أفضل المعارف العلمية المعاصرة في إدارة الأعمال وفهمهم لها بشكل دقيق.
وجميع الوحدات الدراسية معدة ضمن حزم ورقية أنيقة وتشغل كل وحدة دراسية ما بين 40-80 صفحة ضمن تنسيق فني ملائم للقراءة الممتعة المثمرة .
يقوم الطالب باختيار أحد التخصصات الإدارية الفرعية التي يود إعداد أطروحته البحثية ضمنها والتخصصات البحثية المتاحة هي كما يلي :
الإدارة العامة Public Administration
إدارة المشاريع Project Management
إدارة نظم المعلومات Information Systems Management
إدارة الموارد البشرية Human Resources Management
قانون الأعمال Business Law
إدارة الجودة الشاملة Total Quality Management
إدارة التجارة الدولية International Trade Management
إدارة التسويق العالمي Global Marketing Management
تنمية و تدريب الموارد البشرية Human Resources Training & Development
إدارة الأعمال السياحية Tourism Business Management
إدارة الفنادق و خدمات الضيافة Hotels and Hospitality Management
إدارة البورصات و أسواق المال Stock Markets Management
الإدارة المالية Finance Management
الإدارة الصحية Health Care Management
المهارات القيادية Leadership Skills
إدارة التسويق Marketing Management
الإعلان و الترويج Advertising & Promotion
إدارة المبيعات Sales Management
إدارة التفاوض و المنازعات Negotiation and Crisis Management
إدارة المعارض Events Management
إدارة العلاقات العامة Public Relations Management
إدارة العلاقات الدولية International Relationship Management
الإدارة الدبلوماسية Diplomatic Management
إدارة أنظمة السلامة و الأمن Safety and Security Management
الإدارة البيئية Environmental Management
إدارة الشركات Corporations Management
إدارة المشروعات الصغيرة Small Projects Management
الإدارة التنفيذية Executive Management
إدارة رعاية الزبائن Customer Care Management
إدارة المراسلات التجارية Business Correspondence Management
التجارة الالكترونية E-Commerce
رسوم التسجيل خلال العام 2010 :
3950 جنيه إسترليني يتم سدادها على ثلاثة أقساط بفاصل 120 يوماً بين كل منها . كما تقدم إدارة الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي منحة دراسية جزئية بقيمة 500 جنيه إسترليني لأول مئة متقدم لبرنامج ماجستير إدارة الأعمال MBA الذين يتم قبول طلبات التقديم الخاصة بهم مبدئياً و يقومون بإتمام كامل إجراءات التسجيل خلال شهر تشرين الأول / أكتوبر من العام 2010 من حملة أي من الجنسيات العربية أو وثائق البدون من أي دولة عربية .
وتقدم الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي برنامج ماجستير إدارة الأعمال MBA بطريقة التعلم عن بعد وقد درستها باللغة العربية ، كما أنه لم يكتب على شهادتي أن الدراسة قد تمت عن بعد ، وهي ميزة أخرى ...
أما شهادة محاسب محترف معتمد CPA : فهي الشهادة المهنية الأكثر شيوعاً في المملكة المتحدة و التي ينضم في عدادها عدد كبير من المحاسبين المحترفين في المملكة المتحدة و الذين يمارسون مهنة المحاسبة في إحدى التخصصات المحاسبية التالية :
المحاسبة العامة
محاسبة التكاليف
مراجعة الحسابات
التدقيق المالي
محاسبة الضرائب
محاسبة الميزانيات
محاسبة التمويل و الاستثمار
محاسبة البنوك
محاسبة أسواق المال
محاسبة التأمين
و تساهم الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي بكونها الممثل الحصري لهيئة الزمالة البريطانية التخصصية في العالم العربي في مساعدة المحاسبين المحترفين العرب الراغبين بالانضمام إلى هيئة الزمالة البريطانية التخصصية للحصول على شهادة محاسب محترف معتمد CPA من المملكة المتحدة بعد تلبية كافة معايير القبول العامة و الخاصة التي تشترطها إدارة قسم القبول في هيئة الزمالة البريطانية التخصصية.
وهي ما أنوي التقدم للحصول عليها في خلال الشهر الحالي لأن هناك حسماً قدره 50% لجميع المتقدمين من حملة أي من الجنسيات العربية في الشهر الحالي ..
أتمنى أن تنتفع بها ..
الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي
Arab British Academy for Higher Education
تمثل الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي هيئة تنسيقية تقوم بمهمة نقل أرقى منجزات وطرائق التعليم العالي في المملكة المتحدة إلى أبناء العالم العربي في نخبة من التخصصات الأكاديمية الرفيعة بالإضافة إلى تسهيل إمكانية حصول الفئات المهنية الراقية في الدول العربية ( مدراء ، محاسبين ، مهندسين ، أطباء أسنان ، صيادلة ، حقوقيين ... إلخ) على نخبة من شهادات العضوية المهنية المرموقة في المملكة المتحدة من قبيل العضوية في البورد البريطاني للمستشارين المعتمدين و شهادة الزمالة البريطانية في العديد التخصصات المهنية الأكثر تميزاً في عالمنا المعاصر من قبيل شهادات CPA و CMA و PMP باعتماد كامل من قسم الاعتماد الدولي في الدولة البريطانية و وزارة الخارجية البريطانية و جميع سفارات الدول الأجنبية في العاصمة البريطانية لندن .
وتساهم الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي بكل الجهود المتاحة والمبادرات البناءة الهادفة إلى أي تطوير ممكن في البنية التحتية التعليمية في العالم العربي و خاصة في ميدان التعليم المفتوح و التعلم عن بعد باستخدام كافة الطرائق و المنهجيات الأكاديمية المعتمدة في المملكة المتحدة من خلال تقديم نخبة من البرامج الدراسية المجانية و المنح الدراسية الجزئية في العديد من التخصصات العلمية الأكثر طلباُ في سوق العمل العالمية و خاصة في ميدان إدارة الأعمال و تكنولوجيا المعلومات و اللغة الانكليزية للطلاب من أبناء الدول العربية كمبادرة أخلاقية من مجلس إدارة الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي المؤمن بواجبه الدائم في تعزيز و دعم جهود التنوير و النهضة في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج.
و تقوم الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي من خلال شراكتها الإستراتيجية مع المركز الاستشاري البريطاني بتطوير منظومات متكاملة تختص بمعايير الأداء المهني في نخبة من التخصصات المهنية الراقية و التي يشترط بجميع أعضاء البورد البريطاني للمستشارين المعتمدين من أبناء الدول العربية الالتزام بها بما يسهم في نهاية المطاف في تشكيل منظومات عربية متكاملة لمعايير الأداء المهني في العالم العربي و الذي سوف ينعكس بالتأكيد بعد تراكم نتائجه خلال فترة من الزمن بتطور معايير الأداء المهني للفئات المهنية الراقية في الدول العربية.
وتكرس الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي من خلال كوادرها الإدارية في العالم العربي و المملكة المتحدة جل جهودها على العمل المستمر و الدؤوب لتقديم كل المعارف المعاصرة في بريطانيا ، و العمل على توطين المعارف العلمية الحديثة و تبيئتها بما ينسجم مع الواقع العربي لتسهم في تفعيل جهود الفئات المستنيرة في العالم العربي في البناء و العطاء و تعزيز عجلة النمو الإبداعي والحضاري في جميع أرجاء العالم العربي.
منهج العمل في الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي:
يمكن تلخيص المحاور الأساسية لعمل الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي بالمرتكزات الكبرى التالية :
• أولاً : التنوير هو جهد حضاري واجب على كل القادرين عليه ، حيث أنّ انقطاع الجهد التنويري المتميز في العالم العربي هو مقدمة لظهور كل النزعات غير الحضارية وما تؤسس له من أزمات بنيوية ووظيفية في المجتمعات العربية ، ولذلك إنّ العمل في تأسيس حركة تنويرية علمية ثقافية اجتماعية في العالم العربي هو واجب لا يمكن التخلي أو التراجع عنه .
• ثانياً : إنّ الأمة العربية هي أمة حيّة ، ولغتها العربية تمثل إحدى أهم لغات العالم الحية ، وإحدى أهم الخازنات لتراث عظيم لازالت جميع الأمم الحية تنهل منه ، وإنّ الاقتناع الراسخ بذلك هو مقدمة جوهرية تؤصل للنضال ضد فكرة الانهزام التاريخي للأمة العربية ، وإنّ الاستناد إلى منجزات ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات سوف يمكن بشكل كبير و سريع من الإسهام في جسر الهوة الحضارية بين العالم المتقدم والعالم النامي ، وبالتأكيد يحتاج ذلك إلى عملية طويلة ومتواصلة من عملية توطين المعارف لتتناسب مع احتياجات الوطن العربي ، ولكن ذلك لا يحدو إدارة الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي إلى اليأس أبداً وإنما إلى التذكر و التذكير دائماً أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة وأنّ الثمار اليانعة تحتاج إلى سنين طويلة بعد الغرس حتى يحين قطافها.
• ثالثاً : إن تطوير البنى المؤسسية التي تسهم في نقل أي مجتمع من حيز النمو العفوي إلى حيز النمو المنتظم تمثل خطوة جوهرية و لازمة في عملية النهضة و التطوير في المجتمعات العربية و تمثل مهمة تطوير معايير جودة حقيقية و قابلة للتطبيق في ميدان الأداء المهني بمختلف أشكاله للفئات المهنية الرفيعة في المجتمعات العربية ( مدراء ، محاسبين ، مهندسين ، أطباء أسنان ، صيادلة ، حقوقيين ... إلخ ) إحدى الخطوات الجوهرية الواجب القيام بها في أي مشروع تنموي في الوطن العربي و تطمح إدارة الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي للقيام بدورها الفعال و الإيجابي في تلك المهمة من خلال تطوير و تعريب أرقى المعايير المهنية في المملكة المتحدة و إعادة صياغتها بما ينسجم مع متطلبات و احتياجات الواقع في الوطن العربي الكبير من المحيط إلى الخليج .
تم تأسيس الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي في العام 2005 بمساهمة نخبة من الكوادر العلمية العربية التي حصلت على تأهيلها العلمي من بريطانيا وكانت تطمح بشغف إنسان عميق إلى تطوير الحالة العلمية في العالم العربي من خلال تعريب أحدث النماذج التعليمية في العلوم الإدارية وتقديمها إلى الطلاب من أبناء العالم العربي بالإضافة إلى تطوير منظومات عربية متكاملة في ميدان جودة الأداء المهني للفئات المهنية الراقية في الدول العربية ( مدراء ، مهندسين ، محاسبين ، أطباء أسنان ، صيادلة ، حقوقيين ... إلخ ) بالاستناد إلى أرقى المعايير المعمول بها في المملكة المتحدة والذي يعزز في نهاية المطاف حركة التطور الراهنة في المجتمعات العربية للحاق بمسيرة الركب العالمي والدول المتقدمة.
ولقد شكلت ثورة الاتصالات ومنجزات ثورة المعلومات والتي كانت الجامعة الافتراضية الدوليـة (المملكة المتحدة ) إحدى المؤسسات البريطانية الرائدة التي قامت باستثمار تلك المنجزات بشكلها الأمثل والأكثر جدوى بما يخدم متطلبات تطوير إمكانيات عقل الإنسان المبدع والمنتج والتي استقت منها الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي منهجيتها في تنفيذ برنامج الماجستير في إدارة الأعمال MBA وبرنامج الدكتوراه في إدارة الأعمال DBA بمختلف تخصصاتهما الفرعية الفريدة والذي شكل نجاحما المنقطع النظير إنجازاً غير مسبوق في ميدان التعلم والتعليم عن بعد ومختلف أنظمة التعليم المفتوح المعروفة في الدول العربية والتي شكلت خلال سنوات قوة جبارة تمكنت من تجاوز العقبات البنيوية الصعبة في العالم العربي والتي تعيق استفادة أبناء العالم العربي من إمكانيات الدراسة والتحصيل العلمي في العالم الغربي وهو حقيقة ما تفخر به إدارة الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي من خلال المئات من خريجيها ابتداءً من الدفعة الأولى المتخرجة من برنامج الماجستير في إدارة الأعمال MBA في العام 2005 وحتى الوقت الراهن والذين يشغلون أرقى المناصب المهنية والوظيفية حالياً بالاستناد إلى مؤهلاتهم العلمية المعتمدة بأعلى شكل دولي من ممثل جلالة ملكة بريطانيا العظمى في وزارة الخارجية البريطانية وجميع سفارات الدول الأجنبية في العاصمة لندن.
وتجهد إدارة الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي في تعريب وتطوير منظومات دراسية بحثية متميزة باللغة العربية في ميدان العلوم الإدارية وجميع تخصصاتها الفرعية بالاستناد إلى المنظومات المتعارف عليها في المملكة المتحدة بعد تعريبها و إعادة صياغتها بما ينسجم مع متطلبات الطالب و الباحث العربي واللغة العربية كحامل أساسي للإبداع والتحصيل والبحث العلمي للطلاب من أبناء الدول العربية . كما تجتهد إدارة قسم التعلم عن بعد في الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي كذلك في تعريب العديد من البرامج الدراسية المقدمة بشكل مجاني تماماً من خلال موقعها الالكتروني لجميع الطلاب العرب مع التركيز في نفس الوقت على تطوير ملكة اللغة الانكليزية لدى الدارسين ، مما يضمن إتاحة وتقديم المعارف العلمية المعاصرة في بريطانيا باللغة العربية مع التركيز على قدرة جميع الطلاب على التفاعل الحيوي مع اللغة الانكليزية والذي يؤسس بالنتيجة لخلق فئة متعلمة ومستنيرة تستطيع المساهمة بشكل فعال في عملية البناء والتنوير في العالم العربي.
كما تقوم إدارة الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي بالتنسيق الدائم والعضوي مع إدارة المركز الاستشاري البريطاني لتطوير منظومات عربية متخصصة بجودة الممارسة المهنية للفئات المهنية الراقية في العالم العربي ( مدراء ، مهندسين ، محاسبين ، أطباء أسنان ، صيادلة ، حقوقيين ... إلخ ) وذلك لتسهيل انضمام تلك الفئات العربية إلى العضويات المهنية المرموقة في المملكة المتحدة من قبيل البورد البريطاني للمستشارين المعتمدين والزمالة البريطانية في العديد من التخصصات المهنية الأكثر طلباً في السوق العربي والعالمي بما يخدم في المآل الأخير جهود التنمية و التطوير في المجتمع العربي الكبير من المحيط إلى الخليج.
يعتبر نظام التعليم المفتوح في بريطانيا واحداً من أكثر أنظمة التعليم نجاحاً في القارة الأوروبية والذي مضى على تأسيسه أكثر من أربعة عقود في المملكة المتحدة ولا زال يعمل بكثير من الكفاءة والتميز والسمعة الراقية محلياً في عموم أرجاء المملكة المتحدة وعالمياً.
وخلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن المنصرم تم تبني نظام التعليم المفتوح و الدراسة بالانتساب في المملكة المتحدة الذي يعتمد على تقديم المناهج الدراسية للطالب لدراستها ذاتياً في المنزل والاستعانة بناصح دراسي يعين له يتم التواصل معه عن طريق البريد الملكي في المملكة المتحدة و عن طريق جهاز الهاتف وبعد ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أتت شبكة الإنترنت والأقمار الصناعية لتقدم خيارات أخرى مكملة لنظام التعليم المفتوح في القرن الواحد والعشرين ليأخذ شكلاً جديداً هو التعلم عن بعد الذي يعتمد على شبكة الإنترنت و تقنياتها في تقديم المواد الدراسية والتواصل مع قسم التعلم عن بعد والذي أصبح نموذجاً رائداً في التعليم في المملكة المتحدة وعالمياً.
أكاديمية MCC academy هي شريك لنقابة التجاريين و تمثل قطاع التدريب فيها و تقوم بالتدريب باسمها و يحصل الدارس في اى برنامج تدريبي على شهادة معتمدة من نقابة التجاريين ويتم اعتماد جميع الشهادات التي تقدمها الأكاديمية من وزارة الخارجية مما يسهل الاعتراف بالبرنامج التدريبي في اى دولة أخرى يسافر إليها المتدرب .
تعتبر أكاديمية MCC academy الشريك الوحيد و الحصرى في القطر المصري لكلية كامبريدج و تقدم الكلية فرص الدراسة بالمراسلة وعن طريق الانترنت للحصول على البكالوريوس و الدراسات العليا حتى مرحلة الدكتوراه.
وتقدم دورة cma
المحاسب الإداري المعتمد CMA
Certified Management Accountant
هي شهادة محاسبية تم تصميمها من قبل معهد المحاسبين الإداريين IMA بالولايات المتحدة الأمريكية وهو الجهة الرائدة في العالم لتمكين المهنيين في المحاسبة الإدارية والتمويل من التميز في الأداء.
إن الحصول على هذه الشهادة من قبل العاملين في تلك المجالات يحقق لهم العديد من المزايا،
لغة الدراسة والاختبار: اللغة الانجليزية
حقك علينا
التزام منا بتوفير المكان المناسب والملائم لاستيعاب المادة في جو يملؤة الهدوء
- ملزمين بتقديم كافة المعلومات بخصوص الكورس لتكون مرجع لك في حياتك المهنية
- ملزمين بتقديم شرح كافي ووافي للكورس
- ملزمين بوجود مدرب محترف يقوم بالتدريب بطريقة سهلة وبسيطة مما يحقق الاستيعاب اللازم من الدورة
- ملزمين بتوفير اقصي درجات الرعاية والاهتمام والمتابعة
واجبك علينا
- المتابعة الجيدة لشرح المادة
- الحضور في الموعد المحدد لبدء الدورة
مميزات هذه الدورة:
• المادة العلمية تشمل كتاب.
• يمنح الدارس شهادة معتمدة عقب إنتهاء الدورة (يتم توثيق الشهادات من وزارة الخارجية لمن يرغب) .
• تكون جاهز لدخول امتحان ال CMA
الmpa هي:-
ماجستير إدارة الاعمال و يهدف إلى إعطاء الدارس القدرة فهم عام لأساسيات إدارة الأعمال فيما عدا الجانب الفنى. و تشتمل الدراسة عادة على دراسة مجموعة من المواد الأساسية واختيار بعض المواد الاختيارية. المواد الأساسية تغطي الادوات التي يحتاجها المدير في أي قطاع من قطاعات العمل، أما المواد الاختيارية فتُغطي تفاصيل خاصة بأحد قطاعات العمل (عمليات، تسويق، تخطيط استراتيجي، تمويل، موارد بشرية، صناعات صغيرة).
المواد الأساسية في معظم الأحيان تُغطي دراسة الآتي:
الإحصاء وتطبيقاتها في الإدارة Statistics for Managers: يحتاج إي مديرلجمع الأرقام والمعلومات والتعامل معها وتحليلها وعرض النتائج على آخرين. تعتبر الإحصاء أحد الوسائل الأساسية لتجميع المعلومات وتحليلها. هذا العلم يتعرض لامور مثل نوع المعلومات، كيفية الحصول عليها، طرق تحليل المعلومات المخنلفة، كيفية عرض النتائج، كيفية معرفة العوامل المؤثرة في متغير معين.
مبادئ التسويق Marketing: كيفية التفكير في تطوير المنتج أو استحداث منتج جديد، كيفية تحديد سعر المنتج، كيفية تحديد وسائل توزيع المنتج واستخدام وسائط من عدمه، كيفية الدعايا للمنتج.
مبادئ المحاسبة Accounitng: مبادئ تسجيل دفاتر المحاسبة لكافة الأنشطة، كيفية إعداد القوائم المالية، تفهم تأثير قرارات معينة على القوائم المالية.
مبادئ التمويل وتقييم الشركات Finance: كيفية تحديد قيمة شركة ما أو قيمة أسهمها، استخدام النسب المالية، طرق تمويل الشركات، العلاقة بين إدارة الشركة والمستثمرين
مبادئ تنظيم الشركات Organization Theory: كيفية تحديد الهيكل التنظيمي المناسب، عيوب ومميزات الهياكل التنظيمية المختلفة، المركزية واللامركزية، تحفيز العاملين، القيادة، نقييم اداء الشركة
مبادئ الموارد البشرية Human Resources: كيفية اختيار موظيفين جدد، كيفية تقييم الموظفين، تحديد الاحتياجات التدريبية وتلبيتها، التعامل مع خلافات الموظفين، مع استعراض الأمور القانونية ذات العلاقة بكل موضوع
مبادئ إدارة العمليات Operations Management: كيفية تحديد تخطيط المعدات في المصنع، إدارة عمليات الشراء، إدارة المخزون، تخطيط المشروعات، الأهداف العامة للعمليات وتحديدها. العمليات هي جميع العمليات التي تحول أو تساعد على تحويل الماد الأولية إلى منتج أو خدمة- بأسلوب آخر هي كل ما سوى التسويق والموارد البشرية والتمويل
التخطيط الاستراتيجي Strategic Planning: كيفية أعداد خطة استراتيجية للمؤسسة في الخمس سنوات القادمة وكيفية تحويلها إلى خطط سنوية، إعداد دراسات الجدوى
علم الإدارة أو بحوث العمليات Management Science: طرق حسابية للوصول إلى الحل الأمثل أو القرار الأمثل في أي مجال مثل القرارات الاستثمارية، تحديد حجم الإنتاج من كل منتج، الطريقة المثلى لإدارة مراكز توزيع متعددة
المسئولية الاجتماعية للشركات Corporate Social Responsibility: أخلاقيات الادارة، مسئولية المؤسسة تجاه المجتمع، بعض الأمور القانونية
أما المواد الاختيارية فتتناول أحد الموضوعات الأساسية بشكل مفصل أو متقدم.
شروط التقديم و الدراسه في بعض الاماكن :-
مدة الدراسة تكون في أغلب الأحيان عامين دراسيين للدارسين المتفرغين وبعض الجامعات لديها برنامج مدته عام واحد. شروط التقديم تختلف من جامعة لأخرى ولكنها غالبا ما تشمل الحصول على شهادة بكالوريوس أو ما يعادلها ولا يشترط أي تخصص، وخبرة عمل لمدة عامين أو أكثر، وقد يطلب اختباري
TOEFL
GMAT
وكذلك يُطلب تقديم مقالة أو مقالات توضح الهدف من الدراسة والخطط المستقبلية، وتقديم خطابات توصية من أساتذة سابقين ومديرين في العمل بالإضافة إلى تقديم طلب التحاق
ما هي أهمية ماجستير إدارة الأعمال؟
ماجستير إدارة الأعمال يساعد على تنمية المهارات والمعرفة الإدارية للدارس بحيث أنه يمكنه أن يعمل كمدير أو كمحلل أو استشاري إداري أو مالي. فكثيرا ما نحتاج مهندسا ليدير مصنع وطبيبا ليدير مستشفى وأستاذا ليدير جامعة ومعلما ليدير مدرسة، ونجد انه من السهل أن نجد شخص خبير في مهنته ولكنه لا يعرف الكثير عن التسويق والنواحي المالية والنواحي التنظيمية وكيفية اتخاذ القرارات وكيفية التخطيط للمؤسسة أو للقطاع الذي يديره. ماجستير إدارة الأعمال يجعل هذا الشخص قادرا على الإدارة بالإضافة لقدرته -المسبقة- على تفهم النواحي الفنية للمؤسسة التي يديرها. هذه الدراسة تمكن الدارس من تحليل أداء المؤسسات وتحديد نقاط الضعف واقتراح الحلول ولذلك فقد يعمل كمحلل أو استشاري إداري أو مالي. بالطبع يعمل بعض الخريجين كمديرين ماليين أو مديري تسويق أو مديري إنتاج أو مشتريات . | <urn:uuid:64f889f4-caaf-4ec5-a6a7-1f4edee7a404> | CC-MAIN-2013-48 | http://ous8.withme.us/t643-topic | 2013-12-13T19:20:14Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386164981569/warc/CC-MAIN-20131204134941-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.969291 | Arab | 38 | {"arb_Arab_score": 0.9692908525466919, "ary_Arab_score": 0.0183112733066082} |
برنامج التهاوي الانتخابي
سوسن البرغوتي/محررة وناشرة موقع مبدعون عرب
ربما كان بإمكاننا اعتبار المشاركة في الانتخابات حقا للمواطن الفلسطيني، بل وواجبة لو لم تكن فلسطين ترضخ لاحتلال مباشر، أما والأرض مغتصبة والحقوق منتهكة، فالواجب هو النضال لتحرير الأرض، واستبعاد المرتزقة الفاسدين الذين تسببوا بضرب الأمن الوطني، وزرعوا الفتن التي كان لها الأثر البالغ في شق الصف الفلسطيني.
والسلطة الفلسطينية لا تسعى إلى توثيق نظام عادل، بل إلى ترسيخ المنهجية الاستسلامية لتمنح المتنفذين مزيدا من فرص استغلال الواقع المتردي.
وبعد مسلسل التداعيات التي طالت كافة جوانب القضية الفلسطينية، سجلت حركة "فتح" فشلاً ذريعاً في أداء دور القيادة الوطنية، نتيجة تصدع واضح في هيكلتها الحزبية وتهافت رموزها على الكرسي بغية تحقيق المكاسب الشخصية، فتعهّدت نتيجة لذلك تنفيذ "خارطة الطريق" التي رفضها شعبنا الفلسطيني، واستسلمت لإغراءات ميراث التركة الفلسطينية التي تقاسموا منها حتى اللحظة ما يزيد عن المليار دولار ضائع، وشاركوا في قتل الرئيس عرفات!، ويطلبون اليوم من العامة صكّ البراءة الشعبية عبر الدعوة إلى صناديق الاقتراع المزيف، فكيف ستوافق الجماهير الوطنية على تجديد العهد لمن يسعى إلى تسوية كاملة بإنهاء الصراع التاريخي بتثبيت الكيان "الاسرائيلي" شريكاً رئيسياً في صناعة المستقبل الوطني الفلسطيني!
وعدنا السيد الرئيس بالإصلاح، وتعهد إقصاء الرموز الفسادوية، ثم انكشفت قوائم الترشيح في حركة "فتح" عن إضافة الأسماء ذاتها!، مما يؤكد قيام القيادة الفلسطينية الحالية عمدا بتضليل الشعب الفلسطيني عبر إطلاق التصريحات المخادعة والشعارات الزائفة بينما يدلّ الواقع على عكس ذلك تماما.
فهل وفت حركة فتح كـ "قيادة فلسطينية" بتعهداتها أثناء "التنصيب" الرئاسي للسيد عباس؟، الجواب ببساطة: (لا)، والدليل استمرار التأزم الأمني، فضلا عن التعاون مع الاحتلال الصهيوني بغية التوصل إلى تسوية مشينة بحق النضال الفلسطيني.
فقد زعم برنامج فتح الانتخابي أن "الحركة" قامت بعمليات البناء على الأراضي الفلسطينية المحررة، وهذا استغفال وقح للمواطن الفلسطيني، ومحاولة "بائسة" للتغطية على ذهاب (أم عمرو) بحصاد كل المساعدات المالية العربية والدولية، وإلا، فأين هي عملية بناء المؤسسات الفلسطينية التي ستخلصنا من الشلل الإداري الذي يضيّق الخناق على أبناء شعبنا، وأين إنجازات مشاريع البناء في المدن المحررة، اللهم إلا إذا استثنينا بناء كازينو ترفيهي للمقامرين الصهاينة في أريحا، عدا عن الفنادق والمرافق السياحية الخاصة!، وفي حكايات صفقات الإسمنت..، وهل هناك حقاً مدن فلسطينية محررة!، أم محاصرة ومطوقة من كل الجهات!.
عودة إلى الوحدة الوطنية، فقد استفادت "فتح" من شق الصف الفلسطيني لإبرام الاتفاقيات مع الحكومة "الإسرائيلية" بقرار منفرد استهدف كسر الإرادة الوطنية، متجاوزة في ذلك كل الفصائل والقوى في منظمة التحرير الفلسطينية المظلة الشرعية والممثل الوحيد للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.
بل عملت على شل حركة كل الهيئات واللجان التي تتفرع عن المنظمة مما أفقدها الفعالية وحاصرها في حالة احتضار سياسي..
وفي بند هامشي من البرنامج السياسي المتهاوي وردت الإشارة إلى السعي لتحقيق قضية عادلة للاجئين الفلسطينيين بالرجوع إلى القرار 194، حيث إنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء الإشارة باللفظ والنص إلى "حق العودة" بالرغم من شرعية هذا الحق، مما يؤكد أنهم يعرضونه للبيع في مزايداتهم فوق طاولات المفاوضات مع الكيان الغاصب، مما يضع مصير أهل الشتات في مهب الرياح لاسيما بعد تطويع (منظمة التحرير الفلسطينية) بأيديهم..
كذلك فقد تجاوز برنامج قائمة فتح المعتقلين السياسيين في سجون السلطة مما يعني دعم وموافقة السيادة البريطانية الأميركية على سجون "غوانتانامو" أريحا!..
في هذا الوقت يضاعف الصهاينة من مشاريعهم تحت المسجد الأقصى في مسعى خبيث لتدميره بينما تقف السلطة مكتوفة اليدين ترفع سوطها في ظهور أبناء شعبها رافعة شعارات الدفاع عن المقدسات الإسلامية في القدس الشريف!.
إن الزيتون الذي يقتطعون منه يوميا الآلاف الأشجار، سينمو مجددا في سواعد وقلوب أبناء شعبنا الفلسطيني الذي سيقدم مساءلته التاريخية يوما ما إلى هذه السلطة التي لم تقم بمصادرة جرافة صهيونية واحدة من تلك التي تقتلع الشجر والحجر..
وختاما، فإن الإصلاح الحقيقي والتغيير الجذري في منهجية القيادة هو الأمل والرجاء، وإلا فقد بات من الصعوبة بمكان تقبل واقع تقديم المزيد من الهزائم وتضييع الحق الفلسطيني عبر زمرة الفاسدين يزرعون الفتنة ويحصدون المال العام، دون أدنى اعتبار للتضحيات العظيمة طيلة العقود المنصرمة. | <urn:uuid:6753a8e0-0c98-4c41-a092-a98bbd2ed362> | CC-MAIN-2013-48 | http://www.al-moharer.net/moh238/sawsan238c.htm | 2013-12-06T19:23:45Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386163052382/warc/CC-MAIN-20131204131732-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.966405 | Arab | 30 | {"arb_Arab_score": 0.9664049744606018, "ary_Arab_score": 0.02739514596760273} |
قالت أنيسة أمزيان، إن مذكرات الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، ستكون في متناول القراء،
رسميا، خلال الصالون الدولي للكتاب، الذي تنطلق فعالياته يوم 20 سبتمبر
الجاري بقصر المعارض بالصنوبر البحري.
علمت ''الخبر''، أمس، من أنيسة أمزيان المكلفة بالعلاقات العامة على مستوى منشورات القصبة، أن مذكرات الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، جاهزة وسوف تصدر رسميا خلال فعاليات الصالون الدولي للكتاب، بعنوان ''مذكرات الشاذلي بن جديد.. ملامح حياة.. 1929 ـ 1979 ''، موضحة بأن الجزء الأول من المذكرات يتناول المسار النضالي والثوري للرئيس بن جديد، وتتوقف عند سنة 1979، وهو العام الذي عيّن فيه رئيسا للجمهورية بعد رحيل الرئيس هواري بومدين.
وتسرد المذكرات التي جاءت في أربعمائة صفحة، أطوار من حياة الرئيس الأسبق، بدءا من طفولته إلى مشاركته في حرب الهند الصينية، إلى غاية التحاقه بصفوف جيش التحرير سنة 1956 كضابط بالقاعدة الشرقية والتحاقه بهيئة أركان الجيش إلى جانب العقيد هواري بومدين، ثم دوره في الانقلاب على الرئيس الراحل أحمد بن بلة، وتعيينه عضوا في مجلس الثورة.
وأضافت أنيسة أمزيان، أن منشورات القصبة تكون حاضرة بالصالون الدولي للكتاب، بعدد من العناوين الجديدة، منها مذكرات رشيد أجواد أحد قادة الولاية الثالثة وأحد المقربين من العقيد عميروش والرائد عبد الرحمان ميرة، وتصدر المذكرات بعنوان ''الشاهد الأخير''. كما تصدر القصبة كتابا اشترت حقوقه عن دار ''فايارد'' الفرنسية بعنوان ''الرجل الذي أراد تجنب حرب الجزائر''، ويتناول الكتاب دور جاك شوفالييه رئيس بلدية الجزائر خلال حرب التحرير. وبإمكان هذا الكتاب الذي ألفه جوزي آلان فرالون، أن يلقي الأضواء على محاولات الحكومة الفرنسية كسر الثورة وخلق قوة ثالثة للتفاوض معها وعزل جبهة التحرير الوطني.
ومن بين الكتب التاريخية التي تنوي القصبة نشرها خلال نفس الفترة كتاب الديبلوماسي السابق محند أكلي بن يونس بعنوان ''سبع سنوات في نار المعركة''، إضافة إلى كتاب مترجم عن الإنجليزية، ألّفه المؤرخ الأمريكي ماك ماستر حول أحداث باريس 1961 وكذا مذكرات وزيرة التربية سابقا السيدة زهور ونيسي.
يذكر أن الصالون الدولي للكتاب، يدوم إلى غاية يوم 29 سبتمبر الجاري.
عدد القراءات : 8598 | عدد قراءات اليوم : 3 | <urn:uuid:f39e748f-2db1-437a-a413-dcc1be26fa14> | CC-MAIN-2013-48 | http://www.elkhabar.com/ar/culture/301192.html | 2013-12-06T19:11:05Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386163052382/warc/CC-MAIN-20131204131732-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.735775 | Arab | 17 | {"arb_Arab_score": 0.735774576663971, "ary_Arab_score": 0.2196664959192276, "arz_Arab_score": 0.028762497007846832} |
قدمت قناة النيل الأزرق حلقة مميزة من برنامجها الشهير " نجوم الغد" جمعت فيه أفضل الشباب الذين قدمتهم للساحة الفنية خلال مشوار البرنامج الرائع، الذي يقف من خلفه ويدعمه بقوة المبدع بابكر صديق. هذه لمحات من الحلقة الرائعة، والأصوات الواعدة التي احتشدت بصالة الريفيرا الخميس الماضي.. إضغط للتشغيل ================================== الموهبة محمد البدوي أبوصلاح، شجى بأعذب الألحان، واستحق نجومية الحلقة دون منازع، واطربوا هنا برائعة العملاق عثمان حسين، وكلمات المرهف: بازرعة ، وبعد الصبر.
حضرت إحدى بروفات أولئك المبدعين اليافعين بالمركز العام لحزب الأمة القومي تحت إشراف الأحباب أستاذ بابكر و عمر الشهيد و كان من حسن حظي سماع محمد البدوي أبو صلاح و ليس من رأى و سمع كمن سمع: موهبة جبارة جداً صغار مستقبلهم مشرق مبشر و تحس أن البلد حتماً ستكون بخير شكراً لأخي الحبيب راكوبة شكراً لأولئك المبدعين و من يرعى مواهبهم
اختنا لنا دوماً دار الأمة جامعة لكل الإبداع السوداني، وفرحت جداً عندما تم تكريم الاستاذ عمر الشهيد في ختام موسم نجوم الغد الموسم الماضي، حين كرمه النجوم وأسرة البرنامج والقناة. والشكر مضاعف للاستاذ بابكر صديق، الذي سيخطو خطوات كبيرة بالرنامج في الفترة القادمة، باتجاه السودانيين بالخارج.
. راكــــــــــــــوبة يا راقي شكرا لهذا الجمال المتدفق الذي ما فتئت تقدمه لنا بين الفينة والأخرى ..صراحة عملت لي نفسيات لانو قناة النيل الأزرق دي ما عندنا ليها قدرة اشتراك ... باستثناء رائعة عثمان حسين .. و قسم بمحيك البدر ..بقية الأغنيات جميعها غير منشطة عندي .. وبالتالي ما حظيت بمتعة الاستماع إليها .. .... رغم قناعتي بحكاية : ان الفتى من يقول هآنذا ليس الفتى من يقول كان ابي ..لكن كلامك الطيب عن الاستاذ بابكر صديق يخليني اقشر بيهو شوية واقول ليك ياخي الزول ده " خالي " أهلنا بيقولوا الود خال.. بس اناطلعت فشنك .. وحسنتي الوحيدة اني من عشاق الهلال .. .
يديك العافية يا راكوبة لكن والله غير الاغاني العلى الريل بلير الباقي ما اشتغل معي الحاصل شنو؟ ويا تمبس بالله خت لينا الفيديو .. وياجماعة ادونا اكواد الحفظ في اجهزتنا عشان نحفظ ونستمتع ..لاحقا عقبال ما تستمتعوا بسفن اب وباي اي حاجة منعشة ..
مشكور كتير يا راكوبة، التحية عبر هذا الخيط الفني الرفيع للأستاذ المبدع بابكر صديق وبرنامجه الراقي أصوات وأنامل
Quote:
أصوات وأنامل ،،، إبداع خالد
مبدعون دوما هم النوبييون أينما تلقاهم تجدهم يحملون الإبداع معهم تخصصاً غير متكلف ولا متعال على أحد وبوصفهم أهل حضارة عريقة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ الإنساني بمجمله تجدهم أزهد الناس تفاخراً بما يمتلكونه من صفات وقدرات خاصة حباهم بها الله دون غيرهم من أهل السودان ، لا تجد في مظهرهم الخارجي دليلاً واحداً يشي بمدى العمق الذي تتمتع به شخصيتهم الغنية بالمعرفة والإدراك وتجويد الصنعة في مختلف مناحي الإبداع الإنساني. حديثنا اليوم يخص نموذجا للشخصية النوبية بكل حذافيرها ومكنوناتها المتشبعة بالإبداع والجمال والتواضع الذي لا تنقصه عزة النفس ، تتجسد في شخصه كل معاني الألفة ودماثة الخلق والإحساس الطاغي بالقومية التي هي في ظني سمة سائدة لدى كل النوبيين. فنان رائع مرهف الحس والذوق ظل يقدم فنه الجميل بلا توقف طيلة الخمس والعشرين سنة الماضية دون كلل أو ملل ودون إثارة أو صخب ، فالفن في معتقده رسالة سامية يجب في من يحملها التجرد من كل رغبة في شهرة رخيصة أو مجد زائل يهرول ورائه من اتسمت نفوسهم بالصغر واضمحلال الأفق ، فحاز بتجرده هذا على إعجاب وتقدير المختصين والمهتمين بحركة الفن والإبداع ورعاية المواهب داخل وخارج السودان ، حتى امتدت له يد التكريم والإشادة من خارج حدود الوطن ومن دولة الإمارات العربية المتحدة ومن بعدها من قناة تلفزيون النيل الأزرق (فك الله عسرتها) هذه القناة الرائدة الرائعة الندية في زمن البوار والجفاف. عندما تحتضن عينيك شاشة التلفزيون لتشاهد (محاضرته) برنامجه الأسبوعي (أصوات وأنامل) فأنت بلا شك في حضرة الجمال والحسن والذوق الرفيع ترى كل العالم من حولك قيثارة تعزف لحن الحياة والمحبة ، برنامجه محاضرة في الفن والتشكيل والموسيقى وأدب الحوار وسلاسة الفكر إنه كل شئ ، إنه بابكر صديق. شكل برنامجه الذي أطل به على التلفزيون القومي لأول مرة منذ حوالي الربع قرن (محراب الآداب والفنون) و الوريث الشرعي له من بعده برنامج (أصوات وأنامل) تحدياً حقيقياً لكل البرامج التلفزيونية الأخرى ، فهذا هو البرنامج الوحيد باسميه الأول والثاني الذي لم تستطع كل الدورات التلفزيونية التي تعاقبت على تلفزيون السودان أن تتجاوزه ولو لمرة واحدة والحقيقة التي يستوجب بحثها والانتباه لها أن برنامجا مثل هذه البرامج التي تتطلب أعلى درجات التخصص الفني والروح الإبداعية الخلاقة التي يستلزم توفرها في شخص من يطلع بها تعتبر عملة نادرة بكل المقاييس ولا يأتي بها الزمان كل صباح لذلك كان لزاما المحافظة عليها وفتح كل المساحات اللازمة لاستمرارها ومدها بما يلزم وإني لفي شك من ذلك إلا أن لصمود هذا الرجل وإخلاصه لفنه وتحديه لكل الصعاب والعقبات كان السر الحقيقي لبقاء هذا البرنامج إلى يومنا هذا وكلنا يعلم أي بيئة وأي مؤسسة إعلامية هي تلك التي يناضل فيها من هم مثل بابكر صديق. | <urn:uuid:ec25469f-f0ff-4a58-8d95-627c2c6f0b8f> | CC-MAIN-2013-48 | http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=347&msg=1190262464 | 2013-12-06T19:23:28Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386163052382/warc/CC-MAIN-20131204131732-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.73215 | Arab | 6 | {"arb_Arab_score": 0.7321497797966003, "ars_Arab_score": 0.09275901317596436, "arz_Arab_score": 0.06676620244979858, "aeb_Arab_score": 0.05456627532839775, "ary_Arab_score": 0.04251702129840851} |
جامعة طرابلس - صحراء القذافي التعليمية
يقع حرم جامعة طرابلس على مساحة مترامية الأطراف وواسعة جدًا بحيث يحتاج فيها المرء ركوب سيَّارة للانتقال من كلية إلى كلية أخرى. تشاهد عبارة "ليبيا حرة" على جدار جحرة الحراسة، وفوق سطحها يرفرف علم الثورة بألوانه الأحمر والأسود والأخضر. يقف الحرَّاس عند المدخل ولديهم عمل كثير منذ بدء الفصل الدراسي. يقول الرئيس الجديد لأكبر جامعة ليبية، الدكتور فيصل الكريكشي: "لدينا أكثر من مائة وعشرين ألف طالب ونحو خمسة آلاف شخص عاملين في الهيئة التدريسة. وهذا يدل في بلد يبلغ عدد سكَّانه ستة ملايين نسمة فقط على أهمية هذه المؤسَّسة التعليمية من أجل إعادة إعمار البلاد".
يجلس الكريكشي في مكتب رئيس الجامعة السابق الذي تم عزله وتجري ضده الآن تحقيقات. وفي هذه الغرفة الواسعة جدًا والتي تبلغ مساحتها مائة متر مربع تقريبًا، يعمل الدكتور فيصل الكريكشي، الطبيب المختص في طب النساء، سبعة أيَّام في الأسبوع لفترة لا تقل عن اثنتي عشرة ساعة في اليوم. وحول ذلك يقول: "نحن نبدأ من الصفر ولذلك يجب علينا العمل بنشاط". ويضيف أنَّ هناك عملاً كثيرًا، ويجب إعادة تنظيم وإعادة هيكلة كلِّ شيء تقريبًا. يبحث المعنيون عن أساتذة جدد ويعملون على وضع مناهج ومواد دراسية جديدة. وعن ذلك يقول الكريكشي: "لقد ترك لنا نظام معمر القذافي صحراء. نحن نقف أمام خراب ونحتاج ببساطة إلى كلِّ شيء".
"الكتاب الأخضر" دليل دراسي
يقول الكريكشي إنَّ النظام التعليمي برمته كان كارثة في عهد معمر القذافي وهذه الجامعة خير دليل على ذلك: "لم يكن هناك اهتمام بالتدريس، بل بفرض الرقابة وبتمجيد الأخ القائد". وكانت مناهج علم الاجتماع أو العلوم السياسية تركِّز فقط على الكتاب الأخضر الذي كتبه معمر القذافي وجعله الأساس العقائدي للدولة الليبية. "حتى إنَّ الجغرافيا لم تكن محايدة. فقد أعاد القذافي تسمية الأنهار والمناطق وحتى البلدان كما كان يحلو له". ولم تكن توجد ببساطة اختصاصات مثل الأنثروبولوجيا. يقول عميد الجامعة الذي يبلغ عمره خمسة وخمسين عامًا: "يجب البدء في تأسيس كلِّ شيء". وفي الوقت نفسه يجب أيضًا وضع صيغة جديدة لتاريخ ليبيا الذي تم تغييره بناء على تعليمات جهات عليا.
وقام الكريكشي بتكليف لجنة بكتابة صيغة جديدة لمادة التاريخ بأسرع ما يمكن. يقول الكريكشي: "يجب على كلِّ خرّيج جامعي منذ الآن تعلم هذا التاريخ". ويضيف لا يمكننا ترك الشباب يسافرون إلى دول العالم وهم يحملون صيغة القذافي. ويضيف: "هذه بداية جديدة سيكون فيها الأساتذة مضطرين إلى الارتجال في الحلقات الدراسية والمحاضرات، وضمن سياق الحرية لن يهتم أحد بذلك". يتذكَّر الكريكشي أوَّل يوم له في العمل بابتسامة عريضة. فبعد زحف الثوَّار في الحادي والعشرين من شهر آب/أغسطس إلى طرابلس، تمت استعادة مبنى الجامعة تحت قيادته وبمساعدة خمسة وعشرين طالبًا من طلابه الذين كانوا مسلحين ببنادق الكلاشنكوف والرمانات. وتمكَّنوا من تحرير ستة عشر سجينًا كانوا محتجزين في حاويات للشحن كما أنَّهم وجدوا كميات كبيرة من وثائق المخابرات المتعلقة بالطلاب. "كان ينظر إلى طلبة الجامعات في ليبيا على أنَّهم يشكِّلون خطرًا فكريًا وكان من الممكن أن يتعرَّض بعضهم في أي وقت للاعتقال والتعذيب أو حتى لإعدام"، مثلما يقول عميد جامعة طرابلس الجديد الذي درس الطب في إيطاليا وبريطانيا.
خرجت داخل الحرم الجامعي في السابع من نيسان/أبريل 1976 مظاهرات مناوئة للحكومة، وردَّت عليها السلطات بإصدار أوامر تقضي بإطلاق النار على المتظاهرين. وقتل نتيجة ذلك ما لا يقل عن ثلاثة عشر طالبًا. وللتذكير بهذه الأحداث قامت حكومة القذافي بعد عام واحد بتنفيذ إعدامات علنية بالقرب من كلية الطب. اكتشف الدكتور فيصل الكريكشي مع طلابه عند استيلائهم على هذه المؤسَّسة التعليمية حجرة سرية تحت الأرض موجودة تحت صالة للمحاضرات وتضم غرفة نوم وحوض سباحة وكرسي خاص بأمراض النساء. وكذلك اكتشفت مثل هذه الغرف في مواقع سرية أخرى في طرابلس وكانت كلّها مخصصة للطاغية المخلوع معمر القذافي. لا أحد يعرف في الواقع ماذا كان يفعل القذافي هناك، ولكن بالنسبة للثوار تعتبر مثل هذه الأماكن أدلة على أنَّ "الأخ القائد معمر القذافي" كان يغتصب النساء هناك ويأمر بإجراء عمليات إجهاض لهن.
روح جديدة في الجامعات
ومن المفترض الآن أن يكون شبح الماضي قد ولى وانتهى. يقول الكريكشي مؤكِّدًا بكل ثقة: توجد الآن روح جديدة في الجامعة لاحظناها مباشرة بعد سقوط النظام، إذ جاء الطلاب متطوِّعين لتنظيف المباني وقاعات المحاضرات ولصبغها، كما تم تنظيم ندوات وحلقات للنقاش في فترة العطلة الدراسية من أجل التوعية. وتقول طالبة لا تود الكشف عن اسمها: "لقد تم حرماننا من الكثير، ولذلك نحن نريد الآن معرفة كلِّ شيء لم نتعلمه بسبب القذافي". وفي فترة الثمانينيات لم يكن يسمح لليبيين تعلم اللغات الأجنبية مثل الإنجليزية أو الفرنسية، وكان يتم منع كتب كثيرة لأسباب إيديولوجية. وكان بوسع الطلبة اجتياز الامتحانات بنجاح من خلال إثبات وطنيتهم وولائهم للنظام أو ببساطة من خلال علاقاتهم الجيدة مع النظام. وكذلك كان الأسلوب المعتمد في التعليم هو التلقين وحفظ الحقائق والبيانات عن ظهر قلب؛ ومن المفترض الآن تغيير هذا الأسلوب.
يقول رئيس الجامعة الجديد الدكتور فيصل الكريكشي: "يعتبر التفكير المستقل وأخذ زمام المبادرة وطرح التساؤلات صفات مهمة يجب علينا تشجيعها وتنميتها". عملت رابطة الطلبة المستقلة على إعادة أجهزة الكمبيوتر التي استولت عليها اللجان الثورية التابعة لنظام معمر القذافي. ومن المفترض أن يتم في المستقبل توفير وسائل نقل مجانية لجميع الطلبة تنقلهم من وإلى الحرم الجامعي. اجتثاث عملاء القذافي ما تزال هناك بعض المشكلات مع أعضاء هيئة التدريس، أذ لم يعد الأساتذة والمعيدين البالغ عددهم خمسة آلاف موظف يعملون جميعهم في الجامعة.
ويضيف الكريكشي: "لا بد لكلِّ مَنْ كان يشي للسلطات الأمنية بزملائه الآخرين وبالطلبة من تحمّل العواقب". ويضيف أنَّ عملية فرز الموالين الحقيقيين للقذافي عمن كانوا يسيرون ببساطة مع التيار تعتبر عملية صعبة. لم يكن العمل في الجامعة مسموحًا في عهد القذافي إلاَّ لمن يتم تصنفهم على أنَّهم موالون للنظام. وكان يتحتَّم على كلِّ من كان يريد الحصول على وظيفة إثبات حسن سيرته وسلوكه سواء شاء أم أبى. كان المواطنون في ليبيا - مثلما هي الحال في جميع الدول الشمولية - مجبرين على الاختيار بين القبول بالنظام أو الذهاب إلى المنفى. ويؤكد رئيس الجامعة أنه لا يفكِّر بالانتقام ويضيف: "يمكنني بطبيعة الحال بصفتي عميد الجامعة جعل الحياة صعبة على بعض الأساتذة، ولكن نحن لدينا واجبات أكثر أهمية يجب علينا الاهتمام بها". ولكن مع ذلك لقد تمت على عجل معاقبة الأساتذة الذين كانوا يدرِّسون "الكتاب الاخضر". وصحيح أنَّه قد تم تسريحهم وإرسالهم إلى بيوتهم إلاَّ أنَّهم يحصلون حتى الآن على رواتبهم كاملة. وحتى الآن ما يزال من غير الواضح ماذا سيحدث لهم. قام الطلاب بحرق عشرات الآلاف من نسخ الكتاب الأخضر في الحرم الجامعي؛ إلى أن نصحهم الكريكشي بإعادة تدوير الورق بدل حرقه وقال: "هكذا يمكنكم الاستفادة منه بدلاً من حرقه وتلويث الهواء من دون فائدة".
ألفريد هاكنسبيرغر
ترجمة: رائد الباش
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2012 | <urn:uuid:e27e7019-15e7-454d-9e0c-47bb4f6e9f97> | CC-MAIN-2013-48 | http://ar.qantara.de/content/jm-trbls-jm-trbls-shr-lqdhfy-ltlymy | 2013-12-08T17:57:22Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386163732500/warc/CC-MAIN-20131204132852-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.962756 | Arab | 88 | {"arb_Arab_score": 0.9627562165260315, "ary_Arab_score": 0.023047948256134987} |
عذرا، لا يتوفر برنامج مكافآت الشركات الخاص بالشركات الصغيرة والمتوسطة التي تضم ما يصل إلى 80 موظفا تنفيذيا باللغة العربية، يرجى العودة إلى موقعنا باللغة الإنجليزية لتسجيل عضويتكم.
تعتبر إيماكس وهي جزء من مجموعة لاندمارك، أكبر سلسلة متاجر إلكترونيات في الشرق الأوسط. توفر المتاجر في الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وعُمان، وقطر والبحرين أكثر من 100,000 منتج عالي الجودة من 200 علامة تجارية عالمية. كن متأكدا من العثور على أحدث ما في عالم الإلكترونيات والتكنولوجيا المتطورة، ويتم توفير كل هذا من خلال خدمة تتسم بالود بالإضافة إلى القيمة التنافسية الرائعة.
اكسب الأميال عند شرائك أي من المنتجات من هذه الشركة المعروفة والمتخصصة في الإلكترونيات. تقدم إيماكس مجموعة واسعة من منتجات العلامات التجارية المعروفة، بما في ذلك معدات الصوت، والفيديو، وتقنية المعلومات، والهواتف المتحركة، والكاميرات، والألعاب، وعدة أعمال الصيانة المنزلية، وملحقات الأجهزة الإلكترونية، والحلول المنزلية، والأجهزة المنزلية ومعدات اللياقة البدنية.
ميل واحد من أميال سكاي واردز مقابل كل دولارين أمريكيين يتم إنفاقهما في أي من متاجر إيماكس المنتشرة في الإمارات العربية المتحدة.
يرجى عدم نسيان تقديم رقم عضوية سكاي واردز من طيران الإمارات عند القيام بالشراء.
قم بزيارتنا على
اشترك لتلقي رسائل البريد الإلكتروني
© 2013 طيران الإمارات. جميع الحقوق محفوظة. | <urn:uuid:955cfff6-52b1-4b44-b7b4-ff7758730300> | CC-MAIN-2013-48 | http://www.emirates.com/bh/arabic/Skywards/about/partners/retail-leisure/emax.aspx | 2013-12-08T17:59:24Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386163732500/warc/CC-MAIN-20131204132852-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.714205 | Arab | 24 | {"arb_Arab_score": 0.714204728603363, "ars_Arab_score": 0.10811010748147964, "ary_Arab_score": 0.0833640918135643, "acm_Arab_score": 0.03492942452430725, "arz_Arab_score": 0.03373148292303085, "aeb_Arab_score": 0.020512640476226807} |
أ.د صريح عبد الكريم الفضلي
كلية التربية الرياضية – جامعة بغداد
باتت الحاجة ملحة في فهم طبيعة التقلص العضلي المناسب لحركات جسم الانسان وخصوصيتها ووفقا لما يتميز به الجهاز الحركي البشري من اجهزة متعددة كالعضلات والعظام والمفاصل والاربطة ،فضلا عن الجهاز العصبي الذي يحكم الاداء ويسيطر عليه، فمن المعروف ان كل ثني في بعض المفاصل يعني تقلصا لامركزيا للعضلات العاملة التي ستقوم بواجب مد المفصل لاحقا اذ يصاحب كل ثني اطالة في العضلة لنسبة محددة من طولها لتهيئتها للقيام بتقلص عضلي مركزي سريع فيها مع مد المفصل.
وثني المفصل مع امتطاط العضلة باتجاه الجاذبية وبوجود مقاومة يدعى تقلص سلبي وهو وضع تحضيري، للقيام فيما بعد بمد المفصل بشكل فعال لاداء واجب الحركة الرئيسي والذي يتضمن تنفيذ الانقباض مركزيا باعلى شدة. وهكذا هو حال عمل المفاصل في جهاز حركة الانسان عند القيام بحركات ثني او مد فيها طبقا لهدف الحركة. لاحظ الاشكال التوضحية
من جانب اخر هناك مفاصل في جسم الانسان يكون الثني واطالة العضلة فيها عكس عقارب الساعة وهناك مفاصل يتم الثني فيها واطالة العضلة فيها مع عقرب الساعة وفقا لواجب الحركه عند اداء الواجب، فمن المفاصل التي يتم الثني فيها عكس عقارب الساعة هي المرفقين ، الوركين عند حركة الفخذ ، والكاحلين، وعند قيام هذه المفاصل بالثني فانها تؤدي الواجب الرئيسي للحركة(اي يكون التقلص هنا مركزيا للعضلات التي تقوم بالثني ويكون ناتج القوة عبارة عن عزم القوة التدويري) والذي يفترض ان يسبقه وضعا تحضيريا من خلال استطالة العضلة وتقلصها لامركزيا، والامثلة لهذه الحركات كثيرة منها:
الشكل 1 الثني والمد في مفصل المرفق ونوع الانقباض
اما النوع الاخر من المفاصل وهي التي يكون فيها الثني غالبا ما يصاحبه استطالة (على العكس من النوع الاول) والذي يعني تحضيرا لهذا المفاصل للقيام فيما بعد بواجب التقلص المركزي والذي هو الواجب الرئيسي للاداء، ومن امثلة هذه المفاصل(الركبتين، الرسغين، الكتفين) وكذلك مفاصل المرفقين والوركين والكاحلين عندما يكون الواجب فيها واجب الدفع(تقلص مركزي) بعد الاستطالة( واجب لامركزي) ومن الامثلة لهذه:
الثني استطالة(تحضير) المد تقصير (رئيسي)
الشكل 2 الثني والمد في مفصل الركبة ونوع الانقباض
وفي كل الاحوال يتوجب علينا معرفة الواجب الحركي اولا لغرض تحديد الوضع التحضيري(بالاستطالة وبانقباض لامركزي) ومن ثم الواجب الرئيسي(بالتقصير وبانقباض مركزي). وفي كلا النوعين ،فان العضلة تستطيع الاستطالة لحدود 100%-130% من طولها الاصلي وبوجود مقاومة(قوة) فانها هنا تنجز شغلا بدلالة(المقاومة او القوة× طول العضلة) باعتبار ان الشغل = القوة ×المسافة ، وعندما يرتبط هذا الشغل العضلي الذي تقوم به العضلة بزمن الانقباض ، ينتج منه قدرة عضلية(الشغل المنجز ÷ زمن التقلص) عند التحضير ، وعلى هذا الاساس يمكن ان نطلق على هذا العمل بالقدرة الداخلية. لاحظ الشكل 3
فاذا كان زمن انجاز الشغل العضلي في حركة الكير بالامتداد في الشكل هو(0,18 ث) فان القدرة العضلية المنجزة تساوي(11,11 واط), ومن ذلك نستنتج ان العضلة تمتلك قدرة عند وضعها التحضيري بدلالة مسافة الامتطاط وقوتها وزمن الانقباض.
وعند القيام بالتقلص المركزي لنفس العضلة ، فان ذلك يدل على بذل عزم لتلك القوة من اجل التاثير على تدوير ومد المفصل المسؤول عنه تلك العضلة وعزمها, ولما كان العزم يعني ( قوة × بعدها) اي ( نيوتن × متر) فانه ايضا من الممكن ان تمتلك العضلة ايضا قدرة كبيرة بدلالة العزم المنجز وزمن التقلص لنفس اللاعب بالشكل (3) عند رفع المقاومة بتقلص مركزي.
الشكل3
القدرة العضلية بدلالة العزم وزمن الانقباض
ويمكن ان تكون قدرة عضلية بدلالة الشغل عند التحضير، وبدلالة العزم عند الاداء(كقسم رئيس) لاكثر من مفصل بتسلسل حركي جيد لتكون الحركة هي مجموع القدرات العضلية العاملة على المفاصل التي تقوم بالحركة المعنية. لاحظ الشكل(4)
يمكن ان تكون القدرة العضلية بدلالة = القوة × السرعة
والقانون اعلاه مشتق من قانون القدرة =العزم÷ الزمن ……….1
ولما كان العزم = القوة× بعد
القدرة = القوة×البعد ÷الزمن………2
ولما كان البعد ÷ الزمن هو سرعة ، لذا فالسرعة هنا هي سرعة محيطية ناتجة من سرعة زاوية ونق لان قوة العزم هي قوة مدورة تسبب هذه السرعة، لذا يمكن القول ان
القدرة = (القوة× السرعة الزاوية× نق) ÷ 57.32
وقدرة العضلة بدلالة شغل العضلة(كتحضير) نطلق عليها القدرة العضلية الداخلية المتأتية من خلال عمليات الانقباض اللامركزي(شغل العضلة بالامتطاط وقوتها) للتحضير وانتاج القدرة النهائية ( الخارجية) بدلالة العزم والانقباض المركزي وزمن التقلص ،(كقسم رئيسي) ،وهذه القدرة العضلية الداخلية يفترض ان تكون بمستوى عالي لكي تنتج قدرة ميكانيكية خارجية لكل جزء من اجزاء الجسم والتي تظهر كما عند اداء حركة قفز او انطلاق حركة ركض او مهارة سريعة وقوية كمهارات الضرب الساحق في مختلف الالعاب( طائرة، تنس،كرة سلة) او رفع اثقال….الخ.(لاحظ الشكل 4
القدرة الداخلية والخارجية عند انطلاق العداء
وبهذه الصورة يمثل مفهوم الشغل مقياس للتأثيرات الخارجية المطبقة على الجسم لمسافة معينة ،والتي تستدعي تغييراً في الحالة الميكانيكية للجسم.(لاحظ الشكل 5).
والنسبة بين القدرة الخارجة والقدرة الداخلة تعطي معيارا للكفاءة البدنية للقدرة السريعة
كفاءة القدرة السريعة = (القدرة الخارجة ÷ القدرة الداخلة)×100
وكلما كانت النتيجة قريبة من (1) فان ذلك يدل على كفاءة عالية للقدرات العضلية(شغل وعزم العضلة) للحصول على اكبر قيمة للقدرة الخارجة.
الشكل 5
القدرة الداخلة والخارجية لرافع الاثقال
- ما مدى الحاجة لنتائج هذه الدراسة في التدريبات الخاصة بتطوير القوة والقدرة العضلية وفقا لنوع المهارة:
ان جميع التدريبات يجب ان تنصب على تطوير شغل القوة العضلية في وضع التحضير من خلال التغلب على مقاومة والعضلة في حدود استطاله معقول لها من طولها ( ضمن الحدود الامنه وما مطلوب منها للتحضير) لغرض زيادة نتاج شغلها العضلي في التحضير مع مراعاة زمن التقلص لامكان زيادة قدرتها اثناء التحضير، وذلك لان هذه القدرة تشكل احد القياسات التي ينتج عنها قياس الكفاءة العضلية.
من جهة اخرى يجب ان يراعى تدريب عزم القوة لنفس العضلة وزمن تقلصها مركزيا كناتج نهائي للقدرة للقيام بالحركة من خلال التقلص المركزي وامكان قياس هذه القدرة العضلية التي تؤدي الى تحقيق النتيجة النهائية لهدف الاداء ( قدرة خارجية) وهذه القدرة تشكل القياس الاخر لقياس مقدار الكفاءة العضلية.
ان التناسق والترابط الجيد بين القدرة الداخلية والخارجية ستنعكس على امتلاك الجسم الزخم الخطي او الزاوي المناسب ومكانية الاحتفاظ بقيمته خلال مراحل الاداء لانه يمثل الانسيابة الجيدة للحركة، ويمكن تحديد الشدة التدريبية من خلال ما ينتج من زخم خطي من خلال التدريب لكلا القدرتين والذي يجب ان يكون وفقا لهدف الحركة والمتطلبات الميكانيكية حسب المثال الاتي:
مثال لاعب كرة قدم كتلته 75 كغم ، يقطع مسافة 20 متر بزمن 3.1 ثانية؟ اعط تدريبات لهذا اللاعب بشدة 90% لتدريب هذه المسافة لـ 10 تكرارات، باعتماد طريقة الزخم؟ ومقارنتها بالطريقة التقليدية؟
من خلال قانون الزخم ، نستخرج القانون المشتق الاتي:
ق= ك م ÷ ن2
وبعد التعويض عن هذه القانون بالقيم التي اعطيت بالمثال تكون المعدالة:
ق= 75 ×20 ÷ (3.1) 2
ق=156.087 نت وهي تساوي 100% من القوة السريعة
156.087×0.90= 140.47 تمثل 90% من القوة السريعه
نعود بالمعادلة علاه من جديد ونقول
140.47= 75 ×20 ÷ ن2
ن = 3.26 ث وهي تساوي شدة تدريب 20 م بشده 90%
بينما الشدة التقليدية لتدريب هذه المسافة هي = 3.44 ث
يلاحظ فاعلية طريقة الزخم لتحديد شدة التدريب بالاستناد الى قوة الدفع اللحظي الذي يتميز به اللاعب، وايضا سهولة تطبيق القانون من قبل المدربين ثانيا. والتي ترتبط بتطيق القدرة الداخلية والخارجية.
العوامل الميكانيكيه التي تؤثر على القدرة العضلية : –
أن كفاءة العضلة على وفق القدرتين الداخلية والخارجية يجب ان ينسجم وحجم القوه المتولده بواسطة العضله والتي يمكن أن تعود ايضا ً إلى سرعة تقصير العضله وطولها عندما يتم تحفيزها والمده الزمنية منذ استلام العضله للتنبيه و لأن هذه العوامل تحدد قوه العضله فقد قام العلماء بدراستها مفصلا ً من خلال:
العلاقة السرعه – القوه : – هي علاقة عكسيه
العلاقة الطول – القوه : هي علاقة طردية
العلاقة الزمن – القوه : – هي علاقة عكسية
اولا: علاقة السرعه – القوه :
أن العلاقه الكلاسيكيه بين السرعه والقوه للشد في أنسجة العضله وضعت أو سجلت أول مرة من قبل العالم ( هيل عام 1938 ) . أن العلاقة بين القوه المركزية المبذوله بواسطة العضله والسرعه التي عندها تكون العضله قادره على التقصير هي علاقة عكسيه. فمثلا ًعندما تكون المقاومه واطئه فإن سرعة التقصير تكون عاليه وبالعكس.أن علاقة السرعه – القوه لا تعني من المستحيل تحريك مقاومه ثقيله في صورة سريعه.وكلما زادت قوة العضله فإن كمية القصوى من التوتر تكبر معها.وكذلك أن هذه العلاقة لا تعني استحاله تحريك ثقل عالي بصوره بطيئه.أن معظم النشاطات اليوميه تتطلب البطيء و التحكم في الحركات.أن شكل سرعة تقصير العضله شيء غير ثابت.فمثلا ً أن التقاط قلم رصاص من فوق المائده يمكن أن يتم بصوره سريعه أو بطيئه، أعتمادا ًعلى شكل المتحكم وحدات الحركه المجنده في العضلات المشتركه بهذه الحركه .
ثانيا:علاقة الطول – القوه : –
في جسم الأنسان قابلية توليد القوه تزداد عندما تكون العضله متمدده . أن العضلات ذات الألياف المتوازيه تنتج شد أقصى في فوق الطول العادي , وعضلات الألياف المثلثيه تنتج أقصى شد لها ما بين ( 120 % و 130 % ) من الطول . أن هذه الظاهره تعود إلى توزيع المكونات المطاطيه , بالأضافه إلى الشد الموجوده عليه العضله عندما يتم تمديدها.
التركيب المطاطي التي تتميز به العضلات يسبب في أرتداد مطاطي ويعكس التمدد التنبيه الحاصل في العضله . ويسمى دوره التمديد – التقصير.
ثالثا: علاقة الزمن – القوه : –
عندما تستثار العضله لفتره قصيره من الزمن يمكن أن تبدأ العضله بالانقباض مباشرة بعد هذه الاستثاره ، و يشار هنا الى مدة زمنية قصيرة جدا قبل البدء بالانقباض يطلق عليها ( التأخير الألكترميكانيكي ) هذه الفتره من الزمن يعتقد على أنها الحاجه من الوقت لتقليص مكونات العضله او ما يطلق عليها بالعتبة الفارقة للتعبئة والتي تعني الفراق بين ما يبذل من قوة في التقلص اللامركزي والتقلص المركزي لنفس العضلة والتي تبلغ عند المتقدمين 5% وعند المبتدئين 45%.. أن طول التأخير الألكترميكانيكي يتنوع بين عضلات الشد بحيث تكون سرعة التقلص الناتجة بالعضلة تتراوح ما بين ( 20 – 100 م/ ثانيه ) . لقد وجد الباحثين أن أقصر مده تأخير الكترميكانيكي ينتج بواسطه العضلات ذات النسبه العاليه من الياف الـ ( FT ) , إذا ما تم مقارنتها مع العضلات ذات النسبه العاليه من الياف ألـ ( ST ) . لهذا فأن زمن تطور توتر القوى القصيره عاده ما يصاحب العضلات ذات النسبه العاليه من الياف ( FT ) وفي حالة التمرن .
أن تطوير اقوى تقلص عضلي عادة ً يصاحبه ايضا أقصر تأخير الكتروميكانيكي .
وكلا القدرتين يمكن ان تعطي مردود لزياد الدفع اللحظي عند بذله خلال الحركات السريعة والذي عادة ما يصاحبه تغير في الزخم، ولهذا يمكن ان نصمم من قانون الدفع اللحظي وتغير الزخم الشدة المطلوبه لتدريب السرعة لعدائي المسفات السريعه.
طالما ان هناك متغير للسرعة في قانون الزخم وفق للاتي:
ق ×ن= ك × م/ ن ق = ك م / ن2
لذا فان شدة التدريب = الزمن القصوي / الشدة المطلوبة
ويستخدم هذا القانون لتدريب المستويات العليا فيما يخص تدريب السرعة باعتبارات ان اللاعبين غير متساويين في قدراتهم البدنية. | <urn:uuid:452742cf-9521-4947-b31b-772c0f587c44> | CC-MAIN-2013-48 | http://blog.iraqacad.org/?cat=4 | 2013-12-11T17:19:55Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386164040135/warc/CC-MAIN-20131204133400-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.939023 | Arab | 2 | {"arb_Arab_score": 0.9390231370925903, "ary_Arab_score": 0.022253984585404396, "arz_Arab_score": 0.015995077788829803, "ars_Arab_score": 0.01378422137349844} |
موضوع: فوائد الثوم للشعر الجمعة يونيو 19, 2009 7:49 am
الثوم لإطالة شعرك
الشعر الطويل حلم
الشعر الطويل حلم تسعى العديد من الفتيات لتحقيقه ولكن بطء نموه وضعفه مشكلة قد تواجهها الكثيرات ولكن لاداعي للقلق فيمكنكِ حل هذه المشكلة بالطريقة التالية: المكونات: رأس ثوم. مجموعة زيوت ( زيت جوز الهند - زيت زيتون - زيت جرجير - زيت خروع - زيت لوز - وأي نوع من زيوت الشعر المفيدة) الطريقة : - خذي ملعقة كبيرة أو معلقتين من كل نوع زيت حسب طول شعرك. - قومي بتقشير الثوم وافرميه لدرجة ناعمة جداً وضعيه على خليط الزيوت وضعيهم على النار وبمجرد أن يأخذ الثوم حرارة الزيت. - قومي بإزالة الخلطة من فوق النار ثم قومي بوضع الخليط على شعرك بالثوم ولفي شعرك بالبونيه الخاص بالشعر واتركيه على شعرك لمدة ثمان ساعات واغسليه جيداً بعد ذلك. | <urn:uuid:6a4c9bbd-9276-4ff8-b3e6-f3e76a36b2c1> | CC-MAIN-2013-48 | http://m-s-a.7olm.org/t2251-topic | 2013-12-13T03:04:01Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386164834476/warc/CC-MAIN-20131204134714-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.729951 | Arab | 44 | {"arb_Arab_score": 0.7299513816833496, "ars_Arab_score": 0.12726722657680511, "arz_Arab_score": 0.08897806704044342, "aeb_Arab_score": 0.022382574155926704, "ajp_Arab_score": 0.01676078885793686} |
بالنظر لتعطل الرابط أعلاه انشر هنا الموضوع :
المدرسة العليا للأساتذة
في الآداب و العلوم الإنسانية
بوزريعة
قسم اللغة العربية وآدابها
محاضرات وتطبيقات علم الدلالة
السنة الثانية
إعداد : الدكتور أحمد شامية
الأستاذة نبيلة عباس
أبنائي الطلبة الأساتذة
السلام عليكم ورحمة الله
هذه محاضرات في علم الدلالة حسب المقرر لهذا المقياس ،للسنة الثانية بالمدرسة العليا للأساتذة .حاولنا جاهدين الاقتصار على ما هو ضروري ومفيد وبأسلوب مبسط نظرا لطبيعة التكوين عن بعد.
وقد بذلنا أقصى جهد لتصحيح الأخطاء المطبعية أو التي كانت نتيجة السهو،ومع ذلك فربما فاتنا تصحيح بعض الأخطاء رغم التدقيق ، نعتذر لكم لذلك .
ولا بد من الإشارة هنا إلى أننا اعتمدنا عددا من المراجع والمصادر، وكان لبعضها النصيب الأوفر مثل كتاب علم الدلالة للدكتور أحمد مختار عمر ،نظرا لكون البرنامج قد وضع اعتمادا على فهرس هذا الكتاب أصلا ، وإذا كنا لا نشير دائما إلى المرجع حتى لا نثقل المحاضرة ( لأن طبيعة المحاضرة تختلف عن طبيعة تأليف الكتاب ) ، وكذلك كتاب (دلالة الألفاظ) للدكتور إبراهيم أنيس .وكان ذلك أيضا بالنسبة لكتابي الدكتور حلمي خليل حول المولد والمعاجم .
وننصحكم بالرجوع إلى هذه الكتب بالإضافة إلى المراجع الأخرى المذكورة في قائمة المصادر والمراجع.
نتمنى لكم التوفيق.
أوليات
المحاضرة الأولى: تقديم البرنامج و قائمة المصادر و المراجع
1- تمهيد عام للمادة و يشمل:
- تقديم حول اللغة و حياة الإنسان
- كيف بدأت اللغة - حاجة الإنسان إلى اللغة - و العلاقة بين اللغة و التفكير و الحضارة و العمران (العلم، الأدب، الازدهار و التقدم).
المحاضرة الثانية: إشارة سريعة إلى (فرضيات) نشأة اللغة الإنسانية.
2- علم الدلالة - تعريف عام - من المعاجم اللغوية و المختصة - وآراء الباحثين - الدلالة
و المعنى.
الدال و المدلول و العلاقة بينهما - أنواع الدلالة.
3- البنية اللغوية - مستويات هذه البنية و علاقة ذلك بالدلالة.
أنواع الدلالات: الصوتية، الصرفية، النحوية، البلاغية و الأسلوبية، الدلالة الاجتماعية.
تفصيل:
تعريف علم الدلالة ( لغة): اسم مصدر من دلّ، يدل، دلالة (بالفتح و الكسر) = الجمع دلائل
و دلالات يراجع في ذلك معجم متن اللغة للشيخ أحمد رضا – مج/2
و الدلالة في الاصطلاح : كيفية دلالة اللفظ على المعنى ( يراجع كتاب التعريفات للشريف الجرجاني).
مفردات مقياس علم الدلالة.
أولا : علم الدلالة
- مدخل إلى دراسة الدلالة: [ مفهومه، موضوعه، غاياته، أنواعه]
- علاقة علم الدلالة بعلوم اللغة : [ الدلالة و الأصوات، الدلالة و الصرف، الدلالة و النحو، الدلالة و المعجم].
- علاقة علم الدلالة بالعلوم الأخرى :[ الدلالة و التعبيرات الاصطلاحية، الدلالة و الفلسفة، الدلالة و علم النفس، الدلالة و علوم الاتصال، الدلالة و علم العلامات].
ثانيا : نشأة علم الدلالة وتطوره
- عند القدماء : [الدرس الدلالي عند اليونان، الهنود، العرب]
- عند المحدثين : [الدرس الدلالي عند الغربيين، الأمريكيين، العرب]
ثالثا : أنواع المعنى :
- [ المعنى الأساسي، المعنى الإضافي، المعنى الأسلوبي، المعنى النفسي، المعنى الإيحائي]
رابعا : مناهج دراسة المعنى
- نظرية السياق : [ السياق اللغوي، السياق العاطفي، سياق الموقف، السياق الثقافي]
- نظرية الحقول الدلالية
- النظرية التحليلية.
خامسا : التغييرات الدلالية :
[ أسبابها، أشكالها، مجالاتها، العلاقات الدلالية { الترادف، الاشتراك، التضاد}]
الوحدة الدلالية.
2. قائمة بعدد من المراجع
إبراهيم أنيس
- دلالة الألفاظ
- اللهجات
- الأصوات اللغوية
إبراهيم بن مراد : دراسات في المعجم العربي
ابن سيدة : المخصص
ابن جني : الخصائص
أبوهلال العسكري : الفروق في اللغة
ابن قتيبة : تأويل مشكل القران
أمين فاخر : دراسات في المعجم العربي
أحمد مختار عمر: علم الدلالة
توفيق شاهين: علم اللغة العام
تمام حسن: اللغة العربية معناها و مبناها
حسين نصار: المعجم العربي نشأته و تطوره
حلمي خليل: دراسات لغوية معجمية
الرازي أحمد بن حمدان: كتاب الزينة في الكلمات الإسلامية
ستيفان أولمان : دور الكلمة في اللغة
شاكر سالم: مدخل إلى علم الدلالة
صلاح رواي: المدارس المعجمية العربية
عبد الله درويش: المعاجم العربية
فايز الداية: - علم الدلالة العربي
- الجوانب الدلالية في نقد الشعر
محمد حسن عبد العزيز: مدخل إلى علم اللغة
محمود فهمي حجازي: علم المصطلح
المعاجم
ابن منظور: لسان العرب
الجرجاني السيد الشريف: التعريفات
الجوهري: الصحاح
الشيباني أبو عمرو: كتاب الجيم
الفراهيدي الخليل بن أحمد: كتاب العين
الفيروز أبادي: القاموس المحيط
مجمع اللغة العربية بالقاهرة: - المعجم الكبير
- المعجم الوسيط
- المعجم الوجيز
هانس دير: معجم العربية المعاصرة : عربي / انجليزي
كتب مترجمة
تشو مسكي : البنى التركيبية
مظاهر النظرية التركيبية
دوسوسير: دروس في اللسانيات العامة
مارتينيه: مبادئ اللسانيات العامة
مقالات
عدنان الخطيب: المعجم العربي بين الماضي و الحاضر. مجلة مجمع دمشق ج/2، مج/4 ص 194
أحمد شامية: مستويات الدلالة و المعنى مجلة المبرز العدد8 المدرسة العليا للأساتذة.
من المراجع الأجنبية:
- Bloomfield – language
- J.R Searle : meaning and speech acts
- S. Ullmonn: meaning and style
- R. Bartles: Elements of semiology
- Ogden and Richards: the meaning of meaning
مقدمة عامة
لابد قبل الحديث عن الدلالة من الحديث عن اللغة، لاسيما أن الدلالة اللغوية هي الأهم و الأوسع و الأكثر تعقيدا و أنها هي الموضوع الأساسي في علم الدلالة بالإضافة إلى الإشارة إلى أنواع الدلالات الأخرى.
و يمكن القول بإيجاز أن اللغة هي الإنسان أو أن اللغة أهم خصائص الإنسان التي تميزه عن غيره من المخلوقات الحية ،و تجعل له هذه المكانة و المهمة التي خلق لها (الخلافة في الأرض) حتى أننا يمكن أن نعرّف الإنسان بأنه حيوان ذو لغة، و إن كان الإنسان قد تميز بعقله و تفكيره و قابليته للتطور و الرقي
و التقدم في الحضارة و العمران، فان ذلك كان بفضل هذه المزية المعجزة ( مزية اللغة) فالله تعالىـ كما جاء في كتابه الكريم ـ " خلق الإنسان، علمه البيان "، " و علم آدم الأسماء كلها"
و بغض النظر الآن عن كيفية نشأة اللغة الإنسانية حسب الفرضيات المشهورة فإننا يمكن أن نؤكد أن هذه اللغة للإنسان هي من الضرورات الحيوية التي ما كان للإنسان أن يستطيع الاستمرار و التطور بدونها، و تأتي ترتيبا بعد الهواء و الماء و الغذاء و ذلك نظرا لإمكانيات الإنسان الجسدية الضعيفة التي ما كان قادرا بها لولا اللغة و التفكير و هما مرتبطان، ما كان قادرا على مواجهة قوى الطبيعة الطبيعية
و الحيوانية و بالتالي ما كان قادرا على الاستمرار و لكنها حكمة الله و إرادته بأن تستمر الحياة إلى حيث قدّر سبحانه و تعالى لها.
و ليست اللغة في الواقع ـ و أهم غاياتها تأمين التواصل و الاتصال ـ ليست الا علاقة بين صورة صوتية
( ألفاظ ) وصورة مفهومية ( معان ) يتم الربط بينهما ذهنيا، فسواء نشأت اللغة ابتداء في صورتها المكتملة أو كانت قفزة نوعية في طرائق الاستدلال و التواصل فهي تعتمد على ربط العلاقة بين الدال
و المدلول.
و من هنا كان الاهتمام بالدلالة، و علم الدلالة غاية عند الأصوليين و المناطقة و اللغويين (طبعا) و علماء النفس.........
و كان لهذا العلم علاقة بكل هذه العلوم (الإنسانية) بل إن للدلالة علاقة بكل أنواع المعرفة و في شتى مجالات الحياة.
حصة تطبيقية حول تعريف علم الدلالة la sémantique
يقول الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح : " اللسان في حد ذاته نظام من الأدلة المتواضع عليها ، فاللسان على هذا الاعتبار ليس مجموعة من الألفاظ يعثر عليها المتكلم في القواميس أو يلتقطها بسمعه من الخطابات ثم يسجلها في حافظته ، كما أنه ليس أيضا مجموعة من التحديدات الفلسفية للاسم والفعل والحرف أو القواعد المسهبة الكثيرة الشواذ ، بل هو نظام من الوحدات يتواصل بعضها ببعض على شكل عجيب وتتقابل فيها بناها في المستوى الواحد التقابل الذي لولاه لما كانت هناك دلالة ".
المطلوب : حلل النص محددا منه تعريف علم الدلالة ووحدته .
التحليل :
ـ نظام :أي مجموعة من العناصر اللغوية التي ترتبط بعضها مع بعض وفق علاقات معينة
ـ يتواصل : أي وجود تلك العلاقات المبنية على أساس الاتفاق والاختلاف ،
تهتم اللسانيات بنظام دلالي خاص ، هو النظام اللغوي ووحداته هي الأدلة اللغوية ، جمع الدليل اللغوي ، ويدرسها علم الدلالة (la sémantique ) الذي هو فرع من اللسانيات .لكن تتنوع الأدلة في المجتمع إذ نجد الأدلة اللغوية وغير اللغوية حيث تنتظم كلها في نظم دلالية خاصة . والعلم الذي يهتم بها جميعا هو علم الدلالات أو ما يعرف بالسميولوجيا ( la sémiologie ) واللسانيات فرع منه .
ان كلمة دليل تعني عموما أن العنصر ( أ ) يدل على العنصر ( ب ) لكن نميز هنا بين الدليل والمؤشر والرمز ونميز بينها بوجود النية في التبليغ وعدم وجودها .
فنمثل للمؤشر ب : ـ أعراض المرض كضعف الجسم الذي يمكن أن يدل على نقص في التغذية
ـ الدخان الذي يدل على اشتعال النار
فهي مؤشرات طبيعية تدل على معان معينة دون أن تكون هناك نية للتبليغ
الدليل :نمثل له ب : ـ الراية الحمراء التي تدل على منع السباحة
ـ أرقام الهاتف
ـ قوانين المرور
الرمز : نمثل له ب : ـ الميزان الذي يدل على مفهوم العدل. يشترك الدليل والرمز في كونهما يحملان نية للتبليغ ، لكنهما يختلفان في نوعية العلاقة التي تربط بين العنصرين (أ ) و ( ب ) فالرمز مرتبط كثيرا بشكله ، واختياره ليس عشوائيا ولا اعتباطيا بل وفق ما يحمله ذلك الشكل من معنى .
أما الأدلة فتمت بالاتفاق والتواضع والاصطلاح بين الناس لتحقيق غرض التبليغ ، والعلاقة التي تربط العنصرين ( أ) و( ب) ، كمكونات الدليل في هذه الحالة ، علاقة غير حتمية ، عشوائية ،اعتباطية ناتجة عن الاتفاق و التواضع والاصطلاح فلا توجد بين كلمة (جهاز) ومعناه أية علاقة طبيعية كما لا توجد أية علاقة طبيعية بين اللون الأحمر والأمر بالوقوف في إشارات المرور .
فنقول إذن إن علم الدلالة يدرس المعاني اللغوية وعلاقة الألفاظ بمعانيها .
ووحدته هي الدليل اللغوي وهو أصوات يستعملها الإنسان للإبانة عن المفاهيم والأشياء.
ملاحظة : لتوضيح أكثر ارجع إلى كتاب خولة طالب الابراهيمي ، مبادئ في اللسانيات ،دار القصبة للنشر
*****************
المحاضرة رقم 2
علم الدلالة
تعريف علم الدلالة: العلم هو دراسة ظاهرة معينة و الوقوف على ماهيتها و جزئياتها و ما يتعلق بها دراسة موضوعية، و الدلالة (بالتعريف) قد يختلف تعريفها بين الباحثين و لنأخذ مثالا لتعريفها من كتاب التعريفات للجرجاني السيد الشريف حيث قال: الدلالة هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر و الأول هو الدال و الثاني هو المدلول . و هي إما دلالة مطابقة أو دلالة تضمن أو دلالة التزام وكل ذلك يدخل في الدلالة الوضعية لأن اللفظ الدال بالوضع يدل على تمام ما وضع له بالمطابقة و على جزئه بالتضمن و على ما يلزمه في الذهن بالالتزام، كالإنسان فانه يدل على تمام الحيوان الناطق بالمطابقة،
و على جزئه بالتضمن و على قابل العلم بالالتزام (انظر كتاب التعريفات للجرجاني علي بن محمد- الدار التونسية للنشر 1971 ص 55-56)
و في القاموس المحيط دلّه عليه دلالة ( و يثلث) و دلولة فاندل: سدده إليه...........(الفيروز أبادي- القاموس المحيط- دار العلم للجميع- بيروت ج/3 ص 377)
إن الحديث عن الدلالة الوضعية هنا يدفعنا إلى الحديث عن نوعي الدلالة أو الدال و هما الدال اللغوي
و الدال غير اللغوي.
و في الدراسات اللسانية الحديثة تقسيم لأنواع (الدليل) الذي ينتج عن ارتباط الدال بالمدلول ارتباطا ذهنيا . دليل
دال مدلول
فالدال اللغوي (اللفظ/ الكلمة/ الوحدة الدالة) في رأي الباحثين بغض النظر عن بعض الاستثناءات هو دال وضعي اعتباطي أي أن علاقته بالمدلول علاقة عرفية تواضعية (و ستأتي على تفصيل ذلك على حينه)
أما التقسيم فيبينه الشكل البياني التالي:
الدليل
موضوع غير موضوع
لغوي غير لغوي طبيعي عقلي
(اعتباطي دائما) (الغيم يدل على المطر) (الأب اكبر من الابن)
اعتباطي غير اعتباطي
(أرقام الهاتف) (الميزان يدل على العدالة)
هذا و قد أشار الزمخشري في كتابه (المفصل) إلى هذه الاعتباطية (الوضع) عندما عرف الكلمة بقوله: (الكلمة هي اللفظ الدال على معنى مفرد بالوضع).
و بالعودة إلى (الدلالة) في اللسانيات الحديثة (البنوية) فعند سوسور هناك دال (لفظ) و هناك مدلول (معنى) أو مفهوم و الدال و المدلول وجهان لورقة واحدة و لا يمكن الفصل بينهما/ و إن تحليل الدال يؤدي إلى تحليل المدلول (ينظر: سوسور، دروس في الألسنية العامة- ترجمة صالح القرمادي و محمد الشاوش و محمد عجينة، ص 174).
و للتأكيد على أن الدلالة تتم من الارتباط الذهني بين الدال و المدلول فقد أوضح تلاميذ سوسور هذه العلاقة من خلال ما يعرف بمربع سوسور للدلالة حسب الشكل التالي :
مربع سوسور للدلالة
صورة حسية للدال صورة حسية للمدلول
(لفظ) (الشيء في الواقع)
صورة ذهنية صورة ذهنية للمدلول
للدال
الدلالة
لأن سوسور يبدو أنه حصر عناصر الدلالة في الدال و المدلول ،و أهمل الموضوع وهو الشيء
أو المرجع الذي تحيل اليه العلاقة الدلالية ،و هو في ذلك يلتقي – في هذه الثنائية – مع ابن سينا الذي حصرها بين اسم (مسموع) و معنى، في حين يرى (بيرس) أن العلاقة ثلاثية: الصورة (الدال) و المفسرة (المدلول) و الموضوع، و هو ما تحيل إليه العلامة، أي الشيء.
أما الغزالي فيرى أن الأشياء لها أربعة مراتب عندما قال " ان للشيء وجودا في الأعيان ثم في الأذهان ثم في اللفظ ثم في الكتابة، فالكتابة دالة على اللفظ ، و اللفظ دال على المعنى الذي هو في النفس ،و الذي في النفس هو مثال الموجود في الأعيان.
(عن مجلة تجليات الحداثة، معهد اللغة العربية العدد/2، 1993 ص 34).
صورة لهذا لفظ كلمة [ شجرة (كتابة)]
الشكل في الذهن (شجرة باللسان)
شجرة في الحقل
مفهوم علم الدلالة و موضوعه:
للحديث عن علم الدلالة (sémantique) و موضوعه أو لتوضيح ذلك ، لابد من تحديد علاقة علم الدلالة بعلم اللغة وذلك باعتبارين الأول: أن يكون علم الدلالة فرعا من فروع علم اللغة (اللسانيات) ، و الثاني أن يكون علم اللغة (الدلالة اللغوية على الخصوص) فرعا من علم الدلالة أو علم العلامات الذي يطلق عليه مصطلح (العلامية) أيضا. فموضوع العلامية (العلامات و الإشارات و الأدلة بمفهومها الواسع لغوية كانت أم غير لغوية و هذا ما ذهب اليه اللساني السويسري (سوسور).
و اذا بدأنا بالاعتبار الأول (كون علم الدلالة فرعا من اللسانيات( لابد من العودة إلى مستويات البنية اللغوية و هي على الشكل التالي: ( للملاحظة ) هناك من لا يدخل المستوى البلاغي والمستوى الدلالي في هذه المستويات ).
المستوى البلاغي / علام البلاغة و الأسلوب
المستوى الدلالي
المستوى النحوي / علم النحو و التراكيب
المستوى الصرفي / علم الصرف
المستوى الصوتي / علم الأصوات علم الدلالة
و هنا نلاحظ أن المستوى الدلالي في هذا البناء هو مستوى يتقاطع مع جميع المستويات الأخرى ،لأن الدلالة حاضرة و ناتجة عن تفاعل كل هذه المستويات، حتى المستوى الصوتي الذي يقال أنه مستوى الوحدات غير الدالة . وينبغي الإشارة هنا إلى أن هذا التقسيم هو تقسيم نظري افتراضي، فاللغة تعمل لأداء مهمتها وفق نظام اللغة الذي يندمج فيه كل هذه الأنظمة. فعلى مستوى العمل و الأداء ليس هناك مستويات منفصلة ،و إنما التقسيم إلى هذه المستويات لضرورة البحث و التحليل و الدراسة اللغوية. فالمتكلم الذي يتكلم وفق نظام اللغة (اللسان) لا علاقة له بهذه المستويات التي لها أنظمة خاصة بها.
- على أية حال يبدو لنا في هذا التحليل أن علم الدلالة الذي يبحث في أحد تلك المستويات هو فرع من علم اللغة أو اللسان.
- أما بالاعتبار الثاني فيظهر لنا في المستوى الأدائي أن علم اللغة (الدلالة اللغوية) هو أهم عناصر علم العلامات ، إلى جانب عناصر دلالية أخرى غير لغوية، و أن العناصر اللغوية هي المعوّل عليها في الاتصال الذي يقوم أساسا على فهم العلاقة بين الدال و المدلول . بل أن اللغة حاضرة دائما في كل فروع الدلالة لغوية كانت أم غير لغوية.
و إذا كنا سنولي اهتمامنا للدلالة اللغوية (الدليل اللغوي) دون التفصيل في الأدلة غير اللغوية (عدا إشارات فقط، و بما أننا نستعمل مصطلحات مثل ( لغة، لسان، كلام) فلابد من محاولة تحديد مفهوم هذه المصطلحات ، و إن كانت متداخلة أحيانا في أذهان الناس بل و في أذهان الطلبة و الباحثين في علوم اللغة.
و قد لا نحتاج هنا إلى التفاصيل التي تدرس في علم اللغة أو اللسانيات و لكن يمكن أن نوضح هذه المفاهيم بما يلي:
- من الشائع بين اللسانيين أن مادة علمهم ليست الكلام و لا اللسان و إنما هي اللغة (ينظر عبد السلام المسدي: مباحث تأسيسيه في اللسانيات ص 168) .
و يلاحظ هنا أن هناك ثلاثة مصطلحات لثلاثة مفاهيم ، و كلها تمثل ما يسمى بالظاهرة اللغوية التي ترتقي من (الكلام) و هو كلام الأفراد كما نسمعه أو نحادثهم فيه و هذه هي المرتبة الفردية و هذا الذي يمكن أن نسجله على آلة التسجيل، ثم تأتي مرتبة (اللسان) و تتطابق مع منزلة الوجود النوعي و هو الاشتراك في معرفة ما يتم التحاور به ضمن كل مجموعة لغوية (اللسان العربي أو الانجليزي أو الصيني)
أما مرتبة اللغة فهي تتطابق مع جملة من القوانين التي إن أطلقت صدقت على كل لسان من الألسنة البشرية (المرجع السابق ص170).
و هنا تبدو اللغة أعم من اللسان، و تدرس من خلال ما يسمى باللسانيات العامة مقابل اللسانيات الخاصة التي تدرس نظام كل لسان بشري على حدة.
و في سياق أخر يذكر أن اللسان أعم من اللغة مع إمكان استعمال كل مصطلح لمفهوم الآخر.
و الحقيقة أن الظاهرة اللغوية تستوعب المفاهيم الثلاثة السابقة (الكلام، اللسان، اللغة) فاللغة (لغة الناس/ البشر) و اللسان (لسان الجماعة اللغوية) و الكلام (كلام الأفراد).
اللغة مفهوم كلي و اللسان مفهوم نمطي و الكلام مفهوم انجازي (السابق ص 172)، اللغة جنس، اللسان نوع، الكلام شخص.
اللغة (صورة القانون) ، اللسان ( نموذج العرف)، الكلام (نموذج السلوك).
إن اللساني يدرس البنية اللغوية في جوانبها الصوتية و الصرفية و التركيبية و الدلالية ثم يعمل على كشف ارتباط هذه البنية بوظائفها الاجتماعية.
بعد هذا يظهر لنا أن موضوع علم الدلالة هو الأدلة بشكل عام و الدليل اللغوي بشكل خاص ، و علاقة الدوال بمدلولاتها و.يتفق عدد كبير من الباحثين على أن السيمياء كنوع من اللسانيات كان من أثر اللغوي الفرنسي بريال (1883)، باعتبار أن هذا العلم يدرس الدلالات و القوانين التي تتحكم في تغير المعاني
أو أن الموضوع هو المعنى. ( ينظر سالم شاكر : مدخل إلى علم الدلالة ، ترجمة محمد يحياتن ، ديوان المطبوعات الجامعية . الجزائر 1992ـ ص4 )
أما غاية هذا العلم فهي خاصة و عامة، فالغاية الخاصة هي أن علم الدلالة – مثل أي علم آخر- يسعى إلى الاستقلالية و امتلاك الأدوات و المناهج الرياضية ، و هنا ينبغي الإشارة إلى الاهتمام بهذا العلم حيث ظهر في عام 1923 كتاب عنوانه (the meaning of meaning) لمؤلفيه Richards و Ogden.
و أما الغاية العامة فهدف علم الدلالة كغيره من العلوم الإنسانية – و بالاستعانة بها و بالتعاون معها – هو الإسهام في ترقية الحياة الإنسانية في جميع المجالات، و تسهيل عملية الاتصال و التعاون و التفاهم المشترك و ضبط المصطلحات و المفاهيم في جميع العلوم لاسيما في العلوم الحديثة و وسائل الاتصال
و خاصة في محيط العولمة و التقارب ، إن لم نقل الاندماج الفكري على الأقل بين الأمم و الشعوب.
و كان أحد الباحثين قد حدد هدف علم الدلالة الإجرائي بأنه حصر صور الأوضاع الدلالية كأنظمة قابلة للتحليل ( ينظر بوجراند: النص و التطبيق و الإجراء).
حصة تطبيقية حول الدليل اللغوي le signe linguistique
يقول دو سوسير :" يظن بعض الناس أن اللسان إنما هو في أصله مجموع الألفاظ أي قائمة من الأسماء تطلق على عدد من المسميات . وفي تصوره هذا نظر، من عدة وجوه: انه يفترض وجود معان جاهزة قبل وجود ألفاظها ثم إننا لا نتبين به هل الاسم هو جوهر صوتي أم نفساني......ويشعرنا أيضا أن ارتباط الاسم بالمسمى هو عملية في غاية البساطة وهذا بعيد جدا عن الواقع...... إن الدليل اللغوي لا يربط مسمى ما باسمه الملفوظ بل مفهوم ذلك الشيء أو تصوره الذهني بصورة لفظه الذهنية فهذه الصورة الصوتية ليست هي الصوت المادي لأنه شيء فيزيائي محض بل انطباع هذا الصوت في النفس والصورة الصادرة عما تشاهده حواسنا . فالدليل اللغوي إذن كيان نفساني ذو وجهين ويسمى دليلا لغويا المركب المتكون من المفهوم والصورة الصوتية ( صورة اللفظ في الذهن )...ولكن نقترح لفظة الدليل للدلالة على الكل واستبدال لفظتي المفهوم والصورة الصوتية بلفظتي الدال والمدلول ".
دروس في اللسانيات العامة لدوسوسير ص97
ترجمة د عبد الرحمان الحاج صالح ص45 من مجلة اللسانيات
المطلوب : استخرج من النص المفاهيم الدلالية واشرحها.
الإجابة :أهم المفاهيم الدلالية الواردة في النص هي :
أ ـ الدليل اللغوي: وهو وحدة علم الدلالة، نعرفه بأنه اللفظ الدال على شيء أو معنى معين و ركيزته المادية هي الصوت .
ب ـ الصورة الصوتية (le signifiant) هي انطباع الصوت في الذهن .
ج ـ الصورة الذهنية : ( Le signifié)هي انطباع الشيء في الذهن .
دوسوسير في هذا النص ينفي فكرة سادت ،وهي أن الألفاظ ألقاب للمسميات ويبين لنا الدليل اللغوي لا يربط بين لفظ ومسماه ( الشيء والمعنى ) إنما يربط بين المفهوم والصورة الصوتية في قوله " إن الدليل اللغوي .........لفظه الذهنية ".
يعني هذا أننا لا ننظر إلى الدليل اللغوي كحقيقة مادية لأننا لا نتحدث عن المعنى كشيء جاهز ولا عن الألفاظ كمجموعة من الأصوات نسمعها في قوله " يفترض وجود معان جاهزة ................نفساني ".
لكن دوسوسير يتصور الدليل اللغوي كيانا ذهنيا مكونا من دال هو الصورة الصوتية ومدلول هو المفهوم الذي يتصوره الإنسان لذلك الشيء الخارجي، أي الموجود خارج ذهن الإنسان والذي ندرج فيه كل الأشياء المادية والمعنوية التي تحيط بنا و نسميه المرجع أو المدلول عليه.
فالدليل اللغوي إذن يتكون عندما يريد الإنسان الحديث عن المرجع ( الشيء ) فيبحث في نظامه التقديري
عن المفهوم الذي ينطبق على ذلك المرجع وقد تعلمه وورثه عن أفراد مجتمعه ، والمسمى المدلول أو ( الصورة الذهنية ) . ثم يعبر عنه بصورة صوتية وهي ( التصور الذهني للأصوات الذي يتم في ذهن الإنسان ) وهنا تتم عملية تكوين الدليل اللغوي ، ويمكننا التمثيل له بالشكل التالي :
دال ( صورة صوتية)
المرجع دليل لغوي
مدلول (صورة ذهنية )
أما عن ميزات الدليل اللغوي فهي :
أ ـ الاعتباطية arbitraire ) أي لا يوجد في اللفظ ما يدل حتما على معناه ، ونعطي لذلك مثلا توضيحيا كلمة شجرة.
فلو كانت الشين مثلا تدل على الأوراق والجيم على الساق والراء على الأغصان لقلنا بطبيعية العلاقة وحتميتها ، لكن ، بما أن الأمر عكسي فنقول بأنها علاقة اعتباطية وضعية ناتجة عن التواضع والاتفاق بين بني البشر .والدليل على ذلك اختلاف اللغات ففي اللغة العربية نستعمل ـ مثلا ـ كلمة ( كرسي ) للدلالة على شيء معين ،في حين يستعمل الناطق باللغة الفرنسة كلمة (chaise) للدلالة على الشيء ذاته ، فأي الأصوات من الكلمتين تدل على المعنى أكثر من الأخرى ؟
ب ـ الخطية liniaire) بما أن الركيزة المادية للدليل اللغوي هي الصوت فانه يتسلسل عند إحداثه تسلسل الزمن في خط واحد أفقي يسمى مدرج الكلام ، مثلا كلمة ( صدق ) التي تنطق حروفها متسلسلة ص+د+ق وإذا تغير التسلسل ق+ ص+ د تغير المعنى.
**********************
المحاضرة رقم3
علاقة علم الدلالة بعلوم اللغة
كنا في المحاضرة السابقة قد بينا العلاقة المتبادلة بين علم الدلالة (العلامية) و علم اللغة (اللسانيات) حيث أنها علاقة عموم و خصوص أو كلّ و جزء.
و قد ذكرنا أن علم الدلالة – كغيره من العلوم – ، يعتمد أساسا على اللغة كأداة في كل ما يتعلق بهذا العلم ، و نبين بعد ذلك بشيء من التفصيل علاقة (الدلالة) بعناصر (مستويات) البنية اللغوية بافتراض استقلالية هذه العناصر نظريا فقط.
و بشكل عام ينصرف مفهوم علم الدلالة إلى الدلالة اللغوية.
أولا: علاقة علم الدلالة بالأصوات (المستوى الصوتي).
مازلنا نذكر حين حديثنا عن المستوى الصوتي أن الأصوات [ الحروف / (حروف البناء)] وحدات غير دالة ، و هي القطع الصوتية الصغرى التي تتشكل منها بجمع بعضها إلى بعض الوحدات الدالة (الكلمات). هذه القطع الصوتية الصغيرة التي تظهر في التقطيع الثاني عند البنويين الوظيفيين (مارتينيه). و هنا يجب أن نشيرإلى أن هناك ما يسمى بالوحدات الدلالية التي هي أقل من الكلمة و تتمثل في (المورفيم المتصل) مثل السوابق و اللواحق و الضمائر المتصلة بل أن هناك وحدة دلالية أقل من المورفيم ، مثلا دلالة الحركات على تاء الفاعل ( كتبتم ، كتبت ،كتبتما ..) أنظر أحمد مختار عمر ص34.
هذه الأصوات في الواقع تدرس من جانبين. الجانب الأول : هو من حيث طبيعتها الفيزيائية
– الفيزيولوجية، و الجانب الثاني: من حيث وظيفتها (الدلالية) في بنية الكلمة أو الوحدة الدالة و لذلك صار للأصوات علمان أحدهما: علم التصويت و الثاني : علم وظائف الأصوات، حيث تدرس وظائف هذه الأصوات من خلال التقابلات الثنائية التي تظهر القيمة الدلالية أو المعنوية للصوت بالاشتراك مع أصوات أخرى.
فالفرق الدلالي بين قال و مال جاء من التقابل بين (ق) و (م).
و تبدو علاقة الدلالة بالأصوات جلية هنا. و هناك كلمات يتغير أحد أصواتها و لا تتغير دلالتها مثل: الصراط مقابل السراط. و السقر، و الزقر، و الصقر، و هذا ما يسمى كيفيات أو وجهات أداء. و لابد من الإشارة أيضا إلى أن هناك من يرى أن الصوت (الحرف) الواحد منفردا له قيمة تعبيرية (دلالية) خاصة به.
و قد ذهب عدد من الباحثين إلى هذا الرأي و من هؤلاء ابن جني ت 392ه. الذي أورد في كتابه الخصائص عددا من العناوين و الأمثلة التي تؤكد قناعته بهذا الرأي، من ذلك تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني. و باب في إمساس الألفاظ أشباه المعاني. فالصوت (الحرف) مفردا أو مركبا يحمل قيمة دلالية في ذاته ،و ليس ذلك بغريب على ابن جني الذي لم يخف ميله إلى النظرية التي ترى أن أصل اللغات إنما هو من الأصوات المسموعة، فهذا المذهب عنده وجه صالح و متقبل.
و هناك أمثلة كثيرة غايتها تأكيد القيمة التعبيرية (الدلالية) للحرف الواحد، مركبا في الكلمة من ذلك: نضح و نضخ، قال تعالى " فيها عينان نضاختان "و بما أن النضخ أقوى من النضح فقد جعلوا الحاء لرقتها للماء الضعيف، و الخاء لغلظها لما هو أقوى منه، و كذلك : قضم و خضم ، فالقضم للصلب اليابس و الخضم للرطب. و كان أحمد بن فارس (توفي 395ه) قد وضع معجما سماه: (مقاييس اللغة) وجه فيه كل جهده لاستنباط الصلات بين الألفاظ و دلالاتها، و لكنه غالى و تكلف، كما فعل ابن جني.
و لم يكن علماء العرب و حدهم الذين يعتقدون بهذه القيمة التعبيرية للأصوات (الحروف)، فمن المحدثين الغربيين (جسبرسن) الذي يلخص آراء المحدثين في الصلة بين الألفاظ و الدلالات فتعرض لمقال
(همبلت) الذي يزعم أن اللغات بشكل عام تؤثر التعبير عن الأشياء بواسطة ألفاظ أثرها في الأذن يشبه أثر تلك الأشياء في الأذهان، و هذا ما يسمى بالمناسبة الطبيعية بين الألفاظ و معانيها ،و إن كان يرى أن هذه الصلة كانت في البداية، و لكنها تطورت حتى أصبحت العلامة غامضة.
و كان جسبرسن يضرب بعض الأمثلة عن المناسبة الطبيعية، من ذلك أن طائرا في أوربا يسمى(كوكو) فهو يصيح فيصدر صوتا هو – كوكو -.
ويمكن أن نمثل لهذا كذلك بكلمة الصفق و هو الصفع على الوجه، و هو ما يشبه الصوت الصادر عن ذلك.
و من مظاهر الدلالة الصوتية (النبر) فالنبر و الاعتماد بقوة أو الضغط على مقطع ما أو كلمة ما يجعل لها معنى خاصا . وفي لغات أخرى يحدد موضع النبر نوع الكلمة ، اسما أو فعلا .
و من مظاهر الدلالة الصوتية كذلك، النغمة الكلامية ففي اللغة الصينية قد يكون للكلمة الواحدة عدة معان يفرق بينهما النغمة.
و مثال ذلك في العربية قولنا Sadهكذا) فقد تكون بمعنى الاستفهام إذا كان المتكلم يريد الاستفسار عن كيفية عمل شيء ، و قد تكون للشجب و الاستنكار، و قد تكون للإقرار و الإخبار.
و مما يتعلق بهذه الدلالة الصوتية ما ذكر من أن بعض اللغات تعبر عن الأصول المختلفة للفعل ،أي لحدوث الفعل من الفاعل بكلمات إضافية تدل من حيث الإيقاع الصوتي على تلك الحالة أو الكيفية، من ذلك ما ذكره الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه (دلالة الألفاظ) من أن من لغات وسط إفريقيا أن الفعل الذي يدل على مطلق المشي هو (zo) :
و يمشي منتصبا : ZO KA KA
يمشي بنشاط و حماس : ZO DES DES
يمشي بسرعة: ZO TYA TYA
يمشي متثاقل : ZO BOHO BOHO
( ارجع إلى ص69/70 من هذا الكتاب / مكتبة الأنجلو مصرية ط/5 1984)
حصة تطبيقية حول علاقة علم الدلالة بمستويات التحليل اللساني
أ ـ علاقته بالمستوى الصوتي :
النص الأول :
يقول ابن جني في باب إمساس الألفاظ أشباه المعاني : " اعلم أن هذا موضع شريف لطيف وقد نبه عليه الخليل وتلقته الجماعة بالقبول له والاعتراف بصحته .قال الخليل كأنهم توهموا في صوت الجندب استطالة ومدا فقالوا صر ، وتوهموا في صوت البازي تقطيعا فقالوا صرصر،
وقال سيبويه في المصادرالتي جاءت على الفعلان أنها تأتي للاضطراب والحركة ، نحو الغليان والغثيان فقابلوا توالي حركات المثال بتوالي حركات الأفعال ".
الخصائص ج2 ص152
النص الثاني :
و يقول أيضا : " فأما مقابلة الألفاظ بما يشاكل أصواتها من الأحداث ، فباب عظيم وواسع ونهج متلئب عند عارفيه ، ذلك لأنهم كثيرا ما يجعلون أصوات الحروف على سمت الأحداث المعبر بها عنها ، فيعدلونها بها ويحتذونها عليها بذلك أكثر مما نقدره وأضعاف ما نستشعره من ذلك كقولهم خضم وقضم ، فالخضم لأكل الرطب كالبطيخ والقثاء وما كان نحوهما من المأكول الرطب ، والقضم للصلب اليابس نحو قضمت الدابة شعيرها ونحو ذلك " .
الخصائص ج2 ص 157
النص الثالث :
أما في باب تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني فيقول :" من ذلك قول الله سبحانه :" ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا " أي تزعجهم وتقلقهم . فهذا في معنى تهزهم هزا ، والهمزة أخت الهاء ، فتقارب اللفظان لتقارب المعنيين . وكأنهم خصوا هذا المعنى بالهمزة لأنها أقوى من الهاء وهذا المعنى أعظم في النفوس من الهز لأنك قد تهز ما لا بال له ، كالجذع وساق الشجرة ونحو ذلك ".
الخصائص ج2 ص146 ـ147
المطلوب : حلل هذه النصوص مبرزا أهم الظواهر الدلالية .
التحليل : نلاحظ في النص الأول أن ابن جني قد التفت إلى وجود صلة بين صوت الجندب والفعل الذي يدل عليه " صر " . وبسبب تشابه صوت البازي وصوت الجندب مع وجود اختلاف في الكيفية ، جاء الفعل الذي يصف صوت البازي مضعفا " صرصر " .
فنجد ابن جني يركز على تقارب المعاني نتيجة لتقارب جرس الأصوات ، ويفرق بين المعاني نتيجة لاختلاف الجرس .ويضيف ابن جني ما قاله سيبويه في هذا الباب " أن المصادر التي جاءت على الفعلان ، أنها تأتي للاضطراب........... حركات الأفعال ".فالمصادر التي على وزن " فعلان " ـ بفتح الفاء والعين ـ تدل على الحركة المصاحبة للحدث .
ثم يوضح في النص الثاني أثر الأصوات في المعاني ، فالصوت الرخو يدل على المعنى الرخو وبالمقابل يدل الصوت الغليظ على المعنى الغليظ ويعطينا مثالا لذلك كلمتي :الخضم التي تدل على أكل الرطب
و القضم لأكل الصلب اليابس.
أما في النص الثالث فيوضح لنا أن تقارب الحروف أو الأصوات ناتج عن تقارب المعاني ويقدم مثالا لذلك كلمتي الهز و الأز المتقاربتين في المعنى ومعناهما : تزعجهم وتقلقهم . أما إذا نظرنا إلى الكلمتين من الناحية اللفظية فنجد أنهما لا تختلفان إلا في حرف الهاء والهمزة وهما حرفان متقاربان أيضا من الناحية الصوتية فالهاء مخرجه الحلق وهو المخرج ذاته للهمزة .
فتتصور من مجموع هذه النصوص أن ابن جني يريد القول بوجود العلاقة الطبيعية بين الحرف ومعناه أو ما يسمى بالقيمة التعبيرية للحرف الواحد ، إذ تتقارب المعاني أحيانا نتيجة تقارب مخارج الحروف، وترتبط قوة المعاني بقوة الحروف .
ملاحظة : هذه فكرة توضيحية وعلى الطالب أن يتعمق في الشرح والتعليل كنموذج تدريبي .
تابع للمحاضرة رقم 3
علاقة الدلالة بعلم الصرف (الدلالة الصرفية).
بالرجوع إلى المستوى الصرفي من مستويات البنية اللغوية نذكر أن عناصر هذا المستوى هي (المفردات أو الكلمات أو الوحدات الدالة) التي تنشأ من جمع الأصوات (الوحدات غير الدالة) بصورة اعتباطية (مع التحفظ هنا على هذه الاعتباطية) ليكون لدينا وحدات لها دلالة مفردة (بالوضع) كما ذكر الزمخشري في كتابه (المفصل). هذه الوحدات ذات الدلالة المفردة تأخذ أشكالا صرفية مختلفة و هي التي تسمى الصيغ الصرفية ، و لكل صيغة دلالة معينة بالإضافة التي دلالة المادة الصوتية التي تتشكل منها. فللأأسماء
و الأفعال و الأوصاف (المشتقات المختلفة) دلالة إضافية تحددها الصيغة. فلكل فعل من الأفعال (الماضي، المضارع و الأمر) و بصورها المختلفة (المجردة و المزيدة ) هيئة صرفية تدل على المعنى أو على جزء من المعنى . مثل: فعل، يفعل، افعل، استفعل، تفاعل............و كذلك فاعل، مفعول، مفعل، مفعل، فعال، مفعال.
و قد تدل صيغة واحدة على عدة معان يحددها السياق، مثل صيغة اسم الفاعل و المفعول.
(مختار) ، بضم الميم ، المتحولة من البنيتين العميقتين: مختير و مختير، بفتح الياء في الأولى وكسرها في الثانية ،و من ذلك الصيغة التي تدل على اسم الزمان و المكان و اسم المفعول و المصدر الميمي (مسعى) على وزن مفعل ، ومن ذلك أيضا : الفعل ضاع يضوع ،التي تدل على الظهور
و الاختفاء و ندرك ذلك بالرجوع إلى المضارع: ضاع يضيع و ضاع يضوع ،و كذلك رام يروم و يريم (حلمي خليل مقدمة لدراسة فقه اللغة ص 182).
إن علم الصرف الذي يدرس هذه الصيغ (هذه الوحدات) التي تعد من المفردات على الرغم من أنها قد تتألف من أكثر من وحدة دالة حسب مبدأ تحديد الوحدات الدالة بناء على المعنى، أقول إن علم الصرف هنا يتقاطع مع علم الدلالة لأن الأصل في تصريف الصيغة الأولى إلى صيغ مختلفة الحاجة إلى الدلالات المختلفة التي نحتاج إليها ضمن النظام اللغوي لتؤدي اللغة وظيفتها بشكل كامل و دقيق.
حصة تطبيقية حول علاقة علم الدلالة بالمستوى الصرفي
النص
يقول ابن جني في " باب في الدلالة اللفظية والصناعية والمعنوية " : اعلم أن كل واحد من هذه الدلائل معتد مراعى مؤثر إلا أنها في القوة والضعف على ثلاث مراتب ، فأقواهن الدلالة اللفظية ثم تليها الصناعية ثم تليها المعنوية ولنذكر من ذلك ما يصح به الغرض فمنه جميع الأفعال ، ففي كل واحد منها الأدلة الثلاثة ، ألا ترى إلى قام ودلالة لفظه على مصدره ودلالة بنائه على زمانه ودلالة معناه على فاعله ، فهذه ثلاث دلائل من لفظه وصيغته ومعناه ، وإنما كانت الدلالة الصناعية أقوى من المعنوية من قبل أنها وان لم تكن لفظا فإنها صورة يحملها اللفظ ويخرج عليها و يستقر على المثال المعتزم بها ، فلما كانت كذلك لحقت بحكمه وجرت مجرى اللفظ المنطوق به ، فدخلا بذلك في باب المعلوم والمشاهدة و أما المعنى فإنما دلالته لاحقة بعلوم الاستدلال وليست في حيز الضروريات ".
الخصائص ج3 ص98
المطلوب : حلل النص ، واستخرج أهم المفاهيم الدلالية المتضمنة مع التمثيل .
التحليل :
أبرز ابن جني في هذا النص أنواع الدلالات في الكلمة الواحدة، بحيث فصل بينها وجعلها مستقلة عن بعضها البعض وصنفها حسب قوتها مبتدئا بالأقوى دلالة وهي الدلالة اللفظية ثم الدلالة الصناعية وأخيرا الدلالة المعنوية . ثم بين أن الأفعال تشتمل على هذه الأنواع من الدلالات مجتمعة.
أ ـ الدلالة اللفظية : عرفها ابن جني بقوله أنها " دلالة لفظه على مصدره " .، وهو يقصد دلالة الجذر .
ويوضح لنا الأمر بمثال هو الفعل قام ودلالة لفظه هي دلالة جذره أي الجذر (ق، و، م ) الذي يدل على حدث يختلف عن معنى الجذر ( س ، م ، ع ) مثلا ، فلكل جذر إذن دلالة خاصة به تميزه عن جذر آخر.
ب ـ الدلالة الصناعية : عرفها ابن جني بقوله أنها " دلالة بناء الفعل على الزمن " ، ويقصد بها دلالة الوزن أو الصيغة الصرفية . فالكلمة في اللغة العربية تتكون من الجذر + الوزن ،و لكل وزن دلالة خاصة به ،إذ نجد مثلا أن كلمتي (قام ومقام ) تشتركان في نفس الدلالة اللفظية وهي دلالة الجذر (ق ، و ، م) لكن معناهما مختلف نتيجة تباين وزنيهما مما ينتج عنه تباين في معنى كل وزن :
ـ فوزن قام هو ( فعل ) الذي يدل على حدث القيام في الزمن الماضي،
ـ و وزن مقام هو( مفعل) الذي يدل على معنى اسم المكان
يتبين لنا أن الصيغ الصرفية تلعب دورا كبيرا في الدلالة على معنى الكلمة .
فصيغ الأفعال بأنواعها : الماضي والمضارع و الأمر تدل على الحدث وزمانه ،وما يتصل بهذه الأفعال من حروف وما يدخلها من التضعيف ، فتضعيف العين مثلا يدل على قوة الحدث وكثرته مثل : اخضر واخضوضر .
وتحمل صيغ الأسماء العديد من المعاني التي تتنوع بتنوعها ، كأسماء الفاعلين وأسماء المفعولين وصيغ المبالغة والتصغير والنسب والجموع ، فلكل منها معنى تؤديه .
ويمكننا التعرف على معاني تلك الأوزان بالرجوع إلى كتب الصرف .
ج ـ الدلالة المعنوية :عرفها ابن جني بقوله "دلالة معناه على فاعله " أي دلالة فاعل الفعل.
فالدلالة المعنوية للفعل ( قام ) هي الفاعل الذي قام بالفعل ( هو ).
والدلالة المعنوية في الاسم (قافلة ) هي : قافلة ، سيارة ، كواكب ... أي مختلف المعاني الأصلية
و المجازية .
يمكن أن نمثل لمختلف تلك الدلالات بالشكل التالي :
دلالة الفعل قام
دلالة لفظية دلالة صناعية دلالة معنوية
( دلالة الجذر ق ،و ، م ) ( دلالة الوزن ( فعل) ( دلالة الفاعل هو )
الذي يدل على وقوع الحدث
في الزمن الماضي.
و يختلف بالتالي في دلالته
عن وزن المضارع
( يفعل) و باقي الأوزان
الأخرى ).
دلالة الاسم سيارة
دلالة لفظية دلالة صناعية دلالة معنوية
(دلالة الجذر س ، ي ، ر ) ( الوزن فعالة يدل ( آلة تنقل ميكانيكية
مثلا على السرعة قافلة، كواكب ......
والكثرة....) وهي معاني تتحدد
هنا حسب السياق الذي
وردت فيه )
ملاحظة : لانجد كل هذه الأنواع من الدلالات إلا في الأسماء المتمكنة والأفعال المتصرفة .
تمرين :
1 ـ بين أنواع الدلالة التي تتضمنها الكلمات التالية حسب تقسيم ابن جني لها :
1ـ هاتف ، 2 ـ صه ، 3 ـ من ، 4 ـ نعم ( بكسر النون وتسكين العين ) ، 5 ـ يسلم .
2 ـ ما المعنى المستفاد من الصيغ المتقابلة التالية ( استعن بالمعاجم العربية ) :
أ ـ القوام ( بكسر القاف ) والقوام (بفتحها)
ب ـ الذل ( بكسر الذال ) والذل ( بضمه )
ج ـ حاسوب ، حاسب
تابع للمحاضرة رقم 3
الدلالة و علم التراكيب (الدلالة النحوية).
يقول الجرجاني عبد القاهر في كتابه المشهور (دلائل الإعجاز في علم المعاني) : (إن الألفاظ المفردة التي هي أوضاع اللغة لم توضع لتعرف معانيها في أنفسها و لكن لأن يضم بعضها إلى بعض فيعرف فيما بينها فوائد .....) (دلائل الإعجاز ص353).
إن ما يقال من أن الوحدات الدالة في المستوى الصرفي تتشكل من تجمع لعناصر من الوحدات غير الدالة (الأصوات) دون صدور ذلك عن نظام عقلي (إن نظم الحروف هو تواليها في النطق فقط....) (انظر دلائل الإعجاز ص353).( مع التحفظ على ذلك). فان ذلك لا ينطبق على تشكيل الجمل من الوحدات الدالة و إنما يتم ذلك بالتآلف بين هذه الوحدات فيأتلف بعضها و لا يأتلف بعضها الآخر، كما يذكر الجرجاني نفسه في كتابه الجمل (اعلم أن الواحد من الاسم و الفعل و الحرف يسمى كلمة، فإذا ائتلف منها اثنان فأفادا ( .....) يسمى كلاما ويسمى جملة ( الجمل ص107) .
و على هذا تكون الإفادة ليس معنى المفردات في حد ذاتها . و هو ما يوضحه في قوله السابق في الدلائل.
و إنما الإفادة هنا في هذا المستوى (مستوى التراكيب) أو المستوى النحوي هو تعريف المخاطب (بفتح الطاء ) و إبلاغه بالعلاقات النحوية أو ما يسمى بمعاني النحو، و هو المعنى الاسنادي الذي يربط بين الوحدات داخل التركيب فيفهم من الذي قام بالفعل أو اتصف بالوصف و على من وقع هذا الفعل، و مع ترابط عناصر التركيب بما في ذلك الملحقات مثل الحال و التمييز و غيرها، حيث يوضع كل عنصر في موضعه المناسب لصحة المعنى، وإلا لن يفهم المخاطب ، بفتح الطاء ، (السامع) أي معنى مع أنه من المفترض أنه يعرف المعاني المفردة للألفاظ و إنما المعنى المقصود هنا هو معنى النحو، أو الوظائف النحوية. و يرى الجرجاني أن ذلك النظام يقوم على ربط الكلمات ببعضها يقول " ليس الغرض بنظم الكلم أن توالت ألفاظها في النطق بل أن تناسقت دلالاتها وتلاقت معانيها ، على الوجه الذي اقتضاه العقل (ص35) .
وكان الجرجاني قد ضرب مثلا ببيت امرئ القيس ـقفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ـ فقال
ما معناه أننا لو غيرنا ترتيب الكلمات فهل يعني قول امرئ القيس مبينا بعد ذلك .
وقد عدّ بعضهم الجملة (التركيب) هي الوحدة الدلالية الأساسية.
وهذا لا يعني –طبعا- أن المعاني المعجمية (الاجتماعية) بمعزل عن فهم المعنى لأن اللغة تعمل بنظام متفاعل تتداخل فيه المستويات ، و يظهر ذلك عند تشو مسكي فيما يسمى مبدأ السلامة النحوية ،
و يضرب لذلك الأمثلة ، فقد يكون التركيب سليما نحويا من حيث الإسناد، و لكنه لا يؤدي للمخاطب (بفتح الطاء ) معنى صحيحا مثال ذلك : (شرب الجدار النجمة المؤمنة) . و إنما قد يكون ذلك فيما يسمى باختراقات الشعراء مثل. ( شربتني قهوتي ) .
و إذا كنا قد ركزنا هنا على الجرجاني فلأنه ركز على العلاقة بين النحو و البلاغة أو الإبلاغ و ليس الإبلاغ إلا نقل المعاني و تبادلها بين المخاطب ( بفتح الطاء ) و المخاطب (بكسر الطاء ) .و من هنا كان لعلم الدلالة علاقة متينة بعلم النحو فليست اللغة إلا مجموعة من العلاقات بين الألفاظ و دلالاتها ،و هذا ما تؤكده كثير من المذاهب اللسانية الغربية الحديثة.
حصة تطبيقية حول علاقة علم الدلالة بالمستوى التركيبي :
النص الأول :
يقول عبد القاهر الجرجاني :" اعلم أن ههنا أصلا أنت ترى الناس فيه في صورة من يعرف من جانب وينكر من آخر ، وهو أن الألفاظ المفردة التي هي أوضاع اللغة لم توضع لتعرف معانيها في أنفسها و لكن لأن يضم بعضها إلى بعض فيعرف فيما بينها فوائد ، وهذا علم شريف وأصل عظيم ، والدليل على ذلك أنا إن زعمنا أن الألفاظ التي هي أوضاع اللغة ، إنما وضعت ليعرف بها معانيها في أنفسها ، لأدى ذلك إلى ما لا يشك عاقل في استحالته ....."
دلائل الإعجاز ص469
النص الثاني :
و يقول أيضا :" ليت شعري كيف يتصور وقوع قصد منك إلى معنى كلمة من دون أن تريد تعليقها بمعنى كلمة أخرى ، ومعنى | <urn:uuid:bc767b3a-4271-4cf2-9171-6bd8c2f8ee01> | CC-MAIN-2013-48 | http://www.almaktabah.net/vb/showthread.php?t=28862 | 2013-12-13T03:06:06Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386164834476/warc/CC-MAIN-20131204134714-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.900933 | Arab | 73 | {"arb_Arab_score": 0.9009328484535217, "ary_Arab_score": 0.05330405384302139, "arz_Arab_score": 0.028507376089692116} |
فرنك رواندي
التاريخ[عدل]
أصبح الفرنك عملة رواندا في العام 1916 عندما احتلت بلجيكا المستعمرة الألمانية وأصبح الفرنك الكونغولي عملة الكونغو بدلاً من الروبية الألمانية في شرق أفريقيا. تستخدم رواندا والكونغو الفرانك البلجيكي حتى عام 1960 بدأت رواندا اصدار عملتها الخاصة في عام 1964. وهناك جرى التخطيط لإدخال عملة موحدة، وهي الشلن في تكتل شرق أفريقيا الاقتصادي، أي ما يعادل الدول الخمس الأعضاء في مجموعة شرق أفريقيا. | <urn:uuid:839e4018-421f-4a91-9107-3fab3951f4c8> | CC-MAIN-2013-48 | http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D8%B1%D9%86%D9%83_%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%AF%D9%8A | 2013-12-09T14:50:10Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386163983709/warc/CC-MAIN-20131204133303-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.98942 | Arab | 43 | {"arb_Arab_score": 0.989420473575592} |
|06-04-2009, 04:42 PM||#1|
متحكم
الكاري: هو عباره عن مجموعه من البهارات اهمها الكمون والكركم والقرنفل والكزبره والفلفل الاسود والزنجبيل تخلط بنسب مدروسه فتؤدي هذا البهار ذو النكهه المميزه.
هو من افضل مصادر الطعام على الاطلاق يحتوي على املاح معدنيه وحديد وكالسيوم وهو اغنى من الكبد بالحديد بعشرة اضعاف !
ويحتوي في كل مئه جرام منه على 637ملجرام من الكالسيوم بينما لاتتعدى هذه النسبه في الحليب اشهر مصادر الكالسيوم 120ملجم
كما يحتوي كل مئه جرام منه على 1830ملجرام من املاح البو تاسيوم التي تساعد على عمل الخلايا وهي اعلى نسبه موجوده في اي طعام
- بهارات الكاري قد تقي من مرض التصلب المتعدد ( تصلب الشرايين )
أفادت نتائج الدراسات الأولية التي أجريت على الفئران أن بهارات الكاري قد تساعد في منع تقدم الحالة المرضية عند الأشخاص المصابين بالتصلب المتعدد.
وأوضح الباحثون أن بهارات الكاري تتألف بشكل رئيسي من الكركم الذي يحتوي على مركب كيميائي نشط يعرف باسم "كيوركيومين", وهو المسؤول عن الآثار المضادة لذلك المرض الذي لم تتضح أسبابه بعد, ولكنه مرض مناعة ذاتية أي أنه ينتج عن مهاجمة الجهاز المناعي في الجسم .
2- مادة الكاري أفضل علاج لمرض الزهايمر
وأظهرت نتائج أحدث دراسة طبية أن مادة الكارى التى تستخدم على نطاق واسع كأشهر التوابل فى غالبية الدول الآسيوية وعلى رأسها الصين والهند لا تتمتع فقط بمذاقها الطيب ونكهتها الخاصة لكنها تعد أفضل علاج لمرض الزهايمر أو خرف الشيخوخة .
//////////////////////////
تناول الكاري يخفف من الصداع، بل إنه افضل من الاسبرين في التخلص من اوجاع الرأس، كما يمكن ان يساعد على علاج مرض الشقيقة «الصداع النصفي» ويمنع الاصابة بسرطان القولون، وفقا لأحدث دراسة بريطانية.
وقال الباحثون ان الأطعمة الهندية ليس لها أي اعراض جانبية مثلما هو الحال في الاسبرين لدى تناوله لفترة طويلة ....
«وكلما كان طعام الكاري أشد حرارة ازدادت فوائده».... ويعتقد العلماء ان الكركم وهو المادة الصفراء التي تدخل في تركيب الكاري هي التي توفر هذه الفوائد الصحية....
اما الدراسة الثانية فقد اظهرت فوائد علاج السكري الذي يصيب البالغين عادة، بالكركم الذي يوجد في الكاري. .... وتشكل دراسات الكاري ان الكركم الموجود فيه يكافح اورام البروستاتا السرطانية.... وقد توصل علماء اميركيون الى هذه النتيجة بعد ان استخدموا علاجا مزدوجا تمثل في تعزيز قدرة الانسان على تنفيذ العمليات اللازمة لمكافحة الاورام الخبيثة من جهة، وتوظيف الكركم من جهة اخرى لتدمير اورام سرطان البروستاتا البشرية.
دراسات عديدة أجريت بمختلف دول العالم حول فوائد الكاري الهندي والذي تستخدمه ربات البيوت خاصة في الدول الآسيوية كالهند والصين في صنع أشهى الأطباق، مثل منع تقدم مرض الزهايمر ووقاية المصابين به، كذلك مرضى تصلب الشرايين، وأمراض الكبد والتهابات الأنف والصداع.. كلها فوائد أكدتها دراسات علمية.. ومنها دراسة أجريت على مجموعة من كبار السن في آسيا ارتبط فيها استهلاك مزيد من بهار الكاري بأداء إدراكي أفضل في الاختبارات المعيارية، أوثبت ن نظامًا غذائيًا يحتوي على الكاري قد يساعد في حماية المخ من الشيخوخة، وأن مادة الكركومين التي يحتوي عليها الكاري تتمتع بمضادات للأكسدة ومواد مضادة للالتهاب.
ومن المعروف أن الذين يتناولون أدوية مضادة للالتهاب لفترة طويلة تقل لديهم مخاطر الإصابة بخرف الشيخوخة (الزهايمر) رغم أضرار هذه الأدوية على المعدة والكبد والكلى، مما يحد من وصفها لكبار السن.
وقد أظهرت مضادات الأكسدة مثل فيتامين (هـ) قدرة على حماية الخلايا العصبية في التجارب المعملية، لكنها بينت نجاحًا محدودًا في الحد من التدهور الإدراكي لدى المرضى الذين يعانون من حالات تتفاوت بين الخفيفة والمتوسطة.
وخلال الدراسة قارن الدكتور «تسي نج» من جامعة سنغافورة القومية وزملاؤه بين درجات اختبار الحالة العقلية لثلاث فئات من مستهلكي الكاري بانتظام تضم 1010 من آسيويين غير مصابين بالزهايمر تتراوح أعمارهم بين 60 و93 عامًا في عام 2003.. وكان معظمهم يستهلكون الكاري على الأقل (مرة كل ستة أشهر)و%43 منهم يأكلونه كثيرًا إلى كثير جدًا (بين شهريًا ويوميًا).. بينما قال 16 %إنهم لم يتناولونه مطلقًا أو يتناولونه نادرًا.
وبعد الأخذ في الاعتبار عوامل قد تؤثر على نتائج الاختبار وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يستهلكون الكاري «أحيانًا» و«كثيرًا إلى كثير جدًا» حققوا نتائج أفضل بصورة ملحوظة في اختبار الحالة العقلية مقارنة بالذين لم يتناولوا الكاري مطلقًا، أو يتناولونه نادرًا.. ولوحظ وجود أداء إدراكي أفضل.
كما أفادت نتائج دراسات أولية أخرى بأن بهارات الكاري قد تساعد في منع تقدم الحالة المرضية عند الأشخاص المصابين بتصلب الشرايين المتعدد، وذلك لأنها تتألف بشكل رئيس من الكركم الذي يحتوي على مركب كيميائي نشط يعرف باسم «كيوركيومين»، وهو المسؤول عن الآثار المضادة لذلك المرض الذي ينتج عن مهاجمة الجهاز المناعي في الجسم.
تناول الكاري أيضًا يخفف من الصداع، بل إنه أفضل من الإسبرين في التخلص من أوجاع الرأس، ويمكن أن يساعد على علاج مرض الشقيقة «الصداع النصفي» دون أي أعراض جانبية من التي تعرضنا لها الأدوية والإسبرين عند تناولها لفترة طويلة.. ويمنع بهار الكاري الإصابة بسرطان القولون، وفقًا لأحدث دراسة بريطانية، وذلك لاحتوائه على مضادات للأكسدة.
بل ويقول بعض الأطباء «كلما كان طعام الكاري أشد حرارة ازدادت فوائده» ويعتقد العلماء أن الكركم وهو المادة الصفراء التي تدخل في تركيبة الكاري هي التي توفر هذه الفوائد الصحية، وهو أيضًا ما له فوائد عدة لعلاج السكري الذي يصيب البالغين عادة، بل ويكافح أورام البروستاتا السرطانية.. وقد توصل علماء أميركيون إلى هذه النتيجة بعد أن استخدموا علاجًا مزدوجًا تمثل في تعزيز قدرة الإنسان على تنفيذ العمليات اللازمة لمكافحة الأورام الخبيثة من جهة، وتوظيف الكركم من جهة أخرى لتدمير أورام سرطان البروستاتا البشرية.
وعندما وجد آخرون من خلال دراسة إنجليزية حديثة أن الكاري يخلصك من ميكروبات الأنف، أفادت من خلالها بأن الإكثار من تناول التوابل، خاصةً الكاري، يساعد على التخلص من ميكروبات الأنف، وذلك لأن التوابل تعمل على الإكثار من إفراز السائل المخاطي في الأنف، الذي يعمل بطريقة مشابهة لفيتامين «ج»، مما يساعد في الحفاظ على بقاء الغشاء المخاطي صحياً، وهو أفضل الخطوط الدفاعية في جسم الإنسان.. وأوضحت الدراسة أن المادة الملونة في الكاري والمعروفة بالكركم، تستطيع أن تبطئ تراكم الصفيحات وإفرازاتها في الدماغ والتي تقود إلى مرض الزهايمر.
بهارات الكاري أيضًا تحمي من أمراض الكبد، وهو ما يعمل عليه العنصر النشط فيها فيمنع الإصابة بالأمراض الناتجة عن الكحول، لكنه في الوقت نفسه يبقى غير فعال في حال الإفراط في تعاطي المسكرات. وهذا ما أظهرته نتائج دراسة فنلندية وأميركية أجريت أخيراً، بأن العنصر النشط في الكاري يمنع الإصابة بأمراض الكبد المتسببة عن الكحول والمسكرات، بل ويوقف التغيرات المتسببة عن الإفراط في استهلاكها والذي يؤدي إلى تلف الكبد.
ويضيف هذا البحث المزيد من الفوائد لآثار الكركم الذي أثبت فعاليته كمضاد للأكسدة ومضاد للسرطان، إلا أن هذا لا يعني أن بإمكان الأشخاص الذين يأكلون الكاري تناول الكحول بأمان.. وأوضح الباحثون في مستشفى جامعة هلسنكي المركزي بفنلندا، أن مركب «كيوركيومين» يعوق نشاط جزيء مهم يعرف باسم «العامل النووي كابا» الذي يوجه سلسلة من الأحداث والتفاعلات المسؤولة عن الالتهاب وموت النسيج، ويتم تنشيطه بعدد من المؤثرات منها الإشعاع والصدمة الحرارية والسموم الداخلية التي تفرزها البكتيريا.
وقال الأطباء في المجلة الأميركية لفسيولوجيا الهضم والكبد، إن الإفراط في شرب الكحول يؤدي إلى ما يعرف بمتلازم الأمعاء التسربي، حيث تتسرب السموم البكتيرية الداخلية بطريقة ما من الأمعاء وتصل إلى الدم وتنتقل إلى الكبد الذي يعمل كمصفاة أو «filter» لتصفيتها وتثبيط نشاطها، إلا أن ذلك ينشط العامل النووي المسبب للالتهاب.
وهذه طريقة إعداد البهار المطلوبة :
المقادير:
-بهارات هندية تعطي النكهة الأصلية للأطباق الهندية .
- يمكن شرائها جاهزة أو عملها في المنزل .
الطريقة:
- ملعقة طعام مسحوق الكزبرة ( جلجلان )
- ملعقة شاي مسحوق الكمون
- ملعقة شاي مسحوق الكركم
- 2/1 ملعقة شاي فلفل حار أحمر
- 2/1 ملعقة شاي مسحوق زنجبيل
- 1/4 ملعقة شاي مسحوق الهيل [حبهان]
- تخلط جميع المقادير وتوضع في علبة محكمة الغطاء ..
ويمكنك حفظة لمدة ثلاثة أشهر .
:: منقول من عدة مصادر ::
|أدوات الموضوع||إبحث في الموضوع|
|انواع عرض الموضوع||تقييم هذا الموضوع|
| <urn:uuid:37411607-b89f-4072-950e-c5dd780c152f> | CC-MAIN-2013-48 | http://www.arabna.com/vb/showthread.php?t=145988 | 2013-12-12T14:16:14Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386164607702/warc/CC-MAIN-20131204134327-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.925079 | Arab | 9 | {"arb_Arab_score": 0.9250792264938354, "ary_Arab_score": 0.05021962150931358, "ars_Arab_score": 0.014532696455717087} |
مقدمة
حول الدورة الاستثنائية
تمثل الدورة الاستثنائية المعنية بالطفل اجتماعا غير مسبوق تكرسه الجمعية العامة للأمم المتحدة لأطفال ومراهقي العالم. وستجمع الدورة بين زعماء حكوميين ورؤساء دول وممثلي منظمات غير حكومية ومناصرين لقضايا الأطفال وحشد من صغار السن أنفسهم خلال الفترة من 8 الى 10 أيار/مايو 2002 في الأمم المتحدة بنيويورك.
وسيهيئ هذا التجمع فرصة عظيمة لتغيير الكيفية التي ينظر بها العالم إلى الأطفال ويعاملهم بها.
متابعة مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل لعام 1990
في عام 1990، وقع 71 من رؤساء الدول والحكومات وغيرهم من الزعماء، في مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل، على الإعلان العالمي لبقاء الطفل وحمايته ونمائه واعتمدوا خطة العمل لتحقيق مجموعة من الأهداف الدقيقة المحددة زمنيا. وشملت هذه الأهداف:
- تحسين ظروف معيشة الأطفال وفرص بقائهم عن طريق زيادة إمكانية استفادة النساء والأطفال من الخدمات الصحية.
- الحد من انتشار الأمراض التي
-
تهيئة مزيد من الفرص لتلقي التعليم
- توفير مرافق أفضل للصرف الصحي وزيادة إمدادات الأغذية؛ وحماية الأطفال المعرضين للخطر
ولقد ساعد الالتزام بتحقيق أهداف مؤتمر القمة العالمي على نقل الأطفال وحقوق الطفل إلى موقع متقدم في جدول الأعمال العالمي. وتشكل الدورة الاستثنائية متابعة مهمة لمؤتمر القمة العالمي لعام 1990.
وفي عام 1989، أي قبل عام من انعقاد القمة، تم اعتماد اتفاقية حقوق الطفل. وهذه الاتفاقية هي اليوم الاتفاقية التي حصلت على أكثر تصديقات في تاريخ معاهدات حقوق الإنسان (191 بلدا من مجموع 193) مما يؤكد التزام الدول الأطراف والمجتمع الدولي باحترام حقوق الأطفال والوفاء بها وتشجيعها وحمايتها.
وعلاوة على ذلك تم اعتماد بروتوكولين إضافيين لاتفاقية حقوق الطفل من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 أيار/مايو 2000. وهما
البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في الصراعات المسلحة
البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال وبغاء الأطفال والمواد الإباحية عن الأطفال
ولا بد من أن تصادق الدول على البروتوكولين قبل أن يدخلا حيز النفاذ. وهو نفس الإجراء المتبع في اتفاقية حقوق الطفل. والحكومات مدعوة إلى توقيع هاتين الوثيقتين في أقرب وقت ممكن. واتفاقية حقوق الطفل ومعها الإعلان وخطة العمل الصادران عن مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل تُحدد رؤية لما أطلق عليه "الأولوية للأطفال".
ما الذي تأمل الدورة الاستثنائية المعنية بالطفل في تحقيقه؟
- استعراض التقدم الذي تم إحرازه من أجل الطفل في السنوات العشر التي أعقبت مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل لعام 1990وصدور الإعلان وخطة العمل العالميين.ويتضمن استعراض نهاية العقد عمليات تحليل وطنية وإقليمية وعالمية. وهو يبين الإنجازات والمعوقات التي شهدها العقد الماضي. كما يحدد الدروس المستفادة التي سيستنير بها زعماء العالم وهم يضعون الخطط للأعمال المقبلة من أجل الطفل.
- تجديد الالتزام باتخاذ إجراءات محددة في العقد المقبل والتعهد باتخاذ تلك الإجراءات. وسيستطلع زعماء العالم التحديات التي تعترض منذ وقت طويل سبيل خدمة الأطفال وحمايتهم، فضلا عن المسائل الناشئة في ذلك العالم الذي يتغير بسرعة. وسيُطلب منهم التوصل إلى حلول استراتيجية للمشاكل التي تواجه الأطفال والالتزام بتخصيص الموارد البشرية والاقتصادية الحيوية التي ستدعو الحاجة إليها.
النتائج المتوقعة للدورة الاستثنائية
من المتوقع أن يَصدُر عن الدورة الاستثنائية جدول أعمال عالمي به مجموعة من الأهداف وخطة عمل ومكرس لضمان تحقيق نتائج أساسية ثلاث:
- أن يبدأ جميع الأطفال حياتهم أفضل بداية ممكنة.
- توفير التعليم الأساسي الجيد النوعية لجميع الأطفال
- تهيئة الفرص لجميع الأطفال، ولا سيما المراهقين، للمشاركة المجدية في مجتمعاتهم.
شراكات من أجل التغيير
أطفالنا أغلى من أن يُتركوا للضياع. يجب أن لا يضيع أي منهم، ولا أي من أيامهم. لقد آن الأوان منذ زمن طويل لأن نعمل من أجل الأطفال.
نيلسون مانديلا وغراسا ماشيل
يقوم نيلسون مانديلا، الحائز على جائزة نوبل للسلام، وغراسا ماشيل، الخبيرة بشؤون الأطفال في الصراع المسلح، بالعمل مع اليونيسيف من أجل حشد دعم واسع لتغيير العالم من أجل الأطفال.
وهم يقومون معا بتوجيه نداءات إلى زعماء الحكومات والمجتمع المدني، والقطاع الخاص من أجل تشكيل حركة عالمية للعمل على إنهاء التمييز ضد الأطفال والمراهقين.
أما آمالهم فهي:
- إقناع الزعماء بضرورة العمل.
- إلهام الرأي العام وتأمين مشاركتهم.
- إسماع صوت الشباب على نطاق عالمي.
ومن هنا ستقوم بحمل هذه الرسالة إلى العالم الحركة العالمية من أجل الطفل. وستعمل الحركة العالمية على أن يكون لجميع العاملين في العالم من أجل تحسين حياة الأطفال صوت واحد مسموع.
وتهدف الشراكة التي تتكون في الدورة الاستثنائية إلى تغيير العالم من أجل مصلحة الأطفال وكفالة أن يضمن لكل طفل، بدون استثناء، الحق في الكرامة والأمان وتحقيق الذات. | <urn:uuid:89838e3e-54ab-46e0-9b7f-540a07655d9d> | CC-MAIN-2013-48 | http://www.un.org/arabic/ga/children/about.htm | 2013-12-12T14:04:37Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386164607702/warc/CC-MAIN-20131204134327-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.998983 | Arab | 8 | {"arb_Arab_score": 0.9989825487136841} |
امراض الرئة و الجهاز التنفسي تعتبر من أكثر الامراض و الحالات الصحية انتشارا على مستوى العالم. حيث يعاني عشرات الملايين من الناس في أنحاء العالم من الأمراض التي تصيب الرئة و الجهاز التنفسي. التدخين و العدوى و الالتهابات و الجينات الوراثية جميعها تعتبر المسؤولة الرئيسية عن معظم حالات أمراض الرئة. و الرئتين عبارة عن جزء من جهاز معقد، و هي تقوم بالانتفاخ (أو التوسع) و الإرتخاء آلاف المرات يوميا لادخال الأكسجين و طرد ثاني أكسيد الكربون من الجسم. يمكن أن تنجم أمراض الرئة أيضا عن أي خلل أو مشكلة في أي جزء من هذا النظام المعقد. نقدم هنا نظرة شاملة عن امراض الرئة و الجهاز التنفسي واعراضها.
امراض الرئة التي تصيب المجاري التنفسية
القصبة الهوائية هي مجرى الهواء الرئيسي في الجهاز التنفسي، و هي تتفرع إلى انبوبان أو مجريان هوائيان يُسمى كل منهما قُصيبة هوائية، و كل واحدة من القُصيبات الهوائية تتفرع بدورها إلى مجاري هوائية أصغر و التي تتفرع و تصغر تدريجيا لتتغلغل و تنتشر في جميع أنحاء الرئتين. الأمراض التي تُصيب المجاري الهوائية تشمل ما يلي:
- مرض الربو: تكون المجاري التنفسية عند الاصابة بمرض الربو ملتهبة بشكل متكرر و مستمر، و ربما تتشنج في بعض الأحيان، مما يسبب صوت صفير و ضيق في التنفس. يمكن أن تكون مثيرات الحساسية مثل حبوب اللقاح، و الاصابة بالالتهابات، و التلوث في الجو من اسباب الاصابة و تفعيل نوبات اعراض الربو.
- مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD): هو عبارة عن حالة صحية تصيب المجاري التنفسية في الرئة و يتميز بعدم القدرة على الزفير بشكل طبيعي، الأمر الذي يسبب صعوبة في التنفس.
- التهاب الشعب الهوائية المزمن: هو عبارة عن شكل من أشكال مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) و الذي يتميز بسعال مخاطي مزمن.
- انتفاخ الرئة: إن التلف الذي يحصل في الرئة نتيجة مرض الانسداد الرئوي المزمن يؤدي إلى حبس الهواء داخل الرئتين. يتميز هذا المرض بصعوبة إخراج و نفخ الهواء خارج الرئتين أثناء الزفير.
- التهاب الشعب الهوائية الحاد: هو عبارة عن عدوى مفاجئة تصيب الشعب الهوائية في الرئتين، و تكون الفيروسات سببها في العادة.
- التليف الكيسي: هي عبارة عن حالة وراثية تؤدي إلى ضعف تنظيف المجاري التنفسية من المخاط. و يؤدي تراكم المخاط إلى الاصابة بالتهابات الرئة المتكررة.
امراض الرئة التي تؤثر على الاكياس (الحويصلات) الهوائية
تتفرع المجاري التنفسية في النهاية إلى أنابيب دقيقة تُسمى الشُّعيبات الهوائية و التي تنتهي عند تجمع أو تكتل من الاكياس التي تُسمى الحويصلات الهوائية. هذه الحويصلات الهوائية تُشكل معظم أنسجة الرئة و يتم فيها التبادل الفعلي للاكسجين مع ثاني أكسيد الكربون. أمراض الرئة التي تُصيب الحويصلات الهوائية تشمل ما يلي:
- الالتهاب الرئوي (نيومونيا Pneumonia): و هو عبارة عن التهاب عدوى تصيب الحويصلات الهوائية، و يكون سببها عادة البكتيريا.
- السل أو الدرن: هو عبارة عن حالة من الالتهاب الرئوي (النيومونيا) و التي تتطور و تنتشر ببطء تدريجي و يكون سببها البكتيريا المتفطرة السلية.
- انتفاخ الرئة الذي ينتج عن الأضرار التي لحقت بالوصلات الهشة التي تربط بين الحويصلات الهوائية. يعتبر التدخين السبب الرئيسي لذلك. (يؤدي انتفاخ الرئة ايضا إلى الحد من تدفق الهواء في الرئة، مما يؤثر على الشعب الهوائية كذلك).
- الوذمة الرئوية: في هذه الحالة يحدث تسرب للسوائل من الأوعية الدموية الصغيرة في الرئة إلى الحويصلات الهوائية و المنطقة المحيطة بها حيث تتجمع السوائل هناك. أحد أشكال هذا المرض ينتج عن حالة فشل القلب و الضغط الذي يحدثه ذلك داخل الأوعية الدموية في الرئتين. و شكل آخر من أشكل هذا المرض ينتج عن إصابة مباشرة في الرئة تؤدي إلى تسرب السوائل من الاوعية الدموية.
- سرطان الرئة: يوجد العديد من الانواع لسرطان الرئة، و يمكن أن يتطور هذا المرض في أي جزء من الرئتين. و في غالب الاحيان يحدث سرطان الرئة في داخل أو حول الحويصلات الهوائية التي تعتبر الجزء الرئيسي من الرئة. إن طرق علاج سرطان الرئة تعتمد على نوع السرطان و مكان حدوثه و مدى انتشاره، ويعتبر الاقلاع عن التدخين من أهم طرق وقاية الجهاز التنفسي من الاصابة بسرطان الرئة.
- متلازمة الضائقة التنفسية الحادة (ARDS): هذه الحالة عبارة عن اصابة حادة و مفاجئة للرئة تنتج عن مرض خطير. تحتاج هذه الحالة في العادة إلى عناية طبية مكثفة (عناية الانعاش) المصحوبة بوسائل التنفس الميكانيكية من أجل الحفاظ على المريض على قيد الحياة إلى أن تتعافى الرئتين و تعاود عملها.
- السحار أو تغبُّر الرئة: هي عبارة عن مجموعة من الحالات الصحية الناجمة عن استنشاق مادة تؤذي الرئتين. من الأمثلة على ذلك مرض الرئة السوداء الذي ينتج عن استنشاق غبار الفحم و دَاءُ الأَمْيَانت الذي ينتج عن استنشاق غبار مادة الاسبست أو الحرير الصخري. | <urn:uuid:71272985-047f-4004-b5ce-e5f6f3d6f41d> | CC-MAIN-2013-48 | http://www.al-3laj.com/%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%87%D8%A7.html | 2013-12-08T22:20:07Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386163824647/warc/CC-MAIN-20131204133024-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.908798 | Arab | 15 | {"arb_Arab_score": 0.9087976813316345, "ary_Arab_score": 0.0720462054014206} |
|بحوث - مقالات - تقارير - بحوث جاهزه - مقالات علمية - تعبير - معلومات تاريخية بحوث جاهزة ، بحوث العمليات ، بحوث علمية ، بحوث تربوية ، بحوث جامعية ، بحوث في علم النفس ، بحوث اجتماعية ، بحوث رياضيات ، مقالات مزخرفة ، مقالات علمية ، مقالات شات ، مقالات قصيرة ، مقالات اجتماعية ، مقالات رياضية ، اقوال شكسبير ، اقوال الحكماء ، اقوال وحكم ، اقوال الفلاسفه ، اقوال في الحب ، اقوال العظماء ، حكم وامثال ، حكم في الحب ، حكم قوية ، حكم رائعة ، حكم في الحياة ، حكم في الحب|
| ||LinkBack||أدوات الموضوع||انواع عرض الموضوع|
|04-03-2012, 09:54 AM||#1|
رئيس مجلس الادارة
موضوع عن الصبر ، بحث كامل عن الصبر ، تعبير عن الصبر ، مقال كامل عن الصبر على المصايب
موضوع عن الصبر ، بحث كامل عن الصبر ، تعبير عن الصبر ، مقال كامل عن الصبر على المصايب موضوع عن الصبر ، بحث كامل عن الصبر ، تعبير عن الصبر ، مقال كامل عن الصبر على المصايب موضوع عن الصبر ، بحث كامل عن الصبر ، تعبير عن الصبر ، مقال كامل عن الصبر على المصايب موضوع عن الصبر ، بحث كامل عن الصبر ، تعبير عن الصبر ، مقال كامل عن الصبر على المصايب موضوع عن الصبر ، بحث كامل عن الصبر ، تعبير عن الصبر ، مقال كامل عن الصبر على المصايب موضوع عن الصبر ، بحث كامل عن الصبر ، تعبير عن الصبر ، مقال كامل عن الصبر على المصايب موضوع عن الصبر ، بحث كامل عن الصبر ، تعبير عن الصبر ، مقال كامل عن الصبر على المصايب
بحث حول الصبر
يعتبر الصبر من أوضح المصطلحات والمفاهيم الإسلامية وأجلّها. وقد استخدم في النصوص الإسلامية في العديد من الموارد وطرح بأساليب وطرق تتناسب مع القضايا المختلفة بما تضمنه من أجر وثواب وإشارة إلى أهميته.
وعندما يطرح في الأحاديث، فمن الطبيعي أن يحرك المسلم ويبعث في نفسه الرغبة للتعرف إليه والسعي للاتصاف به.
وللأسف، فقد تعرض هذا المفهوم ـ كغيره من المفاهيم ـ للتحريف الذي ابتليت به أغلب المفاهيم الإسلامية، ويمكن القول بخصوص مفهوم الصبر أنه مسخ وحرف معناه، فانقلب رأساً على عقب.
الفهم الشائع والعامي للصبر
يعرَّف الصبر عادة بأنه تحمل الآلام والمرارات. وهذا التعريف والفهم يمتزج بالإبهام والغموض إلى حد كبير بحيث يسمح لكل من يريد، أن يوجهه إلى معانٍ مختلفة، بل متضادة. فإذا طُرح مفهوم الصبر في مجتمع ـ يعيش الظلم والقهر، ويخضع لأشكال الفساد والانحلال ـ بشكل خاطئ، يتحول إلى عامل مهم يستخدمه الظالمون والمفسدون للاستمرار في السيطرة والقمع، ويصبح عاملاً مساعداً للتخلف والركون وبقاء حالة الفساد والانحطاط. وعندما يطلب من شعب يعاني الفقر والحرمان والتخلف أن عليك الصبر، وهو غائص في مستنقع الضياع والانحراف أو غارق في المظالم التي تتسبب بها زمرة الظالمين عديمو الشرف والإنسانية، فإن أول ما يفهم من هذه الموعظة كإجراء عملي أن عليهم تحمل المرارات والآلام والظروف القاسية المهلكة التي تمارس وتفرض عليهم. وتكون النتيجة أيضاً أن هذا المجتمع ليس أنه لن يتحرك نحو الثورة ضد الأوضاع السيئة للتخلص والنجاة من هذا الظلام والضياع فحسب، بل سيتوهم ويمني نفسه بأنه مأجور ومثاب عند الله على هذا الصبر أيضاً وعليه، ينزوي ولا يبالي بما يحدث ولا يكترث بما يحصل حوله، ويعيش حالة من الرضا والسرور ويظن ذلك فوزاً عظيماً له.
ومن الواضح أنّ شيوع وانتشار مثل هذه الروحية في المجتمع سيعود بنفع كبير على الطبقات الظالمة التي تريد الحفاظ على امتيازاتها. ويبقى الضرر نصيب الطبقات المستضعفة المظلومة.
ومن المؤسف أنّ هذا الفهم الخاطئ المستلزم لهذه الآثار والنتائج في المجتمع، يطغى في عصرنا الحالي على المجتمعات الإسلامية. كما أن طرح أي معنى آخر للصبر ـ وإنْ كان مقبولاً ومنطقياً عند من لم يُسبق بالتعرف إلى هذا الموضع ـ يحتاج إلى الكثير من المقدمات والأدلة لأولئك الذين لم يتعرفوا إلى التعاليم والمعارف الإسلامية بشكل صحيح. وقد يكون البحث معهم في أغلب الأحيان لا طائل وراءه.
وإذا أردنا الاطلاع على الآيات والروايات التي تناولت مفهوم الصبر بشكل جامع وشمولي، فإننا سنتعجّب بعدها من هذا التحريف النبوي الذي قد وصل إلى درجات خطرة.
نظرة عامة على المصادر التي تطرح الصبر
إذا فهمنا معنى الصبر وتبيّن لنا وفق ما طرح ـ بوضوح ومن دون شائبة ـ في الآيات القرآنية والروايات المنقولة عن الأئمة (عليه السلام) سنصل إلى نتيجة تخالف كلياً ما هو رائج وشائع بين الناس. وعندما ننطلق من الرؤية القرآنية والروائية سنشاهد أن الصبر هو ذلك العمود الحديد الذي يقلب أكبر الصخور وأثقلها، ويقوم برفع الموانع والعواتق الكبرى، ويواجه المشكلات ويتجاوزها بكل سهولة محققاً النتائج الإيجابية تماماً.
وحينها سيكون مفتاحاً لكل أبواب السعادة والخير للمجتمع المظلوم والضال. كما كان من الممكن أن يكون مفتاح أبواب الشقاء والتعاسة للمجتمع بأسره. وبفهمه فهماً صحيحاً فإنه سيغدو المانع والرادع والمقلق لكل القوى الشريرة السيئة.
وللتعرف إلى مفهوم الصبر ومضمونه وميادينه التي يكون فيها الحل الوحيد المفيد والنافع، علينا الرجوع إلى القرآن وأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) والوقوف عليها والتدقيق فيها. فحينها يمكن إثبات المعنى الصحيح لهذا المفهوم. أما فيما يتعلق بالقرآن الكريم، فقد أتى على ذكر الصبر والصابرين في أكثر من سبعين آية بشكل مباشر وصريح مع مدح هذه الصفة والمتصفين بها، كما ذكرت الآثار والنتائج القريبة لها والمواقع التي تزيد وتكبر الأمل في الذين يتمسكون بها. ولكن، لن أتعرض في هذا البحث المختصر إلى الآيات القرآنية وشرحها، بل سأكتفي بالتدقيق في الروايات واستنباط المعاني والدلالات منها. وانتهاجي هذه الطريقة مردّه إلى أمرين.
الأول: إن الوقوف والتدقيق في الآيات القرآنية التي تناولت مفهوم الصبر يستلزم الدخول في بحث واسع ويحتاج إلى فرصة أوسع.
الثاني: اعتمادنا على الروايات يساهم في رفع النسيان والإهمال الذي تعرضت له أحاديث المعصومين حيث خلت الأبحاث والدراسات الإسلامية الأخيرة منها، ويبيّن كيفية الاستفادة من روايات الشيعة لأولئك الذين لم يطلعوا على الدور الوضّاء والهادي للحديث.
المفهوم الإجمالي للصبر
بناءً على مجموع الروايات التي وصلتنا، يمكننا أن نعرّف الصبر بهذا النحو: هو مقاومة الإنسان المتكامل (السالك طريق الكمال) للدوافع الشريرة المفسدة والمنحطة.
وكمثال على ذلك يمكننا أن نشبّه هذا الأمر بشخص يريد تسلق جبل. فأثناء تسلقه للوصول إلى القمم العليا يوجد موانع مصاعب، قسم منها يتعلق بهذا المتسلَّق وينبع من نفسه، والقسم الآخر يرجع إلى العوامل الخارجية، فيعملان معاً على الحد من حركته.
أما ما يرجع إلى الإنسان نفسه، فهو طلب الراحة والخوف أو اليأس من الوصول إلى الهدف، والأهواء المختلفة التي تعمل على منعه من الاستمرار في التسلّق والصعود، حيث تنخفض حرارة الاندفاع والبواعث بسبب استمرار تلك الأفكار والوساوس. أما فيما يرجع إلى العوامل الخارجية، فهناك الصخور الضخمة والذئاب والأشواك وقطاع الطرق وأمثالها. كل منها يهدد الإنسان ويمنعه من متابعة مسيرة. ومثل هذا الشخص الذي يواجه هذه المتاعب والمصاعب إمّا أن يقرر عدم مواصلة السير بسبب المخاطر والآلام والمشاق، وإما أن يصبح الأمر عنده معاكساً، حيث يزداد عزمه قوة وثباتاً، ويقرر أن يقاوم جميع الموانع الداخلية والخارجية، وبالاعتماد على عامل المثابرة والتحمل، يدفع هذه الموانع من طريقه ويواصل المسيرة.
هذا الثاني هو الذي يعني الصبر.
والإنسان في حقيقة حياته المحدودة في هذا العالم وفي الواقع، قد جُعل في طريق ـ يمتد من بداية حياته الدنيا وحتى وفاته ـ وليسلكه ويطويه نحو الوصول إلى أعلى منزل من منازل الإنسانية. ولأجل تحقق هذا الهدف، ولكي يقترب من هذا المنزل، خلق لأجله كل ما يعينه عليه. وكل هذه الوظائف الملقاة على عاتقه والتكاليف التي كلف بها تعد وسائل القرب والمراحل السير نحو الهدف المنشود. ولم يكن ذلك المجتمع الإسلامي، الذي يعد أول هدف للدين الإلهي والأنبياء العظام إلا لأجل بناء ذلك الإنسان الواصل وصناعته. فهم (صلوات الله عليهم) كانوا يريدون إيجاد المناخ المناسب لتمكين الإنسان من سلوك هذا الطريق بيسر للوصول إلى تلك الغاية.
إنّ هذه الغاية يمكن التعبير عنها بكلمات قليلة، فهي تعني ارتقاء الإنسان وتكامله وتفجّر ينابيع الاستعدادات والقابليات المودعة فيه. وهذا ما يعبّر عنه في ديننا أيضاً بتعبيرات مختلفة من قبيل "التخلّق بالأخلاق الإلهية، والقرب من الله و...".
وبالطبع يوجد في هذا الطريق، الذي هو طريق صعب مليء بالمتاعب، موانع وحواجز كثيرة، على الإنسان أن يقطعها ويجتازها. وإنّ كل مانع منها يكفي لوحده لإيقاف هذا المتسلِّق نحو قمّة الكمال والرقي ومنعه من متابعة سيره.
فمن جانب باطن الإنسان يوجد كل تلك الصفات والخصال السيئة والرذيلة، بالإضافة إلى العوامل الخارجية الدنيوية التي تجلب المتاعب والآلام وتعتبر مجموعة من الأشواك والعقبات في هذا الطريق.
الصبر هنا يعني مواجهة ومقاومة كل هذه الموانع بإرادة صلبة وعزم راسخ يضع كل هذه العقبات جانباً. وكما ذكرنا، فإنّ جميع التكاليف الإسلامية الفردي منها والاجتماعي تُعد وسائل ولوازم هذا الطريق للوصول إلى المقصد الإنساني. وبناءً عليه يكون كل واحد منها بذاته مقصداً وهدفاً قريباً ينبغي تحقيقه للوصول إلى الغاية النهائية. فالذي يريد السفر إلى مدينة بعيدة، فإن الأماكن التي تقع في مسيره، وكذلك إعداد اللوازم ومتطلبات السفر، هي بمثابة الأهداف والمقاصد القريبة التي ينبغي الوصول إليها كمقدمة نحو الهدف النهائي والأساسي. ففي نفس الوقت التي تعتبر تلك المقدمات وسيلة للوصول، هي أيضاً غاية ونتيجة لتحقيق مقدمات أخرى. وما أريد أن أصل إليه من هذا الكلام، هو أن الوصول إلى كل واحد من هذه الأهداف القريبة يتطلب شرطاً أساسياً أيضاً، وهو الصبر الذي يعد كالحربة الحادة القوية التي تمزق كل ما يمنع من الوصول إلى المطلوب. وكما أن على طريق الهدف النهائي يوجد موانع كثيرة، كذلك هناك موانع عديدة (داخلية وخارجية) تقف عائقاً أمام الأهداف القريبة وتشكل العقبة المواجهة لتطبيق كل واحد من التكاليف والوظائف الإسلامية.
ومن جملة العوامل المؤدية إلى الركود والخمود فيما ينبع من نفس الإنسان هناك الكسل وروحية القيام بما هو سهل فقط، وحب النفس والغرور، والحرص وحب الرئاسة والجاه، والتكاثر بالأموال والشهوات وغيرها من الصفات والخصال الخسيسة. ومما ينبع من العوامل الخارجية هناك الأجواء والبيئة المعيقة وغير المناسبة والمشاكل وتبعات بعض الأنظمة الاجتماعية الحاكمة. فكل واحدة من هذه العقبات تؤثر في منع الإنسان من أداء التكاليف الإلهية البناءة، سواء منها التكاليف الفردية كبعض العبادات أو التكاليف الاجتماعية كضرورة السعي لإعلاء كلمة الحق.
إن ما يبطل تأثير العوامل السلبية، ويضمن القيام بكل التكاليف الإلهية واستمرار السير على الطريق الصحيح، هو المقاومة الإنسانية، أو مواجهة الإنسان للموانع المذكورة. هذه المقاومة أو المواجهة هي التي تعني الصبر.
موقع الصبر وأهميته في الروايات
عند الرجوع إلى بعض الأحاديث التي تدور حول الصبر نجدها تحكي وتدل على أهمية الصبر في الإسلام والشرائع الإلهية كافة، حيث يمكننا أن نلخص التعبير عن هذه الأهمية بهذه الجملة وهي أنه كان وصية جميع الأنبياء والأولياء والقادة الحقيقيين لأتباعهم وخلفائهم وكل من يسير على دربهم.
إذا أخذنا بعين الاعتبار حالة الأب الرحيم والمعلم الشفيق الذي أمضى عمره في السعي والجهاد متحملاً لكل الآلام في سبيل تحقيق الهدف الذي يصبو إليه، نرى أنّه في اللحظة التي يودع فيها هذه الحياة الدنيا، وعندما تصبح يده عاجزة عن متابعة العمل والسعي وبذل الجهد للوصول إلى الهدف الذي صرف عمره من أجله، فإنه يعهد إلى وارثه لأجل المضي به وإكمال المسير نحوه ويوصيه بما يمكّنه من بلوغ ذلك المقصد الأسمى.
فما هي هذه الوصية الأخيرة الذي ينطق بها إلى وارثه الذي أوكل إليه أمر هذه المهمة الخطرة؟
إنه لن يقول له إلا ما هو عصارة تجاربه كافة، وسيقدم له ثمرة سعيه العلمي والعملي، ساعياً لتبيين ذلك في جملة تختصر المطلوب، ضمن وصية تختزن بداخلها كل المعارف والإدراكات القيّمة لتتحول إلى هاد ومرشد دائم لذلك التلميذ الوارث، وكأن النقطة النهائية في حياة الأول تصبح نقطة بداية تكامل وارتقاء للتالي.
بعد هذه المقدمة نرى أن آخر وصية للأنبياء والأولياء والشهداء والصالحين وبناة المجتمع الإلهي السامي وآخر هدية فكرية قدموها لخلفائهم هي الوصية بالصبر.
وننتقل الآن إلى محطة نتوقف فيها عند حديثين مرويين عن أهل البيت (عليهم السلام) في موضع الصبر. الحديث الأول عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): "لمّا حضرت الوفاة أبي علياً بن الحسين ضمّني إلى صدره وقال: "يا بني، أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة ـ وبما ذكر أنّ أباه أوصاه ـ يا بني، اصبر على الحق وإن كان مرّاً"(1).
وفيما يتعلق براوي الحديث فهو أبو حمزة الثمالي من خواص الأتباع الخلّص لأهل البيت (عليهم السلام)، وكان من العناصر الأساسية في جبهة الدفاع عن التشيع. لذا ما نقله عن الإمام الباقر (عليه السلام) صحيح معتبر.
لقد خلَفَ الإمام الباقر (عليه السلام) أباه الإمام السجاد (عليه السلام) حاملاً أمانة الحفاظ على ميراثه ومتابعة طريقه ومشروعه. وكان وجوده (عليه السلام) استمراراً لوجود أبيه (عليه السلام) الذي كان بدوره استمراراً لوجود الإمام الحسين بن علي (عليه السلام). فكل واحد من أفراد سلسلة الإمامة كان يمثّل استمرار مشروع السابق له، وكانوا جميعاً استمراراً لوجود النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم). لقد كانوا جميعاً نوراً واحداً ونهجاً واحداً يرمون تحقيق هدف واحد.
وإذا عدنا إلى الحديث نجد من عبارة "يا بني، أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة" أن المشار إليه هو الإمام الحسين (عليه السلام) الذي نعلم جميعاً أين كان وبأية حالة، حين حضرته الوفاة.
ففي تلك الأجواء الشديدة ليوم عاشوراء ووسط بحر الآلام والمصائب وفي هذه الظروف الدموية التي خيمت على كربلاء، والأعداء يحاصرون معسكر الإمام الحسين (عليه السلام)، نجده يستفيد من فرصة صغيرة قبل أن يحمل حملته الأخيرة على معسكر الأعداء، فيرجع من ساحة القتال إلى معسكره ويعقد لقاءاً قصيراً مع أفراد أسرته الذي من المفترض أن يواصلوا ثورته ويتابعوا نهضته، ويتحدث من ولده وخليفته علي بن الحسين (عليه السلام) لمدة قصيرة، لكنّها مهمة جداً ومليئة بالفائدة، وهذا ما يُعبّر الناس عنه بالوداع الأخير. والإمام ـ كما ينبغي أن نعلم ـ معصوم لا يقع تحت تأثير العواطف إلى درجة أن يضيّع هذه الفرصة الأخيرة من حياته بكلام غير مهم مقتصراً في وصيته على المسائل الشخصية أو العاطفية. فهذا لا ينسجم مع الوصايا التي وردتنا من الأئمة العظام (عليه السلام) ولا يشبهها!!
والإمام المعصوم (عليه السلام) يعلم أنّ في هذه الساعات الحساسة الباقية من عمره، ينبغي أن يودع هذه الأمانة التي سعى جاهداً من بداية إمامته لحفظها، متحملاً كلّ الآلام والمصائب العظمى، كما فعل مؤسس الثورة الإسلامية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) والإمام الحسن (عليه السلام) من قبله. ولهذا، عليه أن يعهد بهذا الحمل إلى شخص يأتي من بعده ذي قوة متين ثابت القدم ليخلفه. فنراه يأتي إليه ليوصيه بأهم وصية، تساعده على حمل وحفظ هذه الأمانة. ماذا كانت تلك الوصية المهمة والنفيسة؟!
نجد الإمام علياً بن الحسين (عليه السلام) ـ الذي، وإن لم تكن حالة شهادته كشهادة أبيه الحسين (عليه السلام)، إلاّ أنّه كان يعيش في ظروف مشابهة ـ يكشف النقاب عن تلك الوصية التي أوصاه بها أبوه (عليه السلام) ويعيدها على مسامع ولده الإمام الباقر (عليه السلام) كوصية أخيرة له. ويذكر ضمن ذلك أن هذه الوصية قد نقلها أبوه (عليه السلام) عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام). هذه الوصية التي انتقلت عبر السلسلة الطاهرة للإمامة، وكان كلّ إمام يوصي بها الإمام الذي بعده، هي الصبر: "يا بني، اصبر على الحق وإن كان مرّاً".
إنها تطلب منه أن لا يتردد أثناء سلوك طريق الحق، ولا يعير اهتماماً للموانع والعقبات. وإذا تم تشخيص العمل المطلوب في هذا الطريق فلا يرفع يده عنه، طالبة منه التحمّل والاستمرار.. ومن الواضح في ساحة المواجهة بين الحق والباطل أنّه لا وجود للراحة واللذة والعيش الهنيء، وإنّما المحن والبلاءات والمصاعب "وإن كان مُرّاً". هذه هي الوصية التي انتقلت من إمام إلى آخر. وشاهدنا كيف كان الأئمة (عليهم السلام) يعملون بها ثابتين عليها حتى آخر لحظات حياتهم، متقبّلين لكلّ العواقب التي تحملها إليهم، وكانوا حقاً مصداقاً بارزاً لهذا البيت الشعري الجميل:
سأصبر حتى يعلم الصبر أنني صبرت على شيء أمرّ من الصبر
وإذ تبيّن لنا من كلّ ما ذكرناه في الحديث الأول، أهمّية الصبر وموقعه في التعاليم الإلهية كجوهر نفيس وميراث غال طبّقه الأئمة (عليه السلام) طوال حياتهم، ننتقل إلى الحديث الثاني المروري عن أهل البيت (عليهم السلام) وقد ورد في كتاب فقه الرضا (عليه السلام) هكذا: "نروي أنّ في وصايا الأنبياء صلوات الله عليهم اصبروا على الحق وإن كان مّراً".
وهنا يبدأ الإمام حديثه بقوله "نروي"، وهذا يدل على أنّه ميراث نُقل لأهل البيت (عليهم السلام)، وهم قد سمعوه من آبائهم وأسلافهم، وهم ينقلونه بدورهم ويوصون به غيرهم. وجملة "أنّ في وصايا الأنبياء" تعني أنّ وصية الأنبياء (عليهم السلام) لورثتهم وأتباعهم وحملة أمانتهم وإلى تلاميذ مدرسة الوحي هو هذا الدرس: "اصبروا على الحق وإن كان مُرّاً". وهي عين الجملة التي نقلها أتباع الأئمة المعصومين (عليهم السلام) دون زيادة أو نقصان. ولعل هذه الجملة هي أقصر ما دل على أهمية الصبر، وفي نفس الوقت لها مغزى ودلالة كبيرة تفوق غيرها.
وبعد هذا الاستعراض لأهمّية الصبر، ننتقل للتعرّف إلى موقع هذه الخصلة النفسية ودورها داخل مجموع المعارف الدينية بحيث إنها استحوذت على هذا القدر من الاهتمام عند أولياء هذا الدين وأئمته.
موقع الصبر داخل التعاليم الإسلامية
قبل الدخول مباشرة في الحديث عن موقع هذا المفهوم، أريد أن أبيّن المقصود من "الموقع" داخل المفاهيم والتعاليم الدينية.
أول شيء هو أنّ الدين يمثل مجموعة المعارف والأحكام الحقوقية والأخلاقية. وهو يقوم على أسس فكرية يعبّر عنها بالرؤية الكونية التي يحملها عن العالم والإنسان. كذلك يتضمّن الأصول العملية التي تنبع من تلك الرؤية، وتبيّن طريقة تعامل الإنسان وسلوكه (الأيديولوجية العملية). ثم يحدّد العلاقات الضرورية للإنسان، أي علاقته بالله وبنفسه وبغيره من البشر، وبالموجودات الأخرى في إطار تلك الأصول العملية، ويتضمّن وفق ذلك، مجموعة من الأوامر والتعاليم الأخلاقية التي تؤدّي إلى التكامل الواقعي على أساس السعي والجدّ، وذلك للنجاح في المجالات المختلفة للحياة الإنسانية المحتاجة في مسيرتها التكاملية إلى مثل هذه الأوامر والتعاليم. ولاشكّ أنّه في مثل هذا المذهب الاجتماعي توجد مسائل فردية (أي ما يرتبط بشكل مباشر بمصالح الفرد الشخصية)، وقضايا اجتماعية ترتبط بالجماعة البشرية وجماعة المسلمين.
وإذا رجعنا إلى نقطة البحث الأساسية، نسأل: ما هو دور الصبر وأثره ضمن هذه المجموعة من المعارف والمقررات التي تشكل الدين؟ وبعبارة أخرى، ما هو دور الصبر في تكوين الإنسان الذي آمن بالدين، بمعنى ما يجب الاعتقاد فيه من أصول وعقائد، والتزام بمقرراته وتعاليمه في العمل، وامتلاك الخصائص الأخلاقية التي دعا إليها هذا الدين؟
في الأشكال الهندسية ـ مثلاً ـ نجد أن للأضلاع والزوايا والانحرافات تأثيراً أساسياً في الشكل والتكوين. فما هو موقع الصبر وتأثيره في الشكل الهندسي للإيمان. وكمثال نقدُمه، إذا أخذنا حافلة نقل الركّاب التي صنعت لهذا الغرض، فهذه الحافلة إنّما تقطع المسافات الطويلة وتوصل الركّاب مع حوائجهم إلى المكان المطلوب بأمان لأنّ فيها وسيلة أساسية وهي المحرك. وهذا المحرك يحصل على قوة الدفع من خلال الوقود. فإذا جئنا إلى الصبر، يمكننا أن نعتبره محركاً لطائرة التكامل التي هي في موضعنا الدين الإلهي، أو الوقود الذي يدفع هذا المحرك.
فلو لم يكن الصبر موجوداً، لم يكن بالإمكان فهم منطق الدين الحق والسامي، ولما حازت معارفه التي تمثّل أرقى المعارف الإنسانية في العالم على موقعها هذا. كما أنّه من دون الصبر، لن يبقى الأمل وانتظار ذلك اليوم الذي ينتصر فيه هذا الدين، ولفقد المؤمنون به الثبات والقوة اللازمة. ولتوقف العمل بالتعاليم الدينية التي لا تريدها الغرائز البشرية الطاغية. وإذا فُقد الصبر يصبح الحديث عن الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الدين كلاماً لا معنى له. وهذا الاجتماع العالمي الذي هو الحج حيث يلتقي الناس من الأماكن البعيدة فإنّه سيتحول إلى مكان ساكن وخال، والحناجر المناجية في ظلمات الليالي ستخمد، وتفقد ساحة جهاد النفس بريقها وتنكمش عروق الحياة الاقتصادية في المجتمع الإسلامي حيث يبتعد الناس عن الإنفاق في سبيل الله. فلولا وجود الصبر، لكانت كل القيم العملية والأخلاقية للإسلام كالتقوى والأمانة والصدق والورع تودع في عالم النسيان. وخلاصة ما نريد ذكره أنه بدون شيء اسمه الصبر في الثقافة الإسلامية لبقي كل شخص بعيداً عن الإنسانية والدين اللذين يتطلبان السعي والعمل وبذل الجهد، وهي أمور لا تتحقق من دون شرط أساسي، هو الصبر. فالدين هو العمل، والعمل بالصبر. وإنما ينفخ في تلك التعاليم والمقررات الدينية الروح والقوة ويجعل قطارها يتحرّك إنما هو الصبر.
وبالبيان الذي تقدّم، نستطيع أن نفهم مغزى ومفاد هذا الإلهام الإلهي الذي وصلنا عبر الأئمة المعصومين (عليهم السلام) ـ باختلاف يسير في بعض الألفاظ من راوٍ إلى آخر ـ "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد"(2). فالرأس له خصوصية بالنسبة للجسد في أنّه أساس وعماد الحياة، ومن دونه لا يبقى أيّ معنى للجسد ـ بينما إذا فقد الجسد أيّ عضو آخر من أعضائه الظاهرية كاليد والرجل و... فإنّه يبقى حياً. لكن الرأس الذي هو مركز القيادة والأوامر للأعصاب إذا فُقد وأُصيب بشلل تُصاب كلّ أعضاء البدن الأخرى بالشلل. ومن الممكن أن تبقى هذه الأعضاء حيّة ولكن لن تقدر على القيام بأيّ عمل أو تأثير. وعندها لن يكون هناك أيّ فارق بين حياتها وموتها. نحن نرى الأهميّة الكبرى للأدوار التي تؤديه الأعضاء كالعين اليد والرجل.. وهذا ما نلمسه بشكل واضح، ولكن كل ذلك إنّما هو بفضل وجود الرأس.. وهكذا الأمر بالنسبة للصبر.
فعندما يُفقد الصبر، لن يبقى التوحيد ثابتاً، وكذلك النبوة وبعثة الأنبياء، فإنها لن تُحقق ما تصبو إليه، ولن تتمكن من تأسيس وبناء المجتمع الإلهي الإسلامي، واستعادة حقوق المستضعفين. بل إنّ الصلاة والصيام وسائر العبادات ستفقد الأساس والقاعدة التي تحتاجها. وعليه نجد أنّ الصبر يهب تلك الاعتقادات والغايات الدينية والإنسانية روح التحقق. ولو لم يثبت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بداية البعثة على القول الحق، ولو لم يقف ثابتاً في مواجهة تلك الموانع والصعاب التي وقفت سداً أمام الإسلام، فمن المعلوم أن الإسلام لم يكن ليتجاوز أربعة جدران، أي بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه. أما شعار "لا إله إلا الله" فكان مصيره الزوال والانحسار.
إن الشيء الذي حفظ الإسلام هو الصبر. ولو لم يصبر أولياء الله وأنبياؤه العظام لم يكن ليصلنا أي شيء عن التوحيد. فالعامل الذي صان النداء الإلهي، وجعل حبل التوحيد متماسكاً وثيقاً، والذي سيحفظه إلى يوم القيامة أيضاً هو صبر حملة رايات هذا الفكر.
فإذا لم تترافق المعتقدات والآمال البشرية مع صبر المعتقدين والمنادين بها، فإنّها لن تتجاوز اللسان، وتزول على أثر تلاطم أمواج حوادث التاريخ. وهكذا يتضح مفهوم "الصَبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد". وقد أشار أمير المؤمنين "عليه السلام" إلى ذلك في خطبته القاصعة في تحليله لثورة المستضعفين وانتصارهم على الطغاة، فيقول:
"حتى إذا رأى الله جد الصبر منهم على الأذى في محبته، والاحتمال للمكروه من خوفه، جعل لهم من مضائق البلاء فرجاً، فأبدلهم العزّ مكان الذلّ، والأمن مكان الخوف. فصاروا ملوكاً حكماً، وأئمة أعلاماً، وبلغت الكرامة من الله لهم ما لم تبلغ الآمال إليه بهم"(3).
هذه سنّة تاريخية وخالدة إلى الأبد، على هذا النحو. والصبر سيبقى على هذا الأساس سرّ ورمز تحقق المعتقدات الفردية والاجتماعية للدين في أهدافه القريبة والبعيدة.
مواطن الصبر
من خلال تفسير الصبر والذي اختصرناه بهذه الجملة القائلة بأنّه المقاومة لكل العلل والعوامل الموجودة للشر والفساد والانحطاط، يمكننا أن نمدد دائرة الصبر والمواطن التي تتطلب التحلي والتمسك بها. ومن الواضح في القرآن والأحاديث الشريفة أنّ الصابر المتمسك بالصبر قد وُعد بأجر عظيم في الدنيا والآخرة. ومن جهة أخرى لاشكّ بأنّ الذين يقفون مقابل حمَلة نداء الحق والعدل من الأبطال طليعة جيش الإسلام، والذين يلوثون أنفسهم في طاعة أربابهم النفعيين في ساحة هذه المعركة، والذين يحاربون دعوة الحق من أجل تحصيل المال والزاد والجاه، والذين يصدون عن الحق ويعارضونه انطلاقاً من أهوائهم، إنّ كلّ هؤلاء يشتركون مع الصّابرين على طريق الحق باسم ولفظ الصبر. هؤلاء قد يطلق عليهم لفظ الصابرين، ولكنهم بعيدون كلَّ البعد عن معنى الصبر. لأنّ كفاحهم وتحملّهم، لا يصبّ في طريق تكامل الإنسان، بل على العكس من ذلك، إنّهم لا يواجهون الأمور الباعثة على الشر والفساد والانحطاط، بل يقفون مقابل تجلّيات وإشراقات التكامل والسمو الإنساني ـ لذا فهم خارج دائرة مفهوم الصبر بالاصطلاح القرآن والروائي. لأنّ ميدان ومواطن الصبر الواقعي الحقيقي هو ميدان تكامل الإنسان.
فهناك، حيث الهدف الحقيقي لخلق الإنسان، والمقصد النهائي للإنسانية، وصيرورة المخلوق عبداً حقيقياً لله، وظهور الطاقات والاستعدادات الكامنة من خلال التحرّك والسعي، هناك يتجلى معنى الصبر وموطنه، حيث ينبغي المقاومة والثبات مقابل الدوافع والعوامل المانعة من هذا السعي والتحرّك. تلك العوامل الذاتية أو الخارجية التي تعرضنا لذكرها، والتي غالباً ما تترافق في تأثيرها وتكون مصداقاً لمكائد الشيطان. وعندما نريد أن نسلك الجادة الخطرة لأداء التكليف الشرعية، ونتعرّض للمضايقات والموانع المختلفة، كالموانع السلبية والموانع الإيجابية وغير المباشرة، كما في مثال المتسلِّق السابق، فإنَّه أثناء تسلّقه قد تكون مشاهدة المناظر الخلابة أو رفقة صاحب موسوس سبباً في إلقاء الحمل على الأرض، وتبدّل العزم على الصعود إلى الخمود والإخلاد إلى ذلك المكان الجميل. وأحياناً أخرى يكون المرض أو الانشغال بمريض أو تذكر أمور محزنة ومؤملة، باعثاً على فتور العزيمة وعدم مواصلة السير. وهذا الأخير مانع من نوع آخر وهو غير مباشر.
هذه الأنواع الثلاثة من الموانع تقف على طريق تكامل الإنسان. فإذا اعتبرنا أن الواجبات الدينية وسائل هذا المسير، والمحرمات هي حركة انحرافية فيه، وأن الحوادث المرة والمؤلمة في الحياة تؤدّي إلى عدم الاستقرار النفسي وفتور العزيمة، يمكن أن نقسّم الموانع عندئذٍ على هذا النحو:
أ ـ العوالم المانعة التي تؤدّي إلى ترك الواجبات.
ب ـ العوامل التي تدفع نحو فعل المحرمات وارتكاب الذنوب.
ج ـ والعوامل التي تجلب حالة عدم الاستقرار وعدم الثبات الروحي.
أمّا الصبر، فإنّه يعني المقاومة وعدم الاستسلام في مواجهة هذه العوامل الثلاثة، التي لاشكّ بأنّها تقف وراء الفساد والشر والسقوط. وبهذا التوضيح يمكننا أن ندرك عمق هذا الحديث الذي ينقله أمير المؤمنين (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
"الصبر ثلاثة: صبر عند المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية".
وفي كل مورد من هذه الموارد الثلاثة، عندما تحدث الأمور والحوادث المؤلمة والمرّة في الحياة، وعندما يطلب من الإنسان القيام بتكليف ما، وعندما يدعوه أمر ما إلى ارتكاب معصية ما، فعندها يأتي دور ظهور قوة وبطولة الروح.
ولكي يتضح معنى هذا المصطلح الإسلامي بشكل كامل نأتي على شرح كل واحد من هذه الأمور الثلاثة:
الصبر على أداء التكليف
أمام كل تكليف أو واجب يوجد أنواع مختلفة من المصاعب والموانع. وهذا يعود إلى طبيعة الجهد المطلوب لأداء ذلك الواجب، وإلى روحية طلب الراحة في الإنسان.
فمن الواجبات والتكاليف الفردية الشائعة كالصلاة والصوم وما هو مطلوب كمقدمة لها، إلى الواجبات المالية والإنفاقات والحج والوظائف الاجتماعية المهمة والواجبات التي تتطلب بذل النفس والنفيس وترك زخارف الحياة، كل هذه الواجبات لا تنسجم مع طبع البشر، الذي وإن كان طلباً للرقي والكمال، إلاّ أنّه محب للراحة والسهولة.
وهذا الوضع موجود بالنسبة لجميع قوانين وأنظمة العالم سواء كانت سماوية أم وضعية، صحيحة أم سقيمة.
وفي الأصل، رغم أنّ القانون لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة للإنسان، وعلى هذا الأساس يقرّ به، لكنه بشكل عام لا يراه حلواً ولا يستسيغه. وحتى تلك القوانين الوضعية المتعارفة في العالم، والتي لها نتائج جلية وواضحة من الناحية الإيجابية، والكلّ يعلم عواقب مخالفتها ـ كقوانين السير ـ فإنها لا تخرج عن هذه القاعدة التي ذكرناها. ومع أنّ آلاف الحوادث الدامية والمأساوية تقع بسبب التساهل في مخالفة هذه القوانين، وعلى مرأى معظم الناس، لكننا قلما نجد سائقاً لا ينزعج من الوقوف عند الضوء الأحمر أو عندما يجد إشارة تمنعه من اختصار الطريق من خلال المرور في هذا الشارع. مثل هذا الوضع موجود بالنسبة للقوانين الآخرة أيضاً.
فالتكاليف الدينية ـ رغم أنها شُرّعت على أساس الفطرة الأصيلة للإنسان وطبق الحاجات الواقعية له، وهي وسيلة لتكامله ورقيّه ـ عندما تنزل إلى ساحة العمل تُقترن بالصعوبة والمتاعب بغض النظر عن حجمها.
الصلاة ـ مثلاً ـ التي لا تتطلب من الإنسان سوى بضع دقائق، بالإضافة إلى ترك المشاغل الضرورية أو غير الضرورية، وتحصيل المقدّمات الضرورية كاللباس والمكان.. كل هذه الأمور مخالفة للطبع والميول النفسانية. وفي أثناء الصلاة، فإنّ تحصيل حضور القلب والتوجّه إلى أفعالها وأذكارها، وطرد كل الخواطر والواردات وكل ما يشغل عن الله، وإقفال أبواب الروح على الأفكار الطارئة، هي بمثابة شروط لازمة لكمال الصلاة وتحقق آثارها. وهي لهذا عمل مليء بالمشقة يستلزم قوة ورأسمالاً كبيراً.
وإذا جئنا إلى الصوم، نجد أنه يتطلب أيضاً الامتناع عن الأكل والشرب لساعات عدة، مع مجاهدة شهوة الأكل، وعدم الاعتناء بمطالب البطن والفرج، وهذه أعمال صعبة، تحتاج إلى قوة مقاومة وتحمّل.
وعندما تتيبس الشفاه، وتعصر البطن الخالية في يوم صيفي حار، ينبغي امتلاك رأسمال كاف مع إرادة وعزم ـ وهكذا في الحجّ الذي يتضمّن عناء السفر والبعد عن الأهل والديار والالتحاق بمجموعة من الغرباء وصرف مبالغ من المال ـ كل هذه اللوازم ينبغي أن لا تترافق مع نية الرغبة بالسياحة أو التجارة. بل إنّ الهدف يكون "حج بيت الله" فقط. وهذا أمر صعب. وكذلك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله.
ولعلّنا لا نحتاج إلى إيضاح صعوبة ومتاعب هذه الفرائض. فالعقبات التي تقف في طريقها معلومة للجميع. إنّ إعلان كلمة الحق وإيصالها إلى أهل الباطل، والاستعداد لتحمّل كل المرارات والآلام عند مواجهة سلطان البغي الذي يشهر سيفه ويرفع سوطه، والوقوف في وجه الذئاب المفترسة التي يلمع من عيونها بريق السيوف الحادة الذي ينفذ إلى أعماق القلب، إنّ هذه المقاومة ليست بالأمر السهل سواء بالنسبة لأمّة أو فرد، بل هي من أشدّ الأعمال وأخطرها. هذا هو حال الواجبات والتكاليف الإسلامية. فهي ملازمة للمحن والمصاعب والآلام، رغم أنّها بحدّ ذاتها تتضمن المواد اللازمة والأكثر فائدة وضرورة لصلاح البشرية وسعادتها.
ولاشكّ أن الأمر سيكون بالنسبة للذين عرفوا الطريق الصحيح والمستقيم لذيذاً، لأنه في سبيل الله ونحو الهدف المقدس والسامي للإنسانية. فبالنسبة لهؤلاء تتحول كل المرارات والآلام إلى شيء عذب وقابل للتحمّل. فنفس الصلاة التي ذكرنا فيها تلك الشروط، هي لذيذة وحلوة عند أهل الله الذين تذوقوا حلاوتها واستعذبوها. لها نرى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما كان يحين موعد الصلاة يقول لبلال المؤذن: "أرحنا يا بلال". وهكذا في الجهاد في سبيل الله، فهو عند أصحاب القلوب القوية كأمير المؤمنين (عليه السلام)، يبعث فيهم النشاط والحيوية، ويرونه طريقاً للسعادة والثبات. وفي خطبة له (عليه السلام)، في نهج البلاغة يوضح أمير المؤمنين (عليه السلام) ملامح تلك الروحية العالية والمدهشة، فيقول:
"ولقد كنّا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا، ولا يزيدنا ذلك إلا إيماناً وتسليماً ومضياً على اللقم وصبراً على مضض الألم".
بعد هذا العرض، نطرح السؤال التالي وهو: ما الذي يجب فعله لمواجهة هذه المشقات والمصاعب الموجودة عند القيام بالتكاليف الدينية؟ فهل يمكن ترك الصلاة لأنّها صعبة، أو نترك تحصيل حضور القلب ومنع الواردات والخواطر لأنّه أمر صعب! وكذلك في سائر التكاليف من جهاد وحجّ وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وغيرها من التكاليف الاجتماعية التي تتلازم مع التعب والمشقة، فهل يصح أن نقف مكتوفي الأيدي أمام القلب للأهواء وطلب الراحة والسهولة؟
هنا يأتي جواب الإسلام قائلاً لا يصح ذلك بل يجب الصبر، الصبر على الطاعة. ويجب علينا أن نواجه تلك الوساوس التي تظهر أثناء الصلاة وتريد أن تخرج القلب عن حالة الحضور وتنسيه أنّه قائم في محراب العبادة، وعلينا أنّ نصبر على ذلك حتى نوصل الصلاة إلى كمالها وتُحقِّق ثمرتها.
وفي مقابل الأهواء الكثيرة والقوية التي تدفع الإنسان للإفطار أثناء صيام يوم طويل وحار من شهر رمضان، علينا بالصبر والمواجهة. وعندما ندخل إلى ساحة المواجهة مع العدو الذي يكشر عن أنياب العداء يريد أن يجرعنا كأس الموت الأحمر يجب أن نسارع، ونبتعد عن كلّ ما يذكرنا بلذات الدنيا وحلاوة الحياة والأبناء والأعزاء والمشاغل المادية والمصالح الخاصّة، وكلّ ما من شأنه إحداث التزلزل وضعف الإرادة. يجب علينا أن نبعد كل هذه العوامل المانعة للاستمرار والتقدم نحو تحقيق الانتصار.
عندما نقول يجب الصبر، يعني أن لا نسمح بتسلل الخوف إلى قلوبنا من جراء تهديد ورعيد الظالم الذي يؤدي إفساده وطغيانه إلى فساد الأمّة وانحطاطها، بل علينا أن نلقي من على سطح الصبر العالي سطل فضائحه وذلته.
عندما نقول يجب الصبر، أي يجب مواجهة إغواء الشيطان الذي يظهر بألف لون ولون لمنعنا من الإنفاق والعطاء، من خلال تذكيرنا بحاجاتنا الخاصة وإشغالنا بمصالحنا وحب التكاثر وجمع الأموال، وبالتالي لمنعنا من القيام لأداء وظائفنا المالية (كالخمس والزكاة والصدقة..)، وجعل إضاءة بيوتنا أولى من إشعال شمعة في المسجد.
علينا أن نقاوم، وأن تكون مقاومتنا بكل ما ينبغي علينا القيام به. ففي ساحة القتال يجب الصمود والثبات، وفي ميدان جهاد النفس ينبغي الاستقامة، وفي محل آخر يجب عدم الاعتناء بالفقر ووساوسه. هذه المقاومة هي الصبر. فالصبر ليس الاستسلام وتكبيل الأيدي وأسرها بالأحداث اليومية والغفلة عما يجري.
الصبر على الطاعة في حياة الأئمة (عليه السلام)
في الزيارات التي يزار بها الأئمة (عليه السلام) نجد أنّ من جملة الخصال الواردة التي يتم التركيز عليها هي الصبر "صبرتَ، احتسبت.."، نتوجه إلى الإمام قائلين إنك قد صبرت واحتسبت عند الله، ونهضت في سبيل الله، وحملت الأمانة مع وجود كل تلك المشقات والمصاعب وأدّيتها.. حقاً، لقد كانت مسؤولية هداية الناس وبيان الحقائق المكتوبة ومواجهة الطغاة ومحاربة الظلم والفساد مسؤولية مليئة بالمصاعب والآلام التي تحتاج إلى صبر ومقاومة.
وباليقين، لو كان صبر الإمام بأن يبقى حزيناً ومغموماً لما يرى من الأوضاع السيئة في زمانه، ويحترق قلبه لما يجري على الإسلام والمسلمين، وهو جليس البيت مع تجرع الآلام والغصّات، دون أن يتحرك لأجل القضاء على الفساد وتغيير الأوضاع القائمة وإصلاح المجتمع والنهوض به، لم يكن ليعد ذلك من جملة فضائله ومفاخره. لأنّ هذه الأمور يمكن أن تكون في أي شخص، وخصوصاً في الأفراد الضعفاء واللامسؤولين.
إن هذه الفضيلة إلى وردت في الزيارات. وهي خصلة بارزة في حياة الإمام (عليه السلام) والتي ينبغي أن تكون بالنسبة لنا درساً ملهماً، بحيث نكرره دائماً، هي الصبر على وظيفةٍ عَجِز الناس عن حملها وأدائها، هي الصبر على الطاعة وأداء التكليف.
نظرة إلى القرآن
إذا نظرنا إلى عشرات الآيات التي تتحدّث عن الصبر والصابرين، نجد أنّ الصبر على الطاعة يأتي ضمن أقسام الصبر. فقوله تعالى مثلاً: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مئة يغلبوا ألفاً بإذن الله}. في هذه الآية يرينا الله أن الصبر ليس هو إلا المقاومة والثبات في مواجهة العوامل الصعبة والشاقة التي تعترض المجاهد في ساحة الحرب والقتال لثنيه عن الاستمرار.
وهذا المعنى في الآية شديد الوضوح. أما والصّابرون الذين أشير إليهم في هذه الآية فهم الذين لا تمنعهم بوارق السيوف وتهديدات الأعداء من القيام بتكاليفهم، كما لا يمنعهم ذكر الأبناء والأحبة والحياة الهانئة والمريحة من الجهاد والقتال، ولا تتزلزل أقدامهم في هذه الطاعة. ونأتي إلى آية أخرى حيث يقول تعالى:
{ربَنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين}.
فذكر فيها تلك الفئة المؤمنة التي تتجه نحو ميدان القتال للقيام بواجبها، وقد أعدّت نفسها وتجهزت لمواجهة ذلك العدو القوي، طالبة من الله تعالى أن يهبها روح الثبات والمقاومة لمواجهة الموانع التي تقف حائلاً أمام الاستمرار، والوصول إلى الثمرة التي هي الانتصار. وهناك آيات عديدة في مجال الصبر على الطاعة يتطلب بحثها تفصيلاً ومجالاً أوسع.
الصبر عن المعصية
في كل إنسان يوجد ميول طبيعية ورغبات تدفعه للقيام بأعمال والامتناع عن أخرى.
وهي في الحقيقة سبب للاندفاع وبذل الجهاد في مراحل الحياة الإنسان كافة. وتسمى هذه الميول بالغريزية، التي من مصاديقها وأمثلتها محبة الأبناء وحب المال وطلب القدرة والميول الجنسية وعشرات الميول الأخرى. ولنرى الآن كيف حكم الإسلام على هذه الغرائز الإنسانية؟ وكيف حدد الأطر المناسبة لمواجهتها والتعامل معها؟ فهل يجب القضاء عليها وكبحها من خلال الرياضات الشاقة وبشكل كلي وتام؟! أم أنه لا يوجد أي تقييد، ولا يجب مراعاة أي شرط فيها، بل على الإنسان أن يستسلم لها لتأخذه حيث تريد؟!
في الجواب، نقول إن الإسلام لا يعتبر كلا الأسلوبين علاجاً سليماً وصحيحاً. فهو لا يغض النظر عن وجود هذه الغرائز البشرية، بل يعتبر أنها أمر واقعي لا ينبغي تجاهله، ويعتبرها مفيدة. لكنه من جهة أخرى يسد باب طغيانها وتعديها وانحرافها، وذلك من خلال سلسلة من الإجراءات الفعّالة ووضع حدود واقعية لها.
وفي الواقع، نجد أن أصل وجود الغرائز في الإنسان إنما كان وسيلة لاستمرار الحياة، والقيام بمتطلباتها الأساسية، كما أن طغيانها في المقابل وانحرافها يؤدي إلى القضاء على هذه الحياة ورقيّها. فإذا جئنا إلى غريزة حب النفس، نرى أنها لو لم تكن موجودة لما استمرت الحياة على الأرض (فبسببها يدافع الإنسان عن نفسه ويدفع عنها المخاطر والمهالك), ولكن طغيان هذه الغريزة وخروجها عن الحد المطلوب يؤدي إلى جعل هذه الحياة سلسلة من المتاعب والمصائب، حتى إن الأمر قد يصل أحياناً إلى استحالة العيش. وعلى هذا قِسْ جميع الغرائز الأخرى.. هنا يأتي دور الصبر عن المعصية، والذي هو أحد الأنواع الثلاثة للصبر. وهو مقاومة نيران وطغيان هذه الغرائز وانحرافاتها. ذلك لأن أساس المعاصي والذنوب هو هذا الطغيان والانحراف.
والإنسان يميل بشكل طبيعي نحو تأمين وسائل الحياة وحاجاتها الأساسية. ولأنها لا تتيسر عادة بدون المال والثروة، نراه يسعى إلى تحصيلها. وهذه إحدى مظاهر الغريزة الإنسانية. والإسلام الذي يمثل المدرسة الإنسانية، والطريق الذي ينبغي أن يسلكه الإنسان في الحياة، أقر هذه الحاجة. ولكن، لكي يتحقق النظام في المجتمع بشكل صحيح وضع مجموعة من المقررات والقوانين لتحصيل هذا الأمر الغريزي (تحصيل المال)، فهو لا يمنع مطلقاً من السعي وبذل الجهد لتأمين لحاجات العيش. مع ذلك، هناك موارد عديدة تخرج فيها هذه الغريزة عن حد الاعتدال، فيصبح جمع المال واكتنازه كمرض مزمن يتجذّر في نفس الإنسان، ويصير المال عندها هدفاً عزيزاً بدلاً من كونه وسيلة لتأمين الحاجات الأساسية، ويتحول إلى وسيلة لتحقيق المآرب اللاإنسانية وسبباً للتفاخر.
وكل هذا ممنوع ومرفوض في الرؤية الإسلامية. وهنا، يتدخل الإسلام ليقدم لأتباعه دستور الصبر، أي يأمرهم بالوقوف في وجه هذا الطغيان ومقاومة هذا الانحراف في الغريزة. فعند جموح غريزة حب المال على سبيل المثال، يتجه الإنسان إلى تعاطي الربا والاحتكار، وينجر نحو القيام بمعاملات أو تصرفات غير لائقة بحقه. والصبر هنا يعني مقاومة العوامل المؤدية إلى هذا الفساد وغيره. وإذا جئنا الآن إلى الميل الطبيعي في الإنسان نحو القدرة، نرى أنه لو فقد هذا الميل فإنه سيقبل بالذل والهوان والحقارة، ونحن على يقين بأن مثل هذا الإنسان منحرف الفطرة ومعوَّج في طبيعته. لهذا، جاء الإسلام ـ بالنسبة لهذه الموارد ـ بأسلوب يمكن استعماله والاعتماد عليه لأجل توجيه هذه الفطرة توجيهاً صائباً. ففي مثل هذا المثال المتعلق بالقدرة، يجوز أن يسعى الإنسان لامتلاكها. وفي بعض الأحيان يصبح هذا السعي أمراً واجباً وضرورياً كما في مثل إحقاق الحق وأداء التكاليف الاجتماعية المهمة واستعادة الحقوق المسلوبة، أو عند إجراء الأحكام والحدود الإلهية. في بعض الأحيان يصبح هذا السعي فريضة واجبة على الجميع.
ومن جهة أخرى، سد الإسلام طريق جموح هذه الغريزة، عندما تتحول إلى وسيلة لظلم الآخرين والتسلط عليهم لاقتراف الجنايات، في مثل أجهزة الظلمة والطغيان ومعونتهم. هذا السد والوقوف أمام هذا الميول الجامحة هو الصبر عن المعصية.
وهناك أمثلة أخرى على الغريزة الجنسية وغريزة التعلق بالحياة، وغيرها مما يعد البحث حوله طريقاً للإطلاع على الكثير من المسائل الفردية والاجتماعية المهمة.
أهمية الصبر عن المعصية
من خلال هذا الإيضاح الموجز، وبالاستلهام من الروايات والتعاليم الإسلامية التي تزخر بالمعارف الاجتماعية يمكننا أن نستكشف الأهمية التي يحظى بها الصبر عن المعصية وطغيان الغرائز. ففي عدة روايات قصيرة وردت كل واحدة منها في وضع خاص بصورة درس بنّاء للمسلمين المجاهدين في عصور الأئمة (عليهم السلام)، تمّ التأكيد كثيراً على هذا النوع من الصبر، لعله بسبب أن طي طريق النوع الأول من الصبر (الصبر على الطاعة) متلازم مع الشوق والرغبة الطبيعية في الإنسان، ذلك الشوق للسعي والتحرك. في حين أن عدم الانحراف وعدم الانصياع للموانع التي تنسجم مع الغرائز الطبيعية والميول الداخلية (أي النوع الثاني من الصبر وهو الصبر عن المعصية)، ليس فاقداً للرغبة والغريزة الطبيعية فحسب، بل يقف في مقابل هذه الرغبات والميول.
فالصبر من النوع الأول، وإن كان من جهة عبارة عن مقاومة لنوع من الميول الطبيعية كحب الراحة وطلب السهولة و.. لكنه من جهة أخرى يترافق دائماً مع نوع آخر من الميول التي تساعده على الصبر، وإن كانت ضعيفة لكنّها طبيعية.
أما النوع الثاني من الصبر فهو متعارض من جميع الجهات مع الميول والرغبات الطبيعية النفسانية. ولهذا تكون المقاومة فيه أصعب، ومن هذه الجهة له الأفضلية. كما أننا نرى أنّ الدور المصيري للصبر عن المعصية كان الأبرز في تأثيره على الأحداث الاجتماعية، ويمكن أن يكون هذا الأمر دليلاً إضافياً لترجيح هذا النوع من الصبر على النوع الأول.
نموذج من التاريخ
وإذا أخذنا نموذجاً مما ذكرناه، نقف عند وجهين معروفين في تاريخ الإسلام لنقارن بينهما. الأول هو الوجه الساطع والجميل، والثاني هو الذي يبعث على النفور والاشمئزاز. كلاهما مرّا في ظروف متشابهة تماماً. ويكن القول بأنهما وصلا معاً إلى نفس مفترق الطريق بعد أن كانا يسيران معاً على خط واحد، فاختار الأول طريقاً غير الآخر، وصار بسبب هذا الاختيار في عداد أعظم وأعز الوجوه الإسلامية، أما الثاني فقد دخل باختياره في زمرة المتوحشين الملعونين في التاريخ.
وهذان الشخصان هما الحر بن يزيد الرياحي الذي كان قائداً لقسم من الجيش الأموي والذي توجه للوقوف بوجه ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، والثاني هو عمر بن سعد الذي قاد الجيش الأموي للقضاء على الإمام (عليه السلام). كان الحر في طليعة الذين اعترضوا حركة الثورة الحسينية المتجهة نحو العراق، وكان مع عمر بن سعد على نفس الخط والتوجه، وهدَّدا معاً الثورة بقوة حاكم زمانهما.
كان الإمام الحسين (عليه السلام) قد نهض انطلاقاً من تكليفه الإلهي والتعاليم الإسلامية وشعوراً منه بالمسؤولية الكبرى ـ لتلقين وإظهار درس عملي أساسي في الإسلام ـ من خلال العمل الثوري ضد الحكومة الأموية والنظام الفاسد المنحط المتسلط على المجتمع. ولأن هذا التحرك كان يمثل تهديداً مباشراً للنظام الحاكم، وضعت الحكومة كل قواها وإمكانياتها لمواجهة هذه الثورة. وكان هذان الرجلان (عمر بن سعد والحر بن يزيد) في عداد هذه القوى التي توجهت نحو إخماد هذه الثورة والقضاء على باعثها الإمام الحسين بن علي (عليه السلام). فكانا بذلك حجرين أساسيين على رقعة اللاعب الواقعي؛ الخصم للثورة، وهو الخليفة الغاصب يزيد بن معاوية. وكان يزيد يحركهما كيفما يشاء لتحقق ما يريد. ولكنهما أيضاً كانا قد انساقا وراء تحقيق رغباتهما وإشباع غرائزها الحيوانية.
لذا نراهما قد أقدما على ما أُمرا به من قبل الخليفة الغاصب. وكان عمر بن سعد قد توجه إلى كربلاء لقتال الإمام مندفعاً بجنون حب السلطة وتحصيلها. بما أنه لم يكن مؤمناً واقعياً وعارفاً بالدين، فقد كانت ولاية "الري" عنده أهم وأعز بكثير من يزيد وتنفيذ أوامره. وكان الحر بن يزيد أيضاً منساقاً وراء شيء من هذا القبيل حين توجه إلى كربلاء. وكل واحد منهما كان يعلم أن ما يفعله هو ذنب ومعصية كبرى، إلا أنّ الميول البشرية وطغيان غريزة حب الجاه والسلطة وعبادة الأنا لم تدع لهما مجالاً للتفكير بقبح العمل المقبلان عليه، وكانا يسيران على طريق، نهايته أن يصبحا أحقر متوحشي البشرية وأرذل المجرمين.
لقد كانا على مفترق طريقين: الأول هو هذا الانسياق للميول النفسانية التي برزت بصورة غريزة حب الجاه والسلطة، والثاني هو القيام بالواجب الإسلامي عبر الالتحاق بالثورة المنادية للحق بقيادة الإمام الحسين (عليه السلام). إن الأمر الذي كان يمكن أن ينجيهما في هذه اللحظات الحساسة هو الصبر. الصبر في مواجهة الميول والرغبات المهلكة لنفس الإنسان، ومقاومة القوة البطاشة (جيش يزيد)، أي الصبر عن المعصية والذنب.
لم يستطع عمر بن سعد أن يصبر في هذا المنعطف المصيري، ولم يتمكن من مقاومة هذه الدوافع نحو الشر والفساد. فطوّق عنقه بحبل حب المقام والمنصب الذي ساقه إلى جهنم.. لم يستطع السيطرة على ضعفه وعجزه رغم أنّه كان يبدو في الظاهر قوياً ومقتدراً، ولم ينفعه أي شيء من ذلك في عدم السقوط إلى الهاوية.
وإذا جئنا إلى الحرّ بن يزيد نراه قد بلغ نفس ذلك المنعطف الذي وصل إليه عمر بن سعد. فلو أنه في حينها سار خلف ميوله واستسلم لها، وأنجز الأوامر التي صدرت إليه من الحاكم، ولم ينصت إلى نداء عقله الموقظ، وصدّق خدع نفسه بأنه عبد مأمور معذور، لاشك أنه لو فعل ذلك لكان الطريق مفتوحاً أمامه لنيل الرئاسة والمنصب. صحيح أنه لم يكن موعوداً بولاية الري، لكنه كان من المسلّم أن يعطى ولاية أخرى. وكان حبل الحرص والأهواء الفاسدة يطوق عنقه بحكم أنه بشر، ويريد أن يسوقه أيضاً إلى الجحيم..
وهناك وقف بين المعسكرين؛ الأول ينال به الجنة نقداً، حيث يفور نبع أصالة الإسلامية وتتجلى عظمة روح الإنسان. والثاني يدخل به جهنم سراعاً، في العسكر اليزدي حيث مظهر الانحطاط والذل، وساحة الكذب والخداع، وقلعة الجاهلية التي تتحكم بالمجتمع باسم الإسلام.
هذان هما المعسكران اللذان وقفا وجهاً لوجه. وصحيح أن ميول الانحطاط هي التي جاءت به إلى هذا المكان، ولكن فجأة ظهرت قوة بطولية قاهرة ويقظة سارعت إلى نجدته، وعند لحظة سقوطه استطاعت أن تقطع ذلك الحبل الذي طوّق عنقه، ونجى من خلال مقاومة تلك الدوافع والرغبات بالصبر قافزاً من دائرة الجحيم إلى فلك الجنة!
في هذه الأحداث المليئة بنماذج الصبر، يتبين بكل وضوح للمتعمقين في دراسة التاريخ الدور المهم جداً لهذا النوع من الصبر ـ وهو الصبر عن المعصية ـ في تشكُّل الجبهات العظيمة للحق والباطل والتي بدورها تمثّل التفسير الواقعي والنهائي لتاريخ البشرية.
نماذج أخرى
للإطلاع والبحث في نماذج هذا النوع من الصبر، ينبغي أن نستحضر في أذهاننا أشكالاً مختلفة من الانحرافات والذنوب الكبيرة، لنشاهد في كل واحدة منها الدور المهم للصبر.
قبضة يد تريد أن تنهال على رأس مظلوم دون مانع أو رادع، فهنا أحد موارد الصبر.
فدوافع الغضب، الحمية، التكبر، وأذية الآخرين، كل هذه لها جاذبة خاصة وقوية تجعل هذه اليد تتجه لضرب هذا البريء. فالصبر هنا معناه مقاومة هذه الجاذبة، وعدم الانجرار وراءها لأذية الآخرين.
والميل لجمع الثروة يمثل عاملاً وباعثاً للانحراف يقود صاحبه إلى ارتكاب الجنايات والمعاصي. والصبر في مورده يعني مقاومة هذا الميل وغض النظر عن الأرباح والمنافع التي تجر نحو ارتكاب المعصية.
كذلك الميول الجنسية، فإنها من أقوى الميول بحيث إنها تهزم الأقوياء والأبطال وتجذبهم إليها. وبسبب هذه الجاذبة الساحرة، كانت هذه الميول وسيلة مناسبة جداً استخدمها أعداء البشرية لأجل إفساد أصحاب النفوس المقاومة وجرّهم نحو الانحطاط والتسافل. والصبر هنا يعني مقاومة هذه الميول والرغبات التي تجر نحو المعصية.
وإذا جئنا إلى الخوف، فهو غريزة أساسية في الإنسان. ولكنّه في بعض الموارد مثل حادثة كربلاء، يصبح عاملاً سلبياً يجرّ صاحبه نحو الذلّ والهوان وارتكاب الجرائم العظمى. وما أكثر الضعفاء الذين استسلموا خوفاً على النفس والأموال والمناصب والأبناء، واقترفوا بسبب ذلك أبشع الجنايات، وأسقطوا حيثيتهم الإنسانية الشريفة إلى درجة صاروا فيه آلات تتحرّك من دون إرادة ووعي. فمقاومة مثل هذا النوع من الميول الشريرة المفسدة هي شكل آخر من أشكال الصبر.
نظرة إلى الروايات
بعد أن وضعنا أسس فهم معاني الصبر عن المعصية، يمكننا أن ننتقل إلى الروايات التي وردت عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) في هذا الشأن لنأخذ منها الدروس والعبر. فعن الأصبغ أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: "الصبر صبران، صبر عند المصيبة حسن جميل، وأحسن من ذلك الصبر عما حرّم الله عليك".(4)
(وفيما يتعلق بالصبر عند المصيبة سنبيّن تقسيماً آخر في مورده).
الرواية الثانية عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "سيأتي على الناس زمان لا ينال الملك فيه إلا بالقتل والتجبر، ولا الغني إلا بالغصب والبخل، ولا المحبة إلا باستخراج الدين واتباع الهوى، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى، وصبر على البغضة وهو يقدر على المحبة، وصبر على الذل وهو يقدر على العز، آتاه الله ثواب خمسين صدّيقاً ممن صدّق بي".(5)
وهذه الرواية التي ينقلها الإمام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله تتحدث عن مستقبل الأمة الإسلامية بقوله "سيأتي زمان". وسرعان ما أتى ذلك الزمان الدموي الذي تسلط فيه معاوية وابنه على الأمة الإسلامية بالقتل وسفك الدماء وإعمال القوة والتجبر. فأصبح تحصيل الثروة من خلال غصب حقوق المظلومين والاعتداء على الطبقات الضعيفة واستغلال عامة الناس والإمساك عن أداء الحقوق المالية وعدم الاعتناء بحاجات المحرومين. وصار المنحى الطبيعي للمجتمع الإسلامي أن لا توزع الثروة على الجميع، وبدون الظلم لا يتم تأمين المال والثروة. وعليه فإن بناء الثروة صار على أساس حرمان الغير وظلمهم. ولقد تحقق هذا الأمر كما شاهدنا.
أما تحصيل المحبة، فلم يعد الحصول عليها ممكناً إلا بإخراج روح التدين من الحياة، واتباع الهوى النفساني، أي من خلال التملق والكذب والنفاق والخداع، وإخفاء العيوب التي ينبغي الإعلان عنها بصوت عال، وقلب الحقائق، ونسيان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و... فبهذه الطرق كان السلاطين والقادة الفاسدون يجلبون قلوب الناس.
ولو كان الإنسان ملتزماً بمسؤولياته الإسلامية، فإنّه لن يُجري على لسانه الكذب والتملّق، وسيعلن بوضوح عن الانحراف والاعوجاج الموجودة في المجتمع أو داخل طبقة المقتدرين وأصحاب السلطة، ويبيّن الحقائق، ولن يخدع عامة الناس بوعود كاذبة وفارغة، ولن ينسجم مع الأوضاع السيئة، وسوف يوضح بكلماته المرّة التي هي دواء لسخط الناس، وخنجر حادّ في خاصرة المتسلطين، كل المساوئ والانحرافات. ومثل هذا الشخص في المجتمع الذي تحدث عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سيسقط من العيون ويحرم من العاطفة والتأييد.
هذه الجملة المليئة بالمغزى تشير إلى تدنّي وانحطاط مستوى فكر ووعي الناس وسقوط القيم الإسلامية في معيار المجتمع المنحط، وانقلاب الأحكام والموازين العامة ونشوء التيارات المنحرفة في حياة الناس. ومن الواضح جداً أنّ ظهور وبروز مثل هذه الأوضاع في شعب كان نمط وشكل حياته في البداية على أساس القيم الأصيلة، وفي شعب كان قطار مسيرته على سكة الفكر والمنهج الإسلامي، لم يكن إلا على أيدي الظلمة والمستبدين ومن خلال مخططاتهم المعدّة بدقة.
وعلى أساس هذه الجملة يمكن التعرّف إلى الأحداث السياسية المؤلفة والمأساوية في تاريخ الإسلام.
وفي صورة أخرى نجد أنّ الناس عندما كانوا يجلسون في محضر أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكونوا يرون في وجه هذا الإمام العظيم وسلوكه إلا الحديث عن خطورة الذنوب والانحراف، وضرب الجاني والمنحرف بسوط الغضب والانتقام الإلهي. وهذا أخوه عقيل، عندما طلب منه بعض المال (مما لا يستحقه) رأى في يده (عليه السلام) حديدة محمّاة، وسمع منه كلام التأنيب والملامة.
بينما في الجانب المقابل، نرى نفس عقيل أو أشخاصاً غيره عندما كانوا يأتون معاوية طلباً للمال، يقابلون ببشاشة الوجه والأكياس المليئة بالمال والذهب دون حساب أو كتاب.
فمن الطبيعي عندئذٍ أن يفضِّل هؤلاء الناس ـ الذين لا ينساقون بالمنطق والفكر الإسلامي الصحيح ـ محبة معاوية عن محبة علي (عليه السلام)، ويقبلوا به ويؤيّدوه. ولا ينبغي أن نتصور أن معاوية لم يكن محبوباً من قبل أبناء زمانه من سكان الكوفة والمدينة، فحتى أولئك الذين عاشوا في كنف أمير المؤمنين (عليه السلام)، وتعرفوا على تعاليم الإسلام الأصيلة، بالإضافة إلى المنتشرين في أرجاء البلاد الإسلامية، ورغم القمع الفكري الذي فرضه التيار الأموي والإعلام الذي بثه معاوية، كانوا يعتبرون معاوية شخصاً محترماً ولائقاً، ويلقبونه "خال المؤمنين"، وقد ساعده على ذلك طبيعته المخادعة ودهاؤه.
لهذا كان هناك الكثير من الناس ممن يرونه شخصية قوية ومحبوبة. وقد سلك معاوية مع رؤساء القبائل ووجهائها مسلكاً مكّنه من إخضاع عقول الناس وقلوبهم له، وذلك بإغرائهم الدائم بالمناصب وبذل العطاءات والأموال بسخاء لهم مع تسليطهم الكامل على الأبرياء الذين لا ملجأ لهم.. وكان لكل هذه الطرق أثر كبير في إيصال وضع الأمة الإسلامية إلى الحالة المذكورة. ونجد أيضاً أن الذين استفادوا من هذا الوضع، ولكي يردوا الجميل لولي نعمتهم، ولكي يحافظوا على امتيازاتهم، يطلقون ألسنتهم بالمدح والثناء على معاوية، ويقلبون في أعين الناس عيوبه إلى حسنات.
فكيف سنشاهد في منظار عصر الرسالة مستقبل العالم الإسلامي؟!
وفي مقابل هذا الوضع والنظام الفاسد الذي سيحصل، ماذا يكون تكليف الناس؟
إذا رجعنا إلى الحديث المروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) سنجد الجواب على هذا السؤال. إنه نفس الجواب الوارد في معنى الصبر "فمن أدرك ذلك الزمان.." أي واجه وضعاً مثل الذي ذكر في الرواية، سواء كان في العهد القريب من عصر الرسالة أو البعيد منه. "فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى"، أي قاوم جموح شهوة جمع المال وتحصيل الرفاهية في الحالة التي يستطيع فيها أن يكون مثل غيره من الناس الذي يقفون موقف المتفرِّج على مثل تلك الأحداث الوقائع في زمانهم، ويمشون وفق النهج السائد الموصل إلى الثروة ـ أي بقبول الذلّ والهوان واقتراف الجنايات وتكبيل الفضائل بالسلاسل والأغلال وعدم المبالاة بالعقيدة الصحيحة ـ ويكون ذلك على حساب بقاء آلاف الناس في الفقر وهو يتمتع بلذيذ الأطعمة مع وجود جموع غفيرة من الجائعين الذين لا يجدون لقمة يسدون بها رمقهم، فمع كل ذلك: "صبر على الفقر وهو يقدر على الغنى"، أي صرف بصره عن كل تلك الأشياء. و"صبر على البغضة وهو يقدر على المحبة" أي صبر على أن يكون منبوذاً أو سيّء الذكر لأجل مقاومة شهوة الجاه والشهرة والتأييد، مع قدرته على جلب أنظار جموع الجهلة والمسؤولين الفاسدين بالإطراء عليهم والتملق لهم وخداع عوام الناس والسكوت عن الحق وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فلم يفعل ذلك، وهو يعلم أن سلوك طريق أداء التكليف وحمل المسؤولية الإلهية والإنسانية سيسقطه من الأعين ويجعله من المغضوب عليهم عند المتسلطين، ويجعل ماء وجهه في معرض تطاول وتهم هؤلاء المستكبرين. و"صبر على الذل وهو يقدر على العز". أي صبر على أن يكون في أدنى المراتب والطبقات الاجتماعية محروماً من المناصب الرفيعة والدرجات التي تؤمّن له العيش مع قدرته على نيل ذلك باقتراف الجنايات وارتكاب المعاصي. فلم يفعل ذلك: "آتاه الله ثواب خمسين صدّيقاً ممن صدّق بي".
هذا الحديث العليّ الصادر من قبل ملكوتي قيمته ومنزلته منزلة الوحي الإلهي لما يحتويه من تعاليم في غاية الأهمية والعمق في مجال أحد أهم القضايا الاجتماعية، مستعرضاً لمعنى وقيمة هذا النوع من الصبر، وهو الصبر عن المعصية.
الصبر عند المصيبة
حياة الإنسان تكون دائماً في معرض الحوادث والبلاءات المؤلمة والشاقة. فهذا من لوازم وجود الإنسان على هذه الأرض. ويوجد في هذا المجال كلام مشهور لمولى المتقين علي (عليه السلام) حيث يصف الحياة الدنيا أنها "بالبلاء محفوظة" فالآلام، والخسائر الجسمانية والمالية، وفقد الأعزاء، والحرمان و... وغيرها من أشكال المصائب كانت ملازمة لتاريخ البشر سواء كانوا متنعمين أم لا.
ومع هذا الحوادث التي تجري على الإنسان دون ميله وإرادته، تبرز صور أعمال الناس. فالبعض يفقد القدرة على المقاومة في وجه المصيبة، ويصاب بهزيمة معنوية. بينما البعض الآخر يتحمل المصاب أو يعتبره أمراً طبيعياً، ويخفف من وقعه، ليخرج منه سالماً ومرفوع الرأس. وبقول الشاعر رودكي فإن عظمة وسمو الإنسان يمكن اختبارها أثناء البلاء والمصيبة.
أما الجزع والنحيب فهما أسلوب الضعفاء وأصحاب القلوب الضعيفة والصغيرة. وهذا هو الميل الطبيعي في غريزة الإنسان التي تفرض حالة من الانفعال العاطفي الذي يسيطر عليه أو يجعله يشكو ويئن، ويحمله على العويل والصراخ وضرب الرأس والأرجل كما هو معروف عند وقوع المصائب. وهنا يكون الصبر على المصيبة بمعنى التسليم والرضا في مقابل الاضطراب العاطفي. والإنسان الصبور عند المصائب هو الذي لا يفقد القوة الروحية والشخصية الإنسانية، ولا ينجرف مع الحوادث التي تقع عليه. فمصيبته لا تبث فيه الوهن ولا تشل عزمه ولا توقفه عن السعي والجهاد في طريق الهدف الأساسي للحياة. وهذا الصبر هو أيضاً ممدوح كما جاء في الحديث "حسن جميل".
ولو تقرر أن يفقد من يفترض عليه سلوك طريق الوصول إلى الهدف، عزيمته وأجزاء من نشاطه المعنوي على أثر كل حادثة مؤلمة، لم يكن من الصحيح أن نتوقع منه المحافظة على القاعدة والذخيرة الروحية اللازمة لطي هذا الطريق.
ولهذا، فإن مقاومة الميول التي تجعل الإنسان ضعيفاً عند المصائب هي العامل الذي يحفظ العزيمة والنشاط الروحي وتمنع من فقدانه وتضييعه. والأمر الأكثر أهمية والأعلى قيمة أن نفس هذه المقاومة تعدّ رياضة وتمريناً صعباً ومفيداً يزيد من قوة الإرادة وصلابة العزم وهو الشيء الذي يستحيل بدونه سلوك هذا الطريق الصعب وخصوصاً عند مواجهة تلك الحوادث. فالصبر عند المصيبة له فائدتان في غاية الأهمّية:
الأولى: حفظ الذخيرة والنشاط المعنوي الذي تبنى على أساسه الأعمال والتحرّكات المفيدة من الضياع أو تزول.
الثانية: تقوية الإرادة والعزم الذي يدفع الإنسان للقيام بالأعمال ويمدّه بالصبر والمقاومة عند المصائب المفاجئة. وهذا النوع من الصبر حثّ عليه بشكل مدهش أولياء وأئمة الدين، نظراً إلى دوره البنَّاء والاستثنائي المدهش في صناعة الإنسان.
ويمكننا أن نشاهد في هاتين الروايتين ما يشير إلى هذه الفلسفة العميقة.
الأولى عن أبي عبد الله أو عن أبي جعفر (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "من لا يُعدّ الصبر لنوائب الدهر يعجز"(6). والثانية عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: "إن العبد ليكون له عند الله الدرجة لا يبلغها بعمله، فيبتليه الله في جسده أو يصاب بماله، أو يصاب في ولده، فإن هو صبر بلَّغه الله إياها".(7)
ويظهر بوضوح من هذه الرواية دور الصبر البنَّاء والرافع. وننقل في هذا المجال حادثة تتعلق بعثمان بن مظعون ـ أحد المسلمين الأوائل من ذوي السابقة الحسنى في تاريخ صدر الإسلام ومن الذين هاجروا إلى الحبشة والمدينة ـ حيث فقد ولده الشاب هناك وكان لهذه المصيبة وقع عليه إلى درجة قرر على أثرها الجلوس في البيت وقضاء باقي عمره في العبادة، والابتعاد عن مزاولة الأعمال والنشاطات الاجتماعية. وكان هذا الأثر الذي جعل كل مظاهر الحياة عنده تفقد معناها. وعندما عرف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالأمر توجّه إليه ونهاه عن هذا العمل قائلاً له "لا رهبانية في الإسلام"، أي أنه لا يجوز في الإسلام الانزواء وترك الدنيا وصرف العمر بالعبادات الفردية "إنما رهبانية أمتي الجهاد". فالصبر على المصائب اللاإرادية يعني: تحمل المصيبة وعدم فقدان النشاط والفعالية في الحياة، وتناسي الصدمة الناشئة من الحادثة المؤلمة، وذلك بالاستمرار في العمل والسعي الأساسي للحياة.
الصبر على المصائب الاختيارية
هناك ما هو أهم من الصبر على المصائب القهرية (المفاجئة)، وهو عندما يكون الإنسان سائراً نحو هدفه بوعي ومعرفة بالطريق، فيصبر عند المصائب والمحن التي لابد من حصولها على هذا الطريق، ولا يتوقف عن إكمال السير بسببها.. إننا عندما نحلل بشكل عميق ما كتبه المحققون حول أحداث التاريخ المرتبطة بالجماعات، نصل إلى هذه النتيجة وهي أن الأهداف الإنسانية السامية ـ وعلى رأسها أهداف الأنبياء ـ كانت تتنافى وتصطدم دائماً بمصالح الطبقات المتسلطة الظالمة. ولهذا كنا نرى أيضاً أن حملة لواء تلك الأهداف كانوا في صراع مستمر مع رؤوس تلك الطبقات. وقد ذكر القرآن الكريم في العديد من آياته هذه المواجهات بين الأنبياء والطواغيت والمترفين.
هذا الوضع، الذي هو أمر حتمي في مثل هذا التحرّك، يستلزم كل المصائب والعذابات بأنواعها بالنسبة لسالكي طريق الحق والمنادين بالعدل والقسط وأتباع الأنبياء والمتمسكين بنهجهم. ولأجل أن يستعدَّ المؤمنون مسبقاً، نجد القرآن الكريم يبيّن لهم هذه المخاطر والصعاب: {لَتَبلُونّ في أموالكم وأنفسكم ولتسمعنَّ من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور}.(8)
فما يحدث في الواقع، أن الذين يريدون الحياة الإيمانية وتحقق العبودية لله تعالى في وجودهم، والالتزام بالتكاليف الإلهية والمسؤوليات الشرعية، فإنهم سيواجهون لا محالة ذلك الأذى والتضييق والتنكيل بكل أنواعه، وسيرون هذه النبوءة القرآنية متحققة أمام أعينهم. وبالطبع، فإنه كما كانت مرتبة الإنسان من حيث الإيمان والعمل أعلى فإنه سينال من الأذى والمصائب ما يتناسب مع مرتبته، وعليه أن يزيد من قوة تحمله وصبره. ولقد أشار الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) في حديث له إلى هذا المطلب قائلاً: "إن أشد الناس بلاءاً الأنبياء ثم الذين يلونهم الأمثل فالأمثل".. كما أن تحمل هذا النوع من المصائب ليس مثل تحمل تلك المصائب والحوادث المؤلمة التي هذه من النوع السابق (اللااختيارية). لأنه في هذا النوع لا يكون الإنسان مضطراً في كل الحالات والتقادير إلى تحمل بلائها، بل على العكس يستطيع وقت ما يشاء أن يرجع إلى الحياة السهلة المريحة، وأن يحمي نفسه من الوقوع فيها.
أما الذي يرتضي أن يتحمل هذه البلاءات والمصائب التي لابد منها، فهو الذي يسير نحو الهدف النهائي. أما الذي يرجح السلامة والجلوس في البيت ولا يخطو خطوة واحدة خارجه، ولا يتحمل عناء السفر، ويغض النظر عن كل الفوائد الموجودة في السير والسفر، أما الذي يمكنه على هذا الأساس أن يصون نفسه طوال حياته من السقوط من أعلى الجبل أو مواجهة الحيوانات المفترسة، أو قطّاع الطرق ومئات الحوادث الأخرى التي تقع أثناء الأسفار، وكذلك الإنسان اللامبالي الذي لا يشعر بأية مسؤولية ولا يرى لحياته هدفاً مثل هذا الشخص لن يخطو خطوة واحدة في طريق يوصل إلى الهدف، ويستحسن أن تبقى حياته خالية من الأحداث ومن كل ما يشغل البال، كما يقول الشاعر سعدي:
بالأبحار منافع لا تحصى ومن أراد السلامة يبقى (مترجماً)
فإذاً، حوادث ومصائب طريق الأنبياء هي من النوع الاختياري. والذين يبتلون بها هم أتباع أمير المؤمنين (عليه السلام): "وخض الغمرات إلى الحق"، وهم الذين استجابوا لنداء الأنبياء بصدق واستقاموا.. فالصبر على هذا الطريق من أهم أنواع الصبر، وهو يظهر معدن الإنسان وجوهره. هذا الصبر يعني قبول المصيبة، وهو الذي يتطلب منه أن لا يكون نادماً على ما ابتلي به.
خباب بن الأرث هو أحد المسلمين المضحين، ومن الأوائل الذين آمنوا بالإسلام، وحرموا بسبب إيمانهم من معظم أموالهم وممتلكاتهم، هو نفسه قال: أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو متوسِّد ُردَه في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة شديدة، فقلت يا رسول الله ألا تدعو الله لنا، فقعد وهو محمرُّ وجهه فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): "إن كان من كان قبلكم ليُمشّط أحدهم بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم أو عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فينشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه. ولَيُتمنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله عز وجل والذئب على غنمه".(9)
وبهذا النوع من الكلام الملتهب، كان رسول الله يشعل في الأرواح وقود المقاومة والإرادة الفولاذية، ويحملهم على الصبر والاستقامة أمام البلايا الناشئة من سلوكهم طريق الإيمان. ومن الممكن أن يصبر الإنسان على القيام بالتكاليف الإسلامية، أو يصبر عن اقتحام المعاصي، ويصبح بذلك في عداد المؤمنين بالإسلام والسائرين على طريقه، لكنه قد لا يقاوم المصائب والحوادث التي لابد من حصولها في هذا الطريق، ويصاب على أثر ذلك بالوهن المعنوي والعقائدي ويحل به اليأس والإحباط، مما يؤدي إلى توقفه وعدم وصوله إلى المقصد النهائي، ويرجع إلى الوراء ملقياً قسماً من الوظائف والتكاليف على الطريق. فبلوغ الغاية والاستمرار في المسير متوقف على وجود هذا النوع من الصبر، أي الصبر على المصائب الاختيارية.
طرق تحصيل هذا الصبر
بسبب أهمية الصبر والدور الأساسي له. فقد تم التأكيد الكبير عليه في عدة آيات من القرآن الكريم، بحيث يؤدي ذلك إيجاد أرضية لهذه المقاومة في الإنسان. وإحدى الطرق التي تؤدّي إلى إيجاد الصبر على المصائب الاختيارية هي طرح وعرض المصائب القهرية (اللااختيارية).
ففي القرآن الكريم، نجد أن الله تعالى ولأجل تسهيل الموت على سالكي التكليف في سبيل الله يقول لنا إن الموت هو المصير الحتمي لكل البشر. فمن لا يموت في ميادين القتال، يموت في بيته أو على فراشه. وإن الحياة بيد الله. أما الموت الذي يكون في سبيل الله فهو عمل ينال عليه الإنسان الأجر والثواب. يقول الله تعالى:
{وما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً ومن يُرِدْ ثوابَ الدنيا نؤته منها ومن يُرِدْ ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين}.(10)، وأيضاً: {ولئن قُتِلتم في سبيل الله أو مُتُّم لمغفرةٌ من الله ورحمة خيرٌ مما يجمعون}.(11)، وأيضاً: {الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قُتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين * ولا تحسبّن الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربّهم يرزقون}.(12)
وهناك طريق آخر أتت على ذكره الآيتان (139) و(140) من سورة آل عمران يدفع الإنسان نحو الأمام فيرضى بالمصائب الحاصلة على هذا الطريق، كما في قوله: {إن مسّكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس..}، وقوله تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}.
وهناك آيات أخر اعتمدت هذا الأسلوب. وكأسلوب آخر أيضاً، ذكر في الآية (146) من نفس السورة ما يذكّر بأحوال السابقين وجهادهم وصبرهم وتحملهم للمصائب الاختيارية: {وكأي من نبي قاتل معه ربّيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين}، بالإضافة إلى العديد من الآيات الأخرى التي تحدثت عن تلك الوقائع في حثها على الاستمرار على نهج الأنبياء.
وهذا الصبر على مثل هذه المصائب، مع أنه صعب جداً، ويتطلب إرادة قوية وإيماناً راسخاً، فإنه بنفسه يلعب دوراً إعجازياً في إيجاد الإرادة القوية والإيمان والأهم من ذلك، بناء وإيجاد جنة الإسلام الاجتماعية. ولهذا، تم الحث عليه والأمر به في الآيات القرآنية والروايات التي لا حصر لها من كلمات أئمة الهدى (عليهم السلام)، وبوسائل وأساليب متعددة.
وفي بحثنا هذا الذي يعتمد أكثر على الروايات، نشير إلى رواية في هذا المجال تشمل الصبر عند وقوع أي نوع من المصائب. فعن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: "الحر حر على جميع أحواله، إن نابته نائبة صبر لها، وإن تداكت عليه المصائب لم تكسره وإن أسر وقهر، واستبدل باليسر عسراً، كما كان يوسف الصديق الأمين لم يضرر حريته أن استعبد وقهر وأسر..".(13)
آثار وفوائد الصبر
في ختام مطالب هذه المقالة ينبغي أن نتحدث عن فوائد وآثار الصبر البناءة. مع أننا قد أشرنا إليها في طيات الكلام السابق، ولكن لأجل المزيد من الإطلاع على الآثار الفردية والاجتماعية للصبر، نتحدث هنا بشيء من التوسعة. إلاّ أننا لن نتعرض إلى الفوائد الأخروية، أي ثواب وأجر الصابرين يوم الحساب مع أنه لا يمكن التفكيك بينها وبين الآثار والفوائد الدنيوية. إننا نريد هنا التعرض إلى الآثار التي تحصل في نفس هذه المرحلة من الحياة، أي الحياة الدنيا فيما يتعلق بالفرد الصابر والمجتمع أو الفئة الصابرة. فمن أين نبدأ، وما هي الفائدة الأولى التي تطرح نفسها؟
نجيب بجملة جامعة: الدنيا والآخرة والأهداف الإنسانية، بل وأيضاً المقاصد الشريرة، أي كل مقصد يريده الإنسان مرهون بالصبر والثبات.
وإذا احتجنا إلى الاستدلال على هذا الأمر، ولم تقنعنا تجارب البشر طوال تاريخهم الممتد عبر الأزمنة والعصور، فإن هذه المعادلة القاطعة والواضحة كافية: "إن الوصول إلى أي هدف يحتاج إلى السعي، والسعي يستلزم الصبر والاستقامة (الثبات عليه)". وكل إنسان قد خبر هذه المعادلة في حياته في العديد من الأحداث.
الثبات والنصر
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في إحدى كلماته الملهمة للحكمة:
"لا يعدم الصبور الظفر وإن طال به الزمان".(14)
وفي حديث آخر يبين لنا (عليه السلام) هذا المعنى بعبارة أخرى قائلاً: "من ركب مركب الصبر، اهتدى إلى ميدان النصر".
وفي حرب صفين قال (عليه السلام) في خطبة له يحث ويعبئ الجند: "واستعينوا بالصدق والصبر، فإن بعد الصبر ينزل عليكم النصر".
فهل حقاً ان الصبر والثبات موجب للوصول إلى الهدف؟ وإذا كانت هذه قاعدة عامة وقانوناً ثابتاً لا يقبل التخلف، لماذا نشاهد طوال التاريخ أفراداً أو جماعات لم يصلوا إلى أهدافهم مع أنهم كانوا في ميادين العزة يبذلون ما ينفع الثبات والمقاومة، ولم يحققوا النصر أو يذوقوا حلاوته؟!
في صدر الإسلام يوجد حوادث ليست بالقليلة شاهدة على هذا الأمر، مثل عاشوراء وشهادة زيد بن علي (عليه السلام) والتوابين و..
ولكي يتضح الجواب عن هذا السؤال الذي يطرح أكثر الناس نحتاج إلى شيء من الدقة. فلعل هؤلاء الناس الذين يطرحون مثل هذا التساؤل ويعتبرون هذه الأحداث التاريخية التي لم تثمر أو تصل إلى غايتها بحسب الظاهر (كعاشوراء وشهادة زيد و...) هي أمور تنقض هذا القانون العام (قانون الصبر والظفر).
إن هؤلاء لم يدركوا بشكل صحيح هدف وغاية كل واحدة من هذه الحوادث والوقائع، والتي يكون تحقيقها لهذا الهدف أو تلك الغاية هو الانتصار والفوز.
لهذا نبدأ أولاً بالإجابة عن سؤال يتعلق بهدف هذه الحوادث التاريخية، وبالإجابة عنه بشكل صحيح ستتضح النتيجة، وهي أن أصحاب هذه الحركات لم يهزموا إطلاقاً!
وكمقدمة ينبغي أن نلتفت إلى أن الأهداف تختلف من حيث قربها وبعدها عن التحقق. فبعضها تكون نتيجتها سريعة وقريبة، والآخر يحتاج إلى أزمنة طويلة: كغرس نبتة وتأمين كل ما تحتاجه حتى تنمو وتثمر.
فإذا تأمنت هذه المقدمات، ولم يحصل أي تقصير في إعدادها من خلال مواجهة العوامل السلبية والمفسدة، فإنها ستثمر حتماً. ولكن بعض الأشجار تحتاج من الناحية الطبيعية إلى أكثر من عشر سنوات لتعطي الثمار المطلوبة.
فلاشك أن المقصد النهائي من تربية هذه الغرسة التي تحتاج في نموها إلى عشر سنوات، هو الحصول على الثمار. ولكن أن نكبر هذه الغرسة شيئاً ما. وإذا مرت سنة بعد سنة فعلى المزارع الذي لم يكس عن الاهتمام بها، أن يفرح أو يطمئن بأن تعبه في هذه السنة أو تلك لم يذهب هدراً. ولكن بالنسبة للمشاهد من بعيد والذي اطّلع على أتعاب وزحمات هذا المزارع الكادح والصبور، فإنه بعد مرور السنة الأولى، وحيث إنّه لم يشاهد أية ثمرة، فإنه سيخطِّئ المزارع انطلاقاً من اليأس وعدم الوثوق، وينقض القول المعروف "بعد الصبر يأتي الظفر"، ويستدل على ذلك من خلال تجربته الناقصة. بينما يعرف الجميع أن مثل هذا الرأي يرجع إلى قصر النظر وقلة الصبر ويقولون لهذا الناقد أنه لا ينبغي أن نتوقع نتيجة عمل عشر سنوات في أول سنة.
وهكذا، فإن نهضة عاشوراء، وكل الوقائع التي كانت امتداداً لها وعلى أساس توجهها قد حققت ما كانت تصبو إليه ووصلت إلى الهدف الذي رسمته.
هذه الوقائع، كانت كل واحدة منها خطوة ناجحة باتجاه "القضاء على السلطات الغاصبة وإقامة المجتمع الإسلامي المنشود". ولاشك بأنه بعد هذه الخطوات الأولى، لو استمر اللاحقون بالمسيرة، لتحققت الغاية المطلوبة من وراء مجموع هذه المساعي والتحركات. أما أن نتوقع تحقق مثل هذا الهدف من سعي شخص واحد أو عدة أفراد في مرحلة ما، فإنه في غير محله.
وفي المثال السابق يمكن أن نقول لذلك المشاهد القليل الصبر والخبرة: إن أولئك الذين أدركوا متاعب المزارع وأشرفوا على هذه الأعمال يعلمون جيداً أن كل يوم يمضي وكل ساعة ستكون مفيدة ومنتجة، وهم يدركون نتائج الصبر في كل لحظة قبل أن تأتي أختها. فمرور سنتين من العمل يعني اقتراب الغرسة من النضج. ولو لم يكن هذا السعي في هاتين السنتين لتأخرت الثمار سنتين. ولعله يضيع الهدف النهائي ولا تصل إلى المطلوب.. فهل الواقع غير ما ذكرنا؟!
وإلى جانب هذه الحقيقة، يوجد حقيقة أخرى؛ وهي أنّه بعد بروز مانع يمنع المزارع الحريص من الاستمرار في عمله، إذا لم يتابع مزارع آخر عمله، ولم يكمل أعمال السنة الثالثة والرابعة، فإنّ هذه الغرسة أو الشجرة لن تنضج أبداً.
ولاشك بأن نتيجة الصبر في السنتين الأوليين قد حصلت، كما أن قلع أو قطع شجرة متجذرة أو إزالة صخرة كبيرة بدون التجهيزات اللازمة واليد القوية ليس ممكناً، ولن تعطي أية نتيجة بدون وجود الصبر. ولو أنجزت أول يد قوية وصبورة المقدمات الأولى اللازمة وبسبب مانع ما توقفت، ثم أكملت الأيدي الأخرى العمل فإنها ستقترب نحو النتيجة المطلوبة.
وقد قام زيد بن علي (عليه السلام) بسبب ظهور علامات نصر ولكنه لم ينتصر، وإنمّا حقق ما كان متوقعاً من مثل نهضته. فإنّ قيامه واستشهاده كان ضربة على الصخرة الصلبة لحكم بني أمية. هذه الصخرة التي يتطلب تحطيمها عدة ضربات متتالية. وعندما توالت الضربات على أثر تلك الضربة انهارت هذه الصخرة السوداء التي كانت تجثم على صدر الأمة الإسلامية.
ولاشكّ بأنه لو لم تكن الضربة الأولى لما حققت الضربات اللاحقة مطلوبها، أو أنّها ما كانت لتحدث (تلك الضربات).
وكأن الحديث يشير إلى ما نتحدث عنه، بأن شهادة الحسين بن علي (عليه السلام) كان سبباً لسقوط التيار السفياني وشهادة زيد بن علي (عليه السلام) سبباً لسقوط الحكم المرواني.
الآثار الفردية والنفسية للصبر
بالإضافة إلى الآثار الاجتماعية للصبر التي هي الانتصار والوصول إلى الهدف والمقصد، يوجد آثار أخرى إيجابية وذات أهمية تنعكس على روحية ونفسية الصابر. وبالإطلاع على هذه الآثار المدهشة، يتيسر لنا فهم الكثير من التضحيات التاريخية، وخصوصاً تضحيات أبطال كربلاء العظيمة. وما نقصده من الآثار النفسية هو تلك الآثار التي تتجلى في نفس الشخص الصابر، وتعود عليه بنتائج داخلية قبل تحقق النتائج الخارجية. وأول تأثير إيجابي وبنّاء للصبر هو أن الصابر يزداد قوة وعزماً ويشتد رفضه للهزيمة والانكسار، مثل حال التمارين الرياضية الصعبة. وهذه الحالة شاملة لكل الأمور والقضايا في الحياة سواء كانت دنيوية أو أخروية.
وأن جميع الهزائم التي تقع أثناء المواجهات الاجتماعية والدينية والعملية، تنبع من الهزيمة الروحية وقبول الانكسار. ومثل هذه الروحية المهزومة، تكون آثار الهزيمة فيها مضاعفة عن الهزيمة والضربة التي تتلقاها من جراء عدم اكتمال العتاد العسكري وتمامية المناورات. فالجندي الذي يدير ظهره هارباً عند مواجهة العدو في ساحة المعركة، هو الذي يكون قد هزم نفسياً قبل عجزه الجسماني والمادي. بينما إذا لم يهزم روحياً ومعنوياً، فمن المستحيل أن يولي هارباً فاراً من ساحة المعركة. فالخاصية الأولى للصبر في البعد الفردي هو إيجاد مثل هذه الروحية في الشخص والصابر.
إننا نجد الناس عند حدوث المصائب في حياتهم ـ كالخسائر المادية والأمراض والآلام والموت... ـ لا يصبرون، بل يستسلمون ويجزعون. وهكذا عندما تواجههم العوائق والموانع العديدة، فإنهم ينسحبون.. وفي المقابل من يصبر منهم ويستفيد في كل حادثة من سلاح الصبر القاطع، يكتسب قوة إضافة وقدرة أعلى عند مواجهة مشاكل الحياة.
ونستطيع أن نشبه الإنسان العديم الصبر بالجندي الذي ينزل إلى ساحة المعركة بدون درع واق. فمثل هذا الجندي سيسقط عند أول ضربة يوجهها له العدو. بينما الإنسان الصبور يشبه الجندي الذي يحمل درعاً يقي كل جسمه وهو يمتلك العدة اللازمة. فهذا الجندي يعد قتله أصعب بدرجات من الأول. والذي لا ينهزم في معترك الحياة هو الذي استعد لها مسبقاً، ولبس لها درع الصبر الواقعي الذي لا يقبل بالهزيمة. ومثله لن يضعف بسهولة أو يقبل المهانة، ولن ينزعج من مواجهة المصاعب والآلام التي ينبغي توقعها أثناء مسيره نحو الكمال والسعادة. وقلبه لن يسقط، وأقدامه لن تتزلزل. وبهذا البيان الواضح يمكن لنا سبر أغوار هذا الإلهام الإسلامي العميق الصادر من الإمام الصادق (عليه السلام) حيث يقول: "قد عجز من لم يعد كل بلاءِ صبراً".
وهذا ما يمكن أن نشاهده في صلابة وثبات الرجال العظام الذي صنعوا التاريخ. وعلى رأسهم الأنبياء وأهل الله الذين تحملوا منذ البداية كل ألوان العذاب وصنوف الأذى من الطغاة. ومع ذلك انتشرت دعوتهم في كل الأرجاء، وكان لها أثر كبير. ولم يكن ذلك إلا بالصبر الذي أعدوه لمواجهة تلك الموانع والعقبات فأوجد في أنفسهم روحاً لا تهزم وحوّلهم إلى أفراد يتمتعون بصلابة عالية جداً.
وكان أعداؤهم في الكثير من الموارد يتمتعون بالإمكانات الكبرى، ولكنهم تعبوا وعجزوا، حينما لم يعجزوا هم ولم ينثنوا.
كان المتوكل العباسي ـ هذا الامبراطور المتجبر ـ يقول: "لقد أتعبني ابن الرضا". فكيف استطاع الإمام الهادي (عليه السلام)، الذي قضى معظم أيام حياته تحت الضغوط التي مارسها عليه المتوكل، أن يتعب هذا الحاكم المتسلط؟!
حينما يكون أحد المتحاربين ضعيفاً بلحاظ الإمكانيات المادية ويقضي معظم أيامه في السجن والبعد عن الأمن والراحة، ولكن لا يتململ ولا يتعب أمام كل الضغوطات والشدائد، ويستمر رغم كل العوائق والموانع الموجودة على طريقه الذي يتطلب سعياً طويلاً، فمن الطبيعي أن يجعل خصمه تبعاً ومحبطاً، حتى وإن كان هذا الخصم يتمتع بكل الإمكانات المادية والقدرات، وذلك لأنه لا يمتلك روحية الإيمان بالسعي والهدف.
هذه هي الخاصية العجيبة للصبر التي تجعل الإنسان لا يقبل بالهزيمة.
بروز الخصال الحسنة
الإنسان غالباً لا يستطيع أن يقيّم نفسه قبل الامتحان والاختبار. وهو بذلك لا يعرف الكثير عن القوى الكامنة فيه. وعلى سبيل المثال، إذا كان هناك رجل قوي بطبيعته، ولكنه لا يؤدي التمارين ولا يقوم بأي نشاط، كأن يرفع حملاً ثقيلاً يختبر به قوته، فمن الطبيعي أن يجهل هذا الإنسان قواه ومميزاته الجسمانية.
إنه يقدر على اكتشاف قوته حينما يطلب منه القيام بعمل يحتاج إلى قوة. وهنا ندرك الأثر الثاني للصبر، لأنه يجعل الإنسان الصابر المقاوم في مختلف مجالات الحياة مطلعاً على موازين قوته والقدرات الإيجابية الكامنة فيه، التي لا تظهر في الحياة العادية الهادئة. هذا الأمر يدركه جيداً كل الذين ذاقوا طعم الشدائد وتعرضوا للضغوطات والمحن أثناء سيرهم نحو أهدافهم على أساس معتقداتهم الشريفة.. أمثال هؤلاء يشاهدون تلك الفتوحات والإنجازات في ذواتهم أثناء مواجهة المخاطر والصعاب، التي يظن العادي أنها لا تقاوم. وينالون من جراء ذلك القوى العظيمة والمدهشة. فهم قد اكتشفوا في أنفسهم ذلك الشيء الذي كانوا يجهلونه. فالصبر إذن يؤدي إلى أن يتعرف الإنسان على نفسه أكثر ويكتشف تلك الأمور الإيجابية التي أودعت في داخله.
التوجه والتوكل على الله أكثر
ثالث خاصية بناءة للصبر هي أن الإنسان عندما يكون في أية مرحلة من المراحل وحيداً ويصبح أقرب إلى الله ويتوكل عليه أكثر. البعض يتصور أن الاتكال على الله يتعارض ويتنافى مع الاعتماد على النفس، وأن الذي يريد أن يعتمد على الله لا ينبغي أن يعتمد على نفسه أو يثق بها. وحينما يقال: اتكلوا على الله، فإنهم يقولون لماذا تسلبون من الناس روحية الثقة والاعتماد على النفس. وكأن الذي يدعو الناس إلى التوكل على الله يقول لهم لا تعتمدوا على أنفسكم!!
أما بالنسبة للمؤمنين بالله، فإنه يرى هناك تلازماً بين التوكل على الله والاعتماد على النفس. بل ويعتبر أن الاعتماد على النفس من أبعاد الصبر، ووسيلة تؤدّي إلى التوكل والاعتماد على الله. أمّا عديم الصبر فإنّه سيتزلزل ويتفاجأ أثناء مواجهة المصائب الاختيارية بسبب عدم ثقته بنفسه وسينسى الله ويبتعد عنه أيضاً.
فالإنسان عندما يواجه شدائد ومصائب الدهر، وتحيط به الأزمات أو تطبق عليه الصعاب، فلا يجزع أو ينتحب، فسوف تنفتح عليه نوافذ الارتباط العميق بالله ويسهل عليه الاتصال بقلبه وروحه بنور حضور الله. أما إظهار العجز والضعف، فإنه سوف يبعده ويقطعه عن الله تعالى وعن نفسه.
هذه من الحقائق التي تكون التجربة والمشاهدة من أقوى الأدلة عليها وأثبتتها. وأولئك الذين استخدموا في مثل تلك الأحوال سلاح الصبر يقطعون ويذعنون بهذه الحقيقة.
ربَّنا أفرغ علينا صبراً وثبّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
والحمد لله رب العالمين.
المواضيع المتشابهه:
المصدر: منتدى منتديات عالم الزين - من قسم: بحوث - مقالات - تقارير - بحوث جاهزه - مقالات علمية - تعبير - معلومات تاريخية
|مواقع النشر (المفضلة)|
|الكلمات الدلالية (Tags)|
|موضوع عن الصبر, مقال كامل عن الصبر على المصايب, بحث كامل عن الصبر, تعبير عن الصبر|
|أدوات الموضوع|
|انواع عرض الموضوع|
| <urn:uuid:13c9f0f9-fa75-44d5-85fe-892721e8f9ea> | CC-MAIN-2013-48 | http://www.al-zin.com/vb/t120127.html | 2013-12-10T07:32:57Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386164012753/warc/CC-MAIN-20131204133332-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.954311 | Arab | 154 | {"arb_Arab_score": 0.9543110728263855, "ars_Arab_score": 0.019625017419457436, "ary_Arab_score": 0.01809527352452278} |
هذا الموقع متخصص بالصوتيات والمرئيات وهو أحد مواقع شبكة منتديات
مكتوب , انضم الآن و احصل على فرصة متابعة أَناشيد جديدة و خلفيات
إسلامية و المصحف المعلم للأَطفال والعديد من تلاوات القرآن الكريم
لمشاهير القراء.
هذه خطبة من خطب المسجد الحرامـ للشيخ سعود الشريمـ حفظه الله
في فضل العفو والصفح .. فلاهمية الصفح والعفو نقلتها فأن هذه الدنيا زائله
ونحن نجتمع هنا لنكون اخوة متحابين متألفين والا مافائده اجتماعنا اذا كنا سنتناحر ونتقاطع
الهمـ اصلح قلوبنا واجعلنا من اهل العفو الصفح
____________________
ملخص الخطبة
1- فضل سلامة الصدر. 2- مصدر العزة والرفعة. 3- فضل العفو. 4- حضّ الشريعة على العفو. 5- العفو شجاعة وقوة. 6- ذم التشفّي والانتقام. 7- بين العفو والصفح. 8- فضل الصفح.____________________
الخطبة الأولى :
أمّا بعد: فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدَى هديُ محمّد ، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة.
ألا فاتَّقوا الله عبادَ الله، واعلموا أنَّما هذه الحياة الدنيا متاع، وأنَّ الآخرة هي دار القرار، فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:100].
أيّها الناس، سلامة صدرِ المرء من الغشَش وخُلوّ نفسِه من نزعةِ الانتصار للنَّفس والتشَفِّي لحظوظِها لهي سِمَة المؤمن الصالح الهيّن اللَّيِّن الذي لا غلَّ فيه ولا حسَد، يؤثر حقَّ الآخرين على حقِّه، ويعلم أنَّ الحياةَ دارُ ممرٍّ وليسَت دار مَقرٍّ؛ إذ ما حاجةُ الدنيا في مفهومه إن لم تكُن موصِلَةً إلى الآخرة؛ بل ما قيمةُ عيشِ المرء على هذه البسيطة وهو يَكنِزُ في قلبه حبَّ الذات والغِلظة والفَظاظَة و يُفرِزُ بين الحين والآخر ما يؤكِّد من خلالِه قَسوَةَ قلبِه وضيق عَطَنه؟!
ما أكثَرَ الذين يبحَثون عن مصادرِ العزِّة وسبُلها والتنقيب عنها يمنةً ويَسرةً والتطلُّع إلى الاصطباغِ بها أو بشيءٍ منها مهما بلَغ الجَهدُ في تحصيلها، مع كثرَتِها وتنوُّع ضُروبها، غيرَ أنَّ ثمَّةَ مصدرًا عظيمًا من مصادرِ العزَّة يغفل عنه جلُّ النّاس مع سهولَتِه وقلَّة المؤونةِ في تحصيله دون إجلابٍ عليه بخيلٍ ولا رَجلٍ؛ إنما مفتاحُه شيءٌ من قوَّةِ الإرادة وزمِّ النفسِ عن استِتمامِ حظوظها واستيفاءِ كلِّ حقوقِها، يتمثَّل هذا المفتاحُ في تصفِيَة القلب من شواغلِ حظوظ الذّات وحبِّ الأخذ دون الإعطاءِ.
هذه العزّةُ برمَّتها يمكِن تحصيلُها في ولوجِ المرء بابَ العفو والصَّفح والتسامح والمغفرة، فطِيبُ النفس وحسنُ الظنّ بالآخرين وقَبول الاعتذار وإقالةُ العثرة وكَظم الغيظ والعفوُ عن الناس كلُّ ذلك يعَدّ من أهمِّ ما حضَّ عليه الإسلام في تعامُل المسلمين مع بعضِهم البعض. ومَن كانت هذه صفَته فهو خليقٌ بأن يكونَ من أهل العزَّة والرفعة؛ لأنَّ النبيَّ قال: ((ما نقَصَت صدقةٌ من مالٍ، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلاَّ عِزًّا، وما تواضَعَ أحدٌ للهِ إلا رفعَه)) رواه مسلم[1]، وفي لفظٍ لأحمد: ((ما مِن عبدٍ ظُلِمَ بمظلمةٍ فيُغضِي عنها لله إلاَّ أعزَّه الله تعالى بها ونصَره))[2]. فهذِه هي العِزَّة يا باغيَ العزة، وهذه هي الرِّفعة يا من تنشُدُها.
إنها رِفعة وعِزّة في الدنيا والآخرة، كيف لا وقد وعد الله المتَّصفِين بها بقولِه: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ [آل عمران:133، 134]؟! والكاظِمونَ الغيظَ ـ عباد الله ـ هم الذين لا يُعْمِلون غضَبَهم في الناس، بل يكفّون عنهم شرَّهم، ويحتسِبون ذلك عند الله عز وجل، أمّا العافون عن الناس فهم الذين يعفونَ عمَّن ظلمَهم في أنفسهم، فلا يبقَى في أنفِسهم موجِدَة على أحدٍ. ومن كانت هذه سجيَّته فليبشِر بمحبَّةِ الله له حيث بلَغَ مقامًا من مقاماتِ الإحسان، وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ [آل عمران:134]. ألا إنَّ مَن أحسن فقد أحبَّه الله، ومن أحبَّه الله غفَر له ورحمه، إِنَّ رَحْمةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ [الأعراف:56].
العفو ـ عبادَ الله ـ شِعار الصالحين الأنقِيَاء ذوِي الحِلم والأناة والنّفس الرضيّة؛ لأنَّ التنازلَ عن الحقِّ نوعُ إيثارٍ للآجلِ على العاجل وبسطٍ لخُلُقٍ نقيٍّ تقيٍّ ينفُذ بقوّةٍ إلى شِغاف قلوب الآخرين، فلا يملِكون أمامه إلا إبداءَ نظرةِ إجلالٍ وإكبار لمن هذه صفتُه وهذا ديدَنُه.
إنَّ العفو عن الآخرين ليس بالأمرِ الهيِّن؛ إذ له في النّفسِ ثِقلٌ لا يتِمّ التغلُّب عليه إلاّ بمصارعةِ حبِّ الانتصار والانتقامِ للنفس، ولا يكون ذلك إلا للأقوياءِ الذين استعصَوا على حظوظ النّفس ورغباتها وإن كانت حقًّا لهم يجوزُ لهم إمضاؤُه لقوله تعالى: وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ [الشورى:41]، غيرَ أنَّ التنازل عن الحقّ وملكةَ النفس عن إنفاذِه لهو دليلٌ على تجاوزِ المألوفِ وخَرق العادات. ومِن هنا يأتي التميُّز والبراز عن العُموم، وهذا هو الشَّديد الممدوحُ الذي يملِك نفسه عند الغضب كما في الصحيحَين وغيرهما عن النبي [3]، وقد أخرج الإمام أحمَد في مسنده قولَ النبيِّ : ((من كظم غيظًا وهو قادرٌ على أن ينفِذَه دعاه الله على رؤوسِ الخلائق حتى يخيِّرَهُ من أيِّ الحور شاء))[4].
أيّها المسلمون، إنَّ شريعتَنا الغرّاء يوم حضَّت المسلمِين على التخلُّق بخلقِ العفو والتجاوُز لم تقصِر هذا الحضّ في نطاقٍ ضيق أو دائرة مغلَقَة، بل جعلتِ الأمرَ فيه موسَّعًا ليشمَلَ جوانبَ كثيرةً من شؤونِ التّعامُل العَامّ والخاصّ، فلقد جاء الحضُّ من الشارع الحكيم للقيادة الكُبرى وأهلِ الولاية العظمى بذلك؛ لأنَّ تمثُّل القيادَةِ بسيما العفوِ والتسامُح أمارةٌ من أمارات القائدِ الناجحِ كما أمرَ الله نبيَّه في قولِه: خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ [الأعراف:199]، والعفو هنا هو التجاوُز على أحدِ التفسيرَين، وكما في قوله تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًا غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ [آل عمران:195].
ولقد تعدَّى الحضُّ أيضًا إلى أبوابِ الدِّماء والقِصاص كما في قولِه تعالى: فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ [المائدة:54]، كما تعدى الحضّ أيضًا إلى الزَّوجين في مسألةِ الصداق في الطلاق قبلَ الدخول حيث قال سبحانه: وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237]، بل إنَّ الحضَّ على العفوِ قد تعدَّى إلى ما يخصّ تبايُع الناس وشراءَهم ومدايناتهم، فقد قال النبي : ((من أقال مسلمًا بيعتَه أقال الله عثرتَه)) رواه أبو داود وابن ماجه[5]، وقال : ((كان تاجرٌ يدايِن الناس، فإذا رأَى معسِرًا قال لفتيانه: تجاوَزوا عنه لعلَّ الله أن يتجاوز عنّا، فتجاوَز الله عنه)) رواه البخاري ومسلم[6]. وثمّة تأكيدٌ على عموم الحضِّ على العفوِ في التعاملِ مع الآخرين بسؤالِ الرجل الذي جاء إلى النبيِّ فقال: يا رسول الله، كم نعفو عن الخادم؟ فصمَت، ثم أعادَ عليه الكلام فصمَت، فلمّا كان في الثالثة قال: ((اعفوا عنه في كلِّ يومٍ سبعين مرة)) رواه أبو داود والترمذي[7].
وبعدُ يا رعاكم الله: فإنّ العفو والتجاوز لا يقتضِي الذّلَّةَ والضعف، بل إنه قمَّة الشجاعة والامتنانِ وغلَبَة الهوى، لا سيَّما إذا كان العفوُ عند المقدِرَة على الانتصار، فقد بوَّب البخاريّ رحمه الله في صحيحه بابًا عن الانتصارِ من الظالم لقوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ [الشورى:39]، وذكَرَ عن إبراهيم النخعيّ قوله: "كانوا يكرَهون أن يُستَذَلّوا، فإذا قدروا عفَوا"[8]، قال الحسن بنُ علي رضي الله تعالى عنهما: (لو أنَّ رجلاً شتَمني في أذني هذه واعتذر في أُذني الأخرَى لقبِلتُ عذرَه)[9]، وقال جعفرُ الصادِق رحمه الله: "لأن أندمَ على العفوِ عشرين مرّةً أحبُّ إليَّ من أندَم على العقوبة مرة واحدة"[10]، وقال الفضيل بنُ عياض رحمه الله: "إذا أتاك رجلٌ يشكو إليك رجلاً فقل: يا أخي، اعفُ عنه؛ فإنَّ العفو أقرب للتقوى، فإن قال: لا يحتمِل قلبي العفوَ ولكن أنتصر كما أمرَني الله عزّ وجلّ فقل له: إن كنتَ تحسِن أن تنتَصِر، وإلاّ فارجع إلى بابِ العفو؛ فإنّه باب واسع، فإنه من عفَا وأصلحَ فأجره على الله، وصاحِبُ العفو ينام علَى فراشه باللّيل، وصاحب الانتصار يقلِّب الأمور؛ لأنّ الفُتُوَّة هي العفوُ عن الإخوان".
ثم إنَّ بعض الناس ـ عباد الله ـ قد بلغ من القسوةِ ما لا يمكن معها أن يعفوَ لأحد أو يتجاوَز عنه، لا ترونَ في حياته إلاّ الانتقام والتشفِّي، ليس إلا. ترونَه وترونَ أمثالَه كمثَل سماءٍ إذا تغيَّم لم يُرجَ صَحوُه، وإذا قَدر لا يُنتَظَر عفوه، يغضِبُه الجرمُ الخفيّ، ولا يرضيه العذرُ الجليّ، حتى إنّه ليرَى الذنبَ وهو أضيقُ من ظلِّ الرمح، ويعمَى عن العذرِ وهو أبيَنُ من وضَح النهار. ترونَه ذا أُذنين يسمَع بإحداهما القولَ فيشتطّ ويضطرب، ويحجبُ عن الأخرَى العذرَ ولو كان له حجّةٌ وبرهان. ومَن هذه حالُه فهو عدوُّ عقلِه، وقد استولى عليه سلطان الهوَى فصرفَه عن الحسنِ بالعفوِ إلى القبيح بالتَّشفِّي، تقول عائشة رضي الله تعالى عنها: ما ضرب رسول الله شيئًا قطّ بيده، ولا امرأة ولا خادمًا، إلا أن يجاهِدَ في سبيل الله، وما نيل منه شيء قطّ فينتَقِم من صاحبه إلاّ أن يُنتَهَك شيء من محارِم الله فينتَقِم لله عز وجل. رواه مسلم[11].
ألا إنَّ الانتصارَ للنفس من الظلمِ لحقّ، ولكنَّ العفوَ هو الكمالُ والتّقوى، وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى:40].
باركَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذّكر الحكيم، قد قلت ما قلت، إن صوابًا فمن الله، وإن خطأً فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله إنّه كان غفّارًا.
___________________________
الخطبة الثانية
الحمد لله وحدَه، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده.
وبعد: فاتَّّقوا الله أيها المسلمون، واعلَموا أنَّ تحضيضَ الشريعة على العفوِ والتجاوُز لم يكن مقتصِرًا على العفو في الظاهرِ دون الباطن، بل إنَّ التحضيضَ عمَّ الظاهر والباطنَ معًا، فأطلق على الظاهر لفظَ العفو، وأطلق على الباطنِ لفظ الصَّفح، والعفوُ والصفح بينهما تقارُبٌ في الجملة، إلاَّ أنَّ الصفحَ أبلغ من العفو؛ لأنَّ الصفح تجاوزٌ عن الذنبِ بالكلية واعتباره كأن لم يكن، أمّا العفو فإنّه يقتضي إسقاطَ اللوم الظاهر دونَ الباطن، ولذا أمَر الله نبيَّه به في قولِه: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [الحجر:85]، وهو الذي لا عتاب معه.
العفو والصّفح ـ عباد الله ـ هما خلُقُ النبيّ ، فأين المشمِّرون المقتَدون؟! أين من يغالِبهم حبُّ الانتصار والانتقام؟! أين هم من خلُق سيِّد المرسَلين ؟! سئِلَت عائشة رضي الله عنها عن خلُق رسولِ الله فقالت: لم يكن فاحِشًا ولا متفحِّشًا ولا صخَّابًا في الأسواق، ولا يجزِي بالسيِّئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. رواه أحمد والترمذي وأصله في الصحيحين[1]. وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ [الشورى:36، 37].
هذا وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على خير البريّة وأزكى البشريّة محمد بن عبد الله ن عبد المطلب صاحبِ الحوض والشفاعة، فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكته المسبِّحة بقدسه، وأيّه بكم أيها المؤمنون، فقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، وقال صلوات الله وسلامه عليه: ((من صلّى عليّ صلاة صلّى الله عليه بها عشرًا)).
اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمّد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ؛؛ | <urn:uuid:2bd1dadd-21ce-4379-8c96-8a52082b545d> | CC-MAIN-2013-48 | http://quran.maktoob.com/vb/quran67111/ | 2013-12-11T21:46:49Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386164048127/warc/CC-MAIN-20131204133408-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.975572 | Arab | 6 | {"arb_Arab_score": 0.9755723476409912, "arz_Arab_score": 0.0183882936835289} |
محرر
بيان صادر عن شباب تحرير ليبيا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
ردا على الدين يطلقون التهديدات لشباب التحرير من اعوان النظام البائد نريد افادتكم بقليل من ما لدينا وما خفى كان اعظم .
لقد تم التنسيق فى ما بيننا فى مختلف مناطق ومدن الوطن ليبيا وفى جميع قطعات الوطن الشبابية وجميع ابطال ليبيا العاملون فى الخفاء من اجل تحرير الوطن الغالي ومنهم من يعمل فى اجهزة الامنية التابعة للنظام ومن جميع الرتب والاجهزة الدى انشائها النظام لحمايتة سوف تكون المحرك الاساسى لنهايتة سوف يقوم اخوتنا وابناء الوطن الغالي والعاملون فى داخل اجهزة النظام بتزويد شباب التحرير القائميين على الانتفاضة يوم السابع عشر من شهر فبراير الحالي.
باسماء الاشخاص المسؤلين والقائمين والمشاركين فى محاولة التصدي الى شباب التحرير يوم بيوم وساعة بساعة وكان الاتفاق على مايلي سوف سنقوم بالانتقام الفوري وفى نفس اليوم واللحظة الدي يكون هو فى مواجهتنا وسوف نعرف كيف نصل اليهم وسيكون انتقام فعلي وشرس من جميع هدة الرموز العاملة فى النظام ولن نستثنى اي من عائلاتهم وممتلكاتهم اينما وجدو وكما يعلم الجميع بانه سوف لن يشفع لهم احد لانهم كانو معروفين لدي جميع فئات الشباب وسوف نتلقى هدة المعلومات ونحن فى داخل الميدان وبطريقه منظمة جدا ويتم احالة المعلومات الى شباب المنطقة التابع لها او يقطنها هدا او داك العميل والمسؤول فى هدا النظام البائد وكما يصعب على اي كان من مرتزقة النظام القيام.
بعملية الاختراق وهدا وعد منا نحن جيل ليبيا الجديد والسبب فى عدم استطاعتهم باننا سوف نسعمل اجهزة النظام نفسه من هواتف محموله واتصالات سلكية والاسلكية ومنظومة الاتصالات الاكترونية من داخل الاجهزة الخاصة والمملوكة للنظام وشركة اتصالات الخاصة جدا وسوف نرى لمن الغلبه وهدا التنسيق يتم بين فئة الشباب من حيث لايعلم مناين ستاتي الضربه ابدا وبعد تحرير ليبيا سوف نروي ملحمة ابطال وشباب ليبياالجديدة وهدا لايقتصر على مدينة بعينها.
بل فى جميع المدن الليبية حتى النئية والتى لن تخطر على بال حتى النظام نفسه من السلوم شرقا الى راس اجدير غربا وقطاع اوزو جنوبا لقد دقة ساعة العداله وهدا فقط قطره صغيرة مما يملكه شباب التحرير سنري من هو الباقى .
نعلم ان معلومات كهدة لايجب البوح بها ولكن تحديرا منا لابنا وطننا ان اعتبرو كان بها والا لقد اعدر من اندر .
شباب تحرير ليبيا | <urn:uuid:9bc49986-8e74-4584-9f8c-32dded1dfd2e> | CC-MAIN-2013-48 | http://ossanlibya.org/?p=16129 | 2013-12-13T07:01:05Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386164908494/warc/CC-MAIN-20131204134828-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.870012 | Arab | 17 | {"arb_Arab_score": 0.870012104511261, "arz_Arab_score": 0.05583366006612778, "ars_Arab_score": 0.04910358414053917, "ajp_Arab_score": 0.010075508616864681} |
مشاهدة النسخة كاملة : مــوسوعــة الــجيريــا مـاكـس لعلمــاء الـمسلمين والعرب في العلوم
dr grioui
18-12-2010, 01:58
شارك معنا فى إنشاء مــوســوعة....
علماء المسلمين والعرب
http://www.sadiqtoma.co.uk/G4/Arabs%20on%20Horses%202.jpg
اخــــــــواني واخــــــــــواتي
رواد منتدى الجيريا ماكس و ماكس الصحي و الوقائي
حمل العلماء العرب والمسلمون مشعل الحضارة لمدة تربو على الخمسمائة عام،وأوروبا تغط في ظلمات العصور الوسطى ولو كانت جائزة نوبل على أيامهم لحصل عليها الواحد منهم عشرات المرات كالخليل بن أحمد الفراهيدي وابن دريديعقوب بن إسحاق الكندي والبيروني والخوارزمي صاحب الخورزميات وغيرهم إلا أن نكران الجميل وإهمال سيرهم كان من نصيبهم حتى جهلهم أحفادهم وصارت سيرتهم وعلمهم غريب علينا ويعرفهم غيرنا جيدا ولا زالوا يستفيدون من علومهم وبأفكارهم وجهدهم يحصلون على الدرجات العلمية العالية والجوائز وكثيرا منهم جاحدون وقليل المنصفون .
لذا أحببـت أن أطـرح هذا الموضوع للفائدة وهــــــــو عبـــــارة عـــــن مـــــــــوسوعة علماء المسلمين والعرب تخليدا لذكراهم
فأى شخـــــصية كــان لهــــــا تاريخهـــــــا اللامــــــع يمكــــــن أن نخصهــــــــا بذكــــــر هنــــــــا
نكتـــــــــب لمحــــــة مــــــوجزه عـــــن حياتــــــــه مثــــال ( أسمه ، أين ولد ، أعماله .......إلخ )
أنتظــــــر تفاعلكـــم ومشـــاركتكم بأكبــــر
مـــــــــوسوعة علماء المسلمين والعرب.
ارجو التثبيت لتعم الفائده
dr grioui
18-12-2010, 02:08
ســــــــأبدا بـــاول مشـــاركه ...
العــــالم
ابن سينا
عالم مسلم
http://up.libyan-sat.com//uploads/images/lyb3d8ac2621.jpg
(370- 428هـ - 980- 1037 م)
هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا، الملقب بالشيخ الرئيس، صاحب التصانيف في الطب والمنطق والطبيعيات والشريعة. ولد في قرية أفشنا بالقرب من بخارى إحدى مدن تركستان. انصرف في بادئ الأمر لحفظ القرآن ودراسة الشريعة، ثم تعلم المنطق والفلسفة، وأخيراً تفرغ لعلوم الطب، فاستوعبها ولم يتجاوز عمره الثامنة عشرة، وقد قربه أمير المنطقة نوح بن منصور لما رأى من نبوغه، وفتح له مكتبته الخاصة التي كان يقضي معظم أوقاته فيها وجعله في حاشيته. قام ابن سينا بعد ذلك بجولة في شمال إيران وجنوبها واستقر فترة من الزمن في مدينة جرجان حيث أتيح له أن ينتهي من وضع بعض مؤلفاته، ثم رحل أخيراً إلى مدينة همذان حيث قام بتأليف كتابه القانون في الطب، وكان شمس الدولة حاكم تلك المنطقة فجعله وزيراً له بعد أن أعجب بعلمه ومهارته في الطب. يعتبر ابن سينا شخصية فذة وعبقرية نادرة قل ما يجود بمثلها الزمان، لذلك فقد تنازع على أصله الإيرانيون والترك والعرب والروس؛ لأن مولده وحياته وثقافته موزعة بين هذه الشعوب، ولكن يكفي أن نقول بأنه ترك ما يزيد على مائة مؤلف في مختلف العلوم والفنون، كتبها كلها باللغة العربية، عدا كتاب واحد تكلم فيه عن النبض ودونه باللغة الفارسية.
لقد أحصيت مؤلفات ابن سينا الموجودة حالياً في المكتبات الأوربية والشرقية، فبلغت (68)، بعضها يبحث في الطب، وبعضها في الفلسفة أو الفقه أو التصوف أو الأدب. وإن أشهر هذه المؤلفات على الإطلاق (القانون) في الطب ( والشفاء) في الفلسفة، كما له أرجوزة في الطب يبلغ عدد أبياتها الألف، ومطلعها:
الطب حفظ صحة برء مرض من سبب في بدن منه عرض
وله قصيدة في الفلسفة مطلعها:
هبـطـت إليك المحل الأرفع ورقـاء ذات تعـزز وتمنع
تمثال له في مدينة دوشنبه في طاجكستان
http://up.libyan-sat.com//uploads/images/lyedf4184d09.jpg
بالرغم من امتزاج الطب خلال القرون الوسطى بالسحر والشعوذة إلا أن ابن سينا لم يتعرض لهذه الأمور في كتبه البتة، واعتبر المرض عارضاً جسدياً ينشأ من اضطراب الأمزجة، لكنه لم ينكر وجود الأرواح العلوية والسفلية التي تؤثر في الجسم الحي. بقي كتاب القانون مرجعاً رئيسياً لطلاب الطب في البلاد الإسلامية والأوربية حتى نهاية القرن الثامن عشر، وقد درس في جامعتي مونبليه ولوفان حتى عام 1560،وكان جميع ماورد فيه يعتبر أمراً مسلماً به لا يتطرق إليه الشك، وقد ترجم وطبع عدة مرات أولها عام 1472وآخرها عام 1663م.
dr grioui
18-12-2010, 11:33
ابن النفيس
http://up.libyan-sat.com//uploads/images/lyef54aafbab.jpg
علاء الدين على بن أبى الحزم القـَرشي الدمشقي، الملقب بـابن النفيس (607هـ/1213 - 687هـ) الرائد الأول في علوم الطب ومكتشف الدورة الدموية الصغرى. يعتبر رائد علم وظائف الأعضاء في الإنسان، حيث وضع نظريات يعتمد عليها العلماء إلى الآن.
ولد على مشارف غوطة دمشق، وأصله من بلدة قَرْش في بلاد ما وراء النهر (تقع معظمها اليوم في دولة أوزبكستان وأهلها من الترك). تعلم في البيمارستان النوري بدمشق، حيث درس بالإضافة للطب الفقه واللغة والمنطق والفلسفة والأدب، حتى أصبح من فقهاء الشافعية وطبيبا مميزا.
انتقل إلى القاهرة في عام 1236 م وعمل في البيمارستان النصري، ثم في البيمارستان المنصوري (مستشفى قلاوون الآن). أصبح مشرفا على البيمارستان المنصوري وحمل لقب رئيس أطباء مصر وطبيب السلطان وظل هكذا حتى وفاته في القاهرة عام 687هـ. أوصى بمكتبه وكتبه البيمارستان المنصوري للبيمارستان المنصوري بالقاهرة
من أهم مؤلفاته
موجز القانون
الشامل في الصناعة الطبية
بغية الطالبين وحجة المتطببين
بغية الفطن من علم البدن
المختار في الأغذية لمداواة الأمراض بالغذاء
الرماد
leo messi
18-12-2010, 11:40
شكرا لك اخي .... للمبادرة الطيبة منك
جزاك الله خيرا
Âýâ D'ḝ Älbâ
18-12-2010, 11:57
بارك الله فيك على الفكرة المميزة
موضوع يستاهل التثبيت
ابن البيطار
هو أبو محمد ضياء الدين عبد الله بن أحمد بن البيطار، المالقي الأندلسي، وهو طبيب وعشاب، ويعتبر من أشهر علماء النبات عند العرب. ولد في أواخر القرن السادس الهجري، ودرس على أبي العباس النباتي الأندلسي، الذي كان يعشب، أي يجمع النباتات لدرسها وتصنيفها، في منطقة اشبيلية
سافر ابن البيطار، وهو في أول شبابه، إلى المغرب، فجاب مراكش والجزائر وتونس، معشباً ودارساً وقيل أن تجاوز إلى بلاد الأغارقة وأقصى بلاد الروم، آخذاً من علماء النبات فيها. واستقر به الحال في مصر، متصلاً بخدمة الملك الأيوبي الكامل الذي عينه (رئيساً على سائر العشابين وأصحاب البسطات) كما يقول ابن أبى أصيبعة، وكان يعتمد علليه في الأدوية المفردة والحشائش. ثم خدم ابنه الملك الصالح نجم الدين صاحب دمشق
من دمشق كان ابن البيطار يقوم بجولات في مناطق الشام والأناضول، فيعشب ويدرس. وفي هذه الفترة اتصل به ابن أبي أصيبعة صاحب (طبقات الأطباء)، فشاهد معه كثيراً من النبات في أماكنه بظاهر دمشق، وقرأ معه تفاسير أدوية كتاب ديسقوريدس. قال ابن أبي أصيبعة: (فكنت آخذ من غزارة علمه ودرايته شيئاً كثيراً. وكان لا يذكر دواء إلا ويعين في أي مكان هو من كتاب ديسقوريدس وجالينوس، وفي أي عدد هو من الأدوية المذكورة في تلك المقالة)
وقد توفي ابن البيطار بدمشق سنة 646 هـ، تاركاً مصنفات أهمها: كتاب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، وهو معروف بمفردات ابن البيطار، وقد سماه ابن أبي أصيبعة (كاتب الجامع في الأدوية المفردة)، وهو مجموعة من العلاجات البسيطة المستمدة من عناصر الطبيعة، وقد ترجم وطبع. كما له كتاب المغني في الأدوية المفردة، يتناول فيه الأعضاء واحداً واحداً، ويذكر طريقة معالجتها بالعقاقير. كما ترك ابن البيطار مؤلفات أخرى، أهمها كتاب الأفعال الغريبة، والخواص العجيبة، والإبانة والإعلام على ما في المنهاج من الخلل والأوهام
ومن صفات ابن البيطار، كما جاء على لسان ابن أبي أصيبعة، أنه كان صاحب أخلاق سامية، ومروءة كاملة، وعلم غزير. وكان لابن البيطار قوة ذاكرة عجيبة، وقد أعانته ذاكرته القوية على تصنيف الأدوية التي قرأ عنها، واستخلص من النباتات العقاقير المتنوعة فلم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا طبقها، بعد تحقيقات طويلة. وعنه يقول ماكس مايرهوف: (أنه أعظم كاتب عربي ظهر في علم النبات)
لي عودة ان شاء الله
dr grioui
18-12-2010, 12:18
شكرا لكي على هذه المساهمه وجعلها في ميزان حسناتك
dr grioui
18-12-2010, 12:43
الخوارزمي
http://up.libyan-sat.com//uploads/images/ly487e939bf2.jpg
ابي عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي عالم عربي مسلم من أهل خوارزم (حالياً في أوزبكستان) ويكني باسم الخوارزمي قيل أنه ولد حوالي 781م، وقيل أنه توفي بعد 232هـ أي بعد 847م) وقيل توفي سنة 236هـ. يعتبر من أوائل علماء الرياضيات المسلمين حيث ساهمت أعماله بدور كبير في تقدم الرياضيات في عصره.
نشأته
حسب بعض الروايات فقد أنتقلت عائلته من مدينة خوارزم (والتي تسمى ’’خيوا‘‘ في العصر الحالي، في جمهورية أوزبكستان) إلى بغداد في العراق، والبعض ينسبه للعراق فقط. وأنجز الخوارزمي معظم أبحاثه بين عامي 813 و 833 في دار الحكمة، التي أسسها الخليفة المأمون. حيث أن المأمون عينه على رأس خزانة كتبه، وعهد إليه بجمع الكتب اليونانية وترجمتها. وقد استفاد الخوارزمي من الكتب التي كانت متوافرة في خزانة المأمون فدرس الرياضيات، والجغرافية، والفلك،والتاريخ، إضافةً إلى إحاطته بالمعارف اليونانية والهندية. و نشر كل أعماله باللغة العربية، التي كانت لغة العلم في ذلك العصر. ويسميه الطبري في تاريخه: محمد بن موسى الخوارزمي القطربلّي، نسبة إلى قرية قُطْربُلّ من ضواحي بغداد. بدأ الخوارزمي كتابه (الجبر والمقابلة) بالبسملة. وتشير الموسوعات العلمية -كالموسوعة البريطانية (نسخة الطلاب) وموسوعة مايكروسوفت إنكارتا وموسوعة جامعة كولومبيا وغيرها- على أنه عربي، في حين تشير مراجع أخرى إلى كونه من أصول فارسية. وفي الإصدار العام للموسوعة البريطانية تذكر أنه "عالِم مسلم" من دون تحديد قوميته.
يُعَدُّ الخوارزمي من أكبر علماءالعرب، ومن العلماء العالميين الذين كان لهم تأثير كبير على العلوم الرياضية والفلكية. وفي هذا الصدد يقول ألدو مييلي: "وإذا انتقلنا إلى الرياضيات والفلك فسنلتقي، منذ البدء، بعلماء من الطراز الأول، ومن أشهر هؤلاء العلماء أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي".
مؤسس علم الجبر
الخوارزمي مؤسس علم الجبر كعلم مستقل عن الحساب، وقد أخذه الأوربيون عنه. وهو أول من استعمل كلمة "الجبر" للعلم المعروف الآن بهذا الاسم. فلحد الآن ما زال الجبر يعرف باسمه العربي في جميع اللغات الأوربية. وهو أول من ألف في الجبر. كما يرجع إليه الفضل في تعريف الناس بالأرقام الهندية (وهي التي تعرف بالأرقام العربية). ومن الإسهامات الهامة للخوارزمي في الرياضيات اكتشافه بعض القواعد وتطويرها، ومنها : قاعدة الخطأين، والطريقة الهندسية لحل المربعات المجهولة وهي التي تسمي اليوم باسم المعادلة من الدرجة الثانية، كما نشر الخوارزمي أول الجداول العربية عن المثلثات للجيوب والظلال، وقد ترجمت إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر. إضافةً إلى إسهاماته الكبرى في الحساب، أبدع الخوارزمي في علم الفلك وأتى ببحوث جديدة في المثلثات، ووضع جداول فلكية (زيجاً). وقد كان لهذا الزيج الأثر الكبير على الجداول الأخرى التي وضعها العرب فيما بعد، إذ استعانوا به واعتمدوا عليه وأخذوا منه.
الخوارزمي كعالم الرياضيات
أبتكر الخوارزمي مفهوم الخوارزمية في الرياضيات و علم الحاسوب، (مما أعطاه لقب أبو علم الحاسوب) عند البعض، حتى ان كلمة خوارزمية في العديد من اللغات أشتقت من أسمه، بالاضافة لذلك، قام الخوارزمي باعمال هامة في حقول الجبر و المثلث اتوالفلك و الجغرافية و رسم الخرائط. ادت اعماله المنهجية و المنطقية في حل المعادلات من الدرجة الثانية إلى نشوء علم الجبر، حتى ان العلم اخذ اسمه من كتابه حساب الجبر و المقابلة، الذي نشره عام 830، و انتقلت هذه الكلمة إلى العديد من اللغات
يفضل الخوارزمي، يستخدم العالم الارقام العربية التي غيرت و بشكل جذري مفهومنا عن الاعداد، كما انه قذ ادخل مفهوم العدد صفر.
كتبه ومؤلفاته
كتاب الجبر كان أول كتبه عن الحل النظامي ’’للمعادلتان الخطية والتربيعية‘‘.قدمت تراجم لاتينية لنظريته في علم الحساب، عن ’’الأعداد الهندية‘‘، ’’نظام الأرقام العشرية الوضعية‘‘ للغرب في القرن الثاني عشر. كما شرحها في كتابه. الكلمتان ’اللجرزم‘ و’اللجرثم‘ تنسبان إلى كلمة ’الجورتمي‘، النطق اللاتيني لاسمه، كتاب الرخامة، كتاب العمل بالإسطرلاب، كتاب الجبر والمقابلة الذي ألَّفه لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم، وفي مقاسمتهم وأحكامهم وتجارتهم، وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة الأرضين وكري الأنهار والهندسة، وغير ذلك من وجوهه وفنونه. ويعالج كتاب الجبر والمقابلة المعاملات التي تجري بين الناس كالبيع والشراء، وصرافة الدراهم، والتأجير، كما يبحث في أعمال مسح الأرض فيعين وحدة القياس، ويقوم بأعمال تطبيقية تتناول مساحة بعض السطوح، ومساحة الدائرة، ومساحة قطعة الدائرة، القول إن الخوارزمي يعد من أعظم العلماء في عصره، وقد >كان له أعظم الفضل في تعريف العرب والأوربيين، من بعدهم، بنظام العدد الهندي. فهو واضع علم الجبر وواضع كثير من البحوث في الحساب والفلك والجغرافيا. وقد ظلت كتبه تدرس في الجامعات الأوربية حتى القرن السادس عشر. تعتبر انجازات الخوارزمي في الرياضيات عظيمة، و لعبت دورا كبيرا في تقدم الرياضيات و العلوم التي تعتمد عليها.
الخوارزمي كفلكي و جغرافي
إضافةً إلى إسهاماته الكبرى في الحساب، أبدع الخوارزمي في علم الفلك وأتى ببحوث جديدة في المثلثات، ووضع جداول فلكية صحح الخوارزمي ابحاث العالم الاغريقي بطليموس في الجغرافية، معتمداً على أبحاثه الخاصة. كما انه قد اشرف على عمل 70 جغرافياً لإنجاز أول خريطة للعالم المعروف آنذاك. ومن أشهر كتبهِ في الجغرافيا كتاب (صورة الأرض). عندما أصبحت أبحاثهِ معروفة في أوروبا بعد ترجمتها إلى اللاتينية، كان لها دور كبير في تقدم العلم في الغرب، عرف كتابه الخاص بالجبر أوروبة بهذا العلم وأصبح الكتاب الذي يدرس في الجامعات الأوروبية عن الرياضيات حتى القرن السادس عشر، كتب الخوارزمي أيضاً عن الساعة،والإسطرلاب، و والساعة الشمسية.
The Black star
18-12-2010, 13:00
شكراا للمبادرة
لي عودة
ان شاء الله
dr grioui
18-12-2010, 14:11
شكرا لك اخي .... للمبادرة الطيبة منك
جزاك الله خيرا
الف شكر على مرورك
ونحن ننتضر مساهمتك
dr grioui
18-12-2010, 14:12
شكراا للمبادرة
لي عودة
ان شاء الله
الف شكر على مرورك
ونحن ننتضر مساهمتك
fethi08111971
18-12-2010, 14:30
السلام عليكم
موضوع جميل جدا
إذا استمر الموضوع على هذه الوتيرة من الإثراء سيتم تثبيته
بالتوفيق
dr grioui
18-12-2010, 15:45
السلام عليكم
موضوع جميل جدا
إذا استمر الموضوع على هذه الوتيرة من الإثراء سيتم تثبيته
بالتوفيق
بارك الله فيك و وفقكم الله
دمتم للمنتدى
واحد من الناس
18-12-2010, 16:00
الأصمعي
(123-216 هـ)
أبو سعيد عبد الملك بن قُرَيْب بن عبد الملك بن علي بن أصمع بن مُظَهّر بن رياح بن عمرو بن عبد شمس بن أعيا بن سعد بن عبد بن غنم بن قتيبة بن معن بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الباهليّ (123-216 هـ) المشهور بالأصمعي. راوية العرب، وأحد أئمة العلم باللغة والنحو والشعر والبلدان. نسبته إلى جده أصمع. ومولده ووفاته في البصرة. كان كثير التطواف في البوادي، يقتبس علومها ويتلقى أخبارها، ويتحف بها الخلفاء، فيكافأ عليها بالعطايا الوافرة.
ولد في حي بني أصمع بالبصرة، وفيها نشأ، ثم قدم بغداد في خلافة هارون الرشيد، وكان الرشيد يسميه "شيطان الشعر" مداعبة له. قال الأخفش: «ما رأينا أحداً أعلم بالشعر من الأصمعي». وقال أبو الطيب اللغوي: «كان أتقن القوم للغة، وأعلمهم بالشعر، وأحضرهم حفظاً». وكان الأصمعي يقول: «أحفظ عشرة آلاف أرجوزة» وفي روايات أخرى ستة عشر ألف أرجوزة. ونقل السيوطي في كتابه بغية الوعاة في أخبار اللغويين والنحاة عن الشافعي قوله «ما عبر أحد عن العرب بمثل عبارة الأصمعي» وعن ابن معين: «ولم يكن ممن يكذب، وكان من أعلم الناس في فنه». وأبي داود: «صدوق؛ وكان يتقي أن يفسر الحديث، كما يتقي أن يفسر القرآن».
أتقن تجويد القرآن علي يد أبي عمرو بن العلاء أحد القراء السبعة، وهو معلمه النحو والأدب وأكثر من لازمه من شيوخه. كما أخذ عن عيسى بن عمر الثقفي والخليل بن أحمد الفراهيدي. وروى عن قرة بن خالد ونافع بن أبي نعيم وحماد بن سلمة3 وشعبة بن الحجاج ومسعر بن كدام وغيرهم، وروى عنه عبد الرحمن ابن أخيه عبد الله وأبو عبيد القاسم بن سلام وأبو حاتم السجستاني وأبو الفضل الرياشي وغيرهم.
روى له أبو داود والترمذي.
مات في خلافة المأمون في البصرة، وقيل في رثائه الكثير ومن ذلك ما قاله أبو العالية الشامي
لا دَرَّ دَرُّ نباتِ الأرضِ إذ فُجِعَت بالأصمعيِّ لقد أبقت لنا أسفا
عشْ ما بدا لك في الدنيا فلست ترى في الناس منه ولا في علمه خلفا
dr grioui
18-12-2010, 16:28
ابن الهيثم
http://muqchem.files.wordpress.com/2009/06/alhazen1.jpg
هو العالم العربي محمد بن الحسن بن الهيثم أبو على البصري، عالم بصريات وهندسة له العديد من المؤلفات والمكتشفات العلمية التي أكدها العلم الحديث
مولده ونشأته
ولد ابن الهيثم في مدينة البصرة في العراق سنة 354 هجرية- 965 ميلادية، في عصر كان يشهد ازدهارا في مختلف العلوم من رياضيات وفلك وطب وغيرها، هناك أنكب على دراسة الهندسة والبصريات وقراءة كتب من سبقوه من علماء اليونان وغيرهم في هذا المجال، كتب عدة رسائل وكتب في تلك العلوم وساهم على وضع القواعد الرئيسية لها.
أشهر أعماله:
المناظر (أو علم الضوء) - صورة الكسوف - اختلاف منظر القمر - رؤية الكواكب - التنبيه على ما في الرصد من الغلط - تربيــــع الدائرة - أصول المساحة - أعمدة المثلثات - المرايا المحرقة بالقطـــــوع - المرايا المحرقة بالدوائر - كيفـيات الإظلال - رســــــالة في الشفق - شــرح أصول إقليدس في الهندسـة والــعدد - الجامع فـي أصول الحساب - تحليل المسائل الهندسية - تحليل المسائل العـددية. ولابن الهيثم أكثر من 80 كتابا ورسالة، عرض فيها لسير الكواكب والقمر والأجرام السماوية وأبعادها.
مؤلفاته
لابن الهيثم الكثير من المؤلفات التي يصل عددها الى ثمانين كتابا ورسالة في مختلف العلوم، ولعل أهم تلك المؤلفات كتاب المناظر الذي وضع فيه نظريته المعروفة التي أصبحت أساس علم البصريات فيما بعد وتنص على ان العين تتمكن من الرؤية بانبعاث أشعة من الأجسام باتجاهها وهذا ما اثبته العلم الحديث مخالفا بذلك العالم اليوناني بطليموس الذي قال ان العين تخرج أشعة باتجاه الاجسام للتتمكن من رؤيتها.
تأثيره على العلم الحديث
درس إبن الهيثم ظواهر إنكسار الضوء وإنعكاسه بشكل مفصّل ، وخالف الآراء القديمة كنظريات بطليموس ، فنفى ان الرؤية تتم بواسطة أشعة تنبعث من العين ، كما أرسى أساسيات علم العدسات وشرّح العين تشريحا كاملا .
وفاته
توفي إبن الهيثم في مدينة القاهرة في مصر سنة 1038 ميلادية عن عمر 73 عام
dr grioui
19-12-2010, 12:53
أبــــــــــو بكــــر الــــــــرازي
http://up.libyan-sat.com//uploads/images/lydfd7fdcf19.jpg
هو محمد بن زكريا الرازي. أبو بكر. أعظم أطباء الإسلام
وأكثرهم ابتكارا, ومن أشهر فلاسفتهم. ويعتبره الغربيون طبيب الدولة الإسلامية الأول. من أهل الري ونسبته إليها.
ولد وتعلم بها وسافر إلى بغداد بعد سن الثلاثين. أولع بالغناء والموسيقى في أول عمره, ونظم الشعر في صغره, ثم تخلى عن ذلك ونزع إلى الطب والفلسفة, فبرع فيهما واشتهر وتولى تدبير مارستان الري ثم رئاسة الأطباء في البيمارستان العضدي ببغداد.
يعرف الرازي عند الأوربيين باسم (Razhes) وهو أول وأعظم علماء المدرسة الحديثة في الطب بلا مراء. كان بلا جدال
أعظم من أنجبته المدنية الإسلامية من الأطباء, وأحد مشاهير الأطباء في العالم في كل زمان. نزح إلى بغداد وتلقى علومه على يد الطبيب حنينبن إسحاق, وكان في مطلع شبابه من رواد الكيمياء, ثم انصرف إلى الطب بكليته. قالت عنه المستشرقة الألمانية (زيغريد هونكه) في كتابها شمس العرب تسطع على الغرب: في شخصية الرازي تتجسد كل ما امتاز به الطب العربي وما حققه من فتوحات علمية باهرة.
فهو الطبيب الذي عرف واجبه حق المعرفة وقدس رسالته كل التقديس, فملأت عليه نفسه وجوانب قلبه, وهو ينقذ المعوزين ويساعد الفقراء. إنه الموسوعي الشمول الذي استوعب كل معارف سالفيه في الطب وهضمها وقدمها للإنسانية أحسن تقديم, وهو الطبيب العملي الذي يعطي للمراقبة السريرية أهميتها وحقها, وهو البحاثة الكيميائي المجرب الناجح, وهو أخيرا المنهجي في علمه الذي أضفى على الطب في عصره نظاما رائعا ووضوحا يثير الإعجاب.
وإلى جانب الطب عكف الرازي على دراسة الفلك والرياضيات وله في الموسيقى باع عظيم فكان من أوائل واضعي النظريات الموسيقية وكثيرا ما أشاد خلفاؤه الموسيقيين بنظرياته في الموسيقى.
يضاف إلى ذلك أنه انصرف إلى دراسة الفلسفة وهو يعتقد أن النفس هي التي لها الشأن الأول فيما بينها وبين البدن من صلة, وأن ما يجري في النفس من خواطر ومشاعر ليبدو في ملامح الجسم الظاهرة, لذلك وجب على الطبيب ألا يقصر في دراسته على الجسم وحده بل لا بد له أن يكون طبيبا للروح.
عمي في آخر عمره ورفض قدح عينيه قائلا لقد أبصرت من الدنيا حتى مللت. كان واسع الاطلاع في كل فن وعلم وكانت تصانيفه كثيرة أنافت على مائتي كتاب نصفها في الطب.
من أهم كتبه :
- كتاب الأسرار الذي نقله إلى اللاتينية
(جيرار الكرموني g. of. carmana) فأصبح مصدرا رئيسيا للكيمياء,
- كتاب الطب المنصوري, ألفه باسم أمير الري
منصور بن محمد بن إسحاق بن أحمد بن أسد الساماني,
كتاب الفصول في الطب, ومقالة في الحصى والكلى والمثانة,
كتاب تقسيم العلل, والمدخل إلى الطب, ومنافع الأغذية ودفع مضارها, وغير ذلك من المصنفات.
أما رسائل الرازي فأشهرها كتاب الجدري والحصبة وتعد مفخرة من مفاخر التأليف الطبية, وقد نقلت إلى عدة لغات
وأكسبت الرازي شهرة عظيمة, على أن أهم مؤلفات الرازي على الإطلاق كتابه (الحاوي في الطب) (contintens)
وهو يتضمن كل ما توصل إليه الطب السرياني والعربي من معرفة واكتشافات. وقد نقله إلى اللاتينية (فراج بن سالم الإسرائيلي) سنة 1279م, وانتشر على شكل مخطوطات وطبع لأول مرة سنة 1486م, وفي عام 1542م. صدر منه خمس طبعات, فكان أثره في الطب الأوروبي عظيما.
ترك الرازي, فضلا عن الكتب الطبية, أبحاثا في اللاهوت والفلسفة والحساب والفلك والرياضيات والكيمياء. كانت صفته
البارزة في كل تصانيفه تحكيم العقل في كل مسائل العلم والمعرفة.
توفي في بغداد فقيرا, وفي تاريخ وفاته خلاف, فهو في بعض المصادر توفي سنة 317هـ وفي بعضها سنة 320هـ وفي بعضها سنة 360هـ والأرجح أنه توفي سنة 313هـ.
Most@nonyme
19-12-2010, 13:42
أبوحامد الغزالي
http://profile.ak.fbcdn.net/hprofile-ak-snc4/hs226.ash2/50313_227119335447_337111_n.jpg
ابوحامد محمد بن محمد بن محمد بن احمد الملقب حجة الاسلام الطوسي الفقيه الشافعي قيل لم يكن للطائفة الشافعية في آخر عصره مثله. اشتغل في مبدأ أمره بطوس على احمد الرادكاني ثم قدم نيسابور واختلف إلى دروس امام الحرمين وجد في الاشتغال حتى تخرج في مدة قريبة وصار من الاعيان المشار اليهم وصنف في ذلك الوقت وكتبه معروفة اشهرها كتاب البسيط والوسيط والوجيز والخلاصة في الفقه والجام العوام من علم الكلام والتبر المسبوك في نصيحة الملوك والمقصد الاسنى شرح اسماء الله الحسنى والمنقذ من الضلال والاجوبة الغزالية ومنهاج العابدين وكتاب إحياء علوم الدين وهو من أشهر كتبه.
أبو حامد الغزالي هو : محمد بن أحمد الطوسي الغزالي المتوفي سنة 505هـ. صاحب التصانيف الكثيرة في الفقه ، و الأصول ، و الفلسفة ، و علم الكلام ، و التصوف ، و قد مر رحمه الله بمراحل كثيرة و أطوار متعددة ، و عكف في نهاية حياته على دراسة الحديث ، فنسأل الله أن يرزقنا الهداية و حسن الخاتمة . وكتابه الذي أسماه إحياء علوم الدين ، قد لاقى مدح قوم حتى غلو في مدحه و قالوا: من لم يقرأ الإحياء فليس من الأحياء ، و لاقى ذم قوم حتى أفتوا بحرقه و منعه . ولكن مايهمنا في أقوال هؤلاء القوم هو قول العلماء الربانيين الذين لهم النظر الثاقب المتجرد عن العاطفة والمداهنة
فإليكم هذا الجمع الطيب من أقول أهل العلم حول هذا الكتاب المنتشر بين الناس ..
1 ) قال الإمام ابن الجوزي أعلم أن في كتاب "الإحياء" آفات لا يعلمها إلا العلماء ، و أقلها الأحاديث الباطلة الموضوعة ، و الموقوفة و قد جعلها مرفوعة و إنما نقلها كما اقتراها لا أنه افتراها ، و لا ينبغي التعبد بحديث موضوع و الاغترار بلفظ مصنوع . اهـ .
و قال أيضا ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس : و جاء أبو حامد الغزالي فصنف لهم كتاب "الإحياء" على طريقة القوم ، و ملأه بالأحاديث الباطلة، و هو لا يعلم بطلانها ، و تكلم في علم المكاشفة ، و خرج عن قانون الفقه ، و قال: إن المراد بالكوكب، و الشمس، و القمر اللواتي رآهن إبراهيم صلوات الله عليه أنوار هي حُجُب الله عز وجل ، و لم يُرد هذه المعروفات ، و هذا من جنس كلام الباطنية) انتهى.
2 ) قال الإمام الطرطوشي المالكي : فلما عمل كتابه سماه "إحياء علوم الدين" عمد يتكلم في علوم الأحوال و مراقي الصوفية ، و كان غير دري بها و لا خبير بمعرفتها ، فسقط على أم رأسه فلا في علماء المسلمين قر ، و لا في أحوال الزاهدين استقر ، شحن كتابه بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا أعلم كتاباً على بسيط الأرض في مبلغ علمي أكثر كذبا على رسول الله صلى الله عليه و سلم منه، سبكه بمذاهب الفلاسفة و معاني "رسائل إخوان الصفاء" و هم قوم يرون النبوة اكتساباً ، و ليس النبي في زعمهم أكثر من شخص فاضل تخلق بمحاسن الأخلاق . اهـ . المصدر : نقلا عن سير أعلام النبلاء للذهبي 19/334.
3 ) قال الإمام المازري المالكي بعد كلام في نقد الإحياء: و رأيت له في الجزء الأول يقول : إن في علومه ما لا يسوغ أن يودع في كتاب ، فليت شعري أحق هو أو باطل؟!. فإن كان باطلاً فصَدَق ، و إن كان حقاً و هو مراده بلا شك فلم لا يودع في الكتب ؟ ألغموضته و دقته؟ فإن كان هو فهمه ، فما المانع أن يفهمه غيره ؟! . نقله الذهبي في السير 19/340 .
4 ) قال القاضي عياض : و الشيخ أبو حامد ذو الأنباء الشنيعة و التصانيف الفظيعة ، غلا في طريق التصوف ، و تجرد لنصر مذهبهم ، و صار داعية في ذلك ، و ألف فيه تواليفه المشهورة ، أخذ عليه فيها مواضع ، و ساءت به ظنون أمة ، و الله أعلم بسره ، و نفذ أمر السلطان عندنا بالمغرب ، و فتوى الفقهاء بإحراقها و البعد عنها ، فامتثل ذلك . نقله الذهبي في السير 19/327.
5 ) قال شيخ الإسلام ابن تيمية : و الإحياء فيه فوائد كثيرة ، لكن فيه مواد مذمومة ، فإنه فيه مواد فاسدة من كلام الفلاسفة تتعلق بالتوحيد و النبوة و المعاد ، فإذا ذكر معارف الصوفية كان بمنزلة من أخذ عدواً للمسلمين ألبسه ثياب المسلمين .و قد أنكر أئمة الدين على أبي حامد هذا في كتبه و قالوا : مرضه "الشفاء" يعني "شفاء" ابن سينا في الفلسفة. و فيه أحاديث و آثار ضعيفة بل موضوعة كثيرة ، و فيه أشياء من أغاليط الصوفية و ترهاتهم ، و فيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين في أعمال القلوب الموافقة للكتاب و السنة ، و من غير ذلك من العبادات و الأدب ما هو موافق للكتاب و السنة ، ما هو أكثر مما يردّ منه ، فلهذا اختلف فيه اجتهاد الناس و تنازعوا فيه .اهـ . المصدر :مجموع الفتاوى 10/55.
6 ) والختام بكلام الامام الذهبي في المصدر نفسه ( سير أعلام النبلاء* 19/339 ) أما "الإحياء" ففيه من الأحاديث الباطلة جملة ، و فيه خير كثير لولا ما فيه من آداب ، و رسوم ، و زهد من طرائق الحكماء و منحرفي الصوفية نسأل الله علما نافعاً . تدري ما العلم النافع ؟ هو ما نزل به القرآن ، و فسره الرسول صلى الله عليه وسلم قولاً و فعلاً ، و لم يأت نهي عنه. قال عليه السلام : "من رغب عن سنتي فليس مني" فعليك يا أخي بتدبر كتاب الله، و بإدمان النظر في الصحيحين، و سنن النسائي، ورياض النووي و أذكاره تفلح و تنجح . و إياك و آراء عباد الفلاسفة و وظائف أهل الرياضات ، وجوع الرهبان ، و خطاب طيش رؤوس أصحاب الخلوات ، فكل الخير في متابعة الحنفية السمحة ، فوا غوثاه بالله ، اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم . اهـ
والله المستعان وهو من وراء القصد
ألاء الرحمن
19-12-2010, 14:58
جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك
مبادرة والتفاتة طيبة منك اخي
فكرة اعجبتني بالتوفيق لك
والاستمرار الدائم
تقبل مروري
ألاء الرحمن
19-12-2010, 16:16
جابر بن حيان رائد علم الكيمياء
http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file7363/1_628_1552_40.jpg
مولده ونشأته :
هو ابو عبدالله جابر بن حيان بن عبد الله الأزدي الكوفي الطوسي. أبو موسى، أو أبو عبد الله. كان معروفا بالصوفي لزهده. وهو المعروف في العالم اللاتيني المثقف خلال القرون الوسطى باسم (geber) . ولد على أشهر الروايات في سنة 101هـ (721م) وقيل أيضاً 117هـ (737م) ،هاجر والده من اليمن إلى الكوفة في أواخر عصر بني أمية ، وعمل في الكوفة صيدلياً وبقي يمارس هذه المهنة مدة طويلة ( ولعل مهنة والده كانت سبباً في بدايات جابر في الكيمياء وذلك لارتباط العلمين ) وعندما ظهرت دعوة العباسيين ساندهم حيان ، فأرسلوه إلى خراسان لنشر دعوتهم ، وهناك ولد النابغة جابر بن حيان المؤسس الحقيقي لعلم الكيمياء . ولم يمض زمن حتى قبض عامل بني أمية على حيان وقتله، وأرسل جابر إلى أعمامه في اليمن وهم من الأزد، فأتقن العربية وعلوم الدين. ولما آل الأمر إلى العباسيين قدم جابر إلى بغداد واتصل بالبرامكة ونال عندهم وعند الرشيد حظوة.
صفته وألقابه :
وقد وصف بأنه كان طويل القامة ، كثيف اللحية مشتهراً بالإيمان والورع وقد أطلق عليه العديد من الألقاب ومن هذه الألقاب " الأستاذ الكبير " و " شيخ الكيميائيين المسلمين " و " أبو الكيمياء " و " ملك الهند " .
تحوله إلى الكوفة :
وبعد نكبة البرامكة تحول جابر إلى الكوفة وأقام فيها. اشتغل جابر بالكيمياء وكان أشهر المشتغلين بها، عاش جابر في الكوفـة حياة غير مستقرة حيث كان عليه أن يرتحل في الليل من مكان إلى آخر، وذلك حتى ينجو من أعين المتطفلين عليه والذين كان يزعجونه باستمرار في معمله بحثا عن الذهب . ويرجع مثل هذا التطفل، إلى أن جابرا كان قد عاش في فترة زمنية شاع فيها الاعتقاد بين الناس، بل الكيميائيين أنفسهم بما فيهم جابر، أنه يمكن تحويل المعادن الرخيصة مثل الحديد و النحاس و الرصاص والزئبق إلى ذهب أو فضة ، وذلك من خلال مادة مجهولة الخواص تعرف باسم الإكسير أو حجر الفلاسفة. ولما كان جابر أحد النابهين في الكيمياء وأحد تلامذة الإمام جعفر الصادق في ذاك الوقت، فقد كان عدد غير قليل من الناس العاديين يتوقعون أن يكون معمل جابر مليئا بالذهب.
الكيمياء في عصره :
بدأت الكيمياء خرافية تستند على الأساطير البالية ، حيث سيطرت فكرة تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن نفيسة . وذلك لأن العلماء في الحضارات ما قبل الحضارة الإسلامية كانوا يعتقدون المعادن المنطرقة مثل الذهب والفضة والنحاس والحديث والرصاص والقصدير من نوع واحد ، وأن تباينها نابع من الحرارة والبرودة و الجفاف والرطوبة الكامنة فيها وهي أعراض متغيرة ( نسبة إلى نظرية العناصر الأربعة ، النار و الهواء و الماء والتراب)، لذا يمكن تحويل هذه المعادن من بعضها البعض بواسطة مادة ثالثة وهي الإكسير .
ومن هذا المنطلق تخيل بعض علماء الحضارات السابقة للحضارة الإسلامية أنه بالإمكان ابتكار إكسير الحياة أو حجر الحكمة الذي يزيل علل الحياة ويطيل العمر .
أما شهرة جابر الحقيقية فتعود إلى تمكنه من اكتشاف أن الزئبق والكبريت عنصران مستقلان عن العناصر الأربعة التي قامت عليها فكرة السيمياء اليونانية القديمة . كما تميز باعتماده على التجربة العلمية، ووصفه خطوات عمل التجارب وكميات المواد والشروط الأخرى. فوصف التبخير والتقطير والتسامي و التكليس والتبلور. كما ابتكر عددا من الأدوات والتجهيزات المتعلقة بهذه العمليات وأجرى عليها تحسينات أيضا، وامتدت إنجازاته إلى تحضير الفلزات وتطوير صناعة الفولاذ، وإلى الصباغة والدباغة وصنع المشمعات واستخدام أكسيد المنغنيز لتقويم الزجاج ، ومعالجة السطوح الفلزية لمنع الصدأ، وتركيب الدهانات وكشف الغش في الذهب باستخدام الماء الملكي، وتحضير الأحماض بتقطير أملاحها. ومن المواد التي حضرها جابر كبريتيد الزئبق ، وأكسيد الزرنيخ ، وكبريتيد الحديد الكبريتيك ، وملح البارود. كما كان أول من اكتشف الصودا الكاوية، واخترع من الآلات البواتق والإنبيق والمغاطس المائية والرملية.
ومن الجانب الكمي أشار جابر إلى أن التفاعلات الكيميائية تجري بناء على نسب معينة من المواد المتفاعلة والتي توصل بموجبها الباحثون فيما بعد إلى قانون النسب الثابتة في التفاعلات الكيميائية. كما توصل إلى نتائج هامة في مجال الكيمياء من أهمها زيادة ثقل الأجسام بعد إحمائها. وقد استطاع أن يضع تقسيما جديدا للمواد المعروفة في عصره فقسمها للفلزات كالحديد والنحاس، واللافلزات وهي المواد القابلة للطرق، والمواد الروحية كالنشادر والكافور.
منهجه العلمي :
بنى جابر بن حيان معلوماته الكيميائية على التجارب والاستقراء و الاستنتاج العلمي ، لذا فإنه بحق صاحب المنهج العلمي. فنلاحظ أن جابر آمن إيماناً عميقاً بأهمية إجراء التجارب كسبيل علمي دقيق للوقوف على الحقائق ، بعد أن تخلى عن منهج التأمل العقيم المنقطع الصلة بالواقع المشاهد . فلقد نادى جابر بن حيان بأعلى صوته أن دراسة العلوم الطبيعية أساسها التجربة ، لذا نجد أن علماء المسلمين نهجوا منهج جابر بن حيان وحذوا حذوه وذلك ليس في مجال الكيمياء وحسب وإنما في العلوم الأخرى .
فجابر أول من أدخل التجربة العلمية المخبرية في منهج البحث العلمي الذي أرسى قواعده ؛ وقد كان جابر ينصح طلابه بالقول المأثور عنه :" و أول واجب أن تعمل وتجري تجارب ،لأن من لا يعمل ويجري التجارب لا يصل إلى أدنى مراتب الإتقان . فعليك بالتجربة لتصل إلى المعرفة " . فقد درس جابر بكل إمعان المنهج العلمي عند علماء اليونان، فوجده يرتكز على التحليلات الفكرية الغامضة . لذا نلاحظ أن جابر بن حيان اعتمد على المنهج العلمي الذي يخضع للتجربة المخبرية والبرهان الحسي ، وذلك مع الاحتفاظ بالنظريات التي تعتبر عصب البحث العلمي ، فقد ألزم نفسه بأسلوب من البحث النظري والسلوك العملي ، يضم تحته كلا المنهجين الاستدلالي و الاستقرائي ، والذي هو في النهاية الأسلوب العلمي في المعنى الحديث . فجابر يطرح منهجه قائلاً : "يجب أن تعلم أنا نذكر في هذه الكتب ، خواص ما رأيناه فقط دون ما سمعناه أو قيل لنا أو قرأناه. بعد أن امتحناه وجربناه ، فما صح أوردناه وما بطل رفضناه ، ومما استخرجناه نحن أيضاً وقايسناه على هؤلاء القوم " . وإضافة لهذا نرى جابر يجمع بين الامتحان التجريبي أو العمل المعملي والفرض العقلي الذي تأتي التجربة لتأييده أو رفضه أو تكذيبه و هو ما يعتبر لب المنهج التجريبي فيقول : "قد عملته بيدي وبعقلي من قبل وبحثت عنه حتى صح و امتحنته فما كذب ". فالتجربة وحدها لا تكفي لتصنع عالماً ، بل لا بد من أن يسبقها الفرض العلمي الذي يصنعه العالم ، ثم التجربة بعدئذٍ هي المحك ، و يقول جابر أيضاً: " إياك أن تجرب أو تعمل حتى تعلم ويحق أن تعرف الباب من أوله إلى أخره بجميع تقنيته وعلله ، ثم تقصد لتجرب فيكون بالتجربة كمال العلم ".
ابتكاراته العلمية :
لقد جذبت نظرية العناصر الأربعة لأرسطوطاليس ( 384 ق.م- 322ق.م) انتباه جابر بن حيان لذا فقد تناولها جابر بن حيان بالدراسة والبحث العميق باعتبارها أول لبنة قامت عليها الكيمياء . وقد قام جابر بالكثير من العمليات المخبرية كالتبخر ، والتكليس ، والتصعيد ، والتقطير ، والتكثيف ، والترشيح ، و الإذابة ، والصهر ، والبلورة .
ومن العمليات التي قام بها جابر :-
1- تحضير " الملح القلوي " أو حجر البوتاس الكاوي :- يتناول جزئين اثنين من الرماد وجزءاً واحداً من الحجر الجيري أو الكلس الحي ، ويتم وضع الكل على مرشح مع الماء . وبعد ذلك يلجأ إلى تبخير السائل عبر جهاز الترشيح و لذي يتحول إلى ترسب صلب مشكلاً الملح القلوي المراد تحضيره.
2- تحضير ملح الأمونيا :- يسهل الحصول على هذا الملح ، ما يقول جابر ، باللجوء إلى التسخين بواسطة وعاء للتسامي الغازي ، لمزيج يحوي جزئين اثنين من السائل البولي البشري مع جزء من الملح العادي " كلوريد الصوديوم " ، بالإضافة إلى جزء ونصف الجزء من الفحم الدخاني الأسود . وكان دور الفحم الناعم تجزئة المزيج بشكل أفضل .
3- تحضير ملح البول : يحضر هذا الملح من بقايا السائل البولي بعد تحلله وشوائه في أتون ، وبعدها يحل في الماء لعزله بالتبلور فيما بعد ، وهكذا يكون ملح البول الذي حضره جابر ، الترسبات الملحية للبول ويعني ذلك مزيجاً من الأملاح القلوية المحتوية على الفوسفور بشكل ملح الفوسفات . وفيما بعد يتم تحويل ملح البول إلى مركب الأمونيا الذي يتم الحصول عليه بتسخين السائل البولي مع الكلس الحي أو الحجر الجيري .
وقد أكتشف جابر الصودا الكاوية أو " القطرون " NaOH". وهو أول من حضر ماء الذهب ، وأول من أدخل طريقة فصل الذهب عن الفضة بالحل بواسطة الأحماض ، وهي الطريقة السائدة إلى يومنا هذا ، وماء الذهب أو الماء الملكي وهو عبارة عن حمض النتريك " HNO3 " إلى جانب حمض الهيدروكلوريك "HCl" ، إذ يستحيل على أي من الحمضين منفرداً حل لذهب . ويكون جابر بن حيان أول من أكتشف حمضي النتريك و الهيدروكلوريك . وأكتشف إضافة على هذين العنصرين حمض الكبريتيك " H2SO4" . وهو أول من عرف أنه عند خلط محلول الطعام مع محلول نترات لفضة ينتج راسب أبيض ، وهذا الراسب هو كلوريد الفضة . ولا حظ أيضاً أن النحاس يكسب اللهب لوناً أخضراً ، واللهب يكسب النحاس اللون الأزرق ، وشرح بالتفصيل كيفية تحضير الزرنيخ ، والأنتيمون ، وتنقية المعادن وصبغ الأقمشة .كما زاد جابر عنصرين جديدين إلى العناصر الأربعة لدى اليونانيين وهما الكبريت والزئبق ثم زاد الكيميائيين العرب بعد ذلك عنصراً سابعاً وهو الملح . و اكتشف أن الشب يساعد على تثبيت الألوان ، كما أنه صنع ورقاً غير قابل للاحتراق .وحضر أيضاً نوعاً من الطلاء يقي الثياب من البلل ، وآخر يمنع الحديد من الصدأ . كما أن جابر هو أول من استعمل الموازين الحساسة ، والأوزان المتناهية في الدقة في تجاربه العلمية ، ولقد بلور جابر بن حيان نظرية أن الاتحاد الكيميائي باتصال ذرات العناصر المتفاعلة مع بعضها البعض وأخذ على كمثل الزئبق والكبريت عندما يتحدا يكونان مادة جديدة . علماً أن هاتين المادتين لم تفقدا ماهيتهما ، بل أنهما تجزئا إلى دقائق صغيرة و امتزجت هذه الأجزاء صغيرة ببعضها البعض وتكونت المادة الناتجة متجانسة التركيب . وبذلك يكون جابر بن حيان سابقاً دالتون العالم الإنجليزي ( 1766م- 1844 م) بأكثر من ألف سنة .
إنتاجه العلمي :
إذا جئنا لمؤلفات جابر بن حيان ، نكون قد جئنا إلى الأثر الكبير الذي خلفه جابر بعد وفاته وهذا الذي أجج الحساد من الغرب و أدى إلى عدة ردود أفعال من جانبهم :-
1- بعضهم ادعى بوجود شخصية اسمها جابر اللاتيني نسبوا لها بعض مؤلفات جابر الموجودة باللغة اللاتينية .
2- البعض الآخر قال بأن تلاميذ جابر هم الذين قاموا بتأليف هذه الكتب ثم نسبوها إليه .
3- والبعض الذين عمى الحسد أعينهم قالوا بأن جابر هذا لا وجود له .
وكل هذه الادعاءات لا تقوم على دليل سوى البغض والحسد للعلماء العرب والمسلمين .
وقد ذكر أبن النديم المئات من المؤلفات والمصنفات لجابر بن حيان و نذكر من كتبه :
1- كتاب الرحمة : وتطرق فيه إلى تحويل المعادن إلى ذهب .
2- كتاب السموم ودفع مضارها :- وقسمه خمسة فصول تبحث في أسماء السموم وأنواعها و تأثيراتها المختلفة على الإنسان والحيوان ، وعلامات التسمم و المبادرة إلى علاجها و الاحتراس من السموم ، وقد قسم السموم فيه إلى حيوانية كسموم الأفاعي والعقارب وغيرها ، ونباتية كالأفيون والحنظل ، و حجرية كالزئبق و الزرنيخ و الزاج .
3- كتاب " استقصاءات المعلم" .
4- كتاب " نهاية الإتقان " .
5- الوصية الجابرية .
6- الكيمياء الجابرية :- ويشتمل على مجموعات من مكتشفاته المهمة ،
7- كتاب المائة واثني عشر :- ويضم 112 رسالة عن صناعة الكيمياء عامة مع إشارات إلى كيميائيين قدماء .
8- كتاب السبعين : ويضم سبعين رسالة فيها عرض منظم لجهود مؤلفها في الكيمياء .
9- كتاب الموازين : ويضم 144 رسالة تعرض الأسس النظرية والفلسفية للكيمياء والعلوم عامة .
10- كتاب الخمسمائة : ويضم خمسمائة رسالة تعالج بتفصيل بعض المسائل التي وردت موجزة في كتاب الموازين .
11- كتاب الميزان .
12- كتاب الخواص الكبير.
13- كتاب الزئبق .
14- الشمس كتاب الذهب
15- كتاب الخواص .
16- كتاب الأحجار كتاب الموازين .
17- كتاب الوصية .
18- كتاب الخالص .
19- الأسرار.
20- القمر كتاب الفضة .
21- كتاب إخراج ما في القوة إلى الفعل .
22- كتاب صندوق الحكمة .
23- كتاب خواص إكسير الذهب .
24- رسالة في الكيمياء .
25- كتاب المماثلة والمقابلة .
26- كتاب الأحجار :- ويقع في أربعة أجزاء.
27- الحدود.
شهادات العلماء له :
قال عنه الفيلسوف الإنكليزي (باكون) : (إن جابر بن حيان هو أول من علم علم الكيمياء للعالم، فهو أبو الكيمياء) . وقال عنه العالم الكيميائي الفرنسي (مارسيلان برتلو m.berthelot ) المتوفى سنة 1907 هـ في كتابه (كيمياء القرون الوسطى) : (إن لجابر بن حيان في الكيمياء ما لأرسطو في المنطق) . كانت كتبه في القرن الرابع عشر من أهم مصادر الدرسات الكيميائية وأكثرها أثرا في قيادة الفكر العلمي في الشرق والغرب، وقد انتقلت عدة مصطلحات علمية من أبحاث جابر العربية إلى اللغات الأوروبية عن طريق اللغة اللاتينية التي ترجمت أبحاثه إليها.
ولقد قضى جابر بن حيان معظم حياته في طلب العلم ، وتعليم علم الكيمياء فأنجب تلامذة يمتازون بالذكاء بالقدرة على الإنتاج مثل الرازي ، و ابن سينا ، و الفارابي وغيرهم من الجهابذة . و خلاصة القول أن جابر بن حيان كان سابقاً عصره بقرون ولولا ما كان منه من نتاج علمي ضخم لما وصل العالم إلى التقدم الذي يعيشه .فهذه الصنعة ( أي الكيمياء ) هي صنعة جابر وقد قال فيه أحد المفكرين الغربيين " إن فضل جابر على الكيمياء ، كفضل أبقراط في الطب ، و أرسطو طاليس في علم المنطق ، و إقليدس في علم الهندسة ، و .."
من أقوال جابر بن حيان :
لجابر بن حيان أقوال مشهورة في علاقة الطالب بالأستاذ ، جاء فيها :-
" .. أما ما يجب للأستاذ على التلميذ فهو أن يكون التلميذ ليناً ، مقبلاً لجميع أقواله من جميع جوانبه ، لا يعترض في أمر من الأمور ، فإن ذخائر الأستاذ العلم ، ولا يظهرها التلميذ إلا عند السكون إليه ، ولست أريد بطاعة التلميذ للأستاذ أن تكون طاعته في شؤون الحياة الجارية ، بل أريدها طاعة في قبول العلم ".
" .. و أما ما يجب للتلميذ على الأستاذ فهو أن يمتحن الأستاذ توجيه المتعلم ، أي جوهر المتعلم الذي طبع عليه ، ومقدار ما فيه من القبول والإصغاء ، وقدرته على القبول . وكلما احتمل الزيادة زاده ، مع امتحانه فيما كان قد تعلمه .." .
وفاته :
توفي عن ثمانين عاما وفي تاريخ وفاته خلاف، ففي بعض المصادر أنه ولد سنة 120هـ وتوفي سنة 190هـ.
dr grioui
20-12-2010, 11:48
شكرا لك اخي على هذه المساهمة و جزاك الله بها اجر كبير امين
dr grioui
20-12-2010, 11:54
جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك
مبادرة والتفاتة طيبة منك اخي
فكرة اعجبتني بالتوفيق لك
والاستمرار الدائم
تقبل مروري
شكرا لك على هذه المساهمة
و جزاك الله بها اجر كبير
امين
dr grioui
20-12-2010, 13:59
ابن خلدون
http://up.libyan-sat.com//uploads/images/ly98090d92ee.jpg
ابن خلدون . مؤسس علم الاجتماع ومؤرخ مسلم من إفريقية في عهد الحفصيين وهي تونس حالياً ترك تراثاً ما زال تأثيره ممتداً حتى اليوم.
ولد ابن خلدون في تونس عام 1332م (732هـ) بالدار الكائنة بنهج تربة الباي رقم 34. أسرة ابن خلدون أسرة علم وأدب، فقد حفظ القرآن الكريم في طفولته، وكان أبوه هو معلمه الأول [١], شغل أجداده في الأندلس وتونس مناصب سياسية ودينية مهمة وكانوا أهل جاه ونفوذ، نزح أهله من الأندلس في منتصف القرن السابع الهجري، وتوجهوا إلى تونس، وكان قدوم عائلته إلى تونس خلال حكم دولة الحفصيين. توفى ابن خلدون في مصر عام 1406 وتم دفنه قرب باب النصر بشمال القاهرة، وذلك بعد أن ترك لنا علمه وكتبه القيمة التي ما زالت مرجع للعديد من العلماء الآن .
1. حياته
قضى أغلب مراحل حياته في تونس والمغرب الأقصى وكتب الجزء الأول من المقدمة بقلعة أولاد سلامةبالجزائر، وعمل بالتدريس في جامع الزيتونة بتونس وفي المغرب بجامعة القرويين في فاس الذي أسسته الأختان الفهري القيروانيتان وبعدها في الجامع الأزهربالقاهرة، مصر والمدرسة الظاهرية وغيرهم [ ابن خلدون، موقع كول بيدجس]وفي آخر حياته تولى القضاء المالكي بمصر بوصفه فقيهاً متميزاً خاصة أنه سليل المدرسة الزيتونية العريقة وكان في طفولته قد درس بمسجد القبة الموجود قرب منزله سالف الذكر المسمى "سيد القبّة". توفي في القاهرة سنة 1406 م (808هـ). ومن بين أساتذته الفقيه الزيتوني الإمام ابن عرفة حيث درس بجامع الزيتونة المعمور ومنارة العلوم بالعالم الإسلامي آنذاك.
يعتبر ابن خلدون أحد العلماء الذين تفخر بهم الحضارة الإسلامية، فهو مؤسس علم الاجتماع وأول من وضعه على أسسه الحديثة، وقد توصل إلى نظريات باهرة في هذا العلم حول قوانين العمران ونظرية العصبية، وبناء الدولة وأطوار عمارها وسقوطها. وقد سبقت آراؤه ونظرياته ما توصل إليه لاحقاً بعدة قرون عدد من مشاهير العلماء كالعالم الفرنسي أوجست كونت.
عدّدَ المؤرخون لابن خلدون عدداً من المصنفات في التاريخ والحساب والمنطق غير أن من أشهر كتبه كتاب بعنوان العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، وهو يقع في سبعة مجلدات وأولها المقدمة وهي المشهورة أيضاً بمقدمة ابن خلدون، وتشغل من هذا الكتاب ثلثه، وهي عبارة عن مدخل موسع لهذا الكتاب وفيها يتحدث ابن خلدون ويؤصل لآرائه في الجغرافيا والعمران والفلك وأحوال البشر وطبائعهم والمؤثرات التي تميز بعضهم عن الآخر.
اعتزل ابن خلدون الحياة بعد تجارب مليئة بالصراعات والحزن على وفاة أبويه وكثير من شيوخه إثر وباء الطاعون الذي انتشر في جميع أنحاء العالم سنة 749هجرية (1323 م) وتفرغ لأربعة سنوات في البحث والتنقيب في العلوم الإنسانية معتزلاً الناس في سنوات عمره الأخيرة، ليكتب سفره الخالد أو ما عرف بمقدمة ابن خلدون ومؤسسا لعلم الاجتماع بناء على الاستنتاج والتحليل في قصص التاريخ وحياة الإنسان. واستطاع بتلك التجربة القاسية أن يمتلك صرامة موضوعية في البحث والتفكير.
نظرياته وانجازته
2. علم التاريخ
لقد تجمعت في شخصية ابن خلدون العناصر الأساسية النظرية والعملية التي تجعل منه مؤرخاً حقيقياً - رغم أنه لم يول في بداية حياته الثقافية عناية خاصة بمادة التاريخ - ذلك أنه لم يراقب الأحداث والوقائع عن بعد كبقية المؤرخين، بل ساهم إلى حد بعيد ومن موقع المسؤولية في صنع تلك الأحداث والوقائع خلال مدة طويلة من حياته العملية تجاوزت 50 عاما، وضمن بوتقة جغرافية امتدت من الاندلس وحتى بلاد الشام. فقد استطاع، ولأول مرة، (اذا استثنينا بعض المحاولات البسيطة هنا وهناك) أن يوضح أن الوقائع التاريخية لا تحدث بمحض الصدفة أو بسبب قوى خارجية مجهولة، بل هي نتيجة عوامل كامنة داخل المجتمعات الإنسانية، لذلك انطلق في دراسته للأحداث التاريخية من الحركة الباطنية الجوهرية للتاريخ. فعلم التاريخ، وان كان (لايزيد في ظاهره عن أخبار الايام والدول) انما هو (في باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، لذلك فهو أصيل في الحكمة عريق، وجدير بأن يعد في علومها وخليق(المقدمة). فهو بذلك قد اتبع منهجا في دراسة التاريخ يجعل كل أحداثه ملازمة للعمران البشري وتسير وفق قانون ثابت.
يقول: فالقانون في تمييز الحق من الباطل في الأخبار بالإمكان والاستحالة أن ننظر في الاجتماع البشري الذي هو العمران ونميز ما يلحقه لذاته وبمقتضى طبعه وما يكون عارضا لا يعتد به وما لايمكن أن يعرض له، وإذا فعلنا ذلك، كان ذلك لنا قانونا في تمييز الحق من الباطل في الأخبار، والصدق من الكذب بوجه برهان لا مدخل للشك فيه، وحينئذ فاذا سمعنا عن شيء من الأحوال الواقعة في العمران علمنا ما نحكم بقبوله مما نحكم بتزييفه، وكان ذلك لنا معيارا صحيحا يتحرى به المؤرخون طريق الصدق والصواب فيما ينقلونه. ا
وهكذا فهو وان لم يكتشف مادة التاريخ فانه جعلها علما ووضع لها فلسفة ومنهجا علميا نقديا نقلاها من عالم الوصف السطحي والسرد غير المعلل إلى عالم التحليل العقلاني والأحداث المعللة بأسباب عامة منطقية ضمن ما يطلق عليه الآن بالحتمية التاريخية، وذلك ليس ضمن مجتمعه فحسب، بل في كافة المجتمعات الإنسانية وفي كل العصور، وهذا ما جعل منه أيضا وبحق أول من اقتحم ميدان ما يسمى بتاريخ الحضارات أو التاريخ المقارن.إني أدخل الأسباب العامة في دراسة الوقائع الجزئية، وعندئذ أفهم تاريخ الجنس البشري في إطار شامل...اني ابحث عن الأسباب والأصول للحوادث السياسية. كذلك قولهداخلا من باب الأسباب على العموم على الأخبار الخصوص فاستوعب أخبار الخليقة استيعابا...وأعطي الحوادث علة أسبابا. 'ا
3. علم الاجتماع
أصبح من المسلم به تقريبا في مشارق الأرض ومغاربها، أن ابن خلدون هو مؤسس علم الاجتماع أو علم العمران البشري كما يسميه. وقد تفطن هو نفسه لهذه الحقيقة عندما قال في مقدمته التي خصصها في الواقع لهذا العلم الجديد: ... وهذا هو غرض هذا الكتاب الأول من تأليفنا...، وهو علم مستقل بنفسه موضوعه العمران البشري والاجتماع وأصبح الإنساني، كما أنه علم يهدف إلى بيان ما يلحقه من العوارض والأحوال لذاته واحدة بعد أخرى، وهذا شأن كل علم من العلوم وضعيا كان أم عقليا واعلم أن الكلام في هذا الغرض مستحدث الصنعة غريب النزعة غزير الفائدة، أعثر عليه البحث وأدى اليه الغوص... وكأنه علم مستبط النشأة، ولعمري لم أقف على الكلام في منحاه لأحد من الخليقة. المقدمة
ويبدو واضحا ان اكتشاف ابن خلدون لهذا العلم قاده اليه منهجه التاريخي العلمي الذي ينطلق من أن الظواهر الاجتماعية تخضع لقوانين ثابتة وأنها ترتبط ببعضها ارتباط العلة بالمعلول، فكل ظاهرة لها سبب وهي في ذات الوقت سبب لللظاهرة التي تليها. لذلك كان مفهوم العمران البشري عنده يشمل كل الظواهر سواء كانت سكانية أو ديمغرافية،اجتماعية، سياسية، اقتصادية أو ثقافية. فهو يقول في ذلك :فهو خبر عن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم وما يعرض لطبيعة هذا العمران من الأحوال مثل التوحش والتأنس والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض، وما ينشأ عن الكسب والعلوم والصنائع وسائر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعته من الأحوال. المقدمة،وهنا يلامس أيضا نظرية النشوء والارتقاء لدى داروين وان لم يغص فيها. ثم أخذ في تفصيل كل تلك الظواهر مبينا أسبابها وتنائجها، مبتدئا بأن بإيضاح أن الإنسان لا يستطيع العيش بمعزل عن أبناء جنسه حيث: ان الاجتماع الإنساني ضروري فالإنسان مدني بالطبع أي لا بد له من الاجتماع الذي هو المدنية... وهو معنى العمران.
ثم تعرض للعمران البشري على العموم مبينا أثر البيئة في الكائنات البشرية وهو مايدخل حاليا في علم الاتنولوجيا والانثروبولوجيا. ثم بعد ذلك تطرق لأنواع العمران البشري تبعا لنمط حياة البشر وأساليبهم الإنتاجية قائلا: ان اختلاف الأجيال في أحوالهم انما هو باختلاف نحلتهم في المعاش. مبتدئا بالعمران البدوي باعتباره أسلوب الإنتاج الأولي الذي لا يرمي إلى الكثير من تحقيق ما هو ضروري للحياة ...ان اهل البدو المنتحلون للمعاش الطبيعي... وانهم مقتصرون على الضروري الاقوات والملابس والمساكن وسائر الأحوال والعوائد. المقدمة
ثم يخصص الفصل الثالث من المقدمة للدول والملك والخلافة ومراتبها وأسباب وكيفية نشوئها وسقوطها، مؤكدا أن الدعامة الأساسية للحكم تكمن في العصبية. والعصبية عنده أصبحت مقولة اجتماعية احتلت مكانة بارزة في مقدمته حتى اعتبرها العديد من المؤرخين مقولة خلدونية بحتة، وهم محقون في ذلك لأن ابن خلدون اهتم بها اهتماما بالغا إلى درجة أنه ربط كل الأحداث الهامة والتغييرات الجذرية التي تطرأ على العمران البدوي أو العمران الحضري بوجود أو فقدان العصبية. كما أنها في رأيه المحور الأساسي في حياة الدول والممالك. ويطنب ابن خلدون في شرح مقولته تلك، مبينا أن العصبية نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا، ذلك أنها تتولد من النسب والقرابة وتتوقف درجة قوتها أو ضعفها على درجة قرب النسب أو بعده. ثم يتجاوز نطاق القرابة الضيقة المتمثلة في العائلة ويبين أن درجة النسب قد تكون في الولاء للقبيلة وهي العصبية القبلية ... ومن هذا الباب الولاء والحلف إذ نصرة كل أحد من أحد على أهل ولائه وحلفه للألفة التي تلحق النفس في اهتضام جارها أو قريبها أو نسيبها بوجه من وجوه النسب، وذلك لأجل اللحمة الحاصلة من الولاء. أما إذا أصبح النسب مجهولا غامضا ولم يعد واضحا في أذهان الناس، فإن العصبية تضيع وتختفي هي أيضا. ... بمعنى أن النسب إذا خرج عن الوضوح انتفت النعرة التي تحمل هذه العصبية، فلا منفعة فيه حينئذ. هذا ولا يمكن للنسب أن يختفي ويختلط في العمران البدوي، وذلك أن قساوة الحياة في البادية تجعل القبيلة تعيش حياة عزلة وتوحش، بحيث لا تطمح الأمم في الاختلاط بها ومشاركتها في طريقة عيشها النكداء، وبذلك يحافظ البدو على نقاوة أنسابهم، ومن ثم على عصبيتهم.
... الصريح من النسب انما يوجد للمتوحشين في القفر... وذلك لما اختصوا به من نكد العيش وشظف الأحوال وسوء الموطن، حملتهم عليها الضرورة التي عينت لهم تلك القسمة... فصار لهم ألفا وعادة، وربيت فيهم أجيالهم... فلا ينزع اليهم أحدا من الأمم أن يساهم في حالهم، ولا يأنس بهم أحد من الأجيال... فيؤمن عليهم لأجل ذلك منت اختلاط انسابهم وفسادها. أما إذا تطورت حياتهم وأصبحوا في رغد العيش بانضمامهم إلى الأرياف والمدن، فإن نسبهم يضيع حتما بسبب كثرة الاختلاط ويفقدون بذلك عصبيتهم. ... ثم يقع الاختلاط في الحواضر مع العجم وغيرهم وفسدت الانساب بالجملة ثمرتها من العصبية فاطرحت ثم تلاشت القبائل ودثرت فدثرت العصبية مدثورها وبقي ذلك في البدو كما كان. وهكذا نخلص للقول في هذا الصدد بأن العصبية تكون في العمران البدوي وتفقد في العمران الحضري.
العصبية والسلطة في مرحلة العمران البدوي
بعد أن تعرض ابن خلدون لمفهوم العصبية وأسبا وجودها أو فقدانها، انتقل إلى موضوع حساس وهام، مبينا دور العصبية فيه، ألا وهو موضوع ((الرئاسة)) الذي سيتطور في ((العمران الحضري)) إلى مفهوم الدولة. فأثناء مرحلة ((العمران البدوي)) يوجد صراع بين مختلف العصبيات على الرئاسة ضمن القبيلة الواحدة، أي ضمن العصبية العامة حيث: ((..ان كل حي أو بطن من القبائل، وان كانوا عصابة واحدة لنسبهم العام، ففيهم أيضا عصبيات أخرى لأنساب خاصة هي أشد التحاما من النسب العام لهم مثل عشير واحد أو أهل بيت واحد أو أخوة بني أب واحد، لا مثل بني العم الأقربين أو الأبعدين، فهؤلاء أقعد بنسبهم المخصوص، ويشاركون من سواهم من العصائب في النسب العام، والنعرة تقع من أهل نسبهم المخصوص ومن أهل النسب العام، ألا أنها في النسب الخاص أشد لقرب اللحمة)). ومن هنا ينجم التنافس بين مختلف العصبيات الخاصة على الرئاسة، تفوز فيه بطبيعة الحال العصبة الخاصة الأقوى التي تحافظ على الرئاسة إلى أن تغلبها عصبة خاصة أخرى وهكذا.((...ولما كانت الرئاسة انما تكون بالغلب، وجب أن تكون عصبة ذلك النصاب (أي أهل العصبية الخاصة) أقوى من سائر العصبيات ليقع الغلب بها وتتم الرئاسة لأهلها... فهذا هو سر اشتراط الغلب في العصبة، ومنه تعين استمرار الرئاسة في النصاب المخصوص)).
يحدد ابن خلدون مدة وراثة الرئاسة ضمن العصبية القوية بأربعة أجيال على العموم، أي بحوالي 120 سنة في تقديره.((ذلك بأن باني المجد عالم بما عاناه في بنائه ومحافظ على الخلال التي هي سبب كونه وبقائه، وبعده ابن مباشر لأبيه قد سمع منه ذلك وأخذ عنه، ألا أنه مقصر في ذلك تقصير السامع بالشئ عن المعاين له ثم إذى جاء الثالث كان حظه في الاقتفاء والتقليد خاصة فقصر عن الثاني تقصير المقلد عن المجتهد ثم إذا جاء الرابع قصر عن طريقتهم جملة وأضاع الخلال الحافظة لبناء مجدهم واحتقرها وتوهم أن أمر ذلك البنيان لم يكن بمعاناة ولاتكلف، وإنما هو أمر واجب لهم منذ أول النشأة بمجرد انتسابهم وليس بعصبية... واعتبار الأربعة من الأجيال الأربعة بان ومباشر ومقلد وهادم)).وبذلك ينهي ابن خلدون نظريته المتعلقة باسلطة أثناء مرحلة ((العمران البدوي)) ويخلص إلى نتيجة أن السلطة في تلم المرحلة مبنية أساسا على العصبية بحيث لا يمكن أن تكون لها قائمة بدونها.
العصبية والسلطة في العمران الحضري
انطلاقا من نظريته السابقة المتعلقة بدور العصبية في الوصول إلى الرئاسة في المجتمع البدوي، واصل ابن خلدون تحليله على نفس النسق فيما يتعلق بالسلطة في المجتمع الحضري مبينا أن العصبية الخاصة بعد استيلائها على الرئاسة تطمح إلى ما هو أكثر، أي إلى فرض سيادتها على قبائل أخرى بالقوة، وعن طريق الحروب والتغلب للوصول إلى مرحلة الملك ((... وهذا التغلب هو الملك، وهو أمر زائد على الرئاسة... فهو التغلب والحكم بالقهر، وصاحبالعصبية إذا بلغ رتبة طلب ما فوقها)). معتمدا في تحقيق ذلك أساسا وبالدرجة الأولى على العصبية حيث إن ((الغاية التي تجري إليها العصبية هي الملك)). فهذه اذن المرحلة الأولى في تأسيس الملك أو الدولة، وهي مرحلة لا تتم إلا من خلال العصبية.
بالوصول إلى تلك المرحلة يبدأ ((العمران الحضري)) شيئا فشيئا وتصبح السلطة الجديدة تفكر في تدعيم وضعها آخذة بعين الاعتبار جميع العصبيات التابعة لها، وبذلك فانها لم تعد تعتمد على عامل النسب بل على عوامل اجتماعية وأخلاقية جديدة، يسميها اب خلدون ((الخلال)). هنا تدخل الدولة في صراع مع عصبيتها، لأن وجودها أصبح يتنافى عمليا مع وجود تلك العصبية التي كانت في بداية الأمر سببا في قيامها،(يتراءى لنا مبدأ نفي النفي في المادية الجدلية<إضافة رابط المادية الجدلية ان وجد>). ومع نشوء يتخطى الملك عصبيته الخاصة، ويعتمد على مختلف العصبيات. وبذلك تتوسع قاعدة الملك ويصبح الحاكم أغنى وأقوى من ذي قبل، بفضل توسع قاعدة الضرائب من ناحية، والأموال التي التي تدرها الصناعات الحرفية التي التي تنتعش وتزدهر في مرحلة ((العمران الحضري)) من ناحية أخرى.
لتدعيم ملكه يلجأ إلى تعويض القوة العسكرية التي كانت تقدمها له العصبية الخاصة أو العامة(القبيلة) بإنشاء جيش من خارج عصبيته، وحتى من عناصر أجنبية عن قومه، وإلى اغراق رؤساء قبائل البادية بالأموال، وبمنح الإقطاعات كتعويض عن الامتيازات السياسية التي فقدوها. وهكذا تبلغ الدولة الجديدة قمة مجدها في تلك المرحلة، ثم تأخذ في الانحدار حيث أن المال يبدأ في النفاذ شيئا فشيئا بسبب كثرة الانفاق على ملذات الحياة والترف والدعة. وعلى الجيوش ومختلف الموظفين الذين يعتمد عليهم الحكم. فيزيد في فرض الضرائب بشكل مجحف، الشئ الذي يؤدي إلى إضعاف المنتجين، فتتراجع الزراعة وتنقص حركة التجارة، وتقل الصناعات، وتزداد النقمة وبذلك يكون الحكم قد دخل مرحلة بداية النهاية، أي مرحلة الهرم التي ستنتهي حتما بزواله وقيام ملك جديد يمر بنفس الأطوار السابقة اغلتي يجملها اب خلدون في خمسة أطوار. ((... وحالات الدولة وأطوارها لا تعدو في الغالب خمسة أطوار. -الطور الأول طور الظفر بالبغية، وغلب المدافع والممانع، والاستيلاء على الملك وانتزاعه من أيدي الدولة السالفة قبلها.فيكون صاحب الدولة في هذا الطور أسوة بقومه في اكتساب المجد وجباية المال والمدافعة عن الحوزة والحماية لا ينفرد دونهم بشيء لأن ذلك هو مقتضى العصبية التي وقع بها الغلب، وهي لم تزل بعد بحالها.
الطور الثاني طور الاستبداد على قومه والانفراد دونهم بالملك وكبحهم عن التطاول للمساهمة والمشاركة.ويكون صاحب الدولة في هذا الطور معنيا باصطناع الرجال واتخاذ الموالي والصنائع والاستكثار من ذلك، لجدع أنوف أهل عصبيته وعشيرته المقاسمين له في نسبه، الضاربين في الملك بمثل سهمه.فهو يدافعهم عن الأمر ويصدهم عن موارده ويردهم على أعقابهم أن بخلصوا إليه حتى يقر الأمر في نصابه
الطور الثالث طور الفراغ والدعة لتحصيل ثمرات الملك مما تنزع طباع البشر اليه من تحصيل المال وتخليد الآثار وبعد الصيت، فسيتفرغ وسعه في الجباية وضبط الدخل والخرج، وإحصاء النفقات والقصد فيها، وتشييد المباني الحافلة والمصانع العظيمة، والامصار المتسعة، والهياكل المرتفعة، واجازة الوفود من أشرف الأمم ووجوه القبائل وبث المعروف في أهله. هذا مع التوسعة على صنائعه وحاشيته في أحوالهم بالمال والجاه، واعتراض جنوده وادرار ارزاقهم وانصافهم في اعطياتهم لكل هلال، حتى يظهر أثر ذلك عليهم ذلك في ملابسهم وشكتهم وشاراتهم يوم الزينة...وهذا الطور آخر أطوار الاستبداد
الطور الرابع طور القنوع والمسالمة ويكون صاحب الدولة في هذا قانعا بما أولوه سلما لأنظاره من الملوك واقتاله مقلدا للماضين من سلفه... ويرى أن الخروج عن تقليده فساد أمره وأنهم أبصر بما بنوا من مجده.
الطور الخامس طور الاسراف والتبذير ويكون صاحب الدولة في هذا الطور متلفا لما جمع أولوه في سبيل الشهوات والملاذ والكرم على بطانته وفي مجالسه، واصطناع أخدان السوء وخضراء الدمن، وتقليدهم عظيمات الامور التي لا يستقلون بحملها، ولايعرفون ما يأتون ويذرون منها، مستفسدا لكبار الأولياء من قومه وصنائع سلفه، حتى يضطغنوا عليه ويتخاذلوا عن نصرته، مضيعا من جنده بما أنفق من أعطياتهم في شهواتهم... وفي هذا الطور تحصل في الدولة طبيعة الهرم، ويستولي عليها المرض المزمن الذي لا تكاد تخلص منه..أي أن تنقرض)).(المقدمة) واذن فان تحليل ابن خلدون بولادة ونمو وهرم الدولة هو ذو أهمية بالغة، لأنه ينطلق من دراسة الحركة الداخلية للدولة المتمثلة في العصبية، تلك المقولة الاجتماعية والسياسية التي تعتبر محور كل المقولات والمفاهيم الخلدونية. فقد اعتمد عليها اعتمادا أساسيا في دراسته الجدلية لتطور المجتمعات الإنسانية((العمران البشري)) وكأنه يبشر منذ القرن الرابع عشر بما اصطلح على تسميته في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بـ ((المادية الجدلية)). وفي غمرة انطلاقت العلمية الرائعة الرائدة وضع إصبعة على العصب الحساس والرئيسي ،وان لم يكن الوحيد في تطور ((العمران البشري)) ألآ وهو الاقتصاد
4. علم الاقتصاد
ان النتيجة التي توصل إليها ابن خلدون في الفصل الثاني من مقدمته عند بحثه للعمران البدوي وهي:((ان اختلاف الأجيال في أحوالهم انما هو باختلاف نحلهم من المعاش)) قادته بالضرورة إلى دراسة عدة مقولات اقتصادية تعتبر حجر الزاوية في علم الاقتصاد الحديث، مثل دراسة الأساليب الإنتاجية التي تعاقبت على المجتمعات البشرية، وانتقال هذه الأخيرة من البداوة إلى الحضارة، أي من الزراعة إلى الصناعة والتجارة:((...وأما الفلاحة والصناعة والتجارة فهي وجوه طبيعية للمعاش.أما الفلاحة فهي متقدمة عليها كلها بالذات..وأما الصناعة فهي ثانيها ومتأخرة عنها لأنها مركبة وعلمية تصرف فيها الأفكارو الأنظار، ولهذا لا توجد غالبا إلا في أهل الحضر الذي هو متأخر عن البدو وثان عنه)).(المقدمة)
يركز ابن خلدون على الصناعة جاعلا منها السبب الأساسي في الازدهار الحضاري:((ان الصنائع انما تكتمل بكمال العمران الحضري وكثرته... ان رسوخ الصنائع في الامصار انما هو برسوخ الحضارة وطول أمدها)). كما تناول مقولة تقسيم العمل بالتأكيد على أن((النوع الإنساني لا يتم وجوده الا بالتعاون))، لعجز الإنسان عن تلبية جميع حاجاته مهما كانت قدرته بمفرده، حيث أن ((الصنائع في النوع الإنساني كثيرة بكثرة الاعمال المتداولة في العمران. فهي بحيث تشذ عن الحصر ولا يأخذها العد..(مثل) الفلاحة والبناء والخياطة والنجارة والحياكة والتوليد والوراقة والطب...)) أما القيمة فهي في نظره ((قيمة الاعمال البشرية)):فأعلم أن ما يفيد الإنسان ويقتنيه من المتمولات ان كان من الصنائع فالمفاد المقتنى منه قيمة عمله...إذ ليس هناك الا العمل، مثل النجارة والحياكة معهما الخشب والغزل، ألا أن العمل فيهما أكثر فقيمته أكثر، وان كان من غير الصنائع فلا بد في قيمة ذلك المفاد والقنية من دخول قيمة العمل الذي حصلت به، إذ لولا العمل لم تحصل قيمتها...فقد تبين أن المفادات والمكتسبات كلها انما هي قيم الاعمال الإنسانية)).(المقدمة) ولم يغفل أيضا عن مقولة ((القيمة الزائدة)) وان لم يعالجها بشكل معمق عند تعرضه لصاحب الجاه:((وجميع ما شأنه ان تبذل فيه الاعواض من العمل يستعمل فيه الناس من غير عوض فتتوفر قيم تلك الاعمال عليه، فهو بين قيم للأعمال يكتسبها، وقيم أخرى تدعوه الضرورة إلى إخراجها، فتتوفر عليها، والأعمال لصاحب الجاه كبيرة، فتفيد الغني لأقرب وقت، ويزداد مع مرور الأيام يسارا وثروة)).(المقدمة) من كل ما تقدم نستطيع المجازفة والقول إن أعمال ابن خلدون وبالذات ((المقدمة)) تعتبر أول موسوعة في العلوم الإنسانية، بل هي باكورة العمل الموسوعي العام قبل ظهور عصر الموسوعات بحوالي خمسة قرون
5. الفلسفة
يرى ابن خلدون في المقدمة أن الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران، وأنها كثيرة في المدن ويعرِّفها قائلاً: بأن قومًا من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي، تُدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قِبَل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل، وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف، وهو باللسان اليوناني محب الحكمة. فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوَّموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونًا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق. ويحذّر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل الاطلاع على العلوم الشرعية من التفسير والفقه، فيقول: ¸وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والاطلاع على التفسير والفقه ولا يُكبَّنَّ أحدٌ عليها وهو خِلْومن علوم الملة فقلَّ أن يَسلَمَ لذلك من معاطبها·.
لعل ابن خلدون وابن رشد اتفقا على أن البحث في هذا العلم يستوجب الإلمام بعلوم الشرع حتى لا يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد لأن الشرع يرد العقل إلى البسيط لا إلى المعقد وإلى التجريب لا إلى التجريد. ومن هنا كانت نصيحة هؤلاء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفوا الشرع والنقل قبل أن يُمعنوا في التجريد العقلي.
6. فلسفة ابن خلدون
امتاز ابن خلدون بسعة اطلاعه على ما كتبه القدامى على أحوال البشر وقدرته على استعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكير وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء، إلى جانب أسفاره الكثيرة من موطنه الأصيل تونس وبقية بلاد شمال أفريقيا إلى بلدان أخرى مثل مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخ وملاحظاته.
بسبب فكر ابن خلدون الدبلوماسي الحكيم، أُرسل أكثر من مرة لحل نزاعات دولية، فقد عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيراً إلى أمير قشتالة لعقد الصلح.[٢] وبعد ذلك بأعوام، استعان أهل دمشق به لطلب الأمان من الحاكم المغولي تيمور لنك، والتقوا بالفعل.[١][٢]
الغرب وابن خلدون
كثير من الكتاب الغربيين وصفوا تقديم ابن خلدون للتاريخ بأنه أول تقديم لا ديني للتأريخ، وهو له تقدير كبير عندهم. ربما تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلامي توثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته وتجاربه ودعاه التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا، تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته المهنية في مجال السياسة والتأليف والرحلات، ولكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية والعائلية.
كان شمال أفريقيا أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة الموحدين تحكمه ثلاث أسر : المغرب كان تحت سيطرة المرينيين (1196 - 1464)، غرب الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود
(1236 - 1556)، تونس وشرق الجزائر وبرقة تحت سيطرة الحفصيين (1228 - 1574). التصارع بين هذه الدول الثلاثة كان على أشده للسيطرة ما أمكن من المغرب الكبير ولكن تميزت فترة الحفصيين بإشعاع ثقافي باهر.وكان المشرق العربي في أحلك الظروف آنذاك يمزقه التتار والتدهور. يبي
وظائف تولاها
كان ابن خلدون دبلوماسياً حكيماً أيضاً. وقد أُرسل في أكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات بين زعماء الدول: مثلاً، عينه السلطان محمد بن الاحمر سفيراً له إلى أمير قشتالة للتوصل لعقد صلح بينهما وكان صديقاً مقرباً لوزيره لسان الدين ابن الخطيب.كان وزيراً لدى أبي عبد الله الحفصي سلطان بجاية، وكان مقرباً من السلطان أبي عنان المرينىقبل أن يسعى بينهما الوشاة. وبعد ذلك بأعوام استعان به أهل دمشق لطلب الأمان من الحاكم المغولي القاسي تيمورلنك، وتم اللقاء بينهما. وصف ابن خلدون اللقاء في مذكراته. إذ يصف ما رآه من طباع الطاغية، ووحشيته في التعامل مع المدن التي يفتحها، ويقدم تقييماً متميزاً لكل ما شاهد في رسالة خطها لملك المغرب الخصال الإسلامية لشخصية ابن خلدون، أسلوبه الحكيم في التعامل مع تيمور لنك مثلاً، وذكائه وكرمه، وغيرها من الصفات التي أدت في نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة، تجعل من التعريف عملاً متميزاً عن غيره من نصوص أدب المذكرات العربية والعالمية. فنحن نرى هنا الملامح الإسلامية لعالم كبير واجه المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة. ويعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع.
ساهم في الدعوة للسلطان أبى حمو الزيانى سلطان تلمسان بين القبائل بعد سقوط بجاية في يد سلطان قسنطينةأبى العباس الحفصى وأرسل أخاه يحيى بن خلدون ليكون وزيراً لدى أبى حمو.
7-وفاته
توفي في مصر عام 1406 م، ودفن في مقابر الصوفية عند باب النصر شمال القاهرة. وقبره غير معروف. والدار التي ولد بها كائنة بنهج تربة الباي عدد 34 بتونس العاصمة بالمدينة العتيقة.
له قصيدة في الحنين لموطنه تونس
أحن إلى ألفي وقد حال دونهم مهامه فيح دونهن سباسب
ويبقى ابن خلدون اليوم شاهدا على عظمة الفكر الإسلامي المتميز بالدقة والجدية العلمية والقدرة على التجديد لاثراء الفكر الإنساني.
8- كتبه ومؤلفاته
تاريخ ابن خلدون, واسمه: كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر. المكتبة الوقفية للكتب المصورة
شفاء السائل لتهذيب المسائل، نشره وعلق عليه أغناطيوس عبده اليسوعي.
مقدمة ابن خلدون
التعريف بابن خلدون ورحلاته شرقا وغربا (مذكراته).
dr grioui
20-12-2010, 14:37
علي الكحال
أبو جراحة العيون
(ح329- 400هـ / 940- 1009م)
علي بن عيسي الكحال واحد من اعظم أطباء العيون في الحضارة الإسلامية،
وبعد المؤسس الأول لطب العيون في العالم كله. وقد عرف علي الكحال في الغرب بأسم جيزو هالي. واهتم علماء أوربا بدراسة مؤلفاته أثاره في الكحل أي في طب العيون وفي مقدمة هؤلاء العلماء العالمان: مايرهوف، وهبرشبورغ.
ولد علي بن عيسى الكجال بمدينة بغداد وعاش بها. وتوفي ببغداد عن عمر زاد عن ثمانين عاما. وقد تتلمذ علي الكحال على يد المعلم : حنين بن إسحاق، ودرس علي يديه كتابه :
العشر مقالات في العين. وفي ضوء دراسته لهذا الكتاب ولما كتبه حنين نفسه عن العين وتشريحها وأمراضها وأدويتها وجراحاتها وممارسته العلمية لطب العيون،وضع علي بن عيسى الكحال كتابه :" تذكرة الكحالين "".
انجازاته العلميه
سجل علي بن عيسى الكحال في كتابة: "تذكرة الكحالين"عددا من أوائله في طب العيون سبق بها الأولين، وتفوق بها علي معاصريه.
فعلي بن عيسى الكحال هو أول من استخدام التنويم المغناطيسي والتخدير بالعقاقيرأثناء إجرائه لجراحات العيون، ولم يكن هذان الأمران معروفين قبله عند أحد من أطباء العيون اليونانيين.
وعلى بن عيسى الكحال من أوائل الأطباء في العالم، الذين وصفوا التهاب الشريان الصدغي والقحفى . وقد لاحظ علي الكحال العلاقة بين الشرايين الملتهبة،واضطراب الرؤية من جهة، ومرض الشقيقةأي الصداع النصفي وارتفاع درجةالحرارة والتهاب العضلة الصدغية من جهة أخري . وقد يؤدي ذلك إلى فقدانالبصر.
وعلي الكحال هو الذي أجري، ولاول مره، جراحة سل شرياني الصدغين الملتهبين و وكيهما كي أوجاع الصدع النصفي، ونزلاتهما المزمنة وكي ينقذ الرؤية من الاضطراب والبصر من التلف وقد وصف علي بن عيسى الكحال كيفية إجراء هذه الجراحة في كتابه: "تذكرة الكحالين"، وسبق بما قاله في هذه الجراحة الدكتور: جونتان هجنس، بتسعمائة عام.
مؤلفاته
لعلي بن عيسى الكحال كتابان هما : "تذكرة الكحالين" ويتكون من 122 فصلا ذكر فيأخرها الأدوية المفردة المفيدة في علاج أمراض العيون وفق حروف الهجاء وقدأورد علي الكحال في كتابة هذا143 عقار المعالجة 130 مرضا من أمراض العيون،وهو كتاب هام في طب العيون ظل نبعا فياضا ينهل منه علماء طب العيون المسلمون في العصور الوسطى وأطباء العيون الغربيون في عصر النهضة الأوروبيةالحديثة إلى منصف القرن الثامن عشر. وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللغةاللاتينية في العصور الوسطي عدة مرات وترجم إلى العبرية والفارسية والتركيةأيضا ثم ترجم حديثا إلى الألمانية والإنجليزية.
وله في الصيدلة كتاب "المنافع التي تستفاد من أعضاء الحيوانات"
dr grioui
20-12-2010, 14:58
أبو الوفا البوزجاني
http://up.libyan-sat.com//uploads/images/lyb09d547a44.jpg
رسم تخيلي لأبو الوفا البوزجاني
العالم المسلم الفارسي أبو الوفا محمد بن محمد بن يحيى بن إسماعيل بن العباس البوزجاني
(940 - 998)
ولد في مدينة بوزجان بخراسان سنة (328 هـ / 940م). بإقليم نيسابوربإيران. انتقل إلى بغداد عام 959 واستقر بها حتى وفاته (387 هـ / 998م،
من أعظم رياضيي العرب، ومن الذين لهم فضل كبير في تقدم العلوم الرياضية. ولد في بوزجان، وهي بلدة صغيرة بين هراة ونيسابور، في مستهل رمضان سنة 328 هـ.
قرأ على عمه المعروف بأبي عمرو المغازلي، وعلى خاله المعروف بأبي عبد الله محمد بن عنبسة، ما كان من العدديّات والحسابيات. ولما بلغ العشرين من العمر انتقل إلى بغداد حيث فاضت قريحته ولمع اسمه وظهر للناس إنتاجه في كتبه ورسائله وشروحه لمؤلفات إقليدسوديوفنطسوالخوارزمي.وفي بغداد قدم أبو الوفاء سنة 370 هـ أبو حيان التوحيدي إلى الوزير ابن سعدان فباشر في داره مجالسه الشهيرة التي دوّن أحداثها في كتاب الامتاع والؤانسة وقدمه إلى أبي الوفاء. في بغداد قضى البوزجاني حياته في التأليف والرصد والتدريس. وقد انتخب ليكون أحد أعضاء المرصد الذي أنشأه شرف الدولة، في سراية، سنة 377 هـ.
وكانت وفاته في 3 رجب388 هـ على الأرجح. يعتبر أبو الوفاء أحد الأئمة المعدودين في الفلكوالرياضيات، وله فيها مؤلفات قيمة، وكان من أشهر الذين برعوا في الهندسة، أما في الجبر فقد زاد على بحوث الخوارزمي زيادات تعتبر أساساً لعلاقة الجبربالهندسة،
وهو أول من وضع النسبة المثلثية (ظلّ)
وهو أول من استعملها في حلول المسائل الرياضية، وأدخل البوزجاني القاطع والقاطع تمام، ووضع الجداول الرياضية للماس، وأوجد طريقة جديدة لحساب جدول الجيب، وكانت جداوله دقيقة، حتى أن جيب زاوية 30 درجة كان صحيحاً إلى ثمانية أرقام عشرية، ووضع البوزجاني بعض المعادلات التي تتعلق بجيب زاويتين، وكشف بعض العلاقات بين الجيب والمماس والقاطع ونظائرها.وظهرت عبقرية البوزجاني في نواح أخرى كان لها الأثر الكبير في فن الرسم.
فوضع كتاباً عنوانه (كتاب في عمل المسطرة والبركار والكونيا) ويقصد بالكونيا المثلث القائم الزاوية. وفي هذا الكتاب طرق خاصة مبتكرة لكيفية الرسم واستعمال الآلات ذلك
dr grioui
20-12-2010, 15:11
المجريطي
ولد أبو القاسم سلمة بن أحمد بمدينة مجريط (مدريد) في الأندلس، في سنة 340 هـ، وتوفي في سنة 397 هـ عن سبعة وخمسين عاماً.
اهتم بدراسة العلوم الرياضية، فتعمق بها حتى صار إمام الرياضيين في الأندلس.
كما أنه اشتغل بالعلوم الفلكية وكانت له فيها مواقف وآراء، فضلاً عن الكيمياء وسائر العلوم المعروفة
ترك المجريطي مؤلفات علمية متنوعة أهمها:
رتبة الحكم (في الكيمياء)، غاية الحكيم (في الكيمياء)
وقد نُقل إلى اللاتينية عني المجريطي بزيج الخوارزمي وزاد عليه، وله رسالة في آلة الرصد، وبالإسطرلاب. وقد ترك أبحاثاً قيمة في مختلف فروع الرياضيات كالحساب والهندسة، فضلاً عن مؤلفاته في الكيمياء. واهتم المجريطي كذلك بتتبع تاريخ الحضارات القديمة. ومن الدراسات المهمة التي ركز عليها المجريطي علم البيئة
وفي الخاتمة نقول أن المجريطي يع صاحب مدرسة مهمة في حقل العلوم، تأثر بآرائها العديد من العلماء اللاحقين، أمثال الزهراوي الطبيب الأندلسي المشهور، والغرناطي، والكرماني، وابن خلدون الذي نقل عن المجريطي بعض الآراء التي أدرجها في مقدمته
Âýâ D'ḝ Älbâ
20-12-2010, 15:33
بي عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي عالم عربي مسلم من أهل خوارزم (حالياً في أوزبكستان) ويكني باسم الخوارزمي قيل أنه ولد حوالي 781م، وقيل أنه توفي بعد 232هـ847م) وقيل توفي سنة 236هـ. يعتبر من أوائل علماء الرياضيات المسلمين حيث ساهمت أعماله بدور كبير في تقدم الرياضيات في عصره. أي بعد
نشأته
حسب بعض الروايات فقد أنتقلت عائلته من مدينة خوارزم (والتي تسمى ’’خيوا‘‘ في العصر الحالي، في جمهورية أوزبكستان) إلى بغداد في العراق، والبعض ينسبه للعراق فقط. وأنجز الخوارزمي معظم أبحاثه بين عامي 813 و 833 في دار الحكمة، التي أسسها الخليفة المأمون. حيث أن المأمون عينه على رأس خزانة كتبه، وعهد إليه بجمع الكتب اليونانية وترجمتها. وقد استفاد الخوارزمي من الكتب التي كانت متوافرة في خزانة المأمون فدرس الرياضيات، والجغرافية، والفلك، والتاريخ، إضافةً إلى إحاطته بالمعارف اليونانية والهندية. و نشر كل أعماله باللغة العربية، التي كانت لغة العلم في ذلك العصر. ويسميه الطبري في تاريخه: محمد بن موسى الخوارزمي القطربلّي، نسبة إلى قرية قُطْربُلّ من ضواحي بغداد. بدأ الخوارزمي كتابه (الجبر والمقابلة) بالبسملة. وتشير الموسوعات العلمية -كالموسوعة البريطانية (نسخة الطلاب)وموسوعة مايكروسوفت إنكارتا وموسوعة جامعة كولومبياوغيرهاعلى أنه عربي، في حين تشير مراجع أخرى إلى كونه من أصول فارسية وفي الإصدار العام للموسوعة البريطانية تذكر أنه "عالِم مسلم" من دون تحديد قوميته
يُعَدُّ الخوارزمي من أكبر علماء العرب، ومن العلماء العالميين الذين كان لهم تأثير كبير على العلوم الرياضية والفلكية. وفي هذا الصدد يقول ألدو مييلي: "وإذا انتقلنا إلى الرياضياتوالفلك فسنلتقي، منذ البدء، بعلماء من الطراز الأول، ومن أشهر هؤلاء العلماء أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي".
مؤسس علم الجبر
الخوارزمي مؤسس علم الجبر كعلم مستقل عن الحساب، وقد أخذه الأوربيون عنه. وهو أول من استعمل كلمة "الجبر" للعلم المعروف الآن بهذا الاسم. فلحد الآن ما زال الجبر يعرف باسمه العربي في جميع اللغات الأوربية. وترجع كل الكلمات التي تنتهي في اللغات الأوربية بـ "algorism/algorithme" إلى اسم الخوارزمي. وهو أول من ألف في الجبر. كما يرجع إليه الفضل في تعريف الناس بالأرقام الهندية (وهي التي تعرف بالأرقام العربية). ومن الإسهامات الهامة للخوارزمي في الرياضيات اكتشافه بعض القواعد وتطويرها، ومنها : قاعدة الخطأين، والطريقة الهندسية لحل المربعات المجهولة وهي التي تسمي اليوم باسم المعادلة من الدرجة الثانية، كما نشر الخوارزمي أول الجداول العربية عن المثلثات للجيوب والظلال، وقد ترجمت إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر. إضافةً إلى إسهاماته الكبرى في الحساب، أبدع الخوارزمي في علم الفلك وأتى ببحوث جديدة في المثلثات، ووضع جداول فلكية (زيجاً). وقد كان لهذا الزيج الأثر الكبير على الجداول الأخرى التي وضعها العرب فيما بعد، إذ استعانوا به واعتمدوا عليه وأخذوا منه.
الخوارزمي كعالم الرياضيات
أبتكر الخوارزمي مفهوم الخوارزمية في الرياضيات و علم الحاسوب، (مما أعطاه لقب أبو علم الحاسوب) عند البعض، حتى ان كلمة خوارزمية في العديد من اللغات (و منها algorithm بالانجليزية) أشتقت من أسمه، بالاضافة لذلك، قام الخوارزمي باعمال هامة في حقول الجبر و المثلثات والفلك و الجغرافية و رسم الخرائط. ادت اعماله المنهجية و المنطقية في حل المعادلات من الدرجة الثانية إلى نشوء علم الجبر، حتى ان العلم اخذ اسمه من كتابه حساب الجبر و المقابلة، الذي نشره عام 830، و انتقلت هذه الكلمة إلى العديد من اللغات (Algebra في الإنكليزية).
وأعمال الخوارزمي الكبيرة في مجال الرياضيات كانت نتيجة لابحاثه الخاصة، الا انه قد انجز الكثير في تجميع و تطوير المعلومات التي كانت موجودة مسبقا عند الأغريق و في الهند،الارقام العربيةصفر. فاعطاها طابعه الخاص من الالتزام بالمنطق. بفضل الخوارزمي، يستخدم العالم التي غيرت و بشكل جذري مفهومنا عن الاعداد، كما انه قذ ادخل مفهوم العدد
كتبه ومؤلفاته
كتاب الجبر كان أول كتبه عن الحل النظامي ’’للمعادلتان الخطية والتربيعية‘‘. كما هو واضح فهو يعد ’’أبا الجبر‘‘، لقب يشاطره فيه ’’ديوفانتوس‘‘. قدمت تراجم لاتينية لنظريته في علم الحساب، عن ’’الأعداد الهندية‘‘، ’’نظام الأرقام العشرية الوضعية‘‘ للغرب في القرن الثاني عشر. لم تصنع اسهاماته تأثيراً عظيماً في الرياضيات فحسب، بل وللغة كذلك. كلمة الألجبرا هي محرفة من الجبر، احدى العمليتان المستخدمتان في حل ’المعادلات الخطية‘، كما شرحها في كتابه. الكلمتان ’اللجرزم‘ و’اللجرثم‘ تنسبان إلى كلمة ’الجورتمي‘، النطق اللاتيني لاسمه. كما أن اسمه هو أصل الكلمة الأسبانية ’هوارزمو‘، والكلمة البرتغالية ’الوارزمو‘، واللتان تعنيان الرقم. وكتاب الزيج الأول، الزيج الثاني المعروف بالسند هند، كتاب الرخامة، كتاب العمل بالإسطرلاب، كتاب الجبر والمقابلة الذي ألَّفه لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم، وفي مقاسمتهم وأحكامهم وتجارتهم، وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة الأرضين وكري الأنهار والهندسة، وغير ذلك من وجوهه وفنونه. ويعالج كتاب الجبر والمقابلة المعاملات التي تجري بين الناس كالبيع والشراء، وصرافة الدراهم، والتأجير، كما يبحث في أعمال مسح الأرض فيعين وحدة القياس، ويقوم بأعمال تطبيقية تتناول مساحة بعض السطوح، ومساحة الدائرة، ومساحة قطعة الدائرة، وقد عين لذلك قيمة النسبة التقريبية ط فكانت 7/1 3 أو 7/22، وتوصل أيضاً إلى حساب بعض الأجسام، كالهرم الثلاثي، والهرموالمخروط كتاب "الجبر والمقابلة" وهو يعد الأول من نوعه، وقد ألفه بطلب من الخليفة المأمون. وهذا الكتاب >لم يؤد فقط إلى وضع لفظ الجبر وإعطائه مدلوله الحالي، بل إنه افتتح حقاً عصراً جديداً في الرياضيات. وقد ترجم إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر، وكانت هذه الترجمة هي التي أدخلت هذا العلم إلى الغرب. وظل هذا الكتاب قروناً عديدة مرجعاً في أوروبا. وقد حققه الأستاذان علي مصطفى مُشَرَّفَة ومحمد مرسي أحمد، ونشر أول مرة في القاهرة سنة 1939م. ـ "كتاب صورة الأرض"، وهو مخطوط موجود في ستراسبورغ بفرنسا، وقد ترجم إلى اللاتينية، وتمت مقارنة المعلومات الموجودة فيه بمعلومات بطليموس. ـ "كتاب العمل بالأسطرلاب" و"كتاب عمل الأسطرلاب". وخلاصة القول إن الخوارزمي يعد من أعظم العلماء في عصره، وقد >كان له أعظم الفضل في تعريف العرب والأوربيين، من بعدهم، بنظام العدد الهندي. فهو واضع علم الجبر وواضع كثير من البحوث في الحساب والفلك والجغرافيا. وقد عبر ألدو مييلي عن عظمة الخوارزمي بقوله : >وقد افتتح الخوارزمي افتتاحاً باهراً سلسلة من الرياضيين العظام. وقد ظلت كتبه تدرس في الجامعات الأوربية حتى القرن السادس عشر. تعتبر انجازات الخوارزمي في الرياضيات عظيمة، و لعبت دورا كبيرا في تقدم الرياضيات و العلوم التي تعتمد عليها. الرباعي
الخوارزمي كفلكي و جغرافي
إضافةً إلى إسهاماته الكبرى في الحساب، أبدع الخوارزمي في علم الفلك وأتى ببحوث جديدة في المثلثات، ووضع جداول فلكية (زيجاً). وقد كان لهذا الزيج الأثر الكبير على الجداول الأخرى التي وضعها العرب فيما بعد، إذ استعانوا به واعتمدوا عليه وأخذوا منهومن أهم إسهامات الخوارزمي العلمية التحسينات التي أدخلها على جغرافية بطليموس سواء بالنسبة للنص أو الخرائط.صحح الخوارزمي ابحاث العالم الاغريقي بطليموس Ptolemy في الجغرافية، معتمداً على أبحاثه الخاصة. كما انه قد اشرف على عمل 70 جغرافياً لإنجاز أول خريطة للعالم المعروف آنذاك. ومن أشهر كتبهِ في الجغرافيا كتاب (صورة الأرض). عندما أصبحت أبحاثهِ معروفة في أوروبا بعد ترجمتها إلى اللاتينية، كان لها دور كبير في تقدم العلم في الغرب، عرف كتابه الخاص بالجبر أوروبة بهذا العلم وأصبح الكتاب الذي يدرس في الجامعات الأوروبية عن الرياضيات حتى القرن السادس عشر، كتب الخوارزمي أيضاً عن الساعة، والإسطرلاب، و والساعة الشمسية.
dr grioui
22-12-2010, 13:23
قطب الدين الشيرازي
(634-710هـ / 1236 -1310م)
اصله و مولده
قطب الدين محمد بن ضياء الدين مسعود بن مصلح الفارسي الشيرازي، قاض، ومفسر، وعالم بالطبيعيات اشتهر في القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي. ولد في مدينة شيراز ببلاد فارس عام 634هـ لأسرة مشهورة بالطب والتصوف فقد كان أبوه ضياء الدين أستاذا صوفيا وطبيبا مشهورا.
تعلمه
تلقى قطب الدين في شيراز تعليمه الأساسي، كما تلقى بعض الممارسات الخاصة بالطب والتصوف تحت إشراف والده. وبالإضافة إلى هذا فقد تعلم قطب الدين في طفولته عددا كبيرا من الصناعات ماعدا صناعة الشعر. ولقد بدأ قطب الدين تعلمه للطب مبكرا، إذ لم يتجاوز عمره آنذاك العشر سنوات.
وببلوغه الرابعة عشرة من عمره وفي حضرة وفاة والده أسند لقطب الدين وظيفة والده كطبيب ممارس في مستشفى مظفر بشيراز. وبقي في هذا المنصب قرابة عشر سنوات. وأثناء هذه المدة التي قضاها في مستشفى مظفر درس لقطب الدين ثلاثة أساتذة كلهم كانوا من أعمامه. ثم انتقل إلى أستاذه كمال الدين أبي الخير الكيزروني ومعه درس كليات ابن سينا . ومع أستاذه شمس الدين محمد بن أحمد الكبشي درس قطب الدين العلوم الدينية.
سافر قطب الدين إلى بغداد عام 665هـ / 1268 م، حيث اشترك في الحلقة العلمية لشرف الدين زكي البشكاني، ومن خلال اشتراكه في دروس شرف الدين استطاع قطب الدين أن يطلع على شروح ابن سينا في الطب وكذلك أعمال الرازي . وقد وجد قطب الدين من خلال اطلاعه على هذه الأعمال لذة في دراسة فلسفة وطب ابن سينا، ولكن لم يكن في ذاك الوقت من هو أهلا لأن يشبع رغبة قطب الدين في معرفة المزيد في هذه العلوم. ولهذا السبب ترك قطب الدين وظيفته في مستشفى المظفر متجها إلى مراغة عام 660هـ.
تتلمذ قطب الدين في مراغة على يد أستاذه نصير الدين الطوسي ولقد كان اختيار قطب الدين للأستاذ والمكان اختيارا موفقا، فقد كان نصير الدين الطوسي أحد أساتذة الفلسفة والفلك في وقته، كما أنه كان مديرا لمرصد مراغة الذي كان قد اكتمل بناؤه وبدئ العمل فيه وقت أن وصل قطب الدين لمراغة. ولم يكن مرصد مراغة هذا مرصدا فلكيا فقط وإنما كان مكتبة ضخمة تحوي أكث ر من أربعمائة ألف كتاب، بعضها كان مؤلفات لأشهر علماء اليونان.
مكث قطب الدين في مرصد مراغة عدة سنوات حضر خلالها الحلقات العلمية التي كان يعقدها نصير الدين الطوسي، حتى أخبره أستاذه نصير الدين أن يتفرغ لدراسة الرياضيات والفلك. أخذ قطب الدين بنصيحة أستاذه، حتى كان لهما عملا مشتركا في مجال الفلك عرف باسمها لاحقا كأحد أفضل أعمال القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادي، ألا وهو تصور كامل لحركة الكواكب.
أكمل قطب الدين دراسته لفلسفة ابن سينا على يد أستاذه نصير الدين، وقرأ أحد أهم كتب ابن سينا المعروف باسم الإشارات والتنبيهات . كما أكمل أيضا دراسة كتاب القانون لابن سينا، واستطاع بمساعدة أستاذه ومن خلال تواجده في مكتبة مراغة أن يجد إجابات للمعضلات التي واجهها أثناء قراءته لهذا الكتاب في شيراز.
ولما كانت رغبته في معرفة المزيد تفوق ما كانت مكتبة مراغة تمنحه إياه، فقد آثر قطب الدين الرحيل إلى خراسان. وهناك درس مع نجم الدين القزويني الذي كان فيلسوفا وفلكيا ورياضيا مشهورا في وقته. وبعدها توجه قطب الدين إلى قزوين ثم أصفهان . وهناك ارتبط قطب الدين بالعمل مع حاكمها، بهاء الدين محمد الجويني. ثم غادر قطب الدين أصفهان إلى بغداد، وهناك قابل عددا من أساتذة التصوف كان من بينهم محمد بن السكران البغدادي.
غادر قطب الدين بغداد متجها إلى الأناضول وقابل بها جلال الدين الرومي، أحد أشهر شعراء التصوف في الإسلام. ولكن قطب الدين لم يمكث طويلا في الأناضول، إذ غادرها متوجها إلى قنا، وبها تتلمذ على أستاذه صدر الدين القناوي، فدرس معه الطريقة الصوفية والتفسير وعلوم الحديث. وفي قنا استطاع قطب الدين أن يقابل عددا كبيرا من العلماء الذين اتخذوا من قنا ملجأ بعد أن غزا التتار الجزء الشرقي للعالم الإسلامي.
وبوفاة صدر الدين القناوي، غادر قطب الدين قنا متجها إلى سيواس وملطايا في قطاع الأناضول وكانت وقتها تحت حكم المغول، حيث تقلد منصب القضاء فيها بتعيين من معين الدين بروانة، الحاكم السلجوقي لقطاع الأناضول، وكان قطب الدين قد تعرف عليه سابقا أثناء تواجده في قنا. ولما كان معظم عمل قطب الدين ينجز من قبل مساعديه، فقد تفرغ قطب الدين للتدريس والكتابة.
قام قطب الدين بعدة زيارات لتبريز، عاصمة الإخنديين في فارس. من خلال زياراته المتكررة لتبريز، أصبح قطب الدين صديقا قريبا لأحمد تكدر وهو ابن لهولاكو ملك التتار. وكان لهذه الصداقة أثر كبير في اعتناق أحمد تكدر الإسلام. وبسبب صلة قطب الدين بالإخنديين فقد قدر له أن يعمل بالسياسة.
وفي عام 681هـ أرسل أحمد تكدر، قطب الدين برفقة كمال الدين الرافعي وبهاء الدين بهلوان كسفراء عنه إلى المستنصر سيف الدين قلاوون، سلطان المماليك في مصر، وذلك حتى يشهروا إسلام أحمد له، وكذلك للتوصل إلى السلام بين المماليك والتتار. وعلى الرغم أن قطب الدين لم يفلح في مهمته السياسية، إلا أن رحلته إلى مصر كانت موفقة جدا من الناحية العلمية. فأثناء زيارته إلى مصر، عرج قطب الدين على مكتبات مصر وهناك وجد شروح لقانون ابن سينا، منها شرح ابن النفيس . ولقد كان عثور قطب الدين على هذه الشروح إشباعا لرغبته الملحة في التوصل إلى إجابات عن استفساراته في قانون ابن سينا والتي طالما طاف الديار بحثا عنها.
موالفاته
ترك قطب الدين مصر متجها إلى سوريا وبها مكث طويلا حيث قام بتدريس كتاب الشفاء لابن سينا. ومن سوريا رجع قطب الدين إلى الأناضول وبه بدأ كتابة شرح على القانون وأسماه شرح كليات القانون . وفي عام 690هـ / 1291 م استقر قطب الدين في تبريز والتي كانت وقتها تحت حكم جازان خان خليفة أحمد تكدر، كما كانت مركزا ثقافيا هاما للعالم الإسلامي. وبها مكث قطب الدين بقية عمره واهبا نفسه للكتابة حتى وافته المنية عام 710هـ / 1311 م.
اشتهر الشيرازي بإنجازاته المتنوعة ففي الفلك أكمل الكثير من التجارب الفلكية التي لم يكملها أستاذه نصير الدين الطوسي. فقد طور أنموذجا فلكيا لعطارد الذي بدأ به الطوسي، وفي الطبيعيات اكتشف مسببات قوس قزح ، وعلق على كروية الأرض تعليقا علميا، وشرح النقاط الغامضة في مؤلفات أستاذه. كما علق وشرح كتاب القانون لابن سينا.
ترك قطب الدين الشيرازي عددا كبيرا من المؤلفات معظمها في الفلك والطبيعيات والطب. من أهمها:
كتاب شرح التذكرة النصيرية في الهيئة ،
وكتاب التحفة الشاهية في الهيئة ،
وكتاب نهاية الإدراك في دراية الأفلاك ،
وكتاب التبصرة في الهيئة
، ورسالة في حركة الدحرجة والنسبة بين المستوي والمنحني ،
وكتاب تحرير الزيج الجديد الرضواني
، وكتاب بعض مشكلات المجسطي .
وكتاب درة التاج لغرة الديباج وهو في الطبيعيات
ومن أهم كتبه.
وفي الطب كتاب نزهة الحكماء وروضة الأطباء وهو شرح وتعليق على قانون ابن سينا ، ورسالة في بيان الحاجة إلى الطب وآداب الأطباء ووصاياهم ، ورسالة البرص .
وافته
وافته المنية عام 710هـ / 1311 م.
dr grioui
22-12-2010, 13:45
عائلة ابن زهر
إن أسرة ابن زهر من أسر الأندلس النابغة في الطب والأدب، والشعر والسياسة. استقر أبناؤها أولاً في جفن شاطبة من الجنوب الشرقي، ثم تفرّق حفدتهم في عدة حواضر. وتوالى نوابغهم في أعلى مراتب الطب، والفقه، والشعر، والأدب، كما تولوا في أرفع مناصب الإدارة والوزارة. وقد رأينا أن نفرد للأطباء منهم ذكراً يتناول أهم المنجزات في حقل الطب .
1-عبد الله بن زُهر
هو أبو مروان عبد الملك بن أبي بكر محمد بن زُهر الايادي. اشتغل بالفقه كأبيه، إلا أنه اشتهر بالطب. مارس في حواضر الشرق أولاً، فتولى رئاسة الطب في بغداد، في منتصف القرن الخامس للهجرة، ثم في مصر، فالقيروان. وعاد إلى بلاده، فاستقر في دانية ( في الأندلس ) على عهد الأمير مجاهد الذي قربه إليه وأجزل له العطاء، ومن بلاط هذا الأمير طار ذكره في أنحاء الأندلس والمغرب، وظل في دانية متمتعاً بالجاه العريض، والثروة الطائلة،
حتى وفاته، على ما في (المطرب) لابن دحية و (وفيات الأعيان) لابن خلكان. ويقول ابن أبي أصيبعة أنه ترك دانية إلى إشبيلية حيث توفي.
2- زهر بن زُهر
هو أبو العلاء زهر بن أبي مروان عبد الملك، ابن السابق، عرف بأبي العلاء زهر، وصحف اسمه باللغة اللاتينية، في القرون الوسطى على أشكال شتى، اشهرها تصحيف (أبو العلاء زهر). وهذا دليل على شهرته وسير اسمه في أوساط الطب، وحلقات الأطباء الأوروبيين إذ ذاك. وكان قد أتقن هذا العلم على أبيه، كما درس الفلسفة والمنطق، وأخذ الأدب والحديث من شيوخ قرطبة. وجعل يمارس الطب نظرياً وعملياً، فخرّج عدة تلامذة، وأصبح علماً في تشخيص الأمراض وبلغت شهرته المعتمد بن عباد، أمير إشبيلية، فاستدعاه إليه وألحقه ببلاطه، وكان لجده أبي بكر محمد ضيعة صادرها أرباب السلطان، فأعادها المعتمد إليه. وظل أبو العلاء في بلاط إشبيلية حتى غزاها المرابطون وأُسر أميرها سنة 484 هـ. ثم استدرجه السلطان يوسف بن تاشفين المرابطي لخدمته، فالتحق ببلاطه، فوضه منصب الوزارة. وكانت وفاته من تأثير نُغْلة، أي دمَّل فاسد، بين كتفيه، سنة 525 هـ في قرطبة، على قول ابن الأبار وابن دحية ومن أخذ عنهما، ونقل جثمانه إلى إشبيلية. إلا أن ابن أبي أصيبعة يقول أنه توفي بإشبيلية.
3-عبد الملك بن أبي العلاء بن زُهر
هو أبو مروان عبد الملك بن أبي العلاء زهر، ابن السابق، وأشهر أبناء الأسرة. ولد في إشبيلية، ولم يذكر مترجموه سنة ولادته، وقد تكون بين 484 و 487 هـ. كان أشهر أطباء عصره بالأندلس.
ويذكر له تاريخ الطب تجارب خطيرة، وملاحظات دقيقة، وإضافات جمّة، منها وصفه الأورام الحيزومية وخرّاج التامور، وهي أمراض لم توصف من قبل، وكان أول طبيب عربي أشار بعملية شق الحجب منها شرحه لطريقة التغذية القيسرية أو الاصطناعية، بطريق الحلقوم أو بطريق الشرج. وقد دوّن كل ذلك في سلسلة من
المؤلفات
أهمها: كتاب التيسير في المداواة والتدبير الذي ترجم وطبع عدة مرات، كتاب الاقتصاد في إصلاح النفس والأجساد، كتاب الأغذية، كتاب الجامع.
وفاته
وافاه الأجل من جرّاء خرّاج خبيث، سنة 557 هـ في إشبيلية، ودفن خارج باب النصر، وخلّف ابناً هو أبو بكر الشاعر والطبيب وابنة طبيبة. ومن غريب الصدف أن أباه قد توفي بتأثير دمّل خبيث كذلك.
4- محمد بن زُهر
هو أبو بكر محمد بن أبي مروان، ابن السابق، ويعرف بالحفيد ابن زهر، وُلد بإشبيلية سنة 507 هـ. جرى على سنن آبائه من التثقف بالطب والأدب.
انصرف في الشؤون الطبية إلى الناحية العملية، فكان حسن المعالجة، جيد التدبير، لا يماثله أحد في ذلك. ولم يذكر من تأليفه إلا رسائله في طب العيون. وكان مع ابن زهر بنت أخت له علّمها الطب، فمهرت في فن التوليد وأمراض النساء. بيد أن هبات الملك للطبيب، وإقباله عليه، مع ما أنعم الله عليه به من عريض الجاه، أثار حسد الوزير أبي زيد عبد الرحمن، فعمل على دسّ السم له ولبنت أخته، فتوفيا سنة 595 هـ.
وتجدر الإشارة إلى أن شهرة أبي بكر بن زهر لا تقوم على إنجازاته في حقل الطب وحده، بل بصورة خاصة على شعره، لا سيما موشحاته المبتكرة التي كان فيها من المقدمين، وقد تثقف، إلى ثقافته الطبية العلمية، بثقافة فقهية لغوية أدبية متينة وعميقة. وله موشحه المشهور (أيها الساقي) الذي انتشر في المغرب والمشرق.
5- عبد الله بن زُهر
هو أبو محمد عبد الله بن أبي بكر، ابن السابق ، ولد في إشبيلية سنة 577 هـ ، وأبوه في شيخوخته. فاهتم به اهتماماً شديداً، وثقفه على يده في الطب والأدب. حتى إذا شب جعله في خدمة الملك المنصور الموحدي، ثم خدم خليفته الملك محمد الناصر. وظل معززاً في مركزه، ونال شهرة باكرة في ميدان الطب العملي، حتى توفي مسموماً كأبيه سنة 602 هـ برباط الفتح في طريقه إلى مراكش، وهو في شرخ الشباب، غير مستوف الخامسة والعشرين. وترك ولدين: أبا مروان عبد الملك، وأبا العلاء محمداً الذي كان، هو أيضاً، طبيباً مشهوراً..
dr grioui
22-12-2010, 14:31
ثابت بن قرة
221 هـ / 836 م - 26 صفر 288 هـ / 19 فبراير 901 م )
ثابتبن قرة بن مروان ( 221 هـ / 836 م - 26 صفر 288 هـ / 19 فبراير 901 م ) عالم عربي اشتهربالفلكوالرياضياتوالهندسة والموسيقىولد فيحرانبسوريا سنة 221 هـالواقعة على نهر البليخ أحد روافد نهر الفرات في سوريا.
هوأولمن توصل لحسابطول السنة الشمسيةحيث حددها ب 360يوما و6 ساعات و9 دقائقو12 ثواني (أي أنه أخطأ بثانيتين فقط). عمل في الجامع الكبير في حران ثمانتقل سنة 848 مإلى الرقة وأنشأ بها مدرسة عليا لتعليم الفلك والفلسفةوالطب ومن تلاميذه، سنان ابراهيم ، ابن اخته البتاني , قرة بن قيمطاء ،أيوب بن قاسم الرقي، إبراهيم بن زهرون، واسير بن عيسى وغيرهم من الرقةومنطقة الجزيرة السورية، وانتقل بعدها إلى بغداد.
كانمن الصابة المقيمين بحران، ويقال الصابئون نسبتهم إلى صاب - وهوطاط بنالنبي إدريس عليه السلام - وثابت هذا هوثابت بن قرة ابن مروان بن ثابت بنكرايا بن إبراهيم بن كرايا بن مارينوس بن سالايونوس، وكان ثابت ابن قرةصيرفياً بحران، ثم استصحبه محمد بن موسى لما انصرف من بلد الروم لأنه رآهفصيحاً، وقيل إنه قرأ على محمد بن موسى فتعلم في داره، فوجب حقه عليه،فوصله بالمعتضد وأدخله في جملة المنجمين، وهو أصل ما تجدد للصابة منالرئاسة في مدينة السلام، وبحضرة الخلفاء، ولم يكن في زمن ثابت بن قرة منيماثلة في صناعة الطب ولا في غيره من جميع أجزاء الفلسفة، وله تصانيفمشهورة بالجودة، وكذلك جاء جماعة كثيرة من ذريته ومن أهله يقاربونه فيماكان عليه من حسن التخرج والتمهر في العلوم.
لثابتأرصاد حسان للشمس تولاهاببغدادوجمعها في كتاب بين فيه مذهبه في سنةالشمس، وما أدركه بالرصد في موضع أوجها، ومقدار سنيها، وكمية حركاتها،وصورة تعديلها، وكان جيد النقل إلى النقل العربي حسن العبارة، وكان قويالمعرفة باللغة السريانية وغيرها، وقال ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة إنالموفق لمّا غضب على ابنه أبي العباس المعتضد باللّه حبسه في دار إسماعيلبن بلبل، وكان أحمد الحاجب موكلاً به، وتقدم إسماعيل بن بلبل إلى ثابت بنقرة بأن يدخل إلى أبي العباس ويؤنسه، وكان عبد اللّه بن أسلم ملازماً لأبيالعباس، فأنس أبو العباس بثابت بن قرة أنساً كثيراً، وكان ثابت يدخل إليهإلى الحبس في كل يوم ثلاث مرات يحادثه ويسليه، ويعرفه أحوال الفلاسفة، وأمرالهندسة والنجوم، وغير ذلك، فشغف به ولطف منه محله، فلما خرج من حبسه قاللبدر غلامه يا بدر أي رجل أفدنا بعدك؟
فقالمن هو يا سيدي؟ فقال ثابت بن قرة، ولما تقلد الخلافة أقطعه ضياعاً جليلةوكان يجلسه بين يديه كثيراً بحضرة الخاص والعام، ويكون بدر غلام الأميرقائماً والوزير، وهو جالس بين يدي الخليفة. قال أبو إسحاق الصابئ الكاتب إنثابتاً يمشي مع المعتضد في الفردوس - وهو بستان في دار الخليفة للرياضة - وكان المعتضد قد اتكأ على يد ثابت وهما يتماشيان، ثم نتر المعتضد يده من يدثابت بشدة، ففزع ثابت، فإن المعتضد كان مهيباً جداً، فلما نتر يده من يدثابت قال له يا أبا الحسن، - وكان في الخلوات يكنيه وفي الملأ يسميه - سهوتووضعت يدي على يدك واستندت عليها، وليس هكذا يجب أن يكون، فإن العلماءيعلون ولايعلون. ونقلت من كتاب الكنايات للقاضي أبي العباس أحمد بن محمدالجرجاني قال حدثني أبو الحسن هلال بن المحسن بن إبراهيم، قال حدثني جديأبو إسحاق الصابئ، قال حدثني عمي أبو الحسين ثابت بن إبراهيم، قال حدثنيأبو محمد الحسن بن موسى النوبختي قال سألت أبا الحسن ثابت بن قرة عن مسألةبحضرة قوم فكرة الإجابة عنها بمشهدهم، وكنت حديث السن، فدافعني عن الجواب،فقلت متمثلاً :
ألا ما لليل لا ترى عند مضجعي
بليل ولا يجري بها لي طائر
بلى إن عجم الطير تجري إذا جرت
بليلي ولكن ليس للطيرزاجر
فلماكان من غد لقيني في الطريق وسرت معه، فأجابني عن المسألة جواباً شافياً،وقال زجرت الطير يا أبا محمد؟ فأخجلني، فاعتذرت إليه، وقلت واللّه يا سيديما أردتك بالبيتين، ومن بديع حسن تصرف ثابت بن قرة في المعالجة ما حكاه أبوالحسن ثابت بن سنان، قال حكى أحد أجدادي، عن جدنا ثابت بن قرة، أنه اجتازيوماً ماضياً إلى دار الخليفة فسمع صياحاً وعويلاً، فقال مات القصاب الذيكان في هذا الدكان؟ فقالوا له أي واللّه يا سيدنا البارحة فجأة، وعجبوا منذلك، فقال ما مات خذوا بنا إليه، فعدل الناس معه إلى الدار فتقدم إلىالنساء بالإمساك عن اللطم والصياح؛ وأمرهن بأن يعملن مزورة، وأومأ إلى بعضغلمانه بأن يضرب القصاب على كعبه بالعصا، وجعل يده في مجسه، وما زال ذلكيضرب كعبه إلى أن قال حسبك، واستدعى قدحاً وأخرج من شستكه في كمه دواءفدافه في القدح بقليل ماء، وفتح فم القصاب وسقاه إياه، فأساغه، ووقعتالصيحة والزعقة في الدار والشارع بأن الطبيب قد أحيا الميت، فتقدم ثابتبغلق الباب والاستيثاق منه، وفتح القصاب عينه وأطعمه مزورة وأجلسه، وقعدعنده ساعة، وإذا بأصحاب الخليفة قد جاؤوا يدعونه، فخرج معهم والدنيا قدانقلبت، والعامة حوله يتعادون، إلى أن دخل دار الخلافة.
لمامثل بين يدي الخليفة قال له يا ثابت ما هذه المسيحية التي بلغتنا عنك؟ قاليا مولاي كنت أجتاز على هذا القصاب وألحظه يشرح الكبد، ويطرح عليها الملحويأكلها، فكنت أستقذر فعله أولاً، ثم أعلم أن سكتة ستلحقه، فصرت أراعيه وإذعلمت عاقبته انصرفت وركّبت للسكتة، دواء استصحبته معي في كل يوم، فلمااجتزت اليوم وسمعت الصياح قلت مات القصاب؟ قالوا نعم، مات فجأة البارحة،فعلمت أن السكتة لحقته، فدخلت إليه ولم أجد له نبضاً، فضربت كعبه إلى أنعادت حركة نبضه، وسقيته الدواء ففتح عينيه، وأطعمته مزورة، والليلة يأكلرغيفا بدراج، وفي غد يخرج من بيته.
مولد ثابت بن قرة
كانمولد ثابت بن قرة في سنة إحدى عشرة ومائتين بحران في يوم الخميس الحاديوالعشرين من صفر، وتوفي سنة ثمان وثمانين ومائتين، وله من العمر سبع وسبعونسنة، وقال ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة كانت بين أبي أحمد يحيى بن المنجمالنديم، وبين جدي أبي الحسن ثابت بن قرة، رحمه اللّه، مودة أكيدة، ولما ماتجدي في سنة ثمان وثمانين ومائتينرثاه أبو أحمد بأبيات هي هذه:
ألا كل شيء ما خلا الّله مائت
ومن يغترب يرجى ومن مات فائت
أرى من مضى عنا وخيم عندنا
كسفر ثووا أرضاً فسار وبائت
نعينا العلوم الفلسفيات كلها
خبا نورها إذ قيل قد مات ثابت
وأصبح أهلوها حيارى لفقده
وزال به ركن من العلم ثابت
وكانوا إذا ضلوا هداهم لنهجها
خبير بفصل الحكم للحق ناكت
ولما أتاه الموت لمن يغن طبه
ولا ناطق مما حواه وصامت
ولا أمتعته بالغنى بغتة الردى
ألا رب رزق قابل وهو فائت
فلو أنه يسطاع للموت مدفع
لدافعه عنه حماة مصالت
ثقاة من الإخوان يصفون وده
وليس لما يقضي به الّله لافت
أبا حسن لا تبعدن وكلنا
لهلكك مفجوع له الحزن كابت
أآمل أن تجلى عن الحق شبهة
وشخصك مقبور وصوتك خافت
وقد كان يسرو حسن تبيينك العمى
وكل قؤول حين تنطق ساكت
كأنك مسؤولاً من البحر غارف
ومستبدئاً نطقاً من الصخر ناحت
فلم يتفقدني من العلم واحد
هراق إناء العلم بعدك كابت
وكم من محب قد أفدت وإنه
لغيرك ممن رام شأوك هافت
عجبت لأرض غيبتك ولم يكن
ليثبت فيها مثلك الدهر ثابت
تهذبت حتى لم يكن لك مبغض
ولا لك لما اغتالك الموت شامت
وبرزت حتى لم يكن لك دافع
عن الفضل إلا كاذب القول باهت
مضى علم العِلم الذي كان مقنعاً
فلم يبق إلا مخطئمتهافت
وكانمن تلامذة ثابت بن قرة عيسى بن أسيد النصراني، وكان ثابت يقدمه ويفضله وقدنقل عيسى بن أسيد من السرياني إلى العربي بحضرة ثابت ويوجد له كتاب جواباتثابت لمسائل عيسى بن أسيد. ومن كلام ثابت بن قرة قال ليس على الشيخ أضر منأن يكون له طباخ حاذق، وجارية حسناء لأنه يستكثر من الطعام فيسقم، ومنالجماع فيهرم. وقال راحة الجسم في قلة الطعام، وراحة النفس في قلة الآثام،وراحة القلب في قلة الاهتمام، وراحة اللسان في قلة الكلام. ولأبي الحسنثابت بن قرة الحراني من الكتب كتاب في سبب كون الجبال، مسائله الطبية كتابفي النبض، كتاب وجع المفاصل والنقرس، جوامع كتاب باريمينياس، جوامع كتابأنالوطيقا الأولى، اختصار المنطق، نوادر محفوظة من طوبيقا، كتاب في السببالذي من أجله جعلت مياه البحر مالحة، اختصار كتاب ما بعد الطبيعة، مسائلةالمشوقة إلى العلوم، كتاب في أغاليط السوفسطائيين، كتاب في مراتب العلوم،كتاب في الرد على من قال أن النفس مزاج، جوامع كتاب الأدوية المفردةلجالينوس، جوامع كتاب المرة السوداء لجالينوس، جوامع كتاب سوء المزاجالمختلف لجالينوس، جوامع كتاب الأمراض الحادة لجالينوس، جوامع كتاب الكثرةلجالينوس، جوامع كتاب تشريح الرحم لجالينوس، جوامع كتاب جالينوس فيالمولودين لسبعة أشهر، جوامع ما قاله جالينوس في كتابه في تشريف صناعةالطب، كتاب أصناف الأمراض، كتاب تسهيل المجسطي كتاب المدخل إلى المجسطيكتاب كبير في تسهيل المجسطي لم يتم وهو أجود كتبه في ذلك، كتاب في الوقفاتالتي في السكون الذي بين حركتي الشريان المتضادتين، مقالتان، صنف هذاالكتاب سريانياً لأنه أومأ فيه إلى الرد على الكندي، ونقله إلى العربيتلميذ له يعرف بعيسى بن أسيد النصراني، وأصلح ثابت العربي، وذكر قوم أنالناقل لهذا الكتاب حبيش بن الحسن الأعسم، وذلك غلط، وقد رد أبو أحمدالحسين بن إسحاق بن إبراهيم المعروف بابن كرنيب على ثابت في هذا الكتاب بعدوفاة ثابت بما لا فائدة فيه، ولا طائل، وهذا الكتاب أنفذه لما صنفه إلىإسحاق بن حنين فاستحسنه استحساناً عظيماً، وكتب في آخره بخطه يقرظ أباالحسن ثابتاً ويدعوه له ويصفه، جوامع كتاب القصد لجالينوس، جوامع تفسيرجالينوس لكتاب أبقراط في الأهوية والمياه والبلدان، كتاب في العمل بالكرة،كتاب في الحصى المتولد في الكلى والمثانة، كتاب في البياض الذي يظهر فيالبدن، كتاب في مسائلة الطبيب للمريض، كتاب في سوء المزاج المختلف، كتاب فيتدبير الأمراض الحادة.
رسالةفي الجدري والحصبة، اختصار كتاب النبض الصغير لجالينوس، كتاب في قطعالأسطوانة كتاب في الموسيقى، رسالة إلى علي بن يحيى المنجم فيما أمربإثباته من أبواب علم الموسيقى، رسالة إلى بعض إخوانه في جواب ما سأله عنهمن أمور الموسيقا كتاب في أعمال ومسائل إذا وقع خط مستقيم على خطين ومقالةأخرى له في ذلك، كتاب في المثلث القائم الزوايا، كتاب في الأعداد المتحابة،كتاب في الشكل القطاع، كتاب في حالة الفلك، كناشه المعروف بالذخيرة ألفهلولده سنان بن ثابت، جوابه لرسالة أحمد بن الطيب إليه، كتاب في التصرف فيأشكال القياس، كتاب في تركيب الأفلاك وخلقتها وعددها وعدد حركات الجهاتلها، والكواكب فيها، ومبلغ سيرها، والجهات التي تتحرك إليها، كتاب في جوامعالمسكونة، كتاب القرسطيون، رسالة في مذهب الصابئين ودياناتهم، كتاب فيقسمة الأرض كتاب في الهيئة، كتاب في الأخلاق، كتاب في مقدمات إقليدس، كتابفي أشكال إقليدس، كتاب في أشكال المجسطي، كتاب في استخراج المسائلالهندسية، كتاب رؤية الأهلة بالجنوب، كتاب رؤية الأهلة من الجداول، رسالةفي سنة الشمس، رسالة الحجة المنسوبة إلى سقراط كتاب في إبطاء الحركة في فلكالبروج وسرعتها وتوسطها بحسب الموضع الذي يكون فيه من الفلك الخارجالمركز، جواب ما سئل عنه عن البقراطيين وكم مبلغ عددهم، مقالة في عمل شكلمجس ذي أربع عشرة قاعدة تحيط به كرة معلومة، مقالة في الصفرة العارضة للبدنوعدد أصنافها وأسبابها وعلاجها مقالة في وجع المفاصل، مقالة في صفة كونالجنين، كتاب في علم ما في التقويم بالممتحن كتاب في الأطلال، كتاب في وصفالقرص، كتاب في تدبير الصحة، كتاب في محنة حساب النجوم، كتاب تفسيرالأربعة، رسالة في اختيار وقت لسقوط النطفة، جوامع كتاب النبض الكبيرلجالينوس، كتاب الخاصة في تشريف صناعة الطب وترتيب أهلهاوتعزيز المنقوصينمنهم بالنفوس والأخبار أن صناعة الطب أجل الصناعات، كتب به إلى الوزير أبيالقاسم عبيد اللّه بن سليمان، رسالة في كيف ينبغي أن يسلك إلى نيل المطلوبمن المعاني الهندسية، فيها ذكر آثار ظهرت في الجو، وأحوال كانت في الهواءمما رصد بنو موسى وأبو الحسن ثابت بن قرة، اختصار كتاب جالينوس في قوىالأغذية، ثلاث مقالات، مسائل عيسى بن أسيد لثابت بن قرة وأجوبتها الثابت،كتاب البصر والبصيرة في علم العين وعللها ومداواتها، المدخل إلى كتابإقليدس وهو في غاية الجودة، كتاب المدخل إلى المنطق، اختصار كتاب حيلةالبرء لجالينوس شرح السماع الطبيعي، مات وما تممه، كتاب في المربع وقطره،كتاب فيما يظهر في القمر من آثار الكسوف وعلاماته، كتاب في علة كسوف الشمسوالقمر، عمل أكثره ومات، وما تممه، كتاب إلى ابنه سنان في الحث على تعلمالطب والحكمة، جوابان عن كتابي محمد بن موسى بن شاكر إليه في أمر الزمان،كتاب في مساحة الأشكال المسطحة وسائر البسط والأشكال، كتاب في أن سبيلالأثقال التي تعلق على عمود واحد منفصلة هي سبيلها إذا جعلت ثقلاً واحداًمثبوتاً في جميع العمود على تساو، كتاب في طبائع الكواكب وتأثيراتها مختصرفي الأصول من علم الأخلاق، كتاب في آلات الساعات التي تسمى رخامات، كتاب فيإيضاح الوجه الذي ذكر بطليموس أن به استخرج من تقدمه مسيرات القمر الدوريةوهي المستوية، كتاب في صفة استواء الوزن واختلافه وشرائط ذلك، جوامع كتابنيقوماخس في الأرثماطيقي، مقالتان، أشكال له في الحيل، جوامع المقالةالأولى من الأربع لبطليموس، جوابه عن مسائل سأله عنها أبو سهل النوبختي،كتاب في قطع المخروط المكافي، كتاب في مساحة الأجسام المكافية كتاب فيمراتب قراءة العلوم، اختصار كتاب أيام البحران لجالينوس ثلاث مقالات،اختصار الأسطقسات لجالينوس، كتاب في أشكال الخطوط التي يمر عليها ظلالمقياس، مقالة في الهندسة ألفها لإسماعيل ابن بلبل، جوامع كتاب جالينوس فيالأدوية المنقية، جوامع كتاب الأعضاء الآلمة لجالينوس، كتاب في العروض،كتاب فيما أغفله ثاون في حساب كسوف الشمس والقمر، مقالة في حساب خسوف الشمسوالقمر، كتاب في الأنواء، ما وجد من كتابه في النفس، مقالة في النظر فيأمر النفس، كتاب في الطريق إلى اكتساب الفضيلة، كتاب في النسبة المؤلفة،رسالة في العدد الوفق، رسالة في تولد النار بين حجرين، كتاب في العملبالممتحن وترجمته ما استدركه على حبيش في الممتحن، كتاب في مساحة قطعالخطوط، كتاب في آلة الزمر، كتب عدة له في الأرصادعربي وسرياني، كتاب فيتشريح بعض الطيور وأظنه مالك الحزين، كتاب في أجناس ما تنقسم إليه الأدوية،صنفه بالسرياني، كتاب في أجناس ما توزن به الأدوية، بالسرياني، كتاب فيهجاء السرياني وإعرابه، مقالة في تصحيح مسائل الجبر بالبراهين الهندسية،إصلاحه للمقالة الأولى من كتاب أبلونيوس في قطع النسب المحدودة، وهذاالكتاب مقالتان أصلح ثابت الأولى إصلاحاً جيداً وشرحها وأوضحها وفسرهاوالثانية لم يصلحها وهي غير مفهومة، مختصر في علم النجوم، مختصر في علمالهندسة، جوابات عن مسائل سأله عنها المعتضد، كلام في السياسة، جواب له عنسبب الخلاف بين زيج بطليموس وبين الممتحن، جوابات له عن عدة مسائل سأل عنهاسند بن علي، رسالة في حل رموز كتاب السياسة لأفلاطن، اختصار القاطيغورياس،ومما وجد لثابت بن قرة الحراني الصابي بالسريانية فيما يتعلق بمذهبه رسالةفي الرسوم والفروض والسنن، رسالة في تكفين الموتى ودفنهم، رسالة في اعتقادالصابئين، رسالة في الطهارة والنجاسة، رسالة في السبب الذي لأجله ألغزالناس في كلامهم، رسالة فيما يصلح من الحيوان للضحايا وما لا يصلح، رسالةفي أوقات العبادات، رسالة في ترتيب القراءة في الصلاة، صلوات الابتهال إلىاللّه عز وجلّ.
أشهر كتبه
كتاب في المخروط المكافئ
كتاب في الشكل الملقب بالقطاع
كتاب في قطع الاسطوانة
كتاب في العمل بالكرة
كتاب في قطوع الاسطوانة وبسيطها
كتاب في مساحة الأشكال وسائر البسط والأشكال المجسمة
كتاب في المسائل الهندسية
كتاب في المربع
كتاب في أن الخطين المستقيمين إذا خرجا على أقلّ من زاويتين قائمتين التقيا
كتاب في تصحيح مسائل الجبر بالبراهين الهندسية
كتاب في الهيئة
كتاب في تركيب الأفلاك
كتاب المختصر في علم الهندسة
كتاب في تسهيل المجسطي
كتاب في الموسيقى
كتاب في المثلث القائم الزاوية
كتاب في حركة الفلك
كتاب في ما يظهر من القمر من آثار الكسوف وعلاماته
كتاب المدخل إلى إقليدس
كتاب المدخل إلى المنطق
كتاب في الأنواء
مقالة في حساب خسوف الشمس والقمر
كتاب في مختصر علم النجوم
كتاب للمولودين في سبعة أشهر
كتاب في أوجاع الكلى والمثاني
كتاب المدخل إلى علم العدد الذي ألفه نيقوماخوس الجاراسيني ونقله ثابت إلى العربية.
dr grioui
02-01-2011, 15:56
ابن يونس
http://www.alrai.com/img/195500/195253.jpg
ابن يونس ...
عمر هلسة - من أشهر فلكي العالم العربي ومن أشهر أعلام الحضارة وعلمائها دارت بينه وبين دافنشي رحى الأولوية في الإختراع والإكتشاف وهي قضية لم يقل فيها التاريخ بعد كلمته لينصف أحدهما على الآخر.
ولد أبو سعد عبد الرحمن بن يونس الصدفي في مصر حوالي العام 338ه/950م وتوفي فيها عام 399ه/1009م وكان أبوه من أشهر المؤرخين في مصر كما وكان جده يونس الصدفي عالماً بالنجوم ومن أصحاب الإمام الشافعي، ويعد ابن يونس من أعظم فلكي مصر قاطبةً ومن أشهر فلكي القرن الرابع الهجري تحديداً وآثاره غيرت الكثير في مسار العلوم إبان العصور الوسطى في أوروبا.
حظي أبو سعد بمكانةٍ عالية عند الفاطميين لما كان عليه من علمٍ وبعد رؤية وكرم خلق فاهتموا به وأجلوا له العطاء فأسسوا له وتلاميذه مرصداً فلكياً قرب مدينة الفسطاط تدل الآثار الباقية منه على أن موقعه تحديداً كان على قمة جبل المقطم.
برع ابن يونس في حساب المثلثات وألف العديد من البحوث القيمة التي أسهمت في تقدم هذا العلم ويعد أول من وضع قانوناً في حساب المثلثات الكروية وكان ابن يونس اول من فسر بدقة عالية ظاهرتا الكسوف والخسوف فرصد كسوف الشمس وخسوف القمر في القاهرة حوالي العام 368ه/978م ليكونان بذلك أول كسوفين في تاريخ البشرية سجلا بدقة متناهية وبطريقة علمية بحتة وجاء حسابه أدق ما عرف إلى أن ظهرت آلات الرصد الحديثة.
من اهم كتب ابن يونس كتاب (الرقاص) الذي فسر فيه حركة الرقاص أو ما يعرف اليوم باسم ''البندول'' فتحدث عن مبدأ عمله وكيفية تصنيعه وفوائده واستخداماته واثبت ان زمن ذبذبته تتناسب مع طوله وثقله والمادة التي يصنع منها ليسبق بذلك العلْم الغربي الشهير ليوناردو دافنشي بأربعمائة عام ولا يستطيع أحدٌ أن يجزم بأن دافنشي نسب الرقاص إليه عن ابن يونس لما يعرف عن هذا العالم من إنجازاتٍ غيرت في مسار الحضارة أيضاً ولكن الروايات التاريخية لم تنفِ إطلاع ليوناردوا على مؤلفات من سبقوه من علماء المسلمين وعلى رأسهم ابن يونس الذي كانت كتبه منتشرة في مكتبات أوروبا آنذاك واغلب الظن انه اطلع على كتاب ''الرقاص'' أكثر من مرةٍ في مكتبة بيزا في إيطاليا حيث كان يتردد دافنشي كثيراً.
من أهم انجازات العالم العربي ابن يونس الأخرى تصحيحه لزاوية ميل دائرة البروج وزاوية اختلاف المسقط للشمس وبداية ظاهرة الاعتدالين وأورد اكتشافاته هذه في كتابه ''الزيج الحاكمي المكون من أربع مجلدات بدأ بتأليفه بأمرٍ من الخليفة العزيز الفاطمي سنة 380ه وفرغ منه بعد حوالي الخمسة عشرة عاماً ونقله المستشرقون إلى اللاتينية وبقيت نسخه أمهات كتب في جامعات باريس وبرلين والقاهرة لقرونٍ طويلة وله من المؤلفات أيضاً كتاب الميل وكتاب الظل وكتاب تاريخ ''أعيان مصر'' والذي جمع فيه عدداً لا بأس به من المشاهدات الفلكية المعروفة من قبله وما اكتشفه من رصده لسماء مصر، ومن أهم ملاحظات ابن يونس التي تستحق الوقوف عندها والتمعن بها ما ذكره في رسائله الفلكية عن حركة القمر وملاحظته أن سرعته في تزايد مستمر، مما يدلل على نبوغ هذا الفلكي العالم في سبر أعماق الفضاء فلم يكتفٍ بالملاحظة فحسب بل أقرنها بالتحليل والحساب ليكون بحق سابق عصره وأوانه.
http://www.algeriamax.com/vb/maxi/misc/sticky.gif
dr grioui
02-01-2011, 17:57
البتَّاني
هو ابن عبد الله محمد بن سنان بن جابر الحراني المعروف باسم البتاني، ولد في حران، وتوفي في العراق، وهو ينتمي إلى أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث للهجرة. وهو من أعظم فلكيي العالم، إذ وضع في هذا الميدان نظريات مهمة، كما له نظريات في علمي الجبر وحساب المثلثات
اشتهر البتاني برصد الكواكب وأجرام السماء. وعلى الرغم من عدم توافر الآلات الدقيقة كالتي نستخدمها اليوم فقد تمكن من جمع أرصاد ما زالت محل إعجاب العلماء وتقديرهم
وقد ترك عدة مؤلفات في علوم الفلك، والجغرافيا. وله جداوله الفلكية المشهورة التي تعتبر من أصح الزيج التي وصلتنا من العصور الوسطى. وفي عام 1899 م طبع بمدينة روما كتاب الزيح الصابي للبتاني، بعد أن حققه كارلو نللينو عن النسخة المحفوظة بمكتبة الاسكوريال بإسبانيا. ويضم الكتاب أكثر من ستين موضوعاً أهمها: تقسيم دائرة الفلك وضرب الأجزاء بعضها في بعض وتجذيرها وقسمتها بعضها على بعض، معرفة أقدار أوتار أجزاء الدائرة، مقدار ميل فلك البروج عن فلك معدل النهار وتجزئة هذا الميل، معرفة أقدار ما يطلع من فلك معدل النهار، معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك، معرفة أوقات تحاويل السنين الكائنة عند عودة الشمس إلى الموضع الذي كانت فيه أصلاً، معرفة حركات سائر الكواكب بالرصد ورسم مواضع ما يحتاج إليه منها في الجداول في الطول والعرض
عرف البتاني قانون تناسب الجيوب، واستخدم معادلات المثلثات الكرية الأساسية. كما أدخل اصطلاح جيب التمام، واستخدم الخطوط المماسة للأقواس، واستعان بها في حساب الأرباع الشمسية، وأطلق عليها اسم (الظل الممدود) الذي يعرف باسم (خط التماس). وتمكن البتاني في إيجاد الحل الرياضي السليم لكثير من العمليات والمسائل التي حلها اليونانيون هندسياً من قبل، مثل تعيين قيم الزوايا بطرق جبرية
ومن أهم منجزاته الفلكية أنه أصلح قيم الاعتدالين الصيفي والشتوي، وعين قيمة ميل فلك البروج على فلك معدل النهار (أي ميل محور دوران الأرض حول نفسها على مستوى سبحها من حول الشمس). ووجد أنه يساوي 35َ 23ْ (23 درجة و 35 دقيقة)، والقيمة السليمة المعروفة اليوم هي 23 درجة
وقاس البتاني طول السنة الشمسية، وأخطأ في مقياسها بمقدار دقيقتين و 22 ثانية فقط. كما رصد حالات عديدة من كسوف الشمس وخسوف القمر
dr grioui
02-01-2011, 22:40
العالم
ســيــــــبويـــه
هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قِنْبَر، ويقال كنيته أبو الحسن، وأبو بشر أشهر، وكان مولى الحارث بن كعب.
قال ابن عائشة :
كنا نجلس مع سيبويه النحوي في المسجد ، وكان شابا نظيفا جميلا ، قد تعلق من كل علم بسبب، وضرب من كل أدب بسهم، مع حداثة سنه وبراعته في النحو.
قال محمد بن سلام :
كان سيبويه جالسا في حلقة بالبصرة فتذاكرنا شيئاً من حديث قتادة فذكـَــرَ حديثا غريبا وقال لم يرو هذا الحديث إلا سعيد بن أبي العروبة فقال له بعض ولد جعفر : ماهاتان الزيادتان يا أبا بشر ؟
فقال : هكذا يقال ، لأن العروبة يوم الجمعة ، فمن قال عروبة فقد أخطأ.
قال ابن سلام : فذكرت ذلك ليونس بن حبيب فقال : أصاب ، لله درّه.
وسِيبَوَيْهِ هو لقبه الذي به اشتهر حتى غطى على اسمه وكنيته، كانت أمه تحب أن تراقصه به وتدلـله في الصغر، وهي كلمة فارسية مركبة وتعني "رائحة التفاح". وهو إمام النحاة الذي إليه ينتهون، وعلم النحو الشامخ الذي إليه يتطلعون، وصاحب كتاب العربية الأشهر ودستورها الخالد. فارسي الأصل ولد في حدود عام (140هـ / 756 م ) على أرجح الأقوال في مدينة البيضاء ببلاد فارس، وهي أكبر مدينة في إصطخر على بعد ثمانية فراسخ من شيراز.
ولكن إلى متى ظل في البيضاء ؟ وكم كان عمره يوم رحيله إلى البصرة؟
جاء سيبويه إلى البصرة وهو غلام صغير؛ لينشأ بها قريبًا من مراكز السلطة والعلم، بعد أن فسحت الدولة العباسية المجال للفرس كيما يتولوا أرفع المناصب وأسناها، هذا ما ترجحه المصادر التي بين أيدينا، ولكن على ما يبدو هناك رأي آخر يتبناه أحد الباحثين( )؛ حيث يرى أن سيبويه وفد إلى البصرة بعد سن الرابعة عشرة، وهذا الرأي هو ما نرجحه ونميل إليه؛ لأن الناظر في كتاب سيبويه يوقن أن صاحبه كان على دراية كبيرة باللغة الفارسية وكأنها لغته الأم.
سيبويه و الحديث!
كان سيبويه وقتها ما زال فتى صغيرًا يدرج مع أقرانه يتلقى في ربوع البصرة ـ حاضرة العلم حينذاك ـ الفقه والحديث، وذات يوم ذهب إلى شيخه حماد البصري ليتلقى منه الحديث ويستملي منه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس من أصحابي أحد إلا ولو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء…"
ولكن سيبويه لقدر قدره الله له، يقرأ الحديث على هذا النحو: "ليس من أصحابي أحد إلا ولو شئت لأخذت ليس أبو الدرداء …"
فصاح به شيخه حماد : لَحَنْتَ يا سيبويه، إنما هذا استثناء؛ فقال سيبويه: والله لأطلبن علمًا لا يلحنني معه أحد، ثم مضى ولزم الخليل وغيره. ومن هنا كانت البداية.
شـيوخه:
تتلمذ سيبويه على عديد من الشيوخ والعلماء، نخص منهم أربعة من علماء اللغة، أولهم: عبقري العربية وإمامها الخليل بن أحمد الفراهيدي، وهو أكثرهم تأثيرًا فيه، فقد روى عنه سيبويه في الكتاب 522 مرة، وهو قدر لم يروِ مثله ولا قريبًا منه عن أحد من أساتذته، وهو ما يجسد خصوصية الأستاذية التي تفرد بها الخليل بن أحمد رحمه الله، دون سائر أساتذة سيبويه، وثانيهم: أبو الخطاب الأخفش، وثالثهم: عيسى بن عمرو، ورابعهم: أبو زيد النحوي. ومات سيبويه رحمه الله وجل شيوخه على قيد الحياة!
مؤامرة تحاك:
الأشجار التي تثمر هي وحدها التي تُلقى بالأحجار، يبدو أن هذا القانون يمتد أيضًا إلى دنيا البشر، فكثيرًا ما يتعرض العلماء لجهالة الجهلاء وللأحقاد والأضغان، ولكن الغريب حقًّا أن يتزعم المؤامرة عالم له ثِقْله وقيمته في دنيا اللغة، ولكن هكذا اقتضت حكمة الله أن الكمال لله وحده، وأن لكل عالم هفوة، ولكل جواد كبوة.
تحدثنا المصادر أن سيبويه بقي في البصرة منذ دخلها إلى أن صار فيها الإمام المقدم، وأن شهرته قد لاحت في الآفاق، وأنه دعي إلى بغداد حاضرة الخلافة آنذاك من قبل البارزين فيها والعلماء، وهناك أعدت مناظرة بين كبيري النحاة: سيبويه ممثلاً لمذهب البصريين والكسائي عن الكوفيين، وأُعلن نبأ المناظرة، وسمع عنها القريب والبعيد، ولكن الأمر كان قد دُبِّر بليل، فجاء الكسائي وفي صحبته جماعة من الأعراب، فقال لصاحبه سيبويه: تسألني أو أسألك؟
فقال سيبويه: بل تسألني أنت.
قال الكسائي: كيف تقول في: قد كنت أحسب أن العقرب أشد لسعة من الزُّنْبُور(الدبور)، فإذا هو هي، أو فإذا هو إياها بعينها؟ ثم سأله عن مسائل أخرى من نفس القبيل نحو: خرجت فإذا عبد الله القائمُ أو القائمَ؟
فقال سيبويه في ذلك كله بالرفع، وأجاز الكسائي الرفع والنصب، فأنكر سيبويه قوله؛ فقال يحيى بن خالد، وقد كان وزيرًا للرشيد: قد اختلفتما وأنتما رئيسا بلديكما، فمن يحكم بينكما؟
وهنا انبرى الكسائي منتهزًا الفرصة: الأعراب، وهاهم أولاء بالباب؛ فأمر يحيى فأدخل منهم من كان حاضرًا، وهنا تظهر خيوط المؤامرة وتأتي بثمارها؛ فقالوا بقول الكسائي؛ فانقطع سيبويه واستكان، وانصرف الناس يتحدثون بهذه الهزيمة التي مُني بها إمام البصريين. كان سيبويه لا يتصور بفطرته النقية أن يمتد الشر مدنسًا محراب العلم والعلماء؛ فحزن حزنًا شديدًا وقرر وقتها أن يرحل عن هذا المكان إلى أي مكان آخر ليس فيه حقد ولا أضغان؛ فأزمع الرحيل إلى خراسان. وكأنما كان يسير إلى نهايته؛ فقد أصابه المرض في طريق خراسان، ولقي ربه وهو ما زال في ريعان الشباب، لم يتجاوز عمره الأربعين، وذلك سنة (180هـ/ 796م) على أرجح الأقوال.
انظر المناظرة كاملة " المسألة الزنبورية"
ولكن سيبويه لم يمت فسرعان ما بُعث حيًّا يخاطب الأجيال بهذا الكتاب الذي ضمنه أفكاره وآراءه وآراء معاصريه، فكان بحق أخلد كتاب في نحو اللغة وصرفها وأصواتها، يعتمد عليه الدارسون، مهما اختلف بهم الزمان والمكان.
تلاميذ سيبويه:
من الصعوبة بمكان أن نحصي تلاميذ سيبويه، خاصة لو وضعنا في اعتبارنا أن كل النحاة الذين جاءوا بعده غاصوا في بحور لغتنا الجميلة عبر كتابه، ولكن لو تعرضنا للتلاميذ بالمعنى الحرفي فإننا نقول: برز من بين تلاميذ سيبويه عالمان جليلان هما: الأخفش الأوسط (أبو الحسن سعيد بن مسعدة) وقطرب (أبو محمد بن المستنير المصري).
ثانيا: الكتاب
بلا عنوان:
درج كل العلماء والباحثين والمصنفين على أن يضعوا أسماء لمؤلفاتهم ومصنفاتهم، إلا أن الوضع معنا يختلف؛ فسيبويه لم يضع لكتابه اسمًا أو حتى مقدمة أو خاتمة، ولكن لماذا لم يضع سيبويه عنوانًا لكتابه أو مقدمة أو خاتمة؟
أغلب الظن أن القدر لم يمهله ليفعل ذلك؛ فمات سيبويه في ريعان شبابه، قبل أن يخرج الكتاب إلى النور؛ فأخرجه تلميذه أبو الحسن الأخفش إلى الوجود دون اسم؛ عرفانًا بفضل أستاذه وعلمه وخدمةً للغة القرآن التي عاش من أجلها أستاذه؛ فأطلق عليه العلماء اسم "الكتاب"، فإذا ذُكر " الكتاب " مجردًا من أي وصف فإنما يقصد به كتاب سيبويه.
أهمية الكتاب:
الكتاب بمثابة خزانة للكتب، احتواها بالقوة في ضميره وتمخض عنها الزمن بالفعل من بعد وفاة سيبويه، فإذا الأئمة كلهم تلاميذ في مدرسته، وإذا المؤلفون جميعًا لا يجدون إلا أن يناقشوه ويفسروه ويعلقوا عليه ويصوبوه ويخطئوه، ولكنهم مع ذلك يدورون في فلكه، حتى أصبح هو المصدر الفريد لعلمي النحو والصرف بالإضافة إلى علم الأصوات.
منهج الكتاب:
كثيرًا ما يوضح الكتاب مناهجهم في بداية كتبهم، ولكن الوضع معنا يختلف؛ فسيبويه لم يتمكن من وضع مقدمة لكتابه، يوضح فيها المنهج الذي سلكه في ترتيبه؛ ولذلك بقي منهج الكتاب لغزًا عصيًّا على الإدراك، حتى مضى بعض الباحثين إلى أن سيبويه لم يكن يعرف المنهج، وإنما هو قد أورد مسائل الكتاب متتابعة دون أي نظام أو رباط يربط بينها. ولو كان مؤلف الكتاب شخصًا آخر غير سيبويه، لجاز أن يسلم بهذا الرأي على ضعفه، أمَا والمؤلف سيبويه فمن الواجب أن ننزهه عن هذا.
وهنا ينبري شيخنا علي النجدي يحدثنا عن منهج سيبويه، فيقول: نهج سيبويه في دراسة النحو منهج الفطرة والطبع، يدرس أساليب الكلام في الأمثلة والنصوص؛ ليكشف عن الرأي فيها صحة وخطأ، أو حسنًا وقبحًا، أو كثرة وقلة، لا يكاد يلتزم بتعريف المصطلحات، ولا ترديدها بلفظ واحد، أو يفرع فروعًا، أو يشترط شروطًا، على نحو ما نرى في الكتب التي صنفت في عهد ازدهار الفلسفة واستبحار العلوم.
فهو في جملة الأمر يقدم مادة النحو الأولى موفورة العناصر، كاملة المشخصات، لا يكاد يعوزها إلا استخلاص الضوابط، وتصنيع الأصول على ما تقتضي الفلسفة المدروسة والمنطق الموضوع، وفرق ما بينه وبين الكتب التي جاءت بعد عصره كفرق ما بين كتاب في الفتوى وكتاب في القانون، ذاك يجمع جزئيات يدرسها ويصنفها ويصدر أحكامًا فيها، والآخر يجمع كليات ينصفها ويشققها لتطبق على الجزئيات.
ويمكن أن يقال على الإجمال: إنه كان في تصنيف الكتاب يتجه إلى فكرة الباب كما تتمثل له، فيستحضرها ويضع المعالم لها، ثم يعرضها جملة أو آحادًا،
وينظر فيها تصعيدًا وتصويبًا، يحلل التراكيب، ويؤول الألفاظ، ويقدر المحذوف، ويستخلص المعنى المراد،
وفي خلال ذلك يوازن ويقيس، ويذكر ويعد، ويستفتي الذوق، ويستشهد ويلتمس العلل، ويروي القراءات، وأقوال العلماء، إما لمجرد النص والاستيعاب وإما للمناقشة وإعلان الرأي،
وربما طاب له الحديث وأغراه البحث، فمضى ممعنًا متدفقًا يستكثر من الأمثلة والنصوص. واللغة عنده وحدة متماسكة، يفسر بعضها بعضًا، ويقاس بعضها على بعض، وهو في كل هذا يتكئ في ترتيب أبواب الكتاب على فكرة العامل أولاً وأخيرًا.
dr grioui
02-01-2011, 22:44
ابن أبي أصيبعة
نبذة:
هو موفق الدين أبو العباس أحمد بن سديد الدين القاسم، اشتهر بالطب، ولد بدمش سنة 600 هجرية وتوفي سنة 668 هجرية.
سيرته:
هو موفق الدين أبو العباس أحمد بن سديد الدين القاسم، سليل أسرة اشتهرت بالطب ، وموفق الدين أشهر أفراد الأسرة وإليه يصرف الانتباه إذا ذكر: ابن أبي أصيبعة. ولد بدمشق سنة 600 هـ وكني أبا العباس قبل أن يطلق عليه لقب جده ابن أبي أصيبعة وقد نشأ في بيئة حافلة بالدرس والتدريس، والتطبيب والمعالجة.
درس في دمشق والقاهرة نظرياً وعملياً، وطبق دروسه في البيماريستان النوري، وكان من اساتذته ابن البيطار العالم النباتي الشهير ومؤلف (جامع المفردات). وكان يتردد كذلك على البيمارستان الناصري فيقوم بأعمال الكحالة، وفيه استفاد من دروس السديد ابن أبي البيان، الطبيب الكحال ومؤلف كتاب الأقراباذين المعروف باسم الدستور البيمارستاني.
ولم يقم ابن أبي أصيبعة طويلاً في مصر، إذ تركها سنة 635 هـ إلى بلاد الشام، ملبياً دعوة الأمير عز الدين أيدمر صاحب صرخد (وهي اليوم صلخد من أعمال جبل العرب في سوريا)، وفيها توفي سنة 668 هـ. اشتهر ابن أبي أصيبعة بكتابه الذي سماه (عيون الأنباء في طبقات الأطباء) والذي يعتبر من أمهات المصادر لدراسة تاريخ الطب عند العرب. ويستشف من أقوال ابن أبي أصيبعة نفسه أنه ألف ثلاثة كتب أخرى، ولكنها لم تصل إلينا، وهي: كتاب حكايات الأطباء في علاجات الأدواء، وكتاب إصابات المنجمين، وكتاب التجارب والفوائد الذي لم يتم تأليفه.
dr grioui
02-01-2011, 23:41
إبن بطوطة
في درب صغير بمدينة (طنجة) بالمغرب، كان يعيش فتى عربي مسلم يهوى قراءة كتب الرحلات، والاستماع إلى أخبار الدول والناس، وعجائب الأسفار من الحجاج والتجار الذين يلقاهم في ميناء (طنجة) أو من أصدقاء أبيه.. هذا الفتي هو(محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي) الشهير ب(ابن بطوطة) ولد في (طنجة) في شهر رجب عام 703 هجرية/1304ميلادية.
كان أبوه فقيهًا يشتغل بالقضاء وكان يعد ولده ليكون خلفًا له، لذلك حفظ ابن بطوطة القرآن، ودرس العلوم الدينية، والأدب والشعر، فشبَّ تقيًّا، ورعًا، محبًّا للعلماء والأولياء، ولكنه لم يُتِمَّ دراسة الفقه بسبب رغبته في السفر والترحال؛ فكان خروجه إلى الحج، وهو في الثانية والعشرين من عمره، نقطة التحول في حياته، إذا ارتدى منذ ذاك الحين ثوب الترحال وأخذ يجوب أرجاء العالم الإسلامي، وحين خرج ابن بطوطة من (طنجة) سنة 1325م قاصدًا الكعبة، وزيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم، لم يخرج مع قافلة الحج، بل خرج مع قوم لا يعرفهم، ولم يستقر مع جماعة منهم، فأخذ ينتقل من مركب إلى آخر، ومن قافلة إلى أخرى، فقد كان اهتمامه برؤية أصناف الناس، والغرائب التي يصنعونها هو شغله الشاغل.
كان مما لاحظه ابن بطوطة أن أصحاب كل حرفة ينزلون ضيوفًا على أصحاب نفس الحرفة في البلاد الأخرى؛ فالقاضي ينزل على القاضي، والفقيه على الفقيه، لذلك فقد فرح ابن بطوطة عندما قدمه الناس على أنه من القضاة، ومنذ ذاك الحين أصبح ينزل على القضاة والفقهاء في كل بلدٍ يذهب إليه.
ومن خلال رحلات ابن بطوطة، يظهر مدى ترابط الأمة الإسلامية وقوة وحدتها حيث إنه خرج لرحلته الطويلة بمال قليل ولكن ترابط الأمة وتآخيها عمل على معاونته في رحلته، وإمداده بما يريد، كانت رحلته الأولى من سنة 1325م إلى 1349م وقضى فيها 24 سنة، ومر فيها بمراكش والجزائر وتونس وطرابلس ومصر ثم إلى فلسطين ولبنان وسوريا والحجاز، فحج حجته الأولى ومن مكة غادر إلى بلاد العراق وإيران وبلاد الأناضول، ثم عاد إلى مكة فحج حجته الثانية، ثم غادرها إلى اليمن ثم إفريقية الشرقية، ثم زار عمان والبحرين والإحْساء، ثم رجع مكة فأدى مناسك الحج.
خرج ابن بطوطة إلى الهند وخراسان وتركستان وأفغانستان وكابول والسند، وتولى القضاء في (دلهي) على المذهب المالكي، ولما أراد السلطان محمد شاه أن يرسل وفدًا إلى ملك الصين خرج ابن بطوطة فيه، وفي عودته مر بجزيرة (سرنديب) والهند والصين، ثم عاد إلى بلاد العرب عن طريق (سومطرة) سنة 748هجرية/ 1347ميلادية، فزار بلاد العجم والعراق وسوريا وفلسطين ومنها لمكة فحج حجته الرابعة إلى بيت الله، ثم رأى أن يعود إلى وطنه فمر بمصر وتونس والجزائر ومراكش فوصل فاسسنة 750هجرية/ 1349ميلادية.
وقد كان ابن بطوطة إذا ما ذَكَرَ ما تمتع به في حياته من نعمة وجاه يقول: (إنما كان لأنني حججتُ أربع حجات) ثم ما لبث أن قام برحلته الثانية بعد أن أقام في فاس فترة قصيرة لكنه وجد في نفسه شوقًا إلى السفر إلى بلاد الأندلس، فمر في طريقه ب(طنجة) و(جبل طارق) و(غرناطة) ثم عاد إلى فاس، وفي سنة 753هجرية/1352ميلادية كانت رحلة ابن بطوطة الثالثة إلى بلاد السودان، ثم مالي (تومبوكتو) وكثير من بلاد إفريقية ثم رجع إلى فاس، وظلت مدة عامين، فقد انتهت 755هجرية/ 1354ميلادية.
وكانت لابن بطوطة معرفة بطب الأعشاب التي كان الناس يتداوون بها من الأمراض الشائعة، وكان يداوي نفسه بنفسه، ولقد أعانه على رحلته قوة بدنه، فكان يأكل أي طعام -عدا المحرمات- وقد أصابته الحمى أكثر من مرة، وكاد دوار البحر أن يهلكه لولا رعاية الله له، وقد استغرقت رحلاته أكثر من ثمانية وعشرين عامًا كشفت هذه الرحلات عن أسرار كثيرة من البلاد التي زارها ابن بطوطة، إذ يعد أول من كتب شيئًا عن استعمال ورق النقد في الصين، وعن استخدام الفحم الحجري وكان صادقًا في أغلب أوصافه،حتى إن المستشرق (دوزي) أطلق عليه (الرحالة الأمين) وقد أتقن ابن بطوطة خلال رحلته اللغتين الفارسية والتركية، وقطع مائة وأربعين ألف كيلو متر، أكثرها في البحر، وتعرض للأخطار والمهالك في الصحاري والغابات، وقطاع الطريق في البر، وقراصنة البحر، ونجا مرارًا من الموت والأسر.
وقد كان ابن بطوطة سريع التأثر يدل على ذلك قوله: وعندما وصلت إلى تونس برز أهلها للقاء الشيخ (عبد الله الزبيدي) ولقاء الطيب ابن القاضي أبي عبد الله النفراوي فأقبل بعضهم على بعض بالسلام والسؤال، ولم يُسَلِّمْ على أحد لعدم معرفتي بهم فوجدت من ذلك في النفس ما لم أملك معه سوابق الْعَبْرَة، واشتد بكائي، فشعر بحالي بعض الحجاج، فأقبل على بالسلام والإيناس ومازال يؤانسني بحديثه حتى دخلت المدينة، وأما حبه لوالديه فقد أفصح عنه أيما إفصاح حيث يقول في مقدمة رحلته: إنه تركهما فتحمل لبعدهما المشاق كما لقى من الفراق نصبًا، فلما عاد من رحلته الأولى وبلغه موت أمه حزن حزنًا شديدًا قطعه عن كل شيء، وسافر لزيارة قبر والدته.
اتصل ابن بطوطة بالسلطان أبي عنان المريني، وأقام في حاشيته يُحَدِّثُ الناس بما رآه من عجائب الأسفار، ولما علم السلطان بأمره وما ينقله من طرائف الأخبار عن البلاد التي زارها أمر كاتبه الوزير محمد بن جُزَي الكلبي أن يكتب ما يمليه عليه الشيخ ابن بطوطة فانتهى من كتابتها سنة 1356م، وسماها (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) وقد ظلت رحلة ابن بطوطة موضع تقدير كثير من العلماء والباحثين فترة طويلة، وتُرجِمَت إلى اللغة الإنجليزية، ونُشِرَت في لندن سنة 1829م، وتُرجِمَت إلى اللغة الفرنسية، وطُبِعَت في باريس سنة 1853م وتُرجِمَت إلى الألمانية، وطُبِعَت سنة 1912م، وكذلك تُرجِمَت إلى اللغة التركية.
وفي عام 779هجرية/1378ميلادية كان وداع ابن بطوطة للدنيا بمدينة طنجة، ومن يزور المغرب اليوم سيجد بمدينة طنجة دربا (طريقًا) اسمه درب ابن بطوطة حيث كان يعيش، وسيجد بالقرب من سوق طنجة ضريحه الذي دفن فيه.
واليوم حصل ابن بطوطة على التقدير الذي يستحقه بجدارة في عالم الاستكشاف. فلتخليد انجازاته الفريدة في الأسفار, أطلق علماء العصر اسم ابن بطوطة على إحدى الفوهات البركانية على سطح القمر.
dr grioui
02-01-2011, 23:48
ابن السائب الكلبي
(ت 204هـ)
هشام بن محمد بن السائب بن بشر بن عمر الكلبي , أبو المنذر الإخباري النسابة العلامة , كان عالما بالنسب وأخبار العرب وأيامها ووقائعها ومثالبها , أخذ عن أبيه النضر محمد المفسر وعن مجاهد ومحمد بن أبي السري البغدادي ومحمد بن سعد كاتب الواقدي وأبي الأشعث أحمد بن المقدام وغيرهم, وحدّث عنه جماعة. قال أحمد بن حنبل: كان صاحب سِيَر ونسب ما ظننت أن أحد يحدّث عنه. وقال البلاذري في تاريخه: حدّث هشام بن الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن بن عباس. وذكر الخطيب في تاريخ بغداد أن هشاما كان يقول: حفظت ما لم يحفظه أحد ونسيت ما لم ينسه أحد , كان لي عم يعاتبني على حفظ القرآن , فدخلت بيتا وحلفت لا أخرج حتى أحفظ القرآن فحفظته في ثلاثة أيام.
قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي: رأيت ثلاثة كانوا إذا رأوا ثلاثة يذوبون, علوية إذا رأت مخارق وأبا نواس إذا رأى أبا العتاهية, والزهري إذا رأى هشاما.
وكانت وفاة ابن السائب الكلبي سنة 204 هـ وقيل 206 هـ في بعض الروايات , وتصانيفه تزيد على مائة وخمسين مصنفا.
آثاره /
- كتاب حلف عبد المطلب وخزاعة.
- كتاب حلف الفضول وقصة الغزال.
- كتاب حلف كلب وتميم.
- كتاب حلف أسلم وقريش.
- كتاب المعران.
- كتاب المنافرات.
- كتاب بيوتات قريش.
- كتاب فضائل قيس.
- كتاب عيلان.
- كتاب الموؤدات.
- كتاب بيوتات ربيعة.
- كتاب الكنى.
- كتاب أخبار العباس بن عبد المطلب.
- كتاب خطبة علي كرم الله وجهه.
- كتاب شرف قصي بن كلاب وولده في الجاهلية والإسلام.
- كتاب ألقاب قريش.
- كتاب ألقاب بني طانجة.
- كتاب ألقاب قيس عيلان.
- كتاب ألقاب ربيعة.
- كتاب ألقاب اليمن.
- كتاب المثلاب.
- كتاب النوافل ( نوافل قريش , كنانة , أسد , تميم , قيس ، إياد , ربيعة ).
- كتاب تسمية من نقل من عاد وثمود والعماليق وجرهم وبني إسرائيل من العرب.
- كتاب أخبار زياد بن أبيه.
- كتاب ملوك الطوائف.
- كتاب ملوك كندة.
- كتاب بيوتات اليمن من التبابعة.
- كتاب طسم وجديس.
وذكر له ابن النديم في الفهرست ما يقرب من ثلاثين مصنفا في الأخبار. ولأبن السائب آثار عديدة في تاريخ الإسلام والبلدان, منها :
- كتاب التاريخ.
- كتاب تاريخ أجناد الخلفاء.
- كتاب صفات الخلفاء.
- كتاب المصلين.
- كتاب البلدان الكبير.
- كتاب البلدان الصغير.
- كتاب تسمية من بالحجاز من أحياء العرب.
- كتاب قسمة الأرضين.
- كتاب الأنهار.
- كتاب الحيرة.
- كتاب منار اليمن.
- كتاب العجائب الأربع.
- كتاب البيع والديارات ونسب العباديين.
- كتاب أسواق العرب.
- كتاب الأقاليم.
ومن آثاره الأخرى:
- جمهرة الأنساب.
- الأصنام.
- نسب الخيل.
- افتراق العرب.
- كتاب النسب الكبير.
- كتاب نسب اليمن.
- كتاب أمهات الخلفاء.
- كتاب أمهات النبي صلى الله عليه وسلم.
- كتاب العواقل.
- كتاب تسمية ولد عبد المطلب.
- كتاب كنى أباء الرسول صلى الله عليه وسلم.
- كتاب جمهرة الجمهرة ( رواية ابن سعد ).
- كتاب الملوكي في الأنساب , صنّفه لجعفر بن يحيى البرمكي.
- كتاب الموجز في النسب.*
dr grioui
02-01-2011, 23:51
ابن عبد الحكم
(187- 257هـ )
عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم , أبو القاسم , مؤرخ من أهل العلم بالحديث. مصري المولد والوفاة. ولد سنة 187 هـ , وكان والده يشغل إذ ذاك منصب صاحب المسائل, وهي وظيفة لا ينالها إلا العلماء الأمناء. وأسرة ابن عبد الحكم إحدى الأسر العربية التي جاءت إلى مصر في القرن الأول الهجري , ونزلت في بلدة الحقل بالقرب من العقبة. وفي القرن الثاني الهجري انتقل أفراد الأسرة إلى الفسطاط التي أصبحت بعد الفتح الإسلامي عاصمة البلاد وقلبها النابض , وقد أسهم أبناء هذه الأسرة في خدمة وطنهم حيث اشتغلوا بالدراسات الدينية, كما تولوا المناصب الكبرى في البلاد وقاموا بدور هام في توجيه أحداثها السياسية كذلك. وكان المجد العلمي والسياسي قد تجمع لأفراد هذه الأسرة, وبذلك أتيح لعبد الرحمن فرصة نادرة درس فيها عن كثب أحوال وطنه وجيرانه في الميدان الفكري والمجال السياسي.
ولما بلغ عبد الرحمن الثانية عشرة من عمره حضر وصول الإمام الشافعي إلى مصر سنة 199هـ , ونزل ضيفا على والده. وكان أن فتحت هذه المناسبة الأبواب أمام عبد الرحمن لينتفع من الحركة الفكرية والدينية التي أحدثها الإمام في ربوع مصر. ولم تلبث الأحداث أن فتحت أمام الصبي سبلا أخرى نحو المعرفة, وذلك حين تولى والده عبد الله رئاسة جماعة المالكية , إذ جاء علماء الأندلس يدرسون على يديه مذهب مالك والتقوا بالتالي في منزل عبد الله أستاذهم بابنه عبد الرحمن , فتزود منهم بالأخبار وسمع منهم أحوال أوطانهم. وقد وجد عبد الرحمن في إخوته الكبار , وكانوا ثلاثة من أفضل علماء مصر وفقهائها , شيوخا وأساتذة أيضا , ونال على أيديهم قدرا عظيما من الثقافة والدربة.
ولما كان عبد الرحمن قد أفاد من نشاط أسرته العلمي ومكانته الدينية والسياسية , فقد ناله ما نالها من أذى , فقد حدث , وكان في السابعة والعشرين من عمره , أن اعترض جماعة من العلماء من أهل مصر على تعيين الخليفة المأمون لأخيه المعتصم حاكما على مصر وكتبوا إليه بذلك. ولما دخل المعتصم مصر, أُلقي القبض على نفر من كبار أهل مصر وكان بينهم عبد الله بن عبد الحكم , فسيق عبد الله إلى السجن وبقي فيه إلى حين وفاته سنة 214هـ وقد أثارت هذه الفاجعة في نفس عبد الرحمن أثرا شديدا وجعلته يكره الاشتغال بالسياسة , ويعكف إلى مجال التاريخ.
وتتالت المآسي على ابن عبد الحكم فلم يكد يمضي ثلاثة عشر عاما على وفاة أبيه , حتى حل بإخوته نكبة فضيعة بسبب أزمة خلق القرآن التي أثارها المعتزلة أيام الخليفة المأمون العباسي. واشتدت هذه الأزمة في مصر حين ولي المعتصم بعد المأمون فبعث الخليفة الجديد إلى قاضي مصر محمد بن أبي الليث في امتحان الناس في القول بخلق القرآن. ولما كان أخوة عبد الرحمن على المذهب المالكي , فقد نالهم نصيب من الأذى وشهر بهم , ثم حدثت الطامة الكبرى حين أرسلت الخلافة عمالها إلى مصر للتحري عن أموال أحد الثائرين عليها, ويعرف بابن الجروي , بعد أن ألقت عليه القبض في تلك البلاد , وكانت الشائعات قد ترامت بأن ابن الجروي قد أخفى قسما كبيرا من أمواله في حرز ابن عبد الحكم , ولذا أمر الخليفة بالقبض على أفراد الأسرة ومن بينهم المؤرخ عبد الرحمن وعقدت بع ذلك محكمة لتتولى النظر فيهم ترأسها القاضي ابن أبي الليث الذي شهر بهم من قبل في أثناء محنة خلق القرآن وقد عرفت هذه الدعوة باسم " قضية بني عبد الحكم " بسبب الأحكام القاسية التي نزلت بهم إذ حكم القاضي على أبناء هذه الأسرة بغرامة مقدارها ( 1.404.000) , ثم تبع ذلك اتخاذ الإجراءات القضائية لتحصيل تلك الغرامة من حيث مصادرة أموال وممتلكات الأسرة , وزج بهم في السجن , حيث مات الأخ الأكبر عبد الحكم.
بعد أشهر ثلاثة من هذه المحاكمة التعسفية , اتضحت براءة أفراد الأسرة فأمرت الخلافة بإلقاء القبض على القاضي ابن أبي الليث ومحاكمته لأنه لم يتحرّ الحقيقة في حكمه , ثم أمر بالإفراج عن أبناء عبد الحكم وإعادة ممتلكاتهم إليهم. وأثارت الأسرة بعد توالي هذه النكبات العزلة عن الحياة العامة حتى لا تصاب بنكبات ثانية.
ولعل الأقدار شاءت أن تحفظ لأسرة عبد الحكم ذكراها وما قدمته من خدمات في مجال الدراسات الإسلامية , وان لا تكون الأحداث التي نزلت بها متلفة لأعمالها الجليلة وذلك عن طريق ما صنفه عبد الرحمن من تاريخ مصر في المرحلة الأولى من حياتها في ظل الإسلام , فكان مؤلفه ثمرة جهد قدمه هذا الابن من أجل خدمة الوطن. وقد اعترف الناس بما ناله هذا العالم من السبق على سائر إخوته في ميدان الدراسات الإسلامية وباتوا يلقبونه بلقب " ابن عبد الحكم " تخليدا لذكرى هذه الأسرة التي خدمت مصر سياسيا ودينيا , فكان عبد الرحمن الحافظ الأمين لتراث أسرته العلمي والاجتماعي.
كان هدف ابن عبد الحكم تجريد الأخبار المتعلقة بمصر وأفرادها بالتآليف حتى يكون كتابه الحجة التي يرجع إليها المعاصرون له , ومن يأتي بعدهم من الباحثين في تاريخ مصر. وبالطبع لم تكن مهمته يسيرة لسبب كثرة ما روي في تاريخ مصر, سواء عن طريق الرواة أو القصاص أو المخطوطات التي دأب الباحثون على تدوينها طوال النصف الأخير من القرن الثاني ومطلع القرن الثالث الهجري. لكن عبد الرحمن عزم على المضي في تدوين التاريخ متسلحا بالصبر والجلادة على العمل لدراسة تاريخ مصر قبل الإسلام , والفتح الإسلامي لها , ثم حالها مع جيرانها في ظل الحكم الإسلامي , وقد انتهى في سرد بعض الحقائق التاريخية إلى سنة 246هـ أي قبل وفاته بعشر سنين.
انفرد ابن عبد الحكم من بين مؤرخي القرن الثالث الهجري بتجنيب المتلقي الغوص في بحر الصفحات العديدة فجمع الروايات المتعلقة بتاريخ مصر في كتاب أسماه " فتوح مصر " وكان هدفه بيان الدور الذي لعبه المسلمون في نشر الدين الإسلامي في هذه البلاد وما جاورها , مع ذكر سنة الرواية المتعلقة بالأحداث كافة التي حدثت في تلك السنة. وقد ابتكر أيضا طريقة جديدة في معالجة المادة التاريخية , وهو الأمر الذي كان له عظيم الأثر في تدوين التاريخ الإسلامي في مصر وغير مصر من البلاد التي دخلها الإسلام.
قسم ابن عبد الحكم موضوع كتابه في تاريخ مصر إلى سبعة أقسام:
- القسم الأول: في ذكر فضائل مصر وتاريخها القديم على ضوء القصص التي رواها القدماء والمعاصرون من الشخصيات العربية.
- القسم الثاني: ذكر فتح العرب لمصر.
- القسم الثالث: ذكر الخطط التي شيدها العرب في مصر.
- القسم الرابع: ذكر الإدارة العربية في مصر على عهد عمر بن العاص وابن أبي السرح.
- القسم الخامس: ذكر كيف أن مصر صارت على عهدهما قاعدة لنشر الإسلام والحضارة العربية في شمالي إفريقيا والأندلس والنوبة.
- القسم السادس: ذكر قضاة مصر منذ الفتح الإسلامي إلى سنة 246هـ .
- القسم السابع: ذكر الأحاديث التي حفظها الصحابة الذين جاؤوا إلى مصر.
وقد غلبت على ابن عبد الحكم روح التاريخ وهو يروي أحاديث الصحابة , فأسهب في ذكر الوقائع التي أحاطت بتلك الأحاديث أو المناسبات التي تعلقت بها, كما أشار إلى الأحاديث التي أنفرد بها الصحابة في مصر وعدد كل منها , واستطاع بذلك أن يدوّن تاريخ مدرسة الصحابة في مصر وأن يحفظ لرجالها الأجلاء ما أسهموا به من نصيب في خدمة الحضارة الإسلامية والدين القويم.*
dr grioui
02-01-2011, 23:53
ابن قتيبة
( 213 ’ 276 هـ )
عبد الله بن مسلم الدينوري المروزي , أبو محمد . وقتيبة بضم القاف وفتح التاء من فوقها ، وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها باء موحدة ثم هاء ساكنة وهي تصغير قتبة بكسر القاف وهي واحدة الاقتاب (الأمعاء) وبها سمي الرجل والنسبة إليه قتبي . والدينوري بكسر الدال المهملة نسبة إلى دينور وهي بلدة من بلاد الجبل عند قرميسين خرج منها علماء كثر . قيل أن أباه مروزي وأما هو فمولده ببغداد وقيل بالكوفة سنة ثلاث عشرة ومائتين ، وأقام بـ ( الدينور) مدة قاضيا فنسب إليها . كان فاضلا ، سكن بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهوية وأبي إسحاق إبراهيم بن سفيان بن سلمان بن أبي بكر بن عبدا لرحمن بن زياد ابن أبية الزيادي وأبي حاتم السجستاني . وروى عنه ابنه احمد وابن درستويه الفارسي . وكان ولده احمد بن عبد الله , أبو جعفر , المذكور فقيها.
كانت وفاته فجأة , يروي انه صاح صيحة سمعت من بعد ثم أغمي عليه ومات . وقيل أكل هريسة فأصابته حرارة ثم صاح صيحة جديدة ثم أغمي علية إلى وقت الظهر ثم اضطرب ساعة ثم هدا ,فما زال يتشهد إلى وقت السحر,ثم مات رحمه الله تعالى في ذي القعدة ,سنة سبعين وقيل إحدى وسبعين , وقيل أول ليلة في رجب, وقيل منتصف رجب سنة ست وسبعين ومائتين.
قال الخطيب: كان ثقة دينا فاضلا, مات في رجب سنة ست وسبعين ومائتين من هريسة بلعها ساخنة فأهلكته.
كان ابن قتيبة معاصرا لإبراهيم الحربي ومحمد بن نصر المروزي , وكان أهل المغرب يعظمونه ويقولون: من استجار الوقيعة في ابن قتيبة يتهم بالزندقة. ويقولون: كل بيت ليس فيه شي من تصنيفه لا خير فيه.
آثاره /
• كتاب المعارف.
• عيون الأخبار.
• طبقات الشعراء.
• كتاب الخيل.
• كتاب الأنواء.
• كتاب المسائل والجوابات.
• كتاب الميسر والقداح.
• كتاب الأشربة.
• كتاب إصلاح الغلط.
• كتاب مشكل الحديث.
• كتاب مشكل القرآن.
• كتاب غريب القرآن الكريم.
• كتاب غريب الحديث.
• كتاب التفقيه.
• كتاب إعراب القرآن.
dr grioui
02-01-2011, 23:58
الحموي
نبذة:
هو شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي، اشتهر بالجغرافيا، توفي سنة 626 هجرية.
سيرته:
هو الشيخ الإمام شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي. لا تذكر المراجع الأصيلة شيئاً عن تاريخ ميلاده، إلا أن الثابت أنه أخذ أسيراً من بلاد الروم وحمل إلى بغداد مع غيره من الأسرى، حيث بيع. فاشتراه تاجر غير متعلم ، يقال له عسكر الحموي، فنسب إليه، وسمي ياقوت الحموي.
ألحقه مولاه بأحد الكتاتيب ليتعلم، على أمل أن ينفعه وينفع الناس في ضبط الحسابات وحصر الأعمال التجارية. وقرأ ياقوت الصرف والنحو وسائر قواعد اللغة، ولستخدمه مولاه في الأسفار التجارية، ثم اعتقه. عندئذ راح ياقوت يكد ويكسب العيش عن طريق نسخ الكتب، وقد استفاد من هذا العمل فطالع العديد من الكتب واتسع أفقه العلمي. والمعروف أن الكتب المنسوخة كان يشتريها المهتمون بالقراءة وجمع الكتب، والأسواق كانت تعج بالكتبة والخطاطين وباعة الكتب.
وبعد مدة عاد ياقوت إلى مولاه الذي وكل إليه عمله وعطف عليه. وطلب منه السهر على أسفاره للتجارة. فأفاد ياقوت من رحلاته المتعددة فجمع المعلومات الجغرافية الفريدة. ثم سافر إلى حلب، مستغلاً تنقله لجمع المعلومات، ومن حلب انتقل إلى خوارزم فاستقر فيها إلى أن أغار جنكيزخان المغولي عليها عام 616 هـ. ففرّ ياقوت معدماً إلى الموصل، مخلفاً وراءه كل ما يملك. ثم سار إلأى حلب وأقام في ظاهرها، إلى أن توفي في سنة 626 هـ.
أهم مؤلفات ياقوت الحموي كتابه المعروف (معجم البلدان) الذي ترجم وطبع عدة مرات. ويعالج المؤلف في كتابه هذا خمسة مواضيع رئيسية:
ذكر صورة الأرض، وما قاله المتقدمون في هيئتها، والمتأخرون في صورتها.
معنى الأقليم وكيفيته.
البريد، الفرسخ، الميل، الكورة، وهي ألفاظ يكثر تكرارها.
حكم الأرضين والبلاد المفتتحة في الإسلام.
أخبار البلدان التي يختص ذكرها بموضع دون موضع.
dr grioui
03-01-2011, 00:03
الطبري
إمام المؤرخين والمفسرين
كان أكثر علماء عصره همة في طلب العلم وتحصيله وفي تأليف أمهات الكتب حتى روي أنه كان يكتب أربعين صفحة في كل يوم، إنه الإمام محمد بن جرير الطبري صاحب أكبر كتابين في التفسير والتاريخ، قال عنه أحمد بن خلكان صاحب وفيات الأعيان:"العلم المجتهد عالم العصر صاحب التصانيف البديعة كان ثقة صادقا حافظا رأسا في التفسير إماما في الفقه والإجماع والاختلاف علامة في التاريخ وأيام الناس عارفا بالقراءات وباللغة وغير ذلك"
فإلى صفحات من سيرته ومواقف من حياته
حياته العلمية
بدأ الطبري طلب العلم بعد سنة 240هـ وأكثر الترحال ولقي نبلاء الرجال، قرأ القرآن ببيروت على العباس بن الوليد ثم ارتحل منها إلى المدينة المنورة ثم إلى مصر والري وخراسان، واستقر في أواخر أمره ببغداد.
سمع الطبري من العديدين من مشايخ عصره وله رحلات إلى العديد من عواصم العالم الإسلامي التي ازدهرت بعلمائها وعلومها ومنها مصر.
مؤلفات الطبري
كان الطبري من أكثر علماء عصره نشاطا في التأليف، أشهر مؤلفاته تفسيره المعروف بتفسير الطبري، وكتاب " تاريخ الأمم والملوك " روي عنه أنه قال: استخرت الله وسألته العون على ما نويته من تصنيف التفسير قبل أن أعمله ثلاث سنين فأعانني.
قال الحاكم وسمعت أبا بكر بن بالويه يقول قال لي أبو بكر بن خزيمة بلغني أنك كتبت التفسير عن محمد بن جرير قلت بلى كتبته عنه إملاء قال كله قلت نعم قال في أي سنة قلت من سنة ثلاث وثمانين ومائتين إلى سنة تسعين ومائتين قال فاستعاره مني أبو بكر ثم رده بعد سنين ثم قال لقد نظرت فيه من أوله إلى آخره وما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير.
قال أبو محمد الفرغاني تم من كتب محمد بن جرير كتاب التفسير الذي لو ادعى عالم أن يصنف منه عشرة كتب كل كتاب يحتوي على علم مفرد مستقصى لفعل وتم من كتبه كتاب التاريخ إلى عصره وتم أيضا كتاب تاريخ الرجال من الصحابة والتابعين وإلى شيوخه الذين لقيهم وتم له كتاب لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام وهو مذهبه الذي اختاره وجوده واحتج له وهو ثلاثة وثمانون كتابا وتم له كتاب القراءات والتنزيل والعدد وتم له كتاب اختلاف علماء الأمصار وتم له كتاب الخفيف في أحكام شرائع الإسلام وهو مختصر لطيف وتم له كتاب التبصير وهو رسالة إلى أهل طبرستان يشرح فيها ما تقلده من أصول الدين وابتدأ بتصنيف كتاب تهذيب الآثار وهو من عجائب كتبه ابتداء بما أسنده الصديق مما صح عنده سنده وتكلم على كل حديث منه بعلله وطرقه ثم فقهه واختلاف العلماء وحججهم وما فيه من المعاني والغريب والرد على الملحدين فتم منه مسند العشرة وأهل البيت والموالي وبعض مسند ابن عباس فمات قبل تمامه، قلت هذا لو تم لكان يجيء في مائة مجلد، قال وابتدأ بكتابه البسيط فخرج منه كتاب الطهارة فجاء في نحو من ألف وخمسمائة ورقة لأنه ذكر في كل باب منه اختلاف الصحابة والتابعين وحجة كل قول وخرج منه أيضا أكثر كتاب الصلاة وخرج منه آداب الحكام وكتاب المحاضر والسجلات وكتاب ترتيب العلماء وهو من كتبه النفيسة ابتدأه بآداب النفوس وأقوال الصوفية ولم يتمه وكتاب المناسك وكتاب شرح السنة وهو لطيف بين فيه مذهبه واعتقاده وكتابه المسند المخرج يأتي فيه على جميع ما رواه الصحابي من صحيح وسقيم ولم يتمه ولما بلغه أن أبا بكر بن أبي داود تكلم في حديث غدير خم عمل كتاب الفضائل فبدأ بفضل أبي بكر ثم عمر وتكلم على تصحيح حديث غدير خم واحتج لتصحيحه ولم يتم الكتاب.
وقال بعض العلماء: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل تفسير محمد بن جرير لم يكن كثيرا.
أسلوبه في التأليف
يقول أحمد بن خلكان لأبي جعفر في تأليفه عبارة وبلاغة فمما قاله في كتاب الآداب النفيسة والأخلاق الحميدة القول في البيان عن الحال الذي يجب على العبد مراعاة حاله فيما يصدر من عمله لله عن نفسه قال إنه لا حالة من أحوال المؤمن يغفل عدوه الموكل به عن دعائه إلى سبيله والقعود له رصدا بطرق ربه المستقيمة صادا له عنها كما قال لربه عز ذكره إذ جعله من المنظرين {لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم} (الأعراف: 16-17) طمعا منه في تصديق ظنه عليه إذ قال لربه {لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا} (الإسراء:62) فحق على كل ذي حجى أن يجهد نفسه في تكذيب ظنه وتخييبه منه أمله وسعيه فيما أرغمه ولا شيء من فعل العبد أبلغ في مكروهه من طاعته ربه وعصيانه أمره ولا شيء أسر إليه من عصيانه ربه واتباعه أمره فكلام أبي جعفر من هذا النمط وهو كثير مفيد.
وروي عن أبي سعيد الدينوري مستملي ابن جرير أخبرنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري بعقيدته فمن ذلك وحسب امرئ أن يعلم أن ربه هو الذي على العرش استوى فمن تجاوز ذلك فقد خاب وخسر وهذا تفسير هذا الإمام مشحون في آيات الصفات بأقوال السلف على الإثبات لها لا على النفي والتأويل وأنها لا تشبه صفات المخلوقين أبدا.
ثناء العلماء عليه
قال أبو سعيد بن يونس: محمد بن جرير من أهل آمل كتب بمصر ورجع إلى بغداد وصنف تصانيف حسنة تدل على سعة علمه.
وقال الخطيب البغدادي: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب كان أحد أئمة العلماء يُحكم بقوله ويُرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره فكان حافظا لكتاب الله عارفا بالقراءات بصيرا بالمعاني فقيها في أحكام القرآن عالما بالسنن وطرقها صحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها عارفا بأقوال الصحابة والتابعين عارفا بأيام الناس وأخبارهم. وكان من أفراد الدهر علما وذكاء وكثرة تصانيف قل أن ترى العيون مثله.
مواقف من حياته
قيل إن المكتفي أراد أن يحبس وقفا تجتمع عليه أقاويل العلماء فأحضر له ابن جرير فأملى عليهم كتابا لذلك فأخرجت له جائزة فامتنع من قبولها فقيل له لا بد من قضاء حاجة قال اسأل أمير المؤمنين أن يمنع السؤال يوم الجمعة ففعل ذلك وكذا التمس منه الوزير أن يعمل له كتابا في الفقه فألف له كتاب الخفيف فوجه إليه بألف دينار فردها.
******
وروي عن محمد بن أحمد الصحاف السجستاني سمعت أبا العباس البكري يقول جمعت الرحلة بين ابن جرير وابن خزيمة ومحمد بن نصر المروزي ومحمد بن هارون الروياني بمصر فأرملوا ولم يبق عندهم ما يقوتهم وأضر بهم الجوع فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون إليه فاتفق رأيهم على أن يستهموا ويضربوا القرعة فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه الطعام فخرجت القرعة على ابن خزيمة فقال لأصحابه أمهلوني حتى أصلي صلاة الخيرة قال فاندفع في الصلاة فإذا هم بالشموع ورجل من قبل والي مصر يدق الباب ففتحوا فقال أيكم محمد بن نصر فقيل هو ذا فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه ثم قال وأيكم محمد ابن جرير فأعطاه خمسين دينارا وكذلك للروياني وابن خزيمة ثم قال إن الأمير كان قائلا بالأمس فرأى في المنام أن المحامد جياع قد طووا كشحهم فأنفذ إليكم هذه الصرر وأقسم عليكم إذا نفذت فابعثوا إلي أحدكم.
***
وقال أبو محمد الفرغاني في ذيل تاريخه على تاريخ الطبري قال حدثني أبو علي هارون بن عبد العزيز أن أبا جعفر لما دخل بغداد وكانت معه بضاعة يتقوت منها فسرقت فأفضى به الحال إلى بيع ثيابه وكمي قميصه فقال له بعض أصدقائه تنشط لتأديب بعض ولد الوزير أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان قال نعم فمضى الرجل فأحكم له أمره وعاد فأوصله إلى الوزير بعد أن أعاره ما يلبسه فقربه الوزير ورفع مجلسه وأجرى عليه عشرة دنانير في الشهر فاشترط عليه أوقات طلبه للعلم والصلوات والراحة وسأل استلافه رزق شهر ففعل وأدخل في حجرة التأديب وخرج إليه الصبي وهو أبو يحيى فلما كتبه أخذ الخادم اللوح ودخلوا مستبشرين فلم تبق جارية إلا أهدت إليه صينية فيها دراهم ودنانير فرد الجميع وقال قد شرطت على شيء فلا آخذ سواه فدرى الوزير ذلك فأدخله إليه وسأله فقال هؤلاء عبيد وهم لا يملكون فعظم ذلك في نفسه.
***
وكان ربما أهدى إليه بعض أصدقائه الشيء فيقبله ويكافئه أضعافا لعظم مروءته. وكان ممن لا تأخذه في الله لومة لائم مع عظيم ما يلحقه من الأذى والشناعات من جاهل وحاسد وملحد فأما أهل الدين والعلم فغير منكرين علمه وزهده في الدنيا ورفضه لها وقناعته رحمه الله بما كان يرد عليه من حصة من ضيعة خلفها له أبوه بطبرستان يسيرة، و كان ينشد لنفسه:
إذا أعسـرت لم يعلم رفيقي وأستغني فيستغنـي صديقـي
حيائـي حافظ لي ماء وجهي ورفقي في مطالبتـي رفيقي
ولو أني سمحت بماء وجهي لكنت إلى العلى سهل الطريق
وله خلقـان لا أرضى فعالهما بطـر الغنى ومذلـة الفقـر
فإذا غنيت فلا تكـن بطرا وإذا افتقرت فتـِهْ على الدهــر
***
قال أبو القاسم بن عقيل الوراق: إن أبا جعفر الطبري قال لأصحابه هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا قالوا كم قدره فذكر نحو ثلاثين ألف ورقة فقالوا هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه فقال إنا لله ماتت الهمم فاختصر ذلك في نحو ثلاثة آلاف ورقة ولما أن أراد أن يملي التفسير قال لهم نحوا من ذلك ثم أملاه على نحو من قدر التاريخ.
***
وكان الطبري لا يقبل المناصب خوفا أن تشغله عن العلم من ناحية ولأن من عادة العلماء البعد عن السلطان من ناحية أخري، فقد روى المراغي قال لما تقلد الخاقاني الوزارة وجه إلى أبي جعفر الطبري بمال كثير فامتنع من قبوله فعرض عليه القضاء فامتنع فعرض عليه المظالم فأبى فعاتبه أصحابه وقالوا لك في هذا ثواب وتحيي سنة قد درست وطمعوا في قبوله المظالم فذهبوا إليه ليركب معهم لقبول ذلك فانتهرهم وقال قد كنت أظن أني لو رغبت في ذلك لنهيتموني عنه قال فانصرفنا خجلين.
--------------------------------------------------------------------------------
وفاته
قال أبو محمد الفرغاني حدثني أبو بكر الدينوري قال لما كان وقت صلاة الظهر من يوم الاثنين الذي توفي في آخره ابن جرير طلب ماءً ليجدد وضوءه فقيل له تؤخر الظهر تجمع بينها وبين العصر فأبى وصلى الظهر مفردة والعصر في وقتها أتم صلاة وأحسنها، وحضر وقت موته جماعة منهم أبو بكر بن كامل فقيل له قبل خروج روحه يا أبا جعفر أنت الحجة فيما بيننا وبين الله فيما ندين به فهل من شيء توصينا به من أمر ديننا وبينة لنا نرجو بها السلامة في معادنا فقال الذي أدين الله به وأوصيكم هو ما ثبت في كتبي فاعملوا به وعليه وكلاما هذا معناه وأكثر من التشهد وذكر الله عز وجل ومسح يده على وجهه وغمض بصره بيده وبسطها وقد فارقت روحه الدنيا.
قال أحمد بن كامل توفي ابن جرير عشية الأحد ليومين بقيا من شوال سنة عشر وثلاث مئة ودفن في داره برحبة يعقوب يعني ببغداد قال ولم يغير شيبة وكان السواد فيه كثيرا وكان أسمر أقرب إلى الأدمة (السواد) أعين نحيف الجسم طويلا فصيحا وشيعه من لا يحصيهم إلا الله تعالى.
رثاء الطبري
روي عن أبي الحسن هبة الله بن الحسن الأديب لابن دريد يرثي الطبري في قصيدة طويلة جاء فيها:
لن تستطيع لأمــر الله تعقيـبا***** فاستنجد الصبر أو فاستشعر الحوبـا
وافزع إلى كنف التسليم وارض بما***** قضى المهيمن مكروهــا ومحبوبا
إن الـــرزية لا وفر تزعزعه*****أيدي الحوادث تشتيتـــا وتشذيبــا
ولا تفـرق ألاف يفـــوت بهم*****بين يغادر حبـل الوصــل مقضـوبا
لكن فقدان من أضحى بمصرعه***** نور الهدى وبهــاء العلم مسلوبــا
إن المنية لم تتلف به رجـــلا*****بل أتلفت علمـا للديــن منصوبــا
أهدى الردى للثــرى إذ نال مهجته*****نجما على من يعادي الحق مصبوبا
كان الزمان به تصفـو مشاربه*****فالآن أصبح بالتكدــير مقطوبــــا
كــلا وأيامه الغر التي جــعلت*****للعـــلم نورا وللتقوى محاريبــا
لا ينسري الدهر عن شبه له أبدا*****ما استوقف الحج بالأنصاب أركــوبا
إذا انتضى الرأي في إيضاح مشكلة*****أعــاد منهجها المطموس ملحوبا
لا يولج اللغـو والعــوراء مسمــعه*****ولا يقارف ما يغشيه تأنيبــا
تجــلو مواعظـه رين القلوب كما*****يجلو ضياء سنا الصبح الغياهـيبا
لا يـأمن العجز والتقصـير مادحه*****ولا يخاف على الإطناب تكــذيـبا
ودت بقــاع بلاد الله لو جعلت*****قــبرا له لحباها جســمه طــيبا
كانت حياـــتك للدنيا وساكنها***** نورا فأصبح عنها النور محجوبــا
لو تعلم الأرض من وارت لقد***** خشعت أقطارها لك إجــلالا وترحيبا
إن يندبوك فقد ثلت عروشــهم*****وأصبح العلم مرثيــا ومندوبــا
ومن أعاجيب ما جاء الزمان به*****وقد يبــ،ين لنا الدهــر الأعاجيبا
أن قد طوتك غموض الأرض في لحف*****وكنت تملأ منها السهل واللوبا
وقال أبو سعيد بن الأعرابي:
حدث مفظع وخطب جليل*****دق عن مثله اصطبار الصبور
قام ناعي العلوم أجمع لما*****قــام ناعي محمد بن جرير
dr grioui
03-01-2011, 00:07
ابن كثير
هو الامام الحافظ الحجة المؤرخ ذو الفضائل عماد الدين أبو الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير ، القرشي الدمشقي الشافعي
بداية حياته
ولد سنة 700 هجرية كما ذكر أكثر من مترجم له أو بعدها بقليل كما قال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة.
وكان مولده بقرية "مجدل" من أعمال بصرى من اعمال دمشق, و كان أبوه من أهل بصرى و أمه من قرية مجدل.
قال رضي الله عنه عن نفسه في البداية و النهاية : " كان قومي ينتسبون إلى الشرف و بأيديهم نسب ، وقف على بعضها شيخنا المزي فأعجبه ذلك و ابتهج به ، فصار يكتب في نسبي بسبب ذلك :القرشي " - بتصرف قليل -
طلبه للعلم
بدأ ابن كثير بالاشتغال بالعلم على يد أخيه عبد الوهاب, ثم اجتهد في تحصيل العلوم على العلماء الكبار في عصره, و ختم القرآن الكريم سنة 711 كما صرح بذلك في البداية و النهاية, و قرأ بالقراءات حتى عده الداودي و ترجم له في طبقاتهم التي ألفها.
مشائخه
شيخه في القرآن ابن غيلان البعلبكي الحنبلي المتوفى سنة 730هـ.
شيخه في القراءات محمد بن جعفر اللباد المتوفى سنة 724هـ.
شيخه في النحو ضياء الدين الزربندي المتوفى سنة 723هـ.
الحافظ ابن عساكر المتوفى سنة 723هـ.
المؤرخ البرزالي المتوفى سنة 739هـ.
ابن الزملكاني المتوفى سنة 727هـ.
ابن قاضي شهبة المتوفى سنة 726هـ.
شيخ الاسلام ابن تيمية المتوفى سنة 727هـ.
حافظ ذلك الزمان الحافظ المزي المتوفى سنة 742هـ.
و الحافظين الجليلين : شيخ الإسلام ابن تيمية و المزي ، هما من أكثر من تأثر بهما من شيوخه, فلذلك ولع بمحبة اهل الحديث و الأثر ، و اعتقاد عقيدتهم و مجانبة العقائد الزائغة
أهم مصنفاته
تفسير القرآن العظيم، و هو أجل مؤلفاته فقد تلقته الأمة بالقبول و يعتبر أصح تفسير للقرآن.
البداية و النهاية، وهي موسوعة ضخمة تضم التاريخ منذ بدأ الخلق إلى القرن الثامن الهجري حيث جزء النهاية مفقود.
التكميل في الجرح و التعديل و معرفة الثقاة و الضعفاء و المجاهيل.
الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث.
شرحه للبخاري ، وهو مفقود.
dr grioui
03-01-2011, 00:09
ابن الأثير الجزري
عز الدين أبي الحسن علي الشيباني (555-630 هـ) المعروف بابن الأثير الجزري، مؤرخ عربي إسلامي كبير، عاصر دولة صلاح الدين الأيوبي، ورصد أحداثها ويعد كتابه الكامل في التاريخ مرجعا لتلك الفترة من التاريخ الإسلامي.
واسمه عز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني. ولد بالجزيرة، ونشأ بها، ثم سار إلى الموصل مع والده وأخويه، وسمع بها، وقدم بغداد مرارا حاجا، ورسولا من صاحب الموصل، وسمع من فضلائها، ثم رحل إلى الشام والقدس، وسمع هناك من جماعة، ثم عاد إلى الموصل، ولزم بيته، منقطعا إلى التوفر على النظر في العلم والتصنيف، وكان بيته مجمع الفضل لأهل الموصل، والواردين عليها. وكان إماما في حفظ الحديث، ومعرفته، وما يتعلق به، حافظا للتواريخ المتقدمة والمتأخرة، خبيرا بأنساب العرب، ووقائعهم، وأخبارهم، وأيامهم.
ابتدأ في كتابه الكامل في التاريخ من أول الزمان إلى آخر سنة ثمان وعشرين وست مئة. اختصر كتاب الأنساب لأبي سعد السمعاني، وزاد عليه أشياء أهملها، ونبه على أغلاط، واستدرك عليه فيه في مواضع، وله:كتاب أخبار الصحابة، في ست مجلدات.
وقال ابن خلكان: «اجتمعت به، فوجدته رجلا مكملا في الفضائل، وكرم الأخلاق، وكثرة التواضع، فلازمت الترداد إليه، وكان بينه وبين الوالد مؤانسة أكيدة، فكان بسببها يبالغ في الرعاية والإكرام.»
dr grioui
12-01-2011, 02:08
عبـــــــــــــــــاس بن فرناس
- أول طيار في التاريخ -
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/abbas_ibn_firnas.jpg
تمثال لعباس بن فرناس محاولا الطيران
(http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&username=engmsm)
هو أبو القاسم عباس بن فرناس بن فرداس التاكرني(810-887م) مخترع وفيلسوف وشاعر أندلسي من أصل بربري (أمازيجي) من قرطبة، من موالي بني أمية، وبيته في برابر تاكرنا.
عاش في عصر الخليفة الأموي الحكم بن هشام وعبد الرحمن الناصر لدين الله ومحمد بن عبد الرحمن الأوسط في القرن التاسع للميلاد، كان له اهتمامات في الرياضيات والفلك والكيمياء والفيزياء، اشتهر أكثر ما اشتهر بمحاولته الطيران إذ يعده العرب والمسلمون أول طيار في التاريخ.
تبحره في الشعر ومعرفته في الفلك مكنتا له من أن يدخل إلى مجلس عبد الرحمن الناصر لدين الله المعروف بالثاني، ولكنه استمر في التردد على مجلس خليفته في الحكم محمد بن عبد الرحمن الأوسط (852-886)، لكثرة اختراعاته.
إسهاماته العلمية
اخترع ابن فرناس ساعة مائية سماها "الميقات"، وهو أول من وضع تقنيات التعامل مع الكريستال، وصنع عدة أدوات لمراقبة النجوم.
وقام عباس بن فرناس بتجربته في الطيران بعد أبحاث وتجارب عدة، وقد قام بشرح تلك الأبحاث أمام جمع من الناس دعاهم ليريهم مغامرته القائمة على الأسس العلمية.
يقول عنه ابن سعيد في المغرب في حلى الغرب "ذكر ابن حيان: أنه نجم في عصر الحكم الربضي، ووصفه بأنه حكيم الأندلس الزائد على جماعتهم بكثرة الأدوات والفنون... وكان فيلسوفاً حاذقاً، وشاعراً مفلقاً، وهو أول من استنبط بالأندلس صناعة الزجاج من الحجارة، وأول من فك بها كتاب العروض للخليل ... كثير الاختراع والتوليد، واسع الحيل حتى نسب إليه عمل الكيمياء".
وكثر عليه الطعن في دينه، واحتال في تطيير جثمانه، فكسا نفسه الريش على سرق الحرير، فتهيأ له أن استطار في الجو من ناحية الرصافة، واستقل في الهواء، فحلق فيه حتى وقع على مسافة بعيدة". يعتبره المسلمون كما ورد أول إنسان يحاول الطيران.
في ليبيا صمم طابع بريد يصور محاولته الطيران وأطلق اسمه على فندق مطار طرابلس، وفي العراق وضع تمثال له على طريق مطار بغداد الدولي، وسمي مطار آخر شمال بغداد باسمه مطار ابن فرناس، تكريما له سميت فوهة قمرية باسمه ويعرف بفوهة ابن فرناس القمرية.
منهجه العلمي
درس عباس بن فرناس الطب والصيدلة وأحسن الإفادة منهما فقد عمدا إلى قراءة خصائص الأمراض وأعراضها وتشخيصها، وأهتم بطرق الوقاية من الأمراض، وتوصل بن فرناس إلى الخواص العلاجية للأحجار والأعشاب والنباتات، كان في سبيل ذلك يقصد المتطببين والصيادلة ويناقشهم فيما بدا له من اطلاعه في هذه الصنعة الجليلة التي تحفظ البدن وتقيه من آفات الأدواء والأعراض وقد اتخذه أمراء بني أمية في الأندلس طبيباً خاصا لقصورهم، انتخب من مجموعات من الأطباء المهرة لشهرته وحكمته وأسلوبه الجاذب عند إرشاداته الطبية الخاصة بالوقاية من الأمراض وإشرافه على طعام الأسر الحاكمة لإحراز السلامة من الأسقام والأمراض فلا يحتاج إلى المداواة إلا نادراً، فإذا حصل ما يكرهون من المرض دلهم على أنجع الطرق في المداواة.
ولم يكن ابن فرناس يقنع بكل ما كتبه الناس من نظريات بل ألزم نفسه إلقاء التجارب ليتحقق من صحة كل نظرية درسها أو نقلها من غيره ليرقي بها إلى مرتبة الحقيقة العلمية أو ينقضها، وقد شجب القبول والقناعة بالأمور الظاهرة المبسطة المقدور على النظر والبحث فيها، كان ابن فرناس يغوص في تحقيق ما علم وكان يطبق النظريات العلمية على منهج علمي في كل العلوم وأهمها الطب والصيدلة وخاصة دراسة الأعشاب.
واشتهر بن فرناس بصناعة الآلات الهندسية مثل المنقالة (آلة لحساب الزمن) (نموذج بالمسجد الكبير بمدينة طنجه) واشتهر بصناعة الآلات العلمية الدقيقة، واخترع آلة صنعها بنفسه لأول مرة تشبه الإسطرلاب في رصدها للشمس والقمر والنجوم والكواكب وأفلاكها ومداراتها ترصد حركاتها ومطالعها ومنازلها والتي عرفت بذات الحلق.
وأجمع المؤرخون على أن بن فرناس كان أول من استنبط في الأندلس صناعة الزجاج من الحجارة والرمل فانتشرت صناعة الزجاج لما رأى الناس أن المادة أصبحت في متناول الغني والفقير، وسبب عناء ابن فرناس هو التسهيل على الناس وأول من استفاد من تجارب ابن فرناس هم أهل الأندلس ويرجع ذلك إلى سبب اهتمامه الشديد بصناعة الكيمياء.
تجربة الطيران
يعد بن فرناس أول من اخترق الجو من البشر وأول من فكر في الطيران واعتبره المنصفون أول رائد للفضاء وأول مخترع للطيران، قال الزركلي قد كتب أحمد تيمور باشا بحثاً قال فيه لا يغض من اختراع ابن فرناس الطيران تقصيره في الشأن البعيد فذلك شأن كل مشروع في بدايته، وقد قام بن فرناس بتجارب كثيرة، درس في خلالها ثقل الأجسام ومقاومة الهواء لها، وتأثير ضغط الهواء فيها إذا ما حلقت في الفضاء، وكان له خير معين على هذا الدرس تبحره في العلوم الطبيعية والرياضة والكيمياء فاطلع على خواص الأجسام، واتفق لديه من المعلومات ما حمله على أن يجرب الطيران الحقيقي بنفسه، فكسا نفسه بالريش الذي اتخذه من سرقي الحرير (شقق الحرير الأبيض) لمتانته وقوته، وهو يتناسب مع ثقل جسمه، وصنع له جناحين من الحرير أيضاً يحملان جسمه إذا ما حركهما في الفضاء، وبعد أن تم له كل ما يحتاج إليه هذا العمل الخطير وتأكد من أن باستطاعته إذا ما حرك هذين الجناحين فإنها سيحملانه ليطير في الجو، كما تطير الطيور ويسهل عليه التنقل بهما كيفما شاء.
بعد أن أعد العدة أعلن على الملأ أنه يريد أن يطير في الفضاء، وأن طيرانه سيكون من الرصافة في ظاهر مدينة قرطبة، فاجتمع الناس هناك لمشاهدة هذا العمل الفريد والطائر الآدمي الذي سيحلق في فضاء قرطبة، وصعد أبو القاسم بآلته الحريرية فوق مرتفع وحرك جناحيه وقفز في الجو، وطار في الفضاء مسافة بعيدة عن المحل الذي انطلق منه والناس ينظرون إليه بدهشة وإعجاب وعندما هم بالهبوط إلى الأرض تأذي في ظهره، فقد فاته أن الطيران إنما يقع على زمكه (زيله)، ولم يكن يعلم موقع الذنب في الجسم أثناء هبوطه إلى الأرض، فأصيب في ظهره بما أصيب من أذى.
dr grioui
12-01-2011, 16:02
أبو علي، يحيى بن عيسى بن جزلة
http://doc.mehaneen.net/upLoadedFiles/honor/cbmf87k1i7.jpg
الطبيب، صاحب: كتاب المنهاج، الذي جمع فيه من أسماء: الحشائش، والعقاقير، والأدوية، وغير ذلك شيئا كثيرا. كان نصرانيا، ثم أسلم؛ وصنف: رسالة في الرد على النصارى، وبين عوار مذاهبهم، ومدح فيها الإسلام، وأقام الحجة على أنه الدين الحق، وذكر فيها ما قرأه في التوراة والإنجيل من: ظهور النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه نبي مبعوث، وأن اليهود والنصارى أخفوا ذلك ولم يظهروه، ثم ذكر فيها: معائب اليهود والنصارى، وهي رسالة حسنة، أجاد فيها، وهو: من المشاهير في علم الطب وعمله، وكان يطبب أهل محلته ومعارفه بغير أجرة، ويحمل إليهم الأشربة والأدوية بغير عوض، ويتفقد الفقراء، ويحسن إليهم؛ ووقف كتبه قبل وفاته، وجعلها في مشهد أبي حنيفة - رحمه الله -. توفي في سنة 493 - غفر الله له-.
dr grioui
12-01-2011, 16:06
أبو مروان ابن زُهْر .. عبقري الطب
http://doc.mehaneen.net/upLoadedFiles/honor/5bih1abn6.jpg
يمثل "ابن زهر" حالة استثنائية في زمانه، فبالرغم من سعة معارفه وتنوعها فقد تخصص في الطب ومارسه طول حياته، فأضاف أشياء جديدة، منها وصفه لمختلف الأمراض الباطنية والجلدية، إضافةً إلى الجراحة. وبحث "ابن زهر" في قروح الرأس وأمراضه، وأمراض الأذنين، والأنف، والفم، والشفاه، والأسنان، والعيون، وأمراض الرقبة، والرئة، والقلب، وأنوع الحمى، والأمراض الوبائية، ووصف التهاب غشاء القلب ومَيَّزَ بينه وبين التهاب الرئة. واعتمد ابن زهر على التجربة والتدقيق العلمي، وتوصل بذلك إلى الكشف عن أمراض لم تدرس من قبل، فدرس أمراض الرئة، وأجرى عملية القصبة المؤدية إلى الرئة، كما كان أول من استعمل الحقن للتغذية الصناعية، ويعد من أوائل الأطباء الذين اهتموا بدراسة الأمراض الموجودة في بيئة معينة، فقد تكلم عن الأمراض التي يكثر التعرض لها في مراكش، كما أنه من أوائل الأطباء الذين بينوا قيمة العسل في الدواء والغذاء.
dr grioui
12-01-2011, 16:09
أبو يعقوب، إسحاق بن حنين العبادي
http://doc.mehaneen.net/upLoadedFiles/honor/2ghb1l2en.gif
الطبيب المشهور؛ كان أوحد عصره في علم الطب، وكان يعرف كتب الحكمة التي بلغه اليونانيين إلى اللغة العربية، وله المصنفات المفيدة في الطب، ولحقه الفالج في آخر عمره، فتوفي في سنة 398. والعِبَادي: نسبة إلى عباد الحيرة، وهم: عدة بطون من قبائل شتى، نزلوا حيرة، (3/ 116) وكانوا نصارى، يُنسب إليهم خلق كثير، والحيرة: مدينة قديمة، كانت لبني المنذر.
dr grioui
12-01-2011, 16:12
أبو القاسم الزهراوي أبو الجراحة
(1013 - 936 م)
http://doc.mehaneen.net/upLoadedFiles/honor/igkg85ghf2.jpg
عالِم وطبيب أندلسي من أعظم الجراحين المسلمين والعالميين أول من صنع أقراص الدواء يعتبر الزهراوي من أكبر الجرَّاحين الذين أنجبتهم البشرية عبر العصور والأزمان أول من استعمل الخيوط التي تستعمل حالياً في العمليات الجراحية كان له أثر كبير في النهضة الأوروبية ترجمت كتبه إلى لغات عديدة، ودرست في جامعات أوروبا واقتفى أثره الجراحون الأوربيون، واقتبسوا عنه وكان المرجع لأطباء أوروبا على مدى خمسة قرون.
dr grioui
12-01-2011, 16:19
بقراط الحكيم
http://doc.mehaneen.net/upLoadedFiles/honor/72e3hhnee.jpg
من علماء الطب أول من دون علم الطب، وهو حكيم مشهور، معتن ببعض علوم الفلسفة، سيد الطبيعيين في عصره؛ كان قبل الإسكندر بنحو مائة وسنة، وله في الطب تصانيف شريفة؛ وكان فاضلا، متألها، ناسكا، يعالج المرضى احتسابا، طوافا في البلاد؛ وكان في زمن أردشير - من ملوك الفرس -، وكان يسكن حمص من مدن الشام، وكان يتوجه إلى دمشق، ويقيم في غياضها للرياضة، والتعلم، والتعليم؛ وفي بساتينها: موضع، يعرف: بصفة بقراط؛ وكان طبيبا، فيلسوفا، فاضلا، كاملا، معلما لسائر الأشياء، قوي الصناعة، والقياس، والتجربة. ولما خاف أن يفنى الطب من العالم، علّم الغرباء الطبَّ، وجعلهم بمنزلة أولاده. وظهر بقراط سنة 96 لتاريخ: بُخْتَ نَصَّر، وهي: سنة 14 من ملك بهمن، وعاش خمسا وتسعين سنة، وله كتب نافعة، مفسرة بالعربية. (3/ 114)
dr grioui
15-01-2011, 22:55
أبو عبدالرحمن الخليل بن أحمد
الفراهيدي البصري
(اللهم هب لي علما لم يسبقني إليه أحد).. قالها وهو يتضرع إلى الله متعلقًا بأستار الكعبة، كان يرجو أن يسبق الناس بوضع علم جديد، فيكون سباقا إلى الخير، ولم يكن هذا الرجاء وليد تكاسل وتواكل، بل كانت قدراته ومهاراته تؤهله لأن يكون عظيم الشأن.
أبو عبدالرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري (100هـ/718م - 173 هـ/791م ) وهو عربي النسب من الأزد، ولد في عُمان عام 100 هـ، وهو مؤسس علم العروض ومعلم سيبويه وواضع أول معجم للغة العربية وهو العين. ولد إباضياً، وتحول إلى مذهب أهل السنة والجماعة.
أخذ النحو عنه سيبويه والنضر بن شميل وهارون بن موسى النحوي و وهب بن جرير والأصمعي والكسائي وعلي بن نصر الجهضمي. وأخذ هو عن أبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر الثقفي وحدث عن أيوب السختياني وعاصم الأحول والعوام بن حوشب وغالب القطان وعبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي.
كان الخليل زاهداً ورعاً وقد نقل ابن خلكان عن تلميذ الخليل النضر بن شميل قوله: «أقام الخليل في خص له بالبصرة، لا يقدر على فلسين، وتلامذته يكسبون بعلمه الأموال» كما نقل عن سفيان بن عيينة قوله: «من أحب أن ينظر إلى رجلٍ خلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد».
يعد الخليل بن أحمد من أهم علماء المدرسة البصرية وتنسب له كتب "معاني الحروف" وجملة آلات الحرب والعوامل والعروض والنقط، كما قام بتغيير رسم الحركات إذ كانت التشكيلات على هيئة نقاط بلون مختلف عن لونالكتابة، وكان تنقيط الإعجام (التنقيط الخاص بالتمييز بين الحروف المختلفة كالجيم والحاء والخاء) قد شاع في عصره، بعد أن أضافه إلى الكتابة العربية تلميذا أبي الأسودنصر بن عاصمويحيى بن يعمرالتابعي، فكان من الضروري تغيير رسم الحركات ليتمكن القارئ من التمييز بين تنقيط الحركات وتنقيط الإعجام. فجعل الفتحة ألفًا صغيرة مائلة فوق الحرف، والكسرة ياءً صغيرة تحت الحرف، والضمة واواً صغيرة فوقه. أما إذا كان الحرف منوناً كرر الحركة، ووضع شينا غير منقوطة للتعبير عن الشدة ووضع رأس عين للتدليل على وجود الهمزة وغيرها من الحركات كالسكون وهمزة الوصل، وبهذا يكون النظام الذي اتخذه قريباً هو نواة النظام المتبع اليوم.
علم العروض
طرأت ببالهِ فكرة وضع علم العروض عندما كان يسير بسوق الغسالين، فكان لصوت ضربهم نغم مميز ومنهُ طرأت بباله فكرة العروض التي يعتمد عليها الشعر العربي. فكان يذهب إلى بيته ويتدلى إلى البئر ويبدأ بإصدار الأصوات بنغمات مختلفة ليستطيع تحديد النغم المناسب لكل قصيدة!
وله من الكتب -بالإضافة لمعجم العين، كتاب النّغم، وكتاب العروض، وكتاب الشواهد، وكتاب الإيقاع
وفاته
توفي في البصرة في يوم الجمعة لثلاث بقين من جمادي الآخرة سنة 173 ه /789م. وهو نفس يوم وفاة الخيزران بنت عطاء والدة هارون الرشيد .
ويقال أن سبب وفاته هو استغراقه في التفكير في طريقة تيسر استخدام الحساب على العامة، فدخل إلى المسجد وهو شاغل فكره في التفكير فاصطدم بسارية وهو غافل فكانت السبب في موته.
dr grioui
15-01-2011, 22:59
ابن رشد
http://up.libyan-sat.com//uploads/images/lyf1b8c338f3.jpg
هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد ابن رشد ولد في قرطبة
(1126 - 1198). أبو الوليد قاضي، طبيب، فقيه، فيلسوف، فلكي، فيزيائي. نشأ في أسرة من أكثر الأسر وجاهة في الأندلس وعرفت بالمذهب المالكي حفظ موطأ مالك ، وديوان المتنبي.ودرس الفقه على المذهب المالكي و العقيدة على المذهب الأشعري
يعد ابن رشد من أهم فلاسفة الإسلام. دافع عن الفلسفة وصحح علماء وفلاسفة سابقين له كابن سينا والفارابي في فهم بعض نظريات أفلاطون وأرسطو. قدمه ابن طفيل لأبي يعقوب خليفة الموحدين فعينه طبيبا له ثم قاضيا في قرطبة
. تولّى ابن رشد منصب القضاء في أشبيلية، وأقبل على تفسير آثار أرسطو، تلبية لرغبة الخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف، تعرض ابن رشد في آخر حياته لمحنة واتهمه علماء الأندلس والمعارضين له بالكفر و الإلحاد ثم ابعده أبي يعقوب يوسف الى مراكش وتوفي فيها (1198م)
محتويات [أخف]
1 فلسفته
2 علم الفلك
3 الأخلاق
4 مؤلفاته
5 مصادر
6 أنظر أيضاً
7 وصلات خارجية
يدعي ابن رشد أن لديه نوعين من معرفة الحقيقة، الأول معرفة الحقيقة استناداً على الدين المعتمد على العقيدة وبالتالي لا يمكن إخضاعها للتمحيص والتدقيق والفهم الشامل، والمعرفة الثانية للحقيقة هي الفلسفة، والتي ذكر بأن عدد من النخبويين الذين يحظون بملكات فكرية عالية توعدوا بحفظها وإجراء دراسات جديدة فلسفية
علم الفلك
كان ابن رشد مغرماً بعلوم الفلك منذ صغره، فكان يلاحظ الفلكيون حوله يتكاتفون لمعرفة بعض اسرار هذه السماء في وقت الظلام، وحين بلغ عمره عمر الخامسة والعشرون، بدأ ابن رشد يتفحص سماء المغرب من مدينته مراكش والتي من خلالها قدم للعالم اكتشافات وملاحظات فلكية جديدة واكتشف نجماً لم يكتشفه أوائله من الفلكيين
. كان يتمتع ابن رشد بملكة عقلية باهرة، فكان يناقش نظريات بطليموس بل أنه نبذها من اصلها وابدلها بنماذج جديدة تعطي تفسيرات فضلى لحقيقة الكون وقدم للعالم تفسيراً جديداً لنظرية رشدية جديدة بمسمى " اتحاد الكون النموذجي". ومن بعض انتقاداته لنظريات بطليموس حول حركة الكواكب، فكان من أقوال ابن رشد : من التناقض للطبيعة أن نحاول تأكيد وجود المجالات الغريبة والمجالات التدويريه، فعلم الفلك في عصرنا لا يقدم حقائق ولكنها يتفق مع حسابات لا تنطبق مع ما هو موجود في الحقيقة
ثم انطلق يقدم الانتقادات الحصيفة حيال بعض الفرضيات التي قدمها الفلكيون في عصره. ثم قام بالمشاركة بوصف القمر بالغير الواضح والغامض، وقال بأنه يحمل طبقات سميكة وأخرى أقل سماكة وتجتذب الطبقات السميكة نور الشمس اكثر من الطبقات الأقل سمكا. وقدم للعالم وللغرب أول التفسيرات البدائية والقريبة علمياً لأشكال البقع الشمسية.
الأخلاق
انطلق ابن رشد في آرائه الأخلاقية من مذهبَي أرسطو وأفلاطون، فقال بالاتفاق مع أفلاطون بالفضائل الأساسية الأربع (الحكمة والعفة والشجاعة والعدالة)، ولكنه اختلف عنه بتأكيده أن فضيلتي العفة والعدالة عامتان لكافة أجزاء الدولة (الحكماء والحراس والصناع). وهذه الفضائل كلها توجد من أجل السعادة النظرية، التي هي المعرفة العلمية الفلسفية، المقصورة على "الخاصة". وقد قَصَرَ الخلود على عقل البشرية الجمعي الذي يغتني ويتطور من جيل إلى آخر. وقد كان لهذا القول الأخير دورٌ كبير في تطور الفكر المتحرِّر في أوروبا في العصرين الوسيط والحديث. وأكد ابن رشد على أن الفضيلة لا تتم إلا في المجتمع، وشدَّد على دور التربية الخلقية، وأناط بالمرأة دورًا حاسمًا في رسم ملامح الأجيال القادمة، فألحَّ على ضرورة إصلاح دورها الاجتماعي في إنجاب الأطفال والخدمة المنزلية. وقد بسط ابن رشد أهم آرائه الأخلاقية من خلال شروحه على الأخلاق إلى نيقوماخوس لأرسطو وجوامع السياسة لأفلاطون.
مؤلفاته
لابن رشد مؤلفات عدة في أربعة أقسام: شروح ومصنفات فلسفية وعملية، شروح ومصنفات طبية، كتب فقهية وكلامية، وكتب أدبية ولغوية, ولكنه اختص بشرح كل التراث الأرسطي. وقد أحصى جمال الدين العلوي 108 مؤلف لابن رشد، وصلنا منها 58 مؤلفاً بنصها العربي.
من شروحاته وتلاخيصه لأرسطو:
تلخيص وشرح كتاب ما بعد الطبيعة (الميتافيزياء).
تلخيص وشرح كتاب البرهان أو الأورغنون.
تلخيص كتاب المقولات (قاطيفورياس).
شرح كتاب النفس.
شرح كتاب القياس.
وله مقالات كثيرة ومنها:
مقالة في العقل.
مقالة في القياس.
مقالة في اتصال العقل المفارق بالإنسان.
مقالة في حركة الفلك.
مقالة في القياس الشرطي.
وله ""كتب أشهرها"":
كتاب مناهج الأدلة، وهو من المصنفات الفقهية والكلامية في الأصول.
كتاب فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، وهو من المصنفات الفقهية والكلامية.
كتاب تهافت التهافت الذي كان رد ابن رشد على الغزالي في كتابه تهافت الفلاسفة.
كتاب الكليات.
كتاب "التحصيل" في اختلاف مذاهب العلماء.
كتاب "الحيوان".
كتاب "المسائل" في الحكمة.
كتاب "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" في الفقه.
كتاب "جوامع كتب أرسطاطاليس" في الطبيعيات والإلهيات.
dr grioui
15-01-2011, 23:01
ابن زهر
أبو مروان عبد الملك بن زهر بن عبد الملك بن مروان،
(464-557هـ) = (1072 ـ 1162م)، المعروف بابن زهر الاشبيلي، طبيب نطاسي عربي معروف في الأندلس من أهل إشبيلية، من أسرة عريقة في العلم، اشتغل أبناؤها بالطب والفقه وتولوا الوزارة وهو أستاذ الفيلسوف ابن رشد.وكان معتدل القامة قوي البنية وصل إلى الشيخوخة ولم تتغير نضارة لونه وخفة حركاته وانما عرض له في آخر أيامه ثقل في السمع. كان ابن زهر يحفظ القرآن، وسمع الحديث واشتغل بعلم الأدب والعربية ولم يكن في زمانه أعلم منه باللغة. لـه موشحات يغنى بها وهي من أجود ما قيل في معناها.
كان قوي الدين ملازماً لحدود الشرع محبا للخير مهيباً جريئاً فاق جميع الأطباء في صناعة الطب فشاع ذكره وطار صيته. خدم ابن زهر دولتي الملثمين والموحدين وذلك أنه أدرك دولة الملثمين ولحق بخدمتهم مع أبيه في آخر دولتهم ثم خدم دولة الموحدين وهم بنو عبد المؤمن وذلك أنه كان في خدمة عبد المؤمن هو وأبوه وفي أيام عبد المؤمن مات أبوه وبقي هو في خدمته ثم خدم ابن عبد المؤمن أبا يعقوب يوسف ثم ابنه يعقوب أبا يوسف الذي لقب بالمنصور، ثم خدم ابنه أبا عبد اللّه محمد الناصر وفي أول دولته توفي أبو بكر بن زهر. ألف أبو بكر بن زهر الترياق الخمسيني للمنصور أبو يوسف يعقوب.
كان المنصور صاحب الأندلس شديد الكراهية للفلسفة القديمة فأمر أن لا يشتغل بها أحد وأن تجمع كتبها من الأيدي وأشاع أن من وجد عنده شيء منها نالـه ضرر فصدع ابن زهر بالأمر وقام بما عهده إليه ولكن كان بإشبيلية رجل يكرهه جد الكراهية فعمل محضرا وأشهد عليه جمهورا من الناس بأن الحفيد أبا بكر بن زهر لديه كثير من كتب المنطق والفلسفة وأنه دائم الاشتغال بها ورفع المحضر إلى المنصور فلما قرأه أمر بالقبض على مقدمه وسجنه ثم قال واللّه لو شهد جميع أهل الأندلس على ما فيه ووقفوا أمامي وشهدوا على ابن زهر بما في هذا المحضر لم أقل قولة لما أعرفه من متانة دينه وعقلـه.
كانت للحفيد أبو بكر بن زهر أخت عالمة بصناعة الطب تعالج النساء وكان لها بنت مثلها في الصناعة وكانتا تعالجان نساء المنصور صاحب الأندلس. كان لابن زهر شعر جيد منه قوله يتشوق إلى ولده:
ولي واحد مثل فرخ القطا صغير تخلف قلبي لديه
نأت عنه داري فيا وحشتي لذاك الشخيص وذاك الوجيه
تشوقني وتشوقته فيبكي علي وأبكى عليه
وقد تعب الشوق ما بيننا فمنه إلّي منّي إليه
كان لأعماله أثر كبير في تطور الطب في أوروبا فيما بعد. من مؤلفاته المترجمة إلى اللاتينية؛ التيسير في المداواة والتدبير، وقد وصف التهاب الغلاف الغشائي المحيط بالقلب، وطرائق استخراج حصى الكُلية
ابن زهر بين المرابطين والموحدين:
لقد عاصر ابن زهر المرابطين والموحدين في الأندلس، وعايشهم مبقياً مسافة كافية بينه وبين سياسات كلتا الطائفتين، فقد كان رفيع المكانة عند المرابطين هو وأبوه أبو العلاء حتى إنه ألف كتاب "الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد والأجساد" ويسمى أيضاً "الزينة" بطلب من أمير مرابطي، ثم علا شأنه عند الموحدين بعدهم. وكان الملوك، وإن اختلفت نظمهم ودولهم، يعلون شأن العلماء، ولو كانت لهم صلات حميمة برؤساء الدول السابقة.
أسرة أبي مروان:>>>>
أبي العلاء، زهر بن عبد الملك بن محمد بن مروان بن زهر. (توفي 1131م)، والد عبد الملك، وعميد عائلة ابن زهر. وإلى أصالة نسبه العربي الإياديّ، هو فيلسوف طبيب من أهل إشبيلية. قال عنه صاحب التكملة: "إن زهراً أنسى الناس مَنْ قَبْلَهُ إحاطةً بالطب وحذقاً لمعانيه" وحلّ من سلطان الأندلس محلاً لم يكن لأحد في وقته، فكانت إليه رياسة بلده ومشاركة ولاتها في التدبير.. وصنف كتباً منها "الطرر" في الطب و"الخواص" و"الأدوية المفردة" لم يكمله، و"حلّ شكوك الرازي على كتب جالينوس" ورسائل ومجربات.
ومنها ابنه أبو بكر محمد بن عبد الملك، فقد ولد في إشبيلية: عام
(507هـ 1113م وتوفي 595هـ-1199م)، وهو مـن نوابغ الطب والأدب في الأندلس، وصفه ابن أبي أصيبعة بأنه الوزير الحكيم الأديب الحسيب الأصيل. "ولم يكن في زمانه أعلم منه بصناعة الطب، أخذها عن أبيه، وعُرف بالحفيد ابن زهر، له "الترياق الخمسيني" في الطب- والترياق يشتمل على عناصر متعددة تركب تركيباً صناعياً لتقوية الجسم وحفظ الصحة والتخلص من السموم الحيوانية والنباتية والمعدنية- "ورسالة في طب العيون".
كان أبو بكر شاعراً، نظم وموشحات انفرد في عصره بإجادتها، حتى إن ابن خلدون ذكره في مقدمته، خلال حديثه عن الموشحات بلسان ابن سعيد: "وسابقُ الحلبة التي أدركتُ هو أبو بكر بن زهر. وقد شرّقتْ موشحاته وغرّبتْ" ومنها:
ما للمولَّهْ من سكره لا يفيقْ يا له سكرانْ
من غير خمرْ ما للكئيب المشوقْ يندب الأوطان
ومنها:
أيها الساقي إليك المشتكى قد دعوناك وإن لم تسمع
مؤلفات ابن زهر:>>>>
لم يَكْفِ عبد الملك أبا مروان ما انتهى إليه من معرفة علمية بالطب، عن طريق والده أبي العلاء، فرحل إلى الشرق ودخل وتطبب هناك زماناً، أي تعاطى علم الطب وعاناه، ثم رجع إلى الأندلس، فقصد مدينة "دانية" فأكرمه ملكها وأدناه، وحظي في أيامه، واشتهر بالتقدم في صناعة الطب وطار ذكره منها إلى أقطار الأندلس.
ثم انتقل أبو مروان من دانية إلى إشبيلية، وظل فيها حتى وفاته وخلّف أموالاً جزيلة.
ذكر ابن أبي أصيبعة من تصانيفه الكتب التالية:
كتاب "التيسير في المداواة والتدريب" ألّفه للقاضي أبي الوليد بن رشد.
كتاب "الأغذية" ألّفه لمحمد عبد المؤمن بن علي أمير الموحدين.
كتاب "الزينة" وهو على الأرجح كتاب "الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد".
"تذكرة في أمر الدواء المسهل وكيفية أخذه" ألّفه لوالده أبي بكر وذلك في صغر سنه وأول سفرة سافرها فناب عن أبيه فيها.
"مقالة في علل الكلى".
"رسالة في علتي البرص والبهق" كتب بها إلى بعض الأطباء بإشبيلية.
"تذكرة" كتبها لابنه أبي بكر، أول ما تعلّق بعلاج الأمراض.
حول كتاب الاقتصاد>>>
ألّف ابن زهر الكتاب للأمير الموحِّدي، ويبدو فيه تأثره بنظرية أفلاطون في النفس المثلثة، كما هو الحال لدى الفلاسفة المسلمين، وكما نلاحظ في الأساطير البابلية والهندية القديمة، "فهو يرى في النفس الواحدة ثلاث نفوس، أي ثلاث قوى: الناطقة أي المدركة العاقلة مسكنها الدماغ، والحيوانية مسكنها القلب، والطبيعية مسكنها الكبد، و"هذه الناطقة بها تكون الفكرة في السموات والأرض وفي العلوم والصنائع. وبالحيوانية يكون الغضب والحَرَد والأنفة، والطبيعية بها تكون شهوة الغذاء والجماع، وهاتان النفسان خادمتان للناطقة ومعينتان لها".
ما يظهر بذلك الانتباه الممتاز من الحكيم الأندلسيّ لمكانة الكبد من العضوية حيث جعل تلك الغدة ذات الوظائف المتعددة مسكن القوّة الطبيعية.
يظهر ابن زهر في كتاب الاقتصاد مالك لأدوات بحثه، ويتصرف تصرف الواثق بعلمه وتجربته، ويرى أنه يتصرف في ذكر الأدوية وأمثالها تصرّف الكيماوي الذي يركب الأدوية ويعرف خصائص عناصرها، فهو حين يذكر أصباغ الشعر يقول: "وأما الصباغات فقلما يسلم أحد من ضرّها، وقد أثنى جالينوس على القطران وذكر أنه صبغ عجيب للشعر، لكنْ.. هو من كراهة الرائحة على ماهو عليه، وأما أنا فإني أستعمل من الصباغات مالا يضر كثيراً بالبصر وأقتنع بذلك في دهن البان أحلّ فيه لاذناً وأجعل معه دقاق عفص وأخلط إلى الكل من الماء والخلّ ما يصلح به التمازج، وأرفعه إلى أن يبيد الماء.. الخ... "
المصادر
معالم فكرية في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية- د.عبد الكريم اليافي- منشورات الشركة المتحدة -دمشق 1982.
عبد الملك بن زُهْر الأندلسيّ مكانته العلمية وكتابه "الأغذية"- نصر الدين البحرة - مجلة التراث العربي- العدد 75.
تشريح الكبد والطحال والبطن وأمراضها ومعالجتها في كتاب التيسير
dr grioui
15-01-2011, 23:03
ملا صدرا محمد بن إبراهيم القوامي الشيرازي
http://up.libyan-sat.com//uploads/images/ly598f8e7e78.jpg
979-1050هجري ،1572-1640ميلادي.
ينسب إليه نهج الجمع بين الفلسفة والعرفان والذي يسمى بالحكمة المتعالية. كان طرحه متطورا جدا وفاق حدود عصره مما صعب على معاصريه أن يقبلوه فلاقى من معاصريه صنوف المضايقات بسبب ذلك فكَفر ورمي بأبشع التهم حتى طرد من بلدته, فما كان منه إلا أن هجر القوم إلى القرى النائية منقطعا إلى الرياضة الروحية حتى تجلت له العلوم الباطنية فعاد على البشرية بحكمته المتعالية. يعرف أيضا بـ صدر المتألهين.
نبذة عن حياته
ولد هذا الرمز في عائلة ثرية حيث كان والده وزيرا وكان هو الوريث الوحيد له مما خوله أن يستفيد من هذه الثروة ليصرفها على طلب العلم وهذا سبب ثرائه العلمي فكان مطلعا على أغلب فنون عصره. درس في حوزة أصفهان عاصمة الدولة آنذاك حتى حضر درس فقيه عصره الشيخ البهائي والذي حثه على حضور درس المير داماد في الحكمة وكان هذا الأخير ممن قدم نظريات وإنجازات غير مسبوقة في الحكمة مما كان له أكبر الأثر بصقل عقلية مترجمنا
أعماله
هذه القائمة هي افتباس من : الشيرازي دراسة بيبليوغرافية/أحمد ماجد
كتب صدر الدين الشيرازي ورسائله:
أ) الكتب المستقلة:
1) الحكمة المتعالية في الأسفار الأربعة العقلية: يعتبر هذا الكتاب من أهم كتب »الشيرازي«، حيث عرض فيه فلسفته، وقد قسمه إلى أربعة أسفار:
أ السفر من الخلق إلى الحق.
ب السفر بالحق في الحق.
ت يقابل الأول لأنه من الحق إلى الخلق بالحق.
ث يقابل الثاني من وجه لأنه بالحق في الخلق).
يقع هذا الكتاب في طبعته الحديثة الصادرة عن دار التراث العربي عام 1982ميلادية بتسعة مجلدات، وهذه النسخة مصورة عن نسخة إيرانية قام بتحقيقها ونشرها العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي، هذا وكانت الطبعة الأولى قد صدرت عام 1282ه.ق،
dr grioui
18-01-2011, 19:37
مساهمات الأطباء العرب والمسلمين في علم التشريح
فت البشرية منذ القدم تشريح جثث الموتى ، فقد قام قدماء المصريين بتشريح جثث موتاهم وتفريغ الأحشاء الداخلية منها ، ووضع بعض المواد الحافظة للجثث من التفسخ ، وبذلك استطاعت الموميات أن تبقى آلاف السنين .
ونال علم التشريح اهتماماَ خاصاَ من قبل الأطباء العرب والمسلمين ، واعتمدوا في دراساتهم وكتاباتهم حول ذلك على مصادر عديدة هي :
1- كلام من سبقهم من الأطباء اليونانيين : كانت بدايات معلوماتهم عن التشريح مستقاتاَ من كتب الأطباء اليونانيين ، مثل كتب أبقراط وجالينوس وآخرين .وهنا لا بد من التذكير بأن الأطباء العرب والمسلمين أنقذوا الكثير من تآليف الأطباء اليونانيين من الضياع بتعريبهم
لها ، لأن النسخ اليونانية القديمة فقدت جميعها ولم يبق سوى النسخ العربية ، ومن تلك الكتب كتب جالينوس التالية ( 1- كتاب في اختلاف ما وقع بين القدماء في التشريح . 2- كتاب تشريح الأموات . 3- كتاب الأحياء _ الحيوانات - . 4- كتاب علم أبقراط في التشريح . 5- آراء أرسطراطس في التشريح . 6- كتاب تشريح الرحم ) .
2- التشريح المقارن : يستند هذا النوع من التشريح على تشريح الحيوانات ومقابلة ذلك بتشريح الإنسان . وعلى الرغم من أن ذلك لا يغني عن تشريح الإنسان لتعليم الطب لوجود فروق كبيرة بينهما ، إلا أن تشريح الحيوانات أمر أساسي باعتباره خطوة أولى في دراسة التشريح .وقد زخرت كتب الطب العربية بإشارات عن قيامهم بتشريح الحيوانات
( حية وميته) واتخاذهم ذلك وسيلة للمقارنة عند دراسة علم التشريح في الإنسان ، نذكر فيما يلي بعض الأمثلة :
أ ـ يعتبر يوحنا بن ماسويه أول من عمل بالتشريح المقارن من العرب وكتب في ذلك كتاباَ ، ذكر براون نقلاَ عن كتاب فارسي (( ذكر فيها أن يوحنا بن ماسويه لما عجز عن الحصول على جثث آدمية قام بتشريح القردة في حجرة خاصة للتشريح أقامها على ضفة دجلة ، وأن نوعاَ خاصاَ من القردة كان يعتبر أقربها شبهاَ للإنسان كان يمده به حاكم النوبة بأمر أصدره الخليفة المعتصم )) .
ومما يروى عنه (( دخل غلام من الأتراك ومعه قرد من القرود التي أهداها ملك النوبة إلى المعتصم ، وقال ليوحنا يقول لك أمير المؤمنين زوج هذا القرد من قردتك حماحم حيث كان لا يصبر عنها ساعة ، فوجم لذلك ، ثم قال للغلام : قل لأمير المؤمنين ، اتخاذي لهذه القردة غير ما توهمه وإنما دبرت تشريحها ووضع كتاب على ما وضع جالينوس في التشريح … وكان في جسمها قلة تكون العروق فيها … فتركتها لتكبر ويغلظ جسمها ، فأما إذ قد وافى هذا القرد فسيعلم أمير المؤمنين أنى سأضع له كتاباَ لم يوضع في الإسلام مثله . ثم فعل ذلك بالقرد فظهر له منه كتاب حسن )) .
ب ـ تجارب وأقوال الرازي :
تحدث الرازي في مقالته فيما بعد الطبيعة عن تكوين الجنين ، فقال (( وبعد فإن جالينوس قد عني بأمر التشريح وكان يدعي فيه دعاوى ، وهنا لا يمكننا تشريح أرحام النساء ، فقد نشاهد أرحام الغنم وأجوافها فلسنا نرى من ذلك شيئا )) .َ
وقوله أيضاً (( وقد يعرض على القلب دق فإنه كان عندي قرد لا يزال يهزل فلما شرحته وجدت أعضاءه سليمة ، إلاّ أني وجدت على غلاف قلبه غلظاً خارجاً من الطبع فيه رطوبة محتقنة شبيهه بالرطوبة التي تكون في النفاخات .
وأما ديك شرحته فإني وجدت على غلاف قلبه غلظاً صلباً متحجراً ليس فيه رطوبة ، وأما الورم الحار فرأيناه قد حدث بقوم من المقاتلة ممن قد جرحوا فتبعهم الموت ساعتهم بالغشي الشديد القوى )) .
التجربة التي ذكرها عن الحيوان الذي ينزع قلبه منه فلا يصيبه الغشي بل يظل يعدو ويتحرك إلى أن يموت .
ج – ويسرد ابن طفيل ما كان يعرفه من علم التشريح من خلال تشريح ( حي ) للظبية في قصته الفلسفية ( حي إبن يقضان ) ، وعندما يريد أن يعرف حركة القلب في أثناء حياة
الجسد ، يأتي بظبية حية ويقيدها ثم يشق صدرها حتى يصل إلى القلب . ويبدو أن ابن طفيل كان ذا علم واسع في تشريح الحيوانات الحية والميتة مما جعله يقول عن حي إبن يقضان
(( فتتبع ذلك كله بتشريح الحيوانات الأحياء والأموات )) .
3 - تشريح الرمم ومشاهدة الهياكل العظمية في المقابر :هناك إشارات على تفحصهم للرمم ( وهي البقايا البشرية في أطوار التحلل المختلفة) ، وخاصة العظام والمفاصل والأربطة ، على سبيل المثال يقول ابن النفيس (( أما تشريح العظام والمفاصل ونحوهما فيسهل في الميت من أي سبب كان ، واسهل ما يكون إذا مضى على موته مدة فني ما عليه من اللحم حتى بقيت العظام متصلة بالأربطة ظاهرة ، فهذا لا يفتقر فيه إلى عمل كثير حتى يوقف على هيئة عظامه ومفاصله )) وظاهر النص أن ابن النفيس باشر التشريح على أجداث ورمم الموتى واهتم بالعظام والأربطة والمفاصل وتوصل إلى حقيقة أن أربطة المفاصل لا تفنى إلا بعد فناء اللحم .
أما مشاهدة الهياكل العظميه فسيأتي الكلام عن ذلك فيما بعد.
4 - ملاحظة الجروح التي تتسبب من الحروب وتعقب آثار الحوادث : لقد كانت مراقبة الأحشاء الداخلية للمصابين في الحروب أثناء معالجتهم فرصة عملية للتأكد من معلوماتهم التشريحية وتعزيزها .
كما وأن دراسة آثار بعض الحوادث أيضاَ كانت تطبيقاَ عمليا لمعلوماتهم التشريحية ، فعلى سبيل المثال يقول الرازي (( رجل سقط عن دابته ، فذهب حس الخنصر والبنصر ونصف الوسطى من يديه ، فلما علمت أنه سقط على آخر فقار في الرقبة علمت أنه مخرج العصب الذي بعده الفقارة السابعة أصابها في أول مخرجها ، لأني كنت أعلم من التشريح أن الجزء الأسفل من أجزاء العصبة الأخيرة النابت من العنق يصير إلى الإصبعين الخنصر والبنصر ، ويتفرق في الجلد المحيط بهما وفي النصف من جلد الوسطى ))
5 - التشريح البشري :على الرغم من عدم وجود نص من الكتاب والسنة يحرم ممارسة التشريح لغاية التدريس فإن تزمت البعض واتهام من يقوم بالتشريح بالزيغ عن الدين والبعد عن الرحمة والإنسانية سبب قصوراً لدى الأطباء العرب والمسلمين في هذا العلم ، إلا أن البعض يعتقد بأنهم مارسوا التشريح البشري بصورة سرية ومحدودة ، وخاصة تشريح قسم من أعضاء الجسم كالقلب والعين والكبد وعضلات الأمعاء ويستدلون على ذلك من كتاباتهم الدقيقة والصحيحة عن تشريح هذه الأعضاء ، وكذلك من مخالفتهم لكثير من آراء اليونانيين ، وتأكيد قسم منهم بأن ( التشريح يكذب كذا وكذا ) أو ( التشريح يكذب ما ذكر ) وقول ابن رشد
( من اشتغل بعلم التشريح ازداد إيماناً ) وقول الرازي ( يحتاج في استدراك علل الأعضاء الباطنة إلى العلم بجوهرها أولاً بأن تكون قد شوهدت بالتشريح … ) .
ويؤكد بعضهم ممارسة المتأخرين منهم للتشريح بشكل قاطع ، يقول جول لابوم (( كان الأطباء العرب في القرن العاشر يعلمون تشريح الجثث في قاعات مدرجة خصصت لذلك في جامعة صقلية )) .
وعلى الرغم من عدم ورود نص صريح قاطع على ممارسة الأطباء العرب والمسلمين للتشريح إلا أن لهم فضلاً كبيراً على تطوير هذا العلم ولهم فيه ابتكارات نذكر منها :
1 . الكتب والتصانيف : كما ذكرنا سابقاَ لقد كان للأطباء العرب والمسلمين فضل حفظ كتب أبقراط وجالينوس في التشريح والتي فقدت أصولها اليونانية ، بتصنيفها وجمعها وشرحها ونقدها بوعي علمي صحيح .ولم يكتفوا بترجمات كتب التشريح بل أنهم صنفوا وألفوا العديد من
الكتب ، وكان ابن ماسويه أول من ألف كتاباَ في التشريح باللغة العربية ، وتبعه الكثيرون لا يتسع المجال لذكرهم ، حتى أن أحد الباحثين أحصى كتب التشريح التي ألفها الأطباء العرب خلال القرون ( 3 – 13 هـ )فبلغت ستون كتاباَ وأشهر تلك الكتب كان كتاب شرح تشريح القانون لابن النفيس . ولا يفتنا أن نذكر بأن كتب التشريح العربية تمتلئ بالرسوم التوضيحية والمخططات لأجزاء جسم الإنسان وتراكيبه المختلفة والتي تعتبر النواة الأولى لأطالس ومصورات التشريح المتقدمة .
2 . كان ابن سينا أول من عرف أن الجنين يأخذ بواسطة المشيمة شريانين اثنين ويرد وريداً واحداً عن طريق الحبل السري .
3 . موفق الدين عبد اللطيف البغدادي : أرشد إلى مواطن الضعف في وصف جالينوس لبعض أجزاء الهيكل العظمي وأكد على سبيل المثال أن الفك الأسفل قطعة واحدة وليس قطعتين بعد أن فحص أكثر من ألفي جمجمة بشرية في أحد المقابر حيث يقول (( والذي شاهدناه من حال هذا العضو أنه عظم واحد وليس فيه مفصل ولا درز أصلاً )) .
4 . لقد سبق ابن النفيس هارفي الإنكليزي في اكتشاف الدورة الدموية الصغرى
( الدورة الرئوية ) بمئات السنين ، كما سبق سرفيتوس بثلاثة قرون في اكتشاف وإثبات أن الدم ينقى في الرئتين جاء في وصفه تشريح الشريان الوريدي في كتابه شرح تشريح القانون من جملة ما ذكر (( ولا بد في قلب الإنسان ونحوه ، مما له رئة من تجويف آخر يتلطف فيه الدم ليصلح مخالطة الهواء … وهذا التجويف هو التجويف الأيمن من تجويف القلب . وإذا لطف الدم في هذا فلا بد من نفوذه إلى التجويف الأيسر حيث يتولد الروح ولكن ليس بينهما منفذ فإن جرم القلب هنا مصمت ليس فيه منفذ ظاهر كما ظنه جماعة . ولا منفذ غير ظاهر كما ظنه جالينوس فإن صمام القلب مستحصف جرمه غليظ فلابد أن يكون هذا الدم إذا لطف نفذ في الوريد الشرياني إلى الرئة لينبث في جرمها ويخالط الهواء ويتصفى ألطف ما فيه وينفذ إلى الشريان الوريدي ليصل إلى التجويف الأيسر من تجويفي القلب وقد خالط الهواء وصلح لأن يتولد منه الروح . وما بقي منه أقل لطافة تستعمله الرئة في غذائها )) .
5 . الدورة الدموية في الشرايين التاجية : لقد كان ابن النفيس أول من فطن إلى وجود أوعية داخل جرم القلب تغذيها وبذلك كان أول من وصف الشريان الإكليكي وفروعه حيث قال :
( قوله – ويقصد ابن سينا – ليكون له مستودع غذاء يتغذى به وجعله الدم الذي في البطين الأيمن منه يتغذى القلب لا يصلح البتة فإن غذاء القلب إنما هو من الدم المار فيه في العروق المارة في جرمه ) .
6. عدد تجاويف القلب : كان الاعتقاد السائد عند الأطباء اليونانيين والعرب ومنهم ابن سينا أن للقلب ثلاثة بطون ، وقد خالف الزهراوي ذلك عندما أكد بأن للقلب بطينان فقال في كتابه التصريف (( وله بطنان عظيمان أحدهما في الجانب الأيمن والآخر في الجانب الأيسر منه . ومن البطنين الأيمن إلى الأيسر منافذ )) .
وجاء بعده ابن رشد ليؤكد في كتابه الكليات ذلك ويضيف (( وله زائدتان شبيهتان بالأذنين إحداهما يمنة والأخرى يسرة )) .
وأخيراً جاء ابن النفيس ليؤكد عدد التجاويف ويصحح الخطأ الذي وقع فيه من سبقوه في اعتقادهم بوجود منافذ بين البطينين فقال : (( قوله – ويقصد ابن سينا – أيضاً فيه ثلاثة بطون وهذا كلام لا يصح فإن القلب له بطينان فقط …. ولا منفذ بين هذين البطينين البتة وإلا كان الدم ينفذ إلى موضع الروح فيفسد جوهرها ، والتشريح يكذب ما قالوه )) .
7 . الدورة الدموية في الأوعية الشعرية :يقول الدكتور كمال السامرائي نقلا عن روبنسن إن أول من أشار إلى تلاقي الشرايين بنهايات الأوردة هو ( إيراستراتوس ) . إلا أن علي بن العباس المجوّسي كان أول من وصف ذلك بشكل جلي حيث وصف الدورة الدموية الشعرية وقبل هارفي بكثير فقال : ( وينبغي أن تعلم العروق الضوارب في وقت الانبساط ما كان منها قريباً من القلب اجتذب الهواء والدم اللطيف من القلب باضطرار الخلاء لأنها في وقت الانقباض تخلو من الدم والهواء . فإذا انبسطت عاد إليها الدم والهواء وملأها … وما كان منها متوسط فيما بين القلب والجلد من شأنه أن يجتذب من العروق غير الضوارب ألطف ما فيها من الدم وذلك أن العروق غير الضوارب فيها منافذ إلى العروق الضوارب والدليل على ذلك أن العرق الضارب إذا انقطع استفرغ منه الدم في العروق غير الضوارب ) .
8. وظيفة وعدد الأغشية القلبية : حدد ابن رشد في كتابه الكليات عدد الأغشية ( Cardiac Valves ) التي يتألف منها الصمام الموجود في القسم الأيمن من القلب ، وهو الصمام الذي نطلق عليه اليوم ( Tricuspid ) وقد حدد ابن رشد وظيفته بدقة ، كما أشار إلى الصمامات الكائنة في الفوهة التي تنفتح على الشريان الرئوي وبين وظيفتها . يقول ابن رشد (( وللقلب بطنان عظيمان … وللبطن الأيمن فوهتان إحداهما فوهة العرق المتصل بالكبد … وعلى هذه الفوهة أغشية ثلاثة تنفتح عند دخول الدم منها ثم تنسد انسداداً محكماً … والفوهة الثانية هي فوهة العرق الذي يتصل من هذا التجويف بالرئة ، وهو عرق غير ضارب ، إلا أن أغشيته غلاظ هي شبيهة بالشريان ، وعلى هذه الفوهة أغشية تنفتح إلى خارج ولا تنفتح إلى داخل بخلاف الأغشية التي على الفوهة الأخرى ، وفي البطن الأيسر فوهتان )) .
(( وأما إحدى الفوهتين في البطن الأيسر وهي فوهة الشريان العظيم ( الأبهر ) فإنه جعلت فيه تلك الأغشية الثلاثة تنفتح من داخل إلى خارج لكي يخرج منها الدم إلى الشرايين ثم لا يعود ، والفوهة الأخرى التي في هذا الجانب هي فوهة الشريان الذي يتصل بالرئة ومن هذا الشريان يكون تنفسه ( أي تنفس القلب ) ولذلك جعلت تلك الأغشية تنفتح من خارج إلى داخل )) .
9 . تشريح الأقنية الصفراوية عند ابن النفيس : يقول جالينوس في ذلك (( … سترى عند التسلخ ) القناة التي تجري من حويصلة الصفراء إلى بداية المعا الإثني عشر تحت البواب
بقليل ، سترى في بعض الحيوان النقطة التي تتضخم فيها نهاية المعي الدقيق حول
البواب … وفي الوقت نفسه سترى قناة صغيرة تذهب أسفل مع الوريد الذاهب إلى الإثني عشر يتجه إلى الأسفل … )) .
ويكرر ابن سينا الخطأ نفسه ، وإذا عدنا إلى كتاب أندريا فيزاليوس ( 1514 – 1564 م ) الذي يعتبره الغرب مؤسس علم التشريح ، نجده يقع في الخطأ نفسه . وكذلك فعل ليوناردو دافنشي ( 1452 – 1519 م ) في رسومه التشريحية الشهيرة ، كرروا جميعاً خطأ جالينوس …… ما عدا ابن النفيس الذي يقول منتقداً جالينوس الذي ادعى أن (( المرارة ينفذ منها إلى الأمعاء مجرى آخر تنفذ فيها ما ينفذ لا إلى المعدة ولا إلى الأمعاء )) .
يقول الدكتور سلمان قطاية : (( وكلامه هذا هو الحق وهكذا فقد صحح ابن النفيس خطأ جالينوس قبل المشرحين الغربيين بعدة قرون )) ، فهو يقول أنه شاهد المرارة مراراً ، معنى ذلك أنه شاهدها عياناً وعلى الإنسان ، لأن جالينوس يقول إنك سترى في بعض الحيوان ، لذلك أخطأ ، ولأن ابن النفيس شرح الإنسان ( وهذا ما لسنا متيقنين منه ) استدرك الخطأ .
هذا اكتشاف جديد يضاف إلى اكتشاف ابن النفيس للدورة الدموية الصغرى .
10 . الرازي : هو أول من قال بوجود الفرع الحنجري للعصب الصاعد وقد لاحظ بأنه يكون بفرعين في الجهة اليمنى في بعض الأحيان .
11. التشريح المرضي : قال ابن النفيس في ذلك (( تشريح العروق الصغيرة في الجلد يعسر في الأحياء لتألمهم ، وفي الموتى الذين ماتوا من أمراض تقلل الدم كالإسهال والدق والنزف ، وإنه يسهل فيمن مات بالخنق لأن الخنق يحرك الروح والدم إلى الخارج فتنفتح العروق ، على أن هذا التشريح ينبغي أن يعقب الموت مباشرة لتجنب تجمد الدم )) .
وأورد الزهراوي في كتابه التصريف عن التشريح المرضي فقال (( …… وضرورة تشريح الأجسام بعد الموت لمعرفة سبب الوفاة للانتفاع بهذه النتائج في الأحوال المماثلة ))
هذا الكلام إن دل على شئ فإنما يدل على ممارسة هذا النوع من التشريح من قبل الأطباء العرب والمسلمين ، والذي يعتبر اليوم من الأركان الأساسية في دراسة الطب خاصة الطب الشرعي لمعرفة سبب الوفاة.
12 . وأخيراً لابد من أن نذكر مثالاً فريداً لتأثير التراث الإسلامي على الغرب . وذلك أن مؤسس علم التشريح أندرياس فيساليوس Andreas Vesalius نشر في عام 1538 م جداوله التشريحية الستة كدراسة تمهيدية لمؤلفه الرئيسي المعروف باسم (( الصنعة Fabrica )) الذي كتبه في عام 1543 م . وقد ورد في النص اللاتيني لهذه الجداول عدد كبير من المصطلحات العربية …. وهكذا حملت جداول فيساليوس التشريحية التراث العربي في الطب إلى مطالع العصور الحديثة .
(( وأجريت أول عملية تشريح في باريس في سنة 1478 أو 1494 ، أي نحو مائتي سنة بعد وفاة ابن النفيس ، وبني مدرج للتشريح في بادوا في سنة 1490 ، وفي مونبليه في فرنسا في سنة 1551 ، وفي بازل في سويسرا في سنة 1588 ( ثلاثمائة سنة بعد وفاة ابن النفيس ) وفي باريس في سنة 1608 ، وفي بولونيا في سنة 1637 )) .
dr grioui
19-01-2011, 12:12
البيروني شهد له التاريخ بالنبوغ
http://www.moheet.com/image/16/225-300/164237.jpg
عالم مميز، ولا تكفي كلمة عالم للتعبير عما يعنيه هذا الرجل فهو موسوعة علمية متكاملة
تنوعت مجالات معرفته فهو مؤرخ ، جغرافي، فلكي، رياضي، فيزيائي، ومترجم،
يقف العديد من العلماء أمام علمه الغزير موقف الاحترام والتبجيل ويتساوى في هذا العلماء العرب
والأوربيين الذي أذهلهم البيروني بأبحاثه العلمية واكتشافاته، والتي تساهم إلى اليوم في خدمة العلماء
في مختلف المجالات سواء رياضية أو تاريخية جغرافية أو فلكية.
برز البيروني كأشهر شخصية علمية على مر العصور المختلفة كما برزت مؤلفاته كواحدة من أهم المؤلفات
العلمية التي أثرت المكتبات، واعتبرها العلماء إرث من المعرفة تركها لهم البيروني لينهلوا منه العلوم المختلفة.
النشأة
هو أبو الريحان محمد بن أحمد الخوارزمي " البيروني"، ويأتي لفظ بيرون من الفارسية ويعني
"ظاهر" أو "خارج" ، ولد البيروني في 4 سبتمبر عام 973م في مدينة كاث عاصمة خوارزم
"تقع خوارزم حالياً في أوزبكستان ".
عرف عن البيروني منذ الصغر حبه للرياضيات والفلك والجغرافيا وأخذ علومه عن العديد من العلماء
المميزين منهم أبي نصر منصور بن علي بن عراق وهو أحد أمراء أسرة بني عراق الحاكمة لخوارزم
وكان عالماً مشهوراً في الرياضات والفلك، كما عمل البيروني على دراسة عدد من اللغات حتى أتقنها
وكان من هذه اللغات الفارسية والعربية والسريانية واليونانية.
رحلته مع العلم
http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file26944/3_96_1213_7.jpg
رحل البيروني من خوارزم إلى "الري" نتيجة لحدوث بعض الاضطرابات في خوارزم
وكان هذا في عام 994م، التقى في "الري" بالعالم الفلكي " الخوجندي " حيث أجرى معه
بعض الأرصاد والبحوث الفلكية، وبعد ذلك عاد إلى بلاده مرة أخرى حيث واصل عمله وأبحاثه
في الأرصاد، سافر مرة أخرى إلى " جرجان" عام 998م حيث التحق ببلاط السلطان قابوس بن وشمكير
وكان محباً للعلم والعلماء ويزخر بلاطه بالعديد من العلماء المتميزين في شتى فروع العلوم والمعرفة،
كما كانت لديه مكتبة ثرية بالكثير من الكتب القيمة.
التقى البيروني في هذه الفترة بالعالم الجليل ابن سينا وناظره، كما اتصل بالطبيب الفلكي أبي سهل عيسى
بن يحيي المسيحي، حيث تلقى عنه العلم كما شاركه في بحوثه العلمية.
كانت الفترة التي قضاها البيروني في بلاط السلطان قابوس بن وشمكير فترة ثرية بالنسبة له
حيث درس فيها وقام بعمل الأبحاث العلمية المختلفة كما التقى بالعديد من العلماء المتميزين
وكانت واحدة من إنجازاته الهامة هي قيامه بتأليف إحدى مؤلفاته الكبرى وهي "الآثار الباقية من القرون الخالية"
وهو كتاب تاريخي يضم التواريخ والتقويم التي كان العرب والروم والهنود واليهود يستخدمونها قبل الإسلام،
كما يقوم بتوضيح تواريخ الملوك من عهد آدم حتى وقته، كما يوجد به جداول تفصيلية للأشهر
الفارسية والعبرية والرومية والهندية، وتوضيح كيفية استخراج التواريخ بعضها من بعض.
العودة للوطن
مكث البيروني في جرجان فترة من الزمن استطاع أن ينجز فيها العديد من الخطوات العلمية الهامة،
كان خلالها موضع دائم للتقدير والاحترام، قامت بعد ذلك ثورة في جرجان قامت بالإطاحة ببلاط السلطان
قابوس وذلك في عام 1009م، فقام البيروني بالعودة مرة أخرى إلى وطنه واستقر بمدينة "جرجانية"
التي أصبحت عاصمة للدولة الخوارزمية، التحق بعد ذلك بمجلس العلوم الذي أقامه الأمير مأمون بن مأمون
أمير خوارزم والذي كان يضم العديد من العلماء المتميزين منهم ابن سينا، وابن مسكويه المؤرخ والفليسوف.
ومن خلال التحاق البيروني بمجلس العلوم هذا حظي بمنزلة عالية وقدر رفيع عند أمير خوارزم
الذي عرف قدر البيروني كعالم جليل فاتخذه مستشاراً له وأحاطه برعايته، وفي خلال هذه الفترة
واصل البيروني تحصيله للعلم وإجراء بحوثه الفلكية، حتى كان الاستيلاء على خوارزم من قبل
السلطان محمود الغزنوني والذي قام بضمها إلى ملكه فانتقل البيروني إلى بلاطه ورحل مرة
أخرى في عام 1016م إلى غزنة "تقع جنوب كابول بأفغانستان".
ما بين غزنة والهند
http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file26944/1_96_1213_7.jpg
استغل البيروني انتقاله بين العديد من الدول في التعرف على المزيد من العلوم وتوسيع دائرة علومه
فخلال الفترة التي قضاها بعد ذلك في " غزنة " اشتغل بالفلك وغيره من العلوم، كما أفادته مرافقته
للسلطان محمود الغزنوي في فتوحاته في بلاد الهند حيث تعرف على علومها ودرسها كما قام بتعلم
اللغة الهندية واتصل بعلمائها، ودرس الطبيعة الجغرافية الخاصة بها، بالإضافة لدراسته للعادات والتقاليد
والمعتقدات الخاصة بالبلد، لم يكن البيروني يضيع أي فرصة لاكتساب علوم جديدة فكانت المعرفة تلاحقه
في أي مكان يرسو فيه وكان هو لا يسمح بأن يفوته شيء منها.
أثمرت الفترة التي قضاها في الهند عن كتاب آخر انضم للإرث الضخم من الكتب والعلوم التي تركها لنا
البيروني وكان هذا الكتاب بعنوان " تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة" حيث تناول فيه
الحضارة الهندية والجغرافيا والتقاليد والديانة وغيرها من العلوم الخاصة بهم،
وساعده في ذلك دراسته للغة الهندية.
حظي البيروني بالتقدير والإعجاب من قبل الحكام الغزنويين كافة فبعد وفاة السلطان محمود الغزنوي
والذي كان يحيطه باهتمامه تقديرا لعلمه الغزير، تولى بعده ابنه السلطان مسعود بن محمود الغزنوي
والذي ظل أيضاً يبجل البيروني وأحاطه بالعناية والتقدير الذي يستحقه عالم بمكانة البيروني العلمية.
قام البيروني بتأليف موسوعة في علم الفلك قام بتسميتها " القانون المسعودي في الحياة والنجوم"
هذا الكتاب الذي يعد موسوعة ضخمة في العلوم وقام بإهدائها إلى السلطان مسعود الغزنوي الذي
أعجب بهذا العمل القيم وقام بمكافأة البيروني، ولكن البيروني الذي طالما بذل حياته من أجل
خدمة العلم والمعرفة أعتذر عن قبول الهدية وأوضح أنه يخدم العلم من أجل العلم فقط
وليس من أجل المال.
المؤلفات
http://www.moheet.com/image/fileimages/2007/file26944/2_96_1213_7.jpg
تمكن البيروني من تأليف العديد من الكتب التي عرض فيها أبحاثه واكتشافاته والعديد من النواحي العلمية
في مختلف المجالات سواء فلكية أو تاريخية أو رياضية وغيرها من المجالات العلمية، هذه الكتب التي
أثرت الساحة العلمية كثيراً ومازالت يرجع إليها كمرجع هام في العديد من الأبحاث العلمية التي يقوم بها
العلماء الآن، تبلغ مؤلفاته المائة والعشرين ولقد ترجمت إلى العديد من اللغات منها
الإنجليزية، الفرنسية وغيرها من اللغات.
نذكر من هذه الكتب :الرسائل المتفرقة في الهيئة - ويضم إحدى عشر رسالة في العلوم المختلفة.
الجماهر في معرفة الجواهر – يتضمن الكتاب العلوم الخاص بالمعادن.
استخراج الأوتار في الدائرة بخواص الخط المنحني فيها- وهذا الكتاب صدر في الهندسة،
كتاب العمل بالإسطرلاب، كتاب في تحقيق منازل القمر، كتاب المسائل الهندسية،
جمع الطرق السائرة في معرفة أوتار الدائرة.
تتنوع كتب البيروني في مختلف المجالات وبالإضافة لقيامه بتأليف العديد من الكتب فقد قام أيضاً
بمهمة الترجمة لعدد من الكتب وذلك نظراً لإلمامه بعدد من اللغات ، فقام بنقل بعض الكتب
من التراث الهندي والتراث اليوناني إلى اللغة العربية منها كتاب أصول إقليدس، وكتاب المجسطي لبطليموس.
التكريم
حصل البيروني على التكريم سواء في فترة حياته أو بعد وفاته من العديد من الهيئات العلمية
التي قدرت جهوده العظيمة في مجال العلم، فقامت أكاديمية العلوم السوفيتية في عام 1950م
بإصدار مجلد تذكاري عنه بمناسبة مرور ألف سنة على مولده، وفي جمهورية أوزبكستان الإسلامية
تم إنشاء جامعة باسم البيروني في العاصمة طشقند، وذلك تقديراً لجهوده العلمية، كما تم إقامة تمثال له
يخلد ذكراه في المتحف الجيولوجي بجامعة موسكو، كما تم إطلاق اسمه على بعض معالم القمر
من بين 18 عالماً إسلامياً، وذلك تقديراً لجهوده في علم الفلك.
قالوا عن البيروني
قال عنه المستشرق سخاو: "إن البيروني أكبر عقلية في التاريخ"، ويصفه عالم آخر بقوله:
"من المستحيل أن يكتمل أي بحث في التاريخ أو الجغرافيا دون الإشادة بأعمال هذا العالم المبدع".
عشق البيروني العلم والمعرفة حتى آخر أنفاسه في هذه الدنيا ففي كتاب "معجم الأدباء"
يروي المؤرخ الكبير ياقوت الحموي موقف ما حدث قبل وفاة البيروني بلحظات وهذا الموقف
يصفه القاضي علي بن عيسى فيقول " دخلت على أبي الريحان وهو يجود بنفسه قد حَشْرَج نفسُه،
وضاق به صدره، فقال لي وهو في تلك الحال: كيف قلت لي يومًا حساب المجدَّات الفاسدة
"من مسائل المواريث" فقلت له إشفاقًا عليه: أفي هذه الحالة! قال لي: يا هذا أودّع الدنيا وأنا عالم
بهذه المسألة، ألا يكون خيرًا من أن أخلّيها وأنا جاهل لها؛ فأعدت ذلك عليه، وحفظه…
وخرجت من عنده وأنا في الطريق سمعت الصراخ ".
الوفاة
جاءت وفاة البيروني في غزنة وذلك في 12 ديسمبر 1048م، بعد أن كرث حياته لخدمة العلم،
فيتذكره العلماء الآن من خلال تاريخه العلمي الحافل والمؤلفات العلمية التي يرجعون إليها
كمادة هامة في الأبحاث المختلفة.
dr grioui
19-01-2011, 12:20
إبن رشد
نبذة:
هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد الأندلسي القرطبي،
ولد سنة 520 هجرية، اشتهر بالطب والفلسفة والرياضيات والفلك،
توفي سنة 1198 ميلادية.
سيرته:
كان فيلسوفا، طبيباً، وقاضي قضاة.. كان نحويا. لغوياً، محدثاً بارعاً
يحفظ شعر المتنبي وحبيب ويتمثل به في مجالسه..
وكان إلى جانب هذا كله. متواضعاً، لطيفاً، دافئ اللسان، جم الأدب،
قوي الحجة، راسخ العقيدة، يحضر مجالس حلفاء "الموحدين"
وعلى جبينه أثار ماء الوضوء.
لم يكن "ابن رشد" غمراً مبتوت النسب، فوالده وجده وُلِّيا قبله قضاء
"قرطبة"، المدينة التي أحبته وعشقها.
لم يجلس "ابن رشد" على عرش العقل العربي بسهولة ويسر،
فلقد أمضى عمره في البحت وتحبير الصفحات، حتى شهد له معاصروه
بأنه لم يدع القراءة والنظر في حياته إلا ليلتين اثنتين: ليلة وفاة أبيه وليلة زواجه.
لا، لم يكن "أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد
القرطبي الأندلسي، من المتسلقين وطلاب الشهرة. ولكنه كان من المؤمنين
"بالكمال الإنساني" عن طريق المعرفة.. فعنده أن تمييز الإنسان
بالمخلوق العاقل الناطق تتم لنسبة ما يحصله من عتاد ثقافي معارفي.
أخذ الطب عن أبي جعفر هارون وأبي مروان بن جربول الأندلسي.
ويبدو أنه كان بينه وبين أبي مروان بن زهر، وهو من كبار أطباء عصره،
مودّة، وأنه كان يتمتع بمكانة رفيعة بين الأطباء.
وبالرغم من بروز ابن رشد في حقول الطب، فإن شهرته تقوم على نتاجه
الفلسفي الخصب، وعلى الدور الذي مثّله في تطور الفكر العربي من جهة،
والفكر اللاتيني من جهة أخرى.
عكف فيلسوفنا على نصوص "المعلم الأول" يستجليها ويلخصها،
حتى اقتنع بأنها الفلسفة الحقة، والحكمة الكاملة الواقية،
وهنا استقر رأيه على مشروعين: أولهما التوفيق بين الفلسفة والشريعة
وتصحيح العقيدة مما علق بها -في ظنه- من مخالطات المتكلمين و
"تشويش" الإمام الغزالي بالذات (1176 – 1182)،
وثانيها تطهير فلسفة أرسطو مما شابها من عناصر غريبة عنها،
والمضي بها قدماً. عن طريق طرح الحلول لمشاكل مستقبلية
قد تعترض سبيلها (1182 - 1194).
تولّى ابن رشد منصب القضاء في اشبيلية، وأقبل على تفسير آثار أرسطو،
تلبية لرغبة الخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف، وكان قد دخل في خدمته
بواسطة الفيلسوف ابن الطفيل، ثم عاد إلى قرطبة حيث تولى منصب
قاضي القضاة، وبعد ذلك بنحو عشر سنوات أُلحق بالبلاط المراكشي
كطبيب الخليفة الخاص.
لكن الحكمة والسياسة وعزوف الخليفة الجديد
(أبو يوسف يعقوب المنصور 1184 - 1198) عن الفلاسفة،
ناهيك عن دسائس الأعداء والحاقدين، جعل المنصور ينكب فيلسوفنا،
قاضي القضاة وطبيبه الخاص، ويتهمه مع ثلة من مبغضيه بالكفر والضلال
ثم يبعده إلى "أليسانه" (بلدة صغيرة بجانب قرطبة أغلبها من اليهود)،
ولا يتورع عن حرق جميع مؤلفاته الفلسفية،
وحظر الاشتغال بالفلسفة والعلوم جملة، ما عدا الطب، والفلك، والحساب.
كانت النيران تأكل عصارة عقل جبار وسحط اتهام الحاقدين بمروق الفيلسوف،
وزيغه عن دروب الحق والهداية...
كي يعود الخليفة بعدها فيرضى عن أبي الوليد ويلحقه ببلاطه،
ولكن قطار العمر كان قد فات إثنيهما فتوفي ابن رشد والمنصور
في السنة ذاتها (1198 للميلاد)، في مراكش.
من مؤلفات ابن رشد
تقع مؤلفات ابن رشد في أربعة أقسام: شروح ومصنفات فلسفية وعملية،
شروح ومصنفات طبية، كتب فقهية وكلامية، وكتب أدبية ولغوية.
أحصى جمال الدين العلوي 108 مؤلف لابن رشد،
وصلنا منها 58 مؤلفاً بنصه العربي.
وابن رشد كان قد كتب المقالات، وألف الكتب،
وشرح النصوص الكثيرة ولكنه اختص بشرح كل التراث "الأرسطي".
وشروحه على أرسطو تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
مختصرات وجوامع: وهي عبارة عما فهمه ابن رشد من
"أرسطو" دون أن يتعلق الشرح بالنص مباشرة.
تلاخيص: وتسمى أيضاً شروح صغرى: وهي عبارة عن مواكبة أرسطو
دون إيراد متونه.
شروح كبرى: وفيها يورد ابن رشد قول الحكيم، ثم يأتي بالشرح المسهب -
وهاهي بعض الكتب المؤلفات المهمة بتواريخ كتابتها التقريبية:
الكليات 1162: كتاب في أصول الطب
بداية المجتهد ونهاية المقتصد : كتاب في أصول الفقه
تلخيص القياس : شرح صغير
تلخيص الجدل : شرح صغير
جوامع الحس والمحسوس
تلخيص الجمهورية : وهو تلخيص "لجمهورية أفلاطون".
أصله العربي مفقود ولكنه ترجم في 1999
مقالة في العلم الإلهي 1178
فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال :
وهو تأصيل لشرعية الفلسفة. من أشهر كتبه
الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة
: يحاول تصحيح العقيدة الإسلامية
شرح أرجوزة ابن سينا في الطب 1180
تهافت التهافت : نقض كتاب الإمام الغزالي المسمى "تهافت الفلاسفة". من أشهر كتبه
شرح البرهان : شرح كبير على أرسطو
شرح السماء والعالم : شرح كبير على أرسطو
شرح كتاب النفس : شرح كبير على أرسطو
شرح ما بعد الطبيعة : لعله أغنى شروحه، وأكثر إنتاجه إبداعاً. من أشهر كتبه
مؤلفات إضافية: تلخيص كتاب المزاج لجالينوس،
كتاب التعرّق لجالينوس، كتاب القوى الطبيعية لجالينوس،
كتاب العلل والأعراض لجالينوس، كتاب الحمّيات لجالينوس،
كتاب الاسطقسات لجالينوس، تلخيص أول كتاب الأدوية المفردة لجالينوس،
تلخيص النصف الثاني من كتاب حيلة البرء لجالينوس، مقالة في المزاج،
مقالة في نوائب الحمّى، مقالة في الترياق.
dr grioui
19-01-2011, 12:22
ثابت بن سنان
جمع "ثابت بن سنان" بين عدد كبير من العلوم الإنسانية والتطبيقية،
فكان مؤرخًا فيلسوفًا وأديبًا، كما كان طبيبًا وفلكيًا ورياضيًا،
وكانت له بصمات واضحة في تلك العلوم والفنون،
بالرغم من أنه لم يحقق قدرًا كبيرًا من الشهرة،
ولم يبلغ ما بلغه جده "ثابت بن قرة الحراني" من الشهرة والذيوع.
نشأة علمية في أسرة عريقة
ولد "أبو الحسن ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة" في أسرة عريقة،
اشتهرت بالعلم والطب، ونشأ في بغداد حاضرة الخلافة الإسلامية،
وموطن العلم وقبلة العلماء، كان أبوه "سنان" طبيبًا ماهرًا،
وقد خوله الوزير "أبو عيسى بن الجراح" مهمة الإشراف
على علاج المساجين في سجون الدولة، وتوفير الدواء والرعاية الصحية لهم.
كما قلده البيمارستانات ببغداد وغيرها، فكان يقوم بعمله بمهارة وإتقان جعلته
موضع ثقة الوزير "علي بن عيسى" والخليفة "المقتدر بالله العباسي".
وكان جده هو الطبيب المعروف "ثابت بن قرة" الذي برز كواحد من أكبر الأطباء
والمترجمين في القرن (3هـ = 9م)، والذي كان يتميز بالبراعة والذكاء،
وقد روي عنه حفيده "ثابت بن سنان" قصة طريفة مؤداها أنه كان يمر في طريقه
دائمًا بجزار يبيع اللحم، وكانت له عادة غريبة، فهو يقطع شرائح الكبد ويضع عليها
الملح ثم يتناولها نيئة. وتوقع "ثابت" له أن يصاب بأذى، فجهّز الدواء اللازم له،
وكان يحمله معه كلما مر عليه، وفي أحد الأيام مر ثابت بالجزار
فسمع صراخًا وعويلاً، فأدرك أنه صار إلى ما توقعه له وعندما سأل عن الخبر
قيل له: إن الجزار قد مات، فطلب الدخول عليه، وعلى الفور بدأ بتنشيط نبض الرجل
وأعطاه الدواء الذي أعده خصيصًا له، وسرعان ما أفاق الرجل وبدأ يستعيد نشاطه وحيويته.
في بلاط العباسيين
وقد عاصر "ثابت بن سنان" عددًا كبيرًا من الخلفاء العباسيين، وكانت له مكانة
وحظوة في بلاط كثير منهم، وجعل علمه وخبرته ومهارته في خدمتهم،
فاتصل بالخليفة "الراضي" [320-322هـ = 932-943م]،
كما خدم الخليفة "المتقي بالله" [329-333هـ = 941-944م]،
وكذلك الخليفة "المستكفي بالله" [333-334هـ = 944-945م]،
والخليفة "المطيع" [334-363هـ = 945-974م].
وتولى "ثابت بن سنان" إدارة بيمارستان بغداد فترة طويلة من الزمان.
وكان "ثابت" طبيبًا نبيلاً، اطلع على كتب الأقدمين،
وأضاف إليها العديد من خبراته ومشاهداته،
وقد ساعده على التبحر في علوم الطب أنه نشأ في أسرة توارثت هذا العلم،
وقد سلك فيه مسلك جده "ثابت" في نظره في الطب والفلسفة.
ابن سنان مؤرخًا
ولم يمنع اشتغال ثابت بالطب من اشتغاله بعلم آخر بعيد تمامًا عن مجال الطب،
وهو علم التاريخ، وقد وضع "ثابت" كتابًا مشهورًا في التاريخ،
أخذ عنه كثير من المؤرخين الذين جاءوا من بعده، وكان كتابه هذا
يسجل فترة مهمة من التاريخ الإسلامي في العصر العباسي،
بدأه من خلافة المقتدر بالله العباسي سنة [295هـ = 908م]
وانتهى قبيل وفاته بنحو عامين سنة [363هـ = 974م]،
وقد جعله ذيلاً على "تاريخ الطبري"، ونسج فيه على منواله،
واتبع طريقته في التصنيف، إلا أن هذا الكتاب فُقد،
ولم يصلنا منه سوى بعض النقول ولكن تظل مهنة الطب
هي المسيطرة على فكر ابن سنان وثقافته فهي تطل من ثنايا كتاباته في التاريخ،
وبدا جليًا تأثره الواضح بمهنته كطبيب، فكان يهتم بالأخبار الطبية الطريفة،
فينساب قلمه في وصفها شارحًا ومحللاً،
من ذلك قوله: "حدثني جماعة من أهل الموصل ممن أثق به أن بعض بطارقة
الأرمن أنفذ في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة إلى ناصر الدولة رجلين من الأرمن ملتصقين".
ويهتم "ثابت" بوصف صفة التصاق التوأمين، وكيفية تحركهما وتناولهما الطعام،
ويتحدث عن اختلاف طبائعهما وتباين مزاجهما، واختلافهما في الميول والاهتمامات.
وفي موضع آخر
يقول: "ورأيت في صدر أيام المقتدر ببغداد امرأة بلا ذراعين ولا عضدين،
وكان لها كفان بأصابع تامة معلقتان رأس كتفيها لا تعمل بهما شيئًا.
وكانت تعمل أعمال اليدين برجليها ورأسها تغزل برجلها
وتمد الطاقة وتسويها وتسرّح امرأة برجليها".
ابن سنان معلمًا وطبيباً
وكان "ثابت بن سنان" أستاذًا للعديد من الدارسين والأطباء،
وكان يدرس كتب أبقراط وجالينوس،
وكان أحمد وعمر ابنا يونس بن أحمد الحراني ممن قرأ
عليه كتب جالينوس في بغداد، كما شارك في ترجمة كثير من الكتب
الطبية من اللغات السريانية واليونانية وشرحها وإضافة معلومات جديدة إليها.
وكان لبراعته ومهارته وعلمه أكبر الأثر في توليه رئاسة بيمارستان بغداد
خلفًا لأبيه ليكون عميدًا لأطباء بغداد.
وتوفي "ابن سنان" في [11 من ذي القعدة 365هـ = 11 من يوليو 975م].
وقد رثاه "أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابئ" بأبيات، منها:
أثابت بن سنان دعوة شهدت
لديها أنه ذو علة أسف
ما بال طبك لا يشفي، وكنت به
تشفي العليل إذا ما شفّه الدنف
غالتك غول المنايا فاستكنت لها
وكنت ذا يدها والروح تختطف
dr grioui
20-01-2011, 00:22
ابن بطوطة شاهد على عجائب البلدان
http://www.moheet.com/image/36/225-300/364589.jpg
ابن بطوطة هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن إبراهيم الطنجي، رحالة شهير لف معظم بلاد العالم
وأتى بمغامرة من كل بلد منها، من منا لا يريد أن يكون مثل هذا الإنسان الرائع الذي قام بزيارة العديد
من البلدان حيث تعرف على ثقافات متنوعة وعادات وتقاليد مختلفة منها الطبيعي ومنها الغريب،
والأجمل من كونه قام بزيارة هذه البلدان هو قيامه بتسجيل ما رآه فيها في كتاب شهير قام بكتابته له ابن الجوزي
هو الكتاب الذي يعرف باسم "رحلات ابن بطوطة"، حيث أصبح هذا الكتاب بعد ذلك دليلاً لكثير من المهتمين
بالإطلاع على كل ما يتعلق بثقافات البلاد الأخرى.
قضي ابن بطوطة في رحلاته هذه حوالي ثلاثين عاماً تعرض فيهم للعديد من الأحداث، منها العديد من الأحداث
التي تعرضت فيها حياته للخطر، ومن خلال كتابه قام بإعطاء وصف دقيق لكل ما صادفه في رحلته من أماكن
وشخصيات ومعالم وأحداث وغيرها من الأمور الشيقة التي قام بتناولها.
النشأة
ولد ابن بطوطة في مدينة طنجة بالمغرب في عام 1304م، وقام بدراسة الشريعة
وقرر وهو في الحادية والعشرين من عمره وذلك في عام 1325م أن يخرج لأداء فريضة الحج،
وعزم أنه في أثناء رحلته هذه سوف يعمل على التوسع في دراسة الشريعة في بلاد العرب.
عشق ابن بطوطة السفر منذ الصغر ومما حببه به أكثر الكتب التي تداولها العرب والتي يوجد بها
العديد من أخبار البلدان ومعالمها مثل كتاب "المسالك والممالك" لابن خرداذبة، و"مسالك الممالك "
للأصطخري والتي تتناول البلدان من الناحية التاريخية والجغرافية.
وعرف العرب باهتمامهم بالرحلات ووصف البلاد التي قاموا بزياراتها وذلك من أجل معرفة
المزيد من العلوم والمعارف ونقلها إلى العربية وكانت تفيد هذه الرحلات في نقل الثقافات
والعادات المختلفة بين البلاد المختلفة بالإضافة للتعرف على شعوب جديدة.
إصرار وعزيمة
على الرغم من الأخطار والأهوال التي عرف ابن بطوطة أنه سوف يتعرض لها أثناء رحلته
خاصة أنه سوف يتوجه إلى بلاد غريبة وسوف يدخل إليها لأول مرة إلا أن هذا لم يثني من عزيمته،
فقرر بمنتهى العزم أن يبدأ رحلته ويكملها إلى نهايتها، فبدأ هذه الرحلة وحيداً ثم أنضم بعد ذلك
لقافلة من التجار وواصل الرحلة هكذا، وكلما يمضي قدماً ينضم إليه آخرين.
في بداية رحلته وبالتحديد في مدينة بجاية تعرض ابن بطوطة للمرض وأصابه الضعف الشديد
ولكنه أصر على مواصلة المسير مفضلاً الموت وهو متوجه لمكة للحج عن التخلف عن القافلة.
http://www.moheet.com/image/36/225-300/364228.jpg
خريطة عامة لرحلة ابن بطوطة
رحلاته
قام ابن بطوطة بثلاث رحلات خلال حياته بدأت الرحلة الأولى من المغرب وبالتحديد
من طنجة وباتجاه شمال إفريقيا حتى الإسكندرية ومنها إلى دمياط فالقاهرة، ثم تابع سفره
في النيل إلي أسوان فعيذاب على البحر الأحمر ومنها قام بالإبحار حتى وصل إلى جدة ،
ثم عاد إلى القاهرة فدمشق عبر فلسطين، ثم سار إلى اللاذقية فحلب واتجه مع قافلة حجاج
إلي مكة المكرمة، توجه بعد ذلك إلي العراق ثم فارس وحج للمرة الثانية ثم أنطلق من مكة
إلى اليمن فالبحرين ومنها إلى مكة ورجع للقاهرة.
بدأت رحلة ابن بطوطة الثانية باتجاه الشمال فزار الشام ودخل أسيا الصغرى وبلغ سينوب
على البحر الأسود ثم عبرها إلى جزيرة القرم وزار جنوب روسيا قبل أن ينتقل لأرض البلغار
ومنها عاد إلى فارس ودخل أرض الهند، وفي الهند أقام سنوات في خدمة السلطان،
ثم زار كل من سيلان وأندونيسيا وكانتون في الصين، وعاد من سومطرة إلى ظفار بحراً
وانتقل برا إلى فلسطين، ثم رحل باتجاه بلاده عبر مصر فتونس وفي طريقه زار سردينا بحراً،
وخلال زياراته لفاس عبر مضيق جبل طارق وزار الأندلس، وكانت الرحلة الثالثة إلى
أعماق إفريقيا وحتى مالي ثم عاد إلى فارس بعد أن خاض الكثير من المشاق.
قام ابن بطوطة بوصف مفصل لكل ما صادفه في طريقه، وذكر جميع الأحداث التي مرت به
فذكر الطريق والبلاد والقصور وأبواب المدن ومعالمها والأشخاص الذين مروا عليه والأحداث
التي حدثت بينهم سواء تشاجر مع أحد أو تقابل مع أخر فأكرمه، حتى فترات مرضه ذكرها أيضاً
ولم يغفل نقطة مهما كانت بساطتها، فلم يترك ابن بطوطة بلداً مر فيه إلا وصفه
وذكر أهله وحكامه وعلمائه وقضاته.
http://www.moheet.com/image/46/225-300/465120.jpg
مما قاله في وصف البلاد
يقول في وصفه لمدينة الإسكندرية "ثم وصلنا في أول جمادى الأولى إلى مدينة الإسكندرية حرسها الله،
وهي الثغر المحروس والقطر المأنوس، العجيبة الشأن الأصيلة البنيان، بها ما شئت من تحسين وتحصين،
ومآثر دنيا ودين، كرمت مغانيها ولطفت معانيها وجمعت بين الضخامة والإحكام مبانيها"
ولقد بهرته أيضاً مدينة القاهرة ووصفها قائلاً " أم المدن, سيدة الأرياف العريضة والأراضي المثمرة,
لا حدود لمبانيها الكثيرة, لا نظير لجمالها وبهائها, ملتقى الرائح والغادي, سوق الضعيف والقوي...
تمتد كموج البحر بما فيها من خلق بالكاد تسعهم..."
كما سحرته دمشق وقال عنها "تنوع ونفقات الأوقاف الدينية في دمشق تتجاوز كل حساب،
هناك أوقاف للعاجزين عن الحج إلى مكة, ومنها تدفع نفقات من يخرجون للحج نيابة عنهم،
وهناك أوقاف أخرى توفر أثواب الزفاف للعرائس اللائي تعجز عوائلهن عن شرائها,
وأوقاف أخرى لعتق رقاب السجناء، وهناك أوقاف لعابري السبيل تدفع من ريعها أثمان
طعامهم وكسائهم ونفقات سفرهم لبلدانهم، كما أن هناك أوقافاً لتحسين ورصف الدروب,
لأن كل الدروب في دمشق لها أرصفة على جانبيها يمشي عليها الراجلون,
أما الراكبون فيمضون في وسط الدرب."
ومما قاله فيما رأه في وصف الهند "ولما انصرفت عن هذا الشيخ رأيت الناس يهرعون من عسكرنا،
ومعهم بعض أصحابنا فسألتهم ما الخبر فأخبروني أن كافراً من الهنود مات أججت النار لإحراقه ،
وامرأته تحرق نفسها معه، ولما احترقا، جاء أصحابي واخبروا أنها عانقت الميت حتى احترقت معه"
وفي جزر المليبار قال "ومن عجائبها أن سلطانتها امرأة وهي خديجة بنت السلطان جلال الدين،
وهم يكتبون الأوامر في سعف النخيل بحديدة معوجة تشبه السكين ولا يكتبون في الكاغد إلا المصاحف
وكتب العلم ولما وصلت إليها نزلت بجزيرة كنلوس وكان غرضي أن أسافر منها إلى المعبر
وسرنديب وبنجالة ثم إلى الصين "
وفات إبن بطوطه
توفى ابن بطوطة في مراكش، طبعت رحلته مراراً وهي باسم
" تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"
كما ترجمت فصول منها لعدد من اللغات الأجنبية.
dr grioui
20-01-2011, 00:36
يــاقَوتْ الحَموي
http://www.sahmy.com/uploaded/75986_1265575604.jpg
هوالشيخ الإمام شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي
أديب ومؤلف موسوعات. لا تذكر المراجع الأصيلة شيئاً عن تاريخ ميلاده،
إلا أنه من الثابت مولده في مدينة حماة في سوريا، والثابت أنه أخذ أسيراً من بلاد الروم
وحمل الى بغداد مع غيره من الأسرى، حيث بيع. فاشتراه تاجر غير متعلم ، يقال له
عسكر الحموي،
فنسب إليه، وسمي ياقوت الحموي. أهم مؤلفات ياقوت الحموي كتابه المعروف(معجم البلدان)الذي ترجم وطبع عدةمرات.
ياقوت الحموي(574 -626هـ / 1178 -1229م)
رحالة جغرافي أديب شاعر لغوي، وقد حفظ القرآن الكريم في مسجد متواضع
هو المسجدالزيدي بحارةابن دينارعلى يد مقرئ جيد وتعلم القراءة والكتابة والحساب،
وحين أتقن ياقوت القراءة والكتابة راح يتردد على مكتبة مسجد الزيدي يقرأ بها الكتب
وكان إمام الجامع يشجعه ويعيره الكتب ليقرأها.
وعلمه عسكر شئون التجارة وعمل معه بمتجره، وسافر معه إلى عدة بلاد وكانت أولى أسفاره
إلى جزيرة كيش في جنوب الخليج الفارسي،
وكانت جزيرة شهيرة في وقتها بالتجارة. وتوالت أسفار ياقوت إلى بلادفارس بلا دفارس
والشام والجزيرة العربية ومصر وفلسطين،
وحين اطمأن عسكر لخبرته بالتجارة مكث في بغداد وكان ياقوت يسافر بمفرده
وكان أثناء رحلاته يدون ملاحظاته الخاصة عن الأماكن والبلدان والمساجد والقصور
والآثار القديمة والحديثة والحكايات والأساطير والغرائب والطرائف.
وفي عام597هـ -1200م ترك ياقوت تجارة عسكر وفتح دكانا متواضعا
بحي الكرخ ينسخ فيه الكتب لمن يقصده من طلاب العلم،
وجعل جدران الدكان رفوفا يضع بها ما لديه
من الكتب التي اشتراها أثناء رحلاته أو الكتب التي نسخها بيده من مكتبة مسجدالزيدي.
وكان في الليل يفرغ للقراءة،وأدرك ياقوت
أهمية التمكن من اللغة والأدب والتاريخ والشعر فنظم لنفسه أوقات الدراسة اللغة على
يدابن يعيش النحوي،
والأدب على يدالأديب اللغوي العُكْبُري. وعندما بلغ ياقوت خمسا وعشري نسنة
وتمكن من العلوم المختلفة وشعر أن خبراته الجغرافية قد نضجت عاود السفرمرة أخرى،
وعمل في تجارة الكتب، فزار فارس ولقي علماءه اوأدباءها وسافر إلى الشاموزار
موطنه الأصلي حماة. وزار نيسابور وتزوج هناك ومكث عامين،
ولكنه لم يستطع الاستقرار طويلا فعاود السفر وتجارة الكتب مرة أخرى بين مدائن خراسان،
ومر بمدينة هراة وسرخس ومرو،وكانت مدينة جميلة،
فقرر أن يمكث بها فهي مركز ثقافي هام، وكان ياقوت يختبر ما يسمعه من أخبار
عن المدينة فقد سمع مثلا عنأه اليمرو أن هم بخلاء،
ولكنه وجدهم ليني الأخلاق، يؤثرون الاقتصاد والاعتدال ويكرهون الإسراف وفي مرو
وضع عددا من الكتب، وبدأ في إنجازمشروعه الكبير لتأليف معجم جغرافي
يدون به أسماء البلدان وما سمعه ورآه عنها محققا أسماءها ذاكرا لموقعها الدقيق
مراعيا الدقة والتحقيق ذاكرا خطوط الطول والعرض وموضحا لتاريخها وحكاياتها وأخبارها،
وهو: معجم البلدان ومع اجتياح المغول لمرو هرب ياقوت الحموي إلى
الموصل وأنجزبها معجم الأدباء، وسافر بعد ذلك إلى حلب وكان في رعاية واليها
الوزير والعالم المؤرخ الطبيب القفطي الذي رحب به
وجعل له راتبا من بيت المال وقد كان ياقوت معجبا بالوالي لعلمه فقد قرأ كتبه في بغداد،
وقضى ياقوت في حلب خمس سنوات أنهى فيها الكتابة الأولى
لمعجم البلدان وكـان قد بلغ من العم رخمسة وأربعين عاما.
ويروى أن سبب تأليف ياقوت لهذا المعجم أن سائلا قد سأله عن موضع سوق حُباشة بالضم
ولكنه نطقها بالفتح وأصر على صحة نطقه وتحقق ياقوت من صحة نطق الاسم فتأكد
منصواب نطقه هو للاسم فقرر أن يضع معجم اللبلدان.
وعاود ياقوت السفر مرة أخرى إلى سورية ومصر وفلسطين
وكان يودع دائما المعلومات الجديدة التي يجمعها في معجمه
فظل يصحح فيه ويضبطه إلى أن حان أجله عام626 هـ -1229م في حلب،
وقد طلب من صديقه المؤرخابن الأثيرأن يضع نسخة من كتابه في مكتبة مسجدالزيدي ببغدادالجامع
الذي شهد أولى مراحله التعليمية. وقد طلب القفطي منه أن يختصر المعجم لك نهرفض
لاعتقاده أن الاختصار يشوه الكتب ويفقدها الكثير من قيمتها العلمية.
ومن أهمم ؤلفاته في الجغرافيا:
مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع.
والمشترك وضعا من أسماء البلدان والمختلف صقع امن الأقاليم .
ومعجم البلدان . ومن مؤلفاته الأخرى: معجم الأدباء . المقتضب فيالنسب . أنساب العرب . أخبار المتنبي .
كما اشتهر له كتابه "إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب"، الذي جمع فيه أخبارالأدباء إلى أيامه،
ورتبهم فيه حسب حروف المعجم،
وأشار إلى من اشتغل منهم بالكتابة أو الوراقة أو النسخ أو الشعر.
ويعتبر الكتاب موسوعة ضخمة للأدباء. ذكر ياقوت فيم قدمته كتب التراجم الكثيرة التي استفاد منها،
وتدل القائمة الكبيرة التي ذكرها على أنه علم من أعلام مؤلفي الموسوعات في التاريخ.
كما يدل على ذلك أيضاً تأليفه كتاب "معجم البلدان"، وهو موسوعة جغرافية ضخمة تستغرق عدةمجلدات، رتبت هي الأخرى على حروف المعجم.
ويعالج المؤلف في كتابه هذاخمسة مواضيع رئيسية:
· ذكر صورة الأرض، وما قاله المتقدمون في هيئتها، والمتأخرون في صورتها.
· معنى الإقليم وكيفيته.
· البريد، الفرسخ، الميل، الكورة، وهي ألفاظ يكثر تكرارها.
· حكم الأرضين والبلادالمفتتحة في الإسلام.
· أخبار البلدان التي يختص ذكرهابموضع دونموضع
dr grioui
20-01-2011, 02:07
خالد بن يزيد بن معاوية
خالد بن يزيد بن معاوية (13 – 90 هـ) هو حفيد الخليفه الأموى الأول معاويه بن ابى سفيان وابن الخليفة الثاني يزيد بن معاويه. كان مهتماً بالعلوم وراعيا للمشتغلين بها، وهو أول من اهتم من العرب بعلم الكيمياء وترجم فيه الكتب.
كان من بيت للخلافه في دمشق وبعد أن تنازل أخوه معاويه بن يزيد وطلبها متنازعاً عليها مع عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم، فذهبت إلى مروان بن الحكم واتجه هو إلى طلب العلم، و خصوصاً علم الكيمياء فأصبح من أشهر العلماء العرب .
قال ابن النديم كان خالد بن يزيد بن معاوية فاضلا في نفسه له همة ومحبة للعلوم، خطر بباله حب الصنعة (الكيمياء) فأمر باحضار جماعة من فلاسفة اليونانيين إلى دمشق وقد تفصح بالعربية وأمرهم بنقل الكتب من اللسان اليوناني والقبطي إلى العربي. وهذا أول نقل وترجمة كان في الإسلام من لغة إلى لغة في عصر الدولة الأموية . وقال الجاحظ: خالد بن يزيد خطيب شاعر، وفصيح جامع، جيد الرأي، كثير الادب، وهو أول من ترجم كتب النجوم والطب والكيمياء. وقال الذهبى في سير الأعلام: كان من نبلاء الرجال، ذا علم وفضل وصوم وسؤدد. وقال ابن خلكان في وفيات الاعيان: كان من أعلم قريش بفنون العلم. وكان بصيرا بهذين العلمين: الطب والكيمياء متقناً لهما، وله نظم رائق.
وذكر الزهري أن خالد بن يزيد بن معاوية كان يصوم الأعياد كلها: الجمعة، والسبت، والأحد. جلب العلماء وأجرى عليهم المال ليترجموا العلوم الكيميائية والطبية من اللغات اليونانيه والقبطيه إلى العربيه، واهتم بعلم الكيمياء، كما اهتم بعلوم الطب والفلك. ساهم في ترسيخ الكيمياء كعلم بدلا عن الخيمياء واستفاد منها في الصيدلة وهو أول من استعمل علم الكيمياء لصناعة بعض الأدوية لخدمة الطب. قال الشعر، وألف العديد من الكتب والرسائل. و لُقب بحكيم بني أمية.
تزوج رملة بنت الزبير بن العوام. وفيها يقول في قصيدة مشهورة: أحب بني العوام طراً لأجلها = ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا فزاد أعدائه في الأبيات: فإن تسلمي نسلم وإن تتنصري = يحط رجال بين أعينهم صلبا وفي قصة مشهورة أن عبد الملك قال له: تنصرت يا خالد. فقال وما ذاك؟ فأنشده هذا البيت فقال له خالد: على من قاله ومن نحلنيه لعنة الله.
dr grioui
20-01-2011, 02:13
الجلدكي
' الجلدكي' عز الدين أيدمر علي الجلدكي هو كيميائى مسلم واسع الشهرة، وفي دائرة المعارف الإسلامية ورد اسم الجلدكي بأنه عز الدين أبدمر عبد الله الجلدكي .
يقول عنه احمد شوكت الشطى في كتابه مجموعة أبحاث عن تاريخ العلوم الطبيعة في الحضارة الإسلامية: «إن الجلدكى من العلماء المشهورين في علم الكيمياء ليس فقط بين علماء الغرب والمسلمين ولكن بين علماء الكيمياء بوجه عام».
ويقول عنه أ.ج.هولميارد في كتابه صانعو الكيمياء: «إن الجلدكي يعتبر بحق من العلماء الذين لهم دور عظيم في علم الكيمياء. واهتم الجلدكي اهتماما بالغا بقراءة ما كتب عن علم الكيمياء، فاتخذ من قراءاته وتحليله طريقة لبناء مسلك علمي في علم الكيمياء، وهذا ما يسمى بآداب علم الكيمياء العربية والإسلامية، وقام الجلدكى بتجارب علمية في حقل الكيمياء، وإن كان معظم عمله تحليليا، إلا أنه من العلماء الذين يدين لهم علماء العصر الحديث بالكثير».
اشتهر الجلدكى بدراسة تاريخ علم الكيمياء، ومن سبقوه من العلماء، فيقول عمر رضا كحالة في كتابه العلوم البحتة في العصور الإسلامية: «...إلا أن الجلدكى يعد من أعظم العلماء معرفة بتاريخ الكيمياء وما كتب فيها من قبله، وقد كان مغرما بجمع المؤلفات الكيميائية وتفسيرها، وكانت عادته أن ينقل عمن تقدموه من المشاهير كجابر بي حيان، وابى بكر الرازى فقرات كاملة؛ وبذلك يكون قد أدى لتاريخ الكيمياء في الإسلام خدمة جليلة، إذ دون في كتبه الحديثة نسبيًا ما قد اندثر وضاع من كتب سابقيه فكانت مصنفاته أفضل مصدر لمعرفة الكيمياء والكيميائيين في الإسلام».
له آراء مهمة في الكيمياء منها: أن المواد الكيميائية لا تتفاعل مع بعضها إلا بأوازن معينة، وهذا هو المفتاح الرئيسي في قانون النسب الثابتة في الاتحاد الكيميائي، وتوصل أيضا إلى فصل الذهب عن الفضه بواسطة حامش النيتريك، الذي يذيب الفضة تاركا الذهب الخالص. ويذكر أ. ج. هولميارد في كتابه الكيمياء حتى عصر دالتن: «إن الجلدكى توصل وبكل جدارة إلى أن المواد لا تتفاعل فيما بينها إلا بنسب وأوزان ثابتة».
ويضيف عبد الرازق نوفل في كتابه "المسلمون والعلم الحديث": «إنه وبعد خمسة قرون من وفاة الجلدكى أعلن العالم "براوست" قانون النسب الثابته في الاتحاد الكيميائي ومنطوقه هو نفس نظرية الجلدكى».
كما أعطى الجلدكي وصفا مفصلا لطريقة الوقاية والاحتياطات اللازمة من خطر استنشاق الغازات الناتجة عن التفاعلات الكيميائية، وهو بذلك يعد من أول من فكر في ابتكار واستخدام الكمامات في معامل الكيمياء. كما درس القلويات والحمضيات دراسة وافية وتمكن من تقديم بعض التحسينات على صناعة الصابون، وكما طور طريقة التقطير وهو أول من قال إن المادة تعطى لونا خاصا بها عند احتراقها.
اهتم بدراسة خواص الزئبق، وذلك لاعتقاده أن جميع الأحجار أصلها يرجع للزئبق.
dr grioui
20-01-2011, 02:14
ابن الشاطر
http://www.alittihad.ae/assets/images/Dunia/2009/09/07/260x195/10a-na-73300.jpg
العالم المسلم أبو الحسن علاء الدين بن علي بن إبراهيم بن محمد بن المطعم الأنصاري المعروف باسم ابن الشاطر (704 هـ/1304 م-777 هـ/1375 م)، عالم فلك ورياضيات سوري دمشقي مسلم. قضى معظم حياته في وظيفة التوقيت ورئاسة المؤذنين في الجامع الأموي ب دمشق. وصنع ساعة شمسية لضبط وقت الصلاة سماها "الوسيط" وضعها على إحدى مآذن الجامع الأموي. صحح نظرية بطليموس، وسبق كوبرنيكوس فيما توصل إليه بقرون عديده ، ونشر ذلك في كتابه نهاية السؤال في تصحيح الأصول .
حياته وإنجازاته
ولد في دمشق في سوريا، وتوفي والده وهو في السادسة من العمر، فكفله جده، ثم ابن عم أبيه وزوج خالته الذي علمه تطعيم العاج، ومنه اكتسب كنيته "المطعم". جمع ثروة كبيرة واستغلها في التنقل بين الأمصار لتعلم الرياضيات والفلك، فاتجه إلى مدن سوريا و مصر ومدن الشام وعاد إلى دمشق وواصل علومه في الفلك وصناعة الاسطرلاب الذى نبغ فيه .
صحح ابن الشاطر المزاول الشمسية التي بقيت تتداول لعدة قرون في كل من الشام وأرجاء متعددة من الدولة العثمانية، ولبى دعوة السلطان العثماني مراد الأول بتأليف زيج يحتوي على نظريات فلكية ومعلومات جديدة. ومن ذلك قياسه زاوية انحراف دائرة البروج، وتوصله إلى نتيجة غاية في الدقة. وفي هذا يقول جورج سارتون: «إن ابن الشاطر عالم فائق في ذكائه، فقد درس حركة الأجرام السماوية بكل دقة، وأثبت أن زاوية انحراف دائرة البروج تساوي 23 درجة و31 دقيقة سنة 1365 علماً بأن القيمة المضبوطة التي توصل إليها علماء القرن العشرين بواسطة الآلات الحاسبة هي 23 درجة و31 دقيقة و19,8 ثانية.»
أهم إنجازات هذا العالم كانت تصحيحه لنظرية بطليموس، التي تنص على أن الأرض هي مركز الكون، والشمس هي التي تدور حولها، وأن الأجرام السماوية كلها تدور حول الأرض مرة كل أربع وعشرين ساعة. وكان العالم كله في عهد ابن الشاطر يعتقد بصحة هذه النظرية التي لا تحتمل جدالا. ويقول ابن الشاطر: «إنه إذا كانت الأجرام السماوية تسير من الشرق إلى الغرب، فالشمس إحدى هذه الكواكب تسير، ولكن لماذا يتغير طلوعها وغروبها؟ وأشد من ذلك أن هناك كواكب تختفي وتظهر سموها الكواكب المتحيرة. لذا الأرض والكواكب المتحيرة تدور حول الشمس بانتظام، والقمر يدور حول الأرض». وقد توصل كوبرنيكوس إلى هذه النتيجة -التي تنسب إليه- بعد ابن الشاطر بقرون.
مؤلفاته
* الزيج الجديد. وهو الزيج الذي ألفه بطلب من الخليفة العثماني مراد الأول.
* إيضاح المغيب في العمل بالربع المجيب.
* مختصر العمل بالإسطرلاب، ورسالة في الإسطرلاب، ورسالة عن صنع الإسطرلاب.
* المختصر في الثمار البالغة في قطوف الآلة الجامعة.
* رسالة العمل بالربع الهلالي.
* رسالة الربع العلائي.
* النفع العام في العمل بالربع التام.
* أرجوزة في الكواكب.
* رسالة نزهة السامع في العمل بالربع الجامع
* رسالة كفاية القنوع في العمل بالربع المقطوع
dr grioui
20-01-2011, 02:17
أحمد بن كثير الفرغاني
وهوأبو العباس أحمد بن محمد بن كثير الفرغاني. عالِم رياضياتي وفلكي مسلم، توفي بعد سنة 247هـ/861م، وولد في مدينة فرغانة في أوزبكستان اليوم ثم انتقل إلى بغداد وعاش فيها أيام الخليفة العباسي المأمون في القرن التاسع الميلادي. ويعرف عند الأوربيين باسم Alfraganus، ومن مؤلفاته كتاب جوامع علم النجوم والحركات السماوية وكتاب في الاسطرلاب وكتاب الجمع والتفريق.
ويُعَدُّ من أعظم الفلكيين الذين عملوا مع المأمون وخلفائه. ويقول سارطون عنه : >كان مازال على قيد الحياة في 861م. وهو من معاصري الخوارزمي وبني موسى وسند بن علي.
إسهاماته العلمية
كان الفرغاني عالِماً في الفلك وأحكام النجوم ومهندساً. ومن إسهاماته أنه حدد قطر الأرض بـ 6500 ميل، كما قدر أقطار الكواكب السيارة. يقول ألدو مييلي : >والمقاييس التي ذكرها أبو العباس الفرغاني لمسافات الكواكب وحجمها عمل بها كثيرون، دون تغيير تقريباً، حتى الفلكي كوبرنيكوس. وبذلك فقد كان لهذا العالِم الفلكي المسلم تأثير كبير في نهضة علم الفلك في أوروبا. وفي سنة 861م، كلفهُ الخليفة المتوكل على الله بالإشراف على بناء مقياس منسوب مياه نهر النيل في الفسطاط، فأشرف عليه وأنجز بناءه وكتب أسمه عليه.
مؤلفاته
لقد ترك الفرغاني عدداً من المؤلفات القيمة، ومن أشهرها : كتاب جوامع علم النجوم والحركات السماوية. وقد ترجمهُ جيرار الكريموني إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر للميلاد كما ترجم إلى العبرية وكان له تأثير كبير على علم الفلك في أوروبا قبل ريجيومونتانوس Regiomontanus الرياضي الفلكي الذي برز في القرن الخامس عشر الميلادي. وقد طبعت ونشرت ترجمات هذا الكتاب عدة مرات خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين.
dr grioui
20-01-2011, 13:45
ابن مأسوية
رائد طب العيون
(160- 243 هـ / 776 - 857م)
يحيى بن مأسوية أبو ذكريا البغدادي عالم بالطب وبالنبات وبالأدوية وناقل ومترجم للكتب من اليونانية إلى العربية ولد ابن مأسوية بمدينة جنديسابور وتوفي بمدينة بغداد في خلافة المتوكل علي الله العباسي وكان اسمه يوحنا وهو مسيحي وسرياني المذهب ثم اسلم وتسمي باسم : يحيى وقد اسند أليه الخلية هارون الرشيد ترجمة الكتب القديمة التي كانت تجلب من مدينة عمورية وسائر بلاد الروم عندما يجتاحها المسلمون في غزوات الصيف كما قلدة الرشيد منصب آمين الترجمة بمكتبة بيت الحكمة وقد خدم ابن مأسوية خمسة من الخلفاء العباسيين هم : الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والمتوكل وصار ابن مأسوية رئيسا لبيت الحكمة في عهد الخليفة المأمون عام 215هـ / 830 م . وقد عاش ابن مأسوية عمره كله في مدينة بغداد وكان له بها مجلس علم وأنس وأدب وكان محبا للدعاية والمرح.
إنجازاته العلمية:
أسس ابن مأسوية أو كلية الطب في بغداد وبعد ابن مأسوية أول من تعرف كطبيب عيون علي مرض السبل القرني. وأدرك طبيعته الالتهابية ، ووصف صورته السريرية وهو أقدم وصف طبي لها.
مؤلفاته:
ولابن مأسوية مؤلفاته في الطب هي : كتاب "معرفة محنة الكحالين" وهو كتاب عربي بأسلوب السؤال والجواب وقد اختصر فيه ابن مأسوية كل أمراض العيون ألفه ليكون مساعدا لطلبة الطب أثناء تقدمهم لنيل لقب طبيب عيون.
وله :"دغل العين" ويعد هذا الكتاب اقدم كتاب تعليمي في طب العيون عرفه العالم. وله "نوادر الطب" وقد كتبه ابن ما سويه إلى الطبيب جنيين بن إسحاق وكان انقطع عن مجلسه وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللغتين العبرية واللاتينية. وله في الطب العام "مختصر في معرفة أجناس الطب وذكر معدنه" و"المنجي في التداوي من صنوف الأمراض والشكاوي" و "في تركيب وسقي الأدوية المسهلة بحسب الأزمنة وبحسب الأمزجة وكيف ينبغي إن تسقي ولمن؟ ومتي؟" و"كيف يمنع الإسهال إذا أفرط". و"تركيب الأدوية المسهلة وإصلاحها وخاصة كل دواء منها ومنفعته" و: "ذكر خواص مختارة علي ترتيب العلل" و: "جواهر الطب المفردة بصفاتها ومعادنها" و: "ماء الشعير".
وله: "الكناش ( أي الدفتر ) الكبير المشجر". وهو كتاب في استعراض الطب علي شكل جداول.
وله "علاج النساء اللواتي لا يحملن حتى يحبلن" و"تركيب خلق الإنسان وأجزائه وعدد أعضائه ومفاصله وعروقه".
وله "تدبير الأصحاء" وهو في الطب الوقائي.
وله "الماليخوليا واسبابها وعلاماتها وعلاجها".
وله "خواص الأغذية والبقول والفواكه واللحوم والألبان وأعضاء الحيوان والاباريز والافاويه".
ولابن ما سويه كتب طبية أخرى في دفع مضار الأغذية . وفي الأشر به وفي الفصد والحجامة ، وفي الجذام . وفي دخول الحمامات ومنافعها ومضارها . وفي السموم وعلاجها وفي الجنين؟ وفي المعدة والقولونج والتشريح وفي الصداع وعلله وأوجاعه وجميع أدويته وفي السدد والعلل المولدة لكل نوع وجيع علاجا ته.
dr grioui
20-01-2011, 13:48
ابن وافد
رائد الأدوية المفردة
(389 - 467 هـ / 998 – 1074م)
عبد الرحمن بن عبد الكريم بن يحيى بن وافد مهند أبو المطرف اللخمى عالم طب وصيدلة ونبات وكل ماهرا في علوم الفلاحة وكان من أشراف مدينة طليطلة ووزرائها وقد اشتهر في أوروبا باسمه في نطقة العربي ولد بطليطلة واستوطن قرطبة، وأخذ الطب عن أبى القاسم الزهراوي.
إنجازاته العلمية:
كان ابن وافد يرى ما يراه أطباء العصر الحديث ولا يرى ما لا يرونه.
فهو لا يرى التداوي بالأدوية ما أمكن التداوي بالأغذية أو بما هو قريب منها فأذا دعت الضرورة للأدوية فمن الأفضل التداوي بمفردها لا بمركبها فإن اضطر إلى المركب منها كان علي الطبيب إلا يكثر من التركيب أي أن الغذاء قبل الدواء ولهذا السبب عرف ابن وافد في أوروبا في العصور الوسطي بالفيلسوف ابن وافد وقد عاني في جميع الأدوية وترتيبها نحوا من عشرين سنة لتصحيح أسمائها وتحديد صفاتها وخصائصها وتفضيل قواها ودرجاتها.
ووضع أهم كتاب في العصور الوسطي عن الأدوية المفردة
مؤلفاته:
ومن مؤلفاته "الأدوية المفردة" وهو كتاب جليل لا تطيير له فقد جمع فيه ابن وافد ما تضمنه كتاب وديسقوريدس وكتاب وجالينوس في الأدوية المفردة ورتبه أحسن ترتيب وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللغة اللاتينية باسم : "كتاب في العقاقير البسيطة" كما ترجم إلى العبرية والكاتالونية.
وله أيضا: "منظومة في الطب" وتتألف من 5000 بيت وهي مرتبة في ست مقالات المقالات الأربعة الأولى منها في الإمراض من الرأس إلى القدم وقد خصص المقالة الثانية لامراض العين وهي في اربعمائة بيت والمقالة الخامسة أفردها للحميات وأفرد المقالة السادسة للقوابى.
وله كتاب "الوساد في الطب" وهو عن الأمراض ومعالجتها من الرأس إلى القدم والدهونات للقوابي.
والعلاجات وقطورات العين.
وله "تدقيق النظر في علاج حاسة البصر" وقد اعتمد عليه أطباء كثيرون مثل خليفة ابن أبى المحاسن الحلبي واختصره محمد علي البالسى.
وله كتب أخرى عن الحمامات والمجربات في الطب.
ولابن وافد كتاب في الفلاحة بعنوان " مجموع في الفلاحة " ود ترجم هذا الكتاب إلى اللغة اللاتينية.
وله "كتاب في الزراعة" وقد استعان به جبريل ألو نزو في كتابه "الزراعة بصفة عامة".
dr grioui
04-02-2011, 23:21
بسم الله الرحمن الرحيم
أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي
http://www.hgate.net/home/wp-content/uploads/2010/03/abulcas_big-211x300.jpg
كثير منا يجهل أن أعظم الاكتشافات في أجل فروع الطب هي من ابتكار علماء الغرب بينما العكس هو الصحيح..
سنسرد هنا نزرا يسيرا عن أحد أعظم علماء المسلمين و الذي كان يعرف بأبي الجراحة و هو أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي (936 – 1013م) و عرف بالزهراوي نسبة إلى مدينة الزهراء الأندلسية ..
ألف موسوعة طبية ضخمة تعرف باسم كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف. كانت موسوعته مرجعا أسياسيا للعلوم الطبية في جامعات أوربا خلال العصور الوسطى في وقت كانت فيه أوروبا تخضع لقرارات الكنيسة التي تُحرِّم تدريس الجراحة في مدارس الطب ، ولهذا أجمع مؤرخو الطب العربي من الأوروبيين بأن للعرب وحدهم وعلى رأسهم الزهراوي الفضل الأول في تطور الجراحة بمفهومها الجديد.
http://www.hgate.net/home/wp-content/uploads/2010/03/Fig04-202x300.jpg
وقد قسّم الزهراوي موسوعته إلى ثلاثة أقسام تتضمَّن ثلاثين باباً
القسم الأول: للأمراض والتشريح.
القسم الثاني: للأدوية والعقاقير وأفرد منه مقالة للمقاييس والمكاييل ومقالة للتغذية وأخرى للزينة.
القسم الثالث: خصّه للجراحة وفنونها و التي كانت تعرف بصناعة اليد كما كان يطلق عليها في ذلك العصر
http://www.hgate.net/home/wp-content/uploads/2010/03/Fig0300-153x300.jpg
و قد اهتم الطبيب الجليل بأخلاقيات المهنة و دعا إلى أهمية وجود علاقة إيجابية بين الطبيب والمريض, كما شدد على أهمية معالجة المريض بصرف النظر عن حالته الاجتماعية,و شجع على مراقبة الحالات الحرجة مراقبة مشددة و إعطائها عناية خاصة و الذي يعرف اليوم بالعناية المركزة .
أهم محتويات موسوعته:
أول من شرح مرض نزف الدم المسمى “هيموفيليا” وكيفية انتقاله وراثياً.
له إضافات هامة جداً في علم طب الأسنان وجراحة الفكين.
http://www.hgate.net/home/wp-content/uploads/2010/03/Dentistry-during-the-Middle-Ages-Set-of-fourteen-dental-scrapers-Abulcasis..jpg
هو أول من كتب عن علاج عاهات الفم الخلقية وتشوهات الأقواس السنية وعلاج القطع اللحمية الزائدة في اللثة، وأول من استعمل آلة خاصة لاستئصال الثآليل النابتة في الأنف ولقطع الرباط تحت اللسان الذي يعيق الكلام وقطع ورم اللهاة واستئصال اللوزات.
ما كتبه الزهراوي في التوليد والجراحة النسائية يعتبر كنزاً ثميناً في علم الطب، حيث يصف وضعيتي( TRENDELEMBURE – WALCHER )الهامتين من الناحية الطبية، إضافة إلى وصف طرق التوليد ، وطرق تدبير الولادات العسيرة، وكيفية إخراج المشيمة الملتصقة والحمل خارج الرحم وطرق علاج الإجهاض وابتكر آلة خاصة لاستخراج الجنين الميت، وسبق د. فالشر بنحو 900 سنة في وصف ومعالجة الولادة الحوضية، وهو أول من استعمل آلات خاصة لتوسيع عنق الرحم، وأول من ابتكر آلة خاصة للفحص النسائي لا تزال إلى يومنا هذا
http://www.hgate.net/home/wp-content/uploads/2010/03/abulcasis_al_zahrawi_tasrif-209x300.jpg
في الجراحة العظمية له العديد من المآثر العلمية التي لا يزال جزء منها يتَّبع حتى الآن، ومنها: معالجة انتشار داء السِّل إلى الفقرات أو ما يتعارف عليه الأطباء اليوم بداء بوت نسبة إلى د. بوت، وكان الزهراوي قد سبقه إلى اكتشافه وعلاجه بنحو 700 سنة، كما وصف أربعة طرق لرد خلع مفصل الكتف ومنها الطريقة المعروفة اليوم باسم “KOCHER.
شرح الزهراوي كيفية قطع الإصبع الزائدة وشق التحام الأصابع، كما وصف عملية بتر فلكة الركبة، وعملية كيس الماء في الخصية والفتوق الجراحية، وأبحاث في جراحة العين والأذن، حيث اخترع آلة لمعالجة الناسور الدمعي، وكيفية خياطة جروح القصبة..
أول من استدرك ضرورة ربط الشرايين قبل عمليات البتر أو خلال العمليات الجراحية منعاً لحدوث النزف، وسبق امبرواباري الذي ادعاه لنفسه بنحو 600 سنة.
أول من أدخل القطن في الاستعمال الطبي.
هو أول من استعمل خيوط “الحمشة” ( CAT GUT )التي تستعمل حالياً في العمليات الجراحية والتي تمتاز بامتصاص الجسم لها.
هو أول من استعمل الخياطة التجميلية تحت الجلد، وأول من استعمل الخياطة بإبرتين وخيط واحد، وأول من ابتكر الخياطة المثمنة.
هو أول من وصف وضعية ترندلنبورغ في العمليات الجراحية والتي نسبت إلى هذا العالم بلا حق إذ أنَّ الزهراوي سبقه بنحو 800 سنة.
أجرى الزهراوي عملية إستئصال الغدة الدرقية Thyroid, والتي لم يجرؤ أي جراح في أوربا على إجرائها إلا في القرن التاسع عشر أي بعده بتسعة قرون.
وفي علم المسالك البولية تتجلَّى عبقرية الزهراوي، فهو أول من ابتكر القسطرة البولية ، ويبدع بوصف عمليات استئصال حصيات المثانة جراحياً أو تفتيتها بآلات خاصة رسمها في موسوعته.
* الزهراوي هو أول رائد للطباعة، فأبدع في هذه الصناعة الحضارية قبل غوتنبر الألماني الذي يُنسب إليه هذا الإبداع، ولأول مرة في تاريخ الطب والصيدلة يقدم الزهراوي قبل ألف عام وصفاً دقيقاً لكيفية صنع حبوب الدواء وطريقة صنع القالب الذي تطبع فيه أو تحضر بواسطته أقراص الدواء، فيقول: “… على لوح من الأبنوس أو العاج يُعدُّ ثم يُنشر إلى نصفين طولاً، ثم يُحفر في كلِّ وجه قدر نصف القرص ( نظراً للحاجة الطبية أحياناً لاستعمال نصف القرص)، ثم يُنقش على قعر أحد الوجهين اسم القرص المراد صنعه مطبوعاً بشكل معكوس، ليكون النقش مقروءاً عند خروج الأقراص..”، يلاحظ وبلا ريب بأنه هو المؤسس والرائد الأول لصناعة الطبابة وصناعة أقراص الدواء، ولكن هذا الحق الحضاري اغتصب منه.
* أبحاثه وعلاجاته في السرطان تدهش جراحي عصرنا الحاضر رغم بدائية وسائل التشخيص آنذاك والتي لا يمكن مقارنتها مع ما هو متوفر في أيامناز؛حيث ذكر في كتابه “التصريف” قائلا: متى كان السرطان في موضع يمكن استئصاله كله كالسرطان الذي يكون في الثدي أو في الفخد ونحوهما من الأعضاء المتمكنة لإخراجه بجملته، إذا كان مبتدءاً صغيراً فافعل. أما متى تقدم فلا ينبغى أن تقربه فاني ما أستطعت أن أبرئ منه أحداً. ولا رأيت قبلى غيري وصل إلى ذلك.
http://www.hgate.net/home/wp-content/uploads/2010/03/Paediatric_Urology_3-300x210.jpg
* من الممتع جداً لكل العاملين في المجال الطبي الإطلاع على صور الآلات الجراحية التي استنبطها للعمل بها في عملياته، مع وصف دقيق لكيفية استعمالاتها وطرق تصنيعها، وإليه يعود اختراع منظار المهبل المستخدم حالياً في الفحص النسائي، كذلك رسم صوراً للحقن المعدنية التي استعملها لإدخال الأدوية إلى المثانة، وأجهزة الاستنشاق، وجبائر الأذرع، وملاعق خاصة لخفض اللسان وفحص الفم، كما ابتكر مقاشط وكلاليب خاصة مع الشروحات اللازمة لمكان وطرق استخدامها
http://www.hgate.net/home/wp-content/uploads/2010/03/Fig06-300x178.jpg
.
* ذكر الزهراوي طرق التخدير التي استعملها في عملياته الجراحية، وذلك بواسطة الإسفنجة المخدرة
* كذلك يذكر طرق التعقيم للأدوات الجراحية وتطهير الجروح والضمادات بطرق لا تختلف أبداً عن مبادئ الطب الحديث.
كلمة أخيرة
أقصى أمنيات المرء المسلم أن تعود أمته لسيادة العلم و منبعا للنهضة
نريد زهراويا آخراً..
mouhsoft15
05-02-2011, 11:43
ربي يعينك خويا مصطفى على الموسوعة
dr grioui
05-02-2011, 18:00
ربي يعينك خويا مصطفى على الموسوعة
ربي اعينك و اعينا اخي محمد
شكرا جزيلا
dr grioui
07-02-2011, 18:22
ابن الرومية.. العالم الفقيه
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/1%28206%29.jpg
هو أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرج بن أبي الخليل الأموي بالولاء، الاشبيلي، الأندلسي، محدّث، عالم مشهور بشؤون الحديث، ونباتي عشاب، وعقاقيري صيدلي.
ولد في إشبيلية سنة 561 هـ، ودفعته إلى الأسفار رغبته في سماع الحديث، والاتصال بشيوخه، وميله إلى تحري منابت الأعشاب وجمع أنواع النبات. فجال أولاً في أنحاء الأندلس، ثم قدم المشرق، فنزل مصر سنة 613 هـ وأقام فيها مدة. ثم أخذ يجول في بلاد الشام والعراق والحجاز مدة سنتين، أفاد فيهما شيئاً كثيراً من النباتات والأحاديث. وعاد إلى مصر وهو أشهر أبناء عصره من العلمين المذكورين. فأكرمه الملك العادل الأيوبي ورسم له مرتباً، وعرض عليه البقاء في مصر. إلا أنه اختار الرجوع إلى وطنه، فعاد إلى اشبيلية، وظل فيها إلى وفاته في آخر ربيع الثاني من سنة 637 هـ.
ترك ابن الرومية مؤلفات جليلة في النبات والعقاقير، وفي الحديث وعلمه، منها: تفسير الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس، أدوية جالينوس، الرحلة النباتية، المستدركة، تركيب الأدوية. وله تعاليق وشروح وتفاسير كثيرة في الموضوع، وكتاب رتّب فيه أسماء الحشائش على حروف المعجم.
أما في علم الحديث فذكر له ، نظم الدراري في ما تفرد به مسلم على البخاري، مختصر الكامل، توهين طرق حديث الأربعين، وله (فهرست) أفرد فيه روايته بالأندلس عن روايته بالمشرق.
وجاء في عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة عن ابن الرومية: "هو أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرج النباتي المعروف بابن الرومية، من أهل إشبيلية ومن أعيان علمائها وأكابر فضلائها، قد أتقن علم النبات ومعرفة أشخاص الأدوية وقواها ومنافعها، واختلاف أوصافها، وتباين مواطنها، وله الذكر الشائع والسمعة الحسنة، كثير الخير، موصوف بالديانة، محقق للأمور الطبية، قد شرف نفسه بالفضائل، وسمع من علم الحديث شيئاً كثيراً عن ابن حزم وغيره ووصل سنة ثلاث عشر وستمائة إلى ديار مصر، وأقام بمصر والشام والعراق نحو سنتين، وانتفع الناس به، وأسمع الحديث، وعاين نباتاً كثيراً في هذه البلاد مما لم ينبت بالمغرب، وشاهد أشخاصها في منابتها ونظرها في مواضعها، ولما وصل من المغرب إلى الإسكندرية سمع به السلطان الملك العادل أبو بكر بن أيوب رحمه اللَّه، وبلغه فضله وجودة معرفته بالنبات، وكان الملك العادل في ذلك الوقت بالقاهرة فاستدعاه من الإسكندرية، وتلقاه وأكرمه ورسم بأن يقرر له جامكية وجراية، ويكون مقيماً عنده فلم يفعل، وقال إنما أتيت من بلدي لأحج إن شاء اللَّه وأرجع إلى أهلي وبقي مقيماًعنده مدة، وجمع الترياق الكبير وركبه، ثم توجه إلى الحجاز، ولما حج عاد إلى المغرب وأقام بإشبيلية، ولأبي العباس بن الرومية من الكتب تفسير أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس، مقالة في تركيب الأدوية".
dr grioui
07-02-2011, 18:24
أبو سهل القوهي .. الفلكي النابغة
القوهي من العلماء المسلمين الذين اشتهروا في الفلك والرياضيات في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، وهو "أبو سهل ويجن بن رستم القوهي" من "كوه" في جبال طبرستان، لكنه عاش في بغداد، ولما تولى شرف الدولة البويهي الحكم، قرَّبه وعينه سنة 378هـ/988م رئيساً للمرصد الذي أسسه في بغداد، وطلب منه أن يقدم له دراسة عن رصده للكواكب السبعة من حيث مساراتها وتنقلها في بروجها.
إسهاماته العلمية
كان القوهى من نوابغ علماء الفلك في القرن الرابع الهجري/القرن العاشر الميلادي؛ فقد وضع عدداً من الأرصاد التي كان يعتمد عليها في عصره، وانتقد بعض فرضيات علماء اليونان في الفلك، كما اشتهر بصناعة الآلات الرصدية.
وفي الرياضيات، اهتم القوهي بمسائل أرشميدس وأبولونيوس التي تؤدي إلى معادلات ذات درجة أعلى من معادلات الدرجة الثانية، ووجد حلاً لبعضها، كما ناقش شروط إمكانية ذلك. وتعتبر دراساته هذه من أحسن ما كتب عن الهندسة عند المسلمين.
وأسهم القوهي في دراسة الأثقال، وكان له السبق في هذا المجال، حيث استخدم البراهين الهندسية لحل كثير من المسائل التي لها علاقة بإيجاد الثقل، وترك بحوثاً قيمة في المبادئ التي تقوم عليها الروافع.
مؤلفاته
ذكر كل من د.عبد الله الدفاع، والزركلي، عدداً من مؤلفات القوهي في الفلك والرياضيات، منها : "كتاب مراكز الأكر"، "كتاب الأصول على تحريكات أقليدس"، "كتاب صنعة الأسطرلاب بالبراهين"، كتاب الزيادات على أرشميدس في المقالة الثانية"، "إخراج الخطين من نقطة على زاوية معلومة"، "تثليث الزاوية وعمل المسبع المتساوي الأضلاع في الدائرة".
ويقول د. عبد الله دفاع في كتابه "العلوم البحتة في الحضارة العربية الإسلامية" : "إلا أن معظم مؤلفات القوهي قد ضاعت، ولم يعرف عنها إلا القليل من بعض الإشارات في المراجع اللاتينية"، وتوفي القوهي سنة 405هـ/1014م.
dr grioui
07-02-2011, 18:26
يحيى بن إسحاق.. الوزير الطبيب
كان طبيباً ذكياً عالماً بصيراً بالعلاج صانعاً بيده، وكان في صدر دولة عبد الرحمن الناصر لدين اللّه، واستوزره وولي الولايات والعمالات، وكان قائد بطليوس زماناً، وكان له من أمير المؤمنين الناصر محل كبير، كان ينزله منزلة الثقة ويتطلع على الكرائم والخدم.
كان يحيى بن اسحاق قد أسلم، وأما أبوه إسحاق فكان نصرانياً، ولد عام 1187م، قال عنه ابن جلجل إنه كان عنده غلام للحاجب موسى أو للوزير عبد الملك قال، قال بعثني إليه مولاي بكتاب، فأنا قاعد عند داره بباب الجوز إذ أقبل رجل بدوي على حمار وهو يصيح، فأقبل حتى وقف بباب الدار، فجعل يتضرع ويقول أدركوني وتكلموا إلى الوزير بخبري، إذ خرج إلى صراخ الرجل ومعه جواب كتابه، فقال للرجل ما بالك يا هذا؟ فقال له أيها الوزير ورم في إحليلي منعني البول منذ أيام كثيرة وأنا في الموت، فقال له اكشف عنه، قال فكشف عنه فإذا هو وارم، فقال لرجل كان أقبل مع العليل اطلب لي حجراً أملس، فطلبه فوجده وأتاه به، فقال ضعه في كفك وضع عليه الإحليل، قال، فقال المخبر لي فلما تمكن إحليل الرجل من الحجر جمع الوزير يده وضرب على الإحليل ضربة غشي على الرجل منها، ثم اندفع الصديد يجري فما استوفى الرجل جري صديد الورم حتى فتح عينيه ثم بال البول في أثر ذلك، فقال له اذهب فقد برئت من علتك، وأنت رجل عائث واقعت بهيمة في دبرها فصادفت شعيرة من علفها لحجت في عين الإحليل، فورم لها وقد خرجت في الصديد، فقال له الرجل قد فعلت هذا، وأقر بذلك، وهذا يدل على حدس صحيح وقريحة صادقة حسناء.
ألف ابن اسحاق كتاباً في الطب يشتمل على خمسة أسفار ذهب فيها مذهب الروم، وتوفي يحيى في عام 1203م.
dr grioui
07-02-2011, 18:51
ابن الأثير..
محلل التاريخ وحافظه
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/1%28207%29.jpg
ولد علي بن أبي الكرم محمد بن محمد المعروف بعز الدين علي بن الأثير بجزيرة ابن عمر قرب الموصل بالعراق عام 1160م. عني أبوه بتعليمه، فحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم استكمل دراسته بالموصل بعد أن انتقلت إليها أسرته، وأقامت بها إقامة دائمة.
سمع الحديث من أبي الفضل عبد الله بن أحمد، وأبي الفرج يحيى الثقفي، وتردد على حلقات العلم التي كانت تُعقد في مساجد الموصل ومدارسها. وكان ينتهز فرصة خروجه إلى الحج، فيعرّج على بغداد ليسمع من شيوخها الكبار، من أمثال أبي القاسم يعيش بن صدقة الفقيه الشافعي وأبي أحمد عبد الوهاب بن علي الصدمي. رحل إلى الشام وسمع من شيوخها، ثم عاد إلى الموصل ولزم بيته منقطعا للتأليف والتصنيف.
درس ابن الأثير في رحلاته هذه الحديث والفقه والأصول والفرائض والمنطق والقراءات لأن هذه العلوم كان يجيدها الأساتذة المبرزون ممن لقيهم. غير أنه اختار فرعين من العلوم وتعمق في دراستهما هما: الحديث والتاريخ، حتى أصبح إماماً في حفظ الحديث ومعرفته وما يتعلق به، حافظاً للتواريخ المتقدمة والمتأخرة، خبيراً بأنساب العرب وأيامهم وأحبارهم، عارفًا بالرجال وأنسابهم لا سيما الصحابة. وعن طريق هذين العلمين بنى ابن الأثير شهرته في عصره، وإن غلبت صفة المؤرخ عليه حتى كادت تحجب ما سواها. والعلاقة بين التخصصين وثيقة جدا. فمنذ أن بدأ التدوين ومعظم المحدثين العظام مؤرخون كبار، مثل الإمام الطبري، الذي جمع بين التفسير والفقه والتاريخ، والإمام الذهبي الذي كان حافظا متقنا ومؤرخا عظيما. وكذلك كان الحافظ ابن عساكر بين هاتين الصفتين..
توافرت لابن الأثير المادة التاريخية التي استعان بها في مصنفاته، بفضل صلته الوثيقة بحكام الموصل، وأسفاره العديدة في طلب العلم، وقيامه ببعض المهام السياسية الرسمية من قبل صاحب الموصل، ومصاحبته صلاح الدين في غزواته ومدارسته الكتب وإفادته منها، ودأبه على القراءة والتحصيل. ثم عكف على تلك المادة الهائلة التي تجمعت لديه يصيغها ويهذبها ويرتب أحداثها حتى انتظمت في أربعة مؤلفات، جعلت منه أبرز المؤرخين المسلمين بعد الطبري. وهذه المؤلفات هي:
- الكامل في التاريخ، وهو في التاريخ العام.
- التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية، وهو في تاريخ الدول. وقصد بالدولة الأتابكية الدولة التي أسسها عماد الدين زنكي في الموصل سنة 521هـ / 1127م وهي الدولة التي عاش في كنفها ابن الأثير.
- أسد الغابة في معرفة الصحابة، وهو في تراجم الصحابة.
- اللباب في تهذيب الأنساب، وهو في الأنساب.
بذلك يكون ابن الأثير قد كتب في أربعة أنواع من الكتابة التاريخية، وسنتعرض لاثنين منهما بإيجاز واختصار.
الكامل في التاريخ
هو تاريخ عام في 12 مجلدًا، عالج فيه تاريخ العالم القديم حتى ظهور الإسلام، وتاريخ العالم الإسلامي منذ ظهور الإسلام حتى عصره. والتزم في كتابه بالمنهج الحولي في تسجيل الأحداث. فهو يسجل أحداث كل سنة على حدة، وأقام توازنًا بين أخبار المشرق والمغرب وما بينهما على مدى سبعة قرون وربع قرن. وهذا ما أعطى كتابه طابع التاريخ العام أكثر أي تاريخ عام لغيره. وفي الوقت نفسه لم يهمل الحوادث المحلية في كل إقليم وأخبار الظواهر الجوية والأرضية من غلاء ورخص وقحط وأوبئة وزلازل.
لم يكن ابن الأثير في كتابه ناقل أخبار أو مسجل أحداث فحسب، وإنما كان محللاً ممتازاً وناقداً بصيراً، حيث حرص على تعليل بعض الظواهر التاريخية ونقد أصحاب مصادره، وناقش كثيراً من أخبارهم. فالكتاب مليء بالنقد السياسي والحربي والأخلاقي والعملي.
تعود أهمية الكتاب إلى أنه استكمل ما توقف عنده تاريخ الطبري في سنة 302هـ وهي السنة التي انتهى بها كتابه. فبعد الطبري لم يظهر كتاب يغطي أخبار حقبة تمتد لأكثر من ثلاثة قرون. كما أن الكتاب تضمن أخبار الحروب الصليبية مجموعة متصلة منذ دخولهم. كما تضمن أخبار الزحف التتري على المشرق الإسلامي منذ بدايته في سنة 616هـ/ 1219م. وقد كتب ابن الأثير تاريخه بأسلوب نثري مرسل لا تكلف فيه، مبتعداً عن الزخارف اللفظية والألفاظ الغريبة، معتنياً بإيراد المادة الخبرية بعبارات موجزة واضحة.
أُسْد الغابة
موضوع هذا الكتاب هو الترجمة لصحابة الرسول الذين حملوا مشعل الدعوة، وساحوا في البلاد، وفتحوا بسلوكهم الدول والممالك قبل أن يفتحوها بالطعن والضرب. وقد رجع ابن الأثير في هذا الكتاب إلى مؤلفات كثيرة، اعتمد منها أربعة كانت عُمُدًا بالنسبة له، هي: "معرفة الصحابة" لأبي نعيم، و"الاستيعاب في معرفة الأصحاب" لابن الأثير، و"معرفة الأصحاب" لابن منده، و"الذيل على معرفة الأصحاب" لابن منده أيضاً.
اشتمل كتاب أسد الغابة على ترجمة 7554 صحابياً وصحابية تقريبا، يتصدره توطئة لتحديد مفهوم الصحابي. والتزم في إيراد أصحابه الترتيب الألفبائي، فيبتدئ ترجمته للصحابي بذكر المصادر التي اعتمد عليها، ثم يشرع في ذكر اسمه ونسبه وهجرته إن كان من المهاجرين، والمشاهد التي شهدها مع الرسول إن وجدت، ويذكر تاريخ وفاته وموضعها إن كان ذلك معلوما. وقد طبع الكتاب أكثر من مرة.
ظل ابن الأثير بعد رحلاته مقيما بالموصل، منصرفا إلى التأليف، عازفاً عن المناصب الحكومية، متمتعاً بثروته جاعلاً من داره ملتقى للطلاب والزائرين حتى توفي. وابن الأثير هذا هو أحد الإخوة الثلاثة الذين عملوا في الفقه والأدب والتاريخ. الآخران هما: مجد الدين المبارك بن محمد (1149-1210م) الذي ألف "النهاية في غريب الحديث والأثر" و"جامع الأصول لأحاديث الرسول". والثاني ضياء الدين نصر الله (1162- 1239م) الذي عمل وزيراً للملك الأفضل بدمشق وكتب "المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر".
dr grioui
07-02-2011, 19:01
شمـس الدّيـن اللبّـودي.. أفضل أهل زمانه في الطب
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/1%28212%29.jpg
كان شمس الدّين بن اللّبودي علاّمةً وفقيهًا. اشتغل في بلاد فارس بالحكمة على نجيب الدّين أسعد الهَمَذاني وقرأ الطّب على رجالٍ من كبار العلماء هناك، خدم الملك الظّاهر غياث الدّين غازي بن الملك الناصر وأقام عنده بحلب في سورية. ثم أتى إلى دمشق حيث درّس الطّب ومارس التّطبيب في البيمارستان الكبير النّوري.
وقال عنه ابن أبي أصيبعة في كتابه "عيون الأنباء في طبقات الأطباء": ((هو الحكيم الإمام العالم الكبير شمس الدين أبو عبد اللَّه محمد بن عبدان بن عبد الواحد بن اللبودي، علامة وقته، وأفضل أهل زمانه في العلوم الحكمية وفي علم الطب، سافر من الشام إلى بلاد العجم، واشتغل هناك بالحكمة على نجيب الدين أسعد الهمداني، وقرأ صناعة الطب على رجل من أكابر العلماء وأعيانهم في بلاد العجم، كان أخذ الصناعة عن تلميذ لابن سهلان عن السيد الأيلاقي محمد، وكان لشمس الدين بن اللبودي همة عالية وفطرة سليمة وذكاء مفرط، وحرص بالغ فتميز في العلوم وأتقن الحكمة وصناعة الطب، وصار قوياً في المناظرة، جيداً في الجدل، يعد من الأئمة الذين يقتدى بهم، والمشايخ الذين يرجع إليهم، وكان له مجلس للاشتغال عليه بصناعة الطب وغيرها، وخدم الملك الظاهر غياث الدين غازي بن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، وأقام عنده بحلب، وكان يعتمد عليه في صناعة الطب، ولم يزل في خدمته إلي أن توفي الملك الظاهر رحمه اللَّه، وذلك في شهر جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وستمائة، وبعد وفاته أتى إلى دمشق، وأقام بها يدرس صناعة الطب، ويطب في البيمارستان الكبير النوري إلى أن توفي رحمه اللَّه، وكانت وفاته بدمشق في رابع ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وستمائة، وله من العمر إحدى وخمسون سنة، ومن كلام شمس الدين بن اللبودي كل شيء إذا شرع في نقص مع إصراف الهمة إليه تناهى عن قرب.
ولشمس الدين بن اللبودي من الكتب كتاب الرأي المعتبر في القضاء والقدر، شرح كتاب الملخص لابن الخطيب، رسالة في جمع المفاصل، شرح كتاب المسائل لحنين بن إسحاق)).
توفّي في دمشق عام 1224م.
dr grioui
07-02-2011, 19:06
موفق الدين عبد اللطيف البغدادي..
الطبيب الحكيم
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/1%28211%29.jpg
ولد عبد اللطيف البغدادي في بغداد بالعراق عام 1162م وانصرف شأنه شأن طلاب العلم في ذلك العصر ، الى سماع الحديث وحفظ القرآن وإجادة الخط وحفظ الشعر . درس على أيدي عدد من شيوخ بغداد وخرسان ثم إنتقل الى الموصل حيث أكمل دراسته في الرياضيات على يد الكمال بن يونس.
سافر البغدادي الى دمشق، وكان صلاح الدين سيد سورية ومصر آنذاك وأقام بين علمائها طلباً للمزيد من العلم . ثم انتقل الى القدس ومنها الى عكا حيث لقي بهاء الدين شداد قاضي العسكر وعماد الدين الكاتب والقاضي . والراجح أن هذا الاخير أعجب بالبغدادي فزوده برسالة توصية الى وكيله فيمصر إبن سناء الملك الذي احتفل به . وهناك اتصل بياسين السييائي وموسى بن ميمون وابي القاسم الشارعي .
لم تطل اقامة البغدادي في مصر وقفل عائداً الى القدس للقاء صلاح الدين بعد الهدنة مع الفرنجة . وقد وصف مجلس السلطان بقوله : "وأول ليلة حضرته وجدته مجلساً حفلاً بأهل العلم يتذاكرون في أصناف العلوم والسلطان يحسن الاستماع اليهم ويشاركهم النقاش". ورتب صلاح الدين واولاده للبغدادي مئة دينار في الشهر وأرسله الى دمشق حيث أكب على الاشتغال بالعلم وإقراء الناس بالجامع .
لكن البغدادي كان يمل الاستقرار في مكان واحد مدة طويلة فيمم من جديد شطر مصر حيث لازم الشارعي. وكان يُقريء الناس بالازهر صباحاً ومساء ، ويقريء الطب للكثيرين في وسط النهار . وكتب في مصر مؤلفه "الافادة والاعتبار في الامور المشاهدة والحوادث المعاينة" واصفاً أحوال البلاد الصعبة وقتها .
عاد البغدادي من جديد الى القدس ودرّس في الجامع الاقصىثم انتقل الى دمشق حيث اشتهر بصناعة الطب ودرّس في المدرسة العزيزية . وتنقل بعد ذلك بين حلب وأذربيجان وأرزن الروم وبغداد حيث توفى .
جاء في عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة: (( هو الشيخ الإمام الفاضل موفق الدين أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن محمد بن علي بن أبي سعد ويعرف بابن اللباد، موصلي الأصل بغدادي المولد، كان مشهوراً بالعلوم، متحلياً بالفضائل، مليح العبارة، كثير التصنيف، وكان متميزاً في النحو واللغة العربية، عارفاً بعلم الكلام والطب، وكان قد اعتنى كثيراً بصناعة الطب لما كان بدمشق واشتهر بعلمها، وكان يتردد إليه جماعة من التلاميذ وغيرهم من الأطباء للقراءة عليه؛ كان والده قد أشغله بسماع الحديث في صباه من جماعة منهم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطي، وأبو زرعة طاهر بن محمد القدسي، وأبو القاسم يحيى بن ثابت الوكيل وغيرهم.
وكان يوسف والد الشيخ موفق الدين مشتغلاً بعلم الحديث بارعاً في علوم القرآن والقراءات، مجيداً في المذهب والخلاف والأصولين، وكان متطرفاً من العلوم العقلية، وكان سليمان عم الشيخ موفق الدين فقيهاً مجيداً، وكان الشيخ موفق الدين عبد اللطيف كثير الاشتغال لا يخلي وقتاً من أوقاته من النظر في الكتب والتصنيف والكتابة، والذي وجدته من خطه أشياء كثيرة جداً بحيث أنه كتب من مصنفاته نسخاً متعددة، وكذلك أيضاً كتب كتباً كثيرة من تصانيف القدماء، وكان صديقاً لجدي وبينهما صحبة أكيدة بالديار المصرية لما كنا بها، وكان أبي وعمي يشتغلان عليه بعلم الأدب، واشتغل عليه عمي أيضاً بكتب أرسطوطاليس، وكان الشيخ موفق الدين كثير العناية بها، والفهم لمعانيها، وأتى إلى دمشق من الديار المصرية، وأقام بها مدة وكثر انتفاع الناس بعلمه، ورأيته لما كان مقيماً بدمشق في آخر مرة أتى إليها، وهو شيخ نحيف الجسم، ربع القامة، حسن الكلام، جيد العبارة؛ وكانت مسطرته أبلغ من لفظه، وكان رحمه اللَّه ربما تجاوز في الكلام لكثرة ما يرى في نفسه، وكان يستنقص الفضلاء الذين في زمانه وكثيراً من المتقدمين، وكان وقوعه كثيراً جداً في علماء العجم ومصنفاتهم، وخصوصاً الشيخ الرئيس بن سينا ونظرائه.
ونقلت من خطه في سيرته التي ألفها ما هذا مثاله قال أني ولدت بدار لجدي في درب الفالوذج في سنة سبع وخمسين وخمسمائة وتربيت في حجر الشيخ أبي النجيب لا أرف اللعب واللهو، وأكثر زماني مصروف في سماع الحديث، وأخذت لي إجازات من شيوخ بغداد وخراسان والشام ومصر، وقال لي والدي يوما،ً قد سمعتك جميع عوالي بغداد وألحقتك في الرواية بالشيوخ المسان، وكنت في أثناء ذلك أتعلم الخط، وأتحفظ القرآن والفصيح،و والمقامات، وديوان المتنبي ونحو ذلك، ومختصراً في الفقه، ومختصراً في النحو، فلما ترعرعت حملني والدي إلى كمال الدين عبد الرحمن الأنباري، وكان يومئذ شيخ بغداد، وله بوالدي صحبة قديمة أيام التفقه بالنظامية، فقرأت عليه خطبة الفصيح فهذر كلاماً كثيراً متتابعاً لم أفهم منه شيئاً، لكن التلاميذ حوله يعجبون منه، ثم قال أنا أجفو عن تعليم الصبيان أحمله إلى تلميذي الوجيه الواسطي يقرأ عليه فإذا توسطت حاله قرأ علي، وكان الوجيه عند بعض أولاد رئيس الرؤساء، وكان رجلاً أعمى من أهل الثروة والمروءة، فأخذني بكلتي يديه، وجعل يعلمني من أول النهار إلى آخره بوجوه كثيرة من التلطف، فكنت أحضر حلقته بمسجد الظفرية، ويجعل جميع الشروح لي ويخاطبني بها، وفي آخر الأمر أقرأ درسي وخصني بشرحه.
ثم نخرج من المسجد فيذاكرني في الطريق، فإذا بلغنا منزله أخرج الكتب التي يشتغل بها مع نفسه فاحفظ له وأحفظ معه ثم يذهب إلى الشيخ كمال الدين فيقرأ درسه ويشرح له، وأنا أسمع، وتخرجت إلى أن صرت أسبقه في الحفظ والفهم، وأصرف أكثر الليل في الحفظ والتكرار، وأقمنا على ذلك برهة، كلما جاء حفظي كثر وجاد، وفهمي قوي، واستنار، وذهني احتد واستقام، وأنا ألازم الشيخ وشيخ الشيخ، وأول ما ابتدأت حفظت اللمع في ثمانية أشهر، وأسمع كل يوم شرح أكثرها مما يقرؤه غيري، وأنقلب إلى بيتي فأطالع شرح الثمانين، وشرح الشريف عمر بن حمزة، وشرح ابن برهان، وكل ما أجد من شروحها، وأشرحها لتلاميذ يختصون بي إلى أن صرت أتكلم على كل باب كراريس، ولا ينفذ ما عندي، ثم حفظت أدب الكاتب لابن قتيبة حفظاً متقناً، أما النصف الأول ففي شهور، وأما تقويم اللسان ففي أربعة عشر يوماً لأنه كان أربعة عشر كراساً، ثم حفظت مشكل القرآن له وغريب القرآن له، وكل ذلك في مدة يسيرة، ثم انتقلت إلى الإيضاح لأبي علي الفاسي فحفظته في شهور كثيرة.
ولازمت مطالعه شروحه وتتبعته التتبع التام حتى تبحرت فيه وجمعت ما قال الشراح، وأما التكملة فحفظتها في أيام يسيرة كل يوم كراساً، وطالعت الكتب المبسوطة والمختصرات وواظبت على المقتضب للمبرد، وكتاب ابن درستويه، وفي اثناء ذلك لا أغفل سماع الحديث والتفقه على شيخنا ابن فضلان بدار الذهب، وهي مدرسة معلقة بناها فخر الدولة بن المطلب. قال وللشيخ كمال الدين مائة تصنيف وثلاثون تصنيفاً، أكثرها في النحو وبعضها في الفقه والأصولين وفي التصوف والزهد، وأتيت على أكثر تصانيفه سماعاً وقراءة وحفظاً، وشرع في تصنيفين كبيرين أحدهما في اللغة والآخر في الفقه ولمن يتفق له إتمامهما وحفظت عليه طائفة من كتاب سيبويه وأكببت على المقتضب فأتقنته.
وبعد وفاة الشيخ تجردت لكتاب سيبويه ولشرحه للسيرافي، ثم قرأت على ابن عبيد الكرخي كتباً كثير منها كتاب الأصول لابن السراج، والنسخة في وقف ابن الخشاب برباط المأمونية، وقرأت عليه الفراض والعروض للخطيب التبريزي، وهو من خواص تلاميذ ابن الشجري، وأما ابن الخشاب فسمعت بقراءته معاني الزجاج على الكتابة شهدة بنت الأبري، وسمعت منه الحديث المسلسل وهو "الراحمون يرحمهم الرحمن؛ ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" وقال أيضاً موفق الدين البغدادي إن من مشايخه الذين انتفع بهم كما زعم ولد أمين الدولة بن التلميذ، وبالغ في وصفه وكثر، وهذا فلكثرة تعصبه للعراقيين، وإلا فولد أمين الدولة لم يكن بهذه المثابة ولا قريباً منها، وقال أنه ورد إلى بغداد رجل مغربي جوال في زي التصوف له أبهة ولسن، مقبول الصورة، عليه مسحة الدين، وهيئة السياحة، ينفعل لصورته من رآه قبل أني أخبره، ويعرف بابن نائلي، يزعم أنه من أولاد المتلثمة، خرج من المغرب لما استولى عليها عبد المؤمن، فلما إستقر ببغداد اجتمع إليه جماعة من الأكابر والأعيان، وحضره الرضي القزويني، وشيخ الشيوخ ابن سكينة، وكنت واحداً ممن حضره فاقرأني مقدمة حساب، ومقدمة ابن بابشاد في النحو وكان له طريق في التعليم عجيب، ومن يحضره يظن أنه متبحر وإنما كان متطرفاً، ولكنه أمعن في كتب الكيمياء والطلسمات وما يجري مجراها، وأتى على كتب جابر بأسرها، وعلى كتب ابن وحشية، وكان يجلب القلوب بصورته ومنطقه وإيهامه، فملأ قلبي شوقاً إلى العلوم كلها، واجتمع بالإمام الناصر لدين اللَّه وأعجبه، ثم سافر وأقبلت على الإشتغال، وشمرت ذيل الجد والاجتهاد، وهجرت النوم واللذات، وأكببت على كتب الغزالي المقاصد، والمعيار، والميزان، محك النظر، ثم انتقلت إلى كتب ابن سينا صغارها وكبارها، وحفظت كتاب النجاة، وكتبت الشفاء وبحثت فيه، وحصلت كتاب التحصيل لبهمنيار تلميذ ابن سينا، وكتبت وحصلت كثيراً من كتب جابر بن حيان الصوفي وابن وحشية وباشرت عمل الصنعة الباطلة وتجارب الضلال الفارغة، وأقوى من أضلني ابن سينا بكتابه في الصنعة الذي تمم به فلسفته التي لا تزداد بالتمام إلا نقصا.
قال ولما كان في سنة خمس وثمانين وخمسمائة حيث لم يبق ببغداد من يأخذ بقلبي ويملأ عيني، ويحل ما يشكل عليّ،و دخلت الموصل فلم أجد فيها بغيتي، لكن وجدت الكمال بن يونس جيداً في الرياضيات والفقه متطرفاً من باقي أجزاء الحكمة، قد استغرق عقله ووقته حب الكيمياء وعملها، حتى صار يستخف بكل ما عداها، واجتمع إلى جماعة كثيرة، وعُرضت علي مناصب فاخترت منها مدرسة ابن مهاجر المعقلة ودار الحديث التي تحتها، وأقمت بالموصل سنة في اشتغال دائم متواصل ليلاً ونهاراً، وزعم أهل الموصل أنهم لمن يروا من أحد قبلي ما رأوا مني من سعة المحفوظ، وسرعة وسكون الطائر، وسمعت الناس يهرجون في حديث الشهاب السهروردي المتفلسف.
ويعتقدون أنه قد فاق الأولين والآخرين، وإن تصانيفه فوق تصانيف القدماء فهممت لقصده ثم أدركني التوفيق فطلبت من ابن يونس شيئاً من تصانيفه، وكان أيضاً معتقداً فيها فوقعت على التلويحات، واللمحة، والمعارج، فصادفت فيها ما يدل على جهل أهل الزمان، ووجدت لي تعاليق كثيرة لا أرتضيها هي خير من كلام هذا الأنوك، وفي أثناء كلامه يثبت حروفاً مقطعة يوهم بها أمثاله أنها أسرار إلهية،قال ولما دخلت دمشق وجدت فيها من أعيان بغداد والبلاد ممن جمعهم الإحسان الصلاحي، جمعاً كثيراً، منهم جمال الدين عبد اللطيف ولد الشيخ أبي النجيب، وجماعة بقيت من بيت رئيس الرؤساء، وابن طلحة الكاتب وبيت ابن جهير وابن العطار المقتول الوزير، وابن هبيرة الوزير واجتمعت بالكندي بالبغدادي النحوي وجرى بيننا مباحثات، وكان شيخاً بهياً ذكياً مثرياً، له جانب من السلطان، لكنه كان معجباً بنفسه مؤذياً لجليسه، وجرت بيننا مباحثات فأظهرني اللّه تعالى عليه في مسائل كثيرة، ثم أني أهملت جانبه فكان يتأذى بإهمالي له أكثر مما يتأذى الناس منه، وعملت بدمشق تصانيف جمة منها غريب الحديث الكبير، جمعت فيه غريب أبي عبيد القاسم بن سلام وغريب ابن قتيبة وغريب الخطابي وكنت إبتدأت به في الموصل وعملت كتاب الواضحة في إعراب الفاتحة نحو عشرين كراساً، وكتاب الألف واللام، وكتاب ربّ، وكتاباً في الذات والصفات الذاتية الجارية على ألسنة المتكلمين، وقصدت بهذه المسألة الرد على الكندي، ووجدت بدمشق الشيخ عبد اللَّه بن نائلي نازلاً بالمأذنة الغربية، وقد عكف عليه جماعة وتحزب الناس فيه حزبين له وعليه فكان الخطيب الدولعي عليه، وكان من الأعيان له منزلة وناموس، ثم خلط ابن نائلي على نفسه فأعان عدوه عليه، وصار يتكلم في الكيمياء والفلسفة، وكثر التشنيع عليه، واجتمعت به فصار يسألني عن أعمال أعتقد أنها خسيسة نزرة فيعظمها ويحتفل بها ويكتبها مني، وكاشفته فلم أجده كما كان في نفسي، فساء به ظني وبطريقه، ثم باحثته في العلوم فوجدت عنده منها أطرافاً نزرة فقلت له يوماً لو صرفت زمانك الذي ضيعته في طلب الصنعة إلى بعض العلوم الشرعية أو العقلية كنت اليوم فريد عصرك، مخدوماً طول عمرك، وهذا هو الكيمياء لا ما تطلبه، ثم اعتبرت بحاله وانزجرت بسوء ما له، والسعيد من وعظ بغيره، فأقلعت ولكن لا كل الإقلاع، ثم إنه توجه إلى صلاح الدين بظاهر عكا يشكو إليه الدولعي، وعاد مريضاً وحمل إلى البيمارستان فمات به، وأخذ كتبه المعتمد شحنة دمشق وكان متيماً بالصنعة.
ثم أني توجهت إلى زيادرة القدس، ثم إلى صلاح الدين بظاهر عكا فاجتمعت ببهاء الدين بن شداد قاضي العسكر يومئذ، وكان قد اتصل به شهرتي بالموصل فانبسط إلي وأقبل علي، وقال نجتمع بعماد الدين الكاتب فقمنا إليه، وخيمته إلى خيمة بهاء الدين فوجدته يكتب كتاباً إلى الديوان العزيز بقلم الثلث من غير مسودة، وقال هذا كتاب إلى بلدكم، وذاكرني في مسائل من علم الكلام، وقال قوموا بنا إلى القاضي الفاضل فدخلنا عليه، فرأيت شيخاً ضئيلاً كله رأس وقلب، وهو يكتب ويملي على اثنين، ووجهه وشفتاه تلعب ألوان الحركات لقوة حرصه في إخراج الكلام، وكأنه يكتب بجملة أعضائه، وسألني القاضي الفاضل عن قوله سبحانه وتعالى "حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها" أين جواب إذاً، وأين جواب لو في قوله تعالى "ولو أن قرآناً سيرت به الجبال" وعن مسائل كثيرة ومع هذا فلا يقطع الكتابة والإملاء، وقال لي ترجع إلى دمشق، وتجري عليك الجرايات فقلت أريد مصر، فقال السلطان مشغول القلب بأخذ الفرنج عكا وقتل المسلمين بها، فقلت لا بد لي من مصر فكتب لي ورقة صغيرة إلى وكيله بها.
فلما دخلت القاهرة جاءني وكيله وهو ابن سناء الملك، وكان شيخاً جليل القدر، نافذ الأمر، فأنزلني داراً قد أزيحت عللها، وجاءني بدنانير وغلة، ثم مضى إلى أرباب الدولة وقال هذا ضيف القاضي الفاضل فدررت الهدايا والصلات من كل جانب، وكان كل عشرة أيام أو نحوها تصل تذكرة القاضي الفاضل إلى ديوان مصر بمهمات الدولة وفيها فصل يؤكد الوصية في حقي، وأقمت بمسجد الحاجب لؤلؤ رحمه اللَّه إقرئ، وكان قصدي في مصر ثلاثة أنفس ياسين السيميائي والرئيس موسى بن ميمون اليهودي وأبو القاسم الشارعي، وكلهم جاؤوني، أما ياسين فوجدته محالياً كذاباً، مشعبذاً، يشهد للشاقاني بالكيمياء، ويشهد له الشاقاني بالكيمياء، ويقول عنه أنه يعمل أعمالاً يعجز موسى بن عمران عنها، وأنه يحضر الذهب المضروب متى شاء، وبأي مقدار شاء، وبأي سكة شاء، وأنه في الغاية قد غلب عليه عحب الرياسة، وخدمة أرباب الدنيا، وعمل كتاباً في الطب جمعه من الستة عشر لجالينوس، ومن خمسة كتب أخرى.
وشرط أن لا يغير فيه حرفاً إلا أن يكون واو عطف أو فاء وصل، وإنما ينقل فصولاً لا يختارها، وعمل كتاباً لليهود سماه كتاب الدلالة، ولعن من يكتبه بغير القلم العبراني، ووقفت عليه فوجدته كتاب سوء يفسد أصول الشرائع والعقائد بما يظن أنه يصلحها وكنت ذات يوم بالمسجد وعندي جمع كثير فدخل شيخ رث الثياب، نير الطعلة مقبول الصورة فهابه الجمع ورفعوه فوقهم، وأخذت في إتمام كلامي، فلما تصرم المجلس جاءني إمام المسجد وقال أتعرف هذا الشيخ؟ هذا أبو القاسم الشارعي فاعتنقته وقلت إياك أطلب، فأخذته إلى منزلي وأكلنا الطعام وتفاوضنا الحديث، فوجدته كما تشتهي الأنفس، وتلذ الأعين، سيرته سيرة الحكماء العقلاء وكذا صورته، وقد رضي من الدنيا ببرض، لا يتعلق منها بشيء يشغله عن طلب الفضيلة، ثم لازمني فوجدته قيماً بكتب القدماء وكتب أبي نصر الفارابي ولم يكن لي اعتقاد في أحد من هؤلاء لأني كنت أظن أن الحكمة كلها حازها ابن سينا وحشاها كتبه، وإذا تفاوضنا الحديث أغلبه بقوة الجدل وفضل اللسن، ويغلبني بقوة الحجة وظهور المحجة، وأنا لا تلين قناتي لغمزه، ولا أحيد عن جادة الهوى والتعصب برمزه، فصار يحضرني شيئاً بعد شيء من كتب أبي نصر والإسكندر ثامسطيوس يؤنس نفاري، ويلين عريكة شماسي حتى عطفت عليه أقدِّم رجلاً وأؤخر أخرى.
وشاع أن صلاح الدين هادن الفرنج وعاد إلى القدس فقادتني الضرورة إلى التوجه إليه، فأخذت من كتب القدماء ما أمكنني توجهت إلى القدس فرأيت ملكاً عظيماً يملأ العين روعة، والقلوب محبة، قريباً بعيداً، سهلاً محبباً، وأصحابه يتشبهون به، يتسابقون إلى المعروف كما قال تعالى "ونزعنا ما في صدورهم من غل"، وأول ليل حضرته وجدت مجلساً حفلاً بأهل العلم يتذاكرون في أصناف العلوم وهو يحسن الاستماع والمشاركة ويأخذ في كيفية بناء الأسوار وحفر الخنادق ويتفقه في ذلك الحجارة على عاتقه، ويتأسى به جميع الناس الفقراء والأغنياء، والأقوياء والضعفاء، حتى العماد الكاتب والقاضي الفاضل؛ ويركب لذلك قبل طلوع الشمس إلى وقت الظهر، ويأتي داره، ويمد الطعام، ثم يستريح، ويركب العصر ويرجع في المساء، ويصرف أكثر الليل في تدبير ما يعمل نهاراً، فكتب لي صلاح الدين بثلاثين ديناراً في كل شهر على ديوان الجامع وأطلق أولاده رواتب حتى تقرر لي في كل شهر مائة دينار.
ورجعت إلى دمشق وأكببت على الاشتغال وإقراء الناس بالجامع، وكلما أمعنت في كتب القدماء ازددت فهيا رغبة، وفي كتب ابن سنا زهادة وأطلعت على بطلان الكيمياء، وعرفت حقيقة الحال في وضعها، ومَن وضعها وتكذّب بها، وما كان قصده في ذلك، وخلصت من ضلالين عظيمين موبقين، وتضاعف شكري للَّه سبحانه على ذلك، فإن أكثر الناس إنما هلكوا بكتب ابن سينا وبالكيمياء،ثم أن صلاح الدين دخل دمشق، وخرج يودع الحاج، ثم رجع فحمّ ففصده من لا خبرة عنده فخارت القوة ومات قبل الرابع عشر ووجد الناس عليه شبيهاً بما يجدونه على الأنبياء، وما رأيت ملكاً حزن الناس بموته سواه لأنه كان محبوباً يحبه البر والفاجر، والمسلم والكافر، ثم تفرق أولاده وأصحابه أيادي سبأ، ومزقوا في البلاد كل ممزق، وأثرهم توجه إلى مصر لخصبها وسعة صدر ملكها وأقمت بدمشق وملكها الملك الأفضل وهو أكبر الأولاد في السن إلى أن جاد الملك العزيز بعساكر مصر يحاصر أخاه بدمشق، فلم ينل منه بغية، ثم تأخر إل مرج الصفر لقولنج عرض له فخرجت إليه بعد خلاصه منه فأذن لي في الرحيل معه، وأجرى علي من بيت المال كفايتي وزيادة، وأقمت مع الشيخ أبي القاسم يلازمني صباح مساء إلى أن قضى نحبه، ولما اشتد مرضه،و وكان ذات الجنب عن نزلة من رأسه وأشرت عليه بدواء فأنشد:
لا أذود الطير من شجر قد بلوت المر من ثمره
ثم سألته من ألمه فقال ما لجرح بميت إيلام
وكان سيرتي في هذه المدة، أنني أقرئ الناس بالجامع الأزهر من أول النهار إلى نحو الساعة الرابعة، وسط النهار يأتي من يقرأ الطب وغيره، وآخر النهار أرجع إلى الجامع الأزهر فيقرأ قوم آخرون، وفي الليل أشتغل مع نفسي، ولم أزل على ذلك إلى أن توفي الملك العزيز، وكان شاباً كريماًً شجاعاً كثير الحياء لا يحسن قول لا، وكان مع حداثة سنه وشرخ شبابه كامل العفة عن الأموال والفروج.
أقول ثم أن الشيخ موفق الدين أقام بالقارة بعد ذلك مدة، وله الرتب والجرايات من أولاد الملك الناصر صلاح الدين، وأتى إلى مصر ذلك الغلاء العظيم والموتان الذي لم يشاهد مثله، وألف الشيخ موفق الدين في ذلك كتاباً ذكر فيه أشياء شاهدها أو سمعها ممن عاينها تذهل العقل، وسمى ذلك الكتاب كتاب الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر، ثم لما ملك السلطان الملك العادل سيف الدين أبو بكر بن أيوب الديار المصرية وأكثر الشام والشرق، وتفرقت أولاد أخيه الملك الناصر صلاح الدين، وانتزع ملكهم توجه الشيخ موفق الدين إلى القدس، وأقام بها مدة، وكان يتردد إلى الجامع الأقصى ويشتغل الناس عليه بكثير من العلوم، وصنف هنالك كتباً كثيرة، ثم أنه توجه إلى دمشق ونزل بالمدرسة العزيزية بها، وذلك في سنة أربع وستمائة وشرع في التدريس والاشتغال، وكان يأتيه خلق كثير يشتغلون عليه ويقرأون أصنافاً من العلوم، وتميز في صناعة الطب بدمشق، صنف في هذا الفن كتاباً كثيرة وعرف به، وأما قبل ذلك فإنما كانت شهرته بعلم النحو، وأقام بدمشق مدة وانتفع الناس به، ثم إنه سافر إلى حلب، وقصد بلاد الروم وأقام بها سنين كثيرة، وكان في خدمة الملك علاء الدين داود ابن بهرام صاحب أرزنجان، وكان مكيناً عنده، عظيم المنزلة، وله من الجامكية الوافرة، والافتقادات الكثيرة، وصنف باسمه عدة كتب، وكان هذا الملك عالي الهمة، كثير الحياء، كريم النفس، وقد اشتغل بشيء من العلوم، ولم يزل في خدمته إلى أن استولى على ملكه صاحب أرزن الروم، وهو السلطان كيقباد بن كيخسرو بن قلج أرسلان، ثم قبض على صاحب أرزنجان ولم يظهر له خبر.
قال الشيخ موفق الدين عبد اللطيف ولما كان في سابع عشر ذي القعدة من سنة خمس وعشرين وستمائة، توجهت إلى أرزن الروم، وفي حادي صفر من سنة ست وعشرين وشتمائة، رجعت إلى أرزنجان من أرزن الروم، وفي نصف ربيع الأول توجهت إلى كماخ، وفي جمادى الأولى توجهت منها إلى دبركي، وفي رجب توجهت منها إلى ملطية، وفي آخر رمضان توجهت إلى حلب وصلينا صلاة عيد الفطر بالبهنساء، ودخلت حلب يوم الجمعة تاسع شوال فوجدناها قد تضاعفت عمارتها وخيرها بحسن سيرة أتابك شهاب الدين واجتمع الناس على محبتة لمعدلته في رعيته. أقول وأقام الشيخ موفق الدين بحلب والناس يشتغلون عليه، وكثرت تصانيفه، وكان له من شهاب الدين طغريل الخادم أتابك حلب جار حسن، وهو متنحل لتدريس صناعة الطب وغيرها، ويتردد إلى الجامع بحلب ليسمع الحديث ويقرئ العربية، وكان دائم الاشتغال، ملازماً للكتابة والتصانيف، ولما أقام بحلب قصدت أني أتوجه إليه واجتمع به فلم يتفق ذلك، وكان كتبه أبداً تصل إلينا ومراسلاته، وبعث إلي أشياء من تصانيفه من خطه وهذه نسخة كتاب كتبته إليه لما كان بحلب المملوك يواصل بدعائه وثنائه، وشكره وانتماءه إلى عبودية المجلس السامي المولوي، السيدي السندي، الأجل الكبيري، العالمي الفاضل، موفق الدين،و سيد العلماء في الغابرين والحاضرين، جامع العلوم المتفرقة في العالمين، ولي أمير المؤمنين، أوضح اللَّه به سبل الهداية، وأنار ببقائه طرق الدراية، وحقق بحقائق ألفاظه صحيح الولاية، ولا زالت سعادته دائمة البقاء، وسيادته سامية الارتقاء، وتصانيفه في الآفاق قدوة العلماء، وعمدة سائر الأدباء والحكماء، المملوك يجدد الخدمة، ويهدي من السلام أطيبه، ومن الشكر والثناء أعذبه، وينهي ما يكابده من أليم التطلع إلى مشاهدة أنوار شمسه المنيرة، وما يعانيه من الارتياح إلى ملاحظة شريف حضرته الأثيرة، وما تزايد من القلق، وتعاظم عند سماعه قرب المزار من الأرق
وأبرح ما يكون الشوق يوماً إذا دنت الديار من الـديار
ولولا قفول الركاب العالي، ووصول الجناب الموفقي الجلالي، لسارع المملوك إلى الوصول، ولبادر المبادرة بالمثول، ولجاء إلى شريف خدمته، وفاز بالنظر إلى بهي طلعته، فيا سعادة من فاز بالنظر إليه، ويا بشرى من مثل بين يديه، ويا سرور من حظي بوجه إقباله عليه، ومن ورد بحار فضله من غيرها، واستضاء بشمس علمه فسرى في ضياء منيرها، نسأل اللّه تعالى تقريب الاجتماع، وتحصيل الجمع بين مسرتي الإبصار والإسماع، بمنه وكرمه إن شاء اللّه تعالى، ومن مراسلات الشيخ موفق الدين عبد اللطيف أنه بعث إلى أبي في أول كتاب، وهو يقول فيه عندي ولد الولد أعز من الولد، وهذا موفق الدين ولد ولدي وأعز الناس عندي، وما زالت النجابة تتبين لي فيه من الصغر، ووصف وأثنى كثيراً، وقال فيه ولو أمكنني أن آتي إليه بالقصد ليشتغل علي لفعلت، وبالجملة فإنه كان قد عزم أن يأتي إلى دمشق ويقيم بها، ثم خطر له أنه قبل ذلك يحج، ويجعل طريقه على بغداد، وأن يقدم بها للخليفة المستنصر باللّه أشياء من تصانيفه، ولما وصل بغداد مرض في أثناء ذلك، وتوفي رحمه اللّه يوم الأحد ثاني عشر المحرم سنة تسع وعشرين وستمائة، ودفن بالوردية عند أبيه، وذلك بعد أن خرج من بغداد وبقي غائباً عنها خمساً وأربعين سنة، ثم إن اللّه تعالى ساقه إليها وقضى منيته بها، ومن كلام موفق الدين عبد اللطيف البغدادي، مما نقلته من خطه قال ينبغي أن تحاسب نفسك كل ليلة إذا آويت إلى منامك، وتنظر ما اكتسبت في يومك من حسنة فتشكر اللّه عليها، وما اكتسبت من سيئة فتستغفر اللّه منها وتقلع عنها، وترتب في نفسك مما تعمله في غدك من الحسنات، وتسأل اللّه الإعانة على ذلك. وقال أوصيك أن لا تأخذ العلوم من الكتب وإن وثقت من نفسك بقوة الفهم، وعليك بالأستاذين في كل علم تطلب اكتسابه، ولو كان الأستاذ ناقصاً فخذ عنه ما عنده حتى تجد أكمل منه، وعليك بتعظيمه وتوجيبه، وإن قدرت أن تفيده من دنياك فافعل، وإلا فبلسانك وثنائك، وإذا قرأت كتاباً فاحرص كل الحرص على أن تستظهره وتملك معناه وتوهم أن الكتاب قد عدم وأنك مستغن عنه، لا تحزن لفقده، وإذا كنت مكباً على دراسة كتاب وتفهمه فإياك أن تشتغل بآخر معه، ولصرف الزمان الذي تريد صرفه في غيره إليه، وإياك أن تشتغل بعلمين دفعة واحدة، وواظب على العلم الواحد سنة أو سنتين أو ما شاء اللّه، فإذا قضيت منه وطرك فانتقل إلى علم آخر، ولا تظن أنك إذا حصلت علماً فقد اكتفيت بل تحتاج إلى مراعاته لينمو ولا ينقص ، ومراعاته تكون بالذاكرة، والتفكر واشتغال المبتدئ بالتلفظ والتعلم، ومباحثة الأقران، واشتغال العالم بالتعليم والتصنيف، وإذا تصديت لتعليم علم أو للمناظرة فيه فلا تمزج به غيره من العلوم، فإن كل علم مكتف بنفسه مستغن عن غيره، فإن استعانتك في علم بعلم عجز عن استيفاء أقسامه كمن يستعين بلغة في لغة أخرى إذا علمها أو جهل بعضها، قال وينبغي للإنسان أن يقرأ التواريخ، وأن يطلع على السّير وتجارب الأمم فيصير بذلك كأنه في عمره القصير قد أدرك الأمم الخالية،وعاصرهم وعاشرهم، وعرف خيرهم وشرهم.
قال وينبغي أن تكون سيرتك سيرة الصدر الأول، فاقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وتتبع أفعاله وأحواله، واقتف آثاره، وتشبه به ما أمكنك وبقدر طاقتك، وإذا وقفت على سيرته في مطعمه ومشربه وملبسه ومنامه ويقظته وتمرضه وتطببه وتمتعه وتطيبه ومعاملته مع ربه ومع أزواجه وأصحابه وأعدائه، وفعلت اليسير من ذلك فأنت السعيد كل السعيد.
قال وينبغي أن تكثر إيهامك لنفسك ولا تحسن الظن بها، وتعرض خواطرك على العلماء وعلى تصانيفهم، وتتثبت ولا تعجل ولا تعجب فمع العجب العثار، ومع الاستبداد الزلل، ومن لم يعرق جبينه إلى أبواب العلماء لم يعرق في الفضيلة،ومن لم يخجلوه لم يبجله الناس، ومن لم يبكتوه لم يسد، ومن لم يحتمل ألم التعلم لم يذق لذة العلم، ومن لم يكدح لم يفلح، وإذا خلوت من التعلم والتفكر فحرّك لسانك بذكر اللّه وبتسابيحه، وخاصة عند النوم، فيتشربه لبك، ويتعجن في خيالك، وتكلم به في منامك، وإذا حدث لك فرح وسرور ببعض أمور الدنيا فاذكر الموت وسرعة الزوال وأصناف المنغصات، وإذا أحزنك أمر فاسترجع، وإذا اعترتك غفلة فاستغفر، واجعل الموت نصب عينك،والعلم والتقى زادك إلى الآخرة، وإذا أردت أن تعصي اللّه فاطلب مكاناً لا يراك فيه، واعلم أن الناس عيون اللّه على العبد يريهم خيره وإن أخفاه، وشره وإن ستره، فباطنه مكشوف للّه، واللّه يكشفه لعباده، فعليك أن تجعل باطنك خيراً من ظاهرك، وسرك أصبح من علانيتك، ولا تتألم إذا أعرضت عنك الدنيا فلو عرضت لك لشغلتك عن كسب الفضائل، وقلما يتعمق في العلم ذو الثروة، إلا أن يكون شريف الهمة جداً أو أن يثري بعد تحصيل العلم، وإني لا أقول إن الدنيا تعرض عن طالب العلم بل هو الذي يعرض عنها، لأن همته مصروفة إلى العلم فلا يبقى له التفات إلى الدنيا، والدنيا إنما تحصل بحرص وفكر في وجوهها فإذا غفل عن أسبابها لم تأته وأيضاً فإن طالب العلم تشرف نفسه عن الصنائع الرذلة، والمكاسب الدنية، وعن أصناف التجارات، وعن التذلل لأرباب الدنيا والوقوف على أبوابهم، ولبعض إخواني بيت شعر
من جد في طلب العلوم أفاته شرف العلوم دناءة التحصيل
وجميع طرق مكاسب الدنيا تحتاج إلى فراغ لها وحذق فيها، وصرف الزمان إليها، والمشتغل بالعلم لا يسعه شيء من ذلك، وإنما ينتظر أن تأتيه الدنيا بلا سبب، وتطلبه من غير أن يطلبها طلب مثلها، وهذا ظلم منه وعدوان، ولكن إذا تمكن الرجل في العلم وشهر به، خطب من كل جهة وعرضت عليه المناصب، وجاءته الدنيا صاغرة، وأخذها وماء وجهه موفوراً، وعرضه ودينه مصون، واعلم أن للعلم عقبة وعرفاً ينادي على صاحبه، ونوراً وضياء يشرق عليه ويدل عليه،كتاجر المسك لا يخفى مكانه، ولا تجهل بضاعته، وكمن يمشي بمشعل في ليل مدلهم، والعالم مع هذا محبوب أينما كان وكيفما كان، لا يجد إلا من يميل إليه، ويؤثر قربه ويأنس به، ويرتاح بمداناته واعلم أن العلوم تغور ثم تفور في زمان بمنزلة النبات أو عيون المياه، وتنتقل من قوم إلى قوم ومن صقع إلى صقع.
ومن كلامه أيضاً نقلته من خطه قال اجعل كلامك في الغالب بصفات أن يكون وجيزاً فصيحاً في معنى مهم أو مستحسن فيه إلغاز تام، وإيهام كثير أو قليل، ولا تجعله مهملاً ككلام الجمهور، بل ارفعه عنه، ولا تباعده عليهم جداً، وقال إياك والهذر، والكلام فيما لا يعني، وإياك والسكوت في محل الحاجة، ورجوع النوبة إليك إما لاستخراج حق، أو اجتلاب مودة، أو تنبيه على فضيلة، وإياك والضحك مع كلامك، وكثرة الكلام، وتبتيرالكلام، بل اجعل كلامك سرداً بسكون، بحيث يستشعر منك أن وراءه أكثر منه، وأنه عن خميرة سابقة، ونظر متقدم، وقال إياك والغلظة في الخطاب، والجفاء في المناظرة، فإن ذلك يذهب ببهجة الكلام، ويسقط فائدته، ويعدم حلاوته، ويجلب الضغائن، ويمحق المودات، ويصير القائل مستثقلا سكوته وأشهى إلى السامع من كلامه، ويثير النفوس على مفاندته، ويبسط الألسن بمخاشنته وإذهاب حرمته.
وقال لا تترفع بحيث تستثقل، ولا تتنازل بحيث تستخس وتستحقر.
وقال اجعل كلامك كله جدلاً، وأجب من حيث تعقل لا من حيث تعتاد وتألف.
وقال انتزح عن عادات الصبا، وتجرد عن مألوفات الطبيعة، واجعل كلامك لاهوتياً في الغالب لا ينفك من خبر أو قرآن أو قول حكيم أو بيت نادر أو مثل سائر.
وقال تجنب الوقيعة في الناس وثلب الملوك، والغلظة على المعاشر، وكثرة الغضب، وتجاوز الحد فيه.
وقال استكثر من حفظ الأشعار الأمثالية والنوادر الحكمية والمعاني المستغربة، ومن دعائه رحمه اللّه قال اللهم أعذنا من شموس الطبيعة وجموع النفس الردية، وأسلس لنا مقاد التوفيق، وخذ بنا في سواء الطريق، يا هادي العمي؛ يا مرشد الضلال، يا محيي القلوب الميتة بالإيمان، يا منير ظلمة الضلالة بنور الإتقان؛ خذ بأيدينا من مهواة الهلكة، نجنا من ردغة الطبيعة، طهرنا من درن الدنيا الدنية، بالإخلاص لك والتقوى، إنك مالك الآخرة والدنيا، وتسبيح أيضاً له قالسبحان من عم بحكمته الوجود، واستحق بكل وجه أن يكون هو المعبود، تلألأت بنور جلالك الآفاق، وأشرقت شمس معرفتك على النفوس إشراقاً وأي إشراق. ولموفق الدين عبد اللطيف البغدادي من الكتب كتاب غريب الحديث، جمع فيه غريب أبي عبيد القاسم بن سلام، وغريب ابن قتيبة، وغريب الخطابي، كتاب المجرد من غريب الحديث، كتاب الواضحة في إعراب الفاتحة، كتاب الألف واللام، مسألة في قوله سبحانه إذا أخرج يده لم يكد يراها، مسألة نحوية، مجموع مسائل نحوية وتعاليق، كتاب ربَّ، شرح بانت سعاد، كتاب ذيل الفصيح، الكلام في الذات والصفات الذاتية الجارية على ألسنة المتكلمين، شرح أوائل المفصل، خمس مسائل نحوية، شرح مقدمة ابن بابشاذ وسماه باللمع الكاملية، شرح الخطب النباتية، شرح الحديث المتسلسل، شرح سبعين حديثاً، شرح أربعين حديثاً طبية، كتاب الرد على ابن خطيب الري في تفسير سورة الإخلاص، كتاب كشف الظلامة عن قدامة،شرح نقد الشعر لقدامة، أحاديث مخرجة من الجمع بين الصحيحين، كتاب اللواء العزيز، باسم الملك العزيز في الحديث، كتاب قوانين البلاغة، عمله بحلب سنة خمس عشرة وستمائة، حواش على كتاب الخصائص لابن جني، كتاب الإنصاف، بين ابن بري وابن الخشاب على المقامات للحريري، وانتصار ابن بري للحريري، مسألة في قولهم أنت طالق في شهر قبل ما بعد قبلة رمضان، تفسير قوله عليه السلام الراحمون يرحمهم الرحمن، كتاب قبسة العجلان في النحو، اختصار كتاب الصناعتين للعسكري، اختصار كتاب العمدة لابن رشيق.
مقالة في الوفق، كتاب الجلي في الحساب الهندي، اختصار كتاب النبات لأبي حنيفة الدينوري وكتاب آخر في فنه مثله، اختصار مادة البقاء للتميمي، كتاب الفصول وهو بلغة الحكيم سبع مقالات فرغ منه في شهر رمضان سنة ثمان وستمائة، شرح كتاب الفصول لأبقراط، شرح كتاب تقدمة المعرفة لأبقراط، اختصار وشرح جالينوس لكتب الأمراض الحادة لأبقراط، اختصار كتاب الحيوان لأرسطوطاليس، تهذيب مسائل مابال لأرسطوطاليس، كتاب آخر في فنه مثله، اختصار كتاب منافع الأعضاء لجالينوس، اختصار كتاب آراء بقراط وأفلاطن، اختصار كتاب الجنسين، اختصار كتاب الصوت، اختصار كتاب المني، اختصار كتاب آلات التنفس، اختصار كتاب العضل، اختصار كتاب الحيوان للجاحظ، كتاب في آلات التنفس وأفعالها ست مقالات مقالة في قسمة الحميات وما يتقوم به كل واحد منها وكيفية تولدها، كتاب النخبة وهو خلاصة الأمراض الحادة، اختصار كتاب الحميات للإسرائيلي، اختصار كتاب البول للإسرائيلي، اختصار كتاب النبض للإسرائيلي، كتاب أخبار مصر الكبير، كتاب أخبار مصر الصغير، مقالتان، وترجمة كتاب الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر، وفرغ من تأليفه في العاشر من شعبان سنة ثلاث وستمائة بالبيت المقدس،كتاب تاريخ وهو يتضمن سيرته ألفه لولده شرف الدين يوسف، مقالة في العطش، مقالة في الماء، مقالة في إحصاء مقاصد واضعي الكتب في كتبهم وما يتبع ذلك من المنافع والمضار، مقالة في معنى الجوهر والعرض، مقالة موجزة في النفس، مقالة في الحركات المعتاضة، مقالة في العادات، الكلمة في الربوبية. مقالة تشتمل على أحد عشر باباً في حقيقة الدواء والغذاء ومعرفة طبقاتها وكيفية تركيبها، مقالة في البادئ بصناعة الطب، مقالة في شفاء الضد بالضد، مقالة في ديابيطس والأدوية النافعة منه، مقالة في الراوند حررها بحلب في جمادى الآخرة من سنة سبع عشرة وستمائة، كان قد وضعها بمصر سنة خمس وتسعين وخمسمائة، مقالة في السقنقور، مقالة في الحنطة، مقالة في الشراب والكرم، مقالة في البحران، صغيرة، رسالة إلى مهندس فاضل عملي، كتب بها من مدينة حلب، اختصار كتاب الأدوية المفردة لابن وافد، اختصار كتاب الأدوية المفردة لابن سمحون، كتاب كبير في الأدوية المفردة، مختصر في الحميات، مقالة في المزج، كتاب الرد على ابن الخطيب في شرحه بعض كليات القانون، وألف كتابه هذا لعمي رشيد الدين علي بن خليفة رحمه اللّّه وأرسله إليه، وكان تأليفه لذلك بحلب قبل توجهه إلى بلاد الروم، كتاب تعقب حواشي ابن جميع على القانون، مقالة يرد فيها على كتاب علي بن رضوان المصري في اختلاف جالينوس وأرسطوطاليس، مقالة في الحواس، مقالة في الكلمة والكلام، كتاب السبعة، كتاب تحفة الآمل، مقالة في الرد على اليهود والنصارى، مقالتان أيضاً في الرد على اليهود والنصارى، مقالة في ترتيب المصنفين، كتاب الحكمة العلائية ذكر فيه أشياء حسنة في العلم الإلهي وألف كتابه هذا لعلاء الدين داود بن بهرام صاحب أرزنجان، مقالة على جهة التوطئة في المنطق، حواش على كتاب البرهان للفارابي.
كتاب الترياق فصول منتزعة من كلام الحكماء حل شيء من شكوك الرازي على كتب جالينوس، كتاب المراقي إلى الغاية الإنسانية، ثمان مقالات، مقالة في ميزان الأدوية، مقالة أخرى في المعنى وكشف شبه وقعت لبعض العلماء، مقالة في المعنى في جواب ثلاث مسائل، مقالة سادسة مختصرة، مقالة تتعلق بموازين الأدوية الطبية في المركبات، قول أيضاً في المعنى، مقالة في التنفس والصوت والكلام، مقالة في اختصار كلام جالينوس في سياسة الصحة، انتزاعات من كتاب ديسقوريدس في صفات الحشائش، انتزاعات أخرى في منافعها، مقالة في تدبير الحرب كتبها لبعض ملوك زمانه في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، ووجدته أيضاً وقد ترجمها، مقالة في السياسة العملية، كتاب العمدة في أصول السياسة، مقالة في جواب مسألة سئل عنها في ذبح الحيوان وقتله وهل ذلك سائغ في الطبع وفي العقل كما هو سائغ في الشرع، مقالتان في المدينة الفاضلة، مقالة في العلوم الضارة، رسالة في الممكن، مقالتان، مقالة في الجنس والنوع أجاب بها في دمشق سؤال سائل في سنة أربع وستمائة، الفصول الأربعة المنطقية، تهذيب كلام أفلاطن، حكم منثورة إيساغوجي مبسوط الواقعات، مقالة في النهاية واللانهاية، كتاب تأريث الفطن في المنطق والطبيعي والإلهي، مقالة في كيفية استعمال المنطق، وكتب بهذه المقالة إلي من بلاد الروم، مقالة في حد الطب، مقالة في البادئ بصناعة الطب، مقالة في أجزاء المنطق التسعة، مجلد كبير، مقالة في القياس. كتاب في القياس، خمسون كراساً، ثم أضيف إليه المدخل والمقولات والعبارة والبرهان فجاء مقداره أربع مجلدات،مقالة في جواب مسألة في التنبيه على سبل السعادة الطبيعيات من السماع إلى آخر كتاب الحس والمحسوس ثلاث مجلدات، كتاب السماع الطبيعي، مجلدان، كتاب آخر في الطبيعيات من السماع إلى كتاب النفس، كتاب العجيب، حواش على كتاب الثمانية المنطقية للفارابي، شرح الأشكال البرهانية من ثمانية أبي نصر، مقالة في تزييف الشكل الرابع،مقالة في تزييف ما يعتقده أبو علي بن سينا من وجود أقيسة شرطية تنتج نتائج شرطية، مقالة في القياسات المختلطات والصرف، بارير مانياس مبسوط، مقالة في تزييف المقاييس الشرطية التي يظنها ابن سينا، مقالة أخرى في المعنى أيضاً،كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، كتاب المحاكمة بين الحكيم والكيميائي، رسالة في المعادن وإبطال الكيمياء، مقالة في الحواس، عهد إلى الحكماء، اختصار كتاب الحيوان لابن أبي الأشعث، اختصار القولنج لابن أبي الأشعث، مقالة في السرسام، مقالة في العلة المراقية، مقالة في الرد على ابن الهيثم في المكان، مختصر فيما بعد الطبيعة، مقالة في النخل، ألفها بمصر سنة تسع وتسعين وخمسمائة وبيضها بمدينة أرزنجان في رجب سنة خمس وعشرين وستمائة، مقالة في الملل، الكتاب الجامع الكبير في المنطق والعلم الطبيعي والعلم الإلهي، وهو زهاء عشر مجلدات التأم تصنيفه في نحو نيف وعشرين سنة، كتاب المدهش في أخبار الحيوان المتوج بصفات نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام قال ابتدأت بكراسة منه بدمشق سنة سبع وستمائة وكمل في أربعة أشهر بحلب سنة ثمان وعشرين وستمائة وهو في مائة كراس، كتاب الثمانية في المنطق وهو التصنيف الوسط)).
dr grioui
07-02-2011, 19:09
أبو الصلت.. عالم الطب وفصيح اللسان
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/1%28210%29.jpg
أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت من بلد دانية من شرق الأندلس، وهو من أكابر الفضلاء، في صناعة الطب وفي غيرها من العلوم، له التصانيف المشهورة والمآثر المذكورة، قد بلغ في صناعة الطب مبلغاً لم يصل إليه غيره من الأطباء، وحصل من معرفة الأدب ما لم يدركه كثير من سائر الأدباء، وكان أوحد في العلم الرياضي متقناً لعلم الموسيقى وعمله، جيد اللعب بالعود، وكان لطيف النادرة، فصيح اللسان، جيد المعاني، ولشعره رونق.
وأتى أبو الصلت من الأندلس إلى ديار مصر وأقام بالقاهرة مدة، ثم عاد بعد ذلك إلى الأندلس، وكان دخول أبي الصلت إلى مصر في حدود سنة عشر وخمسمائة، ولما كان في الإسكندرية حبس بها.
لأبي الصلت أمية بن عبد العزيز من الكتب الرسالة المصرية، ذكر فيها ما رآه في ديار مصر من هيئتها وآثارها، ومن اجتمع بهم فيها من الأطباء والمنجمين والشعراء وغيره من أهل الأدب؛ وألف هذه الرسالة لأبي الطاهر يحيى بن تميم بن المعز بن باديس، كتاب الأدوية المفردة على ترتيب الأعضاء المتشابهة الأجزاء والآلية، وهو مختصر قد رتبه أحسن ترتيب، كتاب الانتصار لحنين بن إسحاق علي بن رضوان في تتبعه لمسائل حنين، كتاب حديقة الأدب، كتاب الملح العصرية من شعراء أهل الأندلس والطارئين عليها، ديوان شعره، رسالة في الموسيقى، كتاب في الهندسة رسالة في العمل بالأسطرلاب، كتاب تقويم منطق الذهن.
dr grioui
07-02-2011, 19:10
ابن سعيد المغربي.. الرحالة سليل العلم
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/1%28209%29.jpg
(http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&username=engmsm)
ولد المؤرخ والشاعر والرحالة الاندلسي ابن سعيد بغرناطة في اسرة عريقة الحسب والنسب عام 1214م، كان لأفرادها صلة بالملوك وكان ابوه من أهل الادب والتأليف. فقد عمل هذا الاب على اتمام كتاب "المغرب في حلى المغرب" الذي كان الجد قد بدأه . لكن الوالد مات قبل ان ينجز العمل فتعهده ابن سعيد وأكمله .
عمل ابن سعيد لوزير الموحدين ابن جامع، وكان له ابن عم يعمل للموحدين ايضاً. فوقعت بين القريبين فرقة خشي ابن سعيد عاقبتها فاستأذن في الرحيل الى المشرق بحجة الحج، وصل الى الاسكندرية بمصر سنة 1241 م وكان والده قد سبقه اليها وأقام فيها، ولما كان وصوله متأخراً عن موعد الحج ، ذهب الى القاهرة ولقي فيها أيدمر التركي والبهاء زهير وابن يغمور الذي كان يعمل رئيساً للامور بالديار المصرية.
ترك لنا ابن سعيد وصفاً نفيساً لمصر والفسطاط ، اعطانا فيه صورة حية لما كانت عليه الحالة يومئذ. فوصف شوارع المدينة وابنيتها وأزقتها وتحدث عن نواحٍ من الحياة في الاحياء المخصصة للهو والطرب، اذ قال عنها انه قد يرقص الواحد في وسط السوق وقد يسكر الناس من الحشيش.
جاء مصر في تلك الفترة كمال الدين بن العديم رسولاً من الملك الناصر صاحب حلب فتعرف اليه ابن سعيد. ولما عرف ابن العديم عن قصد ابن سعيد من رحلته وعده بالمساعدة قائلاً: نعينك بما عندنا من الخزائن ونوصلك الى ما ليس عندنا كخزائن الموصل وبغداد وتصنف لنا.
انتقل ابن سعيد الى حلب حيث أكرمه الملك الناصر وعرّفه الى عدد كبير من رجال العلم والقلم الذين كان اكثرهم يعمل في حاشية الملك . ثم تحول الى دمشق ودخل مجلس السلطان المعظم وحضر مجلس خلوته .وذهب بعد ذلك الى الموصل فبغداد فالبصرة وحج وعاد الى المغرب فنزل في اقليبة بتونس واتصل بخدمة ابي عبد الله المستنصر .
عاد ابن سعيد مرة ثانية الى المشرق . وذُكر انه لما دخل الاسكندرية سأل عن الملك الناصر فاخبر بحاله وما جرى له من قتل التتار له . ويروى ان ابن سعيد اطلع على اخبار هجوم هولاكو على حلب وما تركته حملته من آثار التخريب والدمار .
ترك ابن سعيد بعد وفاته 1286م مؤلفات عديدة منها : " عنوان المرقصات والمطربات " في الشعر والادب ، و"الطالع السعيد في تاريخ بني سعيد " و " المغرب في حلى المغرب " الذي اشترك في تأليفه جده ووالده وهو، و " المشرق في حلى المشرق " واخيراً " المستنجز وعقله المستوفز ".
dr grioui
07-02-2011, 19:12
سند بن علي .. صاحب أزياج المأمون
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/11%2840%29.jpg
(http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&username=engmsm)
سند بن علي ويكنى أبا الطيب، فلكي ورياضي، يذكر أنه كان يهودياً وأسلم على يد الخليفة المأمون، الذي جعله من بين منجميه، وعينه رئيساً على الأرصاد كلها، وعاصر الخليفة العباسي المأمون.
عمل سند في مرصد الشماسية في بغداد الذي أنشأه الخليفة المأمون، وعمل فيه سند مع كل من العباس بن سعيد الجوهري، ويحيى بن منصور، وأحمد الفرغاني وأبناء موسى بن شاكر ،وعلم الدين البغدادي، وثابت بن قرة.
إسهاماته
يعود الفضل إلى سند في إنشاء مرصد بغداد، كما أنه وضع جداول فلكية أطلق عليها اسم "أزياج المأمون"، عمل بها المنجمون في زمانه وبعده، واشتهر بصناعة آلات الرصد الفلكية والإسطرلاب، كما أنه حقق مواضع بعض الكواكب.
وشارك سند في البعثة العلمية التي كلفها الخليفة المأمون لقياس محيط الأض، وكتب سند مذكرة عن ذلك وردت فيها أسماء علماء ومهندسين شاركوا في ذلك العمل منهم خالد بن عبد الملك المروزي، وعلي بن عيسى الأسطرلابي، وقد جرت عملية القياس المذكورة بالقرب من سنجار ما بين واسط وتدمر، وبلغت الدرجة المقاسة (57) ميلا عربيا.
وكان سند بن علي من المهندسين المتميزين لدى الخليفة المتوكل، وقد كلفه الخليفة بالتحقق بما ترامى له من أخبار عن خطأ قد ارتكبه بني موسى في حفر قناة الجعفري قرب البصرة.
تعاون سند مع يحيى ابن أبي منصور في وضع زيج فلكي كما كان له بحوث في الثقل النوعي، وترك سند بن علي عددا من المؤلفات المهمة والشروح في علم الرياضيات.
مؤلفاته
كان سند بن علي، إضافةً إلى اهتمامه بالأرصاد، يهتم بالعلوم الرياضية؛ وله فيها مؤلفات عديدة منها : "كتاب الحساب الهندي"، "كتاب الجمع والتفريق"، "كتاب الجبر والمفارقة"، "كتاب المنفصلات والمتوسطات" في النجوم والحساب.
إضافةً إلى ذلك، فَسَّرَ "سند" تسع مقالات من كتاب "الأصول في الهندسة" لإقليدس.
وفاته
توفي بعد سنة 250هـ ـ 864م
dr grioui
07-02-2011, 19:15
بنو موسى بن شاكر .. أسرة موسوعية
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/11%2841%29.jpg
(http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&username=engmsm)
عاش موسى بن شاكر في بغداد زمن الخليفة العباسي المأمون، وكان من المقربين من الخليفة، وقد اهتم بالفلك والتنجيم، وعندما توفي موسى بن شاكر، ترك أولاده الثلاثة صغاراً فرعاهم المأمون، وكلف إسحاق بن إبراهيم المصعبي بالعناية بهم، فأدخلهم إسحاق إلى بيت الحكمة الذي كان يحتوي على مكتبة كبيرة وعلى مرصد فلكي، إضافةً إلى القيام بترجمة الأعمال الفلسفية والعلمية من اليونانية. فنشأ بنو موسى في هذا الوسط العلمي وأصبحوا أبرز علماء بيت الحكمة.
واشتهر الأبناء الثلاثة، وهم محمد وأحمد والحسن باسم بنو موسى، أو الإخوة الثلاثة، وقد كان أكبرهم أبو جعفر محمد عالماً بالهندسة والنجوم و"المجسطي"؛ وكان أحمد متعمقاً في صناعة الحيل (الهندسة الميكانيكية) وأجاد فيها، وتمكن من الابتكار فيه؛ أما الحسن فكان متعمقاً في الهندسة، توفي أكبرهم سنة 872م ـ 259هـ.
إسهاماتهم العلمية
كان بنو موسى مبرزين في العلوم الرياضية، والفلكية، والميكانيكية، والهندسية؛ وأسهموا في تطويرها بفضل اختراعاتهم واكتشافاتهم المهمة.
وظهرت إسهاماتهم العلمية في مجال الميكانيكا في اختراع عدد من الأدوات العملية والآلات المتحركة، حيث ابتكروا عدداً من الآلات الفلاحية، والنافورات التي تظهر صوراً متعددة بالمياه الصاعدة، كما صنعوا عدداً من الآلات المنزلية، ولعب الأطفال، وبعض الآلات المتحركة لجر الأثقال، أو رفعها أو وزنها.
وفي الرياضيات، "كان لبني موسى باع طويل بشكل عام. كما أنهم استخدموا هذه المعارف الرياضية في أمور عملية، من ذلك أنهم استعملوا الطريقة المعروفة في إنشاء الشكل الأهليليجي (elliptic).
والطريقة هي أن تغرز دبوسين في نقطتين، وأن تأخذ خيطاً طوله أكثر من ضعف البعد بين النقطتين، ثم بعد ذلك تربط هذا الخيط من طرفيه وتضعه حول الدبوسين وتدخل فيه قلم رصاص، فعند إدارة القلم يتكون الشكل الأهليليجي.
أما في مجال الفلك، فقد حسب بنو موسى الحركة المتوسطة للشمس في السنة الفارسية، ووضعوا تقويمات لمواضع الكواكب السيارة، و مارسوا مراقبة الأرصاد وسجلوها.
ولعب بنو موسى دوراً مهماً في تطوير العلوم الرياضية، والفلكية، والهندسية وذلك من خلال مؤلفاتهم؛ ومن خلال رعايتهم لحركة الترجمة والإنفاق على المترجمين والعلماء.
وفي هذا الصدد تقول المؤلفة الألمانية زغريد هونكة عن بني موسى: "وقد قاموا بإيفاد الرسل على نفقتهم الخاصة إلى الإمبراطورية البيزنطية بحثاً عن المخطوطات الفلسفية، والفلكية، والرياضية، والطبية القديمة، ولم يتوانوا عن دفع المبالغ الطائلة لشراء الآثار اليونانية وحملها إلى بيتهم... وفي الدار التي قدمها لهم المتوكل على مقربة من قصره في سامراء، كان يعمل، دون إبطاء، فريق كبير من المترجمين من أنحاء البلاد."
مؤلفاتهم
كتب بنو موسى في علوم عدة مثل الهندسة، والمساحة، والمخروطات، والفلك، والميكانيكا، والرياضيات. ومن مؤلفاتهم: "كتاب الحيل"، وهو أشهر كتبهم، جمعوا فيه علم الميكانيكا القديمة، وتجاربهم الخاصة، ويقول أحمد يوسف حسن محقق هذا الكتاب: "إن الاهتمام بكتاب الحيل بدأ في الغرب منذ نهاية القرن التاسع عشر، ولكن الدراسات الجادة لم تظهر إلا مع بداية القرن العشرين، وذلك عندما نشر كل من فيديمان وهاو سر مقالات حول هذا الكتاب".
وفي سنة 1979 قام هيل (Hill) بترجمة الكتاب إلى الإنجليزية. وفي سنة 1981 نشر معهد التراث العلمي العربي في سوريا "كتاب الحيل" بعد أن قام الدكتور أحمد يوسف حسن وآخرون بتحقيقه.
ومن أهم مؤلفاتهم : " كتاب مساحة الأكر"، و"كتاب قسمة الزوايا إلى ثلاثة أقسام متساوية"، ترجمه جيرارد كريموني إلى اللاتينية، و" كتاب الشكل المدور والمستطيل"، و "كتاب الشكل الهندسي"، و "كتاب حركة الفلك الأولى".
يشار إلى أن بني موسى قد تعاونوا فيما بينهم لدرجة يصعب معها التمييز بين العمل الذي قام به كل واحد منهم، ولكنهم لعبوا دوراً مهماً في تطوير علوم الرياضيات، والفلك، والهندسة؛ وأثروا في عصرهم تأثيراً كبيراً.
dr grioui
07-02-2011, 21:33
الفرغاني .. جامع علم النجوم
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/bachwan1.jpg
هو أبو العباس أحمد بن محمد بن كثير الفرغاني، ويعرف عند الأوربيين باسم Alfraganus. ويُعَدُّ من أعظم الفلكيين الذين عملوا مع المأمون وخلفائه، وهو من معاصري الخوارزمي وبني موسى وسند بن علي، ولد في فرغانة وعاش في بغداد أيام المأمون العباسي في القرن التاسع الميلادي.
درس الفرغاني علوم الرياضيات والفلك حتى برع فيها، ونال حظوة عند الخليفة العباسي المأمون فكان من المقربين عنده لعلمه وخلقه ونزاهته، وأسند المأمون إليه دراسات كثيرة تتعلق بعلم الهيئة فقام بها على أحسن وجه كما عينه رئيسا لمرصد الشماسية في بغداد الذي يعتبر أول مرصد في الإسلام.
إسهاماته العلمية
كان الفرغاني عالماً في الفلك وأحكام النجوم ومهندساً، من إسهاماته أنه حدد قطر الأرض بـ 6500 ميل، كما قدر أقطار الكواكب السيارة.
درس الفرغاني في مرصد الشماسية علم تسطيح الكرة عن قرب فكان له آراء ونظريات أصيلة، وعندما قرر المأمون التحقق من قيمة محيط الأرض التي ذكرها القدماء اليونانيون، كان الفرغاني ضمن الفريق الذي خرج إلى صحراء سنجار مع بني موسى بن شاكر، وكانت القياسات التي توصلوا إليها في غاية الدقة.
وقام الفرغاني بتطوير المزولة، وعمل عدة تطويرات لآلة الأسطرلاب الذي استخدمه في قياس المسافات بين الكواكب وإيجاد القيمة العددية لحجومها، وحدد الفرغاني أقطار بعض الكواكب مقارنة مع قطر الأرض فذكر أن حجم القمر (39 / 1 ) من حجم الأرض، والشمس (166) ضعفا للأرض، والمريخ (8 / 15) من حجم الأرض، والمشتري (95 ضعفا) للأرض، وزحل (90) ضعفا للأرض، وهي قياسات تختلف قليلا عما توصل إليه العلم الحديث.
وبقيت قياسات الفرغاني مستخدمة في جميع بقاع العالم حتى القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، كما اعتمد علماء العرب والمسلمين في علم الفلك على نتائج الفرغاني.
يقول ألدو مييلي : والمقاييس التي ذكرها الفرغاني لمسافات الكواكب وحجمها عمل بها كثيرون، دون تغيير تقريباً، حتى كوبرنيكوس. وبذلك فقد كان لهذا العالم الفلكي المسلم تأثير كبير في نهضة علم الفلك في أوربا، وفي سنة 861 كلفه الخليفة المتوكل على الله بالإشراف على بناء قياس منسوب مياه نهر النيل في الفسطاط، فأشرف عليه وأنجز بناءه وكتب اسمه عليه.
مؤلفاته
ترك الفرغاني عدداً من المؤلفات القيمة، من أشهرها: كتاب "جوامع علم النجوم والحركات السماوية"، الذي ترجمه جيرار الكريموني إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر للميلاد كما ترجم إلى العبرية، وكان له تأثير كبير على علم الفلك في أوربا قبل ريجيومونتانوس Regiomontanus الرياضي الفلكي الذي برز في القرن الخامس عشر الميلادي، وطبعت ونشرت ترجمات هذا الكتاب عدة مرات خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين.
وترك "الفرغاني" مختصر لكتاب "المجسي لبطليموس" الذي نال شهرة عالمية وترجم إلى اللاتينية، وكتاب الكامل الذي وضع فيه أرائه في علم تسطيح الارض، وكتاب "في الأسطرلاب" الذي ذكر فيه تعديلات على آلة الاسطرلاب ، و"كتاب الجمع والتفريق".
وفاته
لم يحدد تاريخ وفاته بدقه ولكنه من المرجح أنه توفى بعد العام 861م.
dr grioui
07-02-2011, 21:37
البطروحي .. رائد علم الفلك الحديث
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/11%2842%29.jpg
(http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&username=engmsm) هو "أبو إسحاق نور الدين البطروحي"، فلكي وفيلسوف عربي عاش في العصر الذهبي للإسلام، ولد في بالمغرب وهاجر إلى أسبانيا واستقر في أشبيلية في الأندلس كان من تابعي ابن طفيل ومن معاصري ابن رشد، هاجر إلى أسبان
إسهاماته العلمية
كان للبطروحي أثر عظيم في العلوم الفلكية في الغرب حيث انتقد نظام بطليموس الفلكي وأثر في فلكيي وعلماء أوربا حتى القرن السادس عشر، فمهد الطريق بذلك أمام كوبرنيكوس. وقد كان معاصروه يعدّون آراءه تجديداً إيجابياً مهماً، بل إنهم كانوا، آنذاك، يتحدثون عن علم الفلك الجديد.
وقدم البطروجي نظرية فلكية جديدة، أحيا بها نظرية أودكسوس Eudoxos في الأفلاك المتعددة المركز، مع إدخال تعديل جذري عليها، كما قام بتطوير نظرية عن حركة الكواكب، وقال بالحركة البيضاوية للأرض ودورانها حول الشمس، وأثبت كروية الأرض وأنها تدور حول نفسها، ويسمونه عندهم بـ(Petagius) حتى أن فوهة ألبتراجيوس البركانية على سطح القمر على اسمه.
قال عنه "كارادي فو" : "أما البطروجي فله آراء مبتكرة في حركة الكواكب السيارة".
أعماله
من أهم مؤلفاته كتاب "الحياة" الذي عرف في أوربا في القرن الثالث عشر، بعد أن ترجمه "ميشيل سكوت إلى اللاتينية، كما ترجم إلى العبرية في القرن السادس عشر، وقد طبعت الترجمة اللاتينية لهذا الكتاب في فيينا عام 1531م.
توفي البطروحي في بداية القرن الثالث عشر حوالي 1204م/ 600هـ، وقد عاصر ابن طفيل وتتلمذ عليه.
dr grioui
07-02-2011, 21:40
قوانين الميكانيكا... للعرب لا لنيوتن
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/11%2838%29.jpg
(http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&username=engmsm)
تنسب قوانين الميكانيكا إلى العالم البريطاني "إسحاق نيوتن" الذي عاش خلال الفترة 1642- 1727م, على الرغم أن عددا من علماء العرب قد اكتشفوها من قبل نيوتن بمئات السنين.
ومن ضمن هذه القوانين قانون القصور الذاتي المسمى قانون نيوتن الأول، وهو نفس القانون الذي توصل إليه أخوان الصفا في رسالتهم الرابعة والعشرين (وهم علماء وفلاسفة من القرن العاشر الميلادي) فيقول أخوان الصفا: "أن الأجسام كل واحد له موضع مخصوص ويكون واقفا فيه لا يخرج إلا بقسر قاسر"، وهذا يعني أن الجسم الساكن يبقى مكانه حتى تجبره قوة على تغيير مكانه.
ويقول الشيخ الرئيس ابن سينا الذي عاش خلال الفترة من 980م- 1037م : " إنك لتعلم أن الجسم إذا خلى وطباعه ولم يعرض له من الخارج تأثير غريب ,لم يكن له بد من موضع معين وشكل معين" كما يقول : "وليست المعاوقة للجسم بما هو جسم بل بمعنى فيه يطلب البقاء على حاله"، وهذا يشير لنفس المعنى.
ويقول ابن سينا: "ليس شئ من الأشياء الموجودة يتحرك أو يسكن بنفسه أو يتشكل أو يفعل شيئا غير ذلك"، وهو ما يعني أن الجسم الساكن يبقى ساكنا والجسم المتحرك يبقى متحركا ما لم تؤثر عليه قوة.
ويقول الفخر الرازي الذي عاش في الفترة 1150-1210م في كتابه علم الإلهيات والطبيعيات: "وقد بينا أن تجدد مراتب السرعة والبطيء بحسب تجدد مراتب المعاوقات الخارجية والداخلية"
وتشير هذه النظريات التي توصل إليها العلماء العرب أنه لولا المعوقات مثل الاحتكاك لأحتفظ الجسم بسرعة ثابتة إذ أن تغير السرعة مرتبط بتغير هذه المعوقات علما أن ابن سينا هو أو من وضع هذا القانون ولهذا يجب أن يسمى هذا القانون قانون ابن سينا بدل قانون نيوتن الأول.
أما بخصوص قانون الحركة المعروف بـ "قانون نيوتن الثاني" فيقول هبة الله بن ملكا البغدادي في كتابه المعتبر في الحكمة عاش في الفترة 1087-1165م: " لو تحركت الأجسام في الخلاء لتساوت حركة الثقيل والخفيف, والكبير والصغير, والمخروط المتحرك على رأسه الحاد , والمخروط المتحرك على قاعدته الواسعة , في السرعة والبطيء" ويقول أيضا : " ..ويستدل على ذلك الحجر المرمي من عال من غير أن يكون عائدا عن صعود بحركة قسرية , ولا فيه ميل قسر , فإنك ترى مبدأ الغاية كلما كان ابعد كان آخر حركته أسرع" ويقول: "لأن الحركة الطبيعية تزداد سرعة كلما أمعنت".
ويقول ابن سينا : "وأما ما يعتري الأجسام الصغيرة مثل الخردلة مثل التبنة ومثل نحاتة الخشب ,مع أنها لا تنفذ عند الرمي في الهواء نفوذ الثقيل, فليس السبب أن الأثقل اقبل للرمي والجر, بل لأن بعض هذه لصغرها …….لا تبلغ شدتها أنها تقدر بها أن تخرق الهواء"، ويقول أيضا: "وبعضها يكون متخلخلا لا يقدر على خرق الهواء …" ، "مقاومة المنفوذ فيه –أي الهواء- هو المبطل للقوة المحركة"
ويقول الفخر الرازي : "وأما أن كان الجسم معارضا بما يدفعه مثل الحجر الهاوي فإن الهواء يقاومه وبقدر تلك المقاومة يحصل الفتور".
وهذه النصوص تؤكد أن العرب توصلوا لفهم القانون الثاني للحركة المسمى قانون نيوتن الثاني قبل نيوتن بمئات السنين وعرفوا أن الأجسام تتسارع عندما تسقط سقوطا حرا وأن جميع الأجسام تسقط بتسارع واحد ولكن مقاومة الهواء هي التي تعيق الأجسام الخفيفة.
وكذلك الحال بالنسبة لقانون نيوتن الثالث، فيقول أبو البركات هبة الله بن ملكا البغدادي: "إن الحلقة المتجاذبة بين المصارعين لكل واحد من المتجاذبين في جذبها قوة مقاومة لقوة الآخر , وليس إذا غلب أحدهما فجذبها نحوه تكون قد خلت من قوة جذب الآخر , بل تلك القوة موجودة مقهورة , ولولاها لما احتاج الأخر إلى كل ذلك الجذب" ويقول الفخر الرازي: "فالحبل الذي يجذبه جاذبان متساويا القوة إلى جهتين مختلفتين….."
والعالم هبة الله البغدادي هو أول من كتب في هذا العلم ولهذا يجب أن يسمى هذا القانون قانون (هبة الله البغدادي)
قانون الجذب العام ينسب لنيوتن وينص على أن أي كتلتين يوجد بينهما تجاذب يتناسب طردا مع كتلتهما وعكسيا مع مربع المسافة, وقد قرأنا عن قصة التفاحة التي سقطت وألهمت عبقرية نيوتن هذا القانون، والحقيقة أن العرب عرف أن بين الأجسام قوة تجاذب وذلك قبل اسحق نيوتن بمئات السنين ويقول الإمام فخر الدين الرازي في كتابه (المباحث المشرقية في علم الإلهيات والطبيعيات): "انجذاب الجسم إلى مجاوره الأقرب أولى من انجذابه إلى مجاوره الأبعد"
يقول ثابت بن قرة الحراني المدرة إنما تعود إلى الأسفل لأن بينها وبين كلية الأرض مشابهة في كل الأعراض أعني البرودة واليبوسة والكثافة والشيء ينجذب إلى أمثله والأصغر ينجذب إلى أعظم.
أما القوة الطبيعية أو (قوة التثاقل) فقد فهم العرب تماما أن لكل جسم قوة (طبيعية) فيه هي القوة التي نسميها اليوم قوة التثاقل وهي القوة الناشئة عن جاذبية الأرض، ويقول الشيخ الرئيس ابن سينا في كتابه الشفاء: إن الأجسام الموجودة ذوات الميل كالثقيلة والخفيفة أما الثقيلة فمما يميل إلى أسفل وأما الخفيفة فمما يميل إلى فوق فأنها كلما ازدادت ميلا كان قبولها للتحريك القسري أبطأ فإن نقل الحجر العظيم الشديد الثقل أو جره ليس كنقل الحجر الصغير القليل الثقل أو جره، فالميل هنا بمعنى قوة الجاذبية ونحن نعلم أن الجسم كلما زاد وزنه كلما زادت قوة احتكاكه بالسطح الذي عليه يرتكز إذ أن قوة الاحتكاك تتناسب تناسبا طردياً مباشرا مع وزن الجسم وبالتالي فكلما زاد وزن الجسم كلما ازدادت مقاومته للتحريك بمعنى أن القوة اللازمة للتغلب على قوة الاحتكاك تزيد بزيادة وزن الجسم هذا هو المعنى الذي ورد في كلام ابن سينا وقد ضرب له مثلا تحريك الحجر شديد الثقل.
dr grioui
07-02-2011, 22:24
الطوسي.. شارح علم المثلثات
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/11%2837%29.jpg
طابع بريد إيراني عليه صورة للطوسي
هو أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن نصير الدين الطوسي، ولد في مدينة طوس، قرب نيسابور (فارس) سنة 597هـ (1201م)، وتوفي في بغداد سنة 672هـ (1274م)، وهو أحد الأفذاذ القلائل الذين ظهروا في القرن السادس للهجرة، وأحد حكماء الإسلام المشار إليه بالبنان، الذين اشتهروا بلقب "العلامة".
بدأ حياته العملية كفلكي للوالي نصير الدين عبد الرحمن بن أبي منصور في سرتخت، وبلغ الطوسي مكانة كبيرة في عصره، فقد كرمه الخلفاء وجالس الأمراء والوزراء، وهو ما أثار عليه حسد الحاسدين، فوشوا به وحكم عليه بالسجن في قلعة "ألموت"، مع السماح له بمتابعة أبحاثه، فكتب معظم مصنفاته العلمية في هذه القلعة.
ولما استولى هولاكو، ملك المغول، على بغداد (656هـ1258م)، أراد أن يستفيد من علماء أعدائه العباسيين، فأطلق سراح الطوسي وقربه إليه وأسند إليه نظارة الوقف، ثم عينه على رأس مرصد مدينة مراغة (إيران) الذي تم إنشاؤه بطلب من الطوسي.
وفي هذا المرصد، كان الطوسي يشرف على أعمال عدد كبير من الفلكيين الذين استدعاهم هولاكو من مختلف أنحاء العالم، ومنهم المؤيد العُرْضِي من دمشق، والفخر المراغى من الموصل، ونجم الدين القزويني، ومحيى الدين المغربي، واشتهر هذا المرصد بآلاته وبمقدرته في الرصد، وبني بالمرصد مكتبة عظيمة ملأها من الكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة، وقدر عدد الكتب بها بنحو أربعمائة ألف مجلد.
إسهاماته العلمية
كتب الطوسي في المثلثات، وفي الهيئة، والجبر، وإنشاء الأسطرلابات وكيفية استعمالها.
في علم المثلثات كان الطوسي أول من جعلها مستقلة عن الفلك، وابتكر براهين جديدة لمسائل فلكية متنوعة، وهو أول من استعمل الحالات الست للمثلث الكروي القائم الزاوية.
يقول "كارادي فو" إن الطوسى قد بسط في كتابه "الشكل الرباعي" علم المثلثات بأوضح أسلوب وأسهله، أولاً على طريقة منالاووس وبطليموس، ثم على طرق استنبطها هو مشيراً إلى نتائجها، وقاعدته التي سماها "قاعدة الأشكال المتتامة"، تخالف استعمال نظرية بطليموس في الأشكال الرباعية''.
وتساوي عبقرية نصير الدين الطوسي الهندسية عبقريته الفلكية، وقد برع الطوسي في معالجة المتوازيات الهندسية، وجرب أن يبرهنها، وبني برهانه على فروض، وبرهن في "كتاب التذكرة" على عدد من المسائل الهندسية.
ويمتاز الطوسى في بحوثه الهندسية بإحاطته الكلية بالمبادئ والقضايا الأساس التي تقوم عليها الهندسة، ولاسيما ما يتعلق بالمتوازيات، وله في الفلك إسهامات وإضافات مهمة، فقد أوضح كثيراً من النظريات الفلكية، وانتقد كتاب "المجسطي"، واقترح نظاماً فلكياً أبسط من النظام الذي وضعه بطليموس، فمهد بذلك الطريق أمام الإصلاحات التي جاء بها كوبرنيك فيما بعد. وللطوسي أيضاً بحوث في الكرة السماوية ونظام الكواكب.
مؤلفاته
كتب نصير الدين في المثلثات، والفلك، والجبر، والهندسة، والحساب، والتقاويم، والطب، والجغرافية، والمنطق، والأخلاق، والموسيقي، وغيرها من المواضيع، كما ترجم بعض كتب اليونان وعلق على مواضيعها شارحاً ومنتقداً.
ومن أشهر مؤلفاته: "كتاب شكل القطاع"، وهو أول مؤلف فرق بين حساب المثلثات وعلم الفلك، والذي يقول عنه كارادي فو : "وهو مؤلف من الصنف الممتاز في علم المثلثات الكروية". ترجم إلى اللاتينية والفرنسية والإنجليزية، وظل الأوربيون يعتمدون عليه لعدة قرون.
وفي علم الفلك كتب الطوسي "التذكرة النصيرية"، وهو كتاب عام لعلم الفلك، أوضح فيه كثيراً من النظريات الفلكية، وفيه انتقد "كتاب المجسطي" لبطليموس. ويعترف "سارطون" بأن هذا الانتقاد يدل على عبقرية الطوسي وطول باعه في الفلك.
ومن كتبه أيضا "زيج الإيلخاني" الذي يشتمل على حسابات أرصاده التي قام بها خلال اثنتي عشرة سنة؛ و"كتاب قواعد الهندسة" و"كتاب في الجبر والمقابلة" و"كتاب ظاهرات الفلك"، و"كتاب تحرير المناظر" في البصريات.
وكتب نصير الدين مصنفاته بالعربية والفارسية، وترجمت إلى اللاتينية وغيرها من اللغات الأوربية في العصور الوسطى، كما تم طبع العديد منها.
dr grioui
07-02-2011, 22:28
عبد الرحمن الصوفي : راصد النجوم
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/11%2835%29.jpg
صفحتين من كتاب الكواكب الثابتة للصوفي
عالم فلك مسلم من القرن التاسع الميلادي اسمه بالكامل هو أبو الحسن عبد الرحمن بن عمر بن سهل الصوفي الرازي (291هـ-376هـ/986-903م ) ولد بالري في بلاد فارس، وكان من كبار علماء الفلك والتنجيم، وهو من أعظم فلكيي الإسلام، على حد تعبير المؤرخ جورج سارطون.
وقد كان صديقاً للخليفة البويهي عضد الدولة الذي اتخذه منجماً ومعلماً له لمعرفة مواضع النجوم الثابتة وحركاتها، وهو يعتبر أول شخص قال أن الأرض كروية.
إسهاماته العلمية
قدم الصوفي في علم الفلك إسهامات مهمة تتجلى في المنجزات التالية : رَصَدَ النجوم، وعدَّها وحدد أبعادها عرضاً وطولاً في السماء، واكتشف نجوماً ثابتة لم يسبقه إليها أحد من قبل.
رسم خريطة للسماء حسب فيها مواضع النجوم الثابتة، وأحجامها، ودرجة شعاع كل منها، ووضع فهرساً للنجوم لتصحيح أخطاء من سبقوه.
واعترف الأوربيون بدقة ملاحظاته الفلكية حيث يصفه ألدومييلي بأنه من أعظم الفلكيين العرب الذين ندين لهم بسلسلة دقيقة من الملاحظات المباشرة، ثم يتابع قائلاً : ولم يقتصر هذا الفلكي العظيم على تعيين كثير من الكواكب التي لا توجد عند بطليموس، بل صحح أيضاً كثيراً من الملاحظات التي أخطأ فيها، ومكن بذلك الفلكيين المحدثين من التعرف على الكواكب التي حدد لها الفلكي اليوناني مراكز غير دقيقة.
مؤلفاته
من أهم مؤلفاته "كتاب الكواكب الثابتة" الذي يعدّه سارطون أحد الكتب الرئيسة الثلاثة التي اشتهرت في علم الفلك عند المسلمين، أما الكتابان الآخران، فأحدهما لابن يونس، والآخر لألغ بك، ويتميز كتاب الكواكب الثابتة بالرسوم الملونة للأبراج والصور السماوية.
ومن مؤلفاته أيضا: "رسالة العمل بالأسطرلاب"، "كتاب التذكرة"، "كتاب مطارح الشعاعات"، "كتاب الأرجوزة في الكواكب الثابتة"، وتوجد نسخ من بعض هذه المؤلفات في مكتبات عدد من الدول مثل الأسكوريال بمدريد، وباريس، وأكسفورد
dr grioui
07-02-2011, 22:34
الجبرتي.. شيخ المؤرخين وصاحب عجائب الآثار
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/44.bmp
عبد الرحمن الجبرتي
هو عبد الرحمن الجبرتي ولد عام 1167هـ/1754م، لكن والده لم يفرح بولادته كسائر الآباء، بل استقبله استقبالا حزينًا؛ فقد ولد له أطفال كثيرون من قبل، وكان الموت يخطفهم من بين يديه بعد أن يبلغوا من العمر عامًا أو عامين، فكان يخشى أن يكون مصيره مثل مصير إخوته لكن عناية الله أحاطت بـعبد الرحمن فلم تمتد إليه يد الموت، وقدرت له الحياة.
نشأ عبد الرحمن في بيت أبيه، يحفظ القرآن الكريم، وكغيره من أولاد العلماء ذهب إلى المدارس والكتاتيب لتعلم العلوم الدينية، وعين له والده شيخًا ليحفظه القرآن هو الشيخ (محمد موسى الجناجي) وشب عبد الرحمن فرأى العلماء والأدباء يأتون منزل أبيه؛ يتحدثون في العلوم والآداب، فجلس يستمع إليهم، ويأخذ من علمهم، كما استمع إلى كبار رجال الدولة وأمراء المماليك وأغنياء مصر الذين كانوا لا ينقطعون عن زيارة أبيه، بل إن جماعة من الأوروبيين كانت تأتي إليه؛ ليتعلموا على يديه علم الهندسة، فعرف الجبرتي الكثير عن أحوال مصر وأسرارها، وكان يدخر كل ذلك في ذاكرته الحافظة الواعية، وازداد عبد الرحمن الجبرتي علمًا عندما ارتاد حلقات الأزهر الشريف.
توفي والد عبد الرحمن عام 1188هـ فترك له ثروة كبيرة وأراضٍ زراعية في أنحاء عديدة من مصر، فاضطر أن يتفقد أملاكه بنفسه، فرحل عن القاهرة حيث توجد هذه الأراضي في أقاليم مصر المختلفة فتهيأت له فرصة مناسبة ليعرف أحوال مصر، وطبقات الشعب من حكام وفلاحين وعمال ثم عاد إلى القاهرة بعد أن ازدادت معارفه، وواصل الشاب دراسته بالأزهر.
اسهاماته
تنقل "الجبرتي" في أنحاء مصر ليعرف مواقعها، ويتصل بعلمائها وكبارها وليعرف كيفية الحياة في القرى، وما يعانيه الفلاح من شظف العيش وقد كان بطبيعته ميالاً للشهرة محباً للرحلة، وقد ساعده على ذلك ثروته الكبيرة، ورغبته في المعرفة والاطلاع التي كانت تدفعه دائماً، فأحاط الجبرتي بكثير من أخبار البلاد والعباد، مما جعله صادق الأحكام دقيقاً في تحليل الأمور مستوعباً لكل صغيرة وكبيرة من حياة الشعب المصري في الفترة التي تحدث عنها وتعامل معها.
ومن أهم اسهاماته كتابه الكبير "عجائب الآثار فى التراجم والأخبار"، الذي أرخ فيه لتاريخ مصر العام والخاص في فترة تزيد عن 150 عاما، فظل يبحث عن مصادره ومراجعه، وبدأ يدون الأسماء للأمراء ومن بلغ منهم مشيخة البلد ومن شاركه في الحكم، واستعان في علمه هذا بكل من اعتقد أن عندهم عوناً، ومن هؤلاء صديقه المشهور إسماعيل الخشاب الذي التحق شاهداً بالمحكمة، وكان من المشهورين بالعلم والأدب في عصره.
وكان "الجبرتي يرصد ويدوّن الحوادث والمتفرقات، ويسند كل ما يقول ويدون إلى مصدر ثقة أو شاهد عيان سماع عاصر الحدث أو سمع عنه، وكان يحرص أن يعاين الأحداث العامة بنفسه ليتوخى الصدق ويتجنب نقل الأخبار الكاذبة، وتعرّض الجبرتي في سياق ذلك لكل شيء، فقد ذكر الأحوال الاقتصادية من زراعة وتجارة وفلاحة، وإلى أنواع النقود المتداولة في الدولة وإلى الأسعار وأنواع المقايضات التي كانت تحكم العلاقات التجارية، وتعرض إلى الحياة الاجتماعية بكل ما فيها من أحوال شخصية وعادات أسرية وقيم سائدة في المجتمع آنذاك، كما تعرض إلى الحياة الدينية والثقافية وأخبار الأدباء والعلماء المشهورين والمشايخ البارزين.
وواجه الجبرتي صعوبة في تدوين المئة سنة الماضية عليه، أي من عام 1070 هـ حتى 1170 هـ، لأن هذه السنوات سابقة على حياته، ولذلك حرص على أن يدون الأسماء من الدواوين الرسمية، أما بعد ذلك فهو عليه هيّن، ويقول في شرح ذلك : " إنها تستبهم عليّ (المئة الماضية إلى السنة السبعين) وأما ما بعدها فأمور شاهدتُها، وأناس عرفتهم، على أني سوف أطوف بالقرافات (المقابر) وأقرأ المنقوش على القبور، وأحاول جهدي أن أتصل بأقرباء الذين ماتوا، فأطلع على إجازات الأشياخ عند ورثتهم، وأراجع أوراقهم إن كانت لهم أوراق، وأسأل المعمرين ماذا يعرفون عمن عايشوهم، ولا أرى بعد ذلك مرجعاً أعتمده غير ما طلبتُ منك (أي من الخشاب)" .
وعندما جاءت الحملة الفرنسية على مصر 1798م ، كان الجبرتي في وقتها في الرابعة والأربعين من عمره، ولذلك فهو لم ينقطع خلال فترة بقاء الفرنسيين في مصر عن تسجيل أعمالهم، ورصد تحركاتهم، والتعليق على أقوالهم وأفعالهم، وكان أكثر العلماء الأزهريين دقة في تدوين ملاحظاته على نظام الحياة في مجتمع الجنود الفرنسيين وطرائقهم في تنظيم حياتهم في كتابه "مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس".
وانقسمت ملاحظات الجبرتي إلى قسمين هما : الملاحظات السياسية وهي التي تتعلق بنظم الحكم الذي اتبعه الفرنسيين ومنشوراتهم وتقاريرهم وتحليل أقوالهم ورصد أهدافهم من الحملة ووجودهم في مصر، والقسم الثاني هو الملاحظات الإجتماعية، الذي تحدث فيها الجبرتي عن مشاهداته الشخصية وتجاربه العملية الحياتية، وقد تفاوتت مواقفه من الحياة الاجتماعية والثقافية للفرنسيين فأحياناً كنتَ تراه معجباً ببعض مظاهر السلوك ولا سيما ما يتعلق بالمعرفة وحب العلم وإجراء التجارب واستخدام الأجهزة والأدوات، وساخطاً فيما يتعلق بتصرفات النساء منهم وخروجهن للعمل سافرات على غير المعهود في المجتمعات الإسلامية في ذلك الوقت.
مؤلفاته
ترك عبد الرحمن الجبرتي مؤلفين مهمين الأول هو " عجائب الآثار فى التراجم والأخبار " المعروف باسم "تاريخ الجبرتي" وهو مؤلف من أربع مجلدات تمتد من سنة 1688م إلى سنة 1821م أرخ فيه لتاريخ مصر العام والخاص فى ذلك الوقت ، أما المؤلف الثاني فهو "مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس" ويغطي فترة الاحتلال الفرنسي لمصر من سنة 1798م إلى سنة 1800م .
dr grioui
07-02-2011, 22:37
الماوردي: صاحب الحاوي الكبير
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/42.bmp
أبو الحسن علي بن محمد الماوردي
(http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&username=engmsm)
هو أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي أكبر قضاة آخر الدولة العباسية ، صاحب التصانيف الكثيرة النافعة ، الفقيه الحافظ ، من أكبر فقهاء الشافعية و الذي ألّف في فقه الشافعية موسوعته الضخمة في أكثر من عشرين جزءًا. ولد الماوردي في البصرة عام 364 هجرية، لأب يعمل ببيع ماء الورد فنسب إليه فقيل "الماوردي".
ارتحل به أبوه إلى بغداد، وبها سمع الحديث، ثم لازم واستمع إلى أبي حامد الإسفراييني، وعمل بالتدريس في بغداد ثم بالبصرة وعاد إلى بغداد مرة أخرى، وكان يعلم الحديث وتفسير القرآن، لقب عام 429 هـ تلقب بأقضى القضاة، وكانت مرتبته أدنى من قاضي القضاة، ثم بعد ذلك تولى منصب قاضي القضاة.
نشأ الماوردي، معاصرا خليفتين من أطول الخلفاء بقاء في الحكم: الخليفة العباسي القادر بالله، ومن بعده ابنه القائم بأمر الله الذي وصل الضعف به مبلغه حتى إنه قد خطب في عهده للخليفة الفاطمي على منابر بغداد.
كان الماوردي ذو علاقات مع رجال الدولة العباسية كما كان سفير العباسيين ووسيطهم لدى بني بويه والسلاجقة، بسبب علاقاته هذه يرجح البعض كثرة كتابته عما يسمى بالفقه السياسي.
اتهم الماوردي بالاعتزال ولكن انتصر له تلميذه الخطيب البغدادي فدافع عنه ودفع عنه الادعاء، وتوفي في يوم الثلاثاء شهر ربيع الأول من سنة 450 هـ، و دفن في مقبرة باب حرب، و كان قد بلغ 86 سنة، و صلى عليه الإمام الخطيب البغدادي.
اسهاماته
يعد تفسير الماوردي "النكت والعيون" من أوجز التفاسير التي عنيت باللغة والأدب، ونقل فيه الآراء التفسيرية السابقة له، ولم يقتصر على نقلها بل نقدها؛ حيث أعمل الماوردي جهده ورأيه في شرح وتفسير الآيات، نافيا أن يكون فعله مما يعدّ تفسيرا بالهوى والرأي المنهي عنه.
من أهم كتب الماوردي كتاب "أدب الدنيا والدين" الذي تناول فيه موضوعات أخلاقية ووعظية وإرشادية وفضائل دينية تناولا عمليا لا نظريا، وشمل الكتاب ملاحظات قيمة وأفكار وخطط وبرامج إصلاحية خلقيا واجتماعيا وسياسيا وتعليميا، وتناول الموضوعات تناولا عقليا مازجا بين النقل والعقل.
وفي كتابه "الأحكام السلطانية" جمع الماوردي ما سبقه من إشارات وتلميحات في مسائل الفقه السياسي في هذا الكتاب، وأسس لنفسه إطارا فكريا سياسيا، مستندا في ذلك إلى المقارنة بين حجج وأدلة سابقيه، محاولا أن يكون عمليا في كتابه لتسير عليه السلطة التنفيذية.
ومن كتب الماوردي السياسية أيضا كتاب "قوانين الوزارة"، وفيه تناول كل ما يخص الوزارة، ابتداء من تعريفها وأنواعها، إلى مؤهلات الوزراء وعلاقتهم ببعضهم وبمن يرأسهم، وأشار في هذا الكتاب إلى أن أهم أهداف الوزراء هي تحقيق الأمن العام، والنماء والخصب الدائم، وسيادة العدل.
مؤلفاته
من أهم مؤلفات الماوردي : أدب الدنيا والدين، الأحكام السلطانية، قانون الوزارة، سياسة أعلام النبوة، تفسير القرآن "النكت والعيون"، كتاب الحاوي الكبير، في فقه الشافعية في أكثر من عشرين جزءًا ، كتاب نصيحة الملوك، كتاب قوانين الوزارة وسياسة الملك، كتاب التفسير، كتاب الإقناع ، وهو مختصر كتاب الحاوي، كتاب أدب القاضي، كتاب أعلام النبوة، كتاب تسهيل النظر، كتاب في النحو، كتاب الأمثال والحكم.
dr grioui
07-02-2011, 22:39
الكَرَخِي.. واضع حلول المعادلات الرياضية
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/41.bmp
صفحة من كتاب للكرخي
(http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&username=engmsm)
يُعدُّ الكرخي من كبار علماء الرياضيات المسلمين، وكان له أثر كبير في تقدم علم الرياضيات، ورغم ذلك لا تتوافر عنه معلومات كافية، واسمه الحقيقي هو "أبو بكر محمد بن الحسن (أو الحسين) الحاسب الكرخى، نسبة إلى كرخ من ضواحي بغداد.
وتاريخ ميلاد "الكرخي" غير معروف، إلا أنه من المرجح أنه توفى سنة 410 هـ/ 1020م، وعاش في بغداد أيام الوزير أبو غالب محمد بن خلف فخر الملك، وزير بهاء الدولة البويهي، وبرع في الأنماط الرياضية وابتكر مثلثه المشهور الذي يعرف اليوم بمثلث باسكال.
إسهاماته العلمية
توجد في كتب الكرخي، لأول مرة عند العرب، حلول للمعادلات غير المحددة، كبقية المعادلات، على أساس الطرق التي اتبعها ديو فنطس، كما جاء الكرخي بحلول متنوعة لمعادلات الدرجة الثانية.
وقدم الكرخي بحوثاً في إيجاد الجذور التقريبية للأعداد، وبراهين للنظريات التي تتعلق بإيجاد مجموع مربعات ومكعبات الأعداد الطبيعية التي عددها.
مؤلفاته
من أشهر مؤلفات "الكرخي" كتاب "الفخري في الجبر"، وسمي الكتاب بالفخري نسبة إلى فخر الملك، وقد ألفه ما بين 401 و407هـ، ويقول سمث في كتابه "تاريخ الرياضيات"، إن كتاب الفخري أهم أثر في الجبر؛ وقد ترجمه المستشرق الفرنسي "فرانز ويبك (Franz Woepcke) سنة 1853.
ومن الكتب المهمة التي ألفها الكرخي كتاب "الكافي في الحساب"، والذي يشتمل على مبادئ الحساب المعروفة في ذلك الوقت، وكذلك بعض القوانين والطرق الحسابية المبتكرة لتسهيل بعض المعاملات، ولم يستخدم في هذا الكتاب الأرقام الهندية، بل وضع الأرقام كتابة بالحروف، وقد ترجمه "هوشايم Hocheim" إلى الألمانية، ونشر في ثلاثة أجزاء ما بين سنتي 1878 و1880، كما ألف كتاب "البديع في الحساب".
dr grioui
07-02-2011, 22:40
القَزويني: منظر علم الرصد الجوي
http://www.mawhopon.net/upload/image/basic_photo/11%2834%29.jpg
صفحة من كتاب للقزويني
(http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&username=engmsm)
هو أبو عبد الله بن زكريا بن محمد القزويني، ينتهي نسبه إلى أنس بن مالك عالم المدينة. ولد بقزوين في حدود سنة 605 للهجرة، وتوفي سنة 682 هـ، اشتغل بالقضاء مدة، ولكن عمله لم يلهه عن التأليف في الحقول العلمية، فقدم أعظم نظرياته في الرصد الجوي.
كان "القزويني" كثير التأمل في خلق الله، موصياٌ بذلك مسترشدا بالقرآن الذى حثنا على النظر في مصنوعات وبدائع خلقه وليس التحديق والنظر فقط بل التفكير في حكمتها وتصاريفها، ليزداد الإنسان يقيناً، ويقر بأن التأمل أساسهُ خبرة بالعلوم والرياضيات بعد تهذيب الأخلاق والنفس، لتنفتح البصيرة ويري الإنسان العجائب التى لا يستطيع تفسيرها.
اسهاماته
كان للقزويني العديد من الإسهامات العلمية في الجغرافيا والتاريخ الطبيعي، وشغف بعلوم الطبيعة والحياة لكن أعظم أعماله شأناً هي نظرياته في علم الرصد الجوي، ومن أشهر مؤلفاته كتابه المعروف "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات" الذي وصف فيه السماء وما تحوي من كواكب وأجرام وبروج، وتكلم عن الأرض وتضاريسها، وعن الرياح والبحار والأحياء، والنبات والحيوان والجماد.
ويقول القزويني في الفلك : "لننظر إلى الكواكب وكثرتها، واختلاف ألوانها، فإن بعضها يميل إلى الحمرة، وبعضها يميل إلى البياض، وبعضها إلى لون الرصاص. ثم إلى سير الشمس في فلكها مدة سنة، وطلوعها وغروبها كل يوم لاختلاف الليل والنهار، ومعرفة الأوقات. ثم إلى جرم القمر وكيفية اكتسابه النور من الشمس، ثم إلى امتلائه وانمحاقه، ثم إلى كسوف الشمس وخسوف القمر، ثم إلى ما بين السماء والأرض من الشهب والغيوم والرعد والصواعق والأمطار والثلوج والرياح المختلفة المهاب.."
وفي علم الأرصاد الجوية يقول :"لنتأمل السحاب الكثيف، كيف اجتمع في جو صاف، وكيف حمل الماء وكيف تتلاعب به الرياح وتسوقه وترسله قطرات… فلو صب صباً لفسد الزرع بخدشه الأرض. ثم إلى اختلاف الرياح فإن منها ما يسوق السحب، ومنها ما يعصرها ومنها ما يقتلع الأشجار، ومنها ما يروي الزرع والثمار، ومنها ما يجففها…".
وفي كتاب "عجائز المخلوقات" يتحدث القزويني عن الزوبعة فيقول :"هي الريح التي تدور على نفسها شبه منارة وأكثر، تولدها من رياح ترجع من الطبقة الباردة، فتصادف سحاباً تذروه الرياح المختلفة، فيحدث من دوران الغيم تدوير الرياح، فتنزل على تلك الهيأة، وربما يكون مسلك صدورها مدوراً فيبقى هبوبها كذلك مدوراً كما نشاهد في الشعر المجعد، فإن جمودته قد تكون لأعوجاج المسام وربما يكون سبب الزوبعة ريحين مختلفي الهبوب، فإنهما إذا تلاقيا تمنع أحداهما الأخرى من الهبوب، فتحدث بسبب ذلك ريح مستديرة تشبه منارة، وربما وقعت قطعة من الغيم وسط الزوبعة، فتذروها في الهواء، فترى شبه تنين يدور في الجو".
مؤلفاته
من أشهر مؤلفات القزويني كتابه الشهير "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات" وكتابه "آثار البلاد وأخبار العباد" الذي ضمّنه ثلاث مقدمات عن الحاجة إلى إنشاء المدن والقرى، وخواص البلاد، وتأثير البيئة على السكان والنبات والحيوان، كما عرض لأقاليم الأرض المعروفة آنذاك، وخصائص كل منها، ويضم هذا الكتاب أخبار الأمم وتراجم العلماء والأدباء والسلاطين، وأوصاف الزوابع، والتنين الطائر أو نافورة الماء وغير ذلك
dr grioui
30-07-2011, 12:00
ابن وافـــــــــد
http://www.almajara.com/forums/uploaded/10710_1156761337.jpg
ابن وافد هو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكريم المعروف بإبن وافد , وهو طبيب وصيدلي مسلم ، ولد ابن وافد في طليطلة بالأندلس ونشأ فيها ، واهتم بالأدوية المفردة والتداوي بالأعشاب والنباتات. من أهم آراء ابن وافد ضرورة تجنب التداوي بالأدوية ، واستبدالها بالأغذية المفيدة للجسم ، وإذا دعت الحاجة إلى استخدام الأدوية ، فالأفضل استعمال الأدوية البسيطة غير المعقدة .
من نظريات ابن وافد في الطب ، أن للماء دوراً علاجياً مهماً للجسم البشري . وترجم كتاب ابن وافد الذي أطلق عليه " الأدوية المفردة " إلى اللاتينية ، وقد انتشر هذا الكتاب في أوروبا خلال القرون الوسطى ، وكان من أهم المراجع العلمية لعلماء الغرب ، ولابن وافد عدة كتب مشهورة منها كتاب " الوساد في الطب " وكتاب " مجربات في الطب " وكتاب " تدقيق النظر في علل حاسة البصر " وكتاب " المغيث ". توفي ابن وافد في عام 1074 هـ.
dr grioui
30-07-2011, 12:01
النيريزي
http://www.almajara.com/forums/uploaded/10710_1156761566.jpg
النيريزي هو أبو العباس بن حاتم النيريزي ، لا يعرف بالضبط متى ولد ، كان النيريزي عالماً في الرياضيات والفلك خاصة فيما يتعلق بدراسة هيئة الأفلاك وحركات النجوم ، ابتكر النيريزي عدة جداول رياضية تخص حركة الكواكب في أفلاكها ، ضمنها في عدة كتب من تأليفه : كتاب "الزيج الكبير" ، وكتاب "الزيج الصغير" ، وكتاب "البراهين وتهيئة الآلات" ، وكتاب "سميت القبلة". نبغ النيريزي في دراسات حالة الجو وقياس أبعاد الآبار والأدوية والأنهار بطرق دقيقة مستخدماً الوسائل الرياضية والآلات والأجهزة التي وضع تصميمها ، وضعها في كتاب "أحداث الجو".
dr grioui
30-07-2011, 12:02
التميمي
http://www.almajara.com/forums/uploaded/10710_1156761677.jpg
التميمي هو محمد بن أميل التميمي ، وهو كيميائي عربي مسلم ، كان التميمي أول عالم يستخدم العقاقير لتجديد حيوية الجسم البشري ومنعه من الإصابة بالأمراض وتأخير حدوث الشيخوخة . وهذه محاولة مبتكرة من عالم عربي لإدخال الكيمياء في النشاط الجسمي للإنسان ، بهدف تخليصة من السموم التي تتراكم داخله ، ومن ثم تحدث أضرار في مختلف الأعضاء الداخلية ، من مؤلفات التميمي ، كتاب " شرح الصور والأصول " ، وكتاب " مفاتيح الحكمة في الصنعة ". توفي في عام 912 ميلادية .
dr grioui
30-07-2011, 12:03
المقدسي
http://www.almajara.com/forums/uploaded/10710_1156761841.jpg
المقدسي هو أبو عبدالله محمد بن أبي بكر البناء ، المعروف باسم "المقدسي" إذ أنه ولد في مدينة القدس ، يعد المقدسي أحد العلماء العرب والمسلمين المشهورين في مجالي الجغرافيا والجيولوجيا .، ظهرت الميول المعمارية في كتابات المقدسي ، إذ أن جده هو المعماري المقدسي الذي بنى ميناء عكا في عهد أحمد بن طولون ، من أشهر كتب المقدسي ، كتاب "أحسن التقاسيم" الذي ضمنه معلومات نادرة ومفيدة وبأسلوب دقيق ومختصر ، عن زياراته لمعظم العالم الإسلامي وما فيه من أقاليم ومدن وبحار وبحيرات وأنهار ، بالإضافة إلى العقاقير والأدوات التي كان يستخدمها السكان هناك . اهتم المقدسي بدراسة الحياة الاجتماعية لسكان البلاد التي زارها ، من حيث اللغات التي كانوا يتحدثون بها ، وطرق معيشتهم ومذاهبهم وطعامهم وشرابهم وتقاليدهم . | <urn:uuid:f4ec6711-e815-439f-9182-7aa4ed9d848b> | CC-MAIN-2013-48 | http://www.algeriamax.com/vb/archive/index.php/t-7124.html | 2013-12-11T09:09:02Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2013-48/segments/1386164033950/warc/CC-MAIN-20131204133353-00066-ip-10-33-133-15.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.741636 | Arab | 13 | {"arb_Arab_score": 0.7416360974311829, "ary_Arab_score": 0.09677332639694214, "arz_Arab_score": 0.0936746597290039, "ars_Arab_score": 0.048961568623781204, "aeb_Arab_score": 0.014282140880823135} |
نجاحات النساء المتحولات جنسيا
Copyright © 2001-6, Lynn Conway
http://www.lynnconway.com
صفحة لين الرئيسية : العربيّة
http://ai.eecs.umich.edu/people/conway/conway-Arabic.html
ترجمة مريم
Translated by Marim
حوالي من 30 ألف إلى 40 ألف من النساء المتحولات واللاتي أجرين الجراحة يعيشون في الولايات المتحدة , ويوجد الآن عدة الآلاف في مرحلة تغيير النوع . وهذه الأعداد أكثر بكثير من الأعداد المسجلة بشكل عام لأنه يوجد ستار من التعتيم يخفى الطبيعة الحقيقة ومدى طول حالة التحول الجنسي . وخاصة وانه يوجد عدد كبير من النساء الناجحات بشكل كبير وآلاتي أتمنن عميلة التحويل بالكامل في حالة التخفي . والسبب في ذلك أن معظم النساء الناجحات يعيشون في مود الخفية أو ( إخفاء ماضيهم ) . وقد تركوا ماضيهم خلفهم وتخفوا ببساطة لكي يتجنبوا نظرة المجتمع السيئة ويبدؤوا حياتهم الجديدة . ونجاحا تهم الشخصية تؤكد أن المجتمع قد استعوبهم اندمجوا فيه بالشكل الصحيح .
التخفي الاجتماعي للنساء الناجحات والذين صححوا النوع تدعم فكرة أن تحويل الجنس من ذكر إلى أنثى نادر جدا . ومع ذلك فحالات تحويل الجنس ليست القليلة إلي هذا الحد . التعداد الحديث يؤشر إلى وجود حالة لكل 250 إلى 500 طفل يولدوا كذكور , وحوالي واحد من كل 2500 ذكر في الولايات المتحدة قد أجروا جراحة تغيير الجنس بالفعل . وهكذا فأن التحول الجنسي منتشر أكثر من ضعفى حالات تصلب الشرايين , والسكتة الدماغية , وحالات انشقاق سقف الحلق .
تخفى هذه الناجحات يدعم فكرة أن عملية تحويل النوع غالبا ما يكون لها نهاية حزينة . ففي الوقت الحاضر , يركز الأعلام ويلقى الضوء على حالتين من الناس المتحولين جنسيا , " عندما يغير شخص ما معروف جيدا أو مشهور جنسه " وعندما يقع شخص ما كضحية للتمييز العنصري أو الاضطهاد أو الهجوم . القصص التي تروى في الأعلام عن تغيير جنس شخص ما لا تتبع أبدا حياة هذا الشخص لتكشف ما قد حدث له بعد مرور السنين . وبدل من ذلك تركز القصص على الحياة ما قبل التحول والعوائق أثناء التحول ,وأبدا لا تركز على حياتهم فيما بعد . هذا النقص في الثوران في نظرة المجتمع يرسخ فكرة أن التحويل يؤدى إلى التهميش الاجتماعي أو أسوء من ذلك , لأننا "لا نسمع عنهم مرة أخرى " . فقط القصص التي تحكى عن حالات الفشل الاجتماعي وضحايا الاضطهاد والعنف تظل عالقة في الأذهان فترة أطول .
نقص الأمثلة الناجحة , وكذلك تأثرهم سلبيا بالصورة الجنسية المشوهة لصفات المتحولين جنسيا والتي تعرض بشكل واسع في استعراضات البرامج التليفزيونية مثل (" جيري سبرنج شو") , فالبنات الصغيرات غالبا ما ينتابهم الرعب من أخبار آي أحد عن حالاتهم . وبالتأكيد هذا يذكرنا بالعنف والعنصرية التي يواجهها الناس المتحولين , ولكننا لا ندرك أن هذا العدد الكبير من النساء المتحولات الناجحات قد تغلبوا على هذه المصاعب , فالكثير من البنات الشابات في مرحلة التحول الجنسي لا يستطيعوا أن يروا طريقة للخروج من هذا المأزق المخيف . فنظرة المجتمع السيئة للتحول الجنسي تؤدى إلى أن يشعر العديد من الشباب بالمزيد من العار الغير مستحق والأحر أج وكذلك الذنب بالنسبة لحالاتهم . وكنتيجة لذلك , في الغالب ما تضيع البنات الصغيرات في مرحلة التحول الجنسي سنين عمرهم الثمينة قبل أن يسعوا للمساعدة , ولا يستطيع العديد منهم أن يجدوا طريقة لتصحيح نوعهم .
حديثا ستار الخفية بدأ في الانحسار , فقد بدأ العديد من النساء الآتي أجرين الجراحة من كل أنحاء العالم في انتشار مواقع على الإنترنت لمساعدة الآخرين . والبعض من هؤلاء النساء قد خرجوا بالفعل من مجتمع المتحولين جنسيا . وآخرين يتشاركوا بقصصهم بكونهم " خرجوا إلى المجتمع بالفعل " فقط بواسطة استخدام شبكة الإنترنت ( وبطريقة أخرى مازالوا يعيشون في مود التخفي أو إخفاء ماضيهم ) . وفى النهاية نحن متحمسين جدا أن نكون قادرين على أن نتعلم عن حياتهم , بعد ما أصبحوا مسجلين على صفحات الإنترنت مثل هذه الصفحة . تأمل لين أن يأتى المزيد والمزيد من النساء الناجحات , ويشعروا بالارتياح عندما يشاركوا بقصصهم بهذه الطريقة بواسطة استخدام صفحات الإنترنت .
النساء اللاتي سجلن في هذه الصفحات من مجموعة شديدة التنوع , فهم من عديد من جنسيات وأجناس وأعراق مختلفة . فقد آتوا من مدى واسع من الطبقات الاجتماعية وخلفيات عائلية . وقد تحولوا في أعمار مختلفة . بعضهم أجروا الجراحة منذ وقت طويل , آخرين تحولوا حديثا . بعضهم خرج إلى المجتمع لسنين عديدة , آخرين ما زالوا يعيشون في حالة التخفي .
العديد من هؤلاء النساء عانى من تجارب مرعبة لكي يجروا التحول , وخاصة الذين أجروا الجراحة من سنين عديدة . بعضهم آتوا من بداية متواضعة للغاية , بما فيهم حياتهم في الشوارع , وبآي الأحوال فقد نجحوا . آخرين كان التحول أسهل في الأزمنة الحديثة في العديد من بلا د الغرب المتفتحة . والقليل كانوا من المحظوظين بالدرجة الكافية لكي يجدوا الدعم من آباءهم وأمهاتهم عندما كانوا في سن صغيرة . وكما سوف ترى , هذه الصفحة ليست تعنى أن تكون قائمة الشرف أو شئ مماثل لذلك . فالمقصود بها آن تكون مكان حيث يمكن لهذا التنوع العديد من الموديلات أن يتقدموا ويصبحوا موديلات أكثر وضوحا والذين أعلبهم يستخدم الإنترنت للتفاعل مع الآخرين وطلب المساعدة .
الشيء الذي جعل هؤلاء النساء " نجاحات " ليس هو إلى آي مدى تقدموا في عملهم أو مهنهم , آو كمية النقود التي اكتسبوها , أو كيف تبدوا البعض منهن جميلات , أو مدى شهرة بعضهم كمرفهين . هذه الإنجازات ذات معنى كبير وتوضح أن التحويل لن يثنى المرآة عن تحقيق ناجحات بمقاييس المجتمع التقليدية . ومع ذلك النجاحات الحقيقة الذي نجده هنا هي نجاح القلب . هم ناجحات في المعيشة " الحياة بشكل أوسع " . ويمكننا أن نرى ذلك في الوجوه السعيدة , ونشعر ونحس به بين سطور قصصهم . هذه هي نجاحات النساء الذين عاشوا وصححوا جنسهم في فترة مبكرة , استمروا لكي يجدوا المتعة والراحة والسلام في حياتهم .
بالاتحاد معا , سوف تساعد قصصنا في تغيير رؤية الناس لحالات تغيير الجنس . وعلى كل الأحوال , نحن مساهمين سعداء ومنتجين في كل مسارات الحياة : كا – طبيبات ومحاميات و علماء ومهندسات و المبرمجين و طيارين الخطوط الجوية والمقاولين والمديرات والموظفات مثل أستاذة الجامعة والطالبات في السياسة والتعليم وتنفيذ القوانين وفى المهارات التجارية وفى عروض الأزياء وفى وسائل الترفيه. ولا يمكن إنكار الحقائق عن اكتمال تحولهم الجسدي النوعي . والكثير مننا زوجات , و محبين أو شركاء في علاقات حب طويلة المدى . يمكننا أن نشد انتباه الناس لحالة تغيير الجنس بواسطة عرض المواقع التي ترتبط بهذه الصفحة , والتي تحتوى على معلومات عن خبرات هؤلاء النساء الناجحات .
تأمل لين أن تمدنا قصص هؤلاء النساء بالأمل والشجاعة وأن نكون مثال للآخرين , وخاصة لهؤلاء الفتيات الصغيرات الآتي هن في مرحلة التحول الجنسي والذين يوجهون عملية تحويل النوع . مثل المرهقات هم ( وآبأهم والناس المحبين لهم ) يحتاجوا أن يتعلموا أن حالة التصحيح الكاملة لنوعهم أصبحت ألان ممكنة وبتطبيق المعرفة المكتسبة بواسطة الباحثين والذين ساروا في نفس الطريق من قبل , وكذلك باستغلال معجزات الطب الحديث . وهم أيضا محتاجين أن يتعلموا المميزات الجادة لأجراء جراحة تصحيح النوع وهم في سن صغيرة , لتجنب الحياة بأمتغاص في الجنس الخطأ لعقود وفى النهاية يجروا جراحة التحويل وهم محبطين في سن متقدم . لو آن الآباء يستطيعوا أن يتعلموا ببساطة أن يروا أطفالهم المتحولين جنسيا في الحقيقة " كبنت لديها مشكلة جسدية أو طبية " عن أن يروهم " كولد لديه مشكلة عقلية أو نفسية " , وعندها سيكون هناك أمل لمستقبل هذا الطفل . مع وجود حب ودعم الآباء , يمكن الآن لهذه البنت الصغيرة المتحولة جنسيا أن تصل إلى أحلامها , وتستطيع أن تعيش حياة كاملة وممتعة كاأمرآة.
( لمزيد من المعلومات عن تحويل الجنس من ذكر إلى أنثى , أنظر صفحات الإنترنت الخاصة بالمعلومات عن تغيير النوع / تغيير الجنس / متداخلي الجنس الخاصة بلين )
( * للمزيد عن انتشار التحويل الجنسي أنظر صفحات الانتشار الفرعية الخاصة بلين )
( للحصول على معلومات عن جراحة تغيير الجنس من ذكر لأنثى, انظر صفحة جراحة تغيير الجنس الخاصة بلين )
( لمزيد من روابط النت عن تغيير النوع من ذكر إلى أنثى , أنظر مصادر المرأة المتحولة جنسيا )
معرض صور النّجاحات
You can also locate all the
women's photos and stories by consulting the
بعض الطرق لكي تستخدم هذه الصفحات :
العرض الرئيسي لهذه الصفحات أن تمدنا بأمثلة لهؤلاء الأشخاص الذين هم في مرحلة تغيير النوع , وخاصة البنات الصغيرات المتحولات جنسيا والذين يكونوا في الغالب يأسات عما يمكن أن يحمله المستقبل لهم . وهذه الصفحة مخصصة لكي تمدهم بالأمل وبمدى واسع من أمثلة متنوعة لكي توضح وتبين لهم الطريق .
من خلال هذه الصفحات , يمكن أيضا للمتحولات الصغيرات أن يساعدوا آباؤهم , واقاربهم وأصدقائهم والآخرين المهمين في حياتهم لكي يفهموا أن أجراء تصحيح النوع لا يعنى أن يعيشوا مهمشين في الحياة , وأنهم سوف يصبحون بحالة جيدة فيما بعد , بالرغم من الصعوبات الموجودة في التحويل , فالقصص التي توجد في هذه الصفحة توضح وتبين أن العديد من النساء المتحولات يعيشون حياة كاملة وسعيدة .
تقدم هذه الصفحات أيضا إحصاء عام للنساء اللاتي أجرين تصحيح للنوع . لا يوجد أحد من الذين يقرءون هذه الصفحات أو يدرسوا العديد من القصص هنا , يمكنهم المساعدة ولكنهم لديهم صورة مختلفة تماما عن المرأة التي تقدم بصورة تقلديه في الأعلام أو يكتب عنهم بواسطة الخبراء .
أشجع بقوة لقراء هذه الصفحات أن يستخدموا هذه المواد للتغلب على التوجهات السلبية للأعلام . ففي آي وقت تقرأ فيه تقرير أعلامي والذي تقدم المرأة المتحولة جنسيا بشكل خاطئ , قومي بإرسال عنوان هذا الموقع أو هذه الصفحة للكاتب أو الناشر اسأليهم إذا كان رأوا هذا الموقع من قبل . إذا أجابوا " لا " عندها اسأليهم " لما لا " اسأليهم " لماذا تنشرون أشياء تقدم المرأة المتحولة جنسيا بشكل خاطئ , مع وجود العديد من الدلائل آلتي تخالف وجهة نظرهم ؟ "
يجب أيضا لقراء هذه الصفحات أن يتحدوا آي وكل " الخبراء " و " الأشكال المتسلطة " في المنظمات الدينية وفى الطب النفسي . في البيروقراطية وفى أنظمة الموارد لبشرية وفى النظام القانوني والسياسي بنفس الطريقة . وفى آي وقت تسمع فيه الخبراء يرون فيه أشياء خاطئة عن المرأة المتحولة , تحدوا هؤلاء الخبراء فأنهم يجب أن يتعلموا أو يدرسوا هذه الصفحات .
في الماضي , كان دائما آخرين يتحدثون بالنيابة عننا . كان دائما آخرين : مثل الأطباء والأخصائيين النفسيين وممثلي السلطات الدينية , والمحامين وأصحاب الفكر والسياسيين والمستشارين في شئون الجنس وفى السنين الأخيرة الشواذ والسحقيات , الناشطات في مجال الأنوثة . كل هؤلاء الخبراء الدخلاء يتكلمون بالنيابة عنا , كلا منهم بوجهة نظره الخاصة لكي تظلمنا وكذلك " نظريات الخبراء " الخاصة بهم ويراوغوا فيما نكون نحن ولماذا نحن . وكمثال , انظر الصفحات التالية في موقعي والتي تهتم بالجدل المثار حول كتاب عالم النفس جى .ميتشيل باليز والذي يستنكر ويسخر من المرأة المتحولة جنسيا بشكل كاريكوتيرى : تعلم المزيد عن الجدل المثار حول كتاب بالى ( المزيد )
في كل حالة , لهؤلاء " الخبراء " يعرفون فقط عينات صغيرة جدا لا تمثل المرأة " المتحولة " بشكل كامل ,
أو في الحقيقة لم يقابلوا آي منهم فعلا . القليل من هؤلاء الخبراء قد عرفوا أو قابلوا امرأة متحولة ناجحة . وحتى الآن دائما , يشعرون بحرية في أن " يتكلموا عنا " . ويخبرون الناس عن كيفية التفكير عنا ويختلقون نظريات غريبة لانهائية عنا .
كيف قدمونا بهذا الشكل الخاطئ ؟ والسبب بسيط : انه في الماضي غالبا " لم يكن واضح " نجاحاتنا الكبيرة . ونحن أيضا فشلنا بأننا لم يكن لدينا الشجاعة أن نتحدى التوجهات التعسفية وتقديم حقيقتنا بشكل خاطئ .
حسنا أنتهي هذا العصر . ولم نعد متخفيين , وسوف " نتكلم عن أنفسنا " بشكل متزايد .
مما سبق يتضح أن أكثر الطرق تأثيرا " لنتكلم " هي آن نعيش حياة كاملة ومنتجة وسعيدة . وقصصنا الحياتية عندها ستتكلم بصوت أعلى , وسوف تساعد العامة في تحطيم التوجهات القديمة المختلفة بواسطة هؤلاء " الخبراء " . وفى النهاية , من نكون نحن ليس هذا موضوع " نظرية " أو " رأى " أو " من يستطيع أن يثير أفكاره بصوت أعلى " . والبديل ببساطة أنه موضوع تجريبي لملاحظة حياتنا الحقيقة في العالم الحقيقي .
يمكنك أن تساعدي بشكل عظيم بأن تجعلي هذه" النجاحات " بقدر الإمكان أن تكون مرئية للعامة , خاصة بين الأطباء , الأخصائيين النفسيين والزعماء الدينين والمحامين و السياسيين والاستشاريين المختصين بالجنس , وآخرين . ونعم - أيضا من الشواذ والسحقيات والمؤنثين . كل هؤلاء الدخلاء الذين يتكلمون بالنيابة عنا يحتاجون لدرس جيد ليعرفوا من نحن على حقيقتنا , وهم محتاجون بصفة خاصة الآن لمعرفة حقيقة نجاحاتنا المرئية والمعترف بها .
مراجع شباب المتحولين جنسيا ونوعيا من ذكر لأنثى
هناك مواقع رائعة والتي يمكن أن تمد المساعدة لشباب المتحولين جنسيا ونوعيا . توصى لين خاصة بالمواقع أنت جينيز " صفحات أنتى جينى " و صفحات أندريا جميس " التحول المبكر في الحياة " . جينى واندريا أيضا يقومون بعلم شبكة لمساعدة صغار المتحولين . وهم أيضا هناك لمد يد المساعدة .
موقع أيميلى هوبى لمعيشة النوع في سلام مهتم أيضا بالمتحولين الصغار . موقع أيميلى يمكن أن يساعد البنت المتحولة الصغيرة أن تجد السلام والراحة و قبول النفس وبالتالي السعادة بعد أن " يعيشوا حياة التحول الجنسي " .
وأيضا تأكد أن تقرأ الكتب الرائعة والتي هي مبثة مباشرة من خلال بواسطة فيكى , و أمي أحتاج أن أكون بنت بواسطة جست أيفيلين . وفيكى مراهقة شابة وهى في طور التحول الآن . في كتاب من خلال هي مقتنعة بشعورها كأنها بنت تنمو وتكبر في جسم ولد . مظهرة كل الاضطرابات والعواطف والخبرات طوال فترة الطفولة المبكرة إلى , ومن خلال تحول النوع . آمي أحتاج أن أكون بنت هي كتاب لالتقاط الأنفاس لتحول بنت صغيرة جنسيا وكتب بواسطة أمها ( جيست ) أيفيلين والتي دعمت تحول بنتها بشكل كامل .
أنها لطريقة خاصة وجيدة لبنت صغيرة متحولة أن تشرح لولديها ما يجرى لها , وكيف أيضا يمكن أن يتم تصحيح حالة النوع لديها , بأن تجعل والديها يقرءوا من خلال و آمي أحتاج أن أكون بنت . هذه الكتب التي هي على الخط , متحدة مع صفحات معلومات النت الخاصة بالمتحولين نوعيا وجنسيا ومتداخلي الجنس للين و صفحة نجاحات المتحولين جنسيا هذه . وممكن آن أيضا أن تساعد المتحولين الصغار أن يعرفوا حالاتهم مع عائلتهم وزملائهم وأصدقائهم .
وأنه من المهم جدا للشباب والذي يشعرون بدرجة ما من الذنب تجاه نوعهم أن يدركوا أن هناك العديد من الاختيارات المتاحة لحل المشاكل التي تخص حالاتهم . بالاعتماد على مدى شدة حالاتهم النوعية يمكن لهم بالفعل أن يجدوا حلول جيدة في التعبير باستخدام الملابس , أو التغيير باستخدام الهرمونات وكذلك اجتماعيا لحالة الأنوثة بينما يحتفظون ببطاقة التعريف أو الهوية الذكرية , آو يمكنهم استخدام الهرمونات ويتعيشون اجتماعيا كمتحولين نوعيا ويستخدمون بطاقة تعريف الهوية لأنثى بدون آن يجروا جراحة تغيير الجنس .
فقط في حالات التحول الشديدة في العادة , تتطلب أجراء جراحة كاملة لتغيير الجنس وهذا إذا كانت البنت تريد حياة كاملة وسعيدة . يوجد العديد من الناس المتحولين في النوع والذين ليس لديهم شعور قوى بالتحول الجنسي , ولهؤلاء أجراء جراحة تغيير الجنس تكون خطأ كبير ( أنظر صفحة لين " محظورات الجراحة " ) . وهكذا فأنه من المهم أن يحدد المتحولين الصغار باهتمام مسار النوع الصحيح المناسب لحالتهم الخاصة . فقط إذا أردت أن تعرف الا فضل . أصغى لقلبك - وهو سوف يخبرك ماذا تفعل . وتذكر , أنه لا يوجد عيب أو عار في أن تتخذ بطاقة هوية كمتحول نوعى بدون أن تجرى الجراحة " تغيير الجنس " . هناك الكثير الذين اختاروا هذا المسار ونجحوا أيضا . لو درست القوائم العديدة لل " البنت المتحولة " والمتحولين نوعيا على شبكة الإنترنت , يمكنك أن تطلع على الإمكانيات المحتملة لمتحولى النوع .
وعلى الصعيد الآخر , هؤلاء الذين يعانون من حالة التحول الجنسي الشديدة في الغالب ودائما يعرفون بالتأكيد , حتى المراهقين , يعرفون أنهم محتاجين لأن يكونوا بنات وأن الحل الوحيد لهم آن يحولوا جنسهم . وهذه الصفحة صممت خصيصا لهؤلاء البنات . النساء الموجودات في هذه الصفحة هم شهادة لحقيقة التحول الجنسي الكامل يمكن الآن أن يكون ناجح جدا للبنات ذو حالة التحول الجنسي الشديدة ولديهم الحماس الشديد , والذين يخططون للأشياء بعناية , والذين يعملون بجد في سبيل التحول , والذين يتحركون بإحساس قوى ناحية تقبل أنفسهم من خلال معيشتهم كنساء بعد ذلك .
بما أن لين هي أمراءه متحولة جنسيا , وبالتالي كان التركيز الأساسي في صفحة الإنترنت الخاصة بها للتحول الجنسي من ذكر إلى أنثى , ليس فقط يوجد عدد كبير من الأولاد الذي يجب حقيقة أن يكونوا بنات , لكن يوجد أيضا العديد من الأطفال ولدوا كبنات ويجب حقيقة أن يصبحوا أولاد . في الحقيقة , التحول الجنسي من أنثى إلى ذكر هو شائع مثل التحول من ذكر إلى أنثى . وفى السنين الأخيرة مكنت المعالجة الهرمونية والجراحية العديد من الرجال التحولي الجنس أن يصبحوا ناجحين جدا , ويوجد الآن معلومات كثيرة عن هذه الحالات في شبكة الإنترنت . وللمعلومات عن التحول الجنسي من أنثى إلى ذكر , أنظر الموقع الموقع الدولي للتحول من أنثى إلى ذك و موارد وروابط المتحولين من أنثى إلى ذكر واتبع العديد من الروابط في هذه المواقع .
أخبار عن يوم النصر بواسطة كالبيرنا آد مز وأند ريا جيمس
رابطة للسيرة الذاتية والصور الخاصة بالمؤدين / خريطة طريق المتحولين جنسيا
مستندات يوم النصر " الأبنات الجميلات " هى
تعرض الآن على قناة لوجوا ( أنظر الجدول )
الصور / الفيديو / طاقم العمل والسيرة الذاتية /عن العرض / رؤية عامة
قدم إنتاج أسلوب الخفية العميق حملة عالمية ليوم النصر 2004 في لوس أنجلوس في يوم السبت , 21 فبراير . بالتعاون مع المؤلفة لمسرحيةمعروف دوليا أيف أنسلر , تحت رعاية حين فوندا , هذا العرض المفيد جسد أول طاقم متحول جنسيا على الإطلاق " مونولوج الفرج " وشمل مونولوج جديد كتب خصيصا بواسطة أيف لهذا الحدث .
كان هذا الحدث واسع المدى فرصة تاريخية لمجتمع المتحولين لكي يقدموا أنفسهم بشكل إيجابي ومتعاون. أستعرض الأداء قراءة المرأة المتحولة المميزة من خلال مونولوج أيف الجميل عن خبرات الأنوثة وأصلاح الجسد من خلال حب واحترام أجسامنا . جسد الحدث أيضا مساهمات فنية وأدبية وموسيقية من النساء المتحولات من جميع أنحاء البلاد . وكان من بين النساء الكثيرات المشاركات : كالبيرنا أدمز , بيكى أليسون , مارس يورز , لين كونواى , أندريا جيمس , دونا روز , جوان سمس , ليذل تونسند , والكثير الكثير .... كان حدث يوم النصر في لوس أنجلوس مقاما في هوليود مساء يوم السبت , 21 فبراير , 2004 في مسرح الشاشة الفضية في مركز التصميم الباسفيكي الجميل .
أنتجت التذكار الخاص ليوم النصر لوس أنجلوس 2004 لذكرى هذا الحدث الرائع , وكمستند لهذا الحدث , قد تم تسميته " الأبنات الجميلات " وسوف يتم إصداره على أسطوانات دى في دى وسوف يرى على قناة لوجوا في فبراير 2006 .
اعترافات بالجميل :
تبدى لين شكرها الخاص ل " ديفيد " , كار لا أنتيليونى و لورنا روت لتشجيعها كي تبدع صفحات نجاحات المتحولين جنسيا هذه . وديفيد هو المؤلف لموقع الإنترنت الأصلي " معرض جوديزيز " , ( غير معروض ألان ) , والذي يقدم صورة إيجابية رائعة للمتحولين جنسيا والمرآة المتحولة من كل أنحاء العالم . وقد تعلمت لين أولا من عدد من القصص الناجحة للنساء المتحولات والى كانت مذكورة في موقع ديفيد . هذا الموقع توفق أخيرا ( والروابط من موقع لين لهذا الموقع لا تعمل ألان ) . وآمل أن يرجع موقع ديفيد يوما ما مرة أخرى . وبعدها قابلت لين كارلا أنتليونى مباشرة على النت وتعلمت عنها دعمها لهذه النشاطات وموقعها المدعم باللغة الأسبانية والتي تظهر الصورة الإيجابية للمرآة المتحولة . وتأثرت لين جدا ب موقع لورنا روت " حلم ليلة نصف الصيف " , والذي يوضح قصص وصور العديد من النساء المتحولات . وعدد من المداخل هنا في صفحة نجاحات المتحولين جنسيا مرتبطة بالموجودة في موقع لورنا الرائع .
هناك عديد من المواقع الأخرى المهمة التي تظهر المرأة المتحولة جنسيا ونوعيا من كل مجتمعات المتحولين جنسيا , وهذه أيضا مصادر للأفكار والتشجيع لهذه الصفحة ومن بين هؤلاء المواقع جميلة الجميلات ليفكى رينيه , ارض المتعة لفيونا , قاموس سوزنا ماركوا و انت لست وحدك
أخيرا , كلنا ندين بدين كبير للعديد من النساء والذين تطوعوا ليكونوا مسجلين في هذه الصفحات . ونأمل من القراء آن يتفاعلوا معهم بالطيبة والاحترام والاعتزاز كما يستحقونه حقيقة . هؤلاء النساء قد اكتسبوا مكانتهم في العالم بالطريق الصعب . وفقط بقراءة قصصهم يمكنك أن تبدأ في فهم المحاولات والتضحيات والألم الذي تحمله معظمهم في طريقهم لحياتهم الجديدة الناجحة . وبمرور الوقت بعض النساء المسجلات هنا سوف يردن أن يندمجوا في حياتهم ويتخفوا , وهكذا سوف يغادرون هذه القائمة في هذا الموقع . وفى نفس الوقت آخرون لديهم قصص شيقة لكي يشاركوا بها من خلال شبكة الإنترنت سوف يقررون أن ينضموا للقائمة لفترة من الوقت , وسوف يضافوا لهذه القائمة , من فضلكم أن تنضموا للين في شكر كل هؤلاء النساء الرائعات المتشجعات لأقدمهن على أخبارنا بقصصهم , ويضيئوا الطريق للأخريات كي يتبعوه .
Reset on 4-03-06
V-10-17-05
Posted by LC 4-03-06
صفحة لين الرئيسية : العربيّة | <urn:uuid:382d7069-d209-4157-9e24-1db6d3de824e> | CC-MAIN-2014-10 | http://ai.eecs.umich.edu/people/conway/TSsuccesses/TSsuccesses-Arabic.html | 2014-03-07T16:07:13Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999645498/warc/CC-MAIN-20140305060725-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.994626 | Arab | 44 | {"arb_Arab_score": 0.9946255087852478} |
شرح لامية العرب
1- أَقِيمُـوا بَنِـي أُمِّـي صُـدُورَ مَطِيِّـكُمْ فَإنِّـي إلى قَـوْمٍ سِـوَاكُمْ لَأَمْيَـلُ
يريد استعدادهم لرحيله عنهم ، أشار إلى أنَهم لا مقام لهم بعده ، فمن الخير لهم أن يرحلوا
.
2- فَقَدْ حُمَّتِ الحَاجَاتُ وَاللَّيْـلُ مُقْمِـرٌ وَشُـدَّتْ لِطِيّـاتٍ مَطَايَـا وَأرْحُلُ
لقد قُدِّر رحيلي عنكم ، فلا مفرّ منه ، فتهيؤوا له .
3- وفي الأَرْضِ مَنْـأَى لِلْكَرِيـمِ عَنِ الأَذَى وَفِيهَا لِمَنْ خَافَ القِلَـى مُتَعَـزَّلُ y
إن الكريم يتجنب الذلّ ، فيهاجر إلى مكان بعيد عمَّن يسيؤون إليه، فاعتزال الناس أفضل من احتمال أذيتهم.
4- و َلِي دُونَكُمْ أَهْلُـون : سِيـدٌ عَمَلَّـسٌ وَأَرْقَطُ زُهْلُـولٌ وَعَرْفَـاءُ جَيْـأََلُ
فضل الشاعر الحياة مع الوحوش ، على العيش مع قبيلته .
5- هُـمُ الأَهْلُ لا مُسْتَودَعُ السِّـرِّ ذَائِـعٌ لَدَيْهِمْ وَلاَ الجَانِي بِمَا جَرَّ يُخْـذَلُ
يرى الشاعر أن الوحوش أهله لا قومه و يقارن بين أهله والوحوش ، فيفضل هذا على ذاك ، فهي لا تفْشِي الأسرار، ولا تخذل بعضها بعضاً .
6- وَكُـلٌّ أَبِـيٌّ بَاسِـلٌ غَيْـرَ أنَّنِـي إذا عَرَضَتْ أُولَى الطَرَائِـدِ أبْسَـلُ
كل الوحوش تأبى الذّلَّ والظلم و تتصف بالشجاعة . لكن الشاعر جعل نفسه أكثر شجاعة منها .
7- وَإنْ مُـدَّتِ الأيْدِي إلى الزَّادِ لَمْ أكُـنْ بَأَعْجَلِهِـمْ إذْ أَجْشَعُ القَوْمِ أَعْجَلُ
يفتخر بقناعته وعدم جشعه ، فهو، وإنْ كان يزاحم في صيد الطرائد ، فإنه لا يزاحم في أكلها.
8- وَمَـا ذَاكَ إلّا بَسْطَـةٌ عَـنْ تَفَضُّـلٍ عَلَيْهِـمْ وَكَانَ الأَفْضَـلَ المُتَفَضِّـلُ
ذاك: كناية عن أخلاقه التي ذكرها ، َفالشاعر يتحلى بهذه الأخلاق ليتميز على غيره بها
9- وَإنّـي كَفَانِـي فَقْدَ مَنْ لَيْسَ جَازِيَاً بِحُسْنَـى ولا في قُرْبِـهِ مُتَعَلَّـلُ
أني فقدتُ أهلًا لا خير فيهم ، لأنهم لا يقدِّرون المعروف ، ولا يجزون عليه خيراً ، وليس في قربهم منفعة أو خير
10-- ثَـلاَثَـةُ أصْحَـابٍ : فُـؤَادٌ مُشَيَّـعٌ وأبْيَضُ إصْلِيتٌ وَصَفْـرَاءُ عَيْطَـلُ
عزاء الشاعر عن فقد أهله ثلاثة أشياء: قلب قويّ شجاع ، وسيف أبيض صارم مسلول ، وقوس طويلة .
11- وَلَسْـتُ بِمِهْيَـافٍ يُعَشِّـي سَوَامَـه مُجَدَّعَـةً سُقْبَانُهـا وَهْيَ بُهَّـلُ
لستُ ذلك الأحمق الذي لا يُحسن تغذية سوامه، فيعود بها جائعة .
12- ولا جُبَّـأٍِ أكْهَـى مُـرِبٍّ بعِرْسِـهِ يُطَالِعُهـا في شَأْنِـهِ كَيْفَ يَفْعَـلُ
ينفي عن نفسه الجبن وسوء الخلق والكسل ، وهو ليس ضعيف الشخصية ؛ فيعتمد على رأي زوجه ومشورتها.
13- ولا خَالِــفٍ دارِيَّــةٍ مُتَغَــزِّلٍ يَـرُوحُ وَيغْـدُو داهنـاً يَتَكَحَّـلُ
ينفي عن نفسه الكسل، ومغازلة النساء، والتشبّه بهنّ في التزيّن والتكحّل. وهو يثبت لنفسه، ضمناً، الرجولة.
14- أُديـمُ مِطَـالَ الجُـوعِ حتّـى أُمِيتَـهُ وأضْرِبُ عَنْهُ الذِّكْرَ صَفْحاً فأُذْهَـلُ
أتحمل الجوع بأن أتناساه ، فيذهب عنّي. وهذه الصورة من حياة الصَّعْلَكَة.
15- وَأَسْتَـفُّ تُرْبَ الأرْضِ كَيْلا يُرَى لَـهُ عَلَـيَّ مِنَ الطَّـوْلِ امْـرُؤٌ مُتَطَـوِّلُ
الشاعر يفضل أن يستفَّ تراب الأرض على أن يمن عليه أحد ينعمة أو لقمة .
16ولولا اجْتِنَابُ الذَأْمِ لم يُلْـفَ مَشْـرَبٌ يُعَـاشُ بـه إلاّ لَـدَيَّ وَمَأْكَـلُ
لولا تجنُّبي ما أذمّ به، لحصلت على ما أريده من مأكل ومشرب بطرق غير كريمة.
17- وَلكِنّ نَفْسَـاً مُـرَّةً لا تُقِيـمُ بـي علـى الـذامِ إلاَّ رَيْثَمـا أَتَحَـوَّلُ
يستدرك الشاعر فيقول: إن نفسه لا تقبل العيب قَطّ.
18 وَأَطْوِي على الخَمْصِ الحَوَايا كَما انْطَوَتْ خُيُوطَـةُ مـارِيٍّ تُغَـارُ وتُفْتَـلُ
أطوي أمعائي على الجوع، فتصبح يابسة ينطوي بعضها على بعض كأنها حبال أُتقن فتلها.
ولد الذئب
19- فإنّي لَمَولَى الصَّبْـرِ أجتـابُ بَـزَّهُ على مِثْلِ قَلْبِ السِّمْعِ والحَزْمَ أفْعَلُ
يقول : إنّه صبور، شجاع، حازم.
20- وأُعْـدِمُ أَحْيَانـاً وأَغْنَـى وإنَّمـا يَنَـالُ الغِنَى ذو البُغيةِ المُتَبَـذِّلُ
يقول: إنه يفتقر حيناً ويغتني حيناً آخر، ولا ينال الغنى إلا الذي يحرص على الغنى بأي وسيلة.
21- فلا جَـزِعٌ مِنْ خَلَّـةٍ مُتَكَشِّـفٌ ولا مَـرِحٌ تَحْتَ الغِنَى أتَخَيَّـلُ
الفقر لا يجعلني أبتئس وأظهر ضعفي، و الغنى لا يجعلني أفرح وأختال.
22 ولا تَزْدَهِي الأجْهـالُ حِلْمِي ولا أُرَى سَؤُولاًَ بأعْقَـاب الأقَاويلِ أُنْمِـلُ
المعنى أنّ الشاعر حليم لا يستفزه الجهلاء، بعيد عن النميمة وإثارة الفتن بين الناس. | <urn:uuid:085beea8-04ad-477d-b507-e3663ab65984> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.sez.ae/vb/showthread.php?t=51655 | 2014-03-08T18:17:02Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999657009/warc/CC-MAIN-20140305060737-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.973061 | Arab | 19 | {"arb_Arab_score": 0.9730608463287354, "arz_Arab_score": 0.025834808126091957} |
فضائح امانة عمان : رواتب خيالية للمستشارين والسكرتيرات..وموظفون نائمون في منازلهم
أكّد رئيس لجنة امانة عمان المهندس عبدالحليم الكيلاني أنه لم يتعرض لأي ضغوط حكومية، واستعرض في حوار شامل وصريح مع عبد الله اليماني مندوب صحيفة ”العرب اليوم” الثلاثاء، أبرز ما يدور في ساحة الأمانة من خفايا ومشاريع وتوجهات. وكشف عن تيار قوى شد عكسي يعارض توجهات التطوير والتحديث في امانة عمان وعن قضايا فساد ورشوة.
واستعرض أبرز المعيقات التي تعترض عمله محذرا من انهيار وشيك إذا لم يتم معالجة الخلل ودار حوار في كل المفاصل التي تعاني منها الامانة وطرق حلها. حاولنا
قراءة افكار العمدة مع توجيه الاتهامات هنا وهناك ولكونه خريج مدرسة ادارة ناجحة امتدت حوالى 30 عاما وقف على كل مواضع الخلل في الأمانة وكان يجيب بثقة.
عمدة عمان كان شفافا فيها حيث كشف انه لم يتعرض لضغوط حكومية ولكن ترتب على عدم تلبية طلبات بعض النواب غضب بعضهم ومرده التعيينات، وقال ان تراجع النظافة سببه قلة الاليات وقوى الشد العكسي. وان مديونة الامانة بين( 600 – 800 ) مليون دينار. وان لديه رؤية وأولويات لإخراج أمانة عمان من عنق الزجاجة. فهو يعرف الامانة كونه ابنها وتعايش مع كل مراحلها التي انتقلت فيها من شح الامكانيات والآليات، الى عدد العاملين الذي يتجاوز ” 23 ” ألف موظف. وتحدث عن انهاء العقود وشراء الخدمات وأصحاب الرواتب المرتفعة من مستشارين وسكرتيرات تبلغ
رواتبهم بين 10-20 ألف دينار اردني، واستملاكات كلفت الامانة ثلاثة اضعاف قيمتها الحقيقية. وقال ان مشروع الباص السريع سيكون تنفيذه بناء على قرار الحكومة ونتيجة
الدراسة التي ستظهر قريبا . وأكد انه لا تمييز بين احياء عمان، والشرقية احيانا تكون أنظف من الغربية.
وفيما يلي نص الحوار:
*برأيك أين يكمن الخلل في مسار الأمانة؟
-بداية أنا ابن المؤسسة لقد تركتها سنتين وخدمتي فيها 28 عاما واعرف
الخلل ومفاصله فيها وأفكر في خدمة مصلحة البلد وإزالة الخلل، وفي الفترات السابقة وقع
هناك تحطيم لأن كل شيخ له طريقته،وهم رأوه إصلاحا لكنه في حقيقة الأمر إصلاح لا
يتماشى مع المؤسسية والوطن والمواطن، لأنه لا يصلح إحضار نظرية خارجية ناجحة في
إحدى الدول في المحيط لكنها في عمان لا تنجح، فالنظريات التي طبقت في الأمانة كانت
بحاجة أن يتقبلها المجتمع لكن لم يراع ذلك، إدخال القطاع الخاص على القطاع العام
كان جسما غريبا على قطاع الأمانة، يمكن أن يمزج القطاعين معا، بسلاسة إذا راعيت
الظروف في المؤسسة،هناك من دخلوا بروح استعلاء على المؤسسة وأوجدوا فيها نوعا من
الحرب الداخلية. وسابقا
جاء أمين وإدارة جديدة وفريق لا احد يعرف وظيفته وعندما كنت وكيلا للأمانة.كان
أصغر موظف يتدخل بقرار أكبر مسؤول ووقعت تدخلات لا تعرف مصدرها ومن يقف خلفها يغير
قرار لجنة كاملا.
*ما قصة التدخلات في الأمانة ؟هل من تفاصيل؟ وما دور القطاع الخاص في
ذلك؟
-القطاع الخاص له احترامه، وبرأيي حدث تحطيم في الأمانة سابقا، وكانت
هناك تدخلات من الدخلاء على الأمانة بتغيير قرار لجنة مثلا وعندما تراجع بشأنها يقولون
لك فلانة غيرته وفلانة ليس لها صفة!! وعندما تستدعيها تبدأ بالبكاء!! فالتدخل غير
معروف مصدره كما انه هناك تمايزا في الرواتب أدى إلى طبقة سادة وأخرى عبيد وهنا
صار الخلل.
*ألم يكن هناك إداريون يدققون في القرارات؟
-بعض الأشخاص الذين تم إحضارهم من الخارج للاستعانة بخبرته إذا تكلم
بالحق وإذا لم يمش حسب سياسة من هو فوق كان ينهى عقده وبعض الأشخاص ممن تم الاستعانة
بهم عمل برواتب عالية في سبيل الهيكلة وتفعيل فكرة اللامركزية في حين أن نتائج
التطبيق كانت تؤدي الى مركزية، وخاصة عندما تسحب الصلاحيات من مدراء المناطق وكان
لدينا 27 منطقة من دون صلاحيات، فدوائر المركز هي التي بيدها القوة ، وهي لا تسيطر
على الإطراف وبالتالي انعكس هذا على الخدمة وسبب تراجع خدمات الأمانة، الهيكلة فقط
أحدثت تباينا بين رواتب الموظفين. ولدينا رواتب 110 مليون دينار لكادر الأمانة و
23 ألف موظف منهم 3 آلاف موظف بالمناطق التي فصلت عن الأمانة مؤخرا أي 20 ألف
موظف، بما تكلفة 9ملايين دينار شهريا، مع العلم أن دخل الأمانة كان 195 مليون دينار عام2010 وفي عام
2012 تجاوز 200 مليون دينار وموازنة الأمانة 340 مليون دينار، لدينا كادر زائد قبل
عام 2000 وحتى الآن المشكلة تراكمية .
*الانتخابات التي تجددت في المناطق ألم تضخ دماء جديدة؟
-الانتخابات أفرزت أعضاء مجلس الأمانة تغولوا على مدراء المناطق وهم
أعلى من مدير المنطقة فعضوا المجلس، وبدعم من الإدارة السابقة كان القرار الفعلي لرئيس
اللجنة وليس لمدير المنطقة وهو المدير التنفيذي.
*ما سبب تراجع الخدمات والنظافة في الأمانة؟
-تراجع الخدمات والنظافة كانت بسبب توجه إلى خصخصة قطاع النظافة في العاصمة،
وعملوا بعض التجارب على مناطق منها منطقة بسمان بتكلفة 100 ألف دينار،والإدارات
السابقة للأمانة أهملت النظافة وصيانة الآليات وشرائها. وكانوا يريدون أن تفشل من أجل الذهاب إلى الخصخصة. فالحاويات لم تجدد
وصار إهمال وتلف سنوي وذلك في السنوات الخمسة الأخيرة ولم تحدث الآليات ، وأنا متأكد
انهم كانوا يتجهون إلى الخصخصة.
*ماذا عن الامتيازات والرواتب الخيالية والموظفين الذين يعملون من
بيوتهم؟
-يهمني إيضاح الحقيقة للمواطن في ذات السياق، فعندما أتيت للأمانة بهذا
المنصب وجدت أن بعض المدراء يداومون في منازلهم فأوقفت كل المياومات والامتيازات
التي يأخذونها وصرفتها للعمال وعملت على تخفيف معاناتهم وانصافهم على حساب
الجالسين بالدور. لكن هؤلاء المدراء كانوا ينقلون الصورة عكسية بأني ضد انصافهم،
هؤلاء هم قوى الشد العكسي. يريدون تحريض العمال ضدي. بأن الأمين يعمل على وقف
المكافآت .
*هل كانت أبواب الأمين مغلقة في السابق؟
-نعم كان باب الامين السابق مغلقا، والنواب كانوا يأتون الينا بدون
موعد وإذا لم تقابلهم يشتكون إلى رئيس مجلس النواب ومن ثم رئيس الوزراء ،بالمحصلة
لديك مؤسسة منهارة محطمة بمعنى الكلمة وصحافة تهاجمك قبل ان تعرف تطلعاتك وخيرك من
شرك لخدمة الأمانة والنهوض بها.لدينا نقص سواقين، وعمال وطن فالعامل المصري اجرته
15 دينار يوميا ويعطي رشوة مقابل عمله ولو ارتشى المسؤول عن كل عامل ب 5 دنانير
ففي نهاية اليوم سيحصل على 100 دينار من تشغيل 20 عاملا وهذا موجود ومن أسباب تردي
وضع النظافة.
*أين جهات الرقابة مثل ديوان المحاسبة من كل هذا؟
-كان ديوان المحاسبة لا يفتح فاه ولما طرحت عطاء الضاغطات وسيارات نقل النفايات
كان موافقا على قراري اللجنة الفنية والمالية،وحاول تعطيل العطاء،وتوقف على امور
شكلية ومع ان الآليات الموجودة لدينا تعمل على ثلاث شفتات لكن البيرقراطية التي
تعامل بها معنا ديوان المحاسبة نوع من أنواع الخلل.
*ماذا عن الوضع المالي للأمانة هل هو مقلق؟
-مديونية الأمانة بين( 650 – 850 ) مليون دينار ولدى الامانة امكانيات هائلة
ومديونيتها سابقا وصلت الى (500 – 600 ) مليون دينار لكن هناك الكثير للإنفاق عليه
فالشوارع محفرة ،وبدأنا في طرح عطاءات تعبيد ، ولولا تعطيل ديوان المحاسبة لكانت
الآليات تصل بالشهر الثاني من العام المقبل.
نحن لا نستطيع الوقوف امام هذا الواقع المأساوي للأمانة. وطرحنا عطاء التعبيد
لتراجع الخدمة،وإذا لم يتوفر لدينا سيولة مالية سيكون لدينا كارثة والدولة يجب
عليها ان تكفل الامانة .نحن على أبواب كارثة ولمواجهة ذلك وضعنا خطة للخروج من هذا
الوضع عبر توفير أراض كبيرة تعود للأمانة سنطرحها للاستثمار،وخرجنا بخطة تشمل
12مشروعا فالأراضي التي سنطرحها للاستثمار ستشغل الأيدي العاملة وتعود علينا بعملة
صعبة.
*ماهو مصير المخطط الشمولي للأمانة؟
-المخطط الشمولي فعليا حطم وخرب الأمانة و زاد المديونية ،والاستملاكات
التي تمت بموجبه في الأراضي بمئات الملايين وألغينا من لا تستفيد منها الخزينة
وهناك قضايا في المحاكم ،فالأراضي التي خططوها في الوديان متداخلة قطعها مع بعضها
بعضا وأصحاب الأرض غير قادرين على بيعها لأنها غير مفروزة. والأجنبي المستثمر حطم المرور في العاصمة، بالمحصلة المخطط الشمولي جر
مديونية على الأمانة مقدارها 200 مليون دينار منها 93 مليون دينار منظورة أمام
المحاكم ويمكن ان تصل الى 300 مليون دينار.
*لدينا معلومات عن هدر مالي في الأمانة ما قصته؟
-نعم وجدت هدرا ماليا من الدائرة القانونية في الأمانة وقد عينت
قانونين جددا، وكلفت فريقا لدراستها ودراسة أين يوجد حدائق وشوارع تحتاج إلى جدران
استنادية واستملاكات قمت بإلغاءها ،وسأعمل على تقليص الهدر من(400)مليون دينار إلى
50 مليون دينار.
ونحن نسعى إلى رفد خزينة الامانة عبر الاستثمار ونعمل على استثمار
للأرض التي تقع بالقرب من حي القيسية، سنعمل على افرازها قطعا مع تأمين خدمات البنية
التحتية وبيعها وقد عرضت المشروع على رئيس الوزراء وسيرى النور قريبا وسيكون مصدر
دخل للأمانة ومن خلاله سيتم سداد ديون الأمانة،ولكن في حال عدم الموافقة على
المشروع فانهم سائرون نحو الكارثة ، ولكنني متأكد أن المشروع سيرى النور ،وسيشمل
على الفنادق والمستشفيات والمطاعم والمولات وسيدعم موازنة الأمانة ويعود عليها
بمئات الملايين.
*أين يتركز أغلبية إنفاق موازنة الأمانة؟
-غالبية إنفاق الامانة على المرور والنقل إما البيئة فهي تحتاج 30
مليون دينار، وفي العام المقبل سوف يتحسن وضعنا استثماريا وقد جاءتنا عروضا من الكويت
وسأسافر الى دول الخليج لعرض مشاريع الأمانة هناك. والمشاريع الاستثمارية سنوزعها
إلى قطع ،ولدينا قطعة ارض مساحتها 185 دونما بجانب ديونز ستخصص لإقامة مدينة
ترفيهية ،وكان مسؤولون سابقون منحوا إحدى العشائر5 دونمات لإقامة ديوان وألغيت
ذلك، وستستغل الأرض في استثمارات وإعادة تأهيل لمدينة الجبيهة وكذلك تأهيل 55
دونما في حدائق الملك عبدالله وإقامة فنادق فيها. وستقيم الامانة حراجا للسيارات
مساحته 150 دونما في ماركا الشمالية بدلا من الحراج الحالي.وأتوقع أن يكون دخل
مشاريع المخطط الشمولي 400 مليون دينار بعد بيع أراضيه وبهذا لا تبقى على الأمانة مديونية،
أما قرض الاسكان وفوائده تبلغ 61 مليون دينار.ولا مشكلة مالية في الأمانة لكن
مشكلتنا مع “قوى الشد العكسي “.
* يقال انك قمت بتعيين اكثر من 1400 موظف جديد منذ بداية عهدك في
الأمانة، اكثرهم من أبناء محافظتك؟
- التعيينات في الأمانة لم تتوقف، لكنها لم تصل إلى هذا الرقم، ولم اعين
من أبناء محافظتي السلط إلا حسب حاجة الامانة، ومعظمها حالات انسانية، فكلنا يعرف
أن ابواب التعيين في الوزارات الحكومية مغلقة، والأوضاع الاقتصادية في البلاد
تحتاج إلى مساهمة كل المؤسسات في تحسينها، وعلى هذه القواعد يتم التعيين في
الأمانة.
* هناك معلومات أن الأمانة تقوم بإعـــــــــداد أغنيـــــة بكلفة 150
ألف دينار وهي تعــــــــــاني من أوضاع مالية صعبة؟
- نعم نقوم بإعداد أغنية سوف نطلقها للمناسبات الوطنية وكلفتها 30 ألقا
فقط، وهذا جزء من دورنا في دعم الثقافة.
*هل تعاني من ضغوطات معينة من نافذين؟
-لا أعاني من أية ضغوطات، كما أن الأمين السابق كان جريئا ولديه قوة.
*ماهي آخر تطورات خط الباص السريع؟
-التقيت المعارضين والمؤيدين للمشروع للخروج بتصور يخدم عملية النقل
والمرور في العاصمة.
*تحدثت عن قضايا رشوة، هل من سبيل لوقف ذلك؟
-خبرتي الطويلة في الأمانة جعلتني اصبح خبيرا في اكتشاف قضايا الرشوة والفساد
واعترف أن لدينا بعض الموظفين المرتشين لكننا عندما نطلب من صاحب الادعاء على
الموظف يرفض تقديم أي دليل خوفا.
وعندما تتوفر لدينا إثبــــــــاتات نحول المرتشين إلى القضاء وقد
حـــــــولنا 20 قضية فساد للقضاء.
ولدينا ديون على المواطنين حوالى 100 مليون دينار وسنطرح عطاء لتحصيل الديون
قريبا ونحاول استرداد ديون الأمانة على الحكومة والبالغة 250 مليون دينار من خلال
استملاك أراض حكومية في منطقة أحد . | <urn:uuid:4365088b-7ab1-46cb-beae-0b6ab64ceabb> | CC-MAIN-2014-10 | http://alsawt.net/%D9%81%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D8%AD-%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%86%D8%A9-%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AA%D8%A8-%D8%AE%D9%8A%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B4%D8%A7/ | 2014-03-09T17:03:08Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394009885941/warc/CC-MAIN-20140305085805-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.936734 | Arab | 19 | {"arb_Arab_score": 0.936733603477478, "ary_Arab_score": 0.03597644343972206, "ars_Arab_score": 0.014199797995388508} |
يواجه العراقيون اليوم أعلى معدلات العنف منذ يونيو/حزيران 2004. وفي هذه الشهادات المنشورة في مدونات عراقية يصور مدونون عراقيون الوضع الأمني في العراق الذي ارتفعت فيه وتيرة العنف مما جعل بعض المدونين يفكرون في مغادرة العراق والاستقرار في مناطق آمنة.
تتضمن هذه القصة روابط خارجية غير خاضعة للسياسة التحريرية للبي بي سي.
نرحب أيضا بآرائكم وتجاربكم:
مدونة باسم "روكر العراقي"
اضغط للدخول إلى المدونة
رابط لمدون عراقي يطلق على نفسه اسم "روكر العراقي" أو "ميمو"، يبلغ من العمر 19 عاما، ويسكن في بغداد.
االأربعاء 13 ديسمبر 2006: حاولت ميليشيا المهدي السيطرة على الحي الذي أسكن فيه لكنها لم تنجح في مسعاها. أظن أنها ستعيد الكرة في وقت لاحق.
الطرف الآخر الذي يحاول بسط نفوذه على الحي الذي أقطن به هو تنظيم القاعدة الذي لا ينفذ هجماته بالطريقة التي يتبعها تنظيم جيش المهدي...فالقاعدة أكثر دموية عند تنفيذ هجماتها.
إنها تلجأ إلى زرع العبوات الناسفة على قارعة الطرقات كما يقوم أعضاؤها باقتحام منازل سكان الحي وقتل أصحابها دون استثناء.
القاعدة وجيش المهدي يمارسان أعمال القتل، ولذا فإني لا أحب أيا منهما وأتمنى أن تلتهمهما نيران جهنم.
الأربعاء 20 ديسمبر 2006: سأغادر بغداد في غضون يومين. سأتجه إلى سورية كخطوة أولى باتجاه استعادة حياتي الطبيعية مثل باقي العالم، وآنذاك لن أرى الموت...مثلما أنني لن أسمع صوت تفجير السيارات المخففة مرة أخرى...سأعود إلى الحياة مرة أخرى.
كما أني لن أعيش مرة أخرى وأنا ميت... سأعود إلى الإنسانية في غضون يومين.
وداعا بغداد: أتمنى أن تستعيدي عافيتك وسلامك المفقود قريبا.
أتمنى لك السلام يا مدينتي بغداد بمناسبة رأس السنة الميلادية.
مدونة باسم "شيكيتيتا"
اضغط للدخول إلى المدونة
رابط لمدونة عراقية تطلق على نفسها اسم شيكيتيتا، وهي عراقية تبلغ من العمر 27 عاما تسكن ببغداد.
الاثنين 18 ديسمبر 2006: هل أنا الوحيدة التي تعتقد أن الجرائم التي ارتكبتها الميليشيات المدعومة من طرف الحكومة العراقية بعد الاحتلال قد غطت على المقابر الجماعية في عهد صدام حسين؟
أليس من السخرية أن مثل هذه الجرائم الفظيعة التي تحدث حاليا تجعل صدام يبدو وكأنه ملاك عند مقارنته مع "شياطين" اليوم.
على الأقل جثث الضحايا كانت تُدفن عندما كان صدام في السلطة..إنه لم يعط الأوامر بإلقاء الجثث التي تحمل كل واحدة منها ثلاث رصاصات في الرأس كعلامة مميزة في أكوام من القمامات.
لكن عند النظر إلى الأمر من كل الزوايا، فإن على العراقيين أن يكونوا ممتنين لحكومتهم المنتخبة ديمقراطيا.
ومن جهة أخرى أصبحت آلة الموت لا تفرق بين عراقي وعراقي سواء كان خبازا أو أكاديميا، غنيا أو فقيرا على يد الميليشيات التي تخترق الأجهزة الأمنية أو المتمردين المتشددين.
مدونة باسم "الزوجة العراقية العصبية"
اضغط للدخول إلى المدونة
رابط لمدونة عراقية تطلق على نفسها اسم "الزوجة العراقية العصبية" وهي بريطانية من أصل عراقي تعمل وتقيم في المنطقة الخضراء ببغداد.
الاثنين 18 ديسمبر 2006: أصبح العراق ضحية للعنف والعنف الداخلي. كما أصبح العراقي عرضة للصفع والضرب والاغتصاب سواء من قبل العراقيين أو الأمريكيين أو البريطانيين أو العرب أو الأفارقة أو الإيرانيين أو الأفغان.
صار العالم كله يشارك في اغتصاب حقوق العراقيين.
لقد سقط العراق ضحية شخصيات مريضة نفسانيا تتباكى على العراق وتتظاهر أنها تقتل من أجل العراق..غير أن الضحية في نهاية المطاف يظل هو العراق ذاته...لقد أصبح العراق والعراقيون ضحايا العنف.
مدونة باسم "نبيل"
اضغط للدخول إلى المدونة
رابط لمدون عراقي يسمى "نبيل"، يبلغ من العمر 19 عاما، وهو طالب يرغب في مغادرة العراق والاستقرار في نيوزيلندا. يعيش في منطقة سكنية سنية من بغداد.
الاثنين 18 ديسمبر 2006: انفجرت سيارة مخففة مملوءة بالمتفجرات على بعد 20 مترا تقريبا من البوابة الخارجية لمنزلي عندما كانت قافلة عسكرية أمريكية تمر بالمنطقة لكن لم يصب أي من الجنود الأمريكيين أو المدنيين بجروح.
ونتيجة للتفجير تعرضت الأسلاك الكهربائية ذات التوتر العالي للتدمير مما أدى إلى حرمان الحي من الكهرباء بشكل كامل.
الأحد 3 ديسمبر 2006: تتعرض الجامعات في بغداد لهجمات متزايدة من قبل المجموعات السنية المتشددة. (نبيل صاحب المدونة نشر رسالة تهديد علقتها منظمة أنصار السنة المتشددة على جدران الحي الذي يسكن به) والتي تقول:
"في سبيل الحفاظ على دماءكم من ما ترتكبه حكومة المالكي وفرق الموت التابعة لها من قتل واختطاف واستباحة لكل الكفاءات العلمية وكذلك لطلاب أهل السنة خصوصا حتى صارت كفاءات أهل السنة في جامعات بغداد سوق تصطاد فيه فرق الموت، فصارت هذه الكليات وكرا آمنا لها تنطلق منه لتنفيذ عمليات الاغتيال والاختطاف ضد أساتذة وطلاب أهل السنة.
لذلك قررنا إلغاء الدوام الرسمي لطلبة الدراسات الأولية والدراسات العليا للعام الدراسي 2006-2007 في كافة الجامعات والمعاهد والكليات الأهلية وما يعادلها التي تقع في العاصمة بغداد حصرا حفاظا على دماء علمائنا وطلبتنا أولا ومن ثم لغرض تطهير هذه الجامعات من فرق الموت".
مدونة باسم "نجمة من الموصل"
اضغط للدخول إلى المدونة
رابط لمدونة عراقية تطلق على نفسها اسم "نجمة" تبلغ من العمر 18 عاما من الموصل بدأت للتو فصلها الجامعي الأول بالموصل في شمال العراق.
الخميس 7 ديسمبر 2007: نظرا لأن الجامعات في العراق مختلطة، فقد وجدت بعض الصعوبة في التأقلم مع الأجواء الجامعية غير أني ما لبثت أن اعتدت عليها تدريجيا واكتسبت القدرة على التواصل مع زملائي في الدراسة على نحو أفضل.
أحيانا يفتح طالب معين حوارا مع طالبة لكن الأمر يصبح مزعجا حقا عندما لا يستطيع إكمال جملة مفيدة دون تعريض نفسه للسخرية أو جرح مشاعر الفتاة.
غادرت منزلي في وقت متأخر اليوم نظرا لأن الحي الذي أسكن به كان محاصرا.
كنا نتناول طعام الفطور عندما حدث انفجار أدى إلى تهشيم عدة نوافذ بالبيت بما في ذلك نوافذ غرفة الجلوس لكن لم يصب أحد بأذى.
بالأمس، كسرت رصاصة نافذة في البيت. ومن ثم فإننا نحتاج إلى تركيب زجاج في النافذة المكسورة إضافة على تركيب ستائر جديدة. لا يمكن للمرء أن يتوقع ما سيحدث.
تجاربكم وآراؤكم
اعتقد ان الوضع متأزم بشكل فظيع لكن الوزراء ينعمون بالراحة والرواتب الضخمة والشعب لا يجد الأكل ولا الوقود ليتدفأ.
محمد سعدي - بغداد العراق
لو طرح العراقيون جميعا ارديتهم الحزبية والطائفية خارج ساحات النضال لعاد العراق القوى الحر العربى الاصيل.
حسين محمد البسومى - مصر
نعيش واقع مأساوي في بلدنا الذي نحس فيه بالغربة لوجود قوات محتله أجنبيه، العراقي ليس له حرية التعبير عن رأيه ولا العيش في سلام حتى في بيته كل شي هنا حصار من جميع الاتجاهات.
حلا شاكر- كربلاء
حقيقة انا برأيي ان الهدف من وراء إحداث قتل الناس الأبرياء في العراق وتهجير العوائل المتزايد هو من اجل تمزيق الوحدة بين ابناء الشعب الواحد ومن اجل مسيرة التعليم في العراق وكافة النواحي الفاعلة والمنتجة في المجتمع العراقي.
نورهان الخفاجي- بغداد العراق
خروج الأمريكان هو الحل ومهما اختلفنا سوف نتفق بالنتيجة لاننا خوال وعمام ومن يقول غير ذالك فهو ليس عراقي حتما ويكذب.
محمد - بغداد العراق
انا مهندس مدني قبل عام بالتحديد كنت اعمل في اكبر الشركات في بغداد الان لا استطيع الخروج من المنزل ولا استطيع القول لاي شخص لا اعرفه باني مهندس خوفا على نفسي من القتل ولا استطيع العمل للظروف الراهنه حالي كحال كل المهندسين في بغداد واما تعليقي على قتل اصحاب الكفاءات بان الدول المجاوره لا تريد ان يكون العراق منافسا لها في طريق الدمقراطيه لما تعيشه الدول المجاوره من انظمه اسلاميه دكتاتوريه وهي تريد ان يكون العراق بلد يتالف من اناس جهله تسهل السيطره عليهم باسم الدين او المذهب.
المهندس ابو زينه -بغداد
الوضع الامني الرهيب في العراق وبغداد خاصه سببه تدخل الدين في السياسه. العراق بحاجه الى رجال علمانيون اكاديميون يديرون العراق بعيدا عن الدين الذي اصبح غطاء للقتل والخطف وارتكاب الجرائم ومن يعبد الله لا يحتاج الى ملايين الدولارات لعبادته على رجال الدين عباده الله في بيوتهم دون اللجوء الى سفك دماء العراقيين وانشاء ميليشيات مجرمه تقتل العراقيين ب اسم الله وتحجيم وابعاد دور ايران وحزب الله الحزب الارهابي في العراق لا اظن ان الله امرهم بجمع الملايين من الدولارات لانشاء ميليشيات للقتل والخطف. مصيبه العراق هو فرض سياسه دينيه متخلفه عليهم وارهاب العراقيين وتجويعهم تحت ستار الدين فالدين لله وحده والوطن للجميع وما يحدث في بغداد هو وباء خبيث اساسه التجاره با الدين وجعله وسيله للقتل برعايه ايرانيه مباشره. وعلى الاداره الامريكيه اشاعه ثقافه العلم والحريه والديمقراطيه عن طريق العلم والدراسه وتشجيع اصحاب الكفاءات العلميه واقصاء رجال الدين عن السياسه الذين اثبتوا انهم رجال الشيطان وليسو رجال دين.
هاله - بغداد
الامن في العراق مفقود المرأة اصبحت خائفه من القتل لاتفه الاسباب والطفل والرجل والمليشيات المجرمه من جيش المهدي وقوات بدر الايرانيه تقتل بسبب وبدون سبب يمكن ان تقتل لاتفه الاسباب تحت غطاء الدين من شجع العمائم وغطاء الدين؟ من شجع جيش المهدي ومن اين امواله وتمويله؟ وجرائم لا تحصى الكل في بغداد والعراق يعرف المجرمين باسمائهم وعمائمهم اصبح الدين وسيله للقتل وتجاره لكل شخص سعر. ارحموا العراقيين من خططكم الفاشله. لو ارادت اميركا انقاذ المرأه العراقيه والطفل والرجل العراقي لفعلت من دهر لانها تعرف حق المعرفه المجرمين صدموا اهالي بغداد من استقبال الرئيس الامريكي للالحكيم كان الاجدر به مقابله امراءه عراقيه او شخصيه عراقيه لكن التاريخ سيسجل. كنا نتمنى قوات تحرير لكن الواقع وكثره المجرمين والمليشيات جعلتنا نترحم على صدام والشوارع الامنه والجامعات والعيد وحقوق المراءه اقلها في زمن صدام لم تكن المراءه تقتل في الشارع لانها لا تلبس حجاب!
ندى - بغداد
أقولها للتأريخ ..أني أحمل العرب السنة مسؤلية تدمير العراق،لان تنظيم القاعدة يسكن في مناطقهم وهم من رفعوا السلاح من أجل كلمة حق أريد بها باطل وهي:المقاومة...فيا أخوتي أصحو..لان أعداء العراق يستخدمونكم كجسور لمئاربهم ....
أبن بغداد - العراق
انا ضد الميلشيات ولكنهم يقومن برد فعل، هل سمعتم يوما بانه فجر سيارة ممفخه في وسط سوق؟
علا ء جاسم - دورة بغداد
إن ما يحدث اليوم في عراقنا الجريح لا يمت صلة بما جاء به الإسلام ولا الرسالة المحمدية بل أن ما يحدث هو من المؤامرة صهيونية تجاه شعبنا العربي المسلم فالسنة هم ضحية أولئك الذين يوهمونهم أنهم هدفا للاضطهاد الشيعي والشيعة هم ضحية أولئك الذين يوهمونهم أن السنة هم أعوانا للحكم الصدامي البائد أنني أدعوا الله العلي القدير أن يهدي أولئك الذين ينصبون أنفسهم قادة وزعماء على أخوتنا العراقيين ويهبط أعمال المرتزقة وأعوان الشياطين وعلى رأسهم أمريكا.
مشارك
جميلة ورائعة هذه المدونات ، وعساكم تقرؤون مدونتي : مقالات ساخرة عن الوضع العراق : http://2comicjasim.blogspot.com
جاسم الرصيف - نبراسكا أمريكا
أنا أسكن سابقا في مدينة الثورة التي أصبحت تسمى مدينة الصدر. سحقا لجميع المسلحين، فالحياة معدومة في بغداد وأصبح قانون الغاب هو السائد أنهم يأتون بناس لا لشيء سوى أنهم سنة ويقتلونهم أمام مرأى الناس وحتى أهل المدينة غير راضين عن الذي يحصل، ولكنهم يخافون جيش الرعب جيش المهدي، سحقا لكل من تلطخت يديه بدم العراقيين إنهم جميعا يشاركون في قتل الإنسان العراقي ...
المهجر - بغداد
أتمنى للشعب العراقي ان يجلس علي طاولة التفاوض حتي يجنب البلاد شر الهلاك.
سوسن على يوسف - الخرطوم السودان
اين ذهبت المخابرات وقوات الأمن الصداميه بعد الاحتلال هل اختفت او تقككت؟...لا بل لازالت تواصل عملها بجداره وانتم تعرفونهم ..(انصار السنة والمجاهدين وكثير من الأسماء التي تعرفونها) ..صدام حسين ترك ورائه جيشا للتخريب، سبب اعمال العنف هو ليس وجود القوات الامريكيه وانتم تعرفون سبب وجودهم لان الوضع الأمني متدهور ولا يستطيعون المغادرة من دون ان يحل استقرار الوضع الامني في العراق وهذا حجه يستخدمها المجرمين باداء اعمالهم الاجراميه وينسبونها الى الاسلام او بالأحرى الجهاد في سبيل الله. يا له من سبب مضحك ....انا شيعي ولا احقد على سنيا لان ليس هناك سبب للحقد وانا اقصد سنة العراق لانهم اهلي وأبناء بلدي لكن احقد على السنة الذين قدموا الى العراق لتفجير انفسهم وقتل ابناء وطني، وانا اطلب من كل عراقي شريف ان كان سني او شيعي او كردي او اي طائفة ان يقاوم من هم قادمون لتخريب وطننا وهتك حرمة شعبنا واسأل الله ان يعين كل عراقي وان يحمي شعبنا من العدوان الارهابي.
غريب-عراقي امريكا
هل تسمعون بالفدرالية المناطقية او المحلية انها باتت فدرالية محلات فأنت في بغداد اذا أردت ان تدخل حي سني عليك ان تحمل هوية سنية ويا ويلك من ان يوشي بك بانك شيعي فانك تذبح على يد عصابات جيش عمر اما اذا دخلت حي شيعي نفس الحالة فبغداد باتت منقسمة ويوميا بعد رحيل القوات الامريكية من المحلة تهجم الميليشيات والقاعدة على بعضها اما القاعدة فتهجم لتقتل المدنيين من الأطفال والنساء وترحل العوائل اما الميليشيات فهي تدافع لا غير لكن المضحك المبكي بعد وصول الهامر الأمريكي ترى الهدوء يسود المنطقة والناس المدنيين باتوا يفرحون بوصول الأمريكان لان القاعدة تتوارى بعد وصولهم وترى مظاهر التسلح معدومة. هذا الوضع في بغداد.
رامي - بغداد
يجب ان يعلم الجميع ان العراق أكثر بلد ترى فيه تعايش سلمي للطوائف والديانات بدليل نحن في الخارج جميعا نجلس معا ونحدد من المسؤول عن الأحداث الجارية والجميع يتفق بان القاعدة والمحتل هم من يسبب هذه الاحداث ويقف خلفها من اجل فت عضد العراق وجعله لقمة سائغة يسهل قضمها وابتلاعها. هذا كل الذي يحدث باختصار وعليه يجب ان يكون هناك تعاضد شعبي لتعقب القاعدة وفضح من يأويهم ويتستر عليهم ويدعمهم. لوحصل ذلك صدقوني سوف يستقر العراق.
ماجد الفرحان -عراقي في عمان
أن الوضع في العراق اخطر من أن يوصف وان ما يقال ويكتب ما هو الا نزر يسير مما يجري على الارض فنحن نعيش في حقل من الألغام لا نعرف متى ينفجر لقد كنت اعد الساعات وربما حتى الدقائق للخلاص من نظام صدام حسين لما اذاقنا اياه من اشكال المرار، ولكنني اليوم صرت أتحسر على تلك الايام وكأنها اجمل ما عشت بسبب الزمر التي أتت الى العراق والتي ما انزل الله بها من سلطان وحكومة ضعيفة تنساق وراء مليشيات اكلت الاخضر واليابس ومجاميع مؤلفة من عدة اشخاص سمت نفسها جيوشا وتفجر وتقتل وكأن العراقيين قطيع من الخراف المعدة للذبح والعالم يتفرج ولا اعرف سبب هذا الصمت المطبق. كان الله في عونك يا بلدي الحبيب ويا شعبي المغلوب على أمره وحسبنا الله ونعم الوكيل.
احمد - العراق
جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكب في العراق والتي أصبحت أبشع واكبر جريمة في تاريخ الإنسانية، لان واحدا من كل ثلاثين عراقيا قد قتل لحد الان،لان عدد العراقيين المتواجدين داخل العراق فعليا لا يزيد عن 18 مليونا واذا اردنا ان نحدد اكثر فان ما نسبته 90% من القتلى هم من الرجال فان الأمر كارثة فهذا يعني ان رجلا من كل 12 رجلا قد قتل انتبه يا ايها العالم الحر- العالم المتحضر- الساكت عن كل هذه الجرائم لان بوش لا يريد ان يبدو فاشلا، لانه لا يريد ان يوقف دعمه لحكومة الفساد والجريمة المنظمة التي قادتها في النهار وزراء ونواب وفي الليل قادة لفرق الموت والميليشيات كما عبر احد المسئولين الأمريكان الى متى هذا الصمت الدولي والعربي عما يحدث في العراق؟ متى تتصدى وسائل الإعلام الشريفة لهذه الجرائم بالفضح والكشف وتسليط الأضواء على أمراء الحرب المجرمين بشكل حقيقي وتحريض الشعوب الغربية لكي تضغط على حكوماتها لاتخاذ موقف حازم لوقف النزيف الرهيب الحاصل في العراق انتبهوا، انتبه ايها العالم فان شعبا يباد تحت سمعكم وأبصاركم.
مهدي صالح- هارب من العراق
العراق ضحية بعض الدول المجاورة التي تساند مصالحها وليس الشعب العراقي الذي يسعى لتدمير نفسه. فأسأل القارئ هل هناك طائفية في زمن النظام السابق؟ الجواب لا! لأن ليس هناك أي تدخل خوفا من بطش الطاغية.
البرنس - البصرة
احب التعليق على البرنس من البصرة، لانه بالفعل لم يكن هنالك اي طائفيه في عهد صدام بل كان العراقيون يعيشون متآخين بدون تلك الأنا التي أظهرتها الاحزاب الدينيه.
الصكار- البصره
الحمد لله الذي جعلني عراقيا والحمد لله اذ خرجت من عراق الموت من عراق تنظيمات ليس لها الحق بتصفية الحسابات هنا واللعب على جماجمنا المهشمة برصاصات الحقد الأسود الا شاهت الوجوه وتبت الأيدي وخسرت الصفقة ايها الاحتلال البغيض واللعنة على أمريكا وصدام والقاعدة والمالكي والجيش والشرطة وكل من تلوثت يداه بدم الأطفال والأبرياء يا رب انزل الرحمة علينا وانزل الغضب على من اراد العراق بسوء آمين رب العالمين.
حسين العراقي- بغداد
انا لا ادري من اين ابدأ! كل الذي أقوله لماذا وصل العراق الى هذه الدرجه من الدموية؟ ومن الذي دعم ويدعم هذه المليشيات بغياب القانون! انها غلطة بريمر بعد ان حل الجيش والقوات المسلحة وأمسى سلاح الجيش العراقي عرضه للسرقة من قبل اللصوص القابعين بناحية من بغداد الحبيبة متربصين ببغداد وبأهل بغداد وهم من محافظات عدة أسكنهم عبد الكريم قاسم في بغداد لكي يدعموا حكمه...دموعنا دم عليك يا دار السلام الميتة ويا مدينة الحب والعصافير.
ابن الجده العمارتلي- ملبورن استراليا
أشاطرك في كلمه دونتها اذهب وعش حياتك يا عزيزي قلبي معك ومعك كل العراقيين الشرفاء الذين يتمنون ان يجدوا موطنهم الحقيقي العراق.
العزاوي- النجف الاشرف
من الإنصاف والمهنية ذكر الداء قبل تشخيص الدواء فلا يصح ان نذم الناس ان شكلت مجاميع لحماية أنفسهم ولا نذكر بشيء من يسومهم سوء العذاب ومنذ بضع سنين ويقتل على الانتماء في السوق والجامع والمدرسة ولا أمل بقوات الاحتلال او حكومة في توفير بصيص من الأمن لهم ورغم فداحة الجرائم المرتكبة بحقهم وبشاعتها فأن ما يحسب لهم عدم الرد بتفخيخ السيارات ولا زرعوا عبوة لغير محتل ولهم قيادة يشهد المحتل بوطنيتها يمكن التحاور معها لاحتواء ردة الفعل ولكن كيف لي التحاور مع من يرسل من يفجر نفسه وسط جمع من البسطاء أو مع من لا يتبرأ من هذا الفعل ولا يستقبحه.
شماس احمد - بغداد
عندما يقال العراق فان أول شئء يأتي على بال الكثير هو الانفجار القنابل، الموت بلا سبب، لان الانفجار وأصوات الإسعاف أصبح جزء من حياتنا ليت العراق كانت دولة فقيرة ليتها.
دريا- كركوك
السبب في توتر الأمن في العراق هم السنة وفرق الموت والعبوات الناسفة والشيعة وميلشياتهم. ارى ان الاكراد هم الاولى بالحكم.
صالح- الرياض
لا تفاجئوا ان قلت لكم باننا هنا في بريطانيا نعيش أسوء حالة نحن العراقيين نحن محرومون من الكثير لأننا عراقيون فقط، ونقف في طوابير لساعات لكي نستلم بطاقة نشتري بها الأكل لا غير. فلا تحزنوا كثيرا لان اي عراقي في اي بلد يعاني بطريقه او بأخرى. لا احترام لدينا بسبب مواقف حكوماتنا والسكوت على حقوقنا الضائعه في جميع البلدان نحن نموت ايضا كل يوم مع العراقيين في العراق.
كرزان- مانشستر
اذا شاءت امريكا ان يستقر الوضع في العراق فعليها إسقاط الحكومة الحالية وحل البرلمان وفرض الأحكام العسكرية والاستعانة بقوات عربية لحفظ السلام.
عمر توفيق- العراق
سبب القتل وتأزم الوضع في العراق هم التكفيريون بمساعدة هيئة علماء المسلمين الذين يساندون التكفيريون ولا يستنكرون أعمالهم الإجرامية ان هذه الفئة الضالة ليست من المسلمين الإسلام بريء منهم..
حمود علي عبود- المنامة
مادامت حكومة المالكي لم تقمع جموح الميلشيات فسوف يرتفع العنف كل يوم ومادام هنالك احتلال فهنالك مقاومه وعنف.
عبد الكريم الجبوري- الموصل العراق
حديثي هذا موجه إلى السيد بوش والى المالكي والى الضاري والصدر والربيعي والجبوري وأقول لهم أما ان الاون ان تنسوا خلافاتكم اتركوا الحسابات القديمة التي تصفونها الآن والمتضرر منها فقط المواطن العراقي سواء كان شيعيا أم سنيا انسوا ما مضى وضعوا يدا بيد من اجل انقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا البلد المليء بالجراح العميقة.. ياحكيم ويا مقتدى ويا ضاري والنداء للجميع اما ان تكونوا قدوه يقتدى بكم أو تتركوا العراق وتعودون إلى حيث جئتم.
جريح عراقي - بغداد العراق
مادام أهل السنة مضطهدين فان الوضع من أسوأ إلى أسوأ.
مكرم عبد الكريم - إب اليمن
الآراء المنشورة تعبر عن مواقف اصحابها ولا علاقة لبي بي سي بمحتواها. | <urn:uuid:ee897055-9b08-4b3f-99bf-f8f65e5feefe> | CC-MAIN-2014-10 | http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/talking_point/newsid_6205000/6205477.stm | 2014-03-09T17:04:00Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394009885941/warc/CC-MAIN-20140305085805-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.953937 | Arab | 27 | {"arb_Arab_score": 0.9539366960525513, "ars_Arab_score": 0.017153579741716385, "ary_Arab_score": 0.011396226473152637} |
[ قراءة: 9638 | طباعة: 182 | إرسال لصديق: 0 | عدد المقيمين: 0 ]
السؤال
منذ عام أعاني من آلام في القدمين من أسفل (الكعب)، فقمت بعمل تحليلين لليوريك اسيد.
بعد الأول أخذت اليوروسلفين وزيورليك ثم انقطعت عن الدواء فعاودتني الآلام مرة أخرى، فعملت تحليلا آخر وكانت النتيجة: (خمسة وأربعة من عشرة) وأعتذر عن الإطالة إذا قلت أنني أتناول في اليوم:
الإفطار: تمر والقليل من اللبن.
الغداء: طبق أرز و100 إلى 120جرام لحم بقري (هذا الوزن قبل التسوية) وسلطة.
العشاء: ثمرة أو اثنتان من الفاكهة.
وسؤالي:
1- نوعية الطعام التي يجب أن أتناوله مع الأخذ في الاعتبار أن اللحم في الغداء هو مصدر البروتين الأساسي لي، لأني لا أتناول ـ الفراخ ـ بسبب ما نعلمه من وجود الهرمونات والأعلاف السيئة، وبالنسبة للسمك لا أستطيع شراءه في مدينتي، فهل هذه الكمية ضارة بي وهي بعد التسوية تكون قليلة؟
2- هل من دواء يجب أن أتناوله؟ وإلى متى؟ وهل الاستمرار في الدواء له جوانب سلبية؟
3- أشعر هذه الأيام بآلام في أسفل الساق من الداخل عند العقبين في القدمين، ولكن الألم ليس في العظم، فهل يعد نقرسا؟
وأخيرا الحمد لله لا أشتكي من أمراض أخرى ولا أتناول أدوية أخرى.
وأعتذر عن الإطالة وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد سالم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
أنا لا أعتقد أن ما تعاني منه له علاقة بالنقرس، فمعظم الأحوال يكون الألم في أسفل الكعب ناجما عن التهاب في الرباط الأخمصي، وسببه الوقوف الطويل ولبس الأحذية غير المريحة، وأحيانا يكون السبب هو وضعية القدم.
ومن ناحية أخرى فإن النقرس في معظم الأحوال يبدأ في سن أكبر من سنك ( قد يحصل في سنك عند من يكون قصة عائلية للنقرس في سن مبكرة مثل سنك.
ومن ناحية أخرى فإن نسبة اليرويك اسيد ( حمض البول ) في المرة الثانية كان طبيعيا، لم تذكر إن كنت تتناول الزايلوريك عندما أجريت التحليل الثاني، لأن حمض البول ينقص إذا أخذت الزايلوريك ثم يزداد بعد يومين من التوقف عن تناول الدواء، وأنا لا أرى أنك بحاجة لهذا الدواء؛ ولذا أرى أن تشتري لك حذاء مريحا، وتتبع التعليمات التالية:
1- التقليل من الوقوف الطويل إلى حدٍّ كبير.
2- إذا كان هناك زيادة في الوزن فعليك تخفيف الوزن، فهو من العوامل الرئيسية في حل المشكلة على المدى البعيد، والتقليل من فرصة تكرارها.
3- إراحة القدم من المشي الطويل والوقوف الطويل؛ حتى يخف الضغط على الكعب، وتقليل الحركة والأنشطة حتى يختفي الالتهاب.
4- انتعال الحذاء المناسب واستخدام الأحذية المريحة والمزودة بدعامة لقوس القدم ووسادة للكعب لتخفيف الضغط، والأنسب استخدام الأحذية الطبية الملائمة؛ فإن لذلك دورا كبيرا في تخفيف ألم باطن القدم، لذا يجب أن يتم اختيار الحذاء بكل عناية، ويمكن وضع واقية مطاطية للكعب تشتريها من الصيدلية تسمى viscospot .
5- عدم المشي حافياً في البيت، وإنما لبس المشاية من الإسفنج.
6- التدليك بالماء: بغمس القدمين ليلاً بالتناوب بين الماء البارد والماء الساخن لعدة مرات، أي تُغمس القدم في الماء البارد لمدة خمس دقائق ثم يعقبها الماء الساخن لمدة خمس دقائق أخرى مع تكرار هذه الخطوات عدة مرات.. وهذه الطريقة تُعطي تأثير المساج للقدم بتفتيح الأوعية الدموية وغلقها.
7- عمل مساج (تدليك) باستعمال الإبهامين بحركة شبه دائرية على باطن القدم ابتداء من مقدمة القدم إلى الكعب قبل النهوض من السرير.
8- في الحالة الحادة يمكن وضع قطع ثلج تحت الكعب أو استعمال كمادات الثلج بعد نزع الحذاء ووضع القدم عليها لمدة عشر دقائق مرتين أو ثلاثة في اليوم، ويمكن استخدام الثلج بداخل منشفة لتخفيف الالتهاب لمدة تتراوح بين 5 – 15 دقيقة على منطقة الكعب.
9- قد يلزم استخدام الأدوية المضادة لالتهابات العظام والمفاصل، مثل الفولتارين أو بروكسين أو موبيك لمدة ثلاثة إلى أربعة أسابيع بشكل مستمر.
والنقرس يبتدأ بشكل تورم حاد يترافق مع ألم شديد في المفصل مع احمرار، ويستمر عدة أيام إلى عدة أسابيع، وإذا لم يعالج فإنه يتكرر ويكون هناك ارتفاع في حمض البول من 10-20 سنة قبل حصول هجمات النقرس. | <urn:uuid:2690821e-fd17-4a7d-9a42-d26fdd2943d5> | CC-MAIN-2014-10 | http://consult.islamweb.net/consult/index.php?page=Details&id=2115650 | 2014-03-12T13:22:46Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394021775214/warc/CC-MAIN-20140305121615-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.933778 | Arab | 28 | {"arb_Arab_score": 0.9337775707244873, "ary_Arab_score": 0.0278102345764637, "ars_Arab_score": 0.024351999163627625} |
|فلسطيني حتى النخاع|
المدير العام
عدد المساهمات: 431
نقاط: 7926
السٌّمعَة: 3
تاريخ التسجيل: 09/06/2010
|موضوع: الاسئله المتوقعه لمادة نظم المعلومات الاداريه المستوى الثالث وحدة طرق تطوير نظم المعلومات الأربعاء 18 يناير 2012 - 11:48|| |
س: وضح المقصود بالمصطلحات التالية:
نماذج الاعمال: التي تستخدم في المؤسسسة سواء أكانت فارغة أم مستخدمة مثل الفواتيرونماذج الطلبيات
- طريقة دورة حياة النظام:هي مجموعه من المراحل مخطط لها تمر بها عملية التطوير حيث يتم الانتقال من مرحله إلى اخرى بعد الانتهاء من المرحله الحاليه.
- الفحص:هي عملية اختبار لصحة عمل البرامج أو تنفيذ للبرامج بقصد معرفة الاخطاء ومعالجتها،وليس لإثبات أن المنتج خال من الأخطاء.
- تثبيت النظام:هي عملية تنظيمية توضح آلية الانتقال من العمل على النظام القديم في المؤسسة إلى العمل على النظام الجديد أو تركيب النظام وتطبيقة للعمل عليه في حال عدم وجود نظام قائم أصلا.
الفحص:هي عملية اختبار لصحة عمل البرامج أو تنفيذ للبرامج بقصد معرفة الاخطاء ومعالجتها،وليس لإثيات أن المنتج خال من الأخطاء. مهم
- تصميم واجهة الاستخدام: هي تصميم طريقة تفاعل المستخدمين مع النظام مثل وضع تفاصيل التصاميم الخاصة في شاشات الإدخال والتقارير وطرق الحوار مع المستخدم.
س: اذكر عوامل اختيار طريقة تطوير النظم. مهم الكلفة والفترة الزمنية اللازمة لتطوير النظم ومدى جودة النظام المنتج وتحقيقه لمتطلبات المؤسسة وتوافر الكفاءات و الانظمة الجاهزة التي تلبي معظم احتياجات المؤسسة وحجم المؤسسةس:اذكر الطرق المتبعة في تطوير نظم المعلومات؟ مهم1. دورة حياة تطوير النظام. 2. حزم التطبيقات. 3. النموذج التجريبي.4. تطوير المستخدم الاخير. 5. الطريقه الموجهة للكينونات.س: عدد إيجابيات طريقة دورة حياة النظام؟ مهم
- الفحص المدمج:العملية التي تتبع فحص الوحدات حيث يتم دمج اكثر من برنامج فرعي وفحصهم معا مثل دمج المحاسبه مع الماليه.
- الفحص الارتدادي:ينبثق من الفحص المدمج وذلك في حالة اكتشاف الاخطاء اثناء عملية الفحص في مرحلة المدمج ويتم الرجوع إلي المرحله السابقة (فحص الوحدات او الاجزاء)واعادة فحص الوحدات المكونة للنظام الفرعي ومعالجة اخطائها وفحص النظم الفرعية المحتوية للوحدات من جديد للتاكد من عدم تكرار حدوث الاخطاء السابقة او أي اخطاء جديدة.
- الكاتب التقني:هو الشخص المسؤل عن الصياغة والاشراف على التوثيق بالتنسيق مع افراد الفريق المعنيين كل حسب اختصاصه
- الوثائق التسويقيه:هي التي تستهدف شرائح مختلفة من العملاء بهدف ايصال فكرة المنتج البرمجي ومزايا ومقارنته مع منتجات ونظم اخرى .
- شجرة القرار:هي تمثيل للقرارات حيث تظهر الشجره المسارات التي يمكن ان يتم تتبعها لاتخاذ القرار المناسب.
- حزم التطبيقات:هي نظم تضم مجموعه من البرمجيات حيث تعالج الانشطه التي تكون مشتركه بين معظم الشركات بطريقة ادائها مثل نظم (دفتر الاستاذ العام وإدارة المستودعات) وتوفر الجهد والوقت اللازمين لتحليل وتصميم وبناء أي نظام.
- النموذج التجريبي:هو وسيلة تطوير بديلة يعتمد فيها مطورو النظم على الافكار والمتطلبات العامه للمستخدمين لتطوير نموذج يوضع مباشره للاستخدام ومن ثم يقوم المطورون بتعديل النموذج بناء على اقتراحات المستخدمين وخبراتهم.
- الكينونه:تمثل الاشياء الواقعيه التي يعالجها نظام المعلومات مثل الزبائن والمزودين والعقود واتفاقيات الإيجار.
- الصنف: مجموعه من الكينونات تشترك في خصائص تكوينيه وسلوكيه.
- التوارث: وجود اصناف جديده تتشارك في بعض خصائص الاصناف الموجوده.
- هندسة البرمجيات:هي طرق تصميم البرامج وتطويرها وظهرت بسبب الفشل الذي حدث بالبرمجياتوما تتطلبه عملية التطوير من وقت وجهد ولضمان عملها بالكفاءه المطلوبة وبقائها لأطول فترة ممكنة وذلك بإيجاد كينونات تحاكي الواقع.
س: عدد سلبيات طريقة دورة حياة النظام؟ مهم
- تلزم الفريق بطريقة نظامية باتباع المراحل.
- تتضمن كفاءة عالية للنظم المعدة من خلال المحافظة على المعايير الواجب الالتزام بها.
- تضمن عدم السهو عن اية احتياجات للنظام.
- الانسب في إعداد النظم المعقدة.
4. عادة يكون هناك صعوبة في نقل احتياجات المستخدم للخبراء.س: ما هي الخصائص التي يجب دراستها عند تقييم البدائل من المعدات؟ مهم1. الاداء. 2. الكلفه. 3. الموثوقيه.4. التكنولوجيا . 5. إمكانية الربط . 6. الدعم.س:اذكر جوانب تقييم البرمجيات وفحصها؟مهم جدا1. التحويل . 2. التدريب . 3. المعدات.س:ما الامور التي يجب التأكد منها خلال دراسة الجدوى؟ مهم1. رؤيه واضحه للنظام. 2. توفير الامكانات لتطبيق النظام وتشغيله (واقعية النظام).3. قائمه بالمخاطر التي من الممكن ان يتعرض لها تطوير النظام والخطط اللازمه لإدارتها ومعالجتها. 4 . وصف لمتطلبات النظام ومواصفاته. 5. خطه لضمان نوعية النظام وضبط الجوده. 6. خطه تطوير النظام التفصيليه. س:كيف يتم التخطيط للنظام؟ مهم1.وضع خطه لتنفيذ المشروع المقترح. 2. تحديد معايير تقييم النظام.3. تحديد الاجراءات الإداريه اللازمه لمتابعة انشطة المشروع.س:اذكر الموضوعات التي تغطيها عملية التحليل.مهم جدا
- تنتج كما هائلا من الوثائق. 2. تتطلب تكلفة ووقتا كبيرين. 3.تحتاج إلى جهد كبير.
س:اذكر الطرق التقليديه لجمع المعلومات في تحديد متطلبات النظام؟ مهمأ) المقابله. ب) الاستبانه. ج) الملاحظة المباشرة للمستخدمين. د) تحليل وثائق النظام الحالي.س:اذكر الطرق الرئيسية لجمع المعلومات عن النظام الحالي وتحديد الاحتياجات للنظام الجديد او المطور؟ مهمالمقابلةس:اذكر اهم المعلومات التي يمكن لمحلل النظم ان يحصل عليها من خلال دراسة الوثائق والمستندات؟ مهم جدا1- المشكلات في النظام الحالي (مثل تحديد الخطوات المتكررة)حتى يتم تجنبها في النظام الجديد .2- الفرص المتاحة للوصول إلى الاحتياجات الجديدة فمثلا إذا كانت إحدى الاحتياجات هي "تحليل المبيعات بناء على المنطقة الجغرافية فإن معرفة البيانات التي تم تسجيلها في النظام الحالى تبين مدى القدرة على التوصل إلى هذا المتطلب .3- البيانات والتعليمات التي تستخدم في المؤسسة.س: يعتمد المحلل على العديد من الوثائق والتقارير في مرحلة تحليل النظام ضمن دورة حياة النظام وذلك للحصول على تفاصيل اكثر عن النظام,اعط ثلاثة امثلة على هذه الوثائق؟ مهم1- دليل إجراءات العمل 2- نماذج الأعمال 3- التقارير من النظام الحالي س:ماهي المميزات التي ينظر إليها بعين الاعتبار عند اختيار البديل الافضل؟ مهمالزمن اللازم لتطبيق النظام ومدى توفر الموارد المالية والبشرية . س:ما اهمية التوثيق المصدري؟ مهم يستفاد من هذا النوع من التوثيق في فحص البرنامج وتعديلها ودراستها حيث انه من الصعب جدا فهم الشيفرة دون توافر التوثيق اللازم لها .س:عند التخطيط لمرحلة تثبيت النظام يجب الأخذ بنظر الاعتبار العديد من الأمور التي يجب معالجتها والوقوف عليها اذكرها. مهم جدا
- الأنشطة التي تجري داخل النظام القائم وإداراك آلية عملها .
- تحديد الإمكانات المطلوبة من النظام الجديد وآلية عمله .
س: عدد طرق تحويل النظام. مهم1. المباشر. 2. المرحلي 3. المتوازي 4. التطبيق في موقع واحدس:اذكر ميزات ادوات التحليل؟ بماذا تمتاز ادوات التحليل. مهم 1.سهولة فهمها وتعديلها. 2. قدرتها على تقسيم النظام إلى نماذج يسهل التعامل معها.س:جداول القرار تحتوي على اربعة قطاعات اذكرها. مهم جدا1) الشروط 2) البدائل 3) الأفعال 4) مدخلات القرار س:اذكرانواع النماذج التجريبية. مهم1.النموذج التجريبي المتسارع 2. النموذج التجريبي المستبعد 3.النموذج التجريبي التطويري س:اذكر إيجابيات النماذج التجريبية. مهم جدا1. تقليل الوقت اللازم لتطوير النظام. 2. تقليل تكلفة التطوير 3.تتطلب التواصل مع المستخدمين 4. المطورون يحصلون على ردود مباشرة من المستخدمين.5..تسهل تطبيق النظام وتحقق إرضاء اكبر من قبل المستخدمين.6.تساعد المطورين على تطوير النظام وتحسينه مستقبلاً.س:اذكر سلبيات النماذج التجريبيه. مهم1. قد تؤدي إلى تحليل غير كافٍ. 2. يتوقع المستخدمون كفاءة في النظام مطابقة لكفاءة النموذج.3. يصبح المطورون متلاصقين بنماذجهم. 4. قد تسبب عدم استكمال النظم او تفعيل نظم قبل استكمالها.5. يفقد الوقت الذي توفرّ للنماذج عند توفير نماذج معقدة.س:قارن بين طريقتي المقابلة والاستبانه في جمع المعلومات من حيث: مهم جداأ)ثراء المعلومة ب)الوقت اللازم ج)التكلفة د)السرية.
- تحويل البيانات الموجودة في النظام القديم ونقلها إلى النظام الجديد واستخدامها فيه.
- دورة عمل المؤسسة حيث اختيار وقت مناسب لتنفيذ هذه المرحلة وجدولتها في أوقات يكون نشاط المؤسسة فيها عند أدنى مستوياته وذلك لتجنب إعاقة عمل المؤسسة وارباك الموظفين ،وخصوصا في حال حدوث أخطاء.
- آلية تصحيح الأخطاء التى قد تطرأ عند التطبيق الفعلي للنظام.
س13: قارن بين الطرائق المختلفه لتطوير نظم المعلومات من حيث:حجم البيانات والزمن اللازم للتطوير والجهد اللازم ودور المستخدم وحجم النظام.
المقابلة
الاستبانه
|ثراء المعلومات|
توفر معلومات كثيرة
المعلومات قليله
|الوقت اللازم|
تحتاج لوقت كبير
لا تحتاج لوقت كبير
|التكلفه|
تكلفتها كبيرة
تكلفتها قليله
|السرية|
كثيره
اقل سرية
س: علل ما يلي:1) تعتبر دورة حياة تطوير النظام الطريقه الاكثر شيوعا او استخداماً لبناء وتطوير نظم المعلومات.لانها تشمل المراحل والمفاهيم كافه في جميع الطرق الاخرى.2) تحديد المشكله هي الخطوة الاولى للمرحلة التمهيدية لدورة حياة النظام حيث تقوم إدارة المؤسسه او الشركه بتشكيل فريق يتم ترشيحه ليقوموا بتحديد المشكله.3) يقوم محلل النظم بجمع المعلومات الضروريه وذلك لوضع البدائل حيث تلعب الخبره باستخلاص المعلومات الضروريه.بهدف جمع المعلومات عن النظام القائم والمساعده على ابتكار البدائل ثم صياغة البدائل واختيار البديل الافضل.4) يجب تجنب التكنولوجيا الحديثه التي لم يتم فحصها والتي بطريقها للزوال.لانها تسبب مشكلات مختلفه وغير محدده، ولاننا سنضطر بعد وقت قريب لاستبدالها.5) تعد دراسة الجدوى منهجية لاتخاذ القرارات.لانها تعتمد على مجموعه من الاساليب والادوات والاختبارات والأسس العلميه التي تعمل على المعرفه الدقيقه لاحتمالات نجاح او فشل مشروع معين (مشروع تطوير النظام) ضمن ظروف وقيود معينه ومحدده وهي الماليه والتقنيه والتشغيليه والزمنيه.6) يقوم محلل النظم في المشاريع الصغيرة مستخدما خبرته وفهمه بتصميم النظم وتطويرهالوصف وتقييم حلول تتناسب مع متطلبات النظام المراد تطويره و تحديد الكلفه الماليه للحلول المقدمه والوقت اللازم لإنجازها واثر هذه الحلول على المستخدمين.7) على محلل النظم التحضير للمقابلة بالطريقة المناسبة؟حتى يستثمر الوقت للحصول على المعلومات التي يحتاج اليها ويساعده ذلك تنفيذ المقابلة وتدوين الملحوظات. على محلل النظم التحضير للمقابلة بالطريقة المناسبة حيث يستثمر الوقت للحصول على المعلومات التي يحتاج اليها.ليساعده بنفيذ المقابلة وتدوين الملحوظات.9) بالرغم مما توفره المقابلة لمحلل النظم من معلومات إلا أنه لا يمكن القيام بها دائما.لما تحتاجه من وقت وكلفة لذا قد تكون الاستبانه هي الطريقه الاخرى التي يلجأ إليها محلل النظم لجمع المعلومات.10) في بعض الأحيان ونتيجة لقصر في عملية التحليل يحتاج المبرمجون إلى وقت كبير في إعداد البرامج. لأنهم سيضطرون للعودة مرارا لمرحلة التحليل والتصميم . 11) تعد مرحلة تطبيق النظام مرحلة حيوية .لأن عدم نجاحها قد يؤدى إلى فشل النظام حتى لو تم إعداد نظام عالي الكفاءة س: اذكر مثال على كل ما يلي:الوثائق والتقارير التي يعتمد عليها محلل النظم للحصول على تفاصيل اكثر عن النظام.1. دليل إجراءات العمل 2. نماذج الاعمال 3. التقارير من النظام الحالي امثلة على مفهوم الصنف والتوارث.ü عند تصميم نوافذ الادخال لا يتم الدخول في تفاصيل كل نافذة إدخال على حده بينما يتم إعداد صنف"نافذة ادخال" بمواصفات محددة مثل ألوان النوافذ واشكالها واحجامها وعمليات محددة مثل محتويات القوائم وبالتالي عند تعريف أي نافذه إدخال ككائن تنتمي الى صنف معين ستأخذ الخصائص والعمليات نفسها للصنف.ü يمكن اعتبار الموظف صنفا بخصائص عامة مثل ( الاسم,الرقم الوطني,العنوان,تاريخ الميلاد) ومن هذا الصنف صنف فرعي (مبرمج) توارث خصائص صنف الموظف بالاضافة ألى صفات خاصة به مثل ( لغات برمجة).س: ضع دائرة:1. المرحلة التي تقوم إدارة مؤسستها بتشكيل فريق البدء بالمشروع هي :أ)تحديد المشكلة. ب) إعداد الموازنه. ج)التخطيط للنظام. د)تحليل المشكلة.2. الشخص المسؤل عن إعداد دراسة الجدوى في المشاريع الكبيرة عند التخطيط لنظم المعلومات هو:أ-محلل النظم. ب-المبرمج. ج-مدير المشروع. د-الكاتب التقني.3. الشخص المسؤل عن إعداد دراسة الجدوى في المشاريع الصغيرة عند التخطيط لنظم المعلومات هو:أ-محلل النظم. ب-المبرمج. ج-مدير المشروع. د-الكاتب التقني.4. الشخص الذي يقوم بهيكلة المعلومات الكثيرة التي قام بجمعها هو:أ-المحلل ب-المبرمج. ج-مدير المشروع. د-الكاتب التقني.5. الفحص المدمج يستهدف النظمأ-التسويقية ب-الفرعية ج-التشغيلية د-التقنية6. اثناء الفحص تتم عملية التأكد من عدم تكرار حدوث الاخطاء السابقة او أي اخطاء جديدة بعدعملية الدمج تسمى هذه العملية بــــ:أ-فحص الوحدات ب-الارتدادي ج-الاجزاء د- النظام7. فحص البرنامج الذى تم تطويره جزء من نظام أشمل وأكبر يتضمن المعدات وأجهزة الحاسوب والخدمات وقواعد البيانات يسمى فحصأ- القبول ب- المدمج ج- النظام د- الاجزاء8. تقع مسؤولية الصياغة والاشراف على التوثيق في مرحلة التطبيق ضمن طريقة دورة حياة النظام على:أ- محلل النظم ب- المبرمج ج- مدير المشروع د- الكاتب التقني9. يصف المزايا والوظائف التي يتضمنها النظام وكيفية استخدامها وقد يحتوي ايضا على دليل لحل المشكلات المتعلقة بتشغيل النظام هو توثيقأ- توثيق التصميم ب- توثيق الشيفرة ج- توثيق المستخدم د- توثيق المبرمج10. يوضح المبرمجون والمحللون في مثل هذا النوع من الوثائق ، الاسباب الجوهرية الرئيسية لاختيار طريقة دون اخرى في تصميم النظام ومناقشة الحلول البديلة وكيفية تطوير التصميم الحالي في مراحل لاحقه هو أ- توثيق التصميم ب- توثيق الشيفرة ج- توثيق المستخدم د- توثيق المبرمج11. التي تستهدف شرائح مختلفة من العملاء بهدف ايصال فكرة المنتج البرمجي ومزايا ومقارنته مع منتجات ونظم اخرى هي:أ-توثيق التصميم. ب-وثائق تسويقية. ج- وثائق خاصة. د-وثائق موجهة عموما.12. مرحلة تبدأ بتطوير نظام جديد و يتم إيجاد وصف لعمليات المؤسسه والإمكانات المطلوبه التي تساعد على اتخاذ القرار لاختيار حزمة التطبيق المناسبة للمؤسسه هيأ-مرحلة التطوير ب-المرحلة الاولية ج- مرحلة التنفيذ د- مرحلة التشغيل والصيانة 13. المرحلة التي يقوم بها المزود بتعديل البرمجيه لتناسب احتياجات الشركه وتقييم مدى اهمية وجوده في النظام على نحو دائمأ-مرحلة التطوير ب-المرحلة الاولية ج- مرحلة التنفيذ د- مرحلة التشغيل والصيانة 14. مرحلة تتم خلال عملية تثبيت التطبيق(Installation) على الاجهزه, وفي العادة تقع هذه العملية على عاتق مزود النظام تسمى بـــأ-مرحلة التطوير ب-المرحلة الاولية ج- مرحلة التنفيذ د- مرحلة التشغيل والصيانة 15. يستغل هذا النموذج اقصر الطرق التطويريه الاساسيه والمعايير للوصول إلى التطور السريع و إنتاج نسخة اوليه من النظام يسمى نموذجأ- المستبعد ب- المتسارع ج- التطويري د- المقبول16. من انواع النماذج التجريبية في طريقة حزم التطبيقات,والذي يعد من اكثر الانواع هدرا للجهد والوقت,النموذج التجريبيأ- المستبعد ب- المتسارع ج- التطويري د- المقبول17. من انواع النماذج التجريبية في طريقة حزم التطبيقات حيث يسمح هذا النظام بتصحيح الاخطاء وتعديلها قبل بداية عملية تطبيق النظامأ- المستبعد ب- المتسارع ج- التطويري د- المقبول18. من انواع النماذج التجريبية تبنى بطريقه نوعيه لتزويد المستخدم بالتغذيه الراجعه ويتم التعديلأ- المستبعد ب- المتسارع ج- التطويري د- المقبول19. الميزه الرئيسيه للنموذج التجريبي التطويري أنهأ- ذاتي التقسير ب- نواة النظام الجديد ج- نظاما وظائفيا. د- تبنى بطريقة نوعية20. الطريقه التي يسعى المستخدم من خلالها إلى تطوير نظام خاص به ولا تستطيع دائرة نظم المعلوم متابعة التغيرات المعلوماتية التي احدثها التطوير تسمى طريقةأ- دورة حياة تطوير النظام. ب- تطوير المستخدم الاخير. ج- حزم التطبيقات. د- النموذج التجريبي.21. المرحلة التي يحدد فيه المستخدم ضمن طريقة تطوير المستخدم الاخير بتحديد المشكله و كيفية حلها ضمن الادوات المتوافره هي أ-مرحلة التطوير ب-المرحلة الاولية ج- مرحلة التنفيذ د- مرحلة التشغيل والصيانة 22. المرحلة التي يقوم يها المستخدم ضمن طريقة تطوير المستخدم الاخير بإنشاء النظام باستخدام ادوات لا تتطلب مهارات محترفين في البرمجه.أ-مرحلة التطوير ب-المرحلة الاولية ج- مرحلة التنفيذ د- مرحلة التشغيل والصيانة 23. مرحلة ضمن طريقة تطوير المستخدم الاخير لاتكون هناك حاجه للتدريب وإذا تم تدريب باقي المستخدمين فيكون ذلك سهلا هيأ-مرحلة التطوير ب-المرحلة الاولية ج- مرحلة التطبيق د- مرحلة التشغيل والصيانة24. مرحلة ضمن طريقة تطوير المستخدم الاخير يكون المستخدم فيها الشخص المسؤل عن تشغيل النظام لأنه المسؤل عن عمل النسخ الاحتياطيه والمحافظه على سريته وهو الذي يتابع صيانة النظام بتحديد التعديلات التي يريدهاأ-مرحلة التطوير ب-المرحلة الاولية ج- مرحلة التطبيق د- مرحلة التشغيل والصيانة25. من احدث اساليب هندسة البرمجيات الذي يستخدم في دمج البيانات والعمليات في بيئة واحدة أسلوبأ- التوارث ب- التصميم والتحليل الكينوني ج- الصنف د- الموجه26. تتعلق الفكره الاساسيه وراء الطريقة الموجهة للكينونات في مفهوم التوارث وترتيب الكينونات في مجموعات تسمىأ- اصناف ب- نماذج ج- حزم د- توارث
حجم البيانات
الزمن اللازم للتطوير
دور المستخدم
حجم النظام
دورة حياة النظام
|يتم جمع كم هائل من البيانات||تأخذ وقتا طويلا||تحديد الاحتياجات عند تحليل النظام||يستخدم في الانظمه الكبيره والمعقده والمتداخله في مهامها|
النموذج التجريبي
|لا يوجد حجم كبير من البيانات||قد لا يحتاج لوقت طويل وقد تدوم طويلا||له دور كبير بإعطاء تغذيه راجعه لتطوير النظام||يستخدم بالانظمه الكبيره والصغيره غير الواضحه|
حزم التطبيقات
|لا يوجد حجم كبير من البيانات||لا تحتاج لوقت طويل||إعطاء تغذيه راجعه للمؤسسه المعده للنظام وتطويره||يستخدم بالانظمه الكبيره ذات المهام المشتركه بين معظم الشركات|
المستخدم الاخير
|لا يوجد حجم كبير من البيانات||لا تحتاج لوقت طويل||له دور رئيسي في بناء النظام||يستخدم بالانظمه البسيطه|
الموجهة للكينونات
|يكون اقل من دورة حياة النظام||تأخذ وقت ولكنها اقل نسبيا من دورة حياة النظام||تحديد الاحتياجات عند تحليل النظام||يستخدم في الانظمه الكبيره والمعقده والمتداخله في مهامها|
|فلسطينية الروح|
نائب المدير العام الثالث لمراقبة مراقبي الاقسام
عدد المساهمات: 1397
نقاط: 8055
السٌّمعَة: 1
تاريخ التسجيل: 01/10/2010
العمر: 18
|موضوع: رد: الاسئله المتوقعه لمادة نظم المعلومات الاداريه المستوى الثالث وحدة طرق تطوير نظم المعلومات الأربعاء 18 يناير 2012 - 14:27|| |
شكرا مديرنا على هذه اللمسات الرائعة | <urn:uuid:f312b23b-ebce-4efa-a2e8-4bfa34910cee> | CC-MAIN-2014-10 | http://google-site-verifica.palestineforums.com/t666-topic | 2014-03-12T13:21:31Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394021775214/warc/CC-MAIN-20140305121615-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.974466 | Arab | 35 | {"arb_Arab_score": 0.97446608543396} |
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية معطرة للجميع وبعد ،،
نظمت إدارة مدرسة النخيل للتعليم الأساسي برأس الخيمة في وقت سابق رحلة ترفيهية لمنتسبيها من الأطفال الصغار وذلك إيماناً منها بضرورة إدخال البهجة والسرور إلى قلوبهنّ برفقة عدد من الهيئة التدريسية والإدارية في المدرسة .
حيث قامت الطالبات باللعب واللهو وتناول الطعام والحلويات وغيرها من النشاطات التي يقوم بها عادةً الأطفال في سنهنّ .
أترككم مع بعض الصور الملتقطة خلال رحلتهنّ الشيقة وبرائتهم الناعمة . | <urn:uuid:d5597529-7169-4191-a278-952e06bc4d0c> | CC-MAIN-2014-10 | http://forum.alrams.net/showthread.php?t=4631 | 2014-03-15T17:23:23Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394678699073/warc/CC-MAIN-20140313024459-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.97981 | Arab | 31 | {"arb_Arab_score": 0.9798101782798767} |
بسم الله الرحمن الرحيم
صِرَاعُ مَعَ المَلاحِدَة حتى العظم
تأليف عبد الرحمن حسن حبنّكة الميداني
الحمد لله ، والصلاة على خاتم أنبيائه وإخوانه الأنبياء والمرسلين ، حَمَلة رسالات الهدى ، ودُعَاة الخلق إلى الحق .
اللهم ألهِمنا الصواب ، وآتِنا الحكمة وفصل الخطاب .
الإهْدَاء
إلى كل مفتون بتزييفات المبطلين ، مخدوع بزخارف أقوال الملحدين .
إلى كل ناشد للحقيقة الكبرى في الوجود ، حريص على النجاة ، طالب للسعادة الخالدة .
إلى الشباب المؤمن الذي يودّ أن يدمغ الملاحدة بالبراهين الساطعة والحجج القاطعة .
أقدم هذا الكتاب الذي يمكن أن يعتبر معركة جدلية مع طائفة الملحدين المعاصرين ، جنود الشياطين ، وأجراء اليهودية العالمية ، التي تكيد لكل حق ، ولكل أمة ، ولكل خير ، ولكل فضيلة .
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، ووفقنا لما تحب وترضى ، واجمع كلمة المسلمين على الهدى والتقوى ، وانصر أولياءك على أعدائك ، وأيَّد جندك على جند إبليس ، وحقق وعدك إذ قلت وأنت لا تخلف الميعاد:
{بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}
(الأنبياء/21 مصحف/73 نزول)
الفصل الأول
مقدمات
لولا واجب حماية المسلمين
من تضليلات المضلين ، حتى
السخفاء والتافهين ، لما كان
(د. العظم) يستحق النظر فيه ، ولا
الالتفات إليه .
(1)
تصدّى لمحاربة الإسلام متصدّون كثيرون بوسائل مختلفة ، فتحطّموا وتكسّرت على حقيقته الثابتة المتينة نظرياتهم وجدلياتهم وأقوالهم المزخرفة ، وتكشفت بنوره تزييفاتهم وأكاذيبهم وأباطيلهم وظل الإسلام بحقه ونوره يتحدى كل مخالف له ، ويصرع كل مصارع ، ويطحن كل محارب .
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ}
(الصف/61 مصحف/109 نزول)
هذا وإني ما زلت أعتقد أنه من غير المستحسن إثارة معارك جدلية مع الملحدين من أعداء الإسلام ، حتى لا تعطيهم هذه المعارك فرصة لنشر آرائهم بين أبناء المسلمين ، وحتى لا تكسبهم هذه المعارك دعاية يستغلونها لنشر أسمائهم ، وترديد أفكارهم وآرائهم الباطلة ، وبإهمالهم يتساقطون تساقطاً ذاتياً أمام سلطان الحق المالئ للوجود ، وينساهم الزمان كما نسي أسلافهم ، وتطويهم الحقائق طي وفاة الهالكين ، ما زلت في هذا الاعتقاد إلى أن ألحَّ عليَّ فريق من أهل الغيرة على الإسلام ، أن أكشف زيف بعض الملاحدة المعاصرين الذين تصدوا لمحاربة الإسلام في جذوره الكبرى ، بمكتوباتهم ومنشوراتهم التي حاولوا أن يضعوا لها هالة البحث العلمي ، والنقد الحر الجريء ، وبرر لي هؤلاء الأحبة من أهل الغيرة ضرورة العمل ، وأنه قد أصبح واجباً إسلامياً متحتماً ، باعتبار أن طائفة من طلائع فتياننا وفتياتنا قد أثرت في نفوسهم وأفكارهم بعض أباطيل هؤلاء الملاحدة وسفسطاتهم ومغالطاتهم ، حتى نقلني إلحاحهم من موقع الرفض إلى موقع التردد ، وبقيت متردِّداً حولاً كاملاً ، حتى أعاد هؤلاء الأحبة الغيورون على إلحاحهم في صيف عام 1393-1973م ، فاستخرت الله ، وعزمت على تحقيق الطلب ، وكتبت هذا الصراع العلمي المنطقي المحتشم ، التزاماً بآداب المناظرة والجدال بالتي هي أحسن ، ما لم يستدع رد الضربة الباطلة بكفئها من الحق .
ورجوت من هذا الصراع أن يحقق الله سنته التي أعلنها بقوله في سورة (الرعد/13 مصحف/96 نزول):
{أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَٱحْتَمَلَ ٱلسَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي ٱلنَّارِ ٱبْتِغَآءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ وَٱلْبَاطِلَ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي ٱلأَرْضِ كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ}.
والله ولي التوفيق ، وهو الهادي إلى سبيل الرشاد والسداد ، وهو حسبي ونعم الوكيل.
(2)
لو عرف كثير من الملاحدة أن اليهود المقنعين يحرثون على أكتافهم وظهورهم مزارع سياستهم ، ولا يدفعون لهم مقابل ذلك إلا الغرور بالنفس والأجر اليسير ، والفحش الكثير ، والخمر والحشيش ، والمواعيد الكاذبة ، والأوهام الخادعة ، لاستقام تفكيرهم ، وتيقظت بصائرهم ، ولرجعوا إلى صفوف المؤمنين بالله ، يكافحون الإلحاد ومن يغذيه أو يدفع إليه .
إن اليهود الذين وضعوا أو دعموا ما أسموه بالنظريات المناقضة للدين ، وزعموا أنها حقائق علمية زوراً وبهتاناً ، وأدخلوها ضمن حشد التقدم العلمي المعاصر ، أرادوا أن يخدعوا بها أجيال المثقفين ليخرجوهم من صفوف أمتهم ويستخدموهم جنوداً يدمرون بهم كل المواريث الإنسانية والتعاليم الربانية .
ألا فليعلم هذه الحقيقة شباب مضللون سائرون في طريق الإلحاد ، أو واصلون إلى غايته ، أو متطلعون إلى السير فيه .
(3)
قرأت طائفة من مكتوبات ملاحدة القرن العشرين ، فرأيتها حشداً من المغالطات الفكرية المقرونة بزخرف من القول ، والمقنَّعة بقناع العلمانية . فهي تحاول أن تُدَلِّي قارئها بغرور إلى مواقع الباطل ، مغشية بصره وبصيرته حتى لا يرى وجه الحق الجميل ، ثم تنتقل به من تضليل إلى تضليل ، مستخدمة عبارات الأمانة العلمية ، وغوغائيات كلمات التقدم الصناعي والتكنولوجيا ، ومعطية أحكاماً قطعية على مذاهب ومبادئ لا تمثل إلى وجهة نظر معينة لفئة من العلمانيين ، تخالفها وتناقضها وجهات نظر أخرى تدعمها مدارس علمانيَّة كثيرة ، من علمانيات القرن العشرين نفسه ، قرن التقدم المادي على اختلاف جوانبه واختصاصه .
وتسير جدليّاتهم ضمن هذا المنهج من المغالطات والغوغائيات والتقريرات ، والعبارات التي تتصنَّع الهدوء والمنطقية ، وتستغل كل ثقل التقدم العلمي الذي أحرزه إنسان القرن العشرين لأنفسها ومذاهبها ، مع أن التقدم العلمي والتكنولوجيا بعيد كل البعد عن دعم مذاهبها ، أو تأييد إلحادها بالله ، وجحودها اليوم الآخر ، لدى تحري الحقيقة بصدق ، في كل مجالات التقدم الصحيح الحق ، في العلوم المادية والتكنولوجيا . وتدس جدلياتُهم في بعض عباراتها نفثات الهزء والسخرية ، وتبجحات التعاظم بالتقدم العلمي والصناعي ، وذكر الأسماء الأجنبية المعروفة في ميادين المعرفة والعلوم المادية وسيلة للتأثير على الضعفاء المراهقين في عقولهم ونفوسهم ، الذين لا يصمُدون لاستهزاء المستهزئين من أهل الباطل ، وتستهويهم مظاهر الاستكبار والتعاظم ، وتخدعهم دعاوَى المعرفة والتقدم العلمي الحديث ، وتؤثر في نفوسهم الأسماء المشهورة في ميادين العلم .
وأمام هذه المغالطات والغوغائيات الجدلية ، ذكرت قول الله تعالى في سورة (الكهف/18 مصحف/69 نزول):
{وَيُجَادِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ وَٱتَّخَذُوۤاْ آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُواْ هُزُواً}.
(4)
قرأت فيما قرأت مقولات “نقد الفكر الديني” للدكتور صادق جلال العظم ، الحائز على لقب “دكتور” من الذين دسَّوا الكفر في فكره إذ منحوه هذا اللقب ، فرأيت في مقولاته عجباً من المغالطات والأباطيل والافتراءات ، وسائر وسائل الجدال بالباطل لدحض قضية الحق .
وكنت قلت في نفسي قبل أن أقرأ مقولاته بإمعان : لعله باحث أخطأ وجه الصواب ، وعاب بانحرافه الحق الذي لا يعاب ، ولكني بعد أن قرأت كتابه رأيته نموذجاً من التضليل المراد ، القائم على المغالطات والأكاذيب والادِّعاءات الباطلة ، وستر وجه الحق الديني الذي تصدى لمحاربته علناً ، وتزيين وجه الباطل الإلحادي الذي حمل لواء مناصرته والتبشير به .
وقد كنت قرأت علوم الفلسفة والمنطق والمناظرة ، ومررت فيها على ما يسمونه (بالمغالطة) وما يسمون (بالسفسطة) فإذا سئلت عن أمثلة لهما لم ينجدني الخيال إلا بأمثلة محدودة ، رغم الكد الذهني الذي أبذله ، فلما قرأت مقالات “نقد الفكر الديني” ظفرت منها بأمثلة كثيرة للمغالطات وأنواع السفسطات التي تعمدها كاتبها الناقد (د. العظم) ليضلل بها من يطالع كتابه من مراهقي الفتيان والفتيات ، من أجيال الأمة الإسلامية ، خدمة متحمسَة للماركسية والداروينية والفرويدية وسائر النظريات بل (الفرضيات) اليهودية الإلحادية ، وهو في كل ذلك يتستر بعبارات التقدم العلمي والصناعي ، والمناهج العلمية الحديثة ، ولا يقدم من البينات إلا قوله مثلاً: إن العلم يرفض هذا ، أو لا يسلم بهذا ، أو يثبت هذا ، دون أ، يطرح مناقشات علمية نقدية تتحرى الحقيقة .
فمن غريب ما فعل في منطقه الشاذ أنه جمع كل الأديان ، وكل ما فيها من حق وباطل ، وكل ما نسب إليها من ضعيف وقوي وفاسد وصحيح ، وقال : هذه هي الأديان ، ثم وجه النقد اللاذع للباطل الظاهر ، وللضعيف البين ، وللفاسد المعروف فساده ، ثم صنع من ذلك مقدمة فاسدة استنتج منها إبطال الدين كله .
لقد رأى في مقدمته الفاسدة أن الاتجاهات الدينية يوجد فيها ما هو باطل مخالف للحقائق العلمية ، التي توصل إلهيا البحث العلمي ( ووضع الأديان المختلفة كلها في دائرة واحدة ) ثم زعم أنه لما كان الدين كله يمثل جبهة واحدة ، وقد وجد الباطل في جانب من جوانب هذه الجبهة ، ولما كان الدين متماسك الحلقات متى انتقض بعضه انتقض كله ، فالنتيجة التي يستخلصها الفكر العلمي هي أن الدين كله مشكوك به ، ولا يصح الاعتماد عليه ولا الأخذ به .
هذه هي حجة (د. العظم) في إبطال الدين كله ، ولست أدري هل يقبل إنسان يملك الحد الأدنى من التفكير المنطقي السليم هذا النوع من الاستدلال العظمي الذي ليس له أسر[1] يشده ، ولا لحم يملؤه ، ولا إهاب يزينه ، أو تجرى فيه دماء حياء أو حياة .
على هذا القياس العظمي نستطيع أن نبطل العلوم المادية كلها ، ونجعلها شيئاً غير موثوق به مطلقاً ، فنقول : إن الاتجاهات العلمانية التي تعتمد على البحث العلمي المدروس بأناة واختبار وتجربة للوصول إلى الحقائق هي اتجاهات باطلة مزيفة ، بدليل أننا نلاحظ عند أصحاب هذه الاتجاهات نظريات متناقضة ، ونلاحظ بعضها فاسداً قطعاً ، وبعد هذه المقدمة نُصدر وفق القياس العظمي حكماً قطعياً عاماً على كل الاتجاه العلمي ، ونقول : هو اتجاه مشكوك به ، باعتبار أن فيه نظريات باطلة ، وبما أن أصحاب الاتجاه العلماني يُمثلون جبهة واحدة ، ومتى ظهر الفساد في بعضها فلا بد أن يكون الفساد أو الشك شاملاً لها كلها ، وبناءً على ذلك فالاتجاه العلماني باطل كله!.
لو قال هذا الكلام واحد من المتدينين لقال الناس جميعاً – وفيهم المتدينون أنفسهم- : هذا إنسان فاسد العقل فاسد التفكير .
أما سيادة العظم فيقول مثله تماماً عن الاتجاه الديني كله ، وهو يتظاهر بحرصه الشديد على الأمانة العلمية التي تنشد الحقيقة ، ثم لا يجد بين العلمانيين الماديين من يوجه له نقداً أو تصحيحاً منطقياً ، فأين الأمانة العلمية التي يزعمونها ويتبجحون بها؟!
أهذا أمانة علمية؟ أم هو مغالطة ، وخيانة للعلم ، وخيانة لأصول العقل السليم والمنطق السديد؟
هل يصح في أصول العقل السليم تعميم مثل هذا التعميم؟ إن هذا التعميم الفاسد لا يفعله بقَّال ولا بائع خضراوات ، بل نرى البقَّال يصنف بقوله ، ويميز بين الفاسد والصحيح منها ، ونرى بائع الخضروات كذلك يميز بين الفاسد والصحيح من خضرواته ، ثم لا يرفض أصحاب الحوائج كل ما عندهما ، ولا كل ما عند جميع البقالين وبائعي الخضراوات ، لأن بعضهم يوجد عنه فاسد من بقول أو فاسد من خضراوات .
فأين المنهج العلمي الذي يتبجح به ؟ وأين الأمانة العلمية التي يتظاهر بالغيرة عليها؟
قرأت جدليات (د. العظم) وجدليات غيره من أساطين الإلحاد ، فرأيت أن جدلياتهم كلها تعتمد على المغالطة الفاحشة الوقحة ، أو المغالطات المقنعة بالحيلة والخداع ، ولدى إحصاء هذه المغالطات وجدتها تعتمد على العناصر التالية:
1- تعميم أمر خاص ، والمغالطة هنا تنسب إلى بعض أفراد العام ما ليس له من أحكام بغية التضليل .
2- تخصيص أمر عام ، والمغالطة هنا تنفي عن بعض أفراد العام ما له من أحكام بغية التضليل .
3- ضم زيادات وإضافات ليست في الأصل .
4- حذف قيود وشروط لازمة ، يؤدي حذفها إلى تغيير الحقيقة .
5- التلاعب في معاني النصوص لإبطال حق أو إحقاق باطل .
6- طرح فكرة مختلفة من أساسها للتضليل بها .
7- تصيّد بعض الاجتهادات الضعيفة لبعض العلماء وجعلها هي الإسلام ، مع أنها اجتهادات منتقدة مردودة من قبل مجتهدين آخرين ، أو من قبل جمهور علماء المسلمين .
8- التقاط مفاهيم شاذة موجودة عند بعض الفرق التي تنتسب إلى الإسلام ، وإطلاقها على أنها مفاهيم إسلامية مُسلَّم بها عند المسلمين ، والإسلام منها بريء براءة الحق من الباطل .
9- نسبة أقوال أو نصوص إلى غير قائليها أو إلى غير رواتها .
10- كتمان أقوال صحيحة ، وعدم التعرض إليها مطلقاً ، مع العلم بها وشهرتها .
11- الإيهام بأن العلوم المادية ملحدة على خلاف ما هي عليه في الواقع .
وعلى هذا النمط تسير مغالطاتهم ضمن تلاعبات كثيرة فيها خيانة للعلم وللحقيقة .
ولكني أرجو أن لا تنطلي مغالطاتهم وحيلهم وألاعيبهم على مثقفي هذه الأمة ، وأن يكتشف الجميع خيانتهم لأمتهم وتاريخها ، وخيانتهم لأنفسهم إذ باعوا نفوسهم لأعداء الحق شياطين الإنس ، وأن يكون رائد هؤلاء المثقفين محبي الخير لأمتهم وأنفسهم أن يتحققوا بمضمون الدعاء التالي :
“اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، ووفقنا لما تحب وترضى” .
والناقد (د. العظم) قد استخدم في كتابه “نقد الفكر الديني” معظم عناصر المغالطات التي أوضحتها آنفاً ، غير مكترث بالحقيقة ، ولا بالأصول المنطقية الصحيحة ، ولا بالبحث العلمي السليم ، وأما الأمانة العلمية التي تباكى من أجلها وتظاهر بالحرص الشديد عليها فلم يُقم لها أي وزن ، بل راح يطعنها في الصميم لدعم قضية الإلحاد التي حمل لواءها ، وانطق يبشر بها بين أبناء الأمة العربية .
أفبهذه المغالطات تُنشد الحقيقة العلمية؟
أفبهذه المغالطات تكون المحافظة على الأمانة العلمية؟
أهذه هي الأصول المنطقية المتقدمة التي يعتمد عليها؟
إن الحق الذي تنكره اليوم أيها الجاحد لن تستطيع أن تنكره غداً يوم الدين ، ولن تستطيع أن تجحده إذا أراد الله أن ينزل بك شيئاً من معجَّل عقابه ، وعندئذٍ لن تستطيع الشيوعية العالمية ، ولا اليهودية العالمية ، ولن يستطيع ملاحدة الدنيا أن ينقذوك من قبضة العدل الإلهي .
إن عذاب الله لشديد ، ولئن استهنت به وأنت مغرور متمتع بصحتك وقوتك ، فلن تستهين به يوم يمسُّك شيء منه ، إن ربك لبالمرصاد ، وإنه لا يخلف الميعاد .
لن يضر الحق شيئاً أن يجحده جاحدوه ، أو ينكره منكروه ، فالله حق وبيده مقاليد كل شيء ، وهو على كل شيء قدير .
ولكن إنكار الحق تبارك وتعالى يضر المنكر وحده ، وجحوده تبارك وتعالى يضر الجاحد وحده ، فهو بجحوده وإنكاره واستكباره يخسر نفسه وسعادته ، ويقذف بهما إلى العذاب الأليم .
أيها الملحدون : اسمعوا قول الله تعالى في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول):
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ}.
* * *
الفصل الثاني
الحقيقة بين الدين والعلم
(1)
حاول الناقد (د. العظم) بمغالطاته وافتراءاته الكثيرة – أُسوة بسائر ملحدي هذا العصر – أن يثبت أن الدين مناقض للعلم ، ليتوصل من ذلك إلى نقض الدين كله جملة وتفصيلاً ، وقد جعل هذه النقطة هي المحور الأساسي الذي دار حوله في محاربته للدين ، ونقده المزعوم المزور للفكر الديني ، ونقضه المزيف الكاذب لقضية الإيمان بالله من أساسها .
من أجل ذلك عقدت هذا الفصل “الحقيقة بين الدين والعلم” قبل الدخول مع العظم في المعركة الجدالية ، حول النقاط التفصيلية التي أثارها في جدلياته غير الشريفة وغير الأمينة ، لأكشف فيه مواقع النظر السليم إلى كل من العلم والدين ، ولأحدِّد فيه أبعاد كل منهما ، ومواطن الشبهات التي قد يقع فيها هؤلاء أو هؤلاء ، وبذلك ينكشف للقارئ منهج الحق قبل أن يشهد في هذا الكتاب فصول الصراع الجدلي على النقاط التفصيلية التي أثارها العظم ، فمن عرف قواعد الصواب والخطأ في موضوع ما قبل أن يشهد حلبة الصراع فيه استطاع في نفسه أن يكون حكماً ، ويعرف المحق من المبطل ، ويعرف المستقيم المقسط من المراوغ المخادع .
(2)
تجوزاً في التعبير ، ومتابعة لما هو دارج على ألسنة الناس ، أضع هذا العنوان (الحقيقة بين الدين والعلم) لهذا الفصل ، مع أن الحقيقة أن الدين الحق ليس قسيماً مغايراً للعلم ، وإنما هو علم عن طريق الوحي ، وما جاءت به طريق الدِّين اليقينية هو من قبيل الحقائق العلمية ، وللحقائق العلمية طرق إثبات أخرى هي الوسائل الإنسانية البحتة .
فالمقابلة إذن ليست بين الدِّين والعلم ، ولكن بين طرق اكتساب العلم الذي يأتي به الدين ، وطرق اكتساب المعرفة الإنسانية البحتة ، كطريق الحس المباشر لإدراك المعارف ، وهو الإدراك القائم على المشاهدة والتجربة ، وكطريق العقل لاستنباط المعارف التي لا تُدرك بالحس المباشر ، وهذه الوسائل الإنسانية المختلفة وأدواتها التي تستخدمها ، هي منحة من الله لعباده ، حتى يستخدموها في اكتساب المعارف والعلوم ، ولذلك كان الإنسان مسؤولاً عنها عند الله في مجال اكتساب العلم ، فقال الله في سورة (الإسراء/17 مصحف/50 نزول):
{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}
وهذه السوائل الإنسانية تقدم بدورها شهادة يقينية بالحقائق التي توصلت إليها ، أو شهادة ترجيحية بالمعارف التي ترجحت لديها بغلبة الظن ، وكذلك الوحي الجامع لطرق اكتساب العلم الذي يأتي به الدين ، هو أيضاً منحة من الله لعباده ، وقد جعله الله للناس طريقاً لاكتساب طائفة من العلوم ، وهي التي يطق عليها اسم علوم الدين ، ونلاحظ أن أهم ما يختص بها العلوم الغيبية التي لا تدركها الحواس الإنسانية ، ولا تستطيع العقول بوسائلها إثابتها مستقلة عن أنباء الدين.
أما الحقيقة بالنسبة إلى الأمور الوجودية (غير الاعتبارية وغير النسبية) فهي واحدة ، والإدراك الحسي يقدم شهادة بما توصل إليه من نتائج نحو الحقيقة ، ويرافق الإدراك الحسي الوسائل المادية التي يستخدمها الحس ، كالملاحظة والتجربة مع الأدوات والآلات التي تثبت صحة شهاداتها ، كالمقاييس والموازين والكواشف المختلفة ، وذوات الإحساس المادي غير الإرادي الكيميائي والفيزيائي ، حتى الذري الإلكتروني . والاستنتاج أو الاستدلال العقلي يقدم أيضاً شهادةً بما توصل إليه من نتائج نحو الحقيقة . ولا يمكن أن تتناقض نتائج الإدراك الحسي ونتائج الاستدلال العقلي إلا وأحدهما أو كلاهما مصاب بالخلل ، وذلك لأن كلاً منهما منحة ربانية وضعها الخالق بين يدي الإنسان ليعرف بها حقائق الأشياء ، كما وضع بين يدي كل منهما وسائل البحث التي تقدم شهاداتها عن مشاهداتها ، والطرق الصحيحة التي تقصد أمراً واحداً لا بد أن توصل إلى غاية واحدة ونتيجة واحدة ، أو غير متناقضة على أقل تقدير ، إذ تتكامل الحقيقة مما قدمت هذه الطرق من مدركات ، أو يعرف بها جزء من الحقيقة ، على قدر ما استطاعت أن تكشف منها .
ثم إن الوحي الذي هو منحة من الله لعباده عن طريق النبوَّة هو أيضاً طريق من طرق المعرفة الصحيحة ، فهو يقدم شهادة بالحقيقة ، ومتى كان الخبر عن الوحي يقينياً مقطوعاً به فإنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يتناقض مع اليقين الذي تُوصل إليه الوسائل الإنسانية البحتة . ولو أمكن أن تتناقض لكان معنى ذلك أن الفاطر الحكيم لم يضع بين أيدينا الوسائل الصحيحة التي تكسبنا المعارف والعلوم الحقة ، أو لم يصدقنا فيما أخبرنا به عن طريق الوحي ، وكل من الأمرين مستحيل عقلاً وشرعاً .
فالله تبارك وتعالى جعل وسائل المعرفة فينا مسؤولية في ميدان المعرفة والبحث العلمي ، ومسؤوليتها هذه رهن بأنها من الطرق الموصلة إلى الحقيقة ، كما جعلنا مسؤولين عن التسليم بما يخبرنا به عن طريق الوحي ، لأن برهان العقل قد قام لدينا بأن ما يخبرنا به الرسول عن طريق الوحي صدق وحق ، والجامع بين الأمرين هو أن كلاً منهما يقدم شهادة بالحقيقة ، وبما أن الحقيقة واحدة فإنه لا يمكن أن تتناقض نتائج الطرق الصحيحة الموصلة إليها ، ومتى ظهر التناقض فلا بد أن يكون ذلك لخلل أصابها أو أصاب واحداً منها .
فمن الأمثلة ما يلي : لقد أخبرنا الله أنه لا إله إلا هو ، وهذا خبر جاءنا به الوحي فقدم لنا شهادة بحقيقة وحدانية الخالق تبارك وتعالى ، والبحث العلمي في هذا المجال لا بد أن يوصل إلى هذه الحقيقة نفسها ، ولذلك قال الله تعالى في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول):
{شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ..}.
فلدينا إذن حول هذه الحقيقة شهادة الله إذ أخبرنا بوحدانيته عن طريق الوحي والرسل ، ولدينا أيضاً شهادة أولي العلم الذين توصلوا إلى هذه الحقيقة عن طريق البحث العلمي .
فمن الغفلة الكبيرة والجهل بأصول المعرفة ، إقامة الصراع والنزاع بين ما يأتي من المعارف الكونية عن طريق الدين ، وما يأتي منها عن طريق الوسائل الإنسانية ، مع أن هذه وتلك شواهد إلهية أقامها الله بين يدي الإنسان ليعرف بها الحقيقة ، وهل يشهد الله شهادتين متناقضتين أو يضللنا سبحانه فيضع لنا وسيلتين تعطي كل منهما نتيجة مناقضة للأخرى في موضع واحد؟
هذا أمر لا يكون في حال من الأحوال ، وحكمة الله العلي العليم الحكيم القدير تأباه .
وواجبنا لدى البحث عن الحقيقة أن نحرر تحريراً دقيقاً ما تأتينا به الوسائل الإنسانية من المعارف ، وما يصلنا من أخبار الوحي .
وكل مظهر للتناقض بين ما تشهد به الوسائل الإنسانية للمعرفة وما تشهد به النصوص الدينية لا يعدو أحد الاحتمالات التالية:
1- إما أن يكون الذي نسب إلى العلم لم يصل إلى مرحلة العلم المقطوع به ، كالنظريات التي لم تتأكد بعد ، والتي ما زالت رهن البحث والنظر ، أو التي لا سبيل إلى إثباتها بأدلة علمية يقينية ، وإن اعتقدها العلماء الماديون لعدم وجود ما هو أقوى منها في نظرهم المادي البحت ، ولأنه لا اختيار لهم بعد ذلك إلا التسليم بما جاء به الدين ، وهم يرفضون نفسياً هذا الأخير .
2- وإما لأن الذي نسب إلى الدين لم يصل إلى درجة القطع في نقل النص الذي تضمنه .
3- وإما لأن الفهم الذي فُهم به النص الديني فهم خاطئ ، وهذا الفهم لا يتحمل النص الديني وزر خطئه ، وغنما يعبر عن رأي من فهمه على هذا الوجه المخالف للحقيقة العلمية ، التي توصلت إليها الوسائل الإنسانية ، كمسألة كروية الأرض ودورانها حول نفسها وحول الشمس .
وهنا نلاحظ أن النصرانية لما سقطت في طائفة من المفاهيم الباطلة الدخيلة على أصل الدين ، والمخالفة له ، والمناقضة لأصول العقل والعلم الصحيح ، حاولت أن تتلخص من ورطتها هذه بمقالتها المشهورة : “الدين لا يخضع للعقل” وأطلق علماؤهم بين بين أتباعهم كلمتهم المأثورة : “أطفئ مصباح عقلك واعتقد وأنت أعمى” وحرموا التفكير والنظر في مسائل الدين ، وفرضوا عليهم التسليم الأعمى بالإله المثلث دون مناقشة ولا نظر ، مع أن أصول العقل السليم ترفض هذا رفضاً قطعياً ، ولا تسلم به النفوس إلا مع تعطيل منطق العقل ، ورافق ذلك أنهم أقفلوا باب العقل والبحث العلمي نهائياً عن كل مسألة تعرضت إليها نصوص دينهم ، حتى ما كان منها متعلقاً بواقع الكون الذي تستطيع الوسائل الإنسانية أن تصل إلى معرفته .
ولما جاء الإسلام رفض هذا التثليث الدخيل على دين الله ، ونادى بالوحدانية ، وقدم على ذلك شهادة من عند الله ، نزل بها الوحي على رسول الله محمد ، وشهادة من أولي العلم ، فجعل العقل العلمي شاهداً على هذه الحقيقة ، وناقض مخالفيها على أساس من العقل والعلم ، واعتبر العقل في هذا سنداً يُستفتى ويُستشهد به ، ولو كان البحث العلمي الإنساني السليم سيوصل إلى القطع بحقائق لا يوافق عليها الدين لما دعاه الإسلام إلى تقديم شهادته بالحقيقة ، ولما أرشد الله العلماء إليه ، ووضع في أيديهم وسائله ، ودفع بهم إليه دفعاً ، فقال الله تعالى في سورة (يونس/10 مصحف/51 نزول):
{قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ…}.
وقال في سورة (العنكبوت/29 مصحف/85 نزول):
{قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ…}.
وقال في سورة (الذاريات/51 مصحف/61 نزول):
{وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ..}.
ولما ناقش الناس بدلائله (أي : بدلائل العقل) ، ففي إثبات الوحدانية قال الله تعالى في سورة (الأنبياء/21 مصحف/73 نزول):
{لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}
وقال في سورة (المؤمنون/23 مصحف/74 نزول):
{مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ}.
وفي إثبات وجود الله ناقش بالمنطق العقلي البحت فقال الله تعالى في سورة (الطور/52 مصحف/76 نزول):
{أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ}.
إلى غير ذلك من شواهد كثيرة[2]
(3)
الغيب ومنطق العقل
حينما يناقش علماء النصارى في مسألة التثليث أو غيرها من المسائل التي يرفضها منطق العقل ، يدافعون بأن الدين لا يخضع لمنطق العقل ، إذ هو فوق مستوى العقل البشري ، ويجب التسليم بكل ما جاء فيه ، ولو كان العقل يرفضه رفضاً باتاً لاستحالته .
وظل رؤساء الدين عندهم يهيمنون على أتباعهم بهذه الحجة ، حتى قامت الثورة العلمية المادية الحديثة ، ففجرت جوانب البحث العلمي في كل مجال من المجالات العلمية التي يستطيع الإنسان أن يتوصل إليها ، وأيقظت الفكر النصراني من سباته الذي لازمه قرابة خمسة عشر قرناً ، ثم امتد أثره إلى الأمم الأخرى ، ومع هذه اليقظة العلمية أخذ المثقفون منهم يفكرون في قضية التثليث ، وفي قضايا مشابهة ، يقال عنها: إنها من أمور الدين التي هي فوق مستوى العقل ، ويجب التسليم بها ، ولو كان العقل يرفضها قطعياً ويرى أنها مستحيلة ، فلم تهضمها عقولهم ، وبدأوا يتشككون في صحة ديانتهم من أساسها ، وقام الصراع المعروف بين قوتين :
قوة تقليدية لها مؤسسات ورياسات دينية وأنظمة حكم تدعمها .
وقوة أخرى أخذت سبيلها إلى النهوض المادي عن طريق البحث العلمي ، ومناقشة الأمور بالعقل والمنطق وسائر وسائل البحث الإنساني للوصول إلى المعرفة الصحيحة .
وانتهت معركة الصراع بمحاصرة الديانة النصرانية وحجزها داخل جدران الكنيسة ، ثم أخذت الأجيال النصرانية سبيلها إلى إنكار ديانتهم ، والشك في صحتها من أساسها ، وعاشت في فراغ فكري وروحي خطير ، وفي هذا الجو النفسي المستعد لملئه بشيء آخر نشط دعاة الإلحاد الماديون يبثون أفكارهم الإلحادية ، واستغلت اليهودية العالمية هذا الواقع أو ساهمت في التدبير له ، وشحنته بما يلزم من الآراء الإلحادية والنظريات الخادمة لقضية الإلحاد ، فأخذ الإلحاد ينتشر في أوروبا انتشار النار في الهشيم ، وتبعتها شعوب أخرى ، ودار دولاب الانهيار في الغرب والشرق متسارعاً بشكل خطير ، مؤذن بدمار قريب تتحقق فيه سنة الله في الأمم .
والمسؤول عن كل ذلك أو معظمه العلماء بالنصرانية ورؤساء الكنيسة ، لأنهم لم يصححوا العقائد المزيفة ، الدخيلة على أصول ديانتهم ، والتي كان اليهود من قبل قد عملوا على إدخالها فيها لإفساد أصول النصرانية ، ثم لم يعمل هؤلاء الرؤساء الدينيون لإقناع شبابهم المثقف بالحجة والبرهان .
وهنا يتساءل الشاب المسلم المثقف فيقول : ما هو موقف الإسلام من العقل ، ومما تثبته وسائل المعرفة الإنسانية تجاه ما جاء به الدين ؟
ومن واجبنا أمام هذا التساؤل أن نحرر الجواب تحريراً شاملاً شافياً:
أولاً: من نعمة الله علينا في الإسلام أن أصوله وأركانه قد سَلِمت من التغيير والتحريف ، فلم يصبها شيءٌ ، مما أصاب أصول الأديان الأخرى من ذلك ، فليس أمامنا مشكلة دين محرف مخالف للحقيقة ، أو مخالف لمنطق فليس أمامنا مشكلة دين محرف مخالف للحقيقة ، أو مخالف لمنطق العقل والواقع ، حتى نلفّق لدعمه الحجج الخرافية ، على أن الإسلام لا يرضى ولا يقبل بحالٍ من الأحوال من المؤمنين به أن يلفقوا الحجج الباطلة ، أو يختلقوا الشهادات الكاذبات ، ولو كان ذلك لدعم الحق الذي جاء به ، لأن قبول هذا الأسلوب سيقضي على الأدلة والحجج الحقة الصادقة ، وسيقضي بالتالي على الدين من أساسه ، إذ قبل بمبدأ التأييد بالباطل ، فالحق لا يقبل التأييد والمناصرة إلا بالحق .
ثانياً: الإسلام دين الحق ، والحق لا يمكن أن تقوم الأدلة الصحيحة على إبطاله بحال من الأحوال . ولكن قد تقوم الأدلة الباطلة لإبطاله في تصورات المغرورين المخدوعين صغار العقول ، على أن هذه الأدلة الباطلة لا تلبث حتى تنهار ، وحسبها ضعفاً وقلة شأن أنها أدلة باطلة في أصلها ، مهما طليت بالأصباغ وأنواع الزينة من زخرف القول .
ثالثاً: تنقسم المعارف الدينية إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول :
تكاليف عملية نفسية وجسدية يطالب الناس بها . ومن نعمة الله علينا في الإسلام أنها مشتملة على ما يصلح أوضاع الناس وأحوالهم ، ويرتقي بهم إلى أرفع درجة حضارية إنسانية ، سواءٌ أكانت تكاليف عبادات ، أو تكاليف أخلاق ، أو تكاليف معاملات ، أو تكاليف أخرى تدفع الناس إلى الارتقاء المجيد في سلَّم الحضارة الإنسانية المثلى ، الخالية من عيوب الانهيار الأخلاقي والنفسي والسلوكي .
وبرهان هذا وتفصيله يتطلب شرحاً طويلاً ، عرضت طائفة مناسبة منه في كتابي : “أسس الحضارة الإسلامية ووسائلها” .
على أن الأصل في التكاليف أنها ابتلاء للإرادة ، والامتحان لا يشترط فيه بشكل لازم أن يكون موافقاً لمصالح الواقعين تحت الامتحان . لكن فضل الله كان عظيماً ، إذ كان امتحانه لنا في تكاليف تضمن أحسن المصالح لنا ، وأوفى المنافع ، وأكثر الاحتمالات دفعاً للأضرار والمخاطر ، وأسلمها حلاً للمشكلات .
القسم الثاني :
أنبا عن واقع كوني باستطاعة الوسائل الإنسانية أن تصل إلى معرفتها على ما هي عليه في الواقع ، ولو بعد حين .
وما جاء في الإسلام من هذا القسم لا يمكن أن يكون مخالفاً للواقع والحقيقة ، إلا ضمن احتمالين لا ثالث لهما :
الأول : أن يكون فهم النص الإسلامي من قبل بعض المجتهدين أو المؤولين فهماً خاطئاً .
الثاني : أن يكون النص المنسوب إلى الإسلام نصاً غير صحيح النسبة ، كأن يكون خبراً كاذباً ، أو ضعيفاً لا يصح الاعتماد عليه ، أو خبراً غير قطعي الثبوت ، فمن الممكن دخول خطأ فيه من نقل الراوي أو فهمه ، إذ يحتمل أنه روى المعنى الذي فهمه هو ، ولم يرو اللفظ ذاته الذي أخبر به الرسول ، وهذا إنما يكون في أحاديث الآحاد فقط ، أي : التي لم تبلغ مبلغ التواتر اللفظي أو المعنوي .
إما أن يكون الخبر الإسلامي قطعي الثبوت قطعي الدلالة ، ثم يخالف الحقيقة والواقع ، فهذا غير موجود حتماً ، وليس من الممكن أن يوجد قطعاً .
ولكن هنا قد تقع مغالطة لا بد من التنبيه عليها ، وهذه المغالطة تأتي من قبل ما ينسب إلى الحقيقة العلمية ، الآتية عن طريق الوسائل الإنسانية البحتة ، فكثيراً ما يدعي الماديون أن فرضية من الفرضيات ، أو نظرية من النظريات ، قد أصبحت حقيقة علمية غير قابلة للنقض أو التعديل ، مع أن هذه النظرية لا تملك أدلة إثبات يقينية تجعلها حقيقة نهائية ، أو حقيقة مقطوعاً بها ضمن مستواها ، وذلك بشهادة العلماء ، الذين وضعوا هذه النظرية أو ساهموا في تدعيمها .
ومن أمثلة ذلك الداروينية بالنسبة إلى نشأة الكون وخلق الإنسان ، فهي لا تملك أدلة إثبات قاطعة أو شديدة الترجيح ، ولكن كثيراً من العلماء الماديين يقبلونها تسليماً اعتقادياً ، لا تسليماً علمياً ، إذ ليس لديهم اختيار بعدها إلا الإيمان بالخلق الرباني ، وهذا أمر لا يجدون أنفسهم الآن مستعدين لقبوله ، ما دام منطق الإلحاد هو المسيطر على اعتقادهم في بيئاتهم .
ويأتي كُسور من المثقفين (أنصاف – أرباع – أعشار) من المتأثرين بالنزعات الإلحادية فيدَّعون وجود التناقض بين الدين والحقائق العلمية ، استناداً إلى وجود اختلاف بين بعض المعارف الدينية وبعض الفرضيات أو النظريات التي لم تصبح بعدُ حقائق علمية ، وهم يزعمون كذباً أو يتصورون خطأ أن هذه الفرضيات أو النظريات قد أصبحت حقائق علمية ثابتة بشكل قطعي غير قابل للنقض ، وهنا يقعون في غلط علمي فاحش جداً ، ويتبع ذلك سقوطهم في ضلال اعتقادي كبير تجاه الدين وأصوله ومعارفه ، علماً بأن طائفة من النظريات التي نسبت إلى العلم قد وُضعت خصيصاً لدعم قضية الإلحاد والكفر بالله ، على أيدي يهود أو أجراء يهود ،وصيغت لها المقدمات والمبررات التي ليس لها قواعد منطقية علمية صحيحة .
فالواجب إذن يتحتم علينا – أخذاً بطرق البحث العلمي السليم المحرر الذي أمرنا به الإسلام-أن نمعن النظر فيما قدمته شهادة العقل ، ووسائل البحث العلمي الإنسانية ، وفيما قدمته شهادة النصوص الدينية ، وأن نخضع هذه الشهادات للضوابط العلمية الصحيحة ، المتفق عليها في أصول العقل ، وفي أصول الدين .
وإني لأجزم بكل يقين أننا لن نجد مسألة واحدة يستحكم فيها الخلاف بين شهادة النصوص الدينية اليقينية قطعية الثبوت قطعية الدلالة ، وبين الشهادة القاطعة التي يقدمها العقل ، أو الشهادة القاطعة التي يقدمها البحث العلمي الإنساني البحت .
بل اليقيني من كل ذلك لا بد أن يتطابق في شهادته ، متى استطاع أن يصل إلى الحقيقة التي هي موضوع البحث .
فإن وصل بعضها وبعضها الآخر لم يصل أعلن كل عن مبلغه من العلم قصَّر في المعرفة أو زاد ، وفي هذا لا يوجد تناقض أو خلاف ، ولكن يوجد بيان جزئي وبيان أشمل وأكمل ، أو بيان جزئي من جهة وبيان جزئي من جهة أخرى ، وفق مثال العميان والفيل[3].
القسم الثالث : أنباء من أنباء الغيب الذي لا تستطيع الوسائل الإنسانية البحتة أن تصل إلى معرفته على ما هو عليه في الواقع .
وهذه الأنباء الدينية الغيبية تخبر عن بعض حقائق الوجود الأكبر ، فمنها ما يتعلق بخصائص الخالق جل وعلا ، ومنها ما يصف بعض الحقائق الغيبية من واقع هذا الكون المخلوق لله تعالى ، كالملائكة والجن والعرش والكرسي ، ومنها ما يحكي أحداثاً سبق أن حدثت فيما مضى من الأزمان ، وليس باستطاعة الوسائل الإنسانية أن تستعيد صورتها الواقعية ، كقصة خلق آدم ، ومنها ما يُنبيء عن أحداث ستقع فيما يأتي من الأزمان ، ضمن واقع هذا النظام الكوني القائم ، كأشراط الساعة ، أو سوف تقع في نظام عالم آخر وحياة أخرى ، وهو ما جاء عن الآخرة زماناً وداراً وحياة وحساباً ونعيماً وعذاباً .
وموقف العقل ووسائل البحث العلمي الإنسانية بالنسبة إلى ما جاء في هذا القسم يتلخص بما يلي :
1- تحرير صدق الخبر وصحة دلالته .
2- رفض ما لم يثبت صدقه ضمن قواعد تحرير صدق الأخبار .
3- رفض ما خالف أحكام العقل القاطعة ، وهو ما يدخل في قسم المستحيلات العقلية ، كالجمع بين النقيضين ، وكوجود شريك لله الخالق سبحانه وتعالى ، فأي نبأ من أنباء الغيب يثبت شيئاً يحكم العقل حكماً قاطعاً باستحالة وجوده هو خبر مرفوض عقلاً وشرعاً ، وأي نبأ من أنباء الغيب ينفي شيئاً يحكم العقل حكماً قاطعاً بأنه واجب الوجود هو نبأ مرفوض عقلاً وشرعاًً .
ولما قال الإمام الغزالي في كتابه “المقصد الأسنى شرح أسماء الله الحسنى” كلمته الحصيفة الرصينة المشتملة على نظر ثاقب عميق:
” ولا تستبعد أيها المعتكف في عالم العقل أن يكون وراء العقل طور قد يظهر فيه ما لا يظهر في العقل “.
عقّب عليه باستدراك خلاصته : إن ما وراء العقل قد يكون بعيداً عن تصور العقل وتوهمه بُعداً بالغ النهاية ، لأن العقل محجوب عنه في حدوده التي لا يستطيع أن يتعداها ، لكنه لا يمكن أن يكون وراء العقل أشياء يحكم العقل حكماً قاطعاً باستحالتها ، فهنالك فرق كبير بين ما لا يدركه العقل فهو لا يتناوله بنفي ولا إثبات ، لأنه ليس من الأمور التي يتناولها بأحكامه ، وبين ما يحكم العقل حكماً قاطعاً بنفيه أو إثباته .
فمن الأشياء التي لا يمكن أن يكون وضعها فيما وراء العقل على خلاف وضعها في أحكام العقل القاطعة لأنها من المستحيلات العقلية : أن يكون لله تعالى شريك ، أو أن يكون في مقدور الخالق جل وعلا أن يخلق مثل ذاته سبحانه ، أو أن يجعل الحادث قديماً ، أو ما أشبه ذلك .
وقد أوفيت هذا الموضوع بمزيد من الشرح والتفصيل في كتابي : “العقيدة الإسلامية وأسسها”.
4- ما له دلائل وقرائن من العقل تؤيده فإن موقف العقل منه موقف الشاهد المؤيد المسلم .
5- التسليم التام في كل ما يقول فيه العقل : لا أدري ، إذ ليس لدي من الأدلة الظاهرة في مقاييسي ما أستطيع أن أثبت به ، كما أنه ليس لدي منها ما أستطيع أن أنفي به .
وهذا التسليم تصديق لشهادة النص الديني الثابت من جهة الرواية ، وفق أصول تحقيق المستندات الأخبارية ، وتصديق شهادة النص الديني له مستند عقلي قاطع ، لأن العقول يقول : ما جربته من أنباء الإسلام الصحيحة النسبة بشكل يقيني لم أجد فيها إلا الحق ، وكل ما وجدته فيها مما استطعت الوصول إلى حقيقته الواقعة بنفسي كان حقاً وصدقاً . ويقول العقل أيضاً: إن من يملك تغيير سنن الكون الثابتة بما يجريه من معجزات على أيدي أنبيائه ورسله ، ليعلمني بأن الكون كله خاضع لقدرته وإرادته ، وليعلمني بأن أخباره التي يبلغها أنبياؤه ورسله أخبار صادقة ، لا يمكن أن تكون أخباره عن الغيوب التي لا أستطيع الوصول إليها بنفسي أخباراً مخالفة لحقيقة الغيب وواقعه .
لكل ذلك فإنه يجب التسليم بها تسليماً قاطعاً لا يداخله ريب .
(4)
منهج الإسلام في المعرفة
الأساس الأول للمعرفة في الفكر الإسلامي يقوم على أن المعرفة الصحيحة هي ما كان مطابقاً للواقع والحقيقة ، فما كان مطابقاً لذلك فهو حق ، وما لم يكن مطابقاً له فهو باطل ، وقد تكون الصورة الذهنية أو القولية مطابقة للواقع والحقيقة من بعض الوجوه ، ومخالفة من بعض الوجوه ، فيكون فيها من الحق على مقدار المطابقة ، ومن الباطل على مقدار المخالفة .
والقاعدة الكلية التي تأتي وراء هذا الأساس هي : أن كل وسيلة صحيحة تعطينا صورة صادقة عن الواقع والحقيقة هي وسيلة يجب الاعتماد عليها والثقة بها في تحصيل المعرفة ، والمرجع الأول والأخير دائماً هو الواقع ، وبالواقع تقاس النتائج . وعلى هذه القاعدة قام بناء الفكر الإسلامي .
أما وسائل المعرفة التي يجب اعتمادها في الفكر الإسلامي فتتلخص بثلاث وسائل:
الوسيلة الأولى : المعرفة المباشرة ، وتكون بالإدراك الحسي ، ولو عن طريق الأجهزة والأدوات .
الوسيلة الثانية : الاستدلال العقلي بمختلف طرقه الاستنتاجية والاستنباطية .
الوسيلة الثالثة : الخبر الصادق ، ومن الخبر الصادق الوحي ، وهنا يعترضنا سؤال وهو : إذا كان الهدف الأول والرئيسي هو أن تكون المعرفة مطابقة للواقع والحقيقة ، فماذا نصنع حينما تختلف وسائل المعرفة حول موضوع واحد ، أو حول نقطة في موضوع واحد؟
هل نعتمد وسيلة الإدراك الحسي؟
أو وسيلة الاستدلال العقلي؟
أو وسيلة الخبر الصادق؟
أو ماذا نصنع…؟
ونجيب على هذا السؤال بما يلي :
حينما يكون دليل وسيلة من هذه الوسائل هو الدليل الأقوى في الموضوع فإنه ينبغي اعتماده وترجيحه ، فإذا كان دليل الحس قائماً على مشاهدة صحيحة يقينية خالية من احتمال الخطأ ، مؤكدة بتوافق الحواس في إدراكها ، كان دليل الحس هو الذي ينبغي اعتماده ، ومن ثم يعاد النظر في الاستدلال العقلي إذا كان الخلاف معه أو يعاد النظر في دليل الخبر الصادق إذا كان الخلاف معه ، وإعادة النظر في دليل الخبر الصادق قد لا تحتاج أكثر من تصحيح فهم النص ، والنظر في تأويله بما يتفق مع النتائج اليقينية التي قدمها دليل الحس ، وذلك لأن الغاية من استخدام وسائل المعرفة إنما هو الوصول إلى معرفة مطابقة للواقع ، وليس من الممكن أن يتناقض الواقع مع نفسه ، وحينما يظهر خلاف أو تناقض في النتائج التي قدمتها الوسائل فلا بد أن خطأ قد دخل حتماً في بعضها أو في كلها ، وعندئذ لا مناص من مراجعة الأدلة والتمحيص فيها ، وإعادة النظر وزيادة التحري عن الحقيقة لاكتشاف مواقع الخطأ والخلل. وتظل المراجعة مفتوحة حتى يتم اكتشاف المخطئ منها ، ثم ما يثبت منها الواقع والحقيقة بصفة يقينية يكون هو الجدير بالاعتماد ، ثم يعاد النظر في غيره حتى نصححه وننتهي إلى التوافق التام في النتائج ، فمن المستحيل في منطق الوجود أن تتناقض الأدلة اليقينية في معطياتها العلمية ، وحينما نجد التناقض في هذه المعطيات فلا بد من وجود خلل أو خطأ في بعض الأدلة أو في كلها .
وتخضع النصوص الدينية لحكم هذا المنهج العلمي ، لأن الحقيقة الواقعة في الوجود هي من خلق الله تعالى ، والله محيط بكل شيء علماً ، وحينما يخبرنا عن شيء منها فلا بد أن يكون خبره مطابقاً لما هي عليه في الواقع ، لأنه يستحيل الجهل أو الكذب عليه سبحانه .
والمشكلة قد تأتي – كما سبق أن أوضحت – من الخطأ في فهم النص الديني الثابت ، وفهم النص الديني عمل اجتهادي إنساني ، وهذا الفهم الإنساني للنص قد يصيب وقد يخطئ ، فإذا أخطأ الاجتهاد في الفهم فليس معنى خطئه أن النص هو المخطئ ، ولكن المخطئ هو الإنسان غير المعصوم ، الذي اجتهد في فهم معنى النص ، وفي هذه الحالة علينا أن نراجع فهمنا للنص ، ونعيد تدبُّرنا له ، حتى نصل إلى المعنى اليقيني الذي تم الوصول إليه بيقين عن طريق الإدراك الحسي أو الاستدلال العقلي .
ولا يكون التعصب للاجتهاد الذي أخطأ فيه صاحبه إلا خدمة للذين يحاولون بكل ما يستطيعون من جهد أن يثبتوا التناقض بين ما يأتي به الدين ، وبين الحقائق التي تأتي بها الوسائل الإنسانية للبحث العلمي ، لطعن الدين من أساسه ، ونسف قواعده القائمة على الحق ، وإشاعة الإلحاد والمادية التي لا تؤمن بالله .
وقد تأتي المشكلة أيضاً من كون النص الديني نصاً غير ثابت ثبوتاً قطعياً ، لأنه لم تتوافر له الروايات الصحيحة التي تجعله قطعيّ الثبوت ، وبدهي في هذه الحالة أن يكون الدليل الحسي اليقيني أو الدليل العقلي اليقيني أقوى من دليل الخبر الظني الذي لم يبلغ مبلغ القطعية ، فإن أمكن تأويل النص أقوى من دليل الخبر الظني الذي لم يبلغ مبلغ القطعية ، فإن أمكن تأويل النص بما يتفق مع النتائج اليقينية للأدلة الأخرى أولناه ، وإلا أخذنا بالنتائج اليقينية حتماً ، وتركنا النص ودلالته ، ولا يضرنا هذا في الدين ، لأن قبولنا له من الأساس قد كان بصفة ترجيحية لا بصفة قطعية .
فإذا سأل سائل فقال : هل لنا أن نؤول النصوص الدينية أو نخصصها بدليل الحس أو بدليل العقل ، حتى تكون دلالتها مطابقة للواقع والحقيقة؟
كان جوابنا بالإيجاب حتماً ، وبأن هذا العمل من القواعد المقررة في علوم الشريعة الإسلامية ، يقول علماء أصول الفقه في أبواب تخصيص العام : “لا خلاف في جواز تخصيص العموم” ويقررون في أبواب تأويل الظاهر : “أنه يجوز التأويل متى كان دليله أرجح من دليل العمل بالظاهر ، ويجب التأويل متى كان دليله دليلاً قاطعاً لا يجوز العدول عنه” ويذكرون من أدلة تخصيص العموم : “دليل الحس ، ودليل العقل” ونظير ذلك يكون في تأويل الظاهر ، فيتم التأويل بناء على دليل الحس أو دليل العقل .
هذا هو منهجنا الإسلامي فيما يتعلق بالنصوص الدينية ودلالتها على حقائق الأشياء .
ولكن يجب الحذر الشديد لدى تطبيق هذا المنهج ، حتى لا يدخل علينا الدس الماكر باسم الحقائق العلمية التي توصلت إليها نتائج البحث العلمي بالوسائل الإنسانية البحتة ، فكثير من النتائج التي تُقرَّر على أنها حقائق علمية عند أصحاب البحث العلمي المادي لا تعدو أنها نظريات أو فرضيات قابلة للتعديل أو التغيير أو النقض الكلي ، وليست حقائق علمية يقينية عند أصحابها ، ولكن أصحاب الأهواء أو صغار المثقفين الذين لا يقدرون المعارف العلمية حق قدرها ، وينخدعون بدعايات الترويج التجاري أو السياسي للنظريات أو الفرضيات العلمية ، قد يزعمون أنها حقائق ويقينيات علمية ، وليست هي في الواقع كذلك ، ثم يحملونها حمل الببغاوات أو حمل الأجراء ، ثم يقولون : إن بين الحقائق العلمية وبين النصوص الدينية تناقضاً ، ويقصدون بالحقائق العلمية هذه النظريات أو الفرضيات التي لم تثبت بعد في نظر واضعيها ثبوتاً يقينياً أو نهائياً ، فضلاً عن أن تكون يقينيات في نظر غيرهم من الذين يعارضون فيها .
وأمام هذه النظريات أو الفرضيات لا نجد أنفسنا ملزمين علمياً بتحديد معاني النصوص الدينية التي تتناول الموضوع نفسه تحديداً قاطعاً .
والخطة المثلى أن نطرح الاحتمالات دلالاتها طرحاً غير مقترن بترجيح ولا تثبيت ، وحينما نرى أن نرجح فعلينا أن لا نجزم ، وأن نترك الجز لمستقبل البحث العلمي ، وننتظر إثبات الحقيقة العلمية بوسيلة يقينية ، فالمضمون لا يتعلق به حكم شرعي يجب العمل به ، لذلك فلا ضير من التريث والأناة ، هذا إذا لم يكن النص اليقيني قاطعاً في دلالته .
أما إذا كان قاطعاً في دلالته ، أو كان من الأمور المتعقلة بالتشريع والأحكام الدينية ، أو من الغيب الاعتقادي الذي لا تملك الوسائل الإنسانية الوصول إلى شيء منه ، فإنه يجب الأخذ بمضمونه وفق أصول الاجتهاد في فهم النصوص ، فاليقيني منها نسلم به تسليماً تاماً ، وغير اليقيني نضعه في المستوى الذي يقتضيه الترجيح .
(5)
النتيجة
فهل لمضلل ملحد بعد هذا التحليل لموقف العلم والدين من الحقيقة أن يزعم وجود التناقض بين الإسلام والعلم في المنهج الذي يجب اعتماده للوصول إلى معرفة الحقائق ، أو في النتائج اليقينية المقطوع بها التي يقررها الدين والأخرى التي تنتهي إليها وسائل البحث العلمي الإنساني ؟
إن أي مضلل لا يستطيع إثبات ادعائه وجود هذا التناقض ، إلا على أساس من المغالطات والأكاذيب وزخرف من القول وصناعة الجدال بالباطل .
فمن المستحيل وجود التناقض بين الحقائق التي تأتي عن طريق الدين والحقائق التي تأتي عن طريق وسائل المعرفة الإنسانية البحتة .
* * *
الفصل الثالث
النقد الذاتي
حول مفاهيم المسلمين للإسلام
(1)
تحت عنوان “نقد الفكر الديني” تستر الناقد العظم ، إذ حاول تقويض أسس الإسلام الكبرى ، وقواعده العظمى ، التي هي حق لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، وربما استغل ما لدى بعض المسلمين من مفاهيم خاطئة عن الإسلام ، ليطعن الإسلام بذلك ، على طريقة إبطال الطب كله لأخطاء بعض الأطباء ، وإبطال الهندسة كلها لأخطاء بعض المهندسين ، وإبطال ضرورة القضاء لفساد بعض القضاة ، وتعميم الأحكام التي هي لبعض الأفراد ، وإطلاقها على كل الأفراد ، ثم إطلاقها على المبادئ الحقة التي يدعي هؤلاء الأفراد انتسابهم إلهيا ، ولو كانوا مخالفين لها في مفاهيمهم أو في سلوكهم ، وعلى هذا الجنوح الفكري الخطير ،الخارج عن حدود كل منطق عقلي أو علمي سليم ، سار العظم في جدلياته ومغالطاته .
ولكي لا يزعم القارئ أنني من الذين يبررون كل خطأ ، ما دام يعلن انتسابه إلى الدين زوراً وبهتاناً ، أو جهلاً وغفلة ، أو خطأ غير مقصود ، عقدت هذا الفصل ، لأنقد فيه نقداً ذاتياً ما دخل على مفاهيم كثير من المسلمين عن الإسلام ، وكوّن لديهم تصوُّراً مشوهاً غير صحيح للإسلام الحق ، أو تطبيقاً مشوهاً له ينم عن فساد في التصور ، أو انحراف في السلوك .
ووجدت من الواجب علي أن أعقد هذا الفصل قبل أن أدخل مع العظم في المعركة الجدالية ، حول النقاط التفصيلية التي أثارها ، لألقي فيه الضوء على أن الإسلام الحق الذي هو دين الله للناس ، يتميز كل التميز عن المنتسبين إليه ، الذين لا يمثلون في مفاهيمهم أو سلوكهم صورة صحيحة عنه ، وأرجو بهذا التمييز أن لا تدخل على الأجيال الإسلامية مغالطات وافتراءات أعداء الإسلام ، وأعداء المسلمين وتاريخهم المجيد .
(2)
من المعلوم أن الإسلام الذي قدم للإنسانية ما قدمه من مجد حضاري أمثل يوم كانت الأمة الإسلامية في طور شبابها وقوتها صالح باستمرار لأن يأخذ بيد الإنسانية في طريق المجد الحضاري الصاعد ، دون تقهقر ولا توقف ، لو ظل المسلمون يجددون شبابهم ، بالتماس منابع الإسلام الثرَّة ، منها يعبون ، ومنها ما به يتطهرون .
ففي الإسلام الصافي جميع العناصر اللازمة التي تستطيع الإنسانية بها أن تحافظ على شباب دائم ، متدفق بالحياة والعمل البناء والارتقاء ، لو أحسنت تدبُّره والاستمساك به والعمل بتعاليمه .
وفي الإسلام الصافي جميع العناصر اللازمة لإسعاد الناس كل الناس ، أفراداً وأسراً وجماعات ودولاً ، مهما اختلفت بينهم الأعراق والألوان والأجناس ، ذلك لأنه دين الإنسانية جميعاً ، المنزل وفق خصائصها وصفاتها المشتركة بين جميع شعوبها وقبائلها ، وليس ديناً قومياً ولا إقليمياً ولا طبقياً .
بخلاف الشيوعية التي هي مذهب طبقي عنوانه “يا عمال العالم اتحدوا” وبخلاف الرأسمالية التي هي مذهب طبقي أيضاً يخدم مصالح طبقة معينة ، وبخلاف اليهودية بحسب مفاهيم اليهودية المحرفة ، فهي دين قومي خاص بشعب بني إسرائيل ، الذي هو في عقيدتهم شعب الله المختار .
أما الإسلام فهو دين رب الناس اللطيف الخبير للناس أجمعين {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} ، ومن أجل ذلك كانت تعاليم هذا الدين مصلحة ومسعدة للناس كل الناس .
ولست في مجال بيان تفصيلي يوضح هذه الحقيقة عن الإسلام ، لأدلل على أن تعاليم الإسلام الصافية من الشوائب الدخيلة كفيلة بتحقيق مجد الإنسان في هذه الحياة ، وكفيلة ببناء أفضل المؤسسات الاجتماعية ، وبتنظيم أرقى دولة مدنية آخذة بأوفى نصيب خيرٌ من التقدم الحضاري المتطور ، البعيد عن الشر ومعصية الله .
ولكن مرضاً خطيراً من الأمراض التي تراكبت على الأمة الإسلامية في القرون المتأخرة هو الذي جعلني أعقد هذا الفصل ، ألا وهو الشوائب الدخيلة التي عقلت بالتعاليم الإسلامية في مفاهيم كثير من المسلمين .
(3)
تأملات –ربما تكون غير مستقصية- من تأملات البحث العلمي ، وضعت فيها إحدى يدي على الأسس الإسلامية العامة التي وعيتها خلال دراستي الطويلة للعلوم الإسلامية ، ووضعت فيها يدي الأخرى على ما خبرته من واقع المسلمين خلال تجربة نيف وثلاثين سنة ، جعلتني أتلمس الشوائب التي تسربت إلى مفاهيم المسلمين ، فألصقها لجاهلون والغافلون بالتعاليم الإسلامية وهي ليست منها ، وكان من وراء الجاهلين والغافلين في كثير من الأحيان ماكرون مختلفو الأصباغ والأقنعة والأغراض ، يعملون في الخفاء لهدم الإسلام أسساً وقواعداً وبناءً شامخاً .
ثم تحولت هذه المفاهيم التي هي من قبيل الشوائب لا الأصل النافع المفيد الخيّر ، إلى تطبيقات عملية ، ومواريث ثقيلة ، أحنت ظهور الأجيال التي تحملها ، وعرقلت سبيل تقدمها ، كما أنها هيأت المُناخ المناسب لفساد الأجيال التي حملت شعار التخلص منها على غير بصيرة وغير هدى ، فتخلصت منها ومن الجوهر النافع ، الذي هو الأصل السليم ، المرافق لها في حشد المفاهيم المختلطة ، وذلك إذ لم تستطع هذه الأجيال أن تميز بين الأصل النافع المفيد ، وبين الشوائب التي لا خير فيها .
يضاف إلى ذلك أن طائفة من هذه الأجيال وجدت لأنفسها بسبب هذه الشوائب مبررات كثيرة تلبي عن طريقها الرغبة بالانطلاق والتحرر ، والانسياق مع الأهواء والشهوات ، دونما ضابط أو رادع .
وكان من وراء هذه الطائفة الطائشة شياطين يمدون خراطيمهم في الظلمات من ديار الحرب إلى ديار الإسلام ، فيوسوسون لها ، ويمنونها ، ويكيدون في ذلك ضدها وضد الأمة الإسلامية ما يكيدون من شر عظيم .
أما الطعم في شباك الصيد فإنه يرجع إلى واحد من عدة أصول ، ومنها الأصول الخطيرة التالية:
الأول: الإغراء بالمال .
الثاني: الإطماع بالحكم والسلطان .
الثالث: الفتنة بالنساء .
الرابع: الفتنة بالخمر والميسر والمخدرات وأصناف اللهو ، وإضعاف القوى الفردية والاجتماعية عن طريقها .
الخامس: الخداع بمظاهر الحضارة المادية الخلابة ، وبما تتضمن من قوى حربية فتاكة ، وبمستنداتها من العلم المادي . وفي ضمن هذا الخداع تأتي واردات مهلكة لا هي من العلم الثابت ، ولا هي من المنجزات الحضارية النافعة ، وفي طيات هذه الواردات يكمن الخطر على الفكر ، وعلى الخلق ، وعلى السلوك ، وعلى وحدة المسلمين ، وعلى جميع قواهم الحقيقية المادية والمعنوية ، ثم على كيانهم كله .
(4)
مصوّر عام لمنهج التعاليم الإسلامية وما طرأ عليه
نظرة عميقة إلى الشوائب التي دخلت أو أدخلت على التعاليم الإسلامية تكشف لنا أن المكان الطبيعي لهذه الشوائب يقع في أحد منحدرين كائنين من دون اليمين أو من دون اليسار ، بالنسبة إلى المنهج الإسلامي الوسط ، الممتد في القمة الرشيدة السعيدة ، والذاهب ارتقاء إلى أعلى ذروات الحضارة المجيدة في دار الابتلاء ، دار العمل والبناء ، ثم إلى فردوس الخلود السعيد الأكمل في دار الجزاء .
وإنما يحظى بخيرات هذا المنهج القويم السامي السالكون فيه ، المتقيدون بحدوده ، أفراداً وجماعات ، وشعوباً ودولاً ، والكل مسؤولون عن سلوك هذا المنهج والتزامه ، وعن بناء الصرح الإسلامي الديني والدنيوي معاً .
وهذا المنهج متى انكسرت حدوده أمسى عرضة للاتساع مما وراءه من مزالق ومتاهات ، وعرضة لانزلاق سالكيه والخروج عن جادته ، وعرضة لدخول الشوائب فيه .
أما الشوائب الدخيلة على التعاليم الإسلامية ، فالحديث عنها يستدعي إلقاء نظرات عميقة إلى مصادرها ومنابع قدومها ، ونظرات عميقة أخرى إلى السبل والوسائل التي تسربت بسببها فاختلطت في مفاهيم المسلمين ، ضمن حشد التعاليم الأصلية ، أو زاحمت بعضها ثم احتلت مكانه .
ويستدعي منا أيضاً أن نلقي نظرات على واقع الصور العامة للتعاليم التي خالطتها الشوائب ، أو زاحمت ما زاحمت منها ، ثم احتلت مكانه في مختلف البيئات لشعوب المسلمين.
(5)
أما النظرات إلى واقع الصور العامة القاتمة القائمة في مفاهيم كثير من المسلمين ، فيمكن تمثيلها بإحدى الصور التالية المصابة بالخلل أو الفساد أو التزوير ، وهي خمس صور:
* الصورة الأولى:
وهي الصورة المختلطة المهزوزة في مفاهيم بعض الناس لحقيقة التعاليم الإسلامية ، وتكون هذه الصورة باختلاط الحقائق ، وعدم إدراك كل منها في مكانه الصحيح .
والشوائب في هذه الصورة ناتجة عن تداخل عناصر الصورة ، وتمازج بعضها في بعض ، وعدم تمايز حدود كل منها .
ومن أمثلة هذه الصورة في الواقع ما نشاهده عند كثير من المنتسبين إلى الإسلام من المفاهيم المختلطة الغامضة عن التعاليم الإسلامية ، كالذين يرون أن أي عطاء مالي يعتبر زكاة كافية للمال ، ويكتفون بذلك فلا تحاسبون أنفسهم على كل نصيب زكوي يجب عليهم شرعاً أن يؤدوه ، وكالذين يرون أن الديانات السماوية السابقة للإسلام لا تزال بعد بعثة محمد صلوات الله عليه مقبولة عند الله ، ومنجية من عواقب الشرك والكفر بالله ، رغم كل التحريفات الواقعة فيها عن الأصل الصحيح الذي أنزله الله على رسله عليهم الصلاة والسلام ، ولولا التحريف لرأى هؤلاء في ديانتهم ما يوجب عليهم اتباع محمد والإيمان به ، إلى غير ذلك من أمثلة كثيرة .
وسبب وجود هذه الصورة المهزوزة المختلطة الجهل بالتعاليم الإسلامية الصحيحة ، وقلة أجهزة التثقيف الإسلامي العام في مختلف بلاد المسلمين .
وإصلاح هذه الصورة يكون بتنفيذ خطة محكمة للتبصير الحقيقي بالإسلام الصحيح الصافي ، ونشر الوعي العام لتعاليمه التي تشمل كل جوانب الحياة الإنسانية أفراداً وأسراً وجماعات وحكومات . ويمكن تلخيص هذه الخطة بما يلي:
1- وضع ميثاق إسلامي عام يمكن أن يلتقي عليه معظم المسلمين ، ومن طبيعة هذا الميثاق أن يكون بعيداً عن النقاط الخلافية .
2- وضع منهاج للتثقيف الإسلامي العام .
3- إعداد المصنفات الإسلامية الحديثة الملائمة للغة العصر ولأسلوبه الكلامي ، أو انتقاء المناسب منها ، وينبغي أن تكون هذه الصفات بعيدة عن إثارة الخلافات المذهبية العنيفة ، وأن تكو إيجابية ذات مستويات تتناسب مع مستويات جماهير المسلمين ، على أن يتم نشرها بينهم بنسبة كافية ، وبلغاتهم القومية .
4- العمل على إعداد جيش المثقفين ثقافة إسلامية حسنة ، مقرونة بوعي والتزام واتزان ، وينبغي أن تكون دوائر التثقيف الإسلامي في حالة اتساع مستمر .
5- توجيه هذا الجيش المتزايد إلى التوعية الإسلامية العامة ، بمستويات تتناسب مع حال الجماهير المختلفة .
* الصورة الثانية:
وهي الصورة التي دخل فيها أخطاء لدى رسم المفاهيم الإسلامية الصحيحة ، وطبيعي أن تكون هذه الأخطاء غير مطابقة للحقيقة الإسلامية .
ومن الأمثلة لهذه الصورة ما نلاحظه من مفاهيم غير صحيحة منسوبة إلى الإسلام ، وقد يسهل الأمر حينما يقال : هذا هو رأي فلان الذي فهمه عن الأمر الفلاني من الإسلام ، ولكن الخطر حينما يقال : هذا هو الحكم الإسلامي قطعاً ، وكل رأي مخالف له من الآراء والاجتهادات التي لها وجه من النظر ضلال وكفر .
وأسباب الأخطاء في رسم هذه الصورة كثيرة جداً ، ويمكن الإشارة إلى أهم أصولها العامة:
الأصل الأول : الخطأ في الاجتهاد ، وللخطأ في الاجتهاد أسباب كثيرة يعرفها علماء أصول الفقه الإسلامي .
الأصل الثاني : الخطأ في تقويم ما توصل إليه الاجتهاد ، وذلك باعتباره هو الحق لا غير ، رغم أن اليقين القاطع لم يتوافر فيه .
الأصل الثالث : التعصب للرأي أو للمذهب ضد الآراء أو المذاهب الأخرى .
أما الخطأ في الاجتهاد فيعذر فيه المجتهد الكفء بشرط تقيده بالأصول الاجتهادية العامة ، التي قامت عليها دلائل الشرع والعقل .
ولكنه ليس للمجتهد الذي توصل إلى مفهوم إسلامي قائم على ما ترجح لديه من ظن غالب أن يعطي ما توصل إليه اجتهاده أكثر من القيمة التي يستحقها ، فيفرض على الإسلام رأيه ، ويحارب كل رأي مخالف ، وكذلك ليس لأنصار هذا المجتهد أن يفعلوا مثل هذا الفعل لاحتمال أن يكون الصواب في جانب رأي المخالف ، أو في جانب رأي آخر .
فإذا تعصب المجتهد لرأيه وفرضه على الإسلام فقد يؤدي به الحال إلى أن يلصق بالإسلام ما لا يقول به الإسلام نفسه ، فيضيف إلى الصورة الإسلامية خطأ من عنده .
ثم لا يصح للذين أخذوا برأي هذا المجتهد أن يتعصبوا له تعصباً أعمى ، لأنهم بعملهم هذا يجسمون ويعظمون بقع الخطأ التي رسمها الاجتهاد الخاطئ في الصورة الإسلامية .
ومن أسباب الخطأ في الاجتهاد عدم التبصر الصحيح الشامل بمختلف المصادر التي تثبت بها المعارف الإنسانية ، لمعرفة وجه الصواب ، أو لتخفيف نسبة احتمالات الخطأ.
وليس عسيراً على علماء المسلمين أن يصلحوا هذه الصورة التي دخلت فيها الأخطاء ، إذا اجتمعوا في مؤتمرات عامة ، وعالجوا المشكلات بتجرد صحيح ، ونشدان للحقيقة حيث كانت .
ويلحق بهذه الصورة التي دخلت فيها أخطاء لدى رسم المفاهيم الإسلامية الصحيحة المقومة لكل ما في الحياة رغم تطور أساليبها وصورها الحضارية ، ما نلاحظه عند طائفة من متأخري طلاب المعرفة الإسلاميين من الإغراق في الاشتغال بالجدليات الكلامية والمماحكات اللفظية ، وصرف معظم جهد البحث العلمي في حدود الألفاظ والحروف ، والبعد عن تصيد جواهر التعاليم الإسلامية النافعة ، وإخراجها منتظمة في عقود فكرية متكاملة متناسقة ، تعالج مشكلات الحياة ، وتواكب أطوارها الحضارية المتقدمة بإصلاح وتقويم ، أو دفع وتدعيم .
ولكن النهضة العلمية الإسلامية الحديثة في طائفة من عواصم بلاد المسلمين قد عدّلت من هذا تعديلاً كثيراً .
* الصورة الثالثة :
الصورة المشوهة من قبل أعداء الإسلام ، وهي الصورة التي قبَّح جمالها وإشراقها الماكرون المفسدون بما لطخوا وجهها الصبيح من شبهات ، وبما ألصقوا فيها من تهم كاذبة .
وصانعو هذه التشويهات رسامون كثيرون من أعداء الإسلام ، أجهدوا أنفسهم في تصيد الشبهات والتشويهات والأكاذيب والتضليلات ، لإلصاقها بالتعاليم الإسلامية ، وإفساد عقول أبناء المسلمين ، ثم أجهدوا أنفسهم فأضافوا إليها أصنافاً مختلفة من الزينات والأصباغ والدهانات الخادعة للنظر .
وحاولوا بهذا التشويه الحقير أن يشككوا المسلمين بدينهم وبتعاليمهم الربانية ، واستطاعوا بعد جهد جهيد وزمن مديد أن يتلاعبوا بعقول البعيدين عن التعاليم الإسلامية وتدبُّر غاياتها والحِكَم التي تتضمنها ، والمفتونين ببريق الحضارة المادية الأوروبية الحديثة ، لا سيما الذين أنشأتهم المدارس الأجنبية إنشاءً مباشراً ، ثم الذين أنشأتهم مخططاتها ومناهجها بشكل غير مباشر .
ومن اليسير على الدعاة المسلمين ذوي البصر النافذ ، والعمل المخلص ، إزالة هذه الأدران المشوهة للتعاليم الإسلامية ، وذلك بالقيام بحملة توعية إسلامية تعتمد على إبراز فضائل هذه التعاليم ، وبيان الحكم العظيمة التي تتضمنها ، بالاستناد إلى البحوث الفكرية المنصفة الرصينة ، والتجارب الواقعية المشاهدة .
وقد تصدى بحمد الله طائفة من كتاب الفكر الإسلامي من ذوي الغَيرة لدفع هذه الشبهات وبيان زيفها ، بكتابات كثيرة ، ودفاعات محكمة ، فأسهموا إسهاماً مباركاً طيباً في غسل الصورة التي أراد لها أعداء الإسلام أن تكون صورة مشوهة في نفوس كثير من أبناء المسلمين .
وينبغي أيضاً أن تستهدف حملة التوعية هذه تبصير الأجيال الإسلامية بمرابض الخطر على مفاهيمها الإسلامية الصحيحة ، وأخلاقها الكريمة ، وذاتيتها الإسلامية ، ذات الكيان المتميز في العالم ، يضاف إليه فضح دسائس أعداء الإسلام الفكرية والعملية ، وإبراز الصورة الإسلامية المشرقة الحقة ، بكل وسيلة من وسائل الإعلام والتنوير العام .
* الصورة الرابعة :
وهي الصورة التي حصل فيها تغيير في النِّسب بين مفردات وأجزاء التعاليم الإسلامية ، إذ أخذها بعضها من المساحة الكلية في أفكار ونفوس طائفة من المسلمين أكثر من نصيبه المقدر له في أصل التشريع الإسلامي .
فإذا أردنا أن نمثل هذه الصورة التي تغيرت فيها النِّسب الأصلية وجدناها تشبه ما لو جاء رسَّام (كاريكاتير) فرسم سيارة لركوب الناس ، فجعل لها دواليب ، قُطْرُ كل منها متران ، وجعل لها أبواباً صغيرة لا يستطيع أن يدخل منها الإنسان ، ومرتفعة عن الأرض بمقدار قامته ، ثم جعل لها من الداخل مقاعد ضيقة جداً ، بمقدار راحة اليد ، وطويلة جداً بمقدار طول العمالقة الخياليين ، وهكذا تلاعب بالنسب الصحيحة في الأجزاء ، ووضع محركاً بمقدار محرك دراجة نارية ، ثم كتب على سيارته هذه : (عدد الركاب ثمانون راكباً).
ربما أكون قد بالغت في التمثيل لغرض التوضيح ، إلا أن الحقيقة التي عليها بعض المسلمين في فهمهم للتعاليم الإسلامية فيها تغيير كبير في نسبة كل جزء منها إلى المجموع الكلي .
ومن الأمثلة ما يلي :
( أ ) يرى بعض الناس أن أهم ما في الدين هو حسن المعاملة مع الآخرين ، فيملأ معظم المساحة الدينية به ، ويفضي به هذا الفهم إلى ترك مراقبة الله في الأعمال والأقوال والأفكار والنيات ، وإلى ترك فروض العبادات أو إهمالها ، وإلى عدم الاكتراث بركن الجهاد في سبيل الله لنشر الدين ، ونصرة الحق ، وإقامة العدل ونحو ذلك من الأمور الجوهرية التي يقوم عليها الإسلام .
( ب ) ويرى بعض الناس أن أهم ما في الدين هو القيام بالعبادات الشخصية ، كالصلاة والصيام وكثرة الأوراد والأذكار ، فيملأ معظم المساحة الدينية بذلك ، ويهمل ما في الدين من واجبات وفروض أخرى ، أو يُصغِّر من حجمها ويعطيها أقل اهتمامه .
( ج ) ويرى بعض الناس أن أهم ما في الدين هو المحافظة على السيما الظاهرة للمسلم ، فيولي ذلك كل اهتمامه وعنايته ، ويهمل الأسس الجوهرية التي قام عليها الدين عقيدةً وعملاً ، أو يصغر من حجمها ويعطيها أقل اهتمامه .
( د ) ويرى بعض الناس أن مسؤوليات الدعوة إلى الله ، ونشر دين الله ، وإقامة الإسلام في الأرض ، من خصائص فئة معينة من المسلمين تفرغت للوعظ والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأما سائر الناس فمسؤولون فقط عن أنفسهم ، فلا هم لهم إلا أمور دنياهم ، وتثمير أموالهم ، والتمتع بشهوات الحياة الدنيا ولذاتها ، والاستغراق في زخرفها ، كما يرون أن مسؤوليات الجهاد في سبيل الله من خصائص الجند فقط ، المنتظمين في سلك الجيش .
مع أن الإسلام الصافي قد عقد تشابكاً عاماً بين الأفراد والجماعات والقيادات ، وحمَّل كلاً من المسؤولية الشخصية على مقدار ما وهبه الله من خصائص ، ومن المسؤولية العامة على قدر موقعه بالنسبة إلى الجماعة وذلك كمسؤولية كل عضو من أعضاء الجسد بالنسبة إلى سائر الأعضاء ، ومن البدهي أن مسؤولية الرأس تناسب موقعه من الجسد ، ومسؤولية إحدى أصابع اليدين أو الرجلين تناسب أيضاً موقعها من الجسد ، والكل يقدم واجبه نحو المسؤولية الجماعية على مقداره .
وسبب التشويه في هذه الصورة فقدان الإدراك السليم الكامل الشامل للمفاهيم الإسلامية بوجه عام ، ومقادير كل منها ، وكيفية ترابطها وتناسقها في الصورة الإسلامية العامة .
وفقدان هذا الإدراك الشامل يتولد عنه نتائج خطيرة ، منها النتائج التالية:
أولاً: فساد النِّسب لأجزاء الصورة الإسلامية العظيمة .
ثانياً: الخللُ في وحدة النظام الكلي للمفاهيم الإسلامية التي يكمِّل بعضها بعضاً .
ثالثاً: تشتت شمل وحدة المسلمين ، نظراً إلى أن لكل فريق منهم صورة إسلامية خاصة به ، تتميز أجزاؤها بنسب مخالفة للنسب التي تتميز بها أجزاء الصور الأخرى ، الأمر الذي يؤدي إلى تعصب كل فريق للصورة التي يحملها ، وادعائه أنها هي الإسلام كل الإسلام .
رابعاً: توجيه كل طاقات العمل دفعة واحدة لتحقيق ما احتل معظم الساحة في الصورة ذات النسب الفاسدة ، ويصعب الأمر جداً حينما يكون أهون جزيئات التعاليم الإسلامية الصحيحة وأيسرها هو الذي يحتل معظم مساحة الصورة .
ومما يزيد في الألم أن تكون هذه الجزيئات التي تمتص معظم طاقات العمل داخلة في حدود الأشكال والرسوم ، لا في حدود الجواهر والمعاني والأرواح والقيم الحقيقية الذاتية .
فبينما تنقض أسس الإسلام حجراً حجراً ، وتعمل على اجتثاثها اجتثاثاً كلياً جيوش كثيرة مستخفية ومستعلنة ، نجد كتائب كثيرة من المسلمين منشغلة في جدليات كلامية ، ومصارعات عملية ، حول أفضل الألوان التي ينبغي أن يُدهن بها الجدار الخارجي لبناء الصرح الإسلامي ، مع أن جيوش الهدم لا يُستطاع دفعها إلا باجتماع طاقات حماة هذا الصرح العظيم على اختلاف أعراقهم ومذاهبهم .
* الصورة الخامسة :
وهي الصورة المزورة للتعاليم الإسلامية تزويراً كلياً أو تزويراً جزئياً ، وأمثال هذه الصورة المزورة نجدها عند الفرق المنحرفة الضالة ، التي عمل على إنشاء جيوبها أعداءٌ للإسلام ، تظاهروا بالانتساب إليه نفاقاً ، ليعملوا على هدمه من الداخل ، وذلك بتكوين فرق وطوائف تنتسب إلى الإسلام انتساباً اسمياً ، وهي تحمل له كل حقد وكيد ، وتضع له صوراً مصنوعة من عند أنفسها ، مزورة على الإسلام وعلى أحكامه وشرائعه . ولليهود في هذا المكر أكبر نصيب .
وبدهي أن كل صورة مزورة من هذا القبيل ليست من الإسلام في شيء ، وإن تسمّت باسمه .
ومن اليسير على جماعة المسلمين أن يكتشفوا هذه الصور المزورة المزيفة ، متى قارنوها مقارنة عامة بما هو معلوم من الدين بالبداهة عند جميع المسلمين .
ولكن الأمر الخطير جداً إنما هو إدخال التزويرات الجزئية على بعض المفاهيم والتعاليم الإسلامية الثابتة ، وهذا ما اتجهت إليه أجهزة المكر في هذا العصر ، وكانت لعبة قُصد بها تحويل المسلمين عن أسس التعاليم الإسلامية باسم الإسلام .
فمن أمثلة ذلك الأسماء الحديثة التي انتشرت في عالمَي الاقتصاد والسياسة (كالاشتراكية والرأسمالية والدكتاتورية والديمقراطية).
إن من المعلوم أن لهذه الأسماء مفاهيم ومدلولات خاصة عند الآخذين بها .
والذي يُلاحظ أن تشابهاً جزئياً موجود فعلاً بين التعاليم الإسلامية وبين بعض ما تتضمنه هذه الأسماء من دلالات نظرية ، أو تطبيقات عملية .
واستغلالاً لهذا التشابه الجزئي يأتي أعداء الإسلام فيستدرجون بعض المسلمين إلى منزلق الخطر الذي ينتهي في آخره إلى طمس نظام من نظم الإسلام ، وإحلال نظام آخر في مكانه ، تعلُلاً بوجود التشابه بينهما في ناحية من النواحي .
مع أن مثل الإسلام كمثل المخلوق في أحسن تقويم بصفاته التامة التي لا يصح بحال من الأحوال فصلُ بعضها عن بعض ، ومثل الأنظمة الأخرى كمثل غير الإنسان من الأنعام أو الوحش ، وليس صعباً على أي ناظر أن يجد تشابهاً جزئياً بين الإنسان وبين هذه الكائنات الحية الأخرى .
ولكن الجنوح الخطير فكرياً أو تطبيقياً أن يحتل ثعلب ماكر ، أو ثور مغامر ، أو ذئب غادر ، مكان الإنسان ، أو أن تحتل نظيراتها من الأنظمة الوضعية مكان نظام من أنظمة الإسلام ، أو مكان عدد منها .
وقد حاول أنصار كل مذهب من هذه الوضعية أن يجد في الإسلام تأييداً لجانب من جوانبها ، ليلبِّس بذلك على المسلمين ، ويجعل الإسلام كأنه صاحب هذه المذاهب أو يوافق عليها .
وفي دوَّامة المغالطات والتلبيسات نجد أن أنصار المذاهب الاشتراكية في البلاد الإسلامية يختبئون وراء الإسلام ، ليحميهم من هجمات أنصار المذاهب الرأسمالية ، ويدرأ عنهم الضربات القاصمة ، بحجة أن الإسلام يحتوي على مبادئ اشتراكية ، تحقق العدالة الاجتماعية بين الناس ، كما نجد أنصار المذاهب الرأسمالية في البلاد الإسلامية يقدمون الإسلام إلى الصف الأول في معركتهم مع أنصار المذاهب الاشتراكية ، بحجة أن الإسلام يعترف بالملكية الفردية ويحميها ، ويفسح مجال حرية العمل والكسب والتجارة ، ولا يسدُّ أبواب المنافسة الشريفة في تحصيل الثروات .
وبين صراع الاشتراكيات والرأسماليات التي يزج كل منهما الإسلام في أتون معركته مع الآخر يتلقى الإسلام في بلاد المسلمين معظم الضربات ، مع أن الإسلام بريء من الفريقين المتصارعين ، وأي منهما انتصر فالإسلام خاسر .
وإن صح وجود الإسلام في حلبة الصراع هذه فإما أن يكون فريقاً وحده ضد الفريقين معاً ، وإما أن يكون حكماً عدلاً ،يسجل على كل فريق منهما خطأه وصوابه ، ويعمل على أن يرد كل مخطئ منهما إلى وجه الصواب .
وهنا نقول : إن الإسلام الاشتراكي وفق مفهوم الاشتراكيين صورة مزورة للإسلام ، وإن الإسلام الرأسمالي وفق مفهوم الرأسماليين صورة مزورة أيضاً للإسلام ، وإن الإسلام الدكتاتوري وفق مفهوم الدكتاتوريين صورة مزورة للإسلام ، وإن الإسلام الديمقراطي وفق مفهوم الديمقراطيين صورة مزورة أيضاً للإسلام .
أما الإسلام فهو شيء آخر غيرهذا وغير ذلك ، وإن كان بين هذه النظم وبين التعاليم الإسلامية تشابه جزئي .
هذه هي الصور الخمس المنسوبة إلى الإسلام ، وهي مشوبة بالشوائب الدخيلة المفسدة لها ، وقد يحدث أن تجتمع في بعض مفاهيم الناس مجموعة منها ، فيتكاثر الخطأ ، ويعظم الانحراف ، وتزداد المصيبة ، وتشتد الحاجة إلى الإصلاح والتقويم .
(5)
الأسباب وعلاجها
بعض الأسباب التي أدت إلى دخول الشوائب على المفاهيم والتعاليم الإسلامية قد سبقت الإشارة إليها في غضون تتبُّع الشوائب وصورها ، وبطريقة تأملية عامة جامعة تنكشف لنا طائفة من هذه الأسباب .
وأعرض فيما يلي أسباباً عشرة مع طرق علاجها فيما ظهر لي :
* السبب الأول – الجهل وفتور الهمة عن تفهم التعاليم الإسلامية الصحيحة :
وعلاج هذا السبب يكون بقيام أهل الرأي وأصحاب الرشد في كل بلد من بلاد المسلمين برسالة التعريف بالإسلام الصافي ، وفق الخطة التي سلف الحديث عنها ، لا سيما في البلاد التي يوجد فيها منتسبون إلى الإسلام ، ولكن ليس لديهم من يعرّفهم بالإسلام الصحيح ، وهم في شوق إلى معرفته ، وأمثال هؤلاء يسهل على المضلين أن يفسدوا مفاهيمهم الإسلامية .
ولتحقيق هذا العلاج لا بد من تآزر القوى الفكرية والمالية والإدارية مع الدعاة المعرّفين بالإسلام الحق .
* السبب الثاني – اتباع الهوى :
وهذا السبب يدفع صاحبه أن يُدخل في التعاليم الإسلامية ما ليس منها ، إرضاء لهواه .
ولقد تكون جريمته أخف إذا هو أرضى هواه عن طريق المعصية ، ولكنه يريد أن تظل سمعته الدينية حسنة بين الناس ، فهو يحاول أن يجد لعمله مبرراً ، فيدخل في التعاليم الإسلامية الشوائب التي ترضي هواه ، ثم يتستر وراءها حذراً من سخط الناس ونقمتهم ، وينسى أو يتناسى أن نقمة الله أشد عليه وأقسى من نقمة الناس .
يضاف إلى ذلك أن نقمة الله في التلاعب بالدين أشد كثيراً من نقمته في المعصية التي يقترفُها العاصي ، وهو يعترف بها .
وعلاج هذا السبب يكون بإصلاح النفس عن طريق إثارة الخوف من الله ، وحسن مراقبته ، وملاحظة الأجر العظيم لأهل طاعته ، مع تربية دينية رصينة ، ورقابة اجتماعية حصينة ، ويكون أيضاً بتبصر المتصدين للفتاوى الدينية بالمزالق التي يضعها أهل الأهواء .
* السبب الثالث – الغلو في الدين غير الحق:
وهذا السبب مناقض للذي قبله ، فهو يمثل جانب الإفراط ، في حين أن الذي قبله يمثل جانب التفريط .
والغلو في الدين يفضي إلى تشددُّات منفِّرة ، وتعنُّتات ومبالغات لا يرضاها الدين ولا يقبلها ، بل يتنافى معها ، فالدين يسر سمح ، وهو دين الفطرة ، والغلوّ في الدين ينافي سماحته ويسره ، وينافي ملاءمته للفطرة الإنسانية ، وفي كلام الرسول صلوات الله عليه “هلك المتنطعون” وهم المغالون في الدين .
ومن الغلو في الدين ادعاء أن التفصيلات المبينة في النصوص الإسلامية مشتملة على كل تنظيم ضروري لكل زمن وبيئة ، وطبيعي أن يؤدي هذا الغلو إلى التخلف رغم السبق العظيم الذي كان يتمتع به المسلمون في عصورهم الذهبية .
أما أن الأسس الإسلامية تتسع في مفاهيمها العامة لكل التنظيمات الصالحة لكل زمان وبيئة فهذا هو الحق الذي لا غلو فيه .
* السبب الرابع – النظر الضيِّق المحدود ، الذي يلازمه النظر إلى جوانب خاصة معينة من الإسلام ، واعتبارها هي الإسلام كله :
ومن الطبيعي أن يسيء هذا النظر الضيق المحدود إلى المفاهيم الإسلامية الشاملة إساءة بالغة ، ويفضي إلى تعظيم الأمور الصغيرة وتهويل شأنها ، وإلى تصغير الأمور الكبيرة وتهوين شأنها .
وعلاج هذا السبب يكون بحركة تبصير كلي شامل عام للتعاليم الإسلامية ، وإعطاء كل حكم منها حقه صفة ومقداراً وأهمية بالنسبة إلى سائر التعاليم .
ويضاف إلى ذلك ضرورة بيان الخطر الذي ينجم عن انعدام النظرة الشاملة إلى التعاليم الإسلامية الصحيحة .
* السبب الخامس – الجمود :
والجمود يفضي إلى تقييد التعاليم الإسلامية في حدود تطبيقات زمن معين ، وبيئة معينة ، جموداً عن ظواهر بعض النصوص أو التطبيقات الزمنية ، مع أن أسس التعاليم الإسلامية واسعة على قدر اتساع قضايا الحياة ومشكلاتها ، وهي صالحة لكل زمن وبيئة ، وملائمة للفطرة الإنسانية .
وفهم هذه الحقيقة يحتاج إلى نسبة طيبة من التبصر والوعي والأناة وسعة الصدر .
* السبب السادس – التحلل :
وهذا السبب يقع في الطرف المباين للسبب السابق وهو مناقض له .
والتحلل يفضي إلى الخروج على التعاليم الإسلامية ، أو المروق منها وطرحها والأخذ بتنظيمات وضعية إنسانية ، بدعوى أن بعض التعاليم الإسلامية لم تعُد تصلح للحياة المتطورة .
ومن التحلُّل الجزئي المرونة المفرطة المسرفة التي تتسع في نظر أصحابها اتساعاً يجعل التعاليم الإسلامي ألعوبة في أيدي الماكرين .
وربما يكون كل من الجمود والتحلل رد فعل للآخر ، إلا أن المنهج الوسط بينهما هو الحق ، ولهذا المنهج الوسط حدود لا يصح تجاوزها ولا تضييقها .
* السبب السابع – الفتنة بكل جديد قبل أن يوضع موضع الاختبار والتجربة ، خلال أمد كاف لهما :
وهذا السبب يفضي إلى الانسياق الأرعن وراء كل ناعق مزين شعاراته بالأصباغ والألوان والصور الخادعة للنظر ، مع أنها جوفاء من الخير ، ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قِبَله العذاب .
وعلاج هذا السبب يكون بيقظة حذرة ، ودراسة واعية ، أو يكون بعد ذلك بصدمة موقظة ، أو خيبة أمل مخزية .
* السبب الثامن – التعصب لكل قديم مهما كان شأنه ، ولو كان مخالفاً للحقيقة البينة ، ولأسس التعاليم الإسلامية الصحيحة الصافية :
وهذا السبب يقابل السبب السابق له ، وهو على النقيض منه .
وعلاج هذا السبب يكون بالرجوع إلى أسس التربية الإسلامية التي تأمر بالاعتصام بالحق ، والبعد عن كل تعصب ذميم .
* السبب التاسع – الأنانية التي تولّد الإعجاب الشديد بالرأي ، وتولِّد التعصب والفردية في الأعمال ، وتشتت الشمل ،وتفرّق الكلمة:
مع أن الإسلام يدعو إلى وحدة العمل الجماعي ، واطِّراح الأنانيات الشخصية والحزبية والإقليمية والعرقية والمذهبية والعنصرية ، ويدعو إلى تعاون العاملين الإسلاميين ، وإن اختلفت بينهم الآراء الفردية ، فمصلحة الإسلام وجماعة المسلمين فوق الجميع .
وتعاونهم يكون بأن يتعاونوا فكرياً على فهم الحقيقة ، وبأن يتعاونوا عملياً على مقدار نقاط التلاقي بينهم ، وذلك إذا لم يتيسر ما هو خير منه ، وهو التعاون الفعلي في كل الأمور على البر والتقوى .
* السبب العاشر – ما يكيده أعداء الإسلام من مكايد ، ويدخل تحت هذا السبب صور كثيرة ، وهي ظاهرة لا تحتاج إلى بيان وتفصيل:
وحين نلاحظ أن أعداء الإسلام اختاروا لأنفسهم سبيل الكفر بالله خالقهم ورازقهم يتضح لنا أن كل عمل يمارسونه لتشويه الإسلام إنما هو من ذيول الكفر ، ولكن على المسلمين أن يكونوا بصيرين بدسائس أعدائهم . وبصيرين بالمرابض التي يترصد فيها هؤلاء الأعداء للانقضاض الظالم الآثم على الإسلام والمسلمين .
هذا إجمال ما ظهر لي من أصول عامة للتشويهات التي دخلت على مفاهيم المسلمين عن الإسلام ، وأسبابها الكبرى ، والله أسأل أن يلهم أهل الفكر والغيرة في جميع بلاد المسلمين أن يعملوا على تنقية مفاهيم المسلمين للتعاليم الإسلامية من كل الشوائب الدخيلة على الأصل النقي الصافي ، حتى تصبح هذه التعاليم الصحيحة قوة دافعة إلى المجد العظيم الذي لن يحتله غير المسلمين الآخذين بالإسلام عقيدة وشريعة ، فكراً وعملاً ، كما كانت هذه التعاليم في حقبة سالفة من تاريخ المسلمين .
* * *
الفصل الرابع
مقدمة صراع
قد يجد القارئ في فصول
الصراع تكريراً في بعض الأفكار ،
ألجأت إليه ضرورة تقصِّ الناقد ،
ومتابعة أقواله وتزييفاته المتكررة .
( 1 )
ظهر الناقد (د. العظم) في هذا العصر ، ضمن طائفة من الملاحدة الجدليين الذين ينكرون الله واليوم الآخر ، ويكذبون الرسل والأنبياء ، ويجحدون الكتب الإلهية والمعجزات ، ويرتدون أقنعة العلمانية والبحث العلمي المتقدم ، ويستغلون بالباطل كل ثقل التقدم العلمي المادي في الصناعة والتكنولوجيا ، زاعمين للناشئين من أجيالنا أن التقدم العلمي الحديث يدعم مذهب الإلحاد والكفر بالله . مع أن العلم الحق إنما يدعم الإيمان بالله لا الكفر به ، أياً كان نوع هذا العلم ، أما الباطل الذي يلبس ثياب العلمانية فقد يدعم قضية الإلحاد بالله وبآياته ، لأنه باطل يرتدي ثياب زور ، فهو يؤيد باطلاً مثله ، والباطل ينصر بعضه بعضاً.
لذلك كان لا بد من اللجوء إلى خطة جدال بالتي هي أحسن مع الكافرين والملحدين ، لكشف مغالطاتهم ، وفضح أهدافهم وأهداف سادتهم من نشر الإلحاد في الأرض ، والأكاذيب والمفتريات ، والتلبيس والتدليس ، ولئلا يعيثوا في الأفكار فساداً ، ويلمؤوها ضلالاً وإلحاداً.
أنتركهم يقذفون أجيالنا – أحفاد المؤمنين الصادقين المخلصين – إلى مواقع الهلاك والعذاب والدمار الماحق . وإلى أوحال المهانة والمذلة والخزي!؟
لقد رأيت بعد تردد طويل – كما ذكرت في المقدمات – أنه يجب علي وعلى جميع الباحثين من أنصار الحق والخير والفضيلة أن نكشف زيف هؤلاء المضللين ، وأن نُبرز للمفتونين والمخدوعين وجه الحق مؤيداً بدلائل العلم القويم والمنطق السليم ، وأن نناقش جدليات الملحدين مناقشة عقلانية علمية هادئة ، وأن نجادلهم بالتي هي أحسن ، ثم لا يضرنا بعد ذلك أن يُصروا على كفرهم وإلحادهم ، فالله هو الذي يتولى حسابهم وعذابهم ، أما نحن فما علينا إلا البلاغ المبين .
ورأيت أن من واجبنا أيضاً أن نقيم بينهم وبين أجيالنا سداً منيعاً من المعرفة الرصينة الراسخة بحججها وبراهينها ، حتى لا تنخدع هذه الأجيال بزيف ما يكتبون ، وزخرف ما يقولون ، لا سيما حينما يلبس هؤلاء الملحدون أقنعة العلمانية المزورة ، ويتسترون وراء التقدم العلمي الحديث ، ويستغلون لأنفسهم مظاهر التقدم الصناعي والتكنولوجيا .
مع أن التقدم الصناعي والتكنولوجي لم يكن ولن يكون في الحقيقة ملحداً بالله ، بدليل أن معظم أئمة التقدم الصناعي والتكنولوجي وأئمة العلوم الحديثة مؤمنون بأن لهذا الكون خالقاً يصرِّف أموره بعلمه وقدرته وعنايته وحكمته .
من هذا الذي يستطيع أن يثبت حقاً أن علوم الفيزياء والكيمياء والطب ، وعلوم الرياضيات والفلك والأحياء والنباتات ، وعلوم الذرة والصواريخ والمركبات الفضائية ، علوم قائمة على أسس الإلحاد بالله والكفر بقدرته وعلمه وعنايته وحكمته؟
هل هذه العلوم تثبت ببراهينها أنه ليس لهذا الكون خالق قادر مدبر؟
إننا إذا وجدنا ملحداً واحداً من علماء هذه العلوم وجدنا في مقابله عشرات المؤمنين بالله من كبار هؤلاء العلماء أنفسهم ، ولو أن علومهم قائمة على قاعدة الإلحاد ، أو تشتمل على براهين تنفي وجود الله لكان الأمر معكوساً تماماً ، ولأظهر لنا هؤلاء العلماء أدلتهم وبراهينهم ، ولأثبتوا لنا ذلك في مكتوباتهم ، بيد أننا نجد في أقوالهم الكثيرة ما يدعم قضية الإيمان بالله .
إلا أن حركة يهودية أرادت نشر الإلحاد في الأرض فتسترت بالعلمانية ، ونشطت عناصر منها فبثَّت نظريات من عند أنفسها وضعت خصيصاً لدعم قضية الإلحاد ، وكان ذلك ضمن مخطط يهودي شامل ، لإفساد أمم الأرض بالإلحاد والمادية المفرطة ، والانسلاخ من كل الضوابط التشريعية والأخلاقية كيما تهدِّم هذه الأمم أنفسها بأنفسها ، وعندئذ يخلو الجو – بحسب تصورهم – لليهود قلة في العالم ، ومتى خلا لهم الجو استطاعوا – كما يزعمون – أن يحكموا العالم كله حكماً مباشراً ظاهراً .
علماً بأن هؤلاء اليهود الذين تستروا بالعلمانية والبحث العلمي المحايد لم يقدِّموا نظريات تدعم قضية الإلحاد في العوم البحتة الخاضعة للاختبار والتجربة وتقويم النتائج ؛ وإنما قدموا نظريات أو فرضيات على الأصل في العلوم الإنسانية ذات الاحتمالات الكثيرة ، غير الخاضعة للاختبار والتجربة وتقويم النتائج ، وضمن نظرياتهم التي قدموها في علوم النفس والاجتماع والسياسة والاقتصاد وفلسفة النشوء والارتقاء دسوا قضية الإلحاد والكفر بالله ، تحقيقاً للمخطط اليهودي الشامل .
وهذا يوضح لنا أن قضية الإلحاد بالله قضية سياسية عالمية ، تخدم مصالح خاصة لفئات معينة من الناس ، وهذه الفئات تجند الذين يستجيبون لدعوتها ، ثم تقدمهم وقوداً لدعم سياستها وخدمة مخططاتها .
هذه في هذا العصر هي حقيقة المذهب الإلحادي المنظم الذي تدعمه قوى سياسية ذات ثقل في العالم ، أما الإلحاد الفردي الذي تدفع إليه دوافع إجرامية فجورية خاصة فهو موجود في كل عصر ، وكذلك نظرات الشك التي قد يتعرض إليها الإنسان في بعض مراحل من حياته ، هي أيضاً ذات طابع فردي غير منظم ولا مدعوم ، وليس لها قوى جماعية كبيرة تنصرها وتنشرها وتدعو الناس إليها ، لأن نظرات الشك في قضية الإيمان لا تحمل أصحابها قضية ذات رسالة تبشيرية ، ولا تستطيع هي في نفسها أن تجد أدلة تدعم قضية الإلحاد والكفر بالله ، وبذلك تبقى قضية الإلحاد قضية ساكنة صامتة في نفوس أصحابها ، لا دوافع تحركها ولا دلائل تدعمها .
بخلاف قضية الإيمان فإن وراءها دوافع تدفعها إلى الحركة والنماء والانتشار والبيان المستمر ، ومعها مئات الأدلة التي تدعمها ، وإن نظر إليها بعض الناس بشك في بعض مراحل حياتهم .
إن المؤمنين بالله لهم أدلة لا تحصى على ما آمنوا به ، وكل باحث منهم يتكشف له في موضوع اختصاصه طائفة من هذه الأدلة ، وهي تقدم له القناعة الكافية بأن الله حق .
أم الملحدون فليس لهم أدلة يمكن أن يعتمدوا عليها في نفس وجود الخالق جل وعلا ، إلا مجرد الارتباط بالمادة المدرَكَة بالحواس الإنسانية ، أو بالأجهزة التي توصل إليها الإنسان في القرن العشرين ، وهذا لا يستطيع أن يقدم أي دليل على النفي .
( 2 )
نحن نعلم أنه لا خوف على الحقائق الدينية الإسلامية من جدليات الملحدين ، لأنهم يجادلون بالباطل ليُدحضوا به الحق ، ولكن قد تؤثر جدلياتهم المشحونة بالتزييف على الناشئين المطبوعين بطابع الثقافات الحديثة ، الموجهة شطر مبادئ ومذاهب معينة ، وضعت خصيصاً لمحاربة الدين وهدم مبادئه الحقة .
وليس جدالهم بالباطل بدعاً في تاريخ المبطلين ، بل هي طريقة كل أهل الباطل ، ومن إبليس قائدهم إلى آخر جندي من جنوده ، وأصغر تابع من أتباعه ، كل منهم سائر على سُبُله ومتبع لخطواته .
وقد وصف الله الكافرين عموماً بأنهم يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق ، فقال تبارك وتعالى في سورة (الكهف/18 مصحف/69 نزول):
{..وَيُجَادِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ وَٱتَّخَذُوۤاْ آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُواْ هُزُواً}.
وهي طريقة لا سبيل لهم سواها ، ليؤيدوا أفكارهم ومذاهبهم ، وينصروا باطلهم ، ويُدحضوا الحق ، ما داموا قد التزموا في أفكارهم ومذاهبهم جانب الباطل ، وأصروا بعناد على رفض جانب الحق .
ولما انغمسوا بكفرهم في رذيلة خلقية خطيرة هي رذيلة جحود الحق ، كان لا غرو أن تجرهم هذه الرذيلة إلى رذائل خلقية أخرى ، منها أن يجادلوا بالباطل ، ويستخدموا كل ذكائهم في تزييف الحق ، ويقوم تزييفهم على اصطناع هياكل وهمية لمذاهبهم ، وهياكل وهمية لمذاهب خصومهم ، ثم يحملون حملاته الهجومية على هذه الهياكل التي اصطنعوها لمخالفيهم ، وعندئذ يسهل عليهم تحطيمها بسرعة ، لأنهم هم الذين اصطنعوا بأنفسهم ،ووضعوا فيها نقاط الضعف التي يسهل عليهم تهديمها من قبلها .
وقد يحاربون الدين كله من خلال رأي ضعيف قاله بعض الناس المنتسبين إلى الدين .
أو يحاربون الأديان كلها صحيحها وباطلها ، من خلال ما في بعضها من تحريف عن الأصل الرباني ، أو من خلال الأديان الباطلة التي تحمل اسم دين ، وهي في الحقيقة أوضاع إنسانية مخترعة ، وليست ديناً إلهياً .
وهذه الطريقة قد استخدمها الناقد (د. العظم) أقبح استخدام فيما زعم أنه نقدٌ للفكر الديني ، قال في الصفحة (21) من كتابه “نقد الفكر الديني”:
“يجب ألا يغيب عن بالنا أنه مرت على أوروبا فترة تتجاوز القرنين ونصف القرن قبل أن يتمكن العلم من الانتصار انتصاراً حاسماً في حربه الطويلة ضد العقلية الدينية التي كانت سائدة في تلك القارة ، وقبل أن يثبت نفسه تثبيتاً نهائياً في تراثها الحضاري . ولا يزال العلم يحارب معركة مماثلة في معظم البلدان النامية ، بما فيها الوطن العربي ، علماً بأنها معركة تدور رحاها في الخفاء ولا تظهر معالمها للجميع إلا بين الفينة والأخرى “.
فهو في هذا يحشر الأديان كلها صحيحها وباطلها ويعتبرها جبهة واحدة ضد العلم ،ثم يوجه طعناته ضد ما في بعضها من باطل ، ثم يستنتج من ذلك أنها جميعاً أديان باطلة ، باعتبارها جبهة دينية واحدة ، وقد وجد بعضها باطلاً ، أو وجد في بعضها ما هو باطل .
فهل يقبل مثل هذه الحجة الساقطة من لديه أبسط قواعد الاحتجاج المنطقي ، التي تعرفها الأوليات الفكرية؟ إنها حجة مرفوضة بداهة شكلاً ومضموناً ، وحينما يعتبرها الملحد طريقة منطقية كافية للاحتجاج فإننا نستطيع أن نستخدمها سلاحاً ضد اتجاهه الذي يزعم أنه اتجاه علماني ، فنقول له : إن أصحاب الاتجاه العلماني جبهة واحدة ، ومن المعروف أن لهم مذاهب شتى متناقضة في معظم القضايا التي بحثوها وفق أصول البحث العملي الذي توصل إليه العلماء ، وفي كثير منها نظريات باطلة ، إذن فالاتجاه العلماني كله باطل .
مما لا شك فيه أننا لا نقبل هذا الكلام لأنفسنا ، ولكننا نكشف به فساد حجة الملحد الناقد للفكر الديني ، إذ نستخدم سلاحه ضد اتجاهه ، ونحن نرفض مثل هذا الاحتجاج أصلاً.
وصنيع الملحد في هذا تزييف مفضوح للحقيقة ، وتلاعب شائن في العمليات الفكرية ، واستهانة شنيعة بالمنطق الفكري لأجيالنا الناشئة من مثقفي هذا العصر ، فهل بلغ بهم الأمر أن تنطلي عليهم مثل هذه الحيلة من حيل التزييف الفكري ، حتى بدأ الملاحدة يستخدمونها في تضليلهم؟ أم فقد الملاحدة صوابهم حتى أخذوا يحتجون بما ليس فيه حجة ولا شبه حجة؟ إذ أفلست قواهم المادية في فرض مذاهبهم على الطلائع المثقفة في العالم الإسلامي ، لا سيما حينما وجدوا في هذه الطلائع المثقفة جماهير مؤمنة بالله ، تنصر الإسلام وتعمل له ،وتلتزم بأحكامه وتعاليمه .
ولعل الأمرين موجودين معاً ، فبعض أجيالنا الناشئة الموجهة ضمن البرنامج الإلحادي قد أمست مرجوجة الأصول الفكرية ، تخدعها الحيل المصبوغة بصبغ الثقافات المعادية للدين ، والمقنعة بقناع العلمانية الأكاديمية ، والمحاطة بهالة مزخرفة من العبارات التي احتلت مركزاً ارستقراطياً بين المجتمعات المثقفة ، على الرغم من أنها عبارات جوفاء ليس لها إلا طنين يخدع صغار العقول ، وبعض أجيالنا الناشئة المثقفة هي – بحمد الله – مؤمنة بالله مسلمة حقاً ، ذات منطق علمي سليم ، تعرف الحق ، وتناقش بالحق ، وتجادل بالحق ، وتناصر الحق حيث وجدته .
وأرجو أن لا يغيب عن بال سيادة (د.العظم) ومن هم على شاكلته أن كل اتجاه عام في الواقع الإنساني يوجد فيه فئات مختلفة ، ويوجد فيه أفكار متباينة ، فهل يعني وجود هذا الاختلاف بطلان الاتجاه العام من أساسه؟ أم واجب العاقل المنصف التمييز بين المحقين والمبطلين ، وبين الحق والباطل .
إن دين الله للناس دين واحد ، وهو دين الحق الذي اصطفاه لعباده ، وأنزله على رسله بحسب حاجات الأمم ، التي اقتضت أن ينزل إليها متدرجاً على طريقة التكامل ، وكان ختم هذا الدين بصورته الكاملة التامة في رسالة الإسلام الذي اصطفى الله لحمله للناس محمداً عليه الصلاة والسلام .
إلا أن الأديان الأولى لم يتوافر لها النقل الصحيح ، ودخل إليها عن طريق بعض أتباعها التحريف والتغيير في النصوص وفي العقائد ، فجعلها غير ممثلة للدين الحق ، غذ دخل إليها كثير من الباطل ، كما أن أدياناً حملت هذا الإسلام وهي صناعة بشرية غير ربانية ، أفتحشر هذه الأديان كلها بما فيها من حق وباطل ثم يصدر بحقها جميعاً أحكام تتناسب ما في بعضها من باطل ، أو أحكام تناسب ما في بعضها من حق؟؟
هكذا كان عمل (د. العظم) لدعم مذهب الإلحاد بالله وجحود اليوم الآخر .
( 3 )
ببالغ من التزييف الوقح بدأ الملحدون من أجراء صانعي الهزيمة العربية في عام 1967م يحمِّلون الدين وزور الهزيمة التي اصطنعوها ، وكانوا قبل المعركة وفي أثنائها قد عزلوا الدين عزلاً كلياً عن جميع ساحاتها ، حتى لم يبق له صوت ولا سوط يرتفعان ، ثم يقولون : إن سبب الهزيمة هو وجود رواسب من الذهنيات الدينية الغيبية الاتكالية عند الثوريين الذين قادوا المعركة .
وكل عارف بالحقيقة يعلم أن معركتهم لم تكن ضد العدو الباغي ، إن معركتهم معه لم تكن إلا معركة صورية أو شبه صورية ، أما معركتهم الحقيقة فقد كانت ضد الدين الذي يتابع كتابهم اليوم محاربته بالتزييف والتضليل ، بعد أن حاربوا دعاته بالتعذيب والتنكيل حرباً لا هوادة فيها .
لقد أفلست عمليات الاضطهاد في تحقيق كل ما يهدفون إليه ، فلجؤوا إلى أسلحة التضليل الفكري .
مما لا شك فيه أن معركة الإسلام مع الملاحدة العالميين الذين يتحركون بدفع آلي من القيادات اليهودية العالمية ذات مراحل ، كلما أنجزوا في تصورهم مرحلة منها انتقلوا إلى مرحلة أخرى .
لقد كانت معركتهم الأولى تهدف إلى إقامة الثورة الاقتصادية والاجتماعية كمرحلة أولى ، مع التزييف الفكري بعدم معارضتها للدين ، بغية تضليل الجماهير المسلمة بأن تغييراتها الاقتصادية والاجتماعية لا تمس جوهر العقائد الدينية التي تؤمن بها هذه الجماهير ، تخديراً لها وتبريداً لمشاعر النقمة التي قد تلتهب ضد ثورتهم ، وحين انتهت فيتصورهم هذه المرحلة وبلغت مداها المرسوم لها أخذوا يحضرون للمرحلة الجديدة ،وهي مرحلة نسف العقائد الدينية التي ظلت راسخة في قلوب كثرة كاثرة من الجماهير العربية ، بغية تغيير الإنسان العربي تغييراً كلياً ، حتى في مفاهيمه وعقائده وعواطفه القومية والتاريخية ، وسائر مشاعره ، وعندئذ يستطيع العدو المحرك من وراء الستار تطويعه وتسخيره واستعباده .
وهذا يفسر حملة مكتوبات الملحدين الجديدة ، التي تهدف إلى تحضير النفوس والأفكار للمرحلة الآتية من مراحل الحرب المستمرة .
قال الناقد (العظم) في كتابه في الصفحة (12):
“ولكن الواقع هو أن حركة التحرر العربي غيرت بعض ظروف الإنسان العربي الاقتصادية والاجتماعية ، ثم وضعت في نفس الوقت كافة العراقيل والموانع الممكنة في وجه حدوث أية تغييرات وتطورات موازية في ضمير الإنسان العربي وعقله ، وفي “نظرته للذات والحياة والعالم” …”.
ثم ذكر أن حركة التحرر العربي قد وقفت على رأسها بدلاً من قدميها فقال :
“عبَّرت هذه الوقفة (على الرأس بدلاً من القدمين) عن نفسها في السياسات الثقافية التي اتبعتها حركة التحرر العربي ، كما في أسلوب اهتمامها السطحي والمحافظ جداً بالتراث والتقاليد والقيم والفكر الديني ، مما أدى إلى عرقلة التغييرات المرجوة في الإنسان العربي نفسه ، وفي نظرته إلى الذات والحياة والعالم ، تحت ستار حماية تقاليد الشعب وقيمه وفنِّه ودينه وأخلاقه ، تحوَّل الجهد الثقافي لحركة التحرر إلى صيانة للأيديولوجية الغيبية ، بمؤسساتها المتخلفة ، وثقافتها النابعة من العصور الوسطى ، وفكرها القائم على تزييف الواقع وحقائقه”.
أقل متأمل في هذا الكلام وأشباهه يتبين له أنه إرهاص واضح بمرحلة جديدة من مراحل الحرب اليهودية الماركسية العالمية ، ضد الإسلام داخل الوطن العربي ، لتحطيم الرصيد الباقي من أمل هذه الأمة في إمكان ظفرها على عدوها ، إذا هي استطاعت أن تتحرر من القيود ، وتستخدم ما لديها من طاقات محركة ، تصلها بدينها وأخلاقها وقيمها .
إنهم يمهدون بهذا للثورة الثقافية الفكرية التي تريد اقتلاع كل تراث مجيد للمسلمين ، حتى لا يبقى لهم أي أمل بالظفر على عدوهم ، وحتى لا يبقى لديهم أي نزوع لاستعادة مركزهم القيادي في العالم .
ومما يؤسف له أن العدو القابع وراء الحجب قد استطاع أن يشتري من سلالات هذه الأمة جنوداً مغفلين ، يدفع بهم إلى صف المواجهة ، ويحملهم الأسلحة الفتاكة ضد أمتهم وأقوامهم وأمجادهم ، وأخيراً ضد أنفسهم ، لأن العدو سيتخلص منهم متى استنفد طاقاتهم ، وصاروا في نظره كالثور الذي يأكل كثيراً ، وهو لا يحرث أرضاً ، ولا يسقي زرعاً ، ولا يدفع كيداً ولا يدرّ بِلَبن .
وماذا ترجو الأمة ممن باع نفسه لعدوه وعدوها ، ورضي بأن يكون سلاحاً نجساً مصلتاً عليها في أيدي الخنازير؟!
وحين نتساءل : كيف استطاع العدو أن يشتري هؤلاء الجنود ، وأن يسرقهم من أحضان أمتهم ، ليسخرهم هذا التسخير الخبيث الذي لا يرضى به الهمجيون البدائيون ، فضلاً عن المثقفين الذين يدعون التقدمية ، ويلقبون أنفسهم بالطلائع المتحررة؟
فإن الجواب يأتينا من الواقع بأن العملة التي يشتري بها العدو شباباً من أجيالنا الناشئة . ثم يجندهم في صف المواجهة ضدنا ، هي عملة تبذل للأهواء والشهوات بغير حساب ، أما مادتها فالمرأة الفاجرة ، والشهوة العاهرة ، والخمرة المضلة ، والرشوة المذلة ، ومطامع المال والسلطان ، وأحياناً أوراق مجد علمي تُمنح على صفة شهادات عليا ، ويجري ضمن ذلك كله عمليات تغيير كلي لجهاز التفكير ، وتغيير كلي في المختزنات العاطفية ، وتبديل تام أو ناقص لعناصر الكيان الذاتي التي هي قوام الشخصية .
وبعد هذا التغيير والتبديل تتم عملية التجنيد الطوعي ، أو التجنيد المسوق بالسلاسل ، والمدفوع بالسياط اللاهبة ، خوف الحرمان والفضيحة ، وأخيراً خوف القتل بأي سبب ظاهر أو خفي .
وما التقدم والعقلانيات والبحث العلمي والنظرة الأكاديمية إلا ألفاظ وشعارات تستعمل في الأقوال فقط ، وليس لمدلولاتها الحقيقية واقع معتبر لديهم .
تزييف في الألفاظ ،تزييف في الحقائق ، تزييف في المعارف ، تزييف في الرجال ، تزييف في المؤسسات الصغرى والكبرى ، تزييف في الدول وتكوين الأمم والشعوب ، هذه هي خطتهم .
وغرضهم الحقيقي تدمير الأمة الإسلامية وفي مقدمتها الشعوب العربية تدميراً يشمل ما يسمونه في مصطلحاتهم : “البنية الفوقية – البنية التحتية – الأصعدة العليا – الشرائح الوسطى ، والجانبية والعلوية والسفلية” إلى آخر هذه المصطلحات الإيهامية ، التي يقذفونها للتغطية حيناً ، وللتهويل حيناً آخر ، وللتظاهر بارتقاء المستوى الفكري أمام الذين لم تتجاوز عقولهم طور مراهقتها ، بغية السيطرة الفكرية عليهم ، وتقييدهم بمصطلحات يتميزون بها ، ويدسون في المراد منها ما شاءوا .
وجملة هذه المصطلحات تدور حول عقائد المسلمين ومفاهيمهم الإسلامية والأخلاقية والاجتماعية ، وحول مستويات المجتمع الإسلامي على اختلافها ، فهم يشرحونه إلى شرائح وفق مخططهم ، ويوجهون لكل شريحة وسائل تدميرها ، ويركزون معظم طاقاتهم لتدمير العقائد والمفاهيم والأخلاق وسائر القيم والتطبيقات الإسلامية ، ومراكز حماية كل هذه الأثقال التي تقف في طريق تسلطهم الكامل على الأمة الإسلامية وشعوبها المختلفة .
وانطلت حيلة التغييرات الاقتصادية والاجتماعية التي لا تتعارض مع الدين ولا تمس عقائده ومفاهيمه الأساسية كما زعم أجراؤهم والمنخدعون بهم .
وتجند لمؤازرتها ومناصرتها فريق الطامعين ، وسارت من ورائهم جماهير العمال والفلاحين وصغار الكسبة ، وقادة المسير صنائع وأجراء من طبقة القيادات المثقفة ، الذين استطاعوا أن يشتروهم أو يغرروا بهم ، إذ وجدوا في نفوسهم مواطن ضعف نؤهلهم لهذه العمالة .
وقامت الثورة ، ورافق إقامتها حملة عنيفة من ضجيج الوعود الكبيرة بتحقيق النصر المنشود ، وسارت وفق المخطط الذي رسم لها ، وفي الوقت المناسب سيقت إلى خيبة كبرى حملت آلام نتائجها الأمة العربية والأمة الإسلامية من ورائها .
وأزيح الستار عن الفصل الأول من التمثيلية ، وطلع الملحد العميل يقول : إن الهزيمة قد كانت بسبب وجود رواسب من الذهنية الدينية لدى القيادات الثورية في حركة التحرر العربي ، وبسبب عدم التغيير الشامل في تركيب المجتمع كله ، لأن التغيير الاقتصادي والاجتماعي لا يكفي لتحقيق النصر ، بل لا بد من تغيير يشمل المبادئ والعقائد والتقاليد وسائر المواريث القائمة في المجتمع العربي .
هلمَّ إذن إلى هذا التغيير ، لتفقد الأمة العربية كل كيانها وكل مقوماتها ، وعندئذ تسقط سقوطاً كاملاً في يد عدوها ، الذي يستعبدها ويسخرها فيما يريد .
وهذا هو ما يهدف إليه العدو في خطته ضمن حربه الشاملة للإسلام والمسلمين .
وجاءت حرب رمضان (تشرين أول- أكتوبر) في عام 1973م فأظهرت للناس جميعاً أن الإسلام لما دخل في المعركة دخولاً اسمياً وبصورة جزئية ظهرت في الأمة العربية بطولات حقيقية لم يكن لها وجود مطلقاً في حرب (حزيران-يونية) عام 1967م ،وكان من نتيجتها تحول جزئي لصالح الأمة العربية ، وكان في هذا تكذيب واقعي لمفتريات الملحد الماركسي العميل .
وقد يبدو عجيباً أن يوجه هؤلاء الملاحدة الماركسيون انتقادهم لحركة التحرر العربي وقياداتها الثورية ، إذ لم تقم بتغيير شامل في مجال سلطانهم ، يتناول كل إرث الأمة العربية ، من عقائد ومبادئ وأخلاق وعادات ومفاهيم ومشاعر نحو أمجادهم وتاريخهم .
ولكن هذا العجب ينتهي تماماً حين نعلم أن المخططات المرحلية للحروب الحديثة التي يحركها أساطين المكر العالميون لا تهتم بالأشخاص ولا بالمنظمات .
إن الأشخاص والمنظمات وسائر الأدوات المرحلية هي بمثابة جسور توضع لتنسف متى تم العبور عليها ، حتى لا يعود عائد عن طريقها إلى المنطلق الأول ، وكل من يقدم نفسه جسراً لها من أشخاص أو منظمات فليعلم أنه سينسف بدداً متى استنفد الماكرون أغراضهم ومنه ، وعندئذ لا يجد عاطفة تحنو عليه ، ولا وفاء يستقبله .
وكل لاحق من هذه الجسور المرحلية لا بد أن يؤدي وظيفة تهديم من سبقه وانتقاد أعماله ، ليقدم تبريراً لمرحلته الجديدة ، وليمحو من الأذهان ما ترسب فيها من مفاهيم كان يقدمها السابق .
وكل ذلك في ترتيب الخطة العامة أزياء فكرية مرحلية ، يجب تغييرها لدى تنفيذ المرحلة التالية ، إلا أنها تمهيد ضروري لها .
وليس لها منا مجرد تحليلات ذهنية ، وتقديرات خيالية ، بل مكتوبات العدو السرية تنص عليه بصراحة لا تقبل التأويل .
مسكينة هذه الجسور البشرية كيف تقدم خدماتها الجلي للشياطين ، لتقدم أنفسها فيما بعد ضحايا لهم ، وليس لها منهم عبر الرحلة القاسية الشاقة إلا الإباحيات المختلفات ، والمواعيد الكاذبات ، وأنواع من المساعدات للتسلط على أمتهم في الأدوار المرحلية .
ولتحويل الأنظار عن العدو الحقيقي بدأ الملاحدة الماركسيون يهونون من أمر مكايد الاستعمار ، ومكايد الصهيونية العالمية ، ويوجهون كل اهتمامهم لميراث الأمة العربية من قيم وأخلاق ومبادئ وعقائد وعادات وتقاليد ومفاهيم ، ويحملون هذا الميراث وزر تخلف هذه الأمة ، ووزر الهزيمة العسكية التي صنعتها التقدمية العربية بأيديها ، سيراً مع المخطط المرسوم لها .
ومع أن الماركسيين كانوا مع الذين حملوا شعارات محاربة الاستعمار في الوطن العربي ، إلا أن ذلك قد كان منهم خطة مرحلية ، أما اليوم فالصهيونية العالمية ليست عدوة لهم ، إن عدوهم الأكبر عقائد الإسلام ومبادئه ، ومفاهيمه وتشريعاته ، وما له من رصيد كبير في الجماهير العربية ، لأن هذه هي العدو الأكبر لليهودية العالمية ، ومن يسير في ركابها أو يتأثر بدسائسها .
قال الناقد (د. العظم) في كتابه “نقد الفكر الديني” في الصفحة (13):
“قامت حركة التحرر بتجريد العلاقة الاستعمارية في حياة الوطن العربي عن جملة الظروف التاريخية ، والأوضاع الاجتماعية العربية المتشابكة معها ، والمحيطة بها إلى درجة جعلت “الاستعمار” يبدو وكأنه الحقيقة المباشرة الوحيدة الماثلة في مجرى الأحداث في المنطقة والمحركة لها . أي : كان هناك اختلال أساسي في التوازن بالنسبة لنظرة حركة التحرر إلى نفسها وواقع مجتمعها ، وإلى أعدائها والعالم الخارجي المحيط بها ، بصورة عامة . بالغت عملية التجريد هذه في تبسيطها للواقع التاريخي المعقد ، مما جعل (الاستعمار) – أحياناً الصهيونية العالمية – يبدو وكأنه القوة الوحيدة المتحكمة ، بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، بحركة المجتمع العربي ، وبالبيئة التي تثير ردود فعله . أدى هذا القصور إلى ما يشبه الإهمال التام لأوضاع القوى والمؤسسات والتنظيمات والمجهودات الذهنية الموجودة دوماً في التركيب الاجتماعي (العربي) والفاعلة باستمرار في حياته ، والمهمة أيضاً في تحديد ردود فعله وأنماط سلوكه الجماعية والفردية . إن الوجه الآخر لعملة تجريد العلاقة الاستعمارية على هذا النحو هو التعصب للوهم المثالي الكبير القائل: بأن الأيديولوجيات الغيبية والفكر الديني الواعي الذي تفرزه مع ما يلتف حولها من قيم وعادات وتقاليد … إلخ هي حصيلة للروح العربية الخالصة الثابتة عبر العصور ، وليست أبداً تعبير عن أوضاع اقتصادية متحولة ، أو قوى اجتماعية صاعدة تارة ونازلة تارة أخرى ، أو بنيات طبقية خاضعة للتحول التاريخية المستمر ، ولا تتمتع إلا بثبات نسبي”.
ألا يمثل هذا الكلام وقاحة بالغة النهاية ، لا يفعلها إلا أجير ذليل باع نفسه للصهيونية العالمية عن طريق الإلحاد الماركسي؟!
ولا يشك خبير بحقائق الأمور أن سبب تخلف العالم العربي هو هجره لمفاهيم الإسلام الصحيحة المتقدمة جداً ، ثم تعلقه بوافدات تفد إليه من أعدائه ، الذين يخشون أن يصحو من نومه العميق ، ويستمسك من جديد بإسلامه ، ويثب وثباته المدهشة ، ويحتل قيادة العالم مرة ثانية .
أما الوافدات الوبائية التي تفد إلى بلاد المسلمين من خارج حدودهم فالذين يحملونها بأمانة تامة للعدو وخيانة تامة لأمتهم وتاريخهم معروفون تماماً ، وأقوالهم وأعمالهم تدل عليهم ،ولئن اختفوا حيناً فلا بد أن يظهروا بعد حين .
( 4 )
يقول الناقد (د. العظم) في الصفحة (9) من كتابه:
“تبيَّن أيضاً بعد هزيمة (1967م) أن الأيديولوجية الدينية على مستوييها الواعي والعفوي . هي السلاح (النظري) الأساسي والصريح بيد الرجعية العربية في حربها المفتوحة ، ومناوراتها الخفية على القوى الثورية والتقدمية في الوطن”.
ويقول أيضاً:
“يلعب الفكر الديني دور السلاح (النظري) المذكور عن طريق تزييف الواقع وتزوير الوعي لحقائقها : تزييف حقيقة العلاقة بين الدين الإسلامي – مثلاً – والعلم الحديث . تزييف حقيقة العلامة بين الدين والنظام السياسي مهما كان نوعه “.
إنه في هذا يخص الإسلام بالذكر إعلاناً عن غرضه الذي يهدف فيه إلى تهديم الإسلام وإطفاء نوره ، عن طريق التهجم الصريح المقرون بالشتائم التي يطلقها زوراً وبهتاناً على الدين .
ونحن لا ننتظر منه ومن كل الملحدين وسائر أعداء الإسلام غير هذا ، فهم يتميزون غيظاً منه كل يوم ألف مرة ، لأنه حق قوي كاشف لزيف المبطلين ، وكما يقول هذا الكاتب نفسه في أول كلامه في المقدمة عن الفكر الديني :
“من نافل القول أن هذا النوع من الفكر يسيطر إلى حد بعيد على الحياة العقلية والشعورية للإنسان العربي ، إن كان ذلك بصورة صريحة وجلية ، أو بصورة ضمنية لا واعية”.
وقبل أن نفند أقواله عن الدين وعن الفكر الديني الصحيح غير المزيف ، وأمام حملات الكذب والشتائم الوقحة ، نقول ما قال الله تعالى في سورة (التوبة/9 مصحف/113 نزول):
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ}.
أي : يريدون مرادات كثيرة ، ويتخذون أسباباً متعددة ، ليطفئوا نور الله العظيم بأفواههم ، بأكاذبيهم وشتائمهم وأباطيلهم وافتراءاتهم ومغالطاتهم ونظرياتهم العلمية الباطلة ، والله مُتم نورِه رغم كل محاولاتهم الفاشلة ، ولو كرهوا ذلك وتميزوا منه غيظاً .
أما ادعاؤه “بأن الفكر الديني يلعب دور السلاح (النظري) عن طريق تزييف الواقع ، وتزوير الوعي لحقائقه” ، فمجرد شتائم يطلقها تعبيراً منه ومن رفاقه وسادتهم المديرين لحركاتهم عن مدى غيظهم من الإسلام ، وعن مبلغ حقدهم عليه ، وعلى المسلمين الملتزمين بإسلامهم .
وأنت خبير أن الشتائم ليس لها في ميادين الجدل المنطقي مقام . فمن قلت له : أنا موجود هنا أخاطبك ، هلُمَّ فناظرني ، فقال لك : هذا تزييف للواقع ، أنت مزور للحقيقة كاذب ، تريد أن تضللني وتزور وعيي ، أنت وهم ، أنت خيال ، أنت ليست شيئاً حقيقياً ، فمباذا ترد عليه؟ وبماذا تجيبه؟
لا جواب له عند العقلاء إلا الإعراض عنه ، أما الدخول معه في حرب الشتائم فصناعة الغوغائيين ، لا صناعة الجدليين المفكرين الذين ينشدون الحق .
وهذا هو سبيلنا مع أي عدو من أعداء الإسلام ، أعداء الحق ، حينما يوجه له شتيمة : “تزييف الواقع وتزوير الوعي لحقائقه” دون أن يقدم براهين صحيحة تثبت دعواه .
ولكنه حينما يقدم ما يراه دليلاً وحجة فإننا لا نسكت عن مناقشتها ونقضها وبيان المغالطات فيها .
وأما ادعاؤه : “أن الدين هو السلاح النظري الأساسي والصريح بيد الرجعية العربية ، في حربها المفتوحة ومناوراتها الخفية على القوى الثورية والتقدمية في الوطن”.
فلا شأن للإسلام حقيقة في هذا ، والحق قد يتستر به المبطلون من كل جانب ، ولا يضير الطود المنيع أن يتستر في ظله من الواديَين فريقان متصارعان متضادان في مذاهبهما .
أما التقدمية والرجعية والثورية وغير الثورية فألفاظ يطلقونها بأفواههم وفق أهوائهم .
لقد استخدموا الإباحية الفكرية واللفظية أسوأ استخدام ، فقد يطلقون عبارة التقدمية على أقبح الرجعيات الفكرية والسلوكية ، فالقتل والسحق والتمثيل بالقتلى والتشويه والتعذيب الذي لا يخطر على بال كبار المجرمين ، والسلب والنهب وهتك الأعراض ، وكل الموبقات تقدمية ، مع أنها غاية في الهمجية الممعنة في الرجعية التاريخية ، التي ترجع إلى الوحشية البهمية ، وتجرُّع قوارير (الفودكا) حتى الارتماء على قمامات الشوارع هي في نظرهم تقدمية ، مع أنها في الحقيقة رجعية إلى ما دون مستوى البهائم وأضل سبيلاً ، والكفر بالله والإلحاد به تقدمية في نظرهم ، مع أن الكفر بالله من رجعيات القرون الأولى . أما الصدق والأمانة والمحبة الإنسانية والإخاء وحسن المعاملة وسائر مكارم الأخلاق وفضائل السلوك فهي في نظرهم وتسمياتهم رجعيات ، وهي أمور سخيفة يجب تركها والاستهانة بها .
أليس هذا التلاعب بالحقائق تنفيذاً للمخطط اليهودي الشامل ، الذي يعمل على تجريد الأمة الإسلامية من كل قواها المقوّمة لكيانها ، حتى تفقد كل مقاومة ضد عدوها ، وتستلم لها استسلاماً كاملاً على ذل وضعة وعبودية؟
وهؤلاء الملاحدة هم من أخطر جنود تنفيذ هذه الخطة اليهودية العامة ، ولا ضيرإذن أن يكون الإسلام سلاحاً ضدهم لأنهم أعداؤه ، وهم ومبادئهم وأفكارهم ومخططاتهم أسلحة فتاكة مسلطة ضد الإسلام ومبادئه وعقائده وتشريعاته والمؤمنين به .
وفي كلام الماركسيين عن الرجعة العربية مغالطة قائمة على التعميم ، فحينما يطلقون عبارتي الرجعية والرجعيين فإنهم يقصدون الإسلام والمسلمين ودعاته وحماته ، ويقصدون أيضاً سائر الأنظمة العالمية المخالفة للنظام الماركسي ، وحماة هذه الأنظمة والمستفيدين منها ، وفي ضمن هذا التعميم المقصود يقذفون مغالطاتهم ، إذ يوهمون بأن الإسلام في نظرياته ومفاهيمه وتشريعاته يدعم النظام الرأسمالي مثلاً ، أو يدعم أنظمة الحكم الدكتاتورية ، مع أن موقف الإسلام من الأنظمة الرأسمالية المخالفة له مثل موقفه من الأنظمة الماركسية ، يخالف هذه وتلك ، ويقاوم هذه وتلك ،ولا يدعم هذه ولا تلك ، إن الإسلام نظام غيرهما جميعاً .
هذه هي حقيقة الإسلام التي تشتمل عليها نصوصه ، ويعترف بها المسلمون الصادقون ، ولكن ما نصنع بالذين يستغلون اسم الإسلام لنصرة مذاهبهم التي تخالف الإسلام وهو لا يعترف بها؟
هذا عيب في الناس وليس عيباً في الدين نفسه ، ونفاق الناس للمذاهب والأنظمة ، وتسترهم بها ، واحتماؤهم بقواها ، موجود في كل موقع فكري أو جماعي ، ولا يمكن أن يدفعه إلا نظام صحيح ثابت ، له في الأرض قوة تحمي مبادئه بحق ، وتكشف باستمرار المزيفين الذين يستخدمون اسمه وقوة الجماهير التي تنتسب إليه لدعم انحرافاتهم .
فبالنفاق والتزوير والمخادعة قد يستخدم النظام الماركسي اسم الإسلام سلاحاً لدعم نظامه وحمايته ، إذا وجد جماهير تنخذع بنفاقه وتزويره ، ووجد أجراء وصنائع تزين أمام الجماهير نفاقه وتزويره وتتلاعب بمفاهيم الإسلام وفق أهوائه ، ولا يكون هذا بحال من الأحوال جريرة تلتصق بالإسلام أو عيباً ينسب إليه ، فالإسلام من نفاق المنافقين وتزوير المزورين بريء .
وبالنفاق والتزوير والمخادعة قد يستخدم نظام رأسمالي اسم الإسلام سلاحاً لدعم نظامه وحمايته ، إذا وجد جماهير تنخدع بنفاقه وتزويره ، ووجد أجراء وصنائع تزين أمام الجماهير نفاقه وتزويره ، وتتلاعب بمفاهيم الإسلام وفق أهوائه ، ولا يكون هذا بحال من الأحوال جريرة تلتصق بالإسلام أو عيباً ينسب إليه ، فالإسلام الحق بريء من نفاق المنافقين وتزوير المزورين وتلاعب المتلاعبين .
فاتهام الإسلام بأنه سلاح في يد الرجعية ، أو في يد بعض الأنظمة التقدمية ، مغالطة قائمة على التعميم أولاً ، إذ يُعمِّم المغالطون اسم الإسلام فيجعلونه شاملاً لدين الله وللمنتسبين إليه بصدق ، وللمنتسبين إليه زوراً ونفاقاً ، وللمستغلين اسمه وهو منهم بريء ، وقائمة ثانياً على تحميل الدين جرائر المنافقين له ، والعابثين أمام بعض الجماهير بمفاهيم ينسبونها إليها ، وهي ليست منه .
ولكن:
يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله مُتِمّ نوره ولو كره الكافرون .
( 5 )
قال الناقد (د. العظم) في الصفحة (9) من كتابه :
“يلعب الفكر الديني دور السلاح (النظري) المذكور عن طريق تزييف الواقع وتزوير الوعي لحقائقه : تزييف حقيقة العلاقة بين الدين الإسلامي – مثلاً – والعلم الحديث ، تزييف حقيقة العلاقة بين الدين والنظام السياسي مهما كان نوعه (الاشتراكية – العربية – العلمية الإسلامية – المؤمنة – الثورية) تزييف الحقيقة حول التصنيف الثوري الصارم للأعداء والأصدقاء على مستوى العلاقات بين الدول في المرحلة الحالية الحرجة (مؤتمر القمة الإسلامي) تزييف حقيقة الصراع الاجتماعي القائم في الوطن العربي بين قوى اجتماعية ثورية صاعدة ، وقوى رجعية معطّلة ، بين قوى طبقية مسيطرة ، وقوى متمردة مسحوقة مستغلة (الدعوة لبناء الجسور بين الطبقات باسم الإصلاح والتسامح والمحبة وغيرها من القيم الروحية) ولا شك أن عملية التزييف هذه تعمل في صالح مجموعة مصالح طبقية ضيقة ومسيطرة ، تنزع نحو الاستماتة في المحافظة على نفسها وعلى مواقعها ،وبذلك نحو فرض أيديولوجيتها الدينية ومنظورها الميثولوجي المزيف للواقع على المجتمع بأسره ، وعلى حياته الفكرية والثقافية بكاملها تقريباً “.
( أ ) إذا تركنا شتائم (العظم) للفكر الديني في هذا النص ، لأننا عالجناها فيما سبق ، فإننا نلاحظ أن الذي يلعب دور التزييف بكل معانيه وصوره هو الفكر اللاديني الإلحادي ، لا الفكر الديني المؤمن .
فاللادينيون هم الذين يصنعون هذه التزييفات ويستغلونها لستر واقعهم المعادي لجماهير الأمة ، والكثرة الكاثرة من شعوبها ، ولمبادئ هذه الجماهير وقيمها وأخلاقها وتاريخها ومؤسساتها .
( ب ) أما ما زعمه من تزييف حقيقة العلاقة بين الدين الإسلامي والعلم ، فقد كشفنا بطلانه بالشرح العلمي المركز في الفصل الثاني من هذا الكتاب ، وأثبتنا بالبراهين المنطقية أنه لا نزاع مطلقاً بين الدين الصحيح والعلم اليقيني الثابت ، وسنزيد هذا بياناً في جدليات تفصيلية ، نعالج فيها كشف أكاذيبه وتزييفاته في الفصل الثامن من هذا الكتاب ، والواقع أن الملاحدة وكل اللادينيين هم الذين يزيفون حقيقة العلاقة بين اللادين والعلم ، إذ يصورون كذباً وزوراً أن العلم صديق الإلحاد ، أو صديق اللاتديُّن ، ويحاول جهدهم ويكدون كداً لاهثاً ليثبتوا وجود التناقض بين الدين والعلم ، ويصنعون كل ألوان التزييف والتزوير لإثبات هذه الفرية ، ليتوصلوا من ذلك إلى نقض الدين وإبطاله .
فمن المزيف للحقيقة والواقع ؟؟
( ج ) وأما ما زعمه من تزييف حقيقة العلاقة بين الدين الإسلامي والنظام السياسي مهما كان نوعه (الاشتراكية – العربية – العلمية الإسلامية – المؤمنة – الثورية).
فالمزيفون في الحقيقة هم أصحاب المذاهب والنظم المخالفة للإسلام ، ويستأجرون أجراء للقيام في وسط الجماهير المسلمة بالدعاية لصور التزييف التي يصنعونها ، ستراً لمواقفهم المعادية للإسلام ، وكيداً لجماهير المسلمين ، ويسير وراءهم مخدوعون ، يظنون أنهم يخدمون الدين بما يصنعون . أما الدين ألإسلامي فلا يعترف بأي نظام مهما كان نوعه ، إذا كان يخالف المبادئ الإسلامية الصحيحة ، فللإسلام مناهجه ونظمه الواضحة البينة .
والمسلمون الصادقون لا يقبلون أية صورة من صور التزييف التي يحاول غير المسلمين مخادعة الجماهير المسلمة بها .
( د ) وأما ما ذكره ” من تزييف الحقيقة حول التصنيف الثوري الصارم للأعداء والأصدقاء ، على مستوى العلاقات بين الدول في المرحلة الحرجة (مؤتمر القمة الإسلامية)”.
وما ذكره من “تزييف حقيقة الصراع الاجتماعي القائم في الوطن العربي بين قوى اجتماعية ثورية صاعدة ، وقوى رجعية معطَّلة ، بين قوى طبقية مسيطرة وقوى متمردة مسحوقة مستغلة (الدعوة لبناء الجسور بين الطبقات باسم الصلاح والتسامح والمحبة وغيرها من القيم الروحية)”.
فإن الإسلام أشد حرصاً على مقاومة هذا التزييف ، إن المؤمنين الصادقين أحرص من الملاحدة على إيجاد التصنيف الصارم ، وعلى إقامة الحدود الفاصلة بين الأعداء والأصدقاء ، أي : بينهم وبين الكافرين ، ولو كانوا من أبناء جلدتهم ، ويتكلمون بألسنتهم ، ولو كانوا منحدرين من السلالات الإسلامية ، ولو كانوا من أقرب أقربائهم ، فالإسلام لا يعرف مداهنة ولا مصانعة على حساب الدين والعقيدة ، أو على حساب جماعة المسلمين ، ولا يقر مبدأ المساومة في أي أمر من أمور الدين ، فالعدو عدو ولو كان أباً أو ابناً أو أخاً أو أقرب الأقربين في النسب ، والصديق صديق مهما كان بعيداً عن وشائج القرابات ، فالله يقول في سورة (التوبة/9 مصحف/113 نزول):
{يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُوۤاْ آبَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ إَنِ ٱسْتَحَبُّواْ ٱلْكُفْرَ عَلَى ٱلإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ منكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ * قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ منَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }
فالأمر في المفهوم الإسلامي ليس بالسهل ولا باليسير ، إنه لعب بمصير الأمة ، ولعب بمصير دينها ، وفيه تمكين عدوها منها ، فليست موالاة أعداء الله من المعاصي الفردية العادية ، إنها خيانة للأمة جميعها ، وخيانة للكيان الإسلامي كله ، ودونها بنسبة كبيرة بعض كبائر المعاصي الفردية ، لأن هذه الموالاة لأعداء الله فرع من فروع النفاق .
والله تبارك وتعالى يقول في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول):
{يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَآأَنْتُمْ أُوْلاۤءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ * إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }
( 6 )
حشر الناقد (د. العظم) اتجاهاته السياسية المعينة في صلب قضايا يزعم أنها قضايا نقدية علمية بحتة ، فهو بالإضافة إلى أنواع التضليل الذي سلكه في المسائل العلمية ضد الدين ،أخذ يحشر اتجاهاته السياسية ليتابع عملية التضليل ، ويسلك فيها مسلك الغوغائية الدعائية المعروفة في الكتابات الصحفية ، التي يكتبها الملاحدة الماركسيون ، فقال في الصفحة (23) من كتابه:
“كان الدين في أوروبا حليف التنظيم الإقطاعي للعلاقات الاجتماعية ، ولا يزال على هذه الحال في معظم البلاد المتخلفة وخاصة في الوطن العربي . في الواقع أصبح الإسلام الأيديولوجية الرسمية للقوى الرجعية المتخلفة في الوطن العربي وخارجه (السعودية ، أندونيسيا ، الباكستان) والمرتبطة صراحة ومباشرة بالاستعمار الجديد الذي تقوده أمريكا . كما كان الدين المصدر الأساسي لتبرير الأنظمة الملكية في الحكم لأنه أفتى بأن حق الملوك نابع من السماء وليس من الأرض . ثم أصبح اليوم الحليف للأوضاع الاقتصادية الرأسمالية والبرجوازية ، والمدافع الرئيسي عن عقيدة الملكية الخاصة وعن قداستها ، حتى أصبح الدين وأصبحت المؤسسات التابعة له من أحصن قلاع الفكر اليميني والرجعي . فالدين بطبيعته مؤهل لأن يلعب هذا الدور المحافظ ، وقد لعبه في جميع العصور بنجاح باهر ، عن طريق رؤياه الخيالية لعالم آخر تتحقق فيه أحلام السعادة ، وواضح أن هذا الكلام ينطبق على الإسلام كغيره من الأديان “.
واضح من هذا الكلام (العظمى) أنه من قبيل الغوغائية الدعائية السياسية ، التي تعمل لنصرة مذهب سياسي واقتصادي معين ، أثبت الواقع فشله في المجالين السياسي والاقتصادي ، وأثبت أنه كان سلاحاً في أيدي الانتهازيين الطامعين باحتلال المواقع الرأسمالية والبرجوازية ، عن طريق النهب والسلب والاستغلال الظالم الآثم ، وأن شعارات هذا المذهب الاقتصادي لم تكن إلا أقنعة للتضليل .
وقد عمد إلى ذكر بلاد إسلامية معينة لأنها ما زالت نوعاً ما ترعى الإسلام ، وتحمي شعاراته ، وتطبق بعض أحكامه .
أما قصة الارتباط صراحة ومباشرة بالاستعمار الجديد الذي تقوده أمريكا فقصة أتقن تشييعها أجراء هذا الاستعمار ، وأجراء الصهيونية العالمية ، وغايتهم هدم الإسلام من وراء ذلك ، وهو يعلم أكثر من غيره دور الماركسية الملحدة التي تعمل لصالح الاستعمار الجديد ، وتعمل لصالح الصهيونية العالمية .
وحرب رمضان عام (1973-1393هـ) ودور الدول الإسلامية فيها ، ودور المملكة العربية السعودية إذ دخلت فيها بكل ثقلها ، ربما يكون قد أغاظه كثيراً ، لأنه جاء على غير هوى سادته ، ولأنه كشف زيفاً كثيراً كان يصدّره هو وكل الذين يلبسون أقنعة التقدمية .
وأكتفي عند هذه النقطة بهذا القدر لأنه ليس من خطتنا في الدفاع عن الدين وحقائقه أن ندخل معارك سياسية ذات طابع زمني ، وذلك لأن الدين دين الله ، وهو تعاليم ومفاهيم وحقائق فكرية ، ومتى هبطنا بها إلى مستوى الصراع السياسي فإننا تورَّط الدين توريطاً سيئاً ، إذ نجسده في واقع بشري ، مع أن الواقع البشري غير المعصوم قد يخالف الدين في كثير من التصرفات الإنسانية ، والدين لا يحمل جريرتها ، وإنما يحمل جريرتها المخالفون للدين أنفسهم ، وإن كانوا من أهل الإيمان به والمطبقين لبعض تعاليمه ، ومن الذين يرفعون لواءه ، ويحرصون على نصرته .
إن أي تجسيد للدين في واقع بشري غير معصوم عن الخطأ أو المخالفة يعتبر تشويهاً للدين ، وتحويراً في مفاهيمه وتعاليمه ، وهذه ليست خطة رشد في الدفاع عن الدين .
إن الصراع من أجل الواقع البشري عمل سياسي قد يتصل بالمبدأ إلا أن له مجالاً آخر .
وبالتضليل المقصود لمحاربة الإسلام بوصفه ديناً ربانياً ؛ يحاول أعداء الإسلام من ملحدين وغيرهم التقاط صور معينة عن الواقع البشري للمنتسبين إلى الدين ، ولو كانوا من أئمة المسلمين ومرشديهم ، ثم يأخذون هذه الصور البشرية المعينة ، ويجعلونها من الدين عقيدة ومفاهيم وأنظمة وغير ذلك ، مع أنها في الواقع ليست إلا انحرافات بشرية عن عقائد الدين أو مفاهيمه أو أنظمته ، وليس الدين هو المسؤول عنها ، ولكن أصحابها هم المسؤولون.
وهذا التضليل من أعداء الإسلام مغالطة خبيثة ماكرة ، يقصدون منها تشويه الصورة الإسلامية من جهة ، واستدراج مغفلين من أنصار الدين ليتورطوا في الدفاع عن الواقع البشري ، فيستغله أعداء الإسلام استغلالاً سيئاً .
يضاف إلى كل هذا أن المعارك السياسية الزمنية لها وجهات أنظار مختلفة ، ومن العسير جداً تمييز جانب الحق فيها ، وما أكثر ما ترى الغوغائية الجماهيرية رأياً أملته عليها الغوغائية الدعائية التي تنصر مذهباً اجتماعياً أو سياسياً أو اقتصادياً معيناً ، وتدعم مصالح معينة ، ثم يتبين بعد التجربة أن الرأي المناقض له كان هو الأحق بالاعتبار ، وأن محاربته كان رعونة وطيشاً ، وتورطاً في مزالق سياسية تكبد المنزلقين خسائر فادحة ، وتحمِّلهم مصائب كثيرة ، وقد تدفع بهم على أيدي أعدائهم ضحايا رعوناتهم ، وعندئذ تجد جنود الأعداء الذين دفعوا بهم إلى هذه المزالق يطبلون ويزمرون ويرقصون على أجساد الضحايا .
أما زعمه : أن الدين أصبح اليوم الحليف الأول للأوضاع الاقتصادية الرأسمالية والبرجوازية ، والمدفع الرئيسي عن عقيدة الملكية الخاصة وعن قداستها … إلى آخر كلامه .
فالواقع أن هذا الكلام ليس فيه من النقد الفكري شيء ، بل هو لون دعائي سياسي صحفي قائم على التضليل .
إن أي دارس للنظام الاقتصادي الإسلامي يعلم بداهة أنه نظام فذّ قائم بنفسه ، فلا هو نظام رأسمالي يساير الأنظمة الرأسمالية في العالم ، ولا هو نظام اشتراكي يساير الأنظمة الاشتراكية في العالم ، ولكن قد تتلاقى الأنظمة الرأسمالية معه في بعض الجوانب ، وقد تتلاقي الأنظمة الاشتراكية معه في بعض الجوانب ، وينفرد الإسلام بمفاهيم خاصة وتنظيم كلي خاص ، والشبه الجزئي لا يعني التبعية بحال من الأحوال .
وأما تحصن الرأسماليين بالإسلام فيشبه تحصن بعض الاشتراكيين به ، وهو ليس حصناً في الحقيقة لهؤلاء ولا لهؤلاء ، ولكن يتحارب الفريقان فيختبئ هؤلاء وراء جانب منه ، ويختبئ أولئك وراء جانب آخر منه ، وتتساقط بعض الضربات من هؤلاء وأولئك على الحصن الإسلامي زوراً وبهتاناً ، ولو كان في الحصن الإسلامي جنود حقيقيون لخرجوا وقاتلوا الفريقين معاً ، ولطردوهما عن جوانب الحصن .
وأما قوله : “إن الدين قد أصبح المدافع الرئيسي عن عقيدة الملكية الخاصة وعن قداستها”.
فإننا نقول : ما دامت الملكية الخاصة مكتسبة بطرق مشروعة يوافق عليها نظام الإسلام فاحترامها حق ، واحترام الحق من أسس مبادئ الإسلام العامة ، ولا يضيره في هذا أن توافقه أو تخالفه أنظمة وضعية ومذاهب اقتصادية أخرى ، فالحق أحق أن يتبع .
وتعلن بإصرار أن النظام الإسلامي هو الأكمل والأصلح للإنسانية ، وستضطر الأنظمة الأخرى أن تتراجع إلى نظامه .
وهل عيب في النظام الإسلامي أن يحترم الملكية الخاصة المشروعة ، لأنه لا يوافق في هذه الناحية النظام الماركسي؟
إن العيب والنقص فيما خالف الإسلام ، نقول هذا بكل فخر واعتزاز .
ثم نتساءل فنقول: هل تتنازل الأنظمة الماركسية عن ملكياتها لصالح دول أخرى ماركسية أيضاً؟
إنهم يتقاتلون لحمايتها ، فأين بقيت مقومات المذهب؟
مفتريات وأباطيل ، وخداع وتضليل!!
* * *
الفصل الخامس
صراع من أجل قضيّة الإيمان بالله
والفكر الدّيني الصّحيح حَوْلها
( 1 )
تحت عنوان “الثقافة العلمية وبؤس الفكر الديني” أثار الناقد (د. صادق جلال العظم) حول الدين عدة موضوعات سماها “مشكلات” ومن هذه الموضوعات عقيدة الإيمان بالله تعالى.
مع أن الملحدين جميعاً في سالف الدهر وحاضره ، لم يستطيعوا مجتمعين ولا متفرقين ، أن يقدموا أية حجة منطقية أو واقعية مقبولة عند العقلاء تثبت عدم وجود خالق لهذا الكون .
وقد قرأنا ما كتبه هذا الملحد وما كتبه غيره من أساطين الإلحاد ، فلم نجد لديهم دليلاً واحداً صحيحاً ينفي وجود الخالق جل وعلا ، رغم الجهود الكبيرة التي بذلوها للإقناع بمذهبهم ، بل لم نجد في كل ما كتبوه دليلاً واحداً يقدم ظناً بعدم وجود الخالق ، فضلاً عن تقديم حقيقة علمية في هذا الموضوع ، جل ما لديهم محاولات للتشكيك بعالم الغيب ، والتزام بأن لا يثبتوا إلا ما شاهدوه من مادة بالوسائل العلمية المادية ، وهذا الارتباط بحدود المادة التي لم يشهد العلم حتى العصر حاضراً إلا القليل منها إن هو إلا موقف يشبه موقف الأعمى الذي ينكر وجود الألوان لأنه لا يراها ، أو موقف الأصم الذي ينكر وجود الأصوات لأنه لا يسمعها ، أو موقف الحمقاء حبيسة القصر التي ترى أن الوجود كله هو هذا القصر الذي تعيش فيه ، لأنها لم تشاهد في حياتها غيره .
فما حظ هؤلاء من العلم والأمانة العلمية ومطابقة الحقيقة والواقع؟
كذلك الملحدون لاحظ لهم من العلم والأمانة العلمية ومطابقة الحقيقة والواقع ، إذ ينكرون الخالق جل وعلا ، ويُصرون على إنكاره ، وهم لا يملكون دليلاً واحداً على نفي وجوده .
قد يستخدمون عبارات ضخمة ، يستغلون فيها أسماء التقدم العلمي والصناعي وتطور مفاهيم العصر ، والبحوث العلمية في المعامل والمختبرات ، للتمويه بها ، وتضليل الأذهان المراهقة ، مع أن التقدم العلمي والصناعي لم يتوصل بعد إلى قياس شيء من عالم الغيب ، بل ما زال عاجزاً حتى الآن عن قياس أمور كثيرة داخلة في العالم المادي ، الذي هو مجال كل أنواع التقدم العلمي الذي انتهت إليه النهضة العلمية الحديثة .
فالمعامل والمختبرات والأجهزة العلمية المتقدمة جداً ما زالت عاجزة عن أن تقيس أشياء كثيرة في هذا العالم المادي الذي نشاهد ظواهره ، بشهادة كبار العلماء الماديين أنفسهم ، وبدليل تجدد المعارف والمكتشفات يوماً بعد يوم ، ومتى زعم العلم الإنساني أنه اكتشف كل شيء فقد سقط في الجهل ، وأجهز على نفسه بنفسه منتحراً .
يضاف إلى ذلك أن العلماء الماديين من بعد كل دراساتهم ومشاهداتهم وملاحظاتهم المادية يحاولون تفسير ما شاهدوه من ظواهر بنظريات استنتاجية ، يقررون فيها حقائق غير مرئية وغير مشاهدة ، وهي بالنسبة إليهم وبالنسبة إلى أدواتهم ما زالت أموراً غيبية ، ومع ذلك فإنهم يضطرون إلى إقرارها والتسليم بها ، ويجعلونها قوانين ثابتة يقولون عنها : إنها قوانين طبيعية .
ومن أمثلة ذلك قانون الجاذبية ، إنه قانون غدا من الحقائق العلمية الطبيعية لدى العلماء الماديين.فما هي حقيقة هذه الطاقة ؟ هل باستطاعة العلماء أن يشاهدوها بأدواتهم وأن يعرفوا كنهها؟ وكيف أثبتوها؟
ألم يثبتوها بالاستنتاج العقلي استناداً إلى ما شاهدوه من ظواهرها وآثارها؟ هذه هي الحقيقة .
فما بال هؤلاء الملاحدة يسلمون بهذه القوانين الخارجة عن نطاق المشاهدات المادية ،وهي بالنسبة إلى حواسهم وإلى الأدوات العلمية المتقدمة أمور غيبية ، ثم ينكرون وجود الخالق جل وعلا لمجرد كونه خارجاً عن نطاق الإدراك الحسي ، ولا يمكن التواصل إلى إدراكه بالأجهزة العلمية المتقدمة؟
مع أن مئات الأدلة العقلية والاستنتاجية تثبت ضرورة وجود خالق عظيم لهذا الكون ، بيده مقاليد السماوات والأرض وهو على كل شيء قدير .
أليس هذا من المفارقات التي لا تستقيم مع البحث العملي والأمانة العلمية ؟
إذا لم تصل أدلة الإثبات لديهم إلى مستوى اليقين ،ألم ترجح لهم هذه الأدلة احتمال وجود الخالق على عدم وجوده ؟ إنها مهما تكن من وجهة نظرهم فهي أقوى حتماً من الاحتمال الآخر الذي هو احتمال النفي ، فكيف يأخذون باحتمال النفي دون دليل ، ويرفضون احتمال الإثبات ومعه الأدلة الكثيرة ، ثم يسعون جاهدين لمحاربة الإيمان بكل ما لديهم من قوة؟
لماذا يعادون من خلقهم كل هذا العداء؟
أهذا جزاء الإنعام والإكرام؟
ألم يتحرك فيهم حس أخلاقي للاعتراف بوجوده؟
ألم ترجف قلوبهم خوفاً من عقابه الذي أعلنه على ألسنة رسله؟
ألم يفترضوا أن يكون الأمر حقاً؟
فبماذا يعتذرون يوم الحساب والجزاء؟
هل يكون عذرهم كافياً ومقبولاً إذا قالوا لربهم يوم الحساب : إنك يا إلهنا وربنا وخالقنا لم ترينا نفسك حتى نؤمن بك؟
ألا تسقط حجتهم هذه حينما يقول الله لهم : ألم أمنحكم عقولاً تستنبطون بها وجودي من آياتي التي بثثتها في كوني وفي أنفسكم؟ ألم أرسل لكم رسلاً مؤيدين بالآيات من عندي فأبلغوكم عني ؟ فلماذا كذبتموهم؟ إنني لم أضع في كوني أية حجة تقنع أحداً بعدم وجودي ، فلماذا جحدتم وجودي ، ولا حجة لكم في ذلك إلا اتباع الهوى ، والاستكبار عن الإيمان بي ، والرغبة بالتحرر من أوامري ونواهيّ وشريعتي لعبادي؟
عندئذ لا بد أن تسقط حجتهم وينقطعوا ، وعندئذ يعلمون علم اليقين أنهم كانوا في الغرور يتقلبون ، وفي جهالتهم وضلالتهم يعمهون ، وأنهم كانوا يجحدون ربهم من غير أن يكون لهم دليل به يعتذرون .
ويومئذ لا تنفعهم أحزابهم ، ولا أئمة الشر الذين كانوا يزينون لهم الكفر بالله وجحود آياته .
لست أدري ما هي الثمرة التي يستفيدونها في حياتهم من إنكارهم لخالقهم ، حتى يدفعوا بأنفسهم إلى موقع خطر كبير جسيم ، يعرِّضون فيه أنفسهم لشقاء أبدي وعذاب لا ينقطع؟
إن إلحادهم لا يفيدهم شيئاً في حياتهم الدنيا ، وما هو إلا مذهب عنادي ، فليتحملوا إذن جريرة عنادهم .
( 2 )
الحجة الشيطانية ودفعها
أخذ (د. العظم) يردد الحجة الشيطانية القديمة التي تقول في آخر سلسلة التساؤل : ومن خلق الله؟ ثم اختار لنفسه سبيل التسليم بقدم المادة وأزليتها .
وقد حدثنا الرسول عن هذه الوسوسة الشيطانية ، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله :
“يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ باللهِ ولينته”.
وهذه الوسوسة الشيطانية تنطلق على ألسنة الناس بغية التضليل بها ، وقد ذكر الرسول هذه الحقيقة أيضاً:
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله :
“لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال : هذا خلق الله الخلق ، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل : آمنت بالله ورسله”.
أما كلام (د. العظم) حول هذه الحجة الشيطانية القديمة فلا يزيد في مضمونه عن مثل هذا التساؤل ، مع الاعتراف بالعجز عن تقديم جواب مقنع حول ادعائه أزلية هذا الكون بالنسبة إلى مادته الأولى ، ولا يفوته أن يقذف بلهيب حقده على خالقه جل وعلا منذ مطلع كلامه ، ويغريه بالأمر حلم الله عليه ، وعدم وجود سلطة عادل في الأرض تحاسبه .
يقول – عليه من الله ما يستحق – في الصفحة (28) من كتابه:
“إن قولنا باحتضار الله في المجتمعات المتخلفة يشكل تمثيلاً رمزياً لحالة الثورة والفوران ، وفقدان الجذور التي تعاينها هذه المجتمعات في محاولاتها الوصول إلى نوع من التعايش المرحلي بين الأفكار العلمية الجديدة وتطبيقاتها العملية والصناعية ، وبين تراثها الديني السحيق ، دون أن يتنازل كلياً ومرة واحدة عما في ماضيها من قيم غيبية . لذلك نسمع دائماً أصداء صرخة تقول : حتى لو سلمنا كلياً بالنظرة العلمية للأشياء ستبقى أمامنا مشكلة المصدر الأول لهذا الكون . لنفترض مع (رسل) أن الكون بدأ بسديم ، ولكن العلم لا يقول لنا : من أين جاء هذا السديم ، إنه لا يبين لنا من أين جاءت هذه المادة الأولى التي تطور منها كل شيء ؟ فلا بد للعلم إذن من أن يتصل بالدين في نهاية المطاف . ولكن طرح السؤال بهذه الصورة يبين لنا مدى تحكم تربيتنا الدينية وتراثنا الغيبي في كل تكفيرنا . لنفترض أننا سلمنا بأن الله هو مصدر وجود المادة الأولى ، هل يحل ذلك المشكلة ؟ هل يجيب هذا الافتراض على سؤالنا عن مصدر السديم الأول؟ والجواب هو طبعاً بالنفي . أنت تسأل عن علة وجود السديم الأول وتجيب بأنها الله ، وأنا أسألك بدوري وما علة وجود الله؟ وستجيبني بأن الله غير معلول الوجود ، وهنا أجيبك ، ولماذا لا نفترض أن المادة الأولى غير معلولة الوجود ، وبذلك يُحسم النقاش دون اللجوء إلى عالم الغيبيات ، وإلى كائنات روحية بحتة لا دليل لنا على وجودها ، علماً بأن ميل الفلاسفة القدماء بما فيهم المسلمين كان دائماً نحو هذا الرأي إذ قالوا بقدم العالم ، ولكنهم اضطروا للمداورة والمداراة بسبب التعصب الديني ضد هذه النظرة الفلسفية للموضوع[4] . في الواقع علينا أن نعترف بكل تواضع بجهلنا حول كل ما يتعلق بمشكلة المصدر الأول للكون . وعندما تقول لي : إن الله هو علة وجود المادة الأولى التي يتألف منها الكون ، وأسألك بدوري : وما علة وجود الله ؟ إن أقصى ما تستطيع الإجابة به : ” لا أعرف إلا أن وجود الله غير معلول”[5] ، ومن جهة أخرى عندما تسألني : وما علة وجود المادة الأولى فإن أقصى ما أستطيع الإجابة به : ” لا أعرف إلا أنها غير معلولة الوجود ” في نهاية الأمر اعترف كل منها بجهله حيال المصدر الأول للأشياء . ولكنك اعترفت بذلك بعدي بخطوة واحدة ، وأدخلت عناصر غيبية لا لزوم لها لحل المشكلة . والخلاصة ، إذا قلنا : عن المادة الأولى قديمة وغير محدثة أو إن الله قديم وغير محدث ، نكون قد اعترفنا بأننا لا نعرف ولن نعرف كيف يكون الجواب على مشكلة المصدر الأول للأشياء ، فالأفضل إذن أن نعترف بجهلنا صراحة ومباشرة عوضاً عن الاعتراف به بطرق ملتوية وبكلمات وعبارات رنانة . ليس من العيب أن نعترف بجهلنا ، لأن الاعتراف الصريح بأننا لا نعرف ما لا نعرفه من أهم مقومات التفكير العلمي ، وتعرفون أن العالم ملزم على تعليق الحكم عندما لا تتوافر لديه الأدلة والشواهد والبراهين الكافية لإثبات أو لنفي قضية ما . هذا هو الحد الأدنى من متطلبات الأمانة الفكرية في البحث الجاد عن المعرفة والحقيقة “.
هذا كلام (د. العظم) حرفياً ، وعلينا أن نُحَلِّلَه ونكشف للقارئ ما فيه من مغالطات فكرية .
سأترك كبيرته الأولى التي أطلق فيها على الله الخالق العظيم سبحانه عبارة الاحتضار ، وسبقها في كلامه إطلاق عبارة الموت اقتداء بالفيلسوف الملحد (نيتشه) لأن مثل هذه العبارات التي ليس فيها إلا تطاول وحماقة وسخرية لا تدخل في أي مجال أو في أي مستوى من مستويات النقاش العلمي أو البحث المنطقي ، ولا جواب لها في الحقيقة إلا صاعقة ربانية ، أو أيَّةُ قاتلة من قواتل السماء تعطيه الرد العلمي على تطاوله ، ولكن الله تبارك وتعالى حليم ، يمهل كثيراً ، حتى إذا أخذ بالعذاب أخذ أخذاً كبيراً .
وأبدأ بالتركيز على الحجة الشيطانية التي تساءل فيها عن علة وجود المصدر الأول للأشياء ، وزعم فيها أن إحالة المؤمنين ذلك على الله تبارك وتعالى يساوي نظرياً وقوف الملحدين عن السديم ، الذي اعتبروه المادة الأولى لهذا الكون ، وزعم أن كلا الفريقين لا يجد جواباً إلا أن يقول : لا أعرف إلا أن وجود هذا الأصل غير معلول ، وزعم أن الملحد اعترف بهذا قبل المؤمن بخطوة واحدة ، ثم خادع بأن إعلان الجهل والاعتراف به من متطلبات الأمانة الفكرية حين لا توجد أدلة وشواهد وبراهين كافية .
ولدى البحث المنطقي الهادئ ، يتبين لكل ذي فكر صحيح ، أن هذه الحجة التي ساقها ليست إلا مغالطة من المغالطات الفكرية ، وهذه المغالطة قائمة على التسوية بين أمرين متباينين تبايناً كلياً ، ولا يصح التسوية بينهما في الحكم . وفيما يلي تعرية تامة لهذه المغالطة من كل التلبيسات التي جللها بها .
فإذا وضعنا هذه المغالطة بعبارتها الصحيحة كانت كالتالي : ما دام الموجود الأزلي غير معلول الوجود فلم لا يكون الموجود الحادث غير معلول الوجود أيضاً؟
وكل ذي فكر صحيح سليم من الخلل يعلم علم اليقين أنه لا يصح أن يُقاس الحادث على القديم الأزلي الذي لا أول له ، فلا يصح أن يشتركا بناء على ذلك في حكم واحد .
وعلى هذه الطريقة من القياس الفاسد من أساسه صنع مغالطته الجدلية . والملحدون حين يصنعون مثل هذا الاستدلال الفاسد يسارعون إلى ستر فساد أدلتهم بعبارات التقدم العلمي ، والمناهج العلمية ، والتقدم الصناعي ، والمناهج العقلية في تقصي المعرفة ، والاتجاهات الثورية في المجتمع والاقتصاد ، ويخلطون هذه العبارات خلطاً ، ويحشرونها في كل مكان ومع كل مناقشة ، تمويهاً وتضليلاً ، كأن التقدم العلمي والصناعي للإلحاد وحده ، وليس للإيمان ، مع أن الدنيا جميعها وما فيها من ماديات قد كانت وما زالت ولن تزال حتى تقوم الساعة للمؤمنين والكافرين وغيرهم على سواء ، ضمن سنن الله الثابتة التي لا تتغير ، وهي مجال مفتوح لكل الناس ، إذ يمتحن الله بها إرادتهم وسلوكهم في الحياة ، ليبلوهم أيهم أحسن عملاً .
فإذا قال الملحد :ولِمَ لا تكون المادة الأولى لهذا الكون (كالسديم مثلاً) قديمة أزلية غير حادثة ،تنطلق منها التحولات ثم ترجع إليها التحولات؟
فإن جوابه يأخذه من هذا الكون نفسه ،وما فيه من صفات وخصائص .
إن هذا الكون يحمل دائماً وباستمرار صفاته حدوثه ، تشهد بهذه الحقيقة النظرات العقلية المستندة إلى المشاهدات الحسية ، وتشهد بها أيضاً البحوث العلمية المختلفة في كل مجالات من مجالات المعرفة ، والقوانين العلمية التي توصَّل إليها العلماء الماديون .
وإذا ثبت أن هذا الكون حادث له بداية وله نهاية كان لا بد له من علة تسبب له هذا الحدوث ، لاستحالة تحول العدم نفسه إلى وجود ، أما ما لا يحمل في ذاته صفات تدل على حدوثه فوجوده هو الأصل ، ولذلك فهو لا يحتاج أصلاً إلى موجد يوجده ، وكل تساؤل عن سبب وجوده تساؤل باطل منطقياً ، لأنه أزلي واجب الوجود ، وليس حادثاً حتى يُسأل عن سبب وجوده .
ولو كانت صفات الكون تقتضي أزليته لقلنا فيه كذلك ، لكن صفات الكون المشاهدة والمدروسة تثبت حدوثه .
وهنا تكمن مغالطة الملحد ، إذ أراد أن يجعل الكون أزلياً ، مع أن البراهين تثبت أنه حادث ، وذلك ليتخلص من الضرورة العقلية التي تلزم بالإيمان بوجود خالق لهذا الكون الحادث ، لأن الحدوث من العدم المطلق دون سبب موجود سابق عليه مستحيل عقلاً .
أما البرهان على أن هذا الكون حادث وليس بأزلي فتقدمه لنا الأدلة العقلية الفلسفية القديمة ، والقوانين العلمية الحديثة .
فالأدلة العقلية الفلسفية تثبت لنا حدوث العالم من ظاهرة التغير الملازمة لكل شيء فيه ، وذلك لأن التغير نوع من الحدوث للصورة والهيئة والصفات ، وهذا الحدوث لا بد له من عل ، وتسلسلاً مع العلل للمتغيرات الأولى ، سنصل حتماً إلى نقطة بدء نقرر فيها أن هذا الكون له بداية ، في صفاته وأعراضه ، وفي ذاته ومادته الأولى ، وحينما نصل إلى هذه الحقيقة لا بد أن نقرر أن خالقاً أزلياً لا يمكن أن يتصف بصفات تقتضي حدوثه ، وهذا الخالق هو الذي خلق هذا الكون وأمده بالصفات التي هو عليها .
وحين لا يُسلِّم بمثل هذه الأدلة الفلسفية العقلية طائفة المفتونين بالعلوم الحديثة وقوانينها ومنجزاتها ، فإننا نأتيهم بأدلة من هذه العلوم وقوانينها تثبت حدوث هذا الكون .
اكتشف العلم الحديث القانون الثاني للحرارة الديناميكية ، وهو القانون يسمون (قانون الطاقة المتاحة) أو يسمونه (ضابط التغير).
وهذا القانون يثبت أنه لا يمكن أن يكون وجود الكون أزلياً ، إذ هو يفيد تناقص عمل الكون يوماً بعد يوم ، ولا بد من وقت تتساوى فيه حرارة جميع الموجودات ، وحينئذ لا تبقى أية طاقة مفيدة للحياة والعمل ، وتنتهي العمليات الكيميائية والطبيعية ، وبذلك تنتهي الحياة .
يذكر هذا التحقيق العلمي عالم أمريكي في علم الحيوان ، هو (إدوارد لوثر كيسل) ثم يقول :
“وهكذا أثبتت البحوث العلمية دون قصد أن لهذا الكون بداية ، فأثبتت تلقائياً وجود الإله ، لأن كل شيء ذي بداية لا يمكن أن يبتدئ بذاته ، ولا بد أن يحتاج إلى المحرك الأولى الخالق الإله”.
ونجد مثل هذا في كلام (السير جيمس) إذ يقول في كلام له:
“تؤمن العلوم الحديثة بأن (عملية تغير الحرارة) سوف تستمر حتى تنتهي طاقاتها كلية ، ولم تصل هذه العملية حتى الآن إلى آخر درجاتها ، لأنه لو حدث شيء مثل هذا لما كنا الآن موجودين على ظهر الأرض حتى نفكر فيها ، إن هذه العملية تتقدم بسرعة مع الزمن ، ومن ثم لا بد لها من بداية ، ولا بد أنه قد حدثت عملية في الكون يمكن أن نسميها (خلقاً في وقت ما) حيث لا يمكن أن يكون هذا الكون أزلياً”.
فحدوث هذا الكون أمر معترف به عند العلماء الماديين ، ولكن الملحدين بالله يغالطون في الحقائق ، ويتظاهرون بالانتماء إلى قافلة العلم والبحث العلمي زوراً وبهتاناً ، ليحتموا بحماها .
ورغم هذه الحقيقة التي ثبت بها حدوث الكون لدى العلماء الماديين نرى الناقد (العظم) يحاول أن يسوّي بين الله والكون المادي في موضوع الأزلية ، ليتوصل من ذلك إلى التمويه بأن الكون أزلي أو لا ندري علة وجوده ، كما أن المؤمنين بالله يرون أن الله أزلي ، أو لايدرون علة وجود الله .
ومن هذا نلاحظ أنه أقام كلامه على المغالطة ، إذ سوّى في الحكم بين الحادث والأزلي ، فزعم أن الحادث أزلي وأن الأزلي حادث ، مع أن العلم والعقل يكذبانه ويعريان مغالطته .
على أن ادِّعاءه أن المؤمن بالله لا يدري علة وجود الله مغالطة في الحقيقة أيضاً.
فمن أصله الوجود ، ووجود أزلي ، فإنه لا يحتاج إلى علة لوجوده ، إذ السؤال عن هذه العلة أمر مخالف للمنطق السليم ، أو عبث من العبث ، أو مغالطة قائمة على الإيهام بأنه حادث غير أزلي .
وهنا يطرح الملحدون على عوام المسلمين مغالطة في سوق الدليل على وجود الله ، فيقولون لهم : ألستم تقولون : إن كل موجود لا بد له من موجد ، وإن هذا الكون موجود فلا بد له من موجد ، وذلك هو الله تعالى؟
فيقول له العامي الذي لا يعرف أصول المغالطات : بلى . عندئذ يستدرجه الملحد فيقول له : الله موجود وهو على حسب الدليل لا بد له من موجد ، فيجد العامي نفسه قد انقطع إذ لم يستطع جواباً .
لكن الخبير لا يقبل أصلاً صيغة الدليل على هذا الوجه القائم على المغالطة .
وذلك لأن المقدمة (كل موجود لا بد له من موجد) مقدمة كاذبة غير صحيحة ، فالخبير لا يسلم بها لفسادها ، وإنما يقول بدلها : (كل موجد حادث لم يكن ثم كان لا بد لهم من محدث) ، ثم يقول : (وهذا الكون موجود حادث لم يكن ثم كان بشهادة العقل وبشهادة البحوث العلمية) عندئذٍ تتحصل النتيجة على الوجه التالي : (إذن فلا بد لهذا الكون من محدث) ، وهذا المحدث للكون لا بد أن يكون موجوداً أزلياً غير حادث ، ولا بد أن يكون منزهاً عن كل الصفات التي يلزم منها حدوثه ، حتى لا يحتاج إلى موجد يوجده ، بمقتضى الدليل الذي أثبتنا فيه وجود الله .
فمغالطة الملحد في المقدمة التي أوهم بها قائمة على التعميم ، إذ وضع (كل موجود) بدل (كل موجود حادث) ، ومعلوم أن عبارة (موجود) تشمل الموجود الأزلي والموجود الحادث .
وهكذا تجري مغالطات الملحدين ، ليتصيدوا بها الجهلة والغافلين من المسلمين ، بغية استدراجهم وإحراجهم ، ونقلهم من مرحلة الإيمان إلى مرحلة التشكك .
فالمؤمن إذن يعلم أن الخالق موجود أزلي ليس له من الصفات ما يلزم منها حدوثه ، ووجوده هو الأصل ، فلا يسأل عن علة وجوده عند العقلاء أصلاً ، والسؤال عن علة وجوده أمر مخالف للحقيقة العلمية المنطقية التي انتهينا إليها .
وكما لا يُسأل عمّا أصله العدم : ما هي علة عدمه؟ لأن مثل هذا السؤال لا يرد إلا على افتراض أن أصله الوجود ، وهذا يناقش أن أصله العدم ، كذلك ما أصله الوجود لا يُسأل عن علة وجوده ولا يبحث عنها ، لأن أي سؤال أو بحث عنها لا يكون إلا على افتراض أن أصله العدم ، وبهذه العلة تحول من العدم إلى الوجود ، لكن هذا الافتراض مرفوض ابتداءً ، باعتبار أن أصله الوجود .
وبهذا يتضح لنا تماماً أنه لا يُسال ولا يبحث عن علة وجود ما الأصل فيه الوجود .
وبهذا أيضاً تسقط المغالطة التي طرحها الملحد في مناقشته ، ويظهر فساد تسويته بين الكون الحادث وبين الخالق الأزلي . وحينما نطالبه بعلة وجود الحادث وهو الكون فليس من حقه المنطقي أن يطالبنا بعلة وجود الله الأزلي .
وليس من حق الملحد أن ينكر الوجود الأزلي كله ما دام الواقع يكذبه ، والبراهين العلمية تهزأ به ، لأنه لو لم يكن في الوجود موجود أزلي لاستحال أن يوجد شيء في هذا الكون ، لأن الافتراض على هذا يقوم على أساس العدم المطلق .
وهل يتحول العدم المطلق بنفسه إلى وجود؟
هذا من المستحيلات البدهية ، ولا يقبله عقل فيه مثقال ذرة من تفكير منطقي سليم .
إن هذا الكون الذي نحن جزء منه موجود حادث ذو بداية ، وكل ذي بداية لا بد له من علة كانت السبب في وجوده ، وإيجاده قد كان عملية من عمليات الخلق ، وعملية الخلق إنما تتم بخالق قادر ، وهذا الخالق القادر لا بد أن يكون أزلياً ، ولا بد أن يكون متحلياً بالكمال المطلق ، هذه هي عقيدة المؤمنين بالله .
وهكذا وضحت لنا مغالطات العظم في هذا المجال .
فأين الأمانة الفكرية التي يغار عليها ؟
هل هذا هو المنهج العلمي المتقدم؟ أفي المناهج العلمية المتقدمة بناء الأحكام على المغالطات والأكاذيب؟
ولكن ماذا يفعل المبطلون غير هذا لدعم باطلهم؟
( 3 )
جنّد الناقد (د. العظم) كل ما لديه ولدى سادته من أفكار ومغالطات ، ليثبت وجود التناقض بين الدين والعلم ، وليعتبر هذا التناقض حقيقة مقررة ، بغية التوصل من ذلك إلى إنكار الدين كله ، باعتباره مناقضاً للعمل حسب فريته القائمة على المغالطات والتمويهات .
قال في الصفحة (25) من كتابه:
“ولنلمس طبيعة هذا الفارق بين النظرة الدينية القديمة وبين النظرة العلمية التي حلت محلها ، سنوجه انتباهنا إلى مثال محدد يبين بجلاء كيف يقودنا البحث العلمي إلى قناعات وتعليلات تتنافى مع المعتقدات والتعليلات الدينية السائدة ، مما يضطرنا إلى الاختيار بينهما اختياراً حاسماً ونهائياً”.
ثم أتى بالمثال الذي زعم أنه يدعم كلامه فقال:
” لا شك أن القارئ يعرف التعليل الإسلامي التقليدي لطبيعة الكون ونشأته ومصيره:
خلق الله هذا الكون في فترة معينة من الزمن ، بقوله : كن فكان ، ولا شك أنه يذكر حادثة طرد آدم وحواء من الجنة ، تلك الحادثة التي بدأ بها تاريخ الإنسان على هذا الأرض .ومن صلب المعتقدات الدينية أن الله يرعى مخلوقاته بعنايته وهو يسمع صلواتنا وأحياناً يستجيب لدعائنا ، ويتدخل من وقت لآخر في نظام الطبيعة فتكون المعجزات ، أما الطبيعة فقد حافظت على سماتها الأساسية منذ أن خلقها الله ، أي : إنها تحتوي الآن على نفس الأجرام السماوية وأنواع الحيوانات والنباتات التي كانت موجودة فيها منذ اليوم الأول لخلقها “.
ثم يقول في معارضة ما جاء في الدين:
” أما النظرة العلمية حول الموضوع ذاته فلا تعترف بالخلق من لا شيء ، ولا تقر بأن الطبيعة كانت منذ البداية كما هي عليه الآن “.
في هذا الكلام الذي أورده كذب على الدين ، ومغالطة في الحقيقة ، وتمويهات بذكر بعض أمور هي من الدين ، أوردها ليغشي بها على نظر القارئ ، فلا يبصر مواطن الافتراءات ، ومزالق المغالطات .
لقد أدخل فكرة لا يعترف بها الدين أصلاً ، ضمن عرضه لطائفة من المفاهيم والعقائد الدينية الصحيحة ، ليضلل القارئ بالإيهام الذي اصطنعه له ، وليجعله يعتقد أن هذه الفكرة الدخيلة هي فعلاً من المفاهيم الدينية ، ما دامت قد وردت ضمن مجموعة مفاهيم صحيحة يعرفها هو عن الدين .
لقد زعم أن الإسلام يرى أن الطبيعة قد حافظت على سماتها منذ أن خلقها الله ، أي : إنها تحتوي الآن على نفس الأجرام السماوية وأنواع الحيوانات والنباتات التي كانت موجودة فيها منذ اليوم الأول لخلقها .
مع أن هذا افتراء صريح على الدين ، تكذبه بالنصوص القرآنية ، ولست أدري من أين جاء بهذه المفاهيم فألصقها الدين؟
لما تحدث القرآن عن فئة الحيوانات التي خلقها الله لركوب الإنسان ، وليتخذها زينة له ، ألحقها بقوله تعالى : {ويخلق ما لا تعلمون} بصيغة الفعل المضارع التي تدل على الحال والاستقبال ، للدلالة على أن عمليات التجديد في الخلق الرباني للأشياء مستمرة غير منقطعة ، قال الله تبارك وتعالى في سورة (النحل/16 مصحف/70 نزول):
{خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ * خَلَقَ ٱلإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * وَٱلأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ * وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}.
أليس في هذا إعلاناً صريحاً مخالفاً لما زعم (د. العظم) من أن الدين يقرر أن الطبيعة قد حافظت على سماتها من أن خلقها الله .
وبالنسبة إلى الأجرام السماوية لا نجد في النصوص الإسلامية ما يدل على هذا الذي افتراه (العظم) على المفاهيم الإسلامية ، بل في النصوص ما يدل على خلاف ذلك ، قال الله تعالى في سورة (الذاريات/51 مصحف/67 نزول):
{وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}.
فكلمة (موسعون) في الآية تشير إلى أعمال التوسعة المتجددة في السماء ، وذلك لأن هذه الكلمة من صيغ اسم الفاعل ، صيغة اسم الفاعل بقوة المضارع من جهة الدلالة ، هي للتعبير عن الحال أولاً ثم عن الاستقبال .
أفلا نجد أن الأمانة الفكرية التي تظاهر (د. العظم) بالغيرة عليها ذبيحة بسكين غَدرِه ، وختلة ومخادعته ، ومغالطاته ، وافتراءاته؟ ومثله سائر الملحدين .
لقد غدا معروفاً تماماً أنهم يطلقون بعض العبارات الشريفة للتضليل فقط ، وهم لا يلتزمون أي مضمون من مضامينها الصحيحة .
أما قوله : إن النظرية العلمية لا تعترف بالخلق من لا شيء .
فهو يُشيرُ بهذا إلى نظرية (لافوازيه) التي تقول: لا يخلق شيء من العدم المطلق ولا يعدم شيء وإنما هي تحولات من مادة لطاقة ، أو من طاقة لمادة ، أو من مادة لمادة .
وحين ندقق النظر في أصول ما قرره (لافوازيه) نجد أنها تتحدث عن مجال معين ذي أبعاد ، وليس في مستطاعها أن تتحدث عن كل الوجود في كل أبعاده من الأزل إلى الأبد ، فهذا أمر لا تستطيع تقريره أية نظرية استقرائية مهما بلغ شأنها ، إلا أن يكون كلامها رجماً بالغيب ، وتكهناً لا سند له ، وطرحاً تخيلياً محضاً.
وأبعاد نظرية (لافوازيه) هذه ثلاثة:
الأول : البعد الزمني .
الثاني : البعد المكاني .
الثالث : البعد الإدراكي .
وهنا نتساءل : هل رصد واضعو هذه النظرية العلمية ومقرروها أجزاء الكون في كل الأزمان ، بما فيها الأزمان السحيقة في القدم ، وعرفوا منها أنه لم يخلق في الأزمان القديمة جداً شيء من العدم؟
والجواب: أنهم لم يفعلوا ذلك لأنه لا يتسنى لهم بحال من الأحوال ، وهم أبناء النهضة العلمية الحديثة ، على أن الأدلة العلمية التي سبق بيانها قد أثبتت أن لهذا الكون بداية ، وهذا يعني أنه لم يكن ثم كان ، فهو إذن مخلوق من العدم ، بقدرة خالق موجود أزلي .
فهذه النظرية لا تتحدث عن الانطلاقة الأولى للكون ، لأن أياً من الأجهزة العلمية لا تستطيع أن تسترجع الأزمان السحيقة وترصد الكون فيها ، وكذلك لا تستطيع النظرات التحليلية الاستنتاجية أن تحكم على ماضي الكون وانطلاقته الأولى ، بالقياس على واقعه النظامي الذي نشاهده في الحاضر ، لاحتمال الاختلاف البيِّن بين نقطة البدء وبين ما يأتي بعدها من حالات نظامية مستمرة .
فنظرية (لافوازيه) لا تتناول بحال من الأحوال الزمن الأول لبداية الكون ، ومجالها يأتي في الأزمان التي يترجح فيها قيام النظام الكوني الذي درسته هذه النظرية ، وبهذا يتبين لنا أن التعميم الزمني فيها الشامل لكل أزمان الماضي غير صحيح .
ثم نتساءل ثانياً : هل رصد واضعو هذه النظرية العلمية ومقرروها أجزاء الكون في مستقبل ما يأتي من الأزمان ، وثبت لهم من رصدهم أنه لا يمكن أن يخلق شيء من العدم ، ولا يمكن أن يعدم شيء موجود؟
ولكن كيف يتسنى لهم رصد المستقبل وهم لا يملكون استقدامه؟ جلُّ ما يملكونه قياس المستقبل على الحاضر والماضي ، بشرط استمرار نظام الكون القائم ، ولا يستطيعون أن يحكموا على الكون بأنه لا يمكن أن يتغير نظامه الكلي ، فتأتيه حالة من الحالات يمسي فيها عدماً ، أو تنعدم بعض أجزاء منه ، أو تضاف إليه أجزاء لم تكن هيئتها ولا مادتها فيه ، فهذا حكم لا سبيل إليه ، إنه حكم مجهول ، والحكم على المجهول باطل .
فنظرية (لافوازيه) تنطبق على هذا الكون بشرط استمرار نظامه القائم ، وهي لا تحكم على المستقبل حكماً قاطعاً باستحالة تغير هذا النظام ، ولكن ما دام هذا النظام الكوني قائماً ، فإن ضابطه أن جميع ما يجري من مدركات فيه إنما هو من قبيل التحولات ، وبهذا يتبين لنا أن التعميم الزمني فيها الشامل لكل أزمان المستقبل غير صحيح .
هذا ما يتعلق بتحديد البعد الزمني للنظرية ، أما تحديد البعد المكاني لها فنقول فيه:
هل رصد واضعو هذه النظرية ومقرروها هذا الكون في كل أبعاده المكانية؟
ألا يحتمل وجود مكان سحيق فيه لم يرصدوه ولم يعرفوا ما فيه؟
أفيحكمون عليه إذن حكماً غيابياً قياساً على ما رصدوه منه في الأمكنة التي استطاعت أن تبلغ إلى مداها أجهزتهم وملاحظاتهم؟
إن هذا الحكم الغيابي مع جهالة الخصائص والصفات حكم باطل ، وهذا طبعاً لا يعني ضرورة مخالفة الغائب للحاضر ، ولكن لا يعني أيضاً لزوم موافقته .
فلا بد إذن من تحديد مكان النظرية بالأبعاد المكانية التي كانت مجال الملاحظة والقياس والأجهزة ، مع التجاوز بصحة قياس ما شابهها عليها ، مما لم يخضع للملاحظة المباشرة .
وهكذا يظهر لنا تحديد البعد المكاني لهذه النظرية ، وهو أمر تقتضيه الدراسة المنطقية الحيادية ، وتوجيه الأمانة الفكرية في البحث الجاد عن المعرفة والحقيقة ، وهذا هو الأمر الذي يتظاهر (د. العظم) بالتحمس له ، وبالغيرة عليه .
أما تحديد البعد الإدراكي للنظرية فيتلخص بأن النظرية قد اعتمدت على ملاحظة عالم الشهادة من الكون المنظور المدرك ، أما عالم الغيب الذي لا تصل إليه الإدراكات الإنسانية المباشرة أو عن طريق الأجهزة ، فهو عالم خارج بطبيعته عن مجال النظرية ، لذلك فإنها لا تستطيع أن تحكم عليه ، لأن حكمهما عليه هو من قبيل الحكم على الغائب المجهول في ذاته وفي صفاته . جُلُّ ما تستطيعه النظريات في هذا المجال هي أن تعلق أحكامها تعليقاً كلياً ، أو تصدر أحكاماً مشروطة احتمالية غير جازمة ، وهذا ما تقتضيه الدراسة العلمية المنطقية الحيادية ، وتوجبه الأمانة الفكرية في البحث الجاد عن المعرفة والحقيقة .
وهكذا ظهر لنا أن نظرية (لافوازيه) لم تتناول من الكون إلا مقطعاً محدود الأبعاد الثلاثة : البعد الزماني ، والبعد المكاني ، والبعد الإدراكي ، وهذا المقطع هو مجال ملاحظتها.
يضاف إلى كل ذلك أن وجود الحياة في المادة لم يقترن بأي دليل تجريبي يثبت تحول المادة غير الحية إلى مادة حية ، عن طريق التولد الذاتي ، رغم كل التجارب العلمية التي قامت في عالم البحث العلمي حتى الآن .
لذلك نلاحظ أن الآراء العلمية في هذا المجال ترجع إلى أصول ثلاثة كبرى[6]:
* الرأي الأول منها :
ما قرره (أغاسيز) في كتابه (تصنيف العضويات) سنة (1858م) إذ قرر أن كل نوع من الأنواع خلق بفعل خاص من أفعال القوة الخالقة ، و(باستور) مكتشف جراثيم الأمراض على هذا الرأي .
والقائلون بهذا الرأي قد استقر مذهبهم على “أن كل حي لا بد أن يتولد من حي مثله” .
* الرأي الثاني :
الرأي الذي قال به (هيرمان أبير هارد ريختر) إذ رأى أن الفراغ الذي نراه مملوءاً بجراثيم الصورة الحية ، كالجواهر الفردة التي تتكون منها المادة الصماء ، كلامهما في تجدد مستمر ، ولا يتطرق لهما العدم ، وبنى قاعدته في أصل الحياة على “أن كل حي أبدي ، ولا يتولد إلا من خلية”.
وهذا الرأي يتضمن أن تطورات المادة من المادة ، وتطورات الحياة من الحياة .
* الرأي الثالث :
هو ما ذهب إليه الماديون من أن الحياة نشأت من المادة بالتولد الذاتي . وليس لهذا الرأي أي شاهد تجريبي ، أو مستند عقلي ، وقال بهذا الرأي الدكتور (باستيان) في إنكلترا ، والأستاذ (هيكِل) في ألمانيا .
بعد هذه النظرات العلمية المنطقية لنظرية (لافوازيه) وما يتعلق بها ، يعترضنا سؤال حول النصوص الدينية ، إذ نجد فيها استعمال كلمة (الخلق) ومشتقاتها بالنسبة إلى الأحداث والتغيرات التي توجد داخل مجال النظرية المذكورة ، وداخل المقطع المحدود الأبعاد الثلاثة الذي هو محل تطبيقها ، أفلا يعتبر استعمال كلمة (الخلق) ومشتقاتها في مجال تطبيق نظرية (لافوازيه) مناقضاً أو معارضاً لمضمون هذه النظرية؟
وأمام هذا السؤال لا بد من الرجوع إلى استعمال كلمة (الخلق) ومشتقاتها في اللغة العربية وفي نصوص الشريعة الإسلامية.
ولقد رجعنا فوجدنا أن هذه المادة اللغوية لا تعني دائماً الإيجاد من العدم المطلق ،بل كثيراً ما تستعمل مراداً منها التحويل في الصفات والعناصر التركيبية من حال إلى حال ، ومن وضع إلى وضع ، ومن هيئة إلى هيئة ، ومن خصائص إلى خصائص ، دون زيادة شيء على المادة الأولى من العدم المطلق ، وفي حدود هذا الاستعمال نجد قول الله تعالى في سورة (المؤمنون/23 مصحف/74 نزول):
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ من طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ}.
ففي كل صور الخلق هذه نشاهد عمليات التحويل من وضع إلى وضع ، ومن حال إلى حال ، ومن صورة إلى صورة ، ومن خصائص إلى خصائص ، وقد أطلق على هذه التحويلات أنها خلق ، باعتبار أن القدرة الربانية هي المتصرفة في كل هذه التحويلات .
وجاء في القرآن إطلاق الخلق على تغيير هيئة الطين وجعله على صورة طير ، نظراً إلى أن الخلق لا يستدعي دائماً أن يكون إيجاداً من العدم ، وذلك في قول الله لعيسى عليه السلام كما جاء في سورة (المائدة/5 مصحف/112 نزول):
{وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي…}.
وبما أن كل التغييرات الكونية إنما تجري بإرادة الله وقدرته ، فهي ظواهر لأعمال الخلق التي يقوم بها جل وعلا .
فعلى التسليم الكامل بنظرية (لافوازيه) ضمن حدودها ، لا نجد تعارضاً بينها وبين المفاهيم الدينية التي دلت عليها النصوص الصحيحة الصريحة .
لكن مثل هذه الحقائق لا تسر الملحدين ، لأنهم حريصون جداً على أن يظفروا بتناقض ما بين العلم والدين ، حتى يتخذوا ذلك ذريعة لنقض الدين من أساسه .
ولن يظفروا مهما أجهدوا نفوسهم ، وستبوء كل مساعيهم بالفشل والخيبة ، لأن القرآن حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من عزيز حميد ، عليم بكل شيء ، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة من السماوات ولا في الأرض ، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر .
( 4 )
مغالطة بطمس الشهادات المؤمنة للعلماء الماديين
طمس الناقد (د. العظم) كل شهادة مؤمنة قالها عالم من علماء النهضة العلمية الحديثة ، ولم يعرض من أقوال هؤلاء على كثرتهم إلا شيئاً مما جاء في مقال الفيلسوف الأمريكي (وليم جيمس) الذي كتبه تحت عنوان “إرادة الاعتقاد” .
وذلك لأن هذا الرجل يرى في مقاله أن البينات العلمية والأدلة العقلية غير كافية بحد ذاتها للبرهان على وجود الله أو عدم وجوده ، لذلك يحق للإنسان أن يتخذ موقفاً من هذه المعضلة يتناسب مع عواطفه ومشاعره .
لقد رآه (د. العظم) أضعف المتجهين إلى جانب الإيمان بالله والمستدلين له ، فاستشهد بكلامه ، ليجعله الممثل الوحيد لفئة المؤمنين ، في الحوار المغلق الذي رتب بنفسه فصوله كما راق له ، لينصر قضية الإلحاد بالله ، وليوهم أن ما قاله (جيمس) هو أقصى ما يحتج به المؤمنون.
وإمعاناً في التضليل يصور للقارئ أن كل ثقل العلم الحديث يخدم قضية الإلحاد ، مع أن العلم الحديث كله لا يملك دليلاً صحيحاً واحداً يستطيع أن يثبت عدم وجود خالق مبدع لهذا الكون .
ويستشهد بقطعة أدبية للفيلسوف الإنكليزي (برتراند رسل) تحت عنوان: “عبادة الإنسان الحر” ، إذ يصور فيها تفسيرات الملحدين لنشأة الكون وتطوره ، ونشأة الحياة وتطورها ، وأصل الإنسان ونشأته وتطوره ، ونشوء الديانات والعبادات والطقوس وتطورها ، وينكر الآخرة وما فيها من إقامة العدل الإلهي إذ يصور أن الكون بدأ من السديم وهو إلى السديم يعود .
وفي غضون كلامه يعتبر من الحقائق العلمية المسلَّم بها نظرية (ماركس) في الاقتصاد والتفسير المادي للتاريخ ، ونظرية (فرويد) في السلوك الإنساني والتفسير الجنسي ، ونظرية (داروين) في أصل الأنواع ، ويمجد هؤلاء الثلاثة ، وهو يعلم أن ماركس وفرويد يهوديان وأن معظم ما قدماه من أفكار إنما كان لخدمة اليهودية العالمية ، ومحاربة الدين ، وأن القيادات اليهودية قد دعَّمت الدارونية وعملت على نشرها والدعاية لها لارتباط أهدافها السياسية بنشر الإلحاد ، ولقد أسقطت التجارب والعلوم بحمد الله أفكار ماركس ، وفرويد ، وداروين.
ويعيب على بعض المدافعين عن الدين بأنهم يقدمون أقوالاً تقريرية غير مقترنة بأدلة ، ويأتي هو لدعم مذهبه الإلحادي بقصة أدبية كتبها الملحد الإنكليزي (برتراند رسل) ويعتبر هذه القصة هي السند الأمثل للتحقيق العلمي في قصة الخليقة .
وهل أصبحت هذه القطعة الأدبية هي التحقيق العلمي العظيم لقصة الوجود كله ، التي بدأت بالسدين وستنتهي إلى السديم ، وفق النظرات التي يرجحها أصحابها دون مستندات علمية صحيحة ، ودون براهين معتبر وفق المنهج العلمي السليم؟
أنَّى لواضعي هذه النظرية أن يشهدوا بداية الكون؟ وكيف يتسنى لهم مشاهدة نهايته؟
يرى كاتب القصة أن السديم الحار دار عبثاً في الفضاء عصوراً لا تعد ولا تحصى ، ثم نشأت عن هذا الدوران هذه الكائنات المنظمة البديعة بطريق المصادفة ، وأن اصطداماً كبيراً سيحدث في هذا الكون يعود به كل شيء إلى سديم كما كان أولاً .
ويعلق (د. العظم) على هذه القصة الخيالية التي سماها قطعة أدبية جميلة ، فيقول في الصفحة (26).
” هذا المقطع الذي كتبه (رسل) يلخص لنا بكل بساطة النظرة العلمية الطبيعية للقضايا التالية : نشوء الكون وتطوره ، نشوء الحياة وتطورها ، أصل الإنسان ونشأته وتطوره ، نشوء الديانات والعبادات والطقوس وتطورها ، وأخيراً يشدد على أن النهاية الحتمية لجميع الأشياء هي الفناء والعدم ، ولا أمل لكائن بعدها بشيء ، إنه من السديم وإلى السديم يعود”.
وهكذا وبكل بساطة يعتبر (العظم) هذه الأمور حقائق مقررة مسلماً بها علمياً ، دون أن تقترن بأي إثبات لها ، أهذا هو مستوى الأمانة الفكرية عنده؟ أهذا هو المنهج العلمي السليم؟
ما أبعد المناهج العلمية عن القصص التقريرية ، التي تنسجها أخيلة الكتاب والأدباء والشعراء ، أو أخيلة واضعي النظريات لأغراض معينة!!
ثم استشهد (د. العظم) بكلام آخر قاله (رسل) فقال في الصفحة (27):
“وفي مناسبة أخرى عندما سئل (رسل) : هل يحيا الإنسان بعد الموت؟ أجاب بالنفي ، وشرح جوابه بقوله : عندما ننظر إلى هذا السؤال من زاوية العلم وليس من خلال ضباب العاطفة نجد أنه من الصعب اكتشاف المبرر العقلي لاستمرار الحياة بعد الموت ، فالاعتقاد السائد بأننا نحيا بعد الموت يبدو لي بدون أي مرتكز أو أساس علمي”.
أهكذا ترفض الحقيقة التي جاء بيانها بالأخبار الصادقة عن الله ، بمجرد الاستبعاد؟
حينما يسمع المؤمن بالإسلام جواب هذا الفيلسوف الإنكليزي عن الحياة بعد الموت ، فلا بد أن تسترجع ذاكرته الجواب الجاهلي الذي كان يجيب به كفار العرب البدائيون ، إذ قالوا كما حدثنا القرآن عنهم في سورة (ق/50 مصحف/34 نزول):
{أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ}
وجوابهم الآخر الذي جاء في سورة (الأنعام/6 مصحف/55 نزول):
{وَقَالُوۤاْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}
وهنا يبدو لنا بوضوح إن الإنكار هو الذي لا يرتكز على أساس علمي ، إنما يعتمد على مجرد التقرير للنفي ، أو استبعاد فكرة البعث بإطلاق عبارات التعجب .
على أن الإيمان بالحياة بعد الموت للحساب والجزاء لا بد أن يعتمد على أساس الإيمان بالله ، فإثارة هذه العقيدة دون أساس الإيمان بالله هي من قبيل الاشتغال بالفروع قبل الاتفاق على الأصول ، وهذا لا يؤدي إلى نتيجة صحيحة ، فإذا تم التسليم بعقيدة الإيمان بالخالق جلَّ وعلا جاء من بعدها عرض أدلة البعث .
وعندئذ يمكن أن تأتي الأدلة العقلية التي نبَّه القرآن عليها ، منها قول الله تعالى في سورة (يس/36 مصحف/41 نزول):
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ }.
وحين قلت : إن (العظم) في الحوار المغلق الذي صنعه قد جعل الفيلسوف الأمريكي (وليم جيمس) هو الممثل الوحيد للمؤمنين من علماء النهضة العلمية الحديثة ، إذ رأى حجته أضعف حجج المتجهين إلى جانب الإيمان بالله ، ليوهم أن ما قاله (جيمس) هو أقصى ما يحتج به المؤمنون ، فإنني قلت هذا وفي جعبتي أقوال كثيرة مؤمنة قالها عدد كبير من علماء النهضة العلمية الحديثة ، وهي تشتمل على أدلة وقرائن علمية ، جعلتهم يؤمنون بالله خالق هذا الكون .
وفيما يلي عرض لطائفة من أقوال هؤلاء العلماء وشهاداتهم العلمية ، أكشف بها للمخدوعين من أبناء هذه الأمة وقائع التزوير والمغالطات التي يصطنعها الملحدون الأجراء .
وهذه الشهادات من أقوال علماء النهضة العملية الحديثة تكشف عن الأسباب العلمية التي جعلتهم يؤمنون بالله:
( أ ) يقول البروفيسور (إيدوين كونكلين):
“إن القول بأن الحياة وجدت نتيجة (حادث اتفاقي) شبيه في مغزاه بأن نتوقع إعداد معجم ضخم نتيجة انفجار يقع في مطبعة على سبيل المصادفة”.
أي : لا يمكن للمصادفة أن توجد هذا الكون ذا النظام المتقن الرائع ، إذن فلا بد له من خالق خلقه وأتقنه .
(ب) ويقول عالم الطبيعة الأمريكي (جورج إيرل ديفيس):
“لو كان يمكن للكون أن يخلق نفسه فإن معنى ذلك أنه يتمتع بأوصاف الخالق ، وفي هذه الحال سنضطر أن نؤمن بأن الكون هو الإله ، وهكذا ننتهي إلى التسليم بوجود (الإله) ولكن إلهنا هذا سوف يكون عجيباً ، إلهاً غيبياً ومادياً في آن واحد! إنني أفضل أن أؤمن بذلك الإله الذي خلق العالم المادي ، وهو ليس بجزء من هذا الكون ، بل هو حاكمه ومديره ومدبره ، بدلاً من أن تبنى مثل هذه الخزعبلات”.
فهذا العالم الأمريكي من علماء الطبيعة يرى أن نظرات الملحدين هي من قبيل الخزعبلات ، أو الخرافات التي ليس لها سند علمي ولا سند عقلي ، وهذا هو شأن كل عالم منصف محايد .
( ج ) ولنسمع إلى رد (كريسي موريسن) الذي كان رئيس أكاديمية العلوم الأمريكية بنيويورك على الملحد (هيكل) إذ قال هذا الملحد متبجحاً : “إيتوني بالهواء وبالماء ، وبالأجزاء الكيماوية ، وبالوقت ، وسأخلق الإنسان”.
أي : إن الإنسان كان نتيجة اجتماع عناصر خاصة على كيفية خاصة على سبيل المصادفة فرد عليه (موريسن) بقوله:
“إن هيكل يتجاهل في دعواه الجينات الوراثية ، ومسألة الحياة نفسها ، فإن أول شيء سيحتاج إليه عند خلق الإنسان هو الذرات التي لا سبيل إلى مشاهدتها ، ثم سيخلق (الجينات) أو حملة الاستعدادات الوراثية ، بعد ترتيب هذه الذرات ، حتى يعطيها ثوب الحياة ، ولكن إمكان الخلق في هذه المحاولة بعد كل هذا لا يعدو واحداً على عدة بلايين ، ولو افترضنا أن (هيكل) نجح في محاولته فإنه لن يسميها مصادفة ، بل سوف يقررها وبعدها نتيجة لعبقريته”.
وهكذا أظهر هذا العالم سخافة أقوال (هيكل) عن طريق الاستدلال العلمي .
فالاستناد إلى فرضية المصادفة في تعليل وجود الكائنات المتقنة المنظمة لون من التخريف الفكري ، القائم على إرادة التضليل فحسب ، وليس مذهباً فكرياً تحيط به شبهات تزينه في عقول القائلين به ، وهذا ما تدل عليه الشهادات العلمية المنصفة المحايدة ، منها هذه الأقوال ، ومنها أقوال أخرى ستطلع على طائفة منها فيما يأتي :
( د ) وقال عالم الأعضاء الأمريكي (مارلين ب. كريدر):
“إن الإمكان الرياضي في توافر العلل اللازمة للخلق عن طريق المصادفة في نِسَبِها الصحيحة هو ما يقرب من لا شيء”.
أي : إن احتمال المصادفة احتمال مرفوض رياضياً في تعليل عمليات الخلق المتقن المنظم.
(هـ) ويقول أحد علماء الطبيعة:
“إن العلم لا يملك أي تفسير للحقائق ، والقول بأنها حدثت (اتفاقاً) إنما يعتبر تحدياً وتصادماً مع الرياضيات”.
( و ) إن تعليلات نشأة الكون وتكامله بنظرية النشوء والارتقاء ، إنما يلجأ إليها بعض العلماء الماديين هرباً من الاعتراف بالحقيقة الإلهية الكبرى ، ولا يؤمنون بهذه النظرية اعتقاداً منهم بأنها حقيقة ثابتة مؤيدة بالبراهين القاطعة ، وإنما يلجؤون إليها لأنه لا يوجد أي بديل لها سوى الإيمان بالله مباشرة .
ويشهد لهذا ما كتبه (سير آرثر كيث)، إذ يقول:
“إن نظرية النشوء والارتقاء غير ثابتة علمياً ولا سبيل إلى إثباتها بالبرهان ، ونحن لا نؤمن بها إلا لأن الخيار الوحيد بعد ذلك هو (الإيمان بالخلق الخاص المباشر) وهذا ما لا يمكن حتى التفكير فيه”.
( ز ) ويقول عالم بريطانيا الكبير (سير جيمس جينز) الذي يعتبر أكبر علماء العصر الحديث ، في كتابه الشهير “عالم الأسرار”:
“إن في عقولنا الجديدة تعصباً يرجح التفسير المادي للحقائق”.
( ح ) وذكر (ويتكر شامبرز) في كتابه “الشهادة” حادثاً كان من الممكن أن يصبح نقطة تحول في حياته .
ذكر أنه بينما كان ينظر إلى ابنته الصغيرة استلفتت أذناها نظره ، فأخذ يفكر في أنه من المستحيل أن يوجد شيء معقد ودقيق كهذه الأُذُن بمحض اتفاق ، بل لا بد أنه وجد نتيجة إرادة مدبرة . لن (ويتكر شامبرز) طرد هذه الوسوسة عن قلبه حتى لا يضطر أن يؤمن –منطقياً- بالذات التي أرادت فدبرت ، لأن ذهنه لم يكن على استعداد لتقبل هذه الفكرة الأخيرة.
وهو مظهر من مظاهر التعصب المادي .
ويقول الأستاذ الدكتور (تامس ديور باركس) بعد أن ذكر هذا الحادث:
“إنني أعرف عدداً كبيراً من أساتذتي في الجامعة ومن رفقائي العلماء الذين تعرضوا مراراً لمثل هذه المشاعر ، وهم يقومون بعمليات كيميائية وطبيعية في المعامل”[7].
ومن هذا يظهر لنا أن التعصب داء دوي صارف عن الحق ، وأخطره وأقبحه ما يحمل صغبة العلم ، ويتحلى بأثواب المعرفة .
( ط ) وجاء في كتاب “الله يتجلى في عصر العلم” ثلاثون مقالاً لثلاثين من كبار العلماء الأمريكيين ، في الاختصاصات العلمية المختلفة من علوم الكون السائدة في هذا العصر الحديث ، وقد أثبت هؤلاء العلماء في مقالاتهم هذه وجود الله جلَّ وعلا ، عن طريق ما وَعَوْه من الأدلة الكثيرة المنبثة في مجالات اختصاصاتهم العلمية .
وفي هذا الكتاب يطلع القارئ على نوع من الأدلة العلمية ، التي تفرض سلطانهم على العلماء الماديين ، من خلال ملاحظاتهم وتجاربهم واختباراتهم العلمية ، فتجعلهم يؤمنون بالله ، ويجد فيه أيضاً الرد الكافي على مروجي الإلحاد ، الذين يزعمون أن العلوم تبعد عن الإيمان بالله ، وأن جميع أو معظم العلماء الكونيين ملحدون .
ونلخص فيما يلي أبرز ما في هذه المقالات وأجوده:
1- المقالة الأولى :
كتبها (فرانك ألن) ، عالم الطبيعة البيولوجية ، تحت عنوان : “نشأة العالم هل هو مصادفة أو قصد؟”.
وقد جاء فيها قوله :
“إذا سلمنا بأن هذا الكون موجود فكيف نفسر وجوده ونشأته؟
هناك احتمالات أربعة للإجابة على هذا السؤال:
1- فإما أن يكون هذا الكون مجرد وهم وخيال ، وهذا يتعارض مع ما سلمنا به من أنه موجود .
2- وإما أن يكون هذا الكون قد نشأ من تلقاء نفسه من العدم ، وهذا مرفوض بداهة .
3- وإما أن يكون هذا الكون أزلي الوجود ليس لنشأته بداية ، وهذا الاحتمال يساوي ما يقوله المؤمنون بالله بالنسبة إلى أزلية الخالق ، لكن قوانين الكون تدل على أن أصله وأساسه مرتبط بزمان بدأ من لحظة معينة ، فهو إذن حدث من الأحداث ، ولا يمكن إحالة وجود هذا الحدث المنظم البديع إلى المصادفة عقلاً ، ولذلك فهذا الاحتمال باطل أيضاً.
4- وإما أن يكون لهذا الكون خالق أزلي أبدعه ، وهو الاحتمال الذي تقبله العقول دون اعتراض ، وليس يرد على إثبات هذا الاحتمال ما يبطله عقلاً ، فوجب الاعتماد عليه”.
ولا بد أن يلاحظ القارئ أن استدلال هذا العالم القائم على الحصر العقلي هو في غاية القوة ، فكيف يورط الملحدون أنفسهم ، فينكرون وجود الله بعد أن أقام لهم سبحانه كل هذه الأدلة والشواهد على وجوده سبحانه؟ ألا يضعون في حسابهم احتمال صدق أخبار الرسل ، وبها يعرضون أنفسهم للعذاب الخالد ، دون أن يجنوا في مقابل ذلك أي ربح؟.
ولكنها مواقف المعاندين ، يرون الحقائق ، ويرون مواقع العذاب ، وتشتد عليهم النذر ، ويصرون على مواقف العناد ، ويحاولون تبرير موقفهم بالأكاذيب والمخادعات والتضليلات وألوان الزخرف من القول .
2- المقالة الثانية :
كتبها (روبرت موريس بيدج) ، عالم الطبيعة ، وأول من اكتشف الرادار في العالم سنة (1934م) ، وقد كتب هذه المقالة تحت عنوان: “اختبار شامل” .
وقد جاء فيه قوله :
“وجدنا أناساً موهوبين يحدثوننا عن الغيب ، يقولون إنهم رسل الله ، وما حدثونا به قسمان :
1- قسم يقولون فيه : إن لهذا الكون خالقاً واحداً يجب الإيمان به .
2- وقسم يخبروننا فيه عن بعض أمور الغيب التي ستحدث ، أما القسم الثاني فقد وقع كما أخبرونا به بعد مئات السنين ، وأبدت الأيام وأثبت التاريخ صدق هذه النبوءات جميعاً ، وهي من الأشياء التي عجزت العلوم حتى اليوم أن تجد لها تفسيراً ، فدل ذلك على صحة رسالتهم ، وصدق أخبارهم ، ووجب أن نصدقهم فيما أخبرونا به عن الله تعالى وصفاته ، وهو القسم الأول ، لأن عقولنا لا تمنع منه ، بل عندنا من الشعور الداخلي ما يثبته”.
ثم قال : “إن الإيمان بوجود الله من الأمور الخاصة التي تنبت في شعور الإنسان وضميره ، وتنمو في دائرة خبرته الشخصية”.
فهذا العالم الذي اكتشف الرادار لأول مرة يدفعه إنصافه وحياده وأمانته الفكرية إلى إعلان إيمانه بالله ، مع التواضع الكريم المعروف عند العلماء حقاً ، وهكذا العلماء المتحلون بالأمانة الفكرية ، كلما ازداد علمهم زاد تواضعهم وزادت كمالاتهم الخلقية ، فلا يجحدون التوهم ، ولا يستكبرون عن الاعتراف بالحقيقة ، والإذعان لما يترجح لديهم من احتمالات وفق المنهج العلمي السليم .
أما الجهلة المتبجحون بالعلم فإن الغرور بالنفس يدفع بهم إلى مواقف العجب والكبر ، حتى يتطاولوا تطاول الحمقى ، فيعلنوا جحودهم بخالقهم ورازقهم ، استكباراً عن طاعته ، وتطلعاً إلى التحرر من أوامره ونواهيه ، تلبية لأهوائهم الجامحة ، وشهواتهم الجانحة ، أو خدمة لأسيادهم قادة المنظمات الإلحادية في العالم .
3- المقالة الثالثة :
كتبها (ماريت ستانلي كونجدن) ، وهو عالم طبيعي وفيلسوف ، وعضو الجمعية الأمريكية الطبيعية ، كتبها تحت عنوان : “درس من شجرة الورد”.
وقد جاء فيها ما خلاصته :
1- إن كثيراً من الأمور التي نسلم بها إنما نعتمد فيها على الاستدلال المنطقي .
2- من أمثلة ذلك كثير من استنتاجاتنا اليومية في حياتنا العادية ، والعلوم الفلكية التي ليس بيننا وبينها اتصال مادي مباشر ، وبحوث الذرة ، واستخدام قوانين الكتلة والطاقة ، في استنباط صفات الذرة وتركيبها وخواصها ، مع العلم بأن العلماء لم يروا الذرة حتى الآن بطريقة مباشرة ، وقد أيدت القنبلة الذرية الأولى ما وصل إليه العلماء من قوانين ونظريات حول تركيب الذرة غير المنظور ووظائفها .
ومن هذه الأمثلة وجود الله ، فإننا نستطيع أن نصل إلى معرفته عن طريق الاستدلال المنطقي ، الذي يقوم على تفسير النتائج بنظائرها أو مثيلاتها .
3- برغم أن العلوم لا تؤيد وجود عالم غير مادي تأييداً كاملاً ، لأن الدائرة التي تعمل فيها تقع في حدود المادة ، فإنها لا تستطيع أن تنفي بصورة قاطعة وجود عوالم أخرى غير مادية وراء العالم المادي .
4- نستطيع بطريقة الاستدلال والقياس بقدرة الإنسان وذكائه في عالم يفيض بالأمور العقلية أن نصل إلى وجوب وجود قوة مسيطر مدبرة تسير هذا الكون وتدبر أمره .
ثم ختم مقاله بقوله: “إن جميع ما في الكون يشهد على وجود الله سبحانه ، ويدل على قدرته وعظمته ، وعندما نقوم – نحن العلماء – بتحليل ظواهر هذا الكون ودراستها حتى باستخدام الطريقة الاستدلالية ، فإننا لا نفعل أكثر من ملاحظة آثار أيادي الله وعظمته”.
4- المقالة الرابعة :
كتبها (جون كليفلاند كوثران) وهو من علماء الكيمياء والرياضيات ، ورئيس قسم العلوم الطبيعية بجامعة (دولث) ، كتبها تحت عنوان : “النتيجة الحتمية”.
بدأ الكاتب مقالته بكلمة (لورد كيلفن) وهو من علماء الطبيعة البارزين في العالم : “إذا فكرت تفكيراً عميقاً فإن العلوم سوف تضطرك إلى الاعتقاد بوجود الله”.
ثم جاء فيها ما خلاصته:
1- تنقسم العوالم إلى ثلاث أقسام:
( أ ) العالم المادي .
(ب) العالم الفكري .
(ج) العالم الروحي .
2- إن التطورات الهامة التي تمت في جميع العلوم الطبيعية خلال السنين المئة الأخيرة ، بما في ذلك الكيمياء ، قد حدثت بسبب استخدام الطريقة العلمية في دراسة المادة والطاقة ، وعند استخدام هذه الطريقة تبذل كل الجهود للتخلص من كل احتمال من الاحتمالات الممكنة التي تجعل النتيجة التي تصل إلهيا راجعة إلى محض المصادفة .
3- أسهب الكاتب في الأمثلة العلمية عن طريق الكيمياء ، ليكشف أن سلوك أي جزء من أجزاء المادة مهما صغر ، لا يمكن أن يكون سلوكاً عشوائياً ناجماً عن المصادفة ، بل كل شيء يسير وفق قانون يهيمن على سلوكه .
4- ثم قال الكاتب : “فهل يتصور عاقل أو يفكر أو يعتقد أن المادة المجردة من العقل والحكمة قد أوجدت نفسها بنفسها بمحض المصادفة؟ أو أنها هي التي أوجدت هذا النظام وتلك القوانين ثم فرضتها على نفسها؟
لا شك أن الجواب سيكون سلبياً.
وتدلنا الكيمياء على أن بعض المواد في سبيل الزوال والفناء ، ولكن بعضها يسير نحو الفناء بسرعة كبيرة ، والآخر بسرعة ضئيلة ، وعلى ذلك فإن المادة ليست أبدية ، ومعنى ذلك أيضاً أنها ليست أزلية ، إذ إن لها بداية .
وتدل الشواهد من الكيمياء وغيرها من العلوم على أن بداية المادة لم تكن بطيئة ولا تدريجية ، بل وجدت بصورة فجائية .
وتستطيع العلوم أن تحدد لنا الوقت الذي نشأت فيه المواد ، وعلى ذلك فإن هذا العالم المادي لا بد أن يكون مخلوقاً ، وهو منذ أن خُلق يخضع لقوانين وسنن كونية محددة ، ليس لعنصر المصادفة بينها مكان .
فإذا كان هذا العالم المادي عاجزاً عن أن يخلق نفسه ، أو يحدد القوانين التي يخضع لها فلا بد أن يكون الخلق قد تم بقدرة كائن غير مادي ، متصف بالعلم والحكمة”.
وهكذا العلماء المنصفون ، فما أروع العالم حينما يدفعه علمه وحياده وإنصافه إلى الاعتراف بالحقيقة ، ولو كانت تخالف هواه وتشهياته ، أو تحد من حريته ، أو تلزمه بأن يتواضع ولا يستكبر!
وما أبعد الملحدين عن مثل هذا الموقف الكريم!
5- المقالة الخامسة :
كتبها (إدوارد لوثر كيسيل)، أستاذ الأحياء ورئيس القسم بجامعة سان فرانسيسكو ، وهي بعنوان : “فلننظر إلى الحقائق دون ميل أو تحيز”.
وقد جاء في هذه المقالة ما خلاصته:
1- أضاف البحث العلمي خلال السنوات الأخيرة أدلة جديدة على وجود الله ، زيادة على الأدلة الفلسفية التقليدية .
2- لقد عمت بلادنا في السنوات الأخيرة موجة من العودة إلى الدين ، ولم تتخط هذه الموجة معاهد العلم لدينا .
لا شك أن الكشوف العلمية الحديثة التي تشير إلى ضرورة وجود إله لهذا الكون ، قد لعبت دوراً كبيراً في هذه العودة إلى رحاب الله والاتجاه إليه .
3- يرى البعض أن الاعتقاد بأزلية هذا الكون ليس أصعب من الاعتقاد بوجود إله أزلي ، ولكن القانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارية يثبت خطأ هذا الرأي ، فالعلوم تثبت بكل وضوح أن هذا الكون لا يمكن أن يكون أزلياً ، ولا يقتصر ما قدمته العلوم على إثبات أن لهذا الكون بداية ، فقد أثبتت فوق ذلك أنه بدأ دفعة واحدة منذ خمسة بلايين سنة ، والواقع أن الكون لا يزال في عملية انتشار مستمر تبدأ من مركز نشأته .
4- لو أن المشتغلين بالعلوم نظروا إلى ما تعطيهم العلوم من أدلة على وجود الخالق بنفس روح الأمانة والبعد عن الحيز الذي ينظرون به إلى نتائج بحوثهم ، ولو أنهم حرروا عقولهم من سلطان التأثر بعواطفهم وانفعالاتهم ، فإنهم يسلمون دون شك بوجود الله ، وهذا هو الحل الوحيد الذي يفسر الحقائق ، فدراسة العلوم بعقل متفتح سوف تقودنا دون شك إلى إدراك وجود السبب الأول الذي هو الله”.
وهكذا أثبت هذا العالم من علماء الأحياء ما توصل إليه بالبحث العلمي المحايد من ضرورة التسليم بوجود الخالق جلَّ وعلا ، نظراً في الظواهر الكونية التي ترشد إلى حقائق علمية وراءها ، وأثبت أن موجة من العودة إلى الإيمان بالله تعم معاهد العلم في بلاده .
6- المقالة السادسة :
كتب هذه المقالة (وولتر أوسكار لندبرج) ، عالم الفسيولوجيا والكيمياء الحيوية وعميد معهد هورمل منذ سنة (1919م) ، والمقالة بعنوان : “استخدام الأسلوب العلمي”.
وقد جاء فيها ما خلاصته :
1- أرجع هذا العالم في مقاله إخفاق بعض العلماء في فهمهم وقبولهم لما تدل عليه المبادئ الأساسية ، التي تقوم عليها الطريقة العلمية من وجود الله والإيمان به إلى أسباب لا صلة لها بالبحث العلمي وخص بالذكر منها سببين اثنين:
السبب الأول : ما تتبعه بعض الجماعات أو المنظمات الإلحادية أو الدولة من سياسة معينة ترمي إلى شيوع الإلحاد ومحاربة الإيمان بالله ، بسبب تعارض عقيدة الإيمان بالله مع صالح هذه الجماعات أو مبادئها[8] .
السبب الثاني : المعقدات الفاسدة التي تجعل الناس منذ الطفولة يعتقدون بإله على صورة إنسان[9] وعندما تنمو العقول بعد ذلك ، وتتدرب على استخدام الطريقة العلمية فإن تلك الصورة التي تعلموها منذ الصغر لا يمكن أن تنسجم مع أسلوبهم في التفكير ، أو مع منطق مقبول ، وأخيراً عندما تخيب جميع المحاولات في التوفيق بين تلك الأفكار الدينية القديمة ، وبين مقتضيات المنطق والتفكير العلمي ، نجد هؤلاء المفكرين يتخلصون من الصراع بنبذ فكرة الله كلية ، ومن ثم فلا يحبون العودة إلى التفكير في هذه الموضوعات التي تدور حول وجود الله[10].
2- ثم وجه كاتب المقال إلى الاعتماد في الإيمان بالله على أساس روحاني ، وأوضح أن الإيمان بالله مصدر لسعادة لا تنضب في حياة كثير من البشر .
3- ثم قال : أما المشتغلون بالعلوم الذين يرجون الله فلديهم متعة كبيرة يحصلون عليها كلما وصلوا إلى كشف جديد في ميدان من الميادين ، إذ أن كل كشف جديد يدعم إيمانهم بالله ويزيد من إدراكهم وإبصارهم لأيادي الله في الكون”.
7- المقالة السابعة :
كتبها (بول كليرانس إبرسولد)، وهو أستاذ الطبيعة الحيوية ، ومدير قسم النظائر والطاقة الذرية في معامل (أوج ريدج) وعضو جمعية الأبحاث النووية والطبيعية النووية ، وهذه المقالة تحت عنوان : “الأدلة الطبيعية على وجود الله”.
وقد جاء فيها ما خلاصته:
1- بدأ هذا العالم الطبيعي مقالة بكلمة للفيلسوف الإنكليزي (فرانس بيكون) التي قالها منذ أكثر من ثلاثة قرون:
“إن قليلاً من الفلسفة يقرب الإنسان من الإلحاد ، أما التعمق في الفلسفة فيرده إلى الدين”، ثم أيد كلمة هذا الفيلسوف بالشرح .
2- استدل على وجود الله تعالى بدليل اتفاق الناس في الشعور المشترك بوجوده فقال:
وقد لمس الناس عامة –سواء بطريق فلسفية عقلية أو روحانية- أن هناك قوة فكرية هائلة ونظاماً معجزاً في هذا الكون يفوق ما يمكن تفسيره على أساس المصادفة ، أو الحوادث العشوائية التي تظهر أحياناً بين الأشياء غير الحية ، التي تتحرك أو تسير على غير هدى ، ولا شك أن اتجاه الإنسان وتطلعه إلى البحث عن عقل أكبر من عقله وتدبير أحكم من تدبيره وأوسع ، لكي يستعين به على تفسير هذا الكون ، يعد في ذاته دليلاً على وجود قوة أكبر وتدبير أعظم ، هي قوة الله وتدبيره ، وبرغم أننا نعجز عن إدراكه إدراكاً كلياً أو وصفه وصفاً مادياً ، فهنا ما لا يحصى من الأدلة المادية على وجوده تعالى ، وتدل أياديه في خلقه على أنه العليم الذي لا نهاية لعلمه ، الحكيم الذي لا حدود لحكمته ، القوي إلى أقصى حدود القوة”.
8- المقالة السادسة عشرة :
كتبها (جورج هربرت بلونت)، أستاذ الفيزياء التطبيقية ، وكبير المهندسين بقسم البحوث الهندسية بجامعة (كاليفورنيا)، وهي مقالة بعنوان : “منطق الإيمان”.
وقد جاء فيها ما خلاصته:
1- قال كاتب المقالة : “إنني أؤمن بالله ، بل وأكثر من ذلك ، إنني أكل إليه أمري ، ففكرة الألوهية بالنسبة لي ليست مجرد قضية فلسفية ، بل إن لها في نفسي قيمتها العملية العظمى ، وإيماني بالله جزء من صميم حياتي اليومية”.
2- ثم بعد أن قرر مبدأ الأمور البدهية التي نقبل بها قبول تسليم وإيمان ، قال :
“وكذلك الحال فيما يتعلق بوجود الله ، فوجوده تعالى أمر بدهي من الوجهة الفلسفية ، والاستدلال بالأشياء على وجود الله – كما في الإثبات الهندسي- لا يرمي إلى إثبات البدهيات ولكنه يبدأ بها ، فإذا كان هناك اتفاق بين هذه البدهية وبين ما نشاهده من حقائق الكون ونظامه فإن ذلك يعد في ذاته دليلاً على صحة البدهية التي اخترناها”.
3- ثم قسم الأدلة إلى أنواع فقال : “والأدلة أنواع : منها الأدلة الكونية ، ومنها الأدلة التي تقوم على أساس إدراك الحكمة ، ثم الأدلة التي تكشف عنها الدراسات الإنسانية .
فالأدلة الكونية : تقوم على أساس أن الكون متغير ، وعلى ذلك فإنه لا يمكن أن يكون أبدياً ، ولا بد من البحث عن حقيقة أبدية عليا .
أما الأدلة التي تبنى على إدراك الحكمة: فتقوم على أساس أن هناك غرضاً معيناً أو غاية وراء هذا الكون ، ولا بد لذلك من حكيم أو مدبر .
وتكمن الأدلة الإنسانية ، وراء طبيعة الإنسان الخلقية ، فالشعور الإنساني في نفوس البشر إنما هو اتجاه إلى مشرِّع أعظم”.
4- ثم ناقش الكاتب وضع الملحدين فقال : “ويلاحظ أن للملحدين منطقهم ، ولكنه منطق سلبي ، فهم يقولون : إن وجود الله يستدل عليه بشواهد معينة وليس ببراهين قاطعة ، وهذا من وجهة نظرهم يعني عدم وجود الله تعالى ، إنهم يردون على الأدلة الكونية بقولهم : إن المادة والطاقة يتحول كل منهما إلى الآخر ، بحيث يمكن أن يكون الكون أزلياً ، كما أنهم ينكرون النظام في الكون ويرونه مجرد وهم ، وهكذا ينكرون الشعور النفسي بالعدالة والاتجاه نحو موجه أعظم ، ومع ذلك لا يستطيعون أن يقيموا دليلاً واحداً على عدم وجود الله ، ومن منطقهم أن الأدلة المقدمة لإثبات وجود الله لا تعتبر كافية من وجهة نظرهم ، وهناك فئة أخرى من الملحدين لا يعترفون بإله لهذا الكون ، لأنهم لا يرونه ، ولكنهم لا ينفون وجود إله في كون أو عالم آخر غير هذا الكون ، ولا شك أن هذا موقف مائع متضارب لا يستند إلى أساس سليم .
فإذا قارنا بين الشواهد التي يستدل بها المؤمنون على وجود الله وتلك التي يستند إليها الملحدون في إنكار ذاته العلية ، لاتضح لنا أن وجهة نظر الملحد تحتاج إلى تسليم أكثر مما تحتاج إليه وجهة نظر المؤمن ، وبعبارة أخرى : نجد المؤمن يقيم إيمانه على البصيرة ، أما الملحد فيقيم إلحاده على العمى .
وأنا مقتنع أن الإيمان يقوم على العقل ، وأن العقل يدعو إلى الإيمان ، وإذا كان الإنسان يعجز أحياناً عن مشاهدة الأدلة فقد يكون ذلك راجعاً إلى عدم قدرته على أن يفتح عينيه”.
وهكذا مررنا على تلخيص لمقالات ثمان[11] من أصل ثلاثين مقالة لثلاثين عالماً من كبار علماء النهضة العلمية المعاصرة ، موجودة في كتاب “الله يتجلى في عصر العلم” ورأينا منها أن العلوم المادية تؤيد قضية الإيمان بالله جلَّ وعلا ، ولا تؤيد قضية الإلحاد مطلقاً .
(ي) ويقول الفيلسوف (هرشل):
“إنه كلما اتسع نطاق العلوم تحققت وكثرت الأدلة على وجود حكمة خالقة قادرة مطلقة ، وعلماء الأرضيات والهيئة والطبيعيات والرياضيات يهيئون بمساعيهم واكتشافاتهم كل ما يلزم لإنشاء معبد العلوم إعلاء لكلمة الخالق”.
(ك) أذاعت وكالة (رويتر) على العالم كله برقية جاء فيها ما يلي:
“نيويورك _ ر _ استفتت مجلة “كوليرز” المعروفة عدداً كبيراً من علماء الذرة والفلك وعلم الأحياء (بيولوجيا) والرياضيات ، فأكدوا أن لديهم أدلة وقرائن كثيرة تثبت وجود كائن أعظم ، ينظم هذا الوجود ويرعاه بعنايته ورحمته وعلمه الذي لا حدَّ له . ويقول الدكتور (راين) إنه ثبت من أبحاثه في المعامل أن في الجسم البشري روحاً أو جسماً غير منظور. وقال عالم آخر : إنه لا يشك في أن الكائن العظم – وهو ما تسميه الأديان السماوية (الله) – هو الذي يسيطر على الطاقة الذرية وغيرها من الظواهر والقوانين الخارقة في هذا الوجود”.
(ل) وجاء في كتاب “الله في الطبيعة” للفيلسوف (كميل فلامريون) ، وهو فيلسوف ينكر اليهودية والنصرانية ولا يعرف الإسلام ، ما يلي :
“إذا انتقلنا من ساحة المحسوسات إلى الروحيات ، فإن الله يتجلى لنا كروح دائم موجود في كل شيء”.
ويقول بحسب نظراته الخاصة التي لم يأخذها من التعاليم الدينية:
“ليس هو (أي الله) سلطاناً يحكم من فوق السماوات ، بل هو نظام مستتر مهيمن على كاف الموجودات .
ليس مقيماً في جنة مكتظة بالصلحاء والملائكة ، بل إن الفضاء اللانهائي مملوء به ، فهو موجود مستقر في كل نقطة من الفضاء ، وكل لحظة من الزمان ، أو بتعبير أصح : هو قيوم لا نهائي منزه عن الزمان والمكان والتسلسل والتعاقب .
ليس كلامي هذا من جملة عقائد ما وراء الطبيعة المشكوك في صحتها ، بل من النتائج القطعية التي استنبطت من القواعد الثابتة للعلم ، كنسبية الحركة وقدم القوانين .
إن النظام العام الحاكم في الطبيعة ، وآثار الحكمة المشهودة في كل شيء والمنتشرة كنور الفجر وضياء الشفق في الهيئة العامة ، لا سيما الوحدة التي تتجلى في قانون التطور الدائم تدل على أن القدرة الإلهية المطلقة هي الحوافظ المستترة للكون ، هي النظام الحقيقي ، هي المصدر الأصلي لكافة القوانين الطبيعية وأشكالها ومظاهرها”.
* التعليق على هذه الأقوال المؤمنة:
وباستعراض هذه الأقوال المؤمنة لطائفة من كبار علماء الكون الماديين – ويوجد أمثالها كثير – يتبين للمنصف بوضوح مدى المغالطات والافتراءات التي بنى عليها الملحد الماركسي العربي (د. العظم) كتابه المتهافت “نقد الفكر الديني” لا سيما حينما زعم أن مزاج حضارة القرن العشرين وثقافته ممتلئة بالتردد والميوعة حيال الدين والمعتقدات الدينية ، وذلك في الصفحة (19) من كتابه.
وتجاهل كل الأقوال المؤمنة التي قالها كبار العلماء الماديين من علماء القرن العشرين ،وكل الشهادات العلمية الإيمانية .
وتجاهل أيضاً الأعمال التخريبية لأصول الإيمان ، وهي الأعمال التي تقوم بها منظمات عالمية ، ترى أن نشر الإلحاد ودعم قضيته مما يخدم مصالحها الخاصة أحسن خدمة ، إذ يجعل الشعوب الإنسانية على حافة الانهيار ، ومتى انهارت تسلمتها أفواه الذئاب والثعابين الواقفة لها بالمرصاد .
وكل من يخدم قضية الإلحاد باندفاع وحماسة فهو جندي من جنود هذه المنظمة العالمية ، وكثيراً ما يكون غراً لا يزيد أجره عند قادة المنظمة على أجر قاتل أمه وأبيه ، متى قتلهما ألحق بهما ، وقد كان من قبل يمنى بالأماني العريضة ، وتتحلب أشداقه على المواعيد الحلوة ، وذلك لأن من استخدمه حربة لم يستخدمة إلا ليكسره متى استنفد أغراضه منه .
ألم يطلع الملحد (العظم) على كل هذه الأقوال المؤمنة ونظائرها؟ ألم ينظر من أقوال العلماء إلا أقوال (برتراند رسل) لأنه اتجه إلى الإلحاد؟ ألم يقرأ من أقوال العلماء المؤمنين إلا مقالة الفيلسوف (وليم جيمس) إذ رأى استدلاله على وجود الله استدلالاً ضعيفاً؟ وقد جاء بعده علماء كثيرون كانت لهم أقوال ومقالات مشتملة على بيانات وأدلة أقوى مما ساقه (وليم جيمس).
أليس هذا من طمس الحقائق والتلاعب بها؟ فأين الأمانة العلمية التي يتظاهر بالغيرة عليها؟
ولكن هذا هو شأن المبطلين حينما ينصرون الباطل الذي يتعصبون له بدافع المصالح والمنافع الخاصة لا بدافع نشدان الحقيقة .
لقد رأينا في حشد هذه الأقوال المؤمنة للعلماء الماديين وكثير منهم من علماء القرن العشرين أن موجة من العودة إلى الدين الصحيح الصافي تسود الأوساط العلمية الكبرى .
فما ادعاه (العظم) في الصفحة (28) من “أن النظرة العلمية التي وصل إليها الإنسان عن طبيعة الكون والمجتمع والإنسان خالية عن ذكر الله” ، ادعاء كاذب وباطل لا أساس له من الصحة مطلقاً .
ولكن هل للمبطل إذا أراد أن ينصر باطله إلا السفسطة ، والمغالطة ، والمراوغة عن الحق ، وصناعة الأكاذيب ، والتمويه بالأقوال المزخرفة .
ولنفرض جدلاً أن العلماء الماديين جميعهم أنكروا وجود الله ، أفيؤثر ذلك على حقيقة وجود الله جلَّ وعلا ؟ هل ينتظر من العلوم المادية المتقدمة وأجهزتها المتطور أن ترينا الله تبارك وتعالى رؤية حسية . إن أقصى ما تفعله أن ترينا آيات الله في الكون ، أما ذات الله تبارك وتعالى فلن تستطيع أن ترينا إياها ، وهذا ما بينه الله بقوله في سورة (فصِّلت/41 مصحف/61 نزول):
{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطُ }.
على أننا نقول: هل تستطيع العلوم المادية المتقدمة ، وأجهزتها المتطورة ، أن ترينا كثيراً من الطاقات الكونية التي غدت حقائق علمية ثابتة لدى العلماء الماديين عن طريق الاستنتاج من ظواهرها وآثارها ، وهذه الحقائق التي أثبتوها ليست إلا تفسيرات نظرية للظواهر؟
إن أقوال العلماء الماديين المؤمنين الذين نشأوا في عصر النهضة العلمية المادية الحديثة لتقدم للمتشككين أدلة كافية على أن العلوم المادية ليست علوماً ملحدة في حقيقتها ، لكن الإلحاد ملصق بها بطريقة صناعية مقصودة موجهة ، من قبل فئات خاصة لها في نشر الإلحاد مصالح سياسية واقتصادية ضد خيرية البشرية وسعادتها .
ومن هذه الأقوال يتبين لنا بوضوح أنهن لا يوجد تناقض ولا تعارض مطلقاً في نظر جمهور العلماء الماديين بين الدين والعلم حول الأساس الأول من أسس العقيدة الدينية ، وهي عقيدة الإيمان بالله جلَّ وعلا ، وبهذا تنهار المستندات الإلحادية التي تزعم وجود هذا التناقض بالنسبة إلى هذه النقطة بالذات ، باعتبارها مجال بحثنا الآن ، وباعتبارها أعظم نقطة في الأيديولوجية الإلحادية ، والتي يحاول الملحدون جهدهم أن يوجدوا لها المبررات النظرية ، أو المبررات العملية ، فلا يجدون إلا افتراء الأكاذيب ، وصناعة المغالطات ، والاحتماء المزور بالتقدم العملي والصناعي ، وسرقة أسلحة العلم التي لا تملك في الحقيقة الدفاع عن الإلحاد ، وإنما هي في الأصل أسلحة لقضية الإيمان ، يحسن استعمالها العالمون بها ، وتكون عند الجاهلين بها أسلحة معطلة ، ويسرقها الملحدون فيحملونها أمام الجاهلين ، فيتخيل الجاهلون بها أنها فعلاً أسلحة للملحدين ، وهي تدعم قضية الإلحاد ، مع أن الحقيقة بخلاف ذلك ، إنها أسلحة للمؤمنين العالمين بها ، الذين يحسنون استعمالها .
ومثل الملحدين في نظري إذ يسرقون أسلحة المؤمنين كمثل وارث كنز عظيم ، ولكن هذا الوارث قد نشأ وهو يجهل أين خبأ له مورثه كنزه ، وأقبل خبراء البحث عن الكنوز ينقبون ويبحثون ، وتسلل من وراء هؤلاء الخبراء لصوص ، تظاهروا بأنهم باحثون خبراء ، ولكنهم وقفوا يرصدون ما يعثر عليه الباحثون الحقيقيون ، ليسرقوه كله أو ما يستطيعون سرقته منه ، وكان مورث الكنز قد كتب اسمه ورسم صورته على أحد وجهي مصكوكاته الذهبية علامة على أنها له ، وقد خبأها لوارثه ، أما الخبراء المنقبون الأمناء : فإنهم لما ظفروا بما وجوده من الكنز، أعلنوا ما شهدوا من كتابة ورسوم على مصكوكاته ، وثبتوا استحقاق الوارث لها ، وأخذوا أجرهم على أعمالهم . وآخرون لم تكن لديهم الأمانة الكافية أو كانوا جاهلين بقراءة المكتوبات الأثرية أخذوا ما عثروا عليه ، وانتفعوا بالكنز ، ولم يعلنوا ما شهدوا من كتابة ورسوم على مصكوكاته ، ولم يهتموا بأن يعترفوا باستحقاق الوارث لها . وجاء من وراء الفريقين فئة اللصوص ، فسطوا على بعض ما استخرجه الخبراء من الكنز ، وطمسوا الوجه المكتوب ، وأقبلوا يفاخرون بأن الكنز كله هو ملكهم ، وهو ميراثهم ، والدليل على ذلك أن بعض قطع مصكوكاته الذهبية في أيديهم ، قد عثروا عليها وفيها كتابة تشهد لهم بأن مورِّثهم قد خبأها لهم .
وحينما يُقال لهم : أرونا هذه الكتابة التي تشهد لكم يقولون: فلان قال هذا ، وفلان قال هذا ،وفلان قال هذا ، وكل هؤلاء الذين ذكروهم هم من فئة اللصوص أنفسهم ، أو من غيرهم ولكن يكذبون عليهم ، ويظلُّون حريصين على أن يبقى الوجه الثاني للمصكوكات الذهبية مطموساً ، حتى لا تنكشف لعبتهم القائمة على اللصوصية والتزوير .
( 5 )
بأسلوب مَهين من الغوغائية الجدلية لمحاربة الدين ومناصرة قضية الإلحاد ، قال الناقد (د. العظم) في الصفحة (38) من كتابه :
“جلي أن هذه النظرة الإسلامية للكون هي نظرة غائية ، تعتمد في تفسيرها لطبيعة الكون على العلل الغائية ، والأهداف السامية ، وعلى مفاهيم أخلاقية مثل “الحق والعدل”.
هل تنسجم هذه النظرة الغائية إلى الكون والحياة مع النظرة العلمية التي تسود العالم المعاصر وثقافته؟ لو رجعنا إلى التفسيرات العلمية للكون من (نيوتن) إلى (أينشتاين) هل نجد في صلبها مقولات مثل (الأهداف السامية) أو (الحق والعدل) أو (الروح والجمال والخالق)؟ هل نجد لهذه المفاهيم الأخلاقية الدينية أي ذكر في النظرية النسبية ، أو في ميكانيكا الكموم مثلاً؟ سؤال جدير بالتمحيص والإيضاح والمناقشة على أقل تعديل”.
هذا كلامه بالحرف الواحد ، فياللعجب العجاب!! أعلى هذا المستوى الفكري السخيف تعرض قضية الإلحاد ، وتناقش قضية الإيمان بالله؟!
أهكذا يجازف بمنطقه وفلسفته ليصنع حجة مكشوفة السخف والتفاهة؟
ولكن إذا لم يكن لديه حقائق يناقش بها أفلا يطرح أكوام ألفاظ يغالط بها المراهقين ، ويوهمهم فيها أنه يصنع جدليات عالية؟
قد يتصور أن مراهقي الأفكار المفتونين بالألفاظ الحديثة إذا لم يفهموا أكوام ألفاظه هذه فإنهم سيظنون أن كاتبها ضليع بدلالاتها ، ما دام قد استخدم في غضونها عبارات النظرة العلمية التي تسود العالم المعاصر وثقافته ، والنظرية النسبية ، وميكانيكا الكموم ، وله أن يحشر معها إذا شاء عبارات (الجداول الرياضية) و(الطاقة الذرية) و(الطاقة الهيدروجينية) و(طائرات الميغ) و(الأقمار الصناعية) و(حضارة القرن العشرين) و(موسكو) و(نهر الراين) و(جبال هيمالايا) ، إلى غير ذلك من ألفاظ وعبارات لا صلة لها بموضوع البحث .
فما صلة النظرية النسبية وميكانيكا الكموم بالحديث الصريح عن الله تعالى ، أو التعرض إلى المفاهيم الأخلاقية ، حتى يعتبر عدم ذكر اسم الله والمفاهيم الأخلاقية فيها دليلاً على نفي وجود الله ، أو على إلغاء المفاهيم الأخلاقية؟!
إن عمله يشبه عمل من ينكر وجود القطب الشمالي لأنه لم يوجد له ذكر في جدول الضرب ، ولا في كتاب “تعلمي سيدتي كيف تطبخين” ، ولا في بطن “حصان طروادة” ، ولا في “السمفونية التاسعة لبيتهوفن”.
هذا مع أن العلامة (ألبرت أينشتاين) صاحب النظرية النسبية قد كان مؤمناً قوي الإيمان بوجود الله ، ومن أقواله : “إن أصحاب العبقريات الدينية في جميع العصور قد عرفوا بهذا النوع من الشعور الديني الذي لا ينتمي إلى نحلة ، ولا يتمثل الله في أمثلة بشرية ، إنني لأرى أن أهم وظيفة من وظائف الفن والعلم هي أن يوقظا هذا الشعور ، وأن يستبقياه حياً في الذين تهيأوا له”.
أليس عجيباً أن يقول (أينشتاين) مثل هذا الكلام وهو صاحب النظرية النسبية ، ثم يأتي (د. العظم) فيورد (النظرية النسبية) مورد الاستشهاد لإنكار وجود الله ، ونقض المفاهيم الأخلاقية الدينية ، باعتبار أن هذه الأمور لم تذكر فيها؟
كان عليه قبل أن يستشهد بـ(أينشتاين) وبـ(النظرية النسبية) أن يراجع على أقل تقدير ما يعرف الناس عن هذا العالم ، وعن أقواله في الدين ، حتى لا يورط نفسه بهذا التهافت الذي سقط فيه .
إن (أينشتاين) لو كان يرى أن نظريته النسبية تتنافى مع الدين لدعم بنظريته الإلحاد ، ولأعلن بها نقض الدين ، لكنه _كما رأينا_ على العكس من ذلك حريص على إيقاظ الشعور الديني ، وإبقائه حياً في الذين تهيأوا له .
لكن (د. العظم) حينما أورد اسم (أينشتاين) و(النظرية النسبية) في غضون كلامه ، إنما عمد إلى السفسطة والمغالطة ، والإيهام ، ليصور للقارئ الجاهل أنه يصنع شيئاً لدعم قضية الإلحاد ، فهو يذكر الأسماء الكبيرة في مجال العلوم المادية ، ليستر بها تضليله وغوغائيته الجدلية .
وكما أوهم أن (أينشتاين) ملحد ، أوهم أيضاً أن العالم (لابلاس) من فئة الملحدين ، على خلاف ما عليه واقع حال هذا العالم .
قال (العظم) في الصفحة (28) من كتابه:
” عندما نقول مع (نيتشه) : إن الله قد مات أو هو في طريقه إلى الموت (والعياذ بالله من حكاية هذا الكلام الكبير الشنيع) فنحن لا نقصد أن العقائد الدينية قد تلاشت من ضمير الشعوب ، وإنما تعني أن النظرة العلمية التي وصل إليها الإنسان عن طبيعة الكون والمجتمع والإنسان خالية من ذكر الله تماماً كما قال (لابلاس)”.
إنه يحشر اسم العالم (لابلاس) هنا ليموه بأنه من أنصار قضية الإلحاد بالنظرة العلمية التي وصل إليها الإنسان عن طبيعة الكون والمجتمع والإنسان ، ولا يؤيد قضية الإيمان بالله ، مع أن (لابلاس) مؤمن أخذاً منن أقواله ، وله في الاستدلال على وجود الله وَرَدِّ أقوال الجاحدين كلام طيب ، يلغي فكرة الاعتماد على المصادفات ، ويرى أن النظام الكوني الرائع لا بد له من خالق .
لقد شرح (لابلاس) دليل الحركة الكونية ، وأبان قوة هذا الدليل في جسم الشبهات التي يثيرها الجاحدون فقال “أما القدرة الفاطرة التي عينت جسامة الأجرام الموجودة في المجموعة الشمسية وكثافتها ، وثبتت أقطار مداراتها ، ونظمت حركاتها بقوانين بسيطة ، ولكنها حكيمة ، وعينت مدة دوران السيارات حول الشمس والتوابع حول السيارات بأدق حساب ، بحيث إن النظام المستمر إلى ما شاء الله لا يعروه خلل..
هذا النظام المستند إلى حساب يقصر عقل البشر عن إدراكه ، والذي يضمن استمرار واستقرار المجموعة إزاء ما لا يعد ولا يحصى من المخاطر المحتملة ، لا يمكن أن يحمل على المصادفة إلا باحتمال واحد من أربعة تريوليونات ، وما أدراك ما أربعة تريوليونات؟ إنه عدد من كلمتين ، ولكن لا يمكن أن يحصيه المحصى إلا إذا لبث خمسين ألف عام يعد الأرقام ليلاً ونهاراً ،على أن يعد في كل دقيقة (150) عدداً”
صحيح أن (لابلاس) أعلن قوله:
“إن العالم العظيم الذي سيتمكن من معرفة انتشار الذرات في السحب السديمية الأولية سيكون باستطاعته أن يتنبأ بكل مستقبل الكون وأحداثه”[12].
ولكن قوله هذا لا يعني إنكاره للخالق ، وإنما يدل على شعوره بأن الكون سائر وفق نظام مرسوم خاضع لسلاسل سببية متتابعة ، يمكن التنبؤ باللاحق منها لدى معرفة السابق .
وأما ما نسبه (د. العظم) إليه من قوله لنابليون : “الله فرضية لا حاجة لي بها في نظامي” فلست أدري مبلغه من الصحة أمام قوله الذي قرأناه مما كتب بنفسه . وبكل أسف لم نجد لدى الناقد أثراً للأمانة الفكرية التي يتظاهر بالغيرة عليها .
يا عجباً لهذا الفريق الملحد من الناس ، ترى أحدهم مريضاً بمرض السرطان الفكري الطاغي ، ثم يتهم الأعضاء الرئيسية الأساسية في البناء الفكري الصحيح بأنها نمو سرطاني ، وقديماً قال العرب في أمثالهم : “رمتني بدائها وانسلت”.
( 6 )
وبعد أن حمل (د. العظم) النظرية النسبية ما لا تحمل ، واستغل اسم (أينشتاين) لدعم قضية الإلحاد ، متجاهلاً أنه كان مؤمناً بالله ، ومؤيداً التفسيرات الغائية للكون ، بمثل قوله : “إن الشخص الذي يعتبر حياته وحياة غيره من المخلوقات عديمة المعنى ، ليس تعيساً فحسب ، ولكنه غير مؤهل للحياة”.
بعد هذا التضليل والتمويه والتجاهل الذي صنعه (د. العظم) خطا خطوة رفع فيها لواء تمجيد واضعي النظريات الموجهة خصيصاً لمحاربة المفاهيم الإسلامية ، والقائمة أساساً على إنكار وجود الله تبارك وتعالى ، من اليهود الذين تحملوا مهمة وضع هذه النظريات المناقضة للمفاهيم الإسلامية باسم العلم ، وذلك بدفع من القيادة اليهودية العالمية ، فأخذ يمجد بأسماء هؤلاء اليهود (دركهايم) و(فرويد) و(ماركس) فقال في الصفحة (39) من كتابه:
“حين نطرح المسألة بهذه البساطة وبهذا التحديد ، يبدو أنه ثمة تناقض واضح بين النظرة الإسلامية الغائية للكون – كما سردها سماحة موسى الصدر – وبين النظرة العلمية ، كما تبلورت مع تطور العلم الحديث وتقدمه . من يراجع تاريخ العلم الحديث يكتشف بسرعة أن واضعي دعائمه وفلاسفته شنوا حرباً لا هوادة فيها على إقحام العلل الغائية والمفاهيم الأخلاقية في التفسيرات العلمي لظواهر الطبيعة ، ورفضوا النظرة الغائية للكون رفضاً باتاً ، لأنهم اعتبروها من إنتاج خيال الإنسان الأسطوري ، ولأنها تعيق تقدم العلم ، وانتشار تفسيراته للظواهر الطبيعية مهما كان نوعها ، إننا نجد هذا التيار المعادي للنظرة الغائية منذ البداية ، عند المفكرين والفلاسفة الذين رسخوا دعائم العلم الحديث ، من فرانسيس بيكون ، إلى برتراند رسل ، مروراً بديكارت ، وسبينوزاً ، وغاليليو ، وداروين ، وبافلوف ، ودركهايم ، وفرويد ، وماركس ، إلى آخر القائمة الطويلة من الأسماء “.
هكذا ، وعلى المستوى من التضليل الغوغائي ، أو الحرب (الديماغوجية) وفق تعبيرات الملاحدة الماركسيين ، يسير (العظم) في نقده للفكر الديني .
لقد سبق أن برهنا على أن جمهوراً كبيراً من علماء عصر النهضة العلمية الحديثة مؤمنون بالله ، ومعترفون بالمفاهيم الأخلاقية التي نبَّه عليها الإسلام أو نادى بها ، وذلك منهم انسجام مع النظرة الإسلامية الغائية للكون ، ولا يرون في ذلك مخالفة للنظرة العلمية ، وإذا استثنينا الملاحدة المعدودين من علماء النهضة العلمية الحديثة ، واليهود المدفوعين خصيصاً لوضع النظريات التي تدعم قضية الإلحاد ، أمثال دركهايم ، وفرويد وماركس فإننا نجد معظم علماء النهضة العلمية الحديثة لا يجحدون الله ، ولا ينكرون النظرة الغائية للكون ، ولا ينكرون المفاهيم الأخلاقية ، بل كثير منهم يؤيد هذه الحقائق ويؤمن بها ، ولكن الملحد العميل الذي لا يؤمن بالعلل الغائية ولا بالمفاهيم الأخلاقية ، لا يخجل من صناعة التمويه بالأكاذيب والتزويرات والتضليلات الجدلية ، التي ليس لها أساس فكري سليم ، ولا هي قائمة على احتجاج منطقي مقبول.
إنه يعرض أقواله على طريقة الحقائق المسلم بها ، دون أن تقترن بحجج نظرية ، أو بشواهد واقعية ، ثم يزعم أنها حقائق مسلم بها عند العلماء ، ويكتفي بعرض قائمة من أسماء الرجال المشهورين بالعلم والفلسفة ، ويحشر في كل مرة أسماء اليهود ، الذين وضعوا ما أسموه بنظريات علمية ، ولا تزيد في حقيقة حالها على أنها فرضيات صيغت بعناية مقصودة لدعم قضية الإلحاد ،ولا يستطيع أن يكتم تمجيدها ، وتمجيد كتبهم ، وما يسمى نظرياتهم ، ولا يخجل وهو عربي العرق أو يبالغ بتأييد المخطط اليهودي العالمي ، في هذا العصر الذي تعاني أمته أقسى المحن وأشهدها من اليهودية العالمية ، ومن مخططاتها الرامية إلى الاستيلاء على العالم العربي كله .
إنه لعجب كبير أن تبلغ الخيانة بإنسان ما إلى هذا الدرك الذي ليس من دونه درك أسفل منه .
لو كانت النظرة العلمية الحديثة تناقض أو تعارض النظرة الإسلامية الغائية للكون ، لما وجدنا هذا الجمهور الكبير من علماء النهضة العلمية الحديثة مؤمنين بالله ،وبتفسيرات النظرة الإسلامية الغائية للكون ،وبالمفاهيم الأخلاقية الدينية .
وهذا واحد منهم وهو (أندرو كونواي إيفي) من العلماء الطبيعيين ذوي الشهرة العالمية من سنة (1925م) إلى سنة (1946م) يقول في مقال له تحت عنوان : “وجود الله حقيقة مطلقة”:
“ويظهر أن الملحدين أو المنكرين بما لديهم من شك لديهم بقعة عمياء ، أو بقعة مخدرة داخل عقولهم ، تمنعهم من تصور أن كل هذه العوالم ، سواء ما كان ميتاً أو حياً ، تصير لا معنى لها بدون الاعتقاد بوجود الله”.
ثم استشهد بكلام العلامة (أينشتاين) ، إذ قال:
“إن الشخص الذي يعتبر حياته وحياة غيره من المخلوقات عديمة المعنى ليس تعيساً فحسب ، ولكنه غير مؤهل للحياة”.
أليس هذا التفكير الذي يعلن عنه هذا العالم ومن قبله (أينشتاين) تفكيراً قائماً على النظرة الغائية للكون ، وعلى اعتبار القيم الأخلاقية؟
إن هذه النظرة الموافقة للنظرة الإسلامية لم تكن عند أصحابها مناقضة للأسس العلمية الحديثة ، ولا للنظرة العلمية كما تبلورت مع تطور العلم الحديث وتقدمه ، فمن أين (للعظم) وهذا الادعاء الكاذب؟!
إذا كانت هذه النظرة مناقضة لما يسمى بنظريات اليهود (دُركهايم – فرويد – ماركس) أو النظريات التي روجها اليهود كالنظرية الداروينية فلا بأس ، إن هؤلاء أجراء المخطط اليهودي العالمي المعروف ، وقد وضعوا مذاهبهم لهدم الأسس الدينية ، لا على أساس قناعات علمية صحيحة ، وقد أصبح مخططهم مكشوفاً للعالم ، وكتب في كشف مكايدهم محققون من العلماء المتتبعين .
أما ادعاء (العظم) بأن النظرة الغائية للكون والمفاهيم الأخلاقية تعيق تقدم العلم وانتشار تفسيراته للظواهر الطبيعية مهما كان نوعها ، فهو ادعاء هراء ، غير مستند إلى أي أساس نظري أو واقعي . إن الإيمان بالله لا يتعارض بحال من الأحوال مع أي تقدم علمي يُدرسُ فيه واقع حال هذا الكون ، وما فيه من طاقات وقوى مشاهدة وغير مشاهدة ، وما فيه من نظم وأسباب ظاهرة أو خفية ، كما أن المفاهيم الأخلاقية تساعد على ما تقدم المعرفة من جهة ، وعلى سعادة الإنسان من جهة أخرى ، وضبط سلوكه فيما يحقق للأفراد وللجماعات أوفر نصيب من الخير العيش الرغيد .
ولكن الملحد يكتفي بإطلاق الادعاءات الكاذبة ، دون دليل منطقي أو واقعي .
( 7 )
يحاول الناقد (العظم) كما رأينا الإقناع بنسف الأسس الأخلاقية من جذورها بينما يتظاهر في موطن آخر من كتابه بغيرته على المبدأ الأساسي لأخلاق الاعتقاد ، فتعليقاً على بعض آراء (وليم جيمس) الذي رجح جانب الإيمان بالله استناداً إلى المشاعر الإنسانية الداخلية ، التي ترجح جانب الإيمان على جانب الكفر ، يقول في الصفحة (75):
“هنا يثبت (جيمس) حق هذا الإنسان بأن يعتقد بوجود الله ،استناداً إلى ما توحيه له طبيعته العاطفية حول هذا الموضوع ، أي : بالنسبة لجيمس يحق له أن يحسم الأمر باللجوء إلى عواطفه ومشاعره ، ضارباً بعرض الحائط المبدأ الأساسي لأخلاق الاعتقاد”.
ويتظاهر بحرصه على مبدأ الأمانة الفكرية ، وهو مبدأ أخلاقي ، فيقول في الصفحة (21):
“هل باستطاعتي أن أقبل بكل نزاهة وإخلاص المعتقدات الدينية التي تقبلها آبائي وأجدادي ، دون أن أخون مبدأ الأمانة الفكرية؟”
ويكرر تظاهره بالغيرة على الأمانة الفكرية فيقول في الصفحة (29):
“هذا هو الحد الأدنى من متطلبات الأمانة الفكرية ، في البحث الجاد عن المعرفة والحقيقة”.
أليس هذا التهافت في كلامه من أعجب الأمور؟ كيف يسوغ لنفسه أن يقف مثل هذا الموقف الأخلاقي لمناصرة قضية الإلحاد والكفر بالله ، وقد ذبح القيم كلها والمبادئ الأخلاقية جميعاً ، وأعلن أنها أمور لا يعترف بها العلم – بحسب زعمه – ولا يقيم لها وزناً؟
سبق أن نقلنا كلامه في الصفحة (38) من كتابه ، وفيه يقول:
“جلي أن هذه النظرة الإسلامية للكون هي نظرة غائية ، تعتمد في تفسيرها لطبيعة الكون على العلل الغائية ، والأهداف السامية ، وعلى مفاهيم أخلاقية ، مثل (الحق والعدل). هل تنسجم هذه النظرة الغائية إلى الكون والحياة مع النظرة العلمية التي تسود العالم المعاصر وثقافته؟ لو رجعنا إلى التفسيرات العلمية للكون من (نيوتن) إلى (أينشتاين) هل نجد في صلبها مقولات مثل الأهداف السامية ، أو الحق والعدل ، أو الروح والجمال والخلق ، هل نجد لهذه المفاهيم الأخلاقية الدينية أي ذكر في النظرية النسبية أو في ميكانيكا الكموم مثلاً؟”.
فهو بهذا لا يعترف أصلاً بالمفاهيم الأخلاقية ، ولا بالحق والعدل ، ولا بالأهداف السامية ، ولا بالروح والجمال والخالق ، فما له وللدفاع عن الأمانة الفكرية؟ وما له وللغيرة على أخلاق الاعتقاد؟ إن كان يريد مناصرتها حقاً فليكن منسجماً مع نفسه على أقل تقدير ، وليبق لنفسه من الأخلاق بقية يخاطب بها الناس .
إذا لم يكن للحق قيمة لديه فأين مكان الأمانة الفكرية إذن؟ أليست الأمانة الفكرية أمانة على الحق في جانب المعرفة؟ أليس إلغاؤه لمبدأ الحق خيانة لمبدأ الأمانة الفكرية؟ وحينما يلغي مبدأ الحق فماذا يأتي بعده غير الباطل والضلال؟ فهل يطالب الأفكار الحرة بأن تكون أمينة على الباطل؟ وأي باطل هذا الذي يريد أن يحرص عليه؟ ألا يرى هذا تناقضاً شائناً مفضوحاً غير مستور بأي شيء؟ أين أخلاق الاعتقاد في موقفه هذا المتَّسم بالتناقض الصريح؟
ينسف الأخلاق كلها من جذورها ، ولا يعتر بحق ولا عدل ولا أهداف سامية ، ثم يتباكى على الأمانة الفكرية وأخلاق الاعتقاد ، ليزين تباكيه هذا قضية الإلحاد والإباحية المطلقة التي يناصرها ، ويبشر بها في المجتمع العربي المسلم ، خدمة لأسياده الماركسيين ، ومن ورائهم القيادة اليهودية العالمية ، ما أعجب هذا من إنسان يحترم كرامة نفسه؟!
مادام قد نسف الأخلاق كلها من جذورها فأية أمانة لديه يعتمد عليها في نقل خبر ، أو حكاية قول لإنسان ، أو تقرير حقيقة من الحقائق العلمية؟
مادام هذا مذهبه فمن الطبيعي أن لا يوثق بشيء يقوله ، لأنه إن صدق في واحدة أو أكثر فذلك ليغطي بها فرية يفتريها على الحقيقة ، خبراً كانت أو معرفة علمية ، وهذا ما يكتشفه الناظر في أقواله بأدنى تأمل ، إنه حينما يبحث في العلم الحديث لا يعرض إلا أقوال الملحدين أمثاله ، ويجعلهم الممثلين الوحيدين للركب الحضاري كله ، وقد يعرض – كما رأينا – على سبيل التضليل بعض الأعلام الكبرى في ضمن ما يعرض من قائمة أسماء ، تمويهاً بأن هؤلاء الأعلام الكبرى من مؤيدي قضية الإلحاد ، مع أنهم في الواقع بخلاف ذلك .
وأي ناظر في كتابه يرى أنه جندي مطيع ، يجعل من نفسه رأسه حربة في يد الماركسية واليهودية العالمية ، لهدم كيان أمته ، وتهيئة أرضها وأجيالها لاحتلال العدو احتلالاً شاملاً ، يتناول الأفكار والنفوس والقوى المختلفة ، والأرض والأموال وسائر الثروات والخيرات .
هذه هي الخطة اليهودية التي درسناها في كتبهم ، والتي رأينا جملة كبيرة من تطبيقاتها في العالم .
والملاحدة الماركسيون كتبية من كتائب جنود التنفيذ لهذه الخطة اليهودية العالمية الكبرى ، التي غدت من الحقائق المكشوفة جداً ، بعد أن كانت مستورة عن كثير من أعين الجماهير .
إنهم مجندون في صف العدو ، ولكنهم مخالطون مداخلون ، يحتلون مواقع ضمن الصفوف ، وهم يتحينون الفرص للانقضاض على أمتهم خدمة لأسيادهم الشياطين .
إنني لأعجب كل العجب من هذه الحرب المستعرة على فكرة الإيمان بالله تعالى ، وعلى المبادئ والقيم الأخلاقية ، وعلى الفضائل الإنسانية ، وعلى الحق والعدل والأهداف السامية ، وعلى الروح والجمال والخالق ، وعلى التفسيرات الغائية للكون والحياة ، فماذا تضر البشرية هذه الأمور من وجهة نظرهم؟
إن هذه المبادئ التي ينادي بها الدين من شأنها أن تكف يد الجريمة في الناس ، وتخفف من شرورهم ، وتجلب للإنسانية نفعاً عظيماً ، ولكن القيادة المجرمة الخفية في العالم تخسر بنشر هذه المبادئ وتطبيقها جنوداً كثيرين تستطيع أن تجندهم عن طريق الإلحاد والإباحية المطلقة ، ولا تستطيع أن تجندهم عن طريق الإيمان والتزام المفاهيم الأخلاقية .
لذلك فإن وسيلتهم الوحيدة لتجنيد جيوشهم المجرمة ، هي أن ينشروا الإلحاد والإباحية أولاً ، ثم ينتقوا جنودهم من هذا الوسط الإلحادي الإباحي ، ليدفعوا بهم إلى ارتكاب الجرائم الإنسانية الكبرى ، وبذلك يحقق المجرمون المستورون أهدافهم في السيطرة على العالم .
( 8 )
نظرت في مناقشته لبحث الفيلسوف الأمريكي (وليم جيمس) الذي كتبه تحت عنوان : “إرادة الاعتقاد” ، فرأيت أن (وليم جيمس) تعرض في بحثه إلى حق الإنسان المفكر بالاعتقاد بوجود الله ، ولو لم تكن البينات العلمية والأدلة العقلية كافية بحد ذاتها للبرهان على وجود الله أو عدم وجوده ، نظراً إلى أن عواطف الإنسان ومشاعره ترجح جانب الإثبات ، كما أن الإنسان يجد نفسه بين موقفين :
1- فإذا هو أنكر الله وجحده وكان الواقع بخلاف ذلك فإنه يعرِّض نفسه لخسائر كبرى .
2- وإذا هو آمن به وكان الواقع بخلاف ذلك فإنه لا يخسر شيئاً .
واستنتج من ذلك أن موقف الإيمان على هذا موقف لا خسارة فيه مطلقاً ، مع وجود احتمال اغتنام أرباح كثيرة منه ، وأما موقف الإلحاد على هذا أيضاً فهو موقف لا ربح فيه مطلقاً ، مع وجود احتمال تكبد خسائر كبرى .
وبمقارنة هذين الموقفين يترجح موقف الإيمان على موقف الإلحاد قطعاً ، ويكون من حق الإنسان أن يؤمن في مقياس العقل .
ثم بلغ مني العجب مداه حين رأيت الناقد (د. العظم) يناقش بحث (جيمس) مناقشة مشحونة بالمغالطات التي تأتي ببعض العبارات الفلسفية ، وليس فيها من الفلسفة الصحيحة شيء ، وتستخدم العبارات العلمية ، وليس فيها من العلم الصحيح شيء ، جلَّ ما فيها سفسطة ، ومغالطات ، وخطابيات ، وتقريرات ، وكلها لا تملك من الأدلة شيئاً حتى أضعفها .
هذا على الرغم من أن (وليم جيمس) لم يقدم لقضية الإيمان إلا أضعف الأدلة ، وهو الدليل الذي صاغه الشاعر العربي الفيلسوف بقوله:
قال المنجم والطبيب كلاهما *** لا تُبعث الأجساد ، قلت : إليكما
إن صحَّ قولكما فلست بخاسر *** أو صحَّ قولي فالخسار عليكما
وهذا هو الدليل الثاني الذي طرحه مؤمن آل فرعون ، في مناقشة لهم حول دعوة موسى عليه السلام ، وقد حكى القرآن ذلك عنه بقول الله تعالى في سورة (غافر/40 مصحف/60 نزول):
{وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَآءَكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ * يٰقَومِ لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي ٱلأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ}.
فهذا الرجل المؤمن من آل فرعون عرض عليهم أولاً دليل البينات التي جاء بها موسى ، ثم تنازل معهم إلى مستوى آخر لا يستطيعون أن يرفضوه إذا هم رفضوا البينات ، فقال لهم {وإن يك كاذباً فعليه كذبه}، أي : فإنكم لا تخسرون شيئاً إذا تركتم موسى وشأنه فيما لو كان كاذباً {وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم}، أي : فإنكم تخسرون كثيراً بتكذيبه ومقاومة دعوته فيما لو كان صادقاً ، فالمنطق الحق يرجح الأخذ باحتمال صدقه على احتمال كذبه ، لأن الأخذ باحتمال الصدق يدفع عنكم احتمالات الخطر دون أن تخسروا شيئاً ، أما الأخذ باحتمال الكذب فإنه قد يعرضكم للخطر دون أن تخسروا شيئاً ، أما الأخذ باحتمال الكذب فإنه قد يعرضكم للخطر دون أن تجنوا شيئاً من الربح ، وهذا منطق عقلي يصح الاستناد إليه والاعتماد عليه ، في كل الأمور التي يجد الإنسان نفسه فيها بين موقفين متكافئين نظرياً ، إلا أن الأخذ بأحدهما فيه السلامة بصفة قطعية مع احتمال الربح ، أما الآخر ففيه احتمال عدم السلامة مع الخسارة ، وهذا هو أضعف الأدلة المرجحة .
ويُطرح هذا الدليل عند آخر مرحلة من مراحل النقاش الذي يرفض فيه الملحد أدلة الإيمان الكثيرة ، ويعلن تشككه بها ، أو يطرح في أول مرحلة من مراحل النقاش ، لتوجيه النفس إلى منطقة الإيمان منذ الانطلاقة الفكرية الأولى ، ثم تطرح من بعده الأدلة والبينات الأخرى ، فهو إما دافع إلى النقلة الأولى التي تتجاوز منطقة الشك المطلق ، وإما ممسك بالنفس في منطقة الإيمان قبل أن تنزلق إلى منطقة الشك المطلق .
ولست أدري كيف بلغ (العظم) هذا المستوى الذي نراه في كلامه من ضعف الإدراك لأصل الموضوع ، حينما ناقش (جيمس) حول هذا الدليل .
فهو ينقل بعض أقوال (وليم جيمس) ثم يعلق عليها تعليقاً عجيباً ، يدلُّ على ضعف إدراكه للمشكلة ، أو استهانته بقارئي كتابه استهانة بالغة ، إذ يحاول تضليلهم حتى في البدهيات ، انظر هذا المقطع من الصفحتين (76) و(77) من كتابه:
“وهنا يدافع (جيمس) عن نفسه قوله:
1- لا يمكننا أن نعلق الحكم إلى الأبد في موضوع الاعتقاد بوجود الله لأننا بذلك قد نتجنب الوقوع في الخطأ إذا لم يكن الإله موجوداً ، ولكننا سنخسر فائدة كبرى فيما لو كان موجوداً”.
ويعلِّق على كلام (جيمس) هذا بقوله :
” في الواقع أن (جيمس) يسيء فهم المشكلة : فالمسألة لا تتعلق بالفائدة الدنيوية أو الأزلية التي قد أجنيها من اعتقادي بالله ، وبالخسارة المماثلة التي قد أتكبدها من عدم اعتقادي به إذا كان موجوداً . المشكلة أصلاً لا تمت بصلة إلى حساب الأرباح والخسائر ، ولا علاقة لها بعقلية الرهان والمجازفة . المشكلة بكل بساطة هي : هل القضية “الله موجود” قضية صادقة أم كاذبة ، أم أن صدقها جائز جواز كذبها ، وليس لدينا أدلة أو بينات ترجح أياً من هذين الاحتمالين على الآخر؟ يجب أن ينسجم موقفنا الشخصي من قضية وجود الله انسجاماً تاماً مع جوابنا على هذا السؤال ، لا مع حساب الخسائر والأرباح”.
يا عجباً له ولهذا المنطق الأعور ، من منهما يسيء فهم المشكلة (جيمس) أو (العظم)؟
كيف لا تتعلق المشكلة بالفائدة الدنيوية أو الأزلية التي قد أجنيها من اعتقادي بالله ، وبالخسارة المماثلة التي قد أتكبدها من عدم اعتقادي به إذا كان موجوداً ؟
إنها مشكلة وجودي وحياتي وسعادتي ومستقبلي ، أفلا أبحث عنها ؟ أفلا أضعها في الحساب؟ أفأعرض وجودي كله وسعادتي كلها للخطر ، دون أن يكون لي في الموقف الذي أتخذه أي ربح ، أو أية فائدة؟
هل أتعامل مع أرقام في مسألة رياضية لا علاقة لي بها؟
إنها قضية حياة ، قضية سعادة ، قضية مصير ، إن اللعب فيها لعب بالنار .
هل يفعل (العظم) مثل هذا في مشكلاته الحياتية المصيرية ، من أمور معاشه أو صحته ومرضه أو سلامته وتهلكاته أو تجارته واستمثاراته؟ أو نحو ذلك .
إنه هو الذي يسيء فهم المشكلة ، أو هو الذي يفسد تصويرها ، لتضليل المراهقين فكرياً ونفسياً.
حينما حاول تحديد المشكلة أخذ يهرف في تصويرها ، كأنها قضية لا علاقة للباحث بها من قريب ولا من بعيد ، فقال :
“المشكلة بكل بساطة: هل القضية (الله موجود) قضية صادقة أم كاذبة؟ أم أن صدقها جائز جواز كذبها؟”.
ثم قال:
“يجب أن ينسجم موقفنا الشخصي من قضية وجود الله انسجاماً تاماً مع جوابنا على هذا السؤال ، لا مع حساب الأرباح والخسائر”.
فمن أين له أن يلقي هذه التقريرات المخالفة للحقيقة وللبديهة العقلية دون أي دليل؟ أهو يبحث عن قضية في مجاهيل الجزر البحرية التي لا علاقة له بها؟ حتى يقرر أن المشكلة أصلاً لا تمت بصلة إلى حساب الخسائر والأرباح .
يبدو أنه قد بلغ من السخف الفكري مداه ، حين انتقد (وليم جيمس) في ترجيحه جانب الإيمان على جانب الإلحاد ، بمرجِّح احتمال الربح الذي لا يقابله احتمال خسارة ، بينما رجح (العظم) جانب الإلحاد بدون مرجح مطلقاً ، مع قيام مرجح احتمال الخسارة في جانب الإلحاد ، ومرجح احتمال الربح في جانب الإيمان ، وكلاهما لصالح قضية الإيمان ، إلا أنه ألغاهما من الحساب اعتباطاً وحماقة ، وزعم أنه لا علاقة لهما أصلاً بالقضية .
أليس هذا تضليلاً يمكن أن يدركه أي ناظر بالبداهة؟
لقد حاول (العظم) طمس جوانب المنطقية في دليل (جيمس) بالمراوغة والمغالطة ، وتصدى لنقد أصوله المقبولة فكرياً بسفسطات مرفوضة بداهة .
لقد كان (جيمس) منسجماً مع المنطقية السليمة ، ومع البحث عن سلامته وسعادته ومصيره ، على فرض أنه لا توجد إثباتات كافية أو بينات علمية تبرهن على وجود الله أو عدم وجوده ، فقد رأى أن الأخذ بجانب الإيمان أرجح ، استجابة لنداء الفطرة من جهة ، وطلباً للسلامة من جهة أخرى ، وذلك لأن تعليق الحكم إلى الأبد في موضوع الاعتقاد بوجود الله جُلُّ ما فيه أنه قد يُجَنِّبُ الوقوع في الخطأ إذا لم يكن الإله موجوداًَ ، لكنه يوقع في خسارة عظيمة (هي الشقاء الأبدي) فيما لو كان موجوداً ، فهل يجازف العاقل بحياته وسعادته الأزلية دون مقابل ، ولمجرد وقوف جامد حائر .
أما اختيار سبيل الإنكار والكفر بالله فإن (جيمس) يراه اختياراً متعنتاً لجانب لا دليل عليه مطلقاً ، وليس فيه استجابة لنداء الفطرة ، وفيه مخاطرة حمقاء توقع الإنسان في احتمالات خسارة كبرى وشقاء أبدي .
أما (العظم) فمنهجه السوفسطائي الديماغوجي اللامنطقي أن يبيح لنفسه أن يقول ما يشاء ، دون ضابط عقلي أو علمي أو أخلاقي .
فالحقيقة الظاهرة يقول عنها دون مبالاة أو اكتراث : إنها غير موجودة .
والأوهام المفتراة يقول عنها بجزم وتأكيد : إنها حقائق ثابتة .
ومنهجه الجدلي أن يبيح لنفسه أن يغالط كما يشاء ، وأن يزيف أي شيء يريد تزييفه ، وأن يلبس أثواب الزور ، فيرتدي أردية البحث العلمي ، وكلامه مناقض للبحث العلمي ، ويحمل شعار الأمانة الفكرية وأخلاق الاعتقاد ، وهو في حرب ضروس ضد الأمانة الفكرية وأخلاق الاعتقاد وسائر الأخلاق والقيم .
انظر هذا المقطع الثاني من نقده لبحث (وليم جيمس) لترى ما حشر فيه من مغالطات ، يقول في الصفحة (77) من كتابه:
“2- يقول جيمس في دفاعه عن نفسه: إن الإنسان الذي يعلق الحكم في موضوع وجود الله يرضخ بذلك إلى تخوفه من الوقوع في الخطأ والوهم ، بينما كان الأحرى به أن يعتقد بوجوده تمشياً مع أمله في أن يكون اعتقاده صادقاً”.
ويعلق العظم على قول (جيمس) هذا بقوله:
“ولكن جيمس مخطئ ، لأن خوفنا من الوقوع في الخطأ أهم بدرجات من أملنا في العثور على الحقيقة ، أو من رجائنا في أن يكون اعتقادنا صادقاً”.
هكذا يقرر(العظم) ثم يأتي بما زعم أنه دليل ، ولكنه لو لم يأت به لكان أستر له ، إنه يقول في دليله الذي ساقه:
“ذلك لأن عدد الأخطاء التي يمكن أن نقع بها غير متناه ، أما الحقيقة فواحدة ، وبما أن احتمالات الوقوع في الخطأ أكبر بكثير من احتمالات العثور على الحقيقة ، أو احتمال الوقوع على الاعتقاد الصادق ، لذلك يضطر الإنسان لأن يضع ضوابط صارمة وحازمة في بحثه عن المعرفة ، أملاً منه في أن يخفض احتمالات الخطأ إلى أقل حد ممكن . وبالرغم من ذلك يظل عدد هذه الاحتمالات مخيفاً”.
ولا بد أمام هذا الكلام (العظمي) من إلقاء ضحكة سخرية ، وذلك لأنه وضع الأشياء التي في غير مواضعها ، وذكرني بقصة طالب غبي يحفظ بعض المسائل النحوية والصرفية واللغوية ، سأله الممتحن أول ما سأله ما اسمك؟ فقال له : الاسم على أقسام: منه علَمَ ، والعلم مرتجل ومنقول ، وهو علم شخصي وعلم جنسي ، ومنه معارف أخرى غير علم ، ومنه نكرة ، والنكرة قد تكون اسم جنس ، وقد تكون اسم جنس جمعي ، وفي باب النداء قد تكون النكرة نكرة مقصودة ، وقد تكون نكرة غير مقصودة ، ومعاجم اللغة قد جمعت المفردات اللغوية وبينت معانيها ، سواء ما كان منها اسماً أو فعلاً ، وفيها مئات الألوف من الكلمات ، وسار على هذا المنوال في السرد الغبي .
و(العظم) ظن نفسه في مثل صحراء واسعة يبحث فيها عن دينار ، واحتمالات الخطأ فيها لا نهاية لها ، ونسي أنه في موضوع يتردد بين احتمالين فقط ، لا ثالث منهما ، أحد هذين الاحتمالين هو أن الله موجود وحق ، والاحتمال الثاني هو الاحتمال المناقض له ، ولا شيء وراء هذين الاحتمالين ، فالقضية كمن جاءنا فقال : في وسطي حزام ناسف ، وهنا لا بد أن نكون أمام خيارين لا ثالث لهما ، إما أن نرجح احتمال الصدق فنأخذ حذرنا ، وإما أن نرجح الاحتمال الآخر فنورط أنفسنا في احتمال الخطر .
و(جيمس) رجح احتمال الإيمان على نقيضه فقط ، وليس على احتمالات لا حصر لها .
فمن أين (للعظم) أن يغالط هذه المغالطة المفضوحة؟
من أين جاء بقصة عدد الأخطاء التي لا نهاية لها في موضوع ليس فيه إلا احتمالان متناقضان فقط؟
إنها قصة في البحث العلمي ، ولكن ليس هذا مكانها ، إنه يضع الأشياء في غير مواضعها ، إما على سبيل الجهل واختلال الموازين المنطقية لديه ، وإما على سبيل المغالطة واستغفال القارئ والتغرير به ، ولكن أي قارئ حصيف قادر على كشف هذا الزيف الذي صنعه .
وبعد هذا التزييف المقصود الذي أراد به السفسطة والمخادعة ، ظن أنه ملك ناصية حجة متينة وبلغ ما يريد من تهديم للأبنية الفكرية الإيمانية فقال في الصفحة (77).
” لا شك إذن أنه – خلافاً لرأي جيمس – من الحكمة أن نخاف من الوقوع في الخطأ أكثر بكثير من أن نتسرع في الانصياع مع أملنا في العثور على الاعتقاد الصحيح والصادق ، خصوصاً قبل تصفية احتمالات الخطأ إلى أدنى حد ممكن ، عن طريق التفكير العلمي ومنهجه المعروف “.
وهنا نلاحظ أنه قد يكون دارساً لمنهج التفكير العلمي ، ولكن لا يعرف مواضع تطبيقه ، والأعجب من ذلك أنه يأخذ لنفسه بالاحتمال المقابل ، دون أن يناقش نفسه بما ناقش به (جيمس) ، وهذا يدل على أنه يغالط ويراوغ ،ويجادل بالباطل .
لقد أثبت هذا الملحد على نفسه وعلى طرائق الملحدين صوراً فيها الكثير مما يضحك العقلاء ، إن كان يستهين بمنطق القراء ومدى ثقافاتهم فليعلم أن صغار المثقفين الإسلاميين قادرون على كشف مغالطاته وتزييفاته .
لقد تجاوز في صنيعه قواعد التفكير العلمي ومنهجه المعروف ، ومشى في صحرائه التائهة يتغنى بقول الشاعر:
سارت مشرِّقة وسرتُ مغرباً *** شتان بين مشرِّق ومغرِّب
ثم بعد أن ظن أنه قد قرر النتيجة المفحمة قال :
” حتى لو كان الاعتقاد الذي تقبلناه عن طريق العاطفة والميول صادقاً وصحيحاً بمحض المصادفة ، فلن يكون له قيمة ، لأن شأن هذا الاعتقاد هو كشأن الوصول إلى المال عن طريق السرقة ، عوضاً عن طريق العمل الشريف . أي : إننا وصلنا إلى هذا الاعتقاد الصادق بطريق غير مشروعة ، ولا يمكننا أن نقيم مبادئ عامة للوصول إلى آراء مدروسة على أساس المصادفة “.
ونحن لا نريد أن نعلق على هذه المناقشة الضعيفة الواهنة كثيراً ، لأن موضوعنا لا يهمنا ، باعتبار أن قضية الإيمان بالله وتعالى وبما جاءنا عنه ، هي بالنسبة إلينا قضية علمية ، توصلنا إليها بالمنطق السليم ، والحجة الدامغة ، والبرهان القاطع ، ولا شأن لنا بمن أنكرها أو أغمض بصيرته عنها .
ولكن ننتقد هذه المناقشة من وجهين:
الأول: ما أسماه بالمصادفة التي قد توصل الإنسان إلى الاعتقاد الصحيح الصادق ، قد شبهه بكسب المال عن طريق السرقة ، عوضاً عن طريق العمل الشريف ، وكان منطق التشبيه يقضي عليه بأن يشبهه بالعثور على منجم في جبل ، أو لُقَطَةٍ في صحراء ، أو كنز لا مالك له .
على أن القضية بالأساس ليست من قبيل المصادفة ، إنما هي من وجهة نظر (جيمس) ترجيح قائم على نظر صحيح ، يحق للإنسان معه أن يتخذ مذهباً .
يضاف إلى هذا أن الإلحاد الذي تمسَّك به (العظم) وأضرابه ، هو الذي يصح أن يوصف بأنه عمل غير مشروع ، إلا سند لمذهب الإلحاد مطلقاً ، فلا يوجد دليل ولا شبه دليل يدعمه ، بل فيه رفض لأدلة الإيمان المثبتة ، أو لأدلته المرجَّحة على أدنى المستويات ، كالدليل الذي اعتمد عليه (جيمس).
الثاني: كان الأحرى بالعظم أن يطبق على مذهبه الإلحادي قوله:
“ولا يمكننا أن نقيم مبادئ عامة للوصول إلى آراء مدروسة على أساس المصادفة”.
إنه يمنع الأخذ بالمصادفة في مجال البحث النظري للوصول إلى أفكار صحيحة ، ويقبل مبدأ وجود الأحداث الكونية وتغيراتها وقوانين الطبيعة كلها والإنسان وعقله الذي يفكر فيه على أساس المصادفة .
هذا مع أننا من وجهة نظرنا الإسلامية لا نقبل أن تكون المصادفة أساساً لإقامة عقائد وآراء ومفاهيم ، ولا لقيام أحداث كونية كبرى ذات نظم محكمة ، وقوانين ثابتة ، ومن عثر مصادفة على رأي صحيح أو اكتشاف علمي ، فإننا لا نقبله منه ما لم يدعمه بعد المصادفة بالأدلة الكافية ، أو بالتجربة الصحيحة القابلة للإعادة والتكرار .
ثم يختم (العظم) نقده لبحث (وليم جيمس) بقوله:
“في معرض نقدنا لرأي (جيمس) يجب أن نذكر أن المفكر الذي لا يعتقد بوجود الله ، أو يعلق الحكم حول الموضوع بأسره ، قد لا يفعل ذلك من جراء تكوينه العاطفي ، باعتبار أنه ربما كان بطبيعته العاطفة أميل إلى الاعتقاد منه إلى الرفض . إنه يفعل ذلك لأن القناعات الفكرية التي تشكلت لديه على أسس علمية واضحة لا تسمح له بأن يعتقد بوجود الله دون أن يقع في تناقض ذاتي ، ودون أن يضحي بوحدة تفكيره ومنطقه”.
في كلامه هذا اعتراف ضمني بدليل الفطرة التي تهديه وتنزع به إلى الإيمان (فطرة الله التي فطر الله عليها) ولكنه يكبت فطرته بأوهام الجحود والإنكار ، وبما أسماه من قناعات ، وهي لا تزيد على أنها مواقف عنادية ، مشحونة بالأكاذيب والمغالطات والسفسطات الجدلية . ففي كل أقواله وجدلياته ، وفي كل ما ساقه من أقوال لأساتذته ، لم نجد ما يولِّد أية قناعة لباحث عن الحقيقة صادق في بحثه .
والسفسطة والمغالطة والكذب لا تشكل له عذراً مقبولاً بين يدي ربه ، حينما يأتي ذليلاً حقيراً لا يملك شيئاً .
أما زعمه بأن المؤمن بالله لا تسمح له القناعات الفكرية بأن يعتقد بوجود الله دون أن يقع في تناقض ذاتي ، ودون أن يضحي بوحدة تفكيره ومنطقه ، فزعم لم يقم عليه دليلاً في كل ما كتب ، وإنما ألقاه كلاماً تقريرياً خالياً من أية حجة صحيحة ، وما ساق من جدليات مختلفة لم يحتوِ على شيء مما يدعم بصدق هذا الزعم ، أو يقدم لصاحبه عذراً فكرياً مقبولاً عند الله أو عند العقلاء من الناس .
ثم لا يقتصر على الاعتراف الضمني بوجود الفطرة النزاعة إلى الإيمان ، بل يرتقي إلى الاعتراف الصريح بوجود الشعور الديني في الفطرة الإنسانية ، ولكنه لا يحاول أن يجد طريقاً لتنفيس هذا الشعور وتلبيته بألوان من التعويض الذي لا يسد مسداً صحيحاً ، أو بلون من ألوان الوثنية .
يقول في الصفحة (78) من كتابه:
” هذا لا يعني أنني أريد نسخ الشعور الديني في تجارب الإنسان من الوجود “.
أي : ما سبق في كلامه من توجيهه حربه الشعواء على الدين ، لا يعني أن الشعور الديني غير موجود بصفة أصيلة في الفطرة الإنسانية بل هذا الشعور موجود ، وهو ينزع في داخل النفس الإنسانية نزوع الدوافع الفطرية الأصيلة ، التي تتطلب تلبية نفسية وروحية ومادية ، وتلبية هذا الشعور يكون بالإيمان والعبادة .
لكن (العظم) يعترف بوجود هذا الشعور الديني ، ويحاول عزله عن التلبية الصحيحة ، إذ يُغرية بأوهام لا تُلبي دوافعه تلبية صحيحة ، فيصرفه عن عبادة الله الحق إلى أوهام عبادات وثنية مختلفة يخترعها له ، كعبادة الجمال ، أو عبادة البحث عن الحقيقة ، أو عبادة الأهواء والشهوات ، أو عبادة مطالب الحياة والأعمال المؤدية إليها ، ويلحق بذلك عبادة القادة والأسياد ، وعبادة الأحزاب ، وعبادة الشياطين .
وفي هذا يقول متابعاً كلامه:
“يجب تحرير هذا الشعوب الديني من سجنه ، ليزدهر ويعبر عن نفسه بطرق ووسائل مناسبة للأوضاع والأحوال التي نعيشها في حضارة القرن العشرين . لذلك علينا أن نتنازل عن الفكرة التقليدية القائلة بوجود شيء كحقيقة دينية خاصة ، وأن نوجه اهتمامنا نحو الشعور الديني المتحرر من هذه الأعباء والأثقال”.
إنه بهذا يريد أن يُرجع الناس إلى الجاهلية الأولى ، وإلى عبادة الأوثان ، وبعد أن حاول صرف الشعور الديني عن الله جلَّ وعلا ، وتوجيهه للوثنيات المادية والخيالية قال:
“وقد يتمثل الشعور الديني بهذا المعنى في موقف الفنان من الجمال ، أو في موقف العالم من البحث عن الحقيقة ، أو في موقف المناضل من الغابات التي يعمل لتحقيقها ، أو في موقف الإنسان العادي من أداء واجباته الحياتية واليومية”.
لقد كان بإمكانه أن يعبد الله وحده وهو في هذه المواقف كلها ، لأن عبادة الله بمعناها الواسع تتمثل في كل عمل أو تصور أو عاطفة ،مما أذن الله به إذا ابتغى به الإنسان مرضاة الله تعالى ، لكنه – وكذلك سائر الملحدين – يكرهون الخضوع لمن خلقهم ، ويلذ لهم أن يخضعوا لخلقه .
إن الدين ومشاعره والدوافع إليه حقائق مغروزة في الفطرة الإنسانية ، لا يملك أي إنسان نسخها من الواقع الإنساني ، مهما حاول التضليل في الأمر ، وفي حال كبتها يعيش الإنسان ضائعاً قلقاً مضطرب المشاعر ، ذا حاجة أصيلة في نفسه ، وهذه الحاجة محرومة من التلبية الصحيحة .
في كل إنسان إحساسات فطرية صادقة ، تنزع به إلى الإيمان بوجود خالق لهذا الكون كله ، ومشاعر فطرية صادقة تتوجه نحو هذا الخالق العظيم بالدعاء ، وبطلب المعونة والإمداد الدائم ، وتتوجه إليه بالخشوع والإجلال والحب ، وحاجات فطرية أصيلة لعبادته والتماس الصلة به ، وهذه الإحساسات والمشاعر الفطرية تشترك بالإحساس والشعور بها جميع الخلائق المدركة ، على اختلاف نزعاتها ، ومستويات ثقافاتها ، في البيئات البدائية ، وفي المدن المتحضرة ، وفي منتديات المثقفين ، وفي قاعات العلوم والفنون والمختبرات .
إنها صبغة الله ، وفطرته التي فطر الناس عليها ، هذه حقيقة بيَّنها الله بقوله في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول):
{صِبْغَةَ ٱللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ}
وبقوله في سورة (الروم/30 مصحف/84 نزول):
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}.
ولكن قد نجد هذه الفطرة مغشى عليها في نفوس بعض الملحدين ، ولهذا الغشاء سبب ، فالفطرة هذه لا تنطمس إلا في نفس من بالغ في الانحراف من الناس ، بدافع غير أخلاقي ، كالكبر والعناد ، أو الرغبة بالفجور ، والانطلاق في الأهواء والشهوات ، مع التهرب من مشاعر العدالة الإلهية ، وملاحقة الضمير الديني للسلوك . أو في نفس مُضلَّلٍ لعبت بأفكاره وعبثت بشهواته شياطين الإنس ، من ذوي المصلحة الأساسية في نشر الإلحاد والكفر بالله في الأرض . ولكن المشاعر الفطرية لدى هؤلاء وأولئك تظل مكبوتة محرومة من التلبية وتنفيس الكرب الذي يتولد عن الكبت ، ثم تحاول التنفيس بطرق غير طبيعية ، وهذا التنفيس يظهر في صورة هيستيريا عصبية انفعالية ، مع الفن تارة ، ومع الخمر والمخدرات تارة أخرى ، ومع الانتحار أحياناً ، ومع (الهيِّيَّة) أحياناً أخرى ، وفي جنون الحرب ، وفي جنون الانعزالية والانطوائية ، وفي جنون العظمة وادعاء الربوبية ، إلى غير ذلك مما لا يحصى.
ومع ذلك فإن هذه الفطرة فقد تتيقظ في نفوس أعتى الكفرة والملاحدة المجرمين ، وذلك حينما تشتد عليهم مصائب الحياة ، ويقعون في مخاطر محدقة بهم ، ولا يجدون وسيلة مادية لدفعها ، وهذا ما حصل لفرعون حينما أدركه الغرق فقال : “آمنت برب موسى وهارون آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل”.
وهذه صورة تتكرر في حياة الإنسان ، كلما أحاطت به شدة لا يجد وسيلة مادية لتفريجها ، وقد كشف الله عنها بقوله في سورة (الإسراء/17 مصحف/50 نزول):
{وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ كَفُوراً}
وكشف عنها سبحانه بقوله في سورة (يونس/10 مصحف/51 نزول):
{هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَآءَهُمُ ٱلْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ * فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }.
هذا هو واقع الفطرة الدينية في النفوس الإنسانية ، إلا أن الملحد (العظم) حاول تحويل هذه الفطرة عن الإيمان بالله وعبادته ، إلى الإيمان بالمادة وعبادتها ، بتوجيه المشاعر الدينية الفطرية نحوها ، فبعد أن قال:
“لا أريد نسخ الشعور الديني في تجارب الإنسان من الوجود”.
قال:
“ولكن أرى من الضروري التمييز بين الدين وبين الشعور الديني ، ذلك الشعور المسحوق تحت عبء المعتقدات الدينية التقليدية المتحجرة ، وتحت ثقل الطقوس والشعائر الجامدة”.
يبدو أنه يلقي ما في فكره ونفسه من تحجر وجمود على المعتقدات الإسلامية والشعائر الدينية ، حسبه جموداً وتحجراً أنه يرفض الحق المدعم بالأدلة الواضحة ، ويكابد ويكدح وراء أوهام وخيالات لا دليل عليها .
يريد أن يجعل بدل الصلاة مثلاً (رقص الباليه) ، وبدل الحج إلى بيت الله الحرام الحج إلى محنط (لينين)، وبدل ارتياد المساجد ارتياد المواخير والحانات ، وبدل عبادة الله عبادة الأوثان والأشخاص ، ليتخلص من الشعائر الدينية الجامدة بزعمه .
وإنني غيرة عليه – وعلى كل كافر بالله ملحد – أنصحه بأن يرتدع عن غيه ، قبل أن ينزل الله به نقمته ، ببلاء لا ينقذه منه أحد إلا الله .
إن ربك لبالمرصاد ، وإنه لشديد العقاب ، وإنه سبحانه يمهل ليفتح طريق الرجعة إليه والتوبة والاستغفار ، ولا يهمل ، إنه يملي للكافرين ، ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر ، وليسمع قول الله تعالى في سورة (الأعراف/7 مصحف/39 نزول):
{وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}.
وقوله سبحانه في سورة (الحج/22 مصحف/103 نزول):
{فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}.
* * *
الفصل السادس
صراع من أجل قضية الإيمان باليوم الآخر
والفكر الدّيني الصّحيح حَوْلها
( 1 )
اعتمد الناقد (د. العظم) في إنكار الآخرة ، والبعث بعد الموت للحساب والجزاء على أقوال (برتراند رسل)[13] ، وزعم أن أقواله تلخيص للنظرة العلمية حول هذا الموضوع ، مع أن (رسل) لم يقدم في كلامه إلا مجرد النفي الذي لا تدعمه أدلة علمية ، ومعلوم أن النفي المجرد عن الأدلة المصححة للنفي يستطيع أن يفعله أي إنسان ، إذ يستطيع أن ينفي به أية حقيقة من الحقائق ، فهو لا يكلف صاحبه إلا أن يقول : (لا)، أو يرفع رأسه إلى أعلى إشارة للنفي ، لكنه بذلك يخسر أصل إنسانيته التي زانها العقل السليم ، والمنطق المحاكم للأمور بميزان مستقيم .
قال (العظم) في الصفحة (27) من كتابه:
“وفي مناسبة أخرى عندما سئل (رسل) : هل يحيى الإنسان بعد الموت؟ أجاب بالنفي ، وشرح جوابه بقوله: عندما ننظر إلى هذا السؤال من زاوية العلم وليس من خلال ضباب العاطفة نجد أنه من الصعب اكتشاف المبرر العقلي لاستمرار الحياة بعد الموت . فالاعتقاد السائد بأننا نحيا بعد الموت – يبدو لي – بدون أي مرتكز أو أساس علمي . ولا أظن أنه يتسنى لمثل هذا الاعتقاد أن ينشأ وأن ينتشر لولا الصدى الانفعالي الذي يحدثه فينا الخوف من الموت . لا شك أن الاعتقاد بأننا سنلقى في العالم الآخر أولئك الذين نكنُّ لهم الحب يعطينا أكبر العزاء عند موتهم ، ولكنني لا أجد أي مبرر لافتراض أن الكون يهتم بآمالنا ورغباتنا ، فليس لنا أي حق في أن نطلب من الكون تكييف نفسه وفقاً لعواطفنا وآمالنا ، ولا أحسب أنه من الصواب والحكمة أن نعتنق آراء لا تستند إلى أدلة بينة وعلمية”.
لا بد أن نضع هذا الكلام للفيلسوف الإنكليزي الملحد تحت مناظير البحث المنطقي والعلمي ، لنرى قيمته من الوجهة العقلية والعلمية .
ليس غريباً على (رسل) بعد أن اختار سبيل الإلحاد بالله ، واعتبار الكون ظاهرة مادية بحتة ، على خلاف ما قدمته الأدلة العلمية والعقلية في هذا المضمار ، أن يصعب عليه – في الإطار المادي البحت – اكتشاف المبرر العقلي لاستمرار الحياة بعد الموت .
وليس غريباً عليه بعد ذلك أيضاً أن لا يجد لعقيدة الحياة بعد الموت ، وعقيدة الدار الآخرة للحساب والجزاء ، مرتكزاً علمياً يستند إليه .
نعم ، إن من ينكر حياة كائن ما بغير دليل يجد من الصعب عليه أن يكتشف المبرر العقلي لوجود إرادة لهذا الكون ، لأن إرادته فرع لتصور حياته ، وبعد إنكار الأصل يكون إنكار الفرع شيئاً طبيعياً ، ومذهباً سهلاً ، لكن هذا الإنكار لا يعبر عن الواقع بحال من الأحوال .
إن الإيمان بالحياة بعد الموت للحساب والجزاء في دار غير هذه الدار قضية خبرية ، أي : ذات مستند خبري ، وليست قضية عقلية بحتة حتى نَبْحث في نطاق العقل عن دليل يدلُّ عليها دون الاستناد إلى الإيمان بالله . فلو أن عالماً من علماء الحيوان تحدث عن وجود حيوان بري غريب رآه بعينيه ، وأخذ يصف مشاهداته الحسية له ، ثم جاء سمَّاك فقال : لا أجد المبرر العقلي لوجود هذا الحيوان الغريب الذي يتحدث عنه هذا العالم ، لما كان كلامه أكثر سقوطاً من ناحية الاستدلال العلمي والعقلي من كلام (رسل) إذ أنكر وجود الحياة بعد الموت ، في ظروف غير ظروف هذه الحياة الدنيا ، على الرغم من أن هذا الرجل فيلسوف وعالم واسع الاطلاع ، إلا أن الهوى قد يحوّل عقل الفيلسوف الكبير إلى عقل السمّاك .
لقد أراد (رسل) أن يخضع الدار الآخرة والحياة الأخرى للمقاييس التجريبية التي تخضع لها ظواهر هذا الكون المادية ، في ظروف الحياة الدنيا التي نعيش الآن فيها ، مع أن الدار الآخرة والحياة الأخرى لا تخضع بطبيعتها لهذه المقاييس .
إن (رسل) بقياسه هذا يشبه من يزن الضغط الجوي بميزان البقال ، أو يزن الكثافة بميزان الحرارة ، أو قيس مقدار الذكاء بمساحة الجمجمة ، أو يزن بحور الشعر بالسانتمتر .
ما هو مبلغُ إنكار أي فيلسوف من الصحة إذا هو أنكر قراراً أصدرته دولة كبيرة قادرة ، بأنها ستنشئ في برنامج خطتها لربع قرن مدينة نموذجية بديعة جداً ، لا تُسكن فيها إلا الطبقة الصالحة الراقية من شبعها ، وستنشئ سجوناً إصلاحية أو تأديبية تخصصها للجانحين والخارجين على قوانين الدولة ؟!
فإذا قال فيلسوف كبير : لا أجد مبرراً عقلياً أو علمياً يؤكد أن منشأتين من هذا القبيل ستحدثان ، أفيكون كلامه مقبولاً عند العقلاء الذين علموا بقرار الدولة؟
من البدهي أن استدلال (رسل) استدلال غير منطقي وغير علمي ، وكشف هذا الزيف لا يحتاج إلى فلسفة راقية ، وإنما تكفي فيه البديهة العقلية المسلّمة عند جميع العقلاء ، وكان الأولى له أن يبني إنكاره لقضية الحياة بعد الموت والدار الآخرة على إنكاره لخالق الكون ، فبما أنه جحد الأساس الأول فكل ما يأتي عنه من أنباء وأخبار وقرارات وأحكام مرفوض من وجهة نظره ، وعندئذ تكون معالجته من مواقع هذا الأساس ، لا مما يتفرع عنه ويبنى عليه .
واعتباره عقيدة اليوم الآخر والدار الآخرة ناشئة عن الصدى الانفعالي الذي يحدثه الخوف من الموت ، إنما هو ثمرة من ثمرات جحوده للخالق ، وتخيُّله أن هذا الكون كله ، وما فيه من نظم رفيعة معقدة جداً ، وما ظهر فيه من حياة وفكر ، إنما هو نتيجة مصادفات عثرت عليها حركات ذرات الكون العشوائية ، فهذه الحركات العشوائية تولَّد عنها هذا النظام البديع ، وهذا الوجود كله خال من أي أثر لعقل محرِّك ، وحياة ذات إرادة وخلق وتدبير .
فلما كان هذا الكون كله كذلك من وجهة نظره الملحدة الكافرة بالله الخالق المدبر الحكيم ، كان طبيعياً أن لا يجد هذا الكون المادي الجاهل الأعمى الخالي من كل تدبير حكيم عليم مهتماً بالآمال والرغبات التي تقوم في نفوس الناس ، ولذلك قال:
“ولكنني لا أجد أي مبرر لافتراض أن الكون يهتم بآمالنا ورغباتنا ، فليس لنا أي حق في أن نطلب من الكون تكييف نفسه وفقاً لعواطفنا وآمالنا”.
وحين نمنع النظر في الواقع والحقيقة نجد أن الملحدين هم الذين يريدون أن يكيفوا الكون وفق رغباتهم وأهوائهم ، وذلك لأن الإيمان بالدار الآخرة والحياة الآخرة إيمان بمحكمة العدل الرباني ، وما تستتبع من جزاء ، وفي هذه المحكمة العظمى يحاكم الناس ويحاسبون على أعمالهم ، والرغبات الإنسانية لو تركت وشأنها لحلا لها أن تتلخص من قانون الجزاء ، حتى تنطلق في تلبية مطالب أهوائها وشهواتها دون أن تقف في طريقها حدود ولا ضوابط ، فقضية الإنكار هي القضية التي تحاول إخضاع الواقع الكوني للأهواء والعواطف والرغبات ، لا قضية الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة ، وقد كشف القرآن هذه الحقيقة من حقائق نفوس المنكرين ، فقال الله تعالى في سورة (القيامة/75 مصحف/31 نزول):
{بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ * يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَامَةِ}.
وبهذا التحليل يتبين لنا أن الأمر على عكس ما ادعاه (رسل) ، إذ إن عقيدة الدار الآخرة عقيدة قائمة على مفهوم الجزاء والعدل ، والإنسان ميال بأهوائه وعواطفه إلى أن يصرف عن تصوره قانون العدل الإلهي وما يتصل به ، لينطلق في الحياة الدنيا انطلاقاً فاجراً ، دون أن تقف في طريقه تصورات قانون العدل ، لكن الله غير مستعد لأن يغير من سننه وأحكامه ومقاديره القائمة على أسس من علمه وحكمته وعدله ورحمته وفضله ، تلبية لأهواء وشهوات الجانحين الفاجرين .
فما حاول أن يستند إليه (رسل) هو في الحقيقة دليل ضده ، وليس دليلاً له ، هذا إذا قبلنا بالمنهج الذي سلكه في الاستدلال .
على أن مناقشتنا لمنكري الآخرة تغدو عقيمةً ما داموا مصرين على جحود الخالق ، واعتبار أن هذا الكون كله مظهراً لأصل مادي صرف ، ونتيجة لحركات عشوائية قامت بها ذرات هذا الأصل المادي ، جلُّ ما نستطيع أن نناظرهم به هو إمكان العودة إلى الحياة لا لإثباتها جزماً ، وإفساد مذهبهم المادي من أساسه ، بإثبات عالم آخر غير هذا العالم المادي الخاضع للتجربة الحسية ، والقياس بالأجهزة . والأفضل من ذلك العودة إلى مناظرتهم حول الأساس الأول ، وهو قضية الإيمان بالله تبارك وتعالى .
لكنهم متى قبلوا التسليم الكلي أو الجزئي بعقيدة الإيمان بالله تعالى فإننا حينئذ نستطيع أن نجد سبلاً متعددة لمناقشتهم ، ونستطيع أن نقدم لهم المبررات العلمية والعقلية ، التي تدعم قضية الإيمان بالحياة الآخرة والدار الآخرة للحساب والجزاء .
إن الحقائق الكبرى في الوجود تبدأ من منطلق واحد ، وحين يتعذر الاتفاق على هذا المنطلق فإن الاتفاق على ما يبنى عليه أكثر تعذراً ، بل قد يغدو أمراً مستحيلاً .
إن من لا يؤمن أساساً بقانون العدد من الواحد فما فوق من المستحيل منطقياً مناقشته في قواعد الأعمال الحسابية . ومن هو مصاب بعمى الألوان فهو لا يرى أياً منها ويجحدها يستحيل مناقشته في أجمل الألوان وأكثرها إرضاء للذوق . ومن يجحد مبدأ الحق من أساسه يغدو من العبث مناقشته ومناظرته حول حق المال ، أو حق الحياة ، أو حق العرض والكرامة ، أو أي فرع من فروع الحق . ومن يجحد مبدأ الخير والفضيلة من أساسه يستحيل مناظرته حول فروع الخير والفضيلة ،ما لم يكن متناقضاً مع نفسه ، يسلِّم ببعض الفروع دون أن يسلِّم بالأصول وبالفروع الأخرى ، وحينئذ يمكن جذبه عن طريق الإلزام ، ونقله من الفروع التي يسلم بها إلى الأصول ، وهذا من أساليب المناظرة البارعة .
( 2 )
أما الذين يسلِّمون تسليماً كلياً أو جزئياً بعقيدة الإيمان بالله تعالى ، إلا أنهم ينكرون البعث والحياة الأخرى ، أو يشكُّون بذلك ، فإننا نستطيع أن نقيم لهم عدداً من الأدلة ، ونناقشهم بجملة من المناقشات .
ومفتاح الأدلة النظرية لهذا الموضوع موجود في قول الله تعالى في سورة (المؤمنون/23 مصحف/74 نزول):
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ }
إن الوجود الإنساني كله عبر تاريخه الطويل يسمى مسرحية من مسرحيات العبث ، لو أن حياة الإنسان تنتهي كلها في ظروف هذه الحياة الدنيا ، ثم لا شيء وراءها .
أين تحقيق قانون العدل الإلهي في ظروف هذه الحياة الدنيا؟
إنه إذا لم يوجد فيها بصورة مستوفية فلا بد أن يوجد في يوم آخر وحياة أخرى أعدها الله للحساب والجزاء ، وإلا كانت عملية خلق الإنسان على هذا الوجه المقرون بحرية الإرادة للإنسان ، والتي كان من نتائجها تاريخ مشحون بالجرائم والظلم والعدوان والمصائب الكثيرة ، عبثاً من العبث ، وقد تعالى الله الملك الحق ذو الحكمة والعدل والكرم عن ذلك علواً كبيراً ، لا إله إلا هو رب العرش الكريم .
إن المنطق الحق والضمير النقي ليشعر بداهة – ولو لم تتنزل آيات الوعد والوعيد ، وأنباء اليوم الآخر وما فيه من حساب وجزاء – بأن مرحلة حياتية غير هذه المراحل لا بد أن يتم فيها تحقيق العدل الإلهي ، ولا بد أن يلاقي الناس فيها جزاء أعمالهم ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر ، ولئن كنا نشاهد أن بعض تطبيقات العدل الإلهي جارية في ظروف هذه الحياة الدنيا ، ضمن سنن الله الثابتة ، فإن الصورة الكاملة للعدل غير مستكملة في هذه الحياة ، ولذلك كانت الضرورة الأخلاقية والإيمانية تقضي بأن نفهم أن الله قد أعدَّ ظروف حياة أخرى غير هذه الحياة ، لإقامة عدله سبحانه .
وقد تأمل كثير من أهل الفكر والنظر في ظروف هذه الحياة الدنيا دون ملاحظة الآخرة وما فيها من جزاء ، فرأوا أن تاريخ الإنسان فيها صور للجرائم والمصائب وتهريج لا جدوى منه ، وسجل للجرائم والحماقة وخيبة الأمل ، وقصة لا تعني شيئاً ، ونحو ذلك.
قال فولتير: “إن التاريخ الإنساني ليس إلا صورة للجرائم والمصائب”.
وقال هربرت سبنسر: “إن التاريخ تهريج وكلام فارغ لا جدوى منه”.
وقال إدوارد جين: “إن تاريخ الإنسان لا يعدو أن يكون سجلاً للجرائم والحماقة وخيبة الأمل”.
وقال نابليون: “إن التاريخ بأكمله عنوان لقصة لا تعني شيئاً”.
وقال هيكِل: “إن الدرس الوحيد الذي تعلمته الحكومة والشعب من مطالعة التاريخ هو أنهم لم يتعلموا من التاريخ شيئاً”[14].
ويعلِّق المفكر الإسلامي (وحيد الدين خان) في كتابه “الإسلام يتحدى” على هذه الأقوال بعد أن أوردها ، فيقول:
“وهل قامت مسرحية العالم كلها لتنتهي إلى كارثة أليمة؟ إن فطرتنا تقول: لا .. فدواعي العدالة والإنصاف في الضمير الإنساني تقتضي عدم حدوث هذا الإمكان ، لا بد من يوم يميز بين الحق والباطل ، ولا بد للظالم والمظلوم أن يجنيا ثمارهما ، وهذا مطلب لا يمكن إقصاؤه من مقومات التاريخ ، كما لا يمكن إبعاده عن فطرة الإنسان .
إن هذا الفراغ الشاسع الذي يفصل ما بين الواقع والفطرة يقتضي ما يشغله . إن المسافة الهائلة بين ما يحدث وبين ما ينبغي أن يحدث تدل على أن مسرحاً آخر قد أعدَّ للحياة ، وأنه لا بدَّ من ظهوره ، فهذا الفراغ العظيم يدعو إلى تكميل الحياة …
إذا لم تكن هناك قيامة فمن ذا الذي سوف يكسر رؤوس هؤلاء الطواغيت الطغاة؟”.
والواقع أن هذه المشاعر مشاعر فطرية ونظرية لا تنكر ، وهي الهادية إلى تصور الحياة الأخرى لإقامة العدل الإلهي الأكمل .
من هذه النظرات تبين لنا أن مفتاح الدليل النظري لقضية الإيمان بالآخرة وما فيها من جزاء قول الله تعالى في سورة (المؤمنون/23 مصحف/74 نزول):
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ}.
وقد اهتدينا من هذا المنطلق الفكري الذي نبه عليه مفتاح هذا الدليل النظري إلى أن الإيمان بالآخرة ضرورة أخلاقية ، تقتضيها مفاهيم العدل الإلهي والفضل الإلهي .
ومعلوم أن العدل الإلهي والفضل الإلهي من الأسس المرتبطة جذرياً بعقيدة الإيمان بالله تعالى وأسمائه الحسنى وصفاته العظمى .
وهذا الدليل النظري القاضي بأن الإيمان باليوم الآخر ضرورة أخلاقية ، تقتضيها مفاهيم العدل والفضل الربانيين ، قد أعطانا القرآن الكريم عدة مفاتيح إليه ، فمن أحسن فهم هذه المفاتيح ، وأدرك العلاقة بينها وبين أبوابها النظرية وما ترشد إليه ، استطاع أن يجد الدليل العقلي الذي يدلّه على أن من القضايا الحتمية في الوجود قضية اليوم الآخر ، لإقامة الجزاء الحق ، وتحقيق صفتي العدل والفضل من صفات الله التي قامت عليها براهين العقل .
هذا إنما يظهر في مفاهيم من استطاع أن يتوصل إلى الإيمان بالله وصفاته بالأدلة العقلية والعلمية ، وتابع نظره مشوقاً لبلوغ الحقيقة ، ولم تقف في نفسه عوائق التعصب أو عوائق الرغبة بالفجور .
ولدى تتبُّع المفاتيح القرآنية لهذا الدليل النظري نستطيع أن نظفر بمجموعة من النصوص منها:
( أ ) قول الله تعالى في سورة (القلم/68 مصحف/2 نزول):
{أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}
(ب) وقول الله تعالى في سورة (الجاثية/45 مصحف/65 نزول):
{أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ}
(ج) وقول الله تعالى في سورة (القيامة/75 مصحف/31 نزول):
أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ * فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ }.
( د ) وقول الله تعالى في سورة (ص/38 مصحف/38 نزول):
{وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ }.
( و ) قول الله تعالى في سورة (الدخان/44 مصحف/64 نزول):
{إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَيَقُولُونَ * إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا ٱلأُوْلَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ * فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ * وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَق وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ * يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }
فهذه النصوص القرآنية مفاتيح تفتح أمام الفكر الإنساني الذي آمن بالله الخالق أبواب الدليل النظري ، الذي يجعل قضية الإيمان باليوم الآخر قضية حتمية في مدركات العقل الصرف بعد الإيمان بالله جلَّ وعلا .
وذلك لأن من آمن بالله الخالق عن طريق النظر الفكري في آثار صنعته في الكون وفي الأنفس ، فإنه لا بد أن يهتدي إلى كمال صفاته جلَّ وعلا ، ومنها علمه وقدرته وحكمته وعدله ، وهذه الصفات لا بد أن تهدي الباحث المؤمن بالله إلى أن الله لم يخلق هذا الكون وما فيه ليكون مسرحية من مسرحيات اللعب أو اللهو والعبث الباطل ، وإنما خلقه لغاية ، يعرف الإنسان في حدوده من هذه الغاية ، أن الله قد خلقه مزوداً بخصائصه ليمتحنه في ظروف هذه الحياة الدنيا ، وليبلو إرادته ، ولكل امتحان نتيجة وغاية ، وإذ لم تظهر هذه النتيجة والغاية في ظروف هذه الحياة الدنيا ، فلا بد أن يكون العليم القادر الحكيم العدل قد ادَّخر إظهار هذه النتيجة والغاية وتحقيق مقتضياتهما إلى حياة أخرى ، هذا ما توجبه نظرياً مقتضيات العقل السليم والفهم المستقيم .
فلولا ترتيب يوم الدين هذا في هذا الوجود ، لكان خلق هذا الكون وفق ظروفه الحالية مظهراً من مظاهر اللعب أو اللهو والعبث الباطل .
لكن الله العليم الحكيم القادر لا بد أن يكون منزهاً عن اللهو واللعب والعبث ، إن أعماله كلها هادفة لحكم عظيمة وغايات جليلة ، قد ندرك طرفاً منها ويخفى عنا منها الكثير .
ولذلك رأينا في النصوص القرآنية أن الله تبارك وتعالى قد نفى عن أفعاله اللهو واللعب ، فذلك لا يليق بكمال صفاته سبحانه .
فحينما يجعل الفيلسوف الملحد (برتراند رسل) هذا الكون كله مسرحية من مسرحيات اللهو والعبث ، فإنما يخالف في ذلك مقتضيات المنطق السليم والجدية المهيمنة على هذا الكون ، وقد جره إلى ذلك إنكاره وجود الخالق ، واعتباره الكون كله ظاهرة للحركة العشوائية التي قامت بها مادة الكون الأولى في سحيق الأزمان ، وأنتج ذلك عنده أنه ليس لهذا الكون غاية مرسومة ، ولا حكمة مقدَّرة ، وأنه عبث من عبث المادة التي لا حياة فيها . ونسي أنه لا شيء في هذا الكون المدروس متسم باللعب واللهو والعبث ، وأن كل شيء فيه خاضع لقوانين جادة صارمة ، ولسنن ثابتة قاسية .
ألم يخطر في ذهنه أن هذه الجدية الظاهرة في كل شيء من هذا الكون المدروس لا بد أن تلازمه وتصاحبه إلى ما وراء المجال المدروس منه؟
إن هذه الجدية الملاحظة في الكون لا تدع مجالاً لتصوُّر اللعب واللهو والعبث . وفي اللحظة التي تسقط فيها تصوُّرات اللعب واللهو والعبث عن هذا الكون تبدأ التصورات الصحيحة الباحثة عن الغايات التي تهدف إلهيا المقادير العظمى . وهذا هو مفتاح النور لإدراك الحقيقة الدينية التي لم يرد الملحدون أن يدركوها تعنتاً وعناداً واستكباراً ورغبة بالفجور ، ولذلك أنكروا الامتحان والجزاء واليوم الآخر ، بعد أن جحدوا الخالق جلَّ وعلا ، وربما جحدوه لأنهم أرادوا أن يبعدوا عن تصورهم قانون الامتحان والجزاء ، لينطلقوا في أعمالهم الفاجرة المجرمة دون خوف من النتائج الوخيمة ، والعواقب الوبيلة .
ومن هذا نستطيع أن نتبين السلسلة الفكرية الإيمانية ، فهي تسير على الوجه التالي:
1- دراسة الكون والحياة والإنسان تهدي إلى الإيمان بالخالق العظيم ، القادر العليم ، العدل الحكيم .
2- دراسة الغاية من الخلق التي تهدي إليها ملاحظة الكون ، وأحداثه الكبرى ، وقوانينه الصارمة ، وسننه الثابتة ، لا تدع مجالاً لتصور اللعب واللهو والعبث في أي حدث من أحداثه ، بل كل ما فيه جدّ لا هزل يصاحبه ، ولا عبث يخالطه .
3- دراسة العلاقة الأخلاقية والتكوينية بين الخالق الحكيم والإنسان المدرك المريد ، تهدي إلى أن الإنسان خلق في هذه الحياة للامتحان ، والامتحان يستلزم الجزاء في جدية قوانين الوجود وسننه الثابتة .
4- دراسة الظواهر الجزائية في نطاق هذا الكون المدروس المشاهد تدل على أن كمال مقتضيات العدل وكمال مقتضيات الحكمة لم يتحققا فيه ، وهذا يهدي – مع ملاحظة صفات الخالق العظيمة التي منها العدل والحكمة ومع ملاحظة قوانينه الصارمة وسننه الثابتة في الكون – إلى أن حياة أخرى قد رتبت في برنامج الوجود الكبير ، لإقامة العدل وكمال الحكمة فيها ، وفيها يتم تحقيق الصورة المثالية للجزاء الرباني .
بهذه الدراسة النظرية المتسلسلة على هذا الوجه ، والمدعَّمة بالأدلة العقلية ، المستندة إلى دراسة ظواهر هذا الكون المشاهد ، استطعنا أن نهتدي إلى ضرورة اليوم الآخر ، وإلى الإيمان به .
ولكن كيف يكون هذا اليوم الآخر وعلى أية صورة ؟
إن الدراسة النظرية لا تسمح لنا بالتحديد ، وذلك لأن الاحتمالات النظرية كثيرة جداً ، ولا سبيل إلى ترجيح بعضها على بعض ، ومن أجل ذلك كان لا بد لنا من أن نلتمس مفاهيم النصوص الدينية الثابتة لتخبرنا بذلك ، وليس لنا أن نتخيل صورة من عند أنفسنا أو نضيف صوراً من عند أنفسنا إلى ما جاءت به النصوص الدينية الثابتة في القرآن الكريم وفي أقوال الرسول صلوات الله عليه .
( 3 )
شرح المفاتيح القرآنية
للدليل النظري الدال على الحياة الأخرى
اكتفيت في الفقرة السابقة بعرض المفاتيح القرآنية للدليل النظري القاضي بضرورة الحياة الأخرى للناس في خطة الوجود ، لاستيفاء كمال العدل الإلهي ، والجزاء الأمثل ، وهو ما تقضي به قواعد الإيمان بالله وكمال صفاته ، التي دلت عليها ظواهر هذا الكون المتقن المحكم الهادف إلى تحقيق غاية تناسب حكمة الخالق العظيم .
واعتمدت هناك على عرض المفاهيم العامة المستفادة من هذه المفاتيح ، لأفردها في فقرة خاصة أُولِي فيها كل نص منها نظرات تدبُّر وبحث استنباط .
وفيما يلي شرح لهذه النظرات:
( أ ) النص الأول :
قول الله تعالى في سورة (المؤمنون/23 مصحف/74 نزول):
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ }
فهذا النص يكشف لنا أنه لو لم يكن وراء هذه الحياة التي تنتهي بالموت حياة أخرى ، تكون فيها الرجعة إلى الله للحساب والجزاء وإقامة محكمة العدل والفضل الإلهية ، لكانت عملية هذا الخلق ضرباً من العبث ، والله تبارك وتعالى منزَّه عنه ، فلا يكون في شيء من أفعاله وأحكامه وأوامره ونواهيه وشرائعه هذا العبث ، بل لا بد في كل ذلك من غايات حكيمة تحددها إرادة الخالق المستندة إلى علمه المحيط بكل شيء ، والجديةُ الصارمة هي المظهر البارز في كل أحداث الكون وقوانينه وسننه ، وإشارة إلى كون الله منزَّهاً عن العبث في عمليات الخلق التي يجريها قال الله تعالى في هذا النص : {فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم}
ولما كان احتمال العبث احتمالاً مرفوضاً عقلياً كان لا بد من وجود حياة أخرى تظهر فيها تطبيقات الغاية من الحياة الأولى ، وهذه الحياة لا بد أن تكون مقررة في برنامج المقادير الربانية ، إن الله هو الملك الحق الذي لا إله إلا هو ، وبهذا نلاحظ أن هذا النص قد أعطى الفكر الإنساني مفتاح البحث النظري لهذه الحقيقة.
(ب) النص الثاني :
قول الله تعالى في سورة (القلم/68 مصحف/2 نزول):
{ أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}
من الواضح أن ظروف هذه الحياة التي نعيشها قد تسمح للمجرمين بأن يعيشوا فيها عيشاً رغداً ناعماً ، يصيبون فيه المال والجاه والسلطان واللذات ، كما قد تسمح للمسلمين أهل الاستقامة بمثل ذلك ، وقد تسمح بأن يتمكن الفاجر من قتل التقي وظلمه وتعذيبه ، واستلاب ماله والعدوان عليه في أرضه أو عرضه ، وقد لا يلقى الفاجر جزاءً معجلاً على فجوره ، بل قد يمهل وتأتيه منيَّته دون أن ينال شيئاً من جزائه ، فلولا أن حياة أخرى غير هذه الحياة قد أعدت في برنامج المقادير الربانية لإقامة الجزاء الذي توجبه حكمة الخالق ، لكانت النتيجة الحكم على الخالق بأنه قد رضي بأن يجعل المسلمين كالمجرمين سواء محياهم ومماتهم ، وهذا يتنافى مع أصول العدل والحكمة الإلهية ، لذلك فهو مرفوض عقلاً ، ولما كان هذا الاحتمال مرفوضاً فإن الاحتمال المقابل له – وهو وجود الحياة الأخرى التي يتحقق فيها التمييز بين المسلمين والمجرمين – هو من الأمر الحتمي الذي لا مناص من اللجوء إلى إدراكه عقلاً ، والتسليم به عقيدة ، وهو طبعاً الاحتمال الذي قررته النصوص الدينية وأخبرت به .
وتفسير العملية كلها يتضح بأن هذه الحياة كلها لا تزيد على أنها مجال مفتوح لامتحان الناس على سواء ، كقاعة الامتحان حينما يدخلها الدارسون المجدّون والهازلون الكسالى ، والمتلاعبون الظالمون .
من المتحتم أن القصة لا تنتهي بانتهاء المدة الزمنية للامتحان ، بل لا بد من زمن آخر تعلن فيه النتائج ، وينال فيه كلٌّ على مقدار عمله .
فمن أجل ذلك جاءت الآية بصيغة الاستفهام الإنكاري {أفنجعل المسلمين كالمجرمين؟ مالكم كيف تحكمون؟} دلالة على أن إنكار الحياة الأخرى وما فيها من جزاء يفضي إلى اتهام حكمةِ الخالق بالتسوية بين المسلمين والمجرمين ، وهو أمر مرفوض رفضاً قطعياً ، وقد تنزه الخالق عنه وتعالى علواً كبيراً.
إن أحدنا لا يقبل أن يُسوّي في أحكامه بين الظالم والمظلوم ، أو بين المحسن والمسيء ، أو بين المجدّ والكسول ، أو بين العالم والجاهل ، ولو فعل ذلك واحد منا لكان سِمةَ نقص كبير في أخلاقه . أفنكرِّم أنفسنا عنه ونرضاه للخالق جلَّ وعلا؟
إنه أمر مرفوض بداهة ، ورفضه يعني حتمية اليوم الآخر والحياة الأخرى .
(ج) النص الثالث :
قول الله تعالى في سورة (الجاثية/45 مصحف/65 نزول):
{أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ}.
إن هذا النص القرآني يكشف لنا عن حقيقة فكرية مهمة جداً ، وهي أن مقتضيات العدل الإلهي توجب التسليم بأن التسوية في الجزاء بين الذين اجترحوا السيئات والذين آمنوا وعملوا الصالحات قضية مرفوضة حتماً ، لأنها تتنافى مع صفتي عدل الله وحكمته الثابتتين بالدليل العقلي ، والثابتتين أيضاً في ظواهر شتى من واقع حياتنا المدروسة ، وإذا كانت هذه التسوية مرفوضة عقلاً فما بالنا نلاحظ في هذه الحياة أن كثيراً من الذين اجترحوا السيئات ينالون منها مثل ما ينال منها الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، أو أكثر في بعض الأحيان ، وأن كثيراً من الذين آمنوا وعملوا الصالحات قد تتوالى عليهم المصائب والآلام ؟ فأين تطبيق قواعد العدل والحكمة الإلهية؟
وهنا يأتي الجواب العقلي الذي لا يحتاج إلى بحث وتأمل كثيرين:
إن هذه الحياة ليست نهاية قصة حياة الإنسان ، ولكنها فصل منها ، ومرحلة قصيرة أعدت في برنامج الوجود الكبير لغاية الابتلاء ، ولا بد حتماً من ظروف حياة أخرى تأتي بعد انتهاء هذه الحياة الدنيا التي أعدت للامتحان ، وعندئذٍ تظهر تطبيقات قواعد العدل الألهي ، وتظهر مراحل الجزاء ، وهنا نبهنا هذا النص القرآني على أن تطبيق قواعد الجزاء يبدأ مع بداية مرحلة الموت ، الذي هو عملية انفصال بين الروح المدركة المحسة ، وبين الجسد الذي هو ثوب هذه الروح في حياتها الأولى .
ومع بداية هذه المرحلة الجديدة من وجود الإنسان تظهر الفوارق القائمة على العدل والحكمة بين الذين آمنوا وعملوا الصالحات والذين اجترحوا السيئات .
إن ما لم يظهر اليوم في مرحلة الامتحان لا بد أن يظهر غداً في مراحل الجزاء .
فهذه الآية تشير إلى التطبيقات الجزائية التي تكون في مدّة الحياة البرزخية بعد الموت وقبل البعث ، وهو ما يطلق عليه نعيم القبر وعذابه .
( د ) النص الرابع :
قول الله تعالى في سورة (القيامة/75 مصحف/31 نزول):
أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ * فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ }.
من الواضح أن هذا النص يشتمل على المفتاح الفكري لاكتشاف الغاية من خلق الإنسان في هذه الحياة : {أيحسب الإنسان أن يترك سُدى؟!}
أي : إنه لم يُخلق في هذه الحياة ليأكل ويشرب ، ويتمتع ويظلم ، ويطغى ويفسد في الأرض ، وينزل الآلام بالآخرين ويكفر بربه ، ثم يترك سدى دون جزاء عادل ، أو ليستقيم ويعمل الصالحات ، ويعدل بين الناس ويحسن إليهم ، ويمسح عنهم الآلام ويعبد ربه ، ثم يترك سدى دون جزاء كريم .
إن هذا الظن من الإنسان لأمر عجيب ، أفيظن ما لا يليق بعدل الخالق وحكمته؟ أفيظنُّ ظناً تقوم براهين العقل ودلائل الواقع على نقيضه؟
إن الإنسان في هذا الوجود لن يترك سدى بعد ظروف هذه الحياة التي يعيشها ، والتي لو كانت نهاية قصة حياة الإنسان لكانت حياة لا معنى لها ولا مغزى .
وهل يليق بحكمة الخالق العظيم القادر العليم أن يخلق خلقاً باطلاً لا مغزى له؟ إن هذا ضرب من اللعب واللهو والعبث ، والله تبارك وتعالى منزه عن ذلك ، إن كل أمره جد لا هزل فيه .
وإذا ثبت بالدليل النظري أن الإنسان لن يترك سدى فلا بد من ظروف حياة غير هذه الحياة يتم فيها تحقيق الغاية من خلق الإنسان ، ويتم فيها تطبيق قواعد الجزاء الرباني وفق مقتضيات الحكمة والعدل والكرم .
وحينما يبدأ الجاهل قصير النظر يشكُّ في قدرة الله على إعادة الإنسان إلى الحياة بعد الموت في النشأة الأخرى ، فلينظر إلى واقع النشأة الأولى ، إنها تعطيه برهاناً تجريبياً يثبت له أن من أنشأ النشأة الأولى قادر على أن ينشئ النشأة الأخرى ، نشأة الإعادة ، وهي في التحليل النظري أهون من نشأة الابتداء ، وقد لفت النص نظر الإنسان إلى هذا البرهان التجريبي فقال تعالى : {ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان عقلة فخلق فسوَّى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى؟} بلى وهو الخلاق العليم .
(هـ) النص الخامس:
قول الله تعالى في سورة (ص/38 مصحف/38 نزول):
{وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِي ٱلأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ}.
فحينما يرفع الجاحدون تصورات الحياة الأخرى من أذهانهم تغدو هذه الحياة في تصورهم عملاً باطلاً لا معنى له ، وتغدو مسرحية من مسرحيات اللعب واللهو والعبث .
هذا ما صرح به كبار مفكريهم ، وذلك تصور الذين كفروا وظنهم القائم على أساس باطل هو جحود الحق والكفر به ، فويل لهم من أحداث هذه الحياة الأخرى حينما يجدونها حقيقة واقعة ، ويجدون أنفسهم في النار يعذّبون .
أما المؤمنون فإنهم يدركون الغاية من خلقهم ، ويعلمون أنهم في هذه الحياة الدنيا في ظروف امتحان لإرادتهم بين يدي خالقهم ، وأن وراء هذه الحياة حياة أخرى خالدة يكون فيها الجزاء الأمثل ، وتظهر فيها حكمة الله من الخلق ، لذلك فهم لا يرون خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً . ويهديهم إلى هذه الحقيقة أنه من غير الممكن في الاحتمال العقلي أن يجعل الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض ، وأن يجعل المتقين كالفجار ، فتكون نهاية الجميع بالموت ، ولا شيء بعد ذلك من حساب ولا جزاء ، إن هذا العبث لا يفعله من يقيم دورة مسابقة رياضية ، فضلاً عن أن يفعله الخالق القادر العلمي الحكيم العدل ذو الفضل العظيم .
( و ) النص السادس :
وقول الله تعالى في سورة (الأنبياء/21 مصحف/73 نزول):
{وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ }.
جحد المشركون الحساب واليوم الآخر ، وجرّهم ذلك إلى إنكار رسالة محمد وما جاء فيها من وعد ووعيد ، وكان معنى جحودهم هذا أن الحياة الإنسانية ليس لها إلا ظروف هذه الحياة المشاهدة المدروسة للإنسان ، وبالموت تنتهي القصة نهاية تامة ، ثم لا شيء وراء ذلك ، مع أن هذا الفصل المشهود من حياة الإنسان مليء بأحداث الظلم والبغي الإنساني ، ومشحون بالجحود والكفر والاستكبار والعناد ، والعدوان والفساد ، وكثيراً ما تنتهي حياة أصحاب هذه الأحداث دون أن يلقوا في الحياة الدنيا جزاءهم العادل ، وحينما يصيب بعضهم بعض جزائه فإن كامل جزائه لا يناله ، وفي مقابل ذلك نجد في هذا الفصل المشهود من حياة الإنسان دعاةَ خير مضطهدين ، وطبيبين صالحين معذَّبين ، ومؤمنين مصلحين غير مكرَّمين ، وكثيراً ما تنتهي حياة هؤلاء دون أن يُنصفوا من خصومهم ، ودون أن يلقوا ثوابهم أو كامل ثوابهم .
أفيصحّ في ميزان العقل أن يقتصر حكيم قادر عليم على مشاهد هذا الفصل من عملية الخلق التي أنشأناها ، دون أن يكون وراءه فصل آخر أو عدة فصول تتحقق فيها النتائج المنطقية للفصل الأول ، وتظهر فيها الحكمة المناسبة لمستوى الحكيم الذي رتَّب ظروف الفصل الأول بإتقان تام؟
لو شهدنا مثل هذا الفصل في تمثيلية من وضع الإنسان لقلنا لا بدَّ أن فصلاً أو فصولاً أخرى ستأتي بعده ، حتى تنتهي القصة إلى نهاية معقولة تظهر فيها الغاية ، ويتحقق فهيا معنى الجزاء ، ويبرز فيها المضمون الأخلاقي ، في توجيه غير مباشر .
فلو أن كاتب القصة أو مخرج التمثيلية قد اقتصر على الفصل الأول منها ، فماذا يقول العقلاء عنه؟
إذا كان هذا الفصل فصلاً فكاهياً فإنهم يقولون عنه : كاتب هزلي ، يريد أن يضحك المشاهدين بألعابه ومشاهد اللهو التي رتبها ، وإذا لم يكن فصلاً فكاهياً فإن كان فيه شيء من الجرائم والفساد فإنهم يتهمونه بأنه يريد التشجيع على الجرائم والفساد ، واستخدام القوى وأنواع الحيلة لنشر الظلم والعدوان في الأرض ، إذ لم ينه تمثيليته بمضمون أخلاقي كريم ، يتحقق فيه الجزاء الرادع القاسي للمجرمين والمفسدين ، والنهاية الطيبة السعيدة للصالحين المستقيمين .
فما بال الذين ينكرون اليوم الآخر يقبلون في تصورهم أن تكون قصة حياة الإنسان تنتهي بنهاية الفصل الأول منها ، مع أن هذا الفصل لم تتحقق فيه الغاية ، ولم يتحقق فيه الجزاء , وهو فصل مأسَوِي (درامي) جاد لا أثر للهزل فيه؟
أفيريدون أن يجعلوا الله العليم الحكيم القادر لاعباً بآلام الناس ومشاقِّهم ومتاعبهم في هذه الحياة؟ أو هازلاً بعواطف المؤمنين به المطيعين له الساعين في مرضاته ، والباذلين كثيراً مما يشتهونه ويحرصون عليه في سبيله؟ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
هذه هي النقطة الفكري التي نبه هذا النص القرآني عليه ، وناقش منكري اليوم الآخر ومنكري رسالة الرسول على أساسها .
فقد عرضت سورة (الأنبياء/21 مصحف/73 نزول):
{ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ}
وقضية الرسول والكتاب ، فقال تعالى :
{مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ إِلاَّ ٱسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ ٱلسِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ }.
ثم بعد هذا وبعد مناقشات له جاء قول الله تعالى :
{وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ}
أي : لو كانت قصة هذه الحياة تنتهي بحادثة الموت التي يختم بها هذا الفصل لكانت عملية خلق السماء والأرض وما بينهما لعباً من اللعب .
أفيكون العليم الحكيم القادر لاعباً لاهياً هازلاً في كل الأحداث الجادة المشحونة بالمتاعب والآلام في هذا الفصل ؟
أم لا بد أن يكون قد رتب فصلاً أو فصول أخرى ، ستظهر فيها غاية عمله ومقتضيات حكمته؟
العقل يقضي بأنه لا بد أن يكون في برنامج الوجود فصل أو فصول متعددة وراء هذا الفصل الأول .
وهذا ما جاءت النصوص الدينية تدعو إلى الإيمان به وتكشف بعض ما هو داخل في برنامجه من تفصيلات .
ومن بدائع المناقشة القرآنية لهذا الموضوع قول الله تعالى في هذا النص:
{لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَاعِلِينَ}
فالله في هذا يتنزل إلى مستوى عقول هؤلاء المنكرين لليوم الآخر والمنكرين للرسالة ، إذ لزم من مذهبهم أن تكون عملية خلق السماوات والأرض وما بينهما ضرباً من اللعب واللهو والعبث فيقول لهم : {لو أردنا أن نتخذ لهواً لاتخذناه من لدنا}، أي : لكنا اتخذنا لهواً بعيداً عن مخلوقات ذات إحساسات وعواطف وانفعالات ، وآلام وآمال ، وأكدار ومسرات ، ولما كان من العدل والرحمة والحكمة أن نعبث هذا العبث بهذه الأحياء المدركة المحسة ، فنلهو بآلامها ، ونعبث بأكدارها ، ونلعب بعواطفها وانفعالاتها ، وحبها وذلها عبادتها ، لو أردنا لكنا نفعل هذا اللهو بعيداً عنها ، ولا نجعلها ساحة عبثنا ، هذا إن كنا فاعلين شيئاً من ذلك ، لكن اللعب واللهو والعبث ليس من شأننا .
تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، إن كل أفعاله سبحانه تشتمل على حِكَم يريدها ، وهذه الحِكَم والغاياتُ جليلة تناسب مستوى علمه وحكمته وقدرته سبحانه .
ولما كان مذهب المنكرين يسلتزم اتهام الخالق سبحانه بالعبث في خلقه كان لا بد من تهديد لهم بالويل على ما يصفون الله به ، فقال تعالى لهم:
{بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}
( ز ) النص السابع :
قول الله تعالى في سورة (الدخان/44 مصحف/64 نزول):
{إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَيَقُولُونَ * إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا ٱلأُوْلَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ * فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ * وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَق وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ * يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }
هذا النص يحكي لنا مقالة منكري الآخرة إذ قالوا : {إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين}.
وفي نص آخر حكى القرآن عنهم أنهم قالوا : {إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين}.
ففي سورة (الأنعام/6 مصحف/55 نزول):
{وَقَالُوۤاْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}
وفي سورة (المؤمنون/23 مصحف/74 نزول)، قال الله تعالى يحكي لنا مقالة عاد قوم هود لرسولهم ، أو مقالة قوم صالح:
{هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}
وفي سورة (الجاثية/45 مصحف/65 نزول)، قال الله تعالى يحكي لنا مقالة الدهريِّين ، وهم ملاحدة القرون الأولى :
{وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ * وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَينَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱئْتُواْ بِآبَآئِنَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}
ومهما تنوعت أقوال منكري الآخرة فهي تتلخص بأنهم يزعمون أن قصة الحياة واحدة تنتهي بالموت ثم لا شيء وراءه ، وليس لهم حجة في الإنكار إلا المطالبة بالمشاهدة الحسية للحياة بعد الموت ، فقالوا لرسلهم : أعيدوا لنا آباءنا إلى الحياة حتى نؤمن بما تقولون ، وتوقفوا عند المطالبة بالدليل الحسي التجريبي ، وحجبوا عقولهم عن إدراك الدليل النظري الذي يجعل قضية الحياة الأخرى قضية ممكنة بحد ذاتها ، فإذا نظرنا إليها من زاوية حكمة الخالق الحكيم ، ومن زاوية واقع هذه الحياة الدنيا كانت قضية حتمية الوقوع ، فهي المرحلة التي يتم فيها بقية برنامجٍ خلق الإنسان وفق الصورة التي أرادها الخالق الحكيم ، وإلا كان برنامجاً ناقصاً أشبه ما يكون باللهو والعبث ، والله الحكيم العليم القادر منزَّه عن أن يعد برنامجاً ناقصاً لا يليق بكماله سبحانه ، أو أن يقتصر على فصل منه يُعَدُّ الاقتصار عليه ضرباً من اللعب .
يدرك هذه الحقيقة كل عاقل درَّاك منصف.
ولما كان إنكار الكافرين لليوم الآخر يتضمن عنصرين:
العنصر الأول : إنكار الجزاء .
العنصر الثاني : إنكار الحياة بعد الموت .
وجدنا أن النص القرآن الذي نتدبره يشتمل على معالجة هذين العنصرين جميعاً .
أما العنصر الأول فقد جاءت معالجته بعرض أمثلة تاريخية تم فيها تحقيق بعض الجزاء المعجل لأمم سافلة ، عاقبهم الله في الدنيا على كفرهم وتمرُّدهم على رسلهم ، ومعلوم أن تحقيق نماذج من الجزاء المعجل لا بد أن يلفت الانتباه إلى قانون الجزاء بوجه عام ، ولا بد أن ينبه أيضاً على أن ما لم يتحقق منه في ظروف هذه الحياة الدنيا سيتحقق حتماً في ظروف حياة أخرى .
وقد دل على هذا قول الله تعالى في هذا النص من سورة (الدخان):
{أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ}
أي : كان إهلاك الله لهم على صورة فيها تعذيب عام بسبب أنهم كانوا مجرمين .
وأما العنصر الثاني فقد جاءت معالجته بلفت النظر إلى أن مقتضيات حكمة الخالق تقضي بأنه من غير الممكن أن تكون هذه الحياة الدنيا هي نهاية قصة وجود الإنسان ، وذلك لأنه لو كانت حياته هذه هي كامل قصة وجوده ونهايتها لكان خلقه ضرباً من اللعب تنزَّه الخالق عنه ، ولما كان هذا أمراً مستحيلاً عقلاً كان لا بد من وجود حياة أخرى تستكمل فيها وقائع قصته ، وفق مقتضيات الحكمة العظيمة التي تتناسب مع صفات الخالق العظيم ، وهذا ما نبه عليه قول الله تعالى في هذا النص أيضاً:
{وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}.
حينما نتساءل عن هذا الحق يأتينا الجواب القرآني ، فيوضح لنا أن الغاية هي ابتلاء الإنسان في الحياة الدنيا ، وبعد الامتحان يأتي الجزاء في الحياة الأخرى .
فمن النصوص التي أعلنت هذه الحقيقة قول الله تعالى في سورة (الملك/67 مصحف/77 نزول):
{تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ}
وبعد الابتلاء لا بد من الجزاء ، والجزاء الأمثل قد ادخره الله لحياة أخرى غير هذه الحياة الدنيا .
فالإيمان باليوم الآخر ركن أساسي من أركان الإيمان يأتي في التسلسل الفكري بعد الإيمان بالله تعالى وبكمال صفاته وعظيم حكمته .
( 4 )
الإيمان بالآخرة مبدأ ضروري
لسعادة الجماعة الإنسانية
إذا نظرنا إلى مشكلة السلوك الإنساني وجدنا أن سعادة الجماعة الإنسانية مرهونة بضوابط سلوك الإنسان ، وحينما نبحث عن الضوابط التي يمكن أن تضبط سلوكه نجدها ضوابط ضعيفة وناقصة ، إلا ضابطاً واحداً هو مراقبة الله والخوف من عقابه يوم الدين .
وبهذا التحليل تغدو قضية الإيمان باليوم الآخر ضرورة إنسانية لحل مشكلة الجنوح الإنساني ، ولمنح المجتمعات الإنسانية أفضل صورة ممكنة من السعادة الجماعية في ظروف هذه الحياة ، ولدفع الإنسان إلى فعل الخير والارتقاء في سلم الفضائل الفردية والجماعية .
قد يقول المعارضون: نستعيض عنها بالقانون وسلطة الحكم .
ولكن نقول لهم : فمن يضبط السلطة الحاكمة عن الجنوح وبيدها القوى المادية المسيطرة ، التي تمنحها كل الوسائل الصالحة للاستبداد وظلم العباد؟
إذا لم تكن هذه السلطة ملجمة بلجام الخوف من الله وجزائه العادل فإنها تفعل ما تهوى دون ضابط .
على أن الإسلام قد حاصر الجنوح بالإيمان والخوف من عقاب الله ، وبالشرائع وسلطة الحكم الإسلامي ، إضافة إلى الوسائل التربوية الأخرى .
وقد يقول المعارضون : نستعيض عن قضية الإيمان باليوم الآخر بالضمير الأخلاقي.
ولكن نقول لهم : وما هي وسيلتنا لإيجاد هذا الضمير الأخلاقي وقد دلتنا الملاحظة أن معظم الجماهير التي لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر لا تستطيع أن تكتسب ضميراً أخلاقياً مقوماً لسلوكها من منبع آخر ، لأنها تسيطر عليها حينئذ أنانياتها وشهواتها ، ولا يردعها عن الجنوح خوف ، ولا يجذبها إلى الاستقامة طمع ، وحينما تخشى من العقاب المادي الإنساني فإنها تستقيم استقامة الحذر من العدو ، وترصد الانحراف كراصد الصيد ، متى وجد الفرصة متاحة له انقضَّ على فريسته .
قد يقولون : إن النظرات الفلسفية ، والعاطفة الإنسانية ، والتربية الأخلاقية ، وحب الخير وفعل الخير ، كفيلة بتربية الضمير الأخلاقي .
ولكننا نقول لهم : لئن صلحت هذه الوسائل لتربية ضمير أخلاقي لدى فيلسوف عالي الفطرة ، له نظرات تأملية بعيدة عن غمرة الماديات والمطامع والأهواء والشهوات ، فإنها لن تصلح لتربية ضمير أخلاقي لدى ألوف مؤلَّفة من البشر ، لا يتحلَّون بخصائص ذلك الفيلسوف النادر .
ومعلوم أن الضوابط السلوكية لمنح البشرية أفضل مقدار من سعادة الحياة يجب أن تكون قادرة على ضبط الكثرة الكاثرة من الناس إلا من شذ ، لا أن تكون للنماذج النادرة فقط ،وتترك الأعداد العظمى من غير ضابط .
هذا بخلاف الضمير الأخلاقي الذي يغرسه في القلوب الإيمان بالله واليوم الآخر ، فإنه ضمير أخلاقي تكتسبه بسهولة جميع الجماهير المؤمنة إلا من شذ منها ، وهذا الشاذ لا يعدم بذوراً تردعه عن كبريات الجرائم .
أما غير المؤمنين بالله واليوم الآخر فالجرائم الصغرى والكبرى سواء عندهم ، متى تعلَّق هوى أحدهم بشيء واستطاع أن يفلت من العقاب المادي على أيدي الناس فإنه يفعله دون أن يجد أي وخز لجرائمه في ضميره ، وحينما يفعله يفعله بضراوة وشراسة لا توجدان عند أخبث الحيوانات الضارية الشرسة .
على أن الإسلام لم يهمل جانب تربية الضمير الأخلاقي بكل الوسائل الممكنة إضافة إلى الخوف من الله وعقابه ، ووعده ووعيده وما في اليوم الآخر من جزاء .
قد يقول المعارضون: وما علاقة هذه الضرورة الإنسانية لحل مشكلة الجنوح في السلوك بكون الآخرة حقيقة واقعة حتى يجب الإيمان بها عقلاً؟
وجوابنا على هذا السؤال سيكون مع الذين سلموا معنا بالقضية الأولى ، وهي قضية الإيمان بالله تعالى ، أما الملاحدة الذين لا يؤمنون بالله فإنهم لا يشعرون بموجب لضبط السلوك الإنساني أصلاً ، ولا يرون في أي سلوك جنوحاً ، ونظرتهم إلى الحياة تقتضي بأن القوة هي التي تحدد مفهوم السلوك ، فالقوة تستطيع أن تجعل الفضائل رذائل ، والرذائل فضائل ، والحق باطلاً ، والباطل حقاً ، وهكذا لا قيمة عندهم إلا للقوة .
أما كلامنا مع الذين سلموا بالقضية الأولى قضية الإيمان بالله تعالى فيكون على الوجه التالي:
هل يعقل في منطق التنظيم الحكيم أن يخلق الله جلَّ وعلا كائنات مدركة ذات غرائز وشهوات ، وذات مطامع ورغبات ، وذات أهواء لا حدود لها ، وذات لذات وآلام ، ويعطيها مع ذلك حرية الإرادة ، ويمنحها قدرة ما على تنفيذ ما تريد ، ثم يتركها تتخبط وتتقاتل ، وتتنافس وتتصارع ، وتتحاسد وتتباغض ، دون أن يجعل لها ضوابط تضبط سلوكها ، ودون أن يشعرها بأن جزاء عادلاً قد أعد لها ، ودون أن ينفذ فيها فعلاً جزاءه العادل ، ودون أن يشجع محسنيها بالثواب الكريم الذي يكون حقيقة واقعة ، لا وعداً كلامياً فقط؟
هذا غير معقول ، إن الخالق الحكيم لن يترك كائنات من هذا القبيل تفسد في الأرض دون أن يجعل لها نظاماً يشتمل على عناصر الجزاء الحكيم ، وهذا يهدي فعلاً إلى اعتبار اليوم الآخر ضرورة لضبط سلوك الإنسان في الحياة ، وهذا النظام لا بد من بيانه للناس حتى يعلموا مسؤوليتهم ويعرفوا مصيرهم ، ولذلك أرسل الله لهم الرسل ، فبلَّغوا الناس ما يجب عليهم من سلوك ، وما ينتظرهم من ثواب وعقاب ، بحسب أعمالهم في حياتهم ، وأن وراء هذه الحياة الأولى حياة أخرى يرجعون فيها إلى الله ، فيحاسبهم ويجازيهم ، وقد أعد للثواب جنة خالدة ، وأعد للعقاب ناراً حامية وعذاباً أليماً.
( 5 )
نقض علمي لمذهب الملحدين
الذين ينكرون استمرار وجود الروح
يتساءل بعض الناس : هل نجد نقضاً علمياً للمذهب الإلحادي الذي يرى أن الحياة ظاهرة مادية فقط ، وليس وراء هذه الحياة المادية إذا انتهت بالموت استمرار لوجود روحي ، أو إمكان لحياة أخرى؟
وجوابنا إيجابي حتماً ، فلدينا أدلة علمية توصل إلهيا الباحثون من علماء الطبيعة تثبت الحياة بعد الموت ، على المستوى التجريبي والمعملي .
وأقتبس هنا فقرات مما جاء في كتاب (الإسلام يتحدى)[15]:
“أثبتت البحوث الروحية الحياة بعد الموت على المستوى التجريبي والمعملي . إن الأمر الذي يدفعنا إلى إبداء مزيد من الإعجاب بهذه البحوث هو أنها لا تثبت (بقاءً محضاً) لروح ما ، بل إنها تثبت أيضاً بقاء الشخصيات التي كنا نعرفها بذاتها قبل أن نموت!!
إن هناك خصائص كثيرة يتمتع بها الإنسان من قديم الأزمان ، ولكنا لم نلق الضوء عليها إلا حديثاً ، ومن هذه الخصائص (الرؤيا) التي تعد من أقدم مميزات الجنس البشري ، والحقائق المثيرة التي كشفها علماءُ النفس عن هذه الميزة لم يكن قدماؤنا على علم بها .
وهناك مظاهر أخرى درسناها أخيراً ، وأجرينا بحوثاً وإحصاءات في مختلف أنحاء العالم حولها ، وجاءت البحوث بنتائج غاية في الأهمية .
ومن هذه البحوث ما نسميه (بالبحوث الروحية) وهي فرع من علم النفس الحديث ، وهدفها محاولة الكشف عن المميزات الإنسانية غير العادية ، وقد أقيم أول معهد لإجراء هذا النمط من البحوث عام (1882م) في إنكلترا ، وبدأ علماء هذا المعهد عملهم سنة (1889م) بعد أن قاموا بمسح واسع النطاق على (17) ألفاً من المواطنين ، ولا يزال هذا المعهد موجوداً باسم (جمعية البحوث الروحية) وقد انتشرت الآن معاهد كثيرة في مختلف بلدان العالم ، وأثبتت هذه المعاهد بعد بحوثها وتجاربها الواسعة النطاق أن الشخصية الإنسانية تواصل بقاءها بعد فناء الجسد المادي في صورة غريبة…
وقد ألقى (البروفسور دوكاس) هو أستاذ الفلسفة بجامعة براون ، ضوءاً على الجوانب النفسية والفلسفية من مسألة الحياة بعد الموت ، في الباب السابع عشر من كتابه . والدكتور دوكاس لا يؤمن بالحياة بعد الموت كعقيدة دينية ، وإنما وجد – أثناء بحوثه – شواهد كثيرة اضطر – على أثرها – أن يؤمن بالحياة الآخرة ، مجردة عن قضايا الدين ، وهو يكتب في آخر الباب السابع من كتبه قائلاً:
“لقد قام رهط من أذكى علمائنا وأكثرهم خبرة بمطالعة الشهادات المتعلقة بالمسألة ، وفحصوها بنظرة نقد ثاقبة ، وقد توصلوا آخر الأمر إلى أن هناك شواهد كثيرة تجعل فكرة “بقاء الروح” نظرية معقولة ، وممكنة الحدوث .. وهم يرون أنه لا يمكن تفسير تلك الشواهد إلا على هذا النحو . ومن هؤلاء الكبار الذين قاموا بهذه البحوث نستطيع أن نذكر: الأساتذة (ألفريد راسل واليس)، و(السير وليام كروكس)،و(ف. و. هـ.مايرز) ، و(سيزار لومبرازو) ، و(كميل فلاماريون) ، و(السير أوليفر لوج) ، و(الدكتور ريتشارد هوجسن) ، و(المستر هنري سيدويك) ، و(البروفيسور هيسلوب) “.
ويستطرد الدكتور دوكاس قائلاً :
“ويتضح من هذا أن عقيدة بقاء الحياة بعد الموت – التي يؤمن بها الكثيرون منا كعقيدة دينية – ليس من الممكن أن تكون واقعاً فحسب ، وإنما لعلها هي الوحيدة من عقائد الدين الكثيرة ، التي يمكن إثباتها بالدليل التجريبي . ولو وضح هذا فمن الممكن أيضاً أن نجد معلومات قطعي في هذا الموضوع”.
وقد سبق أن استشهدنا حول موضوع الروح بما قاله الدكتور (راين):
“إنه ثبت من أبحاثه في المعامل: أن في الجسم البشري روحاً أو جسماً غير منظور”.
هذه البحوث الروحية تنقض قضية الملحدين الماديين من أساسها ، فما أثبته العلم من وجود الروح ومن أن الحياة بعد الموت قضية مؤكدة أو مرجحة ، ينقض نظرتهم القائمة على أن الحياة إنما هي مظهر لتركيب المادة بصورة خاصة ، ومتى انحل هذا التركيب لم يبق أثر للحياة مطلقاً ، بينما يقرر الدين أن الحياة سر روحي ينفخه الله تعالى في الأجساد المادية ، فتكون حية بهبة الله تعالى لها سرّ الحياة ، وهذا ما بدأت الدراسات العلمية تعترف به .
ولدينا أيضاً أدلة أخرى في هذا المجال مما توصلت إليه البحوث النفسية .
أثبتت الدراسات العلمية حول الإنسان أن خلايا جسده المادي تتجدد باستمرار ، وأن هذا الجسد المادي بمثابة نهر جار خاضع لقانون التغير المستمر ، خلايا تتلف ، وغذاء يتحول إلى خلايا جديدة تحل محل الخلايا التالفة ، ويأتي على جسم الإنسان في مدى كل عشر سنوات تجدد كامل لكل خلايا جسمه ، أي: إن الجسد الأول يفنى ويأتي بدله جسد جديد ، ولكن الإنسان لا يشعر بهذا التغير ، ولا يتأثر كيانه الإنساني به ، بل يبقى علمه وذاكرته وعاداته وأمانيه وأفكاره وحبه وبغضه وعواطفه كلها كما كانت ، فلو أن الإنسان كان مظهر تفاعلات مادية صرفة لكان بفناء الخلايا الأولى من جسده ، أو بعبارة أخرى لكان بفناء جسمه السابق الذي حل محله جسم جديد يجب أن تفنى أفكاره السابقة وعواطفه وآماله وأمانيه وكل خصائصه الثابتة التي لا تتغير ، لكن هذا لا يحدث رغم تجدد الجسد تجدداً كلياً في كل عشر سنوات .
فلولا أن شيئاً روحياً غير هذا الجسد المادي يظل مستمراً يحمل الخصائص الإنسانية العليا ، لما استطاع الإنسان المحافظة على مكتسباته السابقة ، بعد فناء جسده السابق ، أو بعد تعرضه لمراحل متعددة من الفناء في حياته .
جاء في كتاب “الإسلام يتحدى”[16]:
“لقد أثبت البحث النفسي الذي ذكرنا آنفاً أن جميع أفكار الإنسان – أو بعبارة أخرى: جميع خلايا مُخه – تبقى بصفة دائمة ، وهذا الواقع يثبت بصراحة أن عقل الإنسان ليس بجزء من جسمه ، فإن جميع خلايا وأنسجة الجسم تتغير تغيراً كاملاً في بضعة أعوام ، ولكن سجل اللاشعور لا يقبل أي تغير أو مغالطة أو شبهة على رغم مرور مئات السنين . ولو كان هذا السجل الحافظ كائناً في الجسم فلا أدري أين مكانه منه؟ وفي أي جزء يكمن على وجه الخصوص؟ ولو كان في أحد أجزاء هذا الجسم فلماذا لا يزول عندما تزول هذه الأجزاء بعد سنوات عديدة؟ ما أعجب هذا السجل الذي تتحطم جميع لوحاته تلقائياً ، ولكنه لا يفنى ولا يزول؟!
إن هذه البحوث الجديدة في علم النفس تؤكد بصفة قاطعة أن الوجود الإنساني لا تنحصر حقيقته في ذلك الجسم المادي الذي يخضع دوماً لعمليات التحكم والاحتكاك والفناء ، بل هو شيء آخر غير هذا كله ، وهو لا يفنى ، بل يبقى مستقلاً ولا يزول”.
فقضية الحياة لا تفسر إلا بالحقيقة التي تقررها المفاهيم الدينية ، بالروح التي هي من نفخ الله ، وهذه الروح تبقى بعد فناء الجسد ، وتبقى بعد الموت ، لأن الموت إنما هو انفصال كامل للروح عن الجسد .
( 6 )
نقض توهمات منكري الحياة الأخرى
لدى البحث عن المستندات الفكرية التي يستند إليها منكرو الحياة الآخرة يتبين لنا أنهم لا يملكون أية مستندات فكرية صحيحة ، إنما هم بين العناد والتوهم .
أما العناد فهو مذهب المكابرين الذين لا ينفع معهم الجدل المنطقي ، والمناظرة العلمية .
وأما التوهم فهو طريقة كثير من المنكرين الذين يندفعون وراء توهمات يتصورونها أدلة ، وليست هي بأدلة .
إن الحياة الأخرى ليست من المستحيلات العقلية حتى يجحدوها الجاحدون بحجة الاستحالة ، ولكنها من الممكنات العقلية ، وظهور الحياة الأولى أعظم شاهد تجريبي على إمكان الحياة الأخرى ، وبعد إثبات الإمكان الفعلي تبقى لدينا مرجحات إثبات الوقوع ، وقد رأينا بالأدلة النظرية أن مرجحات إثبات الوقوع مرجحات قوية ، فإذا انضمت هذه الأدلة النظرية إلى التبليغات الربانية التي أخبرنا بها رسل الله الصادقون وجدنا أن الحياة الأخرى قضية حتمية لا مناص للعقلاء من الإيمان بها ، والتسليم بما جاء عنها من أخبار صادقات .
وقد رأينا أن طريقة القرآن في محاجَّة منكري الحياة الأخرى من الماديين الملحدين ، الذين لا يؤمنون بالله ، طريقة تتضمن العودة بهم إلى نقطة الخلاف الأولى الأساسية ، وهي الإيمان بالله تعالى ، فهو يقيم لهم دليلاً مزدوج الهدف ، يلفت النظر إلى حقيقة الإيمان بالله تعالى وبكمال صفاته ، ويوجِّه إلى أن الخالق الحكيم لا يمكن أن يخلق هذا الكون عبثاً ، تنتهي حياة الإنسان فيه بنهاية حياته الأولى . ومتى أدرك المتفكر هاتين الحقيقتين تفتحت مغاليق فكره وفؤاده للتسليم بالحياة الأخرى ، كما جاءت بها الأخبار الصحيحة الصريحة الصادقة التي أخبر بها الرسول .
أما طريقة القرآن في محاجَّة الآخرين ، فهي تشتمل على النظر في توهماتهم التي استندوا إليها فيما ذهبوا إليه من الرفض ، والرد عليها بإثبات الحق المناقض لهذه التوهمات ، وقد استقصى القرآن الكريم في مواضع مختلفات توهماتهم وردها واحدة فواحدة بالحجج الدامغة .
وفيما يلي تتبع لهذه التوهمات وللرد القرآني عليها:
* التوهم الأول :
توهم ظهر على ألسنة المشركين أيام الرسول ، وخلاصته أن القدرة التي قدرت على ابتداء خلق الإنسان لا تقدر على إعادته .
وقد سلك القرآن في إقامة الحجة على المنخدعين بهذا التوهم طريقين :
* الطريق الأول :
طريق إظهار واقع التساوي بين الإعادة والبدء ، وبيان أن شبهة التفاوت شبهة باطلة ، إذ أن قدرة الله التي قدرت على ابتدائهم إبداعاً ، قادرة على خلقهم بعد فنائهم إرجاعاً ، فالأمران مستويان ، بل الإعادة أهون في نظر الناس وحدود قدراتهم من الابتكار والإبداع .
فمن يسلِّم بأن الله قد بدأ الخلق حتم عليه بأن يسلِّم بأنه تعالى قادر على إعادته ، بل هو أهون عليه .
وقد رد القرآن على أبيّ بن خلف شبهته هذه ، بقول الله تعالى في سورة (يس/36 مصحف/41 نزول):
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}.
وأكد حقيقة التساوي بين الإعادة والابتداء بقوله تعالى في سورة (مريم/19 مصحف/44 نزول):
{وَيَقُولُ ٱلإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً * أَوَلاَ يَذْكُرُ إلإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً}.
وبين الله في نص آخر أن إعادة الخلق أهون من ابتدائه ، فإذا ثبت الابتداء بالمشاهدة تثبت الإعادة الموعود بها من باب أولى ، فقال تعال في سورة (الروم/30 مصحف/84 نزول):
{وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ}
* الطريق الثاني:
طريق التنبيه على مظاهر قدرة الله في السماوات والأرض ، وذلك أنه إذا كابر المنكر بعد إقامة الدليل بإظهار واقع التساوي بين الإعادة والبدء ، فقال : الإعادة أشد من البدء مصراً على توهمه هذا ، أتاه الجواب القرآني بنقله إلى ما هو أكبر في تصوره من ابتداء خلق الإنسان وإعادته ، ألا وهو خلق السماوات والأرض .
إذ من المعلوم بالبداهة الحسية أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ، في ابتدائهم أو في إعادتهم ، وهذا ما أشارت إليه آية (الروم) السابقة:
{وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ}
ونلاحظ أن الاستدلال بخلق السماوات والأرض على قدرة الله تعالى على أن يحيي الموتى كثير في آيات القرآن المجيد :
فمنها قول الله تعالى في سورة (الأحقاف/46 مصحف/66 نزول):
{أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
ومنها قول الله تعالى في سورة (غافر/40 مصحف/60 نزول):
{لَخَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْـمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَلاَ ٱلْمُسِيۤءُ قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ * إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }
فبعد إثبات أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس نبه النص على أنه لا يصح التسوية بين الأعمى والبصير ، ولا بين الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمسيئين ، إن حكمة خالق هذا الكون الكبير المتقن البديع تأبى هذه التسوية ، وإذا كانت هذه التسوية مرفوضة فإن أمر الجزاء واقع لا محالة ، وذلك يكون يوم القيامة ، وإذ وصل النص إلى إبراز هذه الحقيقة قرر أن الساعة آتية لا ريب فيها .
أي: فخلق السماوات والأرض شاهد على إمكان إعادة خلق الإنسان بعد فناء جسده ، والداعي لهذه الإعادة قانون الجزاء الحكيم .
* التوهم الثاني:
توهم أن خلق السماوات والأرض وخلق الأحياء قد أصاب الخالق بالإعياء تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
ولقد رد القرآن هذا التوهم ببساطة ووضوح ، وذلك بإثبات أن خلق الله للأشياء كلها إنما يكون بتوجيه الإرادة والأمر ، فإذا أراد أن يخلق شيئاً قال له : كن فيكون ، ومن كان أمر خلقه كذلك فلا يمكن أن يصيبه الإعياء في القدرة أبداً .
وقد نفى الله أن تصاب قدرته بالإعياء بسبب خلقه للسماوات والأرض وما فيهن ، فقال تعالى في سورة (الأحقاف/46 مصحف/66 نزول):
{أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
وعدم الإعياء بالخلق هو مقتضى قدرة الرب الخالق ، ولذلك قال الله تعالى مستنكراً لو أن تفكيرهم ، متسائلاً تساؤل المتهكم بإنكارهم في سورة (ق/50 مصحف/34 نزول):
{أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}
أي : بل هم في شك من إمكان خلق جديد لمن سبق له أن خُلق ثم مات وفني جسمه .
وبين الله مدى قدرته العظيمة على ما خلق ما يريد من شيء بمجرد توجيه أمر التكوين له ، فقال تعالى في سورة (يس/36 مصحف/41 نزول):
{إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ}
على أن نفي الإعياء ومناقشة المنكرين في هذا الأمر ، وكذلك مناقشتهم حول بعض التوهمات الأخرى ، إنما هو تنزل من الخالق العظيم إلى مستوى تفكير المنكرين وعقولهم الساذجة ، لإقامة الحجة عليهم من جميع الوجوه ، ومحاصرتهم محاصرة فكرية ملزمة بالحق ، على أن في هذه البيانات لفت نظر إلى حقيقة الربوبية ، وأن من مقتضى خصائص صفات الربِّ الخالق قدرته الكاملة على الخلق ، وهذه القدرة لها صفة البقاء الأزلي الأبدي ، فهي لا تتناقص ، ولا تختل ، ولا تعرض لها عوارض التغير ، فلله الخالق الأزلي الأبدي كلُّ صفات الكمال المطلق .
* التوهم الثالث:
توهم المنكرين أن من يموت من الناس يضل رفاته في الأرض ، فتذهب صورته وصفاته ، فكيف يرجع الله هذه الذوات والصفات ، وكيف يجمع هذه الذات المتفتتة من عظامهم؟
وأثر هذا التوهم يظهر في توهمهم أن علم الله غير محيط بكل صغيرة وكبيرة من أعداد الذين يموتون من الناس ، وغير محيط بصفاتهم وأوضاعهم وأعمالهم .
وقد ذكر الله مقالتهم التي تدل على هذا التوهم من توهماتهم ، بقوله تعالى في سورة (السجدة/32 مصحف/75 نزول):
{وَقَالُوۤاْ أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ}
أي: بل علة نفوسهم أنهم لا يريدون أن يقبلوا مبدأ لقاء ربهم ، حتى لا يحجزهم اعتقاد هذا المبدأ عن الانطلاق في الفجور ، وما يوردونه على قضية الآخرة وما فيها من حساب وجزاء ليس إلا تعلاَّت.
وذكر الله مقالتهم هذه أيضاً في سورة (سبأ/34 مصحف/58 نزول) فقال تعالى :
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبئُكُمْ إِذَا مُزقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ * أَفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ فِي ٱلْعَذَابِ وَٱلضَّلاَلِ ٱلْبَعِيدِ}.
أي : فهم في عذاب في حياتهم يأتيهم من داخل نفوسهم المجرمة المتمردة على الحق ، وهم في الضلال البعيد في عقيدتهم وفي سلوكهم .
ولدفع هذا التوهم من توهماتهم تنزل الله إلى مستوى مداركهم فأثبت لهم إحاطة علمه بكل شيء ، ومن ذلك علمه سبحانه الذين يموتون أعداداً وصفات كاملة ، وأن من مقتضى كونه تعالى هو الرب الخالق ، والموجود الأزلي الأبدي ، أن يتناول علمه كل ما يجري في مخلوقاته ، حتى ما توسوس به نفوس الناس من غير أن ينطقوا به ، ودون أن يسمعه منهم أحد . وأثبت لهم أيضاً أن الملائكة الكرام الكاتبين والملائكة الذين يقبضون الأرواح ويتوفون الأنفس يسجلون كل واحد من الناس أحياءً وأمواتاً ، بذواتهم وصفاتهم وأفعالهم وأقوالهم في كتاب حفيظ .
وفي الرد على هذا التوهم الذي يحتمل أن يكون مصدر تعجبهم إذ قالوا:
“أئذا متنا وكنا تراباً؟ ذلك رجع بعيد” قال تعالى في سورة (ق/50 مصحف/34 نزول):
{قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضَ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ}
وأثبت الله إحاطة علمه بكل صغيرة وكبيرة في مقام عرض إنكارهم للساعة وذلك على سبيل الرد عليهم فقال تعالى في سورة (سبأ/34 مصحف/58 نزول):
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْزُبَ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}
وشاهد هذا الشمول العلمي لله تعالى سير كل شيء في هذا الكون ضمن نظام محكم دقيق لا يعتريه أي خلل ، وهذا يسقط توهمهم .
وفي بيان إحاطة علمه تعالى بما توسوس به نفوس الناس دون أن يطلعوا عليه أحداً ، قال سبحانه في سورة (ق/50 مصحف/34 نزول):
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ}
وفي بيان مراقبة أقوال الناس وحفظها قال الله تعالى في سورة (ق/50 مصحف/34 نزول):
{مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}
وحين يلاحظ المنكرون هذه الحقيقة من حقائق الرب الخالق يسقط هذا التوهم من توهماتهم ، ويعرفون أن الله على كل شيء قدير ، ويعلمون أن وعد الله حق .
على أنهم لو نظروا فيما انتهت إليه البحوث العلمية لرأوا أنها قد أثبتت هذا السجل الكوني الكبير ، الذي تسجل فيه الأعمال كلها ، والأقوال ، وخواطر الأنفس ، ووساوسها ، ونياتها .
لقد أثبت العلماء أن كل حرف نقوله وكل عمل يصدر عنا يسجل في الأثير ، ويمكن عرضه في أي وقت من الأوقات بكل تفاصيله ، متى تهيأت الأجهزة القادرة على كشف ما في هذا السجل الكبير ، والتحكم بموجاته ، فصور كل كائن من القرون الأولى وأصوات كل كائن مسجلة تسجيلاً كاملاً ، منذ وجوده حتى آخر وجوده لحظة بلحظة ، لا يضيع منه شيء صغيراً كان أو كبيراً ، في النور أو في الظلمات ، في السرِّ أو في العلن ، وأثبتت التجارب العلمية أن جميع أفكارنا وخواطرنا تحفظ في شكلها الكامل وفق تسلسلها ، ولسنا بقادرين على محوها أبداً ، وإن نسيناها في عقلنا الظاهر أو في مستوى شعورنا ، إنها تظل محفوظة أبداً لدينا فيما يسمى عند علماء النفس (ما تحت الشعور) وما هو محفوظ فيما تحت الشعور هو الجانب الأكبر من مجموع المحفوظات في كياننا الإنساني ، فالقضية لا تحتاج يوم القيامة أكثر من كشف الغطاء عن مستوى ما تحت الشعور ، وعرض شريط صور (فيلم) حياتنا كلها المسجل في الأثير[17] .
فهذا التوهم القديم الذي لم يكن يتصور مدى هذا التسجيل قد أصبح ساقطاً اليوم بالمكتشفات العلمية ، وتحقق قول الله عز وجل في سورة (فصلت/41 مصحف/61 نزول):
{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}
* التوهم الرابع :
توهم أن الأشياء التي لا يشاهدونها بالحس ينبغي أن لا يسلِّموا بها ، وأن لا يصدقوها ، فما لم يحدث فعلاً أمام أعينهم بشكل متكرر فهو ممتنع الوقوع .
وأصحاب هذا التوهم قد سيطرت حدود حواسهم الظاهرة على قوة التجريد العقلي فيهم ، فزعموا عدم إمكان العبث ، لأنهم لم يرَوا حياة بعد موت .
وهل باستطاعة أصحاب هذا التوهم أن يلتزموا مذهبهم في كل الحقائق التي يبحثونها أو يمؤنون بها؟
إن معظم النظريات العلمية التي يثبتها العلماء الماديون تشتمل على مضامين لم تشاهد بالحس ، وإنما استنتجها العلماء استنتاجاً عن طريق تعليل الظواهر وتفسيرها .
وكثير مما كان يثبته الإنسان القديم وما يزال يثبته الإنسان الحديث لا يعتبر داخلاً في نطاق الأمور التي يمكن إدراكها بالحس ، كالعقل والروح ، والقوى التي لا تشاهد إلا آثارها وظواهرها .
ولكن رغم أن هذا التوهم مرفوض بداهة قد يكابر به بعض المعاندين ، فيزعم بوقاحة أن الأشياء التي لا يشاهد لها أمثلة واقعة هي ممتنعة الوقوع .
ولنا مع أصحاب هذا التوهم محاكمات كثيرة ، نلزمهم فيها بإثبات أشياء كثيرة في أنفسهم ، وفي الكون من حولهم ، يستنتجون هم وجودها استنتاجاً ، مع أنها غير مدركة بأية حاسة من حواسهم .
ومع كل هذا فقد تنزَّل القرآن إلى مستوى مداركهم فضرب أمثلة مدركة بالحس دائمة الوقوع في الكون ، تُقرِّب إلى تصوراتهم صورة الحياة بعد الموت .
إن جفاف الزرع وانقطاع تغذيته من الأرض ، وحصاده وتحطمه ، يشبه حالة الموت في الأحياء ، ثم إن السنة الكونية الدائمة الظاهرة المشاهدة في عملية انشقاق الحبوب في بطن الأرض ،ونباتها بعد ما سبق من حالتها التي تشبه حالة الموت ، وعودتها إلى الحياة والنضر كرَّة أخرى ، وذلك عند وجودها في البيئة الملائمة من ماء ممتزج بالتراب الصالح ، لتعطي تقريراً حسياً مشاهداً باستمرار في الظواهر الكونية لقصة بعث الحياة بعد موت الأجساد الحية ، وتفرُّق أجزائها في تراب الأرض ز
وقد نبَّه القرآن على هذا الشاهد الكوني الذي يقرب إلى تصور أصحاب هذا التوهم إمكان الحياة الأخرى ، وأنها تشبه عودة الحياة إلى الزروع والنباتات بعد جفافها وما يشبه حالة الموت فيها .
فقال الله تعالى في سورة (الحج/22 مصحف/103 نزول):
{وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُل زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ}
وقال أيضاً في سورة (الروم/30 مصحف/84 نزول):
{فَٱنظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَةِ ٱللَّهِ كَيْفَ يُحْيِيِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْييِ ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
وقال أيضاً في سورة (فصِّلت/41 مصحف/61 نزول):
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاهَا لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
يضاف إلى هذا الشاهد المتكرر ما ضربه الله من أمثلة تجريبية واقعية ، أجراها في أزمنة ماضية لحياة الإنسان بعد الموت .
فمن ذلك حادثة أهل الكهف وكيف ضرب الله على آذانهم ثلاثة قرون وتزيد ، ثم أعثر عليهم ليعلم الناس بشهادة الحس كيف يحيي الله الموتى ، وقص الله علينا قصتهم في سورة (الكهف/18 مصحف/69 نزول) ثم قال تعالى :
{وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا..}.
ومن ذلك أيضاً قصة (العزيز) الرجل الصالح من بني إسرائيل ، إذ مر على قرية أموت فقال : “أنى يحيي هذه الله بعد موتها؟” فأماته الله مئة عام ثم بعثه وشاهد مشاهدة حسية كيف أحياه الله بعد أن أماته ورأى بنو إسرائيل من أهل قريته هذا الحدث التاريخي العجيب ، وقد أخبرنا الله تعالى بهذه القصة في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول) فقال:
{أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
ومن ذلك أيضاً قصة إماتة الألوف من بني إسرائيل حين أمروا بقتال عدوهم ، فخرجوا من ديارهم فارين من مقابلة العدو حذو الموت ، ثم بعد هذه الإماتة الجماعية أحياهم الله ليعملوا أن الفرار من القتال لا يحمي من الموت ، وليعلموا أن البعث حق ، وقد ذكر الله قصة هؤلاء في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول) فقال تعالى :
{أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ}
ومن ذلك أيضاً قصة إحياء قتيل بني إسرائيل ،لسؤاله عن القاتل ، وهذه القصة قد أخبرنا الله بها في أوائل سورة (البقرة) وقد أوجز المفسرون هذه القصة بأنه كان في بني إسرائيل شيخ موسر له ابن واحد ، قتله ابن عمه طمعاً في ميراثه ، ثم جاء يطالب بدمه قوماً آخرين ، فأنكر المتهمون قتله ، وترافع القوم إلى موسى عليه السلام ، كل منهم يدرأ التهمة عن نفسه ، فقال لهم موسى : إن الله يأمركن أن تذبحوا بقرة ، وذلك ليتبين لهم القاتل الحقيقي فقالوا له : أتهزأ بنا؟ فقال موسى : معاذ الله أن أكون من الجاهلين ، فسأل بنو إسرائيل موسى عليه السلام عن أوصافها ، وشددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم ، ثم عثروا عليها وذبحوها وما كادوا يفعلون ، ثم ضربوا جسد القتيل ببعض البقرة التي ذبحوها وفق الأمر الإلهي ، فأحيا الله القتيل وأخبر عن قاتله .
ومن ذلك أيضاً قصة إحياء الطيور الأربعة لسيدنا إبراهيم عليه السلام ، لما سأل ربه أن يريه كيف يحيي الموتى .
ومن ذلك أيضاً معجزة عيسى عليه السلام ، إذ كان يحيي الموتى بإذن الله ، كما هو معلوم من معجزاته وآيات رسالته .
* التوهم الخامس :
توهم المنكرين أن مراد الخالق في إبداع الحياة وخلقها لا يتعدى حدود هذه الحياة الأولى ، وأن كل حكمته من الخلق تتم فيها .
وهذا التوهم فيه اتهام لحكمة الخالق بالعبث ، وهو ما سبق أن ناقشنا به منكري اليوم الآخر قبل أن نطرح توهماتهم للمناقشة ، وذلك لأن منحة العقل ، والإرادة الحرة ، وبعض القدرة على التنفيذ تستلزم المسؤولية ، وإلا نجم عنها الفساد الذي لا حدود له دون غاية ، وهو أمر ينافي الحكمة ، والمسؤولية تستلزم المحاسبة والجزاء ، وإلا كانت مسؤولية شكلية لا قيمة لها ، وهو أمر ينافي الحكمة أيضاً ، والجزاء يقتضي العقاب والثواب ، وإلا كانت مسؤولية ناقصة تنهى عن الشر ولا تأمر بالخير ، أو لا تشجع على الارتقاء في درجات الفضائل ، وهو أمر ينافي كمال الحكمة أيضاً ، والله تبارك وتعالى قادر حكيم منزَّه عن النقص في ذاته وصفاته وأفعاله ، فلا يصدر عنه سبحانه إلا الكمال ، ولا تكون أفعاله إلا مطابقة لكمال الحكمة .
وقد سبق أن عرضنا دفع القرآن لهذا التوهم ، واستشهدنا بعدة نصوص قرآنية .
منها قول الله تعالى في سورة (المؤمنون/23 مصحف/74 نزول):
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ}
ونصوص أخرى نفى الله فيها عن نفسه أن يكون قد خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً ، أو خلقها على سبيل اللهو واللعب ، بل خلقها لحكمة ، وهذه الحكمة تقتضي مسؤولية الإنسان ومن على شاكلته ، والمسؤولية تستلزم الجزاء بالثواب وبالعقاب ، وظروف الجزاء الكامل غير موجودة في هذه الحياة الدنيا ، فلا بد من حياة أخرى يكون فيها هذا الجزاء .
ولا ننسى أن هذا التوهم قد ورد في مقالات منكري الحياة الآخرة ، وقد حكى الله مقالتهم التي تنم عن هذا التوهم من توهماتهم ، فقال تعالى في سورة (الدخان/44 مصحف/64 نزول):
{إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَيَقُولُونَ * إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا ٱلأُوْلَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ}
وحكاها أيضاً في نصوص أخرى سبق الاستشهاد بها .
*التوهم السادس :
توهم المنكرين عدم إمكان تلقي الرسل الأخبار عن الله تعالى ، وعدم معرفتهم شيئاً من الغيب .
وقد عرض الله مقالة منكري الحياة الأخرى المشتملة على هذا التوهم من توهماتهم ، فقال تعالى في سورة (سبأ/34 مصحف/58 نزول):
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ * أَفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ فِي ٱلْعَذَابِ وَٱلضَّلاَلِ ٱلْبَعِيدِ}
وكان مطلبهم أن ينزل الله ملائكة يبلغونهم الأخبار عنه ، أو يرون الله ويخاطبهم خطاباً مباشراً ، وقد ذكر الله مطلبهم هذا بقوله تعالى في سورة (الفرقان/25 مصحف/42 نزول):
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا لَقَدِ ٱسْتَكْبَرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً}
والرد على أصحاب هذا التوهم يأتي ببساطة ، ويتلخص بأن وعد الله بالدار الآخرة والحياة بعد الموت جاء على ألسنة الرسل المؤيدين بالمعجزات الباهرات ، والله سبحانه لا يؤيد بمعجزاته من يكذب عليه ، وبأن الله يستحيل عليه – سبحانه – الكذب في الأخبار ، وقد أخبرنا في كتابه المنزل بذلك .
ولا تعدو مناقشة هؤلاء المناقشة حول الرسل والكتب واستحالة الكذب على الله تعالى ، وأن لله أن يصطفي من يشاء من عباده ، لتبليغ رسالاته للناس ، وأن يتخذ ما يشاء من وسائل لإعلام رسله برسالاتهم ، وإعطائهم ما يكون حجة لهم أمام الناس ، حتى يصدقوهم ويثقوا بأخبارهم .
هذا إحصاء توهمات منكري الحياة الآخرة ، وما فيها من جزاء بالثواب وبالعقاب .
وبعد إسقاط هذه التوهمات ودفعها ، وبيان أنها لا تصلح بحال من الأحوال لأن تكون مستنداً لرفض الإيمان بالآخرة وما فيها من جزاء ، من قبل المعترفين بوجود الخالق العظيم لهذا الكون ، وبعد هذا الحصار الفكري للمنكرين حصاراً تاماً ، لا يبقى لهم مخرج إلا طريق الإيمان والتسليم ، إذا كانوا حريصين على احترام عقولهم ، وحذرين من عاقبة إنكارهم . أما إذا لم يكن لديهم هذا الحرص وهذا الحذر فباستطاعتهم أن يظلوا جاحدين بوقاحة ، ومنكرين بعناد لا مبرر له ، ومورطين أنفسهم بكبرهم في إصرار من ورائه عذاب شديد ، وشقاء لا نهاية له ، ثم إنهم لا يظفرون بأي كسب مادي أو نفسي لحياتهم الدنيا من جراء هذا الإنكار ، إلا أوهام الاستكبار والعناد ، والرغبة بالانطلاق في الجرائم والآثام ، دون أن ت تحرك قلوبهم بالخوف من مغبة ما يفعلون .
ولقد كشف الله عن هذه الدوافع التي تدفع المنكرين إلى التكذيب بالحياة الأخرى .
أما الكبر الذي جعل قلوبهم تنكر ، فنجده في قول الله تعالى في سورة (النحل/16 مصحف/70 نزول):
{إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وَاحِدٌ فَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ}
وأما الرغبة بالانطلاق في الجرائم والآثام ، فنجده في قول الله تعالى في سورة (القيامة/75 مصحف/31 نزول):
{بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ * يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَامَةِ}
والفجور: هو التدفق الوقح إلى فعل الشرور والآثام والجرائم ، دون رادع ، أو ضابط من دين أو ضمير .
( 7 )
مع العظم واستناده إلى أقوال (برتراند رسل)
بعد أن عرض الناقد (د. العظم) أقوال (برتراند رسل) التي أنكر فيها الحياة الأخرى ووجود الله تبارك وتعالى ، وعرض فيها نظرة الماديين الملحدين إلى الكون والحياة والإنسان ، والتي سبق أن نقضناها وكشفنا زيفها فكرياً وعلمياً ، قال (د. العظم) بأسلوبه التزييفي في الصفحة (27) :
“لنقارن بين هذه النظرية العلمية المجردة القاسية الباردة ، وبين القصة الدينية الإسلامية الجميلة المريحة الدافئة التي تعودنا عليها . نجد أن الغيبيات والملائكة والصلوات والمعجزات والجن تؤلف جزءاً لا يتجزأ من التعليل الديني لنشأة الكون وطبيعته ، كذلك الأمر بالنسبة لتاريخ الإنسان ومصيره”.
هذا كلامه حرفياً ، ولست أدري كيف يسمح لنفسه هذا الإنسان ومن هو على شاكلته من الملحدين أن يبلغوا هذا المستوى التافه السخيف من التدجيل والتزييف ، الذي لا يقبله صغار المثقفين ، فضلاً عن الذين أخذوا من جوانب المعرفة قدراً مناسباً ، وعرفوا مداخل الزيف .
إن ما أسماه بالنظرية العلمية المجردة القاسية الباردة ،قد عرفنا بالمناقشات العلمية التي أوردناها فيما سبق أنها فرضيات احتمالية صاغها الملحدون باسم العلم ، وليس لها براهين علمية مقبولة ، ثم تلقفها المجرمون في الأرض وأخذوا يروِّجون لها ، ويلبسونها أثواب الحقائق العلمية ، ويعطونها من قوة التثبيت ما لا تملك شيئاً منها .
فكونها نظرية دعوى باطلة ، لأنها فرضيات احتمالية لم تدعها أدلة تجعلها في مستوى النظريات .
وكونها علمية هي أيضاً دعوى باطلة ، لأن الفرضيات ظنون ضعيفة لا يصح تسميتها علماً ، لا سيما إذا كان يوجد ما يخالفها مما تدعمه الأدلة دعماً أقوى من دعمها .
وكونها مجردة قاسية باردة لا أجد له تفسيراً واقعياً إلا أنها مجردة عن المنطق السليم ، ومجردة عن أية غاية كريمة ، وقاسية على النفوس قسوة الباطل حينما يبهت الحق بتزييفه ، وباردة برود الموت الذي لا يستطيع أن يحيا .
وأدهى من ذلك وأمر ما نجده من خلط عجيب لا يفعله إلا وقح شديد الوقاحة ، أو جاهل بالدين شديد الجهل ، وذلك إذ يزعم : “أن الغيبيات والملائكة والصلوات والمعجزات والجن تؤلف جزءاً لا يتجزأ من التعليل الديني لنشأة الكون وطبيعته ، كذلك الأمر بالنسبة لتاريخ الإنسان ومصيره”.
فهل يجد أحد في الدين أن الصلوات كان لها أثر في نشأة الكون وطبيعته؟
هل يجد أحد في الدين أن الجن جزء لا يتجزأ من التعليل الديني لنشأة الكون وخلقه في عقيدة المسلمين؟ هل ساهم الجن في نشأة الكون وخلقه؟
هل يقول مثل هذا أحد من جهلة المسلمين فضلاً عن علمائهم؟
إن الدين يقرر أن الكون قد نشأ بخلق الله له ، ضمن نظام الأسباب والمسببات ، التي إذا اكتشف الباحثون شيئاً منها سمَّوها قوانين طبيعية .
فما هذا الخلط العجيب المفترى على الدين؟! ما هذا الخلط العجيب الذي لا نجد له مثيلاً إلا في أوكار الحشاشين ، أو في مستشفى المجانين؟ أو في أقوال المهرجين؟!
قد يكون عذره أنه لم يقرأ إلا كتب الماركسيين ، ودسائس اليهود وأجرائهم ، ولم يسمع إلا أقوال هؤلاء وأولئك في التهكم على الدين ، فظنها فعلاً مفاهيم إسلامية ، فحملها حملاً ببغاوياً وكتبها في مقالاته مقابل أجر معلوم ، دون أن يرجع إلى المصادر الإسلامية ويحقق فيها .
ولكن هل هذه طريقة باحث علمي أكاديمي يكتب نقداً وينشره بين جماهير المثقفين ، وهو بهذا المستوى الذي لا يليق بصغار أبناء المدارس ، فضلاً عن الذين تضعهم الأوراق المختومة بين كبار الدارسين؟!
أو لعله نظر من بعيد فرأى أن المسلمين يصلون لله خالق الكون وفاطره ، ويعتقدون بأنه يوجد مخلوقات أخرى غيرهم خلقهم الله كما خلق البشر ، إلا أنهم مزودون بخصائص وصفات ليس لدى البشر نظيرها ، فمن هذه المخلوقات الملائكة ، ومنها الجن . والمسلمون يعتقدون بها تصديقاً لخبر الله ، دون أن يعتقدوا بأن لها مشاركة في تعليل نشأة الكون وطبيعته ، وإنما لها تاريخ فيه كما للإنسان فيه تاريخ ، ولها وظائف فيه ، كما للإنسان فيه وظائف ، ثم بنى (العظم) على نظرته هذه التي نظرها من بعيد إلى المسلمين وعقائدهم ، فزعم أن كل هذه الأمور جزء لا يتجزأ من التعليل الديني لنشأة الكون وطبيعته وتاريخ الإنسان ومصيره .
إن مثل (د. العظم) في صنيعه هذا كمثل من يراقب مطبخ الجيش المحارب من بعيد ، فيرى فيه الكوسا والباذنجان وأكياس البصل وأواني الأطعمة المحفوظة وأدوات الطبخ وأسياخ شي اللحم ، فينسى وظائف هذه الأشياء فيقول : إن هذا الجيش المحارب يستخدم في حربه (الكوسا والباذنجان والبصل وعلب الطماطم) ويعدد ما شاهد في مطبخ الجيش ، ثم يقول : إن هذه الأشياء تمثل عند عدوناً جزءاً لا يتجزأ من القيادة العامة للجيش .
كان باستطاعته ما دام قد وصل إلى هذا الحد من السخافة الفكرية النقدية أن يضيف أشياء كثيرة لا حصر لها من الدين ، ويجعلها جزءاً لا يتجزأ من التعليل الديني لنشأة الكون وطبيعته وتاريخ الإنسان ومصيره ، فله أن يضيف مع الصلوات التي ذكرها الزكاة والصوم والحج وتحريم الربا وتحريم الخمر والميسر ، وتحريم أكل أموال الناس بالباطل ، وتحريم الغش ، وتحريم العدوان والظلم وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأن يضيف مع الملائكة والجن جميع الحيوانات والنباتات التي خلقها الله ، والجبال والأوديان والأنهار والسحاب والليل والنهار والسماء والأرض ، فكلها مذكورة فعلاً في القرآن ، ولكن لكل منها مناسبة ، ولكل منها موقعاً ، ولا علاقة لها بتعليل نشأة الكون وطبيعته ، وإنما هي أجزاء موجودة في الكون تحتاج هي إلى تعليل ، وليست جزءاً من التعليل .
فيا لهذا من مغالطة متهافتة جداً ، تكشف لأصغر طلاب المدارس زيف كاتبها ، إذا كان لديه ولو قدر يسير من المعرفة الدينية .
* * *
الفصل السابع
مع “برتراند رسل” و”فرويد”
إمـامي العظـم
( 1 )
من غريب ما شهدت في أقوال الناقد (د. العظم) في كتابه “نقد الفكر الديني” ظاهرة داء التعصب المذهبي لأقوال قادة المذهب المادي الإلحادي ، لا سيما واضعو النظريات الإلحادية المادية من اليهود ، كأنه لا يكاد يرى علماً إلا ما قالوه ، ولا يكاد يمجد نظرية أو رأياً إلا ما ينسب إليهم ، ولا يكاد ينظر إلى مدرسة علمية في العالم غير المدارس التي تنسب إليهم ، حتى كأن أقواله فيهم أقوال عاشق مشغوف بحب لا أقوال باحث علمي دارس للعلوم وعارف بمختلف النظريات .
أتُراها هي العمالةُ وأعمالها المأجورة تفعل كل هذا؟ أم الغفلة والفتنة والتعصب الأعمى؟
إنه ليس من قبيل المصادفة أن يتعمَّد التنويه بأسماء اليهود الذين وضعوا الآراء والمذاهب الإلحادية ، وصنعوا لها ما أسموه بنظريات علمية ، فصاغوا مذاهبهم (نظرياتهم) في الاجتماع ، وفي الاقتصاد. وفي المادية الجدلية ، وفي الدراسات النفسية .
وليس من قبيل المصادفة أن نراه لا يلفت الأنظار بقوة إلا إلى نظرياتهم ، أن العلم الحديث كله ، ومنجزات الحضارة منحصرة فيما قدم هؤلاء من دراسات لم تحظَ في عالم العلم بالقبول التام ، أو لم تؤيد حتى الآن بالبراهين العلمية القاطعة .
ففي الصفحة (20) من كتابه يشيد بكتاب : “أصل الأنواع” لداروين ، ومعلوم أن نظرية داروين قد تبناها اليهود وأذاعوها وأشادوا بها لخدمتها لأغراضهم ، وهو يشيد بكتاب : “رأس المال” لكارل ماركس ، وهو يهودي .
ويكرر في صفحات كتابه الإشادة بالداروينية ، ويسميها النظرة العلمية ، ويكرر الإشادة بالماركسية أو ما يسمى بالاشتراكية العلمية .
وفي الصفحة (39) من كتابه يشيد باليهود الثلاثة : دوركهايم وفرويد وماركس .
وفي الصفحة (41) يشيد ينظرية المادية الجدلية ، ونظرية دوركهايم في الطقوس والعبادات الدينية ، كأنها حقائق علمية لا خلاف عند العلماء فيها .
وفي الصفحة (42) يشيد بالثورة الفرنسية ، وقد أصبح معروفاً تماماً أن اليهود هم الذين صنعوها ، لتحقيق أغراض اليهودية العالمية[18].
وفي الصفحة (43) ينتقد الفكر الإسلامي المرحوم الشهيد (سيد قطب) لأنه رفض نظرية التطور العضوي ، أي : نظرية داروين ، ولأنه رفض نظرية فرويد في مجال الدراسات النفسية ، ولأنه رفض الماركسية أو الاشتراكية العلمية . ثم أخذ (العظم) يمجد ويشيد بهذه النظريات ، كأنه لا يوجد في عالم العلم نظريات علمية غيرها ، وكأن المفروض في كل الناس أن يكونوا مثله مقلدين لأئمته اليهود الذين يقلدهم هو تقليداً أعمى . مقروناً بتعصب شبيه بتعصب الجاهلية الأولى ، بل هو أشد خطراً وأكثر ضلالة ، وكأن المفروض في كل الناس أن يكونوا مثله عشاقاً للقيادات اليهودية العالمية ، أعداء الإنسانية عامة ، وأعداء الأمة الإسلامية والأمة العربية الخاصة .
ففي انتقاده للمرحوم الشهيد (سيد قطب) يقول في الصفحة (42-43) ما يلي:
“في الواقع يذهب سيد قطب إلى أبعد من ذلك في أفكاره التوفيقية ، فيرد المنهج العلمي التجريبي إلى روح الإسلام ، ويعتبر المنهج الإسلامي الأساس الذي قامت عليه النظرة التجريبية العلمية الحديثة ، وليتبين لنا مدى نجاح هذا التوفيق الشامل بين الدين والعلم ما علينا إلا أن نتابع تفكير السيد قطب ، لنجد أنه بعد مفاخرته بأن المنهج الإسلامي هو الأساس الذي قام عليه المنهج العلمي التجريبي نراه يرفض رفضاً باتاً أهم النتائج التي توصل إليها هذا المنهج ، لأنها تتناقض مع العقائد الدينية ، إنه يرفض نظرية التطور العضوي ، مع أنها توَّجت البحوث العلمية في علم الحياة ، ونظرية فرويد مع أنها من أهم النتائج التي توصلت إليها البحوث العلمية في مجال الدراسات النفسية ، ويرفض الماركسية أو الاشتراكية العلمية ، مع أنها أهم نظرية شاملة صدرت في العلوم الاجتماعية والاقتصادية في العصور الحديثة . أي : إن السيد قطب يرد المنهج العلمي إلى المنهج الإسلامي ، ولكنه يريد أن يبرئهما من جميع التبعات التاريخية الناتجة من قيام العلم ، وأن ينكر كل ما يلزم عن مقدمته الكبرى من نتائج . ولذلك نراه يرد على كل ما تمخض عنه المنهج العلمي من نظم ونظريات علمية وسياسية واقتصادية واجتماعية ، ذلك على الرغم من يقينه أن الجذور التاريخية لكل ذلك تمتد إلى المنهج الإسلامي”.
هذا ما كتبه (د. العظم) في نقده للمرحوم (سيد قطب).
فما أعجب ما اشتمل عليه كلامه من مغالطات!! هل يلزم من الاتفاق على سلوك المنهج العلمي الواحد التسليم بكل النتائج التي يتوصل إليها جميع الباحثين ؟
ألا يحتمل وجود خطأ أو نقص في البحث؟
إننا نشاهد عدداً من الباحثين يتفقون على منهج البحث ، ثم يختلفون في النتائج اختلافاً بيناً ، وقد يكون الاختلاف متناقضاً تماماً .
إذا كان الأمر كما يزعم (د. العظم) فعلينا إذن التسليم بكل النظريات المتعارضة المتناقضة التي تقول بها المدارس العلمية في العالم ، لأنها كلها تعتمد المنهج العلمي التجريبي أو النظري ، ففي الاقتصاد علينا أن نسلم بالنظريتين المتناقضتين : الرأسمالية والاشتراكية العلمية ، وفي السياسة علينا أن نسلم بالنظريتين المتناقضتين : الديمقراطية والديكتاتورية .
إن هذا هراء سخيف لا يقول به عاقل . إن عدداً من الذين يحلون مسألة رياضية قد يختلفون في النتائج ، على الرغم من أنهم يلتزمون قوانين رياضية واحدة ، وهذا يرجع إلى كبوات الخطأ التي قد يقع بعضهم فيها ، فكيف يكون الأمر في الموضوعات الاستنتاجية التي لا يملك الباحث العلمي بالنسبة إليها وسائل تجريبية ، كفرضية (داروين) بالنسبة إلى خلق الإنسان ، وكفرضية (فرويد) في مجال الدراسات النفسية ، على أنه توجد مدارس نفسية أخرى تعارض ما ذهب إليه (فرويد) فهل هذه المدارس العلمية كلها ملزمة برأي (فرويد) إكراماً لعواطف الناقد (د. العظم) نحو إمامه هذا؟ وهل المدارس الاقتصادية في العالم ملزمة بالأخذ بالاشتراكية العلمية ، إكراماً لعواطف (د. العظم) نحو إمامه في مجال الاقتصاد ، اليهودي (كارل ماركس)؟
إن هذا المنطق الإلحادي المتعصب تعصباً أعمى أصم لا يستحق عند العقلاء أكثر من السخرية . ومع ذلك فإننا نحن المسلمين لا نسلك هذا الطريق ، بل نناقش بالمنطق والعقل ولا نسخر ، ونرتقي في الجدال مع الخصوم ومع الأعداء الصرحاء إلى المستوى الجدلي العاقل الرصين ، احتراماً للحقيقة التي نبحث للوصول إليها ، ولتأييدها والتبشير بها ، واحتراماً لمفاهيمنا ومبادئنا التي لا هزل فيها ، ولا تدفع إليها أغراض شخصية ، بل هي مبادئ الحق التي تنزلت بها شريعة الله للناس .
وفيما يلي دراسة موجزة لإمامين من أئمة (العظم) الملحدين ، هما (برتراند رسل) و(فرويد).
( 2 )
مع برتراند رسل
اعتمد (العظم) في دعوته إلى الإلحاد على أقوال الفيلسوف الإنجليزي الملحد (برتراند رسل) الذي مات عام 1970 م ، بعد أن عاش قرابة قرن كامل .
إن هذا الفيلسوف على الرغم من سعة علمه ودراسته ، وعلى الرغم من أنه أمضى كل حياته باحثاً دارساً ، فإنه لم يهتد إلى تكوين فلسفة متكاملة كان يصبو إلى بلوغها .
وكان من الطبيعي أن لا يهتدي إلى فلسفة متكاملة بعد أن اتجه في طريق معاكس للحقيقة ، إذ اختار لنفسه طريق الإلحاد والكفر بالله . إنه لو عاش مئة قرن أو أكثر يبحث عن فلسفة متكاملة وهو ملتزم طريق الإلحاد فإنه لن يصل .
إن الباطل متاهة يضل فيها أزكى الناس وأعلمهم ، ما دام مصراً – لهوى في نفسه – أن يحيد عن الطريق التي سلكها من قبله جماهير العقلاء ، إنه لن يجد هذه الفلسفة المنشودة في المتاهة الفكرية التي سلكها بعيداً عن الطريق ، لأنه متى اهتدى فلا بد أن يعود إلى الطريق ، بيد أنه مصر على أن يظل بعيداً عنه فكيف يهتدي؟.
إنه سيستمر في المتاهة ، وسيظل باحثاً عن فلسفة متكاملة في مكان لا توجد فيه هذه الفلسفة ، شأنه في هذا كشأن من يحفر في جوانب الصخرة الصماء ليجد فيها عين ماء تُروي ظمأه ، وهذه الصخرة منقطعة عن الأرض من كل جوانبها ، فهي لا تتصل بأي عرق من عروق الماء .
ونظراً إلى واقع حال (رسل) التائه عن الحقيقة استطاع البروفسور (ألان وُود) أن يقرظه بقوله :
“برتراند رسل فيلسوف بدون فلسفة”.
واقتباساً مما كتبه المفكر الإسلامي (وحيد الدين خان)[19] ، أجمع هذه الدراسة عن هذا الفيلسوف الملحد .
ذكر وحيد الدين خان أنه قرأ كل أعمال “برتراند رسل” واستطاع بعد قراءتها أن يلتقط من أقواله ما يكشف عن النهايات الفكرية التي انتهى إليها .
إنه بعد أن درس الفيزياء ، وعلم الحياة ، وعلم النفس ، والمنطق الرياضي ، انتهى إلى أن مذهب “التشكيك (في الوجود) مستحيل نفسياً” ومع ذلك فإن الإنسان عاجز عن أن يحيط إلا بأقل قدر من المعرفة ، ويقول بالنسبة إلى الفلسفة : “تدَّعي الفلسفة منذ القدم ادعاءات كبيرة ، ولكن حصيلتها أقل بكثير بالنسبة إلى العلوم الأخرى”.
وما اعترف به (رسل) بعد دراسة طويلة ذكره القرآن بتعبير بسيط ، إذ قال الله تعالى في سورة (الإسراء/17 مصحف/50 نزول):
{….وَمَآ أُوتِيتُم مِّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}.
ويتضمن هذا البيان القرآني أن الإنسان لم يؤتَ من الوسائل العلمية التي يمكن أن تعرِّفه بالحقيقة إلا قدراً محدوداً جداً ، بيد أن الحقائق في الوجود كثيرة جداً ، ومن المتعذر على الوسائل المحدودة أن تدرك من الوجود الواسع إلا على مقدارها ، وكل زيادة على مقدارها دون مستند خارجي عنها يعتبر تكهناً ، وضرباً من الظن الاحتمالي الضعيف ، وهذا الظن لا يغني من الحق شيئاً .
فعجز الإنسان عن الوصول إلى معارف واسعة من حقائق الكون الباطنة يرجع إلى أن وسائله العلمية لا تستطيع أن تشاهد إلا ظواهر تأخذ منها علماً وصفياً للسطوح الظاهرة ، أما الحقائق الباطنة فلا سبيل إليها إلا عن طريق التفسير الاستدلالي أو الاستنتاجي ، وهذا التفسير الاستنتاجي لا يستطيع أن يحدد ماهية الحقيقة ، إنما قد يستطيع أن يشير إليها إلى بعض صفاتها وخصائصها .
ويقول (رسل): “إن تصورنا العملي للكون للكون لا تدعمه حواسنا التجريبية ، بل هو عالم مستنبط كلياً”.
ويبلغ الأمر به إلى أن يقول : “إن أفكار الناس لا توجد إلا في مخيلاتهم فحسب” أي : إن التجربة لا تستطيع أن تثبت مطابقة هذه الأفكار للواقع .
وانتهى (رسل) أيضاً إلى أن التجربة أعطيت لها أكبر أهمية ، ولذلك يجب أن تخضع “التجريبية” كفلسفة لتحديات هامة .
يقول هذا حتى في النظريات والقوانين العلمية ، ومع ذلك فإنه يختار لنفسه مذهب الإلحاد ، ويعتمد على افتراضات لا يمكن إخضاعها للتجربة بحال من الأحوال ، وذلك بالنسبة إلى نشأة الكون والحياة ،ويرجح الداروينية مع أنها وجهة نظره فكرة استنباطية لا تدعمها التجربة ، ولا تزيد على أنها فكرة في مخيلات أصحابها .
وحين اعتمد (د. العظم) على أقوال (رسل) في نشوء الكون وتطوره ونشوء الحياة وتطورها ، إنما اعتمد على قول إنسان يرى أن ما يقوله في هذا المجال لا وجود له إلا في عالم التخيلات الإنسانية فحسب .
فكيف يصح له أن يستهين بعقول شبابنا وثقافة القارئ العربي ، فيزعم بعد أن عرض القطعة الأدبية التي كتبها “رسل” عن قصة الكون ونشأة الحياة ، أن (رسل) يلخص بكل بساطة النظرة العلمية الطبيعية للقضايا التالية: نشوء الكون وتطوره – نشوء الحياة وتطورها – أصل الإنسان ونشأته وتطوره – النهاية الحتمية لجميع الأشياء وهي العدم وأنه لا أمل لكائن بعدها بشيء؟
أهذه هي النظرة العلمية التي يعتقد المنقولة عنه أنه لا وجود لها إلا في مخيلة القائلين بها ، وليس لها مستند من الواقع يدعمها؟
ولكن هكذا راق لـ(د. العظم) أن يضلل . لقد قرر أنه لا وجود للحق والعدل والروح والجمال والخالق ، كما صرَّح بذلك في الصفحة (38) من كتابه ، لذلك فلا مانع عنده من أن ما يراه (رسل) تخيلاً يصح أن يطلق عليه عبارة النظرة العلمية المحققة ، فالقضية عنده لا تزيد على أنها وسائل دعائية جدلية لدعم مذهبه الإلحادي ، أما أن يكون الكلام حقاً أو باطلاً ، صدقاً أو كذباً ، قضية علمية أو تصوراً تخيلياً . فهذا غير مهم ألا يمكن أن يكون طرح مثل هذا التزييف وسيلة لتضليل بعض الناس؟ ألا يمكن أن يكون مثل هذا التزييف شبكة لصيد بعض المغفلين ، حتى يكونوا جنوداً مسخرين في أيدي المنظمة الإلحادية العالمية ، التي تعمل لخدمة مصالح معينة لفئة خاصة من الناس؟
لكن معظم شبابنا سيكتشفون بسرعة هذا الزيف ، وسيسخرون منه ، وسيقابلونه بالتحدي العلمي الذي تقوم عليه مبادئ الإسلام .
( 3 )
ويقول (رسل) أيضاً: “لقد وجدت أن معظم الفلاسفة قد أخطأوا في فهم الشيء الذي يمكن استنباطه بالتجربة فحسب ، والشيء الذي لا يمكن استنباطه بالتجربة”.
ويقول أيضاً: “لسوء حظنا لم تعد الطبيعة النظرية تحدثنا اليوم بالثقة الرائعة نفسها التي كانت تحدثنا بها في القرن السابع عشر . لقد كانت لأعمال (نيوتن) أربعة تخيلات أساسية: المكان والزمان والمادة والقوة . وقد أصبحت هذه العناصر نسياً منسياً في علم الطبيعة الحديث . فقد كان الزمان والمكان من الأشياء الجامدة والمستقلة عند (نيوتن) والآن قد تم استبدالهما بما يسمى “المكان – الزمان” والذي لا يعتبر جوهرياً أساسياً ، وإنما هو نظام للروابط ، وأصبحت (المادة) شكلاً لسلسلة الوقائع ، وأصبحت (القوة) الآن (الطاقة) والطاقة نفسها شيء لا يمكن فصله عن المادة الباقية . والسبب كان هو الشكل الفلسفي لما كان يسميه علماء الطبيعة بالقوة ، وقد أصبح هذا التصور قديماً ، إن لم أقل : إنه قد مات فعلاً ، إلا أن هذه الفكرة لم تعد قوية كما كانت من قبل”.
فهذا هو (برتراند رسل) يرى أن التفسيرات التي يفسر بها العلماء الماديون ظواهر الطبيعة تفسيرات لا تمثل الحقيقة الواقعة تمثيلاً يوثق به ، وهذه التفسيرات تخضع للتغير وفق اختلاف النظرات التي يراها الباحثون .
ويقول أيضاً: “إنه قد توصل بعد دراسات استنفدت كل عمره إلى أن الاستنباط الذي لا يمكن إيضاحه يعتبر أيضاً مقبولاً وجائزاً ، وعند رفض هذا النوع من الاستنباط سوف يصاب النظام الكامل للعلوم والحياة الإنسانية بالشلل”.
ويقول أيضاً: “إن العلوم تشمل كلا العالمين : الحقيقي والعالم المتخيل وجوده . وكلما تقدم العلم ازداد فيه عنصر الاعتقاد ، فبعض الأشياء في العلوم حقائق مشاهدة ، ولكن الأشياء العليا تجريدات علمية يتم استنباطها بناءً على المشاهدة . والحقيقة أنه لا يمكن رفض مذهب الشك الكلي إطلاقاً ، إلا أنه مع ذلك يصعب قبول التشكيك الكلي في نفس الوقت”.
ويقول أيضاً: “إنه لا يمكن الادعاء بالقطعية (في النظريات أو الآراء) على النحو الذي سار عليه الفلاسفة المتسرعون بكثرة وبدون جدوى”.
فمن هذه الأقوال المقتبسة مما كتب (رسل) نلاحظ أن فلسفته تعتمد على الاعتراف بأن العلوم متى تجاوزت منطقة المدركات الحسية فإنها لا تملك معارف يقينية ، ولكن مع ذلك لا بد من قبول هذه المعارف التي يتوصل إليها بالاستنباط وإن لم تكن يقينية ، لئلا تتعطل الحياة العلمية وتقف عن الإنجاز ، إذ لا سبيل إلى اليقين فيها .
هذا هو مذهبه الفلسفي ، فليس هو من الذين لا يقبلون إلا ما يدرك بالحس المباشر أو غير المباشر ، وإنما يجعل ما يقبله من تفسيرات علمية مقبولاً بصفة ترجيحية ، لضرورة العجز عن الوصول إلى اليقين .
فما الذي صده عن الإيمان بالله ، والأدلةُ الاستنباطية الترجيحية عليه أقوى بكثير من التخيلات الأخرى التي يفسر بها الملحدون نشأة الكون وتطوره ، ونشأة الحياة وتطورها؟
هنا تظهر عقدة الهوى والتعصب ضد الدين عند (رسل) وعند سائر الملحدين ، وهذا التعصب لا تدعمه أدلة مرجحة لقضية الإلحاد ، بل ليس للإلحاد في الحقيقة أي دليل غير مجرد سفسطات وتخيلات تقوم في رؤوس أصحابها فقط ، إن التفسير البديل لقضية الإيمان بالخلق الرباني إنما هو فرضية الارتقاء وأزلية المادة ، أما أزلية المادة فقضية مرفوضة علمياً ، وأما الارتقاء فيعبر عنه السير “آرثر كيث” من علماء هذا العصر بقوله : “الارتقاء غير ثابت ، ولا يمكن إثباته ،ونحن نؤمن بهذه النظرية لأن البديل الوحيد هو (الإيمان) بالخلق المباشر ، وهو أمر لا يمكن حتى التفكير فيه”.
وإذا تساءلنا لماذا لا يمكن التفكير فيه؟ كان الجواب الوحيد : لأنه لا يسمح له هواه بأن يعترف بالله الخالق ، وبأن يخضع له بعد ذلك خضوع العبادة والطاعة .
فتمرده وتمرد نظرائه تمرد المستكبرين المعاندين ، لا ضلال الجاهلين الذين لم تكشف لهم أضواء المعرفة طريق الحق .
و(د. العظم) حمّالُ أثقال في مؤخرة ركب الملحدين ، يردد ما يقولون ، وينعق بما يهرفون .
ما أعجب سلطان الهوى ، وسلطان التعصب ، وسلطان الالتزام بالمبادئ الحزبية على الناس .
إن هذه المؤثرات التي تجنح عنهم عن سواء السبيل تسوقهم إلى الشقاء الأبدي والعذاب الأليم ، وتجعلهم يؤثرون الضلال على الهدى ، والظلمات على النور .
( 3 )
مع فرويد
إني لأعجب أبلغ العجب حينما أجد مثقفاً عربياً يندفع في تمجيد أمثال (فرويد) وهو يعلم أنه يهودي متعصب ليهوديته ، وصديق حميم لهرتزل مؤسس الصهيونية الحديثة .
أفلا يخطر على باله ولو من قبيل الشك والحذر ، أن التحليلات النفسية التي قدمها (فرويد) تحت ستار الدراسة العلمية المتجردة ، إنما صاغها على الوجه الذي قدمها به ليخدم القضية اليهودية الصهيونية في العالم؟.
أفلا يخطر على باله أن الإلحاد الذي أعلنه لم يكن أكثر من طرح نظري جدلي ، ليفتن الناس به ، وهو في حقيقة وجداني يهودي صميم شديد التعصب ليهوديته ، يخدم عن طريق ستار العلم أغراض الصهيونية؟
وإذا كان كذلك فلا بد أن يكون متهماً في كثير من تحليلاته وآرائه ، وما على الباحثين إلا أن يعيدوا النظر ألف مرة في كل رأي علمي قدَّمه .
فهل يعقل أن يكون صهيوني متعصب ذو أهداف سياسية معلومة ، وأغراض عالمية مرسومة ، تكيد لجميع الشعوب غير اليهودية بلا استثناء ، أميناً على العلم والمعرفة ، صادقاً متجرداً في كل ما يقدم للناس ، لا سيما في أمور نظرية بحتة لا يملك الباحثون فيها أدلة تجريبية تقدم نتائج يقينية؟
على أن هذا التصور الذي يتصوره أي عاقل من قبيل الشك والحذر ، قد أثبته باحثون متتبعون لحياة (فرويد) ولآرائه في مجال الدراسات النفسية وفي غيرها .
ومن الذين تتبعوه : (د. صبري جرجس)[20] وقد وضع هذا الباحث أصابعه على كثير من آراء (فرويد) المقتبسة من جذور التراث اليهودي الصهيوني ، وأوضح في كثير من المناسبات ما يجعل كثيراً من آرائه (نظرياته) محلاً للريبة أو الجزم بأنه إنما وضعها لخدمة أغراض اليهودية العالمية ، ولم يضعها على أساس دراسات علمية متجردة ، ثم حملت الدعايات اليهودية العالمية آراءه (نظرياته) وروجت لها في جميع الأوساط العلمية والثقافية . ثم وضع اليهود كل ثقلهم الكيدي لجعلها معارف علمية تدرس في الجامعات العالمية ، على أنها فتح في ميادين العلم ، وذلك ضمن الخطط اليهودية المرسومة ضد شعوب العالم ، ولمصلحة الشعب اليهودي فقط . ثم رفعت وسائل الإعلام اليهودية العالمية (فرويد) إلى منزلة غير عادية ، وحمله ملاحدة الشعوب غير اليهودية على رؤوسهم ، وداروا به في الآفاق تمجيداً وإكباراً .
مع العلم بأن الإلحاد الذي أعلنه (فرويد) لم يكن إلا خطة سياسية أخفى بها أهدافه اليهودية الصهيونية . كما فعل اليهود بنظرية (داروين) ، وكما فعل (دوركهايم) في بحوثه العلمية التي قدَّمها باسم البحث العلمي وتحت ستاره . ليخفي أغراضه اليهودية الخاضعة لخطط مرسومة من قبل القيادات اليهودية السرية في العالم .
ومن تتبعات (د. صبري جرجس) اقتبس معظم الدراسات التالية عن (فرويد):
يقول (فرويد) عن نفسه : “ولدت في 6 مايو 1856م في مدينة (فريبورج) بمقاطعة (مورافيا) بجمهورية تشيكوسلوفاكيا الحالية ، وقد كان والداي يهوديين ، وظللت يهودياً أنا نفسي”.
ويعلق الكاتب على قوله : “وظللت يهودياً أنا نفسي” بأن في قوله هذا إيماءً واضحاً بأنه لم يتخل يوماً عن يهوديته ، على الرغم من إعلانه للإلحاد لأن إلحاده هذا لم يكن إلا إلحاداً ذهنياً ، لم يصل قط إلى وجدانه ، ولم يغير شيئاً من محتويات ذلك الوجدان واتجاهاته .
ونقل الكاتب عن (شويزي) – وهي محللة من خاصة (فرويد) وذات معرفة به وصلة وثيقة – أن إلحاد (فرويد) لم يكن إلا إلحاداً زائفاً ، لأنه تركه بعد ذلك متشبثاً باليهودية الصهيونية ، وفياً لها ، سائراً في طريقها ، منفذاً لمخططاتها .
وبدهي أن ندرك أمام هذا أن إلحاده المزيف إنما هو عملية من عمليات المخادعة اليهودية ، لترويج مصنوعات الفكرية في أسواق معاهد العلم والثقافة ، وأنديتها ، ونشراتها ومؤلفاتها وسائر وسائل إعلامها وهذه المصنوعات الفكرية تحمل في طياتها ألغام نسف الحقائق الفكرية الأصيلة الثابتة لدى الشعوب ، بغية خدمة المخططات اليهودية العالمية .
وقد انخدعت بمكيدته مدارس كثيرة من مدارس التحليل النفسي ، وزعمته باحثاً حيادياً ، ومكتشفاً مبدعاً في مجال دراساته التي قدمها ، وكان للعصابة اليهودية التي انتمت إلى مدرسته أثر عظيم في الترويج لأفكاره وآرائه . وكان من ورائها أجهزة الإعلام اليهودية المنبثة في العالم .
ويؤكد الكاتب المتتبع فيقول : “وليس في حياة (فرويد) ما يومئ بأنه قد تخلى يوماً عن يهوديته ، بل إن فيها ما يؤكد تمسكه بها ، واستغراقه فيها إلى درجة غير مألوفة”.
ثم عقد المشابهة بين إلحاده وإلحاد (بن غوريون) وغيرهما من اليهود الذين يعلنون عن إلحادهم ، وذكر أنه مثل إلحاد فرويد في ذاته ، ومن خصائصه أنه لا يرى حرجاً أو تناقضاً في الجمع بين إنكار الله وبين الإيمان بدعوة دينية عنصرية متعصبة تستند إلى كتاب مقدس .
ثم فرق الكاتب بين (بن غوريون) و(فرويد) ، فقال : “ولعل الفارق بينهما أن (بن غوريون) أعلن عن إلحاده ، ثم اتجه في الوقت نفسه إلى العمل السافر من أجل الدعوة العنصرية المتعصبة ، بينما جعل (فرويد) من إلحاده قناعاً يحاول أن يخفي وراءه الوجه القبيح لهذه الدعوة”.
وذكر الكاتب : أن (فرويد) كان يعتز جداً بيهوديته ، وكان على معرفة متضلعة بالحياة اليهودية ، وبالجوانب العقائدية لها ، وبالطقوس الخاصة بها ، وكان يرجع إلى التوراة ويقرؤها ويعجب بما فيها من فكر وفلسفة ، وهذا على خلاف ما أعلنه من إلحاد مزيف .
ألا فليعلم (د. العظم) وسائر ملحدي العرب وغير العرب الذين يتنكرون لدينهم أمتهم هذه الحقائق عن (فرويد) وأمثاله قبل أن يتبعوهم .
وقصة التظاهر بالإلحاد من قبل المضللين اليهود وغيرهم قصة متكررة معروفة ومدروسة ، وهي خطة من خطط المكر بأبناء الأمم الأخرى .
ففي الوقت الذي يكون فيه اليهودي متعصباً شديد التعصب لدينه ، شديد الإيمان به ، والثقة بتعاليمه ، يرى من وسائل خدمة دينه وخدمة الشعب اليهودي ، وخدمة أهدافه السياسية ، أن يتظاهر بالإلحاد وإنكار الله ، وبعدم تمسكه بالدين ، ثم يقدم في أوساط أبناء الأمم الأخرى أفكاراً ومذاهب وعقائد مناقضة لما في الدين ، ويزينها بزخرف من الصياغة النظرية ، ويُلبسها أثواب البحث العلمي المتجرد ، لتفتتن بها الأجيال الناشئة ، وتتلقفها دون أن تشعر بالحذر من أغراض صاحبها ، لأن صاحبها لا ينتمي فكريا ًكما أعلن إلى أي دين حتى يتعصب له ويعمل من أجله .
وهكذا تنطلي الخديعة ، ويدخل المكر على أبناء الأمم ، فيتركون أديانهم بحماسة ، ويقاومونها بشدة ، ويحملون آراء المضلل على رؤوسهم ، على أنها حقائق علمية لا تقبل النقض ولا المعارضة ، ويُضفُون عليها من القدسية العلمية ثوب إجلال وإكبار ، ويروجون لها في أسواق العلم ، وأندية الثقافة ، وأوكار الأحزاب المتصلة بواضعي الخديعة والمخططين لها ، ويكونون جنوداً صادقين في خدمة أفكار المضلل وآرائه ، مع العلم بأنه هو غير صادق فيها ، وإنما اتخذها وسيلة لخدمة غاية أخرى قد وضع عليها قناعاً كثيفاً ، ليستُرها عن جنوده وأتباعه ، ومروجي آرائه ، ومنفذي مخططاته وهم لا يعلمون ، أو هم يعلمون ولكنهم مستأجرون .
( 4 )
نشأ (فرويد) نشأ يهودية مغلقة ، تلقى فيها كل سمات الناشئ اليهودي ، في أسرة شديدة التمسك بيهوديتها .
يقول (د. جرجس) : “وإذا شئنا في هذا الصدد الاستعارة من الفكر الفرويدي نفسه ، وبالتحديد ما أكده من أهمية السنوات الأولى من حياة الطفل في صياغة شخصيته فيما بعد ، لكان جلياً أن المؤثرات الصهيونية التي أحاطت بفرويد منذ نشأته ، وأحاطت بأسرته لعدة قرون من قبل أن يولد ، صبغت شخصيته وفكره على نحو لم يستطع إخفاءه دائماً”.
وقد لا يهمنا تطبيق آرائه ونظرياته عليه كما يقول الكاتب ، لكن حياته في الواقع قد كانت فعلاً مشحونة بالشعور بالذاتية اليهودية ، ذات السمات المعروفة في عامة اليهود .
يقرر الكاتب المتتبع أن يهودية (فرويد) قد كانت ممتدة إلى الجوانب الثقافية والوجدانية في حياته كلها ، ففضلاً عن علاقاته المهنية والشخصية الوثيقة ، التي كادت أن تكون مقصورة على أفراد من اليهود ، فقد كان أيضاً على معرفة متضلعة بالحياة وبالجوانب العقائدية وبالطقوس اليهودية ، كما كان على استيعاب شامل للتاريخ والأدب اليهودي ، ولفلسفة اليهود وعاداتهم ونكاتهم وأقوالهم المأثورة ، وأن (فرويد) على الرغم من مجاهرته بعدم الإيمان قد كان يهودياً في أعماق وجدانه ، وهذا ما جعله شديد الحساسية لأية بادرة يشتبه في اتجاهها المضاد لليهود ، وكانت استجابته لجميع هذه المواقف عنيفة أشد العنف ، وعلى الرغم من أنه لم يشاهد في حياته أي اضطهاد من أجل يهوديته ، إذ ترقى في الدراسة والوظيفة حتى حصل على منصب أستاذ مساعد في الجامعة ، إلا أنه كان يشعر بالاضطهاد في داخل نفسه من أجل يهوديته ، ولذلك كان ينطوي على نفسه وداخل دائرة من أصدقائه ، وكلهم من اليهود ، إذ إنه ما كان ليأنس إلى صديق أو يطمئن إليه إلا أن يكون يهودياً.
وكان انتماؤه ليهوديته لا للبلاد التي عاش فيها حياته ، وهذا ما صرَّح به هو عن نفسه ، فقد قال ذات مرة : “إنه يهودي ، وليس نمساوياً أو ألمانياً” . كذا نقل عنه (جونز) مؤرخ سيرته .
وذكر اليهودي (ماكس جراف) أنه كثيراً ما كان يزور (فرويد) ويدخل معه في نقاش حول ما أسماه “المسألة اليهودية” ، فكان يلاحظ دائماً اعتزاز (فرويد) بيهوديته ، وفخره بانتسابه إلى الشعب اليهودي ، الذي قدم التوراة إلى العالم .
وتساءل (ماكس جراف) ذات مرة عما إذا كان من الخير أن يوجه اليهود أبناءهم إلى اعتناق المسيحية ، إذا اقتضى الأمر ذلك ، فإذا بفرويد يعترض بشدة قائلاً: “إذا لم تنشيء ابنك على أنه يهودي ، فسوف تحرمه من مصدر طاقة لا يمكن أن يعوض بشيء آخر ، إن عليه كيهودي أن يكافح ، ومن واجبك أن تنمي فيه نفسه كل الطاقة اللازمة لذلك الكفاح ، فلا تحرمه من هذه الميزة”.
قال الكاتب المتتبع : “وقد كرر (فرويد) بأن اليهودية مصدر للطاقة في كثير مما كتب.
ويهودية فرويد الوجدانية والعصبية هي التي جعلت البطانة الأولى من مشايعيه كلها من اليهود ، ولما اتسع نطاق التحليل وانتشرت دائرة الملتفين حوله ظل معظم المقبلين عليه من اليهود أيضاً”.
ألا فليعلم ملاحدة العرب أنهم يشايعون بإلحادهم اليهودية العالمية المعادية لهم ولأمته ، ويجندون أنفسهم في صفوف الأعداء .
( 5 )
كما كان (فرويد) يهودياً صهيونياً في مشاعره ووجدانه ، وصديقاً لهرتزل مؤسس الصهيونية الحديثة[21] ، فقد كان عضواً في بعض المنظمات الصهيونية العاملة .
فمن الحقائق المعروفة أنه قد انضم إلى جمعية (بناي برث) الصهيونية ، أي : جمعية أبناء العهد ، وكان انضمامه إليها في عام (1895م) وهو في التاسعة والثلاثين من عمره ، وظل يواظب على حضور اجتماعات هذه الجمعية الصهيونية ، التي كانت تعقد يوم الثلاثاء كل أسبوعين طوال عدة سنوات ، وفي هذه الجمعية ألقى (فرويد) أولى محاضراته عن تفسير الأحلام ، وكانت مساهمته في نشاط هذه الجمعية أحد وجوه النشاط القليلة جداً ، التي كان يبيح لنفسه المساهمة فيها ، لأنه كان يضن بوقته أن ينفقه في نشاط لا يلح عليه وجدانه أن يساهم فيه.
ومن المعروف أن جمعية (بناي برث) لا تقبل بين أعضائها غير اليهود ، وليست على غرار الجمعيات اليهودية الأخرى كالماسونية ، وهدف هذه الجمعية في الظاهر رعاية المصالح اليهودية الحضارية والثقافية والخيرية ، أما هدفها الحقيقي فهو العمل في خدمة الصهيونية العالمية .
وقد أنشئت هذه الجمعية أول الأمر في أمريكا ، ثم تكونت لها فروع في كثير من البلاد الأوروبية ، وكان لها نشاط قوي وملحوظ تغلغلت عن طريقه في صميم الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للبلاد التي أُنشئت فيها ، لا سيما بريطانيا وأمريكا . وسارت في سبيل تحقيق المخطط الصهيوني عن طريق التحالف مع رأس المال اليهودي ، للسيطرة على أجهزة الإعلام ، وفي مقدمتها الصحافة ودور النشر ، وللقضاء على كل من تسول له نفسه أن يتصدى لها ويكشف عن خبائثها .
وتنفيذاً لهذه المهمة عملت الجمعية على إسكات الألسن ، وتحطيم الأقلام ، وهدم الجهود التي كانت تحاول الكشف عن المخططات اليهودية الصهيونية .
وصرح رئيس وفد هذه الجمعية الأمريكي ، في المؤتمر الصهيوني الأول الذي عُقد بمدينة “بال” بسويسرا في عام (1897م) بقوله :”علينا أن ننشر روح الثورة بين العمال ، وهم الذين سندفع بهم إلى خطوط دفاع العدو ، موقنين بأنه لا نهاية لرغباتهم ، ونحن بأمس الحاجة إلى تذمرهم ، لأنه السبيل إلى تخريب المدنية المسيحية ، والوصول سريعاً إلى نشر الفوضى فيها . ولسوف يحين الوقت سريعاً الذي يطلب فيه المسيحيون أنفُسهم إلى اليهود أن يتسلموا السلطة”.
هذا ما ذكره الكاتب المتتبع .
ومنه يتضح لنا أن (فرويد) – وهو واحد من أعضاء هذه الجمعية الصهيونية – لا بد أن يكون مسخراً لخدمة الأهداف الصهيونية عن طريق نشاطه العلمي ، كما غدا معروفاً تماماً في كل النشاطات التي يقوم بها أصحاب الغايات الخاصة ، إنهم يسخرون ما يستطيعون من نشاطهم لتحقيق غاياتهم ، والحياد العلمي المزعوم أصبح مشكوكاً فيه شكاً يرجح جانب الاتهام دائماً ، فلا ثقة بالحياد العلمي المدعى من قبل ذوي العصبيات الخاصة ، لا سيما أصحاب المكايد من اليهود ، لقد غدا معروفاً ومكشوفاً أنهم يصوغون نظريات كاملة ، ويلبسونها أثواب البحث العلمي الحيادي المتجرد ، كذباً وزوراً ، وغرضهم منها خدمة غاياتهم القريبة أو البعيدة ، علماً بأن هذه المذاهب أو النظريات التي وضعوها لا أساس لها من الصحة بصيغتها العامة ، ولكن قد يكون فيها عناصر صحيحة متفرقة ، ومع هذه العناصر الصحيحة عناصر أخرى فاسدة . تجعل النظرية فاسدة بوجهها العام ، وتكون العناصر الصحيحة فيها هي الطعم الذي يقدم فيها لقبولها جميعاً ، وبقبولها جميعاً يتحقق المطلوب من المكيدة ، ويقع الصيد فريسة صياده”.
ونستطيع أن نقول بيقين : إن كل نظرية علمية تنتهي إلى إقرار الإلحاد بالله ، وبرسالاته ، مذهباً اعتقادياً ، فهي نظرية موجهة لغايات خاصة ، مهما وُجد في عناصرها الأولى من أمور صحيحة ، وعند التتبع البصير الواعي تنكشف العناصر المزيفة الداخلية التي أفسدت الصيغة العامة للنظرية ، وجعلت النتائج التي بُنيت عليها نتائج باطلة .
وبما أن (فرويد) منفذ خطة يهودية صهيونية ، وعضو من أعضاء الصهيونية العالمية ، كان من الطبيعي أن تمجده الحركات الصهيونية ، وتعمل على نشر آرائه وما تسميه بنظرياته ، والتبشير بها بين الأميين[22] ، فهذا العمل إحدى مراحل خطتها .
أما الترويج لأفكاره فقد شهدنا آثاره بشكل منقطع النظير ، حتى أمست آراؤه وأفكاره على ألسنة معظم المثقفين ، وصارت متداولة تداول الحقائق ، وفتن بها الكثيرون ، بتأثير الدعاية اليهودية العالمية .
وأما تمجيده وتكريمه بشكل خاص فنجده فيما فعلته جمعية (بناي برث) الصهيونية ، إذ أقامت حفلاً له بمناسبة بلوغه من العمر سبعين سنة ، ولم يحضر فرويد هذا الحفل ، ولكن أناب عنه في حضوره طبيبه الخاص البروفسور (لدفيج براون) الذي ألقى كلمة فرويد فيه ، وقد جاء في كلمة (فرويد) ما يلي:
“… إن كونكم يهوداً لأمر يوافقني كل الموافقة ، لأنني أنا نفسي يهودي ، فقد بدا لي دائماً أن إنكار هذه الحقيقة ليس أمراً غير خليق بصاحبه فحسب ، بل هو عمل فيه حماقة إيجابية ، إنه لتربطني باليهودية أمور كثيرة ، تجعل إغراء اليهودية واليهود أمراً لا سبيل إلى مقاومته ، قوي انفعالية غامضة كثيرة كلما زادت قوتها تعذر التعبير عنها في كلمات ، بالإضافة إلى شعور واضح بالذاتية الداخلية…
وهكذا وجدت نفسي واحداً منكم أقوم بدوري في اهتماماتكم الإنسانية والقومية ، واكتسبت أصدقاء من بينكم ، وحثثت الأصدقاء القليلين الذين تبقَّوا لي على الانضمام إليكم”[23].
هذا هو الصهيوني (فرويد) إذ كان عمره (70) سنة.
وبالإضافة إلى كونه عضواً في جمعية (بناي برث) الصهيونية كما بينَّا كان عضواً فخرياً في منظمة (كاديما) وهي منظمة صهيونية معروفة ، وإذ اكتفى بالعضوية الفخرية بالنسبة إلى هذه المنظمة فقد دفع أحد أبنائه ليكون عضواً عاملاً فيها .
ومعلوم أن الحركة الصهيونية حركة ذات طابع ديني وقومي مفرط في التعصب ضد الأمم والأديان الأخرى ، وما كان (فرويد) ليعمل فيها ويدفع إلى العمل فيها أحد أبنائه لو لم يكن مؤمناً بمبادئها ، ومن مبادئها ما أعلنه (تيودور هرتزل) لدى افتتاح المؤتمر الصهيوني الأول بقوله : إننا هنا لنضع حجر الأساس لبناء المأوى الذي يأوي الشعب اليهودي إليه … إن الصهيونية هي عودة اليهود إلى اليهودية قبل عودتهم إلى الأرض اليهودية . إن الصهيونية هي القومية الجديدة للشعب اليهودي “.
أفلا يدل هذا دلالة قاطعة على أن تظاهر (فرويد) بالإلحاد وعدم إيمانه بأي دين قد كان عملية من عمليات المكر والمخادعة ، ليضم إلى فكرة الإلحاد أنصاراً من الأمم غير اليهودية ، وبذلك يجندون أنفسهم في الكتائب المنفذة للمخططات اليهودية العالمية .
يقول الكاتب المتتبع لفرويد : “فإذا كان الأمر كذلك فقد كان شأنه فيه – كشأنه في كل المناسبات الصهيونية العنصرية التي ناصرها فعلاً – الحذرَ والبعد عن الأضواء ، حتى لا يثير الريبة فيما أحيط به من هالة الموضوعية تفكيراً ، والإلحاد عقيدة ، والحقيقة العلمية هدفاً…
وهكذا كان (فرويد) برغم كل ما تظاهر به من تفكير حر ، وبرغم كل ما أعلن من إلحاد ، غارقاً في اليهودية ، بل اليهودية الصهيونية إلى أعمق الأعماق ، وهكذا وجد “فرويد” نفسه في قمة شعوره بالذاتية اليهودية الصهيونية ، وقمة توحده مع تلك الذاتية ، مسوقاً في الطريق العلمي إلى التحليل النفسي ، ومسوقاً في الطريق السياسي إلى العمل الصهيوني …”.
( 6 )
استغل (فرويد) وتلاميذ مدرسته اليهود طريق التحليل النفسي لخدمة اليهودية العالمية ، والحركة الصهيونية .
من ذلك ما استغلوه في موضوع معاداة السامية ، الفكرة التي حمل اليهود رايتها في العالم الغربي ، لإسكات كل لسان يمكن أن يتحرك في انتقاد اليهود ، ولإيقاف كل مقاومة تتوجه لصد مكايدهم وتحركاتهم المريبة ، في السياسة ، أو في الاقتصاد ، أو في الإعلام ، أو في مجالات العلم والثقافة ، أو في غير ذلك من مجالات .
ومما يثير العجب في خطة العمل اليهودية أن قادة الصهيونية قد كانت لهم رغبة بتحريض الأمم الأخرى على معاداة السامية (أي: معاداة اليهود) لتستفيد الحركة الصهيونية من ذلك ، حتى قال (هرتزل) مؤسس الصهيونية الحديثة :”إن الصهيونية أحوج ما تكون إلى مبدأ معاداة السامية لكي تنتعش “.
وغدت قصة معاداة السامية هي السلاح الدعائي الذي يحمله اليهود في العالم الغربي ، لاتهام كل من يعارض يهودياً ولو كان اليهودي هو المجرم الجاني بأنه معادٍ للسامية ، باعتبار أن اليهود ساميون منبثون في شعوب غير سامية ، وبذلك يتحمل المظلوم الغربي ظلامته في نفسه ، خشية أن تلصق به تهمة التفرقة العنصرية والمعاداة على أساس عرقي .
وفي ظل هذا السلاح الدعائي نشط اليهود نشاطاً كبيراً في اغتنام خيرات البلاد التي نزلوا فهيا ، وفي صنع المكايد الكثيرة دون أن تجرؤ الأمم الأخرى على مقاومتهم ، خشية أن تلصق بها تهمة معاداة السامية ، واليهود وحدهم من دون سائر الساميين هم الذين يستفيدون من هذا السلاح ، كأنهم وحدهم هم الساميون في العالم ، أما سائر الساميين فلا بأس أن يحرضِّ اليهود الدول على استغلالهم واستعمارهم ونهب خيراتهم .
أما دور (فرويد) وتلاميذ مدرسته في هذا المجال ، فقد كان يعتمد على تسخير مبدأ التحليل النفسي لتزييف الواقع والحقيقة ، وتمجيد اليهود وخدمة الصهيونية .
ولفرويد أقوال صريحة وواضحة في هذا المجال ، وله تحليلات يزينها وفق أهوائه الخاصة ، وقد ذكرها في كتابه “موسى والتوحيد” .
وقد ذكر (فرويد) في تحليلاته أن أسباب كراهية الأمم لليهود كثيرة ، واعتبر أنها ترجع إلى صنفين:
* الصنف الأول :
ظاهر وليس بعميق ، وذكر من هذا الصنف سببين:
الأول : كون اليهود غرباء من الأوطان التي يقيمون فيها .
الثاني : كون اليهود أقلية ، لأن الشعور الجماعي كي يكون كاملاً فيما يُقرر يقتضي بتوجيه العداء نحو الأقلية .
* الصنف الثاني:
ما أسماه (فرويد) بالأسباب العميقة ، وزعم أنها ترجع إلى الماضي السحيق ، وأنها منبعثة من اللاشعور ، وهي في رأيه تتلخص فيما يلي:
1- غير الشعوب الأخرى من اليهود ، لأنهم آثرُهم عند الله ، بوصفهم أكبر أبناء الله .
2- تمسك اليهود بعادة الختان .
3- أن الشعوب غير اليهودية لما تركت وثنياتها الأولى تحت قوة الضغط حقدت على أديانها الجديدة في مستوى اللاشعور منها ، فأسقطت حقدها على اليهود ، لأنها لا تستطيع أن تكره دينها الجديد .
هذه هي التحليلات النفسية التي أرجع إليها (فرويد) كراهية الأمم غير اليهودية لليهود .
وفي اعتقادي أن أي عاقل لا يملك نفسه عن ضحكات ساخرات من هذا التحليل ، ومن هذه الأسباب التي ذكرها .
أما زعمه أن من أسباب كراهية الأمم لليهود كونهم غرباء عن الأوطان التي يقيمون فيها ، فهو مردود من وجهين:
الوجه الأول : أننا نجدهم مكروهين ولو كانوا هم الأصلاء لا الغرباء .
الوجه الثاني : أننا نجد كثيراً من الغرباء في الشعوب محبوبين محترمين غير مكروهين .
فليست الغربة إذن من أسباب كراهية الأمم لهم ، إلا أن ينضم إليها شيء آخرُ من اليهود أنفسهم ، كالاستغلال والأنانية وعقدة الاستعلاء وحقدهم هم على الأمم .
وأما زعمه أن من أسباب كراهية الأمم لليهود كونهم أقلية ، فهذا خلاف الواقع تماماً ، بل هو عكس الواقع تماماً ، إذ الواقع أن العداء يتوجه من الأقلية إلى الأكثرية بدافع الحسد ، وليس العكس .
فليست الأقلية من أسباب كراهية الأمم لهم ، إلا أن ينضم إليها شيء آخرُ من الأقلية نفسها ، كمكايد تكيدها ، واستغلالات تستأثر بها ، وعقدة استعلاء تفتخر بها .
فالكراهية سببها اليهود أنفسهم ، وأعمالهم داخل الأمم التي يعيشون بينها .
وأما ما ذكره من الأسباب العميقة فشيء مضحك جداً جداً .
أما غيرة الشعوب الأخرى من اليهود لأنهم آثرهم عند الله بوصفهم أكبر أبنائه ، فلا أحد يعترف لهم بهذه الميزة حتى يغار منهم ، ولكن الحسد والغيرة من سمات اليهود منذ تاريخهم القديم .
وأما تمسك اليهود بعادة الختان فمع بالغ السخرية نقول: إن غير اليهود يختتنون أيضاً ، والأمم الأخرى لا تكرههم لذلك .
وأما حقد الأمم على أديانها في مستوى اللاشعور ، وإسقاط حقدها على اليهود ، فتحليل خيالي خرافي لا نظير له إلا في مستشفى المجانين .
فهل يوجد سخف أكبر من هذا السخف الفرويدي باسم التحليل النفسي ، لدعم اليهودية العالمية؟!!.
( 7 )
ثم إذا تجاوزنا كل ما سبق ، ونظرنا إلى نظرية (فرويد) في التحليل النفسي نظرة موضوعية غير متحيزة ، فإننا لا نجد فيها ما يبرر للناقد (د. العظم) أن يمجدها ويقول عنها : إنها من أهم النتائج التي توصلت إليها البحوث العلمية في مجال الدراسات النفسية .
أما فكرة تحليل دوافع الأنفس إلى السلوك فهي فكرة إنسانية قديمة ، وليست هي بحد ذاتها من مبتكرات (فرويد) إلا أن هذا الرجل قد أفرط في السبح الخيالي في تحليل تصرفات الإنسان ، إفراطاً حشد فيه أوهاماً وفرضيات أقرب ما تكون إلى التخريف المطلق منها إلى الدراسة العلمية الموضوعية .
بيد أنه باتجاهه نبه الباحثين النفسيين على البحث الموضوعي في مجال التحليلات النفسية ، حتى تكونت مدارس التحليل النفسي في عالم العلم ، وأصبحت مدرسة فرويد اليهودية في نظر العلماء بدائية متخلفة جداً . والسر في هذا أن فرويد كان مسخراً أساساً لمحاربة الأديان ، وتهديم القيم الأخلاقية والاجتماعية ، وقد فرضت عليه الخطة اليهودية العالمية أن يضع نظرية تتستر بالعلم لتحقيق هذه الغاية ، فاستخدم التحليل النفسي طريقاً إلى ذلك ، كما استخدم غيره من اليهود طرقاً أخرى تحت ستار البحث العلمي لتحقيق الغاية نفسها ، وطبيعي أن تكون الدراسة العلمية الموجهة أساساً لإبطال حقيقة من الحقائق مُكرهة على أن تحمل في حقيبتها وعلى ظهرها أكداساً من التخيلات والأوهام والفروض التي لا سند لها من الواقع ، ومُكره على أن تصوغ نظرية تجمع في لبناتها بعض الحقائق لإقامة بعض الزوايا ، ثم تملأ سائر الثغرات بأوراق ملونة مصبوغة ، تشبه في ظاهرها صورة لبن البناء وقواعده ، وهي في حقيقتها وهم خداع تمزقه أية يد تمتد إليه بالفحص والبحث العلمي .
واقتبس هنا نقداً موضوعياً لمدرسة (فرويد) في التحليل النفسي ، مما كتبه صديقنا الدكتور عبد الحميد الهاشمي ، وهو نقد مؤلف من النقاط التالية:
1- إن آراء (فرويد) هي أولاً وقبل كل شيء نظرية افتراضية وليست من الحقائق النفسية أو المبادئ العلمية التي أثبتتها التجارب ، أو صدَّقتها الملاحظة العلمية .
فليس لآراء (فرويد) تلك الهالة التي يحاول بعض مناصريها أن يُلبسوها ثوب الحقائق العلمية ، أو كما تحاول بعض الجهات العالمية أن تحيطها بالدعاية .
2- تعتبر هذه النظرية امتداداً لفلسفة أفلاطونية ،إلا أن أفلاطون كان يحاول أن يسير بالنفس الإنسانية نحو المثالية ، أما (فرويد) فقد تشبث – كما يقول تلامذته – بالدافع الجنسي ، ليظل هو الدافع والوسيلة والغاية .
والواقع أن الصحة النفسية إذ تسعى للإشباع الشرعي المعترف به فإنها تدعو إلى الضبط والاتزان ، لأن الحقيقة الفسيولوجية والنفسية تؤكد أن الإشباع الفوضوي المطلق يزيدها تفتحاً ، وتصبح الشغل الشاغل ، ومن أجل هذا فالصحة النفسية في مناهجها التكوينية والوقائية والعلاجية دعت إلى التسامي والإبدال ، بجانب دعوتها إلى الإشباع المشروع .
3- لقد تأثر فرويد في آرائه بالحالات الشاذة المرضية التي كان يعالجها في مرضاه ، ويكمن الخطأ العلمي في التعميم الذي أطلقه فرويد ، إذ أخذ يفسر السلوك المتزن العادي لدى الأسوياء في ضوء ما عاينه من السلوك الشاذّ لدى المصابين .
وهذه نقطة أخذها عليه زملاؤه وتلامذته في العلاج النفسي ، وانفصلوا بها عن جماعته ثم عارضوا نظريته بنظريات أقاموها وعرفوا بها .
4- تأثره واضح بالأساطير اليونانية ، كقصة أديبوس .
ويعلق علهيا (روبرت ودورث) بقوه : “ولو بحثت عن رأيي الشخصي في سيكولوجيا فرويد لكان علي أن أقول : إنني لا أؤمن بأن يكون مذهبه صحيحاً بأي معنى مطلق . ولا أن يوضع في مصاف النظريات العلمية الكبرى ، التي تربط المعرفة الراهنة . فإنها بكائناتها وثناياها تبدو متخلفة أكثر منها ناظرة إلى الأمام”.
وإذا علمنا أن البروفسور (ودورث) يعتبر من رواد علم النفس الحديث فيما بعد الحرب العالمية الأولى في كتبه الكثيرة عن علم النفس التجريبي ، وعلم النفس الديناميكي . ورياسته لعلم النفس في لجنة البحث القومي الأمريكي ، ولهيئة علماء النفس الأمريكيين . إذا علمنا ذلك أدركنا أن آراء فرويد تمثل في تطور الدراسات النفسية مرحلة بدائية متخلفة لا ينبغي الوقوف عندها في مجال علم النفس الحديث .
5- إن نظرية الفرويد تعكس الحياة المتناقضة الشاذة للمجتمع الغربي (الأوروبي) بعد النهضة الصناعية المادية ، وانتشار الاختلاط المطلق ، وشيوع الإباحية بشتى أسمائها ، نتيجة الترف والغرور الأوروبي ، في عنوان العهد الاستعماري .
فكانت نظرية فرويد انعكاساً أو تبريراً للواقع الشاذ ، وليست دراسة علمية دقيقة تنظر إلى المشكلة من جميع أسسها .
6- والخطأ العلمي النفسي الكبير أن نظرية فرويد تحاول تفسير السلوك الإنساني بنظرة جانبية جزئية . وذلك حين يحاول فرويد أن يحدد السلوك الإنساني بدافع جنسي .
ولقد قام لمناهضة هذا التفسير الجانبي والمتحيز عدة علماء نفسيين لهم وزنهم العلمي حتى يومنا هذا غير من تقدم ذكرهم ، ولعل أعظمهم في ذلك (وليم مكدوجل) الذي قام لمناهضة هذا التفسير الضيق والمتحيز ، في كتابه “تخطيط علم النفس” سنة (1923م) ، وفيه يرد على كل من فرويد ويونج وكارل لتحديدهم دوافع السلوك البشري بدافع واحد أو اثنين .
أما مكدوجل فقد ذكر عدة دوافع سماها غرائز ، وقد أوصلها بعد عدة تعديلات إلى عشرة غرائز أو تزيد . منها غريزة الأبوَّة في حماية الصغار ، وغريزة المقاتلة مع انفعال الغضب وغريزة الهروب من الخطر مع انفعال مصحوب بالخوف ، وغريزة حب الاستطلاع ، وغريزة تقدير الذات مع الشعور بالتفوق ، وغريزة البحث عن الطعام ، وغريزة التجمع مع الشعور بالعزلة ، وغيرها …
7- في آراء فرويد المتحيزة نحو التفسير الجنسي كدافع لكل سلوك يتجلى التفكير اليهودي ، الذي اشتهر به اليهود منذ أيامهم الأولى ، وفي اتهامهم لبعض أنبيائهم ، وفي معاملتهم للأمم التي عاشوا معها ، وهو تحيز مقصود ومخطط ، خدمة للسياسة اليهودية العالمية بعيدة المدى .
فهل بعد هذا يسوغ لكاتب عربي أن يمجد آراء فرويد ونظريته ، وأن يعتبرها كما ذكر (د. العظم) من أهم النتائج التي توصلت إليها البحوث العلمية في مجال الدراسات النفسية ، إلا أن يكون أجيراً ذليلاً وخادماً مطيعاً للصهيونية العالمية؟
* * *
الفصل الثامن
صراع لنفي فرية النزاع بين الإسلام والعلم
( 1 )
أثار الناقد (د. العظم) ما أسماه مشكلة النزاع بين العلم والدين ، وفسر الدين بقوله: “أي: الإسلام بصورة رئيسية بالنسبة لنا”.
ثم أعلن أنه يريد أن يسترسل في شرح وجهة النظر التي ترى أن الدين كما يدخل في صميم حياتنا ، وكما يؤثر في تكويننا الفكري والنفسي ، يتعارض مع العلم ومع المعرفة العلمية قلباً وقالباً روحاً ونصاً .
ثم لوَّح بأن هذا الخط المحارب للدين الإسلامي سينتصر كما انتصر على العقلية الدينية التي كانت سائدة في أوروبا . بعد مرور قرنين ونصف من الحرب الطويلة بين العلم والدين هناك ، فقال في الصفحة (21) من كتابه:
“يجب أن لا يغيب عن بالنا أنه مرت على أوروبا فترة تتجاوز القرنين ونصف القرن ، قبل أن يتمكن العلم من الانتصار انتصاراً حاسماً في حربه الطويلة ضد العقلية الدينية الي كانت سائدة في تلك القارة ، وقبل أن يثبت نفسه تثبيتاً نهائياً في تراثها الحضاري ، ولا يزال العلم يحارب معركة مماثلة في معظم البلدان النامية ، بما فيها الوطن العربي ، علماً بأنها معركة تدور رحاها في الخفاء ، ولا تظهر معالمها للجميع إلا بين الفينة والأخرى”.
هذا ما قاله (د. العظم) بلسانه عن نفسه ، وعن سائر كتائب ملحدي هذا العصر ، ونحن نقول : لا ضير ولا خوف على الدين الإسلامي من هذه الحرب الشعواء التي يشنها الملاحدة المتسترون بالعلمانية ، فالدين الإسلامي بمفاهيمه الصحيحة الثابتة ، وأصوله الفكرية الراسخة لا يخشى العلم الصحيح الذي يستطيع أن يثبت نفسه بالأدلة الصحيحة عبر الزمان ، وستسفر المعركة إن وجدت بين الإسلام والعلم عن التقاء تام على خط واحد بين الصحيح مما نسب إلى الدين ، والصحيح مما نسب إلى العلم ، وانتصار الإسلام والمفاهيم الإسلامي على النظريات والفرضيات الباطلة المنسوبة إلى العلم ، ولا ضير من تصحيح المفاهيم الاجتهادية التي فهمها بعض العلماء المسلمين في عصور مختلفة ، إذا استطاع العلم أن يثبت صحة نظرياته المخالفة لهذه المفاهيم .
وليس هذا تراجعاً في الدين ، وإنما هو تصحيح لأخطاء المجتهدين في تحديد بعض مفاهيمه ، بما يتوصل إليه العلم من حقائق ، ويظل الإسلام هو الدين الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهو لا يتحمل بحال من الأحوال جريرة أخطاء المفسرين لنصوصه ،والمجتهدين في استخراج مفاهيمه .
ومما لا شك فيه أن المسلمين يتعرضون في هذا لأخطر حرب تعرضوا لها في تاريخهم الطويل ، إنها حرب قائمة على التضليل الفكري الذي يلبس أثواب العلمانية ، وتقودها أجهزة شديدة الحذق في صناعة المكايد ، وفي تزوير الحقائق العلمية ، وتزييف مستنداتها ، وفي يدها المال الكثير ، والأجهزة العسكرية العظيمة ، والمراكز التعليمية الكبرى في العالم ، والتنظيمات الحزبية المنبثة في كل قطر ، وهي لا تهدف إلى مجرد الاحتلال العسكري في خطة غزوها ، ولكن تهدف أيضاً إلى احتلال الأفكار ومراكز العقائد ، واحتلال النفوس ومراكز العواطف ، وتشتري من داخل كل أمة صنائع وأجراء لها ، ببذل المال ، والوعود والإغراءات ومرضيات الشهوات الفاجرة .
ومع كل هذه الأثقال العتادية التي تحملها هذه الحرب ضد الإسلام والمسلمين فإننا واثقون من أن العقيدة الإسلامية والمفاهيم الإسلامية الصحيحة ستنتصر أخيراً ، على كل الحملات الغازية ، لأن الحق مؤهل بطبيعته لأن يكون هو المنتصر في آخر الأمر ، وإن أصابته أثناء معاركه مع الباطل متاعب ومشقات ، وإن سقط من جنوده شهداء كثيرون ، ومهما بدا في أول الأمر ظهور مزيف للباطل ، إن هذا الظهور زَبَدٌ لا قيمة له ، وسيذهب جفاء ، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض مع مكث الحقائق واستقرارها .
والتاريخ يشهد لهذه الحقيقة ، فقد جاءت من قبل جيوش غازية إلى بلاد المسلمين ، ففتكت فتكاً ذريعاً ، ودمرت تدميراً منكراً ، ولكنها رجعت في آخر الأمر تحمل الإسلام في قلوبهم وفي سلوكها وأعمالها ، لقد غزا الحق الرباني قلوبها ونفوسها وأفكارها ، بعد أن دخلت غازية له تريد تحطيمه وتدمير كل ما يتصل به .
وكم من رجال مفكرين كانوا ملحدين بالله ، تأثراً في مطلع حياتهم بأفكار الإلحاد ، وبتضليلات المؤسسات الإلحادية في العالم ، التي تلبس العلمانية ، وتحمل أسلحة التقدم العلمي والصناعي ، وشعارات الثورية والتغيير الاقتصادي والاجتماعي ، ثم اتجه هؤلاء المفكرون نحو الإسلام لنقده واقتلاعه من جذوره ، لكنهم كانوا في الواقع طلاب حقيقة ، خدعوا بتزييفات المضللين ، فلما درسوا الإسلام ، وأمعنوا النظر في كتاب الله القرآن ، ليستخرجوا منه ما يحاربونه به ، إذا بهم يشهدون الحق فيخشعون لله وإذا بهم يجندون أنفسهم وعلومهم وفلسفاتهم للدفاع عن الإسلام ، ولإعلاء كلمة الله بين الناس ، وإذا بهم يتحولون إلى دعاة هدى وإيمان ، بعد أن كانوا قد تجندوا فعلاً في جيش دعاة الضلالة والإلحاد .
وأما تلويح (د. العظم) بانتصار الإلحاد تحت ستار العلم ، وقياسه الدين الإسلامي على غيره ، وقياسه المسلمين على الشعوب الأوروبية ، فهو تنبؤٌ منه يحمل تفاؤلاً مفرطاً لقضية الإلحاد ونشره في الأرض ، واكتساحه للعقائد الإيمانية ، وهذا الإفراط في التفاؤل يطمعه به بعض الانتصارات الزمنية التي حققها اليهود على الجيوش العربية ، إذ استطاعت دسائسهم أن تعزل الإسلام والمسلمين الواعين عن المعركة .
وأما ما يسمى بالنظريات العلمية التي وضعت خصيصاً لدعم قضية الإلحاد في الأرض فهي نظريات زمنية ، لا تلبث طويلاً حتى تأتي كشوفات علمية جديدة ، ترافقها أوراق نظريات جديدة تلغيها إلغاءً تاماً ، وتقترب النظريات الجديدة من مواقع الإيمان خطوات علمية سليمة ، وتخسر قضية الإلحاد كثيراً من أسلحتها التي تلبس رداء التقدم العلمي والصناعي زوراً وبهتاناً ، كما قال الله تعالى سورة (الصف/61 مصحف/109 نزول):
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ}
وأما انتصار قضية الإلحاد في أوروبا فقد شرح أسبابه (وولتر أوسكار لندبرج) عميد معهد هورمل منذ سنة (1919م) ، وخص بالذكر سببين:
الأول : ما تتبعه بعض الجماعات أو المنظمات الإلحادية ، أو الدولة ، من سياسة معينة ترمي إلى شيوع الإلحاد .
الثاني : المعتقدات الفاسدة التي تجعل الناس منذ الطفولة يعتقدون بإله على صورة الإنسان .
وطبيعي أن هذا السبب الثاني غير موجود في العقائد الإسلامية ، لأنها قائمة على الحق الموافق للبراهين العقلية والأدلة العلمية .
ألا فليخفف (د. العظم) وسائر الملحدين من تفاؤلاتهم بانتصار قضية الإلحاد في دنيا المسلمين ، فالله من ورائهم محيط ، وليمت الملحدون بغيظهم إن شاؤوا ، فالله متمٌّ ولو كرهوا.
( 2 )
بكل مجازفة مشحونة بالمغالطة زعم الناقد (د. العظم) – لسان طائفة من ملحدي هذا العصر – أن الإسلام والعلم يختلفان ويتنازعان في المنهج الذي يجب اعتماده في الوصول إلى المعارف والعلوم ، وفي البحث عن الحقائق .
وقد غدا واضحاً أن سبيله وسبيل سائر الملحدين في مغالطاتهم ، أن يقرروا من عندهم أموراً ينسبونها إلى الإسلام ، وما هي بالمفهوم الصحيح له ، ليغالطوا الناس بها .
وقد أحصيت في الفصل الأول من هذا الكتاب أصول مغالطاتهم ، وهي ترجع إلى تعميم أمر خاص ، أو تخصيص أمر عام ، أو ضم زيادات وإضافات ليست في الأصل ، أو حذف قيود وشروط لازمة ، أو التلاعب في معاني النصوص ، أو طرح فكرة مختلقة من أساسها ، أو تصيد بعض الاجتهادات الضعيفة لبعض العلماء وجعلها هي الإسلام ، أو التقاط مفاهيم شاذة موجودة عند بعض الفرق التي تنتسب إلى الإسلام ، أو نسبة أقوال إلى غير قائليها أو إلى غير رواتها ، أو كتمان أقوال صحيحة وعدم التعرض إليها مع العلم بها وشهرتها ، أو نحو ذلك مما يتصل بهذا التضليل القائم على التلاعب بالحقائق ، بغية تهديم الإسلام وعقيدة الإيمان بالله ، ودعم قضية الإلحاد ونشر الكفر والفساد في الأرض ، وهم يخدمون في كل ذلك مصالح شياطين الإنس ، مقابل أجر يدفع لهم من دمائهم ودماء أمتهم ، كالهر الذي يلعق المبرد ليجزيه المبرد من قطرات الدم ، وليست هذه القطرات إلا من دماء اللاعق ، والتخدير الذي يحقن العدو به أعصابهم كفيل بأن يلغي الإحساس بالأمل ، ريثما تتم عملية الاستنزاف .
ولبيان فساد فرية النزاع بين الإسلام والعلم نذكر القارئ بما جاء في الفصل الثاني من هذا الكتاب “الحقيقة بين الدين والعلم” ونزيده هنا بعض تفصيلات تستدعيها طبيعة الجدال والمناظرة .
لقد وضح لدينا بالبيان التحليلي التفصيلي أن الإسلام والعلم لا يختلفان ولا يتنازعان في المنهج الذي يجب اعتماده في الوصول إلى المعارف والعلوم ، وفي البحث عن الحقائق ، على خلاف ما افتراه الناقد (د. العظم).
إن الإسلام والعلم الصحيح يسيران على منهج واحد في الوصول إلى المعارف والبحث عن الحقائق ، حتى يصل البحث إلى منطقة عالم الغيب ، فإذا وصل البحث إلى هذه المنطقة توقفت الوسائل الحسية وبقي المنهج الاستدلالي ، وضمن المنهج الاستدلالي يبحثان وفق منهج واحد ، وعند الخلاف المحتمل يبدو الفكر الإسلامي هو المرجح بأدلته الاستدلالية ، وبمفاهيم نصوصه الآتية من عالم الغيب نفسه ، ولا بد من مراعاة الأصول المنطقية العامة لدى فهم دلالات هذه النصوص .
ويظل حال التوافق بين الإسلام والعلم على المنهج الاستدلالي في مسيرة البحث عما في عالم الغيب من حقائق ، حتى تنقطع الوسائل الاستدلالية ، عندئذٍ يقول العلم : لقد انتهت رسائلي ، ولكني لا أمانع احتمال وجود وسائل أخرى قد يأتي عن طريقها معارف وحقائق داخلة في عالم الغيب ، وقد عجزت وسائلي الحسية والاستدلالية عن إدراكها ، والحكم عليها بإثبات أو نفي .
وهنا يأتي الدين فيقدم ماعني بالإرشاد إليه والتعريف به . مما هو داخل في عالم الغيب ، ولا تملك الوسائل الحسية والاستدلالية إدراكه ولا الحكم عليه بإثبات أو نفي ، ولا يملك العلم الإنساني هنا إلا أن يذعن للدين ، أو يقول : لا أدري ، لكني علمت أن ما جاء به الدين مما علمته بوسائلي قد كان حقا ً.
أما منطقة التكاليف الدينية والتعاليم الشرعية فهي أوامر قيادة ، يقصد منها بالدرجة الأولى امتحان الإرادة في مجال الطاعة والمعصية ، ويكفي فيها باعتبار الأصل أن تكون كيفية تتبع ما تراه القيادة دون مناقشة ، إلا أن الإسلام كان في أوامره القيادية حكيماً ، إذ راعى فيها مصالح الأفراد والجماعات ، وما يحقق لهم سعادة الحياة الدنيا ، إضافة إلى ما وعدهم به من أجر عظيم ينالونه في الآخرة ، إذا هم رعوها حق رعايتها . وامتثلوا ما جاء فيها .
لكن الناقد (د. العظم) يقول لنا : هذا كلام تقريري منكم ، ولا ينفع في إثبات الحقائق مجرد إيراد أقوال تقريرية خطابية عامة ، غير مؤيدة بدلائل واقعية ، وإذ يقول هذا الكلام يصر على طرح دعوى التناقض بين الإسلام والعلم في المنهج الذي يجب اعتماده في الوصول إلى القناعات والمعارف والعلوم .
وحين نتابع كلامه نجده يفتري على الإسلام بمجرد الدعوى فقط ، ولا يقدم غير كلام تقريري غير مدعم بأي دليل واقعي ، وحينما يأتي بكلام يراه دليلاً نجده في الحقيقة تقريراً جديداً كذباً ، أو مغلفاً بمغالطة من مغالطاته .
هذه هي خطته العامة كما رأينا ، ولكن سنكشف كذبه وافتراءه في قوله لنا : هذا كلام تقريري منكم للتوفيق بين الإسلام والعلم ، وفي دعواه وجود التناقض بين الإسلام والعلم في المنهج الذي يجب اعتماده في الوصول إلى القناعات والمعارف والعلوم .
يقول في الصفحة (22) من كتابه:
“فبالنسبة للدين الإسلامي ، إن المنهج القويم للوصول إلى مثل هذه المعارف والقناعات هو الرجوع إلى نصوص معينة تعتبر مقدسة أو منزلة ، أو الرجوع إلى كتابات الحكماء والعلماء الذين درسوا وشرحوا هذه النصوص ، أما تبرير العلمية بأسرها فيستند إلى الإيمان ، أو الثقة العمياء بحكمة مصدر هذه النصوص ، وعصمته عن الخطأ ، ومن نافل القول أن نردد أن الطريقة العلمية في الوصول إلى معارفنا وقناعاتنا عن طبيعة الكون ونشأته ، وعن الإنسان وتاريخه ، تتنافى تماماً مع هذا المنهج الاتباعي السائد في الدين ، لأن المنهج العلمي قائم على الملاحظة والاستدلال ، ولأن التبرير الوحيد لصحة النتائج التي يصل إليها هذا المنهج هو مدى اتساقها مع بعضها ، ومدى انطباقها على الواقع”.
كلام (د. العظم) هذا مشحون بالمغالطات والأكاذيب .
لقد بدأ كلامه عن المنهج العلمي للوصول إلى قناعات ومعارف عن نشوء الكون وتركيبه وطبيعته ، وعن تاريخ الإنسان وأصله وحياته خلال العصور ، ثم ادعى أن منهج الإسلام القويم في كل هذه المواضيع هو الرجوع فقط إلى نصوص معينة تعتبر مقدَّسة أو منزَّلة ، وأوهم في سرد كلامه بعد ذلك أنه لم يكن لعلماء المسلمين في هذا المجالات عمل علمي إلا درس النصوص الدينية وشرحها .
فهل هذه الدعوى تنطبق على الواقع؟ أم هي فرية ومغالطة قائمة على التعميم؟
لو كان هذا الكلام صحيحاً بالنسبة إلى تركيب الكون وطبيعته ، وتاريخ الإنسان وحياته خلال العصور ، فمن أين نشأت الثروة العلمية العظيمة في هذه المجالات عند المسلمين ، والتي كانت مصدر انطلاق الحضارة الحديثة في علومها وبحوثها وكشوفها ومنهجها ، باعتراف كبار علماء هذه الحضارة نفسها ، وباعتراف كبار مؤرخيها .
هل كانت كل ثروات المسلمين العلمية في هذه المجالات تفسيراً لنصوص دينية ؟
إن أصغر دارس لعلوم المسلمين يكذب هذه الفرية ، قد نجد في مقدمة كل علم شواهد دينية تحث على دراسة الكون ، واكتشاف صفاته وخصائصه وسُننه ، وقد نجد في ثناياه نصوصاً دينية تشير إلى بعض المعارف التي اشتمل عليها ، باعتبارها أحد وسائل المعرفة ، ولكن ليس معنى هذا انحصار منهج المعرفة عند المسلمين بتفسير النصوص الدينية وشرحها .
هل علم الكيمياء الذي شق المسلمون طريقه قد كان تفسيراً لنصوص قرآنية أو نبوية؟ ومعلوم أن هذا العلم من دراسة طبيعة الكون .
هل علم الفيزياء الذي صحح المسلمون كثيراً من نظريات الفلاسفة فيه قد كان تفسيراً لنصوص دينية ؟ وعلم الفيزياء من دراسة طبيعة الكون .
هل علم الفلك الذي برز فيه المسلمون قد كان مجرد تفسير لنصوص دينية؟ وهذا العلم من دراسة طبيعة الكون .
هل علم التاريخ والجغرافيا لم يكونا غير تفسير لنصوص دينية ؟ وهما من دراسة طبيعة الأرض وتاريخ الإنسان .
هل علما الطب الذي أبدع فيه المسلمون قد كان مجرد تفسيرات لنصوص دينية؟ وهو من دراسة طبيعة الإنسان وحياته.
هل علم الرياضيات العقلية(الحساب – الجبر – الهندسة) وغيره من العلوم التجريبية والاستدلالية والخبرية والعقلية البحتة قد كانت عند المسلمين مجرد تفسيرات لنصوص دينية واردة في مجالاتها؟
لو أن المسلمين اقتصروا في كل هذه العلوم على مجرد تفسير النصوص الدينية – كما زعم الناقد في فريته – لما تجاوزت معارفهم فيها بعض القواعد الكلية العامة جداً ، ولا شك أن ما تدل عليه النصوص الدينية يمثل لدى المسلمين مصدراً من مصادر المعرفة ، ولكنه ليس كل مصادر المعرفة ، لأن النصوص الدينية في هذه المجالات قد أرشدت ووجهت للبحث ، وقدمت بعض قواعد هذه المعرفة ، لكنها لم تتبنَّ التعريف المباشر بكل قواعد هذه العلوم ، أما المهمة الأولى والأساسية للنصوص الدينية فهي التعريف بالدين ، مبادئه وعقائده وتشريعاته للسلوك الإنساني الفردي والجماعي .
ولما وجد المسلمون الدفع الإسلامي إلى دراسة الكون ، واستنباط المعارف والعلوم عن طريق الملاحظة والتجربة والاستدلال ، انطلقوا باحثين في شتى مجالات المعرفة التي تيسرت لهم إبان نهضتهم ، قبل أن تثبطهم فترة الركود التي أصابتهم بهجرهم لتعاليم الإسلام ، وإخلادهم إلى الراحة والكسل ، والاستغراق في الشهوات , ورضاهم بأمجاد الماضي ، إضافة إلى عوامل أخرى خارجية عنهم ، أوقفت عجلة تقدمهم .
فما افتراه (د. العظم) على المنهج الإسلامي هراء ظاهر صنعته المغالطة التعميمية ، ولكشف زيفه وافتراءاته نفصل منهج الإسلام للوصول إلى المعرفة .
( 3 )
منهج الإسلام للوصول إلى المعرفة
إن المنهج الذي رسمه الإسلام للوصول إلى معرفة حقائق الأمور هو المنهج الأمثل في تاريخ الفكر الإنساني ، بتحديد أصوله وقواعده العامة .
وقد كانت أسس النهضة العلمية عند المسلمين هي المرشد والباعث للنهضة العلمية الأوروبية الحديثة ، لسنا نقول هذا على سبيل التفاخر ، وإنما نقوله تبياناً للحق الذي اعترف به وأعلنه مؤرخو الحضارات الإنسانية من غير المسلمين ، لا سيما بعد أن وجد من أبناء جلدتنا أجراءُ لأعداء الإسلام ، يحاولون بالمغالطة والتزوير طمس الحقائق ، والقيام في العالم العربي بعملية زلزال فكري ، يقصد منه خلط المعارف الثابتة ، وتشويه صُورها ، وتقويض أبينتها ، وإقامة أبنية جديدة مكانها ، ولكنها في هذه المرة لن تكون صالحة لأهلها ، وإنما تكون للشياطين ومعهم القردة والخنازير .
يقوم الفكر الإسلامي أساساً على أن المعرفة الصحيحة هي ما كان مطابقاً للواقع والحقيقة ، فما كان مطابقاً للواقع والحقيقة فهو حق ، وما لم يكن مطابقاً للواقع والحقيقة فهو باطل . وقد تكون الصورة الفكرية أو القولية مطابقة للواقع والحقيقة من بعض الوجوه ،ومخالفة لها من بعض الوجوه ،فيكون فيها من الحق على مقدار المطابقة ومن الباطل على مقدار المخالفة .
هذا هو الأساس الأول للمعرفة في الفكر الإسلامي .
وبعد هذا الأساس الأول تأتي قاعدة كلية وراءه ، وهي أن كل وسيلة صحيحة تعطينا صورة صادقة عن الواقع والحقيقة هي وسيلة يجب الاعتماد عليها ، والثقة بها في تحصيل المعرفة ، وإذا لم تستطع الوسائل أن تعطينا صورة صادقة عن الواقع والحقيقة بشكل قطعي ، فإن الضرورة تدعونا في الواقع الإنساني إلى قبول الصور التي ترجح مطابقتها للواقع بصورة ظنية ، وذلك ريثما يأتي ما هو أقوى ، أو تأتي الصورة المطابقة للواقع بيقين . والمرجح الأول والأخير دائماً هو الواقع والحقيقة ، وبهما تقاس النتائج .
ونجد هذا في أوائل متون العلوم التي كتبها المسلمون ، إذ يقررون أن العلم هو الصورة الذهنية المطابقة للواقع ، أو هو الإدراك المطابق للواقع ، وإذ يقررون أن الصدق هو الكلام المطابق للواقع ، وإذ يقرون جواز العلم بالاحتمال الراجح إذا لم يتوافر لنا اليقين .
ومن هذا يتبين لنا أن الواقع على ما هو عليه في حقيقة أمره هو المرجع الأول والأخير للمعرفة في الفكر الإسلامي ، وما عدا ذلك مما له صلة باكتساب المعرفة فلا يعدو أنه من قبيل الوسائل التي قد توصل إليها .
وهذا من الأوليات المنطقية في الفكر الإسلامي ، المبينة في متون العلوم الإسلامية ، والمنصوص عليها في مصادر الشريعة الإسلامية ، والمهتدى بهديها فيما استخرجه المسلمون من معارف ،وفيما كتبوا فيه من علوم .
* وسائل المعرفة :
أما وسائل التي وضعها الإسلام في منهجه للوصول إلى المعارف فبيانها فيما يلي :
الوسيلة الأولى : هي وسيلة الإدراك الحسي المباشر أو عن طريق الأجهزة ،وذلك متى شهد العقل بصحة هذا الإدراك وسلامته من الخلل ، فحينما تشهد الحواس الإنسانية ظاهرة كونية وتتوافق الحواس السليمة في إدراكها ، تغدو الصورة التي قدمتها صورة علمية مقبولة ضمن الحدود التي قدمتها ، وضمن الصورة التي نقلتها .
وباستخدام هذه الوسيلة قرر المسلمون في علومهم حقائق كثيرة لم تأتِ بها نصوص شرعية ، ولا رجعوا فيها إلى تفسيرات نصوص شرعية وشروح لدلالتها ، كما زعم الناقد (د. العظم) في نقده القائم على المغالطات والأكاذيب .
وهل الملاحظة التي يُعتمد عليها في مناهج البحث العلمي إلا تتبع الظواهر بالإدراك الحسي ، ورصدها ومحاولة تفسيرها؟
أفلا يحق لنا أن نقول : إن مناهج العلوم الحديثة قد اقتبسها من مناهج البحث عن المسلمين ، الذين أخذوا بها إذ حثهم الإسلام على استخدامها ، للتعرف على الظواهر الكونية ، وما في عالم الحس من حقائق ،ولتكون مادة يستدل منها على قوانين الكون وسننه وخفاياه؟
ولئن أنكر (د. العظم) هذه الحقيقة فقد اعترف بها كتّاب كبار من مؤرِّخي الحضارة الأوروبية الحديثة وعلمائها ، وأعلنوا فضل حضارة المسلمين على الحضارة الحديثة ، في مناهجها وفي نتائجها[24].
الوسيلة الثانية : هي وسيلة الاستدلال العقلي ، وللاستدلال العقلي أصول وضوابط معروفة مدروسة في الفكر الإسلامي ، ومعطيات هذا الاستدلال لا تكون علوماً مقطوعاً بها ما لم تكن يقينية غير قابلة لاحتمال النقض ، وإلا كانت درجة قبولها مناسبة لدرجة قوة الاحتمال الذي رجحه الاستدلال .
ويعتمد الاستدلال العقلي على التجربة والاستقرار والتأمل العقلي المجرد ،الذي يعطي أحكاماً منطقية جازمة ، أو أحكاماً منطقية راجحة .
وإذا لم نقل : إن هذه الوسيلة قد اقتبسها علماء النهضة الحضارية الحديثة من المسلمين ، فلا أقل من أن نقول بالاتفاق في المنهج ، ومعلوم أن المسلمين كانوا هم الأسبق في الواقع التاريخي .
وكان لاستخدام هاتين الوسيلتين : (الإدراك الحسي ، والاستدلال العقلي) في الفكر الإسلامي معطيات علمية واسعة ، في مختلف مجالات العلوم الطبيعية والإنسانية ، فالإدراك الحسي يحدد الملاحظة ومع الملاحظة أو بعدها أو قبلها أحياناً تستخدم التجربة ، ومن ورائهما ينشط الاستدلال العقلي .
وبذلك دوَّن علماء المسلمين في علوم الكيمياء ، والفيزياء والطب والفلك والرياضيات (الحساب والجبر والهندسة) والجغرافيا ، والتاريخ مدونات كبيرة وكثيرة ، أثبتوا فيها معطيات منهجهم العلمي ،إضافة إلى ما نقلوه عن غيرهم من منجزات الحضارات السابقة في هذه المجالات .
إن عرض هذه الحقيقة وحدها عن الفكر الإسلامي كافٍ لكشف التزييف الحقير الذي صنعه الناقد (د. العظم) العميل لمنظمات عالمية تخدم الصهيونية في الوطن العربي ، إذ زعم أن منهج الفكر الإسلامي للوصول إلى القناعات والمعارف عن طبيعة الكون وتركيبه ونشوئه ، وعن تاريخ الإنسان وأصله وحياته خلال العصور ، هو الرجوع فقط إلى نصوص معينة تعتبر مقدسة أو منزَّلة ، أو الرجوع إلى كتابات الحكماء والعلماء الذين درسوا وشرحوا هذه النصوص .
والغريب في أمره – وهو لسان من ألسنة كتائب الملحدين – أنه يصنع التزييف ، ويغالط به ، ثم يقرره حقيقة واقعة ، ثم يوجه الإدانة على أساسه ، ثم يُصدر حكمه القاطع الذي لا استئناف فيه ، وينهي المحاكمة هكذا بكل بساطة .
وطبيعي أن يتخذ الملحدون هذه الخطة ، إذ لا دين يردعهم ، ولا أخلاق تضبطهم ، وخطتهم هذه ينطبق عليها المثل “زنَّاه فحدَّه” أي : اتهمه بالزنى كذباً وزوراً ، فأقام عليه الحد مباشرة دون بيِّنات .
فلما قرر (د. العظم) فريته عن الفكر الإسلامي وعن منهجه في تحصيل المعارف ، وصنع المغالطة كما راق له ، قال في الصفحة (22) وما بعدها من كتابه:
“لذلك نجد أنظار المؤمنين دائماً موجهة إلى الوراء ، إلى تلك الفترة التي يعتقدون أنه تم فيها كشف هذه الحقائق والمعارف من قبل الله ،عن طريق الملائكة والرسل ، وينتج عن ذلك أن وظيفة المؤمن والحكيم والفيلسوف والعالم ليست اكتشاف حقائق جوهرية جديدة ، أو اكتشاف معارف هامة لم تكن معروفة من قبل ، وإنما العمل للوصول إلى نظرة أعمق ،وفهم أشمل للنصوص المنزلة ، والعمل للربط بين أجزاء هذه النصوص وتأويلها ،ومن ثم تأويل التأولايات ، حتى تستنبط معانيها الدفينة ، ويتوصل إلى الحقائق والمعارف الكامنة فيها منذ الأزل ، وهذا العمل ضروري وجوهري استناداً إلى الآية القرآنية: {وما فرطنا في الكتاب من شيء}، فلا عجب إذن إذا وجدنا التاريخ الفكري للدين يتألف دائماً من تفاسير وشروح ، وشروح لشروح الشروح”.
هذا ما قاله حرفياً ، فهل ينطبق على واقع العلوم الطبيعية والرياضية والإنسانية التي دوَّنها المسلمون ، واكتشفوا فيها وأبدعوا . وكانوا رادَة الفكر الأوروبي الحديث في هذا المضمار؟!
إنه كلام لا يقبله أصغر طلبة العلوم الإسلامية ، أما أن يعرض على العالم الإسلامي في كتاب مطبوع فذلك هو البهتان المبين ، والاستهانة بعلماء المسلمين ، والاستخفاف بالأجيال الحديثة التي يتصور الناقد أنها غدت تتقبل كل زيف وكذب ومغالطات ، دون تحرير ولا تمحيص ، ألا فليعلم أن في الأجيال المسلمة الحديثة مؤمنين مفكرين ، قادرين على أن يكشفوا الزيف المقنع بالأقنعة الكثيرة ، فضلاً عن الزيف المكشوف .
الوسيلة الثالثة : هي وسيلة الأخبار الصادقة ، وهذه الوسيلة ركن من أركان وسائل اكتساب المعارف الإنسانية ، ومعلوم أن الإنسان ملجأ بالضرورة إلى الاعتماد على الوسيلة الإخبارية ، في كل أمر لا يستطيع أن يصل إلى معرفته بنفسه عن طريق الإدراك الحسي أو الاستدلال العقلي ، إن العلوم التاريخية تعتمد على المستندات الإخبارية ، بوصفها وسيلتها الكبرى ، وكل تدوين لأية حقيقة علمية توصل إليها الإنسان إنا هو حكاية خبرية لما توصل إليه ، ورواد الفضاء حينما وصلوا إلى القمر وعادوا نقلوا إلينا مشاهداتهم وملاحظاتهم نقلاً خبرياً ، وقد يدعمون أخبارهم بالمصورات ، وقد لا يدعمون ، والمدرس حينما يلقي على طلابه في معاهد العلم سلسلة المعارف ، إنما ينقلها إليهم نقلاً خبرياً ، وكل الناس يتعاملون فيما بينهم ويكون العنصر الإخباري أهم عنصر في تعاملهم .
وهذه الوسيلة الإخبارية هي الوسيلة التي اعتمد عليها الدين ، في نقل الشرائع الربانية للناس ، وفي نقل سائر التعاليم والبيانات الدينية ، والمعارف الغيبية ، عن طريق الرسل والأنبياء المؤيدين بالمعجزات وخوارق العادات ، شهادة من الله لهم بأنهم صادقون فيما يبلغون ربهم ، وكذلك وجه الإسلام للاعتماد عليها في تحصيل كثير من المعار التي توصل إليها العلماء بمسالكهم ، وأمر بسؤال أهل الذكر .
ولما كانت الوسيلة الإخبارية وسيلة قد يدخلها الكذب[25] أو الوهم في نقل الخبر ، إذا كان المخبر إنساناً عادياً غير مؤيد بالمعجزة ، أي : غير معصوم عن الكذب أو الخطأ ، وضع الإسلام منهجاً دقيقاً جداً في تحري الأخبار ، وفي تمييز مستوياتها – ثقة وضبطاً وفي اتخاذ ما يجب اتخاذه من احتياطات وتحفظات- ، ونهض علماء المسلمين بالتحرير والتمحيص ، وكان لهم في هذا المجال أدق الضوابط ، وأكثرها سلامة وإتقاناً ، لا سيما ما يتعلق منها بنقل النصوص الدينية ، وأعرض فيما يلي فكرة وجيزة عن منهج الإسلام بالنسبة إلى المستندات الإخبارية . ليكشف القارئ مدى مغالطات الناقد (د. العظم) حول منهج الإسلام.
يتلخص المنهج الإسلامي بالنسبة إلى المستندات الإخبارية بتقسيم الخبر إلى خمسة أقسام رئيسية:
* القسم الأول : الخبر المقطوع بصدقه .
* القسم الثاني : الخبر الذي يترجح جانب احتمال الصدق فيه على جانب احتمال الكذب .
* القسم الثالث : الخبر الذي يترجح جانب احتمال الكذب فيه على جانب احتمال الصدق .
* القسم الرابع : الخبر المقطوع بكذبه .
* القسم الخامس : الخبر المشكوك فيه .
أما القسم الأول وهو الخبر المقطوع بصدقه فيجب قبوله عقلاً وشرعاً ، لأنه خبر لا يخالطه احتمال الخطأ أو الكذب عقلاً ، وقد أوضح الإسلام أنه لا بد أن يأتي عن أحد مسلكين:
الأول : أن يخبر بالخبر جمع من الناس يستحيل في مقياس العقل السليم اتفاقهم على الكذب فيه ، ويكون ذلك حينما يروي الخبر جمع غفير من الناس تباينت أغراضهم ، وافترقت مصالحهم وكانوا بحالة لا يجمعهم فيها على الكذب جامع .
ويحلق به ما تواردت عليه مجموعة من شواهد النقول الإخبارية ، ودلائل الآثار الأرضية والكتابية ، والمصورات والتسجيلات الصوتية ، وبعض الاستدلالات والاستنتاجات العقلية ، حتى يصبح التسليم بمضمون الخبر أمراً حتمياً لا شك فيه لدى العقلاء المنصفين ، وحتى يصل في نفوسهم إلى درجة اليقين .
والاعتماد على مجموعة الدلائل المختلفة يجب أن يكون مصحوباً بالتبصر العقلي ، وبالتمحيص الكامل والاحتياط التام ، حتى يشهد العقل بنفي احتمال التزوير في الوثائق ، أو الخطأ أو الكذب في الإخبار .
وبهذا المسلك المقطوع به شرعاً وعقلاً حفظ الله القرآن الكريم من التحريف والتبديل ، إذ تكفل بحفظه فأعلن في سورة (الحجر/15 مصحف/54 نزول): قوله :
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
الثاني : أن يرد الخبر على لسان نبي من أنبياء الله تعالى أو رسوله من رسله ، وقد أحاط الله الأنبياء والرسل الذين يبلغون عنه بوضع يجعل التسليم بنقولهم وأخبارهم عن الله قضية مقطوعاً بها عند كل المنصفين من العقلاء ، ذلك بسبب ما صانهم به من العصمة عن الكذب وسائر المعاصي ، وبسبب ما أيدهم به من المعجزات الباهرات التي لا يأتي بها أو بمثلها إلا رسول مؤيد من عند الله ، ومصدق من قبله بلسان حال المعجزات ، فالمعجزات التي يجريها الله على أيدي رسله وأنبيائه دليل قاطع على صدق رسالاتهم ، وصدق أخبارهم التي يخبرون بها عن ربهم .
فمتى ورد الخبر عن طريق أحد هذين المسلكين كان مقطوعاً به ووجب تصديقه .
ولكن لا بد من التمييز بين لفظ الخبر وبين مضمون الخبر ، فإذا أثبت المستند الخبري قطعية الصدق في لفظ الخبر فليس معنى ذلك أن تحديد معنى اللفظ أمر مقطوع به أيضاً ، إن تحديد المعنى قضية ثانية ،لا بد لها من مستند آخر يحدد المعنى بصفة قطعية غير قابلة لاحتمال التأويل ، فإذا تم تحديد المعنى بصفة قطعية وجب حينئذٍ التسليم به عقلاً ، كما وجب التسليم بصحة نقل لفظ الخبر قطعاً ، وهذا ما يطلق عليه علماء أصول الفقه الإسلامي عبارتي : “قطعي الثبوت ، قطعي الدلالة”.
أما إذا كان تحديد المعنى غير مقطوع به فإنهم يطلقون عبارتي “قطعي الثبوت ، ظني الدلالة” ، وفي هذه الحالة يجب التسليم عقلاً وشرعاً بصحة نقل لفظ الخبر ، وتبقى الدلالة في مستوى الرجحان ، أو قيد الدراسة والبحث لتحديد المعنى .
وقد تكون دلالة النص المقطوع بثبوته مبهمة غير واضحة أصلاً.
فلا تلازم بين كون النص قطعياً وكون معناه قطعياً أيضاً ، بل لا بد في ذلك من اتباع منهج علمي دقيق أوضحه علماء المسلمين في علم أصول الفقه الإسلامي .
من أجل ذلك ليس لأحد أن يغالط في دلالات النصوص القاطعة ، اعتماداً على ثبوت لفظها ثبوتاً قطعياً ، إن لفهم النصوص منهجاً دقيقاً وضع له علماء المسلمين علماً قائماً بذاته ، إنه علم أصول الفقه .
وتظل المفاهيم الاجتهادية المأخوذة من دلالات النصوص مفاهيم احتمالية راجحة ، قابلة للنقض أو التعديل بأدلة أقوى من أدلتها ، حتى تتوافر الأدلة التي تفيد القطع بصحة هذه المفاهيم ، وعدم قابليتها للنقض أو التعديل بحال من الأحوال ، عندئذٍ يغدو معنى النص قطعياً ، وعندئذٍ يصح أن يوصف بأنه قطعي الثبوت قطعي الدلالة ، أو قطعي اللفظ قطعي المعنى .
وربما يتوافر المستند الإخباري القاطع بتحديد فكرة من الأفكار ، أو معنى من المعاني ، دون أن تأتي هذه الفكرة أو المعنى بلفظ واحد قطعي الثبوت ، وعندئذٍ تكون القطعية للمعنى أو للفكرة لا للنص اللفظي ، وهذا ما يسمونه المتواتر بالمعنى ، إذ يرد الخبر بعد ألفاظ كل واحد منها خبر راجح لا قطعي ، إلا أن معناها بالمعنى ، إذ يرد الخبر بعدة ألفاظ كل واحد منها خبر راجح لا قطعي ، إلا أن معناها جميعاً واحداً ، فإذا كانت عدة هذه الأخبار من قبيل المتواتر الذي يستحيل اتفاق المخبرين فيها على الكذب كان المعنى الذي دلت عليه مقطوعاً به ، لأنه خبر متواتر بالمعنى .
وأما القسم الثاني وهو الخبر الذي يترجح صدقه على كذبه فهو خبر يوثق به في منهج الإسلام وثوقاً ترجيحياً ، قابلاً لاحتمال النقض أو التعديل بدليل أقوى منه ، ولا يوثق به وثوقاً إلزامياً قاطعاً ، لاحتمال الخطأ أو الكذب فيه ، وإن كان بحسب الظاهر احتمالاً ضعيفاً.
وأما القسم الثالث : وهو الخبر الذي يترجح احتمال كذبه على احتمال صدقه ، فهو خبر معزول عن الثقة به عزلاً ترجيحياً قابلاً لاحتمال التوثيق بمعاضدة أدلة أخرى ، ولا يرفض رفضاً نهائياً مبتوتاً به ، لاحتمال براءته من الكذب أو الخطأ ، وإن كان بحسب الظاهر احتمالاً ضعيفاً .
وهذا القسم يقابل تماماً القسم الثاني في كل أحكامه .
وأما القسم الرابع وهو الخبر المقطوع بكذبه حساً أو عقلاً فهو خبر مرفوض بصفة قطعية .
ولكن قد يكون الكذب في رواية اللفظ فقط ، مع صحة المعنى ، وفي هذه الحالة لا نرفض المعنى من أجل ثبوت الكذب في اللفظ ، بل نقتصر على رفض اللفظ فقط ، وننظر إلى المعنى من خلال أدلة أخرى خبرية أو حسية أو استدلالية .
وأما القسم الخامس وهو الخبر المشكوك فيه ، أي : ما استوى فيه طرفا التصديق والتكذيب من غير رجحان لأحدهما على الآخر ، فهو خبر لا يحكم عليه بإثبات ولا بنفي ويوضع قيد الدراسة والبحث ، حتى يرد ما يرجح تصديقه أو تكذيبه .
ومنهج الإسلام في الاعتماد على المستندات الإخبارية يبتدئ بما يمكن أن نسميه بالوحدة الإخبارية .
والوحدة الإخبارية هي الراوي الواحد حينما ينقل لنا خبراً من الأخبار . ولهذه الوحدة الإخبارية في منهج الإسلام شروط لا بد من توافرها حتى تكون أنباؤها مؤهلة لتجريح صدق الخبر ، وحتى تكون مائلة إلى جانب القبول ، وهي ثلاثة شروط:
1- العدالة ، وهي أن لا يعهد على الراوي الكذب أو المعصية الظاهرة .
2- الأهلية الفكرية لتحمل الأخبار ونقلها كما حُملت ، دون نسيان أو اضطراب ، أو زيادة أو نقص .
3- اتصال الراوي بمصدر الخبر أو بمن وراه له .
وهذه الشروط تستدعي الملاحظة الدقيقة لرواة الأخبار ، والنظر في أحوالهم الفكرية والخلقية والسلوكية ، للتأكد من أن أخبارهم صالحة للقبول ، وتستدعي أيضاً النظر في صلتهم بمصدر الخبر ، أو بمن رواه لهم ،وهنا تتسع مشكلة البحث العلمي في تراجم الرجال ، وتتبُّع أحوالهم ، وتمحيصهم ، لكشف الموثوقين الذين تقبل أخبارهم ، وتمييز الضعفاء والوضاعين ، وتحديد درجة كل منهم في القبول أو الرفض ، ونحو ذلك من البحوث .
وهذا عمل يحتاج إلى جهود مضنية وتحريات واسعة ، وقد تضافرت فعلاً جهود علماء المسلمين المضنية ، للاضطلاع بهذه المهمة الكبيرة على أحسن وجه عرفه التاريخ ، فحرروا ما نقل عن الرسول صلوات الله عليه تحريراً لم يسبقوا إلى مثله ، وتفوقوا في أعمالهم من أجل تحرير الأخبار وتنقيحها وتصنيفها على كل أمة نقلت أخبارها ، واعتنت بتحريرها ، لذلك فلا نجد لدى أية أمة من الأمم ولا شعب من الشعوب ذخائر علمية منقولة بالأخبار الصحيحة الموثوقة مثلما نجد لدى علماء المسلمين ، وذلك بسبب وضوح المنهج الذي اتبعوه في التثبت من صحة الأخبار ، أو الحكم بأرجحية صدقها .
وقد تكفل علم مصطلح الحديث بتحديد هذا المنهج وتحريره وبيانه ، وتفصيل مسالكه على أحسن وجه ، كما تكفَّلت كتب تراجم الرجال ببيان أحوالهم وأوضاعهم ، ودرجة الثقة برواية كل منهم ، والعصر الذي عاش فيه ، إلى غير ذلك مما تستدعيه أصول البحث السليم .
ومما هو طريق في هذا الموضوع أن العلماء الغربيين في هذا العصر قد وجدوا أنفسهم مضطرين للاهتداء بهدي المنهج الإسلامي في تحرير الأخبار وتنقيحها ، واتباع الأصول الإسلامية المقررة فيه ، إلا أنهم لا يستطيعون استيفاء الشروط الإسلامية في بحث عدالة الرواة لدى التطبيق العملي ، لأنه ليس لديهم أي مستند يكشف لهم أحوال رجالهم الغابرين ، حتى يرجعوا إليه في تمحيص صادق الأخبار من كاذبها ، وصادقي الرجال من كاذبيهم .
والمنهج الإسلامي لا يكتفي في كل الموضوعات بالوحدة الإخبارية الواحدة المقبولة للحكم برجحان صدق الخبر والعمل بموجبه ، ولكن القضية في منهج الإسلام تتبع الموضوع الذي يتناوله الخبر ، فما كل خبر يترجح صدقه يصلح لأن يعتمد عليه وحده في كل موضوع من موضوعات العلم أو موضوعات الحياة ، بل لا بد من نسب في الأرجحية تتفاوت بحسب أهمية الموضوعات ، وبحسب النتائج التي تترتب على قبول الأخبار فيها .
فما يقبل في رواية خبر تاريخي عادي لا يقبل في إثبات حق أو إدانة بجريمة ، وما يقبل في إثبات حق مالي لا يقبل في الاتهام بالزنى ، وما يقبل في رواية حديث نبوي وتصحيحه لا يقبل في إثبات آية قرآنية .
فالموضوعات تختلف فيما بينها ، وتتفاوت في نسبة ما تحتاجه من قوة الترجيح التي يقدمها المستند الخبري .
إن بعض الموضوعات تحتاج إلى قوة في المستند الخبري ترتقي إلى مرتبة اليقين الذي لا يقبل احتمال الخطأ ، وبعضها يكفي فيه دون ذلك .
1- فالنقل المباشر عن الوحي شرطه النبوة المستجمعة لصفتي العصمة والتأييد بالمعجزة .
2- والمستند الإخباري الذي ينقل لنا نص آية قرآنية ، أو يثبت لنا عقيدة من عقائد الدين ، أو أصلاً من أصوله الأولى مما يكفر جاحده يشترط فيه التواتر ، أي يشترط فيه القطعية التي لا تتعرض لاحتمال الخطأ أو الكذب .
فإذا لم ينقل النص القرآني بمستند إخباري قطعي لم يثبت قرآناً ، وإذا لم تنقل عقائد الدين وأصوله بمستند إخباري قطعي لم يكفر جاحدها ، ما لم يكن لها دليل قاطع آخر .
3- وإثبات الاتهام بالزنى يحتاج في أدنى الحدود إلى قوة ترجيح في المستند الإخباري تتألف من أربع وحدات إخبارية صحيحة .
4- وإثبات الحقوق بين الناس يحتاج إلى قوة ترجيح في المستند الإخباري تتألف من وحدتين إخباريتين صحيحتين .
5- والأخبار العادية التي تتضمن أخباراً علمية أو تاريخية أو تتضمن رواية لحديث نبوي تحتاج إلى قوة ترجيح في المستند الإخباري قوامها وحدة إخبارية صحيحة .
6- والأخبار التي تتضمن مصلحة الشخص الذي يرد إليه الخبر في أمر من أموره الخاصة في حياته ، دون أن تتضمن هضماً لحق آخر ، أو اتهاماً له ، أو إساءة لأحد ، أو مخالفة لأمر من أمور الدين ،يكفي فيها انفتاح النفس لقبول صحة الخبر ، والاقتناع به ، دون النظر في حالة المخبر وصفته ، لأن موضوعه لا يتطلب أكثر من اتخاذ الاحتياطات والأسباب اللازمة لدفع الخطر أو القرار منه ، أو اقتناص المنفعة المرتقبة .
فهل يجد الناقد (د. العظم) أو غيره من أعداء الإسلام في هذا المنهج الذي أبدع فيه الفكر الإسلامي أيما إبداع ثغرة يعلق عليها بانتقاد؟ علماً بأننا لم نرسم في بياننا هذا غير الخطوط العريضة له .
منهج الإسلام عند اختلاف وسائل المعرفة في النتائج
سبق في الفصل الثاني (الحقيقة بين الدين والعلم) ، بيان منهج الإسلام عندما تختلف وسائل المعرفة في النتائج التي يتوصل كل منها إليها ، حول موضوع واحد ، أو حول نقطة في موضوع واحد ، فلا داعي لإعادة تفصيل هذا المنهج .
وخلاصته أن وسائل المعرفة لا تختلف في النتائج التي تتوصل إليها حول موضوع واحد أو حول نقطة في موضوع واحد اختلاف تناقض إلا وبعضها أو جميعها قد دخل إليه الخلل ، وعلى الباحثين أن يعيدوا النظر فيما توصلوا إليه من نتائج ، واليقيني منها الذي غدا مقطوعاً به نهائياً ، وغير قابل للنقض أو التعديل بحال من الأحوال هو الذي يفرض نفسه علمياً ، سواء أكان نتيجة إدراك حسي ، أو استدلال عقلي ، أو نتيجة فهم لنص ديني يقيني الثبوت يقيني الدلالة .
أما النظريات والفرضيات والاجتهادات والإدراكات الحسية ، التي لا تقدم يقيناً فهذه قد تختلف فيما بينها وقد تتناقض ، وقد يكون الواقع بخلافها جميعاً ، والأخذ بالراجح منها أمر تفرضه الضرورة الإنسانية ، ولا يكون بعضها حجة على بعض ، أو له القداسة المطلقة ،لن الحق منها هو ما طابق الواقع والحقيقة ، ومادامت نتائجها جميعاً غير يقينية فإن هذه المطابقة تظل مجهولة ، أو مشكوكاً بها ، أو في مستوى الرجحان فقط ، لا في مستوى اليقين المقطوع به .
فليس لأحد أن يأتي بنظرية قابلة للتعديل ، أو بفرضية من الفرضيات ، ويجعلها علماً مقطوعاً به ، ثم يعيب بها ما يفهم من النصوص الدينية ، ويزعم بذلك أن الإسلام يخالف العلم ، وليس لأحد أن يأتي بفهم اجتهادي في النصوص الدينية ، وهو محتمل للخطأ أو التعديل ، ثم يجعل هذا الفهم الاجتهادي أمراً مقطوعاً به في الدين ، ثم يرد به ما أثبتته الوسائل العلمية الإنسانية إثباتاً نهائياً مقطوعاً به ، أو يرد به رداً قطعياً نظريات أو فرضيات من المحتمل أن يكون الواقع مطابقاً لها ، فالفهم الاجتهادي في النص الديني أخذ بما ترجح لدى المجتهد من دلالته ، مع احتمال أن يكون الواقع بخلافه ، والنظرية العلمية فهم اجتهادي في تفسير الظواهر الكونية بما ترجح لدى الباحث من دلالاتها . ويظل العقل في كل منهما يفرض احتمال أن يكون الواقع بخلاف هذا أو بخلاف هذا ، أو بخلافهما جميعاً ، فليس أحدهما حجة على الآخر ، إلا أن تكون أدلة ترجيحه أقوى ، فيتقوى بأدلته دون أن يعطي قطعاً وجزماً بنتائجه .
وتنفرد النصوص الدينية ببياناتها عن أمور الغيب التي تعجز الوسائل الإنسانية عن إدراكها حساً أو استدلالاً .
ولدى اختلاف نتائج وسائل المعرفة حول فكرة واحدة ، أو اختلاف نتائج الباحثين في حدود وسيلة واحدة ، يجب التوقف عن الجزم والقطع ، ويقضي المنهج الأمثل بمتابعة البحث في كل الوسائل الممكنة للظفر باليقين العلمي ، ولا يمنع هذا من العمل في تطبيقات الحياة بمقتضى النتائج ، ولكل باحث أن يعمل بما ترجح لديه ، دون أن يُنحي باللائمة على من خالفه ، لاحتمال أن يكون هو المخطئ لا من خالفه فيما توصل إليه ، ما لم يظهر فساد الرأي المخالف بيقين ، أو برجحان شبيه اليقين ، وعند الظفر باليقين العلمي عن طريق أية وسيلة من وسائل المعرفة يتبين فساد كل الآراء المخالفة له ، ويحكم عليها عندئذٍ بالمحو من ديوان المعرفة ، وبالعزل عن مجالات النظر .
ولهذا أمثلة في الواقع العلمي ، لقد سبق في تاريخ المعرفة الإنسانية أن دليل الحس البصري قدم لنا صورة حسية عن شروق الشمس وغروبها ، فقرر المشاهدون المبصرون أن الشمس هي التي تتحرك وتسير في السماء من الشرق إلى الغرب ،وأن الأرض ثابتة .
ثم انفتحت للإنسان دلائل الاستدلال العقلي اعتماداً على أمارات كثيرة ، فغيرت نظرته إلى هذه الحقيقة ، وجعلته يفسر مشاهدات الحس تفسيراً آخر ، خلاصته أن الأرض هي التي تدور حول نفسها ، فتشرق الشمس على قسم منها بهذا الدوران ،وتغرب عن قسم آخر ، ويتوهم الحس البصري أن الشمس هي التي تسير هذا السير ، باعتبار اتحاد النسبة من جهة ، وعدم شعور ركاب الأرض بحركتها من جهة أخرى .
وهنا نلاحظ وجود التناقض بين النتيجة التي قدمها الحس البصري والنتيجة الأخرى التي قدمها الاستدلال العقلي ، وقام الجدل بين أنصار شهادة الحس البصري ، وأنصار شهادة الاستدلال العقلي .
وكان على الإنسان أمام هذا التناقض في النتائج أن يعيد النظر لاستبانة المخطئ من الوسيلتين للظفر باليقين العلمي ، نظراً إلى أن أمارات العقل لم تقدم في حدودها الأولى يقينا ً.
ولدى إعادة النظر تبين للإنسان وجود احتمال كون الحس البصري هو المخطئ ، وذلك حين دخل محطة انطلاق قطارات سكة الحديد ،وركب في أحدها ، وكان في جواره قطار ساكن ،ولما انطق القطار الذي هو فيه خدعه حسه البصري فحسب أن القطار المجاور له هو الذي انطلق، وكان هذا من الحس البصري شهادة مخطئة ، ثم لما انطلق القطار بعيداً تبين له أن الحقيقة بخلاف ما حسبه من قبل .
وبهذه المراجعة الأولى بدأ الإنسان يشك بشهادة حسه البصري عن الحركة ، وبدأ يترجح لديه جانب الاستدلال العقلي في هذا الموضوع ،دون أن يستطيع كثير من الباحثين تقديم يقين كامل في أول الأمر يثبت أن الأرض هي التي تدور حول نفسها ، وأن الشمس بالنسبة إلى هذه الحركة بالذات ثابتة .
وتابع البحث العملي خطواته ، وصعد الإنسان إلى الأجواء العليا ، وتحرر من سلطان خداع الحسب البصري على سطح الأرض ، وتحقق بالمشاهدة البصرية النتيجة التي قدمها الاستدلال العقلي ، وأثبت بيقين علمي أن الأرض هي التي تدور حول نفسها في كل يوم مرة ، وبذلك تفسر ظاهرة الليل والنهار ، وأنها تدور حول الشمس في كل عام شمسي ، وهو السبب في كثير من الظواهر التي تحدث في الأرض .
وهكذا لما برئت شهادة الحس البصري من علة الخطأ التي كانت واقعة فيها اتحدت النتيجة ، فكان ما أثبته الحس عين ما أثبته الاستدلال العقلي ، ووصل الإنسان إلى معرفة هذه الحقيقة إلى مرتبة اليقين .
أما النصوص الدينية في هذا المجال فلا نجد فيها نصاً ثابتاً قاطع الدلالة على ما يخالف هذه الحقيقة التي أثبتها الاستدلال العقلي ، ثم شهدها الحس لما تحرر من منطقة الخداع البصري ، بل نجد في النصوص الدينية ما يفهم من عمومها دلالات توافق ما انتهى إليه دليل العقل ثم دليل الحس ، وحين نجد بعض العلماء السابقين قد فهموا من هذه النصوص فهماً مخالفاً لهذه الحقيقة فما علينا إلا أن نصحح فهمهم ، ونعيد النظر في اجتهادهم ، لأن النصوص الدينية المبلغة عن الله بطرق ثابتة يقينية لا يمكن أن تكون دلالاتها الصحيحة مناقضة للحقيقة والواقع ، وعملية المراجعة هذه لا تمس النصوص الدينية ذاتها ، وإنما تمس المفاهيم الاجتهادية التي فهمها مجتهدون ليسوا بمعصومين عن الخطأ ، على أن كثيراً من العلماء المسلمين السابقين قد فهموا من هذه النصوص الدينية مفاهيم تتفق مع النتيجة العلمية التي انتهت إلهيا وسائل الاستدلال العقلي والإدراك الحسي .
والواقع في كل الأحوال هو الحَكَم على كل وسائل الاستدلال .
( 5 )
بعد أن أوضحت لنا الخطوط الكلية العامة للمنهج العلمي الإسلامي ، ظهر لنا تماماً زيف ادعاءات الناقد (د. العظم) إذ صور المنهج الإسلامي كما يشتهي أن يصوره للناس ، لتنفيرهم من الإسلام ، وأخذ يغالط في الأمور بناءً على ادعاءاته الكاذبة ، ثم أخذ يصدر بناء على مغالطاته وأكاذيبه أحكاماً تقريرية من عند نفسه يتهم بها الإسلام ومنهجه للوصول إلى المعرفة .
وما أعتقد أنه يجهل هذه الحقائق كلها أو بعضها عن الإسلام ومنهجه العلمي ، ولكن المبطلين كثيراً ما يعرفون الحق إلا أنهم يراوغون عنه ، ويحاولون طمس وجهه المشرق الجميل ، لأنه يخالف أهواءهم ولا يحقق لهم ما يشتهون ، وهذه هي علتهم النفسية .
أما الشاكون الباحثون عن الحقيقة بإخلاص فإنهم لا يغالطون ولا يكذبون ولا يتلاعبون بالحقائق، ومتى وصلوا إلى إدراك الحقيقة بأنفسهم ، أو عُرِّفوا بها عن طريق المناظرة ، فإنهم يستمسكون بها كما لو ظفروا بكنز عظيم ، ويسهل عليهم الاعتراف والتراجع عن آرائهم السابقة التي كانوا يتصورونها حقاً أو أموراً مرجحة ، لأن معرفة الحق هو الأمر العظيم الذي ينشدونه ويبحثون عنه بإخلاص , ولا يبحثون عن مجرد مبررات يصنعونها بأنفسهم ، لتدعيم ما تميل إليه أهواؤهم وشهواتهم ، ومصالحهم السياسية أو الحزبية ، بخلاف المبطلين في كل ذلك ، لا سيما الملاحدة ذوو الأهداف الحزبية السياسية .
لما زعم الناقد (د. العظم) أن المنهج الذي اعتمده الإسلام للوصول إل المعارف والعلوم والقناعات عن الكون وتركيبه وطبيعته ، وعن تاريخ الإنسان وأصله وحياته خلال العصور هو الرجوع فقط إلى نصوص دينية معينة تعتبر مقدسة أو منزلة ، ورتب فريته كما اشتهى ، وخالف فيما ادعاه حقيقة المنهج الإسلامي الذي وضحت لنا خطوطه الكلية العامة ، وأدخل في كلامه مغالطات مكشوفة ، أورد تعليقة التالي فقال في الصفحة (23) من كتابه:
“إن الروح العلمية بعيدة كل البعد عن هذا المنطق ، وهذه النظرة الدينية”.
إن أي ناظر في أصول المنهج الإسلامي الذي عرضنا خطوطه الكلية العامة يكتشف بنفسه افتراءات الناقد (د. العظم) وأكاذيبه ومغالطاته ،ويرى أنها مرفوضة من أساسها .
إن ما أوضحناه من منهج الإسلام في هذا المجال يقنع – بحمد الله – كل ناظر ، ويسكت بالحق كل مناظر ، ونضيف هنا شواهد من النصوص القرآنية، تدل على مبلغ الدفع الإسلامي للبحث عن حقائق الكون وحقائق الإنسان ، عن طريق النظر في الكون نفسه ، وفي الإنسان نفسه ، وهذا النظر إنما يتم بوسائل البحث الإنساني ، وهي وسائل الإدراك الحسي ، ووسائل الاستدلال العقلي .
فمن هذه الشواهد القرآنية ما يلي:
( أ ) قول الله تعالى في سورة (يونس/10 مصحف/51 نزول):
{قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ…}.
ففي هذا النص القرآني دعوة آمرة للبحث العملي في السماوات والأرض عن طريق النظر ، لا عن طريق تفسير النصوص .
(ب) وقول الله تعالى في سورة (الذرايات/51 مصحف/67 نزول):
{وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ}.
في هذا النص دعوة إلى البحث العلمي في الأرض وفي النفس الإنسانية للتعرف على آيات الله فيهما ، وهذا البحث العلمي لا بد أن يعتمد على وسائل الإدراك الحسي والاستدلال العقلي .
( ج ) وقول الله تعالى في سورة (العنكبوت/29 مصحف/85 نزول):
{أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِيءُ ٱللَّهُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ * قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىءُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
ففي هذا النص دعوة للنظر في ظاهرة التكوين عن طريق البحث العلمي ، الذي يعتمد الوسائل الحسية والوسائل العقلية ، لا على مجرد تفسير النصوص وفهم دلالاتها ، كما زعم الناقد (د. العظم) في ادعاءاته وافتراءاته ومغالطاته .
وقد اندفع المسلمون فعلاً يطبقون منهج النظر العلمي في أنفسهم وفي الكون من حولهم ، للوصول إلى معرفة حقائق الأمور ، عن الكون والإنسان والحياة ، وسر المبدأ ومفاهيم النشأة ، وهذا البحث هداهم إلى تطبيق المنهج التجريبي ، في العلوم التي تخضع موضوعاتها للملاحظة والتجربة ، الأمر الذي دفع العالم الأوروبي المشهور (جب) إلى أن يقول في كتابه “الاتجاهت الحديثة في الإسلام”[26]:
“أعتقد من المتفق عليه أن الملاحظة التفصيلية الدقيقة التي قام بها الباحثون المسلمون قد ساعدت على تقدم المعرفة العلمية مساعدة مادية ملموسة ، وأنه عن طريق هذه الملاحظات وصل المنهج التجريبي إلى أوروبا في العصور الوسطى”.
فهل بعد هذا تبقى أية قيمة لافتراءات الناقد (د. العظم) ؟
إن أي ناظر منصف يعرف هذه الحقيقة عن الإسلام لا يمكن أن يلتفت إلى افتراءاته وافتراءات أمثاله ، أو يتأثر بها ، ولا بد أن يعلم أن من الهراء الذي ليس له قيمة فكرية قوله في الصفحة (23) من كتابه:
“أما الدين فبطبيعة عقائده المحددة ثابت ساكن يعيش في الحقائق الأزلية ، وينظر إلى الوراء ليستلهم مهده”.
يقصد بهذا الكلام أن الدين لا يسمح بالبحث والاكتشاف ، وإنما يفرض على المسلمين أن يقفوا في معارفهم عند حدود النصوص الدينية وتفسيراتها ، دون أن ينظروا في الكون ويبحثوا فيه بوسائلهم الإنسانية الحسية والعقلية .
إن مثل هذا الافتراء لا يدخل إلى على الجاهلين بالإسلام ، والأغرار المضللين ، أما من قرأ شيئاً عن الإسلام مما كتبه كتاب مسلمون ، أو من المصادر الإسلامية المعتمدة فإنه يستطيع بسرعة أن يكشف زيف هذا الكلام وما فيه من أباطيل .
( 6 )
يقول الناقد (د. العظم) في الصفحة (24) من كتابه:
“هناك تشابه بين الدين والعلم في أن كليهما يحاول أن يفسر الأحداث ، وأن يحدد الأسباب .إن الدين بديل خيالي عن العلم ، ولكن تنشأ المشكلة عندما يدعي الدين لنفسه ولمعتقداته نوعاً من الصدق لا يمكن لأي بديل خيالي أن يتصف به”.
إن أي ناظر في هذا الكلام (العظمي) لا يرى فيه أي شيء من النقد العلمي ، وما زعمه دليلاً فيما كتبه حول هذا الموضوع سبق أن كشفنا زيفه .
إذا كان يريد نقداً علمياً صيحاً فما باله يعطي من عنده تقريراً يلقيه جزافاً من غير أي دليل صحيح ، ويتهم فيه الدين بأنه بديل خيالي عن العلم؟
باستطاعة أي جاهل أن يقدم تقريراً لأتباعه من العميان يقول لهم فيه : إن الشمس التي يزعمها المبصرون ليست سوى بديل خيالي عن الشعلات البترولية التي يوقدها الذين اكتشفوا البترول واستخرجوه من أعماق الأرض .
ليس هذا في الحقيقة سوى شتائم باستطاعة أي إنسان محروم من الأخلاق العلمية أن يكيلها ، فيسمي الحق باطلاً دون أن يقدم أي برهان ، ويتهم الجميل بالقبح ، ويصم العالم بالجهل ، ويجعل الفضيلة رذيلة ، وهكذا بلا ضابط فكري ولا ضابط أخلاقي ، ولسنا نريد أن تكون معركتنا مع الملاحدة معركة شتائم ، فلنقتسم معهم خطتي رشد وسفاهة ، فنأخذ نحن خطة الرشد ، ويأخذون هم خطة السفاهة . وخطة الرشد لا بد أن تنتصر في آخر الأمر على خطة السفاهة ، لأن للحق قوة وسلطاناً على العقول ، ولأن للرشد قوة وسلطاناً على القلوب . وخطة السفاهة ترغي وتزبد ولا حق يدعمها ، ولا فضيلة تزينها ، أو إلى القلوب تقرِّبها .
إنه لأمر طبيعي في الملاحدة – بعد أن جحدوا وجود الله تبارك وتعالى وهو مصدر الدين والمنزل لتعاليمه- أن يعتبروا ما جاء في الدين من أخبار صادقة أموراً خيالية ، وأن يتهموا الدين بأنه بديل خيالي عن العلم ، لكن البراهين العلمية نفسها تلزمهم بالإيمان بالله لو كانوا مخلصين حقيقة للعلم ، إنهم يهربون من الدين إلى التذرع بالعلم ، وحينما تردهم البراهين العلمية إلى الدين يراوغون ويخادعون ، فيترددون في منطقة مظلمة لا تشرق عليها أنوار الدين ولا تشرق عليها أنوار العلم ، ويعصبون أعينهم عن الحقيقة وينادون بالإنكار ، والإنكار موقف سلبي تجاه الحقيقة ، لا يكلف صاحبه أكثر من كلمة : لا أعترف ، أو أنكر ، أو أجحد ، أو هذا غير صحيح ، أو العلم لا يقبله ، أو العقل لا يقبله ، أو نحو ذلك ، وكلما جئته بدليل عقلي أو علمي قال : لا أسلم ، أو هذا دليل غير كافٍ ، أو لم يعطني قناعة كافية .
ولكن إذا لم يكلفه الإنكار غير مثل هذه الأقوال عند المناظرة فسيكلفه الكثير الكثير عند الجزاء العادل ، وسيكلفه خسارة سعادته الأبدية ، وحمل ثقل الشقاء الخالد مع العذاب الأليم ، دون أن يحقق لنفسه أي كسب في الحياة الدنيا من موقفه السلبي الإنكاري .
وإن أقول له ما قال الله في سورة (الزمر/39 مصحف/59 نزول):
{قُلْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ * لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ }.
لقد كان من الأهون عليه يوم الجزاء لو آمن وعصى ، وعرَّض نفسه لعقاب العصيان فقط ، وحَمَى نفسه من عقاب الكفر الذي لا نهاية له ، هذا إذا كان الدافع له إلى سبيل الكفر رغبته بالفجور ، والانطلاق في تلبية أهوائه وشهواته . أما إذا كان العناد والكبر هما الدافع له إلى الإلحاد والكفر فهذا شيء آخر لا دواء له إلا التنازل عن الكبر والعناد ، أو ليتحمل نتيجة كبره وعناده .
وحين قال (د. العظم): “إن الدين بديل خيالي عن العلم ، ولكن تنشأ المشكلة عندما يدَّعي الدين لنفسه ولمعتقداته نوعاً من الصدق لا يمن لأي بديل خيالي أن يتصف به”.
فقد اعترف ضمناً بأنه لا يمكن لأي بديل خيالي أن يظفر بالثقة التي يظفر بها الدين ، بما في ذلك الآراء الإلحادية التي يجهد الملحدون بزخرفتها وتزيينها ، ومد الأصبغة والطلاءات عليها .
والسر في ذلك أن الدين حق ، ولا يستطيع الباطل أن يظفر بما يظفر به الحق .
وأما كون الدين يدعي لنفسه ولمعتقداته الصدق فهذه قضية خاضعة للقياس البرهاني ، إذا كانت المعارف الديِّنة مما تستطيع الوسائل الإنسانية الحسية أو الاستدلالية أو العقلية المجردة التوصل إليها . وهنا نجد التلاقي التام بين الثابت من العلم والثابت من الدين . أما غير الثابت من هذا أو ذاك فليس صالحاً من أساسه لأن يقف موقف اليقين والمعارضة ، بل هو احتمال قد يكون راجحاً وقد يكون غير راجح .
وحينما يخبر الدين بأخبار صحيحة ثابتة يقينية عن أمور غيبية لا تستطيع الوسائل الإنسانية التوصل إليها بإثبات أو نفي ، فهي أخبار ليس من حق العلم الإنساني أن ينفيها ، ولكن لما ثبت أن الدين من عند الله ،وثبت ببرهان المعجزات صدق الرسول ، ورأينا صدق الأخبار الدينية الثابتة في كل الأمور التي استطاع العلم بوسائله الإنسانية التوصل إليها ، كان كل ذلك شهادة بأن الأخبار الأخرى عن أمور الغيب وحق وصدق ، ويجب الإيمان والتسليم بها .
ويتابع الناقد (د. العظم) بإصرار دعائي كاذب ، فيقول:
“إن محاولة طمس معالم النزاع بين الدين والعلم ليست إلا محاولة يائسة للدفاع عن الدين ، يلجأ إليها كلما اضطر الدين أن يتنازل عن موقع من مواقعه التقليدية ، أو كلما اضطر لأن ينسحب من مركز كان يشغله في السابق”.
ما هذا الكذب العظيم الذي لجأ إليه في هذا الافتراء؟! ألا أخبرنا عن قضية واحدة مما تنازل عنه الدين للعلم؟ وما هي المواقع التي تنازل عنها الدين وانسحب منها أو تراجع فيها؟
هل تراجع الإسلام عن عقيدة من عقائده .
هل تراجع الإسلام عن حقيقة ثابتة بنص يقين؟
إذا كان يريد تصحيح اجتهادات بعض المجتهدين من المسلمين فليست هذه الاجتهادات جزءاً من نصوص الدين ، حتى يعتبر الدين مسؤولاً عنها ، وحتى يعتبر تصحيحها تراجعاً في الدين . إن الخلافات في فهم النصوص الإسلامية ما زالت ولن تزال قوة حركة علمية بين علماء المسلمين .
فدعواه التراجع وتصويره له بالصورة التي راقت له قضية مفتراة لا أساس لها من الصحة ، وليأتنا بواحدة منها حتى نناقشه فيها .
إنه لن يستطيع إلا بالمغالطة والتضليل ، بيد أن التراجع مشاهد في النظريات العلمية لصالح الدين ، وسنعقد لهذا بحثاً منفصلاً.
( 7 )
بإصرار مستميت حاول النقد (د. العظم) إثبات ما ادعاه من وجود التناقض بين الدين والعلم ، رغبةً بدعم الإلحاد التي يبشر بها في الوطن العربي ، خدمة للمنظمة الإلحادية العالمية ، ومن ورائها اليهودية العالمية ذات المصالح الخاصة التي تتحقق لها متى انتشر الإلحاد في الأرض وعمَّ الفساد في الشعوب .
ولذلك فهو يصطنع أسساً وهمية لما يريد أن يثبته ، ثم يبني عليها أبنية خيالية لا وجود لها إلا في رؤوس أصحابها ، أو في رؤوس الذين ينخدعون بأقوالهم ، ويسلمون بها دون محاكمة علمية منطقية رصينة .
قال في الصفحة (27) من كتابه:
“فهل من عجب إذن أن نسمع نيتشه يعلن في القرن الماضي أن الله قد مات؟ وهل باستطاعتنا أن ننكر أن الإله الذي مات في أوروبا بدأ يحتضر في كل مكان تحت تأثير المعرفة العلمية ،والتقدم الصناعي والمناهج العقلية في تقصي المعرفة ، والاتجاهات الثورية في المجتمع والاقتصاد؟….”.
ثم قال في الصفحة (28):
“إن قولنا باحتضار الله في المجتمعات المتخلفة يشكل تمثيلاً رمزياً لحالة الثوران والفوران ، وفقدان الجذور التي تعانيها هذه المجتمعات ، في محاولاتها الوصول إلى التعايش المرحلي بين الأفكار العلمية الجديدة وتطبيقاتها العملية ،وبين تراثها الديني السحيق ، دون أن تتنازل كلياً ومرة واحدة عما في ماضيها من قيم غيبية”.
يا عجباً ، وأية علاقة للتقدم الصناعي بموضوع إثبات الله أو نفيه؟ وأية علاقة أيضاً للاتجاهات الثورية في المجتمع والاقتصاد بهذا الموضوع نفسه؟
لكنه صاحب مذهب معين أعماه التعصب لمذهبه ، فصار يحشر كل العبارات التي يرددها رفاقه في كل مكان ، ولو لم يكن لها أدنى علاقة بالموضوع ، حتى لو رأى العالم الطبيب الجراح في غرفة العمليات يجري عملية خطيرة في القلب لقال له : ما هذه العملية الرجعية ؟ إن الاتجاهات الثورية في المجتمع والاقتصاد تتطلب الرجوع قبل إجراء العملية إلى مفاهيم الحزب الثوري الذي بنى على المعرفة العملية والمناهج الثورية في تقصي المعرفة . ولو رأى الأم ترضع ولدها وتحنو عليه وكان هو لا يرغب بذلك لأطلق العبارات نفسها ، فقال لها : ما هذا التخلف؟ إن الاتجاهات الثورية في المجتمع والاقتصاد المبنية على المعرفة العلمية والمناهج الثورية في تقصي المعرفة تتناقض مع هذه العملية الرجعية السحيقة في القدم تناقضاً كليا ، فعملية إرضاع الأمهات أطفالهن تطبيق مناقض للعلم والاتجاهات الثورية ، وهي قائمة على تصور باطل للكون والحياة والإنسان ، لا سيما نظرية التطور ، والثورة الفرنسية ، والحقائق العلمية التي اشتمل عليها كتاب “أصل الأنواع” لداروين ، وكتاب “رأس المال” لكارل ماركس.
فهو كلما رأى شيئاً يخالف مذهبه الباطل أو يخالف هواه جاء بهذه العبارات نفسها فرددها دون وعي لمضمونها ، ودون ملاحظة أية مناسبة بينها وبين الموضوع الذي يستعملها فيه.
وقد ذكرني هذا بقصة الثري الغبي وبائع الببغاء ، قالوا : مرَّ ثريٌ غبي على بائع الطيور النادرة فوجده يعرض للبيع ببغاء تتكلم كل شيء ، حتى إنها تتكلم بمختلف اللغات ، فتعلقت نفس الثري الغبي بشرائها ، ولكنه أراد أن يستوثق من البائع عن صحة دعواه ، فقال له البائع الخبيث سل الببغاء فإنها تجيبك . فقال الثري لها : يا ببغاء أحقاً أنك تتكمين كل اللغات؟ فأجابته الببغاء: وهل أنت في شك من ذلك؟ فقال لها : فهل تتكلمين الفرنسية فقالت له : وهل أنت في شك من ذلك؟ فقال لها : والإنكليزية؟ فقالت له: وهل أنت في شك من ذلك؟ فانخدع بالأمر فاشتراها بثمن عظيم إذ استغل البائع الخبيث غفلته . ولما انصرف إلى بيته دعا أقرانه من الوجهاء والأعيان ليطلعهم على تحفته الجديدة ، وأخرجها إليهم وقال لهم : كلموها تجبكم بكل شيء ، فجعلوا يكلمونها فلا تجيب إلا بقولها : وهل أنت في شك من ذلك؟ عندئذٍ قال لها الثري : لقد كنتُ غبياً جداً بل حماراً إذ اشتريتك أليس كذلك؟ فقالت له: وهل أنت في شك من ذلك؟
وهذا هو الجواب الوحيد الذي صدقت به ، وما كان لها أن تصدق بغيره ، لأن بائعها لم يُعلمها غير هذه العبارة .
وكم نشاهد في الحزبين المتعصبين ببغاوات ، لا يفقهون إلا عبارات محفوظة يرددونها بمناسبة وبغير مناسبة ، حتى ولو كان أحدهم من الطلائع المثقفة التي تحمل شهادات كبيرة ، فالتعصب الحزبي المذهبي أخطر عمىً فكري تصاب به المجتمعات الإنسانية .
لذلك فلا عجب أن نجد من نحن في صدده متهافتاً في كلامه ، متخبطاً في أفكاره ، يلبس بنطاله من يديه ، ويلبس معطفه من رجليه ، ويجري التبادل المضحك بين ألبسة الرؤوس والأقدام .
ومن تمويهاته التي أراد أن يجعل منها مشكلة خاصة من مشكلات النزاع بين الدين والعلم قوله في الصفحة (29) من كتابه:
“بعد أن عالجنا بشيء من التفصيل مشكلة الثقافة العلمية والاعتقاد الديني ، على مستوى النزاع بين الدين والعلم ننتقل الآن إلى معالجة الموضوع على صعيد ما أسميناه بالمشكلة الخاصة . والسؤال الذي سيدور بحثنا حوله يتلخص بما يلي: كيف يكون موقف الإنسان الذي تعرض للثقافة العلمية ، وتأثر بها تأثراً جذرياً من المعتقدات الدينية التقليدية والمؤسسات التي تتجسد فيها؟ أيستطيع هذا الإنسان أن يستمر في الاعتقاد بآدم وحواء ، وبالجحيم والنعيم ، وبأن موسى شق البحر الأحمر وحوّل عصاه حيَّة تسعى؟ كيف يكون موقف الإنسان الذي نشأ نشأة دينية وتقبلها جملة وتفصيلاً من النظرة العلمية الطبيعية للحياة والكون والإنسان؟ من العسير أن نجد بيننا شخصاً يتمتع بشيء من الحس المرهف وبقسط ولو متواضع من الذكاء والثقافة العلمية لم يعانِ التوتر الذي تنطوي عليه هذه الأسئلة ، والقلق الذي تثيره في إحدى مراحل حياته ونموِّه”.
أكل المشكلة الخاصة التي زعم سيادة الناقد أنها تحدث القلق والتوتر هي أن يعتقد المثقف العصري بآدم وحواء ، وبالجحيم والنعيم ، أي بقانون الجزاء الرباني ، وبالمعجزات التي يجريها الله على أيدي رسله ليشهد لهم بصدقهم فيما يبلغون عنه؟
ما هو مدى تأثير هذه العقائد على أي تقدم في الصناعة أو في الفيزياء ، أو في الكيمياء أو في الطب والزراعة ، أو في الفلك والرياضيات أو في التكنولوجيا أو في أي مجال نافع من مجالات الحياة؟
هل إنكار آدم وحواء يمثل قاعدة الارتقاء في المعرفة ، فمن آمن بهما توقف ومن أنكرهما وارتقى؟
هل تنحل مشكلة القلق والتوتر إذا هو آمن بجدٍّ من القرود بدل آدم ، وبجدة قردة بدل حواء؟
هل الإيمان بالآخرة وقانون الجزاء الرباني لالتزام فعل الخير وترك الشر يعتبر معوقاً من معوقات التقدم العلمي والصناعي؟ وهل الكفر بهما يعطي شحنة دافعة للتقدم العلمي والصناعي ؟
ما هذا الكلام الهراء الذي لا يقوله ولا يقبله إلا السخفاء؟
أيها الملحدون ارفعوا عن قرون الجهل الفاضح والحماقة السخيفة الحجرية أقنعة العلمانية ، إن العلم الصحيح الثابت لا يخدم قضيتكم الباطلة ، إن العلم الصحيح بعيد عن دعوتكم ومذهبكم كبعدكم عن الله الذي تجحدونه ، وعن آياته وبياناته التي تنكرونها ، وعن أخباره التي تسخرون منها .
إن ما زعمه الناقد (د. العظم) فيما أسماه بالمشكلة الخاصة التي تحدث في نفس المثقف ثقافة علمية توتراً وقلقاً ، حينما يحاول التوفيق بين عقائده الدينية ومعارفه العلمية يشبه مشكلة المدينة التي داهمت الجيوش الغازية أسوارها ، وأهلها لا يخرجون للدفاع وصد الغزاة ؛ لأنهم يعانون توتراً فكرياً وقلقاً خطيراً حول السؤال التالي : هل وجود الدجاجة كان سابقاً لوجود البيضة؟ أم وجود البيضة كان سابقاً لوجود الدجاجة؟
الحقيقة أن الملحدين هم الذين يعانون من القلق والتوتر ، ويقعون تحت وطأة التناقض بين الحقيقة وبين ما اختاروا لأنفسهم من مذهب باطل من جهة ، وبين العناد والخوف من المصير من جهة أخرى ، وهذا يظهر في حالات العنف الذي يبدو في تصرفاتهم ، والاضطراب الشديد الذي تعاني نفوسهم منه ، لأن عقولهم الباطنة وجذور ضمائهم لا تستطيع أن تنكر الحقيقة ، بينما لا تستطيع نفوسهم المجرمة وشهواتهم العارمة أن تسلِّم بها ، فهم بذلك يقعون في حالات الصراع الداخلي العنيف ، الذي لا يحلُّه إلا العناد والإمعان في الجريمة ، وتجاهل المصير الخطير المؤلم الذي يقذفون بأنفسهم إليه ، ويبدو بعد ذلك صفرة كالحة في وجوههم ، وحقداً على الناس في معاملاته ، ووحشية عجيبة حين يظفرون .
أما المؤمنون فهم – على العكس من كل ذلك- يظلون مطمئنين في كل أحوالهم ، ولا يوجد في داخلهم تناقض بين الحقيقة وما يعتقدون ، ويشعرون دائماً بالأمن تجاه مصيرهم ، لأن الله قد ضمن لهم الجنة بإيمانهم ، وحينما يقلقون بعض القلق من المعاصي التي قد يفعلونها تأتي مفاهيم التوبة ورجاء الغفران فتمسح عن نفوسهم القلق ، وتعيد لها طمأنينتها ثقة برحمة الله وعفوه ، ومشاعرهم نحو الناس تتدفق بالمحبة والرحمة وإرادة الخير والهداية للناس كل الناس . وحينما يجدون خلافاً بين ما يقوله واضعو النظريات العلمية وما يقوله المجتهدون في فهم النصوص الدينية فإنهم يقولون : إن الحقيقة واحدة ، لا تتعدد ، والدين لا يلزمنا باعتقاد غير الحقيقة . فلا بد أن يكون الخطأ فيما سمي نظرية علمية ونسب إلى الحقيقة العلمية نسبة غير صحيحة ، أو فيما نسب إلى الدين وهو في الواقع اجتهاد خاطئ في فهم النصوص ، أما ما هو يقيني في الدين وما هو يقيني في العلم فإنه لا يوجد فيه خلاف مطلقاً ، ومعظم الأمور الطبيعية الكونية سكت عنها الدين ، لأن البحث الإنساني سيصل إليها بنفسه ، وكثير من الأمور الغيبية الكبرى لا يستطيع البحث العلمي أن يصل إليها بنفسه ، أو أن يحدد صفاتها وخصائصها ، لذلك فهو يعتمد فيها على الدين ولا يستطيع أن يحكم عليها بإثبات أو نفي .
وحينما يتجاوز العلم الإنساني حدوده ، ويحاول أن يصدر أحكاماً بإثبات أشياء أو نفيها لا تملك وسائله إثباتها أو نفيها ، فإن المؤمنين بالدين يقولون للبحث العلمي : قف ولا تتعد حدودك . لذلك فحينما يأتي باحث إنساني فيحكم على تاريخ الإنسان حكماً يغلي فيه آدم وحواء وقصتهما في نشأة هذه السلالة البشرية فإن المؤمنين بالدين يقولون له: لقد تجاوزت حدود وسائلك التي تكسبك المعارف الصحيحة ، ووقعت في التخيلات الذهنية التي ليس باستطاعتها أن تقدم حقائق علمية .
لست أدري ما هي الحقائق العلمية الثابتة القائمة على أدلة يقينية والتي تستطيع أن تلغي فكرة آدم وحواء وقصتهما الواردة في النصوص الدينية؟ أما الافتراضات والتخيلات والاحتمالات الذهنية فليس من شأنها أن تثبت حقائق علمية ، ما دام يوجد ما يناظرها ويكافئها في عالم الافتراضات والتخيلات والاحتمالات الذهنية .
الواقع أنه لا توجد حقائق علمية تنفي آدم وحواء وقصتهما ، أما الداروينية فإنها فرضية لا تمثل الحقيقة من جهة ، ولا تملك أدلة إثبات صحيحة ، ولا تستطيع أن تنقض خبراً دينياً ، أو تقوى على ما يفهم من ظاهره حتى نلجأ إلى تأويله بما يتفق مع الحقيقة العلمية ، لذلك فإن المؤمنين بالدين لا يعانون تناقضاً في هذه المسألة بين عقيدتهم الدينية ومفاهيمهم العلمي ، إنهم يقولون للعم : تابع بحثك حتى تصل إلى اليقين العلمي ، الذي لا يرتبط بتقدم في المعرفة أو في الصناعة ، أو في الاختراع والإبداع ، أو في الحضارة وسعادة الإنسان ، وليس من شأن الخلاف العلمي فيها أن يحدث قلقاً وتوتراً ، حتى يعطيه سيادة الناقد كل هذه الأهمية .
ولكن كيف يجد الملاحدة مشكلات يهزون بها واقع الصدقة المتينة بين الإسلام والعلم؟ إنهم إذا لم يجدوها في الواقع فلا بد أن يصطنعوها بالتزوير والكذب ، وبإيجاد النظريات التي ينسبونها إلى العلم ، والعلم منها بريء ، ويسخِّرون لترويجها عناصر كثيرة يشترونها بوسائلهم المختلفة .
وأما اعتقاد المؤمنين بالجحيم والنعيم فهو موضوع يتصل الإيمان باليوم الآخر ، وقد شرحنا هذا الموضوع سابقاً شرحاً كشفنا فيه زيف جحود الملحدين ، وأوضحنا فيه أن الملحدين لا يملكون أي دليل عقلي أو علمي يستطيعون أن ينفوا به الحياة الأخرى وما فيها من جزاء ، بيد أن المؤمنين هم الذين يملكون الأدلة لما يؤمنون به .
فلا نزاع بين العلم والدين ، ولكن النزاع بين الإيمان العلمي وبين الكفر الجاهل المخادع الذي يلبس أثواب العلم زوراً وبهتاناً .
وأما معجزات الرسل فقضية تتصل بقدرة الله الخالق القادر على تغيير ما يشاء من أنظمة كونه ، لإثبات قضية الإيمان لعباده وتصديق رسله فيما يبلغون عنه ، وهذه قضية لا تتعارض مع العقل ولا مع العلم الصحيح .
( 8 )
يتابع الناقد (العظم) إصراره المستميت على ادعاء وجود التناقض بين الإسلام والعلم ، فنجده يعرض أقوال بعض الباحثين المسلمين الذين يوضحون أنه لا نزاع ولا تناقض بينهما ، ثم يعلق عليها بأنها توفيقات خطابية ، أي : لا تعتمد على أدلة علمية ، بينما لا يأتي هو بأي دليل علمي أو منطقي يثبت فيه ادعاءاته الباطلة ، ويكتفي بالخطابيات والتقريرات ، والأكاذيب والمغالطات .
إنه حينما أراد التعليق على كلام جيد للدكتور الشهيد صبحي الصالح لم يجد إلا دليلاً سفسطياً أضعف من الدليل الخطابي بكثير .
يقول في الصفحة (34) من كتابه تعقيباً على ما قاله الدكتور الشيخ صبحي الصالح:
“إذا صح قول الدكتور الصالح بأن الباحث يجد في الإسلام ما يريح قلبه وأعصابه ، ويرضي فكره وفلسفته ، حول الإنسان وطبيعة الحياة وحرية الإرادة ضمن المشيئة الإلهية ، تكون المشكلة قد انحلت أصلاً وسلفاً ، ولا داعي لكل هذا الضجيج حول انسجام الإسلام مع العلم الحديث ، وكل هذا الهجوم على الإلحاد والملحدين ، وكل هذا الاهتمام والجدل والنقاش حول مشاكل الشباب المسلم ، أمام تحديات الحياة العصرية والقرن العشرين”.
لا يخفى على أي ناظر ما في هذا الكلام من سفسطة واضحة ، ومغالطة مكشوفة .
إن الضجيج يأتي من غوغائية الملحدين ، الذين يحاولون أن يقيموا الحرب بين الإسلام والعلم ، ليفتنوا الشاب المسلم عن دينهم ولا يأتي من قبل الباحثين الإسلاميين ضد العلم الصحيح ، ولئن وجد شيء من الضجيج من قبل بعض المسلمين فهو ضد النظريات المدسوسة على العلم ، وهي تخالف العقائد والمفاهيم الإسلامية ، على أن هذه النظريات لا يتحمل العلم اليقيني وزرها .
ومن هنا تأتي سفسطة (العظم) فبينما يكون البحث في دائرة التحليل للحقائق على مستوى النظرة المجردة ، البعيدة عن الحدود الضيقة لآراء الناس ، إذا به يستدل بآراء الناس المختلفة ، لإثبات ما ادعاه حول طريقين من طرق المعرفة ، ومغالطته هنا تقوم على أساس التعميم العجيب بين الدين ومفاهيم المجتهدين على اختلافهم وجماهير المتدينين من جهة ، ويجعل كل أولئك حزباً متكافلاً متضامناً ، وبين العلم اليقيني والنظريات والفرضيات المنسوبة إلى العلم بغير حق ، وجماهير الماديين والملاحدة من جهة أخرى ، ويجعل كل هذه حزباً متكافلاً متضامناً .
والنتيجة التي يريد أن يستنتجها بهذه السفسطة هي ما يلي:
إذا حصل خلاف بين جزء من الحزب الأول ، وجزء من الحزب الثاني فمعنى ذلك أن كل الحزب الأول مناقض للحزب الثاني .
فهل يقبل هذا الكلام الهراء من لديه مُسكة من عقل سوي؟
إنه رفض الكلام الذي سماه كلاماً خطابياً وقدَّم في استدلاله هذه المغالطة المكشوفة ، والسفسطة السخيفة .
مع أن حقائق العلم هي التي تقارن بها حقائق الإسلام ، ولا تقارن حقائق الإسلام بالنظريات والفرضيات ومذاهب الماديين غير الثابتة ، وأهواء الملاحدة الذين يحاولون أن يتخذوا من العلم دريئة لهم ، فلا يقدم لهم غير فرضيات احتمالية لا دليل عليها . هذه ليست بعلم وإن سماها أصحابها علماً ، وحينما يوجد بينها وبين حقائق الدين تناقض فهو تناقض يشرف الدين ويرفع من قيمته ، ويجعله مزيجاً من حقائق وظنون وأوهام.
وفي مقابل كل هذا فإن حقائق الإسلام هي التي تقارن بها حقائق العلم ، ولا تقارن حقائق العلم بظنون المجتهدين ، أو بأغلاط المخرفين ، على أنها من جوهر الدين ، ولا تقارن أيضاً بأهواء أصحاب الضلالات الذين ينتسبون إلى الدين ، ويحاولون أن يتخذوا منه دريئة لهم ، ليحموا أنفسهم ومصالحهم ويبرروا ضلالاتهم .
إن قضية البحث العلمي ليست بمثل السهولة التي أراد أن يصورها (د. العظم) بها ، فيتخذ من التعميم الفاسد أحكاماً وهمية باطلة ، إن البحث العلمي يحتاج إلى تحليل عناصر الموضوع المطروح للبحث ، وبعد تحليل العناصر يحكم على كل جزء مهما صغر بالحكم الملائم له.
إن العلم لا يحمل أباطيل الملحدين ولا يُعتبر مسؤولاً عنها ، ولا يحمل ظنون المخطئين ولا يُعتبر مسؤولاً عنها . وكذلك الدين فإنه لا يحمل أباطيل المخرِّفين ، ولا يعتبر مسؤولاً عنها ، ولا يحمل أخطاء المجتهدين ولا يعتبر مسؤولاً عنها .
فحينما يقام جدل بين جبهة المتدينين وجبهة غير المتدينين فإنه لا يمثل جدلاً ونزاعاً بين الدين والعلم ، وإنما يمثل جدلاً ونزاعاً بين منتسب إلى العلم بالباطل وبين منتسب إلى الدين بغير حق ، أو بين منتسب إلى العلم بالباطل وبين الدين الحق ، أو بين منتسب إلى الدين بغير الحق وبين العلم الحق . أما الدين الحق والعلم الحق فلا نزاع بينهما ولا جدال في الحقيقة .
وباستطاعتنا أن نؤيد هذا المنهج التحليلي المفصل بالأدلة والبراهين القاطعة .
أما من يلجأ إلى التعميمات السوفسطائية بقصد التضليل والمغالطة ، فإننا نلجمه بلجام المنطق السديد ، ونقول له : عد إلى رشد المعرفة ، وإياك ومراوغة المضلين .
وباستطاعنا أن نقرر القانون التالي:
1- كل حقيقة من حقائق العلم الثابتة لا يمكن أن تناقض أية حقيقة من الحقائق الثابتة في الدين الصحيح .
2- كل حقيقة من حقائق الدين الحق لا يمكن أن تناقض أية حقيقة من الحقائق الثابتة في العلم الصحيح .
3- ما يبدو من تناقص بين ما ينسب إلى الدين وما ينسب إلى العلم ، فإنه لا يخلو إما أن ما نسب إلى العلم أمر باطل أو ما نسب إلى الدين أمر باطل أو فهم خاطئ ،أو كلٌّ مما نسب إليهما فاسد النسبة غير صحيح ، وفي هذه الأحوال يجب متابعة البحث لتصحيح الخطأ فيما نسب إلى العلم أو فيما نسب إلى الدين .
هذه هي قواعد الإيمان ، وهذه هي مناهج المؤمنين ، أما الملحد فإنه يريد أن يبحث الأمور على المستوى الذي لا تضبطه قاعة عقلية أو علمية ، مستوى المغالطات والأكاذيب والافتراءات . على هذا المستوى يسير في جدلياته ومناقشاته ، ويتصور أنه بحيله وألاعيبه يستطيع أن يخدع الطلائع المثقفة من أبناء المسلمين ، هذا هو وضعه في كل مناقشاته وجدلياته وتقريراته ، في الوقت الذي يطالب فيه الباحثين من المسلمين بالتزام قواعد (ديكارت) في منهج البحث السليم!!
أين التزام قواعد ديكارت في جدلياته ومناقشاته؟! بل في أي مقطع من كلامه نجد هذا الالتزام ؟!
إنها لمفارقة عجيبة ، بل إنها لوقاحة عجيبة!! وهذه الوقاحة سمة كل المبطلين المصرين على باطلهم ولو عرفوا أنه باطل .
يقول في الصفحة (35) وما بعدها ما يلي:
“واضح أن كلام المُوفِّقِين الخطابيين يبقى دوماً (عن سابق إصرار) على مستوى التعميمات الفضفاضة التي لا تزعج أحداً ولا تحرج مواقف إنسان ، إذ هل يعقل أن يكون أحد ضد (الحق) و(العلم) و(المعرفة)؟. إنه منطق المجاملات وجبر الخواطر الذي يرضي جميع الأطراف ولا يزعج أحداً ، لذلك يبتعد هؤلاء الموفِّقُون عن بحث أية مشكلة ذات طابع محدد قد تضطرهم إلى الخروج من مجال المفاخرة بمزايا الدين الإسلامي وحسناته العملية للدخول في مجال التحليل الدقيق للمشكلة المطروحة .
“في الواقع يفتقر كلامهم حتى لأكثر أدوات التحليل الفكري بدائية ، كما يفتقر إلى أبسط القواعد المنهجية في التمحيص والتفكير العلمي ، حتى قواعد (ديكارت) في منهج البحث السليم التي وضعها في القرن السابع عشر وأصبحت أموراً بدائية وفجة جداً في عصرنا لا نجد لها أي أثر في أبحاث الموفقين الخطابيين . من قواعد (ديكارت) الأساسية : طرح المشكلة المراد حلها بالتحديد ، ومن ثم تقسيمها بصورة منتظمة إلى عدد من القضايا الجزئية التي تتكون منها ، ومن ثم معالجة الأجزاء الأبسط استعداداً للانتقال إلى المسألة الأكثر تعقيداً وتركيباً ، إلى آخر القصة الديكارتية المعروفة حتى في المدارس الثانوية”.
هذا كلام الناقد (د. العظم) عن المنهج الديكارتي ، والذي أصبح في نظره من الأمور البدائية والفجة ، وجاء بعده ما هو أدق منه وأكمل .
ولكن ما باله في جدلياته ومناقشاته لا يطبق أدنى مستويات المنهج الديكارتي الذي يعرفه؟!
هل يقبل المنهج الديكارتي هذه التعميمات التي يسلكها؟ وهذه المغالطات التي يصطنعها؟ وهذه المفتريات التي يفتريها على الحقيقة؟
إن مناقشاته لتفتقر إلى أبسط أصول الفكر الإنساني الموجودة عند الشعوب البدائية فضلاً عن الشعوب المتقدمة حضارياً، فضلاً عن معاهد العلم والدراسة ، فضلاً عن المستوى الأكاديمي ، فأين هو من تطبيق ما يعرف؟.
لكن التعصب للباطل والإصرار عليه يجعلان الإنسان يخرج حتماً عن دائرة المنهج السوي ، ويجعلانه متخبطاً في مناقشاته ، ساقطاً في مناظراته ، متهافتاً في كلامه . إن المنهج السوي لا يقدم لأقواله الباطلة أدلة إثبات ، لذلك فهو مضطر إلى أن يلجأ إلى المراوغة والحيلة والكذب ، وهذه لا تقع ضمن خريطة المناهج الفكرية السليمة ، ولا تستقيم مع أي منطق عقلي . أين التحليل؟ وأين تجزئة المشكلة إلى عدد من القضايا الجزئية التي تتكون منها؟ ما أصدق تطبيق المثل العربي عليه “رمتني بدائها وانسلت”!فما يرتكبه هو من الخروج عن منهجه المعرفة الصحيحة والمناقشة السليمة ، يقذفه على أنصار الحق الذين يعلنون مفاهيمهم على الجماهير ، بالأساليب التي تفهمها هذه الجماهير ، إذ ليس باستطاعة الجماهير أن تشارك في مناقشة القضايا الجزئية مناقشة البحث العلمي ، وإنما تُطلب من الباحثين تقديم نتائج بحوثهم .
لكن العجب كل العجب أن يأتي الناقد (د. العظم) ومن هو على شاكلته فيتصدى للجدل النقدي ، ثم لا يجادل إلا من مواقع الانحراف الخطير عن المنهج الذي يدعو خصومه لالتزامه ، ينهي خصومه عن مستوى التعميمات الخطابية ، ويستخدم تعميمات المغالطة!!! يطالب بالتحليل الدقيق للمشكلة وبتقسيمها إلى عدد من القضايا الجزئية التي تتكون منها ، ثم يأتي هو إلى قضايا متعددة في أصلها ، فيضمها في قضية واحدة ويصدر عليها حكماً واحداً . يطالب بالتزام قواعد ديكارت التي أصبحت في نطره أموراً بدائية وفجة جداً في عرنا ، ثم يرمي في مناقشاته بكل قواعد ديكارت وبكل القواعد المنطقية رمي النواة ، فلا يلتزم شيئاً ، ولا يأخذ بأي واجب من واجباتها ، ويتظاهر مع كل ذلك بالغيرة على الحقيقة والأمانة العلمية ، أهذه هي الأمانة العلمية لديه؟ أفلا يكون منسجماً مع نفسه ومع قواعد البحث العلمي السليم ، قبل أن يدعو خصومه لالتزام قواعد البحث العلمي السليم ، على أنهم في أغلب أحوالهم ملتزمون ، وحينما يبصرون بالخطأ يتراجعون .
أيها الملحدون لا تلبسوا أثواب العلم فإن العلم الصحيح لن ينصر إلحادكم وكفركم بخالقكم وإنكاركم لليوم الآخر ، وإنكاركم لنشأتكم الأولى ، وجحودكم لمصدر وجودكم ، واستهانتكم بمسؤولياتكم في حياتكم الدنيا ، إن العلم الحق نصير لقضية الإيمان لا لقضية الكفر ، وأما الفرضيات التي تعتمدون عليها فأبعدوها عن مستوى الحقائق العلمية ، ولا تحشروها فيها كذباً وزوراً وبهتاناً ، إن العلم الحق سيطردها من قصره مهما حاولتم إدخالها فيه .
أيها الملحدون لا تصطنعوا الضجيج للإيهام بوجود النزاع بين الإسلام والعلم فالواقع الحق لا يؤيدكم .
( 9 )
يقول الناقد (د. العظم) في الصفحة (36) من كتابه ما يلي:
“يشدِّد القائلون بالتوافق التام بين الإسلام والعلم على أن الإسلام دين خال من الخرافات والأساطير ؛ باعتبار أنه هو والعلم واحد في النهاية . لنمحص هذا الادعاء التوفيقي بشيء من الدقة بإحالته إلى مسألة محددة تماماً . جاء في القرآن مثلاً: أن الله خلق آدم منطين ، ثم أمر الملائكة بالسجود له فسجدوا إلا إبليس ؛ مما دعا الله إلى طرده من الجنة . هل تشكله هذه القصة أسطورة أم لا؟ نريد جواباً محدداً وحاسماً من الموفقين وليس خطابة . هل يفترض في المسلم أن يعتقد في النصف الثاني من القرن العشرين بأن مثل هذه الحادثة وقعت فعلاً في تاريخ الكون؟ إن كانت هذه القصة القرآنية صادقة صدقاً تماماً وتنطبق على واقع الكون وتاريخه فلا بد من القول : إنها تتناقض تناقضاً صريحاً مع كل معارفنا العلمية ، ولا مهرب عندئذٍ من الاستنتاج بأن العلم الحديث على ضلال في هذه القضية ، وإن لم تنطبق القصة القرآنية على الواقع فماذا تكون إذن (في نظر الموفقين) إن لم تكن أسطورة جميلة؟”.
يا عجباً كل العجب ، وهل كل معارفه العلمية منحصرة في الفرضية الداروينية ، المناقضة للحقيقة الدينية التي قص الله علينا قصتها وفق علمه ، حتى يقول : لا بد من القول : بأنها تتناقض تناقضاً صريحاً مع كل معارفنا العلمية؟
لكننا نقول له : إن الحق ما قصهُ الله علينا في كتابه ، ولو تناقض مع الفرضية الداروينية ، وليس هذا تناقضاً بين الدين والعلم وإنما هو تناقض بين الحق الديني وبين ما نسب إلى العلم ، وهذا لا يؤثر في جوهر الموضوع .
فالداروينية ليست حقيقة علمية بشهادة العلماء أنفسهم ، لأنها لا تملك أدلة إثبات يقينية فيما يتعلق بتاريخ الإنسان ونشأته الأولى ، ولأن العلم لا يملك أدلة تنفي وجود الجن والملائكة .
وباستطاعتنا أن نعكس السؤال عليه فنقول له : هل باستطاعة العلم المادي الحديث أن يقدم لنا أدلة يقينية قاطعة تثبت ما يدعيه حول نشأة الإنسان الأولى وتاريخه؟ إن ما يقولونه هو مجرد احتمال افتراضي لو لم يقولوا به لما وجدوا أمامهم إلا ما يقرره الدين من قضية الخلق الرباني ، وهذا ما يتهرب الماديون الملحدون منه من غير دليل . حتى كتب (سير آرثر كيث) يقول:
“إن نظرية النشوء والارتقاء غير ثابتة علمياً ، ولا سبيل إلى إثباتها بالبرهان ، ونحن لا نؤمن بها إلا لأن الخيار الوحيد بعد ذلك هو الإيمان بالخلق الخاص المباشر ، وهذا ما لا يمكن حتى التفكير فيه”[27].
لماذا لا يمكن قبوله من وجهة نظره ولا التفكير فيه؟
لأنه اتخذ لنفسه الإلحاد مذهباً ، فهو لا يريد أن ينقض مذهبه ، تعصباً له وإنكاراً للحقيقة الإلهية . وهكذا سائر الملحدين .
إذا حققنا في الأمر وجدنا أن الخرافة والأسطورة تتمثل في بعض المواقف من النظرية الداروينية ، وهي المواقف التي تتناقض مع صريح ما جاء في القرآن عن خلق آدم ، لأن الفرضية الداروينية في هذه المواقف لا تملك أي دليل غير مجرد الاحتمال الافتراضي ، وهذا لا يقدم أية حقيقة علمية .
فادعاؤه التناقض بين الدين والحقائق العلمية في هذه القضية الخاصة ادعاء مخالف لكل القواعد المنطقية والأسس العلمية ، ألا فليراجع مفاهيمه مراجعة منطقية قبل أن يتصدى لعمليات نقد كبرى .
ثم قال بعد أن عرض هذه المسألة المحددة كما زعم:
“هل يفترض في المسلم في هذا العصر أن يعتقد بوجود كائنات مثل الجن والملائكة وإبليس ، وهاروت وماروت ، ويأجوج ومأجوج ، وجوداً حقيقياً غير مرئي باعتبارها مذكورة كلها في القرآن ، أم يحق له أن يعتبرها كائنات أسطورية ، مثلها مثل آلهة اليونانية وعروس البحر والغول والعنقاء؟ يا حبذا لو عالج الموفقون بين الإسلام والعلم مثل هذه القضايا المحددة وأعطونا رأيهم فيها بصراحة ووضوح بدلاً من الخطابة حول الانسجام الكامل بين العلم والإسلام”.
يا سبحان الله!! يبدو أن الناقد (د. العظم) عالي الثقافة؟! فهولا يفقه معظم هذه الأسماء التي يغري أبناء المسلمين بأن يجحدوها ، عن طريق تساؤلاته الاستنكارية ، والظاهر أنه أخذها عن مكتوبات الماركسيين غير المسلمين ، ونقلها نقلاً ببغاوياً بالترجمة الحرفية ، دون أن يرجع إلى المصادر الإسلامية ويعرف دلالاتها منها ، ففي إيراده لهاروت وماروت ويأجوج ومأجوج على أنها كائنات غير مرئية كالجن والملائكة وإبليس جهل فاضح جداً ، فمن هذا الذي قال : إن هاروت وماروت ويأجوج ومأجوج مخلوقات غير مرئية كالجن والملائكة؟
إن التخبط الفكري عند الملاحدة الذين يتصدون لمعارضة الحقائق الإلهية يجعلهم يرتكسون ارتكاساً فكرياً شائناً جداً ، ومن شأن الباطل أن يتخلى عن أنصاره ، ويسبب لهم الهزيمة الفكرية الفاضحة ، والحق لابد أن يعلو عليهم ويجعلهم هم وباطلهم زاهقين .
نحن نعلم أن يأجوج ومأجوج[28] من القبائل البشرية الجاهلة المفسدة في الأرض ، وهم من سكان الشرق الأقصى وراء سد الصين . وكان سكان غرب الصين قد اشتكوا أمر إغارة قبائل يأجوج ومأجوج عليهم لذي القرنين ، الفاتح المؤمن العادل ، وطلبوا منه أن يقيم بينهم وبين قبائل يأجوج ومأجوج المفسدة في الأرض سداً عظيماً ، يحجز عن سكان غرب الصين غارات سكان شرقها ، مقابل خَرج يدفعونه له ، فوافق ذو القرنين على ذلك ، وطلب منهم أن يعينوه على ذلك بقوة رجالهم الكثيرين ، وبالمواد الموجودة في بلادهم ، وفعلاً أقام ذو القرنين لذلك السد العظيم , وحجز قبائل يأجوج ومأجوج ، وتعذر عليهم الظهور عليه واستئناف غارات الإفساد التي كانوا يغيرونها .
فما علاقة هذه القبائل البشرية التاريخية بالغيبيات وبالكائنات غير المرئية؟.
لو أنه قرأ سورة (الكهف) أو سمعها من المذياع ، أو لم يرد التضليل الديماغوجي لما سقط في هذه الفضيحة التي تعبر عن جهل كبير ، في موضوع يتصدى لنقده ومهاجمته ، بغية التبشير بمذهبه الإلحادي الكافر بكل القيم .
أو لعله استغرب اسمي يأجوج ومأجوج فاعتبرهما كائنات غير مرئية كالجن والملائكة؟ إذا كان الأمر كذلك فالأسماء الغريبة عليه كثيرة في عالم الناس ، وفي عالم العلم ، فليجعلها كلها أسماء لكائنات غيبية غير مرئية كالجن والملائكة .
ولكن هكذا يخبط خبط عشواء ، ويخلط خلط عمياء ، دون الرجوع إلى مصادر الدين الإسلامي ومعرفة المراد منها؟
أهذه هي القواعد المنهجية في التمحيص والتفكير العلمي التي يطالب المؤمنين بها؟
إذا كانت هذه هي قواعده فهيهات أن يصل إلى أية حقيقة من الحقائق ، وعليه أن يرتطم دائماً في حفر الجهالة والضلالة ، وما دام هذا مستواه فلا بد أن يسقط في حبائل المؤسسات الإلحادية في العالم ، وهي المؤسسات التي ترعاها وتديرها من وراء الأستار اليهودية العالمية ، لغاية في نفوس اليهود يريدون تحقيقها في شعوب الأرض .
ونظير سقوطه في مسألة يأجوج ومأجوج في حفر الجهل الفاضح سقوطه أيضاً في مسألة هاروت وماروت.
إن هاروت وماروت اسمان لشخصين وجدا قديماً في بابل ، وكانا على صورة آدمين يخاطبان الناس ، ويعلمانهم السحر الذي علمهما الله إياه ، ويأمران الناس بأن لا يكفروا بالله عن طريق تعلمهم السحر ، وعنهما توارث الناس علم السحر ، وقد أخبرنا الله في القرآن أنهما في حقيقة حالهما ملكان ظهرا على صورة آدميين ، على أن في كونهما ملكين وفي تعليمهما الناس السحر خلافاً عن المفسرين ، ومهما يكن من أمر فليسا كما زعم (العظم) نقلاً عن كتب الماركسيين أنهما من الكائنات غير المرئية ، بل كانا شخصيتين مرئيتين ،وكانت لهما قصة مشهورة في تاريخ الناس ، وتوارث الناس عنهما أو عن غيرهما علماً ما زالت له رواسب معروفة عند بعض المخصصين بعلم السحر ، وإذا كان يجهل ذلك فليسأل سحرة اليهود فإنهم يخبرونهم .
وقد تعرض القرآن لقصتهما في معرض الكلام على بني إسرائيل في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول): فقال تعالى :
{وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ}
وهكذا ظهر لنا جهل (د. العظم) الفاضح في المسألة الثانية التي يردد ألفاظها ، وهو لا يعلم مضمونها ، ثم يتصدى لنقدها وفق تصور خيالي لديه .
أما تساؤلها عن الملائكة والجن وإبليس فهذه فعلاً كائنات غير مرئية بالنسبة إلى مستواك إدراك الناس ، والملحد بالله وبالدين وبالأخبار الواردة في الدين الحق ينكر هذه الكائنات لأن العلم الحديث لا يملك حتى الآن أدلة إثبات لها .
ولكن هل استقصى العلم المادي الحديث كل ما في الوجود من كائنات وأسرار ، حتى يدعي نفي وجود ما لم يشاهده بوسائله؟
لو كان الأمر كذلك لكان على العلماء الباحثين أن يتوقفوا عن متابعة البحث ، الذي يضنون أنفسهم فيه لاكتشاف مجاهيل من الطاقات والكائنات الكونية التي يدركون أنهم ما يزالون يجهلونها ، لكنَّ هذا لا يدعيه عالم يقدر العلم ويحترم نفسه .
إن العلوم الحديثة لا تملك حتى الآن أي دليل تستطيع أن تنفي به وجود الجن أو الملائكة ، بيد أن كثيراً من التجارب الإنسانية تثبت وجود كائنات خفية روحية غير مدركة بالحس ، وغير مدركة بالأجهزة العلمية ، على أن إنكار المنكرين لها لا يؤثر على وجودها شيئاً ، كما أن إنكار المنكرين لعالم الجراثيم والميكروبات المرئية وغير المرئية لا يؤثر على وجودها في العالم شيئاً .
إن دليل المؤمنين على وجود الملائكة ، ووجود الجن مؤمنيهم وكافريهم وشياطينهم ومردته أخبار صادقة جاءت عن الله ، بطريق الوحي ، وبلَّغها الرسل الصادقون المؤيدون بالمعجزات ، كما شاهدوهم واتصلوا بهم بتجاربهم الخاصة ، فالمؤمنون بهم إنما يؤمنون تصديقاً لخبر الله الصادق ، ولأخبار الرسل الصادقين ، والقضية من أساسها تقع في دائرة الممكنات العقلية لا المستحيلات ، فالعمدة فيها الخبر الصادق ، على أن للناس تجارب كثيرة من هذا القبيل ، ولكن هذه التجارب ليست هي عمدة المؤمنين ، لأنها لم تصل إلى مستوى البرهان العلمي .
( 10 )
يقول الناقد (د. العظم) في الصفحة (39) والتي تليها من كتابه:
“من الآيات القرآنية التي يحب الموفقون ترديدها في معرض كلامهم عن انسجام الإسلام والعلم الحديث : الوصف القرآني التالي لأصل الإنسان وتكوينه : {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة * فخلقنا العلقة مضغة * فخلقنا المضغة عظاماً * فكسونا العظام لحماً * ثم أنشأناه خلقاً آخر * فتبارك الله أحسن الخالقين}”.
[سورة المؤمنون: الآيات 12 -14]
ثم قال تعليقاً على هذا النص القرآني ما يلي:
“من الجلي أن عملية نمو الخلية البشرية بالنسبة إلى هذا الوصف القرآني تعتمد على التدخل المباشر والمستمر من قبل الله لنقلها من طور آخر ، أي إن نقلها من نطفة إلى علقة يحتاج إلى عملية خلق جديدة ، كما أن نقلها من طور العلقة إلى طور المضغة يحتاج كذلك إلى عملية خلق أخرى …إلخ .
وخلاصة القول هو أن نمو الخلية البشرية يشكل معجزة إلهية لا تعليل لها سوى قدرته المطلقة على الخلق ، وتدخله المباشر في سير أمور الكون . هل يتفق هذا الوصف والتعليل مع معارفنا العلمية عن الموضوع ، ومع ما يبينه لنا علم الأجنَّة حول تطور الخلية البشرية في مراحلها الأولى ؟ الجواب حتماً بالنفي ، لأن علم الأجنة لا يدع مجالاً للشك في أن الخلية تنمو بالتطور العضوي من طور إلى آخر ، وفقاً لقوانين طبيعية معينة ، بحيث تنمو المرحلة المتأخرة من صلب المرحلة السابقة عليها ، وعلى أساس معيطاتها الأولية ، كل ذلك بصورة تسمح لنا بالتنبؤ بتطور الخلية ، وبالمراحل المستقبلة التي ستمر بها ، وتمكننا من التحكم بنموها ، بحيث نستطيع تأخيره أو إسراعه أو تشويهه (إن شئنا ذلك) بتعريضها لمواد كيماوية معينة ، أو لأنواع محددة من الأشعة ، وكم كنت أود لو لم يكتفِ الموفقون الدينيون العمليون بمجرد الاستشهاد بالوصف القرآني لنمو الخلية ، وتعدوا ذلك لإيضاح رأيهم في كيفية انسجام هذا الوصف ، مع معارفنا العلمية الثابتة عن هذه الظاهرة الطبيعية”.
يبدو أن سيادة الناقد ومعه سائر الملحدين الماديين محرومون من منطق التطور العلمي الذي يمكن أن يهدم جميع قواعد إلحادهم ، ومحرومون أيضاً من المنطق العقلاني المتجرد الباحث عن الحقيقة .
فحينما يكتشف العلماء ارتباط الظواهر الطبيعية بأسبابها الطبيعية التي تحتاج هي أيضاً إلى تفسير ، فهل يعني هذا إلغاء حقيقة الخلق الرباني الكامن وراء الأسباب الطبيعية؟ وحينما يقرر القرآن أن لله تبارك وتعالى هو الذي يخلق الأحداث الكونية ، فهل معنى ذلك أن عملية الخلق تأتي بشكل مباشر ، دون توسط قوانين وعلل وأسباب أوجدها الله في نظام الطبيعة ، واختار أن يكون أسلوبه في عملية الخلق كذلك . إن من يرفع الشيء بيده مباشرة يقال عنه : قد رفعه ، ومن يرفعه بوساطة حبل يقال : قد رفعه ، ومن يرفعه بوساطة سبب غير مرئي كقوة كهربائية أو مغناطيسية يقال : قد رفعه ، والخلق يكون بشكل مباشر ، ويكون عن طريق القوانين والأسباب والعلل غير الفاعلة بذاتها .
فكلام (العظم) القائم على تصور أن النص القرآني لا يعترف بنظام الأسباب والعلل والقونين الطبيعية كلام فاسد من الوجهة العقلية البحتة ، لأن الخلق لا يقتضي دائماً أن يكون عملية مباشرة ، دون أن توجد أسباب اختارها الخالق ليتم عن طريقها أسلوبه في الخلق .
فليكتشف الباحثون ما شاءوا أن يكتشفوه من قوانين وعلل طبيعية وأسباب ، فإن هذه كلها لا تملك الفعل الذاتي ، وهي بحد ذاتها تحتاج إلى تفسير ، والخالق العظيم القادر العليم الحكيم هو القوة الحقيقية الكامنة وراء جميع الأحداث الطبيعية ، وإن أراد الملاحدة الماديون الوقوف عند الأسباب ، وإقفال عيونهم عما وراء الأسباب التي اكتشفوها ، وإن أرادوا جحود الخالق العظيم .
وبهذا يظهر لنا ما في كلامه من مغالطة وتضليل وتفسير غير صحيح للنص القرآني ، وهذا من وجهة نظر المنطق العقلاني المجرد .
ثم نقول من ناحية أخرى : لقد توصل العلم الحديث إلى أن القوانين العلمية لا تملك التفسير الكامل للأحداث الكونية ، وإنما تكشف عن حلقة من الحلقات السببية لا غير ، وهي بحد ذاتها بحاجة إلى تفسير .
يقول العلامة الفلكي الرياضي البريطاني السير (جيمس جينز) كلاماً يعلن فيه هذه الحقيقة ، وهذه مقتطفات من أقواله:
“إن الكون كون فكري . الكون لا يقبل التفسير المادي في ضوء علم الطبيعة الجديدة ، وسببه – في نظري – أن التفسير المادي قد أصبح الآن فكرة ذهنية .
من الصحيح أن نهر العلم قد تحول إلى مجرى جديد في الأعوام الأخيرة …
لقد كنا نظن قبل ثلاثين سنة – ونحن ننظر إلى الكون – أننا أمام حقيقة من النوع الميكانيكي .
إن العلم الجديد يفرض علينا أن نعيد النظر في أفكارنا عن العالم ، تلك التي كنا أقمناها على عجل . لقد اكتشفنا أن الكون يشهد بوجود قوة منظمة”.
ألا فليعد (العظم) دراسته ، وليراجع أفكاره وفق ما تطور إليه العلم الحديث ، وحسبه تجديفاً في المستنقعات النتنة القذرة .
أما قوله : “إن نمو الخلية يخضع لقوانين تمكننا من التحكم بنموها ، بتأخيره أو إسراعه أو تشويهه” فهو لا يتعارض بحال من الأحوال مع العقيدة الإيمانية ، لأننا جميعاً في حياتنا على وجه الأرض لا في عالم الأجنة نخضع لقوانين ربانية تمكننا من التحكم بعض الشيء بنمو أجسادنا أو تشويهها أو إتلافها ، نظير تحكمنا بالأجنة ، والإنسان القديم يعلم هذا كل العلم ، ولا يجد فيه معارضة لنظام الخلق الرباني ولا لقاعدته العامة . فالمؤمن يعلم أن لكل ظاهرة سبباً يخضع لسنَّة الله في كونه ، ويعلم أن الخلاق الحقيقي من وراء الأسباب هو الله تعالى ، إن القضية في نظره تشبه عملية إدارة زر الكهرباء التي يضيء المصباحُ بسببها ، ولكن السبب الحقيقي في الإضاءة هي القوة الكهرباء التي يضيء المصباحُ بسببها ، ولكن السبب الحقيقي في الإضاءة هي القوة الكهربائية السارية ، ومن ورائها المولد الكهربائي ، ومن ورائه صانع هذا المولد ومديره ، ولو شاء لقطع التيار الكهربائي من عنده فلم يكن لإدارة الزر الكهربائي الفرعي أي أثر ، ولانعدمت بذلك كل الظواهر ، ولم يكن للأسباب الوسيطة أية قيمة .
هذا هو منطق المؤمنين ، وذلك هو سخف الملحدين .
( 11 )
من العجيب أن نجد الناقد (د. العظم) ينكر على الباحثين الإسلاميين دعوتهم المسلمين إلى الأخذ بأسباب العلم في كل مجال من مجالات المعرفة ، ويرى أن الإسلام يدعو فقط إلى تعلم علوم الدين ،أما العلوم الأخرى فإنه لا يهتم بها ولا يشجع عليها ، ويرى أن الذين يقولون: إن الإسلام يحث على تعلم كل العلوم النافعة موفقون خطابيون ، يحاولون أن يثبتوا الانسجام بين الإسلام والعلم بوسائلهم الخطابية ، دون براهين صحيحة ، ثم يزعم أن كل النصوص الإسلامية التي دعت إلى العلم والعقل والتفكر موجهة فقط إلى العلوم الدينية والشرعية وما يتعلق بها ويتفرع عنها ، لا إلى الفيزياء والكيمياء وغيرهما من العلوم الطبيعية.
يقول في الصفحة (40) والتي بعدها من كتابه:
“من الأقوال التي يرددها الموفقون الخطابيون لإثبات دعواهم الحديث النبوي القائل : “اطلب العلم ولو في الصين” والآيات القرآنية العديدة التي تحث الإنسان على التعقل والتأمل في الأشياء وطلب العلم والمعرفة ، إلى آخره مما هو معروف ، كل ذلك ليبينوا مدى اهتمام الإسلام بالعلم والعقل منذ القدم .بطبيعة الحال يعطي هؤلاء المفكرون معنى مطلقاً لهذه العبارات الإسلامية ، وكأنها لا تنتمي إلى أي زمان ومكان ، منفصلة عن الظروف التاريخية التي قيلت فيها ، والمناسبات التي حددت معناها ومغزاها وقتئذٍ . من ضمن هذا الاعتبار يتضح لنا أن العلم الذي حث على طلبه الإسلام هو في جوهره العلوم الدينية والشرعية وما يتعلق بها ويتفرع عنها ، وليس الفيزياء والكيمياء مثلاً (راجع كتاب العلم في الجزء الأول من “إحياء علوم الدين”)، والعقل الذي طلب الإسلام من الإنسان استخدامه كان الغرض منه التوصل إلى معرفة الله من تأمل صنعته وخلقته ، كما فعل حي بن يقظان في قصة ابن طفيل ، وليس الغرض منه صياغة نظرية المادية الجدلية ، أو نظرية دوركهايم في الطقوس والعبادات الدينية ، أو نظرية الكون المحدب”.
لست أدري أي شيء يزعجه إذا كان الإسلام فعلاً يحث على تعلم كل العلوم الدينية والطبيعية والعقلية؟
لكن يبدو أن هذه الحقيقة تؤثر جذرياً على دعوة الإلحاد التي تحاول أن تتخذ من العلم دريئة لها ، وتحاول أن تقنع الأجيال بأن الدين والحقائق العلمية على طرفي نقيض ، لتصرفهم عن الدين وتضمهم إلى جيوش الملحدين ،يضاف إلى ذلك أن الملحدين يخشون أيضاً من دخول الإسلام والمسلمين إلى معاقل العلم الصحيح ، لأن هذا الدخول يشكل خطراً حقيقياً على قضية الإلحاد من أساسها ، إذ يكشف الباحثون المسلمون عن طريق العلم الصحيح زيف المادية الإلحادية التي تتستر بالعلم ، وتزييف ما يستطيع تزييفه لدعم مذهبها الذي ليس له سند صحيح من علم صحيح ، ولا من واقع مشهود .
وفي مناقشة كلامه القائم على المغالطة التضليلية نقول:
أما كون الإسلام قد جعل أشرف العلوم ما يصلح حياة الإنسان ويقوِّم سلوكه ، ويقصره على طريق الخير مبتعداً عن طريق الشر لاغتنام أعظم قدر يستطاع اغتنامه من سعادة الحياة الدنيا ، وما يُعدُّه أحسن إعداد لسعادة الحياة الأخرى ، فهذا حق .
وأما كون الإسلام لم يحث على تعلم العلوم الطبيعية المادية ، التي من شأنها أن تحقق المنافع الحسنة للناس ، وتخدم قضايا الرفاهية والجمال والقوة والراحة واختصار الزمن وتنظيم الحياة ، فهذا باطل .
فمنذ النهضة الفقهية عند علماء المسلمين قرر الفقهاء أنه يجب على جماعة المسلمين تعلم جميع العلوم النافعة للناس ، بما في ذلك العلوم الصناعية ،فضلاً عن العلوم الضرورية كالطب والزراعة ، والعلوم المتصلة بإعداد المستطاع من القوة ، وقرروا أن هذا واجب على الكفاية ، تقع فيه المسؤولية على جماعة المسلمين عامة ، فإذا قام به البعض سقط الطلب عن الباقين ، وإذا لم يقوموا به أثموا جميعاً ، واستنبطوا حكمهم هذا من مصادر التشريع الإسلامي ، ونصوصه الرئيسية ، والإمام الغزالي من الذين قالوا بهذا وقرروه على خلاف ما أوحى به (العظم) إذ قال في غضون ما غالط به : (راجع كتاب العلم في الجزء الأول من “إحياء علوم الدين”، للإمام الغزالي).
فدعوى (العظم) باطلة في نظر فقهاء المسلمين ، والإمام الغزالي في الإحياء قد وجه إلى أشرف العلوم ، ولم يقل : إن طلب العلم الذي حثَّ عليه الإسلام منحصر في العلوم الدينية والشرعية ، والغزالي نفسه تتبع معظم العلوم المعروفة في عصره فدرسها ، وكتب في كثير منها ، وواقع حال علماء المسلمين في عصورهم الأولى يكذِّب هذه الدعوى التي طرحها ، فقد كانوا بحق طلائع النهضة العلمية الحضارية ، بشهادة أساطين علماء الحضارة الحديثة ، وما أظن (العظم) أكثر فهماً منهم لنصوص الإسلام وما يستنبط منها من أحكام دينية ومفاهيم إسلامية!!.
أما كون دراسة مختلف العلوم الطبيعية هادية لهم إلى معرفة الله وعظيم قدرته وبديع صنعته فهو يمثل النظر البعيد إلى آخر حلقة في سلسلة المعارف الطبيعية ، ولكن هذا النظر البعيد يجعلهم يتابعون حلقات السلسلة حتى غايتها ، ضمن حدود الاستطاعة الإنسانية التي تتهيأ لهم ، وليس من شأنه أن يقف بهم عند الحلقات الأولى ، لأن الإسلام يحثهم على المتابعة والنظر في كل مراحل الطريق ، وبذلك يستطيعون استخراج كل ما ينفع من حقائق علمية .
ومعلوم أن الإسلام يحرص دائماً على الربط بين العلم والإيمان ، بين العلم والغاية المثلى منه ،كما يحرص على الربط بين الدنيا والآخرة ، بين العمل وغاية الخير منه ، بين اللذة والمنعم بها وغاية الخير من ورائها ،وبذلك يظهر كمال الإنسان .
ولست الآن في صدد إيراد النصوص الدينية ، التي تثبت أن الإسلام يدفعنا بقوة إلى البحث العلمي في الكون ، للتعرف على كل حقيقة علمية ، لذلك أكتفي بعرض طائفة يسيرة منها .
( أ ) قال الله تعالى في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول):
{هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً …}.
(ب) وقال في سورة (الجاثية/45 مصحف/65 نزول):
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ لِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً منْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
( ج ) وقال في سورة (الحديد/57 مصحف/94 نزول):
{وَأَنزْلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}.
أليس في هذه النصوص دعوة إلى التعرف على خصائص الأشياء للانتفاع منها؟ وهل يمكن التعرف على خصائصها إلا بالبحث العملي ، عن طريق الملاحظة والتجربة والاستنباط وكل الوسائل التي تتيسر للإنسان؟[29]
ولكن الملحدون يريدون أن يخترعوا للإسلام صورة من عند أنفسهم ، لينفروا الناس منه ، وليشوهوا جماله وكماله وتقدميته الرائعة ، ولن يظفروا .
( 12 )
حول المعجزات
أثار الناقد (العظم) أكثر من مرة موضوع المعجزات الربانية التي أجراها الله على أيدي رسله وأثبتتها الأديان السماوية ، بوصفها حادثات تاريخية جرت في تاريخ الكون ، وباعتبارها بعض مظاهر قدرة الله المخالفة بصفة استثنائية لمظاهر قدرته في سننه وقوانينه الدائمة .
وزعم أن الحديث عن هذه المعجزات حديث لا يقبله العلم وأن العلماء الماديين لا يرتاحون من وجهة نظرهم إلى الآيات القرآنية التي تروي كيف شق موسى البحر بعصاه ، وكيف تحولت النار فجأة إلى برد وسلام على إبراهيم ، ونحو ذلك من معجزات ربانية .
الواقع أن مشكلة (العظم) في هذا ومعه سائر الملحدين الماديين مرتبطة أساساً بقاعدة الإيمان الأولى ، وبما أنهم أنكروا الحقيقة الكبرى وهي حقيقة وجود الله فلا بد أن ينكروا كل ما يستند إليها وخرق قوانين الكون وسننه لا يتم إلا بقدرة الخالق الذي وضع هذه السنن والقوانين ، وبإراداته التي تقتضيها حكمته ، لكن الفرضية التي أقام الملحدون عليها عقيدتهم هي إنكار وجود الخالق ، واعتبار هذا الكون عملاً مادياً آلياً أنتجته الصدفة التي لا تفسير لها ، ولذلك فهم يرون قصة المعجزات المخالفة لنظام الكون وقوانينه الثابتة من قبيل الأساطير ، وليست من قبيل الحقائق التاريخية الثابتة.
لأجل هذا فإن معالجتنا لهم يجب أن تبدأ من مستوى القاعدة الإيمانية الأولى ، وهي الإيمان بالله وبكمال صفاته ، وبقدرته على خلق ما يشاء ، وبقدرته على خرق السنن التي جعلها هو ثابتة في كونه ، ولو أنه شاء أن يجعلها على خلاف ذلك لجعلها ، ولكن أسلوبه في الخلق كان على هذا الوضع القائم على نظام الترابط السببي بين الأشياء ، وبين الأحداث والتغيرات فيها .
وهنا تكمن فضيلة الإيمان بالغيب القائم على الاستدلال العقلي ، والانتقال من السبب الذي لا يملك تعليلاً عقلياً ، إلى مسبب الأسباب كلها الذي تنحصر فيه كل التعليلات العقلية الصحيحة ، والمفسرة لكل الظواهر الكونية ، بعد تجاوز سلسلة الأسباب مهما كثرت حلقاتها .
وهنا أيضاً تكمن رذيلة جحود الحقيقة الغيبية الكبرى ، لأن هذا الجحود القائم على طرح الأدلة العقلية الاستدلالية والأدلة الفطرية الوجدانية ، والتشبث ببعض حلقات السلسلة السببية ، مع أنها لا تملك في الحقيقة أي دليل يصح أن تفسر به الظاهرة الكونية ، إلا أن الملاحظة كشفت عن ارتباط الظاهرة الكونية بها ، كارتباط رأس الحمار بسلسلة رسنه المعقود بذيل آخر جمل في قافلة طويلة تسير في ليل دامس ، والغبي أو الأحمق أو المعاند المكابر هو الذي يقف تفكيره عند رأس الحمار ، أو عند بعض حلقات السلسلة التي في رسنه ، أو عند ذيل البعير .
فالنقاش المنطقي حول هذه النطقة يدعونا إلى الرجوع إلى قضية الإيمان بالله ، وقد سبق أن عالجناها ببيان كاف فإليها نحيل القارئ .
على أننا نقول هنا : إن الملحدين قد جعلوا معجزة الخلق كلها ظاهرة طبيعية ، وقطعوا الصلة بينها وبين الخالق ، أفيقبلون فكرة خرق قوانين الكون وسننه بفعل الخالق لحكمة يريدها ، وقد رفضوا الاعتراف بوجود خالق أصلاً؟
ونقول أيضاً : باستطاعتنا أن نناقش قضية المعجزات مناقشة عقلية وعلمية ، لإثبات خطأ الملحدين في رفضها بوصفها ظاهرة من الظواهر التي جرت أحداثها في تاريخ الكون ، مهما يكن تفسيرهم للظواهر الكونية خاضعاً لقواعد الفكر المادي .
إن إنكار الأحداث التي جرت فعلاً في تاريخ الكون لا يسوغ من وجهة نظر العلم أو من وجهة نظر العقل لمجرد كونها مخالفة في مفاهيمنا للقوانين التي استخرجناها من مشاهدات الطبيعة وأحداثها ، وإنما يجب بعد ثبوتها في الواقع محاولة استنباط تفسير وتعليل لها . أما مجرد الرفض والإنكار فليس عملاً علمياً ولا عقلياً .
إن كل ما نشاهده في الكون من أحداث وظواهر لو دققنا النظر فيه ورفعنا عنه ستار الرؤية المتكررة له لكان في مفاهيم العقلاء معجزة من المعجزات ، وعجيبة من العجائب ، ولكن تكرر الرؤية له جعله أمراً معتاداً ، واتخذ في مفاهيمنا صفة قوانين طبيعية ، وسنن لا غرابة فيها ، وذلك لأنه ليس بين معظم الأحداث والظواهر الطبيعية وبين أسبابها وقوانينها روابط عقلية ، وحينما ندرس أنظمتها كما هي في الواقع ، ولا نستطيع أن نجد في العقل مقتضيات لها ، غير أن نظام الكون سار على هذا الأسلوب ، وكان من الممكن عقلاً أ، يسير على أسلوب آخر ضمن سُلَّم احتمالات لا نهاية لها ، وتخصيص هذا النظام دون غيره ليس أمراً يقتضيه العقل .
ولو كان نظام الكون سائراً في متكرر العادة على أن الصخور متى نضجت في أشهر معينة ، وبطرق معينة ، تحوَّلت نوقاً وأبقاراً وزرافات وشياهاً بحسب اختلاف أنواع الصخور ، لكان ذلك هو السنَّة الثابتة في نظرنا ، ولكان خلاف ذلك هو المعجزة .
ولو كان نظام الكون سائراً في متكرر العادة على أن الماء يجري من أسفل الوادي إلى أعلى الجبل بنفسه ، من غير أن تكون له حافات تسنده ، ولا روافع ترفعه ، لكان ذلك هو قانون الماء الثابت في نظرنا ، ولكان خلاف ذلك هو المعجزة التي يتشكك بها ويطلب إثابتها بالدليل .
وهذا الإمكان التصوري يدلنا على أن النظام الحالي ليس نظاماً فرضته الضرورة العقلية ، والارتباطات الفكرية ، ولكن أوجدته السلطات ذات الإرادة المختارة ، ومهما يكن من أمر فإن الإمكان العقلي الذي لا يرى مانعاً من قبول نظام آخر لو كان هو السائد في نظام الطبيعة ، هو نفسه دليل كافٍ عل أنه ليس بين القوانين الطبيعية وأحداثها الظاهرة ارتباط عقلي يوجبها وحدها ، ولا يسمح بمخالفتها ، فقبول احتمال التغيير لا يتوقف إلا على ثبات وقوع الحادثة التي كان التغيير فيها ، وإلا كان رفضاً للإمكان العقلي بدون سند من العقل ، ورفضاً للواقع بدون سند من الواقع .
لو أخذنا منطق الأحياء البحرية لكانت الحياة بنظام غير نظامها معجزة من المعجزات ، ولو أخذنا معتاد الحياة الأرضية لكانت الحياة بغير إمداد بالنظام الغذائي المعروف أمراً من المعجزات ، مع أنه ليس في أي شيء من ذلك ارتباط عقلي يوجه العقل ، ولكن هذا هو الأسلوب الذي جرى عليه نظام الكون ، ولو جرى أسلوب الكون على غير هذا النظام لما وجد العقل مانعاً من ذلك ، ولما وجد أنه يتنافى مع أي أصل عقلي منطقي أو رياضي ، وهذا البرهان يثبت لنا أن رفض المعجزات بدليل من واقع القوانين والسنن الطبيعية رفض فاسد عقلياً وعلمياً ، ولا سند له ، وتبقى قضية المعجزات من وجهة نظر العلم والعقل احتمالاً إمكانياً بالإمكان العقلي ، ولكنه لا يسلم به واقعياً إلا أن يقترن بأدلة إثبات يقبلها العلم والعقل .
وأدلة الإثبات في هذا المجال منحصرة في الأدلة الحسية والأدلة الخبرية .
وقد توافر للذين عاصروا الرسالات دليل المشاهدة الحسية لمعجزات الرسل ، فكان ذلك بالنسبة إليهم برهاناً حسياً ، وأما بالنسبة إلى غيرهم فعمدتهم في إثبات المعجزات دليل الأخبار الإنسانية المتواترة عند جميع أمم الأديان السماوية ، وهذه الأخبار تقطع بوجود معجزات أو آيات من خوارق العادات قد أجراها الله على أيدي رسله ، منها معجزات إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم ، وكذلك سائر النبيين ، وجحود الأخبار المتواترة الصادقة مع وجود الإمكان العقلي ، ومع وجود المبرر العقلي لها ، ضرب من العناد الذي لا يفعله باحث عالم يدرس الظواهر ويحاول تفسيرها .
والتفسير العلمي للمعجزات الربانية ظاهر فيما يوضحه للدين ، من أنها أدلة ربانية يصدِّق الله بها رسله فيما يبلغون عنه .
ومن العجيب أن الملحدين الماديين يقبلون معجزات الطفرة الوحيدة التي تقول بها الداروينية ، ولا سند لها إلا الحدس والخيال ، ويرفضون المعجزات الربانية التي يجريها الله على أيدي رسله ، وهي معجزات ثابتة تاريخياً بشهادة الأخبار المتواترة المقطوع بها ، مضافاً إليها الشواهد العقلية والأثرية المؤيدة لها!!
لكن هذا هو شأن الملحدين ، إنهم يتناقضون بين ما يقبلون وبين ما يرفضون ، تعصباً لإلحادهم ، ومعاندة لخالقهم ومكابرة على الباطل .
( 13 )
حول الشهب
قال (د. العظم) (52) من كتابه:
“كما أن علماء الفلك (وليس التنجيم) سوف يجدون بعض الصعوبة ، لا شك ، في التوفيق بين معلوماتهم العلمية عن النيازك والشهب من ناحية وبين الآيات القرآنية التي تعلمنا أن الشهب هي لرجم الشياطين والجن ، حين تحاول الصعود إلى السماء واستراق السمع (أي: الاستماع إلى أحاديث الملائكة) من ناحية ثانية . لكن أصحاب الفكر التوفيقي عودونا دوماً على إطلاق الأحكام الشاملة والتعميمات البديعة بدون التدقيق بالمسائل المحددة التي تحرجهم وتحرج دعواهم”.
تعليقاً على هذه الفقرة من كلامه نرى أنه من المستبعد جداً أنه لم يطَّلع بعدُ على مكتوبات الباحثين المسلمين المؤمنين بالله وكتابه ، الذين لم يقتروا على مجرد إطلاق التعميمات الشاملة البديعة ، التي تعلن وجود التوافق التام بين الصحيح الثابت من المفاهيم الإسلامية ، وبين الحق الثابت من النظريات العلمية ، بل تابعوا معظم المسائل بالدراسة والبحث والمناقشة للموضوعات بشكل موضوعي محدد .
ولكن شأن الآخذين بالمذهب الإلحادي محاولة طمس الحقائق ، وطرح المغالطات والمفتريات ، واستغلال أقوال بعض أصحاب المقالات ، والأقوال العامة التي يطلقها الباحثين المسلمين بصفة عرضية غير مقصودة ، وإلقاء الستور على سائر البحوث العلمية الرصينة التي تتناول كل جزئية بالبحث والدرس والتحقيق ، بغية إيهام الأجيال الناشئة من أبناء المسلمين أن المسلمين لا يملكون غير إصدار الأحكام التقريرية والتعميمات الخطابية .
أما ما أثاره حول موضوع الشهب فإننا نجد أنفسنا بالنسبة إليه أمام قضيتين:
القضية الأولى : تتناول الجانب المادي المدروس من الشهب .
القضية الثانية : تتناول الجانب الذي لم يصل العلم بعد إلى اكتشافه ودرسه .
وكل من هاتين القضيتين تتطلب نظراً خاصاً .
أما القضية الأولى التي تتناول الجانب المدروس من الشهب فلا يبدو فيها تناقض بين ما أعلنه أو أشار إليه القرآن ، وبين ما توصل إلهي العلم بالبحث المادي والدراسة النظرية ، وليتبين لنا هذا الأمر لا بد من عرض النصوص القرآنية في هذا الموضوع ، ومقارنة ما جاء فيها بما يقوله العلماء الماديون ذوو الاختصاص في هذا الموضوع أيضاً .
فمن النصوص القرآنية في هذا الموضوع قول الله تعالى في سورة (الحجر/15 مصحف/54 نزول):
{وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي ٱلسَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِن كُل شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ * إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ}
ومنها قول الله تعالى في سورة (الصافات/37 مصحف/56 نزول):
{ إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ * وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ * لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ * دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ * إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ}
ومنها قوله تعالى في سورة (الملك/67 مصحف/77 نزول):
{وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ}
ومنها قوله تعالى في سورة (الجن/72 مصحف/40 نزول):
{وَأَنَّا لَمَسْنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ ٱلآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً}.
فهذه نصوص قرآنية تحدثت عن الشهب ، وفيها من الدلائل المادية التي يمكن للعلم المادي أن يدرسها ويكتشفها ما يلي:
1- وجود (شهب) ظاهرة تنقض ، وحينما تنقض باتجاه الأرض تكون ثاقبة ملتهبة مضيئة .
2- وجود (رجوم) أي : قطع من الحجارة مصدرها النجوم أو الكواكب ، وهذه النجوم والكواكب هي المصابيح التي زين الله بها السماء الدنيا ، أما الرجوم (وهي الحجارة) فقد نشرت في السماء مع الحرس الذين ملئت بهم السماء ، وهذه الحجارة المختلفة الحجوم تنطلق شهباً مُبِينةً ثاقبة .
3- إن هذه الرجوم المنبثة في السماء (أي في الفضاء العالي) لم تكن قبل بعثة محمد ، ثم وجدت بعد ذلك .
هذه هي عناصر القضية الأولى ، وهي القضية المادية التي يمكن أن تقارن بالعلم المادي وما توصل إليه من معارف في هذا الشأن .
ولدى المقارنة نجد أن العلماء الماديين يقولون ما يلي:
1- يقولون عن انتشار الكتل الصخرية والحجرية ذات الأحجام المختلفة والتراكيب المختلفة ، والتي يسمونها بالمتيورات وبالنيازك ، وهي منتشرة في السماء فوق الغلاف الأرض ما يلي:
إن الهواء الجوي يحمينا من أسلحة السماء المخيفة ، فأسرع مقذوفاتنا النارية ينطلق خلال الهواء بسرعة أقل من نصف ميل في الثانية ، على حين يندفع خلال الفضاء العالي عدد لا حصر له من المتيوارت الحديدية المختلفة الأحجام ، من حجم الهباء إلى حجم جبل عظيم ، بسرعة هائلة تختلف من عشرين إلى مئة ميل في الثانية .
فمن هذا نلاحظ أن النصوص الدينية قد قررت هذه الحقيقة ، قبل أن تكتشفها الوسائل الإنسانية للبحث العلمي ، ويوم كان العلم الإنساني جاهلاً بوضع السماء .
2- يقول العلماء الماديون : إن أصل هذه النيازك من الكواكب والنجوم ، وهذا عين ما أشار إليه القرآن .
يقولون : إن النجوم يحدث فيها انفجارات من قوت لآخر ، وبقوة هائلة ، فيطير منها في كل انفجار مئات الأطنان من التراب الناعم ، ثم يتجمع بعضه على بعض فتتكون منه النيازك والمذنبات .
3- ويقول العلماء الماديون عن حالات حدوث هذه الرجوم في السماء وتكاثرها بين حين وآخر:
“إن مذنب بيلا ظهر منشقاً إلى جزئين في عام (1846م) ثم ظهر هذان الجزءان في عام (1852م) على صورة مذنبين منفصلين ، ثم اختفيا بعد ذلك ، وظهرت بدلاً منهما جموع حاشدة من متيورات مضيئة صغيرة في جو الأرض”.
أليست هذه الرجوم التي مصدرها نجوم السماء وكواكبها ، وقد حدثت في فترة نعرفها ، وهذا يقرِّب إلى التصور ما حدث في عصر الرسالة المحمدية .
من كل هذا يتبيَّن لنا أن الحقائق العلمية المادية تتفق مع ما جاء في القرآن ، وهذا ما يتعلق بالقضية الأولى .
وأما القضية الثانية وهي كون الشهب رجوماً للشياطين تلاحقهم وتحرقهم ، فهذه لم يتوصل العلم المادي إليها ، لأنها خارجة عن دائرة اختصاصه ومدى وسائله ، فهو لا يستطيع من عنده أن يثبتها ولا يستطيع أن ينفيها ، ويجب عليه بالنسبة إليها أن يترك الحديث عنها إلى ما يقرره الدين ، وما ثبت فيه بالنصوص الصحيحة القاطعة .
فكان الأولى بالعظم حول هذا الموضوع أن يعتصم بالصمت إذا لم يشأ أن يذعن للدين وما جاء فيه .
( 14 )
حول المعرفة الدينية والمعرفة بمعناها العقلي والعلمي
قال (د. العظم) في الصفحة (72) من كتابه:
“ورد معنا ذكر طائفة من المفكرين يقولون : إن المعرفة الدينية تختلف اختلافاً جذرياً وكلياً عن المعرفة بمعناها العقلي أو العلمي ، لذلك نجدها دائماً مناقضة للمنطق ومتنافية مع العقل”.
قبل أن أتابع ذكر بقية كلامه حول هذه المقدمة ، لا بد من التنبيه على أن هذا الكلام كذب على الإسلام والمسلمين لا أصل له مطلقاً . إنه لا يوجد واحد من علماء المسلمين يقول : إن المعرفة الدينية تختلف اختلافاً جذرياً وكلياً عن المعرفة بمعناها العقلي ، ولذلك نجد المعارف الدينية مناقضة للمنطق ومتنافية مع العقل .
فلست أدري من أين جاء بهذه الفرية على الإسلام والمسلمين على المعارف الدينية الإسلامية؟!
إن الذي يقوله جميع علماء المسلمين يقضي بأن جميع ما ثبت في الدين يتفق مع مفاهيم المنطق السليم ، والعقل الصحيح ، والعلم الثابت .
وقد سبق أن بينَّا أن التناقض أو التنافي لو وجد فهو ليس بين ما ثبت في الدين بشكل قاطع وما ثبت في العلم أو العقل بشكل قاطع ، وإنما بين ما نسب إلى الدين وهو ليس منه وبين الحقائق العلمية الثابتة ، أو بين ما نسب إلى العلم وهو ليس منه وبين الحقائق الدينية الثابتة ، أو بين ما نسب إلى الدين وما نسب إلى العلم وكل منهما لم تصحَّ نسبته إلى صاحبه .
ولكن قد توجد أمور ثبتت في الدين والعقل لا يستطيع مستقلاً أن يثبتها ، كما لا يستطيع أن ينفيها ، فهي لا تناقض أصول العقل والمنطق ولا تتنافى مع العلم ، إنما عجزت الوسائل العلمية عن إدراكها والوصول إلى معرفتها ، وعجزت التصورات العقلية عن إدراكها وتحديدها ، وهذا شيء يُعزى إلى قصور المعرفة والإدراك ، وليس من التناقض ولا من التنافي حتماً . ونظير هذا يحدث في مجال الدراسات العلمية الإنسانية البحتة . إن العلماء قد استنبطوا من الظواهر المادية كثيراً من القوانين ، منها مثلاً قانون الجاذبية ، مع أن أية وسيلة علمية لا تستطيع أن تحدد كنه هذه الطاقة التي تظهر آثارها ، ولا يستطيع العقل أيضاً أن يتصور صورة مادية لها ، ولا أحد يقول مع ذلك : إنها مناقضة للمنطق ومتنافية مع العقل .
وبعد هذه المقدمة التي افتراها على الإسلام والمسلمين ، قال في متابعة كلامه:
“يقول أصحاب هذا المذهب : إن العقل الإنساني قاصر عن أن يعرف طبيعة الإله ، وعن أن يحيط به ولو إحاطة جزئية . إنه عاجز عن تصوره وعن التعبير عن طبيعته ، وعّر البعض عن هذا الرأي بقولهم عن الله : (كل ما يخطر في بالك فهو خلاف ذلك).
وقبل أن نتابع بقية كلامه نقول : هذا كلام لا علاقة له بالمقدمة التي افتراها ، فكون العقل الإنساني قاصراً عن تصور ذات الخالق جلَّ وعلا ، وعاجزاً عن معرفة كنه هذه الذات ، لا يعني بحال من الأحوال أن ذاته سبحانه مناقضة للمنطق ومتنافية مع العقل . جُلُّ ما في الأمر إثبات العجز للجهاز المدرك ، علماً بأن العقل عاجز عن إدراك أو تصور كثير من الحقائق العلمية الثابتة في الكون المادي المدروس ، حتى إن العقل لم يستطع إلى يوم الناس هذا أن يدرك كنه ذات نفسه ، فهل جهله بذات نفسه ينفي وجوده ، باعتبار أن هذا الجهل مناقض للمنطق ومتنافٍ مع العقل بحسب دعوى (د. العظم)؟
هذا كلام فارغ وسخيف ومتهافت لا يقبله من لديه مثقال ذرة من عقل ، وهو في حقيقته يسخر من قائله ولا يخدع قارئه.
ثم إن (د. العظم) بعد أن وضع المقدمة المفتراة ، وبنى عليها مسألة غير ذات علاقة بها مطلقاً بقصد المغالطة والتضليل ، قال موجهاً اعتراضاته:
“توجد عدة اعتراضات على هذا الموقف . أولاً: هل بإمكاني أن أقيم علاقات جدية بيني وبين هذا الإله ، الذي تتجاوز طبيعته تجاوزاً مطلقاً منطقي ومشاعري وأفكاري ومثلي وآمالي؟ هل بإمكاني أن أجد عزاء في إله جُلُّ ما أعرفه عنه أنه مهما خط في بالي من أفكار وصفات فهو يختلف عنها اختلافاً مطلقاً؟ إن وجود مثل هذا الإله وعدم وجوده سيان بالنسبة إليه . إن هذا الإله ليس إلا تجريداً فارغاً من كل معنى ومحتوى ، ولا يمكن لإرادة إنسان أن تتعلق بتجريد محض ، تجاوز بمراحل التجريد الذي وصفه أرسطو باسم (المحرك الأول) فإذا كان بإمكانك أن توجه ابتهالاً أو دعاء إلى المحرك الأول فمن المؤكد أنك لن تستطيع أن توجه لإله لا يمكنك أن تصفه بشيء على الإطلاق ، لأنه بطبيعته مخالف لكل ما يرد في ذهنك من أفكار وكل ما تنطق به من صفات”.
هذا هو الاعتراض الأول الذي وجَّهه ، وهو بهذا الكلام يضيف إلى افترائه في المقدمة ومغالطته فيما بنى عليها ، فيطرح هنا كذباً جديداً ومغالطة في الحقائق ويدَّعي على الفكر الإسلامي تعميماً كاذباً مخالفاً للحقيقة تماماً .
إن أحداً من المسلمين لا يقول: إن العقل قاصر عن أن يعرف شيئاً عن الله الخالق جلَّ وعلا ، أو قاصر عن أن يحيط ولو إحاطة جزئية بصفاته ، فهذا من الكذب على المفاهيم الإسلامية .
لكن الذي يقوله المسلمون إنما هو منحصر في معرفة كنه ذات الخالق ، والذات شيء والصفات ذات الأفعال والآثار شيء آخر ، فقول المسلمين : “كل ما خطر في بالك فالله بخلاف ذلك” ، قول منحصر في معرفة كنه ذات الخالق ، لا في معرفة صفاته ، وذلك لأن تصورات الأفكار كلها مقتبسة من صور الكون الحادث ، وهذه الصور المادية لا تليق بكمال الله جلَّ وعلا ، إذ ليس كمثله شيء ، ولا يتوقف على معرفة كنه ذات الخالق شيء من الإيمان ولا من العلاقة به .
إننا نتعامل مع كثير من طاقات الكون دون أن نعرف كنه ذاتها . عقولنا لا نعرف كنه ذاتها . معظم ما هو داخل في أجسامنا لا نعرف كنه ذاته . أفيؤثر هذا على إيماننا بها وتعاملنا معها؟
ولا بد أن يلاحظ القارئ حشد المغالطات التي صنعها (د. العظم) ويكتشفها ويعرف ما فهيا من زيف لا يحتاج كشفه إلى كد ذهني .
لقد جعل الشيء الذي يعجز العقل عن إدراكه وتصوره شيئاً مناقضاً للمنطق ومنافياً للعقل ، وهذا باطل بداهة كما أوضحنا ، إن أموراً كثيرة جداً يعجز العقل عن تصورها وتحديد ذاتها وهي واقعة فعلاً ، وحينما يدركها العقل لا يرى فيها مناقضة للمنطق ولا منافاة للعقل . الأعمى يعجز عن تصور الألوان ، مع أن الألوان لا تناقض المنطق ولا تتنافى مع العقل ، لا في مفهوم المبصرين ولا في مفهوم العميان .
ليكن واضحاً لدينا تماماً أن قصور الجهاز المدرك عن إدراك بعض الحقائق لا يعني بحال من الأحوال أن هذه الحقائق مناقضة لمنطق الأشياء . هذه بديهة ولكن (د. العظم) أراد أن يغالط بها ، وأراد أن يموِّه بها على السذج من المخدوعين المفتونين بعبارات (أصول البحث العلمي) و(قواعد المنطق الحديث) و(ما توصلت إليه الحقائق العلمية) وأمثالها من العبارات التي غدت شعارات للتمويه والتضليل فقط يستعملها بعض أصحاب المذاهب ذات الأغراض الخاصة ، كسائر الشعارات الجميلة ، سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية ، إن هذه الشعارات تحمل بريقاً لفظياً يسرُّ السامعين ويعجبهم ، ولكن ليس لها عند مستغليها مضمون عملي تطبيقي .
وبعد أن بنى (د. العظم) هذا البناء الوهمي على المقدمة الكاذبة الأولى ، وجَّه عدة اعتراضات عليه ، وهذه الاعتراضات وجهها على اعتبار أن من نسب إليهم هذا المذهب من المفكرين المسلمين يرون أنه لا يمكن إدراك أي شيء عن ذات الخالق ولا عن صفاته .
وهنا تكمن مغالطته الثانية ، وهي مغالطة تعتمد على تعميم تمويهي كاذب لقضية خاصة ، وذلك لأن عبارة : “كل ما يخطر في بالك فالله بخلاف ذلك” عبارة خاصة بتصور كنه ذات الله ، وليست شاملة لذاته وصفاته ، ولكن (د. العظم) عمَّم في دلالتها وفي مفهومها تعميماً باطلاً ، ليوجه اعتراضه على منطقة التعميم التي ادعاها زوراً وبهتاناً .
إن صنيعه يشبه صنع من قال : إن الماء صخر جامد ، والذين يقولون : إن السفن الشراعية تجري بالهواء لا بد أن يسلموا بأن هذه السفن تجري في الجبال والصخور والرمال ، وكلامهم هذا معترض من وجوه:
الأول: أن الماء ليس صخراً جامداً .
الثاني: أن السفن البحرية لا تجري في الجبال والصخور والرمال .
الثالث: أن السفن البحرية قد تجري بالمحركات الآلية .
هذا لون عجيب جداً من المغالطات التي تصطنع الأكاذيب ، والتعميمات ، وتضع الأشياء في غير مواضعها ، ومع ذلك فإن المنطق (العظمي) يقبله ، ويقبله مع سائر الملحدين!!
وعلى مثل هذا المنطق يريدون أن يصنعوا جيلاً عربياً تقدمياً .
من الطبيعي بعد أخذ المجال التعميمي الذي ادعاه كذباً على الفكر الإسلامي أن يصل إلى منطقة تجريد مطلق لا يفهم منه شيء ، فبينما كان أصل الموضوع منحصراً في كنه ذات الله ، إذا به يجعله شاملاً للذات والصفات كلها وسائر المفاهيم ، وهذا ما لا يقول به أحد في الوجود ، ولما وصل في أكذوبته إلى هذا المستوى وجه اعتراضه كما راق له فقال : “هل بإمكاني أن أقيم أية علاقات جدية بيني وبين هذا الإله … إلى آخر كلامه”.
من الطبيعي أن إلهاً لا يفهم عنه شيء من ذات ولا من صفات مطلقاً أن يكون تجريداً فارغاً من كل معنى ومحتوى . لكن أحداً من المؤمنين بالله لا يقول بمثل هذا الكلام الباطل .
إن المؤمنين يثبتون لله صفات كثيرة من صفات الكمال ، بل هم يثبتون له كل صفات الكمال ، وينفون عنه كل صفات النقصان ، ويستطيعون أن يتصوروا من صفاته على مقدار عقولهم ، ويطلقون الحدود دون حصر ، إنهم يؤمنون بصفة وجوده الواجب سبحانه ، ويحسنون تصور هذه الصفة على مقدار عقولهم ، ويؤمنون بصفة قدرته الكاملة القادرة على خلق كل ممكن ، ويحسنون تصور هذه الصفة على مقدار عقولهم ، ويؤمنون بصفة إرادته واختياره التي تختار من الممكنات ما تشاء ، ويحسنون تصور هذه الصفة على مقدار عقولهم ، ويؤمنون أيضاً بصفات علمه وسمعه وبصره وصفات أفعاله ، ويستطيعون أن يتصوروا من هذه الصفات على مقدار عقولهم ، وهكذا إلى كثير من صفاته سبحانه .
فهل هذا هو التجريد المطلق الذي ادَّعاه (د. العظم) كذباً وبهتاناً؟!
ألا يسوغ في منطق العقل أن نؤمن بموجد نعلم كل صفاته التي لها آثار متصلة بنا ، من خلق ورزق ، وإحياء وإماتة ، وعدل وجزاء ، ورحمة وعقاب ، وغير ذلك دون أن نعلم كنه ذاته وطبيعتها الخاصة؟
إن العلماء الماديين يؤمنون بالجاذبية ، وهم لا يعلمون من خصائصها إلا أنها قوة تجذب . إنهم يعتقدون بها ، ويتعاملون معها ، لمجرد معرفة صفة من صفاتها ، دلت على آثارها ، فكيف بمن علمنا من صفاته أشياء كثيرة متعلقة بنا؟
يا عجباً لمنطق الملحدين!! إنهم يقيمون علاقات جدية مع أوهام إلحادية ، وعلاقات جدية مع قوانين طبيعية لا يعرفون كنه ذاتها ، وإنما تظهر لهم بعض آثارها التي تدلهم على بعض صفاتها ، ثم يستكبرون عن أن يقيموا علاقات جدية مع الله ، الذي يظهر لهم من آثاره أنه قادر عليم ، عادل حكيم ، خالق رازق ، محيي مميت ، سميع بصير ، نافع ضار ، يجازي المحسنين والمسيئين .
وإن تعجب فعجب قولهم وعجب منطقهم .
ثم إن (د. العظم) وجَّه اعتراضاً ثانياً على البناء الفاسد نفسه الذي بناه فقال:
“ثانياً: إذا كان الإله لا يوصف ولا يدرك بالنسبة إلى البشر فما معنى قولنا إذاً بأنه (رحيم وبأنه عادل) . عندما ننعت الله بالرحمة والعدل ماذا نعني بهذه الصفات؟ أليس هناك من شبه على الإطلاق بين الرحمة والعدل عندما نطلقهما على الله ، وبين تصورنا الإنساني لهاتين الصفتين؟ إذا كان الجواب بالنفي هل تكون إذن أذهاننا فارغة من كل معنى وتصور؟ عندما ننعت الله بالرحمة والعدل ، هل ننسب إليه كلمات لا معنى لها على الإطلاق بالنسبة للبشر؟ في الواقع إننا في موقف حرج حيال هذا الموضوع ، فإما أن ننعت الله بالعدالة وفقاً لتصور يشبه إلى حدِّ ما وبصورة غامضة تصورنا الإنساني لهذه الصفة ، وإما أن يكون قولنا بعدالته كلاماً فارغاً من كل معنى ومحتوى . أي : إننا مرغمون إما على التشبيه وما يترتب عليه من عواقب ، أو على التنزيه التام وما يستتبع من نتائج.
يوجد حل تقليدي لهذه الكتلة من التناقضات والمشكلات ، وهو الأخذ بظاهر المعنى والتصديق به مع تفويض معرفة حقيقته إليه تعالى ، أي التصديق دون معرفة ، والإيمان على طريقة العجائز”.
مرة ثالثة يلجأ في هذا الموضوع بالذات إلى المغالطة والتمويه عن طريق التعميم الفاسد .
فبعد المغالطة السابقة التي اعتمد فيها على تعميم العجز البشري في واقعهم الدنيوي عن إدراك ذات الله وكنهها ، بالنظر إلى أن الأبصار لا تدركه سبحانه ، وبعد أن جعل هذا العجز البشري شاملاً للذات والصفات وهو ما لم يقل به أحد ، فقز قفزة جديدة إلى مغالطة جديدة ، تعتمد على تعميم خلط فيه جميع ما نسب إلى الله من صفات في النصوص ، ليعطيها حكماً واحداً عاماً ، باعتبار أن بعضها مما يوهم التشبيه بالمخلوقات قد ثار حوله حوار في فهم المراد منه بين المفكرين من علماء المسلمين .
ويبدو أعن علمية المغالطة القائمة على تعميم الخاص أهم عناصر مغالطاته ، كما أنها أهم عناصر مغالطات (فرويد) أحد قادته المثاليين في نظره ، إذ كان (فرويد) يأخذ من الحالات الشاذة النادرة أحكاماً عامة مطلقة ، مخالفاً بذلك كل منهج علمي .
إن ادعاء (د. العظم) بأننا لا نفهم شيئاً عن صفات الله تعالى وإلا وقعنا في التشبيه ادعاء باطل ، ونستطيع بالتحليل العلمي أن نكشف بطلانه .
إن الطاقة الفكرية تستطيع أن تأخذ منطلقاتها في الاتجاه غير المحدود (اللانهائي) مهما كانت الحواس تشدها إلى الواقع المدرك المحدود ، فالفكر يشاهد مثلا عن طريق الحواس الموجودات الحادثة ، فيأخذ صورة صحيحة إلى تصور معنى الوجود الأزلي ، وهو يُحسن أن يتصور من معنى الوجود الأزلي على مقدار وعائه ، فيثبته لله تعالى ويطلقه من حدود المدركات بالحس ، ويلاحظ الفكر الإنساني القدرات المادية التي ترفع الأرطال والقناطير وما هو بوزن الجبال ، والقدرات غير المادية التي تفعل الأفعال العجيبة ، فيأخذ صورة تجريدية صحيحة عن معنى القدرة أو الطاقة ، ثم ينطلق منها في سلسلة التكامل الارتقائي إلى تصور قدرة فوق قدرة ، وطاقة فوق طاقة ، حتى يصل إلى تصور قدرة تخلق السماوات والأرض وتفعل كل ممكن ، دون أن تعجز أو تضعف ، فيثبت هذه القدرة لله ، ويطلقها من حدود المدركات بالحس ، بمقتضى أحكام سلسلة التكامل ، التي لها في العقل أصول يمكن أن تبنى عليها مدركات غير محدودة ، والعقل يحسن أن يتصور من معاني القدرة الكاملة على مقدار وعائه ، وما زاد عن وعائه يقف دونه عاجزاً مسلماً ، فهو بذلك قد فهم وأدرك على مقداره ، وكان لوصف الله بأنه قدير معنى صحيح واضح في فكره وتأملاته .
ونقول نظير ذلك في الإرادة ، وفي العلم ، وفي السمع ، وفي البصر ، وفي الرحمة وفي العدل وهكذا .
ومغالطة التشبيه التي جاء بها (د. العظم) إنما جاء بها من الصفات الواردة في النصوص مما يوهم ظاهره التشبيه الجسدي ، كالصفات التي تثبت لله وجهاً ويداً ونحو ذلك ، فهذه هي التي جرى بين علماء المسلمين حول المراد منها ، بين الإثبات من غير كيف ، والتأويل والتفويض ، ولكن هذه لا تؤثر على سائر الصفات التي لا خلاف في فهمها وإدراك معانيها .
وناقدنا (د. العظم) لم يجد سبيلاً إلا أن يغالط عن طريق التعميم الذي أصَّل له .
وحين يتصور (د. العظم) أنه بلغ ما يريد طرح حول الموضوع نفسه مسألة القضاء والقدر ، فقال :
“وأفضل مثال على هذا الموقف المشكلة الكلاسيكية التالية : يفترض في المؤمن أن يسلم بالقضاء والقدر خيره وشره من الله تعالى ، وأن يؤمن بالعقاب والثواب ، وأن يؤمن أيضاً بالعدالة الإلهية ، رغم ما في هذه الموضوعات من تناقضات عقلية وأخلاقية . ويبرر أصحاب هذا الرأي موقفهم بقولهم: إن العقل الإنساني عاجز تماماً عن إدراك طبيعة العدالة الإلهية ، وعلاقتها بالحساب والقضاء والقدر ، وبما أن هذه المواضيع لا تخضع للمنطق البشري ، لذلك تبدو متناقضة ومغايرة لمعاييرنا الأخلاقية وغير منصفة”.
يبدو أن الناقد أخذ فكرة القضاء والقدر في الإسلام من أفواه جهلة العامة الجبريين ، ولم يقرأها في كتاب علمي معتمد من كتب العقيدة الإسلامية[30].
وربما يكون قد قرأها في كتاب علمي معتمد إلا أنه طمس مذهب أهل الحق في هذا الموضوع ، وأخذ رأي الجبريين الذين كذبهم القرآن فيما ادَّعوه ، ورفض مذهبهم جمهور علماء المسلمين ، وبعد أن أخذ رأي الجبريين جعله هو الرأي الإسلامي ، وأخذ يوجه عليه اعتراضاته لما فيه من تناقض ، وغرضه هدم الإسلام كله من خلال رأي فاسد قاومه القرآن ، ورفضه علماء المسلمين .
أما تكذيب القرآن لرأي الجبريين فيما ذهبوا إليه ، باعتبار معارضاً لمبدأ امتحان الإنسان وتكليفه وجزائه بالعقاب أو بالثواب فنجد في قول الله تعالى في سورة (الأنعم/6 مصحف/55 نزول):
{سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّىٰ ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم منْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ * قُلْ فَلِلَّهِ ٱلْحُجَّةُ ٱلْبَالِغَةُ فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}
ونجده أيضاً في قول الله تعالى في سورة (النحل/16 مصحف/70 نزول):
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلاۤ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلاَّ ٱلْبَلاغُ ٱلْمُبِينُ}
فهؤلاء مشركون وجبريون يزعمون أن الله قد شاء لهم أن يشركوا ، فأعلن الله أنهم يكذبون في دعواهم .
إن قول المشركين : {لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ، ولا حرَّمنا من دونه من شيء} ، مستند إلى ادعاء جبري يتضمن أن الله قد شاء لهم الإشراك به ، وشاء لهم عبادة غيره ، ولذلك كانوا مشركين به في عقيدتهم وفي عبادتهم ، ولذلك كذَّبهم الله في هذا الادعاء ، وأوعدهم بالعذاب فقال : {كذلك كذَّب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا} وأمر رسوله بأن يطالبهم بالدليل على ما ادعوه ، فقال له : {قل : هل عندكم من علم فتخرجوه لنا؟ إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون} ، أي : هل عندكم من خبر عن الله يثبت مدعاكم هذا؟ فإن كان عندكم شيء من ذلك تحتجون به فأخرجوه لنا ، ولكنكم في الحقيقة لا تعتمدون في ادعائكم هذا على أي مستند علمي ، وإنما تتبعون الظنون الكاذبة التي هي أوهام بعيدة عن الحقيقة ، فما أنتم في الحقيقة إلا تخرصون ، أي تكذبون .
ثم علَّم الله رسوله أن يقول لهم : {قل : فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين}، أي : إن الله قد شاء أن يمنحكم الإرادة الحرة ، ليمتحنكم في حدود ما وهبكم من استطاعة ، ولو شاء غير ذلك ، أي لو شاء أن يجعلكم مجبرين لا خيرة لكم فيما تقومون به من أعمال لكانت حكمته تقتضي بأن يهديكم أجمعين ، وفي هذا حجة عليهم بالغة صميم الحقيقة ، ولله الحجة البالغة .
فالفكر الإسلامي قائم على أن الإنسان مسؤول عن أعماله ، ومحاسب علهيا ، ويُجازى عليها أيضاً ، لأنها داخلة في حدود استطاعته إذ وهبه الله حرية الإرادة ، والقدرة الجزئية على تنفيذ إرادته ، وأعطاه شروط الامتحان ، ووضعه في مجالات الامتحان الأمثل .
هذه خلاصة العقيدة الإسلامية التي أوضحها القرآن حول موضوع القضاء والقدر ، وفهمها جمهور علماء المسلمين .
ومن هذا يتبين لنا أن ما لا سلطة للإرادة الإنسانية والقدرات الإنسانية عليه هو الذي يقع مباشرة تحت سلطان القضاء والقدر ، وأن الله قد منح بقضائه وقدره الإنسان إرادته الحرة ، وعقله الذي يؤهله للتكليف , وجزءاً من القدرة على التنفيذ ، ليمتحنه ، ثم ليحاسبه ويجازيه.
فهل في هذا المفهوم الصحيح تناقض أو إشكال في موضوع القضاء والقدر؟.
لكن الملحدين لا يروق لهم البيان الحق عن الدين ، إنما يريدون مفاهيم فاسدة تنتشر بين المسلمين ليحاربوا الدين بها .
* * *
الفصل التاسع
التطورات العلمية هي التي تتراجع في اتجاه المفاهيم الدينية
زعم (د. العظم) في نقده للفكر الديني أن الدين في نزاعه مع العلم يضطر لأن يتنازل عن مواقعه بعد صراع شديد ، فقال في الصفحة (24) من كتابه:
“إن محاولة طمس معالم النزاع بين الدين والعلم ليست إلا محاولة يائسة للدفاع عن الدين ، يلجأ إليها كلما اضطر الدين أن يتنازل عن موقع من مواقعه التقليدية ، أو كلما اضطر لأن ينسحب من مركز كان يشغله في السابق . إن نمط هذه العملية معروف جدا ً. إنها تبدأ بصدام شديد بين النظرة العلمية الجديدة حول موضوع ما ، وبين النظرة الدينية السائدة إلى الموضوع ذاته ، وبعد نزاع قد يستمر سنين طويلة تنتصر النظرة العلمية الجديدة ، وتسود بين كبار المفكرين ، وتنتشر بين الفئات المثقفة تماماً عندما يوشك العلم أن يتجاوزها إلى نظرة أفضل . عندئذٍ يقول أصحاب النظرة الدينية : إنه لم يكن من موجب لهذا النزاع أصلاً ، لأن الخلاف لم يكن بين جوهر الدين وروحه من جهة وبين العلم من جهة أخرى ، لذلك لا يضير الدين أن يتنازل للعلم عن أمور لا تمس روحه . ولكن الحق يقال : إن هذا النمط من التكفير يخبئ وراءه سلسلة طويلة من التراجعات الهامة والحاسمة ، اضطر إليها الدين عندما وقف وجهاً لوجه أمام العلم . بالرغم من هذا الكلام الجميل عن روح الدين وجوهره لم يتراجع الدين ولو مرة واحدة أمام العلم إلا بعد معركة ضارية ، أو تحت الضغط المتزايد للثقافة العلمية الحديثة ، أو تحت إلحاح الضرورات الحيوية للتكليف مع موجة العلمنة والتقدم التي تفرض نفسها على حياة المجتمعات في النهاية”.
لنا حول هذا الكلام “العظمي” نظرات ، كل واحدة منها تحتاج مناقشة مستقلة .
( أ ) ففي النظرة الأولى نلاحظ أن الناقد قد أطلق كلمة الدين وقصد كل ما يسمى بني الناس ديناً ، حقاً كان أو باطلاً ، وهذا الإطلاق التعميمي فيه مغالطة جدلية لا يفعلها من يحترم فكر نفسه ، أو يحترم المنهج العلمي السليم لدى النقد والمناظرة ، لأن الحكم الواحد لا يصح ، يحكم به على مختلفات في الحقيقة لمجرد اشتراكها في الاسم العام اشتراكاً لفظياً ، فلا يصح أن يقول القائل : إن الإنسان أصفر الوجه قصير القامة بدليل أن بعض الناس كذلك ، فالأحكام لا تعطي صيغة التعميم الشامل ما لم يثبت أن جميع الأفراد المختلفة في حقيقتها مشتركة فعلاً في هذا الحكم التعميمي .
فمغالطة (د. العظم) هنا قائمة على التعميم في الحكم مع اختلاف حقائق الأفراد التي يحكم عليها . وقد وضح لنا في مواضع كثيرة اعتماده على هذا العنصر من عناصر المغالطات .
أفعلى هذا المستوى يريد أن يوجه نقده العلمي؟
أفعلى هذا المستوى يريد أن يراجع المفاهيم الإسلامية مراجعة عصرية؟
إن هذا العمل بعيد كل البعد عن الروح العلمية النقدية ، لو أنه كان صادقاً في طلب الحقيقة والبحث عنها .
(ب) وفي النظرة الثانية نلاحظ أن الناقد قد أطلق كلمة الدين وقصد بها التعاليم الدينية الأساسية ، والتفسيرات الاجتهادية التي يقول أي إنسان منتسب إلى الدين ، وإن كانت اجتهادات ظاهرة الفساد ، وآخرون من علماء المسلمين يخالفونه فيها ، وإن كانت مفاهيم باطلة لطوائف منحرفة عن الدين تقول أقوالاً شاذة مرفوضة .
وبعد هذا التعميم الباطل يطلق حكمه على الدين نفسه من خلال حكمه على هذه الآراء التي جانب أصحابها فيها وجه الصواب .
لو قبلنا هذا التعميم لكان علينا أن نقبل أي فهم يفهمه أي إنسان من نص قانوني ، أو نص دستوري ، أو نظام من الأنظمة ، أو مذهب من المذاهب الإنسانية ، ثم نجعل هذا الفهم جزءاً من القانون أو الدستور أو النظام أو المذهب ، ثم نوجه إليها النقد على أساس هذا الفهم الخاطئ . لكننا نعلم أن هذا العمل مغالطة حقيرة لا تتفق مع أصول المنهج العلمي النقدي السليم ، لذلك فإننا لا نفعله ، لأن الإسلام يفرض علينا التزام الأمانة الفكرية ، ويفرض علينا أن نحافظ على أخلاق البحث العلمي السليم ، والمنهج النقدي الصحيح .
وشبابنا المسلمون يعرفون هذه الأخلاق ويلتزمونها ، ويعرفون مداخل المغالطات فلا يتأثرون بها . وإذا شاء الملحدون أن يموتوا بغيظهم من ذلك فليفعلوا ، ولتبقَ مغالطاتهم على أكف الرياح السافيات ، مع الهشيم اليابس والقمامات .
( ج ) وفي النظرة الثالثة نلاحظ أن البحوث العلمية المتطور يوماً بعد يوم هي التي تتطور متقدمة إلى الأمام ، لتجد نفسها مقتربة من المفاهيم الكلية الكبرى التي قررها الإسلام في عقائده ومبادئه .
إننا نسمي هذا تقدماً في البحث العلمي إلى المواقع الغائية التي يحتلها الدين الحق ، ولو أردنا أن نجاري (د. العظم) في تعبيراته لقلنا : إن البحوث العلمية تتراجع من مواقع النظرات المادية الإلحادية إلى مواقع النظرات الغائية الإيمانية ، وهي المواقع التي يحتلها الدين بثبات واستقرار ، دون تحول أو تراجع ، لأن الدين الحق الإلهي ، وهو يقف عند مواقع الحق ، وحينما يصل العلم إلى الحق ، تماماً يجد نفسه عند مواقع الدين .
وهذا الكلام منا يحتاج إلى أدلة من الواقع العلمي ، حتى لا يكون ادعاء لا قيمة له ، وسأعتمد في هذا على أقوال كبار العلماء الماديين من علماء القرن العشرين .
من المعروف في قصة الحضارة الحديثة أن معظم الأبطال الأولي الذين اكتشفوا كثيرا من القوانين الطبيعية التي اعتمدت عليها هذه الحضارة كانوا مؤمنين بالله ، ولكن خلفهم قوم زعموا أن هذه الاكتشافات قد أبطلت الحاجة إلى الإيمان بوجود الخالق جلَّ وعلا ، وتلقف الملاحدة الذين لهم غايات خاصة من نشر الإلحاد في الأرض ذلك ، وأخذوا يروجون له في مختلف المجالات العلمية وغير العلمية .
ثم اتسعت دوائر المعرفة خلال القرن العشرين ، فبدأت تنهار أسس الفكر الإلحادي القائم على تفسير الكون تفسيراً مادياً ميكانيكياً بحتاً ، لدى كبار علماء الباحثين في مجالات المعارف الطبيعية الكونية .
لقد حل (أينشتاين) محل (نيوتن) ، كما أن العالمين (بلانك) و(هايزنبرج) قد أبطلا نظريات (لابلاس) ، وفقد معارضو الدين اليوم تلك المكانة التي كانت تسمح لهم بأن يستندوا إلى العلم لنقض أسس الدين .
إن نظرية النسبية وقاعدة الميكانيكا الكمية (كوانتم) قد أوصلتا العلماء إلى الاعتراف بأنه لا يمكن الفصل بين المشاهد والموضوع المشاهد ، ومعناه أنه ليس في إمكاننا إلا أن نشاهد بعض المظاهر الخارجية من أي شيء ، وأننا لا نستطيع أن نشاهد حقيقته الجوهرية .
وقد أصبح من الحقائق القطعية أننا لا نستطيع أن نهتدي إلى الوجود الأصلي لأي شيء فيما يتعلق بعلم الطبيعة ، وأن كل ما يمكننا عمله هو بذل الجهد لمعرفة الهيكل الرياضي لذلك الشيء ، وقد سلم العلماء على أعلى مستوى اليوم بأن الزعم بأننا نستطيع أن نشاهد الأشياء في صورتها النهائية لم يكن إلا وهماً وسراباً .
ويعتقد البروفيسور (آرثر إيدينجتين) “أن معرفة الهيكل الرياضي للشيء هي المعرفة الوحيدة التي يمكن لعلم الطبيعة أن يمنحنا إياها”[31].
فقد جاء في مقال لهذا العالم ما يلي:
” … بقطع النظر عن الجوانب الجمالية والأخلاقية والروحانية ، فإن المادة والجوهر والبعد والوقت وغيرها من تلك الأشياء التي كانت تعتبر خاضع لعلم الطبيعة وحده قد أصبح من المتعذّّر علينا معرفة خصائصها ، بقدر ما كان متعذراً معرفة خصائص الأشياء غير المادية. إن علم الطبيعة الجديد لم يعد في وضع يسمح له بالمعرفة المباشرة لخصائص الأشياء . إن حقيقة هذه الأشياء خارجة عن حدود الإدراك ، ونحن نصل إلى حقائقها بواسطة الصور الذهنية . وأية صورة ذهنية لا يمكن أن تعكس لنا صوراً غير موجود البتة في الذهن . وهكذا لا يمكن للطبيعة 0باعتبار مجال عملها الحقيقي- أن تتناول الخصائص الخارجة عن حدود الإدراك ، بل هي لا تقوم إلا بالدراسة بواسطة الآلات التي يمكن لعلمنا الإحاطة بها . صحيح أن هذه الدراسة تصور لنا بعض الخصائص لعمل الكون إلا أن معلوماتنا الأصلية تتعلق بالدراسة عن طريق الآلات ، وليست بالخصائص نفسها . إن علاقة الدراسة عن طريق الآلات بالخصائص الحقيقية للأشياء تشبه علاقة رقم التليفون بصاحبه”.
ما هذه العلاقة الضعيفة جداً بين الدراسات الطبيعية للأشياء وبين حقائق الأشياء؟
إن هذا العالم الطبيعي من كبار علماء القرن العشرين ليقلل كثيراً من قيمة الادعاءات العريضة التي كان يدَّعيها الماديون ، والتي كانوا يزعمون فيها أن العلوم الطبيعية قد بلغت بدراساتها معرفة حقائق الأشياء أو كادت تصل إليها . إن علماء اليوم المنصفين قد بدأوا ينقضون هذه الأقوال ويستخفونها ، ويعتبرونها تجاوزاً كبيراً للحدود التي بلغها علم الناس ، وهؤلاء العلماء قد بدأوا يعلنون ما كان أعلنه القرآن عن مبلغ علم الناس بقوله تعالى في سورة (الإسراء/17 مصحف/50 نزول):
{…وَمَآ أُوتِيتُم مِّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}.
ويقول البروفيسور (آرثر إيدينجتين) أيضاً:
“إن حقيقة “أن العلم محدود بالمعلومات عن هيكل الأشياء” حقيقة ذات أهمية قصوى . إنها تؤكد أن الحقيقة الكاملة لا تزال غير معروفة . وفي ضوء هذه الحقيقة لا يمكن الزعم الآن بأن أحاسيسنا أو تجربة اتصال النبي بالله ليس لهما مثيل موضوعي (خارجي) وذلك لأنه من الممكن جداً أن يكون هناك مثيل خارجي لهذه الأحاسيس ، أو لتجربة النبي أو العارف بالله . ولم يعد من الممكن أن يقال عن أحاسيسنا الدينية أو الجمالية : إنها مجرد ظواهر خادعة كما كانوا يقولون بالأمس صلافة وتبجحاً ، وبإيجاز : إن العارف المؤمن بالله المؤمن بالدين يمكنه أيضاً أن يعيش –كحقيقة- في الدنيا”.
أليس هذا تراجعاً ظاهراً في موقف العلم إلى مواقع الفكر الديني ، وهذا التراجع أو التقدم في الحقيقة نتج عن واقع تقدم البحوث العملية الطبيعية ، إن العلم الإنساني بدأ يتعرف على حدوده .
ولكن الماديين المتعصبين للنظرات التقليدية الإلحادية ما زالوا يجترون الادعاءات التبجحية السابقة ، على الرغم من أن العلم المتطور قد أظهر فسادها ، وتقدم خطوات مهمة في اتجاه مواقع الدين .
وعلى هذا باستطاعتنا أن نسمي الملاحدة الماديين رجعيين ، لأنهم لا يسايرون تقدم العلم الصحيح .
على أن قضية التقدمية والرجعية من القضايا النسبية ، فمن ابتعد عن الحق إلى جهة الباطل ثم رجع إلى الحق فهو رجعي فاضل كريم ، ومن ابتعد عن جهة الباطل إلى جهة الحق ثم رجع إلى جهة الباطل فهو رجعي خسيس ذميم ، ومن تابع تقدمه في جهة الحق فهو تقدمي بطل صاعد ، ومن تابع تقدمه في جهة الباطل فهو تقدمي خبيث منحط ، فالقضية في كل ذلك نسبية ، تتبع السالك والجهة معاً ، وكذلك الوراء والأمام ، فالنازل من المعالي يكون الوادي أمامه وتكون القمة وراءه ، ولو عقل لنظر إلى الوراء ورجع إليه ، والصاعد إلى المعالي تكون القمة أمامه والوادي وراءه ، وحينما يعقل يستمر في صعوده ولا يلتفت إلى الوراء ولا يرجع إليه .
وقد انتهى الرياضي والفيلسوف الإنكليزي (ألفرد نورث وهايت هيد) إلى “أن الطبيعة حية”.
أي: ليست كما يزعم الماديون مجرد مادة تظهر الحياة فيها نتيجة تركيب آلي في عناصرها ، وهذا اقتراب من المفاهيم الدينية التي تقرر أن الكون عمل موجود حي .
ثم إن الفلكي الإنكليزي السير : (آرثر إيدينجتين) قد استنتج من دراسة العلوم : “أن مادة العالم مادة عقلية” .
وكذلك الرياضي السير : (جيمس جينز) الذي يعتبر أعظم علماء العصر قد عبَّر عن الكشوف الجديدة بقوله : “إن الكون كون فكري”.
إن العلماء الذين أدلوا بهذه الآراء هم علماء على درجة كبيرة من الأهمية في دنيا العلم ، ويلخص البروفيسور (ج. و. ن. سوليفان) أفكارهم في الجملة التالية:
“إن الطبيعة النهائية للكون طبيعة عقلية”.
أي : ليست كما يزعم الملحدون الماديون مجرد حركة عشوائية غير عاقلة ظهر عنها في بلايين القرون هذا النظام الكوني المشاهد ، وهذه النتائج العلمية التي توصَّل إلهيا لعلماء تلغي بكل تأكيد الركائز الخيالية التي كان يستند إليها الملحدون ، وتجعل العلم يقترب من الحقائق الدينية التي تقرر أن الكون عمل موجود عظيم قادر حي سميع بصير .
إن كتاب “عالم الأسرار” ، للفلكي الرياضي البريطاني السير (جيمس جينز) يحتوي على أكثر المواد العلمية قيمة من هذه الناحية ، وقد انتهى هذا العالم بعد مناقشة عملية بحتة إلى أن :
“الكون لا يقبل التفسير المادي في ضوء علم الطبيعة الجديد ، وسببه –في نظري- أن التفسير المادي قد أصبح الآن فكرة ذهنية”.
أي : وهذه الفكرة الذهنية لا يؤيدها واقع الكون . ويقول هذا العالم أيضاً: “إذا كان الكون كوناً فكرياً فلا بد أن خلقه كان عملاً فكرياً أيضاً”.
هل يدرك الملحدون هذه الرجعة العلمية إلى الدين؟ أم يظلون في البقعة العمياء التي يقفون فيها فلا يتقدمون مع تقدم أضواء المعرفة؟
ويقول السير (جيمس جينز) أيضاً:
“من الصحيح أن نقول : إن نهر العلم قد تحول إلى مجرى جديد في الأعوام الأخيرة …
لقد كنا نظن قبل ثلاثين سنة – ونحن ننظر إلى الكون- أننا أمام حقيقة من النوع الميكانيكي . وكان يبدو لنا أن الكون يشتمل على ركام من المادة المبعثرة ، وقد اجتمعت أجزاؤه بالصدفة ، وأن عمل هذه المادة ينحصر في أن ترقص لبعض الوقت رقصاً لا معنى له ، تحت تأثير قوى عمياء لا هدف لها ، وأنه بعد نهاية الرقص ستنتهي هذه المادة في صورة كون ميت ، وأن الحياة قد وجدت صدفة خلال عمل هذه القوى العمياء ، وأن بقعة صغيرة جداً من الكون قد نعمت بهذه الحياة ، أو على سبيل الاحتمال يمكن أن توجد هذه الحياة في بقاع أخرى ، وأن كل هذا سينتهي يوماً ، وسيبقى الكون فاقد الروح .
ولكن توجد اليوم أدلة قوية تضطر علم الطبيعة إلى قبول الحقيقة القائلة بأن نهر العلم ينساب نحو حقيقة غير ميكانيكية .
إن الكون أشبه بفكر عظيم منه بماكينة عظيمة . إن (الذهن) لم يدخل إلى هذا العالم المادي كأجنبي عنه ، ونحن الآن إلى مكان يجدر بنا فيه استقبال (الذهن) كخالق هذا الكون وحاكمه . إن هذا الذهن بلا شك ليس كأذهاننا البشرية ، بل ذهن خلق الذهن الإنساني من “الذرة المادة” وهذا كله كان موجوداً في ذلك الذهن الكوني في صورة برنامج معد مسبقاً . إن العلم الجديد يفرض علينا أن نعيد النظر في أفكارنا عن العالم ، تلك التي كنا أقمناها على عجل . لقد اكتشفنا أن الكون يشهد بوجود قوة منظمة أو مهيمنة ، وهذه القوة تشبه أذهاننا إلى حد كبير ، وهذا الشبه ليس من ناحية العواطف والأحاسيس وإنما هو شبه يتعلق بذلك النهج الفكري الذي يمكننا تسميته بالذهن الرياضي”.
هذا كلام عالم من أعظم علماء القرن العشرين ، شهد آيات الله في الكون عن طريق وسائل المعرفة الإنسانية التقدمية ، وكان منصفاً بريئاً من داء التعصب ،فأعلن شهادته المستندة إلى المعرفة العلمية ، وأبان بوضوح أن نهر العلم قد تحول فعلاً إلى مجرى جديد سائر في اتجاه مواقع الإيمان بالله الخالق القادر العليم الحكيم .
وتحقق بعض ما جاء في الوعد الإلهي إذ قال سبحانه في سورة (فصلت/41 مصحف/61 نزول):
{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}
وسيتحقق كامل الوعد الإلهي مع تقدم العلمي الإنساني بحثاً عن خفايا الكون وأسراره .
فليَقَرَّ المسلمون المؤمنون بالله أعينا ً، وليمت الماديون الملحدون بالله غيظاً . إن العلم المنصف قد بدأ فعلاً يتحول عن تفسيراته المادية البحتة ، التي ملأت الدنيا ضجيجاً في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ، متجهاً إلى تفسيرات أخرى يقترب فيها الدين اقتراباً أزعج المؤسسات الإلحادية إزعاجاً كثيراً ، إذ بدأت تفقد ركائزها التي كانت تلبس ثوب العلم زوراً وبهتاناً ، وتصنع مغالطاتها من الفرضيات التي لم تكن قد أخذت مستوى التحقق العلمي ، وتصوغ منها مقدمات يقينية ، لتدعم سياستها الإلحادية ، نظراً إلى أن الإلحاد يخدم كما عرفنا مصالحها الخاصة .
إن انتصار الحقيقة الكبرى في نهاية المسيرة العلمية قضية مقطوع بها في عقيدة المسلمين ، فلا خوف على الدين من العلم الصحيح .
إلا أن داء الهوى وداء التعصب كثيراً ما يصيبان الباحثين في طريق العلم والمعرفة ، كما يصيبان الآخرين من الناس .
يقول المفكر الإسلامي (وحيد الدين خان)[32]:
“وبالرغم من هذه التغييرات في دنيا العلم لم يطرأ تغير يذكر على العقلية المنكرة للدين . بل على العكس من ذلك ينهمك معارضو الدين في تدبيج قضيتهم ضد الدين بأساليب جديدة ، وليس سبب هذا الموقف اكتشافاً علمياً خطيراً ، وإنما هو التعصب ولا غير . إن التاريخ ليحفل بما لا يحصى من الوقائع التي تبرهن على أن البشر رفضوا الحقيقة – رغم تجليها بوضوح – لأن تعصبهم لفكرة ما لم يسمح لهم بقبولها . وهذا التعصب الأعمى هو الذي جعل العلماء الإيطاليين قبل أربعة قرون يرفضون نظرية (جاليليو) كبديل لنظرية أرسطو القديمة ، على الرغم من أن الكرتين اللتين أسقطهما (جاليليو) من قمة منارة (ليننج) قد جعلتا نظريته حقيقة مرئية للعيان ، وهذا هو التعصب الذي جعل العلماء في نهاية القرن الماضي يسخرون من نظرية البروفيسور (ماكس بلانك) المفسِّرة لظواهر الضوء ، والتي أبطلت نظرية (نيوتن) وتلك هي النظرية التي تسمى اليوم بنظرية الكمية (الكوانتم) ، وتعتبر من أهم أسس علم الطبيعة الحديث .
وإذا كان أحدنا يظن أن داء التعصب يمكن أن يصيب الآخرين دون العلماء فإنني سأذكره بما قاله أحد العلماء المعاصرين وهو الدكتور (أ. و. هيلز):
“إنني سأكون آخر من يدعي أننا نحن العلماء أقل الناس عرضة للتعصب بالنسبة للمثقفين الآخرين”.
فنحن أمام دنيا يمزقها التعصب . فكيف لنا أن نتوقع أن نظرية ما سوف تحظى بقبول الجميع لمجرد أن المنطق أو العلم قد أثبتها؟!
إن تجربة التاريخ الطويل تدلنا على أن العواطف لا العقل هي التي كانت تقود الإنسان ، وبالرغم من أن العقل هو الذي يحظى بالمقام الأرفع علمياً ومنطقياً ، لكن العواطف في أغلب الأحايين هي التي كانت تستعبد العقل ، وكان العقل دوماً يخترع المعاذير للعواطف.”اهـ.
* * *
الفصل العاشر
صراع حول ما أسماه العظم
مأسَاة إبليس
ملاحظة قبل الدخول في الصراع
قال الناقد (د. العظم) في الصفحة (83) من كتابه : “قبل أن أدخل في صلب الموضوع أريد أن يتضح للجميع بأن بحثي يدور في إطار معين ، لا يجوز الابتعاد عنه على الإطلاق ، ألا وهو إطار التفكير المثيولوجي – الديني الناتج عن خيال الإنسان الأسطوري وملكاته الخرافية – إنني لا أريد معالجة قصة إبليس باعتبارها موضوعاً يدخل نطاق الإيمان الديني الصرف ، ولا أريد أن أتكلم عنه باعتباره كائناً موجوداً حقيقياً ، وإنما أريد دراسة شخصيته باعتبارها شخصية ميثولوجية أبدعتها ملكة الإنسان الخرافية وطوَّرها وضخمها خياله الخصب”.
فلا يغترَّ القارئ ببعض أقواله الدينية في صلب الموضوع ، لأنه مضطر إلى إيرادها لدراسة القصة من خلالها ، على اعتبارها واعتبار كل ما يتصل بها خرافة من الخرافات وأسطورة من وضع الإنسان .
( 1 )
كتب (د. العظم) في كتابه “نقد الفكر الديني” فصلاً خاصاً بعنوان : “مأساة إبليس” ، وكان هذا الفصل محاضرة ألقاها .
زعم فيما كتب أن قصة إبليس أسطورة خيالية من الأساطير الدينية ، مثلها كمثل الأساطير الخيالية التي تنتهي بمأساة درامية ، وإبليس بطل هذه المسألة قديس بحسب تفسيراته التي اعتمد فيها على آرائه الشخصية ، وعلى آراء باطنية شاذة اعتمدت على المذهب الجبري في موضوع القضاء والقدر ، وهو مذهب مرفوض كما علمنا ، وما اشتمل هذا المذهب عليه من أفكار لا يمثل العقيدة الإسلامية الصحيحة ، لذلك فإن جميع ما بناه على هذا الأساس من تفسيرات ومفاهيم وأسئلة وإشكالات ساقط مردود ، باعتبار أن الأساس الذي بنى عليه أساس مرفوض دينياً ، وما بني على فاسد فهو فاسد .
ولم يكتفِ باعتبار قصة إبليس الواردة في القرآن قصة أسطورية ، بل هو يعتبر سائر القصص الدينية الصحيحة من قبل القصص الأسطورية ، فقصة إبراهيم وأمر الله له بذبح ولده أسطورة مأساة درامية خيالية في نظره ، وقصة أيوب وبلائه أسطورة مأساة ،وهكذا ، ولكن أعظم بطل ذي قصة مأساوية في نظره هو إبليس ، لأنه تحدى الموقف المأساوي ببطولة .
من الطبيعي أن ينكر القصص الدينية بعد أن أنكر وجود الله ، وأنكر الشرائع السماوية كلها ، وأنكر القرآن وصحة نسبته إلى الله جلَّ وعلا .
إن العقيدة الإسلامية بكل أركانها وفروعها مبنية على أصل واحد هو الإيمان بالله ، فمن اجتث من فكره وقلبه ووجدانه هذا الأصل فكل كلامه في الفروع كلام جدلي محض لا أساس له ، ولا بد أن تكون مناقشته فيه متسمة بالمغالطات والأكاذيب والمشاغبات والعمل على طي الحقائق وكتمانها ، والاقتصار على الجوانب التي تفيده في المعركة الجدلية ، مثله في ذلك مثل المصارع الذي يصنع بيده وعلى وفق هواه دميةً لخصمه ، ثم يدخل معها إلى حلبة الصراع على أنها هي خصمه الحقيقي ، ويصارعها كما يشاء ، ويلعب بها كما يشاء ، ثم يظهر انتصاره عليها . أو كمثل المصارع الذي يستخدم بعض المرتزقة من المصارعين ، ويطلب منه أن يلبس قناع خصمه الحقيقي ، وينزل بدل الخصم في حلبة المصارعة ، على أن يصارع مصارعة ضعيفة ، ينهزم في أعقابها عند حلول الزمان المعلوم ، ووفق صورة مرسومة متفق عليها سابقاً .
وما أكثر هؤلاء المقنعين من الذين يتظاهرون بالدفاع عن الدين ، ويصارعون أعداءه بضعف ظاهر ، ثم ينكشفون بعد محاولات باردات ، لا يستخدمون فيها أية قوة من القوى الدينية الصحيحة ، ويقبعون أخيراً في الزوايا مهملين ، ويبقى أعداء الدين في الحلبة بعدهم يجولون .
وبعض هؤلاء يقدمون ما يلزم من حركات ليستخدمها الطرف المقابل الذي رسم له النجاح مقدماً ، وليقوم بحركات بهلوانية تعجب الناظرين ، وتلفت إليه الانتباه كله ، وتصوِّره في نفوس المشاهدين بصورة البطل المصارع الذي لا يُغلب .
ولقد غدت هذه اللعبة الخداعية لعبة مكشوفة لدى الجماهير ، في حلبات الرياضة البدنية ، وفي حلبات السياسة ، وفي حلبات المذاهب الفكرية المختلفة ، وفي حلبات المعارك الحربية أيضاً ، وهي في حلبات الصراع ضد الدين كثيرة جداً ، ومتعددة الوجوه والصور والأشكال ، ومختلفة السمات والملامح .
ومن عجيب أمر (د. العظم) أنه أقام من نفسه عارضاً للصورة الإسلامية كما يهوى ، ومدعياً على الإسلام وفق الصورة التي رسمها هو ، ومحامياً عنه كما يشتهي ، ومحامياً ضده كما يريد ، وقاضياً مشاركاً في دراسة الدعوى ، وأخيراً جعل من نفسه حاكماً لا يقبل حكمه الاستئناف ولا التمييز ، وهو قبل كل ذلك الخصم الذي يدبر المكايد ، ويصنع الأكاذيب ، ويلفق الحيل لهدم الإسلام هدماً كلياً ، ولا يألوا جهداً في توجيه أي حرب ضده وضد المسلمين ، خدمة للماركسي ، ومن ورائها اليهودية العالمية .
وحينما يستشهد بأقوال بعض المسلمين فإنه لا يستشهد إلا بالأقوال الشاذة والآراء المنحرفة ، ويتصيدها تصيداً من ضمن الآراء الصحيحة السليمة ، ويقدمها على أنها هي وحدها الممثلة للفكرة الإسلامية في موضوع البحث الذي يناقضه ، ويطوي ما عداها من الآراء والمفاهيم ، أو يشير إليها إشارة خفيفة دون بيان ، وعلى طريقته التي عرفناها فيه يغالط في الحقائق ، فيعمم الخاص، أو يخصص العام من عنده ، أو يكذب في النسبة ، أو يؤول من عنده تأويلاً فاسداً ، أو يحرف في المراد من المعاني ، إلى غير ذلك من أصول المغالطات .
نقل شطحات الحلاج الشاذة القائمة على العقيدة الجبرية ، وعلى التفسيرات الباطنية ، والتعبيرات الرمزية ، واعتبرها هي الممثلة للفكرة الإسلامية في موضوع إبليس وقصته ، مع أن هذه الأقوال مخالفة للنصوص القرآنية ، والأحاديث النبوية مخالفة صريحة ، ولا تحتمل هذه النصوص تلك المعاني الباطنية الشاذة ، لا في أسلوبها العربي ، ولا في دلالتها الفلسفية ، وما هي إلا تحريف في الدين بآراء فلسفية لاهوتية دخيلة على الفكر الإسلامي .
واعتمد آراء عز الدين المقدسي في كتابه “تفليس إبليس” لأنها في مضمونها تتضامن مع الشطحات الحلاجية الباطنية ، الجانحة عن المفاهيم القرآنية ، بالآراء الدخيلة على الفكر الإسلامي ، والتي أفسدت بعبثها نقاء الحقيقة الدينية الظاهرة من النصوص الإسلامية ، وهي الحقيقة التي فهمها أصحاب رسول الله والعلماء والأعلام من بعدهم ، ثم دخلت من بعد ذلك المذاهب المشبوهة في غاياتها ، فأفسدت ما أفسدت . وتتابع المضللون من بعدهم يعتمدون أقوالهم ويبنون عليها لمحاربة الإسلام والمسلمين .
لكن الله يحمي دينه من المخربين من داخل الصفوف ، والمحاربين من خارجها، ويحق الله الحق ويبطل الباطل ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون .
( 2 )
إبليس في الفكر الإسلامي
إبليس هو واحد من الجن ، والجن مخلوقات غير الملائكة ، وهما جميعاً غير الإنس ، ولكل صنف من هذه المخلوقات خصائص وسمات . فالملائكة خلقهم الله من نور ، والجن خلقهم الله من مارج من نار (أي: من أخلاط من النار) ، والإنس خلقهم الله من طين كما هو معلوم (أي: من عناصر مختلفة من الأرض ترابها ومعادنها ومائها).
وقد دل على هذه الفوارق في عناصر التكوين ما رواه مسلم عن عائشة ، عن الرسول أنه قال : “خُلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم”.
وقد أثبت القرآن الفرق بين عنصري الإنس والجن وفق الصورة نفسها التي وردت في هذا الحديث ، فقال الله تعالى في سورة (الرحمن/55 مصحف/97 نزول):
{خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ * وَخَلَقَ ٱلْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ}
وفي احتجاج إبليس إذ رفض أمر الله له بأن يسجد لآدم قال فيما يحكيه الله عنه في سورة (الأعراف/7 مصحف/39 نزول):
{أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}
والملائكة مخلوقون قبل الإنسان ، بدليل أن الله عرض على الملائكة قبل خلق آدم قضاءه بأنه خالق بشراً من الطين .
والجن أيضاً مخلوقون قبل الإنسان ، بدليل قول الله تعالى في سورة (الحجر/15 مصحف/54 نزول):
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ منْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ }
الصلصال: هو الطين اليابس الذي يصلصل إذا نقرته .
والحمأ : هو الطين الأسود المتغير .
والمسنون: هو المصور .
فهذه الحقائق المستفادة من النصوص الإسلامية توضح تماماً اختلاف العناصر التكوينية بين الكائنات الثلاثة : (الملائكة – الجن – الإنس) ، وتوضح أن الملائكة والجن مخلوقون قبل الإنسان .
وإبليس هو من الجن لا من الملائكة على خلاف ما زعم (د. العظم) ، وزعم أن الملائكة ليسوا بمنجاة من الغواية ، كما أراد أن يفهم من النصوص الإسلامية ، وإن كان هو بالأساس لا يؤمن بوجود الملائكة ولا بوجود الجن أصلاً ، والدليل على أن إبليس من الجن لا من الملائكة قول الله تعالى في سورة (الكهف/18 مصحف/69 نزول):
{وَإِذَا قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ..}.
فهذا يوضح لنا أن عنصره كان من عنصر الجن لا من عنصر الملائكة ، يضاف إليه ما ثبت في النصوص من أنه مخلوق من مارج من نار ، أما الملائكة فهم مخلوقون من نور .
إذن فقد كان إبليس بين الملائكة عنصراً دخيلاً ، وقد كشفه الامتحان ، والذي سمح له بأن يدخل بين صفوف الملائكة وجود التشابه الصوري ، والمشاركة في بعض الخصائص بين الجن والملائكة ، حتى كان إبليس يعبد مثل عبادة الملائكة ويخالطهم في بعض أعمالهم ، وهذا ما يظهر من تفسير دخوله في عموم أمر الله الملائكة بالسجود لآدم ، ويحتمل أن يكون الأمر بالأساس موجهاً للملائكة والجن معاً بالسجود لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر ، والله أعلم بالحقيقة ، لكن كون إبليس من عنصر الجن لا من الملائكة أمر محقق بصريح النص الذي لا يحتمل التأويل .
ويؤكد هذه الحقيقة ظهور المعصية منه بعد الامتحان ، وذلك لأن الملائكة من خصائصهم التكوينية أنهم لا يعصون لله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وقد دلت على هذه الحقيقة نصوص قرآنية كثيرة ، منها قول الله تعالى في سورة (الأنبياء/21 مصحف/73 نزول):
{وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ}.
ووصفهم الله بقوله أيضاً في سورة (الأنبياء/21 مصحف/73 نزول):
{لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}
وظاهر أن إبليس قد استكبر على طاعة الله إذ أمره الله بالسجود لآدم ، ولم يعمل بأمره تعالى ، فهو عنصر مغاير لعنصر الملائكة ، له إرادة حرة ، ودوافع نفسية تدفعه إلى المعصية ، ولديه شروط التكليف كاملة .
ولكن (د. العظم) غالَطَ في هذه الحقائق وتلاعب بمفاهيم النصوص كما راق له ، ليبني بناءاته الفاسدة على الصورة التزييفية التي صنعها .
وبيان هذه الحقائق أخذاً من صريح النصوص سقط ادعاؤه الفاسد أن النصوص تفيد أن إبليس ملك من الملائكة ، وقد عصى لأن الملائكة عرضة لفعل الخير والشر والهداية والغواية كالإنسان .
وإذ عصى إبليس وهو من الجن فليس معنى ذلك أن الجن كلهم عصاة ، بل هم كالإنس ، بعضهم مؤمنون مطيعون ، وبعضهم عصاة ، وبعضهم كافرون ، ومردة كفار الجن هم الشياطين وهم ذرية إبليس جنوده .
ولما عصى إبليس ربه وأصر على عصيانه ولم يتب إلى بارئه ، وإنما جادل وعاند فطرده الله من رحمته ، تحدى فآلى على نفسه أن يغوي الإنسان ، وأن يتخذ جنوداً من الجن للإغواء ، بعد أن أخذ من ربه وعداً بأن ينظره إلى يوم الدين ، فقال الله له : إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ، أي : إلى يوم إنها ظروف هذه الحياة الدنيا لا إلى يوم الدين .
وفي الناس شياطين أيضاً ، والشياطين من الناس هم الكفرة بالله ، الذين يقومون بوظيفة إغواء الناس وصدهم عن سبيل الله ، فهم مردة كفار الإنس ، وهم شياطين الجن يتولى بعضهم بعضاً ، وينصر بعضهم بعضاً ، ويكمل بعضهم بعضاً ، في أعمال الإفساد والوسوسة والتضليل ، قال الله تعالى في سورة (الأنعام/6 مصحف/55 نزول):
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}
وقد ذكرني هذا بالنقاد (د. العظم) ، إذ دافع عن إبليس بما لم يدافع به إبليس عن نفسه بين يدي ربه ، فتمم له بعد أن نفذ فيه حكم الطرد من رحمة الله بنود الدفاع التي كان قد نسيها وهو بين يدي المحاكمة الربانية ، وما أظن أن المحاكمة ستستأنف ، لورود حيثيات جديدة تنبَّه إليها (د. العظم) ولم يكن قد تبنَّه إليها المدَّعى عليه إبليس يوم رفض السجود لآدم .
لقد تلاعب “سيادته” بمضامين القصة ، وهو غير مؤمن بها أصلاً ، ليشوش على المؤمنين مفاهيمهم وعقائدهم .
إن إبليس مؤمن بربه ، إلا أنه عاصٍ معاند متمرد ، مستكبر على أمر به ، وبذلك كَفَرَ كُفْرَ تمرد على الطاعة ، ثم لما طُرد من الرحمة تصدى لإغواء الناس وإفسادهم .
أما “سيادته” فهو يحمل كل هذه الصفات مضافاً إليها الجحود بالله والكفر به وإنكار وجوده أصلاً ، فهو بهذا أكثر إيغالاً في الكفر ، وأكثر عناداً وتمرداً ، وأقدر على المجادلة بالباطل .
وصدق الله العظيم . لقد وصف الإنسان بقوله في سورة (الكهف/18 مصحف/69 نزول):
{…وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً}.
( 3 )
قال (د. العظم) في الصفحة (91) من كتابه:
“برَّر إبليس رفضه السجود لآدم تبريراً منطقياً واضحاً إذ قال : (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) “.
ومن العجيب أن يؤمن “سيادته” وهو ماركسي المذهب بالفوارق العنصرية ، فيرى أن من كان أصل تكوينه من النار هو أشرف وأكمل تكويناً عنصرياً ممن كان أصل تكوينه من الطين .
لو قال هذا الكلام واحد من المصابين بداء الكبر الطبقي العنصري الأرستقراطيين لكان كلامه منسجماً مع مذهبه ، أما أن يقوله ماركسي يحارب الأرستقراطية والكبر الطبقي العنصري فهو شيء عجيب ، لكن ما دام مثل هذا الكلام يخدم قضية الإلحاد فلا مانع لديه من أن يتبناه ويجعله أصلاً منطقياً ، ويدافع به عن إبليس ؛ ويجعل حجته فيه حجة منطقية ، ويسهب في شرحها وتأييدها ، فيقول في دفاعه عنه:
“عن إمعان النظر بحجة إبليس الأولى التي تتألف من مفاضلته بين جوهره (النار) وبين جوهر آدم (الصلصال) نجد أنها لم تكن استكباراً وفخاراً ، بقدر ما كانت استذكاراً لحقيقة أساسية شاءها الله وأوجدها على ما هي عليه . وهذه الحقيقة هي أن الله لم يخلق الطبائع على درجة واحدة من السمو والكمال إنما ميَّز بينها ، ليس من حيث خصائصها الطبيعية والمادية فحسب بل من حيث درجات كمالها ورفعتها أيضاً . وبناءً عليه ففي إمكاننا أن نصنِّف الكائنات والأنواع في نظام تقديري معيَّن يبدأ بالكمال المطلق ذاته ، ثم يتدرج بالأنواع كلٌّ حسب درج كماله التي أسبغها الله عليه ، إلى أن نقترب من العدم باعتباره الحد الذي نقف عنده ، ولا ريب أن النار بطبيعتها وجوهرها تحتل مرتبة أسمى وأرفع في هذا الترتيب من المرتبة التي يحتلها الصلصال .بعبارة أخرى تنطوي مفاضلة إبليس بين جوهره وبين جوهر آدم على نظرة فلسفية معينة لنظام الكون وترتيب الطبائع وفقاً لدرجات الكمال التي تتصف بها . لذلك كان إبليس على حق في جوابه ، لأن الخالق جعل الأشياء على ما هي عليه من درجات الكمال والسموّ ، وأمر السجود لآدم يشكل مخالفة صريحة لهذا النظام وخروجاً على الترتيب الذي شاءه الله وأوجده . فإذا كان جوهر إبليس أرفع في سلم الكمالات من جوهر آدم فلن تستطيع النار عندئذٍ أن تذل للصلصال إلا بالسير في اتجاه مضاد لطبيعتها ومنافٍ لدرجة الكمال التي أسبغها الله عليها ، وهذا أمر محال ما لم يطرأ تحول جذري على المشيئة الإلهية فتغير ترتيب الطبائع عما كانت عليه منذ أن أوجدها الله “.
هذه الحجة الإبليسية التي شرحها (د. العظم) منقوضة من عدة وجوه واقعية وفلسفية ، وليس لها سند إلا الكبر العنصري .
أولاً: من أين له بأن يحكم حكماً قاطعاً للنار المتلفة المحرقة بأنها أرفع عنصراً من الماء والتراب المنبتين المخصبين اللذين فيهما الخير الكثير ، وهما مادة لحياة فيها كمال عجيب ، وهما وفق نظرية النشوء والارتقاء التي يعتقدها اتباعاً للداروينية يقعان في درجة أرقى وأرفع من الدرجة التي تحتلها النار ، لأن الأرض كانت ناراً فبردت صارت على ما هي عليه بعد أن مرت بدرجات ارتقائية متعددة ، فكان منها الحيوان ثم كان منها الإنسان .
فأين منزلة النار من التراب على هذا وفق مذهبه؟
ثانياً: هل العبر بأصل العنصر ، أم العبرة بما نتج عنه وخلق منه وظهر فيه؟
أهان على سيادته أن يهدم كل مذهبه الديمقراطي لأن ذلك يخدم في نظره معارضة الدين فيما جاء فيه من مفاهيم وحقائق ، فأخذ يؤيد الأرستقراطية الطبقية العنصرية؟
هذا مع أن الإنسان بعد تكوينه من الطين ظهر أنه أسمى في خصائصه العلمية الاستنباطية من الجن المخلوقين من النار ، فهو بعد التكوين أكمل وأسمى مرتبة من الجن ، بتكوين الله .
حتى الآن ظهر لنا أن “سيادته” قد ناقض نفسه مرتين في قضية واحدة ، ليدافع عن موقف إبليس ، ويدعم رفضه أن يسجد كما أمره الله .
في المرة الأولى : ناقض نفسه في نظرية النشوء والارتقاء التي يعتقدها .
وفي المرة الثانية :ناقض نفسه في المذهب الديمقراطي الذي يتبعه .
ثالثاً: لو كان سجود إبليس لآدم أمراً منافياً لطبيعته المخلوقة من النار لكانت الملائكة بذلك أحرى منه ، لأنهم مخلوقون من عنصر هو أرفع من الطين من النار ، ألا وهو عنصر النور ، ومع ذلك فإنهم قد سجدوا كلهم أجمعون ولم يعصِ الله منهم أحد ، فظهر أن إبليس لم يكن له عذر مقبول في رفض السجود ، وأن هذا السجود ، ما كان ليضاد طبيعته التي فطره الله عليها .
رابعاً: حينما رفض إبليس أن يسجد لآدم إنما رفض أمر التكليف الرباني له ، وأمر التكليف في مجال الامتحان لا بد أن يشتمل على عنصر مخالفة للنفس ، واجتياز عقبة من عقباتها ، وإلا لم يكن تكليفاً كاشفاً للطاعة أو للمعصية لدى الإرادة الحرة ، ولو كان التكليف موافقاً لأهواء النفس وشهواتها لما كان في الحقيقة امتحاناً للإرادة بين طريقي الطاعة والمعصية . وهذه العقبة في إبليس كانت كبر نفسه ، فعلَّته الحقيقية هي مرض الكبر العنصري الطبقي الأرستراطي ، وحين امتحن في مجال هذه العقبة النفسية سقط في الامتحان ، ثم أصرَّ ولم يتراجع .
وها ما دمغه الله به في قوله له كما جاء في سورة (الأعراف/7 مصحف/39 نزول):
{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَٱهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّاغِرِينَ}.
فكانت عقوبة التكبر الذي تكبره صَغاراً وذلةَّ ، ولم يدافع إبليس عن نفسه بأنه لم يتكبر ، أو بأن السجود كان منافياً لطبيعته التي فطره الله عليها ، وإنما أصرَّ وعاند .
وأوضح الله أيضاً عنصر استكبار إبليس وعناده في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول):
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ}
وأوضح الله عناصر محاكمته لإبليس في سورة (ص/38 مصحف/38 نزول):
{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِني خَالِقٌ بَشَراً من طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ ٱلْمَلاَئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ * قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ * قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ منْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدينِ}
فهذه النصوص كلها تحقق أن علة رفض إبليس السجود إنما كان عنصر الاستكبار في نفسه .
فمن أين للنقاد (د. العظم) أن يزعم أن هذا الرفض لم يكن استكباراً وفخاراً بقدر ما كان استذكاراً لحقيقة أساسية شاءها الله وأوجدها على ما هي عليه ، مادام يحلل القصة من نصوصها تحليلاً لغوياً وهو لا يؤمن بها أساسً ، كما لا يؤمن بأية حقيقة دينية؟
ولدى المقارنة بين الامتحان الذي أجراه الله لإبليس ، والامتحان الآخر الذي أجراه الله لآدم ، نلاحظ أن ابتلاء إبليس قد كان في مخالفة جرثومة الكبر في نفسه فسقط في الامتحان بعد أن كان قائماً بالطاعات التي لا تصادم هوى في نفسه ثم أصر على الاستكبار والعناد والتمرد ، أما ابتلاء آدم فقد كان في مخالفة جرثومة الشهوة في نفسه فسقط في المعصية ، فعوقب ، ولكنه لم يصر ولم يعاند ، بل رجع وأناب ، واستغفر الله وتاب ، ففتح الله له باب القبول ونجح في الدور التكميلي .
وحين نمنع النظر في العناصر الحقيقية التي تقتضي تفضيل بعض الكائنات على بعض ، فلا بد أن نلاحظ أن الله قد فضل الإنسان المخلوق من الطين على الجن المخلوقين من النار ، بما وهبه من خصائص عملية استنباطية ، ليست موجودة لدى الجن ، ويرى كثير من الباحثين أن الله فضله بهذه الخصائص على الملائكة أيضاً ، بدليل أن الله أمر الملائكة بالسجود له ، وبدليل أن الله علَّم آدم الأسماء كلها في حين أن الملائكة أعلنوا عجزهم فقالوا : {سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا}.
وبعد أن درسنا الخصائص الإنسانية وعرفناها تبين لنا أن الإنسان قادر على إدراك الأشياء الغائبة عنه ، عن طريق الاستنباط من سماتها وآثارها القريبة أو البعيدة ، فهو يستطيع بالتأمل والاستنتاج أن يدرك بعقله ما لا يدركه بحواسه إدراكاً مباشراً .
فلعل هذا هو ما امتاز به آدم أبو البشر على الملائكة الذين أعلنوا أنهم لا يعلمون إلا ما يعلمهم الله إياه بطريق مباشر ، أما أن يعلموا سمات الأشياء وخصائصها عن طريق الاستنباط العقلي فهذا أمر لا يملكونه ، ولما وضع الله آدم موضع الامتحان أظهر براعته بهذا الشأن ، وبذلك ظهرت للملائكة حكمة الله الجليلة في خلق الإنسان وإبداعه .
وقد يشهد لهذا قول الله تعالى في سورة (التين/95 مصحف/28 نزول):
{لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}
فهذا النص يشعر بامتياز الإنسان على سائر ما خلق الله وسائر من خلق الله بأنه مخلوق في أحسن تقويم .
ولا ينقص هذا الامتياز كون الملائكة والجن أقدر من الإنسان في كثير من الأعمال الجسدية المباشرة ، بحسب تصورنا للملائكة والجن المقتبس من دلالات النصوص الدينية ، لأننا حينما نلاحظ الجوانب الفكرية والنفسية للإنسان يظهر لنا أن الإنسان باستطاعته أن يستخدم كل الطاقات الكامنة في الكون بالبحث عن سماتها وخصائصها ، والحيلة في النفاذ إليها وتسخيرها تسخيراً هائلاً ضمن أغراضه ومصالحه ، وهذا ما تعجز عنه الجن والملائكة ، وهو يدل فعلاً على أن الإنسان مخلوق في أحسن تقويم .
ولكن هذا الإنسان المخلوق في أحسن تقويم سيهبط إلى أسفل سافلين إذا كفر بربه وجحد جحوده أو أشرك به أحداً ، وذلك إذ وجَّه ما لديه من قدرة استنباط وبحث لمعرفة خصائص الطبيعة وكوامنها ، ثم أقام بينه وبين الحقيقة الكبرى حقيقة وجود الله سداً من الجحود والعناد والكبر ، فراراً من طاعة الله وعبادته ، وتطاولاً إلى مقام الألوهية إذ تنزع نفسه إلى تأليه ذاته ، صرح بذلك أو لم يصرح ، وأخلاقيته هذه هي التي ترده إلى أسفل سافلين ، بعد أن كان في أحسن تقويم .
وينجو من هذا الردّ الشائن المهين الذين آمنوا بربهم وبما جاءهم من لدنه ، وعملوا الصالحات في حياتهم ، فهؤلاء يحافظون على بعض مستويات الامتياز الذي وهبوه في أصل الخلق ، ومن هؤلاء من يحافظ على المستوى الرفيع ، فيبقى أفضل من الملائكة ، ومنهم من ينزل عنه على قدر معاصيه وتقصيراته ، ولذلك قال الله تعالى في سورة (التين/95 مصحف/28 نزول):
{لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}
أي : فلهم أجر غير مقطوع .
فدلائل النصوص تؤكد أن أمر الله للملائكة بالسجود لآدم أمر منسجم مع منطق الأفضلية ، على أنه لو لم يكن آدم قد فضَّله الله بأية ميزة ، ثم أمر الملائكة بالسجود له ، لكان عليهم أن يسجدوا امتثالاً وطاعة للأمر الإلهي ، لا عبادة لآدم ، ويكون آدم قبلة سجودهم ، كما أن أمكنة خاصة من الأرض هي قبلة العابدين ، حينما يتوجهون لله بالصلاة ، توحيداً للجهة وتوحيداً لصفوف المؤمنين .
وباستطاعتنا أن نلتمس حكمة أخرى لهذا الأمر بالسجود لآدم ، إذ نستعرض قصة خلق آدم كما قصها الله علينا .
تشتمل هذه القصة على عرض سابق من الله للملائكة بأنه سيخلق بشراً ، وعلَّم الملائكة بأن هذا المخلوق الجديد سيزوَّد بخصائص نفسية وإرادية وفكرية تجعله يفسد في الأرض ويسفك الدماء ويعصي الله تعالى ، فوجَّهوا إلى الله تساؤلاً فيه رائحة الاعتراض على حكمة الله في الخلق ، فكان الجواب الأولى لهم يتضمن أن الله يعلم ما لا يعلمون ، وكان الجواب الثاني لهم جواباً تطبيقياً عملياً ، إذ ميَّز الله آدم بعلم الأسماء كلها ، أي : بمعرفة سمات الأشياء وخصائصها واستنباط ما في بواطنها ، وهذا أمر أعلن الملائكة عجزهم عنه ، وكان لا بد من تكفير على التساؤل الذي بدت منه رائحة الاعتراض على حكمة الله في الخلق ، فأمر الله الملائكة بالسجود لهذا المخلوق نفسه الذي تساءلوا عن الحكمة من خلقه ، فسجدوا له ، وكفَّروا بسجودهم هذا عن سابق تساؤلهم ، ولم يكن أي سجود آخر دليلاً على الإذعان والتكفير في هذا الموضوع بالذات ، لأن الملائكة ساجدون لله ، عابدون له ، مسبِّحون بحمده ، مقدسون له دائماً ، فلو قال لهم اسجدوا لي لكان أمراً بتحصيل الحاصل الذي لم ينقطعوا ولن ينقطعوا عنه ،وكان هذا الأمر نفسه اختباراً لإبليس وكشفاً لهويته الحقيقية ، إذ لم يكن عنصراً نورانياً ملائكياً ، وإنما كان نارياً جنياً وكان بين الملائكة دخيلاً ولم يكن فيهم عنصراً أصيلاً.
وبهذا البيان يتضح لنا مبلغ التحويرات والمغالطات والمفاهيم الفاسدة التي قدمها الناقد (د. العظم).
( 4 )
قال الناقد (د. العظم) في الصفحة (90) من كتابه:
“1- لا شك أن إبليس خالف الأمر الإلهي عندما رفض السجود لآدم ، غير أنه كان منسجماً كل الانسجام مع المشيئة الإلهية ، ومع واجبه المطلق مع ربه .
2- لو وقع إبليس ساجداً لآدم لخرج عن حقيقة التوحيد ، وعصى واجبه المطلق نحو معبوده”.
ما شاء الله !! فهم غريب لم يفهمه إبليس نفسه ، لذلك فهو لم يذكره في حجته ، ولم تفهمه الملائكة فسجدت فأشركت بالله من حيث لا تدري ، ثم جاء نصيره من أبناء القرن العشرين ومن قبله باطنيون شوهوا صورة المفاهيم الإسلامية بأباطيلهم وفلسفاتهم ، ووضعوا من عندهم قصصاً خرافية ، أفسدوا فيها حقائق الإسلام الصافي ، فاكتشفوا فهماً جديداً لم يستطع أن يتوصل إليه أصحاب العلاقة أنفسهم .
ثم تابع سيادة الناقد شرح فكرته ، فقال :
“أراد الله للملائكة أن يقدسوه وأن يسبِّحوا باسمه ؛ لذلك كان السجود لآدم وقوعاً فيما يضيفه أهل الشرك إلى الذات الصمدية مما هي منزهة عنه ، إذ إن السجود لغير الله لا يجوز على الإطلاق لأنه شرك به . في الواقع يثير اختيار إبليس سؤالاً هاماً جداً هو : هل تكمن الطاعة الحقيقية في الإذعان للأمر؟ أم في الخضوع للمشيئة؟ هل يكمن الصلاح في الانصياع للواجب المطلق أم لواجب الطاعة الجزئية؟ لو كان الجواب على هذا السؤال بسيطاً وواضحاً لما وجدت المأساة في حياة الإنسان ، ولما وجد إبليس نفسه في هذه المحنة ، ولما وقع بين براثن الأمر والمشيئة . نستنتج إذن أن موقف إبليس يمثل الإصرار المطلق على التوحيد في أصفى وأنقى تجلياته”.
مغالطات الناقد هنا تعتمد على التلاعب بالمفاهيم الإسلامية لتشويه صورتها ، وترتيب النقد ترتيباً يناسب هذه الصورة المشوهة .
ولنا في كشف مغالطاته هذه وجهان:
الوجه الأول: أن أوامر الله لا تتناقض ، فلا يمكن أن ينهى عن عبادة غير في الوقت الذي يأمر فيه بعبادة غيره ، ولا يمكن أن يأمر بعبادة غيره في الوقت الذي ينهى فيه عن عبادة غيره .
إذا تقررت لدينا هذه الحقيقة علمنا أن أمر الله الملائكة بالسجود لآدم ليس أمراً بعبادته قطعاً ، لأن الله نهى عن الشرك به .
ويمكن تفسير أمر السجود بعد هذا بأنه سجود احترام لا سجود عبادة ، ويمكن تفسيره أيضاً بأنه سجود عبادة لله تعالى ، وكان آدم في هذا السجود قبلة التوجه الجسدي فقط ، كما أن الكعبة قبلتنا حينما نعبد الله في الصلاة .
الوجه الثاني: أن أصل الشرك بالله هو اعتقاد أنه يوجد إله غير الله ينفع أو يضر أو يستحق العبادة لذاته ، ولهذا الشرك تعبيرات قولية أو عملية .
والتعبيرات القولية تدل بوضعها اللغوي الاصطلاحي على مدلولاتها ، فإذا قالها قائل قاصداً لمعانيها وفق مصطلحاتها اللغوية دل على أنه قد أشرك بالله في عقيدته .
والتعبيرات العملية تدل أيضاً بوضعها الاصطلاحي المتعراف عليه على مدلولاتها الاصطلاحية ، فإذا فعلها فاعل قاصداً مدلولاتها الاصطلاحية المتضمنة معنى الشرك باله في العبادة دل على أنه قد أشرك بالله .
وهنا نلاحظ أن حركات العبادة لله تعالى حركات لا تختص في الاصطلاح بمعاني العبادة ما لم تقترن بما يدل على أنها عبادة ، من نية في النفس ، أو هيئة تركيبية خاصة في صورة معينة ، ذات مراسيم وأقوال خاصة ، كالصلاة ذات الركوع والسجود والقراءات والأذكار والأدعية ، وكالطواف حول الكعبة ، وكالسعي بين الصفا والمروة ، ونحو ذلك .
وقد كان الركوع والسجود عند كثير من الأمم والشعوب القديمة تعبيراً عن الاحترام والتقدير ، وليس تعبيراً عن عبادتهم لمن يسجدون أو يركعون له ، كما تكون صورة الركوع أو السجود لأعمال عادية بحتة ، أو أعمال رياضية .
ومن سجود الاحترام والتقدير سجود إخوة يوسف له .
ومن هذا يظهر لنا بوضوح أن عملية السجود ليست تعبيراً ملازماً لمعنى العبادة في كل الأحوال ، أو في كل المصطلحات ، ولذلك كان من يسجد صورة لله وهو في قلبه ونفسه غير ساجد له فإنه لا يكون لله عابداً .
فلا بد من التعبير المادي من أن يكون مقترناً بالنية التي تحدد القصد منه ، والملائكة لم يقترن سجودهم لآدم بنية عبادة له مطلقاً ، وإنما كانوا يعبدون الله الذي أمرهم بالسجود ، ولا يشركون بعبادته أحداً ، ولو سجد إبليس لكان سبيله سبيلهم .
نعم لا نجيز في الشريعة الإسلامية السجود لغير الله ، ولو على سبيل الاحترام لا على سبيل العبادة ، لأن الشريعة الإسلامية التي جاءت خاتمة الشرائع الربانية قد منعت من ذلك ، فنحن نتَّبع أحكامها ، وسر المنع دخول مفاهيم الشرك بالله في الواقع الإنساني الجاهلي ، واتخاذ هذا الشرك طابع عبادة غير الله بالسجود والدعاء والقرابين ونحو ذلك ، فلما نزلت شرائع الإسلام منعت هذه الظاهرة كلها سداً للباب ، ولم يكن هذا الشرك ولا تعبيراته ولا مصطلحاته معروفة لا عند الملائكة ولا عند إبليس ، حتى يجعله سيادة الناقد واقعاً في تصور إبليس ، ولذلك رفض السجود لآدم .
وهكذا تظهر لنا مغالطته في نقل مصطلحات حديثة إلى زمن لم يكن فيه للشرك وجود مطلقاً ، والمغالطة هنا تعتمد على تعميم المصطلحات الزمنية وجعلها مصطلحات ثابتة من الأزل إلى الأبد .
مع أن لكل زمن مصطلحاته ، ولكل أمة مصطلحاتها ، والثابت إنما هي المعاني الحقيقية التي يُدَلُّ عليها بأي مصطلح قولي أو عملي ، أو أي وسيلة أخرى من الوسائل التي تدرك بالسمع أو بالبصر أو باللمس أو بغيرها .
لقد تأكد لدينا بعد هذا البيان أن التناقض في الأوامر الإلهية مستحيل بداهة ، وممنوع قبوله في المفاهيم الدينية ، ولا يقع هذا التناقض إلا في ذهن جاهل أساء الفهم أساء التصور ، أو في أقوال مضلِّل هدفه أن يشك الناس بدينهم .
( 5 )
ويدَّعي الناقد (د. العظم) وجود التناقض بين الأمر الإلهي والمشيئة الإلهية ، فيقول في الصفحة (89) من كتابه:
“لقد شاء الله وجود أشياء كثيرة غير أمر عباده بالابتعاد عنها ، كما أنه أمرهم بأشياء ولكنه أرادهم أن يحققوا أشياء أخرى ، لذلك باستطاعتنا القول بأن الله أمر إبليس بالسجود لآدم ، ولكنه شاء له أن يعصي الأمر ، ولو شاء الله لإبليس أن يقع ساجداً لوقع ساجداً لتوه ، إذ لا حول ولا قوة للعبد على ردِّ المشيئة الإلهية”.
هذا كلام يخدع بظاهره ، ولكنه يتضمن مفاهيم فاسدة مأخوذة من مفاهيم الجبريين ، ومذهب الجبريين مذهب فاسد استغله “سيادة” الناقد هنا ، ليظهر أن الصفات الإلهية في مفاهيم المسلمين قد تتناقض ، وأن المسلمين يقبلون فيها هذا التناقض ، ثم ليتخذ كل ذريعة لنقض قضية الإيمان من أساسها .
لقد أوضحنا فيما سبق أن المشيئة الإلهية لا تتناقض مع نفسها بحال من الأحوال ، فلا يمكن أن تتوجه مشيئتان متناقضتان لشيء واحد في وقت واحد . فإذ تتوجه المشيئة الإلهية لإيجاد الكون في وقت معين ، يستحيل عقلاً وواقعاً أن تتوجَّه هذه المشيئة نفسها لعدم إيجاد الكون في ذلك الوقت ،والمشيئة النافذة هي المشيئة وغير النافذة ليست بمشيئة .
وإذ تتوجه المشيئة الإلهية لمنح الإنسان حرية الإرادة في اختيار سبيله في الحياة ، يستحيل عقلاً وواقعاً أن تتوجه هذه المشيئة لسلب هذا الإنسان حرية الإرادة ، وجعله مجبراً على اختيار سبيله في الحياة .
وهكذا في كل مشيئة كلية وجزئية ، ولكن لا بد من ملاحظة ضوابط التناقض المنطقية ، حتى يتحقق الامتناع العقلي ، وتتحقق الاستحالة المذكورة ، وذلك بأن يتوارد السلب والإيجاب على حكم اتحد فيه الموضوع والمحمول والزمان والمكان وسائر الوحدات المنطقية التي لها صلة أساسية في وحدة الموضوع والمحمول ، وحين ينعدم هذا الاتحاد يسقط التناقض أصلاً.
وذلك كأن نقول : الإنسان ممنوح حرية الإرادة في أعماله التي يعتبر مسؤولاً عنها ، مسلوب حرية الإرادة في أعماله غير الإرادية التي لا يعتبر مسؤولاً عنها ، كالرعشات ، وحركاته وهو نائم وما يجري فيه من تغيرات وتطورات حياتية لا تتحكم إرادته بها ، فهذا ليس بتناقض لأنه لم يتوارد السلب والإيجاب على متَّحد الوحدات المنطقية .
ومعلوم في الأوليات المنطقية أنه متى انفكَّت الجهة واختلَّت ضوابط الوحدة انحلَّ التناقض .
ولنفي الرأي الجبري ، وإثبات أن الله منح الإنسان حرية الإرادة في كل أعماله الإرادية التي يعتبر مسؤولاً عنها ومحاسباً عليها ، وفي كل وجوده نشاطه الذي هو ساحة تكليفه في الحياة ، وساحة اختباره وامتحانه ، تتضح لنا الأدلة التالية :
أولاً: كل مخلوق يوضع موضع الامتحان فلا بد أن يكون حر الاختيار بين أكثر من طريق أو أكثر من عمل وإلا لم يكن للامتحان مغزى ، وكان عبثاً من العبث ، ولا يفعل هذا عالم حكيم .
ثانياً: يستحيل عقلاً أن يتوجه أمر التكليف الإلهي لكائن لا يملك في نفسه القدرة على اختيار الطاعة ، وذلك لأن الله جلَّ وعلا حكيم ، ولا يوجه أوامر التكليف لمجرد العبث ، إنه تعالى منزَّه عن العبث .
ثالثاً: ثبت في النصوص القاطعة أن الله لا يكلِّف نفساً إلا وسعها ، ولا يكلِّف نفساً إلا ما آتاها ، ومن لا يملك حرية الإرادة في اختيار عمله لا يكون هذا الاختيار من وسعه ، ولا يكون هذا الاختيار مما آتاه الله ، فالله لا يكلِّفه لو كان كذلك .
ولما ورد التكليف علمنا أن هذا الاختيار من وسعه ومما آتاه الله إياه ، فسقط ادعاء الإجبار .
رابعاً: ليس من العدل ولا من الحكمة أن يؤاخذ الله مخلوقاً على عمل لم يكن هذا العمل مظهراً من مظاهر اختيار المخلوق وإرادته ، ولذلك نلاحظ في النصوص الدينية أن المؤاخذة والجزاء مقرونان بالأعمال الإرادية ، ومتى سلبت الإرادة عن عمل من الأعمال ارتفع التكليف ، وارتفعت المسؤولية .
وقواطع النصوص تبين هذه الحقائق .
منها قول الله تعالى في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول):
{لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱلَّلغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}
أي: يؤاخذكم بما حلفتم من أيمان ناتجة عن كسب قلوبكم ، وكسب القلوب هو توجه الإرادة ، فارتفعت المؤاخذة عما كان من لغو الألسنة ولم يكن من كسب القلوب .
ومنها قول الله تعالى في سورة (الأحزاب/33 مصحف/90 نزول):
{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}
ومن هذا يظهر لنا ارتفاع المؤاخذة عن الأخطاء التي تخرج عن دائرة سلطة الإرادة ، مما لا يملك الإنسان دفعه ، وأن المسؤولية رهن بما تعمدت القلوب من أعمال ، وما تعمدته القلوب هو ما توجهت الإرادة لفعله .
فإذا أضفنا إلى هذا قول الله تعالى في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول):
{لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا..}.
وقول الله تعالى في سورة (الطلاق/65 مصحف/99 نزول):
{لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا}.
وقوله الذي تكرر في (الأنعام والأعراف والمؤمنون):
{لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}.
تبين لنا أن ورود التكليف يستلزم وجود الاستطاعة حتماً ، وأول عناصر الاستطاعة وجود الإرادة الحرة ، وتبين لنا أن المؤاخذة ترتفع متى سلبت الإرادة ، لأن التكليف يرتفع حكماً عند سلبها ، فلا يمكن أن يوجد في الواقع تناقض بين مقتضيات المشيئة الإلهية ، وبين مقتضيات أمر التكليف الإلهي .
والرأي الجبري الفاسد يدَّعي سلب الإرادة مع أن التكليف متوجه ، وأن المؤاخذة بعد ذلك متوجه ، وهذا معارض للنصوص القرآنية ، ومعارض لمنطق العقل وبديهته ، وهذا الرأي الجبري هو ما استغله سيادة الناقد لنقض قضية الدين ، مع أنه ليس هو الإسلام ، ولا فهم جمهور المسلمين ، وإنما هو رأي مرفوض تماماً.
فكل نقاش بناه “الناقد” على هذا الرأي المرفوض نقاش ساقط لا قيمة له .
وكل الأقوال التي استشهد بها من أقوال الجبريين أقوال ساقطة مرفوضة ، لا تمثل الحقيقة الإسلامية في هذا الموضوع ، فلا حاجة إلى استعراضها وبيان فساد مضامينها ، لأنها مبينة على فاسد ، وكل ما بني على فاسد فهو فاسد .
ويسأل الجبريون فيقولون : هل يفعل العاصي إذن معصيته معانداً لإرادة الخالق أم موافقاً لها؟
ونقول في الجواب: إن تصوير السؤال على هذا الوجه فيه مغالطة ، فالقضية لا تقع فقط بين احتمالين اثنين ، ولكنها تقع بين احتمالات ثلاثة وهي:
الاحتمال الأول: توجيه المشيئة الإلهية لإجبار المخلوق على الطاعة.
الاحتمال الثاني: توجيه المشيئة الإلهية لإجبار المخلوق على المعصية .
الاحتمال الثالث: توجيه المشيئة الإلهية لجعل المخلوق ذا إرادة حرة غير مجبرة .
وقد توجهت المشيئة الإلهية فعلاً إلى اختيار الاحتمال الثالث بالنسبة إلى الناس والجن ، فاستحال أن تتوجه إلى أضدادها .
وحينما يختار المخلوق أمراً مما جعل الله له فيه سلطة الاختيار فإن اختياره لذلك الأمر لا يعتبر بحال من الأحوال معانداً لإرادة الله في كل شيء ، لأن الله تعالى هو الذي أراد أن يمنحه سلطة الاختيار ليمتحنه ، كما أنه لا يقتضي أن يكون الله جلَّ وعلا هو الذي أجبره على أن يختار هذا الاختيار ، ولا يقتضي أيضاً أن يكون الله جلَّ وعلا راضياً عن كل ما يختاره المخلوق ذو الإرادة الحرة .
ويظهر لنا هذا الموضوع تماماً في تجاربنا الإنسانية ، فإن من نمنحه حرية التصرف في عمل ما ، قد يفعل ما يسرنا ويرضينا ، وقد يفعل ما يسوؤنا ويغضبنا ، مع إمكاننا أن نعزله عن ذلك العمل ، ونسلبه حرية التصرف فيه ، ولا يكون عمله معانداً لإرادتنا ، بل قد نمد له ، ونبقي له طاقة العمل وساحة التنفيذ بين يديه ، لنمتحنه ونختبره ، وقد نوبخه ونؤدبه ، وقد ننذره ونحذره ، حتى يحين وقت مؤاخذته ، ونحن في كل ذلك نشاهد سوء تصرفه ، وقد نرى من الحكمة أن لا نعارضه ، وأن لا نضع العراقيل في طريقه ، أو نكفه عن العمل الذي منحناه فيه حرية التصرف ، وقد نرى من الحكمة أن نملي له ، ليصلح من تصرفه ويقوِّم من سلوكه ، حتى يجتاز الامتحان بنجاح ، وعملنا هذا لا شيء فيه من التناقض ، بل هو من مقتضيات الحكمة التي تقتضيها ظروف الامتحان الأمثل .
( 6 )
بعد أن صنع (د. العظم) التزييف الذي أراده ، واستند إلى المفاهيم الجبري والباطنية الباطلة الفاسدة ، ووضع المقدمات التي أقامها على الكذب والمغالطة ، انتهى إلى شتيمة الخالق جلَّ وعلا ، ووصفه بالمكر والمخادع والاستهزاء ، وفق الصور والمفاهيم القبيحة التي لا تليق بالمخلوق فضلاً عن الخالق ، وتلاعب بمفاهيم النصوص الواردة في هذا المجال وفق خطته التي عرفناها في كل جدلياته ومغالطاته .
وفي الرد عليه أكتفي هنا بعرض المفاهيم الإسلامية الصحيحة ليظهر منها فساد كل ما انتهى إليه ، وفساد كل ما استند إليه .
لقد استشهد بطائفة من النصوص القرآنية وفسرها على ما يهوى ، تفسيراً مخالفاً لدلالتها الحقيقية .
فمن النصوص التي استشهد بها قول الله تعالى في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول):
{وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ}
وقول الله تعالى في سورة (الأنفال/8 مصحف/88 نزول):
{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ}
وقول الله تعالى في سورة (يونس/10 مصحف/51 نزول):
{وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِيۤ آيَاتِنَا قُلِ ٱللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ}
أورد هذه النصوص واستغلها لينسب إلى الله تعالى صفة ذميمة قبيحة يريد أن يفهمها هو من لفظة المكر .
وإذا أردنا أن نحقق تحقيقاً لغوياً في أصل معنى المكر ، وجدنا أن معناه هو تدبير أمر في خفاء عمن دبر له أو عليه ، وهذا التدبير هو بحد ذاته ليس فيه ما يذم ، وإنما هو لون من الحكمة الداعية إلى كتمان الأمور وإخفائها ، ولكن قد يكتسب المكر الذم من غايته ، فإذا كانت الغاية منه شراً كان مكراً مذموماً ، وإذا كانت الغاية منه خيراً كان مكراً محموداً ، وهو يدل على الحكمة في التصرف .
فهو على المعنى وسيلة من الوسائل التي تستعمل في الخير فتكون خيراً ، وتستعمل في الشر فتكون شراً ، كسائر الوسائل التي لا شر فيها لذاتها ، وإنما تكتسب الشر حينما تستعمل في الشر ، وتكتسب الخير حينما تستعمل في الخير .
فالمكر قد يكون مكراً محموداً إذا كان الأمر الذي دبر فيه مؤدياً إلى نتيجة محمودة ، وقد يكون مكراً مذموماً إذا كان الأمر المدبر فيه مؤدياً إلى نتيجة مذمومة ، وتدبير الأمر في الخفاء لا يوصف لذاته بحسن أو قبح ، بل ربما كان أصله أقرب إلى المدح منه إلى الذم ، لأنه من الكتمان الحكيم .
ونستطيع أن نصور المكر المحمود الذي يستعمل في الخير بأمثلة كثيرة .
حينما تدبر أجهزة مطاردة المجرمين أمورها في خفاء وكتمان وسرية تامة ، لتظفر بالقبض على المجرمين الذين يتوارون في جرائمهم عن أعين السلطة الحاكمة العادلة ، ويدبرون مكايدهم الشريرة في الظلمات ، ثم تقبض عليهم من حيث لا يشعرون ، وتمكر بهم حتى تأخذهم وهم متلبسون بالجريمة ، أفيكون مكر هذه الأجهزة مكراً في الخير أم مكراً في الشر؟
وحينما يرى الأب أن أحد أولاده جنح عن طريق الهداية ، وسلك مسالك الشر والفساد ، مسالك هلاكه وشقائه ، ولم تُجْدِ فيه النصائح والمواعظ ووسائل التربية الظاهرة ، أفلا يرى من الخير الإصلاح ولده أن يدبر له وسيلة تربوية خفية يتَّعظ فيها بنفسه ، حتى يستقيم ويرتدع؟
إن الأب في ذلك يمكر بولده مكراً محموداً ، وهو بذلك يفعل خيراً.
وباستطاعتنا أن نصور المكر المحمود والمكر المذموم في قصة نتخيلها .
إنسان عنده قصر عظيم ، طمع به اللصوص ، فدبروا أمراً في الخفاء أن يأتوا بليل ، ويحتفروا أحد جدران القصر ويدخلوا إليه ، ويسطوا على ما فيه من مال ومتاع ، ويقتلوا من فيه .
وعلم صاحب القصر بما دبروا ، وعرف الجدار الذي عزما على نقبه ، فدبر خطة في الجدار يهلكون فيها بأيديهم دون أن يقاتلهم أحد من رجال القصر .
ولما حان الوقت المقرر فيما بينهم جاءوا متسللين ظانين أن أحداً لا شيعر بهم ، ولكن صاحب القصر وأعوانه يراقبون كل حركة من حركاته ، وهم في مكان يرون فيه اللصوص من حيث لا يرونهم ، وأخذ اللصوص ينقبون الجدار حسب الخطة المدبرة ، ولما زعموا أنهم كادوا يظفرون بما يريدون انقضَّ عليهم الجدار فهلكوا تحت أنقاضه .
لقد مكروا بزعمهم ومكرهم شر ، ولكن المكر في الحقيقة لصاحب القصر ومكره خير ، لأن غرضه من مكره أن يمنعهم من فعل الشر ، وأن يجازيهم عليه بأيديهم ويريح الناس من شرورهم .
وكذلك مكر الله ، وهو خير الماكرين ، لأنه لا يمكر إلا بخير ، وسبحان الله وتعالى عما يصفون .
هذا ما يتعلق بصفة المكر ، أما صفة الاستهزاء ، فقد استشهد الناقد (د. العظم) لها بقول الله تعالى في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول):
{ٱللَّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}
واقتطع هذا النص اقتطاعاً عن سياقه ، وطوى الكلام الذي قبله ليضلل به ، بعد أن يشوه المعنى المراد ، ولو كان باحثا ًمنصفاً يريد أن يفهم المراد من النص حقاً لم اقتطع الكلام بعضه عن بعض ، ولظل محتفظاً بالأمانة العلمية والنزاهة ، لأنه يعلم أن مثل هذا الاقتطاع خيانة علمية تؤدي إلى التشويه وإفساد المعاني ، حتى ولو كان هذا الباحث غير مؤمن بالكلام ولا بقائله ، فأخلاق البحث العلمي لا تسمح بالتلاعب بالنصوص ، لا بتغييرها ، ولا بتحريف ألفاظها ، ولا باقتطاع المترابطات وتجزئتها ، ولا بتحريف معانيها وتشويهها ، وتحويلها عن دلالاتها الأصلية المقصودة ، ولا بأي شيء آخر مفسد لها .
فإذا قرأنا سوابق هذا النص الذي استشهد به (د. العظم) تغير المعنى القبيح الذي أراد أن يصوره ، وحل محله معنى جميل دل عليه النص في واقع الأمر .
لقد تحدث الله عن المنافقين وعرض طائفة من صفاتهم وأفاض في بيان هذه الصفات ، حتى أبان من صفاتهم صفة الاستهزاء بالذين آمنوا ، فقال تعالى :
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوۤاْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}
فالمنافقون هم الذين يعاملون الحق بالاستهزاء ، فيتظاهرون بأنهم مع المؤمنين وهم بالحق وبالمؤمنين يستهزئون ، لأن قلوبهم مع الكافرين .
وبما أن أعدل الجزاء وأوفاه هو ما كان من جنس العمل كانت الحكمة تقضي بإعلان أنهم معاقبون بالاستهزاء ، جزاء استهزائهم ، فقال تعالى :
{ٱللَّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}
أي: يجازيهم جزاء استهزائهم فيعاقبهم عقاباً من جنس عملهم ، وهذا غاية في العدل .
وهنا لا بد أن يلاحظ القارئ كيف شوّه سيادة الناقد ما هو غاية في العدل في ميادين الجزاء ، فجعل الاستهزاء صفة من صفات الله تعالى في معاملة عباده ، واقتطع النص عن سوابقه ولواحقه ليموِّه على قارئ كلامه ، فيتشكك بالحقائق الدينية .
ونظير ذلك استشهاده بقول الله تعالى في سورة (النساء/4 مصحف/92 نزول):
{إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ…}.
ففي هذا النص يبين الله تعالى أن عقاب هؤلاء المخادعين هو من جنس عملهم ، وفيه معنى آخر صرَّحت به الآية التي في أوائل سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول):
{يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ}
وهذا المعنى يتلخص بالحقيقة التالية : إن من يخدع من لا يُخدع إنما يخدع نفسه ، فالمنافقون يتصورون بنفاقهم أنهم يخادعون الله ، لكن الله تبارك وتعالى لا تنطلي عليه حيلهم ، ولا تجوز عليه مخادعتهم ، إنه يعلمهم تماماً ظاهراً وباطناً ، ولكن بحكمته يمهلهم ويملي لهم ، فيظنون أن خديعتهم قد نفذت ، وأن حيلتهم قد انطلت ، فيتابعون مسيرتهم الآثمة في الخداع ، ثم يأخذهم الله بعقابه ، يجازيهم بعدله ، وعندئذٍ يتبين لهم أنهم لم يخدعوا الله ، ولكنهم كانوا يخدعون أنفسهم ، فأسلوب الله في معاملتهم جعل خديعتهم تنقلب عليهم ، وفي هذا غاية العدل في الجزاء ، وهو أن يكون عقاب الإنسان بيد نفسه ، وأن يكون السلاح الذي قذفه على غيره ظالماً له ارتد عليه فأصابه بمثل القوة التي قذفه بها .
واستشهد الناقد بقول الله تعالى في سورة (الإسراء/17 مصحف/50 نزول):
{وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً}
وقال في شرح هذا النص في الصفحة (122) من كتابه:
“كان قد شاء تدمير القرية ، ولكن لئلا يكون للعباد عليه حجة فيما شاء لجأ إلى المكر ، فأمر مترفيها أن يفسقوا حتى يبدو للجميع وكأن القرية استحقت ذلك التدمير . بينما الحقيقة غير ذلك”…
هكذا حوَّر النص تحويراً شائناً , وحرَّف معناه تحريفاً مناقضاً تماماً لأصل معناه ، وبيان ذلك فيما يلي:
أولاً: إن الله تعالى لا يأمر المترفين بأن يفسقوا ، ولكنه يأمرهم بأن يؤمنوا ويعملوا صالحاً ، فيفسقون ويخالفون أمر الطاعة ، فمن صفات أمر الله ونهيه أنه يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي .
فمن أين أدخل “الناقد” المحرِّف أن الله يأمر المترفين أن يفسقوا والله قال: {أمرنا مترفيها} ثم قال : {ففسقوا فيها} ، ومعلوم بداهةً مثل هذا الكلام يفيد أنهم عصوا الأمر ففسقوا ، لذلك استحقوا العقاب على عصيانهم .
وإذا أردنا أن نقدر في النص محذوفاً فأي قارئ عربي يستطيع بداهةً أن يعرف أن المأمور به المحذوف هو ما أمر الله به في شرائعه من الإيمان وعمل الصالحات .
وليس ما حرَّفه سيادة “الناقد” من تقدير (أن يفسقوا) بدل (أن يؤمنوا ويعملوا الصالحات).
ثم إن ترتيب الجزاء إنما يكون على عصيان الأمر كما هو معلوم بالبديهة ، لا على طاعة الأمر .
فلا يستهن بالقارئ العربي هذه الاستهانة ، وليعلم أن ما يتلاعب به مكشوف للجميع!
ثانياً: جاءت هذه الآية تعقيباً على قوله تعالى:
{…وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً}.
أي: لا يهلك الله القرى الظالمة التي استحقت الإهلاك بجرائهما حتى يبعث الله إليها رسولاً ، فيأمرهم هذا الرسول بالطاعة ، فيعصي مترفوهم والملأ منهم .ويتبعهم حكماً وتقليداً من دونهم ، فيحق عليهم قانون الجزاء ، فيهلكهم الله تبارك وتعالى جزاء وفاقاً .
وهكذا ظهر لنا بوضوح تلاعب “سيادة الناقد” بمعاني النصوص الدينية ، وبالحقائق كلها ، ليؤيد مذهبه ، ويدعم قضية الإلحاد والكفر بالله ، محارباً قضية الإيمان والاستقامة على الخير والفضيلة .
وأترك القارئ الحصيف الواعي أن يحكم له أو عليه ، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، فعند الله جزاء لمن آمن وجزاء لمن كفر .
الفصل الحادي عشر
الكفر والكافرون
اقتباساً من المفاهيم الدينية ، ودلالات النصوص القرآنية كتبت هذا الفصل عن الكفر والكافرين لأكشف به حقيقة الكفر ،وواقع حال الكافرين ، وأسباب كفرهم ودواعيه ، ومناخ نمائه ونشاطه ، وموقف المؤمنين منهم ، وموقفهم من المؤمنين ، وجدلياتهم ، وأنواع عقوباتهم العاجلة والآجلة التي حذرهم الله منها إذا استمروا على كفرهم .
( 1 )
ما هو الكفر؟
أصل معنى الكفر في اللغة التغطية الكاملة والستر التام ، يقال للابس السلاح الذي غطاه السلاح تغطية كاملة : كافر ، لأنه ستر جسمه به ستراً كاملاً ، ويقال للزارع : كافر ، لأنه يدفن الحب في الأرض فيغطيه بالتراب تغطيه كاملة ، ومنه قول الله تعالى في سورة (الحديد/57 مصحف/94 نزول):
{ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ..}.
ويقال لليل المظلم : كافر ، لأنه يستر بظلمته كل شيء ، ويقال : كفر الليل الشيء وكفر عليه إذا غطَّاه ، ويقال للبحر : كافر ، لأنه يستر ما فيه ، وهكذا تدور الكلمة في اللغة حول الستر والتغطية .
واستعملت هذه الكلمة في الاصطلاح الديني للدلالة على ما يقابل الإيمان ، والداعي إلى تسمية إنكار الحق الديني كفراً ، أنه قائم على ستر أدلة الإيمان العقلية والفطرية الوجدانية.
فالإيمان هو التصديق ، والكفر عدم التصديق ، وكل إيمان بشيء يستلزم كفراً بنقيضه ، لذلك فكل مؤمن بالعقيدة الإسلامية الصحيحة كافر بنقيضها وبكل مستلزمات هذا النقيض ،ولذلك كان الإيمان بالله يقتضي الكفر بالطاغوت اقتضاءً حتمياً . وفي هذا يقول الله تعالى في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول):
{لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
فلا يتم إيمان المؤمن حتى يكفر بكل الطواغيت ويؤمن بالله ، ولذلك اشتملت عبارة التوحيد على السلب والإيجاب ( لا إله إلا الله ) ، فهي تشتمل على الكفر بكل إله سوى الله وعلى الإيمان بالله وحده لا شريك له .
أما غير المؤمنين بالعقيدة الإسلامية إيماناً صحيحاً فقد عكسوا القضية ، فآمنوا بالباطل وكفروا بالحق ، سواء أكان ذلك بصفة كلية لجميع أركان العقيدة الإسلامية ، أو بصفة جزئية ، وفي هذا يقول الله تعالى في سورة (النحل/16 مصحف/70 نزول):
{أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ * وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ شَيْئاً وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ}
ويقول الله تعالى في سورة (العنكبوت/29 مصحف/85 نزول):
{أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ }.
وحين تطلق كلمة الكفر ومشتقاتها في الاصطلاح الديني فالمراد منها الكفر بما يجب الإيمان به ، أو يجب الإذعان والخضوع له ، إلا أن توجد قرينة تصرف إلى معانٍ أخرى تتصل بالمعنى اللغوي ككفر النعمة ، وكفر العشير ، ونحو ذلك .
فمن أنكر الإسلام ولم يقبل ما جاء فيه من حق فهو كافر ، ومن أنكر أي شيء ثابت في الإسلام بصفة قطعية فهو كافر ، لأنه جاحد دين الله مكذِّب لرسوله فيما جاء عن ربه .
فجحود بعض اليقينيات الدينية يكفي للحكم بالكفر ، ولا يتوقف الحكم بالكفر على إنكار الدين كله ، لأن العقيدة الإسلامية متماسكة الأركان ، متماسكة العناصر تماسكاً كاملاً من جميع الأطراف ، وهي كلٌّ لا يقبل التجزئة ، فمن أنكر بعضها مما هو ثابت بيقين فهو بها كافر ، ومن كذَّب الرسول بشيء قد ثبت عنه يقيناً فقد كفر بنبوته ، ومن كفر بنبوة الرسول فقد كذب شهادة من أرسله ، وهكذا تتسلسل نواقض عناصر الإيمان ، حتى تصل إلى الجذر الأساسي فتنقضه وهذا هو الكفر الأكبر .
والكفر دركات بعضه أشد من بعض ، وبعضه أقبح من بعض ، والإلحاد القائم على إنكار الخالق إنكاراً كلياً أشد وأقبح أنواع الكفر .
* أصناف الكافرين:
إذا أحصينا أحوال الكافرين وجدناهم أصنافاً لا صنفاً واحداً.
الصنف الأول : الضالون فكرياً ، وهم الذين ضلوا سبيل المعرفة الإيمانية الحقة ، وأعماهم التعصب عن رؤية الحق وإن بُيِّن لهم ، فهم لا يستجيبون لداعي الحق مهما لفت أنظارهم إليه ، لأنهم غير مستعدين نفسياً لتغيير عقائدهم الضالة ، ويظلون يؤمنون بالباطل ويزعمونه حقاً.
فهؤلاء هم الكافرون الضالون ، وهم على مستويات بعضها أخس من بعض .
الصنف الثاني: المنحرفون نفسياً والجانحون جنوحاً أخلاقياً ، وهم الذين يعرفون الحق ، ولكنهم يصرون على مخالفته بدافع من الكبر أو الهوى أو التعصب أو بدافع من ضغط البيئة الاجتماعية وخوف انتقادها ولومها أو ضغط القادة المضلين أو خوف فوات منافع جارية ومصالح قائمة ، أو نحو ذلك فهم من أجل ذلك يصرون على الكفر أو يسيرون في ركب الكافرين .
وهؤلاء هم الكافرون المغضوب عليهم ، وهم شر مكاناً وأقبح كفراً ، لأنهم يعرفون وينحرفون فلا يعترفون ، وهم على مستويات بعضها أخس وأقبح من بعض .
الصنف الثالث: منافقون من فئة الضالين فكرياً .
الصنف الرابع: منافقون من فئة المنحرفين نفسياً الجانحين جنوحاً أخلاقياً.
والمنافقون مخادعون جبناء يتظاهرون بالإسلام نفاقاً ، ويبطنون كفرهم القائم على الضلال ، أو القائم على الانحراف والإصرار على الباطل ، وهؤلاء في الدرك الأسفل من دركات الكفر ، لأنهم قد جمعوا قبح الكفر وقبح النفاق وما يلازمه من صفات الكذب والخداع والاستهزاء وغير ذلك من صفات المنافقين .
والنصوص القرآنية قد أوضحت أصناف الكافرين ، واشتملت فاتحة الكتاب على ذكر المضلين والمغضوب عليهم ، وهو يعم منافقي هذين الصنفين ، وبسط القرآن أحوال أصناف الكافرين في مواضع كثيرة ، وكشف صفاتهم وأعمالهم ببيانات مستفيضة .
* من يُحكم عليهم بالكفر؟
تطبيقاً للمفاهيم الإسلامية التي تحدِّد مواقع الكفر نستطيع أن نحكم بالكفر حكماً إسلامياً على من جحد بذات الله أو بصفات الثابتة بيقين ، أو جعل مع الله إلهاً آخر ، أو أنكر رسالة محمد أو جحد بآيات الله وكتابه أو بشيء منه ثابت فيه بيقين ، أو كذَّب الرسول بشيء مما بلَّغه عن ربه وثبتت نسبته إليه بيقين ثبوتاً قطعياً ، أو أنكر شيئاً من أركان الإيمان ، أو أركان الإسلام ، أو جحد بحقيقة ثابتة في الإسلام ثبوتاً قطعياً .
لذلك حكم الله بالكفر على الذين قالوا : إن الله هو المسيح بن مريم ، فقال تعالى في سورة (المائدة/5 مصحف/112 نزول):
{لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَآلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
أي فالذي لا يستطيع دفع الهلاك عن نفسه إذا أراد الله أن يهلكه كيف تدَّعي له الإلهية ، والإلهية هي للرب الخالق لا للعبد المخلوق .
والمسيح عيسى عليه السلام أمر قومه في دعوته لهم بأن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً ، وأوضح لهم أن الله ربه وربهم ، خلقه كما خلقهم ، وأوضح لهم أنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه جهنم بسبب كفره وظلمه الكبير ، قال الله تعالى في سورة (المائدة/5 مصحف/112 نزول):
{لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ يَابَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}
وحكم الله بالكفر على الذين قالوا : إن الله ثالث ثلاثة لأنهم جحدوا إحدى الحقائق الكبرى من حقائق الإيمان ، وهي حقيقة أن الله واحد وليس مركباً من ثلاثة ، فقال تبارك وتعالى عقب الآية السابقة:
{لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
وناقش الله أصحاب عقيدة التثليث بقوله بعد ذلك:
{مَّا ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ ٱلطَّعَامَ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ ٱلآيَاتِ ثُمَّ ٱنْظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ * قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَٱللَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ}
وهذه المناقشة تقوم على إثبات البشرية للمسيح وأمه ، استناداً إلى بعض أوصافهما البشرية المعروفة فيهما ، إذ كانا يأكلان الطعام ، ومن يأكل الطعام لا يمكن عقلاً أن يكون إلها ً، ومن كان بشراً مخلوقاً فإنه لا يملك لمن يعبده ضراً ولا نفعاً ، ومن لا يملك نفعاً ولا ضراً فإنه لا يستحق أن يتقرب إليه بالعبادة .
وحكم الله بالكفر على الذين كذَّبوا بالقرآن ، فقال تعالى في سورة (فصِّلت/41 مصحف/61 نزول):
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}
فجعل سبحانه تكذيبهم بالقرآن كفراً ، وناقشهم في السورة نفسها بقوله تعالى :
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}
وحكم الله بالكفر على من كذب الرسول محمداً أو غيره من رسل الله صلوات الله عليهم أجمعين ، ففي شأن المنافقين قال الله لرسوله في سورة (التوبة/9 مصحف/113 نزول):
{ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ}
فجعل تكذيبهم للرسول ، كفراً لأنه في حقيقته تكذيب لله وكفر به وكفر بآياته .
وحكم الله بالكفر على من كذَّب بيوم الدين ،فقال تعالى في سورة (العنكبوت/29 مصحف/85 نزول):
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
فالعقيدة الإسلامية لا تقبل التفريق في الإيمان بين أركان الإيمان ، أو بين عناصر الركن الواحد ، والإيمان غير قابل للتجزئة والتفريق ، بأن يؤمن الإنسان ببعض العناصر ويكفر ببعضها ؛ ومن فعل ذلك كان كافراً غير مؤمن ، وهذا ما أعلنه القرآن بقول الله تعالى في سورة (النساء/4 مصحف/92 نزول):
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرقُواْ بَيْنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً * أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً * وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ منْهُمْ أُوْلَـٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }
ففي هذا دليل واضح على أن الإيمان لا يقبل التفريق بين أركانه .
وخاطب الله بني إسرائيل بقوله في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول):
{…أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذٰلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ ٱلّعَذَابِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}
وفي هذا النص دليل واضح أيضاً على أن عناصر الإيمان لا تقبل التفريق .
فالإيمان وحدة متماسكة متى انفكت عروة من عراها انحلت سائرها وانفرط عقدها .
( 2 )
حرص الإسلام على إيمان الناس
وإنقاذهم من الكفر وشروره
من روائع مضمون رسالة الإسلام أنها تحرص أشد الحرص على إيمان الناس وهدايتهم ، رغبة بإنقاذهم ونجاتهم وسلامتهم وسعادتهم .
وقد حث الإسلام المؤمنين به على إرشاد الناس ودعوتهم إلى الإيمان والعلم الصالح ، وسلوك سبيل الحق والخير والفضيلة ، وعلى قتالهم في بعض الأحوال لإزالة الموانع من نفوسهم ، أو لإزالة الموانع من طريق إيمانهم ، لإنقاذ من يمكن إنقاذه من صفوفهم ، حتى يكونوا مع المؤمنين من أهل دار النعيم سعداء راضين مرضيين ، لا من أهل نار الجحيم أشقياء مطرودين من رحمة الله .
فالدوافع لهداية الناس إلى الإيمان وفعل الصالحات تنبع من منابع الحب وإرادة الخير للناس أجمعين .
ولو أن الناس كلهم كفروا بالله وعصوه لما كانوا يضرون الله شيئاً ، ولو أنهم جميعاً آمنوا به وأطاعوه لما نفعوا الله شيئا ً، ولما زادوا في ملكه شيئاً ، ولكن الله يحب لعباده أن يؤمنوا ويصلحوا حتى يسعدوا ، ويكره لهم أن يكفروا ويفسدوا حتى لا يكونوا من أهل الشقاوة والعذاب .
وقد جاء في الحديث القدسي الثابت في الصحيح ، أن الله تعالى قال : “يا عبادي : إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً . يا عبادي : لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً . يا عبادي : لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد ، فسألوني ، فأعطيت كل إنسان مسألته ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المِخيَط إذا أدخل البحر . يا عبادي : إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيراً فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه”.
وما تضمنه هذا الحديث القدس نجده في نصوص عدة من القرآن الكريم .
فمنها قول الله تعالى لرسوله في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول):
{وَلاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي ٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
فالله تبارك وتعالى يخفف عن رسوله صلوات الله عليه حالة الحزن التي كانت تعتريه ، حين يشاهد بعض قومه يسارعون في الكفر ، ويبين له أن وظيفته في الناس التبليغ والدعوة إلى الله ، وليست وظيفته تحويل الناس إلى الهداية ، فإنهم هم المسؤولون عن أنفسهم وعن سلوك سبيل الهداية ، ويبيِّن له أيضاً أن الذين يسارعون في الكفر والذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئاً.
أي : فالحرص على إيمانهم خدمةٌ لهم وغيرَةٌ عليهم ورغبةٌ في نجاتهم وسعادتهم .
ومنها قول الله تعالى في سورة (محمد/47 مصحف/95 نزول):
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ}
فهؤلاء الذين اختاروا الكفر ، وأضافوا إليه الصد عن سبيل الله . ومعاداة الرسول ، من بعد ما تبين لهم الهدى ، إنهم في أعمالهم هذه كلها لن يضروا الله شيئاً ، وما يعملونه من أعمال للصد عن سبيل الله ومناهضة الرسول ومقاومة الإسلام والمسلمين فسيحبطها الله وسينصر أولياءه .
فلن يضروا الله شيئاً ، ولن يضروا أولياه وحملة رسالته إذا صدق هؤلاء مع الله ، ولن ينالوا منهم إلا أذى قد يصيبهم في الدنيا في أنفسهم أو أموالهم أو أرضهم ، وعاقبة الظفر والنصر ستكون لهم بتأييد الله ونصره المبين ، وهذا ما بينه الله بقوله في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول) خطاباً للمؤمنين في معرض الحديث عن اليهود:
{لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ}
وأوضح الله تبارك وتعالى أنه غني عن عباده ، ولكن لا يرضى لعباده رجس الكفر ورذائل الفسق والعصيان ، بل يحب لهم طهارة الإيمان ، وفضائل الاستقامة والطاعة ، ثم يجازيهم على أعمالهم بالعدل . فقال الله تعالى في سورة (الزمر/39 مصحف/59 نزول):
{إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ}
ومن كفر فعليه كفره ، ولا يزيده كفره عند ربه إلا مقتاً وخساراً ، وفي هذا يقول الله تعالى في سورة (فاطر/35 مصحف/43 نزول):
{هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً}
ويقابل هذا أن من آمن وعمل صالحاً فلنفسه يقدم الخير ، وهذا ما بيَّنه الله تعالى بقوله في سورة (الروم/30 مصحف/84 نزول):
{مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ * لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ }
من كل ذلك تتضح لنا الحقائق التالية:
1- أن الله غني عن إيمان عباده وطاعتهم .
2- أن الكافرين لا يضرون الله شيئاً .
3- أن أعمال الكافرين لن تضر المؤمنين الصادقين مع الله إلا أذى .
4- أن من كفر فعليه كفره .
5- أن من آمن وعمل صالحاً فله عمله .
( 3 )
أسباب الكفر والضلال
يتبين لنا بالتأمل وبالتتبع العلمي في تقصي الواقع الإنساني طائفة من أسباب الكفر والضلال في الناس ، ونذكر فيما يلي أسباباً وعوامل رئيسية تتضمن أسباباً وعوامل فرعية كثيرة .
* السبب الأول – الانحراف الفكري عن منهج التفكير السديد:
وفي تتبع هذا السبب وظواهره نلاحظ أن كثيراً من الناس يقبلون في حياتهم الفكرية أن تتحوَّل أوهامهم وتخيلاتهم أو ظنونهم إلى حقائق علمية وعقائد ثابتة ، دون أن يكون لها نصيب من الحقيقة ، ودون أن تمر في مراحل الطريق المنطقي السليم للمعرفة ، وبذلك يقعون في ضلالات فكرية ذات نتائج خطيرة .
وزاوية الانطلاف في هذا السبب تبدأ من اتباع الظن الضعيف الذي هو دون مستوى الرجحان ، لافتقاره إلى دليل عقلي أو علمي يقوّيه ويرجحه ، وهذا الظن التوهمي الكاذب هو الذي اتبعه من جعلوا لله شركاء بغير حق ، وفيهم قال الله تعالى في سورة (يونس/10 مصحف/51 نزول):
{أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَن فِي ٱلسَّمَاوَات وَمَنْ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَآءَ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ}
أي : ما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء حقيقيين ، لأن الله واحد لا شريك له ، إن يتبعون إلا الظن التوهمي الكذاب ، وإن هم إلا يخرصون ، أي: وإن هم إلا يكذبون على الحقيقة بالتوهم الكاذب والظن الضعيف الذي لا قيمة له في تحصيل المعارف .
وقد يكون الباعث على قبول الظن الذي لا قيمة له في مجال اكتساب المعرفة كونه موافقاً لهوى النفس ، وهذا الهوى يزيِّن ضعيف الظنون ويحسنه لدى النفوس ويكبره ويجسمه بالوهم وبالتخيل الكاذب ، ولا يزل ينفخ فيه حتى يسيطر على المشاعر ، ويستحوذ على الفكر أخيراً ، وعندئذٍ يتبع صاحب هذا الظن الضعيف ظنه معتقداً أنه حقيقة ، وهو في أصله خرص من نسيج الخيال وحياكة الوهم الكاذب ، وهذا الرديف من الهوى هو الذي ساعد على دفع المشركين الوثنيين إلى ضلالاتهم ، ولذلك خاطبهم الله بقوله عن معقتداتهم في سورة (النجم/53 مصحف/23 نزول):
{إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنَزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ}
ولما كان أكثر الناس تسيطر الظنون الضعيفة والأوهام السخيفة على أفكارهم ونفوسهم فيتبعونها ويعتقدونها ، حذَّر الله من اتباع أكثر من في الأرض ، فقال تعالى في سورة (الأنعام/6 مصحف/55 نزول):
{وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ}
أي : يرجمون بالخرص التخيلي أو التوهمي ، ويقررون ما يقع عليه خرصهم على أنه حقيقة ، ويبنون على ذلك عقائدهم وأعمالهم .
ولهذا السبب الرئيسي عوامل فرعية متعددة داخل النفوس الإنسانية منها العوامل التالية:
1- الغرور بالنفس والإعجاب بالرأي :
فقد تلمع في نفس الإنسان بارقة من فكرة تمر في خياله أو توهمه ، فيأتي الغرور بالنفس فيلبسها ثوباً لماعاً مزركشاً ، فتحلو في نفسه وتزدان ،ثم يتجسم توهمه بها حتى تصبح لديه فكرة ثابتة أو عقيدة راسخة دون أن يعالجها بالحجة والبرهان ، والمناقشة المنطقية السليمة .
وقد يسعى مبشراً بها بين السذج وضعفاء التكفير والجاهلين ، مزيناً حجته بزخرف من القول ، أو مستخدماً قوة شخصيته أو قوة نفوذه ، ثم يكون له مؤيدون وأنصار يتابعونه على ضلالته التي انخدع هو بها بعامل الغرور بالنفس والإعجاب بالرأي .
وقد نشأ في التاريخ فرق متعددة تحمل مذاهب فكرية باطلة ، وذلك بسبب إصابة واحد من الناس أو مجموعة منهم بمرض الغرور بالنفس والإعجاب بالرأي ، ثم كان منه ومن عوامل أخرى ضلالات موروثة ، استمسكت بها أجيال متلاحقة ، بات من العسير التخلص منها إلا في ظروف معالجات فكرية ونفسية مؤثرة .
2- الجهل العام الذي يسمح بتقبل كثير من المفاهيم الباطلة:
وهنا نلاحظ أنه قد تشيع في مجتمع متخلف فكرياً أو ثقافياً أفكار باطلة محرفة عن منهج التفكير السليم ، وتجد هذه الأفكار الباطلة قبولاً في هذا المجتمع ، وذلك بسبب تخلفه العلمي ، ثم يتطاول الأمد فتمسي هذه الأفكار عقائد قومية متوارثة ، وتقاليد متَّبعة ثابتة ، كأنها من الحقائق البدهية التي لا تقبل أية مناقشة فكرية أو أي تغيير .
ومن هذه المفاهيم الباطلة مفاهيم يلقيها بين المجتمع الجاهل ماكرون مضللون من شياطين الإنس ، لهم مصالح وأغراض وشهوات خاصة من بث هذه الأفكار الباطلة ، والخرافات والأوهام وتزيينها في نفوس القوم ، وذلك ليكون لهذه الانحرافات والخرافات ثمرات ممتعة لأولئك الشياطين يستغلونها ، ويستثمرونها ، ويقضون شهواتهم وملذاتهم على مصائب القوم من مفاهيمهم الباطلة .
3- التقليد الأعمى:
من الملاحظ أن الإنسان ينشأ في بيئة من البيئات الاجتماعية فيكتسب منها معارف ومهارات وعادات وأخلاقاً كثيرة ، ومن هذه المكتسبات ما هو حق ، ومنها ما هو باطل ، ومنها أيضاً ما هو صالح ، ومنها ما هو فاسد ، وبمقتضى نشوئه في هذه البيئة الاجتماعية يتكون لديه بدافع الأنانية خلق التعصب لأهله وعشيرته وقومه ، والتعصب لجميع ما هو في بيئته من مفاهيم وعادات وأخلاق ، لأنه يتصور أنه بتعصبه هذا يدافع عن كيانه الذاتي ، ولكنه دفاع ليس في محله ، إذ هو دفاع عن الانحراف .ولو أنه سمح لقواه العقلية المتجردة عن مؤثرات البيئة أن تبحث وتناقش وتميز بين الحق والباطل والخير والشر والصالح والفاسد ، لوجد أن دفاعه عن ذاتيته إنما يكون بتقويمها وإصلاح عوجها ،وهجر الموروثات الباطلة ، والاستمساك بالحق منها .
وبالتتبع نلاحظ أن كثيراً من الناس ليس لهم فيما يستمسكون به من مفاهيم وعادات باطلة أية حجة ، إلا أنها أشياء ورثوها عن أسلافهم من قومهم ، فاقتدوا بهم وتعصبوا لهم وساروا على آثارهم دون بصر فيها أو نظر .
4- المبالغة في تعظيم بعض العظماء من الناس:
نظرة تأمل في التاريخ الإنساني تكشف لنا أنه قد يظهر بين حين وآخر في كل أمة من الأمم أفذاذ منها ، يبلغون درجة عالية في سُلَّم الكمال التي تعتبره تلك الأمة كالتقوى والاستقامة أو العلم والعبقرية ، أو الإخلاص لأمتهم وبلادهم ، وقد يكتب الله على أيديهم بعض الظفر والازدهار والنجاح الباهر ، والتوفيق العظيم ، وما إلى ذلك من رغائب فيعظِّمهم الناس ، ويمجدونهم ويلبسونهم ثوباً من الكمال ليسوا أهلاً له ، حتى يعتبروا كل عمل من أعمالهم ، وكل خلق من أخلاقهم حسناً وإن كان قبيحاً ، وخيراً وإن كان شراً ، وحتى يعتبروا كل قول من أقوالهم حقاً وإن كان باطلاً ، ويبالغ بعضهم في ذلك حتى يخلع عليهم صفة التنزيه عن النقص والخطأ ، والعصمة من كل إثم .
ويسري هذا الداء إلى نفوس الرعاع السذج أو الجهلاء أو ناقصي التفكير ، فيبلغون في تقديسهم إلى حد توهم الألوهية أو جزء منها فيهم ، وينحرفون بذلك عن منهج التفكير السليم ، ويتجاوزون كل حد مقبول في العقول الصحيحة ، وقد يشجعهم على ذلك بعض الأذكياء الذين يستطيعون استغلالهم واستثمارهم من خلال حماقاتهم وانحرافاتهم في الأفكار والعادات ، أو من خلال تخلفهم عن مواكبة ركب العلم الصحيح والحضارة النافعة .
ومن المنغمسين في هذه الضلالة وثنيو القرن العشرين الذين يلحدون بالله ، ويتخذون لعظمائهم أوثاناً يقدسونها ، ويفدون إلى زيارتها ،ويمنحونها الأكاليل ، ويهدونها طاقات الورود ، ويعتبرون مخالف تعاليمهم من أكبر الكبائر التي توجب الإعدام أو السجن المؤبد ، أو الإبعاد والطرد ، أو توجب حروباً طاحنة تهلك الحرث والنسل .
5- فلسفات ناقصة أو أصول فكرية فاسدة:
من الملاحظ أن العامل في كثير من ألوان الضلالات الفكرية فلسفات ناقصة أو أصول فكرية فاسدة ، وفي المجتمعات الإنسانية مظاهر متعددة لهذه الفلسفات الناقصة والأصول الفكرية الفاسدة .
ومن مظاهرها الفلسفات التي تؤدي على تعطيل دلائل الاستنتاج العقلي القاطع ، وتؤدي إلى الوقوف عند حدود المادة المدركة بالحس المباشر أو عن طريق الأجهزة ، وتؤدي إلى إنكار الوحي ، وإنكار أية حقيقة من حقائق الغي التي تأتي بها النبوات ، بدعوى أنها غير مدركة بالحس فلا يصح في نظرهم القاصر التسليم بها .
وهذه النظرة القاصرة إلى الوجود والتي يشهد ببطلانها كل عقل واعٍ مدرك هي مصدر شر كبير أفضى ببعض الناس إلى اعتناق فكرة المادية الملحدة ، التي لا تعترف بشيء إلا باللذة والغريزة وحدود الظواهر المادية .
* السبب الثاني – الانحراف النفسي عن منهج الخُلُق القويم:
نلاحظ لدى دراسة أحوال الناس أن فريقاً كبيراً من ذوي الضلالة في الأرض لم يضلوا لجهلهم بالحقيقة بسبب عامل من عوامل الانحراف الفكري عن منهج التفكير السليم ، وإنما ضلوا أو أجرموا بسبب هروبهم من وجه الحقيقة إرضاء لشهوة من شهوات نفوسهم ، ورغبة من رغائبها .
ومتى هرب الإنسان من وجه الحقيقة سعى ينتحل لنفسه مبادئ أخرى باطلة ليحلها في محلها ، ثم يكدح كدحاً شديداً ليقنع نفسه وغيره بصحتها وسلامتها ، وضرورة الأخذ بها .
وذلك لأن الفكر السوي يصعب عليه أن يسلم بالمفاهيم الباطلة مهما أغرت الأهواء والشهوات بزخرفها ، ولكن سلطان الأهواء والشهوات يأسر النفوس فيجعل بينها وبين العقل السليم غشاوة ، ومتى طال أمد الغشاوة الحاجبة للعقل عن عمله السديد تبلد الفكر ، وفسدت طريقة البحث لديه .
وزاوية الانطلاق في هذا السبب تبدأ من اتباع الأهواء والشهوات .
إن الأهواء والشهوات في الأنفس تميل في أغلب أحيانها إلى اغتنام اللذات العاجلة ، ولو كان من ورائها مشار وآلام كثيرة آجلة ، وتميل إلى زخرف الحياة الدنيا وزينتها وتفاخرها ولو كان في ذلك شقاء أبدي بسخط الله .
فمن طبع أهواء النفوس وشهواتها أنها تؤثر العاجلة ، وتذر الآخرة ، ما لم يضبطها ضابط من العقل الصحيح الراجح ، المقرون بالإرادة الحازمة ، أو ضابط من الإيمان الراسخ والدين المهيمن على النفس والمتغلغل في أعماق القلب والوجدان والمقرون بتقوى الله جلَّ جلاله.
لذلك كان اتباع الأهواء والشهوات من الأسباب المضلة المبعدة عن صراط الله المستقيم ، والمفضية بالإنسان إلى مواقع تهلكته .
ولذلك كانت الأهواء والشهوات من الوسائل التي تستغلها الشياطين للإغواء ، فتدغدغها وتثيرها وتوجهها للانحراف عن صراط الله ، ولا تزال تسيطر عليها شيئاً فشيئاً ، حتى تكون أسلحة فتاكة في أيديها ، وقد تستدرج الإنسان عن طريق أهوائه وشهواته حتى تصل به إلى مواقع الكفر بالله وبكل فضيلة إنسانية .
ولذلك حذرنا الله تبارك وتعالى من اتباع الأهواء والشهوات على غير هدى من الله .
فقال الله تعالى في سورة (الروم/30 مصحف/84 نزول):
{بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ}
ففي هذه الآية يبين الله أن من الأسباب الموصلة إلى الظلم والموقعة فيه اتباع الأهواء ، وقد ضل الظالمون بسبب اتباعهم أهواء نفوسهم فحكم الله عليهم بالضلالة حكماً عادلاً ، فمن يهدي من أضل الله؟ أي : حكم عليه بالضلالة , ومن ينصره من عقاب الله؟ إنه لا أحد يحكم له بالهداية بعد أن حكم الله عليه بالضلالة ، ولا أحد ينصهر من عقاب الله .
وخاطب الله رسوله محمداً بقوله في سورة (القصص/28 مصحف/49 نزول):
{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ}
وقال تعالى في سورة (محمد/47 مصحف/95 نزول):
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَاءَهُمْ}
وهكذا وصف الله الكافرين والمنافقين في مواضع عديدة من كتابه بأنهم اتبعوا أهواءهم ، إشارة إلى أن سبب ضلالهم هو اتباعهم أهواءهم .
ومن فروع اتباع الأهواء اتباع الشهوات بإفراط وتجاوز لمنهج الاعتدال والحق .
وقد أوضح الله أن اتباع الشهوات كان سبباً في ضلال ذرية الصالحين ، فقال تعالى في سورة (مريم/19 مصحف/44 نزول):
{فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلاَةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً}
أي: فسوف يلقون جزاء غيِّهم .
وحذرنا الله من مكائد الذين يتبعون الشهوات ومن تضليلاتهم ، فقال تعالى في سورة (النساء/4 مصحف/92 نزول):
{وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً}
أي: يريدون أن تنغمسوا معهم في تناول الشهوات بانحراف مسرف ، ويتخذون ما لديهم من وسائل لتحقيق مرادهم هذا .
ومن اتباع الأهواء والشهوات اتباع وسائل الترف بإفراط مُطغٍ وسرف مفسد للنفوس ، وباعث على الكبر والعجب ، ومسبب للغفلة عن الحق والخير ، ونسيان العواقب وعدم النظر إليها.
قال الله تعالى في سورة (هود/11 مصحف/52 نزول):
{وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ}
ولهذا السبب الرئيسي (وهو الانحراف النفسي عن منهج الخلق القويم) عوامل فرعية متعددة داخل النفوس الإنسانية ، نذكر منها العوامل التالية:
1- الحسد القبيح:
إن الحسد القبيح مرض خبيث من أمراض النفوس ، يغري صاحبه أن يغمط الحق وينكره ويجحد به ، مهما كان ظاهراً مؤيداً بالحجج والبراهين .
وإذا تصفحنا التاريخ القديم والحديث وجدنا أمثلة كثيرة على ذلك من الواقع الإنساني ، ومن أمثلته حسد اليهود للعرب إذ جاء الرسول المنتظر منهملا من بني إسرائيل كما كانوا يودون ويهوون .
2- الأنانية الضيقة:
والأنانية حب الإنسان لنفسه فقط أو لمحيطه الضيق ، مع قصر نظر عن العواقب ، وهي تولد في المجتمعات الإنسانية حب الإثرة ، واحتكار كل خير ومتعة ، وادعاء كل فضيلة وشرف ، وذلك يؤدي إلى التنازع والتشاحن والبغضاء ، وتبديد طاقات الجماعة تبديداً داخلياً بدل تجميعها ضد عدوها وعدو الحق والخير والفضيلة والجمال .
وكم كان لهذه الأنانية الضيقة من نتائج سيئة شنيعة ، قوضت كثيراً من أبنية حضارية شامخة ورمت بأمم كثيرة من قمم المجد إلى حضيض المذلة والمهانة ، وورثتها مفاهيم فاسدة. وجعلتها تتخلف أجيالاً وقروناً عن مواكب ركب الحضارة والتقدم ، ونور العلم والخير والفضيلة .
3- النوازغ النفسية الرامية إلى تحقيق مطالبها بشذوذ:
في ظل تهاون تربوي وبعد عن منهج الإسلام القويم قد تنمو في الإنسان بعض دوافعه النفسية نمواً غير طبيعي ، شبيهاً بنمو الأورام الخبيثة في الجسد ، حتى تكون لهذه الدوافع صفة السيادة العامة على كل مقومات الإنسان ، وعند ذلك يفقد هذا الفرد توازنه الإنساني السوي ، ومتى بلغت في الإنسان دوافعه النفسية إلى هذا الحد من الشذوذ غير الطبيعي أمست نوازغ شر وضر وفساد .
وعندئذٍ تنطلق هذه النوازغ في كيان الإنسان محاولة أن تستبد به استبداداً خطيرا ً، فإذا تخاذلت إرادة الإنسان أمام نازغ من نوازغ الشر فيه تبلَّد فهمه العميق للأمور ، وانحجب عقله الواعي الذي يعقله عن الشر ، وأخذ ذكاؤه يتشاغل بظواهر الأمور وسطوحها القريبة ، ويتعامى عن بواطنها وعواقبها ، ثم يحاول هذا الذكاء الغبي السطحي أن ينسج الحيل بمكر ودهاء ليقدم لنازغة الشر مطالبها الدنيئة الحقيرة ، ولو عن طريق الإفساد والجريمة وإنكار الحق .
عندئذٍ تبدأ صور الفساد والجريمة تظهر في سلوكه الشاذ المنحرف ، كما تبدأ صور تبرير هذا الانحراف تظهر في المفاهيم والآراء التي يبثها ، ويحاول إقناع الناس بها بغية المحافظة على مركزه الاجتماعي ، وحماية نفسه من غضب الجماهير الذين ينالهم شره وضره .
فهو –مثلاً- يذبح الفضيلة مرتدياً مسوح التقوى ، ويمارس الجريمة حاملاً شعار الإنسانية ، ويقوض دعائم الحق والهدى باسم محاربة الباطل والضلال ، ويهدم أبنية الخير الفاضلة باسم التخلص من الفساد ، ويحاول محو شرائع الله الحقة التي تحمل للناس السعادة والمجد باسم الإصلاح الديني أو الإصلاح الاجتماعي .
فإذا وقفت في سبيله نصوص الشريعة الثابتة أنكرها وأوَّلها ، وإذا أرهبته في طريق جريمته معتقداته عن وجود الله وعدله وجزائه يوم الدين ألحد بالله وأنكر العدل والجزاء ، وسعى يقتنص لإلحاده أدلة واهية ليخدع بها نفسه ومن لديه نفسٌ شاذة مثل نفسه ، وليخدع بها الدهماء من الناس . لئلا يثوروا عليه ، فإذا انطلت حيلته على جمهور من الناس انطلق داخلاً في كل نفق شيطاني خبيث ، خشية أن تنكشف خبيئة نفسه المجرمة ، وفراراً من النور إلى الظلمات ، وهروباً من وجه الحق المبين ، والعلم المنير ، والخير والفضيلة ، إلى معاقل شياطين الباطل والشر والرذيلة .
ومن هذه النوازغ الشاذة ما يسمى بجنون العظمة ، والرغبة بالسلطان ، ومنها الإفراط الشديد بحب المال والفتنة الشديدة بجمعه ومنعه ، ومنها شهوة الظلم والقتل والاعتداء على الآخرين ، ومنها الدوافع الجنسية الشاذة المفرطة ، إلى غير ذلك من نوازغ .
4- الكبر :
وكثيراً ما يكون الكبر عاملاً ذا أهمية من العوامل الصارفة عن الاستجابة للحق ، والباعثة إلى التمرد عليه ، والخروج عن دائرة الطاعة للخالق جلَّ وعلا ، وعاملاً أيضاً في تكوين معتقدات ومفاهيم باطلة وتقاليد وعادات فاسدة ، ومتى نفخ الكبر في أنف صاحبه واستولى على إرادته غشَّى على عقله وساقه بعنف إلى غمط الحق وطمس معالمه ، وانتحال صور من الباطل على تزيينها وتحسينها بالحجج التافهة التي لا تقوى على النهوض أمام قوة الحق لدى ذوي العقول السليمة .
وقديماً كان الكبر هو الصارف لإبليس عن طاعة الله ، كما كان الصارف لبعض زعماء العرب عن الدخول في الإسلام أيام نزول الرسالة ، والكبر هو الصارف لكثير من المترفين عن الانخراط مع جماعة المسلمين ، حتى يظلوا مترفعين في أبراجهم الذهبية ، فهم لا يشعرون بمشاعر العامة ، ولا يشاركون في مختلف مظاهر وحدتها وتكاتف صفها .
5- الأحقاد السوداء :
من العوامل ذات الأهمية الكبرى التي تصرف عن الحق ، وتدفع صاحبها لإعلان الحرب عليه الأحقاد السوداء التي تغلي نيرانها في قلوب الذين انحرفت نفوسهم عن منهج الخلق القويم .
لقد امتدت دولة الإسلام بقوة الحق والعدل والجهاد ، واكتسحت عقائد بالية ، وصهرت شعوباً كبرى ، وقوضت إلى الأبد دولاً ذات شأن قديم ، فألقى كل ذلك أحقاداً سوداء على الإسلام والمسلمين في قلوب بعض المتعصبين لقومياتهم ومعتقداتهم ودولهم التي جرفها الإسلام بنوره المبين فيما جرف ، أو نال منها نيلاً ، فأفقدهم بذلك زعاماتهم الدينية والسياسية في الأرض ، ونشأ من جراء هذه الأحقاد السوداء مؤتمرات عديدة مقنعة وسافرة على الإسلام والمسلمين ، في أحقاب التاريخ الإسلامي المتتابعة ، وما زال العالم الإسلامي يكتوي بنيران هذه المؤامرات المختلفة في أشكالها وألوانها وأساليبها ، فمنها ما يحمل حرباً فكرية مسلحة بألوان شتى من المكر والخديعة ومنها ما يحمل حرباً مادية مسلحة بكل قوة مادية مريعة ، بغية تهديم الحق الذي جاء به الإسلام ، فكان به مجد العرب وسائر الشعوب التي استجابت لدعوته ، وبغية تفتيت وحدة المسلمين المتماسكة التي كان فيها سر قوتهم العظمى التي أذهبت الأمم والشعوب حقبة من الدهر ، فهم ما يفتأون يخشون أن تعود هذه القوة الكبرى للمسلمين ، وأن يعود ذلك الإيمان الصادق إلى قلوبهم .
وفي طليعة هذه المؤامرات المستمرة على الإسلام والمسلمين المؤامرة اليهودية العالمية الكبرى التي استطاعت أن تسخر الأحزاب السرية ، وكلا من المذاهب الفكرية والاجتماعية والاقتصادية المتصارعة في العالم ،واستطاعت أن تسخر لتحقيق أغراضها الاستعمار والصليبية وأركانها السياسية والتبشيرية والاستشراقية ، وأن تسخِّر الإلحاد والشيوعية الدولية العالمية .
وتوجد عوامل أخرى لكل من السببين السابقين وهما: الانحراف الفكري عن منهج التفكير السديد ، والانحراف النفسي عن منهج الخلق القويم .
ومن هذه العوامل ما يلي:
1- الافتتان بمظاهر التقدم المادي والانسياق مع ألوانه الخادعة للنظر ، وتقبل ما يرافقه من منحرفات فكرية وخلقية وسلوكية .
وقد استخدم أعداء الإسلام في العصور الحديثة هذه الوسيلة من وسائل التضليل على أوسع نطاق ، وأثمرت لهم في المجتمعات الإسلامية ثمرات جمة ، وكان ذلك عن طريق دمج الوافدات الوبائية الخطيرة على العقائد والأخلاق والنظم الإسلامية في صادرات منجزات بلادهم المادية المرضية بتقدمها المادي ، وبهذا الدمج الماكر عسُر على الجماهير التمييز بين الغث والثمين ، والنافع والضار .
2- طاعة القادة المضلين واتِّباعهم:
فكثير من الانحراف الفكري والانحراف النفسي يأتي عن طريق اتباع القادة المضلين ، ذوي السلطان والجبروت في الأرض .
ويكون هذا الاتباع لهم إما فتنة بهم ، أو طمعاً باسترضائهم لتحيل المنافع عن طريقهم ، وإما خوفاً من عقوباتهم .
والقادة المضلون إما مستكبرون ، أو أصحاب أهواء ، أو متبعون للشهوات ، بجنوح وطغيان ، أو مقلدون متبعون لأسلافهم أو مقلدون مفاخرون متبعون لنظرائهم من ذوي السلطان في الأرض .
وقد حذر الله من اتباع القادة المضلين بأسلوب بيان واقع حال بعض الظالمين الذين عصوا رسل ربهم . فمن ذلك ما ذكره الله تعالى في شأن عاد قوم هود من أن سبب ضلالهم أنهم اتبعوا أمر كل جبار عنيد ، فعصوا رسل ربهم وجحدوا بآياته ، فقال تعالى في سورة (هود/11 مصحف/52 نزول):
{وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ}
ومن ذلك أيضاً ما ذكره الله في شأن اتباع فرعون الذين كانوا ملأه ومنفذي أمره وأكابر قومه ، إذ اتبعوا أمره فجحدوا بربهم وبرسله ، وبالآيات التي جاءهم بها موسى عليه السلام ، قال الله تعالى في سورة (هود/11 مصحف/52 نزول):
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ}
وقال تعالى في شأن فرعون في سورة ِ(الزخرف/43 مصحف/63 نزول):
{فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ * فَلَمَّآ آسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً للآخِرِينَ }
( 4 )
مناخ نماء الكفر ونشاطه
قد يبدو لكل عاقل بعد أن يرى الحق في جانب الإيمان ، ويأتيه خبر الوعد بالسعادة الخالدة للمؤمنين ، وخبر الوعيد بالشقاء الدائم والعذاب الأليم في نار جهنم للكافرين ، أنه لا يوجد أي داع للإنسان حتى يختار لنفسه سبيل الكفر على سبيل الإيمان ، لا سيما حين يلاحظ أنه لا توجد في مواقع الكفر مزايا من متاع الدنيا يصيبها الكافر ولا يستطيع أن يصيبها المؤمن ، علماً بأن مقدروه أن يصيب ما يريد من شهوات محرمة عن طريق المعصية ، لا عن طريق الكفر بالجحود أو يرفض الإذعان للطاعة ، فطريق المعاصي ليس فيه خلود في العذاب والشقاء ، أما طريق الكفر فهو طريق الخلود في العذاب والشقاء الأبدي .
والتساؤل الوارد في هذا المجال قد أجاب القرآن عنه ، فبين أن الكافرين واقعون في الكفر بسبب مؤثرات نفسية شتى جانحة خلقياً ، إلا أن الذي غشَّى على منطقهم في الحياة أمران: زينة وغرور ، وهذان الأمران هما المناخ الذي تنشط فيه بواعث الكفر ودواعيه .
فالزينة : حسنت للكافرين الحياة الدنيا ، وحسنت لهم سوء عملهم ، وصبغته بالأصباغ الخادعة ، وجعلت له المبررات المزوَّرة .
والغرور في أنفسهم ساقهم عمياناً لا يبصرون إلا الزينة وما فيها من بهارج ، فأعينهم مثبتة في أشكالها وألوانها ، وآذانهم لا تسمع إلا رنات أوتارها وأصوات أجراسها ، وشهواتهم مشدودة إليها ، وقلوبهم معلقة بطلبها والسعي وراءها ، وهم يتخبطون في اتباعها ، لا يدرون أين تقع أقدامهم ، ولا يعرفون إلى أي مصير هم صائرون ، وأما أفكارهم وعقولهم فقد ألقيت عليها الغشاوة ، فهم لا يفكرون إلا في حدود منطقة الزينة .
والزينة هي المجال الذي يفتتن به الإنسان فيغتر به ، وهي تكون فتنة للعين أو فتنة للأذن ، أو فتنة للفكر ، أو فتنة للنفس ، أو فتنة لما سوى ذلك من داخل الإنسان وخارجه .
والزينة طلاءات وزخارف خادعة في مظهرها ، ولا دلالة لها على الحقيقة الجوهرية ، إنما تخدع بحلاوة مظهرها ، فيتصور الجاهل المتسرع أن ما ظهر له عنوان ما بطن وخفي عليه ، فيعطي للباطن حكم ما بدا له في الظاهر ، لذلك نلاحظ أن القرآن حين يلفت أنظارنا إلى حقيقة ما في الحياة الدنيا يبين لنا أنها من قبيل الزينة فقط ، فهي لا تحتوي على جوهر حقيقي ثابت وفي هذا يقول الله تعالى في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول):
{زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
فهم مع أنهم مخدوعون بزينة الحياة الدنيا وساقطون في الغرور يتصورون المؤمنين مضيِّعين لذات حياتهم ، ومتعلقين بالأوهام وبرؤيا خيالية عن الدار الآخرة ، فيسخرون منهم ، وكان الحق يقضي بأن يسخروا من أنفسهم إن عفَّ عن السخرية منهم الذين آمنوا .
ولكن ينعكس الأمر يوم القيامة فيقتص منهم الذين آمنوا سخرية بسخرية .
والغرض من جعل الحياة الدنيا هكذا زينة تفتتن النفوس بها توافر ظروف الابتلاء الأمثل ، وهذا ما بينه الله بقوله في سورة (الكهف/18 مصحف/69 نزول):
{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً }
أي: سيأتيهم يوم تفقد فيه زينتها فيغدو سطحها صلداً يابساً لا نبات فيه ولا زرع ، قد احترق كل ما عليها من خضرة ونضرة ، وتهدَّم كل ما عليها من قصر مشيد .
وأخطر ما في الأمر أن يغتر الإنسان بزينة الأقوال والأفكار الباطلة ، وبزينة الأعمال السيئة ، فيرى الباطل حقاً ، ويرى السيء حسناً ، فيندفع وراء الباطل مؤيداً له وناصراً ، ويعمل الأعمال السيئة متعاظماً بها ومفاخراً ، زاعماً أنه من المحسنين ، وهنا تكون المحنة الكبرى ، والفتنة العظمى .
ونقيض هذا من كان على بينة من ربه ، يرى الحق حقاً فيتبعه ويعمل بموجبه ، ويرى الباطل باطلاً فيجتنبه ويحذر من العمل بما يفضي إليه .
وإلى هذين الموقفين المتناقضين جاءت الإشارة في قول الله تعالى في سورة (محمد/47 مصحف/95 نزول):
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَاءَهُمْ}
فمن كان على بيِّنة من ربه فإنه يكون صحيح التصور للأمور ، مستقيم العمل غالباً انسجاماً مع تصوراته الصحيحة ، ومن زيِّن له سوء عمله فلا بد أن يكون فاسد التصور فاسد العمل متبعاً أهواءه المنحرفة الجانحة ، متخبطاً في ظلمات البغي والفساد ، والظلم طغيان .
ولذلك تكرر في القرآن التحذير من السقوط في الهاوية التي يُزيَّن فيها المسيء سوء عمله ، وتكرر فيه توبيخ الذي زين لهم سوء أعمالهم .
ففي سورة (الأنعام/6 مصحف/55 نزول) أثبت الله تبارك وتعالى أن الكافرين قد زين لهم سوء عملهم ، ذكر هذا بعد مثل ضربه للمؤمنين والكافرين فقال تعالى :
{أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}
فالكافرون مثلهم كمثل من هو في الظلمات ليس بخارج منها ، فلا يعرف شيئاً عن النور ، لذلك فهو يستحسن الظلمة التي هو فيها ، كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون فيهم يستحسنون أعمالهم السيئة ، فيفعلونها بقوة وجرأة ومفاخرة .
ويوبخ الله الذين زين لهم سوء عملهم ، فكفروا بربهم فأضلهم الله بذلك قال تعالى في سورة (فاطر/35 مصحف/43 نزول):
{ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ * أَفَمَن زُينَ لَهُ سُوۤءَ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }
ففي هذا النص تلاحظ أن الله يخاطب رسوله بقوله : {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} أي: فلا تهلك نفسك حزناً على الكافرين الذين زين لهم سوء عملهم ، فهم قد اختاروا بأنفسهم سبيل الكفر على سبيل الإيمان ، فحق عليهم عذاب شديد من الله ، وكان بمقدورهم أن يختاروا سبيل الإيمان والهداية ، فقد بين الله لهم الحق في كتبه وعلى ألسنة رسله ، فلا عذر لهم بجهل وعدم بيان .
وقال الله تعالى في وصف الإنسان في سورة (يونس/10 مصحف/51 نزول):
{وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}
فمن خلائق الإنسان أنه إذا مسه الضر رجع إلى ربه ، فالتجأ إليه داعياً أن يكشف عنه ضره ، على أية حالة كان مضطجعاً أو قاعداً أو قائماً . إنه في حالة ضره تتيقظ فطرة الإيمان في داخله ، فيرجع إلى ربه مستغيثاً ، ولكنه حينما يكشف الله عنه الضر ويعود إلى ما كان فيه من متاع الحياة الدنيا وزينتها ينسى ربه ، ويمر في حياته غير معترف بخالقه ، كأنه لم يرجع إلى ربه في ساعة ضره ، فيدعوه ويلتجئ إليه ، وهكذا حال المسرفين يعملون الأعمال السيئة القبيحة ويرونها حسنة ، اغتراراً بزينتها في نفوسهم وأهوائهم .
ومن أمثلة الأفكار الفاسدة التي زُيِّنت في قلوب المنافقين ظنهم أن الرسول والمؤمنين في أيام صلح الحديبية سيهلكون ، ولن يعودوا إلى أهليهم أبداً ، وظنوا بالله ظن السوء ، ولكن الله فتح على رسوله والمؤمنين فتحاً مبيناً ، وخيب ظن المنافقين ، وفي ذلك يقول الله تعالى في سورة (الفتح/48 مصحف/111 نزول):
{سَيَقُولُ لَكَ ٱلْمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ شَغَلَتْنَآ أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَٱسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً * بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ إِلَىٰ أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً}
أي: وكنت قوماً هلكى بنفاقكم.
ومن أمثلة الأحكام الباطلة التي زينت لدى الكافرين تلاعبهم في الأشهر الحرم بالتقديم والتأخير ، ليبيحوا لأنفسهم في الأشهر الحرم ما هو محرم عليهم ، وفي هذا يقول الله تعالى في سورة (التوبة/9 مصحف/113 نزول):
{إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوۤءُ أَعْمَالِهِمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ}
وهكذا تفعل الزينة فتسقط الظالمين والمسرفين والكافرين في الغرور .
فالكافرون في غرور بما زين لهم في الحياة الدنيا .
ولذلك قال الله تعالى في سورة (الملك/67 مصحف/77 نزول):
{…إِنِ ٱلْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ}.
أي: ما الكافرون إلا ساقطون في غرور ،فهم مخدوعون بما خدعوا به أنفسهم ، من أفكار مزينة ، وأهواء مزينة ، وشهوات مزينة وأمان مزيَّنة ، وأقوال مزخرفة مزينة ، إلى غير ذلك مما في الحياة الدنيا من زينة .
أما جوهر الحقيقة فهم عنه معرضون ، وبينهم وبينه غشاوات على قلوبهم وأفكارهم وأسماعهم وأبصارهم ، فالغرور متى استولى على إنسان أعماه وأصمه عن كل بيان يكشف له زيف ما هو مغرور به .
أما الأشياء التي زينت لهم فاغتروا بها ، فإنها تأتي في نطاق العناصر التالية:
1- أول ما زين لهم فغرَّهم وجذبهم إليه متاع الحياة الدنيا ، وما فيها من شهوات وأهواء وجاه ومال وسلطان ولهو ولعب .
2- ثم غرتهم الأماني .
3- ثم غرتهم زخارف الأقوال المزورة التي توحي بها شياطين الجن والإنس .
4- ثم غرتهم مفترياتهم وأكاذبيهم التي كانوا قد افتروها ، لستر انحرافاتهم ، فمر عليها فصدقوها ، وحسبوها أموراً صحيحة ،ونسوا أنهم هم الذين اختلقوها .
5- ثم انغمسوا في الغشوات الكثيرة ، وحجبوا أنفسهم عن الحقيقة ، ونسوا الله وعميت أبصارهم وبصائرهم عن آياته .
* الغرور بمتاع الحياة الدنيا وزينتها:
نلاحظ أن الله تبارك وتعالى قد بين للناس أن الحياة الدنيا متاع الغرور ، فأوضح لهم أنها متاع يغتر به الجاهلون قصيرو النظر ، فقال في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول):
{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ}
وقال تعالى في سورة (الحديد/57 مصحف/94 نزول):
{ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي ٱلأَمْوَالِ وَٱلأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ}
فعلى الإنسان أن يعقل أمره ولا يغتر بزخرف الحياة الدنيا وزينتها . ولذلك حذر الله الناس جميعاً من الاغترار بذلك فقال تعالى في سورة (لقمان/31 مصحف/57 نزول):
{يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ}
والغرور : هو الشيطان .
وقال تعالى في سورة (فاطر/35 مصحف/43 نزول):
{يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ * إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ}
ثم بين الله تبارك وتعالى أن الكافرين مغرورون بالحياة الدنيا ، فقال لرسوله في سورة (النعام/6 مصحف/55 نزول):
{وَذَرِ الَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا}
وفي موقف الحساب يوم القيامة يخاطب الله الظالمين الكافرين من الجن والإنس ، فيقول لهم كما جاء في سورة (الأنعام/6 مصحف/55 نزول):
{يَامَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ}
وبعد أن يدخلهم الله دار العذاب يخاطبهم بمثل ذلك ما جاء في قوله تعالى في سورة (الجاثية/45 مصحف/65 نزول):
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ * وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ * وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱلسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ * وَبَدَا لَهُمْ سَيئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * وَقِيلَ ٱلْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ من نَّاصِرِينَ * ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ ٱتَّخَذْتُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلاَ هُمْ يُسْتَعَتَبُونَ}.
ولا هم يستعتبون ، أي: لا يقبل منهم توبة ولا استغفار ولا استقالة من ذنوبهم ، فقد مضى زمن التوبة والاستغفار ، وأصل الاستعتاب طلب رفع العتب وطلب حصول الرضا .
وبعد أن يذوقوا عذاب جهنم وتشتد عليهم الآلام فيها ، ينادون أصحاب الجنة يرجونهم أن يفيضوا عليهم من الماء أو مما رزقهم الله ، فيقولون لهم : إن الله حرم الجنة وما فيها على الكافرين الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً ، وغرتهم الحياة الدنيا ، ويصف الله هذا المشهد من مشاهد الآخرة فيقول تعالى في سورة (الأعراف/7 مصحف/39 نزول):
وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ * ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا…}. | <urn:uuid:e00f624c-d8bb-4ea3-a615-0504f2da420c> | CC-MAIN-2014-10 | https://ferssan.wordpress.com/2010/03/29/sira3ma3aalmala7ida/ | 2014-03-07T20:05:10Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999650775/warc/CC-MAIN-20140305060730-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.991317 | Arab | 3 | {"arb_Arab_score": 0.9913168549537659} |
هل تستمتع المرأه بالجماع في دبرها
يسأل سائل: هل المرأة تتأثر جنسيا من فتحة الشرج - وإذا لا فكيف نرى من الافلام الجنسية المرأة وهي تشعر باللذة من مواقع الدبر هل هذا تمثيل في تمثيل ..
الجواب: لا وألف لا... المرأة لا تشعر باللذة من المواقعة الجنسية في فتحة الشرج - على العكس إنها علاقة مؤلمة - محرمة - ممرضة حيث تؤدي لإصابة النساء بالشرخ الشرجي - البواسير - النزيف - الإلتهابات وتهتكات في عضلة المعصرة مما يؤدي للسلس البرازي وهي الطريقة رقم 1 للأيدز وهي علاقه محرمة شرعا لأنها تعتبر اللوطية الصغرى -
ما تراه يا عزيزي على الشاشة مجرد تمثيل في تمثيل.
ويا أخواني الكرام اذا استمر الزوجين في هذه الطريقه فيجب التفريق بينهما. وبحديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( من أتى حائضا أو أمرأة في دبرها, أو أتى كاهنا فصدقه فيما يقول فهو كافر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم))وهو أيضا مستثنى بأجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
ويقول عليه الصلاة والسلام: لا ينظر الله يوم القيامه الى إمرء أتى زوجته في دبرها.
تحيات الإداره
egyptianprof | <urn:uuid:7c5f9e7e-5355-4bd2-b3bb-5dd08496be4d> | CC-MAIN-2014-10 | http://egn4u.yoo7.com/t76-topic | 2014-03-08T21:08:43Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999664114/warc/CC-MAIN-20140305060744-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.962251 | Arab | 35 | {"arb_Arab_score": 0.9622513055801392, "arz_Arab_score": 0.011992540210485458, "ars_Arab_score": 0.010871783830225468} |
بسم الله الرحمن الرحيم
الى كل شريف سياسي في العراق ان وجد ايصال الموضوع لرئيس الوزراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نكتب لجنابكم الكريم ونحن نعلم ان من نكتب عليه صعب المواجهة ولم يتجرأ احد وان مسه ولو بكلمة واحدة حتى من قبل المسؤلين جميعا لانعلم لماذا يخشونه وهذا ماأربك المنتسبين وجعلهم خائفين منه ومن عصابته والجميع يعلم
اللواء عدي سمير حليم أمين . يدعي انه حساني يسكن البصرة سابقا الخضراء حاليا يعمل مدير مكتب الوكيل الاقدم ولديه منصب مدير عام في هيئة التفتيش .
_الموما اليه ترك العراق مغادرا الى ألمانيا بسبب فساده الأخلاقي فنقل من البصرة الى السماوة بسبب تزوير سنويات السيارات وبعدها أرتبط بعلاقة غير أخلاقية بزوجة مدير مرور السماوة العميد . وهذا العميد يسكن البصرة وإثناء تكليفه ( لعدي) بإيصال عائلته الى البصرة خان الأمانة وانشئ علاقة غير شريفة مع زوجته وبعد وصول الخبر الى العميد المذكور هرب (عدي) إلى ألمانيا حصل هذا عام 2000 وهو برتبة ملازم أول .
_بعد سقوط النظام عام 2004 عاد الى العراق وهو من المتضررين السياسيين وتم تزكيته من قبل عمه واحتسبت له فترة هروبه كمفصول سياسي من عام 2000 لغاية 2003 والسياسيين الأصليين مازالوا يراجعون .
_في عام 2005 منح رتبة نقيب وفي عام 2006 رتبة رائد وفي 2007 رتبة مقدم وفي عام 2008 عقيد وفي عام 2009 رتبة عميد وهذا يعني انه بأربع سنوات حصل على خمس رتب وفي عام 2010 أصبح مديرا عاما في هيئة التفتيش وهذه الهيئة مكونة من المدراء العاميين الفائضين وهم من كبار السن واصلا مدراء عاميين و2012 أصبح لواء ويفترض ان يخدم 6 سنوات ليرقى من عميد الى لواء وهو مستمر بمنصب مدير مكتب وطيا خط الخدمة الذي يؤيد ذلك.
_حصل الأستاذ عدي على (36) قدم وهذا ما لايصدق فكيف لرجل عمله إداري يحصل على هذا العدد من التكريم والموضوع بسيط جدا فلا تمر اي قائمة تكريم الا ويضع اسمه فيها والمنتسبين والضباط يموتون وهو يحصل على الامتيازات فأي ضمير لهذا الشخص والفريق فاروق مدير مكتب القائد العام يعلم بالموضوع ووبخه بأخر تكريم حيث درج اسمه مع القوة التي ألقت القبض على الإرهابيين الذين فجروا كنيسة سيدة النجاة وقال له ألا يوجد واجب إلا وأنت مشارك فيه .
_قام بمسح اغلب التكريمات والايفادات والإجازات التي حصل عليها خارج العراق من الأرشيف الالكتروني وقبلها مسح قيوده الجنائية المؤشرة في الأرشيف وفي مديرية الادلة الجنائية فالعشرات من السفرات كان يتمتع بها بصورة خاصة.
_لديه ثلاث سيارات مدرعة وموكبه يتكون من(6) سيارات مع الحماية يقطعون له الطريق كذلك نعلم ان الوكيل سيقول انها تابعة لموكبه لكننا نراها بأعيننا يوميا .
_المسؤول عن ترقية كبار الضباط من عقيد الى عميد والى رتبة لواء ولا تتم ترقيتهم الا مقابل مبالغ مالية طائلة مع العلم ان اغلب المقدمين والعقداء هم أقدم منه بسنين طويلة وباستطاعته ترفيع من يشاء حتى وان كان مشمولا بالمسائلة والعدالة وهناك العشرات من الضابط برتب كبيرة تم ترقيتهم طيلة الفترة الماضية.
_في عام 2009 تم القاء القبض على عدد من الضباط المتهمين بانهم من حزب العودة تم إطلاق سراحهم بتأثير من قبل الوزير جواد البولاني ورغم ذلك اوصى مكتب القائد العام بأبعادهم من الوزارة لكن (عدي) لم ينفذ الأمر وقام بمنحهم مناصب مهمة وحيوية في الوزارة خصوصا الوكالة الإدارية وطيا قائمة الاسماء.
_المنسق بين الاسدي واصيل طبرة حول منح الأخير رئاسة هيئة نادي الشرطة دون أن يضهر نفسه كذلك ترشيحه كمستشار رياضي لدولة رئيس الوزراء واستلم هدية اصيل طبرة وهي عبارة عن اثنين من الخيول العربية الأصيلة أثمانها مئات الآلاف من الدولارات وحاليا في مزرعته في الدورة والجادرية على الشط ودائم وهو دائم القول ان الشيعة افسدوا الداخلية وإنهم من المليشيات فيقوم بتوثيق اي مستمسك عليهم حتى يبقوا مطيعين له ويخافونه كيلا يطردهم ويقطع أرزاقهم لهذا تجد البعض منهم اصبحوا أبواق للدفاع عنه.
_والدته تدعى الرفيقة ام عدي وهي صديقة حميمة مع منال يونس وساجدة خير طلفاح وهي من اللواتي جلبن سفينة المساعدات ابن خلدون الى العراق واعتزازا منها بعائلة هدام اسمت ابنائها وبناتها بأسماء عائلته ومن ضمنهم ابنها عدي .
_اما أهم جزء في الموضوع فهو كيف استطاع ان يسيطر على وزارة الداخلية كل هذ حصل بفضل شقيقته ( ميلاد ) وهي إحدى منتسبات وزارة الداخلية ,مديرية الجنسية العامة بالاسم فقط فهي مفرغة في دار الوكيل الأقدم في الخضراء والبعض يقول انه تزوجها بالسر ( زواج متعة ) وبفضلها دمرت وزارة الداخلية وهناك أخبار موثقة ان إحدى المنظفات في الوكالة تم إرسالها معها لمساعدتها ولكونهم يخافون عليها لأنها جميلة ولا نريد الخوض بالعمق ؟؟ تعتبر هذه من المعلومات العامة والكل يعلم بها حتى كبار الضباط في مكتب المفتش العام وفي الشؤون الداخلية لكن الكل يخاف لانه وكما معروف لدى الجميع ان من يتكلم على الأستاذ عدي كانه تكلم على الأستاذ عدنان الاسدي فهو سيكون خصمه ولااعتقد ان هناك من يجازف بمصدر رزقه لانه يستطيع قطعه بسهولة بل ويستطيع ان يكيل التهم التي توصله للإعدام , اننا على علم ودراية انكم لاتخشون أحدا من هؤلاء الذين عاثوا بالوزارة فسادا ونتمنى على سيادتكم طلب الاستفسار من وزارة الداخلية عن كيفية حصول عدي على هذه الرتبة بهذا الوقت القياسي العالمي وسبب حصوله على هذا الكم من التكريمات وكيف حصل على قطعة الأرض في النجف الاشرف وفي بغداد في منطقة زيونة والخضراء وشقة شارع فلسطين وعقارات في الخارج خاصة مصر والدنمارك ونؤكد على مصر كون الموضوع مخيف هناك لاننا سمعنا ان لديه ارتباطات مع دول خارجية وأسباب ايفاداته المتكررة وحاليا هو في الصين مع الوكيل وتم شراء جهاز تجسس لمراقبة موبايلات المنتسبين من هناك وتم العمل عليه في الوقت الحاضر وهو محرض الاسدي على عدم توقيع كتاب اعادة المنتسبين المفصولين اثناء عمليات البصرة وترك التوقيع للواء عبد الكريم عبد الحسن وهو المسبب بمعاقبة دفاع مدني الرصافة بجعل دوامهم 24 ساعة مقابل 12 ساعة استراحة والقصد معاقبة المنتسبين على مواقفهم وهناك الكثير خلف الكواليس وباستطاعتكم التأكد من موضوع شقيقته ميلاد سمير حليم بالاستفسار عنها في مديرية الجنسية. ان من الواجب شرعيا وأخلاقيا هو فضح هؤلاء المفسدين وهناك معلومات الخاصة بمن يلتزمه وعلاقاته المشبوهة وتفاصيل أخرى ان من يطرد هذا المفسد سيكون له رصيد كبير في وزارة الداخلية لان بسببه كره المنتسبين حتى الحكومة لعدم اتخاذها إجراء بحقه وغضت النظر عنه طويلا وملخص الموضوع ان الأستاذ عدي هو وزير الداخلية الفعلي ويستطيع ايا كان ان يسأل ابسط المنتسبين وسيؤكد هذه المعلومة فكل تشكيلات وزارة الداخلية تحت تصرفه وكل موارد الوزارة ولديه شبكة من الفاسدين والإرهابيين داخل الوزارة يستخدمهم لتصفية الخصوم من خلال تثبيت المعلومات الكيدية وتهديدهم بها فيضطر المقابل اما الاستقالة او طلب التقاعد اذا كانت لديه خدمة كبيرة في المسلك لقد حرص المدعو عدي على الحصول على كل مايمكن الحصول عليه من امتيازات وهو من اصحاب الاموال وسيذكر التاريخ انه سيأتي يوم ويسافر ونحن نتمنى ان يشرح لنا كيفية ترقيته كل تسعة اشهر كذلك السيطرة التامة على التعيينات حيث يوهمون الناس ان الانترنيت هو من يفرز ويختار الأسماء حسب النقاط وهذا كذب كبير منذ ان ادخلوا التعيينات على الانترنيت وهم يعينون بالآلاف يضيفون إليهم أسماء قليلة لرفع الشك فقط والاختيار يكون عن طريق احد عصاباتهم ويدعى حسام الدليمي وهذا ارهابي 100% حيث اعتقل من قبل مكتب القائد العام عام 2009 وهؤلاء الضباط كفلهم البولاني وأخرجهم من السجن ومازالوا يمارسون إعمالهم من ضمنهم اللواء زهير عبادة ومجموعة من الضباط وتم طرده من قبل الوزير السابق باقر صولاغ عام 2007 واخفى كافة الأوليات التي تؤيد ذلك وهو وهابي من عائلة نشرت الفكر الوهابي في منطقة بلدروز ويسمونهم (بيت العلماء) ويدعي انه شيعي ولديه شقيق يعمل في الوكالة الإدارية أسوء منه فهو جاسوس على المنتسبين والضباط لايستطيع احد ان يكسر له كلمة كونه مسنود من شقيقه والأخير مسيطر على وزارة الداخلية كاملة إما مايدعوا الى السخرية هي انه كان من كتاب التقارير ومن الطراز الأول إثناء عمله امر لفوج طوارئ كركوك وقبل أيام اتلف احد القيود التي تؤكد ذلك إثناء عثوره عليه كونه مسؤول الأرشيف الورقي والالكتروني وهذا ماجعله يسيطر على وزارة الداخلية فبمجرد إضافة اي ورقة للأرشيف يستطيع إن يقلب كل الأمور فبهذا يفعل مايشاء بالمنتسبين .والان سيتم تكريم (عدي) من قبل الوكيل الاقدم وذلك بتنصيبه مديرا عاما لأدارة الافراد في الوزارة رغم كل ماجاء ونحن نتسائل اي انتم من كل تلك الخروقات وأخيرا نرجوا من سيادتكم طرده بتهمة الاستغلال الوظيفي وإحالته للمحاكم وشركائه ال26 المعتقلين سابقا في مكتب القائد العام المنتمين الى حزب العودة الصدامي من وزارة الداخلية لأنهم المسببين بالفساد والخروقات شاكرين اهتمامكم بالفقراء.والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى الـــه الطيبين الطاهرين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته | <urn:uuid:ef35044a-bacb-4ee5-b00c-cb48afcca491> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=21431 | 2014-03-09T19:53:55Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394010295336/warc/CC-MAIN-20140305090455-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.939972 | Arab | 7 | {"arb_Arab_score": 0.9399719834327698, "ary_Arab_score": 0.029141588136553764, "ars_Arab_score": 0.016130371019244194} |
لك مطلق الحرية في أن تنسخ أو توزع أو تعدل أو تعرض أو تُضمّن البيانات في منتجات أخرى لأغراض تجارية أو غير تجارية دون أن تتحمل أية تكلفة على أن يكون ذلك وفق قيود معينة نوجزها فيما يلي.
يجب أن تنسب البيانات التي تستخدمها إلى مصدرها بالأسلوب المشار إليه في بيانات التعريف المحتواة داخل البيانات.
يجب عليك عدم الزعم أو الإعراب ضمناً عن أن البنك الدولي يصادق على استخدامك للبيانات أو على استخدام شعار (شعارات) البنك الدولي أو علامته (علاماته) التجارية المقترنة بذلك الاستخدام.
قد تملك أطراف أخرى حقوق ملكية في بعض المواد التي يحويها موقع البنك الدولي على الإنترنت.
على سبيل المثال، نحتفظ لدينا بقائمة ببعض البيانات بعينها داخل مجموعات البيانات والتي لا يمكنكم إعادة توزيعها أو إعادة استخدامها دون الرجوع أولاً لمقدم (مقدمي) المحتوى الأصلي (الأصليين)، كما نحتفظ لدينا بالمعلومات المتعلقة بكيفية الاتصال بمقدم (مقدمي) المحتوى الأصلي (الأصليين).
يرجى مراجعة القائمة المقدمة هنا قبل تضمين أية بيانات في منتجات أخرى: شروط الاستخدام: قيود استخدام البيانات
لا يقدم البنك الدولي أية ضمانات فيما يتعلق بالبيانات وتعتبر هذه موافقة منك على أن البنك الدولي ليس مسؤولا قانوناً تجاهك فيما يتعلق باستخدامك للبيانات.
لا يمثل هذا سوى موجز لشروط استخدام مجموعات البيانات المدرجة في دليل بيانات البنك الدولي. يرجى قراءة الاتفاقية الفعلية التي تتحكم في استخدامك لمجموعات البيانات، والمتاحة ها هنا: شروط الاستخدام الخاصة بمجموعات البيانات. انظر أيضاً أحكام وشروط استخدام الموقع الإلكتروني للبنك الدولي. | <urn:uuid:92b5135b-7870-4b11-abdd-ceb3b79cf053> | CC-MAIN-2014-10 | http://data.albankaldawli.org/summary-terms-of-use | 2014-03-10T18:40:01Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394010951612/warc/CC-MAIN-20140305091551-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.996073 | Arab | 149 | {"arb_Arab_score": 0.9960727095603943} |
باحثون في micromod Partikeltechnologie محدودة تستخدم الجسيمات نانو Zetasizer نظام توصيف من الآلات مالفيرن ، مجهزة Autotitrator MPT - 2 و degasser ، لتحديد حجم الجسيمات وزيتا المحتملة قياس الجسيمات النانوية بوصفها وظيفة من الحموضة.
micromod Partikeltechnologie محدودة تطور وتنتج والوظيفية نانو جزيئات متناهية الصغر للتطبيقات الحيوية ، مع النانوية المغناطيسية يجري المنتجات الرئيسية. يتم استخدام نانو Zetasizer في كل مجال تطوير المنتجات الجديدة والمحسنة ، لخلق تركيبات للمعايير الافراج عن المناسبة من حيث حجم الجسيمات والمحتملة السطح ، ولمراقبة جودة المنتجات النهائية حجم الجسيمات معيار هام لاطلاق سراح المنتج وفقا للمعايير الشركة صارمة على الجودة ، والتي تشمل ISO 9001:2008 ، EN ISO 13485:2003 و/ AC 2007.
الدكتور Cordula Grüttner من Partikeltechnologie micromod ويوضح : "نحن نستخدم نانو Zetasizer لقياس توزيع حجم الجسيمات من 15 نانومتر إلى 2 ميكرون في القطر وفي سياق الكيميائية أو البيوكيميائية تعديل سطح الجسيمات ، من المهم أيضا بالنسبة لنا. اتبع استقرار النظم الغروية عن طريق قياس حجم التوزيع ، ومنع تجمع جزيئات من خلال تحديد الظروف الملائمة واختبار نوعية التعديلات السطحية -- التي قد تنطوي على استحداث مجموعات وظيفية أو طلاء الجسيمات مع الجزيئات الحيوية مثل البروتينات والأجسام المضادة -- عن طريق قياس زيتا المحتملة بوصفها وظيفة من درجة الحموضة باستخدام هذا القياس Autotitrator يساعد بالإضافة لنا في تطوير التطبيقات الخاصة والاستفادة المثلى من الجزيئات السطحية في التعاون مع عملائنا ".
"نحن ننتج جزيئات من مواد مختلفة بما في ذلك العديد من السيليكات ، ومركبات أكسيد ديكستران الحديد ، البوليسترين وحمض البولي لاكتيك ، ولها كل خواص فيزيائية مختلفة. القدرة على قياس بسرعة مع عدم تنظيف ما بين القياسات كان عاملا رئيسيا في اختيار النظام ، وكذلك توفير cuvettes القابل للتصرف ".
واضاف "اننا نقدر كثيرا لخدمة العملاء وفرص التدريب من مالفيرن ،" ويخلص Cordula Grüttner "، وعلى وجه الخصوص ، قد حالت دون التشخيص السريع لأية قضايا من خلال الاتصال بشبكة الانترنت مباشرة مع خدمة العملاء فريق مالفيرن لنا من معاناة تعطل الانتاج".
Zetasizer الجسيمات نظم توصيف نانو من الآلات مالفيرن قياس حجم الجسيمات ، وزيتا المحتملة والوزن الجزيئي. مجموعة من التطبيقات التي تتميز الغرويات تركيز عالية والنانوية ، من خلال لقياس البروتينات والجزيئات في إضعاف دولتهم الأم ، الأمر الذي يتطلب أقل قدر من microlitres 12 عينة. | <urn:uuid:a7989cd7-dbdb-4783-bc69-73719d188bc5> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.azonano.com/news.aspx?newsID=21258&lang=ar | 2014-03-10T18:39:47Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394010951612/warc/CC-MAIN-20140305091551-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.959942 | Arab | 30 | {"arb_Arab_score": 0.9599424004554749, "arz_Arab_score": 0.018484631553292274} |
اليك عزيزتي القارئة أسرع 42 طريقة لتخسيس البطن والتخلص من الدهون المتراكمة عليها التي ظلت تحاصركي لشهور أو لسنين وجعلتك تبدين محرجة.
ووفقا لأحدث الدراسات والتقارير فإن 90% من البالغين في العالم العربي يتمنون التخلص من الدهون المتراكمة في منطقة البطن.
ليست الدهون مرتبطة بمنطقة البطن فقط ولكنها ترتبط بالعديد من المشاكل الصحية مثل الانتفاخ، أمراض القلب، السكتات الدماغية وغيرها والخبر السار لك سيدتي هو أن تخسيس البطن ليست بالأمر الصعب ولا بالمستحيل كما يعتقد الكثيرون.
أفضل 42 طريقة سريعة لتخسيس البطن
اذا اتبعتي هذه الطرق فإني أعدك أن تحصلي على معدة رشيقة وجذابة ومثالية وهيا لنبدأ:
1- كم كيلوجراما تودين خسارتهم؟
في البداية وقبل كل شئ يجب أن تحددي كم من الوزن تودين خسارته، وان التخلص من الدهون في منطقة البطن يحتاج الى العمل لذلك يجب تحديد الهدف
حتى تستطيعي التقدم في اتجاههه. لن تستطيعي التخلص من الدهون حول منطقة البطن والخصر في 3 أيام ويجب العلم أنك في حاجة لبذل المجهود حتى تستطيعي التخلص من تلك الدهون.
لكن يجب عليك التذكر أنه أمر قابل للتحقيق طالما اتبعتي تلك التعليمات وأن الأمر قد يستغرق منك شهر أو بضعة أشهر. بمجرد تحديد كم من الوزن تودين فقدانه أو عدد البوصات التي تريدين فقدانها حول الخصر؟
كل ما عليك هو اختيار 10 طرق لتخسيس البطن من بين القائمة وتطبيقها لمدة اسبوعين وبعدها قومي بقياس الوزن ومنطقة الخصر وسجلي القياسات الجديدة وقد تلاحظين أن منطقة الخصر بدت أكثر رشاقة بالاضافة الى خسارة لبعض الوزن الزائد.
عند هذه النقطة اضيفي 5 طرق أخرى على قائمة الـ 10 السابقة واستمري عليها لمدة اسبوعين ومن ثم مرة اخرى قومي بقياس الوزن ومنطقة الخصر وسجلي القياسات الجديدة.
ومن ثم مرة أخرى أضيفي 5 طرق أخرى الى 15 طريقة السابقة واعتمادا على الهدف المحدد في البداية قد يستغرق الأمر من 4-6 أسابيع كحد أقصى للحصول على منطقة للبطن مثالية خالية من الدهون. الآن دعونا نمضي قدما في استعراض الطرق لتخسيس البطن وشدها لتبدو مثالية وجذابة.
2- احملي الماء معكي أينما كنت
في رحلة خسارة الوزن وتخسيس البطن وفقدان الدهون حول الخصر أو أن تعيشي حياة أكثر صحية يجب أن تحافطي على جسمك رطبا وتحملي زجاجة الماء معك أينما ذهبتي. رشفة من حين الى آخر حتى وإن كنت غير عطشى تشعرك بالانتعاش وامتلاء المعدة وتقلل من حاجتك الى تناول المشروبات الغازية والعصير وهذه أحد الطرق السريعة لتخسيس البطن … جربي لمدة اسبوع ولاحظي الفرق.
3- لوني طبق الطعام
هل تعلمي كلما زاد الألوان في الوجبة كلما كانت أكثر صحية … فكري في الجزر والفلفل والسبانخ والطماطم كلها ذات ألوان جميلة وهي اختيارات صحية للغاية … حافظي دائما على اضافة الألوان الى طبق الوجبة واحدة من افضل الطرق لتخسيس البطن.
4- امتنعي عن الوجبات السريعة
لن تستطيعي تخسيس البطن وأنت تأكلين الوجبات السريعة وتعتبر الوجبات السريعة هي أصعب المشاكل التي تواجه من يحاول التخلص من الدهون في منطقة البطن…وتتميز الوجبات السريعة بطعمها اللذيذ ولكن في نفس الوقت تحتوي على الكثير من السعرات الحرارية والدهون تتسبب في تراكم الدهون في منطقة البطن والأرداف. ابتعدي عن الوجبات السريعة واستبدليها بالوجبات الصحية مثل السلطة بدون الدجاج والبطاطا المقلية إن كنت تريدين تخسيس البطن لتصبح رشيقة وجذابة.
5- توقفي عن المشروبات الغازية
تحتوي عبوة المشروبات الغازية على سعرات حرارية أكثر من موزة كبيرة الحجم بالاضافة الى عدم احتوائها على أي قيمة غذائية وأغلب تلك السعرات الحرارية تأتي من كميات سكر عالية قد يصعب على الجسم التعامل معها ومن ثم تتحول الى دهون حول منطقة البطن. لذلك يجب التخلص من المشروبات الغازية لكي تستطيعي حرق الدهون حول منطقة البطن والخصر.
6- تمارين حمل الأوزان
إن كنت تعتقدين أن تمارين البطن التقليدية قادرة على القضاء على الدهون وتخسيس البطن فهذا اعتقاد خاطئ ومهما أكثرت من تلك التمارين فلن تحصلي على النتيجة المرجوة. أنت تحتاجين الى مجموعة من التمرينات من بينها حمل الأوزان والمشي والهرولة وما شابه ذلك .. اللياقة البدنية والتغذية هي أحد العوامل الأساسية لازلة الدهون وتخسيس البطن الى الأبد.
7- تمارين رياضية أخرى
هناك تمارين يمكن ممارستها لحرق الدهون وتخسيس البطن بالاضافة الى تمارين حمل الأوزان مثل ركوب الدراجة والتجديف. إن ممارسة تمارين حمل الأوزان وركوب الدراجة والتجديف جنبا الى جنب مع تمارين Cardio وبعض تمارين اليوجا تساعد على بناء ورفع لياقة بدنية لديك لتنعمي بحياة صحية أفضل وبطبيعة الحال أنها تساعد على حرق الدهون وتخسيس البطن.
8- احلمي بمزيد من النجاح
عندما تحققين الحلم وتحصلي على الجسم المثالي وتختفي كل الدهون من منطقة البطن فهذا ليس معناه التوقف عن التمارين الرياضية أو التوقف عن تناو الطعام الصحي … حافظي على النظام الغذائي الصحي الذي اعتادتي عليه.
9- لا تجوعي نفسك
لن تساعدك أي محاولة من محاولات التجويع على حرق الدهون في منطقة البطن بسرعة … إن خفض السعرات الحرارية بكل ما تعنيه الكلمة يجب أن يكون بطريقة صحية وحتى تخسري الدهون في منطقة البطن يجب ان تأكلي جيدا. كما أن عمليات التجويع خطيرة جدا وغير صحية ولن تحقق أي نتائج.
10- لا تحرمي نفسك
بالاضافة الى عدم تجويع نفسك يجب أيضا ألا تحرمي نفسك طوال الوقت لمجرد أنك تريدين أن تخسري الدهون المتجمعة في منطقة البطن ولكن هذا ليس معناه أن تأكلي كما تشائين وبكميات كبيرة ولكن من حين الى حين تستطيعين تناول طبق صغير مما تشتهيه نفسك للحد من الرغبة من تناول تلك الأطعمة وقد تكون طريقة جيدة لخسارة الدهون وتخسيس البطن.
11- لا تتخلي عن هدفك أبدا
قد يمر اسبوعين دون أن تخسري الوزن أو حتى بوصة واحدة من منطقة الخصر … هي ليس سببا للاستسلام واعلمي أنك ستتخطين تلك المرحلة وأن جسمك بدأت في التكيف مع النظام الغذائي الصحي الجديد واستمري واعملي اقتربت من فقدان الدهون في منطقة البطن أكثر من أي وقت مضى.
12- لا تركزي على مكان واحد
حقيقة علمية وبيولوجية لا يمكن التركيز في التمارين الرياضية على منطقة واحدة مثل منطقة البطن.
12- لا تركزي على مكان واحد
حقيقة علمية وبيولوجية لا يمكن التركيز في التمارين الرياضية على منطقة واحدة مثل منطقة البطن وعدم الاهتمام بباقي التمارين وإن فعلت ذلك فلن تستطيعي ان تفقدي الدهون في تلك المنطقة. وإن كانت هناك أي منتجات أو حبوب تقدم وعودا بذلك فتأكدي تماما أنها عملية نصب واحتيال. بكل وضوح اذا أردت فقدان الدهون في منطقة البطن يجب تغيير النظام الغذائي وممارسة التمارين الرياضية وهو أمر بسيط جدا.
13- اشرب كوب من الماء قبل تناول الطعام
إن الشعور بالعطش قد يدفعك الى تناول المزيد من الطعام وقد تستغربين من ذلك ولكنه أمر صحيح. قبل تناول الغداء اشرب كوبا من الماء البارد وانتظري بضع دقائق ومن ثم ابدئي في تناول الطعام وستفاجئين بمدى فعاليتها في انقاص الوزن وتخسيس البطن … فقط جربيها.
14- تناولي 5 وجبات صغيرة في اليوم
بدلا من تناول 3 وجبات كبيرة يوميا اجعليهم 5 وجبات صغيرة: وجبة فطور خفيفة، وجبة خفيفة في منتصف الصباح، وجبة غداء خفيفة، وجبة خفيفة في منتصف بعد الظهر، ومأدبة عشاء متوازنة … كميات صغيرة من الطعام قادرة على السيطرة على الشعور بالجوع. عندما اتحدث عن وجبة خفيفة باطبع أعني طعاما صحيا وليس الحلوى وهذه الطريقة من فقدان الدهون لا تحتاج الى التضحية وتحديد جدول زمني للوجبات الـ 5 وتصبح نظام غذائي جديد وتغيير نمط الحياة لصحة أفضل.
15- اعطي نفسك 20 دقيقة بعد تناول الوجبة لتشعري بالشبع
هل تعلمين أن المعدة تحتاج لبضع دقائق حتى تشعر بالشبع ولهذا السبب المهم يجب تناول الطعام ببطء وإلا ستفرطين في تناول الطعام وتتخلين عن النظلم الغذائي المتبع وهذا ضد عملية خسارة الدهون في منطقة البطن.
16- ارتدي الملابس المناسبة لقياسك
مهما كان الجسم رفيعا لا ترتدي الملابس الضيقة والأصغر مقاسا فقد تبدين قبيحة وارتدي الملابس المناسبة لقياسك حتى وإن زاد المقاس نمرة أو نمرتين فقد تكتشفين أنك لا تحتاجين لحرق الدهون في منطقة البطن بقدر ما كنت تعتقدين وقد تكون هذه الطريقة هي الأسهل ولكن هناك العديد من الطرق التي تحتاج المزيد من العمل.
17- ممارسة تمارين Cardio
بجانب تمارين حمل الأوزان والتمارين الأخرى يجب اضافة تمرين Cardio اليهم لمدة 20 دقيقة يوميا 5 أيام في الاسبوع تساعد على حرق الدهون في منطقة البطن.
18- لديك هدف حددته مسبقا لفقدان الوزن … لا تنسيه
تحت أي مسمى يجب أن يكون لديك هدف في انقاص الوزن وأن تتذكريه دائما وتأكدي من تحقيق الهدف من حرق الدهون وتخسيس البطن واحرصي على تدوين ملاحظاتك عما حققته من نجاح وهذا يساعدك على الحفاظ على الدافع في الأيام التي لا تستطيعين فيها ممارسة الرياضة.
19- تجاهلي الاعلانات التجارية لتخسيس البطن
اسمحوا لي أن أوضح إن كان هناك نظام غذائي خاص عبارة عن حبوب أو أحد المعدات تساعد على حرق دهون المعدة بسرعة فهي كذبة بغض النظر إن تحدث المشاهير عنها. السبيل الوحيد لحرق الدهون في منطقة البطن وبسرعة هي تغيير النظام الغذائي وممارسة التمارين الرياضية والا تنساقي وراء المعجزات في تلك الاعلانات وتتضيعي المال والوقت.
20- ابتعدي عن الميزان
صراحة أكره استخدام الميزان رغم علمي أنه الأداة الوحيدة لتحديد ومعرفة كم فقدنا من أوزاننا. في البداية نحن النساء أوزاننا قد تكون عرضة للتقلب قليلا تلقائيا بسبب الدورة الشهرية. عندما نمارس الرياضة لنخسر الدهون فإننا أيضا نكسب بعض الوزن من بناء العضلات لذلك تجاهلي الميزان ولا تهتمي به ويمكن استعماله مرة كل اسبوعين لمعرفة كم خسرنا من الوزن. | <urn:uuid:f8821bac-2f59-4f47-a175-95a93dacfcf8> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.q8rashaqa.com/best-ways-to-lose-stomach-fat-part-one/ | 2014-03-10T18:39:27Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394010951612/warc/CC-MAIN-20140305091551-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.921164 | Arab | 72 | {"arb_Arab_score": 0.9211636185646057, "ars_Arab_score": 0.03699597716331482, "ary_Arab_score": 0.026622476056218147} |
بغداد/نينا/ اعلن الدكتور تيرس اوديشو مدير عام اللجنة الاولمبية الوطنية العراقية انه تمت مفاتحة الاتحاد الدولي لالعاب القوى بخصوص اقامة دورة تدريبية دولية بالعاب القوى تقام في كردستان العراق خلال تشرين اول المقبل .
وقال ان الاولمبية بصدد مفاتحة الاتحادات الدولية لعدد من الالعاب لتنظيم دورات تدريبية في بغداد خلال العام الحالي بهدف تطوير ورفع كفاءة مدربينا في الالعاب الرياضية .
واضاف انه تم التنسيق مع الاتحادات الرياضية المركزية للوقوف على احتياجاته لهكذا دورات دولية ليتم بعدها مفاتحة الاتحادات الدولية وسبق للعراق ان نظم دورات تدريبية دولية في مجال العاب القوى والدراجات وباشراف الاتحاد الدولي لهذه الالعاب ./انتهى | <urn:uuid:6d2b99c7-c15b-4a3d-9972-c765a83bebed> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.ninanews.com/arabic/News_Details.asp?ar95_VQ=FMIJDD | 2014-03-11T17:25:34Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394011237821/warc/CC-MAIN-20140305092037-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.981658 | Arab | 9 | {"arb_Arab_score": 0.9816583395004272} |
نسيبة: فلسطين دولة افتراضية والحل الأجدى بلد واحد للشعبين
هل تحمَّستَ وابتهجت مثل الكثيرين من الفلسطينيين لموافقة الأمم المتَّحدة على منح فلسطين صفة دولة "مراقب غير عضو" في منظمة الأمم المتحدة؟
سري نسيبة: لا، ليس تمامًا. ولكن يسعدني أن أرى الناس سعداء.
هذه الفرحة لم تدُم، لأنَّ إسرائيل قد أعلنت في اليوم التالي عن مخططات استطيانية تخلق مشكلات كبيرة. هل تعتقد أنَّ هذا القرار الذي اتَّخذته الأمم المتَّحدة سيكون له أي تأثير وسيُعيد النشاط إلى عملية السلام المتعثِّرة؟
نسيبة: حتى الآن لا أحد يستطيع قول ذلك. وأعتقد أنَّه سيتم استئناف المفاوضات من جديد. وأعتقد كذلك أنَّ كلَّ شيء سوف يسير ببطء شديد ولن يصل على الأرجح إلى أية نتيجة؛ وأنَّهم سوف يقولون لا بدّ من إجراء المزيد من التغييرات السياسية.
وعلى الأرجح سيتم إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل. وفي الواقع إذا أوجدت هذه الانتخابات قيادة لديها اهتمام في اِستكمال ما تم التفاوض عليه حتى ذلك الحين، فعندئذ سيتم التوصّل إلى اتِّفاق. ولكن هذا الاتِّفاق سوف يمنح الفلسطينيين أقل بكثير مما يأملون في الحصول عليه من خلال حلِّ الدولتين.
هل تعني من الناحية الإقليمية؟
نسيبة: من جميع النواحي - فيما يخص الأراضي والقدس واللاجئين.
إذًا هل تعتقد أنَّه سوف تكون هناك في نهاية المطاف دولتان؟
نسيبة: أعتقد أنَّ ذلك أمر ممكن. ولكن حلّ الدولتين لن يكون نفس الحلِّ الذي نريده.
ما الذي سينقصكم في هذا الحلّ؟ السيادة؟
نسيبة: ما هي أسماء هذه الدول الصغيرة التي صوَّتت ضدَّنا مع الولايات المتَّحدة الأمريكية، أقصد تلك الجزر الواقعة في المحيط الهادئ؟
هل تعني دولتي ميكرونيزيا وجزر مارشال؟
نسيبة: بالتأكيد، فمثلما تعتمد هذه الدويلات على الولايات المتَّحدة الأمريكية سوف نبقى نعتمد على إسرائيل.
وهل يعود سبب ذلك إلى كون الفلسطينيين ضعفاء غير قادرين على تحقيق رؤيتهم في إقامة دولتهم المستقلة في حدود عام 1967؟
نسيبة: لقد أدَّت المستوطنات إلى تدمير هذه الرؤية.
حسب توقعاتك ما الذي يمكن أن تقدِّمه إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو؟
نسيبة: نتنياهو يتخيَّل وجود أرخبيل مكوَّن من مناطق متجانسة ديموغرافيًا تتم إدارتها من قبل إدارة فلسطينية مستقلة ولكنها تخضع لأجندة إسرائيلية.
سوف تستخدم إسرائيل هذا الأرخبيل كسوق لصادراتها وتحتفظ لأسباب أمنية بسيطرتها على كلِّ ركن فارغ في الضفة الغربية وكذلك وبطبيعة الحال في القدس الشرقية. وعندئذ سوف تسمح لنا أن نسمي هذا الأرخبيل دولتنا. هذه هي خطة نتنياهو.
هذا يعني أنَّ الصراع سوف يستمر؟
نسيبة: من الممكن أن يستمر الاتِّفاق الآنف ذكره عشرة أعوام أو ربما حتى عشرين عامًا، ولكنه لن يستمر بصورة دائمة. لأنَّه سيخلق وضعًا غير طبيعي - خليطًا غير متجانس؛ حيث سيعبر المستوطنون الإسرائيليون في طريقهم إلى عملهم عبر الأراضي الفلسطينية.
ولن يتمكَّن الفلسطينيون هنا من إنشاء بُنى تحتية مستقلة. وهكذا لن يبقى أمامنا سوى خيار دمج أنفسنا مرة أخرى في سوق العمل الإسرائيلي. زد على ذلك وجود مليون ونصف المليون عربي يعيشون ويعملون في إسرائيل.
تحدَّثتَ الآن عن البعد الاقتصادي فقط. كيف تنظر باعتبارك أستاذًا للفلسفة إلى حاجة المرء للهوية الوطنية والحقوق المدنية؟
نسيبة: أنا أقول بصفتي فيلسوفًا إنَّ الشيء المهم في الحياة هو الاقتصاد. إذ إنَّ الناس يريدون في نهاية يومهم مصدر رزق كريم وتعليم أطفالهم وتأمين الرعاية الصحية.
ولذلك سيلاحظ الفلسطينيون أنَّ إسرائيل المفتوحة أمامهم تُعتبر أفضل بالنسبة إليهم. وهكذا كانت الحال أثناء الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967 وحتى الانتفاضة الأولى.
لقد كان بوسع الفلسطيني الآتي من غزة زيارة مستشفى في القدس أو كسب ماله في تل أبيب. ولكن اليوم لا يستطيع هذا الرجل نفسه معالجة طفله الذي قد يكون مصابًا بمرض السرطان في إسرائيل إلاَّ بعد الحصول على تصريح خاص - وفقط شريطة أن لا يخطو الشخص المرافق للمريض خطوة واحدة خارج المستشفى.
وكذلك أصبحت الآن القيود المفروضة على السفر في الضفة الغربية أكثر بكثير مما كانت عليه الحال قبل اتفاقيات أوسلو.
يبدو أنَّ في هذا حنين إلى الماضي، وكأنَّ كلَّ شيء كان أفضل في عهد الاحتلال.
نسيبة: أنا لا أعارض عملية السلام، كما أنَّني كنت دائمًا مع عملية السلام. ولكنني ولهذا السبب لست أعمى عن النتائج والآثار السلبية التي تمخَّضت عنها.
لو أقمنا دولتنا في مطلع الثمانينيات لكان الأمر سيبدو مختلفًا الآن. ولكننا لم ننجح في ذلك. ومع "أوسلو" انتقلنا إلى بيت بناؤه نصف مكتمل، ليس حرًا بمعنى الحرية ولا محتلاً احتلالاً تمامًا.
ولكن معظم الإسرائيليين لا يريدون في الواقع معرفة أي شيء عن الفلسطينيين. وهم مع الانفصال من دون التخلي من أجل ذلك عن كلِّ الضفة الغربية.
نسيبة: لهذا السبب بالذات نحن عالقون. ولكنني مع ذلك مقتنع بأنَّ الحلَّ لن يقوم في نهاية المطاف على إيجاد دولتين، بل دولة واحدة مع مساواة في الحقوق لكِلا الشعبين. وكلّ شيء آخر سوف يؤدِّي إلى نظام فصل عنصري.
هل تتحدَّث عن ذلك مع السياسيين في رام الله؟
نسيبة: أنا لا أراهم تقريبًا، ولكنهم يفكِّرون مثلي. ولا أحد يعتقد أنَّنا أسَّسنا دولة، ولا حتى الرئيس محمود عباس. وذلك لأنَّ هذه الدولة مجرَّد دولة افتراضية، وهذه هي قمة نجاحه.
ومحمود عباس عمره الآن سبعة وسبعون عامًا، وهو يعلم أنَّه لن يعيش ويرى دولة مستقلة استقلالاً حقيقيًا معترَف بها من الأمم المتَّحدة. فلماذا إذًا ذهب إلى نيويورك؟ جوابي هو أنَّ عباس قرَّر أن يترك للفلسطينيين دولة افتراضية ومن ثم يقول لهم "وداعًا".
أجرت الحوار: إنغِه غونتر
ترجمة: رائد الباش
تحرير: علي المخلافي
حقوق النشر: قنطرة 2012
يُعدّ الدكتور سري نسيبة البالغ عمره ثلاثة وستين عامًا أحد منظري الحلِّ السلمي مع الإسرائيليين، فقد أجرى في الثمانينيات اتصالات مع حركة "السلام الآن" الإسرائيلية.
وإبَّان الانتفاضة الثانية أطلق مع رئيس المخابرات الإسرائيلي السابق عامي أيالون مبادرة السلام المعروفة باسم "صوت الشعب". ما يزال نسيبة يؤمن بالتعايش، ولكنه لم يعد يؤمن بإمكانية التوصّل إلى حلِّ الدولتين العادل، مثلما أعلن في كتابه الأخير "دولة لفلسطين". | <urn:uuid:17814f9d-0224-4544-a155-f6ff1c46894d> | CC-MAIN-2014-10 | http://ar.qantara.de/content/hwr-m-lmfkiwr-lflstyny-sry-nsyb-nsyb-flstyn-dwl-ftrdy-wlhl-ljd-bld-whd-llshbyn | 2014-03-07T07:00:34Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999636222/warc/CC-MAIN-20140305060716-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.99628 | Arab | 51 | {"arb_Arab_score": 0.9962804317474365} |
[07/أبريل/2013]
صنعاء - سبأنت:
تفقد أمين العاصمة عبدالقادر علي هلال والسفير الصيني بصنعاء تشانغ هوا اليوم سير العمل في مشروع المكتبة الوطنية الكبرى بأمانة العاصمة البالغ تكلفته 50 مليون دولار بتمويل حكومة الصين الشعبية الصديقة.
يتكون المشروع الذي يقام على مساحة 29 ألف و 360 متر مربع من "مكتبة تتسع لمليون كتاب ودور للعروض المسرحية والسينمائية وقاعة مؤتمرات كبرى وصالة كبرى للمعارض , ومركز تعليمي، ومعرض في الهواء الطلق على مساحة تقدر بـ " 10" آلاف متر مربع ومدرج بمساحة 700 متر مربع إلى جانب مرافق خدمية لمرتادي المكتبة التي تنفذها الشركة الصينية " نان تون " رقم 3 للإنشاءات المحدودة.
وخلال الزيارة أكد أمين العاصمة ضرورة تنفيذ المشروع وفق البرنامج الزمني والالتزام بالمواصفات الفنية، مثمنا جهود السفير الصيني في تعزيز العلاقات الثقافية والاقتصادية من خلال دعم المشاريع الخدمية والإنمائية في اليمن.
من جانبه أشار السفير الصيني إلى عمق العلاقات اليمنية - الصينية والتي تعود إلى اكثر من ستة عقود .. مشيدا بدور أمين العاصمة وتفاعله مع المشروع.
رافقهم خلال الزيارة المحلق التجاري الصيني بصنعاء هو ياو، ومدير المشاريع بقطاع الشؤون الفنية بأمانة العاصمة وليد راصع وعدد من المسؤولين.
سبأ | <urn:uuid:b64ba2ed-6337-462d-bfe6-093e872eaeb9> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.sabanews.net/ar/news304972.htm | 2014-03-08T08:20:20Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999654052/warc/CC-MAIN-20140305060734-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.969197 | Arab | 42 | {"arb_Arab_score": 0.9691974520683289, "ary_Arab_score": 0.014328839257359505} |
more videos
سوف يؤدي تبرعك إلى إقرار العدل وإيجاد عالم أكثر أمانا من أجل المرأة والفتاة.
إنضم/ي إلى العمل من أجل المساواة لكي تتلقى التنبيهات العاجلة والتحديثات بشأن حملاتنا.
هام: هذه الحملة المؤرشفة إما ان تكون قد إنتهت أو تم وقف العمل بها ، وأن المعلومات الواردة فيها قد لا تكون حديثة. إتخاذ إجراء مراجة الحملات الحالية والمستمرة. | <urn:uuid:5a3d9dd7-08e9-4e08-a7e1-59b048cdb9aa> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.equalitynow.org/ar/node/1039 | 2014-03-09T08:31:11Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999675924/warc/CC-MAIN-20140305060755-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.99742 | Arab | 6,829 | {"arb_Arab_score": 0.997419536113739} |
في لبنان، تأسس برنامج البنية التحتية وتحسين المخيمات في آذار من عام 2010 ليعمل على استبدال مكتب الخدمات الهندسية والإنشائية في الإقليم. ونحن عمل في عدد من المشروعات في 12 مخيما تنتشر في أنحاء البلاد، بما في ذلك إعادة تأهيل المساكن والبناء والصيانة والبنية التحتية وتحسين المخيمات والصحة البيئية. كما نعمل أيضا على دعم إسناد عمل الوكالة في إعادة تعمير مخيم نهر البارد، وذلك بشكل رئيسي من خلال تقديم النصح وإعارة الموظفين.
إن هدفنا من وراء ذلك يكمن في تحسين الظروف المعيشية للاجئي فلسطين في لبنان. وعلى الرغم من أن الضغوط التمويلية لا تزال شاغلا خطيرا، فإننا نعمل على استعمال مواردنا بأكبر قدر من الفعالية وذلك لتلبية احتياجات اللاجئين، وقد حققنا في ذلك نجاحات ملحوظة.
وفي عام 2010، كان أكثر من خمسة آلاف منزل موضوع على قائمة الانتظار لغايات إعادة التأهيل. وقد قمنا بإدخال نهج جديد لإعادة تأهيل المساكن، وذلك بهدف تقليل الكلفة واستهداف الأشد فقرا وذلك لزيادة ملكية المشروع. وتم تنفيذ مجموعة تجريبية مكونة من 42 مسكنا بموجب هذا النهج الجديد في مخيم عين الحلوة للاجئين. وبناء على النجاح الذي تم تحقيقه في هذه المجموعة التجريبية، قام المانحون بتمويل المزيد من المساكن ضمن النهج الجديد. وبحلول عام 2013، قمنا بتمويل إعادة تأهيل ما مجموعه 1,852 مسكن تغطي عشرة مخيمات من أصل المخيمات الاثنتي عشرة في لبنان.
كما أننا نخطط أيضا البدء في وقت قريب بإعادة تأهيل مخيم عين الحلوة للاجئين، حيث عملت السنوات العديدة من التدهور على خلق ظروف معيشية خطيرة. ونعمل أيضا بهدف جعل المخيم بأكمله قابلا للوصول للأشخاص ذوي الإعاقات، بمن فيهم أولئك الذين يعانون من مشاكل حركية. وبدأ برنامجنا العمل أيضا في عملية بناء مصانع لمعالجة المياه في مخيمات برج البراجنة وشاتيلا ومار الياس حيث لا تتوفر للسكان هناك سبل الوصول إلى مياه شرب نظيفة بسبب أن الحكومة اللبنانية لا تقوم بتزويد المياه لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
وفي المستقبل، يخطط برنامجنا للبدء بالتقدم صوب تنفيذ المزيد من المشروعات الصديقة للبيئة، وذلك باستخدام الطاقة الشمسية والمنشآت الأخرى الصديقة للبيئة في المخيم. | <urn:uuid:2660f36a-f8fa-4d38-b868-5b9ef2260ad6> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.unrwa.org/ar/activity/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%8A%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86 | 2014-03-09T08:29:51Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999675924/warc/CC-MAIN-20140305060755-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.995939 | Arab | 76 | {"arb_Arab_score": 0.995939314365387} |
العنوان:من هو الأقوى ؟
المرجع : هنري جوجو ترجمة يوسف شعب الشام
نوع النص: أسطورة
طبيعة النص: أدبية
نمط النص : إخباري سردي حواري وصفي
موضوع النص: يتحدث النص عن رجل قوي لم يجد في قريته من ينافسه فغادرها ليبحث عمن هوأقوى منه فالتقى برجل عملاق نصحه بالعودة إلى موطنه ومسالمة النفس والبشر .
محتوى النص (الأحداث) :
1- مغادرة سوسلان لقريته بحثا عن منافس قوي له .
2- نصح العملاق الهادىء لسوسلان بالعودة إلى قريته ومسالمة الناس .
أهمية النص (المغزى):
إذا كانت قوة البدن مدعمة بقوة الأخلاق عم السلم بين الناس . | <urn:uuid:d68a5574-8a56-4328-986d-61d90cff0d4a> | CC-MAIN-2014-10 | http://blida09.arabepro.com/t139-topic | 2014-03-10T07:16:45Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394010683244/warc/CC-MAIN-20140305091123-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.91509 | Arab | 108 | {"arb_Arab_score": 0.9150901436805725, "arz_Arab_score": 0.05802376568317413, "ary_Arab_score": 0.021517736837267876} |
تقرير عن مشكلة الفقر في العالم الاسلامي
محتوى التقرير :
المقدمة
لكي يكون المجتمع الإسلامي مجتمعاً سليماً قوياً متيناً معافى من الأمراض الاجتماعية حمل الإسلام المسؤولية جميع الأطراف فيه، عدا الصبي والمجنون وبإلقاء المسؤولية على الجميع، يحصل التوازن في المجتمع ويعلم كل فرد أنه مؤاخذ ومحاسب على ما يفعله وما تكسبه يداه وما يكنه ضميره.
يمارس كل فرد منّا من ذكر و أنثى في مجتمعه مجموعة من المسؤوليات التي يفرضها عليه مكان وجوده وقدراته . ومقدار معرفة الفرد لمسؤولياته وفهمه لها . ثم حِرصه على تحقيق المصلحة و الفائدة المرجوة منها ، يجعل المجتمع متعاوناً فعالاً تسوده مشاعر الانسجام و المودة بين أفراده . ويُعد الحديث الآتي أصلاً من أصول الشرعية التي تقرر مبدأ المسؤولية الشاملة في الإسلام.
قال تعالى (وقفوهم إنهم مسئولون* مالكم لا تنصرون * بل هم اليوم مستسلمون( )الصافات:24-26 (
المسئولية في إسلامنا تكليف لا تشريف، ولا يتنافس عليها إلا الغافلون أو المغفلون الذين لا يدركون حال المسؤول في الآخرة من حبس في الموقف، وسؤال عسير، فلا يجد من ينصره من بطانة السوء حيث لا يملك إلا الانقياد والذلة والخضوع لرب الأرض والسماء سبحانه .
أن المسؤول مسؤول أمام من هو فوقه إلا رب العزة سبحانه فليس فوق الله أحد قال تعالى: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) (الأنبياء:23)
الموضوع
عن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال : سمعت الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم يقول كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته؛ الإمام راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته ، و الرجل راعٍ في أهله وهو مسؤولٌ عن رعيته ، و المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ، و الخادم راعٍ في مال سيده ومسؤولٌ عن رعيته ، وكلكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته ).
قررت الشريعة الإسلامية مبدأ المسؤولية الشاملة في المجتمع الإسلامي وحملت كل فرد فيه مجموعة من المسؤوليات التي تتفق وموقعه وقدراته ، وذلك في الدنيا و الآخرة .
يتبع بالمرفقات
وبالتوفيق للجميع
الملفات المرفقة
- مشكلة الفقر في العالم الاسلامي.docx (56.3 كيلوبايت)
[ للأمانة منقول ]
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر) | <urn:uuid:a9b0b304-2658-4a2c-a6a8-9ae7a78636c6> | CC-MAIN-2014-10 | http://edu.mqroo2.com/uae/showthread.php/55174-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%B9%D9%86-%D9%85%D8%B4%D9%83%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%82%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A | 2014-03-10T07:16:31Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394010683244/warc/CC-MAIN-20140305091123-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.970788 | Arab | 31 | {"arb_Arab_score": 0.970787763595581, "arz_Arab_score": 0.01166209764778614} |
كمقيم في جمهورية الصين الشعبية نلاحظ مقدار رواج اللغة العربية كمتحدثين من الصينيين الذين يعملون كمترجمين أو وسطاء بين الزوار العرب و المصادر الصينيية المختلفة , و في عملي الذي يتطلب مني التنقل في أماكن مختلفة و زيارة بعض المصانع و الأسواق المختلفة مع عملائي العرب الذي يشترون البضائع أشاهد الكثير من الكتابات العربية و لوحات المحلات و البروشورات و التي تعود للصينيين , و في بعض اللوحات شاهدت الكثير من الأخطاء الإملائية و أخطاء في طريقة كتابة الحروف من اليسار لليمين بدلا من اليمين لليسار و أخطاء أخرى كثيرة تصبح طريفة مع مرور الوقت , و قد قمت خلال فترة طويلة بالتقاط بعض الصور من جوالي و أحب أن تشاركوني بها ..
في مدينة جوانزو التي شهدت الألعاب الأوليمبية الآسيوية في العام الماضي يقال بأن أول مسجد كان في عهد الصحابة و بالتحديد عبر الصحابي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه و هناك يقع ضريحه و مسجد تم تجديده مؤخرًا , و اللغة العربية هي مرادفة للإسلام و مرافقة له أينما حل .
ونلاحظ في الصورة لوحة المسجد باللغة العربية إلى جانب اللغة الصينية , وهناك مساجد أخرى قديمة منها مسجد هواشينغ ويعني ( الحنين إلى النبي ) و ينسب لسعد بن أبي وقاص , و هناك مسجد حديث أقيم لخدمة المسلمين المتزايدين في المدينة ومنها هذا المسجد الذي تظهر لوحته اسم المسجد باللغة العربية ..
أحببت أن أعطي هذه المقدمة لتوضيح مقدار انتشار اللغة العربية عن طريق الإسلام قديمًا و عن طريق التجارة بشكل كبير حديثًا , قبل أن نبدأ بعرض بعض طرائف اللوحات و المنشورات التي استطعت تصويرها ..
وصلني منشور لأحد الفنادق لفت نظري أنه مكتوب باللغة العربية , و تستطيعون رؤية الجهد المبذول في ترجمة الكلمات للغة العربية , لكن عليك بالمقابل أن تبذل جهد أكبر في فهم كلمة واحدة منه , و أعتقد أن صاحب الفندق لو اعتمد على الكتابة العربية فلن يصله أي زبون , تأملوا في المنشور دون أي تعليق مني ففيه الكفاية .
و تستمر الحكاية في أسواق و أماكن أخرى بعضها يعتمد على العرب بصفة أساسية كزبائن مهمين كالمقيمين هنا مثلي أو زوار و تجار , مثل هذا المكان الذي يقدم خدمة التدليك أو المساج الصيني الشهير , لكن لديه خدمة جديدة وهي أقدام تدليك .. و ليس تدليك أقدام .
أو مثل هذه البقالة التي تقدم الغذاء مسلم العربي و الإيطالي .. و لا أدري لماذا وضعوا كلمة الإيطالي حيث أني لم أجد أي طعام إيطالي لديهم ؟
أو مثل هذه الملحمة في الأسفل ( ملحمة النور الإسلام ) و بالإنجليزي ( LALAL ) و التي يقصد بها بالطبع ( HALAL ) ..
ومازلنا في حدود المأكولات .. عمركم جربتم سلطة خسى .. ( خسى و بثلاثين يوان صيني كمان ) .. و في مطعم تركي في مدينة جوانزو ..
أو هذا المطعم الذي بدأ الكتابة بحرف العطف ( و ) .. و مقهى و مطعم ..
و لاتنسى ( تم تأجيرها حديثا للمكاتب إيجار .. الكلمة من المبنى 3rd ) .. و لا أدري ماهو قصده ؟!!
هذا على مستوى الأخطاء الإملائية أو أخطاء من مترجمين غير متمرسين على اللغة العربية , لكني وجدت لوحات تكتب كلام غير مفهوم أو تعكس الكتابة و تجعلها من اليسار لليمين , مثل المركز التجاري الذي سجل لوجة كبيرة للفت الأنظار ..
بالطبع كلما مررت على هذا المكان أحاول فهم المعنى دون جدوى .. إمممم .. يشبه المدينة و التجارة ؟!!!!!
لكن بعض اللوحات تفهمها بعد لحظات تأمل قد تطول و قد تقصر .. مثل هذه اللوحة , تأملوا و افهموها بأنفسكم :
أو مثل هذه التي ينبهنا أن الشركة للملابس الجاهزة , لا تحسبها لقطع الغيار :
طيب .. لو رأيت لوحة و حين تقرأها تظن أنك تقرأها من الخلف .. مثل أي كتابة على ورقة تقرأها من خلف الورقة بالمقلوب .. كيف ؟!!!
طبعًا .. بعد تفكير عميق , مافهمت كيف تمت طباعة هذه اللوحة أو ماهي النظرية التي استخدموها في الكتابة و الطباعة و التعليق ؟! , و أنا أعتبر هذا أهون على الأقل عكس الكلمة كلها , لكن بعضهم يعكس الكلمة و يكتبها حرف .. حرف .. و بالأخير بدون معنى ( ر م ا و أ ب ح ر ن ) و فيها ميسي كمان أكيد ( سرّو لسيس ) ..
و في نفس المكان ( سياسات القوة الملابس ) .. هذه اللوحة أعيتني بالتفكير و البحث عن المقصد .. يمكن مالها معنى بالعربي ..
الصورتين الأخيرة في ( مرآز ) واحد .. لا تحسبوني اعتديت من طول الإقامة في الصين لكن اللوحة تقول هذا :
أنا مافهمت المعنى في البداية لكني طلعت للدور الثالث و فهمت إنهم يقصدون مركز بعدما عدلوا اللوحة :
ماهي العلاقة بين المتاجر و الفيديو ؟ .. الجواب : أنهم بناء على الطلب .. و بالمناسبة لا تنسوا ( المساومة تسوق )
وهذه صورة ليلية للتأكيد فقط :
مازال بحوزتي صور أخرى من أسواق مختلفة أثناء تجوالي بها لشراء البضائع خلال فترة طويلة , أحب أن تشاركوني بها لغرض الطرافة فقط , و أنا فخور بكل تأكيد حينما أشاهد اللغة العربية توضع فوق المحال التجارية أو لوحات إرشادية أو ترحيبية بالزوار العرب أو من خلال تمسك الصينيين المسلمين باللغة العربية التي تعلموها في مناطقهم منذ صغرهم في المساجد ثم درسوها في معاهد أو جاماعت صينية من أجل فهم الإسلام بصورة أكبر و التواصل الحضاري مع تاريخهم أولا ثم لكسب لقمة العيش من خلال عملهم مترجمين بين الزبائن العرب و بين المصادر الصينية المختلفة , و إن كان هناك فرق بين اللغة العربية التي درسوها و بين الكلام الذي يتحدث به العرب معهم , و بعض هؤلاء الصينيين يصاب بصدمة في عدم فهم الكلام لكن بمرور الوقت يفهم أن التاريخ شيء و الواقع شيء آخر ..
إلى اللقاء في الجزء الثاني
سمير محمد
الصين
جوانزو | <urn:uuid:f16aa0f1-28bf-42b0-b098-d89cc277303d> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.abunawaf.com/post-10643.html | 2014-03-10T07:17:51Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394010683244/warc/CC-MAIN-20140305091123-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.758289 | Arab | 32 | {"arb_Arab_score": 0.758289098739624, "ary_Arab_score": 0.13991709053516388, "arz_Arab_score": 0.0535380095243454, "ars_Arab_score": 0.028470629826188087, "aeb_Arab_score": 0.017387837171554565} |
الوردة الحمراء في عيد الحب
هي هدية لا غنى عنها،
وعرفت عنيزةهذا العيد من الدشوش
يعني من وسائل الإعلام
التي غسلت عقول الاغلبية
لانها ذات طابعا إقناعيا بكل أشكاله وأنواعه، ومظاهره.
ومن هنا فإن معرفة عنيزة بعيد الحب
جت من القنوات الفضائية
والتي تأخذ طابعا إقناعيا في عرضها
لما يجري في هذا اليوم ف
إن حقيقة 14 فبراير
عند من عرفه عن طريق وسائل الإعلام
يوم خير وسلام.
و أصبح عيد الحب عيدا متعارفا عليه في عنيزة
منذ حوالي 3 سنوات.
"والحركة التجارية لعيد الحب تبدأ قبل العيد بأسبوع
وتلاحظ عند محلات الورود والقرطاسية وابو ريالين والمكتبات..
في البداية كان الي يشترون الهدايا
يستحون عند شراء الورود وخلافه في هذا اليوم
ولكن في كل سنة الاقبال على العيد يزيد أكثر وأكثر".
وتجد أن أكثر المقبلين على شراء الورود
هم البنات
والعرسان الجدد
والخطاب،
وبعدهم طالبات المدارس
والعشاق بالسّر.
وأصل مناسبة عيد الحب
يقولون أن قديسا أو راهبا مسيحيا اسمه" فالنتاين"
كان يعيش في عهد الامبراطور الروماني كلاوديوس الثاني
وكان مسؤولا عن عقد القِران للعرسان.
الإمبراطور في ذلك الوقت منع زواج الشباب لأنه كان يرى أن الجنود غير المتزوجين أكثر قوة وإخلاصا في القتال من الجنود الآباء والمتزوجين، وذلك لأن الزواج يشغلهم عن الحروب التي كان يخوضها.
ولكن القديس فالنتاين تصدى لهذا القرار ورفضه
وظل يعقد القران للأزواج الشباب سرا
حتى علم الامبراطور بالأمر وأصدر أمرا باعتقاله.
وفي السجن تعرف على ابنة لأحد حراس السجن
وكانت مصابة بمرض.
فطلب منه الحارس أن يشفي ابنته فشفيت
ووقع في غرامها.
وقبل أن يعدم أرسل لها بطاقة
مكتوباً عليها "من المخلص فالنتاين"
وذلك بعد أن اعتنقت الديانة المسيحية مع 46 من أقاربها.
وقد أعدم القديس فالنتاين في 14 شباط عام 270م في مدينة غنيزة
وقد تحول هذا التاريخ من كل عام لعيد الحب
ولاحياء ذكراه لأنه مات في سبيل رعاية المحبين وتزويجهم.
واعتبر القديس "فالنتين"
داعية إلى
الحب والسلام
وشفيع العشاق وراعيهم.
وسلملي على الدب الي ماسك قلب | <urn:uuid:d4bd53d9-b6da-4dd3-b2d9-c6bcbd657099> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.onaizah.net/majlis/t62678.html | 2014-03-10T07:16:20Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394010683244/warc/CC-MAIN-20140305091123-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.84191 | Arab | 1 | {"arb_Arab_score": 0.8419104218482971, "ary_Arab_score": 0.07576383650302887, "ars_Arab_score": 0.043825868517160416, "arz_Arab_score": 0.021549949422478676, "aeb_Arab_score": 0.01342080906033516} |
|لمسات القانون والاستشارات القانونية يهتم بالقضايا والبحوث القانونية وكل مايتعلق بالقانون والمحاماه والقضاء|
||أدوات الموضوع||انواع عرض الموضوع|
|21-09-2013, 09:57 PM||#1|
!..[ الإدارة العــــآمة ]..!
شروط قبول الدعوى القضائية
1– تعريف: إن الدعوى بالنسبة للمدعى تعني حق عرض ادعاء قانوني على القضاء ، وتعني بالنسبة للمدعى عليه حق مناقشة مدى تأسيس ادعاءات المدعى ، وترتب على المحكمة التزاما بإصدار حكم في موضوع الإدعاء بقبوله أو رفضه .
والإدعاء هو تأكيد شخص لحقه أو مركزه القانوني في مواجهة شخص آخر بناء على واقعة قانونية معينة ،وبذلك تختلف الدعوى القضائية عن المراكز القانونية المختلفة .
2– شروط ممارسة الدعوى القضائية:
خصص المشرع المادة 13 من قانون الإجراءات المدنية لتحديد شروط رفع الدعوى القضائية وهي الصفة والمصلحة إذ تنص على أنه .* لا يجوز لأي شخص التقاضي ما لم تكن له صفة وله مصلحة قائمة أو محتملة يقرها القانون و يشير القاضي تلقائيا انعدام الصفة في المدعى أو المدعى عليه ، كما يشير تلقائيا انعدام الإذن إذا ما اشترطه القانون ومن خلال نص المادة 13 إجراءات مدنية فإن للدعوى القضائية شرطان لضمان صحتها وهما الصفة والمصلحة .
- أ – الصفة : هي العلاقة التي تربط أطراف الدعوى بموضوعها ، فلا تقبل الدعوى إلا إذا كان المدعى يدعي حقا أو مركزا قانونيا لنفسه ، أما الدعوى التي يكون الفرض منها حماية مصالح الغير فإنه مصيرها عدم القبول حتى ولو كان للمدعى في ذلك مصلحة .
وقد تتوفر المصلحة في عدة أشخاص إلا أن الصفة هي … على صاحب الحق وحده ، فقد يكون للوالدين مصلحة في تطليق ابنتهم من زوجها السكير لكن لا تقبل دعوى التطليق من غير الزوجة لأنها وحدها من يملك صفة الزوجة الشرعية دون غيرها ، كما لا تقبل كذلك الدعوى المقامة على غير ذي صفة كالدعوى التي ترفع على الأب المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي سببه ابنه البالغ ، فالدعوى القضائية تقام من ذي صفة وعلى ذي صفة وهي شرط جوهري ومن النظام العام وحتى وإذا لم يقره الخصوم أثاره القاضي من تلقاء نفسه وفقا لنص الفقرة 2 من نص المادة 13 .
وعلاقة أطراف الدعوى بموضوعها قد تكون علاقة مباشرة فتكون أمام الصفة العادية أو غير مباشرة فتكون صفتهم غير عادية في الدعوى وتتوفر هذه الصفة حين يميز القانون لشخص أو هيئة أن يحل محل صاحب الصفة العادية في الدعوى ويحصل ذلك في الحالات التالية :
-1- الدعوى غير المباشرة أو الدعوى البولصية: إذا يجوز للدائن أن يستعمل باسم مدينه حقوق هذا المدين بما في ذلك الدعاوى للمطالبة بحقوقه وذلك على أساس النيابة القانونية المفروضة لمصلحة الدائن الذي يستعمل حقوق المدين للمحافظة على الضمان العام.
-2- دعاوى النقابات والجمعيات: التي يكون موضوعها المطالبة بحق لها باعتبارها شخصا معنويا يقوم بالدفاع عن مصالح المشتركة التي أنشئت النقابة أو الجمعية قصد حمايتها مثل الدعاوى التي يرفعها اتحاد المحامين أو نقابة الأطباء ضد الشخص الذي انتحل صفة طبيب أو محامي.
-ب- المصلحة :للمصلحة معنيان ، المعنى الأول أنها الفائدة العملية التي تعود على رافع الدعوى من الحكم بطلبه والثانية هي الحاجة إلى الحماية القضائية فإذا اعتدي على حق شخصي ما أو كان حقه مهددا بالاعتداء عليه تهديدا جديا تحققت المصلحة المشروطة لقبول الدعوى وفقا لنص المادة 13 ، ولا يكفي مجرد قيام المصلحة لصحة الدعوى وإنما يشترط في المصلحة شروط .
أ – أن تكون المصلحة قانونية وشرعية ، بمعنى أنه يجب أن يدعي بحق يعترف به القانون ويحميه ، وإذا انعدام هذا العنصر يكون الطلب القضائي غير مقبول شكلا ، إذا القاضي ملزم قبل تطرقه إلى موضوع الدعوى مراقبة مدى شرعية وقانونية المصلحة ولذلك فإن الدعوى الرامية إلى المطالبة بدين ناتج عن قمار أو رهان مثلا تكون غير مقبولة شكلا لعدم قانونية المصلحة ذلك أن المادة 612 من القانون المدني حظرت القمار .
ب- يجب أن تكون المصلحة إيجابية وملموسة حتى تقبل الدعوى يجب أن تكون المصلحة المحتج بها ذات أهمية خاصة إذا تعلق الأمر بمصلحة معنوية وقد أقر المشرع هذا المبدأ صراحة في المادة 24 مكرر من القانون المدني إذ اعتبر استعمال الحق تعسفيا إذا كان يرمي إلى الحصول على فائدة قليلة بالنسبة إلى الضرر الناشئ للغير واتخذ القضاء نفس الموقف في مجال مباشرة الدعوى القضائية أو ممارسة الإجراءات الطعن أو غيرها .
أنواع المصلحة : يجوز مباشرة الدعوى القضائية من المدعى الذي يطلب حماية حق قد اعتدي عليه بالفعل ، فتكون في هذه الحالة مصلحة حالة وقائمة ، كما أجاز المشرع قبول الدعوى في حالة المصلحة المحتملة التي يقرها القانون فقرة 1 من المادة 13 وهي الحالات التي يسمح فيها المشرع للشخص بالتقاضي وقائيا قبل الاعتداء على حقه مثل دعاوى الحيازة والقضاء الإستعجالي .
- ومن خلال استقرار نص المادة 13 نجد أن المشرع أعطى للقاضي سلطة إثارة شرط الصفة فقط دون المصلحة من تلقاء نفسه حتى ولو لم يترك الخصوم ما معناه أن هذا الشرط من النظام العام يترتب على تخلفه البطلان كما أن هناك دعاوى قضائية لا يجوز مباشرتها دون الحصول على إذن مسبق كالدعاوى المرفوعة ضد القضاء أو ضد المحامين والذي يشترط القانون الأساسي لهذه المهن الحصول على إذن مسبق من الجهات التابعين لها قبل مباشرة أي دعوى قضائية ضدهم ، فإذا لم يتحصل المدعى على إذن بذلك جاز للقاضي ومن تلقاء نفسه إثارة انعدام هذا الشرط .
|Lower Navigation|
|مواقع النشر (المفضلة)|
|الكلمات الدلالية (Tags)|
|الدعوى, القضائية, شروط, قبول|
|أدوات الموضوع|
|انواع عرض الموضوع|
|المواضيع المتشابهه|
|الموضوع||كاتب الموضوع||المنتدى||مشاركات||آخر مشاركة|
|قانون السلطه القضائيه اليمني||آعشـــق عيـــونك||لمسات القانون والاستشارات القانونية||2||21-07-2011 12:22 AM|
|بعض العرائض والطلبات.||محامي5||لمسات القانون والاستشارات القانونية||1||20-01-2011 03:31 AM|
|قانون المرافعات اليمني (على ضوء الشريعه الاسلاميه)||آعشـــق عيـــونك||لمسات القانون والاستشارات القانونية||9||24-08-2010 08:42 AM|
|احكام نقض قضاء مستعجل||آعشـــق عيـــونك||لمسات القانون والاستشارات القانونية||2||24-08-2010 08:39 AM|
|تطور القضاء في اليمن+ ودراسه مقارنه عن القضاء اليمني||آعشـــق عيـــونك||لمسات القانون والاستشارات القانونية||1||22-08-2010 01:49 AM| | <urn:uuid:fdeefb6d-596d-4a0e-a290-74dc13ccee7a> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.l-7oob.com/vb/t416231.html | 2014-03-11T06:02:26Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394011138462/warc/CC-MAIN-20140305091858-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.993447 | Arab | 31 | {"arb_Arab_score": 0.9934471249580383} |
السؤال
ماهو تاريخ الكعبة المشرفة (في الأرض) ؟
الإجابات
1 من 2
من عهد رسول الله ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام
الى ان يرث الله الارض ومن عليها
4/5/2010
تم النشر بواسطة 121121121.
2 من 2
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
للكعبة المشرفة تاريخ طويل ، مرت فيه بمراحل عديدة ، ويبتدأ تاريخها في عهد نبي الله إبراهيم وولده إسماعيل - عليهما السلام - حين أمره الله سبحانه وتعالى بأن يسكن مكة هو وأهله ، وكانت مكة في ذلك الوقت جدباء قاحلة .
وبعد الاستقرار في مكة وبلوغ إسماعيل - عليه السلام - أذن الله تعالى لهما ببناء الكعبة ، ورفع قواعدها ، يقول الله تعالى : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا } ( البقرة127) ، فجعل إسماعيل - عليه السلام - يأتي بالحجارة و إبراهيم يبني ، وارتفع البيت شيئا فشيئا ، حتى أصبح عاليا لا تصل إليه الأيدي ، عندها جاء إسماعيل - عليه السلام - بحجر ليصعد عليه أبوه ويكمل عمله ، واستمرا على ذلك وهما يقولان : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم} ( البقرة127) حتى تم البناء واستوى.
ثم استقرت بعض القبائل العربية في مكة من "العماليق" و"جرهم" ، وتصدع بناء الكعبة أكثر من مرة نتيجة لكثرة السيول والعوامل المؤثرة في البناء ، وكان أفراد تلك القبيلتين يتولون إصلاحها ، ورعايتها.
ومرت السنون ، حتى قامت قريش ببناء الكعبة ، وذلك قبل البعثة بخمس سنين ، وكان بناء الكعبة آنذاك على هيئة حجارة منضودة موضوعة بعضها فوق بعض من غير طين ، مما جعل السيول التي تجتاح مكة بين الحين والآخر تؤثر على متانة الكعبة فأوهت بنيانها ، وصدعت جدرانها ، حتى كادت أن تنهار ، فقررت قريش إعادة بناء الكعبة بناء متينا يصمد أمام السيول ، ولما أجمعوا أمرهم على ذلك وقف فيهم أبو وهب بن عمرو فقال : " يا معشر قريش ، لاتدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيبا ، لايدخل فيها مهر بغي ، ولا بيع ربا ، ولا مظلمة أحد من الناس" لكن قريشا تهيبت من هدم الكعبة ، وخشيت أن يحل عليهم بذلك سخط الله ، فقال لهم الوليد بن المغيرة : - أنا أبدؤكم في هدمها، فأخذ المعول وبدأ بالهدم وهو يقول : اللهم لم نزغ ، ولا نريد إلا الخير ، فهدم من ناحية الركنين ، فترقب الناس ليلتهم ليروا هل أصاب المغيرة شر بسبب ما فعل ؟ فلما رأوه يغدو عليهم لا بأس به ، قامو إلى الكعبة فأكملوا هدمها ، حتى لم يبق منها إلا أساس إبراهيم - عليه السلام - .
ثم تلى ذلك مرحلة البناء ، فتم تقسيم العمل بين القبائل ، وتولت كل واحدة منها ناحية من نواحي الكعبة ، فجعلوا يبنونها بحجارة الوادي، ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود دبَ الشقاق بين قبائل قريش ، فكل يريد أن ينال شرف رفع الحجر إلى موضعه ، وكادوا أن يقتتلوا فيما بينهم ، حتى جاء أبو أمية بن المغيرة المخزومي فاقترح عليهم أن يحكّموا فيما اختلفوا فيه أول من يدخل عليهم من باب المسجد الحرام ، فوافقوا على اقتراحه وانتظروا أول قادم ، فإذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما إن رأوه حتى هتفوا : هذا الأمين ، رضينا ، هذا محمد ، وما إن انتهى إليهم حتى أخبروه الخبر فقال : ( هلمّ إلي ثوبا ) فأتوه به فوضع الحجر في وسطه ثم قال : ( لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا ) ففعلوا ، فلما بلغوا به موضعه ، أخذه بيده الشريفة ووضعه في مكانه.
ولما كانت قريش قد عزمت على بناء الكعبة من حلال أموالها ، فقد جمعت لهذا الأمر ما استطاعت ، إلا أن النفقة قد قصرت بهم عن إتمام بناء الكعبة بالمال الحلال الخالص ، ولهذا أخرجوا الحِْجر ( الحطيم ) من البناء ، ووضعوا علامة تدل على أنه من الكعبة ، وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة - رضي الله عنها : ( ألم تري أن قومك قصرت بهم النفقة ؟ ولولا حدثان قومك بكفر لنقضت الكعبة ، وجعلت لها بابا شرقيا وبابا غربيا ، وأدخلت فيها الحجر ) .
ولما جاء عهد ابن الزبير - رضي الله عنه - قرر أن يعيد بناء الكعبة على نحو ما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته ، فقام بهدمها ، وأعاد بناءها ، وزاد فيها ما قصرت عنه نفقة قريش - وكان حوالي ستة أذرع - ، وزاد في ارتفاع الكعبة عشرة أذرع ، وجعل لها بابين أحدهما من المشرق والآخر من المغرب ، يدخل الناس من باب ويخرجون من الآخر ، وجعلها في غاية الحسن والبهاء ، فكانت على الوصف النبوي كما أخبرته بذلك خالته عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - .
وفي عهد عبدالملك بن مروان كتب الحجاج بن يوسف الثقفي إليه فيما صنعه ابن الزبير في الكعبة ، وما أحدثه في البناء من زيادة ، وظن أنه فعل ذلك بالرأي والاجتهاد ، فرد عليه عبدالملك بأن يعيدها كما كانت عليه من قبل ، فقام الحجاج بهدم الحائط الشمالى وأخرج الحِجْر كما بنته قريش ، وجعل للكعبة بابا واحد فقط ورفعه عاليا ، وسد الباب الآخر ، ثم لما بلغ عبدالملك بن مروان حديث عائشة - رضي الله عنها ندم على ما فعل ، وقال : " وددنا أنا تركناه وما تولى من ذلك" ، وأراد عبدالملك أن يعيدها على ما بناه ابن الزبير ، فاستشار الإمام مالك في ذلك ، فنهاه خشية أن تذهب هيبة البيت ، ويأتي كل ملك وينقض فعل من سبقه ، ويستبيح حرمة البيت .
وأما آخر بناء للكعبة فكان في العصر العثماني سنة1040 للهجرة ، عندما اجتاحت مكة سيول عارمة أغرقت المسجد الحرام ، حتى وصل ارتفاعها إلى القناديل المعلقة ، مما سبب ضعف بناء الكعبة ، عندها أمر محمد علي باشا - والي مصر - مهندسين مهرة ، وعمالاً يهدمون الكعبة ، ويعيدون بناءها ، واستمر البناء نصف سنة كاملة ، وكلفهم ذلك أموالا باهظة ، حتى تم العمل ، ولازالت الكعبة شامخة ، تهفو إليها قلوب المؤمنين ، وستظل كذلك حتى يقضي الله أمره في آخر الزمان بهدم الكعبة على أيدي الأحباش واستخراج كنز الكعبة ، وفي الجملة فإن الكعبة لها تاريخ طويل مليء بالأحداث والعبر التي لابد لنا أن نعيها ونستفيد منها.
9/5/2010
تم النشر بواسطة ابو مسعد.
قد يهمك أيضًا
عرض إجابات Google في::
Mobile
كلاسيكي | <urn:uuid:eefec94c-1e4a-465c-a55f-13f5deed34c6> | CC-MAIN-2014-10 | http://ejabat.google.com/ejabat/b-thread?tid=0c7c2ca5b2dbe157 | 2014-03-07T23:16:06Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999651825/warc/CC-MAIN-20140305060731-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.981206 | Arab | 155 | {"arb_Arab_score": 0.9812058210372925} |
اقدم اليوم برنامج مهم جدا جدا في الآدارات المدرسية والجامعية وهذه مقدمة للبرنامج
بسيطة لإدخال البيانات
هو سهل وسريع لإدخال جميع المواد والصفوف والفصول الدراسية والمعلمين وعقودهم. كما يتيح تطبيق جميع خلق انقسامات معينة من الطبقات إلى مجموعات. فمن الممكن لتوحيد الصفوف اكثر في درس واحد أو الحصول على مزيد من المعلمين لدرس واحد.
.
توليد تلقائي
في دقائق معدودة ، وينشئ البرنامج جدولا زمنيا كاملة تلبي جميع الاحتياجات الخاصة بك. ويتبع البرنامج جميع المتطلبات الصحية والنفسية والتنظيمية مثل :
* وتقليل الفجوات في المدرسين والجداول الزمنية ، والحد الاقصى لعدد من الثغرات في المدرسين والجداول الزمنية ، وكذلك الحد من الأيام ، عندما الأساتذة في التعليم.
* دروس في موضوع ما يجب أن تكون موزعة برصانة في أسبوع كامل.
* التحقق من خلافة فئات كاملة ومقسمة.
* وضع الدروس في الصفوف الدراسية المسموح بها.
* والعديد من...
التحقق من الجدول الزمني
البرنامج بالتحقق من البيانات المدخلة ، وتساعدك على إزالة أخطاء الإدخال القياسية. كما أنه يتحقق ، ما إذا كان إنشاء جدول زمني يفي بجميع الشروط. يمكنك إجراء تغييرات على الجدول الزمني ، ويعلمك البرنامج ، في حالة حدوث تغييرات غير قانونية.
طباعة كاملة
يمكنك طباعة الجدول الزمني الخاص بك. البرنامج تلقائيا بإنشاء جداول زمنية لكل فئة ، أو معلم الصف. فإنه ينشئ جداول زمنية موجز للفصول والمعلمين أو الفصول الدراسية لمدرسة كاملة. مرة واحدة مطبوعة يساعدك بسهولة الاستعاضة عن تعيين المدرسين عند الضرورة. يمكنك تحديد الفئات التي والمدرسين أو الفصول الدراسية التي تريد طباعتها في كل جدول زمني موجز.
يمكنك أيضا تصدير الجدول الزمني في مايكروسوفت اكسل او حفظه أتش تي أم أل لشكل ونشرها على مدرستك على الشبكة العنكبوتية.
السيطرة حدسي
يمكنك تغيير الجدول الزمني من خلال نقل الطبقات باستخدام الماوس. البرنامج يمنعك من إجراء تغييرات غير قانونية ، وهذا يظهر لك عند المدرسين لديهم الوقت الحرة في الجدول الزمني. في حال كنت غير راض عن التغييرات التي أجريتها يمكنك التراجع عن عمليات الماضي 100 باستخدام أزرار الإعادة والتكرار
يمكنك استخدام زر الفأرة الأيمن لتنشيط الأوامر أو يمكنك عرض الدروس الممكنة للموقف الذي تم اختياره.
استبدال الجداول المدرسية
برنامج الجداول المدرسية إبدالات يساعدك على حل المشاكل اليومية مع استبدال المدرسين في عداد المفقودين. ينشئ البرنامج تقارير شهرية وسنوية للمعلمين واستبدال عداد المفقودين. كما أنه يحسب الوقت الإضافي لكل مدرس.
وكما ترون في الصورة ، وهذا البرنامج أداة بينية بأنكم سيد أول مرة تقوم باستخدامه. واجهة بسيطة وفعالة.
يمكنك إدارة المدرسة بدائل أيضا من خلال شبكة الإنترنت. انظر ويب البدلاء...
هذا ماقدمت لكم من مقدمة للبرنامج ..
وهنا نأتي لشرح كيفية تنصيبه وتكريك البرنامج
اتبع الصور خطوة خطوة .. | <urn:uuid:edd0d84e-f551-453c-8a35-9916ad5748be> | CC-MAIN-2014-10 | http://vb.bdr1.net/t707242.html | 2014-03-08T23:58:15Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999668224/warc/CC-MAIN-20140305060748-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.98694 | Arab | 54 | {"arb_Arab_score": 0.9869401454925537} |
قصة حياة بوذا كما رُوِيَتْ في النصوص المقدسة في اللغة البالية
تظهر قصة حياة بوذا التاريخي في عدة طبقات من الأدب البوذي الكلاسيكي، وأول رواية لا تظهر في أي نصٍّ بمفرده، لكن يمكن تجميعها فقط من حوادث مُسجَّلة في السوتَّا البالية (بالسنسكريتية سوترا) وأدب الفينايا لتقليد الثيرافادا. والنصوص المتأخرة لتقاليد الماهاسانغيكا والسَّارفاستيفادا والماهايانا تُنَمِّق الإطار المجرد الذي ينشأ من هذه النصوص المبكِّرة، مع العديد من المعالم فوق البشرية أحيانًا.
ومع هذا، فالصورة الأصلية التي تنشأ من الأدب البالي (باللغة البالية) تكشف عن شخصٍ بشري قد عاش في عصورٍ مضطربةٍ غير آمنة، فواجه العديدَ من الصعوباتِ والتحدياتِ، على المستوى الشخصي، وفي مجتمعه الرهباني على السواء. وسوف نستعرض هنا أول رواية لحياة بوذا، اعتمادًا على البحث العلمي لستيفن باتشيلور، الذي قدَّمهُ في بحثه: "اعتراف ملحد بوذي". وستُعرَض الأسماءُ كلها باللغة البالية.
ولد بوذا عام ٥٦٦ ق.م. في مُتَنَزَّه لومبيني، فيما يعرف اليوم بجنوب نيبال، وهو لا يبعد كثيرًا عن كابيلافاتو عاصمة ساكييا. ورغم أن اسمه الشخصي سيداتا لا يظهر في شريعة بالي فسوف نستخدم هنا مراعاةً للتناسب فقط اسم: غوتاما، وهو اسمٌ آخَر يُستخدم للإشارة إلى بوذا، بينما هو في الواقع اسمُ عشيرته.
سودودانا والد سيداتا لم يكن مَلِكًا، كما يوصف في الأدب البوذي المتأخِّر، بل كان على الأصح من النبلاء من عشيرة غوتاما، وقد يكون حاكمًا إقليميًّا في ساكييا. شريعة بالي لا تُسجِّل اسم أمه، لكن مصادر سنسكريتية متأخرة تُعَيِّنُها على أنها مايا-ديفي، وقد تُوفِّيت والدة سيداتا بعد ولادته بفترة قصيرة، ولذا فقد ربَّتهُ أختُها باجاباتي، التي تزوجها والده كما كانت العادة في تلك العصور.
كانت ساكييا جمهوريةً قديمةَ، لكن بحلول الوقت الذي وُلِد فيه سيداتا كانت جزءًا من مملكة كوسالا القوية، وقد امتدت مملكةُ كوسالا من الضفة الشمالية لنهر الغانغ الذي يمتدُّ فيمَا يُعرفُ اليومَ ببيهار إلى سفوح الهيمالايا، وكانت عاصمتها سافاتي.
ولأن الوصفَ المختصر لجغرافية الأماكن الرئيسة في حياة بوذا قد تجعل سيرتَهُ الذاتية أيسرَ في المتابعة، فلنستعرضْها هنا. تقع ساكييا في الجزء الشرقي من كوسالا، مع إقليم مالا في الجنوب الشرقي من ساكييا. وكان توجد جمهورية فاجي شرق مالا، وعاصمتها فيسالي، وكان يحكم جمهورية فاجي اتحاد عشائر؛ أَشْهرُها عشيرة ليتشافي. وفي جنوب فاجي وكوسالا عبر نهر الغانغ تقع مملكة ماغادا الكبرى، وعاصمتها راجاغاها. وفي غرب كوسالا، في بنغاب بالباكستان اليوم، وُجِدت غاندارا، التي كانت المرزبانية (الولاية الفارسية) إبان الإمبراطورية الأخمينية الفارسية، وكانت توجد في عاصمتها تاكاسيلا أشهر جامعة في ذلك الوقت، وهناك اختلطت الثقافات والأفكار الفارسية والإغريقية بنظرائها الهندية المعاصرة.
كانت كابيلافاتو – حيث ترعرع سيداتا – مدينةً كبيرةً على الطريق الشمالي، وهي الشريان التجاري الرئيس في ذلك الوقت. وصل الطريق الشمالي كوسالا بغاندارا غربًا، مارًّا عبر ساكييا ومالا وجمهورية فاجي إلى ماغادا جنوبًا. وهكذا، وعلى الرغم من أن شريعة بالي لا تذكر كثيرًا عن سيداتا غوتاما قبل بلوغه سن التاسعة والعشرين، فعلى الأرجح تمامًا أنه اكتسب ثقافاتٍ متعددة، وربما درس في جامعة تاكاسيلا، رغم عدم إمكانية تأكيد هذا.
تزوج سيداتا باداكاتشانا، وهي معروفة في الأدب السانسكريتي باسم ياشودارا، وكانت ابنة عم سيداتا، وأختًا لديفاداتا – وقد أصبح ديفاداتا فيما بعدُ منافسَ بوذا الرئيس – وأنجبا ولدًا واحدًا اسمه راهولا، وبعد ميلاده بفترةٍ قصيرةٍ غادر بوذا كابيلافاتو في سن التاسعة والعشرين، وتوجَّه إلى ماغادا بحثًا عن الطريق الروحي، وقد سافر عبر الطريق الشمالي وعبر نهر الغانغ ليصل إلى راجاغاها.
وفي ذلك الوقت كان يحكم ماغادا الملك بيمبيسارا، ويحكم كوسالا الملك باسينادي. ولصُنْعِ تحالُف بين كوسالا وماغادا تزوَّج كلٌّ من الملِكَينِ أختَ الآخر جزءًا من هذا التحالُف، وكان اسم أخت الملك باسينادي ديفي.
في ماغادا درس سيداتا في مجموعات لمعلمَينِ، هما: آلارا كالاما وأوداكا رامابوتا. ولكَوْنهما أتيا من التقليد البرهمني فقد علَّماه كيف يحقق التركيزَ المستغرق في اللاشيء ، وليس على تمييز أي شيء، أو عدم تمييزه. ومع ذلك فلم يكن سيداتا راضيًا عن تلك المكاسب، ولذا ترك هذينِ المعلمين، وعندئذٍ اتَّبع نظامًا غذائيًّا صارمًا جدًّا، لا يكاد يأكلُ شيئًا. ومرة أخرى شعر أن هذه الممارسة لا تؤدي إلى التحرر، فأفطر وذهبَ إلى يوروفيلا القريبة، وهي اليوم بود غايا؛ حيث نال التنويرَ تحت شجرة البودي في سن الخامسة والثلاثين، وكان هذا بعد وصوله إلى ماغادا بستِّ سنواتٍ.
وبعد نيل التنوير اتجه غربًا إلى ميغادايا، إلى متنزه الغزلان عند إيساباتانا، أو ما يُعرف اليوم بسارنات، وهي خارج فارناسي. ورغم وقوعها شمال نهر الغانغ فإن الملك باسينادي تنازل عن هذه المنطقة لماغادا جزءًا من المهر حينما زوَّج أختَه ديفي للملك بيمبيسارا. وأمضى بوذا الموسمَ المطيرَ هناك في مُتنزَّه الغزلان مع أصحابه الخمسة، وسَرعان ما جذب عددًا قليلاً من الأتباع، الذين كوَّنوا مجموعة عُزَّاب احتاج إلى العنايةِ بهم.
سمع النبيل الليتشافي ماهالي من فيسالي عن البوذا، واقترح على الملك بيمبيسارا أن يدعوه إلى ماغادا، لذا، وبعد الرياح الموسمية عاد بوذا ومجموعته المتنامية شرقًا إلى راجاغاها عاصمة ماغادا، وقد تأثر الملك بيمبيسارا بتعاليم بوذا، وقدم له مُتنزَّهًا مهجورًا يُطلقُ عليه "فيلوفانا"، أو "بُستان الخيزران"؛ حيث يمكن أن يجعله قاعدةً لمجموعته خلال الموسم المطير.
وسرعان ما التحق بمجموعة بوذا ساريبوتا وموغالانا، وهما أكبر تلاميذ غورو، وهو (معلم) محلي بارز، وأصبحا فيما بعد أقرب تلاميذ بوذا إليه. ثم طلب ساريبوتا من بوذا أن يصوغَ عهودًا للمجموعة الرهبانية المتنامية، واقترح الملك بيمبيسارا أن تتبنَّى بعض عادات المجموعات الروحية المتسولة الأخرى، مثل الغاينز. وأوصى الملك تحديدًا بعقد اجتماعاتٍ أسبوعيةٍ لمناقشة التعاليم، فوافق بوذا.
وذات يومٍ أتى أناتابينديكا، وهو صاحب بنك ثري من كوسالا عاصمة سافاتي، إلى راجاغاها في عملٍ، وقد تأثر كثيرًا ببوذا، فعرض عليه مكانًا لقضاء المواسم المطيرة في سافاتي حاضرة الملك باسينادي، وعقب ذلك بفترة قصيرة تحرَّك بوذا ومجموعة الرهبان التي معه إلى كوسالا؛ لكن الأمر استغرق عدة سنوات قبل أن يستطيع أناتابينديكا تقديم مكان مناسب لإقامتهم.
وفي الوقت نفسه عاد بوذا ليزورَ أسرتَهُ في كابيلافاتو وسرعان ما أصبح والدُهُ سودودانا أحدَ أتباعه، والتحق ابنه راهولا ذو الثمانية أعوامٍ بسلك الرهبنة مبتدئًا. وخلال السنوات التالية التحق العديد من نبلاء ساكييا، بما فيهم أبناء عم بوذا: أناندا وأنورودا وديفاداتا، إضافةً إلى أخي بوذا غير الشقيق، واسمه ناندا، ويُعرفُ أيضًا بـ"سونداراناندا"، أو "ناندا الوسيم".
باجاباتي، وهي خالة بوذا وزوجة أبيه، طلبت الالتحاق بالمجموعة المتنامية، فرفض بوذا في البداية، لكنها لم تيأس، فحلقت رأسها، وارتدت ثيابًا صفراء، وتبعتْ بوذا بصحبة مجموعةٍ كبيرةٍ من النساء على أية حالٍ، واستمرت باجاباتي في طلب الرسامة من بوذا، لكنه رفض مرةً ثانيةً وثالثة، وأخيرا، وقبل بضع سنواتٍ من وفاة بوذا، شفع لها أناندا، وطلب رسامتها مرة أخرى نيابةً عنها، فوافق بوذا أخيرًا على رسامة النساء. وحدث هذا في فيسالي، في جمهورية فاجي، وكانت أول سلك الراهبات في البوذية.
كان أناتابينديكا مشهورًا بالكرم البالغ، وبعد عودة بوذا إلى كوسالا ببضع سنواتٍ دفع كمًّا كبيرًا من الذهب لشراء متنزَّه في سافاتي اسمه "جيتافانا"، أو "بستان جيتا". وهناك بنى مَقرًّا لإقامة بوذا ورهبانه غاية في الفخامة، وبعد عشرين عامًا من نواله التنوير بدأ بوذا عادة الخلوة الرسمية في الموسم المطير لمجموعته الرهبانية، وخلالها يبقى الرهبان في مكانٍ واحد طيلة الشهور الثلاثة للرياح الموسمية كلَّ عام، ولا يتجولون من مكانٍ لآخر، كما كانوا يفعلون بقية العام. وعلى العموم فقد أمضى بوذا تسع عشرة خَلوةً في المواسم المطيرة في بستان جيتا، وألقى خلالها ٨٤٤ من خطاباته، واستمر أناتابينديكا في كونه الراعي الرئيسَ لمجتمع بوذا الرهباني، رغم أنه أصبح مُفلِسًا قبيل وفاته.
أول مرة التقى فيها الملك باسينادي ملك كوسالا بوذا غوتاما كان في بستان جيتا، حينما كان البوذا يبلغ من العمر قرابةَ الأربعين، وقد ترك البوذا أثرًا كبيرًا في الملك، وبالتالي أصبح باسينادي أيضًا واحدًا من أتباعه والراعين له. ومع هذا فقد كانت علاقة بوذا بالملك باسينادي دومًا بالغة الرقة. فعلى الرغم من أن الملك كان راعيًا فكريًّا للمعرفةِ؛ لكنه كان شهوانيًّا وقاسيًا جدًّا في معظم الأحيان.
فعلى سبيل المثال، وبسبب جنون العظمة والبارانويا عند الملك باسينادي، فقد أمر بقتل باندولا صديقه من مالا وقائد جيشه؛ رغم أنه شعر بالحزن عليه، ثم عيَّن ابن أخي باندولا، واسمه كارايانا، ليقود الجيش. وبعد ذلك بعدة سنواتٍ خلع الجنرال كارايانا باسينادي انتقامًا لمقتل عمه. ومع هذا فقد تحمَّل بوذا أساليب الملك الخاطئة وأمزجته المتقلبة، وكان ذلك بالتأكيد لاحتياجه في حماية مجموعته من اللصوص والحيوانات المفترسة، إضافةً إلى كونه مَنْفَذًا للراعين الأثرياء الذين سيساعدونهم.
وقد احتاج الملك باسينادي لتأمين الخلافة في أسرته الحاكمة أن يكون له ولد، وزوجته الأولى أخت الملك بيمبيسارا ملك ماغادا لا تلد، فاتخذ الملك زوجةً ثانيةً وهي ماليكا، وهي امرأة جميلة من الطبقة الدُّنيا من أتباع بوذا، فشعر الكهنة البراهمن في القصر الملكي بالخزي بسبب ولادتها المتواضعة، ثم أنجبت ماليكا للملك ابنةً اسمها فاجيري.
شعر الملك عندئذٍ أنه بحاجةٍ إلى زوجةٍ ثالثةٍ لكي تنجبَ له ولدًا، لذا فقد تزوَّج آنئذٍ فاسابا ابنة ماهاناما ابن عم بوذا، الذي أصبح حاكمًا لساكييا بعد وفاة والد بوذا. وكان ماهاناما أخًا لتلميذيِ بوذا المقربَينِ أناندا وأنورودا، وبالرغم من أن ماهاناما سجَّلَ فاسابا نبيلةً، إلا أنها في الحقيقة ابنة غير شرعية من أَمَةٍ.
وبالرغم من أن فاسابا أنجبت ولدًا للملك باسينادي، واسمه فيدادابا، فإنَّ وَضْعه بصفته وريثًا لعرش كوسالا كان مضطربًا بسبب الخداع الخفي فيما يتعلق بأصل أمه، وقد وضع هذا الخداعُ بوذا في وضعٍ صعبٍ؛ بسبب قرابته لفاسابا.
وزار فيدادابا ساكييا مع جده ماهاناما جاهلاً بعدم شرعيته، وذلك أولَّ مرةٍ حينما كان في السادسة عشرة من عمره. وأثناء وجوده هناك علم كارايانا قائد جيش باسينادي حقيقية أمه، وحينما أخبر قائد الجيش باسينادي أن ابنه كان الحفيد غير الشرعي لأمَةٍ صبَّ الملكُ جامَ غضبه على الساكيين (أهل ساكييا)، ونزع من زوجته وابنه أوضاعهما الملكية، وحولهما إلى عبيدٍ، فشفع بوذا لهما، فأعادهما الملك مرة أخرى.
ومع هذا، فقد أصبح موقف بوذا بعد ذلك في كوسالا غيرَ آمنٍ، وفي سن السبعين تقريبًا عاد أول مرة إلى ماغادا وعاصمتها راجاغاها، وهناك بقي في بستان المانجو الذي يمتلكه الطبيب الملكي جيفاكا، بدلاً من بستان الخيزران الخاص بالملك، ويشير هذا إلى أنَّ بوذا كان مريضًا بالفعل في ذلك الوقت.
وحينما بلغ بوذا الثانيةَ والسبعين أُجبر راعيه الأول الملك بيمبيسارا ملك ماغادا على التنحِّي لصالح ولده آجاتاساتو، وسجن آجاتاساتو والدَه، ومنع عنه الطعام حتى مات. ثم ماتت ديفي أرملة بيمبيسارا وأخت باسينادي حُزنًا على زوجها. وبعد موتها شن الملك باسينادي انتقامًا لموتها حربًا على ابن أخته آجاتاساتو؛ ليحاول استرجاع القرى حول فاراناسي في شمال نهر الغانغ، التي كان قد قدَّمها لبيمبيسارا جزءًا من مَهْر ديفي، ولكن الحرب لم تحسم لمصلحة طرف منهما، فاضطر أن يزوج ابنته فاجيري لآجاتاساتو لتحقيق السلام بينهما.
وفي الوقت نفسه تقريبًا حاول ديفاداتا ابن عم بوذا، الذي أصبح معلمًا لآجاتاساتو، السيطرةَ على نظام بوذا الرهباني، فحاول ديفاداتا إقناع بوذا بفرض قواعد إضافية جديدة لنظام الرهبان؛ مثل إجبارهم على العيش في الغابات، والنوم تحت الأشجار، وعدم دخول بيوت العامة، ولُبْس الخِرَق، وعدم قبول هدايا الملابس منهم، وألَّا يأكلوا إلى نبات الأرض.
لكن بوذا رفض هذا؛ لأنه شعر أن هذه القواعد ستجعل من نظامه نظامًا مُتقشِّفًا جدًّا وتعزله عن المجتمع. فتحدَّى ديفاداتا سلطة بوذا، وجذب العديد من رهبان بوذا الشباب إلى أفكاره، وأحدث انشقاقًا بتشكيل مجموعته الرهبانية المنافسة. وقد حاول ديفاداتا اغتيال بوذا مرارًا لكنه فشل، وأخيرًا أقنع ساريبوتا وموغالانا الرهبانَ الذين غادروا مجموعة بوذا بالعودة.
ويبدو أن ديفاداتا ندم على أفعاله، لكنه مات قبل أن يتمكن من طلب الصفح من بوذا. وعلى أي حال فلم يحمل بوذا نحوه أي حقدٍ أو ضغينةٍ أبدًا، ثم ندم الملك آجاتاساتو أيضًا على قتل أبيه، فاعترف صراحةً لبوذا بأنه قتل أباه، وطلب التوبةَ؛ عملاً بنصيحة الطبيب الملكي جيفاكا.
وبعد ذلك بعامٍ تقريبًا سافر بوذا إلى موطنه ساكييا مرة ثانية، وأثناء زيارة الملك باسينادي لبوذا ليرحب به قاد الجنرال كارايانا انقلابًا عسكريًّا، ووضع الأمير فيدادابا على عرش كوسالا، ففرَّ الملك المخلوع باسينادي إلى ماغادا؛ إذ لم يجد ملاذًا، طالبًا الحماية من ابن أخته وصِهْره الملك آجاتاساتو في راجاغاها. ومع هذا فلم يُسمح لباسينادي بدخول المدينة، ثم وُجِدَ ميتًا في اليوم التالي.
وفي الوقت نفسه شنَّ الملك الجديد لكوسالا الملك فيدودابها حربًا ضد ساكييا؛ انتقامًا لخداع جده ماهاناما بشأن سلالته. وماهاناما – كما ذكرتُ – كان ابن عم بوذا، والحاكم الحالي لساكييا. ورغم أن بوذا حاول ثلاث مراتٍ إقناعَ الملك بعدم الهجوم، لكنه فشل في النهاية. وكان لدى قوات كوسالا أوامر بذبح كل سكان كابيلافاتو حاضرة ساكييا، ولما عجز عن منع المجزرة فرَّ بوذا إلى راجاغاها عاصمة ماغادا، طالبًا حماية الملك آجاتاساتو، كما فعل باسينادي من قبلُ ولم ينجح.
وكان الطريق إلى ماغادا يمر عبر جمهورية فاجي؛ حيث كان ساريبوتا تلميذَ بوذا المقرَّب في انتظاره في العاصمة فيسالي، ومع هذا فقد كان هناك أحد مصاحبي بوذا في السابق، واسمه سوناكاتا، الذي ترك الرهبنة في السابق، وترك المجموعة البوذية، قد شوَّه سمعةَ بوذا لدى برلمان فاجي، فأخبرهم أن بوذا لا يمتلك أي قوى فوق بشرية، وأنه يدرس بالمنطق فقط كيف تُوقَف الشهوة، لكن ليس نوال الحالات المتسامية، وقد اعتبر بوذا ذلك مجاملةً.
ورغم ذلك فهذا الإنكار إضافة إلى تأسيسه نظام الراهبات في الوقت نفسه تقريبًا جعل بوذا يفقد التأييد والمكانة الجيدة في فاجي، ونتيجةً لذلك عَبَر بوذا نهر الغانغ، وتقدَّم إلى راجاغاها؛ حيث أقام بالكهوف في غيجاكوتو (ومعناها نسر في الذروة) القريبة.
ثم جاء فاساكارا رئيس وزراء آجاتاساتو لزيارة بوذا، وأخبره بخطة آجاتاساتو في توسيع مملكته، ونيته العاجلة في غزو جمهورية فاجي، ورغم أن بوذا نصحهم بأن الفاجيين لا يمكن التغلب عليهم بالقوة، وأنهم سيحافظون على طرائقهم الشريفة التقليدية، لكنه كان غير قادرٍ على منع الاندلاع الوشيك للحرب، كما كان الحال في غزو كوسالا لساكييا. وكانت هناك خسارة إضافية لبوذا؛ فقد تُوفِّي تلميذَاه المقرَّبانِ: ساريبوتا وموغالانا، في هذا الوقت تقريبًا، فساريبوتا العجوز مات بسبب المرض، وموغالانا ضربه قُطَّاعُ الطرق حتى الموت، وهو في خَلوةٍ بمفرده.
ثم قرر بوذا العودة إلى الشمال مرة أخرى عندما لم ينل تعاطفًا أو تأييدًا في ماغادا، وعلى الأرجح إلى موطنه ساكييا، ربما ليرى ما خلَّفَه هجوم كوسالا. وقبل الرحيل طلب بوذا من آناندا أن يجمع له كل الرهبان في غيجاكوتو؛ حيث سيُلقِي عليهم آخر نصائحه، فنصحهم أن يصوغوا مجتمعهم الرهباني على نمط النظام الديمقراطي في البرلمان الفاجي، وينبغي عليهم أن يعقدوا جلساتٍ دوريةً، وأن يحيوا في سلام، ويتشاركوا في صدقاتهم، ويحترموا الكبار.
وسَرعان ما غادر بوذا غيجاكوتو وماغادا، وإثر وصوله فيسالي في جمهورية فاجي توقَّف لقضاء خلوة الموسم المطير، ولكنه وجد المجتمع هناك منغمسًا في الانحلال رغم نُذُرِ الحرب التي تلوح في الأفق، ولأنه فَقَد تأييد البرلمان الفاجي فقد قضى بوذا فترةَ الرياح الموسمية بمفرده، وأخبر رهبانه أن يجدوا ملاذًا بين أصدقائهم ومُؤيِّديهم.
وإبَّان الأمطار الموسمية أصبح بوذا ذو الثمانين عامًا مريضًا جدًّا، وأشرف على الموت، فطلب منه آناندا أن يُلقِي علي الرهبان نصائحه الأخيرة، فأخبرهم بوذا بأنه علَّمهم كلَّ ما يعرفه، وأنه في المستقبل ينبغي أن تكون التعاليمُ ذاتها هي ملجأهم الأساسي، ومصدرَ توجيههم. ولاكتساب التحرر من المعاناة فلا بد أن يدمجوا بين التعاليم وبين أنفسهم، وألَّا يعتمدوا على قائدٍ أو مجموعة في حمايتهم، وبعدها أعلن بوذا أنه سيُتوفَّى قريبًا.
ومع تلميذيه وابنَي عمه آناندا وأنورودا ارتحل بوذا مرة ثانيةً بعد الأمطار، وفي الطريق إلى ساكييا توقَّفوا عند بافا، وهي إحدى المدينتين الرئيستينِ في مالا. وهناك قدَّم لهم حدَّادٌ اسمه تشوندا لحمَ خنزيرٍ مسمومًا. ولكن بوذا أحسَّ بوجود أمر يدعو للريبة، فنهى ابني عمه عن أكل لحم الخنزير، وأكل هو، وأَمَرَهما بدفن الباقي. كانت مالا موطن الجنرال كارايانا الذي قاد المذابح في ساكييا، ومن المحتمل تمامًا أن السُّمَّ كان يُستهْدَفُ به آناندا، الذي كان مشهورا بحفظ كل تعاليم بوذا، فلو قُتِل آناندا فلن تتحمَّل تعاليم بوذا ومجموعته ذلك أبدًا.
ونتيجةَ معاناته من إسهال دموي حاد طلب بوذا من آناندا أن يأخذَه إلى كوسينارا القريبة، وهناك في سريرٍ منصوبٍ بين شجرتين سأل بوذا الرهبانَ القليلين الذين كانوا معه: هل لديهم أي أسئلةٍ أو شكوك أخرى؟ فظل أناندا والآخرون صامتين، وقد طغى عليهم الحزن، وساعتها أسلم بوذا الروح في سن الثمانين، وذلك عام ٤٨٥ ق. م.
وقبيل حَرْق جثمان بوذا وصلت مجموعة من الرهبان قادمةً من بافا، وكان على رأسها ماهاكاسابا، الذي أصر على تأجيل الحرق حتى يُودِّعوه الوداعَ الأخير. وكان ماهاكاسابا راهبًا من طبقة البراهمن من ماغادا، وقد أصبح راهبًا في سِنِّه المتقدِّم منذ بضعة سنواتٍ، وحينما لقيه بوذا أول مرة أعطى ماهاكاسابا ثوبَه القديم المتهالِك في مقابل ثوب البراهمن الجديد. وفيما بعد اتُّخِذ تقديم ثوب بوذا ليمثل نقلَ السلطة، وبدء صفٍّ جديد من البطاركة البوذيين.
ومع ذلك فقد قال بوذا لأتباعه بوضوحٍ في مناسباتٍ عديدةٍ: إنه بعد وفاته ستكون الدارما نفسُها هي معلمَهم. وتمنى أن تستمرَّ المجموعة على نهج النظام البرلماني في فاجي، ولم يُرِدْ لهم أن يحذُوا حَذْوَ مملكة كوسالا وماغادا، ويكون هناك راهب رئيس بمفرده يَرْأَسُها.
ورغم ذلك، ظهر صراع قوي بين ماهاكاسابا وآناندا بعد وفاة بوذا، وبعبارةٍ أخرى: صراع بين النظام الهندي التقليدي لنقل سلطة أوتوكراتية فردية من الغورو (المعلم) إلى التلميذ، ونظام أكثر ديمقراطيةً ومساواةً للرهبان المتسوِّلين الذين يحيَوْنَ في مجتمعاتٍ صغيرة، ويتبعون مجموعة مشتركة من الممارسات والمبادئ. ولكن ماهاكاسابا انتصر على غريمه.
وبعد حرق جثة بوذا وتوزيع رفاته وافق الرهبان على اقتراح ماهاكاسابا بعقد مجمعٍ في راجاغاها الموسم المطير المقبل؛ لسرد ما علَّمه بوذا وتأكيده وتقنينه. وكان لماهاكاسابا حق اختيار الكُبَراء الذين لهم حق الحضور، فاختار فقط الآرهاتات ، أي هؤلاء الذين نالوا التحرُّر، وكان عددهم ٤٩٩.
في البداية لم يشمل ماهاكاسابا آناندا بسبب أنه لم ينل بعد هذه الدرجة، وقد استبعده ماهاكاسابا رغم أنه يتمتع بأفضل ذاكرةٍ، وأفضل حِفْظٍ لخطاب بوذا. إضافة إلى ذلك فإن آناندا كان مُؤيِّدًا قويًّا، ومدافعًا مُفَوَّهًا عن رغبة بوذا في ألَّا يستحوذ على نظامه قائدٌ بمفرده.
وربما يكون هناك عامل آخر ساهم في كراهية ماهاكاسابا لآناندا؛ وهو أن آناندا هو الذي أقنع بوذا برسامة النساء، وهذا يُسيءُ إلى خلفية ماهاكاسابا البراهمانية المحافظة. ومع ذلك ففي النهاية احتجَّ كبار الرهبان على إقصاء آناندا، وقد أذعن ماهاكاسابا، وسمح له بالحضور. وطبقًا لرواية الثيرافادا فقد نال آناندا الآرهاتية الليلة السابقة على المجمع.
ومع ذلك، وإبَّان انتظار عقد المجمع التقى آناندا فاساكارا رئيس وزراء الملك آجاتاساتو، وعلم آناندا منه أن قوات ماغاداها تستعد للهجوم على فاجي، وكذلك تنتظر فاجي هجومًا متوقَّعًا من الملك باجوتا ملك أفانتي، وهي المملكة التي تقع غرب ماغادا. وهكذا، وبالرغم من أن بوذا لم يقصد أن يكون هناك صفٌّ من البطاركة يقودون مجموعته، فإنَّ تَولِّي ماهاكاسابا القيادة أسهم بلا شكٍّ في بقاء تعاليم بوذا ومجتمع الرهبنة خلال هذه العصور المضطربة والمحفوفة بالمخاطر.
حضر خمس مئة من الأرهاتات المَجْمَع البوذي الأول، الذي عُقِد في ساتيبانيغوها، في الكهف ذي السبع ورقات، بالقرب من راجاغاها. ورَأَس المجمع ماهاكاسابا، وقد تلا آناندا من الذاكرة معظم السوتَّات والأوبالي، كما تلا قواعد الفينايا للنظام الرهباني. وطبقًا لرواية الثيرافادا لهذا المجمع لم تُتْلَ في ذلك الوقت تعاليمُ الأبيدارما، وهي تعاليم عن موضوعات معرفية خاصة، وفي نطاق تقليد السارفاستيفادا تذكر رواية الفايباشيكا أن ماهاكاسابا تلا بعض تعاليم الأبيدارما، وليس كلها، ولكن طبقًا لتأكيدات الساوترانتيكا فإن تعاليم الأبيدارما هذه لم تكن في الحقيقة كلماتِ بوذا، لكنها من تأليف سبعة أرهاتات.
وطبقًا للتقاليد التبتية بدأ ماهاكاسابا سلالةً من سبعة بطارقة. تقاليد تشان في الصين، و التي تبعها تقاليدُ صن الكورية وتقاليد زِن اليابانية، تقتفي أثرَ سلالةٍ من ثمانية عشر بطريركًا في الهند، وبودهيدارما هو الثامن والعشرون. وكان بودهيدارما معلمًا هنديًّا قد أحضر تعاليمَ التشان إلى الصين، وفي شرق آسيا يعدونه أوَّلَ بطريرك للتشان.
وباختصار يكشف أدب بالي للثيرفاديين صورة لبوذا بوصفها شخصيةً كارزمية، ويكاد يكون قائدًا روحيًّا مأساويًّا، قد ناضل من أجل تأسيس وتأييد مجموعة تلاميذه وأتباعه المتنامية باطرادٍ، وذلك في ظل ظروفٍ صعبة جدًّا؛ إذ كان عليه أن يواجهَ مؤامراتٍ سياسيةً، وحروبًا عديدةَ، ومذبحة شعبه وبني جلدته، واتهامًا شخصيًّا أمام الحكومة، وتحدِّيًا لقيادته من بين تلاميذه، واغتيالَ أحدِ تلاميذه المقرَّبين، وفي النهاية الموتَ مسمومًا.
ومع هذا، وخلال كل هذه المحن حافظ بوذا على صفاء العقل، ولم يُصب بالإحباط. وخلال ستة وأربعين عامًا، درَّسَ خلالها بعد نواله التنوير، ظلَّ ثابتًا في التزامه بأن يُبيِّنَ للعالم الطريقَ إلى التحرُّر والتنوير.
ساعدوا في محاولتنا إفادة الآخرين.
ادعموا عملنا!
يعتمد موقع الإنترنت بشكلٍ كامل على التبرعات. فصيانته وتحضير ٧٠٪ من موادنا المتبقية المُخطَّط وضعها على الموقع، والترجمات الإضافية - كل ذلك - مُكلف. بالرغم من أنَّه لدينا حاليًّا ٨٠ متطوِّعًا، ٢٣ أعضاء أساسيُّون في الفريق يحتاجون المقابل المادي لعملهم. ساعدونا في جمع مبلغ ۱٠٠٠٠٠ يورو (۱٥٠٠٠٠ دولار أمريكي) سنويًّا
للاستمرار في إمداد موقعنا بخدمات مجانيَّة.
الوصول إلى هدفنا (10%) | <urn:uuid:ac8f406c-69ed-4299-ae31-91b5a8ace958> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.berzinarchives.com/web/ar/archives/approaching_buddhism/teachers/lineage_masters/life_buddha_pali_canon.html | 2014-03-08T11:44:46Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999654396/warc/CC-MAIN-20140305060734-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.873313 | Arab | 9 | {"arb_Arab_score": 0.8733125329017639, "ary_Arab_score": 0.08365733176469803, "ars_Arab_score": 0.019940415397286415, "arz_Arab_score": 0.014713535085320473} |
التقرير يظهر لكم بعد الرد
رد ب سبحان الله وبعدها تجدون التقرير ظاهر لكم
الزلازل والبراكين
عمل الطالب :
الصف :
المقدمة:
هذا تقرير عن الزلازل والبراكين في باطن الارض
وتعتبر البراكين من الظواهر الطبيعية الفريدة التي استرعت انتباه الإنسان منذ القدم وهي تلعب دورا عظيما في العمليات الجيولوجية التي تؤثر على تاريخ تطور القشرة الأرضية و تشكلها . وذلك لأن أغلب أجزاء القشرة الأرضية تأثرت بالعمليات الاندفاعية وخضعت في تشكيلها إلى مساهمة العمليات الاندفاعية. وتفيد دراسة البراكين في التعرف على مراكز الهزات الأرضية ودراسة البراكين فرع من فروع الجيولوجيا والذي أصبح قائما بذاته يعرف باسم علم البراكين Volcanology . والبراكين يصاحبها تكون معادن وخامات هامة جدا من الناحية الاقتصادية .
سأتكلم عن هذا كله في التقرير إن شاء الله
أرجوا أن ينال إعجابكم
التقرير :
يقع حوالي 250 زلزالاً في أنحاء متفرقة من العالم كل يوم، وتحدث معظم هذه الزلازل تحت سطح البحر، والزلازل التي تقع على الأرض قليلة الحدوث نسبيًّا، ولا تسبب أضرارًا تذكر في معظم الأحوال، على أن الزلازل الكبيرة تعدّ من أكثر الظواهر الطبيعية تدميرًا، وبالرغم من أنها نادرًا ما تستمرّ لأكثر من ثوانٍ معدودة، إلا أن الطاقة الناجمة عنها يمكن أن تعادل 200 مليون طن من مادة الـ Tnt (التي تعتبر من المتفجرات القوية) وأكثر 10 آلاف مرة من طاقة أول قنبلة نووية، وتتسبَّب الزلازل في إزهاق حياة 14 ألف شخص تقريبًا كل عام.
في خلال الفترة الماضية.. ضربت الزلازل العديد من الدول، مثل تركيا واليونان وتايوان والمكسيك وأمريكا واليابان والصين ومصر. تُرى: هل نحن مقدمون على عصر زيادة الزلازل أم أنها ظاهرة وقتية ؟!
لماذا تحدث الزلازل:-
تشير تقرير لأساتذة الزلازل الكنديين إلى أن التقلبات العنيفة التي يشهدها العالم الآن في الجو التي تتمثّل في الأعاصير والفيضانات والسيول التي تتعرّض لها دول كثيرة من الممكن أن تعجّل بهذه الهزّات الأرضية، فالدولة التي اعتادت على هذه الهزات الأرضية كل مائة عام من الممكن أن تدفع هذه التغيّرات الجوية إلى أن تقع هذه الزلازل في أرضها في أقل من تلك الفترة، كما أن الدول التي تحدث فيها هزات ضعيفة من الممكن الآن أن تتضاعف قوة الهزات نتيجة للتغيرات الجوية التي تؤثر على طبقات الأرض.
تعريف البركان :
البركان هو ذلك المكان الذي تخرج أو تنبعث منه المواد الصهيرية الحارة مع الأبخرة والغازات المصاحبة لها على عمق من والقشرة الأرضية ويحدث ذلك خلال فوهات أو شقوق .وتتراكم المواد المنصهرة أو تنساب حسب نوعها لتشكل أشكالا أرضية مختلفة منها التلال المخروطية أو الجبال البركانية العالية .
أجزاء البراكين :
إذا نظرت إلى الشكل ستجد أنه يتكون من:
1) جبل مخروطي الشكل:
يتركب من حطام صخري أو لافا متصلبة. وهي المواد التي يقذفها البركان من فوهته وكانت كلها أو بعضها في حالة منصهرة.
2) فوهة:
وهي عبارة عن تجويف مستدير الشكل تقريبا في قمة المخروط ، يتراوح اتساعه بين بضعة آلاف من الأمتار. وتنبثق من الفوهة على فترات غازات وكتل صخرية وقذائف وحمم ومواد منصهرة (لافا) وقد يكون للبركان أكثر من فوهة ثانوية إلى جانب الفوهة الرئيسية في قمته.
3) مدخنة أو قصبة :
وهي قناة تمتد من قاع الفوهة إلى أسفل حيث تتصل بفرن الصهير في جوف الأرض . وتندفع خلالها المواد البركانية إلى الفوهة. وتعرف أحيانا بعنق البركان.
وبجانب المدخنة الرئيسية ، قد يكون للبركان عدة مداخن تتصل بالفوهات الثانوية.
أنواع المواد البركانية:
يخرج من البراكين حين ثوراتها حطام صخري صلب ومواد سائلة .
1) الحطام الصخري:
ينبثق نتيجة للانفجارات البركانية حطام صخري صلب مختلف الأنواع والأحجام عادة في الفترة الأولى من الثوران البركاني . ويشتق الحطام الصخري من القشرة المتصلبة التي تنتزع من جدران العنق نتيجة لدفع اللافا والمواد الغازية المنطلقة من الصهير بقوة وعنف ويتركب الحطام الصخري من مواد تختلف في أحجامها منها الكتل الصخرية ، والقذائف والجمرات ، والرمل والغبار البركاني .
2) الغازات:
تخرج من البراكين أثناء نشاطها غازات بخار الماء ، وهو ينبثق بكميات عظيمة مكونا لسحب هائلة يختلط معه فيها الغبار والغازات الأخرى. وتتكاثف هذه الأبخرة مسببة لأمطار غزيرة تتساقط في محيط البركان. ويصاحب الانفجارات وسقوط الأمطار حدوث أضواء كهربائية تنشأ من احتكاك حبيبات الرماد البركاني ببعضها ونتيجة للاضطرابات الجوية، وعدا الأبخرة المائية الشديدة الحرارة ، ينفث البركان غازات متعددة أهمها الهيدروجين والكلورين والكبريت والنتروجين والكربون والأوكسجين.
اللافا:
هي كتل سائلة تلفظها البراكين ، وتبلغ درجة حرارتها بين 1000 م و 1200م . وتنبثق اللافا من فوهة البركان ، كما تطفح من خلال الشقوق والكسور في جوانب المخروط البركاني، تلك الكسور التي تنشئها الانفجارات وضغط كتل الصهير ، وتتوقف طبيعة اللافا ومظهرها على التركيب الكيماوي لكتل الصهير الذي تنبعث منه وهي نوعان:
أ) لافا خفيفة فاتحة اللون:
وهذه تتميز بعظم لزوجتها ، ومن ثم فإنها بطيئة التدفق
ب) لافا ثقيلة داكنة اللون:
وهي لافا بازلتية ، وتتميز بأنها سائلة ومتحركة لدرجة كبيرة، وتنساب في شكل مجاري على منحدرات البركان.
أشكال البراكين:
1) براكين الحطام الصخري:
يختلف شكل المخروط البركاني باختلاف المواد التي يتركب منها . فإذا كان المخروط يتركب كلية من الحطام الصخري ، فإننا نجده مرتفعا شديد الانحدار بالنسبة للمساحة التي تشغلها قاعدته . وهنا نجد درجة الانحدار تبلغ 30 درجة وقد تصل أحيانا إلى 40 درجة مئوية وتنشأ هذه الأشكال عادة نتيجة لانفجارات بركانية . وتتمثل في جزر إندونيسيا.
2) البراكين الهضبية:
وتنشأ نتيجة لخروج اللافا وتراكمها حول فوهة رئيسية ولهذا تبدو قليلة الارتفاع بالنسبة للمساحة الكبيرة التي تشغلها قواعدها . وتبدو قممها أشبه بهضاب محدبة تحدبا هينا ومن هنا جاءت تسميتها بالبراكين الهضبية وقد نشأت هذه المخاريط من تدفق مصهورات اللافا الشديدة الحرارة والعظيمة السيولة والتي انتشرت فوق مساحات واسعة وتتمثل هذه البراكين الهضبية أحسن تمثيل في براكين جزر هاواي كبركان مونالوا الذي يبلغ ارتفاعه 4100 م وهو يبدو أشبه بقبة فسيحة تنحدر انحداراً سهلاً هينا.
الخاتمة :
ولقد أنتهت من عمل هذا التقرير بحمدلله واتمنى ان ينال إعجابكم وتقديركم وتكونوا قد استمتعتم فيها وأتمنى من الطلاب والطالبات وجميع الناس الإستفادة من هذا التقرير .
هذا وبعد أحمد الله سبحانه وتعالى على توفيقه وإعانته لي في هذا العمل وإظهاره بهذه الصورة المتواضعة المشرفة وكلي أمل ورجاء بالتوفيق وأنا أضعه بين يدي القارئ الذي يطلب العلم حتى يكون له منهلاً ينهل منه كل ما يفيده وينفعه في الحياة .
والحمد لله رب العالمين
اضغط على الرابط لتستفيد من التقارير | <urn:uuid:520510d2-e286-4bd2-b5d1-717710134b83> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.study4uae.com/vb/study4uae210/article134104/ | 2014-03-08T11:44:49Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999654396/warc/CC-MAIN-20140305060734-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.937394 | Arab | 32 | {"arb_Arab_score": 0.9373935461044312, "ary_Arab_score": 0.04100413993000984} |
Commemorations for Amshir 11
في هذا اليوم تذكار نياحة البابا يؤنس الثالث عشر ال94 . صلاته تكون معنا و لربنا المجد دائما أبديا آمين .
في مثل هذا اليوم استشهد القديس فابيانوس بابا رومية ، وكان هذا الأب عالما صالحا مجاهدا . فقدم بطريركا علي مدينة رومية ، فاخذ يعلم شعبه ويقوده في طريق الكمال. وحدث إن داكيوس القائد قام علي فيلبس الملك وقتله وجلس مكانه ، وأثار علي المؤمنين اضطهادا شديدا ، واستشهد علي يديه كثيرون. وقد شيد هذا الكافر هيكلا عظيما وسط مدينة أفسس وأقام فيه أصناما كان يقدم لها الذبائح . ثم أمر بقتل من لا يذبح لها . فلما بلغه إن القديس فابيانوس يعطل عبادة الأصنام بتعاليمه للمؤمنين وتثبيتهم علي الإيمان ، استحضره بأفسس وطلب منه إن يقدم الذبيحة للأصنام فلم يقبل بل سخر بأصنامه . فعاقبه بعقوبات شديدة مدة كاملة ، وأخيرا قتله بالسيف فنال إكليل الشهادة . وقد أقام هذا البابا علي الكرسي اثنتي عشرة سنة قضي شطرا كبيرا منها في هدوء وإطمئنان . صلاته تكون معنا . ولربنا المجد دائما أبديا آمين . | <urn:uuid:3d2deeb1-31fc-4f48-825e-c52ce551d33c> | CC-MAIN-2014-10 | http://copticchurch.net/classes/synex.php?lang=ar&id=161 | 2014-03-09T11:20:49Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999677501/warc/CC-MAIN-20140305060757-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.976402 | Arab | 76 | {"arb_Arab_score": 0.9764017462730408, "arz_Arab_score": 0.018811088055372238} |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ارجو المساعدة بمشروع تخرجي من أهل الكرم :
كل ما تعرفونه من مقالات ومواضيع أو أبحاث عن موضوعي :
(((( دور اللعب في تربية الاطفال قبل المدرسة ))))
ولكم جزيل الشكر .................... واذا سمحتو السرعة
عرض للطباعة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ارجو المساعدة بمشروع تخرجي من أهل الكرم :
كل ما تعرفونه من مقالات ومواضيع أو أبحاث عن موضوعي :
(((( دور اللعب في تربية الاطفال قبل المدرسة ))))
ولكم جزيل الشكر .................... واذا سمحتو السرعة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو أن تجدي هنا ما ترغبين
* http://www.al3ez.net/vb/forumdisplay...ysprune=&f=121
* http://www.al3ez.net/vb/forumdisplay...sprune=-1&f=90
وربما وجدت من لديه أكثر من الأعضاء.
دور اللعب في تربية الطفل ما قبل المدرسة .
إن الميل للحركة هي من أهم واشد ميول الطفل الفطرية ولابد من بقائها في مراحل نموه فمن خلالها يكتشف ما حوله ويعرف بيئته . وهذا يعني أن لجزء الاكبر من تعلمه يأتي من خلال الحركة وإن أكبر فترة للتعلم الحركي هي من سن 1-6 سنوات ويجد الطفل المتعة في أدائه الحركات التي تعمل فيها العضلات الكبيرة مثل الركض ، القفز ، الرمي ، … الخ .
ان الاعداد الثقافي والاجتاعي للطفل يأتي من خلال اللعب كذلك يعرف الكثير عن جسمه وكيفية أستخدامه ، ويتعلم كيف يكتسب قوة تفوق زملائه ، ومن خلال اللعب يبتعد عن أمه ويترك الالتصاق بها كذلك يمد اللعب الطفل بالكثير من العواطف والمشاعر . ومن خلال اللعب يستطيع الطفل أستيعاب او استبعاد الآخرين . يستفيد أيضاً من اللعب مع الجماعة ليبتعد عن الانانية كذلك يستطيع الطفل من تعلم أستخدام استعمال الكلمات فتنمو لديه اللغة ، كما يتعلم من خلال اللعب القيادة حيث يبرز الطفل ليقود ويوجه مجموعته خلال الالعاب الجماعية .
أشاد (فروبل) باللعب ورأى انه أكثر المهارات أهمية في تحقيق النمو الامثل للطفل ، لذا أبتكر بصورة فنية منسقة . في سبيل توجيه حركة اللعب واستغلالها (الالعاب التربوية) وتجلت عبقريته في كونه لم يتخذ كسابقه ، الألعاب وسائل للتشويق فقط . بل عدّها عوامل تساعد على تفتح الطفل بكل ما يحمل في داخله من قوى واستعدادات وتنمية وتقوية عضلاته وتربية قوة الملاحظة والحواس واكتساب معرفة الأشياء وكيفية أستعمالها.
وكان اهتمام فروبل بدور اللعب في حياة الطفل نابعاً من رأيه في ان الطفل فيه مجموعة من الغرائز واهمها غريزة الحل والتركيب وتبدأ بعملية التقليد واذا ما أستغلت أستغلالاً تربوياً سليماً أدت الى الابداع والابتكار ، ومنها غريزة حب الاستطلاع ، ويرى ضرورة تشجيعها واشباعها، كما أن حواس الطفل هي قوى غريزية تحتاج كل واحدة منها الى تدريب خاص ، كما ان الدافع الفطري للنشاط واللعب من أهم خصائص الطفولة ، لذلك فلابد أن تنطلق تربية الطفل من هذه الخاصيه.
وأكد فروبل أهمية العاب الحركة عند الطفل ، فعن طريقها ينمو الطفل ، ومن خلال اللعب يضع الطفل كل أمكاناته للوصول الى هدف معين وبالتالي يتهيأ عقله ويكون لديه هدف محدد يضع فيه طاقاته أثناء اللعب ويتعلم الالتزام ببعض القوانين الخاصة باللعب وهكذا يعد نفسه للالتزام بقوانين الحياة فيما بعد .
ومن أهم الألعاب التي دعا اليها فروبل بالنسبة للأطفال العاب المشي والتجوال والجري والتمثيل.
ويضيف حامد زهران أن اللعب يفيد في النمو العضلي ، ويطلق الطاقة العصبية التي اذا لم تصرف تجعل الطفل متوتراً ومتهجياً ، ويساعد اللعب في النمو الاجتماعي للطفل ويفيد في إشباع حاجات الطفل النفسية مثل الحاجة الى التملك ، حيث يمتلك لعبه ، ويشعر بأن هناك أجزاء من بيئته يستطيع السيطرة عليها .
وأوضحت ماري بولاسكي (Pulaske 1970) أن اللعب يتوقف أيضاً على نوع وتركيب اللعبة او أدوات اللعب وعلى خيال الطفل ومدى حريته في اللعب .
وترى ان من الافضل تزويد الطفل بأدوات كثيرة وغير محددة ليلعب فيها حتى تنمي لديه الابتكار والخيال ، وذلك أفضل من اللعب المعروفة والمحددة( ) .
أن اللعب والتدريب ينمي الذكاء لدى الاطفال وتتفق بذلك مع ابراهيم كاظم العضماوي الذي رأى (( أن ذكاء الطفل ملَكَة موروثة من الابوين (الاب والام) بنسبة 80% وما تبقي من قدرته الكلية 20% يمكن أن يكتسبه عن طريق التدريب وشحذ الحواس والمقدرة الذهنية)) .
اللعب عند الأطفال.. أساس للنمو العقلي والنفسي
http://www.womengateway.com/ar/images/playing.jpg
اللعب وظيفة اساسية للإنسان ليبلغ مستوى النضج في مراحل النمو المختلفة التي يمر بها. وعن طريق اللعب ينمو الفرد ذهنياً وحسياً واجتماعياً إضافة الى الاستمتاع بالحياة التي يحياها. ويعتبر اللعب أساس النمو العقلي والنفسي لدى الأطفال ولما قال بعضهم "الطفل الذي لا يلعب فاقد الحياة". وجميع الناس سؤاء اكانوا صغاراً أو كباراً يلعبون إلا ان الكبار لا يعتبرونه ضرورياً. و لكنهم يحبون القيام به. والأطفال يلعبون عندما لا يكون هناك أي شيء آخر ينشغلون به, أي عندما يكونون مرتاحين، في الناحيتين الجسمية والنفسية. واللعب سلسلة من الحركات يؤديها الفرد, هدفها التسلية وتتميز باختيار الفرد للوسائل التي يمارسها اللعب عن طريقها. واللعب حاجة من حاجات الفرد يحتاج إلى إشباعها وذلك بتوفيلا الألعاب المتنوعة وإتاحة الفرصة لممارستها دون عناء.
اللعب الضروري للطفل:
يعتبر اللعب وسيلة يفرغ الطفل من خلالها طاقاته الكبيرة. ويتعلم ويكتسب المهارة باستعمال فكره وعضلاته. فالطفل الذي يستطيع بناء برج من الحجارة الصغيره... يجتاح الفرح الذي لا يستطيع أحدنا الوصول إلى حجمه, ونجاحه في هذه التجرية يجره إلى تجربة أخرى, الهم أن نبقى له بالمرصاد لتوجيه مواهبه وقدراته بهدف عدم استخدامها باتجاهات ضارة. ومن واجبنا تشجيع الطفل في تدريب حواسه وعضلاته.. بأن نعطيه لعاباً تحفزه إلى استخدام تنظيما جديدة من الحركات. وأهم ما يجب أن يتعلمه الطفل عن طريق اللعب هو التنسيق أو استخدام حواسه وعضلاته متعاونة لتحقيق هدف ما.
عندما يلعب الطفل:
كثيراً ما نميل الى اعتبار اللعب شيئاً عديم النفع ليس له غاية مرتقبة وكثيراً ما نسمع الآباء يأمرون أطفالهم بألا يضيعو وقتهم فيه, ولكن اللعب ليس على الاطلاق مضيعة للوقت, وإن كانت المبالغة فيه تعتبر كذلك.
واللعب أنواع: نوع يتعلم الطفل منه حقائق عن الأشياء المحيطة به, ومن هذا ما يتعلمه الطفل الكبير عن الآلات وعمل القاطرات والمحركات والعجلات وسكة الحديد. ونوع ثان يتعاون فيه عدد من الأطفال يلعبون معاً في جماعات متقابلين او متدافعين او مشتركين في لعبة منظمة.. والنوع الثالث ينبعث من الثاني وبتميز ويظهر مافيه من تخيل وإيهام.
فالأب يصغي لطفله يناجي دميته, يستطيع أن يتعرف الشيء الكثير عن نفسه وخاصة أراء الطفل فيه, إذا أعار الموضوع شيئاً من التفكير.
يحدثنا علماء النفس أن اللعب غريزة, أي إنه واحد من تلك الميول التي تولد معنا, كالنزوع إلى الأكل والنوم – فكلنا يحب أن يلعب حتى في هذا العصر المزدحم.
فاللعب عمل الطفل وهو ضروري لنموه وتنشئته, وأنه تدريب للحياة فكلما أجهد الطفل نفسه في لعبه كان أكثر صلاحاً للحياة المستقبلة.
إن لعب صغار الأطفال يكون في الغالب كله عضلياً, حتى إذا كبروا اودادت حادتهم إلى اللعب العقلي, إن الطفل الصغير يلعب فيمارس الأشياء البسيطة التي تقع في متناول يده, فيتعلم كثيراً من صفات الأشياء التي يمارسها: صلابتها ووزنها ودرجة حرارتها وسهولة انكسارها أو صعوبتها, وبهذا يبدأ يعرف شيئاً عن دنياه التي يعيش فيها.
إن اللعب بالأشياء العادية يعطي الطفل مرانا عظيم القيمة في استعمال اصابعه, ويمده بالمعلومات عن الأشياء التي تحيط به في حياته اليومية. ومن الجوانب المهمة في اللعب ما ينطوي عليه من معنى المقدرة على العمل والإنجاز, فالطفل الذي يبني قلعة, أو يسابق في لعبه ما, قد يتأثر تأثيراً عميقاً ينجاحه أو فشله, لا في لحظة اللعب فحسب, بل في موقفه العام من الحياة أيضاً. فاللعب يمد الطفل بالمعلومات عن الدنيا التي يعيش فيها, والناس الذين يحيا معهم والذين سيختلط واياهم في حياته المقبلة.
الألعاب وسيلة لاكتشاف الذات:
اللعبة هي احدى المفردات الرئيسية في عالم الطفل وهي احدى أدوات التعلم واكتساب الخبرة. ورغم اختلاف بيئة الطفل ومجتمعه على المستوى الاجتماعي والثقافي لأسرته إلا أنها تمثل ضرورة لصياغة وجدان وعقل الطفل على مدى سنوات طويلة من عمره. فالألعاب بالنسبة للطفل هي وسيلة لاكتشاف ذاته وإثارة خياله, مادة للتنفيس عن انفعالاته ومشاعره المكبوتة, وعامل اساسي يساعد على تكوين شخصية الطفل ونموه البدني والعقلي والنفسي ووسيلة متميزة لقدراته على الابتكار والإبداع, وتدريب حواسه وعقله وجسمه, بالاضافة إلى ما تمنحه للطفل من متعة وتسلية ومعرفة.
لذلك يجب الاهتمام أكثر بلعبة الطفل, وعدم المبالغة من قبل أولياء الأمور في تقدير مواهب أطفالهم الذهنية بشراء اللعب المخصصة لمن يكبرونهم سناً بدعوى أن عصرنا هو عصر الكمبيوتر وأن ذكاء الطفل يتجاوز عمره, أن الألعاب التي تفوق سنه قد تفوق مداركه وقدراته وتؤدي به الرغبة إلى الظهور بمظهر المتفوق ذهنياً أمام والديه، إلى الانفعال والتوتر والعصبية لكي يتغلب عليها وتجعله منعزلاً ومحبطاً حينما تتغلب عليه.
وظائف اللعب:
- اللعب يهيئ للطفل فرصة فريدة للتحرر من الواقع المليئ بالالتزامات والقيود, والإحباط والقواعد والأوامر والنواهي, لكي يعيش أحداثاً كان برغب في أن تحدث له بشكل آخر.
- إن النشاط الحر لا يحدث فقط في سبيل الترفيه. وإنما هو الفرصة المثلى التي يجد فيها الطفل مجالاً لا يعوض لتحقيق أهداف النمو ذاتها.
- مثل هذا النشاط يكسب الطفل معارف جديده. ويتمثل ذلك في العلاقات السببية التي يكتشفها الطفل بين الفعل ورد الفعل, أو بين ما يقوم به أو ما يترتب عليه من نتائج.
- اللعب يهيء الفرصة للطفل كي يتخلص ولو مؤقتاً من الصراعات التي يعاينها, وأن يتخفف من حدة التوتر والإحباط الذين ينوء بهما.
- يكون لدى الطفل فرصة للعب الأدوار. ففي اللعب الايهامي يقوم الطفل بأدوار التسلط وأدوار الخضوع معاً. ففي الوقت نفسه يلعب دور الأسد ودور الفريسة, أو دور الوالد ودور الرضيع, وغير ذلك من الأدوار التي يمكن أن تتراوح ما بين أشد الكائنات قوه وتسلطاً ,اكثرها انصياغاً وضعفاُ.
أهداف الألعاب:
تهدف الألعاب إلى تنمية قدرات الطفل المختلفة وإلى تحرير طاقاته والترويح عنه, وبواسطة اللعب يختبر الطفل الحياة وبتعرف على عالمه, ويختبر أولى محاولاته للتأثير في العالم الخارجي لإثبات الذات وتكوين الروابط وصنع اللأشياء.
وعن طريق اللعب يتمكن الطفل من تحقيق نمو جسمي متناسق. كما يساعد الحواس على التدرب ويهيئها للتعلم. كما يضمن اللعب اجدد الطاقات اللازمة للحوية والنشاط. أما من ناحية الحركة, فإن اللعب يضمن إنفاق الإشارات وبناء المهارات وتنمية التآزر الحسي الحركي مثل خبرات التحليل والتركيب, وينفس عن التوتر الجسمي والإرهاق العضلي. وينمي خبرة اختيار اللعب والابتكارية والتعليمية.
فوائد اللعب:
- يعد اللعب مصدراً مهماً من مصادر نمو النشاط الجسمي والعقلي.
- تساعد اللعب على تقوية الإرادة وحسن التصرف.
- اللعب يقتل الميل الى البطالة والفراغ.
- اللعب ينظم الغرائز ويمنع تهيج الجهاز العصبي.
- يساعد اللعب على الخيال والتفكير وتطوير الذاكره وشحذ الذهن.
- يساعد اللعب على نمو العلاقات الاجتماعية وتكوين الشخصية الاجتماعية المطلوبة وذلك بإتاحة الفرص المتعددة للطفل لتكوين علاقات اجتماعية متبادلة بينه وبين أقرانه عن طريق تمثيل الأدوار الاجتماعية.
- يساعد اللعب على نمو العضلات وخفة الحركة عن طريق ممارسة الرياضة بأشكالها المتنوعة.
- يساعد اللعب على النمو العاطفي لدى الطفل. فهناك ألعاب تتطلب من الأطفال التعاون فيما بينهم لأداء العمل مثل بناء جسر يلعبون عليه.
- يساعد التنفيس عن التوترات التي تنتاب الطفل وذلك نتيجة لتعرضه لمثيرات بيئية مختلفة.
وهكذا نلاحظ أن اللعب يساعد على نمو الطفل في جميع النواحي: فهو يسمح باستكشاف الأشياء، العلاقات بين الأشياء, وهو يسمح بالتدريب على الأدوار الاجتماعية, وهو إلى جانب ذلك يخلصه من انفعالاته السلبية, ومن صراعاته وتوتره, ويساعده على اعادة التكيف كل ذلك دون المخاطرة أو التعرض لنتائج ضارة.
المصدر : مجلة الخفجي، العدد السابع، السنة 33، أغسطس 2003
يقترن مفهوم اللعب في أذهاننا بفكرة الطفولة، فكل الأطفال يلعبون، ويحبون اللعب.. لكن بعض الناس ينظرون إليه نظرتهم لأمر لا فائدة منه سوى التسلية والترفيه وتمضية الوقت، فالطفل المثالي عندهم هو ذلك العاقل، القليل الحركة، الذي لا يحب اللعب و"الشيطنة"..
والواقع أن اللعب مفيد وضروري لتعلّم ونمو الطفل جسدياً ونفسياً وعقلياً واجتماعياً.. فمن خلاله يفهم نفسه، ويكتشف محيطه، ويسيطر على بيئته، ويغني عقله بالخبرات والمعارف.. فكيف يكون ذلك؟..
قيل: اللعب هو ميل فطري، أو ضرورة بيولوجية تتم بها عملية النمو والتطور عند الطفل.
وقيل أيضاً: اللعب هو استغلال طاقة الجسم الحركية لجلب المتعة النفسية للفرد، ولا يتم ذلك دون طاقة ذهنية أو حركة جسمية. واللعب هو عمليات ديناميكية تعبّر عن:
ـ حاجات الطفل إلى الاستمتاع والسرور، وإشباع ميله الفطري للنشاط والترويح.
ـ ضرورة بيولوجية في بناء ونمو شخصية الطفل المتكاملة.
ـ سلوك طوعي اختياري داخلي، يتعلّم الطفل من خلاله المعرفة، وحسن التكيّف مع البيئة.
ـ أداة ليفهم الطفل ذاته ومحيطه، ووسيلة ليكشف الكبار عن أسرار عالمه.
وظائف اللعب:
إن اللعب بأنواعه وزمانه ومكانه وأدواته.. يفسح للطفل فرص النمو والتعلّم المختلفة . تأمل طفلاً يركب دراجة، أو يتسلّق شجرة، أو يبني بقطع خشبية (أو بلاستيكية) بيتاً، فماذا ترى؟..
نرى أشياء كثيرة ومهمة، فهو:
ـ يتعلم مهارات جديدة لها أصولها، والتي تتطلب تقديرات خاصة بها.
ـ يتسلّق الشجرة، ويصل إلى أعلاها ، وقد تمكّن من السيطرة على خوفه، والوصول إلى هدفه دون مساعدة أحد.
ـ يبني بيتاً وفق خطة رسمها بنفسه، متعلماً الأحجام، الأوزان والألوان، مكتشفاً قدراته وإمكاناته، ومكتسباً ثقةً واحتراماً لذاته، فاللعب ليس أداة تسلية ومتعة فقط، بل يتمتع بوظائف تربوية ونفسية وحركية ، على درجة كبيرة من الأهمية لحياة الأطفال وتكوين شخصياتهم . من أهم هذه الوظائف:
أ ـ دور اللعب في النمو البدني والحركي: بعد الأشهر الأولى من الحياة ، نرى الطفل الرضيع يبدأ بتحريك يديه ورجليه، يحاول اللعب بما تصل إليه يده، ومع نمّو قدراته، تنمو قدرته على اللعب بالأشياء التي حوله، مستخدماً كل ما لديه من حواس وأعضاء وأجهزة، لاكتشاف محيطه وما فيه من ألوان وأشكال وأصوات.
بعد الثالثة، تزداد قدرات الطفل الجسدية، فيصبح قادراً على الركض والقفز والتسلّق والرسم.. وهذا ما يتيح له الفرصة لاستعمال قدراته الجديدة في أحب شيء لديه وهو اللعب.
ب ـ دور اللعب في تنمية ميول الطفل: يساعد اللعب في تنمية ميول الطفل وإيقاظ غرائزه الراقدة، وتنبيه استعداداته الكامنة، فـ"هذه ابنة صغيرة تحتضن دميتها، وتلاطفها وتقبّلها، وتهدهدها لتنام، إنها غريزة الأمومة تنبعث من أعماقها، لتستحثّها على التمرّس بمهمة عامة، تخبئها لها الليالي العاجلات ".
إنَّ هذا يفرض على المربين اختيار الألعاب والأدوات الملائمة، لتترك بين يدي الأطفال ليلعبوا بها لعباً حراً، يسمح لخيالاتهم بتجديد أدوارهم في المستقبل، والانطلاق مع ميولهم وإشباعها بالشكل الذي يحقِّق طموحاتهم وأهدافهم.
ج ـ دور اللعب في كشف نفسية وأخلاق الطفل: واللعب وسيلة فاعلة في اكتشاف أسرار شخصية الطفل النفسية والعقلية والثقافية، بالإضافة إلى كونه أداة تشخيص تكشف عما يعانيه من اضطرابات نفسية وعاطفية، فـ:
"الطفل في لعبه يكشف عن نفسه كما هي، فلا يبقى عليك سوى مشاهدتها عارية بلا تصنّع ولا تستّر، فانظر إلى مواضع الجودة فيها وكمّلها، وانظر إلى مواضع العلل، وصحّحها..
إنَّ أخلاق الطفل واستعداداته تبرز لك على علاتها: حقد، حسد، لين، عناد، نُبل، كبرياء.. لقد أخفاها التلميذ في الصف، وربما توصّل إلى إخفائها على والديه في البيت، لكن عبثاً يحاول أن يموّهها وقت الاستراحة ، لأن اللعب الحر يفضح أدهى الأطفال.. فسجّل كل ما تقع عليه عيناك، وعلى ضوء ما شهدت ولمست ربِّ كل طفل من أطفالك".
د ـ دور اللعب في اكتشاف قدرات الطفل العقلية: يستطيع اللعب كشف قدرات الطفل العقلية بأكثر جلاء ووضوح منها في الصف، فقد يغرّك الطفل بقوة حافظة، فتظن أنه من الأذكياء النجباء، حتى إذا وقع في بعض المآزق أثناء اللعب، تبيّنت لك قلة ذكائه وفهمه.. وما قولك في أولئك الصغار، ممن تعتبرهم غير موهوبين، وهم في الملعب يجدون لكل عقدة حلاً، ولكل سؤال جواباً، ولكل مفاجأة موقفاً مناسباً.. أعِدْ نظرك في كل رأي كوّنته عن أطفالك، لعلّ اللعب ينبئك بقدرة المتأخرين، فتجد فيهم سرعة الخاطر، وحدّة الذهن ، وقوة الاستعداد لأن يكونوا في عداد المتفوقين".
هـ ـ دور اللعب في إكساب الطفل عادات اجتماعية: يساعد اللعب في تأهيل الطفل اجتماعياً، وفي اتّزانه انفعالياً، فيضطر لأن يتخلى عن أنانيته، وتمركزه حول ذاته، وينطلق إلى التعاون والمشاركة والتدرّب على مهارات الأخذ والعطاء..
ففي أجواء اللعب، يشعر بضرورة التضامن مع آخرين لكسب المعركة ، وفي إطار اللعب، يعرف كيف يُصدر الأوامر، ويستجيب للتوجيهات.. في اللعب يستعد الطفل للحياة، أو بعبارة أخرى ، يخوض معركة الحياة..
و ـ دور اللعب في تعزيز عملية التعلّم: التعلم عند الطفل، يتم بطريق اللعب في أكثر الأحيان ، فهو يكتشف خصائص الأرنب أثناء ملاعبته، ويلاحظ عمل الفلاح في رحلته ، ويركب السيارة من خلال لعبته.. من خلال اللعب يدرك الطفل العالم الذي يعيش فيه، ويتعلم كيف يتحكم به ويسيطر عليه.. وباللعب يتعرف على الأشكال والألوان والأحجام والمجموعات... ويميز ما تتصف به الأشياء من خصائص، وما يجمع بينها من علاقات..
ز ـ دور اللعب في علاج مشاكل الطفل النفسية: اللعب وسيلة علاجية فعّالة في تخليص الطفل من المؤثرات والانفعالات والاضطرابات النفسية التي اكتسبها من محيطه، فقد يعيش مشاكل الغيرة والحسد والقلق والخوف والثورة والتمرد.. والتي إذا ما تفاعلت في نفسه، شكّلت خطراً على سلامة شخصيته.. فالطفل الذي يعاقبه الكبار بالضرب، ويعجز عن الردّ، يشعر بالتوتر واختلال التوازن من الناحية الانفعالية، وكي يتخلص مما لحقه من توتر وغضب، نجده يبادر إلى لعب دور الكبار في بعض أنماط اللعب الإيهامي (الخيالي)، ليضرب من هم أصغر منه، وبذلك يكون لعب الأطفال أداةَ تعويض للقيام بما لا يستطيعه في الواقع.
كلمة أخيـرة:
وهكذا نرى أن اللعب خير مساعد للطفل على تكامل نموّه الجسدي والنفسي والعقلي والاجتماعي، فيسمح له باكتشاف البيئة، وإنشاء العلاقات، والتكيّف الاجتماعي السليم.. لأجل ذلك ، نرى الاتجاه الديني الإسلامي يركز على اللعب في المرحلة الطفولية، فعن الرسول الأعظم(ص):
"دع ابنك يلعب سبع سنين، ويؤدب سبع سنين، وألزمه نفسك سبع سنين، فإن أفلح، وإلا فلا خير فيه".
"الغلام يلعب سبع سنين، ويتعلم سبع سني، ويتعلم الحلال والحرام سبع سنين".
يقول أحد المربين: "ليس اللعب مجهوداً بدنياً فحسب، إنما هو مدرسة الحياة بعينها، ومحرك قوى العقل والطبع بأجمعها، ليس اللعب تسلية بسيطة، لأنه إذا نظم، وسُيّر بجدّ واهتمام، أصبح تربية عامة بكل معنى الكلمة".
مافائدة أساليب التعلم باللعب
أكدت البحوث التربوية أن الأطفال كثيراً ما يخبروننا بما يفكرون فيه وما يشعرون به من خلال لعبهم التمثيلي الحر واستعمالهم للدمى والمكعبات والألوان والصلصال وغيرها،ويعتبر اللعب وسيطاً تربويا يعمل بدرجة كبيرة على تشكيل شخصية الطفل بأبعادها المختلفة؛وهكذا فإن الألعاب التعليمية متى أحسن تخطيطها وتنظيمها والإشراف عليها تؤدي دوراً فعالا في تنظيم التعلم،وقد أثبتت الدراسات التربوية القيمة الكبيرة للعب في اكتساب المعرفة ومهارات التوصل إليها إذا ما أحسن استغلاله وتنظيمه .
يُعرّف اللعب بأنه نشاط موجه يقوم به الأطفال لتنمية سلوكهم وقدراتهم العقليةوالجسميةوالوجدانية،ويحقق في نفس الوقت المتعةوالتسلية؛وأسلوب التعلم باللعب هو استغلال أنشطة اللعب في اكتساب المعرفة وتقريب مبادئ العلم للأطفال وتوسيع آفاقهم المعرفية.
أهمية اللعب في التعلم :
1- إن اللعب أداة تربوية تساعد في إحداث تفاعل الفرد مع عناصر البيئة لغرض التعلم وإنماء الشخصية والسلوك
2- يمثل اللعب وسيلة تعليمية تقرب المفاهيم وتساعدفي إدراك معاني الأشياء.
3- يعتبر أداةفعالة في تفريد التعلم وتنظيمه لمواجهة الفروق الفردية وتعليم الأطفال وفقاً لإمكاناتهم وقدراتهم.
4- يعتبر اللعب طريقة علاجية يلجأ إليهاالمربون لمساعدتهم في حل بعض المشكلات التي يعاني منها بعض الأطفال.
5- يشكل اللعب أداة تعبير وتواصل بين الأطفال .
6-تعمل الألعاب على تنشيط القدرات العقليةوتحسن الموهبة الإبداعية لدى الأطفال.
فوائد أسلوب التعلم باللعب :
يجني الطفل عدة فوائد منها :
1- يؤكد ذاته من خلال التفوق على الآخرين فردياً وفي نطاق الجماعة.
2- يتعلم التعاون واحترام حقوق الآخرين .
3- يتعلم احترام القوانين والقواعد ويلتزم بها .
4- يعزز انتمائه للجماعة .
5- يساعد في نمو الذاكرة والتفكير والإدراك والتخيل .
6- يكتسب الثقة بالنفس والاعتماد عليها ويسهل اكتشاف قدراته واختبارها .
أنواع الألعاب التربوية :
1- الدمى : مثل أدوات الصيد ،السيارات والقطارات،العرايس، أشكال الحيوانات،الآلات،أدوات الزينة .... الخ .
2-الألعاب الحركية:ألعاب الرمي والقذف،التركيب،السباق،القفز،المصارعة ،التوازن والتأرجح ،الجري،ألعاب الكرة .
3-ألعاب الذكاء :مثل الفوازير،حل المشكلات،الكلمات المتقاطعة..الخ.
4-الألعاب التمثيلية : مثل التمثيل المسرحي ،لعب الأدوار .
5-ألعاب الغناء والرقص : الغناء التمثيلي،تقليد الأغاني،الأناشيد،الرقص الشعبي..الخ .
6-ألعاب الحظ : الدومينو ، الثعابين والسلالم ، ألعاب التخمين .
7- القصص والألعاب الثقافية : المسابقات الشعرية ، بطاقات التعبير .
دور المعلم في أسلوب التعلم باللعب :
1- إجراء دراسة للألعاب والدمى المتوفرة في بيئة التلميذ .
2- التخطيط السليم لاستغلال هذه الألعاب والنشاطات لخدمة أهداف تربوية تتناسب وقدرات واحتياجات الطفل .
3- توضيح قواعد اللعبة للتلاميذ .
4- ترتيب المجموعات وتحديد الأدوار لكل تلميذ .
5- تقديم المساعدة والتدخل في الوقت المناسب .
6- تقويم مدى فعالية اللعب في تحقيق الأهداف التي رسمها.
شروط اللعبة :
1- اختيار ألعاب لها أهداف تربوية محددة وفي نفس الوقت مثيرة وممتعة .
2- أن تكون قواعد اللعبة سهلة وواضحة وغير معقدة .
3- أن تكون اللعبة مناسبة لخبرات وقدرات وميول التلاميذ .
4- أن يكون دور التلميذ واضحا ومحددا في اللعبة .
5- أن تكون اللعبة من بيئة التلميذ .
6- أن يشعر التلميذ بالحرية والاستقلالية في اللعب .
نماذج من الألعاب التربوية :
1) لعبة الأعداد بالمكعبات على هيئة أحجار النرد :
يلقيها التلميذ ويحاول التعرف على العدد الذي يظهر ويمكن استغلالها أيضاً في الجمع والطرح .
2) لعبة قطع الدومينو :
ويمكن استغلالها في مكونات الأعداد،بتقسيم التلاميذ إلى مجموعات ثم تعطى كل مجموعة قطعاً من الدومينو ويطلب من كل مجموعة اختيار مكونات العدد وتفوز المجموعة الأسرع .
3) لعبة (البحث عن الكلمة الضائعة)
وتنفذ من خلال لوحة بها مجموعة من الحروف ، يحدد المعلم الكلمات ويقوم التلاميذ بالبحث عن الكلمة بين الحروف كلمات رأسية وأفقية .
ر ---- س---- و---- م
ك---- ل----- ع---- ب
ت---- و----- ج---- د
ب---- ك---- م---- ك
ي---- ص---- و----- م
4) لعبة صيد الأسماك :
عن طريق إعداد مجسم لحوض به أسماك تصنع من الورق المقوىويوضع بها مشبك من حديد ويكتب عليها بعض الأرقام أوالحروف وتستخدم في التعرف على الأعداد أو الحروف الهجائية بأن يقوم التلاميذ بصيدها بواسطة سنارة مغناطيسية.
5) لعبة ( من أنــا ) :
وتستخدم لتمييز حرف من الحروف متصلاً ومنفصلاً نطقاً وكتابة حسب موقعه
- أنـا في
- المدرسة
- ريم
- حمد
- ترسم
المراجع :
1- أ.د. توفيق أحمد مرعي،د. محمد محمود الحيلة،تفريد التعليم دار الفكر 1998م - الأردن .
2- ديفيد وجونسون،روجرت.جونسون،إديث جونسون هولبك التعلم التعاوني ترجمة مدارس الظهران الأهلية 1995م.
3- د. عدنان زيتون،تقديم أ.د.محمود السيد،التعلم الذاتي ،دمشق 1999م .
4- أحمد بلقيس،د. توفيق مرعي ،الميسر في سيكلوجية اللعب ،دار الفرقان ،1987م .
5- عفاف اللبابيدي،عبد الكريم خلايله ،سيكلوجية اللعب ،دار الفكر ، 1993م .
6- د . خليل يوسف الخليلي،د.عبد اللطيف حسين حيدر، د. محمد جمال الدين يونس،تدريس العلوم في مراحل التعليم العام ،دار القلم _ 1996م، الإمارات .
المصدر:(شبكة الخليج)
أهمية العب $
التربية الرياضية واللعب في رياض الأطفال
اللعب نشاط إنساني, يمارسه الشخص دون غرض محدد سوى اللهو والمتعة. فهو في رأي ( كنت ) نشاط عفوي, يبعث في النفس السرور والارتياح وهو متعة خالصة من أي غرض أخر بالنسبة للطفل, رغم أنه يحقق فوائد جمّة للعقل والجسم في الوقت نفسه
وقد أقرّ ( أفلاطون ) قديماً أهمية اللعب للإنسان. كما شجّع ( أرسطو ) على ممارسة اللعب بكل أشكاله. أما ( شيللر ) فقد ذهب أبعد من ذلك عندما قال يكون الإنسان إنساناً في اللعب ).
والمفكرون التربويون منذ بداية القرن التاسع عشر, بدأوا يكتشفون بوضوح أكثر مدى أهمية وتأثير اللعب في نمو وتطور قدرات الطفل النفسية والعقلية والجسمية. وأكّد( فروبل ) على دور اللعب في عملية التعلم عند الطفل وأهميته في اكتساب المهارات والمعارف الجديدة وتأثيره في شدّ انتباه الأطفال وتلبية حاجاتهم النفسية والجسدية .
وظهرت مؤخراً عدة نظريات تربوية في مجال علم النفس الطفولي, تؤكّد دور اللعب الكبير في تنمية قدرات الطفل العقلية والانفعالية, بشكل متوازن وفعال واكتساب المهارات الحركية والحسية والإبداعية للطفل. وبيّن علم النفس أن الطفل, يمارس اللعب بعفوية خالصة وأنه يميز بين حالة اللعب وبين الواقع. والطفل يستخدم في اللعب المواقف الحياتية وخبراته في, خلق عالمه الخاص به ويقوم بإعادة تنظيم أوضاع الموقف كما يرغب أو كما يتمنى أن يكون ويكرّر خبراته ومهاراته الخالصة من خلاله , بحيث يوفر لنفسه أكبر قدر من المتعة والراحة ويشبع رغباته وينفِّس عن مخزون الطاقة المخزونة في داخله ويحقق أعلى مستوى في إثبات شخصيته وكيانه ووجوده في هذا العالم .
يتميّز الطفل برغبته الشديدة في أن ينضج ويكبر بأقصى سرعة, ليتصرّف كالكبار ويمارس دوراً مهماً في الحياة. وهذا يصبح ممكناً من خلال اللعب , نلاحظ هذا بوضوح في الألعاب الجماعية التي تعبّر عن مواقف اجتماعية معينة عند الأطفال, مثل: حفلات الأعراس – تشكيل أسرة وممارسة دور الأب والأم – لعبة المدرسة وأخذ دور المعلم وغيرها من الألعاب. كما تقوم البنت بممارسة سلطة الأم على لعبتها, فتعتبر اللعبة كابنة لها وتحقّق معها الخبرات التي اكتسبتها من أمها .
والرياضة في المدارس هي لعب منظم, يمارسه الكبار والصغار على حدّ سواء وعملية تنظيم اللعب على شكل نمط رياضي, يعتبر خطوة أساسية من أجل تحقيق أعلى المهارات ( الجسمية – الحركية ) عند اللاعب, لإنجاز أهداف وغايات اللعبة بالفوز والانتصار على الطرف الأخر.
والتربية الرياضية الحديثة في مرحلة رياض الأطفال, تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ومتكاملة للطفل في عدة سياقات دفعة واحدة منها :
ـ النمو الجسدي والنفسي المتوازن
ـ اكتساب المهارات الحركية والحسية الضرورية لممارسة الرياضة في المستقبل
ـ إكسابه صحة عامة ونمو عضلي جيد يسهل قيام أعضائه بوظائفها بشكل جيد وفعال.
وتنظيم اللعب في مرحلة رياض الأطفال, يجب أن يتم ببساطة وعفوية وتدرج, ليتمكن الطفل من ممارسة مهاراته الحركية والفطرية بحرية ولطف, تحت إشراف المعلم وتوجيهه.
والمعروف في علم النفس التربوي, أن الطفل منذ سن الثالثة, يمتلك مهارات حركية طبيعية يقوم بها بعفوية واندفاع مثل : الجري – القفز – التسلّق – الرمي – المشي على رجل واحدة – ركوب الدراجة ذات ثلاث عجلات ...الخ وهذه المهارات الحركية العفوية عند الطفل تتميز بالصفات التالية :
1ـ قدرة الطفل على تنفيذ عدة حركات دفعة واحدة : مثل استخدام الذراعين أثناء الجري والقفز
2ـ القفز إلى الأعلى أو الأمام من عدة وضعيات مثل حالة الوقوف أو الحركة .
3ـ القدرة على الربط بين حركتي الجري والوثب وتحديد السرعة اللازمة, منذ سن الرابعة ...
4ـ يتمكن الطفل من الرمي على هدف, يبعد خمسة أمتار في سن الخامسة مع المران
5ـ يجيد عملية التسلّق على الحواجز القائمة أو المائلة, بارتفاع يساوي قامته.
6ـ يجيد الذكور هذه المهارات أكثر من الإناث .
7ـ يتفوق الإناث على الذكور في بعض المهارات الخاصة مثل : القفز على الحبل وحركات الجمباز .
أما تنفيذ الأطفال للألعاب الرياضية المنظمة, يجب أن تتم ضمن الشروط التالية :
1. أن تنفّذ بسهولة وبساطة, دون بذل جهد كبير, نظراً لضعف عضلات الطفل وليونة أعضائه .
2. أن يمارسها الطفل بشكل حر وعفوي, دون قيود و ينتقل بين أشكال الألعاب المتنوعة الفردية والجماعية .
3. أن تنفّذ المربية الحركات, أمام الأطفال وتشترك معهم في اللعب وتحثهم على محاكاتها وتقليدها .
4. أن تترك الحرية للطفل, في اختيار الحركات التي يحبها أو يسهل عليه تنفيذها وعدم إلزامه بحركات صعبة, يفشل في أدائها, فتولّد لديه النفور من اللعب .
5. التركيز على ألعاب المسابقات والمنافسات والمطاردات والهروب, لأن الطفل يرغب بها وينفذها بحماسة لفترة طويلة, دون تعب ولا ملل .
6. تنفيذ الألعاب والحركات الجماعية, بمرافقة الموسيقى أو الغناء أو العد أو المحاكاة أو الأداء التمثيلي وغيره .
وكما سمّينا الرياضة لعباً, فأن الطفل نفسه لا يفهم من الرياضة سوى اللعب الذي يشبع رغباته وحاجاته الجسدية والنفسية وينفث فيه عن طاقاته المخزونة. ولعب الأطفال في هذه السن, يحتاج إلى تربية ذات قدرات خاصة, لفهم عالم الطفولة الواسع والعميق والمعقد. فلعب الأطفال يحتاج إلى خيال مبدع رقيق وشفّاف قادر على أن يعيش مع عالمه ويتجاوب مع رغباته ويحقق متطلباته في اندماج كامل .
وتقوم المربية بالشرح السهل وتبسيط الحركات, مع العرض الجذاب والتمثيل والتشبيه بما يلائم مستوى أدراك الطفل ليتفاعل مع لعبته بكل حواسه وانفعالاته وخياله ( عقلياً وجسدياً ) .
في هذا الإطار يجب أن تميّز المربية في رياض الأطفال, بين مرحلتين من نمو الطفل : ـ المرحلة الأولى : بين سن الثالثة والرابعة من العمر, تتميز فيها بضعف قدرات الطفل وقلة خبراته في ممارسة اللعب الموجه والمنظم, فيكتفي له بممارسة مهاراته الحركية والعفوية التي تلعب فيها حاسة النظر والتقليد دوراً أساسياً, فتنفذ المربية الحركات أمامه وتشارك الأطفال لعبتهم كواحدة منهم .
ـ المرحلة الثانية : بين سن الخامسة والسادسة يصبح فيها الطفل أقدر على التحكم بقدراته الحركية وتنظيم ألعابه. وتستمر المربية بمشاركة الأطفال لعبتهم مع استخدام وسائل مساعدة في الأداء مثل : العد – الصافرة – الموسيقى – التصفيق. لإضفاء أجواء الحيوية والرغبة والمتعة والإثارة على اللعبة....
ويفضلّ عدم التأكيد على التنفيذ الصحيح لحركات الألعاب وتصحيح أغلاط الأطفال وعدم اعتبارها مشكلة. وترك الطفل على حريته وعفويته وتجاوز أخطائه حتى لا نفسد عليه الرغبة والمتعة في اللعب, وليتكون لدى الطفل تصور بأن ما يؤديه هو شيء رائع له قيمة كبرى يستحق عليه الثناء .
منهاج التربية الرياضية في رياض الأطفال :
يجب أن يتميز المنهاج بالبساطة والسهولة والإثارة والتشويق, بحيث يلبّي رغبات الطفل الجسدية والنفسية ويحقق أهداف التربية الرياضية في النمو الشامل والمتكامل للطفل. وأن يتضمن النشاطات المتنوعة مثل :
- الحركات الأساسية الطبيعية للطفل في هذا السن كالمشي – الجري – القفز – الرمي – التسلق مع استخدام الأجهزة والأدوات المتوفرة ( خشبية – بلاستيكية – معدنية ) وتنفيذها تحت إشراف المربي .
- تنفيذ حركات تقليد الحيوانات أو النباتات أو تمرينات تمثيلية أو ألعاب المسابقات والمنافسة والملاحقة وغيرها .
- استخدام أدوات خفيفة لتنفيذ الألعاب : حلقات – كرات أطواق – بالونات – عصى – حبال – شرائط ... الخ
- أداء جميع المواقف والحالات الفردية أو الجماعية أو من الثبات أو الحركة أو التشكيلات الطبيعية أو الهندسية .
- اختيار الحركات من النوع الطبيعي التي تتطلب مجهودات بسيطة, تتناسب مع قدرات الطفل العقلية والحركية التي تعتمد على الملاحظة البديهية وسرعة التلبية وسهولة الأداء والحركة والجرأة مع قليل من الانضباط الموجه .
مع استخدام وسائل الإثارة والتشويق والجاذبية والمتعة, لتحقيق أهداف الرياضة في تنمية مهارات الطفل العقلية والجسمية والانفعالية اللازمة, لزيادة فاعلية الطفل وتطوير مهاراته الرياضية للمشاركة في ألعاب ورياضة المستقبل .
اللعب علاج
لا يبعث النمو في مراحله كلها على الارتياح في نفوس الأطفال ذلك لأنه ينطوي على تغيرات ( دينامية ) عديدة داخل الطفل وخارجه أي في علاقته بنفسه وعلاقته بالبيئة المحيطة به 0 وقد تشتمل هذه التغيرات ( الدينامية ) تحت تأثير الضغوط والممارسات الاجتماعية على خبرات سلبية ليست بقليلة تؤثر في نفسية الطفل وتسبب له التوتر والصراعات النفسية 0 ولذلك فالطفل بحاجة إلى التخفيف من هذه المخاوف والتوترات الناجمة عن الضغوط الاجتماعية المفروضة عليه 0
وقد استخدمت طريقة العلاج باللعب أو اللعب العلاجي “ Play therapay " طريقة فعالة للعلاج النفسي بالنسبة للأطفال الذين يعانون من بعض المخاوف والتوترات النفسية 0 واستخدم فرويد اللعب طريقة في العلاج النفسي لأول مرة مع ابن صديق له كان يخاف من الخيول إذ قام الطفل هانز بتمثيل دور الحصان في ألعابه التلقائية لمرات متعددة وبعد ذلك تخلص من مخاوفه من الخيول التي أصبحت مألوفة له 0 واستخدمت هرمين هج هلموت Hermine Hellmuth من اتباع فرويد اللعب في علاج الأطفال مضطربي العقول وذلك في محاولة للتأثير في سلوكهم بشكل مباشر وبدأت ميلاني كلين Melanie Klein تحليلها النفسي للأطفال في عام 1919 وعدت التعليم المباشر علاجاً غير مفيد 0 وقد استخدمت اللعب التلقائي بديلاً عن التداعي الحر الذي كان فرويد قد استخدمه في علاج الكبار 0 لقد افترضت ميلاني أن ما يقوم به الطفل في اللعب الحر يرمز إلى الرغبات والمخاوف والصراعات غير الشعورية وهو ما يتطلب من الطبيب النفسي إقامة علاقة خاصة بالطفل فيمثل دور الشخص العادي بينما يقوم الطفل بتوضيح عدد من الأدوار التي تعبر عن علاقاته الحقيقية مع الناس أو شعوره نحوهم 0 وهذه الأدوار كانت سبباً في نشوء عدد من المتاعب وعلى المعالج النفسي بعد ذلك أن يجعل الطفل مدركاً لهذه العلاقات الواقعية عن طريق تفسير مضمون الألعاب للطفل 0
وقد استخدمت ميلاني كلين الدمى المصغرة في اللعب الإسقاطي وكانت هذه الدمى تمثل في غالبية الأحيان أشخاص الأسرة 0 ويمكن أن يلعب الطفل بالآجر بطريقة تظهر أن وحدات الآجر تمثل مجموعة من الناس ربما كانوا من أسرة الطفل 0 ففي هذه الحال قد يوافق الطفل أو ينكر ما يقوله له المحلل النفسي أو قد يستمر في اللعب 0 فإذا كانت الموافقة مصحوبة بقلق شديد حيال التفسير الذي يقترحه المحلل فقد يحتمل أن تتعارض هذه الموافقة مع تفسير المحلل تماماً تعبيراً عن موقف الإنكار من جانب الطفل وعلى أية حال يجب أن نضع في حسابنا أسلوب الطفل المعتاد لردود الأفعال 0
أما أنا فرويد Anna Freud فقد عدت على عكس ميلاني كلين – أن علاج الطفل يختلف بشكل جوهري عن علاج الكبار إذ أن عمل المعالج في حال الأطفال يكون تعليمياً لذا يجب أن يحصل المعالج على ثقة الطفل ومحبته 0 فاللعب من وجهة نظر ( أنا فرويد ) لا يشترط أن يكون رمزاً لشيء ما فإذا كان الطفل ينصب عموداً لمصباح فهو يقوم بهذا العمل لأنه رأى عموداً وتأثر به 0 وفي الواقع أن الأطفال يقومون بألعاب تخيلية يجب أن تعزز عن طريق معرفة تصرفات الطفل في البيت وتجاربه ورغباته ومخاوفه التي يمكن الحصول عليها بالألفة والثقة المتبادلة مع الطفل 0
إن هذه البدايات في علاج الأطفال المضطربين نفسياً كانت تشير إلى بداية ما عرف فيما بعد بالعلاج عن طريق اللعب أو العلاج النفسي للأطفال حيث يجب أن يعرف المعالج دوره والمدى الذي يشارك فيه الوالدان في العلاج وتغيير بيئة الطفل وفهم وظيفة اللعب في هذا العلاج 0
والاتجاهات الحديثة أخذت تعنى بصورة خاصة بقدرة الطفل على الاستجابة للبيئة المحيطة وبأسلوب التحليل النفسي لتقوية الأنا التي تربط بين اندفاعات الطفل وبين الواقع 0 ومثال على هذا هو طريقة صورة لوينفلد Lewenfeld العالمية التي تتكون مادتها من صور لأناس وحيوانات وبيوت وأشجار وغيرها من عناصر الواقع ثم يوضع في متناول الطفل ماء وأطباق مملوءة بالرمل ويطلب إليه أن يلعب بها كما يشاء 0 فقد تتكون العجائن التي يصنعها من جبال ووديان وبعض النماذج للناس أو الحيوانات قد تكون صوراً واقعية لبلدان صغيرة 0 ويطلب إلى الطفل أن يفسر للطبيب المعالج هذا العالم الذي شكله حيث يفترض أن المضمون والأسلوب والحركة في الشيء المشكل ستكشف عن مقدار اضطراب الطفل وما يجول بخاطره كما يستخدم اللعب في العرائس للأغراض العلاجية وفي تمثيل بعض المواقف الاجتماعية كعامل مهدئ وذلك بالتعبير عن العواطف من جهة وتعليم أصول السلوك الاجتماعي من جهة أخرى 0
وفي استخدام الفن طريقة علاجية يقوم المعالج بتفسير الرسوم والصور كما هو الحال في تفسير اللعب بالعرائس كما تستخدم الرسوم والصور للتعبير عن الشعور وتعد وسيلة علاجية ناجحة 0 وكذلك يمكننا الاستفادة من الموسيقى في التأثيرات العلاجية 0
ويعتقد أتباع مبدأ العلاج غير الموجه أن اللعب الحر الذي يمارسه الطفل دون تدخل الكبار يعالج الاضطرابات الانفعالية وفي هذا المجال يبقى دور المعالج سلبياً وما عليه إلا أن يخلق جواً من المودة والرضى بينه وبين الطفل 0 أما العلاج التطبيقي فيكون الاهتمام فيه منصباً على لعب الطفل إذ يختار الطفل لعبه بحضور المعالج الذي يسمح للمريض بالقيام باللعب 0 ولما كان اللعب تفريغاً وتخلصاً من أعباء الانفعالات لذا يجب أن يمارس في جو آمن يخفف من قلق الطفل حيث يتيح له التلاؤم مع المتطلبات الاجتماعية بشكل أفضل 0
واللعب وسيلة الطفل إلى الاستطلاع والتلاؤم مع ظروف الحياة وقد استخدم اللعب في مجال التعليم بهدف تعديل سلوك الطفل ومساعدته على معالجة المشكلات التي تصادفه 0 وينظر إلى اللعب من الوجهة التحليلية على أنه انعكاس لنمو القوة الحيوية الدافعة ( الطاقة الجنسية ) وتبعاً لذلك فإن اللعب هو سلوك بديل لا يمكن الحصول عليه في الواقع 0 أو السيطرة المصطنعة على حالات القلق المثيرة للعب والتي تمنح الطفل الثقة في مواجهة مثل هذه الحالات المقلقة وتفترض بعض الاتجاهات النفسية التحليلية أن المشاعر مثل الغضب يمكن استثارتها ولكن لا تظهر بمظاهر تعبيرية ويمكن أن تزاح إلى اشياء غير ملائمة أو يعبر عنها رمزياً وهذا ما يتوقف على الظروف المناسبة 0 فالطلبة الذين تعرضوا للحزن مثلاً ثم أتيحت لهم الفرصة ليكتبوا قصصاً عدوانية كانوا أقل عدوانية من الذين لم تتح لهم فرصة التعبير عن الغضب 0 وكذا الأمر في حال الرجل الذي يؤنبه رئيسه فيصرخ في زوجته عندما يصل إلى البيت 0 إن هذه المشاعر تفسر استناداً إلى نظرية الإهدار أو التناثر وقد علل نيل ميلر ( Neal Miller ) الخوف على أنه استجابة للإحباط كما فسر إزاحته على أساس نظرية التعلم وظيفة للتعميم 0
ولقد بين بيركوفيتش Berkouvitz أن عدم إظهار الغضب عبارة عن نوع من الإحباط يمكن أن يؤدي إلى عدوان إضافي وأن التعبير عن الغضب قد يكون مترافقاً مع القلق الذي يعيق تكرار حدوثه 0
مما تقدم تبدو أهمية اللعب طريقة علاجية ناجعة ولكن مشكلات التطبيق العملي للنظريات والحقائق لا تزال موضع أخذ ورد والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو : هل يمكن أن نصدر حكماً على تكيف الطفل الاجتماعي والانفعالي من خلال الطريقة التي يلعب بها ؟ 0
++++++++++++*
وهذه الرابط حلو كثير عن سيكولوجية اللعب وبعض مشاكل الأطفال
www.kids-psychology.com/syco/sy8.htm - 25k
bafree.net/forum/archive/-25017_15.htm - 99k
أختي الريما أتمنى أن أكون قد أفدتك ولو قليلا
بالتـــــــــــــــــــــــــــوفيق
.
.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....طبعا شكرا لك على المواضيع الجميلة التي قدمتيها لنا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما شاء الله على موضوع الرائع ... و خاصة عن الأطفال
يرجى إعادة كابة البحث إلى المنتدى كي يستفاد منه من قبل الزوار و تعم الفائدة. | <urn:uuid:43d3e3cf-fdd1-4d4c-a6a0-f6c9d6d175e8> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.al3ez.net/vb/printthread.php?t=18186 | 2014-03-11T08:54:12Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394011161070/warc/CC-MAIN-20140305091921-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.975087 | Arab | 17 | {"arb_Arab_score": 0.9750872254371643, "ary_Arab_score": 0.011623113416135311} |
هيفاء وهبي سعيدة بالغناء في أربيل للمرة الأولى وتعد بعرض فني مميز
أقيم في فندق الفورسيزونز بوسط بيروت مؤتمر صحفي جمع بين الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي والفنان حاتم العراقي للإعلان عن تفاصيل الحفل الجماهيري الضخم المرتقب لهما في أربيل خلال شهر أيار المقبل.
بيروت: على الموعد وصل كل من الفنان حاتم العراقي والفنانة هيفاء وهبي الى المؤتمر الصحفي الذي عقدته شركة أي إيفنتس اللبنانية للإعلان عن الحفل الجماهيري الضخم الذي سيقام في "بارك سامي عبد الرحمن" في ٣٠ أيار (مايو) المقبل تليه سهرة "غالا دينر" في ٣١ أيار (مايو) في حديقة مسبح فندق "روتانا أربيل " بشمال العراق.
وبداية، أعلن الزميل جمال فياض الذي أدار المؤتمر الصحفي عن حصر الأسئلة بالمناسبة التي دُعي لأجلها الإعلاميون وعدم التفرع في أمور أخرى، كما أعلن كذلك بأنه لن تكون هناك لقاءات جانبية مع النجمين بعد نهاية المؤتمر الصحفي بسبب إرتباط كل من هيفاء وحاتم بتصوير الدعاية التلفزيونية للحفل، وهو الأمر الذي لم يرق للإعلاميين الحاضرين، فإعترض بعض الزملاء معتبرين بأن هناك أموراً فنية عديدة تستحق التطرق لها خلال المؤتمر.
حفل هو الأضخم والأول من نوعه في أربيل
وحول تفاصيل الحفل الجماهيري قال الإعلامي جمال فياض بأن الطاقة الإستيعابية تقدر بـ 13 ألف شخص مقسمة كالتالي:
عشرة آلاف شخص وقوفاً
٢٣٠٠ شخص جلوساً
٧٠٠ شخص ( VIP)
أما الحفل الثاني فسيكون في حديقة المسبح بفندق روتانا أربيل والتي تتسع لحوالي ٦٠٠ شخص مع عشاء فاخر.
من جهة أخرى، وحول الشكل التقني للمسرح الذي سيقام عليه الحفل الجماهيري في بارك سامي عبد الرحمن، قامت شركة " إن هاوس پرودكشن" بتصميم وتنفيذ المسرح الكبير، وقد تمّ شحن مختلف المعدات والأكسسوارات لديكور المسرح مع تجهيزات الإضاءة والصوت من بيروت.
وهي تجهيزات بمواصفات وتقنيات عالمية تماماً كما التجهيزات التي يستعملها كبار النجوم العالميين في مهرجانات دولية . كما سيُقام عرض بالليزر يمكن إعتباره أحد أضخم العروض التي شهدتها مدينة أربيل.
هيفاء تتجنب الرد حول مجنونتها العراقية رغد
وكانت الفنانة هيفاء وهبي كعادتها لبقة، وذكية في تجنب الأسئلة المفخخة خصوصاً عندما تم سؤالها عن رأيها بمجنونة هيفاء، الشابة العراقية رغد التي ظهرت في تجارب الأداء ببرنامج أراب أيدول، فقالت بتعميم دون تخصيص، بأن محبة الجمهور العراقي تسعدها، وبأنها تعرف جيداً بأن لديها جمهوراً كبيراً في العراق، وخصوصاً في أربيل.
تجاوزت مرحلة الجمال وشباك التذاكر يفرضها
وعندما وجهت زميلة أخرى من محطة أوربت سؤالاً لهيفاء حول سبب تصوير إعلان تلفزيوني خاص بالحفل، وفيما إذا كان ذلك بمثابة إستثمار لجمال هيفاء، ردت الأخيرة قائلة: "إذا كنت أنت جميلة، فلا يعقل ألا تجدي فيّ شيئاً غير الجمال". وأضافت: "أعتقد أنني بمسيرتي الفنية الممتدة لأكثر من عشرة أعوام تجاوزت مرحلة كوني جميلة وفقط".
وقالت بأنها قدمت الكثير من الأعمال الجميلة، وعندها قام الزميل ربيع فران بمداخلة معتبراً أن شباك التذاكر هو من فرض هيفاء، وأيدته بدورها.
تركيزي في عملي سبب نجاحي ولم أمثل بحثاً عن فرص بديلة
وفي سؤال للزميلة هيام بنوت حول سر الطلب الكبير على هيفاء وهبي في الحفلات، وسط حالة من الكساد يعيشها نجوم كبار آخرون دفعتهم الى القبول بعروض التحكيم في برامج المواهب أو التمثيل أو غيرها من سبل الكسب الجانبية، ردت هيفاء بأن ما يفعله غيرها لا يعنيها، وأعتبرت تركيزها على فنها سبباً أساسياً في كثرة الطلب عليها فخطواتها محسوبة، ولا وقت لديها للقيام بأعمال أخرى جانبية، وأضافت بأنها عندما طرقت مجال التمثيل كانت في أوج نجاحها كمغنية وفي عز الطلب عليها في الحفلات، وهي بهذه الخطوة كانت تستكشف جوانب أخرى من مواهبها، ولا تبحث عن مصادر دخل أخرى أو فرص بديلة.
تعد بعرض فني مميز ولا سبيل للتراجع
ورداً على سؤال لـ إيلاف فيما إذا كان حفلها في أربيل سيتضمن إستعراضات راقصة قالت هيفاء بأنها بعد المستوى الذي قدمته في حفل رأس السنة الماضي لم يعد مقبولاً منها تقديم شيء أقل منه، ولا مجال للتراجع في مستوى العروض التي تقدمها في حفلاتها، ووعدت بإستعراض متميز ومفاجآت عديدة سيتضمنها الحفل.
وحول تواجدها للمرة الأولى في أربيل قالت هيفاء بأنها سعيدة جداً وتثق بالمنظمين بشكل كبير حيث سبق لها التعامل معهم من قبل في حفل رأس السنة الذي جمعها بالفنان عاصي الحلاني، كما كشفت أيضاً بأنها وقعت قبل شهر عقد حفل رأس السنة المقبل، وسيكون كذلك مع الفنان عاصي الحلاني. وهو من تنظيم الجهة نفسها.
حاتم العراقي ورسالة سلام لأبناء بلده
أما الفنان حاتم العراقي ورداً على سؤال لـ إيلاف حول آخر حفل أقامه في العراق أين كان ومتى، فقال: كان قبل عامين في إحدى محافظات الجنوب، وهذه المرة سيغني في شماله، وأعرب عن أمله في أن تستقر الأوضاع ويعم الأمن باقي ربوع العراق لتكون له حفلات أخرى هناك.
ورداً على سؤال آخر لـ إيلاف حول الرسالة التي يود توجيهها للشعب العراقي حيث تشهد محافظات عديدة في العراق انتفاضة ضد السلطة الحاكمة قال بأنه لا يحب الحديث في السياسة، لكنه كمواطن يأمل أن يتذكر الجميع بأنهم شعب واحد لا يفترض أن تفرقهم عصبيات طائفية أو قبلية، وأن يعمل الجميع يداً بيد كي يعود العراق وطناً آمناً ومزدهراً.
وإعتبر حفله مع هيفاء في أربيل بمثابة رسالة سلام مفادها أن للعراقيين الحق في الحياة والفرح. كما وعد بتقديم أغنية باللغة الكردية، ولم ينفِ إحتمال أن تجمعه بهيفاء أغنية مشتركة على المسرح يغني فيها كلاهما بالكردية. كما نفى إحتمالية مشاركة نجله قصي في الحفل.
هيفاء وجملة مشاريع فنية
على صعيد آخر، أعلنت هيفاء أنها بصدد إستكمال تصوير ما تبقى من مشاهدها في المسلسل المصري الذي يجمعها بالفنانة فيفي عبده مولد وصاحبه غايب"، كما تحضر لمسلسل لبناني رفضت الكشف عن تفاصيله بالإضافة الى فيلم مصري كذلك.
إستئجار طائرة خاصة لتصوير دعاية الحفل
يذكر أنه بعد المؤتمر الصحفي انتقل فريق عمل شركة "آي إيفنتس" الى مطار بيروت لتصوير الإعلان الخاص بالحفلين المعلن عنهما، بإدارة المخرج الشاب جوني عبده. وتمّ إستئجار طائرة خاصة لتصوير هذا الإعلان. وهو أمر لم يحصل من قبل أن يتمّ تصوير إعلان بتكلفة كبيرة خصيصاً لحفل غنائي. وهي المرّة الثانية التي تقوم "آي إيفنتس" بتصوير إعلان لحفل بعد حفلة رأس السنة التي نظمتها مطلع العام الجاري.
وقالت هيفاء تعقيباً على هذا الأمر بأنها وصلت الى مرحلة في مسرتها الفنية يجب أن تتطور معها كافة أدوات العمل الفني، وأن الإعلانات الكلاسيكية عن الحفلات قد ولى زمنها، وأضافت بأنها تحب أن تكون لها الريادة في تقديم كل جديد.
شاهد مقتطفات مصورة من المؤتمر الصحفي: | <urn:uuid:5009f18e-f2b0-4e6a-b320-3a8f2b536ee7> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.elaph.com/Web/Entertainment/2013/4/808772.html | 2014-03-11T00:21:32Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394011064849/warc/CC-MAIN-20140305091744-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.949473 | Arab | 66 | {"arb_Arab_score": 0.9494729042053223, "ary_Arab_score": 0.023630283772945404, "ars_Arab_score": 0.012015275657176971} |
مقدمة
-I بعض الاعتبارات المتعلقة بالضمانات.................................................. ............................ 01
-1-I مفهوم الضمانات البنكية .................................................. ........................... 01
-2-I قيمة الضمان.................................................. .............................................. 02
-3-I اختيار الضمانات................................................... ...................................... 03
-II أنواع الضمانات.................................................. .................................................. .......... 04
-1-II الضمانات الشخصية.................................................. ................................ 04
-1-1-II الكفالـة.................................................. ....................................... 04
-2-1-II الضمان الاحتياطي.................................................. .................... 05
-2-II الضمانات لحقيقية (الرهن).................................................. ...................... 08
1-2-II مفهوم الرهن.................................................. ............................... 08
-2-2-II أنواع الرهن.................................................. ............................... 09
الخاتمة................................................... .................................................. ............................. 15
مقدمة:
مع التطور الحاصل و المستمر في العمليات الاقتصادية, أصبح رجال الأعمال يستثمرون في مشاريع إنتاجية و تجارية متعددة من تعظيم فرص الربح.
إن قيام هذه المشاريع و بعثها يتطلب البحث عن مصادر تمويل, و التي لا يمكن أن تكون ذاتية أو من مؤسسات مالية كالبنوك التجارية, و بطبيعة الحال فإن كل مستثمر يتطلع إلى الحفاظ على أعماله و مشاريعه لمدة زمنية معينة تكفي لجني العائد منها, الشيء الذي يدفعه في كثير من الأحيان إلى التأمين عليها.
إن هذه الإجراءات (التمويل, التأمين) التي يتخذها رجال الأعمال تقدمها المؤسسات المالية بالمقابل, و الذي يتمثل في مبالغ التأمين, و الفائدة التي تدفع إلى البنوك مقابل الحصول على فرض بمبلغ معين.
لنأخذ حالة البنوك مثلا, فكل واحد منها يسعى إلى تقديم أكبر قسط ممكن من القروض لتعظيم العائد, لكن في نفس الوقت سترتفع درجة الخطورة التي يتعرض لها كإمكانية إفلاس الزبـون المتعامل معـه.
للتقليل من درجة المخاطرة و نقص السيولة, اتخذ البنك إجراءاً يتمثل في حصوله على ضمان مـقابل تقديم القرض إلى الزبون, هذا يقودنا إلى طرح الإشكالية التالية:
مـا هـي الضمـانـات و مـا هـو دورهـا ؟
هذه الإشكالية تتفرع إلى أسئلة أخرى نطرحها كالتالي:
-ماذا نقصد بالضمانات ؟
-كيف نحدد قيمتها ؟
-ما هي أنواع الضمانات ؟
يمكن أن نضع إجابات مسبقة لهذه الأسئلة في شكل الفرضيات التالية:
-الضمان أداة لإثبات حق البنك ووسيلة للحصول على القرض.
-يتحدد الضمان بسمعة الزبون, و مدة القرض و قيمته.
-هناك نوعان من الضمانات شخصية و حقيقية.
و من الأسباب التي دفعتنا لاختيار الموضوع نذكر الأسباب الذاتية: -علاقة البحث بمجال تخصصنا كطالبين في فرع إدارة الأعمال.
-الرغبة في الإطلاع على هذا الموضوع.
الأسباب الموضوعية:
- أهمية الضمانات و دوره في تدنية احتمال المخاطرة يلزم على المسيرين فهمها جيداً من أجل تحديد نوعها و قيمتها بدقة.
يمكن للقارئ أن يلمس أهمية هذا البحث المتواضع من خلال اعتباره حجر أساس لدراسات مستقبلية أدق وأعمق في ميدان البنوك.
و نتطلع من خلال هذا البحث إلى:
-المساهمة في إيضاح مفهوم الضمانات و مدى مساهمتها في تأمين حياة البنوك عن طريق دفع المتعاملين إلى الوفاء بالتزاماتهم.
-محاولة رفع كفاءتنا و تحسين مستوانا.
اتبعنا في هذا البحث المنهج التحليلي متبعين الخطة التالية:
الفصل الأول: حددنا فيه مفهوم الضمانات و أساس اختيارها و تقييمها.
الفصل الثاني تطرقنا فيه إلى أنواع الضمانات المختلفة و هي الضمانات الشخصية (كفالة, ضمان احتياطي), و الضمانات الحقيقية و التي حصرناها في الرهن, مفهومه و أنواعه.
بعض الاعتبارات المتعلقة بالضمانات البنكية:
-1-I مفهوم الضمانات البنكية:
تعتبر الضمانات البنكية وسيلة من خلالها يمكن للمتعاملين تقديمها, للحصول على قروض من البنك, هذا من جهة, و من جهة أخرى, فهي أداة إثبات حق البنك إلى الحصول على أمواله التي اقرضها بالطريقة القانونية, وذلك في حالة عدم تسديد العملاء أو الزبائن لديونهم.
و قد لجأت المصارف إلى زيادة استعمال الضمانات في السنوات الأخيرة للأسباب التالية: [1]
1-قلة اهتمام بعض المؤسسات التجارية و الصناعية بالمحافظة على السمعة و حسن التعامل, مما يضطر المصرف إلى طلب هذه الضمانات.
2-كبر حجم العمليات الإئتمانية, بالنسبة إلى مالية المتعامل نتيجة لبعض الظروف الاقتصادية التي طرأت مؤخراً مثل برنامج التنمية و ما تستتبعه من نشاط اقتصادي متزايد, و الغلاء, و ما ينتج عنه من انخفاض القدرة الشرائية النقد الوطني, فيزداد حجم الكتلة النقدية الواجب صرفها على الواردات.
كما يعتبر الخطر عنصراً ملازما للقرض, لا يمكن بأي حال من الأحوال إلغاؤه بصفة نهائية, أو استبعاد إمكانية حدوثه مادامت هناك فترة انتظار قبل حلول أجال استرداده. و لذلك, يجب على البنك أن يتعامل مع هذا الواقع بشكل حذر, و أن يقرأ المستقبل قراءة جيدة.
و أمام هذا الواقع الذي لا يمكن تجنبه, و من أجل زيادة الاحتفاظ قد يلجأ البنك فضلاً عن الدراسات السابق, إلى طلب ضمانات كافية من المؤسسات التي تطلب القرض, و سوف نلاحظ أن هذه الضمانات ذات أهمية كبرى بالنسبة للبنك خاصة عندما يتعلق الأمر بالقروض طويلة الأجل. فالأمر هنا لا يقتصر فقط على القيام بدراسة و تحليل وثائق المؤسسة و قراءة أرقامها, و إنما يتمثل الأمر في طلب أشياء ملموسة وذات قيمة كضمان قبل منح القرض.
و في الواقع تختلف طبيعة الضمانات التي يطلبها البنك و الأشكال التي يمكن أن تأخذها, و تتحدد طبيعة هذه الأشياء بما يمكن أن تقدمه هذه المؤسسة.
-2-I قيمة الضمان: [2]
إن طلب الضمانات من قبل البنك, يفتح الباب لتساؤل حول العديد من المسائل المرتبطة بهذه الضمانات, و من بين هذه التساؤلات, قيمة الضمان.
فعندما يقدم البنك على طلب ضمان من المؤسسة التي تريد أن تقترض منه, فهو يصطدم بمشكلة أولى هي ما قيمـة هـذا الضمـان ؟ وفي الواقع لا يمكن أن ننتظر إجابة قاطعة في هذا الخصوص باعتبار أنه لا يوجد قانونا يحدد هذه القيمة. و مع ذلك, يمكننا أن نتصور بأن قيمة هذا الضمان لا يمكن أن تتجاوز مبلغ القرض المطلوب.
و على هذا الأساس, يمكننا أن نرجع تحديد قيمة الضمان إلى بعض الاعتبارات التي تساعد البنك على القيام بهذه الخطوة. و أولى هذه الاعتبارات هي ما يتعلق بالعرف البنكي, فالبنوك بصفة عامة لها عادات و تقاليد مكتسبة في شأن الضمانات, كما أن تجاربها المتراكمة في هذا الميدان نجعلها قادرة على تحديد قيمة الضمان المطلوب حسب طبيعة كل نوع من أنواع القروض, و في هذا المجال ليس هناك أحسن من وجهة نظر البنك طبعا, من أن تكون قيمة الضمان مساوية لمبلغ القرض, بحيث يسمح له ذلك بانتظار موعد التسديد في طمأنينة, و لكن ذلك أمر نسبي بطبيعة الحال.
كما أن هناك اعتبارات أخرى تدخل في تحديد قيمة الضمان و هي ترتبط بالشخص أو المؤسسة التي تطلب التمويل, فالمؤسسة التي تتمتع بسمعة جيدة في السوق قد تكون الضمانات المطلوبة منها لاتخضع إلا لاعتبارات شكلية. كما أن أي شخص لا يمكنه أن يعطي ضمانات إلا في حدود ما يملك, وقد يدفع عدم كفاية ما يملك إلى اللجوء إلى أطراف أخرى لضمانه أمام البنك.
و قيمة الضمانات المطلوبة كما قلنا سابقا, أمر نسبي إلى حدّ بعيد, خاصة فيما يتعلق ببعض أنواع الضمانات, فالضمان المطلوب في الوقت الراهن قد تكون قد تكون قيمته في المستقبل مختلفة تماماً عن قيمته الآن.
فاحتمال أن يفقد هذا الضمان جزء من قيمته أمر وارد جدا, فإذا كان موضوع هذا الضمان يتمثل على سبيل المثال في سمعة المؤسسة, فإن تدهور هذه السمعة لأي سبب من الأسباب سوف يؤدي إلى تدهور قيمة الضمان. و هناك مثال آخر يعكس هذه القضية بشكل أفضل, و هو الحال التي تكون فيها الضمان عبارة عن قيم منقولة (أسهم و سندات), فإذا تدهورت أسعار هذه القيم في البورصة, فهذا يعني أن قيمتها الحقيقية أصبحت أقل من قيمتها الإسمية مما يؤدي إلى فقدان الضمان لجزء من قيمته, و لهذه الاعتبارات, يعتبر تحديد قيمة الضمانات أمر هام و نسبي في ذات الوقت, فهو أمر هام لأنه يضع البنك في مأمن ضد الأخطار المحتملة, و هو أمر نسبي لأن هذه القيمة من المحتمل أن تعتريها بعض التغيرات في المستقبل و هي بحوزة البنك.
-3-I اختيار الضمانات: [3]
تعتبر عملية اختيار الضمانات مشكل من المشاكل التي تواجه البنك في قضية الضمانات, و في الحقيقة سمحت التجارب البنكية و العرف البنكي المتولد عنها إلى خلق عادات و صيغ لاختيار الضمانات, وتتركز هذه الصيغ بالخصوص على الربط بين أشكال الضمانات المطلوبة و مدة القرض المتوجهة لتغطيته.
و في هذا المجال, و إذا كان الأمر يتعلق بقروض قصيرة الأجل, حيث آجال التسديد قريبة و احتمالات تغير الوضع الراهن للمؤسسة ضعيفة و يمكن توقعها بشكل أفضل, كما أن هذه القروض ليست بالكبيرة, في هذه الحالة يمكن أن يكتفي البنك بطلب تسبق على البضائع أو كفالته من طرف شخص آخر كضمان.
و لكن عندما يتعلق الأمر بالقروض متوسطة و طويلة الأجل حيث آجال التسديد بعيدة و تطورات المستقبل غير متحكم فيها تماماً, فإن البنك يمكن أن تكون هذه الضمانات يتوافق مع طبيعة القرض, ويمكن أن تكون هذه الضمانات متجسدة في أشياء ملموسة, و ذات قيمة و تأخذ شكل رهن هذه الأشياء و أهم أنواع هذه الضمانات هي الرهن العقاري.
-II أنواع الضمانات:
-1-II الضمانات الشخصية:
يتم الضمان الشخصي بتدخل شخص آخر خلاف المقترض و تعهد بسداد القرض (رأس مال المقترض و الفوائد المترتبة و كذا تكلفة القرض), و في حالة توقف المدين عن الدفع البنك يمكن الرجوع على الفرد الضامن، هذا الأخير يعد البنك بتسديد المدين في حالة عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته في تاريخ الاستحقاق, و على هذا الأساس فالضمان الشخصي لا يمكن أن يقوم به المدين شخصيا, و لكن يتطلب ذلك تدخل شخص ثالث للقيام بدور الضامن, و في إطار الممارسة, يمكن أن نميز نوعين من الضمانات الشخصية: الكفالـة و الضمـان الاحتياطي. [4]
-1-1-II الكفالـة:
الكفالة هي نوع من الضمانات الشخصية, التي يلتزم بموجبها شخص معين بتنفيذ التزامات المدين تجاه البنك إذ لم يستطع الوفاء بهذه الالتزامات عند حلول آجال الاستحقاق.
و من الواضح أن الكفالة هي فعل حالي هدفه هو الاحتياط ضد الاحتمالات سيئة في المستقبل, و لا يمكن أن يتدخل الكافل بشكل فعلي إلا إذا تحققت هذه الاحتمالات السيئة و المتمثلة في عدم تمكن المدين على الوفاء بالتزاماته اتجاه البنك.
و نظرا لأهمية الكفالة كضمان شخصي ينبغي أن يعطي له اهتمام كبير, و يتطلب أن يكون ذلك مكتوبا و متضمناً طبية الالتزام بدقة ووضوح, و ينبغي أن يمس هذا الوضوح كل الجوانب الأساسية للالتزام و المتمثلة على وجه الخصوص ي العناصر التالية:
-موضوع الضمان.
-مدة الضمان.
-الشخص المدين.(الشخص المكفول).
-الشخص الكافل
-أهمية و حدود الالتزام.
و عليه, تبقى الكفالة عبارة عن فعل رضائي ووحيد الجانب, و يتمثل وجه الرضائية في أن قبول دور الكافل لا يخضع إلى أي شكل من الأشكال القانونية و المألوفة, كما أن عنصر أحادية الجانب ينعكس في أن اتفاق الكفالة لا يحرر إلا في نسخة واحدة.
و من جهة أخرى, و نظرا لأهمية موضوع الكفالة, تجبر الأنظمة المختلفة البنوك على ضرورة إعلام المدين بمبلغ الدين محل الالتزام و آجاله و ذلك خلال كل فترة معينة. و يمكن أن تسلط بعض العقوبات على البنوك التي لا تلتزم بهذا الأمر, و من الواضح أن مثل هذا الإجراء يهدف إلى تفادي الكثير من المنازعات الناجمة عن سوء التفاهم بين البنوك و الكفلاء.
-2-1-II الضمان الاحتياطي:
– تعريف الضمان الاحتياطي:
تعريف أول: [5]
في كثير من الأحيان يقوم الشخص بتحرير الورقة التجارية إلى شخص آخر و يرفض المستفيد أو المظهر إليه (الحامل الشرعي) قبول استلام هذه الورقة, وذلك لضعف الثقة المالية لديه عند الشخص (المضمون) لذلك يطلب من الشخص الذي ظهر الورقة التجارية إليه تأميناً لكي يقبلها و يطمئن إلى وفاء الورقة التجارية, و هذا التأمين يكون إما رهناً يسلمه إليه أو كفالة شخصية, و هذه الكفالة هي التي أطلق عليها الضمان الاحتياطي.
يقدم الضمان الاحتياطي عادة, عندما يكون هناك توقيع ضعيف أو مشكوك فيه, فيأتي الضامن الاحتياطي لتقوية الثقة لدى الحامل, فالضمان الاحتياطي إذن من ضمانات الورقة التجارية, و يمنحها الثقة كما أنه يسهل تداول الورقة التجارية, و خاصة إذا كان الكفيل مصرفاً أو مؤسسة مالية حيث أن هذا الضمان يجعل الورقة التجارية تتداول بسهولة كتداول النقود الورقية إلى حدّ ما.
و الضمان الاحتياطي يجوز في جميع الأوراق التجارية إلا أنه في الشيكات قليل الوقوع, و ذلك لأنها تسحب عادة على المصارف.
تعريف 02:
"يعتبر الضمان الاحتياطي من بين الضمانات الشخصية على القروض, و يمكن تعريفه على أنه إلتزام مكتوب من طرف شخص معين يتعهد بموجبه على التسديد".[6]
و بناءاً على هذا التعريف, يمكن استنتاج أن الضمان الاحتياطي هو شكل من أشكال الكفالة, و يختلف عنها في كونه يطبق فقط في حالة الديون المرتبطة بالأوراق التجارية.
و الأوراق التجارية التي يمكن أن تسري عليها هذا النوع من الضمان تتمثل في ثلاث أوراق هي: السند لأمـر, السفتجة و الشيكات, و الهدف من هذه العملية هو ضمان تحصيل الورقة في تاريخ الاستحقاق. وعليه, فإن هذا الضمان يمكن أن يقدم من طرف الغير أو حتى من طرف الغير أو حتى من طرف الموقعين على الورقة, و يسمى هذا الشخص "ضامن الوفـاء".
كما يختلف الضمان الاحتياطي عن الكفالة في وجهين آخرين: فالضمان الاحتياطي هو التزام تجاري بالدرجة الأولى حتى لو كان مانح الضمان غير تاجر. و السبب في ذلك هو أن العمليات التي تهدف الأوراق محل الضمان إلى إثباتها هي عمليات تجارية. و يتمثل وجه الاختلاف الثاني في أن الضمان الاحتياطي يكون صحيحاً و لو كان الالتزام الذي ضمنه باطلاً ما لم يعتريه عيب في الشكل.[7]
تعاريف أخرى: [8]
ذهب قسم من الفقهاء في تعريفهم إلى أن الضمان الاحتياطي يعتبر عقداً, و ذهب القسم الأخر إلى أنه تعهد, و آخرون قالو عنه تصرف بإرادة منفردة, و قسم آخر قالو عنه أنه كفالة, و إلى غير ذلك من التعاريف التي قيلت في الضمان الاحتياطي.
فالذي اعتبر الضمان الاحتياطي عقدا اقتصر هذا الضمان على الشخص الأجنبي, و استبعد من أن يكون الضامن الاحتياطي من بين الموقعين على الورقة التجارية. و عرف الضمان الاحتياطي من أنه "العقد الذي يلتزم بموجبه شخص من الغير بدفعه قيمة السند في ميعاد الاستحقاق في حالة عدم الوفاء من الملتزم المضمون". و يشمل الغير هنا كل شخص لم يتدخل في السند لا بصفته مدين أو محيل, و نرى قصور في هذا التعريف في الوصول إلى حقيقة الضمان الاحتياطي, و ذلك لأنه قصر على الضمان على الشخص الأجنبي, في حين أنه يجوز أن يكون الضامن الاحتياطي من بين أحد الملتزمين بالورقة التجارية إذا كان في ضمانته فائدة.
أما الذي عرف الضمان بأنه تعهـد فقد قال عنه " بأنه التعهد الذي يلتزم بموجبه شخص بوفاء قيمة السفتجة عندما يتقاعس المدين عن الوفاء", إن صاحب هذا التعريف حصر الضمان بالشخص الأجنبي أيضاً, و يقول أن الاجتهاد أجاز أن يكون الضامن الاحتياطي من بين الموقعين على الورقة التجارية و الغرض من ذلك لزيادة الثقة لدى حامل تلك الورقة.
و قد عرف الضمان الاحتياطي أيضا بأنه تصرف قانوني بإرادة منفردة هي إرادة الضامن الاحتياطي يرتب التزاماً في ذمته بضمان قبول الورقة التجارية و ضمان الوفاء بها إلى الحامل على وجه التضامن مع الموقعين متى امتنع المدين الأصلي عن الوفاء.
أما الذي اعتبر الضمان الاحتياطي كفالة أو نوعاً من الكفالة فقد عرفه: " بأنه كفالة أحد الموقعين على السفتجة والموقعين اللاحقين في الوفاء بمبلغها عند استحقاقها و يسمى الكفيل فيها الضامن الاحتياطي". و عرفت بالمعنى نفسه حيث قيل عنه كفالة معطاة من قبل شخص نسميه مانح الضمان و ذلك لمصلحة الموقع على الورقة و الذي نسميه المضمون, و في أكثر الأحيان يمنح بواسطة شخص تكون ملاءمته أكيدة و بذلك لا يتأخر الشخص عن قبول الضامن الممنوح من قبل مصرف كبير.
و عرف الضمان الاحتياطي أيضا أنه كفالة صرفية يقدمها الضامن الاحتياطي الذي يكفل بمقتضاها أحد الموقعين على الورقة التجارية في التزامه بضمان القبول أو الوفاء أو كلاهما.
و نرى أن هذه التعاريف هي أقرب من غيرها إلى الضمان الاحتياطي, و مع ذلك فنحن نرى أن هذه الكفالة هي نوع خاص, حيث يجوز أن تكون بمقابل أو بدون مقابل بعكس الحال في الكفالة المدنية التي تقوم عادة على السداد المعروف, و الكفالة التجارية تكون عادة بمقابل.
I الضمانات الحقيقيـة:
هي عبارة عن ضمانات ملموسة يمكن حجزها في حالة عدم تسديد المدين لدينه, كالعقارات و المنقولات, و هذا ما يسمى بالرهن (Gage) . و ترتكز الضمانات الحقيقة على موضوع الشيء المقدم للضمان, و تتمثل هذه الضمانات في قائمة واسعة من السلع و التجهيزات العقارية, يصعب تحديدها هنا, و يعطي هذه الأشياء على سبيل الرهن, و ليس على سبيل تحويل الملكية, و ذلك من أجل ضمان استرداد القرض, و يمكن للبنك أن بقوم ببيع هذه الأشياء عند التأكد من استحالة استرداد القرض. و في الواقع يمكن أن يشرع في عملية البيع هذه خلال خمسة عشر (15) يوما ابتداءاً من تاريخ القيام بتبليغ عاد للمدين.[9]
-1-2-IIالرهـن: [10]
الرهن عقد يلتزم به شخص ضماناً لدين تجاري عليه أو على غيره, أن يسلم مالاً إلى الدائن أو إلى شخص آخر يعينه المتعاقد أن يخوله حبس هذا المال إلى أن يستوفي حقه أو أن يتقدم الدائنين العاديين و الدائنين المرتهنين له في المرتبة بتقاضي حقه من ثمن هذا المال في أية يد يكون.
و لما كان الرهن عقداً, فهو ينشأ بأركان العقد العامة, و هي الرضاء و المحل و السبب, و يجب أن يكون الراهن مالكا للمال المرهون, و لا يتم الرهن إلا بتسليم المال المرهون أو السند المرهون, و يترتب على هذا العقد آثار قانونية أهمها بالنسبة للمدين, المال المرهون, و نقل حيازته إلى الدائن أو إلى شخص آخر يتفقان على تسليمه المال المرهون (المادة 951 من القانون المدني), و صيانته و حفظه من يوم تسلمه إلى يوم إعادته عند استيفاء الحق, و يترتب للدائن حق حبس المال و حق التقدم على غيره من الدائنين العاديين.
و تتبع المال المرهون في أية يد ينتقل إليها (المادة 32 من قانون التجارة), لأنه يكون بيع المال المرهون, كما يمكن رهنه ضمانا لعدة ديون و يجوز أيضا رهن الأموال المستقلة (المادة 895 من القانون المدني), تسري على الرهن التجاري قواعد الإثبات التجارية عدا ما نص القانون عليه من استثناءات, فقد نصت المادة 31 من قانون التجارة) على أنه "يثبت الرهن المتمم من تاجر أو غير تاجر لأجل عمل من الأعمال التجارية, اتجاه الغير و بالنسبة للمتعاقدين طبقاً لأحكام المادة 30 أعلاه.
و يثبت الرهن أيضاً بالنسبة للسندات القابلة للتحويل بتظهير قانوني يشير إلى أن القيم سلمت على وجه الضمان. أما بالنسبة للأسهم و حصص الشركاء في الشركات المالي و الصناعية و التجارية أو المدنية و التي يحصل نقلها بموجب تحويل في دفاتر الشركة يجب أن يثبت الرهن بعقد رسمي و يجب أن تقيد هذه العملية على سبيل الضمان في الدفاتر المذكورة.
-2-2-II أنـواع الرهـن: [11]
تنشأ معظم أنواع الرهن بالتراضي بين أطراف العقد, فهو عقد رضائي و ليس شكليا, إلا أن القانون استثنى بعض الرهون من هذه القاعدة سنذكرها بإيجاز, و عقد الرهن الرضائي يشمل معظم أنواع الأموال المنقولة, و سنوجز كل من:
1-رهن المنقولات المعنوية
2-الرهن الحيازي.
3-الرهن العقاري.
-1 رهن المنقولات المعنوية:
يشترط القانون في المادة (31) المذكورة, لانعقاد هذه الأنواع من الرهن, إضافة إلى أركان العقد العامة من رضاء, و سبب, بعض الشروط تختلف من رهن لآخر, و أهم هذه الأنواع:
أ-رهن الأوراق التجارية
ب-أسهم و حصص الشركات
ج - رهن الدين.
أ- رهن الأوراق التجارية:
هذه الأوراق هي السفتجة, و السند لأمر, أما الشيك فيعد في الغالب أداة وفاء لا أداة ائتمان, لأن مدة الوفاء قصيرة قد لا تزيد عن ثمانية (08) أيام (المادة 501), و لذلك لا يمكن رهن الشيك بينما يمكن رهن الورقتين الباقيتين, على الرغم من أن نص المادة (31) المذكورة لا يشير إلى عدم إمكانية رهن الشيك.
فيجوز رهن السندات, سواء كانت اسمية أو للحامل, فقد نصت المادة (976) من القانون المدني على أنه" يتم رهن السندات الإسمية أو السندات لأمر بالطريقة الخاصة المنصوص عليها قانوناً, بشرط أن يذكر أن الحوالة قد تمت على سبيل الرهن بدون حاجة إلى إعلان", لذلك يجوز رهن الأوراق التجارية, لاسيما إذا علمنا أن السفتجة و السند لأمر من الأوراق ذات المدة الطويلة, قد تجعل حاملها إلى رهنها لدى شخص آخر, و يتم هذا الرهن عن طريق كتابة التظهير بشكل معين بحيث يفهم منها أنها موجودة لدى الحامل على سبيل الرهن.
ب- رهن أسهم حصص و حصص الشركاء:
تنقسم هذه الصكوك إلى قسمين: الأول: الأسهم الإسمية, و الثانية الأسهم لحاملها.
أولاً: الأسهم و الحصص الإسمية:
و هي التي يسجل فيها اسم صاحبها, و نصت الفقرة الثالثة من المادة (31) على أنه "أما بالنسبة للأسهم و حصص الشركاء في الشركات المالية و الصناعية و التجارية أو المدنية و التي يحصل نقلها بموجب تحويل في دفاتر الشركة يجب أن يثبت الرهن بعقد رسمي, و يجب أن تقيد هذه العملية على سبيل الضمان في الدفاتر المذكورة.
فيكون رهنها إذن عن طريق العقد الرسمي, فلا يكفي اعقد العرفي أو التسجيل في الأوراق التجارية للشركة, أي لابد من التوثيق من الموثق العدل, إضافة إلى توثيق رئيس المحكمة, و لا تحدد محكمة معينة أو موطن معين لتوثيق الرهن فيجوز أسهم و حصص الشركاء في أي محكمة خلاف موطن المحكمة التي فيها مقر الشركة التجارية, الصناعية أو المدنية, و لذلك ينبغي أن يتحقق الدائن المرتهن بنفسه من وجود الشركة و صحة الأسهم, إلا أن العقد الرسمي لصحة رهن هذه الصكوك لا يكفي, و إنما يجب أن يسجل في دفاتر الشركة التي أصدرتها بما يفيد أنها مرهونة أو موضوعة على سبيل الضمان, غير أن عدم تسجيل رهنها في دفاتر الشركة لا يؤدي إلى بطلان الرهن, و لم يضع المشرع جزءاً لضمـان تنفيذ هذا التسجيل بينما يعد الرهن باطلا في حالـة عدم استيفاء إجـراءات العقـد الرسمي.
ثانياً: الأسهم و الحصص الغير رسمية:
و هي الأسهم و الحصص لحاملها و التي لا تحمل اسم صاحبها, فينتقل الحق بموجبها عن طريق المناولة اليدوية, لأن الحق في السهم حقاً شخصيا يندمج بالصك اندماجا لا يقبل التجزئة, لذلك ترهن هذه الأموال بنفس طريقة رهن الأموال المنقولة الماديـة.
و يمكن رهن صكوك الإسمية و غير الإسمية دون حاجة إلى موافقة المدين, وهو الساحب أو المسحوب عليه القابـل, ولم ينص على هذه الحالة قانون التجارة الجزائري لأنه يعد تحصيل خاص على الرغم من أن بعض قوانين التجارة قد نصت على ذلك.
ج- رهن الدين:
نصت الفقرة الرابعة من المادة (31) من قانون التجارة على أنه:" و يبقى العمل جاريا بالأحكام الخاصة بالديون المتعلقة بالأموال المنقولة التي لا يمكن أن يبلغ المحال له بالنسبة للغير إلا بالتبليغ بالحوالة و الواقع للمدين." و هذا يعني أن رهنه يكون بإتباع إجراءات حوالة الدين و ذلك بإبلاغ المدين, ولا يكون الرهن صحيحا إلا بعد موافقة المدين أو عدم اعتراضه على الرغم من تبليغه و تحسب مرتبة الامتياز على أساس تاريخ موافقة المدين أو تبليغه دون اعتراض,و لا يسري اتجاه الآخرين إلا بتسليم سند الدين المرهون إلى الدائن المرتهن, فقد نصت المادة (975) من القانون المدني الجزائري على أنه :" لا يكون رهن الدين نافذا في حق المدين إلا بإعلان هذا الرهن إليه أو بقبوله له وفقا للمادة 241, و لا يكون نافذا في حق الغير إلا بتسليم سند الدين المرهون إلى المرتهن, و تسحب للرهن مرتبته من التاريخ الثابت للإعلان أو القبول.
و قد أوجب القانون في الفقرة (05) من المادة (31) المذكورة رهن الديون التي تتعلق بمال منقول و ليس غير منقول, إن تسجيل هذا الرهن يتم بعقد رسمي, لقد أوجب المشرع ذلك لكي يمكن مواجهته الأغيار بهذا الرهن, فلا يمكن مواجهتهم بغير العقد الرسمي, و لكن الرهن لا يعد باطلا فيما بين لراهن و المرتهن إذا لم يكن هناك عقد رسمي, بينما يعد عقداً باطلا في مواجهة الغير.
-2 الرهن الحيازي: [12]
في مجال الرهن الحيازي، نجد أنفسنا أمام نوعين: الرهن الحيازي للأدوات و المعدات الخاصة بالتجهيز, و الرهن للمحل التجاري.
أولاً: الرهن الحيازي للأدوات و المعدات الخاصة بالتجهيز:
يسري هذا النوع من الرهن الحيازي على الأدوات و الأثاث و معدات التجهيز و البضائع, و يجب على البنك قبل أن يقوم بالإجراءات القانونية الضرورية أن يتأكد من سلامة هذه المعدات و التجهيزات, كما ينبغي عليه التأكد من أن البضاعة المرهونة غي قابلة للتلف و أن لا تكون قيمتها معرضة للتغير بفعل تغيرات الأسعار.
و حسب نص المادة (152) من القانون التجاري الجزائري, تتم الموافقة على الرهن الحيازي بواسطة عقد رسمي, أو عرفي يسجل برسم محدد, و إذا وقع هذا العقد للمقرض و هي حالة البنك, اعتبر الرهن الحيازي حاصلا بموجب عقد البيع.
و يقيد عقد الرهن الحيازي بالسجل العمومي الذي يمسك بكتابه المحكمة التي يوجد بدائرة اختصاصها المحل التجاري, و يجب أن تتم إجراءات القيد خلال الثلاثين يوما التالية لتاريخ إبرام التأسيس. و إذا لم يحترم هذا الأجل سوف يدخل هذا العقد تحت طائلة البطلان.
و لا يجوز للمدين أن يبيع الأشياء المرتهنة قبل تسديد الديون المستحقة عليه إلا بعد موافقة الدائن المرتهن. و إذا استعصى ذلك يمكن للمدين أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة للمحكمة الفصل في هذا الطلب و ذلك كميلاذ أخير له, و إذا خالف ذلك سوف يتعرض إلى العقوبات المنصوص عليها في المادة (167) من القانون التجاري الجزائري.
و بصفة عامة, في حالة الرهن الحيازي, يجوز للبنك إذ لم يستوفي حقوقه أن يطلب من القاضي الترخيص له بيع الأشياء المرهونة في المزاد العلني أو بسعر السوق إذا اقتضى الحال. و يجوز أيضا أن يطلب من القاضي أن يأمر بتمليكه هذه الأشياء المرهونة وفاء للدين على أن يحسب ببيعه بقيمته حسب تقدير الخبراء. و تذهب المادة (178) من قانون النقد و القرض في نفس الاتجاه, حيث يمكن للبنوك والمؤسسات المالية أن تحصل بناء على عريضة تقدمها لرئيس المحكمة, بعد مضي 15 يوما على إنذار المدين بموجب طلب غير قضائي و بالرغم من كل اعتراض, على قرار ببيع كل مال مرهون لصالحها و تخصيصه مباشرة و دون أية معاملة بناتج البيع تسديد لما يترتب لها من مبالغ كامل الدين و فوائد التأخير إن حصل.
ثانياً: الرهن الحيازي للمحل التجاري:
يتكون المحل التجاري من عناصر عديدة ذكرت في المادة (119) من القانون التجاري الجزائري, و من بين العناصر نجد على وجه الخصوص عنوان المحل التجاري و الاسم التجاري و الحق في الإجازة و الزبائن و الشهرة التجارية, و الأثاث التجاري و المعدات و الآلات و براءات الاختراع و الرخص و العلامات التجارية, و الرسوم و النماذج الصناعية... الخ.
و لكن إذا لم يشمل عقد الرهن الحيازي للمحل التجاري و بشكل دقيق و صريح أي العناصر التي تكون محلاً للرهن, فإنه في هذه الحالة لا يكون شاملاً إلا عنوان المحل و الاسم التجاري, و الحق في الإجازة و الزبائن و الشهرة التجارية. و تذهب المادة (177) من قانون النقد و القرض في نفس الاتجاه, حيث تنص المادة على أنه يمكن رهن المؤسسة التجارية لصالح البنك و المؤسسات المالية بموجب عقد عرفي مسجل حسب الأصول, و يمكن تسجيل الرهن وفقا للأحكام القانونية السارية.
و عليه يثبت الرهن الحيازي للمحل التجاري أو المؤسسة التجارية بعقد يسجل في السجل العمومي بكتابة المحكمة التي يوجد المحل التجاري بدائرة اختصاصها, و يتم هذا القيد (التسجيل) في 30 يوما لتاريخ إبرام عقد التأسيس و إلا فإنه سوف يدخل تحت طائلة البطلان.
-3 الرهن العقاري:
الرهن العقاري عبارة عن عقد يكتسب بموجبه الدائن حقا عينيا على عقار لوفاء بدينه, و يمكن له بمقتضاه أن يستوفي دينه من ثمن ذلك العقار في أي يد كان و متقدما في ذلك على الدائنين التاليين له في المرتبة.
و في الحقيقة, لا يتم الرهن إلا على العقار الذي يستوفي بعض الشروط التي تعطي للرهن مضمونه الحقيقي, فالعقار ينبغي أن يكون صالحا للتعامل فيه و قابلا للبيع في المزاد العلني, كما يجب أن يكون معيناً بدقة من حيث طبيعته و موقعه و ذلك في عقد الرهن أو في عقد رسمي لاحق, وما لم تتوفر هذه الشروط فإن الرهن يكون باطلاً.
و تشير المادة (179) من قانون النقد و القرض في نفس الاتجاه حيث ينشأ رهن قانوني على الأموال غير المنقولة العائدة للمدين و يجري لصالح البنوك و المؤسسات المالية ضماناً لتحصي الديون المترتبة لها و للالتزامات المتخذة اتجاهها.
ولا يمكن في الواقع أن ينشأ الرهن العقاري إلا بثلاث طرق:
-الرهن الناشئ بعقد رسمي أو رهن الاتفاق, و يأتي هذا الرهن تبعاً لإرادة التعاقد ما بين الأطراف المعنية و التي تملك القدرة أو الحق في التصرف في هذه العقارات.
-الرهن الناشئ بمقتضى القانون, و هو ينشأ تبعا لأحكام قانونية موجودة.
-الرهن الناشئ بحكم قضائي, وهو الرهن الذي ينشأ تبعاً لأمر من القاضي,
و يمكن إنشاء الرهن العقاري لضمان عدة أنواع من القروض, و هذه الأنواع تم ذكرها بنص المادة (891) من القانون المدني الجزائري, و هـي:
-ديون معلقة أو شرطية
-ديون مستقبلية
-ديون احتمالية الوقوع
-قروض مفتوحة
-الحساب الجاري.
و إذا حل استحقاق الدين و لم يقم المدين بالتسديد, فإنه يمكن للدائن و بعد تنبيه المدين بضرورة الوفاء بالديون المستحقة عليه, أن يقوم بنزع ملكية العقار منه, ويطلب بيعه في الآجال وفقا للأشكال والإجراءات القانونية, هذا الأمر دائما في حالة ما إذا كان العقار ملكا للمدين.
نستخلص مـن هذا البحث أن المتعاملين مع البنوك يقدمون الضمانات من أجل الحصول على الفرض, و أن البنوك تفرضها من أجل اعتبارها كأداة إثبات و العميل لا يقدم الضمان إلا في حدود استطاعته, و البنك يرغب في الحصول على ضمانات تعادل قيمتها قيمة القرض المقدم, بين هـذا و ذاك تنشأ المفاوضات بين الفرعين لتحديد قيمة الضمان و نوعه, تجدر الإشارة إلى أن سمعة الزبون لها دور في هذا.
يمكن لنا من خلال هذا البحث أن نقدم بعض الاستنتاجات الخاصة بموضوع الضمانات أهمها:
-الضمان أمر هام لأنه يضع البنك في مأمن و أمر نسبي لأن قيمة الضمان قد تنخفض.
-هناك من يعتبر أن الضمان الاحتياطي نوع من الكفالة, و لنفرق بينهما نقول أن الضمان الاحتياطي خاص بالأوراق التجارية يمنحها الثقة و يسهل تداولها, لكن كلاهما يعتبر أحد أنواع الضمانات الشخصية.
-رغم أن الرهن ظاهرة قديمة إلا أنه لازال ساري المفعول و يمكن تقسيمه إلى ثلاث أنواع: رهن المنقولات, الرهن الحيازي, الرهن العقاري.
و أخيرا نطرح التساؤل التالي الذي يصلح ليكون إشكالية لبحث آخر في هذا المجال و هـو: من الـذي يحدد الآخر, قيمة الضمان تحدد مبلغ القرض, أو مبلغ القرض هو الذي يحدد قيمة الضمان ؟ مع الأخذ بعين الاعتبار مدة القرض و نوعية الزبون, و عوامل أخـرى.
vالطاهر لطرش, "تقنيات البنوك", ديوان المطبوعات الجامعية, بن عكنون, الجزائـر,
vإبراهيم إسماعيل إبراهيم, "الضمان التجاري في الأوراق التجارية" دراسة قانونيـة, دار الثقافة للنشر و التوزيع, 1999.
vسمير جميل حسين الفتلاوي, "العقود التجاريـة الجزائريـة" ديـوان المطبوعات الجامعيـة, بن عكنون, الجزئـر, طبعة 2001.
vزياد سليم رمضان, محفوظ أحمد جودة, "إدارة البنوك" دار المسيرة للنشر و التوزيع, الطبعة الثانية, بدون سنة.
[1] زياد سليم رمضان, محفوظ أحمد جودة, "إدارة البنوك", دار المسيرة للنشر و التوزيع, الطبعة الثانية, ص 102.
[2] الطاهر لطرش , "تقنيات البنوك", ديوان المطبوعات الجامعية, بن عكنون, الجزائر, ص
[3] الطاهر لطرش, مرجع سبق ذكره, ص 164- 165.
[4] الطاهر لطرش, مرجع سبق ذكره, ص 166.
[5] إبراهيم إسماعيل إبراهيم, "الضمان التجاري في الأوراق التجارية", دراسة قانونية, دار الثقافة للنشر و التوزيع, 1999, ص 21.
[6] الطاهر لطرش, مرجع سبق ذكره, ص 167.
[7] الطاهر لطرش, نفس المرجع أعلاه, ص 168.
[8] إبراهيم إسماعيل إبراهيم, مرجع سبق ذكره, ص 24.
[9] الطاهر لطرش, مرجع سبق ذكره, ص 168.
[10] سمير جميل حسين الفتلاوي, العقود التجارية الجزائرية, ديوان المطبوعات الجامعية, بن عكنون , الجزائر, طبعة 2001, ص 469-497.
[11] سمير جميل حسين الفتلاوي, مرجع سبق ذكره, ص 482 – 492.
[12] الطاهر لطرش, مرجع سبق ذكره, ص 169-170. | <urn:uuid:de9f1bcb-515b-4592-b563-0ff4a7e7d4fd> | CC-MAIN-2014-10 | http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=71424 | 2014-03-11T23:06:58Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394011342618/warc/CC-MAIN-20140305092222-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.987852 | Arab | 210 | {"arb_Arab_score": 0.9878519177436829} |
لمعرفة المزيد عن الخلفية التاريخية لنظام رعاية المعوقين وعن الجهات المشاركة في وضعه وتنفيذه، يرجى الاطلاع على النشرة المسمى نظام رعاية المعوقين في المملكة العربية السعودية في قسم النشرات.
لقد جاء نظام رعاية المعوقين الذي صدر بموجب المرسوم الملكي بالرقم (م/37) والتاريخ 23/9/1421هـ القاضي بالموافقة على قرار مجلس الوزراء بالرقم (224) والتاريخ 14/9/1421هـ الخاص بإقرار النظام تتويجاُ لكافة الجهود الرائدة في مجال رعاية المعوقين وتأهيلهم.
وفيما يلي نص النظام:
المادة الأولى:
تدل الكلمات والعبارات الآتية حيثما وردت في هذا النظام على المعاني المبينة أمامها ما لم يدل السياق على خلاف ذلك:
المعوق: كل شخص مصاب بقصوركلي أو جزئي بشكل مستقر في قدراته الجسمية أو الحسية أو العقلية أو التواصلية أوالتعليمية أو النفسية إلى المدى الذي يقلل من إمكانية تلبية متطلباته العادية فيظروف أمثاله من غير المعوقين.
الإعاقة: هي الإصابة بواحدة أو أكثر من الإعاقات الآتية: الإعاقة البصرية، الإعاقة السمعية، الإعاقة العقلية، الإعاقة الجسمية والحركية، صعوبات التعلم، اضطرابات النطق والكلام، الاضطرابات السلوكية والإنفعالية، الإعاقات المزدوجة والمتعددة، التوحد وغيرها من الإعاقات التي تتطلب رعاية خاصة.
الوقاية: مجموعة الإجراءات الطبية والنفسية والاجتماعية والتربوية والإعلامية والنظامية التي تهدف إلى منع الإصابةبالإعاقة، أو الحد منها، وإكتشافها في وقت مبكر، والتقليل من الآثار المترتبةعليها.
الرعاية: هي خدمات الرعاية الشاملة التي تقدم لكل معوق بحاجة إلى الرعاية بحكم حالته الصحية ودرجة إعاقته، أو بحكم وضعه الإجتماعي.
التأهيل: عملية منسقة لتوظيف الخدمات الطبية والإجتماعية والنفسية والتربوية والمهنية لمساعدة المعوق في تحقيق أقصى درجة ممكنة من الفاعلية الوظيفية، بهدف تمكينه من التوافق مع متطلبات بيئته الطبيعية والاجتماعية، وكذلك تنمية قدراته للإعتماد على نفسه وجعله عضواً منتجاً في المجتمع ما أمكن ذلك.
المجلس الأعلى: المجلس الأعلى لشؤون المعوقين
المادة الثانية:
تكفل الدولة حق المعوق في خدمات الوقاية والرعاية والتأهيل، وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية في مجال الإعاقة، وتقدم هذه الخدمات لهذه الفئة عن طريق الجهات المختصة في المجالات الآتية:
1. المجالات الصحية:
وتشمل:
أ. تقديم الخدمات الوقائية والعلاجية والتأهيلية، بما فيها الإرشاد الوراثي الوقائي، وإجراءالفحوصات والتحليلات المخبرية المختلفة للكشف المبكر عن الأمراض، واتخاذ التحصينات اللآزمة.
ب. تسجيل الأطفال الذين يولدون وهم أكثر عرضة للإصابة بالإعاقة، ومتابعة حالاتهم، وإبلاغ ذلك للجهات المختصة.
ج. العمل من أجل الارتقاءبالرعاية الصحية للمعوقين واتخاذ ما يلزم لتحقيق ذلك.
د. تدريب العاملين الصحيين وكذلك الذين يباشرون الحوادث على كيفية التعامل مع المصابين وإسعافهم عند نقلهم من مكان الحادث.
هـ. تدريب أسر المعوقين على كيفية العناية بهم ورعايتهم.
2. المجالات التعليمية والتربوية:
وتشمل تقديم الخدمات التعليمية والتربوية في جميع المراحل (ما قبل المدرسة، والتعليم العام، والتعليم الفني، والتعليم العالي) بما يتناسب مع قدرات المعوقين واحتياجاتهم، وتسهيل إلتحاقهم بها، مع التقويم المستمر للمناهج والخدمات المقدمة في هذا المجال.
3. المجالات التدريبية والتأهيلية:
وتشمل تقديم الخدمات التدريبية والتأهيلية بما يتفق ونوع الإعاقة ودرجتها ومتطلبات سوق العمل، بما فيذلك توفير مراكز التأهيل المهني والإجتماعي، وتأمين الوسائل التدريبية الملائمة.
4. مجالات العمل:
وتشمل التوظيف في الأعمال التي تناسب قدرات المعوق ومؤهلاته لإعطائه الفرصة للكشف عن قدراته الذاتية، ولتمكينه من الحصول علىدخل كباقي أفراد المجتمع، والسعي لرفع مستوى أدائه أثناء العمل عن طريق التدريب.
5. المجالات الاجتماعية:
وتشمل البرامج التي تسهم في تنمية قدرات المعوق، لتحقيق إندماجه بشكل طبيعي في مختلف نواحي الحياة العامة، ولتقليل الآثارالسلبية للإعاقة.
6. المجالات الثقافية والرياضية:
وتشمل الاستفادة من الأنشطة والمرافق الثقافية والرياضية وتهيئتها، ليتمكن المعوق من المشاركة فيمناشطها داخلياً وخارجياً بما يتناسب مع قدراته.
7. المجالات الإعلامية:
وتشمل قيام وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بالتوعية في المجالات الآتية:
أ. التعريف بالإعاقة وأنواعها وأسبابها وكيفية إكتشافها والوقاية منها .
ب. تعزيز مكان المعوقين في المجتمع، والتعريف بحقوقهم واحتياجاتهم، وقدراتهم، وإسهاماتهم، وبالخدمات المتاحة لهم، وتوعيتهم بواجباتهم تجاه أنفسهم، وبإسهاماتهم في المجتمع.
ج. تخصيص برامج موجهة للمعوقين تكفللهم التعايش مع المجتمع.
د. حث الأفراد والمؤسسات على تقديم الدعم الماديوالمعنوي للمعوقين، وتشجيع العمل التطوعي لخدمتهم.
8. مجالات الخدمات التكميلية:
وتشمل:
أ. تهيئة وسائل المواصلات العامة لتحقيق تنقل المعوقين بأمن وسلامة وبأجور مخفضة للمعوق ومرافقه حسب ظروف الإعاقة.
ب. تقديم الرعاية النهارية والعناية المنزلية.
ج. توفير أجهزة التقنيةالمساعدة.
المادة الثالثة:
يحدد المجلس الأعلى بالتنسيق مع الجهات المختصة الشروط والمواصفات الهندسية والمعمارية الخاصة باحتياجات المعوقين في أماكن التأهيل والتدريب والتعليم والرعاية والعلاج، وفي الأماكن العامة وغيرها من الأماكن التي تستعمل لتحقيق أغراض هذا النظام على أن تقوم كل جهة مختصة بإصدار القرارات التنفيذية اللازمة لذلك.
المادة الرابعة :
يقوم المجلس الأعلى بالتنسيق مع الجهات التعليمية والتدريبية لإعداد الكفايات البشرية الوطنية المتخصصة في مجال الإعاقة وتدريبها داخلياً وخارجياً، وتبادل الخبرات في هذا المجال مع الدول الأخرى والمنظمات والهيئات العربية والدولية ذات العلاقة.
المادة الخامسة:
تمنح الدولة المعوقين قروضاً ميسرة للبدء بأعمال مهنية أو تجارية تتناسب مع قدراتهم سواء بصفة فردية أو بصفة جماعية.
المادة السادسة:
تعفى من الرسوم الجمركية الأدوات والأجهزة الخاصة بالمعوقين التي يتم تحديدها في قائمة يتفق عليها مع وزارة المالية والاقتصاد الوطني.
المادة السابعة :
ينشأ صندوق لرعاية المعوقين يتبع المجلس الأعلى تؤول إليه التبرعات والهبات والوصايا والأوقاف والغرامات المحصلة عن مخالفة التنظيمات الخاصة بخدمات المعوقين.
المادة الثامنة:
ينشأ مجلس أعلى لشؤون المعوقين، يرتبط برئيس مجلس الوزراء ويؤلف على النحو الآتي:
- رئيس يصدر باختياره أمر ملكي، وعضوية كل من:
- وزير العمل والشؤون الاجتماعية.
- وزيرالصحة.
- وزير المعارف.
- وزير المالية والإقتصاد الوطني.
- الرئيس العام لتعليم البنات.
- وزير التعليم العالي.
- وزير الشؤون البلدية والقروية.
- أمين عام المجلس.
- اثنين من المعوقين، وأثنين من رجال الأعمال المهتمين بشؤون المعوقين، وأثنين من المختصين بشؤون الإعاقة يعينون من قبل رئيس مجلس الوزراء بناء على ترشيح رئيس المجلس الأعلى لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد.
ولرئيس المجلس الأعلى أن ينيب عنه أحد الأعضاء في حالة غيابه.
المادة التاسعة:
يختص المجلس الأعلى برسم السياسة العامة في مجال الإعاقة وتنظيم شؤون المعوقين، ولـه على وجه الخصوص ما يأتي:
أ. إصداراللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذ هذا النظام.
ب. اقتراح تعديل النصوص النظامية المتعلقة بشؤون المعوقين في المجالات المختلفة، وإقتراح القواعد الخاصة بما يقدم لهم، أو لمن يتولى رعايتهم من مزايا أو إعانات مالية أو غيرها، واقتراحفرض الغرامات أو تعديلها.
ج. متابعة تنفيذ هذا النظام ولوائحه، ومتابعةتنفيذ ما يتعلق بشؤون المعوقين في الأنظمة واللوائح الأخرى.
د. التنسيق بينمختلف الأجهزة الحكومية والخاصة فيما يخص الخدمات التي تقدم للمعوقين.
هـ. تشجيع البحث العلمي للتعرف على حجم الإعاقة، وأنواعها وأسبابها، ووسائل الوقاية منها، وطرق علاجها والتغلب عليها أو الحد من آثارها السلبية، وكذلك تحديد أكثر المهن ملاءمة لتدريب وتأهيل المعوقين بما يتفق ودرجات إعاقاتهم وأنواعها ومتطلبات سوق العمل.
و. تشجيع المؤسسات والأفراد على إنشاء البرامج الخاصة، والجمعيات والمؤسسات الخيرية لرعاية المعوقين وتأهيلهم.
ز. دراسة التقارير السنوية التي تصدرها الجهات الحكومية المعنية فيما يتعلق بما تم إنجازه في مجالات وقاية المعوقين وتأهيلهم ورعايتهم، واتخاذ اللازم بشأنه.
ح. إصدار لائحة قبول التبرعات والهبات والوصايا والأوقاف.
ط. إصدار قواعد عمل صندوق رعاية المعوقين.
ي. إصدار لائحة داخلية لتنظيم إجراءات العمل في المجلس.
ك. إبداء الرأي في الاتفاقات الدولية المتعلقة بالمعوقين، وفي إنضمام المملكة إلى المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية ذات العلاقة بشؤون رعاية المعوقين.
المادة العاشرة:
يرفع المجلس الأعلى تقريراً سنوياً إلى رئيس مجلس الوزراء عن أعماله، وعن وضع المعوقين والخدمات التي تقدم لهم، وما يواجه ذلك من صعوبات، ودعم الخدمات المقدمة للمعوقين.
المادة الحادية عشرة:
أ. يعقد المجلس الأعلى بناء على دعوة من رئيسه أو من ينيبه جلستين على الأقل في السنة.
ب. ينعقد المجلس الأعلى بحضور أغلبية أعضائه بمن فيهم الرئيس أو من ينيبه، ويتخذ قراراته بأغلبية أصوات الحاضرين، وفي حالة التساوي يرجح الجانب الذي فيه رئيس الجلسة.
المادة الثانية عشرة:
يكون المجلس الأعلى أمانة عامة، ويعين الأمين العام والموظفون اللازمون وفقاً لأنظمة الخدمة المدنية، ويتولى الأمين العام ما يأتي:
أ. إدارة أعمال الأمانة.
ب. أمانة سر المجلس، والتحضير لإجتماعاته، وتسجيل محاضره، وتبليغ قراراته للجهات المعنية.
ج. إعداد اللوائح التنفيذية لهذا النظام.
د. إعداد الدراسات الفنية التي يتطلبها عمل المجلس.
هـ. إعداد مشروعات الأنظمة واللوائح المتعلقة بشؤون المعوقين بالتنسيق مع الجهات المعنية.
و. إعداد مشروع ميزانية المجلس.
ز. تمثيل المجلس لدى الجهات الحكومية والمؤسسات والهيئات الأخرى ذات العلاقة.
ح. تكوين لجان من الخبراء والمختصين لدراسة ما يراه من أمور ذات صلة بشؤون المعوقين.
ط. إعداد التقرير السنوي عن أعمال المجلس.
ي. أي أعمال أخرى يكلفه بها المجلس.
المادة الثالثة عشرة:
للمجلس الأعلى أن يؤلف لجنة تحضيرية من بين أعضائه أو من غيرهم، ويحدد اختصاصاتها وسير العمل بها.
المادة الرابعة عشرة:
يكون للمجلس الأعلى ميزانية تطبق عليها أحكام الميزانية العامة للدولة.
المادة الخامسة عشرة:
تعدل جميع الأنظمة واللوائح والقرارات والتعليمات النافذة المتعلقة بالمعوقين وقت صدور هذا النظام ولوائحه بما يتفق معه خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات من تاريخ نشره .
المادة السادسةعشرة:
ينشر هذا النظام في الجريدة الرسمية ويعمل به بعد مائة وثمانين يوما ًمن تاريخ نشره.
تحميل نظام رعاية المعوقين بالمملكة | <urn:uuid:84c5e9d1-20f0-481e-877c-922e183bb81b> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.pscdr.org.sa/ar/Pages/DisabilityCode.aspx | 2014-03-11T23:07:12Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394011342618/warc/CC-MAIN-20140305092222-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.993948 | Arab | 106 | {"arb_Arab_score": 0.9939479827880859} |
بعد قرابة نصف سنة على تقديم تقرير لجنة تيركل بخصوص سياسة التحقيق بانتهاك قوانين الحرب، تنشر بتسيلم مذكرة موقف بخصوصها. وقضت اللجنة بأنّ إسرائيل تقوم بواجبها التحقيق باشتباهات بانتهاك قوانين الحرب، ولكن "في مجالات معدودة هناك إمكانية لإدخال تعديلات على أجهزة الفحص والتحقيق، ويجب إدخال التغييرات على السياسة المتبعة في بعض المجالات الأخرى". وبرغم المقولة الحذرة، فإنّ توصيات اللجنة تمضي قدمًا وقد يؤدّي تطبيقها إلى تغيير حقيقيّ في جهاز تنفيذ القانون. مع ذلك، ترى بتسيلم أنّ تطبيق التوصيات حول تحسين الجهاز القائم فقط غير كافٍ، وثمة حاجة لتغييرات مَبنوية في كيفية تحقيق الجيش بشبهات بانتهاك القانون الدوليّ الإنسانيّ. | <urn:uuid:d83e96fe-8d55-4267-9fa6-04ce681e5778> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.btselem.org/arabic/publications/summaries/press_releases/node/press_releases/publications/summaries/201009_void_of_responsibility | 2014-03-07T13:01:09Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999642519/warc/CC-MAIN-20140305060722-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.947628 | Arab | 175 | {"arb_Arab_score": 0.9476284980773926, "ary_Arab_score": 0.04939338192343712} |
تبدأ أسعار الإقامة بمحطات التوقف عند الوصول من 45 دولار أمريكي عن الفرد في الليلة لمدة ثلاث ليالي.
وتتوفر هذه العروض للبيع فقط لدى مكتب "فنادق وتأشيرات الزيارة لدبي" والذي يقع في قاعة الوصول قبل نقطة إجراءات الجوازات/الهجرة ولا يمكن حجزها مسبقاً عبر مكتب طيران الإمارات.
قم بإضافة محطة توقف في دبي عند حجز رحلتك على متن طيران الإمارات لتجنب دفع تكاليف إضافية لتغيير مسار الرحلة بعد إنهاء ‘جراءات الحجز. يمكنك إجراء الحجز عبر الموقع emirates.com مستخدماً خيار" الوجهات متعددة" من خلال أداة إجراء الحجز.
وتشمل العروض ما يلي:
- نخبة كبيرة من الفنادق تضم الشقق الفندقية الشخصية وفنادق الخمسة نجوم الفخمة بالإضافة إلى المنشآت الشاطئية.
- خدمة استلام الغرف وتسليمها بالفنادق التي تم اختيارها على مدار الساعة
- الإقامة في الغرف/الشقق الفندقية العادية
- كافة رسوم الضرائب والخدمات
- التنقل بين مطار دبي الدولي والفنادق
- تأشيرة زيارة* لدولة الإمارات العربية المتحدة لمدة 96 ساعة
يرجى ملاحظة التالي:
- أقصى حد للإقامة هو 96 ساعة للمسافرين المطالبين بالحصول على تأشيرات.
- غير شاملة للرسوم الإضافية للتأشيرة و التي تفرضها الحكومة الفدرالية و مصالح الهجرة.
- في حال تغيير الحجز الحالي ليشمل محطة توقف، سيترتب تغطية رسوم إضافية وفقاً لدرجة الحجز والتذكرة. حين الإمكان، يرجى حجز مسار رحلتك ليشمل إقامة في دبي وذلك للحد من أية رسوم إضافية.
وتشمل الخدمات الإختيارية ما يلي:
- استئجار سيارة
- الرحلات
- التنقلات بسيارة خاصة
- تأشيرة زيارة للإمارات العربية المتحدة لمدة 96 ساعة خاضعة لإثبات الإقامة بفندق.
الشروط والأحكام
- يتم اعتماد التأشيرات بناءً على قرار سلطات الهجرة.
- تتوفر محطات التوقف عند الوصول لجميع الركاب على خطوط طيران الإمارات المسافرين إلى ومن دبي.
- بالنسبة للمسافرين المطالبين بالحصول على تأشيرات، يجب أن يكون السفر في اتجاه وجهة أخرى. لن يتم منح التأشيرات الخاصة لمسافري التوقف. من شروط السفر في قطاع واحد على الأقل (في أو خارج دبي) أن يكون على متن خطوط طيران الإمارات أو على متن أية خطوط طيران ترتبط باتفاقية تعاون خاصة مع طيران الإمارات وهذا بالنسبة للمسافرين من نقاط لا تمتد لها خدمات طيران الإمارات.
- يتوفر هذا العرض لجميع ركاب طيران الإمارات ويمكن تضمينه في كل أسعار السفر ولا يقتصر على درجة سفر بعينه.
- تسري الأسعار الإضافية أثناء فترة المعارض/الأحداث في المدينة. | <urn:uuid:55aaac37-3a81-4554-82ff-9ae23f0dda0e> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.emirates.com/om/arabic/plan_book/dubai_stopovers_on_arrival/dubai_stopovers_on_arrival.aspx | 2014-03-07T13:03:19Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999642519/warc/CC-MAIN-20140305060722-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.890483 | Arab | 605 | {"arb_Arab_score": 0.8904829621315002, "ars_Arab_score": 0.07465183734893799, "acm_Arab_score": 0.010242391377687454} |
ضمان الاستزراع السمكي المستدام
المزارعون يستعرضون مشكلات الماضي قبيل المباشرة مجدداً
بيديّه، إندونيسيا- يمضي خبراء المنظمة جاهدين في مناطق تربية الأحياء المائية التي دمّرتها الكارثة البحرية عن آخرها على سواحل سومطره الشرقية، بتدريب أعضاء المنظمات غير الحكومية غير المتخصصين، والمزارعين المحليين على تشكيل مجموعاتٍ للإدارة الذاتية تُعنى باستعادة قطاع الاستزارع السمكي المزدهر سابقاَ إلى سابق عهده.
وفي قرية "قولام" التي لا تغيب عنها الشمس الحارقة إلا ليلاً، على مبعدة 20 كيلومتراً عن بلدة "بيديه"، تجمّع مؤخراً نحو 50 مزارعاً في موقع للصلاة، لكي يستمعوا إلى خبير المنظمة الزراعي هارون بيديار.
يقول خبير المنظمة لجمع المزارعين الغفير:"أننا على علم بمدى ما تعانون هنا... لذا أعددنا لكم 'برنامج النقد مقابل العمل' لإعادة تأهيل برك تربية الأسماك على الفور".
ويضيف بعد أن استحوذ على انتباههم جميعاً: "إلا أن علينا قبل أن نباشر بتأهيل مشروعاتكم على الوجه الأكمل، أن نستعرض جميع المشكلات التي عانيتم منها أيضاً قبل الكارثة، مثلاً مثل الأمراض التي أصابت الأسماك، ومدى سلامة غابات المانغروف حول البرك السمكية، وقوى السوق وغيرها...". ولم يلبث أن أضاف: "لأن جُل اهتمامنا الآن ينبغي أن يكون استعادة نماذج هي على أعلى درجات الاستدامة من برك الأسماك".
ويوضّح أن "المفهوم الأساسي هو العمل المشترك لتشكيل مجموعاتٍ من المزارعين ممن يجمعون مواردهم سوياً لتحقيق الإدارة الذاتية". ثم يطلب من الجميع أن يقترعوا علي هذا الاقتراح قبل اعتماده... ليأتي التصويت النهائي بالإجماع.
وبموجب المشروع فأن كل من المزارعين في المجموعة الجديدة سيتلقّون كميةً من الزريعة السمكية وغيرها من المدخلات، لبدء استزراع بركة واحدة للفرد بمساحة نصف هكتار.
لكن هارون يحذر من توقع المعجزات ويدعو إلى المثابرة على العمل كالسبيل الوحيد المضمون.
يقول: "قد تتوقّعون المباشَرة بالعمل غداً وعلى الفور... لكننا لدينا الكثير من التخطيط للإنجاز بعد، كي يتحقق ذلك".
تربية الأحياء المائية بتايلند
وفي تايلند، تقدِّم المنظمة مساعداتٍ مماثلة في إطار مشروعٍ مشابِه إذ توفّر أقفاص التربية العائمة والزريعة السمكية لمساعدة صيادي الأسماك الذين اكتسحت الكارثة سبل معيشتهم، للبدء بمشروعاتٍ تجارية في منطقة المصبّ الساحلية قرب جبال "ماياننغ كاو".
يقول سليمان تشيتشيفا، البالغ 48 عاماً، والمشمول بلدُن المشروع أن "هذه هي المرة الأولى التي تُرَدّ فيها الشجاعة إلى النفس إن لم يكن كاملة فبما لا يقل عن 70 - 80 فى المائة، بعدما تركتنا الكارثة بلا حولٍ ولا قوة".
وإلى الآن حصل 38 من الصيادين على أقفاص التربية العائمة بما فيهم ثلاث نساء، وبحلول الربيع المقبل سوف يتوسع المشروع قرب جزيرة "فوكيت".
إرسل هذا المقال | <urn:uuid:f1ce0034-d69e-4b44-8744-f8e18aca7aef> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.fao.org/newsroom/ar/focus/2005/1000177/article_1000182ar.html | 2014-03-07T13:17:27Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999642519/warc/CC-MAIN-20140305060722-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.992247 | Arab | 27 | {"arb_Arab_score": 0.9922472834587097} |
الجيش والسياسة والسلطة في الوطن العربي
كمال خلف الطويل*
هناك مزيج من خصائص مميّزة وقواسم جامعة لأدوار المؤسسة العسكرية في كل من الأقطار العربية بما يسوّغ تصنيفها وفق محدّدات ميسّرة للتحليل:
1 ـــــ انقلاب ثم ثورة يوليو، هو نسيج وحده، لكونه حمل مشروعاً قومياً انتشر نداؤه في طول العالم العربي وعرضه، بانتصاراته وإخفاقاته.
نلحظ هنا عاملين متواكبين: الأول هو ذوبان العدد الأكبر من الضباط الأحرار في حياة مدنية أوسع، والثاني هو نتوء دور المؤسسة العسكرية الحامية للنظام واستقلاليتها الذاتية عن النظام السياسي الحاكم، بل وتمددها في السنوات السابقة على هزيمة 1967 إلى مناح عدة من أنشطة المجتمع والدولة المدنية.
2ـــــ جيش التحرير الوطني الجزائري هو أيضاً نسيج وحده، لجهة أنه الوحيد الذي خاض حرب تحرير ضد احتلال أجنبي، ثم وصل إلى السلطة غداة الاستقلال، وأوصل معه زمراً من المناضلين الذين يجوز احتسابهم مدنيين بعد أن استكمل هذا الجيش وضعه الاحترافي عام 1958.
3ـــــ خلاف هذين المثلين أنماط عدة من التداخل العسكري في الشأن السياسي يمكن تبويبها كما يأتي:
أ ـــــ انقلابات ما قبل يوليو: بكر صدقي في العراق، ثم حسني الزعيم وسامي الحناوي وأديب الشيشكلي ـــــ 1 وأديب الشيشكلي ـــــ 2 في سوريا.
ب ـــــ انقلابات مع بعد يوليو: الانقلاب على الشيشكلي في سوريا 1954، وانقلاب 14 تموز في العراق، وانقلاب إبراهيم عبود في السودان 1958، وانقلاب 26 سبتمبر 1962 في اليمن، وانقلاب الانفصال السوري 1961، وانقلاب النحلاوي الثاني مارس ـــــ 1962، وانقلابي 8 شباط و 18 تشرين الثاني 1963 في العراق، وانقلاب بومدين 1965 في الجزائر، وانقلاب 8 آذار 1963 في سوريا، وانقلاب 23 شباط 1966 في سوريا، وانقلاب 17 تموز 1968 في العراق، وانقلاب نوفمبر 1967 في اليمن، وانقلاب «التصحيح» في 13 تشرين الثاني 1970 في سوريا، وانقلاب القذافي في ليبيا 1969، وانقلاب النميري في السودان 1969.
ج ـــــ انقلابات جاءت في سياق دور أجنبي راع:
حسني الزعيم/ الأميركان.. سامي الحناوي/ الإنكليز.. الشيشكلي / الأميركان... الانفصال/ الأميركان وقوى التبعية العربية.
د ـــــ انقلابات تحوم تساؤلات عن تقاطعات لها مع قوى دولية:
• رضىً بريطاني عن الانقلاب على الشيشكلي عام 1954.
• رضى أميركي عن انقلابَي 8 شباط و 17 تموز في العراق، والرضى هنا مدعاته التخادم لا العمالة.... حافز الأول أنّ قاسم أضحى خطراً بعد قانون 80 للنفط وتلويحه بضم الكويت، والوثائق الأميركية تؤكد دوراً للاستخبارات المركزية في الترتيب لتصفيته..... أما الثاني فلأنّ البعث في بغداد على خصومة حادة مع كل من سوريا ـــــ النيو بعث ومع مصر ـــــ عبد الناصر، فيما كان الهم الكبير هو بناء جبهة شرقية تخوض حرب تحرير مقبلة مع إسرائيل.
• والحال في الجزائر أنه كان هناك ارتياح أميركي لإسقاط بن بلّا، ليس حباً ببومدين بالضرورة، بل كرهاً بارتباط بن بلّا الوثيق بعبد الناصر وبزوغه نجماً ساطعاً من نجوم العالم الثالث، وبالأخص في أفريقيا، وهو ما كان مقدّراً له أن يتوطّد لو جرت استضافته لباندونغ الثاني.
هـ ـــــ هناك انقلابات فشلت، ولكن كان لها أثر مهم في الواقع السياسي لبلدانها:
• انقلاب القوميين السوريين في لبنان 1961/ 1962، وما جرى من قمع عنيف لهم ومن تغوّل لدور المكتب الثاني..... جدير التذكير بالتواطؤ الأميركي معه ـــــ حسب أقوال رئيس الحزب عبد الله سعادة في كتابه وثائق قومية ـــــ، فضلاً عن الرعاية الهاشمية.
• انقلاب 18 تموز 1963 في سوريا، وما جرى من اقتتال دموي بين البعثيين والناصريين تحوّل إلى احتراب سياسي خمد أواره بعض الشيء مع «تصحيح» 1970..... وكان أهم ضحاياه ميثاق 17 نيسان للوحدة الثلاثية، وأبرز نتائجه سياسة «المزاودة» السورية على عبد الناصر التي كانت من أهم مقدمات الحرب غير الضرورية عام 1967.
• انقلاب الشواف 1959 في العراق، والذي كان ذروة في الارتجال المأساوي، وسعّر صراعاً بين التيار الشيوعي والتيار العراقوي من جهة والتيار القومي من جهة أخرى تجلّى في مذابح الموصل ـــــ كركوك، وفي تبعيد العراق عن الجمهورية العربية المتحدة، ثم عن مصر بعد الانفصال، لم يهجع إلا في سنوات الأخوين عارف.
• انقلاب الشيوعيين في السودان 1971، والذي كان له فضل إعادة إحياء التناقض القومي ـــــ الشيوعي فيما كانت الأمة العربية أحوج ما تكون إلى علاقات صداقة صحية مع الاتحاد السوفياتي بعد هزيمة 1967.
• انقلاب أوفقير 1971/ 1972 في المغرب، وهو بمكان ما يقع في خانة التناقض الفرنسي ـــــ الأميركي وكان له دور في تعميق نزعة النظام إلى مزيد من الاستبداد والارتباط بواشنطن.
• انقلابا عارف عبد الرزاق 1965/ 1966، اللذان أنهكا الوضع القومي في العراق وأوصلاه إلى حدّ أن الحكم أمسى على قارعة الطريق لمن يبغي تلقّفه.. وهكذا كان.
• انقلاب رفعت الأسد عام 1984، والذي شُمّت فيه رائحة أميركية ـــــ ملكية زكمت الأنوف حينها وأوصلت دمشق إلى حافة الصدام المسلّح بين الحرس البريتوري ـــــ سرايا الدفاع ـــــ والجيش النظامي، لولا لطف الله بعباده.
• انقلاب طاهر الزبيري في الجزائر عام 1967، بما سبّبه من جفاء متزايد بين عبد الناصر وبومدين لاتهام الأخير للأول برعايته.
و ـــــ هناك فرادة شديدة للحالة العراقية بعد انقلاب 1968، إذ رغم بدايته العسكرية في تموز منه، تقلّص دور الجيش شيئاً فشيئاً ليصبح ـــــ رغم تشنّجات حادة عامي 1970 و1973 ـــــ أداة طيّعة في يد حزب مدني حاكم استطاع أن ينزع أنيابه ويخضعه للسلطة السياسية بإتقان مهول، شمل خوضه به حرباً إقليمية لسنوات ثمان ثم حرباً كونية استمرت عسكرياً شهراً ونصف الشهر عام 1991 وسبّبت تمرداً داخلياً واسع النطاق لاقى حتفه على يد هذا الجيش، رغم فداحة الوضع العام حينها.
بيت القصيد أن الحزب الحاكم كان سيد الجيش لا العكس.
هل من قواسم مشتركة لقوس قزح ـــــ الجيوش هذا؟
• تضخّم دور المؤسسة الأمنية المولودة من رحمه هو الظاهرة الأبرز: الاستخبارات العامة في مصر ـــــ صلاح نصر.. الأمن العسكري في الجزائر.... ثم أنواع الأجهزة الأمنية في سوريا والعراق وليبيا واليمن.
• أداؤها أدواراً قمعية شديدة الوطأة في الداخل: سوريا 1980 ـــــ 1982.. العراق 1991.. مصر 1977 و198، الجزائر 1992ـــــ1999.... وصل ذلك إلى حد أن تكون طرفاً في حروب أهلية (النموذج المصري لم يصل إلى هذا الحد) حينها.
• تجييرها أداة في صراعات الأنظمة الحاكمة لدرجة الحروب المسلحة بينها، أو على الأقل حشود التهديد بالحرب: الحرب بين اليمنين 1972 و1979.. الغارات الجوية المصرية على ليبيا 1977.. حرب الرمال بين المغرب والجزائر 1963، ثم الحرب بالواسطة عبر البوليساريو منذ 1976 إلى الآن... الاشتباكات بين السعودية واليمن الجنوبي 1969.. الدخول العراقي إلى الكويت 1990... الدخول السوري إلى لبنان 1976.. الإسناد المصري العسكري للجزائر في حربها مع المغرب 1963... الاشتباكات بين البحرين وقطر 1986... الحشود السورية العراقية 1976... الحشود السورية الأردنية 1980... الحشود المصرية السودانية 1992 و 1995.
• استعمالها في نماذج أربعة متشابهة للجم تهديدات إثنية داخلية : العراق/ الأكراد... متقطّع لثمانين عاماً... السودان/ الزنج... متقطّع لخمسين عاماً... الجزائر/ القبائل 1963... وموريتانيا/ الزنج 1981.. السودان/ دارفور 2003 لتاريخه.
• تمدّد دور المؤسسة العسكرية، بالتحديد بعد 1970 ثم بالأخص بعد حرب أكتوبر ، لتضحى شرائح واسعة منها بورجوازية طفيلية نسجت وشائج تحالف مع البورجوازية المدنية ـــــ البيروقراطية منها أو التقليدية القديمة ـــــ ، وانزياح شلال هادر من الفساد في أوساطها حوّلها إلى طبقة أوليغاركية متسلّطة بعدت عن المناقبية والحرفية مسافات ضوئية وأصبحت أداة نهب واستبداد معاً.
أسهم بفعالية في إذكاء هذا الجو الموبوء عصر البترودولار بما حمله في طياته من عنصر إفساد منظّم للنخب العربية، ومنها العسكرية.
• ارتسام صورة المؤسسة العسكرية قطب رحى مناظر للتيار الإسلامي المتنامي في بلدانها، كأن الخيار قد حسم ليكون بين العمامات والبزات، ما يغلق الأفق السياسي في هذه المجتمعات أمام قواها الحية ويجعلها أسيرة هذه الثنائية الاستقطابية.
• ابتعادها كلها بعد حرب أكتوبر، وبالأخص بعد حرب 1982 في لبنان، عن أي دور فاعل أو مساند في الصراع العربي الإسرائيلي، عكس ما كانت الحال قبل أكتوبر ، ولذلك طبعاًً مسبّبات عديدة تخرج في كثير منها عن رغبة المؤسسة العسكرية... من عدمها.
• أداؤها لأدوار سياسية مرئية وصامتة في آن خلف واجهة النظام الحاكم، أيّاً كان شكله.. مصر واحتساب المؤسسة العسكرية أنها الصانع الوحيد للرئيس... الجزائر وهي تعيّن وتزيل وتنتخب الرئيس ثم في كل الأحوال تحكم به... المغرب وتنامي دور المؤسسة العسكرية ـــــ الأمنية منذ مرض الحسن، وفي الأخص بعد وفاته... سوريا والدور الحالي للمؤسسة الأمنية ـــــ العسكرية فيها ولو اتخذ ستاراً حزبياً له، وكذلك الحال في اليمن وليبيا... السودان وحكمه العسكري متشاركاً مع الإسلاميين ثم متخلياً عن أهم شخوصهم لاحقاً.
• أخيراً وليس آخراً تحوّل المؤسسة العسكرية، وخصوصاً بعد عام 1970، من حامية للأوطان ـــــ أو محاولة ـــــ إلى حامية للأنظمة في المقام الأول .
ولعل من أهم الظواهر في مسألة العسكر هي توقف الانقلابات حتى إشعار آخر منذ نهاية عام 1970 ـــــ باستثناء انقلاب البشير السوداني عام 1989 وكان تعبيراً عن تحالف العسكر والإسلاميين ـــــ وما يعنيه ذلك من مناعة الأنظمة وبنائها على جرثومتها بفعل تراكب: جيش مواز (الحرس الجمهوري وأقرانه) فوقها... تضخّم دور أجهزة الأمن العسكري وفداحته .. ومركّب مزيج من الامتيازات والإفساد.
* كاتب عربي
عدد السبت ٢٥ نيسان ٢٠٠٩
الاخبار / اللبنانية
.. | <urn:uuid:cb1e44ff-ed00-4cbf-b121-5e16c92c7c0d> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.al-a7rar.net/index.php?topic=195.0 | 2014-03-09T14:12:45Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999679121/warc/CC-MAIN-20140305060759-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.941494 | Arab | 31 | {"arb_Arab_score": 0.9414939880371094, "arz_Arab_score": 0.028485126793384552, "ary_Arab_score": 0.023467201739549637} |
(صوتك في عالم أسكتت فيه الصهيونية والحديد والنار صوت العدالة)
أفلام هوليودية ذات موقف إيجابي من العرب والمسلمين
د. إبراهيم علوش
ليس كل ما يلمع ذهباً، ولكن كذلك ليس كل ما لا يلمع صدأً... فإذا كان النمط العام لأفلام هوليود هو تحقير العرب والمسلمين، ومحاباة اليهود والصهيونية و"إسرائيل"، جزئياً بسبب السيطرة اليهودية المكثفة في هوليود، وجزئياً بسبب الموقف السياسي للنخبة الحاكمة في الولايات المتحدة، وارتباط شركات إنتاج وإخراج الأفلام الهوليودية مالياً وسياسياً وإدارياً باليهود ورأس المال الاحتكاري الأمريكي، فإن الحق يقال بأن بعض الأفلام الهوليودية المشهورة التي تناولت العرب والمسلمين قدمتهم بشكل إيجابي نوعاً ما. وهذه الأفلام على قلتها، بل بالضبط بسبب قلتها، تشكل خروجاً عن القاعدة. وتمثل بالنسبة للعرب الأمريكيين نسمةً معنوية منعشة وبعضاً من رد الاعتبار للذات، وهم يخرجون مزهوين غير محرجين من قاعات العرض...
وبغض النظر عن السبب، وقد يكون السبب إخراجياً محضاً ببساطة، حيث أن مخرجي أفلام هوليود تتفتق مخيلتهم دوماً عن الحبكات الغريبة، وتصوير العرب إيجابياً – عندما تكون القاعدة هي تشويههم - له نفس تأثير الصدمة النفسية على المشاهد التي تحدثها أية حبكة غريبة أخرى، فربما نحن نقرأ بين سطور تلك الأفلام التي تتناولنا إيجابياً أكثر مما ينبغي... حيث يقصد المخرج فقط أن يكون مدهشاً بأية طريقشؤة فحسب.
لكن بمقدار ما باتت هوليود اليوم أضخم وأهم وأنجع وسيلة عولمية لتعبئة الشباب سياسياً وأيديولوجياً – تماماً وهم يظنون أنهم يروحون عن أنفسهم بمشاهدة فيلم سينمائي – فإن فيلماً يدهش المشاهد بنا يبقى أفضل مليون مرة من فيلم يدهش المشاهد على حسابنا.
ونظل نأمل، بالرغم من ذلك، أن لا يخلو الأمر من صحوة ضمير عابرة هنا، أو من موقف إيجابي فعلاً لدى هذا المخرج أو ذاك المنتج... ناهيك طبعاً عن الصراع ما بين الجمهوريين والديموقراطيين في الولايات المتحدة الذي يتطلب أحياناً نقد هذا الجانب أو ذاك من السياسة الأمريكية، أو حاجة العولمة لتخطي حدود السياسة والجغرافيا والثقافة لاستيعاب كل شعوب الأرض، ولو كانوا عرباً أو مسلمين!
على كل حال، إليكم حفنة من أفلام هوليود التي أدهشت كاتب هذه السطور بتناولها الإيجابي نوعاً ما للعرب والمسلمين:
فيلم روبن هود: أمير اللصوص Robin Hood: Prince of Thieves، الذي عرض لأول مرة في 14/ 6/ 1991، من بطولة الممثل المعروف كفين كوستنر Kevin Costner، وجزئياً من إنتاجه. وتدور أحداث الفيلم حول عودة روبن من غزوات الفرنجة في الديار المقدسة إلى موطنه في بريطانيا ليواجه الظلم ويقيم العدل مع صديقه العربي المسلم "عظيم" الذي يلعب دوره الممثل الأفريقي-الأمريكي المعروف مورغن فريمن Morgan Freeman. وكان روبن (كفين كوستنر) قد أنقذ حياة عظيم (مورغن فريمن) في الشرق فأقسم عظيم أن يرافقه إلى موطنه ليرد له الجميل بدوره. وتبرز من خلال شخصية عظيم في الفيلم صفات نبل الأخلاق والبلاغة والشجاعة والتقدم الحضاري بمقاييس ذلك الزمان، مثلاً من خلال استخدام "عظيم" للمنظار المكبر مما يدهش البريطانيين. ويربط ذلك كله بهوية عظيم العربية الإسلامية، ومما لا شك فيه أن إعطاء شخصية عربية إسلامية مثل هذا الدور المحوري، والإيجابي، في قصة صراع ريكاردوس قلب الأسد على السلطة في بريطانيا أبان غزوات الفرنجة، التي تأتي قصة روبن هود على خلفيتها، حتى لو جاء ذلك على أرضية فكرة "التنوع والاختلاط الحضاري" التي تروج لها العولمة، تمثل نهجاً مغايراً لتهميش العرب والمسلمين في هوليود في بلادهم نفسها، فما بالك في بريطانيا القرون الوسطى!! فهل كان ذلك الفيلم جائزةً تعويضية مثلاً، أو جزءاً من جائزةٍ تعويضية، على العدوان الثلاثيني على العراق قبلها ببضعة أشهر؟!
2) فيلم "المحارب الثالث عشر" The Thirteenth Warrior الذي عرض لأول مرة في 27/8/1999، من بطولة الممثل المعروف أنطونيو بنديراس Antonio Banderas. وهو فيلم أكشن بالأساس يلعب فيه بنديراس دور أحمد ابن فضلان المعين سفيراً في بلاد شمال أوروبا المتخلفة حضارياً آنذاك مقارنة بالعراق التي أبعد الشاعر العربي أحمد ابن فضلان من بلاطها العباسي عام 922 ميلادي بعد علاقة غرامية مع المرأة الخطأ. وخلال كل الفيلم، الذي يلعب فيه أحمد (انطونيو بنديراس) الدور الرئيسي، تبرز فروق حضارية حقيقية بين شرق عربي مسلم متقدم وشمال أوروبي متخلف. ويتم التركيز بشكل خاص على عدم اهتمام الأوروبيين بالنظافة الشخصية وفظاظتهم وقرابينهم البشرية للآلهة وأميتهم، مقابل ذكاء بنديراس وفروسيته وبديهته، حيث يتعلم لغة الفايكنغ (من شعب شمال أوروبا) الذين يرافقهم من خلال السماع فقط، وفي نهاية الفيلم، يطلب منه ملوك تلك الأرض أن يدون قصتهم كي لا تضيع في ثنايا الزمن، مما يمثل اعترافاً به وما يمثله كمرجعية ثقافية عالمية فعلياً، بصفته عربياً ومسلماً مثقفاً.
ولا بد من الإشارة إلى أن ميزة فيلم المحارب الثالث عشر، وفيلم روبن هود أمير اللصوص، هي أنهما لا يقدمان شخصية العربي أو المسلم بصورة إيجابية من خلال حشره في قالب العميل الأمريكي (الجيد!) كما في فيلم "الحصار" (1998) الذي يلعب فيه الأمريكي العربي الأصل طوني شلهوب دور عميل مخابرات أمريكي "يحارب الإرهاب"، أو قالب العربي أو المسلم الذي يساعد الأمريكان بمحاربة "المد الشيوعي" كما في ثلاثية أفلام رامبو Rambo من بطولة سيلفستر ستالوني خلال الثمانينات، الذي تدور أحداث أحد أجزائه الثلاثة في أفغانستان، بل تنبع أهمية التصوير الإيجابي للعرب في أفلام مثل المحارب الثالث عشر بناءً على شروطها الخاصة، واستقلاليتها، وتميزها، لا من خلال تلميعها بحشرها في النموذج الغربي، وأنها تقدم النموذج الإيجابي العربي أو الإسلامي ضمن سياق موضوعة تاريخية غربية أو على أرض غربية، مما يزيد من تميزها، وليس ضمن سياق موضوعة تاريخية عربية أو على أرض عربية.
3) فيلم "قبلة تصبح على خير الطويلة" The Long Kiss Goodnight من بطولة الممثلة المشهورة جينا دايفس Geena Davis، وقد عرض لأول مرة في 11/10/1996، وهو فيلم أكشن بوليسي، تلعب فيه جينا دايفيس دور عميلة سرية للمخابرات تفقد ذاكرتها لتكتشف أنها في خضم مؤامرة لإسقاط الحكومة عن طريق تفجير ضخم تتورط فيه إحدى الأجهزة الأمنية. ولا توجد شخصية عربية أو مسلمة في هذا الفيلم، ولكن المهم فيه هو الحبكة، حيث ينسب التفجير الإرهابي للمسلمين وهم منه براء، وتوضع جثة عربي في قلب التفجير. وتقول دايفيس عندما تكشف المؤامرة قبل حدوثها: "أخرجوا جثة هذا العربي المسكين من هنا!". ويدور الحوار التالي بين الممثلين: ميتش صديق دايفيس: "أتعني أنك سوف تزيف عملاً إرهابياً فقط من أجل ابتزاز بعض المال من الكونغرس؟"، ويرد ضابط المخابرات المتورط بالإرهاب: "للأسف، لا أعرف كيف أزيف قتل أربع آلاف شخص، ولذلك فإن علينا أن ننفذ الأمر بالفعل، ومن ثم نلقي باللوم على المسلمين طبعاً، وبعدها أحصل على التمويل من الكونغرس!".
ولننتبه أن هذا الفيلم عرض عام 1996 ، وأهميته أنه يبرأ العرب والمسلمين من تهمة الإرهاب في حبكته، ولكن ضمن سياق الصراع بين الجمهوريين والديموقراطيين على صلاحيات الأجهزة الأمنية وحجم الموازنة العسكرية وقوانين الطوارئ ولا بد من ذكر هذا قبل أن يتسرع أحدهم لاعتبار الفيلم اعترافاً مسبقاً مثلاً بتدبير أحداث 11 سبتمبر!! | <urn:uuid:f4f865a1-9455-4f18-8f68-12a1e9d0ed41> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.freearabvoice.org/arabi/maqalat/AflamHollwodyehThatMawkefEjaby.htm | 2014-03-09T14:12:05Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1393999679121/warc/CC-MAIN-20140305060759-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.808724 | Arab | 5 | {"arb_Arab_score": 0.8087239861488342, "ary_Arab_score": 0.10228074342012405, "ars_Arab_score": 0.039769891649484634, "arz_Arab_score": 0.03735048696398735} |
تكليف هيئة تطوير الرياض بمراجعة المخطط الشامل لتصريف مياه السيول
رأس صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ، اليوم اجتماع الهيئة , بحضور صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض نائب رئيس الهيئة .
وأوضح سموه أن الاجتماع اطلع على الإجراءات التي وضعتها الجهات المعنية في مدينة الرياض للحد من الأضرار التي حدثت في عدد من أحياء وطرق المدينة من جراء الأمطار التي هطلت على مدينة الرياض بمعدلات عالية خلال فترة وجيزة في الأسبوع الماضي.
وأشار إلى أنه تم توجيه كافة الجهات المعنية بسرعة معالجة أوضاع المواقع الحرجة التي تم تحديدها في المدينة ويبلغ عددها 20 موقعاً تتوزع في أنحاء مختلفة من المدينة، على أن توضع الحلول اللازمة ويتم تنفيذها مع الالتزام بالجدول الزمني للتنفيذ.
كما تم تكليف الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بمراجعة المخطط الشامل لتصريف مياه السيول، بحيث يشمل ذلك تقييم وضع القنوات القائمة حالياً وطاقتها الاستيعابية ومدى كفاءتها لاستيعاب كامل حوض التصريف المُحدد لها، ومراجعة المعايير الفنية المتبعة في التصميم ومراجعة التصاميم الخاصة بالقنوات الرئيسة والشبكات الداخلية لتصريف السيول الجاري تنفيذها والمطروحة للتنفيذ والمصممة للتنفيذ في المستقبل.
وبين سمو الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز , أن أمانة منطقة الرياض، ستقوم باستكمال تنفيذ مشاريع السيول اللاّزمة لتغطية المناطق الحضرية المطورة ومعالجة كافة القضايا التي تعانيها هذه المناطق , مبيناً أن مشاريع صرف مياه الأمطار والسيول الجاري تنفيذها حالياً في عدد من أحياء المدينة، تبلغ 31 مشروعاً، وتشمل مشاريع لدرء أخطار السيول، وتنفيذ قنوات رئيسية لتصريف السيول، وإنشاء سدود صخرية وعبّارات على عدد من الأودية، إضافة إلى مشاريع مرحلية ضمن مشروع التأهيل البيئي لوادي السلي، وسيتم الانتهاء من تنفيذها بمشيئة الله على مراحل حتى عام 1438هـ. كما ستتضمن المراحل القادمة مزيداً من المشاريع والتي سيتم التنسيق بشأنها مع وزارة المالية لتسريع إدراج المبالغ المتبقية المعتمدة سابقاً لمشاريع السيول بمدينة الرياض وذلك في ميزانيات الأعوام القادمة لأمانة منطقة الرياض.
وقال سمو رئيس الهيئة : تم التأكيد على احترام الأودية والشعاب في أعمال تخطيط وتقسيم الأراضي في مدينة الرياض، وسيتم حصر كافة المخططات المعتمدة غير المطورة والواقعة على مجاري السيول والأودية ووضع الحلول التخطيطية اللازمة , مبيناً سموه أنه سيتم إيقاف أعمال ردم الأودية والشعاب القائمة وأنشطة نقل التربة ومنعها بتاتاً في كافة الأودية والشعاب التي تقع ضمن حوضي وادي حنيفة ووادي السلي من أجل حماية هذه الأودية والشعاب وضمان قيامها بوظيفتها الأساسية في تصريف مياه الأمطار والسيول. | <urn:uuid:de6cb68f-38b7-47a6-a2ee-ab52202184fb> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.aleqt.com/2013/11/27/article_803296.html | 2014-03-10T12:58:08Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394010803689/warc/CC-MAIN-20140305091323-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.984589 | Arab | 41 | {"arb_Arab_score": 0.9845889806747437} |
[align=center] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رزقك مكفول!!
عبدالمحسن الموسى
إن الذي يقرأ القرآن الكريم ويتمعن كلام الله يجد أن الله ـ بكرمه وإحسانه ـ قد تكفل برزق المتزوجين وأولادهم..
كيف؟! هما آيتان في كتاب الله متشابهتان ومختلفتان..
الآية الأولى في سورة الأنعام {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} والآية الثانية في سورة الإسراء {وَلاَ
تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم}..
قال المفسرون: الآية الأولى خص الله بها الذين يمتنعون عن إنجاب الذرية لأنهم هم أنفسهم فقراء {مِّنْ إمْلاَقٍ}
فنهاهم الله أن يقتلوا أولادهم باتخاذ موانع الإنجاب بسبب إملاقهم أي فقرهم، فقال الله {نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}
فقدمهم قبل أولادهم في الرزق لأنهم فقراء!
أما الآية الثانية فإنهم ليسوا فقراء، ولكنهم يخشون الفقر أن يحل بهم لو أنجبوا الذرية {خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}، فوعدهم الله أن
يتكفل برزق أولادهم الذين يخافون الفقر بسببهم، فقال {نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم}!!
تأمل أيها الشاب هذه الآية الكريمة التي وعد الله ـ لا يخلف الله وعده ـ أن يغني الفقير إذا تزوج، يقول الله الكريم المنان
{وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}. يقول
الشيخ الشنقيطي في "أضواء البيان" في تفسير هذه الآية "فيه وعد من الله للمتزوج الفقير من الأحرار والعبيد بأن
الله يغنيه والله لا يخلف الميعاد وقد وعد الله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقراء باليسر بعد ذلك العسر
وأنجز لهم ذلك".
ونبينا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه يقول وهو الصادق المصدوق "ثلاثة حق على الله تعالى عونهم: المجاهد في
سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف" ويقول "حق على الله عون من نكح التماس العفاف عما
حرم الله".
ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه " عجبت لمن لا يطلب الغناء بالباءة!!".
فأقْدم أيها الشاب المبارك على الزواج، ولا تخش الفقر، والله قد وعدك بأن يتكفل برزقك، ومن أصدق من الله قيلا؟!
وأنت أيتها الفتاة الطيبة.. لا تترددي في القبول بشاب قليل المال، فسيغنيه الله بسببك، وعصفور في اليد خير من
عشرة فوق الشجرة!! [/align] | <urn:uuid:ce14bfc5-8a0a-4ef8-8eb8-099315506403> | CC-MAIN-2014-10 | http://forum.hawahome.com/t81995.html | 2014-03-11T11:45:32Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394011184056/warc/CC-MAIN-20140305091944-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.83061 | Arab | 32 | {"arb_Arab_score": 0.8306098580360413, "ars_Arab_score": 0.05263810604810715, "ary_Arab_score": 0.0473589263856411, "aeb_Arab_score": 0.03913048282265663, "arz_Arab_score": 0.02770230732858181} |
مركز الأخبار- أكد طلال محمد عضو المجلس التشريعي المؤقت وعضو هيئة اعداد مشروع الادارة الذاتية الديمقراطية وسكرتير حزب السلام الديمقراطي الكردي في سوريا بأن بعض وسائل الاعلام العربية تحرف تصريحات صالح مسلم الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي بهدف تشويه وعرقلة تنفيذ مشروع الادارة الذاتية الديمقراطية.
جاء ذلك خلال تصريح أصدره طلال محمد ووصل وكالة ANHA نسخة منه وجاء فيه "بعد تكليفنا من قبل هيئة متابعة انجاز مشروع الادارة من اجل التحضير لثلاثة وثائق خاصة بالإدارة وهي "وثيقة العقد الاجتماعي - القانون الانتخابي - شكل مشروع الادارة" وبعد عدة اجتماعات ومداولات قمنا بإنهاء جزء من المهام المكلفة".
وأضاف محمد "واجهنا العديد صعوبات في التحضير لهذه الوثائق وخاصة وثيقة العقد الاجتماعي, وفي آخر اجتماع لنا تم الاقرار بتسليم ديوان رئاسة هيئة متابعة تنفيذ المشروع عدة مقترحات من اجل طرحها على الهيئة لإمكانية التصديق عليها وهي:
- أن تقوم كل مقاطعة من المقاطعات الثلاث "الجزيرة, كوباني, عفرين" بتشكيل إداراتها الذاتية بشكل مستقل دون تشكيل إدارة مشتركة للمقاطعات الثلاث.
- دمج المجلسين /المجلس العام التأسيسي/ وهيئة متابعة انجاز مشروع الإدارة تحت مسمى "المجلس التشريعي المؤقت".
- اعتبار اللجنة المصغرة المنبثقة من هيئة انجاز المشروع "هيئة أعداد مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية".
- تسمية الإدارات في المقاطعات الثلاث بـ الإدارة الذاتية الديمقراطية لمقاطعة الجزيرة, الإدارة الذاتية الديمقراطية لمقاطعة كوباني, الإدارة الذاتية الديمقراطية لمقاطعة عفرين".
وتابع محمد "تم التصديق على المقترحات المقدمة في الاجتماع الذي عقد أمس في صالة السيران في مدينة قامشلو, بحضور غالبية أعضاء المجلس".
وأشار محمد إلى أن "ما تم تصريحه في بعض وسائل الاعلام العربية وما تم نشره في جريدة الشرق الاوسط تحت عنوان "حزب الاتحاد الديمقراطي يسعى لإعلان إقليم كردي مستقل في إطار سوريا فيدرالية", وكذلك ما تم التصريح به وعلى لسان السيد صالح مسلم الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي، لا يتوافق مع ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الاخير للمجلس التشريعي العام وبعيد كل البعد عن ماهية مشروع الادارة الذاتية الديمقراطية الذي نعمل عليه، حيث لم نسمع وبشكل مباشر مثل هذه التصريحات من قبل السيد صالح مسلم ولا من ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي ضمن المجلس التشريعي المؤقت".
وأكد محمد بانه "تم تحريف تصريحات مسلم لتشويه وعرقلة تنفيذ المشروع من حيث الشكل الذي تم تداوله على الاعلام".
واستطرد طلال محمد قائلاً "بخصوص ما يتم تداوله على الفضائيات العربية والكردية بأن حزب الاتحاد الديمقراطي هو صاحب المشروع, نؤكد انه بالفعل تم طرح مسودة المشروع من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي في اوائل تموز 2013 ومن ثم تبنى المشروع المجلسين الكرديين في غرب كردستان "المجلس الوطني الكردي ومجلس شعب غربي كردستان".
واختتم طلال محمد حديثه بالقول "باركنا هذه الخطوة في تصريحات سابقة وبعد التطورات الحاصلة لم يبقى شيء اسمه مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي أو مشروع المجلسين وانما هو مشروع لجميع مكونات غرب كردستان ومن بين القوى السياسية المشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي, بعض احزب المجلس الوطني الكردي, احزاب كردية اخرى خارج اطار المجلسين واحزاب وقوى سياسية من المكون السرياني والعربي"، وباعتقادنا بعد التصديق على مقترحاتنا الآنفة ذكرها سوف تقوم عدة قوى سياسية اخرى ومن مختلف المكونات بالانضمام لهذا المشروع".
firatnews | <urn:uuid:71f250ad-083f-4583-99fd-198f2f845849> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.sotkurdistan.net/index.php?option=com_k2&view=itemlist&task=user&id=64%3A%D8%B5%D9%88%D8%AA%D9%83%D9%88%D8%B1%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86&Itemid=264&limitstart=3000 | 2014-03-11T11:44:55Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394011184056/warc/CC-MAIN-20140305091944-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.984752 | Arab | 2 | {"arb_Arab_score": 0.9847524166107178} |
تقرير إخباري
احتفت باليوم الخليجي .. صحة جازان:
رفع كشوفات كوادر التمريض لصرف بدل التميز
حسين محه (جازان)
طمأن مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة جازان الدكتور حمد بن محمد الأكشم كافة الكوادر التمريضية بالمنطقة والمستحقة لبدل التميز برفع أسمائهم للجهات المختصة لصرف البدل، فيما هنأها على حصولها على المركز الأول من بين مناطق المملكة في تطبيق معايير الجودة المعتمدة، مشيدا بجهود الإدارة للرقي بالخدمات التمريضية بالمستشفيات والقطاعات الصحية، كما أشاد بالرعاية التمريضية التي يقدمها الممرضون والممرضات للمرضى، مشددا على أهمية السعي الدائم والمستمر للارتقاء بأداء التمريض والكفاءات التمريضية علميا وعمليا، وأهمية دور التمريض في تقديم الرعاية الصحية للمرضى باعتباره العمود الفقري للمنشأة الصحية.
جاء ذلك خلال احتفاء المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة جازان ممثلة بإدارة التمريض بالمنطقة أمس بفعاليات يوم التمريض الخليجي الذي يقام هذا العام بعنوان (التمريض .. عناية شاملة ومستمرة) بحضور نائب مدير صحة عسير الدكتور عبدالله الجاسر ومدير إدارة ضمان الجودة بصحة عسير الدكتور حسين غانم ومدير إدارة التمريض بصحة جازان أحمد نمازي، إلى جانب عدد من مسؤولي صحة جازان وذلك بقاعة الاحتفالات الكبرى بالمدينة السكنية في مستشفى الملك فهد المركزي بجازان.
وافتتح الأكشم في بداية الفعاليات المعرض المصاحب، حيث تجول برفقة الحضور على أقسامه التي ضمت مشاركات للعديد من مستشفيات ومراكز الرعاية الأولية بالمنطقة. واستعرض مدير إدارة التمريض بالمنطقة أحمد النمازي في كلمة ألقاها خلال الحفل أهمية التمريض في مختلف المستشفيات والقطاعات الصحية بالمنطقة ومدى كفاءة التمريض الخليجي من خلال تعاملهم مع المستفيدين من الخدمة التمريضية.
وفي ختام الحفل سلم الدكتور الأكشم الدروع التذكارية للإدارات والأقسام واللجان المشاركة في الفعاليات، والشهادات التقديرية للممرضين والممرضات المتميزين والمتميزات على مستوى المنطقة، كما كرم المتوفين والمتقاعدين من منسوبي مهنة التمريض.
توزيع 306 منح لذوي الظروف الخاصة
افتخار باحفين (جازان)
وزعت أمانة جازان أمس 306 منح لذوي الظروف الخاصة، وذلك بعد سحب القرعة عن طريق الحاسب الآلي بمقر استراحة الأمانة بالمرجان، فيما شهد المقر تواجدا كثيفا من قبل المواطنين والمواطنات، حيث تم تخصيص قسم للرجال وآخر للنساء وتم سحب القرعة بعد أن تم تقديم عرض مرئي توضحي لعملية الاقتراع وطريقة سحبها.
وبين الناطق الإعلامي لأمانة منطقة جازان طارق رفاعي، أن أمين منطقة جازان المهندس عبدالله بن محمد القرني دعا 306 مواطنين ومواطنات من ذوي الاحتياجات الخاصة والأرامل المستفيدين لسحب القرعة العلنية للمنح المحددة حسب بيان الأسماء والأيام المحددة للسحب، فيما طلبت الأمانة إحضار صورة من البطاقة الشخصية أو الوكالة الشرعية مع الأصل للمطابقة، وأضاف «تمت عملية الاقتراع وفق آلية تنظيمية منعت التدافع والزحام». | <urn:uuid:71fedbfe-abbd-46c1-b705-2599b9bafb80> | CC-MAIN-2014-10 | http://www.okaz.com.sa/new/mobile/20130414/Con20130414590262.htm | 2014-03-10T04:25:34Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394010628283/warc/CC-MAIN-20140305091028-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.907299 | Arab | 29 | {"arb_Arab_score": 0.9072989225387573, "ary_Arab_score": 0.06501530110836029, "ars_Arab_score": 0.01337724830955267} |
العصب السابع، وهو عصب مختلط يحتوي على جذرين أحدهما حركي (يؤلف القسم الأعظم) والآخر حسي. ويطلق عليه اسم العصب الوجهي كونه يتولى مهمة إعطاء الأوامر الى العضلات التي تشرف على تعابير الوجه المختلفة مثل الابتسام والبكاء والضحك. كما ان للعصب دوراً في تغذية الغدد اللعابية والدمعية وعضلة عظم الركابة في الأذن الوسطى، وهو مسؤول أيضاً عن حاسة التذوق في مقدمة اللسان. ويسلك العصب السابع طريقاً شائكة ومعقدة قبل ان يصل الى الأجزاء التي يغذيها حركياً وحسياً وربما يكون هذا هو السبب الذي يجعل العصب أكثر عرضة للإصابة.
وتؤدي إصابة العصب السابع الى شلل الوجه النصفي أو «شلل بيل» نسبة الى أول من قام بوصفها الطبيب الأسكتلندي تشارلز بيل في القرن التاسع عشر وتحديداً في العام 1821، وفي هذا الشلل لا يستطيع المريض التحكم بعضلات الوجه في الناحية المصابة، وتنتج عن صعوبة التحكم هذه سلسلة من العوارض منها:
أ-الألم خلف الأذن أو أمام الأذن، وقد يظهر قبل حدوث الشلل الوجهي بيوم الى يومين.
ب-ميلان الفم الى أحد الجانبين، وهذا يظهر جلياً عند محاولة المريض الضحك أو الابتسام.
ج-وكثيراً ما يثير الفزع في نفس المريض خوفاً من استمراره أو من تعرضه لجلطة أو ورم في الدماغ، ويسبب تشوه الوجه أزمة نفسية رهيبة لصاحبه كثيراً ما تدفعه الى الانطواء على نفسه بعيداً عن أعين الآخرين.
د-عدم القدرة على العبوس، أي تجعيد الجبهة.
س-عدم إمكانية النفخ أو التصفير.
ص -انصباب الماء أو السوائل من إحدى زوايا الفم عند الشرب أو المضمضة.
ع-صعوبة غلق العين.
ق-صعوبات في المضغ مع تجمع الأكل بين الخد واللثة عند تناول الطعام.
ك-ذرف الدمع من العين في الجهة المصابة من الوجه، وهذا ما يسبب جفافاً في العين لعدم القدرة على رف الجفن من أجل فرد الدمع لترطيب العين.
ل-تنميل حول الشفتين في النصف المصاب من الوجه.
م-اضطراب أو تشوش أو حتى فقدان الشعور بالطعم في نصف اللسان.
ن-مشاكل في الصوت وصعوبة في الكلام.
و-الصداع.
ي-فرط الحساسية تجاه الأصوات.
ما هي أسباب شلل العصب الوجهي؟
منذ اكتشاف المرض وحتى الآن ما زالت أسباب المرض غير معروفة بدقة ولكن هناك شبهات تحوم حول مجموعة من العوامل التي قد تلعب دوراً في حدوثه:
1- العوامل الوراثية، وهذه لها دورها في 4 الى 14 في المئة من الإصابات.
2- العوامل الفيروسية مثل الحصبة والنكاف والعقبل البسيط.
3- التقلبات الجوية والتعرض المفاجئ للتيارات الهوائية الباردة.
4- الحوادث الرضية والعمليات الجراحية.
5- الحوادث الدماغية الوعائية.
6- الأورام الدماغية والقحفية.
7- الداء السكري، فالمصابون به يتعرضون لشلل العصب أربع مرات أكثر من غيرهم. 8- الأشهر الأخيرة من الحمل، فالحوامل أكثر تعرضاً لشلل بيل بثلاث مرات.
يعتمد تشخيص شلل العصب الوجهي على العلامات والعوارض التي يأتي المريض بها، وقد يستعين الطبيب بالتصوير الطبقي من أجل التأكد من التشخيص، وقد يساعد الرسم الكهربائي للعضلات في تقويم الحالة المرضية وتوقع تطورها.
ما هو العلاج المناسب لشلل العصب الوجهي؟
قبل الدخول في صلب العلاج اللازم لا بد من اتخاذ عدد من التدابير الوقائية المهمة وهي:
- ضرورة استعمال الدموع الإصطناعية للحفاظ على قرنية العين لمنع تعرضها للجفاف وبالتالي للتقرح الخطير.
- حماية العين من الأشعة الشمسية ومن الأنوار المبهرة باستعمال النظارات أو حتى بتغطية العين برقعة من القماش أو بضمادة طبية إذا لزم الأمر.
- مضغ المسكة باستمرار لتنشيط عضلات الوجه وأعصابه.
نأتي الآن الى العلاج وهذا يرتكز أولاً على تناول أدوية تحتوي على الكورتيزون مثل «البريدنيزون» بالجرعة المناسبة ( من 60 الى 80 ملغ) ومن ثم إنقاص الجرعة تدريجاً خلال الخمسة أيام الأخرى. وهناك سيناريو علاجي آخر تمخض عن دراسة حديثة أجريت على عدد من المصابين تم فيها إعطاؤهم الكورتيزون مدعوماً بجرعات من عقار «اسيكلوفير» في الأيام الثلاثة الأولى من المرض وذلك لمدة 10 أيام، فكانت النتائج أفضل مما عليه الحال عند إعطاء الكوتيزون وحده، لكن النتائج التي تمخضت عنها هذه الدراسة ما زالت محل أخذ ورد.
والى جانب العلاج الدوائي هناك العلاج الفيزيائي الذي لا يخلو من الفائدة في تسريع الشفاء، ويعتمد على إجراء جلسات لتدليك عضلات الوجه، وقد يتم الاستعانة بالتنبيه الكهربائي أو بالأشعة تحت الحمراء أو بالموجات القصيرة من اجل تنشيط العضلات والأعصاب.
يبقى بعض الحقائق حول شلل العصب الوجهي:
أولاً: الشلل العصب قد يظهر في أشكال عدة: الشكل البسيط وهو الأكثر شيوعاً ويشفى سريعاً، والمتوسط وفيه تتدهور حال العصب خلال أسبوعين ويحدث الشفاء في شهرين. أما الشكل الشديد فلا يشفى العصب فيه وتنتج عنه بعض المضاعفات مثل انهمار الدمع عند الأكل، ورفرفة العين عند الابتسام، والتشنجات العضلية في الوجه. ثانياً: صحيح ان مظاهر المرض تحدث في شكل مفاجئ، ولكن لحسن الحظ فان غالبية المرضى يتماثلون الى الشفاء في غضون أسابيع الى أشهر قليلة، والأطفال يشفون منه تماماً.
ثالثاً: يحدث المرض في نسبة أعلى قليلاً عند اليابانيين مقارنة بغيرهم من الشعوب.
رابعاً: المرض يضرب كل الأعمار ولكنه أكثر شيوعاً في الفئة العمرية من 10 الى 30 سنة ولدى أولئك الذين قطعوا عتبة السبعين من العمر.
خامساً: هناك حالات من شلل العصب الوجهي حصلت اثر التلقيح ضد الإنفلونزا من طريق الأنف.
سادساً: بعض الأمراض يترافق مع شلل في العصب الوجهي مثل داء لايم وداء الساركوئيد وأورام العصب السمعي، أورام العظم الصدغي، مرض التصلب اللويحي المتعدد، الإيدز، التهاب السحايا السلي، داء السفلس العصبي، متلازمة ميلكيرسون-روزنتال، متلازمة غيلان-باري، متلازمة سجوغرين، الداء النشواتي وغيرها.
ثامناً: يجب الحذر من الوقوع في مطب علاجات تزيد الأمر سوءاً مثل الحجامة واستعمال بعض الأعشاب وغيرها.
تاسعاً: ما زال بعض المناطق في البلدان العربية يربط «شلل بيل» مع الجن وأفعاله الأمر الذي يدفع المرضى الى التوجه صوب مشعوذين فيقعون في مطب علاجات خاطئة. | <urn:uuid:bc4d28c3-4f71-4c69-a7e6-0ba600d8bdb2> | CC-MAIN-2014-10 | http://kenanaonline.com/users/ashrafhakal/posts/91641 | 2014-03-12T01:57:03Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-10/segments/1394020986799/warc/CC-MAIN-20140305120306-00033-ip-10-183-142-35.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.928946 | Arab | 36 | {"arb_Arab_score": 0.9289460182189941, "ary_Arab_score": 0.031540535390377045, "ars_Arab_score": 0.026885010302066803} |
الجمعة, 02 ديسمبر, 2011
كشف تريفور ايكارت وهو باحث شاب، وجود برنامج في معظم الهواتف الجوالة مثل بلاك بيري وإتش تي سي ونوكيا يتجسس على كل نقرة زر وكل حرف أو رقم يتم الضغط عليه ويرسله لشركة استخبارات أمريكية تعمل لصالح شركات تصنيع الجوال وشركات الاتصالات.
نقلت مجلة ويرد تفاصيل كشفها على يوتيوب باحث مختص في أمن تقنية المعلومات ويعرض فيها وجود برنامج أشبه بفيروس خفي يعمل دون معرفة صاحب الهاتف، وحتى عند إعادة وضع الهاتف لحاله الأولية كما ورد من المصنع ، فإن البرنامج يواصل عمله التجسسي ويظهر نشاط باسم SMSNotify ويجري تسجيل موقع الهاتف وكل ما يقوم به صاحبه على الإنترنت أو المكالمات ورسائل ، ويرسل النصوص التي يتلقاها أو يرسلها، ويرسل كل ذلك لشركة كارير أي كيو Carrier IQ.
يشير موقع الشركة أنها تقدم خدمات استخبارات للاتصالات اللاسلكية لصالح شركات الاتصالات ومصنعي الهواتف الجوالة لتحليل أساليب استخدام الجوال وعيوب محتملة في الخدمات.
هددت الشركة ذلك الشاب الذي استعان بمنظمة حماية الخصوصية EFF للرد على تهديدات الشركة بمقاضاته بعد أن نشر الفيديو على يوتيوب
فكان أن دعمته بمشورة قانونية أظهرت أنه محق في كشفه لاختراق البرنامج لخصوصيته وكيف يعترض ما يطبعه في الهاتف حتى قبل أن يظهر الكلام على الشاشة. يواصل البرنامج عمله حتى في حال عدم وجود إشارة خليوية ويمكنه التجسس لدى الاتصال بشبكات واي فاي ليرسل للشركة ما يسجله.
أضف هذا الخبر إلى موقعك:
إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك | <urn:uuid:70e72cf6-7c99-4843-b856-0383ecd344f9> | CC-MAIN-2014-15 | http://technology.akhbarway.com/news.asp?c=2&id=121308 | 2014-04-17T16:12:12Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-15/segments/1397609530136.5/warc/CC-MAIN-20140416005210-00382-ip-10-147-4-33.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.947772 | Arab | 99 | {"arb_Arab_score": 0.9477715492248535, "ary_Arab_score": 0.024765631183981895, "ars_Arab_score": 0.011052234098315239} |
السؤال
الإجابات
1 من 6
فرائض الوضوء
ليعلم أن للوضوء أركانا و سننا و مكروهات سنذكرها ثم نذكر كيفية الوضوء جامعين بين الأركان و السنن إن شاء الله تعالى.
أما أركان الوضوء فستة:
الأول: النية و تكون بالقلب عند غسل الوجه فينوي رفع الحدث الأصغر، أو التطهر للصلاة أو نحو ذلك، ولا تكفي النية قبل غسل الوجه إذا لم ينو عنده، ويكفي عند الإمام مالك أن تتقدم على غسل الوجه بقليل، على أن مسح الرأس كله ركن عنده و كذلك الدلك و الموالاة.
الثاني: غسل الوجه جميعه بشرا و شعرا، فيدخل فيه جميع الشعر الذي في حد الوجه ومن ذلك الغمم و العذار و الهدب و الحاجب و الشارب إلا باطن لحية الرجل الكثة، و حد الوجه ما بين شعر الرأس عادة و عظم الذقن طولا و ما بين الأذنين عرضا.
الثالث: غسل اليدين من رءوس الأصابع إلى المرفقين، و يجب إدخال المرفقين في الغسل.
الرابع: مسح بعض الرأس بشرا أو شعرا بشرط ان يكون البعض الممسوح من الشعر لا يخرج إذا مدّ إلى جهة نزوله عن حدِّ الرأس.
الخامس: غسل الرجلين إلى الكعبين، و يجب غسل الكعبين.
السادس: ترتيب الأركان على ما ذكرناه.
سنن الوضوء
واما سننه فهي كثيرة منها:
التسمية، و غسل الكفين قبل إدخالهما الإناء، و الاستياك، و المضمضة، و الاستنشاق، و الاستنثار، و الغرة، و التحجيل، و مسح جميع الرأس ، و مسح الأذنين ظاهرهما و باطنهما، وتخليل أصابع اليدين و الرجلين، و تخليل اللحية الكثة، وتقديم اليمنى على اليسرى, و الطهارة ثلاثا ثلاثا، و الدلك، والموالاة، و تقليل الماء، فقد كان النبي صلى الله عليه و سلم كثيرا ما يتوضأ بمدّ و يغتسل بصاع من الماء، و الصاع أربعة أمداد، و المد ملء الكفين المعتدلتين.
فمن توضا مقتصرا على الأركان و لم يأت بالسنن صح وضوؤه، لكن يكون فوّت على نفسه خيرا. و يستحب استدامة النية من أول الطهارة إلى ءاخرها، و يسمي الله تعالى و يغسل كفيه ثلاثا، ثم يتمضمض و يستنشق ثلاثا يجمع بينهما غرفات و يبالغ فيهما إلا أن يكون صائما، ثم يغسل وجهه ثلاثا مع إطالة الغرة، و هو أن يزيد على القدر الواجب في غسل الوجه من جميع جوانبه، ثم يغسل يديه ثلاثا محجلا، ثم يمسح رأسه ثلاثا فيضع إبهاميه على صدغيه و يلصق سبابتيه ببعضهما عند مقدم الرأس ثم يذهب بهما إلى قفاه ثم يردهما إلى المكان الدي بدأ منه و يفعل ذلك ثلاثا، ثم يمسح أذنيه ظاهرهما و باطنهما بماء جديد ثلاثا فيضع سبابتيه في صماخيه ثم يديرهما على المعاطف ثم يمسح بإبهاميه ظاهرهما و يلصق يديه مبلولتين بهما، ثم يغسل رجليه ثلاثا محجلا، و يقول إذا فرغ من الوضوء: أشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده و رسوله، اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين، سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا انت، أستغفرك و اتوب إليك.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: من توضأ كما أمر و صلى كما أمر غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه رواه ابن حبان
فصل في نواقض الوضوء
1 - ما خرج من السبيلين: أي القبل أو الدبر، سواء كان معتادا كالبول و الغائط و الريح، أو غير معتاد كالحصى و الدود و المذي و الودي ، إلا المني فإنه لا ينقض الوضوء بخروجه لكن يوجب الغسل.
2 - لمس الرجل الأنثى الأجنبية التي تشتهى بلا حائل: فإذا لمس رجل انثى أجنبية تشتهى بالنسبة لأهل الطباع السليمة انتقض وضوؤه. و الأجنبية هي غير المحرم، و المحرم من حرم نكاحها على التأبيد إما بنسب كالأم أو الأخت أو بالمصاهرة كأم الزوجة أو بالرضاع كالأخت من الرضاع. و مس الأجنبية سوى الزوجة حرام. و لا فرق في المرأة بين الشابة و العجوز التي لا تشتهى، اما الصغيرة التي لا تشتهى بالنسبة لأهل الطباع السليمة فلا ينقض لمسها الوضوء. والناقض لمس الأجنبية فلا ينقض لمس السن أو الظفر أو الشعر و إن كان ذلك حراما، وكذلك لا ينقض الوضوء لمسها بحائل. و لا يقال لغير البالغة إمرأة أما الأنثى تقال للبالغة و غير البالغة.
3 - زوال العقل لا نوم قاعد ممكن مقعدته: فمن زال عقله بجنون أو صرع أو سكر أو نوم انتقض وضوؤه، إلا من كان نائما ممكنا مقعدته أي مع إلزاق المقعدة بالأرض بحيث لا يبقى تجاف بينه و بين الأرض، أما النعاس فلا ينقض الوضوء، و هو حالة يسمع فيها الشخص كلام من حوله لكن لا يفهمه.
4 - مس قبل الآدمي أو حلقة دبره ببطن الكف بلا حائل: سواء كان من كبير أو صغير ذكرا كان أو غيره، من نفسه أو غيره، قال صلى الله عليه و سلم: ( من مس ذكره فليتوضأ) رواه الترمذي و البيهقي.
ولا ينقض مس الألية، و لا مس دبر أو قبل غير الآدمي.
والناقض هو اللمس بباطن الكف بلا حائل فلا ينقض اللمس بظاهر الكف أو بحائل، و باطن الكف هو ما يلتقي عند وضع إحدى الكفين على الأخرى مع شيء من التحامل و مع التفريق بين الأصابع.
فائدة: لا ينقض ريح القبل الوضوء.
ويحرم بانتقاض الوضوء الصلاة والطواف بالكعبة و مس المصحف و حمله
5/2/2011
تم النشر بواسطة sosorajawia.
2 من 6
1. غسل الوجه مع المضمضة والاستنشاق
2. غسل اليدين مع المرفقين
3. مسح الرأس مع الأذنين
4. غسل الرجلين مع الكعبين
5. الترتيب
6. الموالاة
5/2/2011
تم النشر بواسطة عاشق hulk hogan.
3 من 6
أركان الوضوء المتفق عليها أربعة: غسل الوجه واليدين والرجلين مرة واحدة، والمسح بالرأس مرة واحدة، وأما التثليث فهو سنة،
=========================
اختلف الفقهاء في أركان الوضوء . فذهب الحنفيّة إلى أنّها أربعة أركانٍ ، غسل الوجه ، وغسل اليدين ، ومسح ربع الرّأس وغسل الرّجلين . وزاد الشّافعيّة عليها النّيّة والتّرتيب ، وزاد الحنابلة الموالاة ، إلاّ أنّهم اعتبروا النّيّة شرطًا لا ركنًا . وزاد المالكيّة الدّلك .
5/2/2011
تم النشر بواسطة haizof.
4 من 6
أركانه ستة ؛ وهي غسل الوجه، وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح جميع الرأس ومنه الأذنان، وغسل الرجلين إلى الكعبين، والترتيب، والموالاة، ودليل غسل الأعضاء قول الله -تعالى- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ والغسل بالماء هو الاغتراف منه، ثم صبه على العضو، ودلك العضو باليد، فلا بد فيه من إمرار اليد على المغسول بعد صب الماء عليه.
5/2/2011
تم النشر بواسطة ali66.
5 من 6
اركان الوضوء هي :
1. التسميه
2. غسل الوجه ومنه المضمضه والاستنشاق
3. غسل اليدين مع المرفقين
4. مسح الرأس كله ومنه الاذنين
5. غسل الرجلين إلى الكعبين
6. الترتيب والمولاة بين الأعضاء المذكورة
واذا كنت تريد موضوع شامل عن اركان الوضوء وسننه تفضل http://islamnaaaelhabibisla.mam9.com/t421-topic
^^
5/2/2011
تم النشر بواسطة x u (استغفر الله).
6 من 6
أركان الوضوء على مذاهب أهل السنة المعتبرة ..
قال الشيخ عبد الله الهرري حفظه الله تعالى في مختصره الكافل بعلم الدين الضروري على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ما نصه : " ومن شروط الصلاة الوضوء وفروضه أربعة :
الأول : غسل الوجه جميعِه من مَبدَإ سَطح الجَبهة إلى أسفل الذقن طولاً وما بين شحمتي الأذنين عرضًا شَعرًا وبَشَرًا لا باطن لحية الرَّجل وعارضيه إذا كثفا .
الثاني : غسل اليدين مع المرفقين وما عليهما .
الثالث : مسحُ رُبع الرأس .
الرابع : غَسلُ الرّجلَين مع الكعبين ، أو مسحُ الخفّ إذا كملت شروطه " . اهـ
------------------------
قال الشيخ عبد الله الهرري حفظه الله تعالى في مختصره الكافل بعلم الدين الضروري على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه ما نصه : " فرائض الوضوء سبعة :
الأول : نية الطهارة للصلاة ، أو غيرُها من النيات المجزئة عند غسل الوجه ، وكذا تُجزىء لو تقدّمت على غسله بقليل ، ورُوي عن مالك عدم وجوبها .
الثاني : غسل الوجه جميعه من منابت شعر الرأس المعتاد إلى منتهى الذقن ومن الأذُن إلى الأذن شعرًا وبشرًا لا باطن لحية الرجل وعارضيه إذا كَثُفا .
الثالث : غسل اليدين مع المرفقين على المشهور ، وقيل لا يجب غسل المرفقين . ويجب على المشهور تخليل أصابع اليدين في الوضوء ، وقيل باستحبابه .
الرابع : مسح الرأس جميعه على الرجل والمرأة على المشهور ويمسحان ما طال من شعرهما ، وأجاز بعضهم مسح الثلثين فقط .
الخامس : غسل الرجلين اتفاقًا مع الكعبين أو مسح الخُفّ إذا كَمَلَت شروطه . وهو جائز للرجال والنساء في السفر والحَضر من غير توقيت بمدة معينة لا يقطعه إلا الخَلْع ، أو حدوث ما يوجب الغُسل .
السادس : الدّلك وفيه ثلاثة أقوال : المشهور الوجوب ، والقول الثاني نفي الوجوب ، والقول الثالث أنه واجب لا لنفسه بل لتحقق إيصال الماء ، ولا يجوز التوكيل على الدّلك إلا مع العجز عنه .
السابع : الفَور ، ويُعَبَّرُ عنه بالموالاة ( أي مع الذّكر والقدرة ) ، وقيل سنة " . اهـ
------------------------
قال الشيخ عبد الله الهرري حفظه الله تعالى في مختصره الكافل بعلم الدين الضروري على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه ما نصه : " ومن شروط الصلاة الوضوء وفروضه ستة :
الأول : نية الطهارة للصلاة ، أو غيرها من النيات المجزئة عند غسل الوجه أي مقترنة عند الشافعي ، وتكفي النية إن تقدّمت على غسل الوجه بقليل عند مالك .
الثاني : غسل الوجه جميعه من منابت شعر رأسه إلى الذقن ومن الأذُن إلى الأذن شعرًا وبشرًا لا باطن لحية الرجل وعارضيه إذا كَثُفا .
الثالث : غسل اليدين مع المرفقين وما عليهما .
الرابع : مسح الرأس أو بعضه ولو شعرة في حدّه .
الخامس : غسل الرجلين مع الكعبين أو مسح الخفّ إذا كملت شروطه .
السادس : الترتيب هكذا .
----------------------------
هذا هو مذهب الأئمة الأربعة من أهل السنة والجماعة ، فقوله تعالى: " وأرجلكم " فقد قرأ نافع وابن عامر والكسائي " وأرجلكم " بالنصب ، وروى الوليد بن مسلم عن نافع أنه قرأ " وأرجلكم " بالرفع وهي قراءة الحسن والأعمش سليمان ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة " وأرجلكم " بالخفض وبحسب هذه القراءات اختلف الصحابة والتابعون ، فمن قرأ بالنصب جعل العام " اغسلوا " وبنى على أن الفرض في الرجلين الغسل دون المسح ، وهذا مذهب الجمهور والكافة من العلماء ، وهو الثابت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال ابن العربي : اتفقت العلماء على وجوب غسلهما . ولم يقل بخلاف هذا سوى الطبري من فقهاء المسلمين، والرافضة من غيرهم ، وتعلق الطبري بقراءة الخفض . كما جاء في تفسير الإمام القرطبي رحمه الله تعالى ..
والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم ..
5/2/2011
تم النشر بواسطة محمد بوزكورة (محمد بوزكورة).
قد يهمك أيضًا
عرض إجابات Google في::
Mobile
كلاسيكي | <urn:uuid:2dc81406-841e-48cc-b601-65c8555e0398> | CC-MAIN-2014-15 | http://ejabat.google.com/ejabat/b-thread?tid=40e88e2439f2558e | 2014-04-21T12:32:12Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-15/segments/1397609539776.45/warc/CC-MAIN-20140416005219-00478-ip-10-147-4-33.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.775491 | Arab | 4 | {"arb_Arab_score": 0.7754913568496704, "arz_Arab_score": 0.10175022482872009, "ary_Arab_score": 0.06354784965515137, "ars_Arab_score": 0.04071969538927078, "aeb_Arab_score": 0.01008270401507616} |
ثوار العشائر يعلنون السيطرة على شمال الرمادى
أعلن مسلحون من أبناء العشائر فى مدينة الرمادى مركز محافظة الأنبار عن سيطرتهم على شمال المدينة، اليوم السبت، بعد اشتباكات دارت بينهم وبين الجيش العراقى الذى حاول دخول منطقتى “الجزيرة” و”الشامية” فيها.
وقال محمد خميس أحد منظمى تظاهرات الرمادى فى تصريح لوكالة الأناضول للأنباء، “إن عشائر الأنبار انتفضت بعد أن بلغ السيل الزبى ولن نسكت بعد اليوم وأهلنا فى بغداد يذبحون بدم بارد”.
وشهدت مناطق شمال المدينة مثل “البوريشه” و”البوعلى” و”البوذياب و”البوعساف” التى تسمى باسم العشائر التى تقطنها انتشار مسلحين من أبنائها، بحسب مسلحين لمراسل الأناضول.
وقال أحد المسلحين من أبناء العشائر لمراسل الأناضول “إن كل عشيرة تقوم بحماية منطقتها ولن نسمح بعد اليوم بعودة الجيش إلى المناطق التى سيطرنا عليها”، مشيراً إلى أن “صبر عشائر الأنبار قد نفد بعد مضى خمسة شهور على ظلم رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى وأتباعه من قوات الصحوة الجديدة والشرطة الاتحادية وقوات الجيش الذين اعتدوا على المتظاهرين وعلى أهلنا وأعراضنا فى السجون”، على حد وصفه.
ومضى المسلح بالقول إنه “لن يتم الرد على مجازر المالكى وأتباعه التى فعلوها ليلة أمس فى أهل السنة فى بغداد وفى جامع ساريا ببعقوبة وفى الفلوجة إلا حمل السلاح”، على حد وصفه، محملاً شيوخ العشائر مسؤولية “الرد على الدماء التى أريقت يوم أمس وقبلها فى الحويجة”.
وكان 43 شخصا على الأقل قتلوا يوم أمس فى انفجارين وقعا أمام مسجد للسنة فى مدينة بعقوبة، شرق بغداد، بعد أن فرغ المصلون من أداء صلاة الجمعة.
ولم يتسن الحصول على تعقيب فورى من السلطات العراقية حول تلك التصريحات.
وشهدت محافظة الأنبار اليوم أعمال عنف متفرقة تضمنت مقتل شاب وإصابة أربعة آخرين بجراح إثر انفجار عبوة ناسفة داخل نادٍ رياضى فى مدينة الرمادى، كما قتل أحد الفلاحين وجرحت امرأة إثر إطلاق النار عليهم من قبل الجيش العراقى أثناء اشتباكه مع مسلحين من أبناء العشائر فى منطقة الجزيرة والشامية فى الرمادى.
وفى مدينة هيت غرب الرمادى، قام مسلحون باختطاف عنصرين من الجيش العراقى واقتادتهم إلى جهة مجهولة. فى حين قامت مجموعة مسلحة باختطاف خمسة من أفراد الشرطة المحلية كانوا متجهين إلى مكان عملهم فى حماية الطريق الدولى بالقرب من قضاء الرطبة 200 كم غرب الرمادى.
كما شهدت منطقة غرب الرمادى اشتباكات بين أفراد الجيش وعناصر مسلحة ولم يعرف حجم الخسائر بين الطرفين فى المنطقة التى تشهد قدوم تعزيزات عسكرية من قبل الجيش العراقى.
كما شهدت منطقة غرب الرمادى اختطاف مجموعة مسلحة لـ 65 عاملاً من العاملين فى الدفاع المدنى والإسعاف ودائرة الكهرباء.
فى الوقت الذى اختطفت مجموعة مسلحة عائلة مسافرة إلى سوريا على الطريق الدولى بالقرب من قضاء الرطبة وأفرجت عن النساء والأطفال بينما احتفظت برجلين من أفراد العائلة بالإضافة إلى اختطاف عائلة كان أفرادها عائدين من الأردن، بحسب مسئولون لمراسل الأناضول.
والأنبار ضمن عدة محافظات تشهد منذ 23 ديسمبر الماضى، مظاهرات حاشدة تطالب بإلغاء المادة الرابعة من قانون الإرهاب، بجانب مطالب أخرى من بينها: إسقاط حكومة نورى المالكى، والتوقف عن ملاحقة سياسيين سنة، وإطلاق سراح معتقلين ومعتقلات فى السجون دون محاكمات، وإجراء إصلاحات فى الجيش والأمن وتوفير الخدمات.
وتفاقمت الاضطرابات التى اكتست ثوب الطائفية يوم 23 أبريل الماضى، حين اقتحمت قوات من الجيش العراقى ساحة اعتصام قضاء الحويجة جنوب غربى محافظة كركوك؛ بدعوى وجود مسلحين داخل الساحة، مما أسفر عن سقوط 50 قتيلا و110 جرحى بين المعتصمين، وهو ما فجّر غضبا واسعا تطور إلى اشتباكات بين مسلحين وقوات الأمن فى عدة محافظات؛ مما أدى إلى مقتل عشرات آخرين؛ وأثار مخاوف متجددة من نشوب حرب طائفية فى العراق.
1,167 total views, no views today | <urn:uuid:589a77e7-6720-4f08-a400-8010cfa30f3c> | CC-MAIN-2014-15 | http://revofallujah.org/?p=2683 | 2014-04-24T08:53:50Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-15/segments/1398223206118.10/warc/CC-MAIN-20140423032006-00510-ip-10-147-4-33.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.87733 | Arab | 11 | {"arb_Arab_score": 0.8773297071456909, "arz_Arab_score": 0.07375014573335648, "ary_Arab_score": 0.034362971782684326} |
بغداد/نينا/ افتتحت محافظة بغداد مشروع ماء الحميدية ، بكلفة اجمالية تقدر بــ مليار و350 مليون دينار.
ونقل بيان للمحافظة عن النائب الفني للمحافظ كامل السعدي :" ان الطاقة الانتاجية للمشروع تبلغ 200 متر مكعب في الساعة وسيخدم اكثر من 75 % من المنطقة بالماء الصالح للشرب ".
واضاف :" ان المشروع يتكون من اجزاء مجمعة من مناشئ عالمية رصينة ، اضافة الى شبكة ضخ تصل اطوالها الى اكثر من 43 كيلو متر ".
واوضح :" ان المشروع انجز خلال مدة قياسية لم تتجاوز 12 شهرا " ، لافتا الى :" ان المشروع سيخدم مالايقل عن 10 الاف نسمة في هذه المنطقة التي كانت تعاني من مشكلة شحة المياه بشكل كبير " .
واوضح السعدي انه:" سيتم خلال المرحلة المقبلة تنفيذ مجمع ماء جديد لغرض تقديم الخدمة الى مناطق اطراف الحميدية بعد مايتم اقراره ضمن الخطة المقبلة ".
واشار الى انه :" تم التاكيد خلال دراسة الموازنة على تقديم الخدمات الى المناطق الاكثر حرمانا ، وخصوصا منطقة المعامل التي نفذ بها مجمع ماء الامل الذي يعد من المجمعات الكبيرة والعملاقة وتبلغ طاقته 1000 متر مكعب بالساعة وكذلك مجمعان اخران بطاقة 400 متر مكعب بالساعة سيخدمان منطقتي السعادة والكرامة ./انتهى8 | <urn:uuid:957cd23f-7a88-4bb4-9309-00ca2c107e33> | CC-MAIN-2014-15 | http://www.ninanews.com/Arabic/News_Details.asp?ar95_VQ=FLMEED | 2014-04-24T10:26:13Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-15/segments/1398223206118.10/warc/CC-MAIN-20140423032006-00510-ip-10-147-4-33.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.960943 | Arab | 4 | {"arb_Arab_score": 0.960943341255188, "ars_Arab_score": 0.015991585329174995, "arz_Arab_score": 0.01491093635559082} |
منشار يدوي
في سياق المشغولات الخشبية والنجارة، تُستخدم المناشير اليدوية، المعروفة أيضًا بـ"مناشير اللوحات"، أو "المناشير السمكية"، في تقطيع قطع الخشب لأحجام مختلفة. وعادةً ما يتم هذا من أجل وصل القطع ببعضها وصنع جسمٍ خشبي. ويعمل عادةً من خلال سلسلة من النقاط الحادة تصنع من مادة أقوى من الخشب الذي يتم قطعه. والمنشار اليدوي يشبه منشار اللسان إلى حدٍ ما، ولكنه بحافةٍ واحدة مسطحة وحادة.
والمناشير اليدوية متواجدة منذ آلاف السنين. توجد كتابات هيروغليفية مصرية تُصور النجارين القدماء وهم ينشرون الألواح لقطع. وتم العثور على المناشير القوسية في اليابان. وأنماط القطع على الألواح القديمة قد يُلاحَظ عليها علامات باقية من أثار تقطيع فريدة. باستخدام شفرة المناشير، وخاصةً إذا كان الخشب غير "مصقول" بطريقةٍ ما. أما بالنسبة لحفظ المناشير اليدوية، فيوجد 24 منشارًا باقيين من إنجلترا في القرن الثامن عشر.[1] ، وقد اختلفت مواد شفرات المنشار على مر العصور. ففي الغالب كانت المناشير تصنع من البرونز حتى أصبحت تكنولوجيا صناعة الصلب معروفة على نطاقٍ واسع في غضون السنوات الألف الماضية أو نحو ذلك.
وأحيانًا طورت الحضارات نوعين رئيسيين من أسنان المنشار: أسنان منشار الـ"شق العرضي"، وأسنان منشار "الشق". ووصف أحدهم هيكل الشجرة بأنه مثل مئات الآلاف من القشات مجمعة معًا. وبأخذ هذا في الحسبان يستطيع الإنسان أن يتصور الآلية المختلفة اللازمة لفصل القشات طوليًا بدلاً من قطع القشات عرضيًا. وبالتالي، فلـمنشار الشق العرضي أسنان منشار، والتي هى غالبًا بـمِبرد حديدي، تكون عادةً مُشَكلة على هيئة سلسلة من الحواف الحادة على شكل السكاكين.وتُقَطَع الخلايا الخشبية (القشات) عندما تحتك بالحافة القاطعة للسِنة. وعلى الجانب الآخر، يكون منشار الشق عادةً على شكل سلسة من الحواف الصغيرة المشابهة للإزميل. وعندما تحتك خلايا الخشب (نهايات القشات) بالإزميل "تتمزق" من الخلايا الأخرى. يمكن بالطبع استخدام أي منشار في كلتا الحالتين، حتى أن تاج فريد (Tage Frid) قال إنه يعتقد أن مناشير القطع أفضل للقطع العرضي.
كما تأثر تطور المناشير بعدة عوامل. كان أولها أهمية الخشب للمجتمع، وأيضًا تطور الصلب وتقنيات صنع المناشير الأخرى، ونوع الطاقة المتوفرة. وهذه العوامل بدورها، تأثرت بالبيئة، مثل: أنواع الفلزات المتوفرة، وأنواع الأشجار القريبة، وأنواع الخشب في تلك الأشجار. وأخيرًا، كان لنوع العمل الذي توجب على تلك المناشير تأديته دورًا هامًا في تطور هذه التكنولوجيا.
ويمكن أيضًا أن تعتبر المناشير "قاطعة بالسحب" أو "قاطعة بالدفع". ويقال إن المناشير في مصر القديمة كانت قاطعة بالسحب. أما مناشير أوروبا الحديثة (وهؤلاء المتواجدون في الحضارات المشتقة من أوروبا مثل الولايات المتحدة) فتكون عادةً مناشير "قاطعة بالدفع". والمناشير اليابانية عادةَ ما تكون قاطعة بالسحب، ومازالت تستخدم حتى اليوم. وللعديد من العاملين في صناعة الأخشاب نظريات مختلفة حول مزايا وعيوب القطع بالسحب مقارنةً بالقطع بالدفع، فالخبراء أنفسهم يختلفون حول هذه الأمور التي تتضمن: دقة القطع، والطاقة المتاحة للقطع، وقوة الخط، ودقته الشق (الشق في الخشب الذي يُصنَع أثناء القطع)، وما إلى ذلك.[بحاجة لمصدر]
انظر أيضًا[عدل]
المراجع[عدل]
...
وصلات خارجية[عدل]
- كيف تشحذ نصل المنشار مقالة حول كيفية سن المشاراليدويبنفسك | <urn:uuid:4d8dc67b-0874-42cc-9075-9485d917efc3> | CC-MAIN-2014-15 | http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%86%D8%B4%D8%A7%D8%B1_%D9%8A%D8%AF%D9%88%D9%8A | 2014-04-17T04:36:41Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-15/segments/1397609526252.40/warc/CC-MAIN-20140416005206-00038-ip-10-147-4-33.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.814393 | Arab | 86 | {"arb_Arab_score": 0.8143927454948425, "ary_Arab_score": 0.11678129434585571, "arz_Arab_score": 0.03199554234743118, "ars_Arab_score": 0.025035757571458817} |
بكتيريا المعدة
تعتبر أمراض الجهاز الهضمي من الأمراض الشائعة لمعظم دول العالم وبخاصة في دولة الكويت.
وتعتبر أمراض المعدة والاثنى عشر من أشهر هذه الأمراض وكانت في معظم أول الأمر ترتبط بعادات الأكل السيئة والضغط العصبي بسبب تسارع وتيرة الحياة ولكن الأبحاث الحديثة أثبتت وجود جرثومة تصيب الجدار المخاطي للمعدة والاثني عشر وتعتبر هي السبب الرئيسي للالتهابات والقرحة المعدية وقرحة الاثني عشر كما أنها من مسببات سرطان المعدة.
ما هي جرثومة المعدة؟
هي نوع من البكتيريا تم اكتشافها في 1983 وهي من النوع المقاوم للحموضة العالية الموجودة بداخل المعدة وهي تتحوصل بجدار المعدة بعد إفراز أنزيمات خاصة لحمايتها من درجة الحموضة العالية.
تقوم هذه البكتيريا بتكسير الجدار المخاطي للمعدة والاثني عشر مسببة التهابات شديدة بالمعدة والاثنى عشر أو تقرحات وهي من الأسباب التي تؤدي إلى تكرار هذه الالتهابات وتم تصنيف هذه الجرثومة بواسطة منظمة الصحة العالمية في 1994 كأحد أسباب سرطان المعدة.
أعراض التهابات المعدة والاثني عشر:
- آلام المعدة المستمرة في الجزء العلوي من البطن والتي تزيد بتناول الطعام وقد تسبب القيء المتكرر بعد تناول الطعام.
- القيء الدموي.
- الحموضة العالية والتي تتسبب بالتهاب المريء في حالة ارتجاع الحمض إلى الجزء السفلي من المريء وهي تسبب حرقاناً شديداً بالجزء العلوي من البطن والصدر.
- سوء الهضم وفقدان الشهية ونقص الوزن نتيجة عدم إجراء منظار معدي وأخذ عينة من جدار المعدة وتحليلها بعد عمل صبغات معينة.
تحليل عينات التنفس الخاصة بالمريض بعد تناول مسحوق مخصوص يحتوي على مواد فعالة لاكتشاف الجرثومة ويتم التحليل بواسطة جهاز خاص وتصل دقة النتائج الى 98% وهي طريقة مأمونة وليس لها أي أعراض جانبية.
هل يمكن علاج جرثومة المعدة؟
يتم علاج جرثومة المعدة بالعقاقير الطبية وبنسبة نجاح تصل إلى 100% ويتم متابعة نتيجة العلاج بعمل اختبار آخر في نهاية الفترة التي يراها الطبيب لازمة لاستكمال العلاج.
تذكر أن:
- جرثومة المعدة هي السبب الرئيسي لقرحة المعدة والاثني عشر.
- تشخيص وعلاج جرثومة المعدة يتم بدقة وبسهولة بأحدث الأجهزة المتوافرة بالمستشفيات .
معلومات عن الجرثومة :
إن جرثومة الهليكو باكتر بيلوري هي كائن مجهري سوطي حي يدخل الجسم عن طريق الفم بواسطة تناول أطعمة غير نظيفة مثل الخضار والفواكه اثناء تناولها دون غسل جيد وقد جاءت الدراسات العلمية لتؤكد دورها في الإصابة بالقرحة ولكن للأسف ليس من السهولة التخلص من جرثومة المعدة تلقائيا عن طريق الحامض الذي تفرزه المعدة والذي يجعل من الصعب على الجراثيم والميكروبات الأخرى أن تعيش في ذلك الوسط الحامضي إلا أن جرثومة المعدة تستطيع أن تعيش وتتكاثر في ذلك الوسط الحامضي حيث أن هذه البكتريا تفرز مادة اليورياز التي تؤدي إلى تكسير مادة اليوريا إلى أمونيا وبيكربونات وهي قلويات قوية تؤدي إلى إحاطتها بوسط قلوي يعادل الوسط الحامضي للمعدة فلا تتأثر به.
إضافةإلى ذلك فهي تعيش في الطبقات الداخلية لجدار المعدة والتي لا تستطيع الأجسام المضادة للجهاز المناعي اختراقها للقضاء على جرثومة المعدة ولهذا فلابد من اللجوء لنظام علاجي للتخلص منها.
ما العلاقة بين الجرثومة والقرحة؟
- تقوم جرثومة المعدة بإفراز مادة اليورياز لحماية نفسها من الوسط الحماضي للمعدة وهذه المادة بدورها تؤدي إلى تهتك الغشاء المخاطي الذي يغطي السطح الداخلي للمعدة والإثنا عشر وتمنعه من القيام بعمله الوقائي ضد حامض الهيدروكلوريك، فيصبح جدار المعدة أكثر عرضة للإصابة بالقرحة.
ما الأعراض المصاحبة للقرحة؟
- آلام في المعدة غالبا ما تكون بشكل حرقة شديدة تزداد عندما تكون المعدة خالية من الطعام، وهذه القرحة غالبا ما تكون على شكل حرارة أو مغص عبر القسم الأعلى من البطن ويظهر عادة مع الجوع أو بعد ساعة إلى ثلاث ساعات من تناول الطعام ويزول تدريجيا مع تناول الأدوية المضادة للحموضة وغالبا ما يصاحبها أعراض عامة مثل الغثيان وفقد الشهية وقد يصاحبها عدم الشعور بالراحة (عسر الهضم - الانتفاخ).
هناك عدة اختبارات لتشخيص الحالة
1- اختبار التنفس UREA BREATH TEST
يتميز هذا الاختبار بالدقة الشديدة وكذلك بسهولة إجرائه، حيث يختبر وجود الجرثومة باعطاء المريض كبسولة تحتوي على كربون + UREA بعد عشر دقائق يقوم المريض بالنفخ في كيس خاص لمدة ثلاث دقائق وفي حالة وجود الجرثومة تخرج الجرثومة أنزيما معينا يقوم بتكسير الكربون والـ UREA ألى أمونيا + ثاني أكسيد الكربون الذي يحتوي على الكربون المشع الذي يتم قياسه للتأكد من وجود الجرثومة وأنها في حالة نشطة، ويلزم لهذا الاختبار أن يكون المريض صائما لمدة أربع إلى ست ساعات، ولابد من إجراء هذا الاختبار مرة ثانية بعد أربعةإلى ستة أسابيع من انتهاء العلاج.
2- اختبار الدم .hpylori ab
يعتبر هذا الاختبار هو الأكثر انتشارا ولكن يعيبه أنه لا يعطي تشخيصاأكيدا لوجود جرثومة المعدة، حيث يتم اختبار دم المريض للبحث عن وجود الأجسام المضادة للجرثومة ولكن وجودها لا يعني أنها نشطة بل يعني تعرض المريض للإصابة بجرثومة المعدة سابقا أو حاليا ولا يحدد نشاط الجرثومة وإذا كانت موجودة حاليا أم لا.
3- اختبار البراز .hpylori stool ag
حيث يتم البحث عن الجرثومة في اختبار خاص يتم عن طريق فحص البراز وايجابية الإختبار تعني أن الشخص مصاب بالجرثومة.
4- المنظار: endoscopy
حيث يتمأخذ عينة من المعدة وفحصها للبحث عن جرثومة المعدة ولكن تكمن المشكلة هنا في تخوف العديد من المرضى من ذلك الفحص وتفضيل الطرق الأبسط للكشف عن الجرثومة.
علاج جرثومة المعدة يتم عن طريق الطبيب المختص وفي معظم الحالات تكون مدة العلاج في حدود 3-4 أسابيع حيث يتم بعدها إعادة عمل التحليل للتأكد من فاعلية العلاج للقضاء على جرثومة المعدة باذن الله | <urn:uuid:10ef074a-db04-4b0c-8407-489d2be2e5dd> | CC-MAIN-2014-15 | http://www.tbeeb.net/ask/showthread.php?t=4016 | 2014-04-17T03:49:02Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-15/segments/1397609526252.40/warc/CC-MAIN-20140416005206-00038-ip-10-147-4-33.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.880669 | Arab | 36 | {"arb_Arab_score": 0.8806694746017456, "ary_Arab_score": 0.08351420611143112, "ars_Arab_score": 0.0223005972802639} |
انا مجبته وهو فعال
أهلاً بكم في منتديات الوليد .. عالم كل جديد
ولأننا نقدم دوماً في الـ منتديات لكِ كل ما هو جديد ..
وضمن قسم الرجيم يوجد قسم فرعي خاص ضمن اقسام رجيم الوليد ..
ونقدم لكم فيه اكلات رجيم و وصفات رجيم تساعد كل من يريد عمل رجيم سريع و رجيم صحي و رجيم الماء
ونتمنى ان تفيدكم اكلات ريجيم وتصلوا لما تحبون وأن تنال على اعجابكم ...
زورونا تجدوا كُل جديد .
رجيم الماء فقط بدون اكل رجيم الماء السريع رجيم الماء فقط رجيم الماء ديانا كرزون رجيم الماء تجارب رجيم الماء والليمون رجيم الماء في 11 يوم رجيم الماء 11 يوم رجيم الماء والتمر رجيم الماء
رجيم الماء فقط بدون اكل
يقوم الماء بعملية التخلص من الفضلات والمواد الزائدة عن حاجة الجسم، على عكس الاعتقاد السائد لدى الكثيرين بأن شرب الماء يؤدي إلي انتفاخ المعدة، حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن للماء فائدة كبيرة في إنقاص الوزن والتخلص من الدهون، ولعل ذلك كان أساس دعوة مراكز التغذية إلى ما يسمى ب "ريجيم الماء" الذي يساعد في التخلص من الوزن الزائد دون أن يؤثر ذلك على التفاعلات الكيميائية في الجسم .
العلاج بالماء
تصاب العديد من السيدات بالإحباط خاصة عندما تبدا بنظام ريجيم قاسي يعتمد على ممارسة الرياضة العنيفة، ولكنهن يغفلن أمرا شديد الاهمية وهو شرب كميات كافية من الماء اثناء ممارسة الريجيم والرياضة، حيث يفيد الماء جسم الانسان في التخلص من الدهون ويحمي الجسم من ظهور التجاعيد والجفاف وهبوط الدورة الدموية كما انها تساعد الكلي على أداء وظائفها بكفاءة عالية.
ويعالج الماء الصداع والانيميا وداء المفاصل والشلل وسرعة خفقان القلب والصرع والسعال والتهاب الحلق والربو والسل والامراض المتعلقة بالمسالك البولية والتهاب غشاء المعدة والدوسنتاريا والإمساك وأمراض العين والاذن والحنجرة كما انه يفيد المرأة في حالة عدم انتظام الدورة الشهرية.
وأكدت الدكتورة "سوزان كلاينر" - أخصائية التغذية الامريكية - أن الماء يساعد على التخلص من السموم ويمنع تكون حصوات الكلي وكلما زادت كمية الماء المفقودة من الجسم يزداد ضعف الدماغ كما ان الماء له فائدة في الحماية من الاورام السرطانية مثل الثدي والقولون والبروستات والكلي فتنصح بشرب لتر ونصف من الماء يوميا.
ريجيم الماء
تعتمد فكرة ريجيم الماء على تناول أربع أكواب من الماء سعة كل واحدة 160 مل على معدة فارغة وعدم تناول أي طعام إلا بعد مضي خمسة وأربعون دقيقة مع مراعاة أن تبدأ بزيادة كمية الماء تدريجيان كما ينصح الخبراء في "الاتحاد الياباني للأمراض" بعدم تناول أي طعام أو شراب خلال الساعتين التاليتين لكل من وجبة الفطور والغذاء والعشاء، ونشر "الاتحاد الياباني للأمراض" تجربة للعلاج بالماء، أثبتت نجاحا بنسبة 100% بالنسبة لعلاج بالأمراض القديمة والعصرية.
وفوائد الماء معروفة لدى العرب، ومطروحة في التراث الثقافي لديهم منذ فجر الإسلام، وذكر الشيخ العلامة "ناصر الدين الألباني" - رحمة الله – فوائد الماء بالتجربة بعدما قرأ عن العلامة "ابن القيم" تجربة العلاج بالماء لمدة 40 يوما، فقام بنفس التجربة، وأكد أن وزنه انخفض نحو 20 كيلوجرام أو أكثر ، كما شفي من كثير من الأمراض التي كان يعاني منها وقد خرج الشيخ بنظرية قال فيها أن الإنسان يعيش في حالة شربه للماء لمدة 40 يوماً دون طعام.
وطبيا، ينصح المتخصصون بشرب الماء بكميات كبيرة، لأن ذلك يساعد الجسم علي حرق كميات اكبر من الدهون وذلك عن طريق رفع مستوي التمثيل الغذائي وإذا تم استبدال المياه الغازية بالماء فهذا يوفر كثير من السعرات الحرارية التي يكون الجسم في غنى عنها، ويرى الأطباء شرب الماء قبل الطعام بنحو نصف ساعة يفقد الرغبة في الأكل، ولكنهم يحذرون من تناول الماء أثناء الطعام لأنه يؤدي إلى تأثير عكسي.
ويعتقد الكثيرين خطأَ أن شرب الماء الدافئ يساعد علي الرجيم وحرق الدهون بشكل أسرع, حيث أكد المتخصصون أن الماء البارد يساعد علي إنقاص الوزن بشكل أكثر فاعليه من الماء الدافئ ويرجع ذلك إلي أن الجسم فور تلقيه أي سوائل أو تغذيه يقوم بتعديل حرارته فإذا دخله ماء بارد قام علي الفور برفع درجه حرارته ويرتفع معدل الحرق ويجعله يفرز كميه اكبر من العرق ويشعر بعدها انه بحاجه إلي شرب كميه من الماء لتعويض ما فقده.
وحسب الدكتور "ماهر إسكندر" - استشارى السمنة والنحافة - فإن الماء يعمل على التخفيف من الإحساس بالجوع، لأنه يملأ المعدة والأمعاء مما يعطي إحساساً بالشبع، كما أن شرب الماء بكميات كافية يمنع ترسيب الدهون في الجسم، حيث يعمل على نقل أكبر كمية ممكنة من المخلفات والدهون إلى خارج الجسم، خاصة تلك الدهون المعروفة بالدهون الورقية المسببة للسمنة.
الوصفة السحرية
ينصح بإتباع نظام غذائي يهتم بالتوازن في سوائل الجسم، بحيث يوازي بين كمية الماء الداخلة إلى الجسم وكمية الماء الخارجة منه عن طريق العرق، وتقدر ب 266 جراماً في اليوم للشخص الذي يبذل مجهوداً متوسطاً، مع مراعاة هذا التوازن يعمل على الإسراع في حرق السعرات الحرارية، ويتيح للكبد التعامل مع الدهون غير المرغوب فيها بكفاءة.
يعتمد ريجيم الماء على وضع جدول خاص، يتدرج فيه الشخص بشرب الماء يومياً، فيبدأ ب 4 أكواب حتى يصل إلى 10 أكواب، بعدها يستمر في شرب نفس المقدار من الماء طوال فترة الريجيم.
ونستخلص من أخصائي التغذية بعض الإرشادات التي يجب إتباعها عند البدء في "ريجيم الماء" وهي :
* اشرب الماء في أي وقت وعلى مدار اليوم كله، ولا تضع في حسابك السوائل الأخرى التي تشربها مثل الشاي أو القهوة أو المياه الغازية.
- لا تشرب نصف الكمية المحددة في اليوم، على أن تعوّضها في اليوم التالي، لأن ذلك سوف يجعل جسمك غير متوازن في السوائل الداخلة والخارجة.
- لا تتناول أي أطعمة دسمة أو ذات سعرات حرارية مرتفعة بحجة تناول كمية كبيرة من الماء، ففي هذا النظام عليك أن تأكل باعتدال مع الإكثار من الخضراوات والفاكهة والأطعمة ذات السعرات الحرارية المنخفضة.
- عند وصولك للوزن المطلوب لا تتوقف عن تناول الماء.. لأن الجسم يحتاج إلى 10 أكواب يومياً.. حتى تحافظ على الوزن الذي وصلت إليه
واتمنى ان تستفيدو من المعلوماات
التعديل الأخير تم بواسطة اميرة المكان ; 08-May-2013 الساعة 12:03 AM
انا مجبته وهو فعال | <urn:uuid:e7e44d9c-a71d-4eb7-b596-e41ce2ea97ed> | CC-MAIN-2014-15 | http://forum.el-wlid.com/t466238.html | 2014-04-18T13:42:16Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-15/segments/1397609533689.29/warc/CC-MAIN-20140416005213-00070-ip-10-147-4-33.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.815357 | Arab | 122 | {"arb_Arab_score": 0.815356969833374, "ars_Arab_score": 0.08457297831773758, "ary_Arab_score": 0.053570326417684555, "aeb_Arab_score": 0.026521453633904457} |
يوليان كونت سبتة
|بعض المعلومات الواردة هنا لم تدقق وقد لا تكون موثوقة بما يكفي، وتحتاج إلى اهتمام من قبل خبير أو مختص.
ساعد ويكيبيديا بتدقيق المعلومات الواردة ودعمها بالمصادر اللازمة.
يوليان "كونت جوليان Count Julián" هو ملك سبتة التي تقع في المغرب العربي، وكان هو حاكم المدينة التي استعصت على المسلمين لحصانة أسوارها، ولحكمته هو أيضا. ولكن يوليان كان لديه أعداء أيضا في غرب أوروبا، ومنهم "دون رودريك Don Roderic" (لوذريق) ـ أحد قواد الجيش القوطي ـ الذي استولى على عرش إسبانيا بعد وفاة أخيه غطشه، واغتصب حق أولاد أخيه، واعتدى على ابنة يوليان التي كانت تعيش في بلاط غطشه بغرض التعليم. لذلك ذهب الي طارق بن زياد يطلب منه العون في قتال لوذريق ويعرض عليه مساعدته في الاستيلاء على الأندلس. | <urn:uuid:0c91687c-db75-4a40-bc98-c421fe967e1f> | CC-MAIN-2014-15 | http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%8A%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86 | 2014-04-21T02:05:16Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-15/segments/1397609539447.23/warc/CC-MAIN-20140416005219-00134-ip-10-147-4-33.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.887139 | Arab | 10 | {"arb_Arab_score": 0.8871389627456665, "ary_Arab_score": 0.049718376249074936, "arz_Arab_score": 0.04812702164053917, "ars_Arab_score": 0.01081437710672617} |
عفو عن كافة السجناء في العراق
القرار جاء بعد اعادة انتخاب صدام رئيسا باغلبية 100 بالمئة
أعلن العراق اليوم الإفراج عن كافة السجناء الموجودين داخل السجون العراقية.
وقال وزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف ان الرئيس صدام حسين باعتباره رئيسا لمجلس قيادة الثورة الحاكم في العراق قرر اخلاء جميع السجون والمعتقلات من نزلائها اعتبارا من هذا اليوم.
ويشمل القرار الافراج عن كل السجناء بما فيهم المعتقلين السياسيين بالاضافة الى جميع الهاربين داخل البلاد وخارجها لأسباب سياسية وكذلك المتهربين من اداء الخدمة العسكرية والمحكوم عليهم بالاعدام وكذلك المدينين ماديا للدولة..
ولم يستثن القرار سوى المحكوم عليه في جرائم قتل الا انه اعطاهم الفرصة لاسترضاء آقارب وعائلات القتلى.
وأضاف وزير الإعلام العراقي في مؤتمر صحفي ببغداد أن الرئيس العراقي اتخذ قرار العفو عن السجناء والهاربين عرفانا للشعب العراقي الذي صوّت منه نحو أحد عشر مليونا ونصف المليون ناخب لصالحه في الاستفتاء الذي اجري الأسبوع الماضي.
وقال مراسلنا في بغداد ان إن وزارة الاعلام العراقية نظمت زيارة لجميع المراسلين الموجودين في بغداد حاليا الى احد سجون بغداد للاطلاع على عملية اطلاق سراح المسجونين.
وكان العراق قد أعلن ان نسبة من ادلوا بأصواتهم في الاستفتاء الرئاسي بلغت مئة بالمئة حيث لم يتخلف أي شخص عن الادلاء بصوته كما حصل صدام على نسبة تأييد بلغت ايضا مئة بالمئة.
ويأتي القرار وسط تهديدات امريكية بريطانية بشن هجوم على العراق يهدف لتغيير نظام الحكم.
----------------
منقول عن bbc
_:- | <urn:uuid:524f6e2e-7331-4cd7-904e-ff7a04f0bde1> | CC-MAIN-2014-15 | http://www.iraqcenter.net/vb/showthread.php?t=194 | 2014-04-21T02:20:39Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-15/segments/1397609539447.23/warc/CC-MAIN-20140416005219-00134-ip-10-147-4-33.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.987168 | Arab | 48 | {"arb_Arab_score": 0.9871682524681091} |
- حجم النص :
- A
- A
- A
وثائقي يظهر كيفية قيادة "الخليجيين" سياراتهم الرياضية الفاخرة بتهوُّر
بالصور.. "تفحيط" شباب الخليج يزعج سكان الأحياء الراقية في لندن
سبق – متابعة: نشرت صحيفة "دايلي ميل" البريطانية تقريراً تحت عنوان "داخل حياة المتسابقين العرب المتهورين.. يستخدمون سيارات رياضية فاخرة والسكان المحليون يشعرون أن حياتهم أصبحت بائسة".
وقالت الصحيفة إن التقرير المنشور هو عبارة عن نقل لفيلم وثائقي أذيع على القناة الرابعة البريطانية، حول كيفية تحول أحد أشهر الأحياء الغنية إلى ساحة سباق بين ما يطلقون عليهم السكان المحليين "الخليجيين"، وكيف أن السكان أصبحوا لا يذوقون طعم النوم ليلاً؛ بسبب أصوات المحركات وصرير العجلات جراء تسابق الشباب الخليجي فيما يطلق عليه محلياً بـ "التفحيط".
وتُعد ضاحية نايتسبريدج وسط العاصمة لندن والقريبة من محلات هاردوز الشهيرة، والتي يبلغ متوسط سعر المنزل بها 3.6 مليون جنيه إسترليني هي المكان المفضل لـ "شباب الخليج".
وكشف الفيلم الوثائقي أن الشرطة اللندنية تبذل قصارى جهدها من أجل تضييق الخناق على "المفحطين الخليجيين"، وقد يصل الأمر إلى مصادرة السيارة من أي شاب يضبط متسابقاً بصورة غير شرعية أو قد تزعج السكان.
ونقل الفيلم عن باندا مورجان توماس، إحدى القاطنات في الضاحية وتبلغ 59 عاماً، وتقود حملة من أجل منع القيادة الجامحة، التي تؤكد أنها تسببت في آلام مستمرة طوال السنوات الأخيرة، مضيفة "الكثير من السكان يشكون من عدم القدرة على النوم، وهناك غضب شعبي من التراخي الأمني في التعامل مع تلك الظاهرة، فنحن محرومون من النوم ومن ممارسة حياتنا بصورة طبيعية".
وتابعت الصحيفة في نقل ردود أفعال المقيمين في الضاحية، حيث قال جاستن داونز: "كانت منطقتنا هادئة، لكن منذ أتت تلك السيارات الرياضية الباهظة الثمن ويركبها الخليجيون، بدأنا نشعر بالخطر؛ لأنهم يتباهون دوماً بالقيادة الجامحة والخطرة حول محلات هاردوز، لو كان من يفعل هذا مواطناً بريطانياً حقاً كان سيحاكم بتهمة القيادة الخطرة؛ لكن الأمن يتساهل كثيراً معهم".
وكشف الفيلم الوثائقي أن الأمن ضبط عدداً من السيارات الرياضية الفاخرة المملوكة للأجانب من ماركات فيراري ولامبورجيني وكوينيجسيج، موجهين لقائديها اتهامات بالقيادة من دون وجود لوحات أو من دون رخصة قيادة، وما إلى ذلك.
ونقلت الصحيفة عن شاب (27 عاماً) من المملكة العربية السعودية، حيث يأتي للملكة المتحدة كل عام في عطلة، تصريحات قال فيها: "أسمع دوماً السكان يشكون، لكنهم لم يوجهوا الشكوى لي شخصياً، وإذا ما شكا شخص من شيء يخصني سأحترمه بكل تأكيد، وسنلبي له ما يريد، فنحن هنا مجرد أجانب".
ثم نقلت تصريحات عن شاب آخر كويتي, وقالت إنه يأتي بريطانيا سنوياً بسيارته لامبورجيني التي يبلغ سعرها 250 ألف جنيه إسترليني، وقال: "نأتي فقط حينما يكون الوقت ملائماً، ولا أعتقد أننا نسبب إزعاجاً أو مشاكل للآخرين، وإذا كان هناك شخص يعاني من مشاكل جراء قيادتنا للسيارات، عليه أن يتحدث معي ويطلب مني عدم فعل ذلك، وأنا سأستمع له جيداً ولن أفعل ذلك مجدداً".
وتابع قائلاً: "جمعينا نشعر بالحزن بعد نهاية عطلتنا السنوية التي تستمر لنحو 3 أشهر كل عام، فنحن نجد هنا المتعة ومضطرون الآن للعودة إلى بلادنا".
وأظهر الفيلم عقب تلك التصريحات سحب الشرطة لأكثر من سيارة مملوكة لخليجيين، بحجة عدم وجود التأمين الصحيح بها واختراقها عوامل الأمان المخصصة للقيادة في شوارع العاصمة.
وفي نهاية التقرير نقلت "دايلي ميل" تصريحات عن منتج الفيلم الوثائقي جوني يونج، قال فيها "الفيلم يرغب في الذهاب لما هو أبعد من مجرد رصد تلك الظاهرة السلبية، فتدفق الثروات العربية للعاصمة خلال العطلات يجذب بالطبع فوائد عديدة علينا، لكن بالنسبة للسكان المحليين هناك سلبيات تفوق بالنسبة لهم أي إيجابيات أخرى".
أضف تعليقك
حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
التعليقات : 224
الإرسالات : 0 | <urn:uuid:fea47801-84ce-45bb-89b2-6d64a70d4b66> | CC-MAIN-2014-15 | http://sabq.org/CKtfde | 2014-04-23T22:55:47Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-15/segments/1398223203841.5/warc/CC-MAIN-20140423032003-00166-ip-10-147-4-33.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.913186 | Arab | 26 | {"arb_Arab_score": 0.9131863117218018, "ary_Arab_score": 0.04066430777311325, "ars_Arab_score": 0.033348411321640015} |
"الولد القوي يحمي شرف شقيقته وعلى البنت طاعته" فكرة مترسخة في كثير من العائلات التركية والعربية في ألمانيا. مشروع "أبطال برلين" يطرح هذه القضية على تلاميذ المدارس بهدف تشجيعهم على تفنيد الأفكار المتوارثة.
يفضل الكثيرون من الملحدين الاحتفاظ بسرهم هذا لأنفسهم حتى لا يتعرضوا للإقصاء من قبل عائلاتهم أو لردود أفعال متشددين. وهناك من يتساءل: أليس للإنسان الحق في حرية رفض الانتماء الى الدين، خصوصا من منطلق " لا إكراه في الدين" ؟
يحمل "الجيم بوي" بالنسبة لأطفال بداية التسعينات نفس أهمية "الروك آند رول" بالنسبة لجيل الخمسينات. يحتفل الـ"جيم بوي" بعيد ميلاده الخامس والعشرين محاولا الحفاظ على مكانته في خضم التطورات التكنولوجية المتسارعة.
اصطف آلاف المشيعين أمام قصر الفنون الجميلة في مكسيكو سيتي لوداع الكاتب الكولومبي الراحل غابرييل غارسيا ماركيز الحائز على جائزة نوبل. ومن المقرر أن يوزع رماد جثمانه بين بلده الأم كولومبيا وبين المكسيك التي عاش فيها لعقود.
أثار لعب إمام مسجد في نواكشوط دورا في مسلسل يعالج قضية الزواج بالسر ردود فعل من بعض المصلين في المسجد، فتوقف البعض عن الصلاة خلفه. فما هي الرسالة التي أراد الإمام إيصالها للمشاهدين ولماذا يرفض المجتمع إمام مسجد ممثل؟
يلمس فنانون أتراك تزايد الضغوط عليهم وفرض المزيد من القيود على الأعمال الفنية في الفترة الأخيرة. وضع الفن ودعم أشكاله المختلفة مازال غامضا بعد فوز حزب العدالة والتنمية الحاكم بالانتخابات البلدية الأخيرة.
يسافر العديد من أثرياء الخليج إلى عدد من الدول لممارسة هواية الصيد، خصوصاً طائر الحبارى. ورغم أن العدد المسموح بصيده محدود، إلا أن البعض لا يكترث للأمر، كما فعل مؤخراً أمير سعودي في باكستان.
ستشهد العاصمة النمساوية فيينا قريباً إنشاء أول عيادة طبية في محطة وقود. وحسب صاحب الفكرة، فإن الهدف من إقامة العيادة هناك هو تقديم علاج سريع دون الانتظار طويلاً وبثمن مناسب.
رغم اعتبار المنتمين لعرقية الروهينجيا أنفسهم مخالفين للبنغاليين، إلا أنهم قبلوا تصنيفهم كبنغاليين بعد أن ألغت السلطات في ميانمار تصنيفهم العرقي رضوخاً لتهديدات البوذيين.
مجموعة من التقارير عن مشاريع اقتصادية رائدة في عدد من البلدان العربية. | <urn:uuid:cced92e5-e7cf-4d6b-9a19-387fef3b254d> | CC-MAIN-2014-15 | http://www.dw.de/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8%A9/s-9106 | 2014-04-23T23:07:06Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-15/segments/1398223203841.5/warc/CC-MAIN-20140423032003-00166-ip-10-147-4-33.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.93531 | Arab | 2 | {"arb_Arab_score": 0.9353104829788208, "ary_Arab_score": 0.02655797079205513, "ars_Arab_score": 0.02287815324962139, "arz_Arab_score": 0.010096164420247078} |
بقلم الأستاذ الدكتور:- حسين حسين شحاتة
- استهــــلال:
من التساؤلات المتواترة على مدى مسيرة دعوة الإخوان المسلمين ولا سيما في حالة الانتخابات
• مَن أين تمول جماعة الإخوان المسلمين؟
• وهل حجم نفقاتها تتناسب مع اشتراكات أعضائها وتبرعاتهم؟
• لا بد للجماعة أن تفصح وتبيّن مصادر أموالها؟
• هل للإخوان مصادر تمويل خفية، وما هي ؟ ولماذا لا يعلنونها للناس؟ وهل يصعب الإفصاح عنها؟
ويتسابق بعض رجال الإعلام إثارة هذه التساؤلات في كل مناسبة من أجل تحقيق السبق الإعلامى في معرفة سر خفي عظيم، بل إن بعضهم يتخيل أو ينجِّم أو ينسبها إلى مجهول ، و يقول علمتُ من مصدر موثوق به لم يرد أن يذكر اسمه، وهكذا تدور الدائرة المفرغة المملوءة بفرقعات لتحقيق مآرب خفية .
وهؤلاء النفر القليل من الإعلاميين تجاهلوا تماماً قول الله عز وجل :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ " (الحجرات : 6 ) ،وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [إذا رأيت مثل الشمس فاشهد] ( متفق عليه )، وقول الفقهاء: "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر".
في هذه الخاطرة أريد أن أطمئن الناس بصفة عامة وبعض الإعلاميين بصفة خاصة عن أسباب أن نفقات الإخوان تفوق الإيرادات الظاهرة، ليس دفاعاً عن الإخوان ولكن رفقاً بالإعلاميين الذين يريدون أن يعلموا، وذلك من باب قول سيدنا إبراهيم عليه السلام لربه:" قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي " (البقرة : 260 )
- مصادر الأموال الظاهرة:
يؤكد أولو الأمر في جماعة الإخوان وعلى لسان مرشديهم أن مصادر تمويل أنشطة جماعة الإخوان هي:
1) اشتراكات الأعضاء وهذا معلن في اللوائح ومنشور في وثائقهم المختلفة، وهذا معلوم علم اليقين ولا ينكره أحد.
2) التبرعات العينية والنقدية من أعضائها في المناسبات التي تحتاج الجماعة فيها إلى مزيد من الموارد .
3) الهدايا والوصايا من أعضائها دعماً لأنشطة الجماعة ذات العلاقة بالتربية الروحية والأخلاقية والمجتمعية وتحقيق التكافل بين الأغنياء والفقراء.
ومن المؤكد أن هذه المصادر سليمة من الناحية الشرعية والقانونية والأعراف العالمية، حيث تؤكد أنها تجمع بالحق وتنفق في الحق وتمنع من الباطل، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، وتأسيساً على ذلك يجب أن يطمئن من في قلبه ذرة من شك أو ريبة على أن مصادر أموال الإخوان قانونية ومشروعية .
- مصادر أموال الإخوان الخفية:
يريد بعض الناس معرفة مصادر أموال الإخوان غير المعلنة ليزدادوا يقينا مع يقينهم وإيماناً مع إيمانهم وتجنباً للشك والريبة ، فما هي هذه المصادر ؟.
في ضوء مصادر الشريعة الإسلامية، أْعَلِن بكل اليقين أن من أهم مصادر الإخوان الخفية ما يلي:
أولاً: القوامة في الإنفاق وهذا يضاعف من الإيرادات الظاهرة المحصلة، فلا يوجد في نفقات الإخوان على أنشطتهم إسراف ولا تبذير ولا ترف ولا مظهرية ولا محاكاة ولا تقليد ملتزمين بقول الله سبحانه وتعالى في صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان: " وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً " (الفرقان: 67) .
ثانياً: الموازنة بين الموارد والنفقات، وأصل ذلك قول الله سبحانه وتعالى: " لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً " (الطلاق: 7)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "الاقتصاد نصف المعيشة ".
ثالثاُ: استنزال البركة من الله في الإيرادات، ومن أسباب هذه البركة على سبيل المثال وليس الحصر ما يلي:
• أن مصدر هذه الإيرادات من الحلال الطيب لأنها سوف تنفق في سبيل الله، وأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ، وهذا مصدر خفي لا يعلمه إلا من يوقن بأن البركة من الله .
• من خصال من يقدمون هذه الإيرادات (اشتراكات أو تبرعات أو وصايا) الخشية من الله مستشعرين البركة فى المال ، وأصل ذلك قول الله سبحانه وتعالى:" وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" (الأعراف: 96)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "نعم المال الصالح في يد الرجل الصالح" .
• من خصال مَن يديرون هذه الأموال :الالتزام بقول الله تبارك وتعالى:" وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ " (النساء :6) كما كان عمر بن الخطاب يوصي الولاة على المال العام بهذه الآية .
• لأن هذه الإيرادات سوف تنفق لجعل كلمة الله هي العليا وكلمة الكافرين السفلى، ولذلك فيها البركة والنماء والخير.
رابعاً: انخفاض نفقات وتكاليف أنشطة الإخوان عن المثل، لأن من يقوم بتصنيع شيء أو تقديم خدمة ويعلم أنها في سبيل الله سوف يطلب تكلفة أو ثمنا أقل عن حالات المثل، وهذا واقع فعلاً يؤكده الحب والعاطفة والمشاعر، بل إن بعضهم قدَّم السلعة والخدمة هدية وتبرعاً ودعماً، مستشعرا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا " (رواه البيهقي).
خامساً: الرقابة الذاتية( رقابة الضمير) واستشعار رقابة الله لمن يديرون أموال الإخوان بسبب التربية الروحية والأخلاقية والسلوكية لهم وهذا فيه وقاء وتحصيناً وتأميناً ربانيا على موارد الإخوان من السرقة أو الاختلاس أو نحو ذلك كما هو الحال أحياناً في بعض المنظمات والمؤسسات التقليدية والحكومية وغيرها ممن يفتقر القائمون عليها إلى التربية الروحية، وهذا الحصن الرباني لأموال الإخوان يضاعف من قيمتها.
سادساً: أن هذه الموارد والإيرادات سوف تنفق في الأعمال الصالحات ابتغاء مرضات الله ولذلك يخلف الله على من دفعها ويبارك في عائدها المعنوي، وأساس ذلك قول الله تبارك وتعالى:"و َمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ " (سبأ: 39)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم السابق ذكره: "نعم المال الصالح في يد الرجل الصالح".
سابعاً: التزام القائمين على أموال الإخوان بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية ومنها: المشروعية والطيبات والأولويات الإسلامية الضروريات، فالحاجيات، والوسطية والقوامة والرشد والإتقان ... وهذا من أسباب البركة المعنوية في هذه الأموال، وأصل ذلك قول الله سبحانه وتعالى: " وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقاً " (الجن: 16)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "رحم الله رجلاً اكتسب طيباً، وأنفق قصداً وقدَّم فضلاً ليوم فقره وحاجته" (ابن الصامت).
ثامناً: بعض أنشطة الإخوان الخيرية والمجتمعية تؤدى تطوعاً ابتغاء مرضات الله .
هذه المصادر الخفية للإيرادات لا يمكن للإخوان أن يقدموا لها مستنداً أو وثيقة إذن إضافة ولا دفترا ولا تسجيلاً إلى الناس لكي يطمئنوا... ولكن يوقن بها كل اليقين وليس لديه شك أو ريبة في قول الله سبحانه وتعالى:" ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله وسع عليم "، وقوله تعالى في آخر سورة التوبة : " وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (التوبة : 121) .
ألم يأن للذين يفترون على الإخوان كذباً وإفكا أن يعرفوا حقيقة مصادر أموال الإخوان الخفية أن يوقنوا بأن من أهم مصادرها البركة والنماء والزيادة في هذه الأموال يرجع إلى التربية الروحية والأخلاقية والسلوك الرشيد والتزام بشرع الله والبركة من الله الذى يرزق من يشاء بغير حساب.
وأختم هذه الخاطرة بقول الله عز وجل : " فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى" (طه :123- 126 ) وقوله سبحانه وتعالى :" وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" (الطلاق :2-3) ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم المال الصالح للرجل الصالح "( رواه الإمام أحمد ) . | <urn:uuid:99c89d0c-0c25-4220-a8ab-6818d87a1b4c> | CC-MAIN-2014-15 | http://www.manaratweb.com/news.php?newsid=6526 | 2014-04-25T06:25:27Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-15/segments/1398223210034.18/warc/CC-MAIN-20140423032010-00198-ip-10-147-4-33.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.986562 | Arab | 4 | {"arb_Arab_score": 0.9865615367889404} |
عنجد اليوم والبارحة فيه كومة شغلات مذهلة حصلت:
1- ذكرى قيام الثورة السورية واللي أصبحت فرصة عمل ذهبية لعدد هائل من "الناشطين" و "المعارضين", تشمل فيما تشمل عدا الدخل الجيد, دورات تدريبية مجانية ورحلات سياحية إلى العديد من الدول الأوروبية.
2- اعتقال مرسيل لعدم ارتدائها الحجاب في المناطق "المحررة" وإطلاق سراحها بعد تعهد بإنها رح تتحجب… وطبعاً الحق عليها لأنها ما سمعت لعمرو خالد وهو يقول بمنتهى السلمية: اتحgبي.
3- بيان الإعتذار عن تحجيب مرسيل وربما غيرها بالعموم, وما حصل كان خطأ فردي, وفردي ع خصري!
4- فصل القرم عن أوكرانيا وبعين قوية… أبو علي بو تين يتعلم الصمود من جحش القرداحة.
5- النظام يصادر أملاك مجموعة من السوريين "الخونة" ويبقي على ألقابهم من قبيل فنان, مفكر… الخ.
ما حدا راحت عليه غير عزمي بشارة, المفكر سابقاً.
6- النظام ينشئ وكالة الفضاء السورية, للتصدي للمؤامرة الكونية… الويل لك غريندايزر.
7- الجربا يبلور مفهوم "ثقافة الثقافة" الذي يشير بشكل ما إلى الثقافة المثقفة. على صعيد متصل يذكر أن نائبة كويتية في سنوات سابقة دعت إلى عدم تسيس السياسة. "لاااا تسيسون السياسة".
أعتقد أن الفشل الذريع للمعارضة السورية يأتي من الإلتزام بلااا تسيسون السياسة, وأيضا من الخواء الذاتي والأخلاقي والمفاهيمي…. ثقافتهم غير مثقفة. | <urn:uuid:52d847f3-2a89-48a3-9f08-2793c95817cc> | CC-MAIN-2014-15 | http://www.3bdulsalam.com/ | 2014-04-16T10:10:12Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-15/segments/1397609523265.25/warc/CC-MAIN-20140416005203-00022-ip-10-147-4-33.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.933117 | Arab | 41 | {"arb_Arab_score": 0.9331172704696655, "ary_Arab_score": 0.021753299981355667, "arz_Arab_score": 0.020714513957500458, "ars_Arab_score": 0.017905140295624733} |
حَقِيْقَة
من ويكاموس، القاموس الحر
(بالتحويل من حقيقة)
المعاني[عدل]
الحَقِيْقَة اسم مؤنث يجمع جمع تكسير على حَقَائِق.
- الحَقّ، نقيض البَاطِل.
- نقيض المَجَاز.
- ما يحق على المرء أن يحميه كالعرض والناموس ونحوهما.
- قال موسى بن جابر: ألَم ترَيَا أني حميت حقيقتي === وباشرت حدَّ الموتِ والموتُ دونها
- منهُ يُقال فلانٌ حامي الحقيقة.
- حقيقة الشيء: منتهاهُ وأصلهُ المشتمل عليهِ، ماهيَّته.
- قال معبد بن علقمة: وفي الكف مني صارمٌ ذو حقيقةٍ == متى ما يُقدَّمْ في الضريبة يُقدِمِ
- في عِلْمُ الشَرِيْعَة: الحقيقة الشرعيَّة: هي كل لفظٍ وُضع لمعنًى في اللغة ثم اسُتعمِل في الشرع لمعنىً آخر مع هجران الاسم اللغويّ عن المسمىَّ بحيث لا يسبق إلى أفهام السامعين الوضع الأول كالصلاة فإنها وُضِعت للدعاء ثم صارت في الشرع عبارة عن الأركان المعلومة.
- في علوم اللُغَة: الحقيقة العرفيَّة: هي اللفظ الذي نُقِل عن موضوعهِ الأصلي إلى غيره لغلبة الاستعمال وصار الوضع الأصلي مهجورًا كاسم العدل فإنه في وضع اللغة مصدرٌ كالعدالة ثم صار في عرف الاستعمال عبارة عن العادل فصار حقيقةً عرفيَّة حتى لايستقيم نفيهُ في الشاهد والغائب جميعًا.
- في علم المَنْطِق: هي ما عُلِمَ أنه كائن علم اليقين، نقيض النَظَرِيَّة والفَرَضِيَّة. | <urn:uuid:fdeaf7c0-7da9-4eeb-a3bc-9c847cb979db> | CC-MAIN-2014-15 | http://ar.wiktionary.org/wiki/%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9 | 2014-04-20T11:27:39Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-15/segments/1397609538423.10/warc/CC-MAIN-20140416005218-00118-ip-10-147-4-33.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.987396 | Arab | 82 | {"arb_Arab_score": 0.9873957633972168} |
تطور العمل الجراحي .. والسبب المناظير
في ظل التطورات والتقنيات العلمية المتلاحقة لم يعد للكثير من العمليات الجراحية التقليدية أي أهمية، وقد كان في السابق ليس هناك بد من هذه العمليات التقليدية بالرغم مما تحدثه من انتان وتأخر التئام الجروح أو عدم التئامها التام وغير ذلك من المضاعفات التي كانت تحدثها مشكلة خطراً على صحة المريض، وقد يصل الحد بالكثير منهم أيضا يؤثرون عدم إجراء العمليات التقليدية خوفا مما قد يسببه إجراؤها من إحداث العديد من المضاعفات التي قد تكون نتائجها مؤلمة، ولكن الآن بات بالإمكان الحد من إجراء مثل هذه العمليات الجراحية التقليدية بفضل الله ثم بفضل المنظار لأن المنظار بدأ استعماله لإجراء العديد من العمليات خصوصا داخل الجسم بحيث لا يحتاج الأمر لإجراء شق جراحي كبير كما هو الحال بالنسبة للجراحات التقليدية فعلى سبيل المثال: إن استئصال المرارة بالعمل الجراحي التقليدي يتطلب إجراء شق جراحي بما لا يقل عن10 سنتيمترات تقريباً، بينما استئصالها بالمنظار لا يتطلب سوى إجراء عدة ثقوب صغيرة فقط قد لا يتعدى قطرها السنتيمتر الواحد. وهذا يعني ان جراحة المناظير تعد الحل الأمثل لاجراء العديد من العمليات الجراحية في وقتنا الحالي دون تعريض المريض لأي من المضاعفات التي قد تهدد حياته، وهذا ما أكده العديد من الأطباء الذين حاورناهم من خلال هذا الحوار الذي تبناه مركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي لتثقيف وتوعية المرضى والوقوف على كل جديد في مجال الطب وإيمانا بأهمية المنظار لكثير من الأمراض وخصوصا المرارة والتي أصبحت من الأمراض الشائعة فقد تم تخصيص هذا الحوار للتحدث عن (استئصال المرارة بواسطة المنظار) وقد استضفنا عددا من الأطباء المتخصصين بهذا المجال، ونبدأ حوارنا مع الدكتور عبد الكريم البكري استشاري الجراحة العامة بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي:
المناظير والنتائج المتميزة
* دكتور عبد الكريم بودنا أن تحدثونا عن المناظير وأهميتها في إجراء العمليات؟
لا شك أنه مع مرور الوقت وتقدم التقنيات العلمية في هذا العصر واستخدام تطبيقاتها في مجال الطب فقد ازدادت الكفاءة في علاج الكثير من الأمراض وفي نفس الوقت تقليل الخطورة والمضاعفات على المريض. وهذا ما يسعى إليه الأطباء والباحثون في هذا المجال، وسيأتي اليوم الذي يتم فيه العلاج الجراحي بأقل أو حتى دون أي تدخل جراحي بمشيئة الله إذا استمرت التطورات العلمية والتقنية الطبية بهذه السرعة المتلاحقة وسيظل المستقبل يحمل الكثير من الآمال المفرحة في كل ما هو جديد للمرضى.
وفي وقتنا الراهن بدأ التسابق بين مختلف القطاعات الطبية في أنحاء العالم بالتركيز والاهتمام بإدخال جراحات المناظير في مختلف التخصصات الطبية، وخاصة الجراحات العامة ومختلف الجراحات الأخرى لما تحققه هذه المناظير من نتائج طبية وممتازة، وقد كانت الجراحة على مر العصور إحدى ركائز العلاج والتداوي، وقد شهدت نهاية القرن التاسع عشر الميلادي تطوراً هائلاً في إجراء العمليات الجراحية وذلك باستخدام وسائل التخدير المختلفة. إلا أنه رغم كل التطورات بقي التدخل الجراحي يشكل قلقاً للمرضى وأطبائهم لما قد يصاحبه من مضاعفات وآلام.
وعلى مدى العقود الماضية تطورت جراحة المناظير تدريجياً وخاصة في وجود فتحات طبيعية كالفم ومجرى البول وفتحة الشرج. وأصبحت هذه العمليات تُجرى بأمان وكفاءة حتى استبدلت الكثير من العمليات الجراحية التي كانت تتم عن طريق الفتح (البضع) الجراحي في جدار البطن أو الصدر.
طريقة آمنة وفعالة
* لماذا يتم استئصال المرارة بالمنظار بواسطة احداث فتحات صغيرة في جدار البطن؟
ميزة هذه الطريقة أنها آمنة وفعّالة في علاج المرضى وبنفس الوقت أقل تأثيراً على الجسم وأكثر لطفاً، وللعلم فإن العمليات التي تتم عن طريق فتحات في جدار البطن أو الصدر قد بقيت محدودة الاستخدام حتى حدث تطور غير مسبوق سنة 1987م عندما قام الجراح الفرنسي مورت باستئصال المرارة الصفراوية عن طريق فتحة المنظار، ومع مرور الوقت وازدياد تطبيقات هذه التقنية وتطورها أثبتت الدراسات والتجارب أن المريض هو المستفيد الأول من هذه الطريقة الجديدة والآمنة فالآلام أقل والمضاعفات أبسط وفترة البقاء بالمستشفى أقل والنقاهة والعودة للحياة الطبيعية أسرع. كما أن هذه الطريقة كونها تعتمد على فتحات صغيرة لا تترك سوى آثاراً قليلة على الجلد ويحتفظ الجسم بجماله ورونقه بخلاف ما قد كان يحدث من آلام وفتوق وآثار وتشوهات والتي كانت تصاحب العمليات الجراحية.
إن مما يميز عمليات المناظير عن العمليات المعتادة هي أن الفتحات التي تعمل في الجسم صغيرة وتتراوح من 3- 12مم. كما أن استخدام المناظير عالية الجودة يعطي رؤية أوضح داخل الجسم واستخدام المشارط الدقيقة ينتج عنه نزف أقل. وتكون كفاءة هذه العمليات بنفس كفاءة العمليات التقليدية أن لم تكن أعلى بفضل الدقة في إجرائها بواسطة المنظار ونسبة نجاحها كبيرة جدا.
ومن ميزاتها أنها أقل ألما من غيرها حيث يتم حقن موضع الجرح حقنا موضعيا مما يقلل الألم .
استئصال المرارة بالمنظار لا يستغرق وقتا
* ماهي الإيجابيات التي تحققت جراء استئصال المرارة بالمنظار؟
هناك العديد من الإيجابيات التي تحققت بفضل استخدام المنظار في استئصال المرارة من أهمها: سرعة شفاء المريض بإذن الله لتقليلها هذه العملية من المضاعفات التي قد تصاحب عادة العمليات الجراحية التقليدية، كما أن من إيجابياتها أيضا أن المريض لا يحتاج سوى إلى فترة نقاهة قد لا تتجاوز اليومين فقط، وإضافة لكل ما ذكرناه فإن جراحة المناظير لا تسبب أي مضايقات او التصاقات او التهابات او ندوب كتلك التي تخلفها الجراحات التقليدية، أضف إلى ذلك أن المضاعفات والآثار الجانبية التي تنجم عن العمليات بواسطة المنظار تعتبر ضئيلة جدا إذا ما قورنت بالجراحات التقليدية العادية.
وعملية استئصال المرارة بالمنظار لا تستغرق وقتا في إجرائها كالجراحات التقليدية، لان العملية بالمنظار هي عبارة عن ثقوب بسيطة لا يستغرق إجراؤها وقتا طويلا، كما أنها كما قلنا تتيح المجال للمريض لمغادرة المستشفى في أسرع وقت.
لا حاجة لكثرة
المضادات الحيوية
* يقال أن من يجري عملية استئصال المرارة بالمنظار لا يحتاج للمضادات الحيوية كالذي يجري عملية تقليدية؟
بالطبع وهذا الكلام صحيح لأن احتياج المريض للأدوية والمسكنات والمضادات الحيوية وما يترتب على ذلك عند إجراء العملية بالمنظار من خدمات طبية وغير طبية داخل المستشفى يعتبر أقل لو أجرى المريض جراحة تقليدية بدون استخدام المنظار، لعدة أسباب أهمها أن الجراحة التقليدية تتطلب إجراء فتحات كبيرة جدا في البطن لاستكشاف المرارة وإجراء استئصالها مما يترتب على ذلك وجوب مضاعفة الجهود الإجرائية خوفا من تلوث الجروح أو إنتانها أما إذا كانت العملية أجريت بالمنظار فإنها لن تترك بإذن الله أي آثار جراحية أو ندوب أو تشوهات مقارنة بما قد تخلفه العمليات الجراحية التقليدية، لذلك فإن التوسع في إدخال المناظير يأتي بهدف تطوير الخدمات الصحية والرقي بها انتهاجا لمبدأ ضمان الجودة والتميز في الاداء .
أهمية المناظير
في التشخيص والعلاج
* تدور العديد من الأسئلة حول كيفية استخدام المنظار ما هي الأماكن التي قد يستخدم بها؟
كما هو متعارف عليه طبيا فإن الأمراض الباطنية تحتل نسبة كبيرة من الأمراض التي يعانى منها الكثيرون، ومن بين هذه الأمراض أمراض المرارة والتي تحدث نتيجة العديد مما قد يعترض جسم الإنسان كتغير نمط الغذاء أو التعرض للضغوط النفسية الناتجة عن الحياة العصرية وما إلى ذلك، وهذا ما أدى إلى زيادة نسبة المصابين بأمراض كتلك ولكن بفضل الله ثم بفضل التطور في الوسائل التي تستخدم في تشخيص مثل هذه الأمراض والتي من أهمها المناظير باختلاف أنواعها فقد أمكن السيطرة على العديد من هذه الأمراض، وأصبح بالإمكان إجراء العديد من العمليات بواسطة المنظار خصوصا في الأجزاء الباطنية للمرضى، حيث يوجد في المنظار قنوات يمكن من خلالها إدخال المعدات المختلفة مثل جفت أخذ العينات وجفت الكي الكهربائي وإبرة الحقن وجفت التقاط المعادن والأشياء التي تبلع على سبيل الخطأ كما يحدث مع الأطفال ومصيدة الزوائد اللحمية وسلة التقاط الحصوات المرارية، وكذلك استئصال المرارة وهو ما نحن بصدده في هذا الحوار، كما يمكن من خلال المنظار الرؤية من خلال العدسة الموجودة في طرفه الخارجي لنقل الصورة على شاشة تليفزيونية وهذا يسهل على الطبيب مهمته ويمكن أيضاً تسجيل الصورة على أشرطة والاحتفاظ به لدى المريض أو لدى الطبيب كعمل توثقي، وهناك مزايا عديدة يحتوي عليها المنظار تساعد على تشخيص واستئصال المرارة دون اللجوء للعملية التقليدية التي قد يصاحبها مضاعفات خطيرة قد تودي لا سمح الله بحياة المريض ليس نتيجة عدم نجاح العملية ولكن بسبب ماقد يترتب عليها من مضاعفات عقب إجرائها ولو كانت ناجحة 100% .
وداعاً لجراحة الاستكشاف
*ما هي الحالات التي يمكن تشخيصها بالمنظار إضافة إلى استئصال المرارة؟
هناك العديد من الحالات التي يمكن تشخيصها من خلال المنظار غير استئصال المرارة كحالات الصفراء التي تعجز الوسائل التقليدية عن معرفة أسبابها، وذلك استخراج حصوات القناة المرارية التي تسبب احتباس العصارة الصفراوية عن طريق سلة اصطياد الحصوات بدلاً من القسطرة واستئصال المرارة، وأود أن أؤكد أن هذا الأسلوب التشخيصى حل محل ( جراحة الاستكشاف ) حيث إنه يساعد على تشخيص الحالات التي يصعب تشخيصها إلا بجراحة استكشافية وهو ما يؤكد أن استخدام المناظير في العديد من الجراحات ومن أهمها استئصال المرارة ساهم بقدر كبير في سرعة اكتشاف أمراضها والقضاء عليها، كما ان أهم مميزات الطريقة المنظارية انها لا تؤدي لمضاعفات ولا تسبب حدوث وفيات وتحقق في الوقت ذاته نفس نتائج ازالة المرارة بواسطة منظار البطن، وكما قلنا آنفا فإن استئصال المرارة بواسطة المنظار لا يصاحبه سوى آلام بسيطة ما تلبث أن تزول، كما أنها لا تسبب تشوهات لجدار البطن كما تفعله بعض العمليات الجراحية التقليدية .
مراجعة الطبيب والفحوصات
بعد ذلك التقينا بالأستاذ الدكتور عبد العزيز الصائغ استشاري الجراحة العامة والمناظير بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي وسألناه عن المرارة والحصوات المرارية وكيفية استئصالها بواسطة المنظار فقال: الحصوات المرارية هي حصوات تتكون إمافي المرارة وإما في القنوات المرارية وسبب تكونها هو اضطراب في تركيز مكونات السائل المراري، وفي أغلب الأحيان يكون هذا نتيجة لزيادة الكلسترول في السائل المراري إلا أحيانا يكون بسبب زيادة الصبغات المرارية عند المرضى الذين يعانون من فقر الدم، فزيادة هذه المواد عن الموازنة الطبيعية تؤدي إلى ترسبها ومن ثم تجمع الترسبات يؤدي إلى تكوين حصوات، ويتأكد المرء أن لديه حصوات إذا أحس بأعراضها وعليه بهذه الحالة مراجعة الطبيب الجراح ليقوم بالتأكد من الأعراض ومن ثم إخضاعه للفحوصات الطبية الازمة والتحاليل الدموية بالاضافة إلى الأشعة الصوتية التي من خلالها يتضح الحصوات بالمرارة وحجم القنوات المرارية، وأود أن أوضح أن المقصود بالمرارة أو الحويصلة المرارية أو الكيس المراري هو ذلك العضو الكيسي الكمثري الشكل الموجود بأسفل الكبد والذي يقوم بتجميع السائل المراري الذي يتكون في الكبد، ومن ثم تركيزه وإعادة ضخه إلى الأثني عشر بعد الأكل كي يساعد على عملية هضم المواد الدهنية.
كشفها بالأشعة الصوتية والحل باستئصالها
ويضيف الدكتور الصائغ أنه ليس هناك طرق ناجحة لعلاج المرارة الا باستئصالها مع حصواتها ويتم ذلك بواسطة المنظار البطني، وهذا المنظار يحتاج إلى حوالي أربع فتحات اثنتان منها بطول 1 سم واثنتان بطول حوالي نصف سم يتم من خلالها استئصال المرارة وإخراجها من البطن، وهناك طريقتان لإجراء عملية استئصال المرارة إما بواسطة العملية التقليدية أو بواسطة المنظار ولكن الأخيرة قد أثبتت نجاحا باهرا لعدة اعتبارات من أهمها قصر مدة إجراء العملية والبقاء في المستشفى وكذلك قلة الألم المصاحب للعملية، أضف الى ذلك أن المريض سرعان ما يستعيد نشاطه الطبيعي ويعود لممارسة عمله كأن لم يكن وبالنسبة للجرح الذي تحدثه العملية فهو أشبه بثقب صغير ما يلبث أن يلتئم مقللا نسبة الإصابة بالمضاعفات المصاحبة للجرح مثل الفتق الإلتهابات تشوهات الجروح وما إلى ذلك مما قد تحدثه العمليات الجراحية التقليدية .
فقط 45 دقيقة لاستئصالها
وعن الوقت الذي يستغرقه استئصال المرارة قال الدكتور الصائغ: إن عملية استئصال المرارة بالمنظار تستغرق مابين 45 - و60 دقيقة وإذا تمت العملية بنجاح لن يستغرق المكوث بالمستشفى أكثر من 24 ساعة، وللعلم فإنها تختلف استعادة وقت النشاط من مريض لآخر حسب تحمل كل منهما، وأود أن أؤكد أنه يمكن اكتشاف المرارة عن طريق الصدفة عند إجراء فحوصات طبية أو أشعة صوتية، ويلزم كل من ثبت أن لديه أعراض المرارة أو تم كشفها بواسطة التحاليل أو الأشعة مراجعة الطبيب الجراح لمعرفة ما إذا كانت حالتهم تستدعي التدخل الجراحي أم لا .
عمليتان في واحدة
بواسطة المنظار
قام عدد من الأطباء في مركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي بإجراء عملية جراحية نادرة لمريضة سعودية تبلغ من العمر (65) عاما، كانت تشتكي من آلام متكررة في أعلى وأسفل البطن لمدة طويلة تبين أنها تعاني من وجود كيس كبير داخل البطن في المبيض الأيمن مع وجود حصى بمرارة المريضة وانتفاخ شديد في المرارة نتيجة انسداد قناة المرارة بإحدى الحصوات، وقد قرر الأطباء المعالجين إجراء عمليتين بواسطة المنظار وبعملية واحدة كيف تم ذلك؟
من خلال هذا الحوار التقينا بالدكتور نادر حسين استشاري الجراحة العامة بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي ليحدثنا عن هذا الإنجاز الطبي فقال: أتتنا مريضة تبلغ من العمر (65) عاما وكانت تعاني من آلام متكررة أعلى وأسفل البطن وبعد إخضاعها للفحوصات الطبية تبين أن لديها كيساً كبيراً داخل البطن في المبيض الأيمن يبلغ طوله حوالي 30 سم ويحتوي على سائل، كذلك تبين وجود حصى بمرارة المريضة مع انتفاخ شديد في المرارة نتيجة انسداد قناة المرارة بإحدى الحصوات، وقد قررت أنا وزميلي الدكتور توفيق جعفر استشاري أمراض النساء والولادة بالمركز بإجراء عملية عاجلة لها، وفي بداية العملية قمت باستئصال للمرارة بالمنظار عن طريق فتحات صغيرة بأعلى البطن يتراوح طولها بين 5 ملم و10 ملم تم من خلالها شفط السائل من داخل المرارة بعد ذلك تم استئصال المرارة واستخراج الحصى منها، ومن ثم قام الدكتور توفيق جعفر باستئصال كيس المبيض المتضخم عن طريق إحداث جرح إضافي واحد أسفل البطن بطول 10ملم مع الاستفادة من جروح عملية استئصال المرارة وتم في البداية شفط السائل من داخل الكيس حيث كان يحتوي على حوالي 1 لتر سائل صافي ومن ثم تم استئصال الكيس بواسطة استعمال جهاز Endo-GIA وهو جهاز يستعمل في جراحة المناظير لقطع وتدبيس الأنسجة في نفس الوقت، وتمت العملية دون حدوث نزيف أو أي مضاعفات أخرى، ودون الحاجة لوضع أنبوبة (درنقة ) داخل البطن، وقد تم التأكد قبل العملية أن الكيس المراد استئصاله هو كيس حميد ولا يوجد أدنى شك في كونه ناتج عن مرض خبيث حيث تبين ذلك من خلال التحاليل الطبية والأشعات التي أجريت للمريضة قبل وبعد إجراء العملية، واستغرقت العملية الجراحية بشقيها حوالي ساعتين فقط وسمح للمريضة بمغادرة المستشفى بعد إجراء العملية بيوم واحد فقط .
أهمية جراحة المناظير
لكبار السن
وأضاف الدكتور نادر: أن هذه العملية تظهر أهمية جراحة المناظير في مثل هذه الحالات وخاصة مع كبار السن حيث أن هذه العملية لو عملت بالطرق التقليدية فإن المريضة كانت ستحتاج لجرح كبير في أسفل البطن بطول 10سم على الأقل لاستئصال كيس المبيض وجرح آخر كبير في أعلى البطن بطول 10سم أيضا لاستئصال المرارة، أو أن يتم عمل جرح واحد في وسط البطن على طول البطن كاملاً، وهذا بالطبع قد يؤدي إلى مضاعفات كثيرة وقد تحتاج المريضة لأجله البقاء في المستشفى لمدة أسبوع على الأقل، ولكن مع استخدام جراحة المناظير أمكن عمل هذه العملية عبر جروح صغيرة في البطن مما يقلل الآلام بعد العملية ويقلل احتمال حدوث مضاعفات ناتجة عن جروح كبيرة في البطن مثل حدوث التهابات في الصدر أو جلطة رئوية والتهابات الجروح أو حدوث فتق في الجرح الكبير وهذه المضاعفات تكون شبه معدومة تقريبا إذا تمت الجراحة بواسطة المنظار وتمكن المريض من الحركة والخروج من المستشفى في وقت قصير، مضيفا: أن جراحة المناظير تستخدم في مجالات جراحية متعددة لاستئصال الزائدة الدودية وتصليح الفتق أو أخذ عينات من داخل البطن أو من الأورام، كذلك تستخدم في جراحة النساء والولادة والحمل واستكشاف البطن واستئصال أكياس وأورام الرحم والمبيض وغير ذلك من الاستخدامات المتعددة .
مصاب السمنة والمنظار
* وسألنا الدكتور نادر عن إمكانية استئصال المرارة بالمنظار لمريض يعاني من السمنة؟
فقال: تعتبر الجراحة بواسطة المنظار نعمة كبرى للمريض السمين ويتميز المريض السمين بوجود طبقة شحم عميقة في جدار البطن، وكان في السابق وقبل أن يتم استعمال المناظير الجراحية حين يتم عمل عملية جراحية للمريض السمين فإننا نحتاج لجرح طوله ضعف الجرح الذي يتم عمله لمريض من الوزن الطبيعي لنفس العملية، وبالتالي يحتاج المريض السمين لفترة أطول في المستشفى ويكون عرضة لمضاعفات مختلفة مثل التهابات الصدر أو تجلط أوردة الساقين وغير ذلك أما الآن وحيث يتم عمل العملية بالمنظار وعبر جروح صغيرة في جدار البطن فإنه يمكن تجنب حدوث هذه المضاعفات لأي مريض وبالذات المريض السمين .
والحامل ولكن بشروط !!؟؟
* هل يمكن عمل استئصال المرارة بالمنظار خلال الحمل؟
بصفة عامة لا ينصح الجراح بعمل أي نوع من العمليات الجراحية خلال فترة الحمل، إذا كان بالإمكان تأجيلها لما بعد الولادة ولكن في بعض الأحيان يكون عمل العملية ضروريا كأن يحدث مضاعفات للمرارة مثل حدوث مغص مراري مستمر لا يستجيب للعلاج أو أن يحدث التهاب مرارة أو انسداد في قناة المرارة وتضخم أو انتفاخ في المرارة دون الاستجابة للعلاج التحفظي فإنه يصبح من الضروري عمل العملية حتى مع وجود الحمل وذلك حسب تقرير الجراح المعالج، والعملية تكون أسهل خلال الثلث الأوسط من الحمل لأن في الأشهر الثلاثة الأولى يكون احتمال حدوث إجهاض أكثر من باقي فترات الحمل، وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة يكون حجم الرحم كبيراً ويملأ حيزاً كبيراً من تجويف البطن وبالتالي تصبح حرية استعمال الأدوات الجراحية غير المنظار محدودة، وفي حالة تقرر عمل العملية خلال فترة الحمل فإن المريضة تحتاج لمتابعة دقيقة من قبل طبيب التخدير لمتابعة حالة المريضة والجنين خلال وبعد العملية .
وللعلم فإنه يتم عمل عملية استئصال المرارة بالمنظار تحت تأثير مخدر كلي حيث يتم عمل أربع فتحات صغيرة في جدار البطن يتراوح طولها بين 10و- 15ملم ويتم ادخال أنابيب بلاستيكية من الفتحات ليقوم الجراح بإدخال غاز ثاني إكسيد الكربون للتجويف البطني عبر إحدى هذه الفتحات وذلك لرفع جدار البطن الأمامي لإعطاء مجال كاف لاستعمال الأدوات الجراحية داخل البطن بعد ذلك يتم إدخال أنبوب تلسكوب متصل بكاميرا خاصة وهذه تنقل الصورة من داخل البطن إلى جهاز تلفزيوني في غرفة الجراحة ويقوم الجراح بعمل العملية عن طريق متابعتها عبر جهاز التلفزيون ومن الممكن تسجيل خطوات العملية كلها بواسطة جهاز فيديو متصل بالتلفاز . كما التقينا بالدكتورة عزة عادل زمو استشارية الجراحة العامة والمناظير بمركز الحبيب الطبي عرضنا عليها عددا من الأسئلة..
المرارة تصيب النساء أكثر
*هل يمكن إطلاع القارئ على نبذة عن المرارة وأسبابها ومن تصيب أكثر الرجال أم النساء؟
إن موقع المرارة في جسم الإنسان هو تحت الكبد، ومهمتها أنها تعمل على تخزين المادة الصفراوية في جوفها وطرحها عبر قناة خاصة إلى الامعاء بعد تناول الطعام الدسم. حيث تساعد افرازاتها على هضم وامتصاص المواد الدسمة. وتتكون المادة الصفراوية التي تفرزها المرارة أو الكيس الصفراوي من العناصر التالية كالماء، والأملاح والكولسترول واحماض دهنية، ومن اهم الاضطرابات التي تصيب المرارة تشكل الحصيات بداخلها، ووفقا لما تشير إليه الدراسات حيث أن نسبة الإصابة بحصيات المرارة تزيد على 10% بين الأشخاص، أما من تصيب أكثر الرجال أم النساء فقد ثبت علميا أن النساء أكثر إصابة بهذه الأعراض وذلك عائد لعدة أسباب من أهمها ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم لدى النساء، وكذلك استخدام الحبوب المانعة للحمل وغيرها من الأدوية الهرمونية التي تتطلبها طبيعة المرأة، كما أن اقتراب المرأة من انقطاع الطمث النهائي أي بعد بلوغ النساء سن الأربعين عاما فعند ذلك يكن اكثر عرضة للإصابة بهذا المرض، إضافة إلى أن زيادة الوزن والبدانة والتي تكثر لدى النساء ونمط التغذية الغني بالسعرات الحرارية والفقير بالألياف الغذائية يؤهل للإصابة بالمرارة، كما أن تكرار الإصابة بالتهابات المرارة والاضطرابات الكبدية وبعض الأمراض الأخرى من أسباب الإصابة بأمراض المرارة لدى الجنسين.
علاقة الوراثة بالمرارة
*ماهي أعراض الإصابة بأمراض المرارة .. وهل للوراثة علاقة بأمراضها؟
من أهم أعراض أمراض المرارة الشعور بالآلام في المنطقة العلوية اليمنى من البطن، والتي تنتقل إلى الخلف لما بين الكتفين، وعادة تكون الآلام حادة مما يستدعي تدخل الطبيب لعلاجها والتخفيف من حدتها، وغالبا ما تحدث النوبات الأليمة بعد تناول الأطعمة الثقيلة والوجبات الدسمة، أضف إلى ذلك أن الشعور بالغثيان والاقياء والتعرق والشعور بالتعب وفقدان الشهية والاضطرابات الهضمية من أهم أعراض الإصابة بالمرارة، أما دور الوراثة في الإصابة بأمراض المرارة فهي تلعب دورا في حدوث الإصابة بها وذلك بتشكل الحصيات في المرارة، التي قد تكون كولسترولية صرفة أو مختلطة أو ملونة.
إهمال العلاج يؤدي للسرطان
* هل يمكن علاج حصيات المرارة باستئصال المرارة كاملة؟
ان إهمال علاج حصيات المرارة قد يؤدي لحدوث الالتهابات الحادة أو المزمنة وامكانية الإصابة بسرطان المرارة، لهذا ينبغي استشارة الطبيب لدى الشعور بأي اضطراب، من اجل تقييم الحالة الصحية للمريض، كما أن إجراء الفحص السريري والتأكد من الإصابة عن طريق التصوير الشعاعي وإجراء التحاليل المخبرية والوسائل التشخيصية الأخرى المتطورة يسهم بإذن الله من التقليل من حدوث المزيد من المشاكل الصحية، واستئصالها أن أمكن بواسطة المنظار كفيل بالقضاء على آلامها من أجل الحفاظ على جسم صحي وسليم، ولا شك أن حصيات المرارة تعتبر من أمراض البطن الجراحية. وبهذا فإن علاجها يعتمد على استئصال المرارة بأكملها، واليوم بفضل تقدم العلوم الطبية التشخيصية منها والعلاجية فقد بات بالإمكان استئصال المرارة ضمن عمليات اليوم الواحد بواسطة المنظار.
التأكيد على أهمية
دور غرف العمليات
بعد ذلك التقينا بمديرة التمريض السيدة باميلا بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي والتي أكدت من خلال حديثها على أهمية غرف العمليات والتي تجرى فيها العمليات بأنواعها فتقول: إن غرف العمليات المجهزة بمواصفات عالمية تساهم بالحد من انتقال العدوى بنسبة 100% وتضيف أن استخدام الأدوات الجراحية ومباضع الجراحة من قبل الأطباء لمرة واحدة يمنع من انتقال العدوى بين المرضى كما يمنع من حصول أي إلتهابات وأعراض جانبية أخرى بسبب تلك الأدوات الجراحية أو غرف العمليات غير المجهزة بأجهزة مصممة خصيصا وفق معايير الجودة لمنع انتقال العدوى، وعن الاستعدادات في المركز لإجراء العمليات وخصوصا استئصال المرارة بالمنظار تقول السيدة باميلا: يوفر المركز العديد من الاستعدادات لهذه العملية ومن أهمها: توفر الكفاءات الطبية المتخصصة حيث يتوفر (6) من الجراحين الاستشاريين الحاصلين على البورد الأمريكي والزمالة الكندية والبريطانية للقيام بإجراء مثل هذه العمليات التي تتطلب مهارة وكفاءة من قبل الأطباء الذين يقومون بإجرائها،وبالنسبة للتقنية المتطورة لإجراء مثل هذه العمليات فالمناظير الجراحية التي يتم بواسطتها استئصال المرارة تم استيرادها من شركة W O L F الألمانية وأجهزة التخدير والغازات الطبية من شركة D R A G E R الألمانية، وقد تم عمل التحصينات اللازمة داخل غرف العمليات لمنع انتقال العدوى بحيث أن أدوات العملية التي تجرى بواسطتها لا تستعمل إلا لمرة واحدة ولا يعاد استخدامها مرة أخرى، وقد حرص المركز على إيجاد طاقم تمريضي مؤهل وحاصل على أعلى الشهادات وذو خبرة عالية ومن جنسيات بريطانية وألمانية ومن دول أخرى وبإمكان المريض الخروج في نفس اليوم والعودة للحياة بصورة طبيعية .
***
منقووووول للفائده!! | <urn:uuid:ade729dc-d4a6-478c-8aa5-9ac35690a4df> | CC-MAIN-2014-15 | http://www.vb.al-wed.com/showthread.php?t=35713 | 2014-04-20T10:46:20Z | s3://commoncrawl/crawl-data/CC-MAIN-2014-15/segments/1397609538423.10/warc/CC-MAIN-20140416005218-00118-ip-10-147-4-33.ec2.internal.warc.gz | arb | 0.960021 | Arab | 27 | {"arb_Arab_score": 0.9600214958190918, "ary_Arab_score": 0.02419724315404892, "ars_Arab_score": 0.010261275805532932} |